الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أنور الجندي»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
سطر ١٠٣: سطر ١٠٣:
   
   
حمل الجندي لواء الدعوة للوحدة الإسلامية .. وكان دائما يؤكد أن من أهم أهداف النفوذ الأجنبي إثارة قضية الإقليميات والأقليات، وإثارة النعرات والعصبيات بين العرب والترك وغيرها  من القضايا .. وكان يرى أن وحدة الفكر الإسلامي شرط أساسي للوحدة الإسلامية الكبرى، ولما كان هذا الفكر قد لوث بكثير من الأفكار الهدامة فقد انبرى له الجندي وسطر في ذلك الكثير من الكتابات لعل أبرزها كتاب (الشبهات والأخطاء الشائعة في الفكر الإسلامي)
حمل الجندي لواء الدعوة للوحدة الإسلامية .. وكان دائما يؤكد أن من أهم أهداف النفوذ الأجنبي إثارة قضية الإقليميات والأقليات، وإثارة النعرات والعصبيات بين العرب والترك وغيرها  من القضايا .. وكان يرى أن وحدة الفكر الإسلامي شرط أساسي للوحدة الإسلامية الكبرى، ولما كان هذا الفكر قد لوث بكثير من الأفكار الهدامة فقد انبرى له الجندي وسطر في ذلك الكثير من الكتابات لعل أبرزها كتاب (الشبهات والأخطاء الشائعة في الفكر الإسلامي)
ليمهد بذلك الطريق لهذه الوحدة المنشودة ..
   
   
ليمهد بذلك الطريق لهذه الوحدة المنشودة ..


== جهوده في مواجهة كبراء التغريبين  ==
== جهوده في مواجهة كبراء التغريبين  ==

مراجعة ٠٤:٢١، ٢٣ يونيو ٢٠١٠

الأستاذ أنور الجندي ... قائد الكتيبة الإسلامية للمقاومة الفكرية

بقلم / أ. علاء ممدوح


مقدمة

الأستاذ أنور الجندي

رجل محب لأمته .. مدافع عن دينه . ..غزير العطاء .. زاهد في الشهرة والمال ..

هذه السمات هي ما تحلى بها هذا الأنموذج الإخواني الطيب الذي تخرج من مدرسة حسن البنا ..إذا طالعت سيرته وتتبعت إنتاجه رأيت شخصا شديد التجرد ..عميق الفكر .. غير متطلع لسفاسف الدنيا ..

غاية ما يرجو هو أن يقول كلمته ويعيش لفكرته التي جند لها كل ما أتاه الله من مواهب وقدرات..

هو فارس صنديد في ميدان الغزو الثقافي أبلى بلاءأ حسنا ..قاوم هذا الغزو الذي استولى على كثير من العقول والقلوب في إنحاء متعددة من بلدان العالم العربي والإسلامي ..عارف بخطط الغرب التي حاكها لإفسادوتدمير القيم الإسلامية .. مفند لترهاتهم و أساليبهم التي أثاروا بها الشبهات والأباطيل ..

بذل الرجل في ذلك الجهد الوافر الضخم ..وتصدى للهجمة الشرسة التي وجهت لأبناء الأمة فكان له الدور البارز في صيانتها وحمايتها من الانحراف..

فاستحق أن يكون قائد الكتيبة الإسلامية المدافعة عن الحصون الثقافية للأمة..

إنه الأستاذ الفاضل والأديب البارع.. أنور الجندي..


اسمه ومولده ونشأته

هو من مواليد عام 1917 بمدينة ديروط، حيث كانت تقيم أسرته، نشأ الأستاذ أنور الجندي في بيت علم وأدب فكان جده لوالدته قاضيا شرعيا يشتغل بتحقيق التراث ووالده يشتغل بتجارة الأقطان لكنه كان مهتما بالثقافة الإسلامية ..حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية في سن صغيرة وواصل دراسته إلى المرحلة الجامعية حيث درس الاقتصاد والمصارف وإدارة الأعمال، وتخرج في الجامعة الأمريكية مجيدا للغة الإنجليزية التي درسها خصيصا ليستطيع متابعة ما يثار من شبهات حول الإسلام من الشرق والغرب ويقوم بالرد السديد عليها ومنها اتجه إلى العمل الحكومي خلال عشر سنين، ثم انتقل بعد ذلك إلى الصحافة، وفي خلال هذه الفترة كان قد درس في مجال التعليم التجاري والصحافي واتصل بعدد من الجامعات المصرية والأجنبية غير أنه كان حريصًا على أن يعمل في الصحافة الإسلامية، وقد تحقق ذلك منذ عام 1946 حيث كتب فصولا عن الدعوة الإسلامية والتاريخ الإسلامي ، كما اشترك في عديد من المؤتمرات الإسلامية التي عقدت في: الرياض – الجزائر – المغرب – جاكارتا – مكة المكرمة – الأردن – الخرطوم. ومنذ بدأ عمله في مجال الصحافة رسم لنفسه مخططًا يهدف إلى تقديم خطة كاملة لمقاومة التغريب والغزو الثقافي، ثم اتجه بعد ذلك إلى العمل في مجال أسلمة العلوم والمناهج وتأصيل الفكر الإسلامي وبناء البدائل الإسلامية ورصد عمره لنصرة الإسلام، فوقف على أخطر الثغور التي ولج منها الأعداء إلى ديار المسلمين وعقولهم..ألا وهو ثغر الغزو الفكري ..فكان نعم الحارس الأمين المانع لجحافل المد الأجنبي نحو الأمة .


طلبه للعلم وثقافته

كان الرجل موسوعيا في المطالعة والتحصيل ويكفي هنا أن نذكر هذه السطور من كلامه التي تدلل عل ذلك يقول رحمه الله :

قرأت بطاقات دار الكتب، وهي تربو على مليوني بطاقة، وأحصيت في كراريس بعض أسمائها. راجعت فهارس المجلات الكبرى كالهلال والمقتطف والمشرق والمنار والرسالة والثقافة وأحصيت منها بعض رؤوس موضوعات، راجعت جريدة الأهرام على مدى عشرين عاماً، وراجعت المقطم والمؤيد واللواء والبلاغ.. والجهاد وغيرها من الصحف، وعشرات من المجلات العديدة والدوريات التي عرفتها في بلادنا في خلال هذا القرن، كل ذلك من أجل تقدير موقف القدرة على التعرف على (موضوع) معين في وقت ما".

كما كان له موقع محدد بدار الكتب لا يغيب عنه إلا لضرورة..

وليس أدل على هذا من أن بيت الأستاذ أنور الذي توفي به يعد عند المشاهدة لكل غرفه وطوابقه دائرة معارف متنوعة في شتى الشئون والفنون. .


الأحداث التي أثرت في تكوينه الفكري والثقاقي

يعد عام 1940 نقطة تحول في حياة الأستاذ أنور الجندي.. فبعد قراءته لكتاب "وجهة الإسلام" لمجموعة من المستشرقين الأمر الذي كان له أثر كبير في تحول حياته من الحياة الهادئة الناعمة إلى حياة مجاهد بالقلم يتصدى لما يوجه نحو الأمة من حملات تغريبية .. فقد لفت هذا الكتاب نظره إلى حجم المؤامرة على الإسلام، فما كان من أنور الجندي إلا أن قال: "هذا قلمي عدتي وسلاحي من أجل مقاومة النفوذ الفكري والأجنبي والغزو الثقافي.. وأكد أيضا أنه تولد لديه تحد كبير يخبر عنه فيقول :ذلك هو التحدي الذي أذهلني ودفعني إلى معرفة أبعاد هذا الخطر وما هي القضية كلها أساسًا وما هو الدور الذي يمكن لكتَّاب الإسلام أن يقوموا به في سبيل تحطيم هذه الخطة وتدمير وجهتها.

وخص هذه السنة بقوله :

عام 1940 تقريبًا ..وقد أخذت أبحث عن هذه المخططات (الاستشراق والتبشير والغزو الثقافي) والتغريب والدخول في قضية كبرى هي "تصحيح المفاهيم"، وأمضيت عشر سنوات كاملة بين أضابير دار الكتب ودورياته فقد كان ضروريًّا أن أعرف جذور العملية ممثلة في الصحافة التي كانت تُعايش ذلك العصر منذ الاحتلال البريطاني 1882 وإلى ذلك اليوم كانت أعمالي قائمة أساسًا على التعريف بعظمة الإسلام وتاريخه وتراثه وتقديم صورة الأمة الإسلامية في مجال عظمة تاريخها وأمجادها، وكان هذا مفهومي للدعوة الإسلامية..


مؤلفاته

كتب العديد من المؤلفات لعل من أبرزها :

- السلطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية.

- اليقظة الإسلامية في مواجهة التغريب.

- عبد العزيز الثعالبي رائد الحرية والنهضة الإسلامية 1879م- 1944م.

- عبد العزيز جاويش من رواد التربية والصحافة والاجتماع.

- القيم الأساسية للفكر الإسلامي والثقافة العربية.

- قضايا الشباب المسلم.

- قضايا العصر ومشكلات الفكر تحت ضوء الإسلام.

- قضايا مثارة تحت ضوء الإسلام

- اليقظة الإسلامية في مواجهة الاستعمار.

- يوم من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ...

- الشرق في فجر النهضة »

- « الإسلام تاريخ وحضارة »

- « صور مضيئة من التراث »

- « نوابغ الإسلام »


مع الإخوان

الإمام حسن البنا

التقى هذا العملاق بالإمام الشهيد حسن البنا في بداية طريقه، فكان لهذا اللقاء أثر كبير في شخصيته وتوجهه، و قد كان تشجيع البنا له على مواصلة الكتابة دافعا حفزه على الكتابة عن المنهج الإسلامي فأخرج في ذلك 10 أجزاء ضخمة بين فيها مسألة مرجعية القرآن والسنة وكيف واجه أبناء الأمة المخلصين وعلمائها محاولات التأثير التي روج لها البعض من خلال ترجمة الفكر اليوناني والفارسي والهندي، وكيف قاوم مفهوم "أهل السنة والجماعة" هذا الأمر ..

وهكذا عاصر الجندي الأستاذ البنا وأفاد منه كثيرا وحفلت كتابته بذكره في مواضع عدة ومن ذلك قوله:

" كان حسن البنا كاتبا وخطيبا ومحدثًا من آيات البيان والتعبير ، ووراء ذلك كله المحصول الضخم من القراءات والثقافات والتجارب ، فقد أحاط بالتراث الإسلامي إحاطة طيبة ، وعرف من الناس العشرات ، استمع إليهم وحدثهم وعرف تجاربهم وماوعوه من سير الدعوة والدعاة"

وبلغ الأمر ذروته حين ألف كتاب "حسن البنا الداعية المجدد والإمام الشهيد" ..بل لقد ألف كتابا كاملا بعنوان "الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات" ذكر في مقدمته أنه يقصد بالدعوة هنا .. دعوة الإخوان المسلمين.. وقد عافاه الله سبحانه وتعالى من محنة سجون ناصر ليكون اللسان المدافع عن هذه الدعوة في مقالاته وليبقى بفضل الله ومنته خارج السجون من يحمل الراية ويواصل السعي..

وقد أشاد بذلك الأستاذ عمر التلمساني في كتابه ذكريات لا مذكرات فقال إن كتابات الأستاذ أنور الجندي هي أحد محفزاته على إخراج كتاب ذكريات لا مذكرات ليكون خطوة في طريق بيان فضل هذه الجماعة والذي بدأ التعريف به أنور الجندي ..وفي هذا يقول التلمساني :

أن ما تفضل به بعض الكتاب أمثال الأستاذين الفاضلين :

أنور الجندى ومحمود عبدالحليم فى الدفاع عن الاخوان المسلمين يحفز الأقلام على السير فى هذا الاتجاه ..


داعية الوحدة الإسلامية

حمل الجندي لواء الدعوة للوحدة الإسلامية .. وكان دائما يؤكد أن من أهم أهداف النفوذ الأجنبي إثارة قضية الإقليميات والأقليات، وإثارة النعرات والعصبيات بين العرب والترك وغيرها من القضايا .. وكان يرى أن وحدة الفكر الإسلامي شرط أساسي للوحدة الإسلامية الكبرى، ولما كان هذا الفكر قد لوث بكثير من الأفكار الهدامة فقد انبرى له الجندي وسطر في ذلك الكثير من الكتابات لعل أبرزها كتاب (الشبهات والأخطاء الشائعة في الفكر الإسلامي)

ليمهد بذلك الطريق لهذه الوحدة المنشودة ..

جهوده في مواجهة كبراء التغريبين

تعرض أنور الجندي رحمه الله تعالى للعديد من الرموزالتغريبية في شجاعة منقطعة تدل على أن الرجل كان صاحب قضية إسلامية .. ورغم أن هناك بريق يحيط الكثير من الأسماء كأمثال طه حسين والعقاد وأحمد لطفي السيد وسلامة موسى وجورجي زيدان وتوفيق الحكيم وغيرهم إلا أنه تصدى لهم مفندا مزاعمهم الباطلة..

لقد دخل أحد أشرس الميادين في حينها ومن أكثرها زخما ..فواجه كبراء هذا الميدان، ، وأخرج عشرات الكتب مثل: "أضواء على الأدب العربي المعاصرو"أخطاء المنهج الغربي الوافد"، و"إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام".. اختص منها "طه حسين" وحده بكتابين كبيرين.. هما: "طه حسين وحياته في ميزان الإسلام"، و"محاكمة فكر طه حسين"؛ فقد كان الجندي يرى أن طه حسين" هو قمة هرم التغريب ..ولذلك كان توجيه الضربة له هو أكبر خطوة لتحرير كثير من أبناء الأمة من آثار هذه الهجمة ..


الزهد طريقته ومذهبه

كان أنور الجندي زاهداً في الشهرة والأضواء وعاش بعيدا عن الثراء .. لا يقبل شيئا على محاضراته وأفكاره، بل حتى الجوائز التقديرية كان يرفضها ويأباها، و عندما سُئل عن ذلك قال: "أنا اعمل للحصول على الجائزة من الله ملك الملوك"؛ ولذا كان غير حريص على الأضواء وليس محبذا اللقاءات التلفزيونية ، وكان كل تركيزه على التأليف، وكان يدعو ربه دائماً بأن يعطيه الوقت الذي يمكنه من كتابة ما يريد؛ وهكذا عاش الرجل حياته كلها زاهدا في الدنيا متخففا منها ..لا يعنى بجمع المال ولو أراد لكان هذا سهلا ميسورا فقد كان يكتب بشكل ثابت في صحف الخليج وعلى رأسها مجلة منار الإسلام الظبيانية وغيرها فكان لا يحرص على استيفاء المال حتى كتبت المجلة له في أحد الأعداد تطلب منه أن يوافيها بآخر عنوان له حتى ترسل له مستحاقته المالية التي كانت متراكمة لدى المجلة .. ومن زار منزله بشارع عثمان محرم بمنطقة الطالبية بالجيزة،وعاين تواضع المنزل تأكد من هذا.


وفاته

رحل أنور الجندي في هدوءٍ ربما فاق هدوء حياته الطويلة الحافلة ..

في ليلة الإثنين الرابع عشر من ذي القعدة سنة 1422هـ الموافق الثامن والعشرين من يناير سنة 2002م.

عن عمر يناهز 85 عاماً قضى منها في حقل الفكر الإسلامي ما يقارب 70 عامًا يدافع فيها عن الهوية الإسلامية ويرد الشبهات والمزاعم وحملات التغريب والغزو الفكري المتوالية طوال هذه السنوات .. فرحمة الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة ..


كتب الأستاذ أنور الجندي عن حياته فقال

للعودة إلي معرض الصور
<<:: صور الأستاذ أنور الجندي ::>>
إضغط علي الصورة للحجم الكامل
الاستاذ أنور الجندي
الاستاذ أنور الجندي
الاستاذ أنور الجندي عمر بهاء الأميرى ونجم الدين أربكان
الاستاذ أنور الجندي
الاستاذ أنور الجندي
الاستاذ أنور الجندي


( هذه الصفحات مأخوذة من أوراق وجدت بخط الأستاذ أنور الجندي وعليها توقيعه )

كانت حياة هادئة ناعمة لولا أن واجهها التحدي فحولها إلى حياة ذات أغوار. أمران أساسيان هما اللذان شكلا هذه الحياة وأدخلا إليها الالتزام والخطر والعمل على تجاوز الأحداث :

أولهما :

ذلك الكتاب الذي أصدره خمسة من المستشرقين حول الإسلام والذي قص فيه رائدهم (هاملتون جب) تلك القضية الخطيرة؛ قضية ذلك العمل الذي مضى سنوات حتى وصل إلى المرحلة التي يمكن أن تستعلن فيه الخطة التي قام بها الاستشراق من أجل (احتواء الإسلام) ليكون دينًا عباديًّا منحصرًا في الصلاة والعقائد منفصلا تمامًا عن قضايا المجتمع والسياسة والاقتصاد وهو ما قدمه المستشرقون الخمسة للأقطار الإسلامية من المغرب إلى أندونيسيا، وما هو الحد الذي وصل إليه العمل، وما هي الخطة التي ستحقق إتمام هذه (المؤامرة/ الجريمة). (هذه الدراسة أطلق عليها بعد ترجمتها إلى العربية: وجهة الإسلام).


وذلك هو التحدي الذي أذهلني ودفعني إلى معرفة أبعاد هذا الخطر وما هي القضية كلها أساسًا وما هو الدور الذي يمكن لكتَّاب الإسلام أن يقوموا به في سبيل تحطيم هذه الخطة وتدمير وجهتها.


غير أن هذا العمل الذي شغلني قد سد علي كل منافذ حياتي وقد اعترتني غيرة محمومة لكي أعمل مع العاملين في اقتحام هذه المؤامرة، ولكن كيف أعمل وأنا لا أملك إلا ثقافة متواضعة يسيرة، فكان لابد أن أعرف كيف أعمل في مواجهة هذا التحدي.


هذه هي القضية التي شغلتني تمامًا حتى لم يعد لدي أي مجال لعمل آخر وأحسست بالأمانة والمسئولية والخطر الزاحف على أمة الإسلام، وبدأت أعيد النظر في كل مقومات الفكر الإسلامي وخططه وتاريخه وتاريخ هذه الأمة وما واجهته من حروب وتحديات، وأخذت أنطلق من نقطة البدء وهي القرآن الكريم والإسلام وسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسيرته.


ثانيهما :

كان موضوعًا لكاتب مسلم أعرفه تحت عنوان: (كيف صححت إسلامي؟) فقد كشف لي عن أن الإسلام ليس دينًا عباديًّا؛ وإنما هو منهج حياة ونظام مجتمع كامل، والعقيدة والعبادة جزء منه ولكنها ليست هو كله.وقد تبين لي أن مفهوم الدين عند أغلب المسلمين هو هذا المفهوم القاصر الذي عمل النفوذ الغربي والاستشراق والتبشير على إذاعته ونشره في محاولة لقصر الإسلام على الصلاة والمسجد، وفصل كل قضايا الاقتصاد والاجتماع والسياسة والتربية عنه، وهكذا عرفت الدعوة الإسلامية على حقيقتها وتكشفت لي الأطروحة الخطيرة التي عمل النفوذ الغربي على ترويجها والتي بدأت منذ نهاية الحروب الصليبية عندما دعا القديس لويس إلى ما يسمى (حرب الكلمة)؛ وذلك بتزييف مفهوم الإسلام وتحويله إلى دين لاهوتي مشابه لبعض الأديان المحرفة والبشرية.ومنذ ذلك اليوم الذي بدأ النفوذ السياسي الغربي يسيطر على بلاد الإسلام وقد تشكلت هذه (الخطة/ المؤامرة) التي حشد الاستشراق لها خمسة من كبار رجاله (هم هاملتون جب وزملائه) لدراسة ما أطلق عليه (Whather Islam وجهة الإسلام)، وذلك في سبيل تثبيت قواعد الاقتصاد خارج الإسلام والتربية والسياسة جميعًا، وكان لها إعلاء لمفهوم العلمانية والفلسفة المادية.

ومنذ ذلك اليوم الموافق لعام 1940 تقريبًا وقد أخذت أبحث عن هذه المخططات (الاستشراق والتبشير والغزو الثقافي) والتغريب والدخول في قضية كبرى هي "تصحيح المفاهيم"، وأمضيت عشر سنوات كاملة بين أضابير دار الكتب ودورياته فقد كان ضروريًّا أن أعرف جذور العملية ممثلة في الصحافة التي كانت تُعايش ذلك العصر منذ الاحتلال البريطاني 1882 وإلى ذلك اليوم كانت أعمالي قائمة أساسًا على التعريف بعظمة الإسلام وتاريخه وتراثه وتقديم صورة الأمة الإسلامية في مجال عظمة تاريخها وأمجادها، وكان هذا مفهومي للدعوة الإسلامية.وهذا باب اقتضى مني البحث عن تلك الصور الرائعة التي تمثلت في كتاب  :

(1)« الشرق في فجر النهضة »

(2) « الإسلام تاريخ وحضارة »

(3) « صور مضيئة من التراث »

(4) « نوابغ الإسلام »

(هذا الجزء يمثل أعلام الفكر الإسلامي منذ العصر الأول).

وامتد هذا العمل إلى الأعلام وتراجم الأعلام، وقد قطعت في إعدادها شوطًا طويلا ممثلا في دراسة شبه كاملة عن أعلام الإسلام في الأمة الإسلامية، كلها في العصر الحديث، تحت عنوان (أعلام القرن الرابع عشر الهجري) في أربعة مجلدات، هي :

(1) أعلام الدعوة والفكر.

(2) تراجم الأعلام المعاصرين .

(3) أعلام وأصحاب أقلام.

أما المجلد الرابع (أعيان البيان واللغة) فإنه جاهز ومُعَدّ من خلال بعض كتب التراجم الفرعية.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل قد أعددت دراسات موسعة لبعض الأعلام:

(1) حسن البنا

(2) عبد العزيز جاويش

(3) عبد العزيز الثعالبي

(4) فريد وجدي

(5) أحمد زكي باشا شيخ العروبة.


ولم يتوقف العمل في التراجم عند هذا الحد فقد أصدرت في الأخير: (مصابيح التراث والعصر)، وما يزال في الجعبة الكثير مِمَّا نسأل الله –تبارك وتعالى- لنا القدرة على إنجازه.


وكان هذا العمل ضروريًّا في مواجهة الحملة الخطيرة على التراث الإسلام وأعلام الإسلام والتاريخ والثقافة الإسلامية ليعطي المسلم ثقة عميقة في سلامة المنهج وعظمة العطاء الإسلامي الأصيل.ولكن لم يكن ميدان التراجم وحده هو الذي يحتاج إلى خدمة واسعة؛ بل كان الإسلام نفسه بوصفه (أغرودة الحياة ونور الوجود) كله والعطاء الرباني الكبير الذي انتشر سناه في الأرض كلها وعطر الأرجاء وتلك كانت مهمة خطيرة ما نزال نعمل لها مع إخوتنا الصادقين ولم نصل بعد إلى مرحلة ترضى عنها قلوب المؤمنين.

الأستاذ أنور الجندي

والحقيقة أني توجهت إلى هذه المسئولية المنوعة الواسعة الممتدة في أعماق تاريخ الإسلام إلى يوم أن ظهرت فرق الباطنية والتصوف الفلسفي والحلول والاتحاد، وما تزال تتجدد على أيدي المستشرقين والمبشرين ودعاة العلمانية والتنوير والتغريب، توجت إليها بصدر رحب وإيمان صادق وعزيمة قوية ومازلت أسأل الله –تبارك وتعالى— أن يجعل لي من عافية سلاحًا لإتمام المشروع، وقد جعلت عملي كله حسبة لله –تبارك وتعالى- وبيعة له ، ووددت لو أنني توضأت دائمًا قبل أن أكتب وأعيش على طهارة الصلاة لا مطمع لي ولا غاية إلا تبليغ رسالة ربي.


ولقد كانت أخطر التحديات في هذا المجال هو: تصحيح المفاهيم والكشف عن الشبهات التي قد وضعت بخداع ومكر بين النصوص، والتعرف على مخططات التبشير والاستشراق والتغريب. وهذا هو العمل الذي بذلت فيه كل ما أمكن من أجل الكشف عنه. وكان من الضروري لذلك دراسة الحروب الصليبية وحملات الفرنجة على المشرق والمغرب ودعوة لويس مما سماه (حرب الكلمة).


وكان لابد أولا من جمع المعارك الأدبية والمُساجلات التي دارت بين العلمانيين خصوم الإسلام وبين رجال الإسلامي، وتقصي السموم المدفونة في مجالات الفكر الإسلامي الزاخرة والتي بدأت في العصر الحديث من خلال إحياء تراث علم الأصنام الذي أشاعة المشاءون الذين احتضنوا الفكر اليوناني والفكر الغنوصي وخاصة تلك الجماعة التي هاجرة إلى المشرق: إلى فارس ، والتي احتضنها المأمون وجماعة المعتزلة ودعاة خلق القرآن وهم المسيحيون الذين كان يقودهم ( حنين بن إسحاق ) ويعمل في مكر خطير لإدخال مفاهيم المسيحية الغربية على الفلسفة اليونانية ويكتب رقاعه على ورق غليظ لأنه كان يحصل على مكافئته بوزن هذا الورق بالذهب.


لقد كانت تجربة الفلسفة اليونانية في اقتحام الفكر الإسلامي خطيرة واحتوت الكثيرين وأثارت جوًّا مظلمًا من الشبهات حتى تصدى لها أعلام الإسلام: الأئمة أحمد بن حنبل، والغزالي وابن تيمية وعشرات غيرهم.


حتى سقطت فكرة التصوف الفلسفي وغيرها وسقطت الفلسفة اليونانية، وكان الغزالي هو الذي حطم هذا التيار وما يزال دعاة التغريب والغزو الثقافي من أمثال (عاطف العراقي ) يحملون عليه وينقمون منه، وكانت مرافعة الإمام ابن تيمية وإنشاء كتابه (عن المنطق) خاتمة عاد الفكر الإسلام بعدها إلى الحق. فلما جاء الغزو الأجنبي يحمل لواء (حرب الكلمة) بدأت المعركة من منطلق إحياء تراث الفلسفة اليونانية المادية وفرضها على الجامعات هي واللغة اليونانية على يد الدكتور طه حسين الذي أحيا تراث شعر الغلمة والإباحة وأدخله كلية الآداب.


وهكذا بدأت معركة التغريب من قلب معركة الفكر اليوناني القديم، وكان على رأسها طه حسين ومحمود عزمي وعلي عبد الرازق وسلامة موسى ولويس عوض في محاولة لتدمير الفكر الإسلامي وتزييف منهج الإسلام وتاريخه، ومن هنا كانت الخطة المركزة في الكشف عن:

(1) زيف المعارك الأدبية وكيف حطمها مفكرو الإسلام.

(2) الكشف عن جيل العمالقة والقمم الشوامخ.

(3) الكشف عن الصحافة والأقلام السمومة.


وكيف استطاع جيل المغربين العلمانيين من السيطرة على الساحة، وقد كان في مقدمه من يحتاج الأمر إلى تحليل واسع: عميد التغريب كله طه حسين؛ فقد صدر عنه كتابان (طه حسين في ميزان الإسلام) و(محاكمة فكر طه حسين)، شاملا على جميع القضايا التي أثارها والرد عليها، كما تناولت الكتب (جيل العمالقة + إعادة النظر في كتابات التغريبيين) مختلف القضايا التغريبية المثارة.


وكان من الضروري بعد ذلك إعداد دراسة عامة لمختلفة الشبهات والأخطاء الشائعة في موسوعة شاملة لشبهات الأدب والثقافة والتاريخ والسياسة والاجتماع وتراجم الأعلام والمؤلفات تضم أكثر من مائتي مصطلح، ثم جاءت موسوعة معالم الأدب العربي المعاصر حيث تضم: أعلام الشعر- النثر، القصة، الترجمة، أدب المرأة فضلا عن (خصائص الأدب العربي).


وفي مجال الاستشراق والتغريب والغزو الفكري صدر: الإسلام والدعوات الهدامة، أخطاء المنهج العربي الوافد، الإسلام والفلسفات القديمة، التبشير والاستشراق، الإسلام والغرب.


ثم صدرت (موسوعة مقدمات العلوم والمناهج) في عشرة مجلدات: الفكر الإسلامي، تاريخ الإسلام، العالم الإسلامي، اللغة والأدب والثقافة، التبشير والاستشراق، المجتمع الإسلامي، العلوم والحضارة، الإسلام وموقفه من الفلسفات والأديان ، المنهج الغربي وأخطائه وشبهاته، حركة اليقظة الإسلامية.

ثم صدرت (مَعْلَمَة الإسلام) عن مائة مصطلح عصري في ضوء الإسلام.


هذا بالإضافة إلى الرسائل الصغيرة (رسائل الجيب):

(1) دائرة الضوء: 50 حلقة.

(2) على طريق الأصالة: 50 حلقة.

هذا بالإضافة إلى رسائل كثيرة متفرقة في مجال الصحافة الإسلامية : المنار والفتح.

وقد كان من الضروري أن يمثله عمل الباحث الإسلامي إلى ميدان الصحافة الإسلامية، وقد كتبت في عدد من الصحف:

(1) في مقدمتها مجلة الاعتصام

(2) مجلة منار الإسلام (أبو ظبي) من 19751995.

(3) مجلة منبر الإسلام (القاهرة) 19621972.

(4) الملحق الديني لجريدة الجمهورية.

(5) دعوة الحق في الرباط (المغرب).

(6) حضارة الإسلام – دمشق.

(7) رابطة العالم الإسلامي 1972 -

(8) لواء الإسلام.


كذلك فقد حضرت واشتركت وقدمت أبحاثًا لعدد من المؤتمرات الإسلامية الجامعة:

1- الجزائر.

2- الرباط (المغرب).

3- مكة المكرمة.

4- الخرطوم.

5- عمان (الأردن).

6- جاكارتا (إندونيسيا).

7- جامعة (العين) أبو ظبي.

8- الرياض (جامعة الإمام محمد بن سعود).


كانت الخطة طوال هذه السنوات قائمة على قاعدة الرد على الشبهات وتكثيف خطط المقاومة وتزييف الشبهات المُثارة حتى جاء الوقت الذي تكشفت فيه الأحداث عن نكسة 1967 التي كانت الهزيمة الكبرى التي سقطت فيها (القدس) بين يدي الصهيونية العالمية وأجزاء من مصر وسوريا والأردن ولبنان وتبين للمسلمين الهزيمة الفكرية الكبرى التي كانت تتمثل في أن الغرب هو المثل الأعلى وأن امتلاك المسلمين لإرادتهم يمكن أن يتم وفق المفاهيم الغربية.


ولكن هذه الأزمة كشفت الحقيقة وتبين أنه ليس من سبيل أمام المسلمين لتحقيق منهجهم أو تأكيد وجودهم أو امتلاك إرادتهم إلا عن طريق واحد: هو طريق الإسلام بكل قيمه ومقاييسه ومفاهيمه، ومن هنا بدأت تدخل الأمة الإسلامية في خط جديد لعله وصله إلى منطلقه الحقيقي في أول القرن الخامس عشر الهجري؛ حيث أخذت الصحوة الإسلامية طريقها الصحيح، وكان عام 1401 الموافق 1980 علامة فارقة على هذا التحول من خطة الرد على الشبهات إلى إنشاء المناهج الحديثة التي أطلق عليها (البدائل الإسلامية)، متمثلة في أسلمة المناهج والعلوم والمصطلحات وصولا إلى تحقيق "التأصيل الإسلامي".


وكان هذا الأمر هو الأساس الجديد للصحوة، وقد لقي كثيرًا من الحملات من التغريبيين الذين أحسوا بأن المسلمين يعودون إلى المنابع وإلى الأصالة ويلتمسون مفاهيم القرآن والسنة في علومهم، وقد أضيف إلى ذلك أمر آخر هو "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم " وما أحدثه من ضجة شديدة ودخل عدد كبير من أعلام علماء التجريب إلى الإسلام...


لقد كان التأصيل الإسلامي هو لب لباب الصحوة الإسلامية. ولذلك فقد كان علينا أن نكشف هذه الحقائق وأن نسجلها وان نركز على أسلمة العلوم والمناهج، وقد حفلت هذه السنوات الخمسة عشر الأولى من القرن الخامس عشر الهجري بجهد كبير في هذا المنطلق:

فصدر :

(من سقوط الخلافة إلى مولد الصحوة).

وصدر (تيارات وافدة ونظريات هدامة ومعاصرة).

وصدر (كسر طوق الحصار حول الإسلام).

وكلها تدور حول أسلمة العلوم والمنهاج والمصطلحات.

ومن خلال هذه الدراسات يتبين كيف مرت المراحل الثلاث:

(1) مرحلة التغريب التي كانت أول القضايا التي تناولتها عام 1945، ثم جاءت:

(2) مرحلة الغزو الفكري.

(3) فمرحلة المذاهب الماركسية والعلمانية والملحدة.

وهذه المرحلة الجديدة: مرحلة التأصيل الإسلامي وتحرير الفكر الإسلامي من التبعية والحصار.

وتظل قضية الصهيونية والغزو الماسوني وبروتوكولات صهيون في مقدمة القضايا التي تواجه الفكر الإسلامي وتتطلب العمل للمقاومة.

ونسأل الله - تبارك وتعالى- أن يمكننا من متابعة هذه التطورات والقضايا حتى تنكشف الحقائق للشباب المسلم، والله ولي التوفيق.

غرة ربيع الأول 1416.

أنور الجندي


المراجع

1- كتاب ذكريات لا مذكرات للأستاذ عمر التلمساني..

2- أوراق من تاريخ الإخوان للأستاذ جمعة أمين

3- السيرة الذاتية من موقع الأستاذ أنور الجندي ..