إبراهيم حسن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الدكتور إبراهيم حسن ومواقف من الحياة

مركز الدراسات التاريخية

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

أولا: المقدمة

الإخوان المسلمون لها منهج إصلاحى على أسس إسلامية ،وفقا لنظام ولوائح ، ولعل ذلك لا ينتقص أبدا ممن يختلفون فى وجهات النظر مع الجماعة ويقررون اعتزال العمل بعيدا عنهم، فهذه حرية التعبير والاختيار ، فمن ينتظم مع الإخوان يكون بكامل إرادته ، ومن يريد أن يعتزلهم ، فهذه حريته واختياره لا غضاضة فى ذلك .

ولعل الإعلام بين الحين والآخر يخرج علينا بعناوين مثيرة عن خروج فلان من الإخوان كأنها جريمة منكرة ، وتذهب الصحف والبرامج تحلل ، لماذا خرجر ؟ وما السلبيات التى وجدها ودفعته للخروج ؟ .

ولا تدرى أنها حرية الرأى داخل الجماعة ، فالجميع يلتزم برأى الأغلبية ، ومن لا يرغب فى الالتزام برأى الأغلبية ويتمسك برأيه فهو حر ّ ، وإن قرر الاعتزال عن الإخوان فهذه حريته ورغبته لا يعاب عليها ولا يلام .

ثانيا: د. إبراهيم حسن مع الإخوان المسلمين

الدكتور إبراهيم حسن من أعلام الإخوان المسلمين فى الأربعينات من القرن العشرين ، طبيب نابه ، من أسرة تنتسب إلي الصوفية في الشرقية ، اتخذ له عيادة في حي السيدة زينب قبالة المدرسة السنية علي مقربة من دار المركز العام في شارع الناصرية .

لم تذكر المراجع تاريخ مولده ولا مايفيدنا فى تقريبه أو شيئا عن نشأته الأولى ، أما التحاقه بدعوة الإخوان فيقول عنه الأستاذ محمود عبد الحليم :" اتصل بالدعوة في القاهرة في وقت مبكر .... ولا أذكر الآن كيف تعرف علي الدعوة، ولكن يخيل إليّ أنه تعرف عليها عن طريق عبد الحكيم عابدين الذي كان إذ ذاك حديث التخرج في كلية الآداب ، والذي رجح عندي أن يكون تعرفه عن طريق عبد الحكيم أن عبد الحكيم كان أكثر الإخوان اختلاطاً به حتى أكثر وقته كان يقضيه في عيادته ".

وإذا علمنا أن عبد الحكيم عابدين تخرج فى كلية الآداب جامعة فؤاد الأول (القاهرة ) سنة 1937 الأمرالذى يجلعنا نقول : إن الدكتور إبراهيم حسن التحق بدعوة الإخوان فى أواخر الثلاثينات .

وبعد أحداث فتنة "شباب محمد" فى نهاية يناير عام 1940م أعيد تشكيل مكتب الإرشاد ولجانه، مع تحديد عمل الأعضاء، فكان عمل الدكتور إبراهيم حسن الإشراف على اللجنة الطبية والاجتماعية يوم الاثنين أسبوعيًا بالمركز العام.

واختاره الأستاذ البنا وكيلا للجماعة سنة 1940، وظل يشغل منصب الوكيل العام في الدعوة حتى انتقال الأستاذ أحمد السكريإلي القاهرة ، فقلّده الأستاذ البنا الوكيل العام للإخوان ، وصار الدكتور إبراهيم حسن الوكيل الثاني، وذلك سنة 1941 تقريبا.

وتم اختيارالدكتور إبراهيم حسن عضوا بمكتب الإرشاد سنة1944 م.

وقد تجدد اختيارالدكتور إبراهيم حسن عضوا بمكتب الإرشاد للجماعة في مايو 1945م حيث كان المكتب يتكون من أربعة وعشرين عضوًا .

وقد أصدرت الجمعية العمومية للإخوان المسلمين في نهاية مؤتمرهم سنة 1945عدة قرارات ، ومنها تأليف لجنة تذكر رؤساء الهيئات والأحزاب والجماعات بواجبها وتدعوهم إلى العمل مجتمعين أو منفردين على تحقيق الأهداف القومية بوسائل يُتفق عليها ، وتكونت هذه اللجنة برئاسة الأستاذ أحمد السكري، وكان الدكتور إبراهيم حسن أحد أعضائها .

وكان د. إبراهيم حسن يتسم بأنه هادئ الطبع تغلب عليه النزعة الصوفية ، وعقدت في عيادته اجتماعات هامة ، منها ما يذكر السادات فى مذكراته ( البحث عن الذات ) أنه طلب من الأستاذ البنا سنة 1940 أن يقابل عزيز المصرى ، فوعده البنا بذلك ، ورتب له اللقاء فى عيادة الدكتور إبراهيم حسن بالسيدة زينب ، وكان فى ذلك الوقت وكيل الإخوان ، وبالفعل تم اللقاء فى عيادة الدكتور إبراهيم حسن ، وتناول البحث ما تعانيه مصر من الاحتلال الانجليزي.

و يذكرالأستاذ محمود عبد الحليم أن مجال نشاط الدكتور إبراهيم حسن في الدعوة كان محدودًا حيث إن عمله الخاص فى عيادته كان يشغل أكثر وقته .

ولعل هذا القول بعيد عن الصحة لسببين :

الأول : أن الأستاذ محمود عبد الحليم صاحب هذا الرأى اضطر إلى الانتقال من القاهرة إلى رشيد وراء عمله فى أوائل الأربعينات، فهو لم يعاصر نشاط د.إبراهيم حسن فى تلك الفترة ليحكم عليه ، ولعله بنى رأيه على السماع .
الثانى : أن الكفاءة أساس تولى المناصب ، فلو لم يكن اختيارالأستاذ البنا له وكيلا للجماعة على أساس الكفاءة لكان الاختيار داخل الجماعة يتم حسب الأهواء .

ثالثا : انفصال الدكتور إبراهيم حسن

كان الأستاذ عبد الحكيم عابدين سكرتير الجماعة مشهودا له بالحركة والنشاط إلا أنه بعض الإخوان فهموا بعض تصرفاته على غير حقيقتها ، ومن ثم تقدموا ضده بالاتهام الذى قام على الفور مكتب الإرشاد بتكوين لجنة للتحقيق فيه .

وقد أصدر المركز العام بيانا وإيضاحا بتوقيع الأستاذ عبده أحمد قاسم السكرتير العام فى مايو 1947 م جاء فى هذا البيان أن ثلاثة من الإخوان اتهموا الأستاذ عبد الحكيم عابدين بانتهاك حرمة بيوتهم, وبناء على ذلك شكل مكتب الإرشاد لجنة يختار أعضاءها الطرفين المتخاصمين, ويختار عضو بالقرعة وكان ذلك فى غرة صفر 1365 الموافق 5/1/1946 ووقع الإختيار على الدكتور إبراهيم حسن والشيخ خالد محمد والأستاذ محمد فرغلي والأستاذ الفضيل الورتلاني وأختبر بالقرعة الأستاذ محمد طاهر الخشاب ووقع الطرفان على إقرار التحكيم, واجتمعت اللجنة لمدة أربعة أشهر, قامت فيها بالتحقيق الدقيق.

وأصدرت حكمها ببراءة الأستاذ عبد الحكيم عابدين فى جلسة علنية بتاريخ13 مايو 1946وبحضور أعضاء اللجنة الخمسة وأعضاء مكتب الإرشاد وخمسين شخصية من الذين علموا بالموضوع, غير أن الدكتور ابراهيم حسن تنكر لهذا الحكم ورفض تسليم أوراق التحقيق للمرشد العام أو لمكتب الإرشاد, وطالب بفصل الأستاذ عبد الحكيم عابدين, غير أن عابدين قدم استقالته من الجماعة ورفض قبولها مكتب الإرشاد بأغلبية 16 صوتا إلى ثلاثة أصوات, وبعد ذلك قال الدكتور ابراهيم حسن" لو أخترتم الأستاذ عابدين مرشدا عاما فأنا أول من يسلم له ويطيعه بعد أن ظهرت هذه الأغلبية الساحقة فى جانبه" .

وكان ذلك فى بيت حسن عبد الرزاق وبشهادته, غير أن مجلة الحوادث حرفت الاستقالة ونشرتها مع التعليق عليها مما كان سببا فى استفزاز الدكتور إبراهيم حسن الذى رد عليها وجرح فى هذا الرد الأستاذ عابدين, فاجتمعت الهيئة التأسيسية بتاريخ 8 ذو القعدة 1365هـ, 3/10/1946م واستنكرت تصرف الدكتور فسارع واعتذر عما كتبه كما أنه تعهد كتابة بتسليم أوراق التحقيق فى ظرف عشرة أيام من تاريخه للمرشد العام بما فيها حكم البراءة, غير أن الدكتور إبراهيم لم يفِ بعهده ولم يسلم أوراق التحقيق بعد انقضاض الهيئة التأسيسية ، بل طعن فى قرار اللجنة وتغيب عن الحضور إلى المركز العام حتى انتهت عضوية المكتب القانونية.

وفى المحرم1366هـ / ديسمبر1946 اجتمعت اللجنة اجتماعها العادى لاختيار أعضاء المكتب الجدد, وبعد الانتخابات لم يفز الدكتور إبراهيم حسن حيث حصل على 16 صوتا فى حين حصل الأستاذ عابدين على 49 صوتا مما دفع الدكتور إبراهيم حسن للتشهير بعابدين وبالإخوان وأذاع بعض الأحاديث الخاصة مشوهة ومحرفة, مما دفع الإمام البنا فى طلب اجتماع الهيئة التأسيسية فى 20 ربيع الآخر 1366هـ, الموافق 13/3/1947 لعرض الأمر عليها, فوجهت إليه بعض التهم منها نقض العهد وحنث باليمين عدة مرات, وخيانة الأمانة بعدم تسليم الأوراق, وإذاعة أحاديث خاصة محرفة عمدًا, والخروج على قرار الهيئة السابق ، فما كان من الدكتور إبراهيم إلا أن قدم مذكرة مطولة تناول فيها موضوع الأستاذ عابدين من جديد, وزاد عليه صلة الإخوان بالوفد فى لجنة الاتصال , ومقابلة الأستاذ المرشد لإبراهيم باشا عبد الهادى, وموضوع الهيئة السياسية.

وتم الرد على ما أثاره الدكتور إبراهيم حسن على النحو التالى :

1-إن هذه المذكرة إثبات إدانة لنفسه ؛ لأن لجنة الاتصال لم تتم بموافقة المرشد العام ولا المكتب ولا الهيئة التأسيسية.
2- أنه ذكر أنه وقع على بيان لجنة التحقيق مكرها وأن هذا لا يليق برئيس اللجنة.
3- إن سبب إحالة الأستاذ المرشد أمر فصل الأستاذ عابدين إلى الهيئة التأسيسية هو أن عابدين عضو فيها ولا يجوز للمرشد أو مكتب الإرشاد فصل أحد أعضاء الهيئة التأسيسية إلا بإجتماعها , ولم يكتف الدكتور بذلك فى مذكرته بل ذكر أن الأستاذ المرشد وأعضاء مكتب الإرشاد لا يشكون فى إجرام الأستاذ عابدين, وهذا قول غير صحيح وإتهام عجيب للأعضاء, واطلعت الهيئة على هذه المذكرة واستمعت لحديث الدكتور ابراهيم, وأقرت القرار السابق ببراءة الأستاذ عابدين, واستنكار موقف الدكتور إبراهيم.
4- أن الدكتور إبراهيم أذاع ما دار فى اجتماعات اللجنة السياسية بطريقة تخالف الحقيقة, وهي لجنة ناشئة كونها الإمام البنا لدراسة شئون الجماعة السياسية والقانونية والاقتصادية وهذا ما تضمنته مذكرة الدكتور إبراهيم وتوضيح ما بها, وانتهت الهيئة التأسيسية بقرار إعفاء الدكتور ابراهيم حسن من عضوية الجماعة .
5- أما عن موقف الإخوان والوفد حول لجنة الاتصال, فقد ذكر البيان أن الأستاذ المرشد حين عاد من رحلة الحج وجد أمامه موضوع هذه اللجنة والتي كانت بايعاز فؤاد باشا سراج الدين, وكان يهدف من وراء ذلك ضم الإخوان لصف الوفد ضد حكومة صدقى حتى تسقط ويعود الوفد مرة أخرى لسدة الحكم فعندما فطن الإمام البنا لذلك وأن غرض الوفد الحكم ، وليست مصلحة البلاد, ومحاربة الاحتلال لذا رفض هذه اللجنة, غير أن الأستاذ السكري والدكتور إبراهيم حسن تمسكا بها ودافعا عنها.

وقد تكونت لجنة اتصال بين الإخوان والوفد وقت أن كان الأستاذ المرشد في رحلة الحج عام 1946م وقد حضر هذه اللجنة من الإخوان الأستاذ أحمد السكريوالدكتور إبراهيم حسن وكيلا الجماعة, وكانوا يرون ضرورة التصاق الدعوة بالوفد في هذه المرحلة, وكان الوفد آنذاك يريد الوصول إلى الحكم ويهدف أن تكون حركة الإخوان تابعة له حتى لا تقوم بجانبه هيئة قوية ، لكن عندما عاد الأستاذ البنا من رحلة الحج وجد أمامه موضوع لجنة الاتصال, ما هي إلا وسيلة للوفد للعودة إلى الحكم, وأن الوفد دعا الهيئات المعارضة للاتحاد معه لإسقاط حكومة صدقي وفقط دون العمل لمصلحة البلاد ، فرأى الإمام البنا أن ينأى بالإخوان عن ذلك, فانزعج الإخوان المتصلين بالوفد من ذلك, كما أنهم انزعجوا من تقديم إخوة آخرين عليهم .

غير أن الأستاذ البنا اجتمع مع الدكتور إبراهيم حسن , ووافق على اللجنة بناء على تجمع هذا القدر من المعارضة فى هذه اللجنة وطالب الدكتور إبراهيم بكتابة اتفاق مع الوفد ويوقعون عليه ويتكون من مادتين :

المادة الأولى: ألا يعود الوفد إلى مفاوضة الانجليز إلا بعد أن يسلموا بحق مصر في الجلاء عن الوادي كله وبوحدته.
المادة الثانية: أن ينشأ صندوق يسمى صندوق الجهاد يضع فيه الوفد خمسين ألف جنيه أو عشرين ألف على الأقل وتضع كل هيئة من الهيئات التي تقبل الوحدة مبلغا بنسبة ماليتها وليكن أمين الصندوق من الوفد نفسه لأننا سنحتاج المال في المقاومة ضد الاحتلال,ولقد قدم الأستاذ أحمد حسين للجنة الاقتراح مثل ذلك , كما ذكر الدكتور إبراهيم حسن .

كانت هذه هي تداعيات الفتنة والتي خرج على إثرها الأستاذ أحمد السكريوالدكتور إبراهيم حسن وكيلا الجماعة.

ويفسرالأستاذ محمود عبد الحليم نشوء الفتنة وتطورها بقوله :قد يكون نشوء الفتنة قد بدأ بتسربات في أعماق نفس الدكتور إبراهيم حسن حين انتقل الأستاذ أحمد السكريإلي القاهرة وأسند إليه الأستاذ المرشد منصب الوكيل العام الذي كان يشغله الدكتور إبراهيم ، فاعتبر الدكتور ذلك إهانة له موجهة من الأستاذ المرشد شخصيًا، ولكنه أسر ذلك الشعور في نفسه ، لأن الظروف في ذلك الوقت لم تتح له أن يفعل أكثر من ذلك .

ولعل هذا التفسير ـ فى نظرنا ـ بعيد عن الصواب ، فلوكان الأمر كذلك لما كانت مشكلة د. إبراهيم حسن مع الأستاذ عبد الحكيم عابدين ، بل الأحرى أن تكون مع الأستاذ أحمد السكري الذى شغل المنصب بدلا عنه .

ولعل مانراه هو نشاط عبد الحكيم عابدين وحسن نيته فى تصرفاته جعل بعض الإخوان يشعرون بأن المرشد العام يحابى عبد الحكيم عابدين دون غيره من الإخوان .

وعلى أية حال فقد دبت بين نفوس الدعاة وساوس الشيطان ، وساد الظن الذى من شأنه تعكير النفوس ، فانتهت على ما آلت إليه من أحداث.

وهكذا طويت صفحته مع الإخوان فى الأربعينات ، وخروج د. إبراهيم حسن من الإخوان ليس نهاية المطاف ،فالأمر لايعدو سوى تباين فى وجهات النظرلا يستطيع المرء الاستمرار مع الجماعة ، فيخلى مكانه لغيره ، ويحمل فى طيات نفسه الحب والتقدير لهم ، وتحمل الجماعة له كل الود ، ولا تنس يوما من الأيام جهوده فى سبيل الدعوة لله عز وجل .

رحم الله الدكتور إبراهيم حسن رحمة واسعة وجزاه خيرا بما قدم .

رابعا : المراجع

1- الإخوان المسلمون اليومية العدد 484 ، اسنة الثانية ، 17 محرم 1366هـ,30/11/1947 ص2.
2- محمود عبد الحليم : الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ، دار الدعوة ، الجزء الأول.
3- عباس السيسي, حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية, الطبعة الأولى, دار التوزيع والنشر الإسلامية 2001، ص 164 -165.
4- ريتشارد ميتشل : الإخوان المسلمون ، نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي.
5- أنور الجندي حسن البنا الداعية الإمام والمجدد الشهيد, دار القلم , دمشق, 1421هـ, 2000، ص183ـ180
جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الثامن ، ص81 .