أشواك على طريق الأمن القومي العربي .. السعيد الخميسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أشواك على طريق الأمن القومي العربي .. السعيد الخميسي

بتاريخ : الأربعاء 01 إبريل 2015

كتب السعيد الخميسي :

  • فى دورة سبتمبر 1992م حددت الجامعة العربية مفهوم الأمن القومي العربي بأنه " قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصياغة استقلالها وسيادتها على أراضيها، وتنمية القدرات والإمكانيات العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستندة إلى القدرة العسكرية والدبلوماسية، آخذة في الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، و الإمكانات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، والتي تؤثر على الأمن القومي العربي.

" هذا هو تعريف الجامعة العربية . أما تعريف الأمن في القران الكريم فقد جاء في سورة " قريش " " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " .

فالعبودية لله وحده وليس لغرب أو لشرق أي " الاستقلال " وتحقيق الأمن الغذائي واستقرار الأمن السياسي الذي يقضى على الخوف , تلك هي أوتاد الأمن التي يمكن صياغتها واعتمادها لتحديد مفهوم الأمن القومي العربي والاسلامى من جديد .

  • فلاشك أن الأمن القومي العربي يتعرض منذ فترة بعيدة لزلازل وبراكين تهز أركانه وتهدم صرحه حتى بات آيلا للسقوط " إن لم يسقط بالفعل " وسط ريح التغير والتحول التي تنتاب العالم من حين لآخر حسب مصالح الدول الكبرى التي تتلاعب بمنطقة الشرق الأوسط وتعبث بمقدراتها الاقتصادية والأمنية والسياسية .

واللافت للنظر أن الدول العربية صارت جزرا منعزلة عن بعضها البعض , فلا تكامل اقتصادي ولا تنسيق سياسيي ولا رؤية موحدة حول مفهوم الأمن القومى العربي .

حتى صارت كل دولة تنظر بعين الريبة والشك لجارتها العربية إن هى اختلفت معها حول بعض القضايا المطروحة على الساحة .

ومن ناحية أخرى فقد لعبت القوى الاستعمارية دورا هائلا فى تحقيق شعار " فرق تسد " فأصبح العرب كاللئام على موائد الكرام , ليس لهم وزن ولا قيمة ولاثمن حتى أصبح الكيان الصهيوني وحده أقوى من كل الدول العربية عسكريا وأكثر منه استقرارا من الناحية السياسية .

  • إن من عوامل سقوط نظرية الأمن القومي العربي وانهيارها هو التبعية وعدم الاستقلال فى القرار السياسي والاقتصادي لمنطقتنا العربية , حتى صار القرار العربي لايأخذ من العواصم العربية قبل أن توافق عليه واشنطن أو على الأقل تكون على علم به لتعطى له إشارة المرور .

فأصبح القرار العربي منتهكا ومستباحا بل ومرتعشا ومهزوزا ولايقف على قدمين ثابتتين .

لقد حرصت القوى الاستعمارية على أن تظل امتنا العربية تابعة لامتبوعة تتسول غذاءها ودواءها وسلاحها حتى تبقى ذليلة منكسة الرأس لاتقوى على شئ غير الرضوخ والإذعان والاستسلام لمراكز اتخاذ القرار فى واشنطن وتل أبيب .

أضف إلى ذلك تطبيق نظرية " فرق تسد " بين أبناء الأمة العربية وتفعيل وتنشيط النعرات القبلية والطائفية والعنصرية حتى تمزقت أشلاء الأمة العربية بين أنياب ومخالب الذئب الاستعماري الغربي .

  • من أهم عوامل انهيار نظرية الأمن القومي العربي أيضا حرص الدول الغربية المتشدقة بشعار الديمقراطية وحقوق الإنسان على محاربة الديمقراطية فى الدول العربية وإجهاض التجربة فى رحم التكوين وطور الارتقاء حتى لاتنعم الشعوب العربية بشمس الديمقراطية وتظل حبيسة فى ثلاجة الديكتاتورية متجمدة العقول والأفكار وجامدة الخطى لاتتحرك إلا نحو المصير المجهول .

وان تظل شعوبنا رهينة لأنظمة ديكتاتورية استبدادية يباركها الغرب الاستعماري ويؤيد خطاها حتى تظل الفجوة شاسعة بين أنظمة الحكم العربية وبين شعوبها , وتأجيج لهيب الصراع السياسي واستنزاف موارد الدول العربية للإنفاق على الأمن الذاتي لأنظمة الحكم وذلك بقمع الشعوب التى تريد أن تستيقظ من سباتها وتتحرر من قيود الاستعمار الداخلي والخارجي , وليس أدل على ذلك من أن ميزانية وزارات الداخلية فى كثير من البلدان العربية تفوق ميزانية الصحة والتعليم والبحث العلمي .

فمن أين يأتي الأمن القومى العربي ...؟.

  • أيضا من عوامل انهيار منظومة الأمن القومي العربي أن يغرس فى وسط تلك الأمة كيان لقيط يسمى "إسرائيل " وحرص الغرب وعلى رأسه أمريكا على أن يكون هذا الكيان أقوى من كل الدول العربية مجتمعة ويملك من الأسلحة القوية القادرة على الوصول إلى كل العواصم العربية و تهديدها فى آن واحد .

وأن تكون إسرائيل هى واحة الديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط وسط بركان من القلاقل والاضطرابات التي تموج بها الدول العربية .

أضف إلى ذلك تقليص مفهوم القضية الفلسطينية وحصرها فى صراع داخلي فقط بين الفلسطينيين واليهود وليست قضية أمن قومي عربي واسلامى .

بل تعدى الأمر كل ذلك وتغيرت إستراتيجية كثير من الجيوش العربية , فلم يعد العدو الاسرائيلى هو العدو الأول والأخير , وتم تخليق عدو جديد فى رحم الأمة العربية يسمى " الإرهاب " وذلك لتحويل الدفة وتغيير الوجهة من عدو معلوم ومعروف إلى عدو مجهول وغير معلوم .

  • ولايغيب عن أذهاننا الخطر الفارسي والتمدد الايرانى الذي يهدد الأمة العربية كلها , حتى صار بطن الدولة الفارسية يتسع لبلع كثير من الدول العربية كما يحدث اليوم فى سوريا والعراق واليمن ولبنان ودول الخليج .

إن إيران كدولة فارسية تختبئ فى كهف المذهب الشيعي لتحقيق أهداف سياسية توسعية ليس لها علاقة بأي مذهب اسلامى . وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر .

فلقد قال أحد شعراء إيران فى مؤتمر كبير أنه يرفض دخول الجنة إن علم أن فيها أحدا يتكلم اللغة العربية وصفق له الحضور بحماسة منقطعة النظير ..! .

والغريب هو التحالف الأمريكي الصهيوني الايرانى ضد كل ماهو عربي اسلامى سني وسط غيبوبة عربية عقلية لاتعى الأمور من حولها .

  • * إن احترام أنظمة الحكم العربية لشعوبها وتفعيل آليات الديمقراطية ونبذ الديكتاتورية وحكم الفرد وتوزيع الثروات توزيعا عادلا بين أبناء الشعب , والقضاء على الفساد السياسي والاقتصادي , ورفض الانقلابات العسكرية وتفعيل صحيح القانون والدستور وتحقيق مبدأ المساواة بين أفراد الشعب , وعدم تحول مؤسسات كل دولة إلى قبيلة تخدم أفراد عائلتها فقط من منظور قبلي وعصبي , والقضاء على الأمية والفقر ومقاومة الأمراض والأوبئة المنتشرة فى البيئة العربية ,.

ورفع منسوب الوعي الثقافي والتعليمي والديني لدى الشعوب العربية , وتحديد العدو الذي يهدد مصائرنا جميعا , ونشر مفاهيم الإسلام الصحيحة التى تأبى الخضوع والإذعان والاستسلام لأعداء الأمة , ذلكم من أهم أركان حفظ الأمن القومي العربي .

إن الخطر الداهم ينبع من مستنقعات الفساد فى الداخل العربي قبل أن يداهمها من خارجها .

المصدر