أوكرانيا - مصر.. الثورة تعود لأصحابها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أوكرانيا - مصر.. الثورة تعود لأصحابها

بتاريخ : الثلاثاء 25 فبراير 2014

بقلم: قطب العربي

لم يجد انقلابيو مصر في انتفاضة الأوكرانيين سوى أنها قامت ضد رئيس رفض إجراء انتخابات مبكرة كما فعل الرئيس مرسي.

ولذا وصفوا هذا الرئيس الأوكراني المقال بأنه سار على خطى مرسي، وهذا اختزال مخل للحالة الأوكرانية ينم عن عدم فهم لتطورات الثورة البرتقالية في أوكرانيا والتي اندلعت مطلع 2005 ضد الرئيس يانكوفيتش ذاته، الذي تمكن لاحقا من العودة للحكم في ثورة مضادة.

وها هي اليوم الثورة الحقيقية تستعيد الزمام مرة أخرى، وتطيح بيانكوفيتش وأركان دولته القديمة التي عادت معه قبل 3 سنوات.

حتى نعيد العقول إلى الرؤوس تعالوا نسترجع تطورات الثورة الأوكرانية، ففي أواخر 2004 ومطلع 2005 وقعت احتجاجات قوية ضد تزوير الانتخابات الرئاسية في جولتها الثانية ضد زعيم المعارضة فيكتور يوشنكو لصالح رئيس الوزراء آنذاك فيكتور يانكوفيتش ( الرئيس الحالي).

لكن زعيم المعارضة لم يعترف بنتيجة الانتخابات، ونزل عشرات الآلاف من أنصار المعارضة إلى ميدان الاستقلال للاحتجاج على ذلك التزوير، وتحولت تلك الاحتجاجات إلى عصيان مدني، وتصاعدت مطالب المحتجين من مجرد الاحتجاج على التزوير إلى المطالبة بتطهير مؤسسات الدولة، ورفض القمع الأمني من الشرطة، ومكافحة الفساد ورفض التبعية لروسيا... إلخ.

وسرت شائعات قوية وقتها عن محاولات تسميم زعيم المعارضة يوشنكو، وظهرت آثار ذلك على وجهه، وأحسن الرجل استغلال ذلك، وهو ما أسهم في تأجيج الثورة التي وصفها الإعلام الغربي بالثورة البرتقالية تعبيرا عن سلميتها، وبفضل هذه الاحتجاجات الواسعة المدعومة بقوة من الغرب سواء عبر حكوماته ومنظماته الرسمية أو الأهلية، نجحت الثورة في الإطاحة بيانكوفيتش.

وجرت انتخابات فاز فيها برئاسة الدولة فيكتور يوشينكو وأتى بزعيمة المعارضة الحالية يوليا تيموشينكو رئيسة للوزراء (وكانت يوليا وصفت من قبل بأنها جان دارك الثورة الأوكرانية رغم أن اتهامات بالفساد تطالها أيضا)، وقد وقعت خلافات بين رفاق الثورة يوشينكو ويوليا.

ووجه لها اتهامات بالفساد، وعزلت من رئاسة الوزارة، لكنهما سرعان ما تجاوزا خلافاتهما ليفوزا في الانتخابات النيابية المبكرة في 2007 ، واستمرت العلاقة مذبذبة بينهما حتى 2010 موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة.

في العامين الأخيرين لحكم يوشينكو المناهض لروسيا، دخلت روسيا على الخط بقوة، وأوقفت ضخ الغاز لأوكرانيا بحجة عدم دفع مستحقاتها، وتسبب ذلك في أزمات داخلية تزامن معها أزمات أخرى اقتصادية وأمنية صنعها رجال أعمال ورجال أمن وسياسيون قدامى على غرار ما حدث في مصر، وهو ما دفع الناس للكفر بحكم يوشينكو ويوليا والحنين إلى الماضي.

ولذلك ما إن جرت انتخابات رئاسية جديدة في 2010 حتى انتخب الأوكرانيون بأغلبية بسيطة (52%) ممثل الثورة المضادة فيكتور يانكوفيتش، ومعه عاد الجهاز الأمني لممارساته القديمة التي شكا منها الشعب، وبعد أقل من عام واحد تم توجيه عدة اتهامات بالفساد والتهرب الضريبي والإضرار بالأمن القومي لرئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو وتم حبسها.

كما أن يانكوفيتش حرص على التقارب أكثر مع روسيا خلافا لرغبة أغلبية الشعب التي كانت تهفو إلى الغرب وتحديدا الاتحاد الأوربي، فتراخى الرئيس يانكوفيتش في توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي التي كانت تلزمه في الوقت نفسه بمعايير ديمقراطية لم يكن قادرا عليها.

وقد التقطت روسيا الخيط لتعرض تعويضه بشراكة بقيمة 15 مليار دولار، وهو ما تصدى له الشعب الأوكراني بقوة باعتباره بيعا لأوكرانيا بهذا الثمن لروسيا.

ربما جاز لنا القول أن مبلغ الـ 15 مليار دولار الذي وعدت به روسيا أوكرانيا هو ذاته المبلغ الذي دفعته السعودية لروسيا مقابل دعم روسيا لسلطة الانقلاب في مصر عبر صفقات أسلحة ودعم سياسي.

هناك أوجه للشبه وأخرى للخلاف بين الثورتين الأوكرانية والمصرية، ولا يهمنا تقييم مدى نزاهة واستقامة أي من الزعماء الأوكرانيين فهذا شأن شعبهم، لكن ما يهمنا هو دورة الثورة نفسها، التي اكتملت في أوكرانيا حيث تولى الثوار السلطة عقب الثورة مباشرة، ثم تمكنت الثورة المضادة أن تعود للسلطة عبر الصندوق بشكل ظاهري ولكن عبر تأزيم مصطنع بشكل حقيقي، ثم ها هي الثورة الأصلية تسترد زمام المبادرة مرة أخرى، وتطيح برئيس الثورة المضادة.

وتطلق سراح يوليا من السجن بعد 3 سنوات قضتها خلف الأسوار، لم تفقد خلالها هي أو أنصارها الأمل بالعودة مجددا إلى السلطة، كما يفعل المرجفون في مصر الآن الذين يقولون دعكم من مرسي الذي لن يخرج من السجن مرة أخرى، ولن يعود إلى الحكم حتى يلج الجمل في سم الخياط!!!.

الثورة الأوكرانية في موجتها الجديدة استفادت من الثورة المصرية، وقد تابعنا كيف كان المعتصمون في ميدان الاستقلال يشاهدون بتأثر وبكاء فيلم الميدان الذي يروي تطور الثورة المصرية وانتكاساتها.

كان واضحا على هذه الموجة الثورية أنها لن تعود إلى بيوتها هذه المرة إلا بعد استرداد ثورتها مهما كلفها ذلك من مواجهات عنيفة مع رجال الشرطة حمل فيها بعض المتظاهرين السلاح، وحاصروا المباني الحكومية بما فيها القصر الرئاسي واحتلوها.

ثم قاموا بتأمينها عبر لجان شعبية حين تبخرت قوات الشرطة كما حدث في مصر يوم 28 يناير 2011، وظلوا مرابطين في الشوارع حتى قرر البرلمان عزل الرئيس لعجزه عن إدارة البلاد وتحديد موعد لانتخابات رئاسية جديدة في مايو المقبل.

أظن أن الصورة الآن أصبحت واضحة، فمرسي مثله مثل يوليا سيخرج من محبسه، وقادة الانقلاب سيبحثون عن طريقة للهروب فلا يجدون، ومحاكمتهم عن جرائمهم بحق الوطن وبحق الإنسانية آتية لاريب فيها، ويومئذ يفرح المصريون بنصر الله.

المصدر