"الحرية والعدالة" تحاور القيادي بالجماعة الإسلامية حسن الغرباوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الحرية والعدالة" تحاور القيادي بالجماعة الإسلامية حسن الغرباوي


الدكتور حسن الغرباوي - القيادي بحزب البناء والتنمية

(08/04/2016)

حوار: سماح إبراهيم

مقدمة

  • الأمن يجبر قيادات الإخوان على الزحف بقوة السلاح
  • وجهات النظر بين المعتقلين متقاربة، وإيمانيا وجدتهم من خير الناس
  • مشادة مع عنصر أمني تسببت في إلغاء عملية قلب مفتوح
  • نتعلق بشابيك الحجز للاستماع لدروس "سلطان وحجازي"
  • السيسي يستخف بالدماء وسجون مبارك أرحم من سجونه
  • كاميرات المراقبة ترصد كل شيء في العنابر

كشف الدكتور حسن الغرباوي القيادي بحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر والمفرج عنه حديثا من سجن العقرب، عن المعاملة غير الآدمية التي يتعرض لها قيادات الإخوان وتحالف دعم الشرعية بسجن العقرب، موضحًا أن إدارة سجن العقرب تنتهج الإهانة كعمل مؤسسي منظم، وأن عمليات الإضراب التي يقودها القيادات بالمعتقل قد تؤخر من إهانته والتنكيل به فحسب.

وقال عضو التحالف الوطني لدعم الشرعية في حوار خاص للـ"الحرية والعدالة":

إن المهندس عمرو زكي عضو برلمان 2012م تعرض للتعذيب أكثر من مرة، وأجبر بقوة السلاح على الزحف من زنزانته إلى غرفة الحبس الانفرادي، وأن عددًا من قيادات الإخوان يموتون مرضًا بالداخل دون أي اهتمام طبي، موضحًا أن الرعاية الصحية بالعقرب صورية الغرض منها التبرئة الإعلامية من دماء من يقتلون بالداخل.

ورصد "الغرباوي" تفاصيل عن يوميات سجين العقرب وانتهاكات تعرض لها كل من الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب بحكومة قنديل، والدكتور محمد البلتاجي، والاختلافات الفقهية بين الدكتور صلاح سلطان أستاذ الشرعية الإسلامية والداعية الدكتور صفوت حجازي، وطرائف التضييقات الأمنية لتسجيل ما يدور بينهم من أحاديث، وأسماء لبعض المعتقلين المصابين بأمراض خطيرة ورسائلهم من الداخل.. فإلى التفاصيل:

في بيتنا "عيدان كبريت"

يقول "الغرباوي" داهمت قوات الأمن والشرطة منزلي ثلاث مرات على التوالي قبل اعتقالي، بدعوى أن أحد المواطنين تقدم ضدي ببلاغ يفيد تحويل منزلي إلى مخزن أسلحة ومواد متفجرة، وفي كل مرة يتم التفتيش والمغادرة بعد تحطيم محتويات الشقة وعدم عثورهم على أي أحراز إلا من عيدان كبريت لإشغال "فرن بوتوجاز".

وفي يوم الأحد 16 نوفمبر 2015، توجهت لرئيس حي عين شمس ودعوته للمشاركة بحفل مؤسسة "الغرباوي الخيرية"؛ حيث موعد تسليم عرائس الأيتام بالحي عددا من الأجهزة الكهربائية التي تقدمها المؤسسة كأحد مهامها في توفير الدعم الإنساني لهم، وخلال عودتي إلى المؤسسة وجدت عناصر الأمن والشرطة تحاصر مقر المؤسسة بانتظار قدومي، فطلب مني أحدهم النزول من سيارتي وإعطائي مفاتيحها "لوضعها في آمن"، وتم اقتيادي إلى عربة الشرطة ومنها إلى قسم عين شمس، وفي الحجز لم أتعرض لأي انتهاكات أو معاملة سيئة من رجال الداخلية أو من الجنائيين على السواء.

صباح الاثنين 17 نوفمبر 2015 تم العرض على نيابة أمن الدولة العليا، ووجه إليّ عدد من الاتهامات لا أصل لها ولا أثر لسند قانوني يؤيد حدوثها ومنها: مسؤول العمليات النوعية بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، تكدير السلم العام، الانضمام لتنظيم محظور أُنشئ على خلاف القانون، يتخذ من العنف وسيلة لمنع مؤسسات الدولة من القيام بأعمالها، وبعد السماع لأقوالي أصدرت النيابة قرارها بتجديد الحبس 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

ويضيف قيادي حزب البناء والتنمية:

"كانت القضية تضم 13 قياديا بالتحالف الوطني، ومنهم حسام خلف، عضو الهيئة العليا لحزب الوسط، مجدي قرقر القيادى بحزب الاستقلال، مجدي حسين رئيس تحرير جريدة الشعب، عمر عزام ومحمود عزام مؤسسي حزب التوحيد العربى، "محمد على أبوسمرة"، رئيس الحزب الإسلامي، الدكتور نصر عبدالسلام رئيس حزب البناء والتنمية، وعدد من الدعاة منهم الشيخ "فوزي سعيد، أحمد عبد العزيز، حسام عيد".

ويتابع:

بعد أن نظرت الدائرة 21 جنايات شمال القاهرة،، طلب النيابة العامة، بتجديد حبسي لمدة 45 يومًا، تم ترحيلي لسجن العقرب، وهناك لم أتعرض للتضييقات التي تعرض لها إخوة الاعتقال، لوضعي الصحي المتدهور آنذاك؛ حيث كان من المقرر إجرائي لعملية قلب مفتوح، كما أنني مريض بالسكر، وسبق لي إجراء عملية جراحية لتركيب شرائح بالقدم والحوض، وكان رجال الإدارة على تمام العلم بأن التعامل السيئ قد يسفر بنتائج غير مستقرة على المستوى الحقوقي ويزيد من إثارة القلاقل.

العقرب من الداخل

يشير الغرباوي إلى أن أصعب شيء يمكن أن يواجه المعتقل وأقاربه بالعقرب هي "الزيارة المستحيلة"، فقد تمنع عنا الزيارة لشهور دون إعلان أسباب من قبل إدارة السجن، فضلًا عن الإهانات والتطاول الأمني التي يتعرض لها نساء وفتيات المعتقلين خلال انتظارهم في الطوابير الطويلة، مضيفًا أن أسر المعتقلين يبيتون أمام السجن لحجز الزيارة ولقاء لا يتعدى دقيقتين أو ثلاث من خلال حاجز زحاجي، وفي فترات أخرى تزيد المدة لتصل لخمس دقائق.

ويصف "الغرباوي" عنابر العقرب قائلًا:

بالعقرب 320 زنزانة مقسمة على عدد من عنابر، العنبر مكون من 10 غرف "حبس انفرادي"، وفي الجهة المقابلة 10 غرف مماثلة، يفصل بيتهما "طرقة ضيقة" لا تسع لمرور أكثر من فردين.

ويستطرد: أما عن العنبر الذي كنت نزيلا فيه فكان يضم كلًا من:

صفوت حجازي، صلاح سلطان، حسن القباني، أحمد عارف ، إبراهيم أبوعوف، عمرو زكي، أحمد عبدالعاطي، جهاد الحداد، محمد إبراهيم عضو إرشاد إسكندرية، سعد الشاطر، خليل العقيد، جمال عشري، عيد دحروج، سامي أمين حسن، مصطفى عبدالعظيم "في أحداث مكتب الإرشاد"، محمود البربري، أحمد الشريف، أحمد ثروت زوج ابنة خيرت الشاطر، خالد الشربجي، حسام خلف عضو أمانة "الوسط" وزوج ابنة القرضاوي.

قيادات الإخوان والزحف التأديبي

يروى الغرباوي

"يبدأ يومنا من الساعة التاسعة صباحًا، حيث ساعة التريض والتعرض للشمس، الخروج يتم على ثلاث مراحل، من الساعة 9 صباحًا حتى 11 صباحًا، ويخرج في تلك الفترة 7 أفراد، ويتناوب 7 سجناء آخرين من 11ظهرًا حتي الواحدة، والفوج الأخير ويضم 6 أفراد من الساعة الواحدة ظهرًا حتي الثالثة عصرًا، وقد لا يسمح لنا الخروج للتريض كأحد وسائل "العكننة" من قبل إدارة السجن للتضييق على سجناء الرأي. أما عن الواجبات المقدمة لنا فلا أحد يعول عليها، ونادرًا ما يستعان بها في أوقات منع الزيارات أو الذهاب للكافيتريا، وتضم الوجبة: "طبق فول، أرز، نوع من الخضروات".

وعن أوضاع المعتقلين يتحدث:

وقت اعتقالي تعرض قيادات الإخوان بالداخل للتعذيب والتكدير الأمني، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، المهندس عمرو زكي الذي أجبر على الزحف في مشهد إذلالي من غرفة زنزانته إلى حجرة التأديب "دون سبب"، وتفتيش الغرف أسبوعيًا رغم عدم عثورهم على أي شيء، والتعرض للدكتور أسامة ياسين والبلتاجي بشكل دائم.

وحول التعنت الإداري والأمني لإيصال المرضي بالعقرب للتداوي بالخارج، يقول:

3 مرات أتخلف فيها عن إجراء عملية قلب مفتوح، رغم صدور 3 تقارير طبيبة وإذن نيابة بسرعة الاستجابة، ففي المرة الأولى كان الطبيب قد غادر مستشفى القصر العيني لتأخرنا عن الموعد المقرر، فتم تحديد موعد آخر لإجراء الجراحة، يوم الاثنين 21 مارس ، وبعد وصول سيارة الترحيلات، حدثت مشادة بيني وبين أحد رجال الأمن المكلف بحراستي، تسببت في إصداره قرارا بإلغاء العملية الجراحية والعودة للسجن دون عرضي على الطبيب المعالج، كنوع من العقاب، ولكن جاء قرار إخلاء سبيلي قبل تحديد موعد رابع.

ويوضح أن زملاء الاعتقال السياسي في حاجة إلى من يهتم بأمرهم وحالتهم الصحية بعدما فقدوا الثقة في إيجاد جدوى من استغاثاتهم، ومنهم الدكتور عيد دحروج أحد قيادات الإخوان بالشرقية، الذي من المقرر أن يجري عملية استئصال كلى، ومسحول المقطم مصطفى عبدالعظيم، وخالد العقيد وغيرهم كثيرون. واستهجن زيارات لجان المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن الزيارات تتم بشكل مرتب ومنسق مع رجال الداخلية قبل ميعاد الزيارة، وتقاريرهم كذلك غير موثوق فيها وتفتقد الحيدة والمصداقية.

اختلافات فقهية ودروس علم

أما عن التصنت الأمني يقول عضو التحالف الوطني:

كاميرات المراقبة منتشرة بعنابر العقرب لتسجيل ما يدور من أحاديث وبث ما يجري بالداخل صوت وصورة، فضلا عن توظيف بعض الأمناء بمهمة التنصت من خلال شبابيك العنابر، خاصة أوقات المناقشة ودروس العلم التي كان ينظمها علماء الدين والسياسة من خلف زنازينهم.

ويوضح:

نستغل أوقاتنا بالداخل كما كنا بالخارج، ما بين صلاة وحفظ قرآن، وانشغال فكري بهموم بلادنا، يقف الدكتور صلاح سلطان مطلًا من شباك الحجز، وجميع العنبر وقوف بغرف الزنزانة لسماع تفسير القرآن الكريم، وكان صفوت حجازي يحاضرنا بشرح الأحاديث النبوية.

وحول الإجراءات القانونية بجلسات المحاكمة وما بها من تجاوزات يقول:

المرافعات لا تتم بالشكل القانوني، كما أن وسائل الإعلام تبدأ بتسجيل مرافعة النيابة لاستعراض وجهة النظر المعادية للمعتقلين وإظهارهم وكأنهم شياطين لإبراز صوت الاتهام ويتجاهل توثيق دفاع المتهمين، مضيفًا أن معظم الدوائر لا تهتم بسماع الشهود أو المرافعة مما يفقد حياد المحاكمات، كما أن معظم التحريات عبارة عن اتهامات مرسلة ليس لها دليل من الواقع.

وحول تجربة الاعتقال يقول:

اكتبست من الإخوان المسلمين وقيادات الوسط خبرات عديدة على مستويات مختلفة، النقاشات معهم مجدية ويتمتعون بسعة الصدر، وجهات النظر بين المعتقلين أظنها متقاربة لحد كبير، على المستوى الإيماني وجدتهم من خير الناس، رغم وجود اختلافات في التوجه السياسي بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين إلا أن انطلاقتنا الدعوية من مشكاة واحدة.

وتابع:

في المعتقل نسعى جميعا إلى قدر من التعقل، خلافاتنا راقية، أذكر خلافًا فقهيًّا كان بين فريقين بالعنبر حول صلاة الجماعة، الفريق الأول يتزعمه صفوت حجازي وكان يرى أنه لا يجوز صلاة الجماعة إلا صفا، وأن من صحة صلاة الجماعة أن يكون هناك صفًّا ويستدل على ذلك بالأحاديث النبوية، وفريقًا آخر ويتزعمه صلاح سلطان وكان يرى الأخذ بفتوى "الحال"، وجواز الصلاة في جماعة، يومًا كاملًا لمناقشة الأمر مستدلًا كلاهما بالأدلة حتى إنك لو سمعت أيا منهم منفردًا لاقتنعت برأيه.

ويسترسل:

المعتقل مكان للتلاقي الفكري وليس لصنع اختلافات، والعقليات بالداخل على قدر كبير من النضج والارتباط التنظمي الذي ركن من أركانه الصبر على البلاء والإخلاص للفكرة، لسنا كصغار الشباب ممن يرهبهم الفزع الأمني وقد يفسر ذلك السر في ظهور كبار القيادات وهم مبتسمون بجلسات المحاكمة بشكل يثير استفزاز سلطات النظام، نعلم أن الصراع السرمدي بين الحق والباطل طويل ويلزمه قدر من التضحية والبذل.

الإخوان قدموا أشخاصًا وأفكارًا تستحق التأمل والبحث وراءها لفهم سلوكيات الجماعة، ومن هؤلاء خيرت الشاطر، رجل اهتماماته خارج الإطار الدنياوي، مشاريعه لا نصيب له فيها، مستهدفه يتلخص في فكرتي كيف يمكن للعدل شرعًا بالأرض، وإلي أين ستذهب مصر سياسيًا واقتصاديا.

وحول الفارق بين سجون مبارك التي قضي بها دهرًا وفترة تجاوزت 19 عامًا من عمره، يقول: لن تختلف سياسية مبارك عن السيسي في إجهاضهم المبكر للإسلاميين، أما عن طرق التعذيب فقد تختلف، أما التعذيب في عهد مبارك فقد كان يمارس بشكل ممنهج، لم يكن بالغزارة التي شهدها في معتقلات السيسي، لم نرَ التصفية الجسدية بالشارع بهذا التجرؤ والسفه أمام أعين الجهات الحقوقية والعالم أجمع، في عهد السيسي الدماء ليس لها قيمة، لم نسمع عن الإخفاء القسري أو مقرات عسكرية ملحقة بأجهزة الدولة السيادية لاحتجاز المدنيين المختفين قسريًا.

غباء النظام أضحكني

وعن أكثر الأخبار التي قرأها فور خروجه وجعلته ينطرح ضاحكًا من فرط مبالغتها؛ صمت قليلًا ثم ضحك قائلًا:

والله الأخبار كلها تهلك من الضحك، الأخبار الآن عبارة عن نكات سياسية سخيفة بعدما جرفت البلد سياسيًا، وسيطر على زمامها مجموعة من العقول المتهالكة، ولعل منها الخبر الذي يدعي بأن رجل الأعمال حسن مالك تسبب في أزمة الدولار الأخيرة، والأدهى أن يصدق بأن رجلا واحدا استطاع إسقاط الدولة اقتصاديًا.

واختتم حديثه قائلًا:

فرحتي ستكتمل إن تم إغلاق العقرب أو فتح أمام عقول مصر وقياداتها الحقيقيين، كما أن الشعب المصري على عاتقه دور لا استهانه به، بمتابعة ما يدور حوله من أحداث بعين ثاقبة، والالتحام في عمل جماعي إصلاحي وثوري، فالعمل الفردي لا يحقق نتيجة، والالتفاف حول هدف واحد سيعجل من نهاية الظلم العالق بجدران السجون والبيوت والشوارع، وأن تحقيق التنمية لن يأتي على يد قاتل مهما حاول استجلاب رضا دول العالم شرقًا وغربًا، فإن النصر والعزة والتنمية لا تأتي على يد ظالم أبدًا.

المصدر