أمريكا والثورة .. بقلم: محمد كمال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أمريكا والثورة .. بقلم: محمد كمال

بتاريخ : الأحد 09 فبراير 2014

"أمريكا" هى السند الرئيسى للانقلاب، ومكالمة "أوباما" "للرئيس" أثناء إنذار الجيش، والتى أفصح عنها الوزير "يحيى حامد" ونصح فيها "أوباما" "الرئيس مرسى" بأن يدعو إلى انتخابات رئاسية لا يكون هو أحد أطرافها.

هذا التدخل الذى واجهه الرئيس بالرفض، يؤيده معلومة غاية فى الأهمية، وهو أن السفيرة الأمريكية "آن باترسون" حين قابلت أحد قيادات التحالف فى فترة إنذار الـ48 ساعة، فاجأت محاورها بقدرتها على حل المشكلة تماما إذا قبل التحالف أحد الأسماء الخمسة المعروضة من "السفيرة" ليكون رئيسا للوزراء (ليصبح الرئيس مجرد صورة بالقصر).

والغريب أن "السفيرة" كانت واثقة مما تقول، والأغرب أن الأسماء الخمسة كلها غير معروفة فى الواقع السياسى ولا الاقتصادى، مما يؤكد أنهم "خلايا أمريكية نائمة".

إذن... فأمريكا هى الراعى الرسمى للانقلاب!

لكن أمريكا ليست إلها، لذا يمكن التأثير على قرارها، وإجبارها على عقد توازنات وإلا انهارت مصالحها، وهنا مربط الفرس.

فالأخبار تؤكد يوميا أن أوباما بين شقى رحى فى الموقف من دعم "السيسى".

ففريق الخارجية والدفاع (بقيادة كيرى وهاجل) يدفعونه إلى التأييد غير المشروط، بل والدعم، للحفاظ على التمدد الإسرائيلى، والقضاء على المد الثورى الذى يقوده الإسلاميون.

أما فريق الأمن القومى (بقيادة سوزان رايس) فيفضل التريث حتى لا يسقط الرئيس وحزبه أخلاقيا بتأييدهم لانقلاب عسكري فى مواجهة ديمقراطية وليدة، مما يؤثر على موقف حزبه بالانتخابات القادمة.

كذلك فإن سيطرة الانقلاب ليست كاملة على الموقف، ومن الجائز -من وجهة نظرهم- أن تنقلب الأوضاع لصالح مؤيدى الشرعية، أو على الأقل يظل السجال متوازنا فلا يكون من الصالح الأمريكى وضع كل البيض فى سلة غير مضمونة.

هذا الاختلاف نجده فى الموقف الفكرى أيضا:

فمراكز التفكير المؤيدة للصهيونية وأهمها (معهد واشنطن) يدفع باتجاه مواصلة المعونات وتأييد "السيسى" والوقوف بصلابة وصراحة مع الانقلاب، وكان موقفهم صارما فى أول إصدار بحثى بعد إيقاف المعونة، وكانت حالة (غضب فكرى) قد ظهرت فى المركز مغلفة بالخوف على مصالح أمريكا، وأن تعليق المعونة يهدد المصالح الأمريكية.
لكن المراكز المحايدة (نسبيا) مثل (كارنيجى) فى تقريره قبل وبعد الاستفتاء، ومجلس العلاقات الخارجية (CFR) فى تقريره الأسبوع الماضى قد أكد تحذيراته، ونصح "أوباما" بموقف متأنٍّ لأن الواقع على الأرض غير محسوم للانقلاب، وأن مصالح "أمريكا" ما زالت متراوحة بين أقدام مؤيدى الشرعية خاصة بعد انضمام العلمانيين الرافضين للانقلاب إلى صفوف معارضى الانقلاب وبالتالى إلى المعتقلين والمطاردين.

وربما يُحدث أثرا متوازنا تلك الرسالة التى أرسلها مجموعة من المفكرين الأمريكان، يحذرون فيها أوباما من دعم الانقلاب، وأن هذا يضر بالمصالح الأمريكية كما يضر بالمصالح المصرية.

إذا رجعنا خطوة سنتذكر أن الميديا الأمريكية تكاد تجمع على هزلية الاستفتاء، وأنه لم يمنح شرعية، ولا تقدم بخارطة طريق الانقلاب خطوة.

وبالتالى فما كان ينتظره أوباما من (فرض واقع دستورى) ينسخ (الشرعية الدستورية لنظام د.مرسى)، هذا الأمل لم يحدث، مما سبَّب حرجا لأوباما يلاحظه المراقبون.

كل هذا نرصده لنقول: إن عملاً كثيفاً ينتظرنا لتعرية الانقلاب من الدعم الأمريكى اللامشروط.

وهنا يكون لانتهاج (استراتيجية ضغط) على أمريكا أثر كبير:

فالتظاهر أمام السفارات الأمريكية بمصر والعالم مهم، ومخاطبة الرأى العام العالمى بالسقوط الأخلاقى الأمريكى الذى يقف ضد حق الشعوب فى اختياراتها، مهم للغاية.

والتظاهر أمام مقرات الشركات الأمريكية الكبرى بمصر وتحذير إداراتها بأن مصالحهم مهددة طالما يقوم "أوباما" بتهديد استقرار مصر بدعم الانقلاب.

كما أن التواصل مع جماعات الضغط الحقوقية والسياسية يُحدث أثرا، لاسيما بعد توثيق المجازر والقمع وفضح الحكم الأوتوقراطى بقيادة المجلس العسكرى.

كما ينبغى مقابلة قيادات الحزبين الديمقراطى والجمهورى وقيادات الكونجرس، وإظهار الخطورة الأخلاقية والمصلحية التى تهدد "أمريكا" إذا وقفت ضد الشعب الذى يملأ الشوارع، هذا من شأنه أن يظهر الصورة، فلا يحسبن أحد أن تفاصيل المشهد مكتملة أمام هؤلاء.

إن حملات الفضاء الإلكترونى مع أعضاء الكونجرس والقيادات الفكرية وحكام الولايات والقيادات الشابة للأحزاب الأمريكية، هذا من شأنه إحداث صراع وحصار حول القرار الأمريكى.

كذلك فإن الجدية فى الملاحقات الجنائية تحدث توازنا للرعب بين حائز القوة (الانقلاب) وحائز (القانون) وهو الثورة، مما من شأنه أن يقف بأقدام "أوباما" على الجليد فلا يتقدم ولا يتأخر، حتى لو أثر على سير العدالة فسيكون موصودا وأثره سلبى للغاية على موقف حزبه.

أخيرا: ليست القضية هى محاولة التنافس على الدعم الأمريكى، فدعم الثورات من عدالة قضيتها، ولكن المقصود ألا نترك بابا من التأثير إلا طرقناه.

و"أمريكا" ليست إلها، والتأثير على قرارها ممكن جدا، وفرص إرغامها على الحياد رغم مساندتها الأولى للانقلاب كبيرة للغاية.

المعركة طويلة ككل معارك التحرر الثورى.

والثوار لها بإذن الله.

مكملين...

لا رجوع..

المصدر