"إسرائيل" تجني ثمار الانقلاب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"إسرائيل" تجني ثمار الانقلاب


(الخميس 17 سبتمبر 2015)

بقلم: عامر شماخ

لم يعد خافيا على أحد أن انقلاب العسكر في 2013 تم بأوامر أمريكية، وبرعاية صهيونية، مثلما حدث تمامًا في 1952، وأن «إسرائيل» هي التي تدير ما يجري على الأرض في مصر، من خلال «غرفة عمليات تل أبيب»، وسوف تكشف الأيام -ولا ينكشف بالطبع إلا القليل- أن من يدّعون إنقاذ مصر من حكم الإخوان، قد باعوا مصر بثمن بخس، وأنهم استغلوا جهل الشعب تارة، وأرهبوه تارة أخرى لإقناعه بأشياء لا تمت للواقع الأليم وما يجري خلف الكواليس بأي بصلة.

كتبنا في مقالات سابقة أن «إسرائيل» التزمت الصمت تمامًا خلال سنة الثورة وما بعدها حتى استلم الإخوان الحكم، وقلت -وقتها-: «ذلك صمت المريب»، وأكدت أن هذا «اتفاق الأشرار»؛ إذ تجد «إسرائيل» من يدبر لها، ويعدها خيرًا، وتجد «تعاونًا» في أعلى مستويات دوائر «الأمن القومي المصري»، فلم تقلق ولم تعلق على ما يجري إذا كانت الوقت لصالحها؟

إن المتابع لأحداث انقلاب 1952 وما بعده حتى هلاك «حاصد الهزائم» يجد تطابقًا عجيبًا بين هذه الفترة والفترة التي نعيشها منذ ثورة يناير، فاللاعبون هم هم: «العسكر»، والجماهير هي الجماهير نفسها، وهي لا تسمع، وتضع على عيونها نظارات سوداء تحجب الرؤية، والمباراة من أولها لآخرها قائمة على «الخيانة» و«التدليس»، فمن ادعاء للوطنية وحب مصر، والموت في سبيلها والبذل من أجلها دون انتظار مقابل.. إلى تسليمها «بخسة» لمن يتربصون بها.

وفي الوقت الذي كان «جمال» وعصابته يعدون «قديسين» أمام الجماهير الهادرة التي كانت تهتف بحياتهم.. كان «جيمي» -فى مقابل الكرسي- يتفق مع الأمريكان على الوسائل التي تضمن دخول مصر نادي الدول المتخلفة، وألا يسمح لأحد بالمعارضة أو أن يعلو صوته فوق صوت العسكر، ما أنتج «المواطن المشوّه» المرتعش الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، ولا ينتج ولا يزرع ولا يصنع، فضلا عن تعهدات «الأبطال!!» بإخلاء سيناء، واعتبارها جدارًا عازلا لأي اعتداءات قد يفكر فيها إرهابيون مصريون أو غير مصريين، ثم فك غزة عن الارتباط المصري، والقضاء على «فدائييها»..

كل هذا حدث - والله- وكشفت عنه وثائق وزارة الخارجية الأمريكية وأوراق المخابرات الأمريكية (CIA)، ونُشر كاملا في كتاب المرحوم جلال كشك «ثورة يوليو الأمريكية» منذ ثلاثين سنة.

وكما قلت، فإن الأمر لم يختلف كثيرًا الآن عما جرى من قبل، فإذا كان «مغاوير» اليوم يدّعون عداءهم للأمريكان، فإن هذا خلط للأوراق، واستخفاف بالمغيبين، فإن «الترتيبات» تجري على قدم وساق، و«الريموت» الذي في «تل أبيب» لا يكف عن التوجيه، والأمر صار «على المكشوف»، فوسائل إعلام الصهاينة تتحدث بوضوح وصراحة تامة عن هذه الترتيبات، ويعتبرون زعيم الانقلاب واحدًا من «أبناء إسرائيل»، والعالم صار قرية صغيرة، وما يجرى في الحجرات المغلقة نجد صداه في خلال ساعات على صفحات «فيس بوك» و«تويتر»، والمجال لا يتسع لذكر ما يقال في هذا الأمر.

وأن مصر صارت «دويلة» تابعة للكيان الصهيوني، وتحت يدي دراسة للزميل «أمجد أحمد» نشرها مركز الحضارة ترصد العلاقة بين القاهرة وتل أبيب بعد الانقلاب، لعل أهم ما جاء فيها: «وقد أعدَّ باحثو مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلي، تقدير موقف بعنوان «الثورة في مصر: توصيات لإسرائيل» في 11/7/2013، وكان من الأمور المقترحة لدعم نظام السيسي، وتكريس شرعيته، الآتي:

1- «ضرورة القيام بتحرك عاجل وفاعل لتشجيع المستثمرين الأجانب على تدشين مشاريع البنية التحتية في مصر، من أجل توفير فرص العمل وتقليص مستويات البطالة في مصر، بالنظر إلى أن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر سيهدد حكم العسكر.
2- يجب على إسرائيل أن تطلب من الولايات المتحدة تشجيع الأنظمة العربية التي ناصبت حكم الإخوان المسلمين العداء، ولا سيما السعودية وبعض دول الخليج، على مواصلة تقديم المساعدات للنظام المصري العسكري من أجل ضمان نجاح حكم السيسي، مع تأكيد أن هذه الأنظمة كانت معنية بإفشال حكم الإخوان، لأنها كانت ترى أن نجاح حكمهم قد يولّد قوة دفعٍ تؤثر سلبيا في فرص بقاء الأنظمة الخليجية.
3- السعي لإيجاد قنوات اتصال بالحركات الشبابية ذات التوجّه العلماني الليبرالي التي شاركت في 30 يونيو، وذلك بتوظيف القوة الإسرائيلية الناعمة عبر طرح فكرة التعاون في مجال حل المشكلات الاقتصادية أو الاطلاع على تجربة إسرائيل في إدارة الحكم».

إن «إسرائيل» التي زُرعت وسط بلاد العرب وأعلن قيامها عام 1948، استطاعت خلال سنوات معدودة أن تفرض رأيها على المنطقة بأسرها، كما استطاعت أن تجند حكامنا -جميعًا أيضًا- لتنفيذ أهدافها، ومن يوم قيامها لم تدخل مع العرب حربًا -سياسية أو عسكرية- إلا كسبتها؛ ذلك أن الجيوش والممالك العربية التي تواجهها، فضلا عن عمالتها، لا تتحلى بروح الوطنية، ولا تعرف شيئًا عن الجهاد، إنما تعرف فقط مصالحها، وملذاتها، وشهواتها، و«إسرائيل» أفضل من يلبّي لهم هذه الملذات وتلك الشهوات.. من أجل ذلك ضاعت القدس والجولان وسيناء، وضاعت شعوبنا وأجيالنا العربية التي صارت تتسول كل شيء، وفي باطن أراضيها كل شيء.

«إسرائيل» تجني هذه الأيام ثمرات الانقلاب في مصر،.. تم افتتاح سفارة «أبناء القردة» بعد أن أغلقها الثوار عقب الثورة وقد نكسوا علمها، ويتم «تطهير» سيناء من «الإرهابيين» فيقتل كل يوم عشرات من أبناء سيناء بدعوى أنهم تكفيريون، وأزيلت «رفح» من الوجود، ويتم تأمين الحدود المصرية -الإسرائيلية بمرتزقة يقودهم «دحلان» وبجنود أمريكان تحت راية قوات حفظ السلام، وقد حوصرت المدن واقتلعت الأشجار، ويتم الاعتداء على الأعراض..

كما يسعون سعيا لحصار «غزة الأبية» وكفّ أيدي المجاهدين عن جنود ومعسكرات الكيان،.. من أجل أن تكون سيناء جاهزة تمامًا حتى تحين ساعة الصفر، فيدخلها الصهاينة ملبين، معلنين قيام دولتهم الكبرى التي وعدوا بها في كتبهم المقدسة..

وما كان لهؤلاء الأوغاد أن يدنسوا المسجدالأقصى لولا الدنس الذي حلّ بمصر، وما كان لوزير زراعة الكيان أن يدخل الحرم أمس ومعه المتطرفون اليهود إلا نتيجة طبيعية لما يقوم به «إخوته» في مصر.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..

المصدر