الإخوان المسلمون في البرلمان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان في البرلمان


الإخوان في البرلمان.jpg

بقلم :أ.محمد الطويل

تقديم موقع إخوان ويكي

توطئة

في البداية يقول الأستاذ محمد الطويل عن كتاب الإخوان في البرلمان:

" لقد شرعت في التفكير لهذا الكتاب منذ أن وطئت أقدام الإخوان المسلمين مجلس الشعب المصري عام 1987، ثم بدأت في الإعداد له مع نهاية الدورة التي أعقبها حل المجلس، وقد كانوا نوابا به عام 1990. وقد اضطررت لإرجائه عندما بدأت أزمة الخليج في أغسطس من ذات العام.

وما إن وضعت هذه الأزمة أوزارها حتى عدت مرة أخرى إلى استكمال العمل في هذا الكتاب. ويعد هذا الكتاب هو العاشر لمؤلفاتي السياسية والتاريخية.

ويقع هذا منها في الترتيب الثالث من دراساتي البرلمانية حيث كان الكتاب الأول برلمان الثورة وهو يتعرض للفترة من 1957-1977.

والثاني كتاب "يهود في برلمان مصر" وهو يتعرض لدراسة ممارسة نواب البرلمان من اليهود المصريين منذ أوائل القرن الحالي حتى يناير 1952. وأما كتابنا الحالي الإخوان المسلمون في البرلمان فهو يتعرض لتقييم التجربة البرلمانية لهذه الفئة من المصريين.

وكانت دوافعي لإخراج هذا العمل.. ما كُتِبَ وما قِيْلَ عن الإخوان المسلمين منذ ظهورهم وتطور حركتهم ومحاولاتهم في خوض التجربة البرلمانية؛ في محاولة لرصدها وتتبعها واستشراف آفاق المستقبل بالنسبة لها.

وقد مكنتني ظروف عملي في الصحافة كمحرر برلماني وسياسي، من متابعة أعمال الإخوان البرلمانية، وقد اتضح لي أنهم يمثلون أكبر وأقوى معارضة برلمانية في التاريخ النيابي المصري الذي يمتد في عمق الزمان، أكثر من قرن من الزمان، وأن سعيهم للبرلمان لم يكن معاصرًا، وإنما كانت لهم محاولاتهم بدءًا من مؤسس الجماعة الأستاذ حسن البنا ومرورًا ببعض أفراد الجماعة وأنصارها حتى عام 1987.

وبذلك، فالإخوان المسلمون يعدون أحدث قوى سياسية للبرلمان المصري، فقد سبقها الشيوعيون والاشتراكيون والناصريون وغيرهم.

وقد تعرضنا للكتابة في هذا الموضوع للأهمية الكبرى للإخوان المسلمين في تاريخنا السياسي والاجتماعي.

وكذلك سقوط نظريات وضعية وأيديولوجيات أخرى تبرز مدى صحة وموضوعية وصلابة وحضارة "المبادئ الإسلامية" والتي يرفع لواءها العديدُ من الجماعات الإسلامية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.

والتي وإن كان الانطباع عنها أنها جماعة دينية إلا إنها - واقعيًّا - جماعة سياسية واجتماعية أيضًا. إنها لم تأت بدين جديد، ولا تدعو لدين حديث، ولم تأت بمذهب جديد في الدين، وإنما هي تدعو إلى تجديد العمل بالإسلام؛ لأن الإيمان بالإسلام سابق لوجودها؛ وبذلك فهي تدعو إلى العمل بدين قائم موجود.

وفي رأيها أن نظم الإسلام هي أنسب وأفضل النظم للحياة.. لأنه دين سماوي من قِبَلِ الله جل شأنه، يصلح لكل زمان ومكان.

ولا يرتبط بنظرة حاكم ديكتاتوري أو لصفوة طاغية، وإنما هو نظام إلهي للبشر جميعا.. وهذا صحيح.. وذلك حق.

وهذا الحق يلقى مقاومة وحربًا من أي ديكتاتور حاكم أو فئة مستبدة طاغية.. أو قوى غربية مضادة.. وإن كان الإخوان يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية فإن ذلك ليس وقفًا عليهم وحدهم، وإنما هناك جماعات وأحزاب وأفراد يطالبون بذلك أيضًا، إلا أن الإخوان أيضًا أقدمهم وأسبقهم في ذلك منذ ما يزيد على نصف قرن.

وقد وصف كل من طالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أنه من أهل السلفية أو الحاكمية أو الأصولية وما شابه ذلك من تعبيرات وتصنيفات. وهذا المطلب، وأن كان يبدو صعبًا للبعض، إلا أنه أبسط من ذلك بكثير، وأما صعوبته فهذا يبدو من مقاومة تحقيقه أو تطبيقه منذ سنوات طويلة مما حدا بالبعض أن يرى أن ذلك التطبيق صعب وعسير.

وسنثبت ذلك خلال صفحات هذا الكتاب عندما تعرض مجلس الشعب برئاسة الدكتور صوفي أبو طالب وبتوجيه من الرئيس السادات لتطبيق التشريعات الإسلامية في بعض القوانين.

ولعل هذه التشريعات يشير إليها البعض بأنها صعبة التطبيق، وسنؤكد عكس ذلك من خلال هذا البحث. ومن المتابعة الفاحصة لممارسة الإخوان المسلمين البرلمانية فإنهم كانوا لا يتوقفون عن المطالبة بتقنين الشريعة؛ وإنما كانت لممارستهم أبعاد أخرى تدور كلها حول النظرية الإسلامية.

وقد سعى الإخوان لتحقيق أبعاد أخرى تساند وتمهد لذلك. ومن هذه الأبعاد السياسات العامة والتي تترجم غالبا إلى قوانين أو قرارات أو إجراءات. وكذلك السلوكيات.

وفي سبيل ذلك لاحظت اهتماماتهم ببعض المحاور التي يرون أنها رئيسية في ممارساتهم البرلمانية لتحقيق هدفهم، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية. ومن هذه المحاور: الصدام مع الأمن وما يمثله من سياسة حكومية إزاءهم.

وكذلك: الإعلام، والثقافة، والتعليم، والاقتصاد، والحكم، وتأكيد هويتهم الإخوانية الذاتية، وغيرها من محاور أخرى.

ولعلنا لا نخفي الهدف من تقويم هذه التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين وهو الوصول إلى إجابة عن سؤال محدد وضعته نصب عيني وأعتقد أنه يهم آخرين يسعون لإجابته أيضًا ألا وهو: هل يمكن للإخوان المسلمين أن يكونوا جزءا من نسيج الدولة الرسمي أو جزءًا من النظام السياسي للدولة أو لا يمكنهم ذلك ويبقون خارج هذا وذاك؟!.. وللإجابة عن ذلك السؤال كانت هذه الدراسة وذلك الكتاب".

مقدمةالطبعةالثانية

لاشك أن نظام التعددية الديمقراطى يبرز شتى التيارات الحزبية وغير الحزبية . وقد برزت جماعة الإخوان المسلمون كتيار إسلامى معتدل ومستنير فى ظل هذه التعددية قبل ثورة يوليو 1952 ولكن بعد الثورة وفى ظل نظام الحكم الشمولى لعبد الناصر .

لم يتمكن الإخوان من ممارسة نشاطهم . حتى كان عام 1971 وتصحيح المسار السياسى الذى تحقق فى عهد الرئيس محمد أنور السادات . فبدأوا يعاودون نشاطهم مرة أخرى ، وعندما أخذ النظام السياسى بالتعددية مرة أخرى منذ عام 1976 وحتى الآن .

فقد تطور نشاط الممارسة السياسية للإخوان حتى وصلوا إلى قاعةمجلس الشعب .

ولاشك ان المراقبين والمعلقين والمهتمين بالشئون العامة على المستوى الوطنى والإقليمى والعالمى .

كانوا ومازالوا - يرصدون تطور التعددية الديمقراطية ومدى ما يشوبها من مزايا وعيوب ومتابعة حركة الإخوان المسلمين فى هذا الإطار ولاسيما أنهم اتخذوا الممارسة السياسية والخدمة الاجتماعية منهجا لهم . ولاشك أيضا أن دخول الإخوان للبرلمان كان نقطة راجحة لهم فى نشاطهم لأنهم بذلك حاولوا تأكيد هويتهم السياسية من خلال الشرعية البرلمانية والتى منحتهم إياه أكثر من مليون صوت انتخابى .وهذا ما دفعنا إلى إعدأد هذه الدراسة لتقييم تجربتهم البرلمانية . ولعل احساسنا أنهم يمثلون جزءا من النسيج الاجتماعى والسياسى على مستوى القاعدة الشعبية وهذه حقيقة .

فكان لابد من متابعة حركاتهم التصاعدية إلى مواقع المسئولية السياسية القيادية .

ومن هنا كان لابد من السعى للإجابة حول تساؤل هام ألا وهو إلى أى مدى يمكن أن يكونوا جزءا من نسيج النظام السياسى فى مصر انعكاسا لنسيجهم القاعدى .

وقد أعددت هذه الدراسة بصورة واقعية وميدانية من واقع ممارساتهم ونشاطهم البرلمانى تحت القبة بصفتى محررا برلمانيا لمدة تزيد عن خمسة عشرة عاما وذلك للإجابة عن التساؤل السابق .وبالطبع فقد أجريتها بأسلوب ومفهوم محايد .

وهذا ما أجمع عليه من علق أو نقد هذا الكتاب فىطبعته الأولى - والذين يزيدون عن عشرة كتاب ومصحفيين وكان ذلك نتيجة عدم اتخاذ موقف أو موقع مسبق قبل وضع هذه الدراسة ومن خلال موضوعية وصولا إلى نتائج إيجابية لتجربتهم البرلمانبة . مما أضفى على هذه الدراسة مصداقية جعلت من الخصوم السياسيين أن يتأنوا فى حكمهم على حركة الإخوان المسلمين فى الساحة السياسية وأن يعيدوا النظر فى أفكارهم السابقة .

ومن الأهمية الإشارة إلى أننى أجريت هذه الدراسة على الإخوان وهم فى موقع المعارضة فحسب الان ذلك كان يمثل حقيقة وضعهم فى تلك الدراسة ومن هنا لابد أن نضع ذلك فى الاعتبار.وإن كان حيادنا هو أساس ومنظور هذه الدراسة فإن ذلك يمثل موقعا موضوعيا بها . ولاشك أن هذه الدراسة كانت ضرورية لأهمية وحجم ووزن الإخوان المسلمين سواء على مستوى الجماهير أو على مستوى التطور السياسى والديمقراطى فى مصر .

وإن كانت هذه الدراسة لم تحصل على الإعلام الكبير والذى كان منتظرأ وذلك لالقاء الضوء من حيث أنها تقييم لتجربة برلمانية هامة لتيار اكثرأهمية فى حياتنا السياسية . فإن ذلك مرجعه أن خصوم الإخوان من الشيوعيين والاشتراكيين والناصريين مازالوا يحتلون معظم مواقع المسئولية حياتنا الإعلامية والصحفية . ومع ذلك فقد فرضت نفسها وأقتنع البعض بأهميتها مما حداهم إلى العليق أو التعقيب عليها وهم محمودون على ذلك .

وفى الختام فإن إعادة طبع هذا الكتاب مرة ثانية لهو أبلغ دليل على أهميته السياسية وضرورته العلميه ونجاحه فى مهمته الموضوعية والسياسية والتاريخية .

والله ولى التوفين ،، ،

مقدمة الطبعة الأولى

لقد شرعت فى التفكير لهذا الكتاب منذ أن وطئت أقدام الإخوان المسلمين مجلس الشعب المصرى عام 1987 ، ثم بدأت فى الإعداد له مع نهاية الدورة التى أعقبها حل المجلس وقد كانوا نوابا به عام 1990 .

وقد اضطهررت لإرجائه عندما بدأت أزمة الخليج فى أغسطس من ذات العام وما أن وضعت هذه الأزمة أوزارها حتى عدت مرة أخرى إلى استكمال العمل فى هذا الكتاب.

ويعد هذا الكتاب هو العاشر لمؤلفاتى السياسية والتاريخية ويقع هذا منها فى الترتيب الثالث من دراستى البرلمانية حيث كان الكتاب الأول ( برلمان الثورة ) وهو يتعرض للفترة من 1957 - 1977 .

والثانى كتاب يهود فى برلمان( مصر) وهو يتعرض لدراسة ممارسة نواب البرلمان من اليهود المصريين منذ أوائل القرن الحالى حتى يناير 1952 .

وأما كتابنا الحالى الإخوان المسلمون فى البرلمان ، فهو يتعرض لتقييم التجربة البرلمانية لهذه الفئة من المصريين .

وكانت دوافعى لإخراج هذا العمل .. ما كتب وما قيل عن الإخوان المسلمين منذ ظهورهم وتطهور حركتهم ومحاولاتهم فى خوض التجربة البرلمانية .

فى محاولة لرصدها وتتبعها واستثراق آفاق المستقبل بالنسبة لها.

وقد مكنتنى ظروف عملى فى الصحافة كمحرر برلمانى وسياسى ، من متابعة أعمال الإخوان البرلمانية وقد اتضح لى أنهم يمثلون أكبر وأقوى معارضة برلمانية فى التاريخ النيابى المصرى الذى يمتد فى عمق الزمان أكثر من قرن من الزمان وان سعيهم للبرلمان لم يكن معاصرا، وإنما كانت لهم محاولاتهم بدءأ من مؤسس الجماعة الأستاذ /حسن البنا ومرورا ببعض أفراد الجماعة وأنصارها حتى عام 1987 .

وبذلك ، فالإخوان المسلمون يعدون أحدث قوى سياسية للبرلمان المصرى ، فقد سبقها الشيوعيون والاشتراكيون والناصريون وغيرهم .

وقد تعرضنا للكتابة فى هذا الموضوع للأهمية الكبرى للإخوان المسلمين فى تاريخنا السياسى والاجتماعى .

وكذلك سقوط نظريات وضعية وأيدلوجيات أخرى تبرز مدى صحة وموضوعية وصلابة وحضارة ( المبادىء الإسلامية ) والتى يرفع لواءها العديد من الجماعات الإسلامية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين والتى وإن كان الانطباع عنها أنها جماعة دينية إلا أنها وقعيا ، جماعة سياسية واجتماعية أيضا .

إنها لم تأتى بدين جديد . ولا تدعو لدين حديث ، ولم تأت بمذهب جديد فى الدين وإنما هى تدعو إلى تجديد العمل بالإسلام ، لأن الإيمان بالإسلام سابق لوجودها وبذلك فهى تدعو إلى العمل بدين قائم موجود .

وفى رأيها أن نظم الإسلام هى أنسب وأفضل النظم للحياة . . لأنه دين سماوى من قبل الله جل شأنه ، يصلح لكل زمان ومكان . ولا يرتبط بنظرة حاكم ديكتاتورى أو لصفوة طاغية ، وإنما هو نظام إلهى للبشر جميعا . . هذا صحيح .. وذلك حق . . وهذا الحق يلقى مقاومة وحربأ من أى ديكتاتور حاكم أو فئة مستبدة طاغية . . أو قوى غربية مضادة . . وإن كان الإخوان يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية فإن ذلك ليس وقفا عليهم وحدهم ، وإنما هناك جماعات وأحزاب وأفراد يطالبون بذلك أيضا ، إلا ان الإخوان أيضا أقدمهم وأسبقهم فى ذلك منذ ما يزيد على نصف قرن .

وقد وصف كل من طالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أنه من أهل السلفية أو الحاكمية أو الأصولية وما شابه ذلك من تعبيرات وتصنيفات .

وهذا المطلب ، وإن كان يبدو صعبا للبعض ، إلا أنه أبسط من ذلك بكثير. وأما صعوبته فهذا يبدو من مقاومة تحقيقه أو تطبيقه منذ سنوات طويلة مما حدا بالبعضى أن يرى ذلك التطبيق صعب وعسير .

وسنثبت ذلك خلال صفحات هذا الكتاب عندما تعرض مجلس الشعب برئاسة الدكتور صوفى أبو طالب وبتوجيه من الرئيس السادات لتطبيق التشريعات الإسلامية فى بعض القوانين .

ولعل هذه التشريعات يشير إليها البعض بأنها صعبة التطبيق ، وسنؤكد عكس ذلك من خلال هذا البحث .

ومن المتابعة الفاحصة لممارسة الإخوان المسلمين البرلمانية فإنهم كانوا لايتوقفون عن المطالبة بتقنين الشريعة ، وإنما كانت لممارستهم أبعاد أخرى تدور كلها حول النظرية الإسلامية .

وقد سعى الإخوان لتحقيق أبعاد أخرى تساند وتمهد لذلك .ومن هذه الأبعاد السياسات العامة والتى تترجم غالبا إلى قوانين أو قرارات أو إجراء ات وكذلك السلوكيات .

وفى سبيل ذلك لاحظت اهتماماتهم ببعض المحاور التى يرون أنها رئيسية فى ممارساتهم البرلمانية لتحقيق هدفهم ، وهو تطهبيق الشريعة الإسلامية .

ومن هذه المحاور : الصدام مع الأمن وما يمثله من سياسة حكومية إزاءهم وكذلك الإعلام والثقافة والتعليم والاقتصاد والحكم وتأكيد هويتهم الإخوانية الذاتية وغيرها من محاورأخرى .

علنا لا نخفى الهدف من تقويم هذه التجربة البرلمانيهة للإخوان المسلمين وهو الوصول إلى اجابة عن سؤال محدد وضعته نصب عينى وأعتقد أنه يهم آخرين يسعون لإجابته أيضا ألا وهو : هل في للإخوان المسلمين أن يكونوا جزءا من نسيج الدولة الرسمى أو جزءأ من النظام السياسى للدولة أولا يمكنهم ذلك ويبقون خارج هذا وذاك ؟! .. وللإجابة على ذلك السؤال كانت هذه الدراسة وذلك الكتا ب .

وإن لم أتمكن من حصركل حيثيات الإجابة فإننى قد اجتهدت ساعيا للاجابة ببعض ما وصلت اليه إن لم تكن كلها وإن كنت أعتقد أن بعض الحيثيات التى وصلت إليها تكفى للإجابة .

وعلينا أن نطالع صفحات الكتاب لنصل إلى إجابة واحدة أو أكثر من إجابة وإن كنت اجتهدت فأخطأت فلى أجر ، وإذا كنت على صواب فلى أجران .

وإن كنت قد التزمت الموضوعية الدراسية فإن ذلك بهدف الوصول إلى الحقيقة فقط .

المؤلف

الفصل الأول

الإخوان المسلمون ومعركتهم الانتخابية

فى تاريخ مصر المعاصر . . لم تتعرض جماعة أو مجموعة من المرشحين بمثل ما تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين من هجوم قاس وشديد ، بل إلى قتل وسفك الدماء . فعندما قررت هذه الجماعة أن تقدم مرشحيهما للجماهير من خلال قائمة موحدة مع حزبى العمل والأحرار . . أى بمثابة تحالف . . تعرض الإخوان المسلمون لشتى أنواع القمع الإعلامى من كافة الاحزاب الرسمية والتيارات السياسية الأخرى .

وقد بلغت هذه الحمله الإعلامية حدأ من القسوة والضراوة . . تمكنت من رصدها ومتابعتها الأمر الذى أثار فى ذهنى تساؤلات عديدة منها : - كيف يتجامل المهاجمون والناقدون والسياسيون من كافة الأحزاب والتيارات أن هؤلاء المرشحين مصريون .

لهم ذات الحقوق السياسية التى يمارسونها هم أنفسهم بل ويسعون إلى المزيد منها ، فكيف يدعون إلى مصادرة وحرمان هؤلاء المصريين - أيا كانت انتماء اتهم - من ذات الحقوق التى يطالبونها لأنفسهم ؟!

- هل كان هدفهم تضييق قاعدة الديمقراطية واستثارهم بها ؟

وهل الديمقراطية لتسع وتضيع هكذا؟!

-وهل مبعث هجومهم الشديد هو الخوف من نجاح مرشحى الإخوان المسلمين ، وإذا كان الأمر كذلك ، أفلا يعتبر ذلك مصادرة وضغطا وقمعأ للناخبين أنفسهم !

-وهل من الديمقراطية تخويف وترويع الجماهير من الممارسة الديمقراطية الواسعة ؟!

-وهل كان هدفهم عدم نجاح الإخوان المسلمين بنسبة كافية تؤهلهم لتشكيل الحكومة ؟ أو كان هدفهم حصارهم وتضييق الخناق عليهم حتى لا ينتشرتأثيرهم ولا تتحقق دعوتهم ؟!

-وربما كان هذا الهجوم يحمل فى طياته رعبا من تصفية حساب قديم . حيث ان عناصر كل القوى والتيارات السياسية قد أخذت نصيبها من النفوذ والحكم منذ ثورة يوليو 1952 إلا قوى الإخوان المسلمين التي ضربت أكثرمن مرة .

واعتقلت أكثرمن مرة . . ولكنها بعد كل ذلك أكثر قوة وأضد إصرارأ .

- وهل كان باعثهم الخشية على أوضاع قائمة ومكاسب نالوها ونفرذ بلغوه ؟! . . هل خافوا على أنفسهم من السقوط أو الإطاحة بهم ؟!

-هل كان الخوف من انهيار كياناتهم السياسية المصطنعة والهشة وفضح أساليبهم واكاذيبهم على الملأ؟

- مل كان الخوف من التجربة واستمرارها وتعديلها أو تطويرها أو تتويجها بحيث يبدو الإخوان بقواهم الحقيقية على الساحة السياسيه مما يهدد قوى ظاهرية لديها من الشكل أكثر مما لديها من المضمون ؟!

- هل كان الهدف ألا يكون الإخوان جزءا من النظام السياسى للدولة والحرص على أن يظلوا دائما جزءا طريدا وشريدا ومنفصلا عن النظام ؟

-وأخيرأ هل كان يخشى من بروز دورهم والولوج فى ساحة السياسية المصرية .

-حتى لو كان ذلك الدور إيجابيا يحقق مصلحة الدولة العليا ! وبذلك يسحب البساط من تحت بعض القوى أو التيارات الاخرى ؟ !

-وإذا كانت الحجة التى رفعوها على رايات هجومهم الهدام ، هى أن الإخوان المسلمين جماعة غير رسمية أو غير شرعية . . فإن من الافضل أن تسعى جماعة غير شرعية للتعبير عن نفسها من خلال قناة شرعية – كالبرلمان – بل أليس من الافضل أن يكون الحال كذلك عكس جماعة أو حزب رسمى أو شرعى يلجأ إلى أساليب وقنوات غير رسمية أو غير شرعية؟؟

وهكذا عاد الإخوان تحيط بهم الضجة والصخب من جراء الحملات الإعلامية المضادة . . هكذا يعودرن .

وكانوا عندما يتغيبون وراء قضبان المعتقلات والنفى بالواحات ، ويلاقون أشد وأفتك أنواع التعذيب ، كنا لا نسمع مثل هذه الحملات والضجيج استنكارا لما يحيق بهم بل كانوا يشيعون بألسنة حداد حتى وهم فى غياهب تلك الظلمة! فهل كان ذلك شماتة وتأييدأ لما لحق بهم أو من الخوف منهم ؟! وهل الضجيج الذى استقبلهم كان - أيضا - خوفا منهم ؟! ومن المعروف أن الخوف يكون - دائما - من الأقوى ؟ ؟

وهكذا نرى أن الصخب والضجيج يشيع به الإخوان عندما يغيبون ، ويستبلهم به عندما يعودون وبالطبع فان عودتهم واختراقهم الانتخابيه البرلمانية فى عام 1987 قد شمل ضمن ما شمل حزبى العمل والأحرار المتحالفين معهم حتى ودة.يتمكنوا من الع. وخوض الانتخابات وكسب مقاعد برلمانية وإن كان الإخوان نصيبهم من الحملة اكبر واكثر مساحة ، ذلك لانهم هم القادمون .

والعائدون بكل ثقل ووزن وقوة . وبعد التساؤلات السابقة والتى حاولنا فيهما الوصول إلى نوايا ودوافع هذه الحملة الشرسة فإننا نتعرض لجانب منها ثم نخضعها للتحليل. لنصل إلى أى مدى تتطابق مع ما حاولنا الوصول إليه من دوافع ونوايا.

فهذا أشد الناصريين تعصبا وولهأ بفكر ومنهج عبد الناصر ، ولا سيما سياسته ايذاء الإخوان المسلمين .

هاجمهم بقوله

(ا) : إن التحالف بين حزبى العمل والأحرار والإخوان قد كشف نقاط الضعف فى كل منهم على حدة وظهروا عرايا إلا من ثياب قليلة تستر عورتهم .

ويستدرك قائلآ :( والواقع أنهم ينحدرون من سلالة مشهورة أساءت إلى الوطن وزعزعت أمنه واستقراره ومنذ أن ظهررا على مسرح الحياة السياسية فى مصر فى الفترة الأخيرة من السبعينيات . . فلا يوجد استقرار ولا أمن فى البلاد ، بل قلاقل واضطرابات وفتن وتعصب لم نعرفها من قبل ) .

ثم أضاف : (وإن من فضائل المعركة الانتخابية أنها كشفت هؤلاء . . وسلطت عليهم الأضواء وظهر جليا ان ما كان يحدث على أنه صدفة أو خطأ فى السبعينات والثمانينات وحتى الآن ليس إلا قرينهة على أنهم يريدون أن يفتحوا الباب على مصراعيه حتى تتحول مصرإلى صورة منلبنان. . ومن أجل ألا يحدث هذا . . ومن أجل أن نغلق هذا الباب الذى يحمل الرياح السوداء لابد أن ترفع العصابة عن عينيك يا أخى المواطن وألا تعطى صوتك لتجار الكلام وحملة الشعارات . . ودهاقنة الدين ) .

وفى موضع آخر يتهكم بقوله : "إن الناس جميعا يعرفون مدى مصداقية هذا الشعار - الإسلام هو الحل - فالقوانين الحالية والسابقة مستمدة من الشريعة الإسلامية ، لكنهم بالطبع يعنون شيئا آخر بهذا الشعار .. فهم يعنون بشعار الإسلام هو الحل أن يصبحوا هم الحكام فهم كهنة الدين الجدبد ..ودينهم الجديد هو الاسلام الذى يقيمهم حكاما بمخادعين ولو تحقق هدفهم فسوف يثبتون مصداقيتهم ، لأنهم تربوا على ديمقراطية ( وشاورهم فى الامر ) وليس على مبدأ فاستخف قومه فأطاعوه!

ثامنأ : وإذا كانوا فقهاء فى الدين فهذه نقطة تحسب لهم .وتعنى أنهم يدركون هدفهم . وتعنى أيضا أنه يمكن أن يكون من بينهم أهل مشورة كنظام المستشارين الذين يساعدون أو يعينون لرؤساء الدول الغربية المتقدمة . وعمومأ فإن الرأى الأخير لمدى قناعة الجماهير بذلك .

تاسعأ : أما حصولم على مواقع ذات شأن عن طريق الانتخابات - وأعتقد أنه يلمح بذلك لصولهم إلى تشكيل حكومة - فلا يعنى ذلك القضاء على الدستور والقانون والاستقرار .

فالحقيقة أن مخالفة الدستور والقانون والتحايل عليهما والالتفاف حولهما يأتى أحيانا من بعض الحكومات مستنده فى ذلك إلى الأغلبية البرلمانية وأما الاستقرار فكلنا نعرف أنه يتحقق بالعدالة .. واين هى العدالة؟

عاشرأ : وأما الدعوى بأنهم خمينيون . فهذا غير صحيح . لأن الخومينى . قام بثورة على نظام شاه ايران . وإن قامت الثورة بالتصفية الجسدية لبعض رجالات حكمشاه ايران ، فهذا ما يمكن أن تفعله اى ثورة فى العالم الثالث . . وحدث ذلك كثيرأ بالفعل ولم يقتصر على الخومينى فقط . . وإن كنا نختلف فى ذلك من الجانب الإنسانى .

إلا أنه ربما يرد علينا البعض بأن تلك الممارسات كانت رد لما ارتكبته نظم الحكم تلك من قهر وتعذيب إلى حد القتال حيال شعوبها . . إلا أننا نصر على رؤيتنا واعتقادنا برفض تلك الممارسات التصفوية الانتقامية وضرورة التمسك بالأساليب القانونية والانسانية . . وكما أن الخومينى قد اتى عن طريق الثورة . . وليس بانتخابات ديمقراطية ، فإن الإخوان إذا جاءوا الى الحكم فانهم لايدرون ما إذا كانوا سيأتون حكاما أم معارضة .. فأسلوب تواجدهم وحضورهم البرلمانى والسياسى يختلف عن الخومينين .

أما القول بأن الإخوان سيعودون بنا إلى ظلام العصور الوسطى فى أوربا. . فإن الأمر يختلف أيضأ .ففى العصور الوسط كان رجال الدين فى أوربا يسعون ، بل نجحوا فى السيطرة على الحكم والدولة من خلال ادعاء اتهم بتوفير صكوك الغفران لمن يطيعونهم وبذلك سيطروا على الدولة عن طريق الخرافات، وأما فى حالتنا هذه ، فإن الإخوان لم يتسلطوأ على الجماهير ، بل قدموا أنفسهم كمرشحين " . كأى مرشحين برلمانيين .

وللجماهير الحرية فى الاختيار والترجيح . كما أن دعوة الإخوان ليست سرية ،فهم يطالبون علنا منذ نشائتهم ،بتطبيق الشريعة الإسلامية .

ولم يدعوا الكهنوت كغيرهم ، بل هم يدعون إلى هدفهم على منابر الجوامع والمنتديات وفى بعض المناسبات والمحافل العامة والخاصة . . كما أنهم يدركون أن للإسلام حضارة . تعد أطول الحضارات التاريخية وأهمها وأكثرها تاثيرا حتى على أوروبا .

التى كانت قد عاشت ظلام العصور الوسطى وقد استأثرت بالحضارة الإسلاميه فى تلك الآونة ، كما جاء ذلك فى بعض مؤلفاتهم التاريخية .

ونصل إلى أحد الكتاب الكبار وأحد أقطاب الصحافة القومية ، حيث كان من أشد الكتاب غلوا ضد ذلك التحالف . . بل كان اكثرهم هجوما طوال الانتخابات .

فكتب مرات متتالية ، وبدأ هجومه قائلا : كيف يستقيم أن يدخل مرشح الإخوان مع مرشح الاشتراكيين فى قائمة انتخابية واحدة باسم المعارضة ؟

-كيف يستقيم أن يدخل مرضح الإخوان مع مرشح الاشتراكيين روافد ثورة يوليو – رغم التناقضات الجذرية بينهما ؟) . لكنها المناورات الانتخابية والانتهازية الحزبية التى جمعت من قبل بين الوفد والإخوان قبل الطلاق الأخير .

حزب ليس مقبولأ أن يتقدم الإخوانى للترثيح تحت واجهة حزب العمل - مثلا - أو الأحرار ، ما دام المجال مفتوحا أمامه للترشيح مستقلأ فى الدوائر الفردية. . وليس مقبولأ أن يتخفى مرشح جماعة دينية فى ثوب آخرحتى يضمن الوصول إلى مجلس الشعب . . لأن مبادىء جماعة الإخوان شىء . . ومبادىء العمل أو الأحرار شىء آخر .

والأمانة السياسية تقتض من كل مرشح أن يكشف الغطاء عن وجهه ومبادئه ، سواء رضى بها الشعب أم لا - وحتى يتعرف الناخبون على موقفه المحدد من القضايا والمشاكل وحتى لا يفاجئهم بتغيير جلده.

ولونه بمجرد دخوله إلى المجلس ووصوله إلى المقعد - وهو ما أسميه مصداقية المرشح ) . بستطرد نفس الكاتب فى هجومه فى موضع آخر (4) :

ولمصلحة من لعبة القوائم الموحدة التى تقدم بها حزب العمل فى الانتخابات بالتحالف مع الاخوان وحرب الأحرار ؟

ولمصلحة من التحايل المكشوف لادخال مرشحى الإخوان مع مرشحى العمل والأحرار تحت عباءة واحدة بينما الهويات مختلفة - والأهداف متناقضة ؟

ولمصلحة من الخليط المتنافر من المرشحين فى قائمه التحالف الثلائى . بلا برنامج انتخابى محدد وشامل وبلا فكرسياسى واضح ؟ أتساءل : لمصلحة من ؟ وبنظرة إلى مساحة التحالف المؤقتة - والقائمة على المصالح الحزبية الضيقة - فإنها تكشف لنا حجم أحزاب الأقلية وتشرذمها إلى دكاكين (سياسية مفتوحة) للمتاجرة باسم المبادىء وانتحال الصفات المتغيرة . . من أجل الوصول إلى أهداف حزبية ومكاسب ذاتية وبحيث صارت لا تمثل الواقع ولا تعبر عن البرامج المعلنة والشعارات المرفوعة وهو ما يعنى أن أحزاب المعارضة الصغيرة تدرك حجمها الضئيل على الساحة السياسية بعيدا عن الصوت العالى لصحفها . . وهو بمثابة إقرار منها بعجزها عن الحصول بمفردها على نسبة ال 8% من اصوات الناخبين .

إذن فالهدف من وراء التحايل بالقائمه الموحدة والتحالف المؤقت هو الوصول إلى مجلس الشعب . والحصول على الحصانة البرلمانية .

حتى ولو كان ذلك بالغش والخداع .. وتغيير الجلود وإطلاق اللحى . وما يحدث من تغيير الجلود والأقنعة وبيع المبادىء يضفى ظلال الريية والشكوك حول حقيقة المرشحين وأهدافهم ومن واجب الناخب أن يسائل الناخب ما هى هويتك ؟ وما هى عقيدتك ؟ وما لون جلدك ؟

ومثل ذلك الخليط السياس الدينى الذى لا يربط بينه أى مبادىء مشتركة إنما يمثل الخداع .الحزبى .. والتحايل الانتخابى .

فليس مقبولأ أن يكون الدين لعبة للسياسة حتى لا تختلط التوجهات الحقيقة للأحزاب . .وليس مقبولا أن تكون القائمة الموحدة قناعا لجماعة دينية تمارس نشاطا سياسيا رغم أنها مازالت منحلة قانونا).5 وأن ما يحدث من ألاعيب تحت مظلة الانتجابات يستوجب التنبه واليقظة من كل من له صوت . . ينساق لمحاولات الخداع والتمويه . . ولا يستجيب لمؤثرات الجذب والتزلف بشعارات الدين ولافتات الحلول باسم الإسلام لأنها لا تعكس الواقع ولا تعبر عن جوهر الحقيقة .

وانما هى استغلال للدين فى السياسة وتسخيره للوصول إلى أغراض معينة ومطامع ذالية لا تتفق وقدسية الإسلام ( 6 ) .

كما يبدو فان الإخوان المسلمين يسعون جاهدين للبروز فوق سطح الانتخابات كقوة سياسية مؤثرة ولها وزنها - بالعزف على أوتار العقيدة والزج بلفظ الجلالة والقرآن فى شعارات ومزايدات انتخابية .

وإن الإخوان المسلمين ينظرون إلى الانتخابات السابقة ويتصورونها (اختبار قوة! ولذلك نزلوا بثقلم فى الدوائر الانتخابية ولم يقتصروا على ترشيح عدد محدود منهم كما حد ث فى انتخابات 1984 وبخاصة فى القاهرة والاسكندرية وعلى قوئم حزب الوفد وحسب الاتفاق بين فؤاد سراج الدين وعمر التلمسانى المرشد العام السابق للإخوان .. وأما فى هذه الانتخابات فإن لهم مرشحيهم على رأس قوائم حزب العمل أو التحالف فى 23 دائرة على مستوى الجمهورية ويكاد يكون بينهم اثنان أو ثلاثة من الجماعات الإسلامية وما أعنيه بثقل الإخوان هو من ناحية (التمويل ) ومن ناحية ( الدعاية الانتخابية ) وهو ما يكشف سافرا عما وراء صفقة التحالف . وإذا كان لنا مناقشة هذا الكتاب فى غلوائه فإننا نرى :

-ان تناقضه فى معارضة الإخوان للانضمام إلى قائمة موحدة مع حزبى الأحرار والعمل وموافقته على خوضهم الانتخابات بالنظام الفردى . يعنى أنه مهما شتد هجومه على الإخوان فإنه لا يستطيع إنكارهم كواقع وحقيقة .

-أما فى دعوته لهم لخوضهم الانتخابات بالنظام الفردى .

فهذا يهدف إلى محاولة تحجيمهم من خلال 48 دئره فردية وهى عدد دوئر الجمهورية فى تلك الانتخابات بعيدا عن 48 قائمة بذات الدوائر ولا شك أن هذا التحديد هو إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص العملى والدستورى معآ ، كما أنه مصادرة على حرية الترشيح وهذا لا يجوز .

وأن الانتهازية والمناورة ليستا وقفا على قوى دون أخرى ، حيث أن الدوائر الفردية يخرضها أيضا مرشحون منتمون إلى الأحزاب ، ولكنهم لم يدرجوا فى قوئه أحزابهم فى ذات الدوائر لتوسيع قاعدة ترشحيهم ومن هنا فإن المنافسة بين المرشحين تكون غير متكافئة .

ثم يأتى هجوم أمين عام الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم عل ذلك التحالف . . فيقول : 5إن البعد الاسراتيجى يدين هذا التحالف بشدة . . نظرأ لافتقار.

إلى الحد الأدنى من الانفاق على المبادء . فالتباين بل والتناقض واضح لآى مراقب ، فهو نوع من التحالفات الهشة التى تنحصر أهدافها فى أغراض انتخابية لذلك سرعان ما تتهاوى، لأنها تحمل فى طبيعة تكوينها عوامل فنائها والتاريخ القريب خير شاهد على ذلك).

وقال : "إن جانبا من الشركاء مؤيد بالفعل، لثورة يوليو . . وجانبا آخر من أشد أعدائها . فالتحالف لا يستطيع التعبير عن شىء ، سوء بالنسبة لثورة يوليو أو غيرها من القضايا المطروحة) .

ولنترك الرد على هذا الهجوم للمستشار محمد المأمون الهضيبي - وهو ابن حسن الهضيبي المرشد العام الأسبق - ومرشح الإخوان على رأس إحدى قوائم التحالف فى الجيزة حيث يقول :

(إن التحالف مع حزبى العمل والإخوان يعتبر بمثابة شرعية للإخوان المسلمين ، للوصرل إلى مجلس الشعب وإن هذا التحالف مسألة مرحلية بالنسبة للإخوان ، لأنهم لن يذوبرا فى أى حزب من الأحزاب . وأما بالنسبة لعداوة جانب من هذا التحالف ، ويقصد به الإخوان ، فإن الأمر جد خطير بالنسبة لهذه.

المقولة التى مازالت تتردد والمعروف عن خطئها ، حيث إن الإخوان كانوا ضمن القوى الوطنية التى مهدت للثورة، بل وساعدتها حتى وقع اختلافهم مع عبد الناصر الذى نكل بهم واعتقلهم وشردهم وأذاقهم مختلف أنواع التعذيب الجسدى والروحى والأدبي ولذلك فهم يرددون أنهم من صناع الثورة . . ولكنهم مختلفون مع بعض رموزها وعناصرها وعلى رأسهم عبد الناصر .. فلا وجه لترديد تلك المقولة وهى عداوتهم لثورة يوليو" . ثم يعود الأمين العام للحزب الحاكم ويستدرك متسائلا ؟ ماذا يريد الإخوان الآن ؟ ئم أجاب قائلأ : لقد كانت مشكلة الإخوان الدائمة أنهم حزب سياسى ينكر أن يكون حزبا سياسيا .

لأن الحزب السياسى معناه . أن نقول للناس برنامجأ واضحا يرعى مشاكلهم بعيدا عن الصيغ المعممة ترتدى كهنوت الدين ولأن الحزب السياسى معناه أن يكون قابلا للحساب والانتقاد باعتباره صاحب مجموعة من المصالح قد تتوافق أو لا تتوافق مع مصالح المجموع ولأن أدوات الحزب السياسى الدعوة والقدوة وتجديد فضائل المجتمع بغير السوط والسيف ولأن الحزب السياسى يحصر دوره فى إطار العمل الشرعى المعلن لا أن يكون له وجهان وجه فى العلن طيب الحديث حلو النبرة تنهمر الدموع من مآقيه ، وهو يعظ الناس ، ووجه فى السر يحضر للعنف ويجند له أفرادا يختارهم بعناية لكى يسيروا فى الدرب المظلم معصوبى الأعين). .

وكان قد سبق وقال : ليس من سند فى هذا المسلك الذى يتجاوز كل إطار الشرعية القائمة سوى أنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من الأمر الواقع . وفى تحليل أقرب إلى الموضوعية لأحد كبار المفكرين والكتاب المعتدلين يبدأ حديثه متسائلا :(7)

ما الذى حدث وأغرى الإخوان - رغم افتقادهم الشرعية - بأ ن يسعوا لكى يظهروا على الملا لأول مرة كجماعة سياسية تريد لعبة الحكم ؟! أظن أن أول عوامل الإغراء كان فى ضعف الأحزاب القائمة وضمور أساليب تواصلها مع الجماهير وعجزها عن أن تصل إلى ضمان بقدرتها المستقلة على تحقيق نسبة الثمانية فى المئة ، الحد الأدنى الذى حدده قانون الانتخاب لتمثيل أى حزب فى مجلس الشعب وهو حد مرتفع قياسا على حداثة التكوين الحزبى فى مصر .

لقد كان الإخوان المسلمون يحسون أنفسهم العروس المدلل من كل أحزاب المعارضة بلا استثناء ، ابتداء من الوفد وحتى التجمع ، لأن الجميع كانوا يتصورن أن 8 % تعتبر جواز المرور إلى عبرر عائق صعب ، يحول دون تمثيلهم البرلمانى .

لم يكن غريبا أن تغير الأحزاب مواقعها من جماعة الإخوان لهذا الاعتبار وحده بصرف النظر عن المبادىء والبرامج .

وعندما وجد الإخوان أن العروض كثيرة ، وأنهم فى مركز قوة يستطيع أن يفرض شروطا ، صاغوا شروطهم على هذا التحالف الذى يجمع بين الأحرار والعمل .

اظن أيضأ ، وبعض الظن غير إثم ، أن الإخوان وقد فتنتهم هذه العروض ، تصوروا أنفسهم قادرين على هذه العروض : الدخول العلن طرفا أساسيا فى اللعبة شأنهم فى ذلك شأن أى حزب سياسى برغم افتقادهم الشرعية .

تصوروا أنفسهم قادرين على هذا الدور ، لأنهم دخلوا اختبارات عديدة فى انتخابات عدد من النقابات والاتحادات والأندية المهنية حققوا فيها مكاسب كبيرة . . استطاعوا أن يحصلوا على 21 من 24 مقعدأمن مقاعد نقابة الأطباء .

واستطاعوا أن يحصلوا على أغلبية لا باس بها فى نادى هيئة تدريس الجامعة . واستطاعوا أن يفرضوا أنفسهم طرفا فى المساومة. التى تجرى تحت السطح الآن لاقتسام مقاعد نقابة المهندسين . واستطاعوا أن ينصبوا لغما فى نقابة المحاميبن تحت اسم الجنة الشريعة! .

وأما الموضوعية التى نقدرها ، فيما ساقه المفكر السابق ، فهى أنه تحدث عن الإخوان كقوى وطنية تسعى - بصورة طبيعية - إلى لعبة الحكم . وهذا حق شرعى .

وأنها تسعى إلى أن تلعب دورا علنيا وظاهرأ فى الممارسة الديمقراطية وتعتقد فى نفسها أنها قادرة على ذلك . إلا أنه يشير على هذه القوى الإخوانية أن لعبة الديمقراطية والسياسة لهما قواعد لابد من استيعابها وتفهمها حتى يمكن أن تلعب دورها ، وهذا صحيح ، كما يشيرإلى ذلك .

وكما لعبوا ذلك الدور فى انتخابات عدد من النقابات المهنية وحققوا بجاحا ملحوظا ، فإنهم سعوا - بالقياس - لخوض الانتخابات العامة على مستوى الشارع وصولأ إلى مجلس الشعب .

وهذا يعنى أتهم يسيرون بتكتيك وتخطيط سياسى بارع محققا لخطواتهم . وإذا كانوا قد دخلوا لعبة الحكم والديمقراطية فإنهم اعتمدوا على أنهم جزء من الواقع .. وأعتقد ان الاعتراف بالواقع هو خير الوسائل للتفهم الصحيح والممارسة السليمة ) .

من هنا فإن هذا الكاتب لم يدن الإخوان ، وإنما أشار بتحليل مرضوعى إلى وضعهم الواقعى .. وموقفهم المؤثر .

وفى تحليل آخر لمؤرخ معاصر

فقد هاجم الإخوان والحكومة معا . وطرح تساؤلات عديدة حول خوض الإخوان للانتخابات - وانتقد الوضع الحزي وواقعه الذى يسمح بتناقضات سياسية وقانونية فجاء فى تحليله قوله :

( بالنسبة للاحزاب العلنية التى لا تتمتع بالشرعية ، ونقصد بها الاخوان المسلمين والناصريين والشيوعيين . فهذه، الأحزاب غير الشرعية لها جماهير حقيقية تستمد أصولها من التاريخ قد تتسع قاعدتها أو تضيق .

وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فتمتد أصولها إلى عام 1928 وهى تستند إلى تاريخ نضالى طويل تميز بالانتهازية فى فترات كثيرة منه واستقام فى فترات كثيرة أيضا ولكن وجود جماهير فى الساحة الاجتماعية والسياسية حقيقة ثابتة.

وصحيح أنها لا تعبر عن فكر الجماعات الإسلامية المتطرفة ولكنها فى الانتخابات - أقرب إلى هذه الجماعات من غيرها ، وبالتالى فهى تحظى بتأييدها .

وإننا نذكر الإخوان المسلمين ولم نذكر حزب العمل الذى أعلن دخول الإخوان المسلمين الانتخابات تحت قائمته ! لأن الي حقيقة ، أن الذى سوف يدخل الانتخابات هم الإخوان المسلمون وليس حزب العمل ا فالحزب فى هذا التحالف - إذا تم -قد انمحت شخصيته تماما وفقد فرصته فى إثبات حجمه الحقيقى فى النشاط السياسى فى نظام التعددية الحزبية ، والإخوان المسلمون يقومون له بدور الرافعة التى ترفعه إلى مقاعدمجلس الشعب ، وبدونهم يظل خارج الجماعات الإسلامية ، إنه يشايع ايران ويتحالف مع ليبيا وسوريا على حساب الأمن القومى المصرى تحت ستار العداء للصهيونية.

ثم يدور حول موتف الحكومة من هذا الواقع الانتخابى فيقول : (لكن الغريب أن تبدو مثل هذه التصرفات شرعية فى نظر الحكومة تخدع الحكومة نفسها إلى هذه الدرجة المثيرة فتعترف بوجود أحزاب ورقية مثل حزب الأحرار وحزب العمل وحزب الأمة وترفض قيام أحزاب حقيقية مثل حزب الناصربين وحزب الإخوان المسلمين ثم تسمح للأحزاب غير الشرعية بالتخفى تحت أسماء الأحزاب الشرعية ؟

إن المنطق القانونى والسياسى يقضى إما بمنع مثل هذه الانتخابات لأنها تمثل تحايلا غير شرعى لا مثيل له فى النظم الديمقراطية فى العالم أو إعطاء هذه الأحزاب الحقيقية شرعيتها حتى يمكن الوقوف على حجمها السياسى الحقيقى فى الساحة السياسية وبدون ذلك فإن ما يحدث إنما هو تزييف حقيقى لنظام التعددية الحزبية . وبصراحة تامة فلست أرى سببا واحدا يدعو الحزب الوطني إلى هذه السياسة ، فإذا كان صادقأ فى الأسباب التى يسوقها لحرمان الاخوان المسلمين وغيرهم من حقهم الشرعى فى حزب سياسى فإن سماحه لهم بالعمل السياسى تحت مظلة حزب ورقى هو اعتراف صريح بوجودهم وأكثر من ذلك أنه تقبل تام لهذا الوجود بل هو تقبل لممارستهم نشاطهم السياسى وكذلك الحال بالنسبة للناصريين وغيرهم ).

ولن نناقش هذا الآن . . إنما نرجئه قليلا . لنصل إلى إجابة أو تفسير لبعض التساؤلات التى طرحها التحليل أو الرأى السابق .

ولاشك أن ذلك ذلك شغل بعضا من الرأى العام ، لاسيما أنه يرى التناقض فكر الإخوان الذين يرون - كما قال عدد من قياداتهم – ( إن الإسلام مع الملكية الخاصة كحاجة إنسانية طبيعية وأساسية والمجتمع الذى تتمسك فيه الدولة بكل شىء هو مجتمع يتعارض مع الطبيعة الإنسانية وإرادة الخالق ) ؟ ثم وصل إلى .

التخوفات التى ترددت إلى مسامعه . . وأقربها قائلا : (ولا أستطيع أن أنكر – وقد حاولت الاستماع طوال الأيام الماضية إلى أكبر عدد من الآراء فى مختلف الاتجاهات – أن هناك تخوفا ملموسا من الإخوان له أكثر من سبب . وهناك حقيقة وهى إذا كانت هناك تخوفات من الإخوان فهى من المتطهرفين وليست من المسلمين .. ولصعوبة أن تاريخ الإخوان – مسلمين ومتطرفين – اختلط وأصبح من العسير التمييز بدقة بين الإثنين .

وليس هناك – ويجب ألا يكون هناك – أى تخوف من الإسلام أو المسلمين وإنما التخوف من الأفراد المتطرفين . ذلك أن ترديد التخوف من الإسلام يعنى ببساطة وقوعنا فى اكبر محظور يتمناه كثيرون من أعداء الإسلام للإسلام وإنما التخوف من الأفراد المتطرفين ، ذلك أن ترديد التخوف من المسلمين يعنى قصر هذه الصفة على الإخوان فقط واعتبار أن كل الملايين التى تؤم آلاف المساجد وتؤدى فروض ربها وتعمل على طاعة خالقها ليسوا من المسلمين ، وأن كل الدعاة للدين الحنيف ليسوا أيضآ دعاة ماداموا ليسوا من الإخوان .

ولعل توضيحه السابق كان من الأهمية حتى لا يظلم الإسلام فى هذا الصراع السياسى . فقال : (وفى إطار هذا الوضوح أستطيع من خلال ما سمعته من أفكار وآراء عدد مختلف من المواطنين ، أن أعدد من بين التخوفات المطروحة مايلى :

ا - أن تاريخ الإخوان حافل بالعنف . . حتى فى المعركة الانتخابية الأخيرة - أبريل 1987 - فقد كان واضحا استعراض القوة الذى بدا فى حملات الدعاية فى معركة الانتخابات التى اقتحمها الإخوان بمخالفة صريحة لقوانين الأحزاب وممارسة النشاط السياسى.

2 - أننا عندما نتحدث عن الإخوان نتحدث عنهم فى المعارضة لا فى الحكم . . هذه حقيقة ولكن الواضح أن أحزاب المعارضة بصورة عامة تحاول الضغط على الحكم عن طريق أثارة الشارع المصرى بالمانشتات والعناوين المفتعلة .

ولكن الخطورة بالنسبة للإخوان اعتمادهم على السلام الدينى وإمكان إثارة الجماهير بواسطته من خلال الزاوية والجامع وهى وسائل أكثر أتصالا وتأثيرأ خصوصا أنها تستخدم سحر الدين مع مجموعه كبيرة مازالت تجهل القراءة والكتابة وهذا يعنى احتمالات استخدام قوى ضاغطة جديدة تهدد استقرار الشارع المصرى .

والتطهرف كما هو معروف ليس فى أسلوب العنف فقط وإنما فى أسلوب التفكير والموضوعات التى تطرح للجدل والحوار ، يمكن أن تضيع الوقت والجهد فيما لا يفيد فى حل المشاكل العاجلة .. ولذلك فالتخوف الواضح أن يحاول الإخوان شغل مصر فى هذه الظهروف بمناقشة موضوعات أبسط ما يقال عنها أنها تدخل فى دائرة حوار اهل بيزنطة عن الملائكة وهل كانوا ذكورأ أو إناثا ؟ أو فى دئرة الأحكام بمحاسبة الناس على النوافل والسنن كأنها فرائض وعلى المكروهات كأنها محرمات .

3 - هناك من يتخوفون من الآثار البعيدة مثل تلك التى تبدو هذه الأيام فى لبنان أو فى ايران ، والنشاط الإيرانى كما هو معروف يحاول الامتداد إلى كل الدول العربية .

4 - هناك من يرى أنه إذا كان تاريخ الإخوان المسلمين هو سلسلة متصلة من المصالحات والمصادمات فإن ذلك يعنى أن أسلوبهم يفرض على أى حكم أن يصطدم بهم وهذا فى حد ذاته ضد جو الاستقرار المطلوب لمصر كى تستكمل فيه بناء نفسها وتنهى فيه مشكلاتها وبدهاء واضح يصل الكاتب إلى نتيجة مؤداها أو فحواها أنه من الظلم التسرع فى الحكم ويقوم حركة وممارسة الإخوان فى البرلمان . . ويتحفظ أيضا قائلأ : وقد يكون فى هذه التخوفات أو غيرها بعض المبالغه . . لكن المؤكد أنها مطروحة على الألسنة فى المناقشات وفى داخل النفوس .

وليس هناك من يستطيع أن يقضى على هذه التخوفات غير الإخوان المسلمين أنفسهم ونحن فعلا نتمنى ذلك .. ولكن إلى أن يتحقق هذا أوعكسه لا نملك غير الانتظار والتطلع إلى ما سوف تأتى به الأيام .

وما ساقه الكاتب الكبير فى انتظار وتطلع إلى ما سوف تأتى به الأيام .. يتطابق مع الهدف الرئيسى والأساس لكتابنا هذا و الذى يدور حول تقييم التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين . واقعها وأبعادها و أثارها ونتائجها.. ايجابا أم سلبا.

وان كان ما طرحه هذا الكاتب من تخوفات وصلت الى مسامعه فإننا نعتقد أن بعضها قابل للنقاش الآن . . ونناقش بعضها نى ئنايا فصول قادمة بالكتاب .

-فقد أظهر الكاتب بحق أن تاريخ الإخوان - مسلمين ومتطهرفين - اختلط وأصبح من العسير التمييز بدقة بين الإثنين .

-ولعل الفرق بين الإثين قد تجلى بصورة أكثر وضوحا بعد فوز مرشحى الإخوان وانضمامهم للبرلمان .

-فقد هاجمهم بعغى الجماعات الدينية المتطرفة واعتبروهم ممالئين ومواين للسلطة السياسية .

-وانهم يسعون إلى تحقيق مكاسب سياسية . وإن كان الخلط قد جاء أحيانا نتيجة انشقاق بعض المتطرفين من الأفراد من جماعة الإخوان والذين لم يوافقوا أو يرضوا بالأسلوب السلمى والحوار فى الساحة السياسية . . وكونوا لأنفسهم جماعات دينية متطرفة تحت مسميات عديدة . هؤلاء لا يتعدون أصابع اليد .

ولأنهم كانوا منتمين نى السابق للإخوان ، فقد نجحوا فى تكوين هذه الجماعات المتطرفة .

- إنه أضار إلى خطورة الإخوان لتعدد واتساع منابرهم التى يمكن أن يتحدثوا للناس فيها ومن خلالها ، خاصة أن الجماهير تستمع إليهم فى حالة نفسية مستعدة لاستقبال ما يدعون اليه وما يرددونه فى دور العبادة أيا كان حجمها وشكلها ومكانها ، وبذلك يصل الكاتب إلى أن ذلك يمكن ان يهدد استقرار الشارع المصرى .

-ولو أننى أعتقد أنه إذا نجح الإخوان فى استمالة الجماهير أو بعضها فإن ذلك لا يهدد الاستقرار ، بقدر ما يحقق توسيع قاعدة تأييدهم والالتفاف حولهم وأن حقيقة ما يهدد استقرار الشارع المصرى دائما هو إما الفساد ويتمثل فى الرشوة والمحسوبية وغير ذلك أوالسياسات الاقتصادية الخاطئة .

وفى ختام هذا الفصل نذكرأن الإخوان المسلمين ضمن صيغة التحالف قد حصلوا على مليون و 63 1 ألفا و 525 صوتا أى ما يوازى نسبة ( 17.4% من مجموع أصوات الناخبين التى وصلت إلى 7.227.467 ناخب وهى أكبر نسبة بعد فوز الحزب الوطنى الديمقراطى بنسبة 63،69 % يليه حزب الوفد الجديد حيث حصل على 746 ألفا و 4 2 صوتا أى بنسبة 93 ،0 1 % وحزب التجمع الوحدوى الذى يضم الشيوعيين والناصريين فقد حصل على 150 ألفا و570صوتا أى نسبة 39،2% وحزب الامة حصل على 13 ألفا وا 3 صوتا أى نسبة 19 % ! ولعل عدد الأصوات التى تجاوزت المليون صوت من إجمالى سبعة ملايين صوت .

يعبر عن أهمية وجدية وتقدير نسبة المليون صوت التى حصل عليها الإخوان فى صيغية التحالف .

ولا شك أن هذه النسبة ، أو ذك العدد ، من الأصوات ليس بقليل . . وقد عبر عن ذلك بعض الكتاب بأنها نسبة كبيرة .

ومن المناسب ، فى ختام هذا الفصل ، أن نشير إلى قول الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمين لأحد أشد الغلاة ضد الإخوان لأشاء الحملة الانتخابية . لماذا الحملة الضارية على الإخوان من بعض الأقلام ؟

ولماذا محاولات التخويف وتشويه الصورة ؟ .

اليس من الأفضل أن .يعبر الإخوان المسلمون عن أنفسهم ومعتقداتهم بشكل علنى فى مجلس الشعب .. وأن يشاركوا فى العمل السياسى ؟

وعند هذه التساؤلات وقبلها وبعدها أيضا نتفق مع شرعية الإخوان فى ممارسة حقوقهم السياسية ومنها خوض انتخابات واكتساب عضوية البرلمان ونتفق على أن يعبروا عن رؤيتهم فى القضايا والمشاكل العامة فى البرلمان .

ومن حقهم اقتراح وعرض وسائل وطرق التصدى لمشاكل الحياة العامة فى مصر .

ومن حقهم رقابة سياسات وأعمال الحكومة بشرعيتهم البرلمانية . ومن حقهم ان يحصلوا على فرصتهم السياسية بإرادة الجماهير وحريتها. ومن حقنا ، بل من واجبنا ، أن نؤازرهم حتى باب البرلمان .. لأنه برلمان كل المصريين .

ومن حقنا أيضا أن نختلف ونقيم تجربتهم وممارساتهم البرلمانية خلف هذا الباب وتحت قبة برلمان المصريين جميعا .

الفصل الثانى

السلطة والشرعية البرلمانية للإخوان

وقبل أن نجتاز باب البرلمان لتقييم التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين علنيا أن نتوقف قليلا . . للوصول إلى إجابة حول سؤال هام .طرحه أحد المؤرخين المعاصرين ، واكد عليه بدهشة لا تخلو من صيغة الاستنكار .

قال :-( ولست أدرى حقيقة لماذا تخدع الحكومة نفسها إلى هذه الدرجة المثيرة فتعترف بوجود أحزاب ورقية مثل الأمة والأحرار وترفض أحزابا حقيقية مثل حزب الإخوان المسلمين وحزب الناصريين ثم تسمح للأحزاب غير الشرعية بالتخفى تحت أسماء الأحزاب الشرعية ؟) .

وبصيغة أخرى يقول : - ( وبصراحة تامة فلست أرى سببأ واحدأ يدعو الحزب الوطني إلى هذه السياسة ، فإذا كان صادقا فى الأسباب التى يسوقها لحرمان الإخوان المسلمين وغيرهم من حقهم الشرعى فى حزب سياسى فإن سماحه لهم بالعمل السياسى تحت مظلة حزب ورقى هو اعتراف صريح بوجودهم وأكثر من ذلك أنه تقبل تام لهذا الوجود بل هو تقبل لممارستهم نشاطهم السياسى وكذلك الحال بالنسبة للناصريين وغيرهم 13)) .

ولعل مؤرخنا بطرحه هذا السؤال الكبير . يضع أمامنا خليطا من الأوراق . يلزم فرزها وتصنيفها وتنسيقها وترتيبها حتى نصل إلى وضها الصحيح .

وفى هذا الإطار نذكر سؤالأ لأحد المفكرين والكتاب السياسين . لعله يكون إجابة سريعة على سؤال المؤرخ السابق .

قال : ماذا سوف يفعل ممثلو الإخوان وقد حازوا الجزء الأغلب من مقاعد المعارضة ، بل ماذا سوف يفعل الإخوان وقد تهيأت لهم ، بتستيف صورى للأوراق الرسمية ، فرصة أن يزدادوا حزبآ سياسيا بكمله ؟ .

وإن كان مؤرخنا طرح السؤال بدون إجابة. فإن مفكرنا طرح سؤاله : وأجاب قائلا : "غاية الأمل أن يقبلوا – بإقرار – قواعد اللعبة الديمقراطية وأن تتسم ممارساتهم بالفهم الواقعى لظروف المجتمع ومشاكله وأن يدركوا أنهم يقفون الآن .

وربما لأول مرة فى تاريخ الجماعة – تحت بصرالأمه و!سمعها التى تريد أن تعرف إن كان يمكن أن يكونوا جزءا من النسيج الديمقراطى للمجتمع أم أنهم لا يزالون على خصامهم التقليدى له لديمقراطية باعتبارها بدعة مستحدثة .

لأنه لا ينبغى أن يكون هناك على الساحة سوى حزب واحد حزبهم الذى يسمونه حزب الله أما غيرهم فحزب الشيطان الذى ينبغى أن يباد(14)) .

وظاهر من السؤلين المتقابلين .أن الأول يصرح بأن الحكومة أو الحزب الوطني الحاكم موقفهما سلبى إزاء خوض الإخوان للانتخابات رغم الحظر القانونى على ممارسة جماعتهم أى نشاط رسمى . !

والسؤال الثانى يصرح بان هناك عملا جريئأ أتاح الفرصة للإخوان لخوض هذه الانتخابات ، !

وبمعنى آخر ، أنه ليس عملا سلبيا ، إنما عمل إلجابى لتحقيق هذا الغرض . !

وفى كلا الإطارين سمح للإخوان بخوض هذه الانتخابات . ؟ وبهذا نطرح سؤالنا التالى : كيف ولماذا ؟؟ !

وللإجابة على هذا السؤال ، يجب أن نستقرىء الواقع والتاريخ معا ؟ فأما عن الواقع . . فلنعد إلى الوراء عدة سنوات .

لنستطلع واقع هذا التحالف الذى ضم الإخوان المسلمين لحزبى العمل والأحرار . . وقد عبر عن ذلك الواقع المهندس ابراهيم شكرى رئيس حزب العمل ، وبصيغة أخرى رئيس التحالف الرسمى ، حيث عبر بغضب انتخابى ووسط ضجيج الهجوم الضارى عليه وعلى الإخوان فقال : إن التعقيدات الانتخابية هى سبب هذه التحالفات .

وأشار إلى أنه ! يجب ألا نسرف فى الحديث عن تلك التحالفات سواء شرعيتها أو قانونيتها أو حتى الخلافات ! الموجودة بها ، بل يجب أن نركز طاقتنا لرؤية السبب الحقيقى لكل المشاكل ، وهو قانون الانتخابات الذى حدد شرط تحقيق نسبة ال 8% لنجاح الحزب .

كما أشار إلى أن أنفراد حزب الوفد الجديد . بقائمته سبب بعض المشاكل لأنه صعب المهمة على المعارضة .. ثم قال : "لأن كل ما تسعى إليه ليس الوصول إلى الحكم بل هو الثقل الأكبر للمعارضة والحجم الأكبر فى تمثيلها داخل المجلس وهو ما يعنى بالضرورة حجم أكبر من الحريات ومزيدا من الديمقراطية5ا)).

وإذا كان إبراهيم شكري أكد على أن سبب التحالفات هو شرط ال 8% وكان ذلك لأشاء معركة! الانتخابات حامية الوطيس .. فإنه بعد اجتيازها بنجاح وتؤدة وبإمعان أجاب على ذلك السؤال إجابة! أخرى أقرب إلى الحقيقة التى تتوارى خلف الواقع فقال : ! من المؤكد أن هناك أوضاعا قد ورثنها من النظام الشمولى تجعل الحزب الحاكم يسير الأمور فى إطار أنه لابد أن يكون الحزب الحاكم حاكما! دائما وعلى مدى الزمن . . حتى لو تغيرت القوانين !

وعدل الدستور وأصبح النظام السياسى مؤسسا على تعدد الأحزاب فإن الأمور ستجرى - بما فيها التشريع - وقوانين الانتخاب وأجهزة الإعلام والصحافة اليومية والأسبوعية فى إطار هدف بقاء الحزب الحاكم "حاكما!

ومن أقول أن أحزاب المعارض! ة بصفة عامة تجد نفسها فى موقف ليس سهلا . ومن هنا كان لابد من التفكير فى كيفية التغلب على كل هذا من غير دعوة إلى هدم النظام وعندما أقول "من غير ألدعوة إلى هدم النظام ! فأنا أعنى كلامى تماما مهما كانت الأوضاع .

ومهما كانت الخلافات ، فإن المصلحة العامة تقتض أن نحرص على أن نكون جزءا من النظام .ومن هنا لم يكن أمامى إلا التغلب على الصعوبات التى تعوق أساع حركة الممارسة الديمقراطية وتحقيق مزيد من الاستقرار الحقيقى .

هدفنا - إذن - كان ولا يزال إحداث التغيير بصورة شرعية ومتدرجة فى إطار النظام مع المحافظة على هدف الاستقرار وهدف توسيع رقعة ومساحة الممارسة الديمقراطية أمام كل الاتجاهات والتيارات باعتبار أن ذلك هو المدخل للاستقرار السياسى 16 ) ).

ولعل حديث ، أو تحليل ، المهندس إبراهيم شكري أقرب كثيرأ من حقيقة الوضع السياسى ، خاصة أنه من صناع هذا الوضع أيضا .

بل أنه أحد صناع النظام السياسى القائم من قبل ثورة يوليو 1952. فالمهندس إبراهيم شكري أحد أقطاب حزب مصر الفتاة المعارض لما قبل الثورة ، وكان من أشد المعارضين للنظام الملكى ، رغم أن والده كان إقطاعيا .

إلا أنه كان على العكس من والده يميل إلى الاشتراكية حيث قام بتوزيع مساحة من ارضه على الفلاحين الأجراء. وكان النائب المعارض الوحيد فى برلمان عام 1951 والذى كان يضم الأغلبية لحزب الوفد وكان ضمن المتعاطفين مع الإخوان المسلمين فى تلك الآونة حيث طالب وزير الداخلية حينذاك - فؤاد سراج الدين ، ورئيس حزب الوفد الجدبد الآن - بعودة جماعة الإخوان المسلمين لممارسة نشاطها بعد حلها قبل فترة سابقة . وبعد الثورة انضم إلى صفوف المؤيدين لها حيث كان يشعر ويرى أنه من صناعها لان حزبه كان من القوى الوطنية التى مهدت للثورة .

بل أنه تقدم بمشروع قانون الإصلاح الزراعى لتحديد الحد الأقصى للملكيه الزراعية لمجلس النواب قبل الثورة ، وعضد هذا القانون بعدها ، وكان من أقطاب النظام الشمولى الذى رأسه عبد الناصر حيث كان يمثل منصب أمين المهنيين بالاتحاد الاشتراكى ، ذلك التنظيم السياسى الواحد الذى يمثل النظام الشمولى .

ثم تولى فى فترة رئاسة جمهورية أنور السادات منصب محافظ إقليم ثم وزيرا للزراعة . . ثم سمح له بعودة حزبه مصر الفتاة لممارسة نشاطه ولكن تحت مسمى حزب العمل الاشتراكى للقيام بدور المعارضة عندما طور الرئيس السادات النظام ا! السياسى، وحل الاتحاد الاشتراكى عام 1975 وسمح بالتعددية الحزبية ولكن فى إطار النظام .

ولذلك ! عندما تكون حزب إبراهيم شكرى ، تصور البعض أن هذا الحزب من صناعة النظام وبالتالى سيكون ! معارضة مستأنسة.

إلا أنه بعد شهور كان يمارس معارضة قوية وصلت أحيانا إلى حد الشراسة حتى! أغضبت الرئيس السادات نفسه وانفصل أو انشق عنه بعض نواب البرلمان حتى لا تصيبهم لعنة النظام أو يتهموا بمناهضة النظام .

وبذلك فإن إبراهيم شكري يعد من أهم وأبرز صانعى النظام إلسياسى وبالتالى فهو يعرف الكثير عنه .

ويدرك إلى أى مدى يمكنه المساهمة فى دفع النظام إلى التطوير .. وإن كان قد حاول أن ؟ يهدىء من روع المهاجمين له وللإخوان أثناء الانتخابات فصرح بأنهم لا يتطلعون إلى الحكم وإنما! يتطلعون إلى توسيع قاعدة الديمقراطية والحريات العامة ، وبالتالى مزيد من اتساع دور المعارضة وتأثيرها! وفاعليتها .. فإنه حقيقة يحاول أن يصل إلى توازن النظام السياسى . . ومشاركة الحزب الحاكم فى الحكم إن لم يستطع الحصول على الحكم كله . وفى هذا يجد أن ذلك حق . حيث أن حزبه عاد باستفتاء شعبى صنعه النظام أيضا .

كما أن حزب الوفد والأغلبية قبل الثورة كان من أكبرمناهضى النظام وفى حالة عودته للساحة السياسية ، فهو يعود كمنافس للحزب الحاكم ، وأما حزب العمل فهو! لا يتطلع إلا فى حدود المشاركة وليس الاستئثار بالحكم كله مما يطمئن الحزب الحاكم .

لأنهما من ! منبع واحد ألا وهو الاتحاد الاشتراكى .بل إنهما شريكان فى صناعة التعددية الحزبية قبل عودة حزب الوفد نفسه .

ومن هنا يمكن اعتبار إبراهيم شكرى "رجل الدولة المعارض ) يناط به دور كبير فى! النظام السياسى .

ومهما بدا للبعض غير ذلك فان هذه حقيقة تجلت فى أكثر من موقف ومنعطف ! سياسى أما دوره بالنسبة للإخوان المسلمين فإنه يعد من أبرز وأخطر أدواره السياسية فى إطار النظام السياسى ولعلنا نؤكد ذلك من خلال بعض النقاط الهامة التى وردت بحديثيه السابقين وأحادشا أخرى! سنعرض لها فى حينها .. وأما النقاط الهامة فهى : - أنه يبرر المناورات والتحالفات الحزبية المتعددة والمتغيرة من حين لآخر عبر الساحة السياسية بأنها  !

من أجل زيادة أو تطوير المعارضة - فى إطار النظام - حتى يكون لها تأثير وبالتالى تواجد شعبى وسياسى واقعى . . - أن ألاحزاب القائمة ، وخاصة حزب العمل يقوم بدور "ماص الصدمات " بالنسبة للنظام السياسى .

ولكنه لم يصرح بأنه قام بذلك الدور بالنسبة لاستيعابه الإخوان المسلمين فى تحالف شرعى ورسمى بدلا من اصتطدام الإخوان بالنظام السياسى .

ولعل هذه النقطة تتضح عندما اعترف المستشار مأمون الهضيبى ممثل الإخوان فى تفاوض التحالف بقوله : "كنا قد بدأنا فى إعداد برنامج متكامل لحزب جديد والتقدم للجنة الأحزاب ولكن الانتخابات أجلت هذا المشروع ولكننا ملتزمون بالتحالف ولاشك أن محاولة تشكيل حزب للإخوان . كان سيكون بمثابة اصطدام مع السلطة السياسية فى الشارع السياسى الشعبى! .

ومن هنا فهو يشير إلى أن المعارضة تحقق فى سعيها السياسى السلام والاستقرار وليس الهدم والقلاقل .وكل هذا فى إطار المحافظة على النظام السياسى القائم الذى هو أحد صانعيه . - ويرى أن المعارضة - بلا صدام أو هدم - أفضل لها أن تكون جزءآ من النظام السياسى .

وهذا هدف يحاول تحقيقه باستيعابه للإخوان المسلمين فى تحالفه بكل شروطهم .. وأن شرطه الوحيد - وهو شرط النظام أيضا- هو أن يكون الإخوان حزبا معارضا من النظام وفى إطاره ومقوماته .

- ويؤكد أن سعيه ، أيضا ، بهذا النحو هو لتحقيق مزيد من الديمقراطية ولاتساع مساحة تغيير التيارات والاتجاهات عن نفسه.

ومن هذا المنظور فهو يروى أو يستطرد فى توضيح مسعاه فيقول فى الحديث السابق : و من هذا المنطلق سعيت وإخوة لى جاهدين إلى تجميع المعارضة .. وقد لقيت دعوتنا استجابة ، وكانت ثمرتها مؤتمر المعارضة يوم 5 فبراير عام 1987 .

وقد كان لهذا المؤتمر قرارات شارك فيها المجميع ومنهم الإخوان المسلمون ، حيث أننى دعوتهم وحضر مجموعة كبيرة منهم حاملين رسالة المرشد العام موجهة إلى المؤتمر وقد تليت هذه الرسالة ، وكان مؤداها أن الأخمحمد حامد أبو النصر - المرشد العام للإخوان - يوافق على القرارات التى تتوصل إليها قيادات المعارضة، .

ثم يقول : وحدث ليلة انعقاد المؤتمرأن أعلن عن استفتاء سيجرى على حل مجلس الشعب فى ظرف أسبوع واحد .

فسارعت إلى دعوة الإخوة رؤساء أحزاب المعارضة ورموز الاتجاهات السياسية التى ليس لها تنظيمات شرعية إلى مناقشة فكرة الدخول بقائمة واحدة فى الانتخابات باسم حزب الوفد! على اعتبار أنه كان يقود المعارضة بعد انتخابات مايو عام 1984 .

وبالفعل تم اجتماع بين رؤساء احزاب المعارضة ورموز التيارات الأخرى إلى أن ذلك لم بسفر عن أتفاق على قائمة موحدة.

إلا أنه قد عقد اجتماع للهيئة البرلمانية الوفدية بمقر الجزب وقد حضره خمسون نائبا من بينهم ، ستة نواب من الإخوان المسلمين وهم : حسن الجمل ومحفوظ حلمى ومحمد المراغى ومحمدالشيشتانى وحسنى عبد الباقى والدكتور عبد الغفار عزيز ، رغم أنه يتحفظ دائمآ حول انتمائه للإخوان . !

وقد تسربت الأنباء بأن حسن الجمل قد حمل إلىفؤاد سراج الدين رئيس [حزب الوفد] الجديد مطلب الإخوان المسلمين بشأن الترشيحات القادمة .

وقد بدا أن هناك اتجاها داخل الوفد يقاوم ! التحالف بين الإخوان والحزب مستندأ إلى أن انتخابات عام 1984 أشارت للحجم الضئيل ل لإخوان المسلمين فى ظل السقوط الذريع لأحد-مرشحيهم وهو شمس الدين الشناوى وكان على رأس قائمه الحزب فى محافظة الغربية .

وفى مواجهة هذا الاتجاه هناك تيار اخر أشار إلى أنه لو ترك الإخوان للقائمه الموحدة - إذا تمت - وخروجهم من الوفد ، يمكن أن يزيد من فرص نجاح أحزاب المعارضة الأخرى على حساب الوفد! مما يهدد بسحب قيادة المعارضة منه تغلب الاتجاه الأول داخل الهيئة العليا الوفدية والذى يقضى بعدم تحالف الوفد مع الإخوان أملا! فى أن الوفد سيخوض الانتخابات بقائمته الخاصة وسوف يحصل على عدد من المقاعد تمكنه من تصدر المعارضة باعتبار نجاحه السابق فى انتخابات - 1984 - وعدم حصول أى حزب معارض آخر! على نسبة نجاح تمكنه من دخول البرلمان .

كان المهندس إبراهيم شكري يحاول من جانبه إقناع الإخوان لتحالفهم مع حزبه . وقدم لهم المرونة الكافية .

وفى هذا الصدد يقول إبراهيم شكري مدافعا عن نجاحه ومسعاه وكأنه لم يقصد ذلك : إن التحالف بصورته الحالية فقط لم يكن مستهدفا وإنما دعوت كل الأحزاب والقوى السياسية !

غير الممثلة فى أحزاب ، حتى تشكل صورة حقيقية للمعارضة بالنسبة للحزب الوطنى الحاكم وليستدرج قائلا : وكما يعلم الجميع فإن خروج الوفد والتجمع هو الذى أخرج التحالف بشكله الحالى وهو ليس مستحدثا . . فقد سبقنا إليه الحزب الوطني وزج بمرشحين من الوفد والعمل على قوائمه ولا يعقل أن يكون هذا حلالالهم حراما علينا ! وأيضا لا يمكن تجاهل أن برنامجنا الحزبى يحتوى على نقاط كثيرة تتفق مع دعوة الإخوان المسلمين .

وبرنامجنا - حزب العمل - هو أول برنامج ينص على أن الشريعة هى مصدر التشريع الأساسى وكذلك الدستور المصرى .

وأؤكد أن حزب العمل سيبقى كما هو بعد الانتخابات وكذلك حزب الأحرار وجماعة الإخوان فلكل منهم منهجه العام .

لكن الكثير من المواقف ستجمعنا داخلمجلس الشعب مثل المطالبة بإصلاح دستورى وإصلاح ديمقراطى وتعديل قوانين الانتخابات وعموما التحالف بهذه الصورة مطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية18 ) .

هذا وقد حاول إبراهيم شكرى أن يلقى بالتبعة - الناجمة - على عدم اتفاق جميع الأحزاب على قائمه موحدة . على الأحزاب نفسها

ونستخلص مما سبق عدة أسباب : اولأ : أن المهندسإبراهيم شكرى هو الذى دعا إلى تكوين قائمة واحدة من أحزاب المعارضة ثانيا : أنه يدرك مسبقأ أن ذلك إن لم يكن مستحيلا فهو صعب تحقيقه للاختلاف الجذرى بين بعض الأحزاب وكذلك التيارات فى المبادىء الأساسية والأهداف السياسية . . فالإخوان لا يتفقون أبدا مع الشيوعيين والناصريين .

وهؤلاء لا يتفقون معحزب الوفد وهذا الاخير يسعى إلى إعادة العجلة إلى الوراء كما كان قبل الثورة حزب الأغلبية .. وهكذا فإن عوامل عدم الاتفاق هى التى دفعت الأحزاب إلى عدم تكوين تلك القائمة الواحدة والنتيجة أن التيارات غير الممثلة سعت إلى أحزاب سياسية تأتلف معها .

ثالئا :- وبهذا المفهوم السابق فإن حزب العمل يقدم لهذه التيارات – لاسيما الإخوان – كل التيسيرات والممكنه والمناسبة لتمثيلهم وخوضهم الانتخابات بالتحالف المشترك .

وليس هذا استنتاجا نظريا بقدر ما أنه يستند على مسعى حزب العملمصر الفتاة سابقا منذ انتخابات 1984 والتى تحالف فيها الوفد مع الإخوان .

وبمعنى أدق تفضيل الإخوان لحزب الوفد قى ليكون قناة أو مظلة رسمية لخوض الانتخابات المشار إليها .

ولو عدنا لتلك الانتخابات - 1984 - ، حيت كان الوفد يخوض أول انتخابات برلمانية بعد الثورة - 1952 - لرأينا أن إتاحته الفرصة للإخوان قد جرت عليه حملة نقدية من البعض وان كان الوف! قد انتقد من جانب جزء من هذا البعض إلا أن إبراهيم شكرى انتقد الإخوان لهذا التحالف أو التآلف .

حيث وقف فى مؤتمرشعبى أثناء الانتخابات وأعلن قائلأ: لم إن كانت هناك محاولات لاستقطاب الإخوان المسلمين فى صفوف الوفد فلنا الحق اليوم أن نتحدث عن موقفنا ليس لاقناع قيادات الإخوان للانضمام لنا ، بل هى مواقف أعطت الجذور لحزبنا. . حزب العمل. . ففى عام 1950 كانت هناك أحكاما عرفية وأصدرت الوزارة السعدية قرارا بحل ! جمعية الإخوان المسلمين . . وعندما جاءت الوزارة الوفدية لتلغى الأحكام العرفية كان من الطبيعى! بطلان أى قرار ومنه حل جمعية الإخوان المسلمين لكن الحكومة الوفدية أعدت قرارا جديدا بحل الإخوان المسلمين . ا! وجاء الإخوان إلى مجلس النواب جاوءا ليثبتوا اعتراضاتهم على قرار الحكومة .

حكومة الوفد ، وخرجت أنا وحدى من المجلس والتقيت بهم وأخذى منهم مذكراتهم برأيهم ورفضهم لحل جمعية ،! الإخوان ووزعتها على جميع أعضاء المجلس . . هذا الكلام ثابت فى المضابط وفى كتابات متداولة بين الناس ووقفت على المنبر كى أدافع عنهم وطالبت بحقهم فى جمعيتهم واستمرأرها. وأضاف أنهم يثيرون اليوم نقطة الالتقاء بأن الإخوان المسلمين أصابهم ضرر فى عهد عبد الناصر .

والوفد يعتبر الثورة انقلابا عسكريا . لقد اجتمعوا على نقطة ضعف وليست نقطة مبادىء بل هى منقطة شعاعر فقط .

" ثم عاد وكتب فى منتصف أبريل عام 1984 بجريدة الحزب عن هذا التحالف ، والإخوان المسلمين بالذات حيث قال : ويشهد التاريخ أنهم أصابوا وأخطأوا فى اختياراتهم السياسية عبر المراحل الختلفة . . ويشهد التاريخ أيضا أنهم قدموا تضحيات كبيرة فى سبيل عقيدتهم ويشهد التاريخ أيضا أننا في اعتبرنا الإخوان فى أغلب المراحل حلفاء قريبين من مبادئنا ومواقفنا ووصل الأمر فى عام1947إلى طلب من جانبنا بالاندماج معهم إلى رفضى من جانبهم لهذا الطلب . . . وفى مرحلة ما قبل الثورة . . بداية الخمسينيات كان الشهيد سيد تطب يكتب أعنف المقالات الثورية فى جربدة الاشتراكية التى كنا نصدرها .

وقال أيضا : نحن نعلم أن للإخوان المسلمين كيانا ذاتيا صلبا . ونعلم أننا بصدد أئتلاف مؤقت وليس بصدد اندماج بين حزب الوفد وحزب الإخوان .

ونعلم فوق ذلك أن من حق الإخوان أن يقيموا إئتلافا ما مع قائمة من القوائم المتاحة مادامت الشرعية الحالية ضاقت عن إمكانية تقدمهم إلى الانتخابات في بقائمة مستقلة .

وغم علمى بكل ذلك يظل سؤالى المحدد قائما وهو لماذا التحالف مع الوفد بالذات ؟! .ثم استطرد فى تساؤلاته وتعجبه قائلا : إن حالة التحالف لا تعنى أن يتعاون أى حزب مع اى حزب .. ولكنها تعنى أن يتحالف حزبى مع حزب آخر يرى أنه الأقرب إلى توجهاته .

فهل يعتبر الوفد فى الساحة السياسية الحالية أقرب القوى السياسية إلى الإخوان ؟ إذا كان المعيار هو السمعة التاريخية فهل يفيد الإخوان سياسيا أن يبدو أمام الأجيال الجديدة أن أقرب القوى السياسية إليهم هو الحزب الذى مثل زعامة النظام القديم ؟ وإذا كان دوركم التاريخى والذى من حقكم ان تباهوا به هو مقارنة هذا النظام القديم فلماذا تسهمون فى ( تجميل ) دور الوفد وفى إحداث مزيد من البلبلة فى فهم التاريخ والحاضر والمستقبل ؟ وإذا كان المعيار هو ضدة العداء للاستعمار الغربى والصهيونية وهو الموقف الذى مثله الإخوان فى كل تاريخهم والذى عبرت عنه الدعوة حتى آخر أعدادها .

فهل ترون أن الوفد بمواقفه المعتدلة التقليدية . . وبأشخاص قيادته الحالية هو أقرب الحلفاء فى الساحة السياسية المعامرة ؟ واذا كان المعيار هو الموقف من الشريعة فهل ترون عن صدق أن الوفد هو أقرب الحلفاء ؟

وإذا كان يعلن اليوم فى هذا المجال غير ما مارسه تقليديا وبدرن نقد لهذه الممارسة يؤكد إخلاصه فى الاعلان الجديد فلمصلحة من تسهمون فى خداع الجماهير وتدفعونها إلى تصديقه ؟ .

ثم قال : "ولست هنا بصدد تقديم مقترحات محددة للإخوان المسلمين وقد لا تكون الصيغة التى اتخذناها اتجهادأ سائغا من وجهة نظهرهم .

ولكننى أعتقد بكل إخلاص أن من واجبهم أن يقدموا اجتهادا مقابلا يراعى كل الاعتبرات الأصولية واعتبارات الزمان والمكان ) .ثم أردف قلائلا : ولا أعتقد أنه من صالح الأمة .

بل ولا أعتقد أنه من صالح جمعية الإخوان أن يشيع هذا القلق الشديد بين صفوف إخواننا الأقباط كلما جاء ذكرالإخوان المسلمين .

إلا أن المستشار مأمون الهضيبى وهو ممثل الإخوان فى مفاوضات التحالف مع حزبى العمل . والأحرار قال فى موضع آخر : إنه فى انتخابات 1984 لم يوجد أى تحالف مع حزب الوفد ، والإخوان لم يغيروا من عقيدتهم في شيئا .. وقد قيل هذا لحزب الوفد بوضوح ، ولم يكن الأمر سوى أن حزب الوفد سمح لبعضنا على قوائمه وانتهى الاتفاق بنهاية الانتخابات لذلك لم يحدث اى خلاف أو تحول عن حزب الوفد .

واستدرك قائلا : ونحن الآن فى مرحلة جديدة - 1987 - نبحث فيها قناة قانونية لخوض الانتخابات فوجدنا أفضل الفرص المتاحة . . فى حزب العمل وبالطبع لا يوجد ما يرضى الجميع . . وعلى أية حال لقد قبلت قيادات العمل هذا وذلك يخصهم .

وقال : ولنا خطنا الواضح الذى لا نتزحزح عنه ، وهو تحكيم شرع الله فى كيان الدولة الاتتصادى والسياسى . . . إلخ ومن أراد الاقتراب في منا فبهذا كله . . نعم هناك من يرفع شعارتطبيق الشريعة الإسلامية .. فقط لورفعه بنفس مفهومنا .. ، فمثلا حزب التجمع اليسار والناصريون يرفعون الشعار ولكل مفهومه ويتبين مما سبق من نقد إبراهيم شكري للتعاون بين الوفد والإخوان .. أنه يحاول تأصيل دور.

الإيجابى بالنسبة للإخوان المسلمين من قبل الثورة . وفى ذات الوقت يحاول العكس بالنسبة لحزب الوفد .وبهذا التأصيل يشير إلى أنه أقرب إلى الإخوان ، وهم أبعد عن الوفد . وأنه أولى بأى تحالف معهم من الوفد .

وفى هذا يمكن الإشارة – تأكيدا لمحاولته السابقة - بأنه لابد من ذكر محاولة الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما قرر ترشيح نفسه فى الانتخابات عام 1942 - فى ظل ؟ حكومة الوفد – وقتها بلغ عدد مرشحى جماعة الإخوان سبعة عشر مرشحا .

وعلى رأسهم المرشد العام حسن البنا نفسه فى دئره الإسماعيلية . وركز دعايته على تطبيق الشريعة الإسلامية وفى تلك الاونة وقع صدام بين الوفد والإخوان عندما رفض النحاس باشا زعيم الوفد ترشيح حسن البنا فى الانتخابات ، على أساس أن الإخوان جماعة دينية ولا تعمل بالسياسة وليس لها وضع الأحزاب فاضطر حسن البنا ! إلى التنازل وفى محاولة أخرى وبعد إقالة وزارة النحاس باشا فى اكتوبر 1944 وحل مجلس النواب الوفدى رشح حسن البنا نفسه مرة أخرى فى انتخابات يناير1945 - وفى دائرة الإسماعيلية أيضا ووقتها أفتى الإخوان بأن الدين يبيح دخول الانتخابات مادام ذلك يؤدى إلى نشر الإسلام وفى هذا أيضا كتب حسن البنا يقول : ليس البرلمان وقفا على أصوات زعماء السياسة الحزبية على اختلاف أنواعها ، ولكنه منبر للأمة ، تسمع من فوقه كل فكرة صالحة ويصدر عنه كل توجيه سليم ، يعبر عن رغبات الشعب ! .

إلا أن تدخل الإنجليز والحكومة بشكل سافر فى الانتخابات - وكانت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها - له الأثر الكبير فى إسقاط حسن البنا وباقى مرشحى جماعة الإخوان (21) .

ولعل ما ذكرناه آنفا يؤكد صحة تفسير المستشار مأمون الهضيبى حول الإخوان مع الوفد فى انتخابات 1984.

ونشير هنا إلى ذلك التعاون الذى اختاره الإخوان مع حزب الوفد راجع لعدة أسباب : أولا : أن حزب الوفد يخوض انتخابات برلمانية لأول مرة بعد الثورة التى كان من أشد خصومها ومنتقديها وأن عودته بدون انتخابات فى 1978 قد لاقى ترحيبا شعبيا .

وبعد تجميد نشاطه تزايد التعطش الشعبى لعودته . وعندما عاد بحكم قضه لى وقرر خوض انتخابات 1984 كان من المتوقع أنه سيحقق نتائج جيدة ومؤثرة فى الانتخابات وهذا ما حدث بالفعل .

ثانيا : أن الإخوان فى تلك الآونة - وهم بصدد خوض هذه الانتخابات وليس لهم قناة شرعية أو رسمية ، يخوضون من خلالها الانتخابات - كانوا يدركون أن حزب الوفد سيحقق نتائج وسيجتاز نسبة ال 8% المقررة للحصول على مقاعد برلمانية وأنه يمكنهم عمل جس نبض من خلال خوضها على بعض قوائم حزب الوفد .

ثالثا : وفى ذات الوقت يدرك الإخوان أنه بدا فى الساحة السياسية أن حزب العمل أحد الروافد الرئيسية للنظام السياسي .

وأنه لذلك ربما لا يحقق نسبة الاجتياز . وبذلك يكون الرهان عليه غير ضمرن . وهم يسعون إلى تأكيد ذاتهم من خلال كسب مؤكد . وهذا ما دفعهم إلى حزب الوفد .

رابعا : ان حزب الوفد وهو يخوض الانتخابات ، لأول مرة بعد الثورة ، حاول بأكيد دوره فى لم شمل أبرز وأهم التيارات غير الممثلة فى أحزاب رسمية ، وأن يقدم خدمة للنظام السياسى فى محاولة لاحتواء الإخوان تحت مظلته ، وهو الحزب العلمانى تاريخيا والذى عرف عنه أنه يضم عنصرى الأمة المسلمين. والأقباط . وبذلك فهو يؤكد هويته العلمانية الغالبة عليه .

لا يفرق بين مسلميين ومسيحين بل انفؤاد سراج أكد - كما سبق وأكد الهضيبى - أن علاقة الوفد بالإخوان هى علاقة تعاون فقط .

وقد حاول فؤاد سراج الدين فى تلك الآونة الدفاع والرد على حملات الهجوم التى وجهت لذلك التعاون فقال : ( إن الهدف منها إضعاف مركز الوفد فى المعركة الانتخابية .

وإن الذين يضربون على ، وتر الخلاف الدينى يسعون إلى واحد من هذه الأمور : إما أن ينحسر تعاطف الأقباط أو ينحسرتعاطف الإخوان المسلمين وإما أن أن ينحسر تعاطف الفريقين معا او يقع الانقسام داخل صفوف الوفد). ،؟ ثم حاول تأصيل علاقة التعاون بين الوفد والإخوان والتى ترجع إلى ما قبل الثورة بقوله : إن علاقتهم تاريخيا معنا طيبة .

والإخوان كانوا دائما يناصرون الوفد فى الانتخابات . وفى التاريخ القريب كنت عضوا فى الوزارة الائلافية التى شكلت برئاسة حسين سري عام 1949 ومن خلالها كافحت كفاحا مرءأ من أجل الإفراج عن آلاف الإخوان المسلمين المعتقلين إيمانا منى بحق الحرية لكل مصرى.

فلما شكل الوفد الوزارة عام 1950 وعلى الفور فى الأسبوع الأول أصدرت قرار9 بصفتى وزيرا للداخلية - بالإفراج عن جميع المعتقلين وأرجعنا لهم دار المركز العام وكل متعلقاتهم .

واستدرك بقوله : ونحن نفرق بين الإخوان المسلمين وبين أعضاء الجماعات ذات الميول المتطرفة الذين يكفرون المجتمع بمن فيهم الإخوان أنفسهم .

كما أن تعاطف الإخوان معنا ليس بجديد أو ليس وليدا للظروف الحاضرة أو المعركة الانتخابية الجديدة .

فقد انضم إلينا أحدهم وهو نائب فى البرلمان / عام 1978 ولم تكن هناك انتخابات.فما هر الغريب أن يقوم بيننا وبين الاخران تعاطف".؟

وردا على ما أعلنه وكتبه إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل

قال : اوإننى أسأل هؤلاء المنافقين لو أن الإخوان تعاطفوا مع حزب آخر . ! هل يكونون سعداء . . ؟! وهل يرفض أى حزب أن يتعاطف الإخوان معه ؟ ! وأعتقد أن رئيس حزب الوفد وجد الإجابة بعد ما يقرب من عامين ونصف عام على تساؤلاته - حيث أن الإخوان تعاطفوا بل تحالفوا معحزب العمل ، وسعد الأخير بذلك كما سعد حزب الأحرار و كذلك لم يرفض أى من الحزبين تحالف الإخوان معه ، بل إنهما سعيا بكل الوسائل لهذا ، ورحبا به وأفسحا لهم المساحات التى طلبوها على قائه الانتخابات الموحدة أو المشتركة بينهم ! .

خامسا: ولا شك أن السلطة السياسية لم تجد ضررا من تعاون الوفد مع الإخوان ، حيث أن هؤلاء رأوا خو ض انتخابات 1984 على سبيل جس النبض ! وكانت كل الأطراف ، بما فيها السلطة السياسية ، تسعى إلى معرفة مدى حجم تأثير الاخوان فى الشارع السياسى .

لأنه على ضوء ذلك سيتم إعادة ترتيب قواعد اللعبة الديمقراطية وتطويرها .كما أنها كانت على ثقة من أن حزب الوفد لن يغلب عليه الطابع الدينى إطلاقآ .

سادسا : ونعتفد أيضا أن اعتراف إبراهيم شكرى بسعيه إلى الاندماج مع الإخوان عام 1947 كان ذلك لتأصيل سعيه وتطلعاته إلى انتخابات لاحقة .

وإن كان لكل سعى فى حينه أهدافه ، وأنه لم يأل جهدا فى تحقيق هدفه ، حتى نجح فى ذلك من خلال ضوء أخضر ساطع من السلطة السياسية وكما أطلق عليها الكاتبمكرم محمد أحمد - بتستيف صورى للأوراق الرسمية .

سابعا : هاجم إبراهيم شكرى بعنف ، حزب الوفد ورئيسه ، وهو يدرك أن السلطة السياسية ستسعى بل ستمنح الفرصة لعودة هذا الحزب ليكون أقرب أحزاب المعارضة الى الصدق على مستوى الشارع السياسى وحتى لايكون متهما بأنه من صناعة النظام حيث أن ذلك الحزب نفسه له قواعد شعبية .

ويمكن التعاون والتفاهم معه حول بعض المبادىء أو الأهداف القومية . وتم ذلك بالفعل فى عدة مواقف وأحداث على المستوى المحلى والعربى والدولى وهذا ما أغضب إبراهيم شكرى بشدة واعتبر أن النظام تخلى عنه .

ثامنا : لقد حقق الإخوان نجاحآ ملحوظا فى جس النبض " فقرروا خوض انتخابات عام 1987 بصررة أكثر توسعا وبناء على هذا النجاح الملحوظ .

وكذلك لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءأ من الأمر الواقع فى الشارع السياسى .

وفى هذا يقول أحدهم ، وهو مختار نوح : إن حديث الدولة فى صحفها المتحدثة باسها فضلا عن تصريح شخصى لرئيس الوزراء ووزير الداخلية فى حديثهما عن الإخوان كفكرة منظمة يؤكد أن الإخوان واقع أما إقرار القانون فهو سياج مازلنا نبحث عنه .

وفى ضوء ذلك أشرس ناقديهم فى انتخابات عام 1987 إلى أنه : قد برزالإخوان المسلمون كقوه سياسيه لها وزنها وتأثيرها فى الانتخابات الأخيرة ، ومن ثم حصلوا على 36 مقعدا حمت 59 ضد) للتحالف بعد أن تصدررا معظم قو حزب العمل وفى 23 دائرة بالتحديد وهو مايزيد على مقاعد حزب الوفد .

تاسعا : وعندما ألمح إبراهيم شكرى بأن الإخوة الأقباط ينزعجون كلما جاء ذكر الإخوان المسلمين . فهذا ما دافع عنه أثناء انتخابات 1987 والتى فيها تحالف الإخوان معه .

إلا أن ذلك السبب أيضا كان أحد أسباب تحجيم الوفد للإخوان على قوئمه فى 1984 وسعى هؤلاء إلى قوائم اكثر اتساعا وعددا فى حزبى العمل والأحرار . .

عاشرا : - ولاشك أن ما ساقه إبراهيم شكرى من تأصيل دوره الإيجابى بالنسبة للإخوان كان محاقا فيه إلى حد كبير .

وإن كان قد أتاح فرصة كبيرة وواسعة للإخوان ، فهو بذلك يستعين بهم - كقوة - فى التأثير على السلطة من أجل مزيد من الحريات وتطويرا للديمقراطية وللتلويح بقوتهم وعقيدتهم إزاء بعض الخاطر التى تحيط أو تهدد مصر من الخارج .

هذا عن أحد أطراف التحالف وهو حزب العمل برئاسة إبراهيم شكرى ودوره فى تستيف صورى للألوراق الرسمية .وأما عن الإخوان المسلمين .

فأيضا كان لهم دور فى تكوين هذا التحالف .ولاشك أنهم لهم أغراض وأهداف فى ذلك سبق أن أشرنا إلى محاولات حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان وبعض زملائه للترضيح لبرلمانات ما قبل الثورة .

إلا أن الإنجليز ، والحكومة أيضا ، كانت تقاوم تلك المحاولات وتتصدى لها .وكما بينا، فإن الهدف الذى أعلنه الشيخ حسن البنا كان اعتلاء منبر البرلمان ويردد منه دعوته إلى تتطبيق الشريعة! الإسلامية ، إلى أن قامت ثورة يوليو 1952 وقد ساعدها الإخوان بكل، الصور المؤثرة لمساندتها حتى حل عبد الناصر الجماعة عام 1954 عندما استنفد مصلحته منهم وقررأن يحكم مصر بالديكتاتورية .

ولم يكتف بذلك بل أودعهم السجون والمعتقلات ونالوا من زبانيته أشد أنواع التعذيب والتنكيل .

ويمكن التاكيد على ان الإخوان هم القوى السياسية الوطنية الوحيدة التى لم تنل فرصتها للتعبيرأو المشاركة فى العمل السياسى طوال عهد عبد الناصر إلى أن أفرج عنهم الرئيس السادات فى15 ش مايو 1971 ، حيث أتيحت الفرصة لكل القوى والتيارات الأخرى بالمشاركة فى العمل السياسى والبرلمانى أيضا بل إن هذه القوى والتيارات وجدت فرصتها فى المشاركة بصورة أو بأخرى وعلى كافة المستويات الختلفة للحكم والإدارة . . إلا الإخوان .

وقد فطن السادات لذلك . وهو يدرك أن للإخوان تواجدا شعبيا ويتعاطف معهم حيث لاقوا أشد أنواع التعذيب ، وقد شارك بعضهم فى النضال ضد الابخليز . وهو يدرك دورهم الطوعى فى أول حرب بين العرب وإسرئيل وقد أفرج عنهم عندما تمكن من الإطاحة بالشيوعيين والناصريين الذين ورثوا عبد الناصر فى الحكم .. وعندما تم الإفراج عنهم أناط بهم دورا سياسيا هاما سواء بلنسبة لحكمه أو بالنسبة لمصلحة مصر أو بالنسبة لهم أيضا .

وهو التصدى للشيوعيبن والناصريين الذين يتبعون عبد الناصر فى منهجه .وكلاهما وجهان لعملة واحدة . وكان التصدى لهم فى الجامعات وبين صفوف الشباب ، وكذلك فى قرئ مصر وبعض مدنها وهذا ما عبر عنه أحد الكتاب الناصريين بان الإخوان كانوا مبعث قلاقل فى السبعينات .

وهو فى ذلك بقول الحق . . حيث أن القلاقل كانت تصيب الشيوعيين والناصريين ولكننى لا أعتقد أنها كانت تصيب مصروحكم السادات فى شىء . وقام الإخوان بذلك الدور .

ومن خلال هذا الدور نفسه . . استهدفت حركة قادة النشاط الإخوانى تكثيف نشاطها للعمل على نمشر الفكر الإخوانى بين قطاعات الشعب المختلفة بهدف خلق قاعدة عريضة تؤمن بمبادئها وتردد حق جماعة الإخوان المنحلة فى حمل لواء الحركة الإسلامية .

وفى سبيل ذلك أيضا نجح الإخوان فى المشاركة فى عضوبة مجالس إدارات الجمعيات الإسلامية المختلفة ومحاولة التأثير عليها .

وقاموا بالقاء الخطب والمحاضرات الدينية فى الندوات والمناسبات الدينية التى تعقدها هذه الجمعيات حيث أشادوا خلالها بمبادىء الجماعة وقادتها وما تعرضوا له من تعذيب فى السجون والمعتقلات من أجل رفع راية الإسلام .

وقد نجح الإخوان - من خلال ما سبق - فى التأثير على القطاع الطلابى مستغلين فى ذلك الجميات الدينية بالجامعات والتى تتوافر فى أعضه لها الميول الفطرية أو المكتسبة من البيئة وقد صنعوا قاعدة من هؤلاء الشباب تؤمن بالفكر الإخوانى وتتعاطف مع الحركة الإخوانية.

وتولى قيادتهم الأستاذ عمر التلمساني ، الذى حاول الحصول على اعتراف رسمى من الحكومة بشرعية عودة نشاط الجماعة .

وان كان الرئيس السادات قد اتاح لهم الفرصة لممارسة نشاطهم من أجل مقاومة الشيوعية والناصرية . لا أنه لم يشأ أن يمنحهم الاعتراف الرسمى حتى تستبين الأمور بصورة اكثر وضوحا عن تأثير نشاطهم وبعض اهدافهم وإذا كان السادات قد استعان بهم فى ذلك .

فلأن الحقيقة التى أدركها وكانت معلومة أيضا للكافه.. أنه عقب هزيمة يونيو 1967 فقد اجتاحت مصر موجة من المد الدينى كرد فعل طبيعى لما ! أسفرت عنه وأفصحت عنه تلك الهزيمة من فساد فى النظام السياسى وشعور لدى الغالبية العظمى من الشعب بأن أحد أسباب الهزيمة الرئيسية هو البعد عن الدين واتجاه الدولة نحو الشيوعية .

وهذا أيضا أدى إلى تطوير حركى فى بعض العناصر الدينية المتطرفة . ومن هنا كان للإخوان دور كبير فى مواجهة هؤلاء أيضا .

وكانت فرصتهم فى توضيح أنفسهم بصورة عملية ومعتدلة وليست متطهرفة كهذ. ؟ العناصر وقد أرجعت قيادات الإخوان سبب انحراف الشباب والعناصر المتطهرفة عن الخط الإسلام – الصحيح ، إلى عدم وجود هيئة إسلامية مؤثرة يمكنها احتواء مثل هذه القيادات أو العناصر وتصحيح مفاهيمها وذلك فى محاولة منهم للضغط على السلطة للاعتراف بالوجود الرسمى لجماعة الإخوان بدعوى أنهم القادرون على تصحيح مسار الحركة الإسلامية ووضعها فى صورتها المعتدلة . إلا أن . الرئيس السادات لم يمنحهم ذلك أيضا .

وإن كان قد منحهم فرصة الانتشار فى المدن والقرى من ، خلال صحيفتهم المشهورة باسم الدعوة .وتكوين وإنشاء فروع لها فى كل محافظات مصر واعتبارها مقارا للاجتماعات واللقاء ات الإخوانية .حتى وقع الصدام بينه وبينهم فى سبتمبر 1981 وعلى اثره اعتقل مرشدهم العام عمر التلمساني وأغلق صحيفتهم .. حتى توفاه الله فى 6 أكتوبر 1981 ثم تولى الرئيس حسنى مبارك رئاسة الجمهورية .

ولم يكن بينه وبين أى حزب أو تيار خصومة، تذكر . حيث أنه لا ينتمى لضباط ثورة 1952 ولا ينتمى إلى أى حزب ، معارض إنما ينتمى إلى ما " اصطلح عليه اجيل أكتوبرالذى خاض معركة أكتوبر وانتصر فيها بقيادة الرئيس أنور السادات .

بل ، إن هذا الأخير قد أفصح فى أكثر من مناسبة أن من يتولى القياة بعده ومسئولية الدولة هو ممن ينتمي .، إلى جيل أكتوبر .

وعلى هذا أفرج الرئيس مبارك عن جميع المعتقلين فى سبتمبر 1981 وعقب وفاة السادات بأسابيع قليلة .

وقرر أن يفتح صفحة جديدة فى العمل والممارسة السياسية .وفى بداية رئاسته للجمهورية . استمر فى تحجيم الشيوعيين .

فلم يتدخل لدى القضاء الذى أعاد! حزب الوفد الجديد لشرعيته السياسية فى يناير 1984 وهذا الحزب اليمينى الذى يمكنه مواجهب هؤلاء بأسلوب رسمى وشرعى .

إلى أن جاءت انتخابات 1984 فلم يمانع فى مواجهة تعاون الوفد مع الإخوان بهذا القدر القليل بل أنه رحب (بجس النبض ) الذى سعى إليه الإخوان حتى يتعرف على نتائجه وفى ضوئها يمكنه تطوير قواعد اللعبة الديمقراطية . وإن كان ذلك هو موقف الرئيس مبارك .

إلا أنه كان جسا لنبض مقابل أو مضاد فإن بعض عناصر الحكومة قد هاجمت ذلك التعاون . . مما دفع بالأستاذ عمر التلمساني المرشد العام للاخوان حينذاك وفى اثناء احتفال نقابة المحامين بذكرى وفاة حسن البنا المؤسس و المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان أن يتساءل فى تهكم قائلا : لماذا لا تحرم الحكومة انضمام الإخوان للوفد ؟

ولماذا لا تصدر قانونا يحرم انضمام جماعة الإخوان المسلمين إلى قائمة حزب الوفد للترشيح للانتخابات إذا كان هذا الانضمام فى نظهر الحكومة حرام ) .

وفى تصريح صحفى لمجلة المجلة قال : إننا لا نحرص على ما يسمونه بنصرسياسى إنما الذى يهمنا تحقيقه ، هو نصرالله بتطبيق شرعه فينا ، فإذا دخلنا مجلس الشعب فلا نعتبره نصرا بمعايرالناس ولكننا نعتبره منبرا له قدره فى تبليغ دعوة الله واذا لم ندخل فلن نعتبر ذلك هزيمة لأن دخولنا المجلس ليس هدفا ولكنه وسيلة واذا لم تنجح الوسيلة تركناها وبحثنا عن وسيلة اخرى وهكذا فليم فى حساباتنا نصر سياسى او هزيمة انتخابية، .

ولعل ما ذكره يتطابق إلى حد كبير مع ذات المعنى الذى أعلنه من قبل الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة لأثناء خوضه لانتخابات عام 1945 .

وعن موقف الإخوان المسلمين من الثورة . . فإن لهم رأيا فى التفرقة بين الثورة والثوار . . أو على حد تعبير بعضهم . . الانقلاب وعناصره . . حيث أعلن عمر التلمساني فى المجلة بقوله : "يجب على من يتعرض لهذا الموضوع أن يفرق بين الانقلاب فى ذاته وبين الأشخاص الذين تولوا أمر هذا الانقلاب بعد وقوعه .

والانقلاب قد مهد له الإخوان وهم الذين انتشروا فى جميع أرجاء مصر يشرحون للشعب ظلم العهد السابق وسيئات الإقطاع فجاء الضباط الأحرار ليجدوا الجو مهيأ والأرض معتدله والشعب على استعداد كامل لتقبل التغيير وكانوا يعملون سرا ولا يعرفعهم أحد وكان الشيخ حسن البنا أول ضحايا العهد السابق لأنه كان يقاوم مظالمه وتفرده بالحكم.

فمن أكبر المغالطات التاريخية أن يقال إن الإخوان أعداء لهذا الانقلاب . بل إن الاتفاق كان تاما بين الإخوان والضباط الأحرار ، وإن الإخوان هم الذين قاموا بحماية المؤسسات من أن تمس بفعل خصم من خصوم الانقلاب ولكن الضباط الأحرار هم الذين تنكروا للإخوان بل وتنكروا للمبادىء التى من أجلها . - حصل الانقلاب ولست أنا الذى يقول هذا ولكن الضباط الأحرار كتبوه فى مذكراتهم وشرحوا فيه كل شىء .

ويختم قوله : (وغير معقول ولا مقبول شرعا ولا عقلأ ولا منطقا أن يقال إن الإخوان المسلمين خصوم للانقلاب وهم صانعوه وهم أصحابه الذين مهدوا لوقوعه ).

ويؤكد هذا أيضا صالح أبو رقيق عضو مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين فى روز اليوسف بقوله : لقد عاونا رجال الثورة فى أوقات المخاطر وحافظا على أسرارهم وسهرنا على حراستهم وحراسة منشآت البلد حتى الكيلو 99 من طريق السويس تصديا للجيش الانجليزى إذا تحرك . . ونحن أصحاب الثورة ا؟ وليس أولئك الذين يدعون ذلك الآن ) .

وأما ما ساقه عمر التلمساني وصالح أبو رقيق فهو صحيح . ولا يخص الإخوان فقط بل يخص بعض عناصر القوى الوطنية التى اثرت الانسحاب من العمل السياسى بعد الثورة .

عندما لمسوا أن قادة ، الثورة لا يسعون لتحقيق الأهداف التى من أجلها أيدوا الثورة وساندوها .. بل بعضهم قد مهد للثوره، من خلال عمله النضالى ضد الاحتلال الإنجليزى لمصر .

وعناصر أخرى كانوا يعارضون بعضى قادة! الثورة وسياستهم ولكنهم لايعارضون الثورة كحركة ضرورية وتاريخية لمصر.

وعندما شعروا بالاختلاف انسحبوا من المشاركة فى العمل السياسى العام واثرو السلامة حتى لا ينالهم الاعتقال والسجن ، والتشريد والطرد وغيرها من أنواع التنكيل .

وأما عن المؤيدين والذين ساروا فى ركاب الثورة وسياستها فمنهم المخلص والمجتهد ومنهم بالطبع الانتهازى والمستغل .

وبذلك فإن قول المرشد العام لهو صحيح .. وإننا لنتفق معه فى ذلك . وعلى أية حال فقد مارس ستة نواب فقط من الاخوان ، وهم الذين انضموا للبرلمان على قوائم حزب الوفد ، لنشاطهم البرلمانى فى إطار ممارسة الوفد لنشاطه البرلمانى وإن كانوا أحيانا يتحفظهون إلا أن ذلك لم يكن بشكل سافر . وقد مارسوا أحيانا نشاطهم بصورة شبه مستقلة . ؟ . .. وحانت فرصة انتخابات عام 1987 واستجاب الإخوان لدعوة ابراهيم شكرى فى كل ، اجتماعات ولقاءات المعارضة من أجل التنسيق والتفاهم والتعاون فى مواجهة الحزب الوطني الحاكم . ، وحتى كانت الدعوة وإقناعهم بخوض الانتخابات فى تحالف مع حزب العمل والأحرار .

وأعتفد أن الإخوان قد استجابوا لهذه الدعوة الضمنية فى صورة أو صيغة دعوة إبراهيم شكرى لهم (رجل الدولة المعارض ) والذى يسعى لذلك وكانت له محاولاته .

وتاريخه معهم يؤهله للقيام بهذه المهمة الديمقراطية وأدائها بصورة أفضل واكثر ثراء من أى حزب آخر ولاشك أن لاستجابة الإخوان دوافع وأهدافا نذكر منها :

اولا : أن استجابة الإخوان للتحالف مع حزب معارض رئيسى ضمن أحزاب صنعها النظام السياسى يعنى قبول وموافقة دعوة السطة السياسية لانضام الإخوان للبرلمان .

وهذا يعد أحد صمامات الأمن السياسى التى تطمئن السلطه . ولاشك أن الإخوان يدركون ذلك وقد قبلوا هذه الدعوة للتأكيد على شرعية ممارساتهم وعدم إخفاء أى نشاط تخش منه السلطة .

أى توافر حسن النوايا لدى الطرفين من خلال قناة رسمية مشتركة .

ثانيا : أن الإخوان باستجابتهم لهذه الدعوة . إنما يحققون أحد أحلامهم السياسية منذ الأربعينات وهو دخول البرلمان .

واعتلاء منبره للدعوة إلى فكرهم ، خاصة فيما يتعلق بتطبيق الشريعة الإسلامية .

ثالثا : أن الإخوان أدركوا أن السلطة السياسية . تمنحهم الفرصة للشرعية البرلمانية حتى يكونوا معارضين ولكن من خلال نسيج برلمانى قومى ، لا يجوز الخروج عنه أو الانفصال منه ، وقد رحبوا بذلك للتاكيد مرة أخرى على حسن سيرهم أو سلوكهم السياسى .

وأنهم يسعون إلى الشرعية العلنية كأى قوى سياسية أخرى بل محاولين التاكيد على ثقلهم السياسى فى الشارع حتى يكرن لهم اعتبارهم لدى السلطه السياسية فى إعادة ترتيب قواعد اللعبة الديمقراطية وتوزيع أدواتها .

رابعا : أن الإخوان رحبوا بهذه الخطوة لاكتساب الحصانة البرلمانية التى تمنح أى نائب منهم حرية الحركة والدعوة بلا تحفظ أو منع أو مصادرة من أجهزة الأمن .

خامسا : رحب الإخوان بذلك حتى يرى المجتمع بل والعالم المتابع لحركتهم أنهم على مستوى مستنير ولا يدعون إلى الوراء وإنما وعيهم بالمتغيرات تخضع لاجتهادات دينية تواكب العصر .

وأخير فهم بذلك يمثلون أمام الرأى العام الحرس الحديدى اذاء أى مخالفة تشريعية للشريعة الاسلامية .

ومما سبق التقى الإخوان مع السلطة فى بعضها . وفى البعض الآخر لم يصرح بها .

وان كانت الكومة لم تعترف بالإخوان المسلمين كمسمى رسمى لهم ، إلا أنها أطلقت عليهمالتيار الدينى فى المجلس .

وفى ذلك يقول اللواء زكى بدر وزير الداخلية السابق حينذاك : (إذا كان الأعضاء الذين يشار إليهم بالإخوان المسلمين قد اندرجوا فى تحالف تحت اسم حزبى العمل والأحرار ولم يدخلوا المجلس تحت اسم الإخوان المسلمين ، فنحن لا نعترف بهذا لانه غير دستورى وخارج عن الشرعية الدستورية) .

وعن تصنيف الأعضاء أو النواب فى مجلس الشعب ، صرح الوزء بقوله : بداية أقول إننا نفرق بين التيار الدينى الرشيد بوجه عام وبين المتطرفين بوجه خاص ، سواء أكان تطرفهم دينيا أو سياسيا وأما بالنسبة لتمثيل التيار الدينى فى مجلس الشعب فهناك قوانين تنفذ . . فللمجلس قانون ولائحة داخلية تحكم جميع أعضائه من أى جنس ومن أى صنف أو لون .

وسئل الوزيرأيضآ عن أن وجود الاخوان فى مجلس الشعب ربما يخلق تجاوزات وحساسيات تخشاها الطائفة المسيحية ؟ . فأجاب الوزير قائلا : "كل من التيار الإسلامى والتيار المسيحى يؤمن بالتعاون ، وظهور ما نسميه التيار الإسلامى داخل مجلس الشعب لن يكون مدعاة للقلق من زاوية اثارة الفتنة الطائفية لأن سماحة الإسلام لا تعرف ولا تقبل أى نوع من التعصب فضلا عن أن هؤلاء لهم آراؤهم المعلنة والمعروفة مسبقا) .

ويتحدث اللواء زكى بدر عن الدور المرتقب أو مهمة الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب وإن كان مصرا على تجاهل مسماهم الحقيقى .. فيقول : واتصور أن التيار الدينى - إذا اتفقنا على تسميته بالتيار الدينى - فى مجلس الشعب سوف يقف فى مواجهة العناصر الدينية المتطهرفة لأنها تسىء إلى الدين ذاته كما تسىء إلى الدولة وإلى الوطن كله .

ومن ناحية أخرى فلن يكون مطروحا فى أى وقت قيام فكرة الدولة الدينية بالمفهوم الذى طبق مثلا فى ايران الخومينى .

ولكن الأمر يختلف كثيرا إذا ما أصبح التيار الإسلامى معبرا وجسر اتصال بين نظام حكم فى دولة إسلامية تتخذ من الشريعة بالفعل مصدرا رئيسيا للتشريع - وهو الحادث الآن - وبين الاتجاه العام لهذه الجماعات نحو مزيد من تطبيق الشريعة الإسلامية .

وأقول ليست هناك اختلافات أساسية بين ما ينادى به التيار الدينى المعتدل وبين .سياسة الدولة الملتزمه بالدستور الذى ينص على أن الشريعة مصدر رئيسى للتشريع " وراضح من تصريحات وزير الداخلية والتى أعلنها فور انتهاء الانتخابات وفوز الإخوان ببعض مقاعد مجلس الشعب .

أنه لا اعتراض من الدولة أو الحكومة رسميا على خوض الإخوان للانتخابات وفوزهم وانضمامهم لمجلس الشعب - وإن كان الاعتراض على مسماهم بالإخوان - وبالطبع فإن هذا لا ينطلى على الجمهور .

بل إنه فرق بينهم كجماعة معتدلة عن جماعات أخرى متطرفة . بل أنه وصل إلى منتهى أنصافهم عندما قال بأنهم ليسوا ضد المسيحيين وشريعتهم لأن آراءهم فى هذا مستمدة من الإسلام الذى لا يعرف التعصب ، وأنهم لن ينادوا بدولة دينية وكانه يعلم مسبقا ذك إلا إذا كان ذلك ضمن شروط السلطة للإخوان لخوضهم الانتخابات وانضمامهم للبرلمان .

ثم يؤكد أنه ليست هناك خصومة أو عداوة بين الدولة وهؤلاء الإخوان من حيث أنهم ذو تيار معتدل. يتسق مع سياسة الدولة الملتزمة بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى فى الدستور(23) .

وأيضآ أشار إلى مسئولية الإخوان - التيار الدينى - فى مواجهة العناصر الدينية المتطرفة وهذا ما حاول الإخوان إقناع السلطة به منذ السبعينيات فى عهد رئاسة أنور السادات للجمهورية .

وعلى ذلك يتضح مرة أخرى . . من حديث الوزء فور انتهاء الانتخابات وقبيل انعقاد أول جلسة للبرلمان .

أنه ضمن أبرز وأهم المشاركين أو صانعى التستيف الصورى للأوراق الرسمية لتمكين الإخوان من خوض الانتخابات وانضمامهم لمجلس الشعب .

بل إن الوزير أبدى إعجابه بتنظيمهم الانتخابى الجيد وفى ذلك يقول : (وكانوا أذكياء فى رفع شعارات الإسلام التى لا يمكن أن يرفضه أحد ونحن على أية حال لسنا ضد أى اتجاه شريطة أن يتسم بالشرعية ويلتزم بالقانون ) .

وبذك يؤكد الوزء مرة أخرى . أن حركتهم الانتخابية تحت رصد ومراقبة أجهزة الأمن وأنهم لم يخرجوا عن الشعرعية ، مما يؤكد رؤيتنا باتفاق الإخوان والسلطة المبدئى حول التجربة البرلمانية .

إلا أن مناط نجاح هذه التجربة فى نظر السلطة يتوقف على عواقب التطلعات المتوهجة فى رءوس الحرس القدبم نحو السياسة والحكم .. وبما قد يتجاوز إلى ما هو محظور  ! وذلك يعنى أن نغمة المعارضة ستكون مختلفة فى الحوار .. وأن طرح المعارضة سيكون مختلفآ فى الأداء .

وفى هذا الإطارأيضا . رحبت بعض القوى الوطنية لدخول الإخوان لمجلس الشعب .

وأقرت بمشروعية ذلك وبأنه أفضل الحلول حيث قال احدهم : "لاشك أن معارضة الإخوان فى العلن أفضل من ممارساتهم للمعارضة فى السر .

والحوار العلنىأ مطلوب وإذا غاب الحوارفليس معنى غيابه انتهاء المعارضة ، إنها سوف تلجأ إلى وسائلها الاخرى فى الخفاء .

ومقاعد أكثر للمعارضة فى مجلس الشعب يعنى رقابة أكبر وأقوى ، كما يعنى أن هناك فرصة متاحة للآراء التى تخالف رأى الأغلبية لتبدى رأيها وتعلن موقفها وتعبر عن مصالحها وأهدافها" ومعارضة يتزعمها الإخوان المسلمون سوف يكون لها ردود أفعال - ايجابية - فى تقديرى لعدة اسباب:

-أولأ : لأن الإخوان موجودون بالفعل فى الساحة السياسية المصرية بل فى العالم العربى والإسلامى وهذه حقيقة لا يستيم إنكارها .

ثانيا : -لأن الدعوة التى ينادى بها الإخوان على أساس متين من العقيدة والتراث الفكرى .

ثالثا :- أن دخول الإخوان فى حلبة المناقشة البرلمانية هو امتحان حقيقى أصبح مطلوب بشدة حتى تتضح الرؤية بالنسبئ لرفع شعار العقيده بما له من جاذبية تهفو إليه القلوب ، ولكنه ليس أكثر من شعار حتى تجتهد العقول فى مواجهة الواقع بمشاكله ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى انفعالات تهزوجدان الجماهير ، بل يتطلب دراسات واجتهمادات تؤدى إلى إشباع حاجات الناس سواء كانت مادية من طعام وملبس ومسكن أومعونية من تعليم وثقافة تواجه تحديات العصر ثم تحدث أشد غلاة معارضى الإخوان وأكثرهم هجوما عليهم أثناء الانتخابات وحيث رضى بالواقع ولكن عن غير قناعه تامه فقال بشئ من الاقرار الحذر "ولعل فى دخول الإخوان الى مجلس الشعب بهذا الحجم ما لفتح لاى النقاش المستنير معهم حول الشعارات الاسلامية المطروحة .

فانها المرة الأولى فى تارلخ مصر الحدث التى يتواجد فيها الإخوان كقوة سياسية معارضة للحكم فى البرلمان وفى إطار الشرعية الدستورية وذلك فى حد ذاته اختبارللإخوان ولممارستهم فى موقع المعارضة المعروفة بعد سنوات طويلة من التراوح بين العمل السرى تحت الأرض وبين العمل المعلن فى الشارع .

وأقول من جانبى ، وحسب رؤيتى :

"إن الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب مطالبون بأن يكونوا القدوة الحسنه فى المعارضة وأن يكونوا النموذج الطيب لقول كلمة الحق .. وبغير محاولة لى الذراع الحاكم وبغير الدخول فى مزايدة على تطبيق الشريعة الإسلامية لأنها فى الدستور مصدر اساسى للتشريع ".

ولكن ذلك الكاتب أيضا قد نبه السلطة إلى الحرص فى تلك التجربة حيث قال قبل هذا وذاك فإن منهاج المعارضة الإخوانية سيكون مختلفا عن منهاج الحكم - وفى المجلس السابق كانت هناك أرضية مشتركة للحوار بين الحزب الحماكم والمعارضة الوفدية برغم التجاوزات .

وكان هناك نقاط التقاء ونقاط اختلاف . ولكن كما يبدو ومن المقدمات فإن نقاط الاختلاف قد تكون أعمق وأكثر بين الحكم والمعارضة فى المجلس الجديد .

ولذا فإن التعامل مع المعارضة التى يحمل الإخوان المسلمون لواء الأغلبية فيها يتطلب تغييرا فى استراتيجية حزب الأغلبية الحاكم - الحزب الوطني - وفى أسلوب التصدى والمواجهة فى القضايا المطروحة على المجلس الجديد .

وبقدر ما يضفى ذاك التواجد نوعا من أغلبية المعارضة لتحالف الإخوان بقدر ما يلقى عليهم مسئولية توضيح أنفسهم وإلضاح صورتهم وشرح مواقفهم من قضايا عديدة بدلا من المواقف العائمة والمبهمة عن تطبيق الشريعه والاكتفاء بالعناوين دون الدخول فيما يندرج تحنها.

وإذا كنا قد طرحنا عرضا مجتهدا للدور التنفيذى لكل من الإخوان وإبراهيم شكرى فى هذا التستيف الصورى للأوراق الرسمية . . فإنه لاشك أن الذى وضعه تخطيطا وهدفا فهو السلطة السياسية .

وهى إذ فعلت ذلك ، فلعدة أسباب :

اولأ : أن كل القوى والتيارات والاتجاهات الوطنية قد تم اختيارها ديمقراطيا منذ بداية العودة للتعددية الحزبية عام 1975 وحتى انتخابات 1987 .

سواء منها المؤيدة للثورة أو المختلفة معها أو المتحفظة بشأنها إلا قوى الإخوان المسلمين .. ولاشك أن السلطة أرادت تحقيق حلمهم القديم فى النيابة البرلمانية وبعد طول معاناة ومشقة كابدوها وذلك لاختبار تجربتهم البرلمانية ومدى تحقيقها لفوائد أو مضار .

ثانيا : وحيث إن الإخوان قوى ليست صغيرة أو قليلة فإن السلطة سعت إلى قياس هذه القوى ومؤثرالها على الساحة السياسية وذلك حتى تعيد على هدى نتيجته ، ترتيب قواعد الديمقراطية وصولا إلى استقرارها.

ثالثا : أن السلطة قد وضعت كل ضمانات عدم جماح الإخوان فى البرلمان ابتداء من تنصيب الدكتور رفعت المحجوب رئيسا للمجلس حتى حصار وزير الداخلية لتوسع نشاطهم البرلمانى خارج القاعة وفى ربوع القرى المصرية تحت حماية الصانة البرلمانية .

وكذلك رئاسة إبراهيم شكرى للتحالف الذى يضمهم حتى أنه إذا خرجوا عن المحظور ، ففجر داخل ذلك التحالف انشقاقا حادا، تزعمه أحد أعضاءحزب العمل وهو أحمد مجاهد - نائب سابق - وإعلان المنشقين فى المجلس أنهم يمثلون حزب العمل المنفصل عن التحالف وإن كان التآلف قد استمر رغم ذلك .

رابعا : وأعتقد أن السلطة بمسعاها نحو الإخوان بذلك الاسلوب السياسى والبرلمانى إنما تعنى أنها ترى ضرورة خوض التجربة البرلمانية للإخوان فى إطار التجربة الديمقراطية المصرية التى مازالت – حتى حينه - تخوض تجارب عديدة حتى يتم تطويرها وتحديد ملامحها وترتيب قواعدها لاستقرارها واستمرارها لتكوين النظام الأفضل والأمثل للدولة .

ويوجه أحد الكتاب أخيرا حديثا للإخوان المسلمين حيث وصلوا لمقاعد البرلمان فيخاطبهم قائلا :

لعل بعضآ من الشجاعة يعطينى القدرة على أن أقول فى النهاية أنتم وجهة نظر فى الإسلام ولستم الإسلام أو وجهة نظره الوحيدة ، والخلاف معكم مشروع ، لأنه ليس خلافا مع الله وفى ذلك منجاة لأنفسكم ومنجاة لنا لأن أخطر ما يصيب الأم أن يتصور القائمون على أمرها أو الطامحون فى أمرها أن - مشيئتهم قد توحدت مع مشيئة الله ذلك كان الباب الذى دخل منه القهر والاستبداد والعسف والظلمة لأن الذين يوحدون أنفسهم مع الله يطبون منا مجرد الطاعة ويرفضون حقنا فى النقاش. ومن هذا المنطلق أيضا.

كان وسيبقى كتابناهذا . فى ذلك الإطار. .أى النقاش ) .

الفصل الثالث

الإخوان بين الشعار وواقع الدور التاريخي للسادات وفاز الإخوان المسلمون بستة وثلاثين مقعدا على قوائم التحالف وكذلك بخمسة مقاعد فى دوائر المستقلين على أساس النظام الفردى .

وبذلك دخلوا البرلمان . . تلك القناة الشرعية السياسية لتحقيق هدفهم أو شعارهم .. ألا وهو تطبيق الشريعة الإسلامية .

ضمن أهدافهم الأخرى أو شعارتهم التى رفعوها أثناء الانتخابات . . ولكن ما هى الوسائل السياسية التى سيستخدموها لتحقيق ما سعوا إليه أو كيف يحولون شعارتهم إلى واقع ؟؟

نجد الاجابة مبدئيا على لسان رئيس التحالف المهندس إبراهيم شكري حيث يقول:هذا الموضوع كان قد أخذ من المجلس 1979 - 1989 شوطا كبيرا من الدراسة فى لجنة خاصة شكلت تحت رئاسة المجلس حينذاك الدكتورصوفي أبو طالب .

وهناك جزء من القوانين قد نفذت بالفعل كقانون المعاملات المدنية وقوانين التجارة .. ونحن من جانبنا سنعمل على تحريك هذه القوانين وتحريك باقى نواب الأحزاب الأخرى وسنتحمل نحن المسئولية الكبرى فى هذا الصدد .

وأوضح قائلا :والمشكلة ليست اختيارا بين أولويات بقدر ما هى أن نبدا. . وهذا هو المهم ، وهذا السؤال قد وجه أيضا قبل ساعات من انعقاد أولى جلسات مجلس الشعب الجديد وبالصيغة الآتية : كيف سننادى - أو نعمل - على تطبيق الشريعة الإسلامية التى هى القضية رقم واحد فى برنامج الإخوان الانتخابى . . والسياسى؟

فاجاب المستشار محمد المأمون الهضيبي – كبير الإخوان بالمجلس – حيث قال : سنبدا أولا بمراجعة مشاريع القوانين الإسلامية التى قامت بها مجالس سابقة .. كالقانون التجارى .. والقانون البحرى وخلافه وسنطالب بتطبيق الصالح منها . وفى النواحى الأخرى سندعو لدراسة مشاريع قوانبن جديدة نابعة من الفكر الإسلامى وأحكام الدين الحنيف .

ثم عاد وأكد بقوله : "إن قضية الشريعة هى أهم القضايا بالنسبة لنا .. تأتى بعدها قضايا أخرى لا نقل عنها أهمية كقضيه الحريات التى لها أهميتها القصوى وضرورة إلغاء قانون الطورئ وإطلاق حربة الأحزاب. وأما حسن الجمل أحد أقطاب الإخوان وذات الشعبية الكبيرة فقد كان عضوا بالمجلس الذى أشار إليه زميله أيضا إبراهيم شكرى والذى قام بخطهوات تقنين الشريعة الإسلامية .

ولذلك فإن إجابته- جاءت أكثرتوضيحا حيث قال : "إن هناك ثلاثة عشر مشروع قانون إسلامى تم إعدادها بواسطة لجان متخصصة من علماء ومستشارين وأساتذة قانون فى المجلس الذى كان يرأسه الدكتور صوفى أبو طالب ومنها القانون البحرى والقانون التجارى ومشررع لقانون الزكاة وغيرها . . وأقصى أمانينا لو صدقت النية أن ننفذ قانونا منها كل عام فنحن لا نؤمن بالتطبيق المفاجىء للشريعة أو بتطبيقها دون إعداد المجتمع وتمهيده لذلك حتى ، لا يتكرر ما حدث فى السودان أيام حكم النميرى . .

بل إننا نؤمن أنه لابد أن نتفهم ذلك وتقوم به عن طريق وسائل الإعلام المختلفة كالاذاعة والتلفزيون والسينما ولابد أن تراعيه فى إطار العملية التعليمية فى كليات الحقوق والشريعة، وأما أحمد سيف الإسلام ابن مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا فقال : ( تعديل القوانين التى تحكم بها الدولة تكون طبقآ لأحكام الشريعة الإسلامية .. ومسألة تطبيق الشريعة لا تكون فقط بتعديل القوانين ولكن أيضا بإنشاء القواعد الأصولية من واقع الشريعة. ، واما الشيخ يوسف البدرى عضو حزب الأحرار المتحالف مع الإخوان المسلمين والذى كان يعد ايضا إخوانيا على خلاف الحقيقة فقد قال : فى رأى أن الاحكام التى تطبق الآن فى صورتها مشابهة بنسبة 80 % على الاقل لأحكام الشريعة الإسلامية لماذا ؟ . .

لأن الأصل أن نطبق أحكام الشريعة وليس الأحكام المستوردة إلينا .. ولكن الاختلاف الأكثر من وجهة نظهرى فى الشكل والصياغة .

أما الباطن فى أغلبه فهو متطابق مع جوهر الشريعة .. وهذا له أسبابه التاريخية فالمذهب المالكى كان منتشرا فى بلاد الاندلس أيام الفتح الإسلامى وتأثر به الفرنسيون الذين نستمد منهم معظم قوانيننا وهذا ماأثبته الدكتور محمد يوسف موسى أستاذ القانون .. وأيده فيه الشهيد عبد القادر عودة فن كتابه "الإسلام بين جهل أبنه وعجزوعلمائه .

(لقد تناقشت فى ذلك مع الدكتور رفعت المحجوب فى الأسبوع الماضى واتفق معى . . وقلت إننا سنكون فى المجلس معارضة هادئة لينة إذا أردنا أن نقسو على شخص فإن أقصى كلمة يمكن أن نقولها هى فلان . . سامحه الله ، واستدرك بقوله : وسأطلب - أيضا - برفع جلسات المجلس أوقات الصلاة .. وبتعديل برامج الإذاعة والتليفزيون فى شهر رمضان الكريم ..وسأطالب بزحزحة الفوازير وبرامج الترفيه حتى يتسنى للناس تأدية صلاة التراويح وهذا مطلب مؤقت إلى أن يتم تعديل البرامج ككل ! . ويختم الشيخ يوسف البدرى كلامه قا ئلا : "إن الدعايات الخارجية تهول من صورة الإخوان وهذه أشياء لا نحب أن نسمع لهما ولا نعطيها أذنا .

علينا بالمعايشة قبل أن نطلق إلأحكام . . وانا أؤكد أنكم ستجدون معارضة قوية وجادة ولكنها مهذبة إلى أبعد ما يكون.

وأخيرا صرح اللواء زكى بدر وزير الداخلية والمسئول عن هذه الانتخابات .. وجاء ضمن تصريحه تلميحلا لدور الإخوان فى مجلس الشعب دون الإفصاح عن مسماهم أيضا فقال : "هناك لجنة فى مجلس الشعب تدرس منذ سنوات تطبيق الشريعة الإسلامية وإلجاد الحلول لبعض من المشكلات التى سوف تثار عند التطبيق ، ولعل (التيار الدينى) المذكور يسهم مع هذه اللجنة فى إنجاز مهمتها" .

ولعل ما أدلى به أقطاب التحالف الإخوان ووزير الداخلية ربما لا يعرفه البعض فالحقيقة أنه قبل هذه الانتخابات بسنوات وبالتحديد فى عام 1978 شكل الدكتور صوفي أبو طالب رئيس المجلس حينذاك عدة لجان لتقنين الشريعة الإسلامية تمهيدا لتطبيقها واستمرت هذه اللجان تعمل حتى انتهت من عملها فى عام 1982 . وكان من المنتظر أن يناقشها المجلس وتصدر تباعا .. إلا أن ذلك لم يحدث واثناء الانتخابات .

كان الإخوان يرفعون شعار تطبيق الشريعة الإسلامية . . وإن كانوا لم يوضحوا كيفية ذلك . وقالوا إنه لابد قبل التطبيق .. من مرحلة التقنين . . لأنها أساس التطبيق .. وإلا فكيف ستطبق الشريعة بلا تقنينها ، حتى تكون قانونآ صادرا من الدولة وملزما لأفرادها .. وبذلك فإن الدكتور صوفى أبو طالب قد بدأ بمرحلة ضرررية وأساسية لا غنى عنها ، وبالطبع فإن الإخوان يدركون ذلك . . وإن لم يوضحوه أيضا .

ومن هنا لابد من عرض هذا التقنين حتى تكون على بينة واضحة وليمكن الاستطراد فى كتابنا على هدى من الواقع الموثق أيضا . وسوف نعرض هذا التقنين من البداية .

قد بدأ هذا التقنين يوم 17 ديسمبر عام 1978 ، حيث بادر الدكتور صوفى أبو طالب رئيس مجلس الشعب أحكام الشريعة الإسلامية هو أن كل مشروع ينتهى ويتكامل يرسل إلى لجنة الشئون الدستويه التشريعية آملين أن تعرض على المجلس بعض هذه المشروعات التى أنجزت أو على وشك أن تنجز فى!دورالانعقاد هذا، ويهمنا فى هذا المقام أن نشير مما سبق إلى أمور هامة :

أولا : أن هناك متابعة من بعض الأعضاء الذين أثاروا فى جلسات سابقة تساؤلات حول مدى" ؟، ماوصلت إليه لجان تقنين الشريعة الإسلامية من عمل ونشاط .

ثانيا : استمرار هذا التقنين وعدم تأثره بتعديل المادة الثانية فى الجلسة المشار إليها ، حيث أن التعديل يؤدى إلى نفس النتيجة ثالثا : أن رئيس إحدى اللجان وهو أحد أقطاب التيار الدينى فى مصر - الإخوان المسلمين فيما -. بعد - قد أصدر تقريرا عن مطابقة أحد القوانين للشريعة الإسلامية إلا فى بعض مواد لا تتعدى أصابع اليد .

إذن فليس هناك محنة للإدعاء بمخالفة هذا القانون بالذات للشريعة مستقبلا ، وفى أى محفل وفى أى مكان .. وتحت أى شعار. وبعد إقرار التعديلات الدستورية فى الجلسة ومنها المادة الثانية التى نصت على أن الشريعه ؟

الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، عرض رئيس المجلس لما انتهت إليه لجان الشريعة ووقف البرلت برسوم( كبير الأقباط "المسيحيين ) بالمجلس حيث أعلن قائلا  : "إنى مفوض من أخواتى وإخوتكم – النواب المصريين الأقباط – وإن كان ليس فى هذا المجلس قبطى ولا مسلم ولا قبطى أو مسلم وإنما كلنا نجمع فى ساحة مصرية . . ولكننى مفوض منهبم بكلمات : أقول أن على الدنيا التى تضطرب بالأحقاد خارج مصرنا عليها أن تعلم عنا وعنكم . .؟

فليسمعها العالم أنه فى اليوم الذى نقر ونقرر ونوافق بالإجماع على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فى بلادنا تقول لنا الشريعة الإسلامية ويقول لنا الدستور وتقريره الذى لا ينفصل عنه لأنه وثيقة . . أن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء - وهى سمحاء حقا - تقررأن "غير المسلمين من أهل الكتاب يخضون فى امورأحوالهم الشخصية لشرئع ملتنا ، وقد استقر على ذلك رأى فقهاء الشريعة الإسلامية) .

وفى هذا الإطار الذى أشار إليه استدرك قائل : (ولا توجد سمة شبهة فى أن تولى الوظائف والمناصب العامة وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية تعد من الحقوق العامة للمصريين التى يتمتعون بها فى ظل الدستور وطبقا لأحكام القانون دون أى تمييز أو تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الغه أو الدين أو العقيدة ، فى الوقت الذى يقتتل فيه العالم جنسا وعقيدة ، بل فى الوقت الذى تقوم فيه المذابح بين بعض المذاهب المسيحية وبعضها وبين بعض المذاهب الإسلامية وبعضها فى بلاد تعيب علينا أننا نتأخر وأنهم يتقدمون حاشا وحاش لله .

ومن عاصر إلقاء هذه الكلمة . . فإنه قد عاش لحظات مفعمة بالعواطف الجياشة الوطنية الملهمة للتآخى والحب والتعاون حيث بدا هذا المفوض صادقا مخلصا شعرت به الجمهرة من الأعضاء المسلمين ولقد عبروا عن ذلك بالتصفيق عدة مرات بحرارة وبشاشة وتفاؤل . . بل إن العضو البرت برسوم أبعد شبح وهم الخشية من تطبيق الإسلامية بإثارة أى فتنة طائفية عندما المح إلى اقتتال بعض المذاهب المسيحية فى لبنان والتى كانت تستعر حينذاك بالحرب الأهلية التى كانت ذات طابع طائفى.. . والتى دفعت البعض إلى ترديد أو التلويح بالخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية لعدم إثارة فتنة طائفية. . وإن كان البرت برسوم يدرك وزملازه - وكما قال بحق - أن الشريعة الإسلامية سمحاء وهى تقرر حرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية لغير المسلمين وتطبيق قوانين ملتهم ومذاهبهم فى مسائل أحوالهم الشخصية.

إلا أنه للأسف سنرى ان البعض مازال يلوح بهذا الخوف الوهمى وغير الحقيقى . ثم استغتى الشعب على هذه التعديلات التى وافق عليها المجلس فى اللجان السابقة فى 22 مايو 1980 وكانت النتيجة أن وافق 98.% عليها .

وفى تطور كبير - لتقنين أحكام الشريعة الإسلامية - بعد عامين وبالتحديد فى صباح يوم أول يوليو عام 82 9 1 حيث عقد مجلس الشعب جلسته الختامية للدئرة البرلمانية .

افتتح الدكتور صوفى أبو طالب رئيس المجلس هذه الجلسة ، وأعلن قائلا ( يسعدنى اليوم ونحن نختتم هذه الدورة من أدوار انعقاد المجلس الموقر أن يكون حسن الختام بفضل الله وتوفيقه عملا خلاقا وهو إنجاز عمل تاريخى ضم - إعمالا للتعديل الدستورى للمادة الثانية من الدستور - التى تقص بأن تكون مبادىء الشرسعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ) .

( وأضاف : أنه وإن كان الزملاء رؤساء اللجان الفرعية سيقدمون لحضراتكم بيانا عن كل هذه المشروعات إلا أنه يجدر ى أن أشير بادىء ذى بدء إلى أن وضع الشريعة الإسلامية موضع التطبيقالنذول على أحكامهما هو عودة بالشعب المصرى بل بالأمة العربية والإسلامية إلى ذاتها العربية الإسلامية بعد اغتراب عشناه فى ظل القوانين الأجنبية اكثر من قرن من الزمان ، إلا أنه إنهاء للتناقض بين القيم الأخلاقية - بنت هذه الأرض الطيبة ، والسياج الحضارى الذى يربط شعبها وبين القوانين الوضعيه كما يتضح من النظرة الدينية والأخلاقية فى شأن بعض الأعمال كالزنا وشرب الخمر والربا بين النظرة إليها وفقا للقوانين الوضعيه القائمة فى هذا الخصوص وما يترتب على ذلك من تمزق بل وإحباط للتناقض بين ما يؤمن به الانسان المصرى والقوانين التى تحكمه ) .

أكد قائلا : (وأسجل أمامكم أن هذا العمل الذى أنجزناه إعمالا للمادة الثانية من الدستور روعى فى إعداده وسيراعى فى تطبيقه أحكام الشريعة الإسلامية والمبادىء الدستوردية على السواء بمعنى أننا كلنا ، نعلم أن الإسلام يكفل حرية العقيدة لغير المسلمين من أهل الكتاب إعمالا لمبدالا اكراه فى الدين )كما يكفل المساواة بين المسلمين وغير المسلمين فى الحقوق والواجبات إعمالا لمبدأ (لهم ما لنا وعيهم ما علينا) ويجدر هنا أن نؤكد أن الدستور المصرى قد أفرد العديد من المواد لتطبيق هذين المبدأين ) وأضاف بقوله : كما أنه من المسلمات أيضا أن مبادىء الشريعة الإسلامية السمحاء تقررأن غيرالمسلمين من أهل الكتاب يخضعون فى أمورأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وغيورهما لشرائع ملتهم ، وقد استقر على ذلك رأى فقهاء الشريعة منذ أقدم العصور نزولا على ما ورد فى الكتاب والسنة ولذلك روعى فى التقنينات خضوع غير المسلمين فى مسائل الأحوال الشخصية لقوانين ملتهم ).

ثم استعرض أهم الملامح الأساسية للتقنينات الجديدة والتى تظهر فيما يلى :

اولأ : ( أن هذه التقنينات مأخوذة من الشريعة الإسلامية نصا أو مخرجة على حكم شرعى أوأصل من أصولها ، وذلك دون التقيد بمذهب فقهى معين ، ومن هنا استنبطت الأحكام من آراء الفقهاء التى تتفق وظروف المجتمع . ولست فى حاجة إلى أن أذكر لحضراتكم أن الأحكام الشرعية تنقسم الى قسمين النوع الأول : أحكام قطعية الثبوت والدلالة ولا مجال للاجتهاد فيها .

النوع الثانى : أحكام اجتهادية إما لأنها ظنية الثبوت وإما لكونها ظنية الدلالة ، ومن المسلم بالنسبة للأحكام الاجتهادية أنها تتغير بتغيير الزمان والمكان ، الأمر الذى أدى إلى تعدد الذاهب الإسلامية بل والآراء داخل المذهب الواحد وهو ما أعطى للفقه الاسلامى مرونة وحيوية أمكن معها القول بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان .

ثانيا : حرص اللجان الفنية التى تولت إعداد هذه التشريعات على بيان الأصل الشرعى لكل نص من النصوص أو الأصل أو المبدأ الذى خرجت الحكم عليه حتى يكون الرجوع فى التفسير والتأويل إلى مراجع الفقه الإسلامى بدلا من الإلتجاء دائما إلى الفقه الأجنبى .

ثالثا : أما بالنسبة للعلاقات الاجتماعية والمعاملات المالية الجديدة التى استحدثت ولم يتطرق لها فقهاء الشريعة اجتهدت اللجان فى استنباط الأحكام التى تتفق وظروف المجتمع وروح العصر بشرط مطابقتها لروح الشريعة الإسلامية وأصولها ، ومن أمثلة ذلك معاملات البنوك والتأمينات وطرق اسثمار المال . . إلخ .

رابعا : أنه فى سبيل الحفاظ على التراث الفقهى المصرى ومبادىء القضاء التى استقرت طوال القرن الماضى فقد حرصت اللجان على الأخذ بالمسطلحات القانونية المألوفة ولم تخرج عليها فى الصيغة إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك ، أما المضمون والمعانى فهما مطابقان للفقه الإسلامى . ثم عرض للتشريعات التى تمت إبنجازها وهى :

ا - مشروع قانون المعاملات المدنية ويقع فى اكثر من ألف مادة 2 - مشروع قانون الإثبات ويقع فى 181 مادة ومشروع قانون التقاضى ويقع فى 513مادة .

3 - مشررع قانون العقوبات : القسم العام والحدود والتعذيرات ويقع فى635 مادة .

4 - مشروع قانون التجارة البحرية ريقع فى 443 مادة .

5- مشروع قانون التجارة ويقع فى 776 مادة .

ولكنه أضاف بقوله : أن هذا العمل التاريخى مازال بحاجة إلى جهد جهيد يتعين أن يسعى إليه كل الذين يريدون للشريعة الإسلامية الازدهار كل فى مجال تخصصه وهذا يقتضينا أن نبدأ الآن بما باتى :

( 1 ) تهيئة المناخ الاجتماعى لقبول التقنينات الجديدة ويكون ذلك عن طريق وسائل الإعلام المتعده وعقد جلسات الاستطلاع فى الموضوعات التى جدت فى المجتمع بعد قفل باب الاجتهاد )

المبدأ الأول : ربط التقنين المنشود بمصدرة الشرعية من كتاب الله أوسنة رسوله الكريم أو اجماع أو رأى من آراء الفقهاء المدونة فى كتب الفقه الإسلامى ليكون الرجوع إلى تلك الأصول المراجع الإسلامية لا للقوانين الأجنبية عند اختلاف وجهات النظهر فى التطبيق .

المبدأ الثانى : عدم التقيد بمذهب معين من مذاب الفقه الإسلامى ولو كان المذب الحنفى وذلك خروجا من ضيق المذهب الواحد إلى سعة شريعة الإسلام بمذاهبها المختلفة إذ المذاهب الفقهية لاسلامية ليست إلا وجهات نظر لأصحابها لا تقيد غيرهم إلا بقدر ما يقوم الدليل على صحته وعلى للمصلحة المعتبرة شرعا .

المبدأ الثالث: أنه بالنسبة للمواد المنظمة للأمور المستحدثة والتى ليس لها أصول شرعية ولا تخالف هذه الأصول فإن وضعها فى المشروع سيكون استنادا إلى قاعدة المصالح المرسلة التى تجيز لولى الأمر .

وضع النظم المناسبة لتحقيق مصالح المجتمع مادامت لا تتعارض مع أحكام الشرع وهى التى لم يرد شرعى باعتبارها أو بإلغه لها وأخذ بما تعارف الناس عليه فى حياتهم ، وتعاملوا به وفقا لحكم الشريعة الإسلامية لأن القانون يجب أن يكون وثيق الصلة بحياة المجتمع وعاداته وتقاليده .

المبدأ الرابع : عدم محاولة استقصاء كل التفاصيل والفروع أو النص على حكمها اكتفاء بالكليات تحقيقا لغرض المرونة وتمكينا للقضاء والفقه من دورهما فى تطبيق تلك الكليات على الواقعات وفقا للقواعد المقررة فى الفقه الإسلامى .

وختم حديثه مخاطبا أعضاء المجلس بقوله : واليوم لنا أن نبتهج بان الشريعة الإسلامية المنصوص عليا " فى المادة الثانية من الدستور أصبحت حقيقة) .

ثم اعتلى منبر المجلس حافظ بدوى رئيس المجلس السابق 1 19711974 م ورئيس لجنة قانون - والتى ضمت بين أعضه لها الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس المجلس فيما بعد ( الحالى) .

وخطب قائلا : إن الذى نبحثه الآن ليس أمرأ عاديا ولكنه أمر يجب أن نحتفى به لأنه أمنية غالية لكل فرد فى بلدنا ومن وجهة نظرى - وأرجوا أن أكون معبرا ن آرائكم جميعا - نحن نعتبر هذا اليوم عيدا لنا لأنه حقق اكبرأمل لكل فرد فى شعبنا ، وإننى أذكرفى سنة ألف وتسعمائة وواحد وسبعين أبان وضع مشروع الدستور الدائم وكنا نجول بين أرجاء مصرنا من أقصاها إلى أقصاها وكان النداء الاول فى كل قرية من قرانا وفى كل مدينة من مدننا وفى كل مجتمع من مجتمعاتنا وفى كل جامعة من جامعاتنا لهنا أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرأ أساسيا لتشريعاتنا ومن أجل ذك نصت المادة الثانية من دستور سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادىء الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع ) .

وأضاف قائلا :وقبل التعديل الأخير (عام 1980 ) وسنة ألف وتسعمائه وثمانية وسبعين قال الأستاذ الفاضل الدكتور صوفى أبو طالب : (لقد آن الآوان - وهنا فى هذا المجلس الموقر - لأن توضع المادة الثانية من الدستور موضع التنفيذ. واقترح ووافق المجلس على اقتراحه بأن تشكل لجان فنية لتقنين الشريعة الإسلامية! . ثم قدم مشروع القانون قائلأ : يجدر بنا أن نشير إلى أن مشروع قانون العقوبات كبير وهو مظهر مشرف أن تعرف أن الشريعة الإسلامية ليست رقابا ولا أيادى تقطع ولكنها الرحمة والعدل والمساواة" .

ثم تحدث المستشار أحمد موسى وزير العدل والمدعى العام الأسبق ووكيل المجلس فيما بعد (1984 - 1990) ورئيس لجنة قانون التجارة البحرية حيث قدم لمشروع القانون قائلا : (ينظم شئون التجارة البحرية حاليا قانون صدر عام 1883 مستمدة أحكامه من المجموعة التجاربة الفرنسية الصادرة عام 1807 ومن ثم فلم يعدسائغا أن يظل قانون هذا شأنه ساريا على العلاقات التجارية التى طرأ عليها تطور هائل خلال المائة عام الأخيرة منذ صدور قانونها حتى الآن وكان لازما أن يواكب التشريع هذا التطور الهائل لمواجهة المشاكل التى انضمت إليها مصر.

وقد أعدت وزارة العدل مشروعا للتجارةالبحريه محققا لذلك كله وقد شارك فى إعداده صفوة من رجال القانون المتخصصين فى هذا المجال وقد أحيل هذا المشروع إلى مجلس الشعب الذى أحاله إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية التى عكفت على دراسته مستعينة بلجنة فنية من رجال القانون والمشتغلين بالأعمال البحرية) .

وقال : "وإعمالا للتعديل الدستورى للمادة الثانية الصادر عام 1980 بجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع فقد أعادت اللجنة دراسة المشروع لمراعاة أن تكون أحكامه متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وقد التزمت اللجنة فى إعدادها لأحكام المشروع بما ورد فيه نص قطعى ألثبوت والدلالة ، فإن لم يوجد النص فقد أخذت اللجنة بمختلف استنباط الأحكام الشرعية من إجماع أو قياس أو عرف كما استهدفت اللجنة فى تقرير بعض الأحكام بالمصلحة المرسلة وهى كما عرفها فقهاء الشريعة الإسلاميةكل أمريحقق منفعة عامة للمجتمع أو يدفع مضرة عنه ولم يرد فيه نص من الشارع باعتباره أو بإلغائه وبمراعاة .

الشرطين الأساسيين اللذين اشترطهما الفقهاء فى اعتبار المصالح المرسلة وهما

( أ ) أن تكون المصلحة عامة وحقيقية يترتب عليها - يقينا لا وهما- جلب مصلحة أو دفع مضرة .

(ب ) ألا يعارض التشريع لهذه المصلحة حكما شرعيا ثبت بنص قاطع غير قابل للتأويل ، وبهذه الأصول العامة يمكن أن نحكم بالجواز على كل إجراء جديد يحقق المصلحة العامة وعلى كل معاملة جديدة تعارف الناس عليها ولا يوجد نص يمنعها وعلى كل اتفاق بين المتعاقدين لا يحل حراما،ولا يحرم حلالا ، وغنى عن القول ، أن اختلاف الفقهاء فى هذه المعاملات يعطى الفرصة لاختيار أنسب الآراء للحكم على ما جرى عليه عمل الناس لتحقيق مصالحهم المشتركة) .

وأكد على مشروع القانون هذا قد عرض على الأزهر الشريف فرافق عليه مع إبداء بعض ! الملاحظات التى أعيدت صياغة المشروع على ضوئها . ا! وختم حديثه قائلا : "وعلى هدى ما تقدم جميعه فإن اللجنة ترى أن المشروع بحالته صالح للنظر! وتوصى المجلس بإحالته إلى لجنة الشؤن الدستورية والتشريعية بالمجلس لاستكمال مراحل استصداره ) . ،! وأما الدكتورمحمد كامل ليلة رئيس لجنة قانون التجارة ورئيس المجلس فيما بعد (1983- 1984 م فقد عرض لمشروع القانون قائلا : ينظم شئون التجارة قانون التجارة الصادر فى سنة 1883 وذلك بالإضافة إلى بعض القوانين التى نظمت بعض الشئون المتعلقة بممارسة النشاط التجارى ومن ذلك قانون السجل التجارى والقانون الخاص بالوكالة التجارية .

وقد بذلت عدة محاولات لوضع قانون جديد ينظم قانون التجارة خاصة بعد التطورات الهائله التى طرأت على الحياة التجارية فى عالمنا المعاصر . ! وعقب صدرر التعديل الدستورى فى 22 مايو 1980 الذى تضمن - فيما تضمنه - أن مبادىء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع .

شكلت بالمجلس لجنة لإعداد مشروع قانون للتجارة يتفق وأحدث الاتجاهات المنظمة للشئون التجارية ويكون - فى نفس الوقت - متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية . ! وقد عكفت اللجنة على إعداد المشررع المطلوب مستهدية فى ذلك بالمشروعات ، السابقة وبتشريعات بعض الدول العربية وبصفة خاصة قانون التجارة الكويتية الذى صدر فى العام الماضى 1981 .

وأضاف بقوله : "ويلاحظ أنه قد طرأت تطورات كبيرة على الحياه المالية والتجارية فى السنوات الأخيرة وقد واكبت تشريعات كثيرة من الدول العربية أحدث الاتجاهات فى مجال التشريعات التجارية بينما بقى تشريعنا متخلفا فى هذا المجال ومن ثم كان لابد من وضع تشريع جديد يتفق والتطورات العالمية الحديثة .

وفى نفس الوقت روعى أن تتفق أحكام المشروع مع أحكام الشريعة الإسلامية . وقد التزمت اللجنة فى إعدادها للمشروع بجميع مصادر التشريع الإسلامى من كتاب أو سنة وهما المصدران اللذان ورد بهما النص أو بغير ذلك من المصادر الشرعية فيما لم يرد فيه نص شرعى مثل الإجماع أو القياس أو العرف المعتبر شرعا . وكذلك اعتدت اللجنة - بالنسبة إلى بعض الأحكام الشرعية بالمصلحة المرسلة) .

وتحدث معلقامختار هانى وزير الدولة لشئون مجلسى الشعب والشورى ممثلأ للحكومة حيث خطب قائلا : حقا إننا اليوم فى عيد .. عيد طال انتظار الجماهير له .. عيد طولبنا به فى كل مؤتمر عقدناه وفى كل مجتمع تواجدنا فيه . كنا نطالب دائما بإعمال كتاب الله وسنة رسوله فى كل الأحكام ا ، وأضاف بقوله : ا إننا بهذا العمل الجليل نرجع إلى الطريق القويم. . الطريق الصحيح نبدأ المسيرة الحقة التى كان يجب علينا أن نلتزمها منذ أمد بعيد .

وهذا هو هدف واضح ومحدد من أهداف الحزب الوطني الديمقراطى حيث ورد فى برنامجه أنه يسعى إلى تقنين الشريعة الإسلامية وكانت بداية المطاف أنه أسهم فيما تقدمت به وأجمع الشعب عليه عندما عدلتم من المادة الثانية من الدستور ليكون نصها أن أحكام الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ) .

وأما العضو محمد عبد النفار السودانى فأعلن : ا إننا من هذا التاريخ نؤكد للعالم أجمع وللشعب العربى وللجماعات التى تتكلم عن الدين والتدين أن مصر بشعبها ونوابها وقيادتها تعمل من أجل شريعة الله وتؤكد كل يوم وفى كل طلعة صباح ومساء أن مصر تطبق الشريعة الإسلامية والقوانين ا لاسلا مية ) .

وتحدث شيخ البرلمانيين قبطى اسطفان باسيلى عضو الحزب الوطني والعضو السابق لحزب الوفد لما قبل الثورة . فأعلن : إننى إذا أتحدث فى هذا الموضوع بالذات فإننى أشعر أن التاريخ هر الذى يتكلم لشيخوختى أولأ ولاننى عشت فى العمل القضائى سبعة وخمسين عاما محاميأ ولقد عرفت بمضى المدة أن الشريعة الإسلامية هى خير ما يمكن أن يطالب به لا المسلم وحده بل أيضأ المسيحى) .

ثم ساق تبريرات ترحيب المسيحيين بذلك قائلا : لأن بها كل ما يرضينا والعهدة النبوية الموجودة فى ديرسيناء والمكتوب بخط الإمام على تؤكد الحفاظ علينا فى كل ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات والقاعدة الشرعية "أمرنا بتركهم وما يدينون ) واليوم يستكلم كل ما كان ناقصا وواجبال الاكتمال فيما يتعلق بتطبيق الشريعة الإسلامية وما فيها من مصادر الرحمة الكثير بالنسبةللمواطنين .

ثم استطرد : "لقد عشت معركة عند وضع القانون المدنى عام 1949 وكانت اللجنة من بينها الأخ الدكتور السنهورى والدكتور صادق فهمى وكان الكفاح كله يدور حول سيادة الشريعة الا سلامية على التشريع المدنى وليست به مخالفة واحدة للشريعة الإسلامية وإنما تشريع اليوم به كل شىء حسن وبه ضوابط تريح المواطنين ولا تغيرواقعا عشناه، جميعأوستصدرالتشريعات ولن يشعرأحد بأن هناك حقأ ضاع له ، فكلها جاءت لتصون الحق وتحميه ، فالشىء الذى يأتى وبه اسم الدين فإنه يرطب الحلق ويريح النفس ويهدىء الأعصاب . ، وختم حديثه بقوله : لذلك أقول إنه يوم بهجة أن يكون كل إنسان فى مصر ما يسعده ويوم أن ، يكون اسم الشريعة الإسلامية هو المسيطر على كل تشريعاتنا فإن ذلك ما يسعدنا) . !

وعلق فكرى مكرم عبيد نائب رئيس الوزراء لشئون مجلسى الشعب والشورى وأثنى على رئيس ! المجلس - وعلى الدورالبناء الممتازالذى قام به على وجه خاص فى إخراج هذا المطلب الشعبى العارم فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والتقنين طبقأ لأحكام الشريعة . --- وكان آخر المعلقين فى هذه الجلسة على هذه المشروعات بقوانين جديدة والمعدة طبقأ لأحكام ! الشريعة الاسلامية المهندس إبراهيم شكرى .. وهوأول المتحدثين أيضا فى هذا الفصل فقال فى تعليق ! أخيرفى هذه الجلسة المشارإليها: ما يتم اليوم يعد إنجازكبير يتمشى مع التعديل الذى أدخل فى الدستور وما ينتظره جميع الشعب .

لقد عشنا فترة طويلة كنا نقع فى كثير من التناقضات التى يجب أن تزول بتطبيق هذه التشريعات بإذن الله وأقول أن بعض القضاة كانوا يجتهدرن فى بعض أحكامهم مستندين إلى أن التشريع الإسلامى هو الأساس مما جعل بعض هذه الأحكام بها بعض الاضطراب ، فأرجو أن تنتهى هذه الفترة وأن نعمل بهذه التشريعات. ! ثم أضاف إننى أؤيد ما ذكره السيد الدكتور رئيس المجلس بأنه يجب - وفى هذه الفترة - أن تتجه كل الأجهزة إلى تهيئة المناخ لهذه التشريعات ووضع الأسس السليمة لتطبيقها .

لذلك يجب على كل الأجهزة فى الحكومة الاستعداد لإيجاد هذا المناخ ومنع كل المظاهر التى لاتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية واول هذه المظاهر ، موضوع القمار الموجود فى الفنادق الكبرى وكذلك المصانع التى تصنع الخمر فيجب تحويل هذه المصانع إلى مصانع مشروبات غير كحولية ويجب أن تواجه أجهزة الإعلام هذا المناخ حتى تسير الحياة فى مصر كما نريدها فى مصر طبقا للشريعة ألإسلامية( 34) .

ومن خلال العرض الموجز لهذه الجلسة التاريخية برئاسة الدكتور صوفي أبو طالب يمكن التأكيد والتنبيه على بعض النقاط الهامة وهى :

أولأ : تأكيد رئيس المجلس ورؤساء اللجان الفرعية التى قدمت مشروعات القوانين وممثلى الحكومة بأن تقنين الشريعة الإسلامية يحقق مصلحة كبرى للاشقاء الأقباط االمسيحيين ) حيث أنها تؤكد حقوقهم وحرية عقيدتهم وتقرر واجباتهم طبقا للشريعة الإسلامية .

ثانيا : وكذلك التاكيد على أن الجزء الكبير من معظم هذه التشريعات يعتبر بمثابة تراث مشترك بين المسلمين والمسيحيين وقد درجوا جميعهم على تسيير حياتهم فى ظله واعتادوا على تفهمه والاسترشاد به فليس هناك جور يلحق بأى مواطن مهما كانت ديانته ، فالجميع شركاء فى هذا التراث القانونى .

ثالثا : أن معظم هذه القوانين وفى جزء كبير منها قامت على أساس الفقه الإسلامى والذى اعترفت به المحافل القانونية الدولية فليس هناك إذن غضاضة من أى تخوف عالمى .

رابعا : أن كل رؤساء اللجان والذين أشرفوا على تقنين الشريعة الإسلامية فى مشروعات القوانين المعروضة أكدوا أنها مطابقة للشريعة الإسلامية بمعناها الواسع الشامل مما جعلها أيضا متسقة مع المعاصرة والتطورات العديدة التى جرت فى مصر وعلى المستوى العالمى أيضا وفى شتى المجالات ولاتناقض بينهما .

خامسا : أن هذه المشروعات بقوانين لم تقدمها الحكومة بل إن مجلس الشعب الذى بادر بتقنينها وقام بدوره التشريعى الأصيل فيها .

سادسا : يتبين من خلال عرض رئيس المجلس ورؤساء اللجان أن ما قدم للمجلس وما تم عرضه هو مشروعات قوانين بموادها ونصوصها كاملة ، وليست دراسات ، كما ترد فيما بعد ذلك بالمخالفة للحقائق التى سبق عرضها وتوضيحها .

سابعا : وقد لوحظ أن أحد المشاركين ، بل كان رئيسا لإحدى اللجان هو الشيخ صلاح أبو إسماعيل أحد أعضاء الإخوان .

ثامنا : بل إن إبراهيم شكرى كان على رأس المعلقين على هذه المشروعات بقوانين وقد أثنى عليها ثم أصبح زعيما للتحالف . فماذا فعل لدفع هذه المشروعات بقوانين إلى النور حتى يوافق عليها المجلس ؟! هذا ما سنحققه فى فصول قادمة .

تاسعا : وإذا كان الدكتور محمد كامل ليلة رئيس إحدى لجان التقنين ، وقد تولى رئاسة المجلس بعد الدكتور صوفى أبو طالب . فماذا فعل بهذه المشروعات بقوانين ، وهى عهدة اللجنة التشريعية والدستورية التى كان يرأسها المستشار أحمد موسى ؟! وهذا الأخير زعم أنه كان رئيسا لاحدى لجان التقنين وأيضا رئيسا للجنة التشريعية والدستورية المنوط بها دراسة هذه المشروعات وعرضها على المجلس للموافقة .

.ثم وكيلا للمجلس لمدة ست سنوات . فماذا فعل بها أيضا؟! في

عاشرا : إن ممثلى حكومة الحزب الوطنى الديمقراطى قد رحبت ووافقت على هذا التقنين من حيث المبدأ إلا أنها تجاهلت هذه المشروعات بقوانين بعد ذلك فما هو السبب أو ما هى الأسباب ؟!

حادى عشر : وإذا كان الجميع قد أشاروا إلى أن هذا التقنين هو رغبة ومطلب شعبى عام . . ! فلماذا لم تحترم هذه الرغبة الشعبية شبه الاجماعية ولماذا لم يلبى هذا المطلب الجماهيرى . وماذا يعنى ذلك التجاهل للمطلب الشعبى والرغبة الجماهيرية نحو هذا التقنين . !

ثانى عشر : إن ما قام به مجلس الشعب من تهليل لتقنين القوانين يعد خذلانالمن يرددون شعارات الإسلام والتطبيق .. إن ذلك حقيفة مؤكدة . . وعلى مردديها أن يكفوا عن هذه المحارلات . ثالث عشر : يبدو من نظرة أخرى على ما دار فى هذه الجلسة .

إن من وافق وأثنى وشارك وساهم فى هذه التقنينات . . كانوا فى مواقع معينة .. وقد اختلفت مواقعهم فاختلفت مواقفهم بعد ذلك ! وبالتالى فإن ما جاء على لسانهم ، كان يعبر عن الموقع وليس عن الموقف ؟

إذن . . ماذا حدث ؟؟

هذا ما سنطالعه فى فصول قادمة أيضا .ومما سبق يتضح أن الدولة قد سارت - بالفعل - خطوات هامة وجادة نحو تقنين الشريعة الإسلامية ، أى صياغتها فى قوانين تمهيدا لتطبيقها. عندما أذكر الدولة فإننى أقصد كلا من : رئيس الدولة ، القيادات الحاكمة ، والسياسية ، وعلماء الدين ورجال الففقه والقانون و اخيرا السلطة التشريعية الممثلة فى مجلس الشعب تحقيقا لمطلب شعبى لرأى عام مصرى ، إلا أنه منذ أول يوليو عام 1982 ، وكما عرضنا آنفا ، وحتى انتخابات عام 1987 لم يذكر شئ ولم يعلن عن اكثر من ذلك بالنسبة لهذه التقنينات مما يعنى أن الدولة تراجعت أوتجاهلت أوأخفت هذه التقنينات ولعل ذلك ما دفع الإخوان لرفع شعارهم بقوة وعلى مستوى من الانتشار الواسع فى البلاد . . تذرعا بموقف الدولة .

ومن هنا يبدو أن الدولة قد تورطت فى وضع هذه التقنينات الإسلامية . ومن هنا ، أيضا ، رأى البعض أن الدكتور صوفى أبو طالب قد أوقع الدولة فى حرج من حرج من جراء هذه التقنينات فى حوزة مجلس الشعب ، وفى ذات الوقت فإنها لا تخرجها إلى حيز التطبيق . . وعلى ذلك كان من الضرورى الالتقاء بالدكتور صوفى أبو طالب رئيس المجلس والمسئول عن وضع هذه التقنينات . . وسؤاله عن نشاطه وجهوده فى ذلك ودفعه شريعة الإسلامية لأن تكون على الساحة السياسية فى مصر وبذلك فقد ورط الدولة فيها كما يرى البعض . ولماذا وضعت هذه التقنينات ابتداء ؟ وما هى خلفية ذلك التقنين ؟ وما هو دوره كرئيس للسلطة التشريعية فى ذلك الحين . وما دور الدولة عموما فى هذا ، خاصة أن هذه التقنينات قد مرت بولايتين أولاهما أنور الساداث وثانيتهما للرئيس حسنى مبارك .

وما أسباب تجميد وقف هذه التقنينات ؟! وإزاء هذه التساؤلات التى طرحتها على الدكتورصوفى أبو طالب أجاب قائلا : إبتداء فإن النص الدستورى على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع قد وضح فى الدستور عام 1971 ولم يكن لى شرف المشاركة فى وضع هذا الدستور ، حيث كنت خارج مصر لخلاف جذرى مع النظام الحاكم قبل هذا التاريخ .

وكان نظام عبد الناصر حينذاك ، وبذلك فإننى لم أورط الدولة فى هذا النص . بل الواقع أن اللجنة التى وضعت الدستوركان وراءها تكتل لتحقيق ذلك .

ولم تكن لى صلة أو معرفة بالرئيس السادات حتى ذلك الحين . وأما تعديل ذات النص فى مايو عام 1980 فقد تم تعديله من مصدر رئيسى للتشريع إلى المصدر .

الرئيسى للتشريع فالإضافة الوحيدة هى (الأف واللام ) وهذا فى الحقيقة لا يغير من الأمر!وذلك واضح فى المذكرة الإيضاحية لهذا التعديل فالنتيجة واحدة من خلال النصين ، فأن تقول مصدررئيسى للتشريع يعنى ألا تلجأ الى غيره الا اذا خلا . هو من حكم . وأما المصدر الرئيسى للتشريع فهى ذات النتيجة .. وإنما التغييريكون لو عدل النص إلى المصدروحده أوحدها. وهذامالم يحدث .

وبذلك فكلمات مصدر رئيسى للتشريع تنتهى بذات المعنى للمصدر الرئيسى للتشريع . ،! وعلى ذلك فإننى لم أورط الدولة..ولا أدعى فضلالم أفعله ،ثم استدرك قائلا : وإنما الأمر صادف هوى فى نفسى .. لأننى من بين المؤمنين إيمانا لايتزعزع بأى إصلاح اقتصادى أو سياسى يجرى فى مصر منقول من الخارج ودون أن يكون متلائمأ أو متوافقا اومنبثقا من الشريعة الإسلامية بالذات لا قيمة له فى النهاية . لأن الشعب المصرى شئنا أم أبينا - و الإسلام بمعناه الحضارى وليس معناه الدينى فقط - جزء لا يتجزء من كيان المواطن المصرى مسلما ام مسيحيا).

وقال : وأى نظام بعيدا عن هذه الحضارة الإسلامية سيظهر للمواطن المصرى على أنه نظام مستورد وبذلك سيعمل على التفنن فى مخالفته إنما عندما يكون النظام مأخوذا من الشريعة الإسلامية فالمواطن سينفذه بتلقئية من غيرحارس أو محكمة . . فهذه مسألة تعبيرعن المجتمع وهذا هو المجتمع المصرى . لا يرضى بغيرالنظام الإسلامى بديلا . بل كل المحاولات التى طبقت باسم الاشتراكية والعلمانية أو غيرهما لم تصادف هوى فى نفوس الناس حتى الذين يستفيدون من هذه الأوضاع فإنهم بقرارة نفوسهم لا يطمئنون لهذا .. وقال : "وهذا النص الدستورى الذى وضع فى عام 1971 وتم تعديله كما أوضحنا فى عام 1980 ، وكان لى الشرف فى وضعه موضع التنفيذ عندما شرفت برئاسة مجلس الشعب عام 9871 وشكلت اللجان التى قامت بهذا عمل بعد موافقة المجلس ولم أفعله بصفتى الشخصية أو فى غيبة الدولة إنما أتيته من خلال مؤسسة تشريعية جزء من الدرلة وتحقيقا لسياستها أيضا .

والأمر هنا يخصنى ، من حيث مسئوليتى كرئيس للسلطة التشريعية ومشرفاعلى العمل ذاته . لعل الكثيرين لا يعلمون أن رسالة الدكتوراه التى حصلت عليها من جامعة باريس عام 1952 في كان موضوعها ذلك الموضوع وقبل النص الدستورى عام 1971 وقبل ما يتاجربه كثيرون .

فكان موضوع الرسالة المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الفرنسى والقانون الرومانى ) . وقد عرضت فى مقدمة الرسالة أفكارى حول ضرورة العودة إلى الشريعة الإسلامية لأنها - كقانون - هى المظهر ، الثقافى لاستقلال مصر والعالم العربى.. لأنه لا يمكنك أن تكون مستقلا سياسيا وغير مستقل اقتصاديا ، وبذلك يكون استقلالك شكليا . ويمكنك أيضا أن تكون مستقلا سياسيا وغير مستقل ثقافيا ، وبذلك ييدو استقلالك أيضا . وأخيرا يمكنك أن تكون مستقلا سياسيا وغير مستقل تشريعيا ويكون أيضا استقلالك شكليا.

بل إن الوحدة العربية التى نتحدث عنها لابد أن تكون لها ثقافة موحدة .. فمن أين أو كيف ستكون هذه الثقافة ؟! لابد أن تكون نابعة من الشريعة الإسلامية .. القانون من الاسلام .

ولو أخذت بالثقافة الاجنبية فستذوب فى المجتمع الذى نقلت عنه كما حدث فى فترة ماضية بالجزائر . كما أن دستورنا نص على أن مصر جزء من الأمة العربية . . وكل دساتير العالم العربى نصت على ذلك أيضا . وبذلك فإن هذه الوحدة العربية ما لم تكن وحدتها السياسية مدعمة بوحدة اقتصادية أو على الأقل بتكامل اقتصادى ووحدة ثقافية لا قيمة لها .. فإذا نقلت عن الخارج فلا يجب الحديث تبعا لذلك عن القومية العربية لأن الأخيرة ايدلوجية .. فما هى ؟! حاول البعض افتعال فارق بين الأيديولوجية العربية والأيديولوجية الإسلامية وهذا تمثل فيما نادى به حزب البعث (مؤسسة ميشيل عفلق ) وصور العروبة نقيضا للإسلام ، أى أن القومية العربية تتجه إلى الاتجاه العلمانى . وكان لى فى ذلك جدل طويل مع على صبرى عام 1965 وكان من أحد الأقطاب الداعين للاشتراكية .

وظهر ذلك لى فى كتاب اسمه المجتمع العربى حيث سبب لى ازمة حادة مع النظام الحاكم حينذاك . لأننى أرى أن أيدلوجية القومية العربية إذا لم تستند على الإسلامى فهى أيدلوجية أجنبية) .

ثم سكت لحظات وعاد يؤكد قوله : وأتحدى ، كلئنا من كان ، أن يأتى لى بقيمة عربية واحدة غيرإسلامية وكرر ذلك التحدى مرات ومرات . .) . ثم أوضح قائلا : إنما أن تفتعل القومية العربية من مبادىء اتلقفها من نظام تيتو فى يوغوسلافيا ونظام سالازار من البرتغنال وكذلك النظام الشيوعى ويدعى أنها أيدلوجية عربية . . فهذا في غير صحيح بالمرة !

ومادام النص الدستورى على أن مصر جزء من الأمة العربية ، وهذه الأخيرة محصورة فى الأيدلوجة الإسلاميه كحضاره وليست فى الدين فقط .. فقد شارك فى صنع الحضارة المسلمون والمسيحيون ولكل شعائره الدينية الخاصة به . إذن فالوحدة الثقافية لابد بالضرورة تتضمن الوحدة الفانونية المنبثقة أو النابعة من الشريعة الإسلامية .

فإذا كان النداء بالوحدة العربية لابد من العودة إلى الشريعة الإسلامية ، حتى بلا نص دستورى فما بالنا ولدينا النص دستورى على ذلك ؟! وذلك المعنى الذى أقوله لم يغب عن بال بعض من رجال القانون العربى مسلمين ومسيحين .. فقد شارك فى وضع القانون المدنى ، كل من عبد الرازق السنهورى باشا ومعه الدكتور شفيق شحاته وغير هما وهم آمنوا بأن الوحدة القانونية لا تأتى إلا من الشريعة الإسلامية وجاء قانونهم يعبر عن ذك فى معظم نصوصه .

وإذا كان هذا صحيحا – وهو صحيح – فإن الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق اليوم وغدا ….والدليل على ذلك التقنينات التى انتهينا منها فى مجلس الشعب . ولكن العقبة الوحيدة فى سبيل التطبيق الشريعة الإسلامية هى فى النظمام الاقتصادى الإسلامى الذى يختلف عن النظام الاقتصادى العالى المعاصر . ولكن هذا لا يعوق تطبيق كل ما ورد فى الشريعة فيما عدا بعض الجوانب الاقتصادية ، كنظام البنوك والفوائد حيث إن الفكر الغربى مغاير فيها للفكر الإسلامى . . لأن هذا الفكر الأخير يرى أن المال وحده لا يلد مالا وإنما يقوم على المخاطرة والمشاركة والعمل مع رأس المال .. وشركات توظيف الأموال فشلت لأنها انحرفت عن الفكرالإسلامى حيث إن المأخوذ به اليوم فقط هى المضاربة أو المرابحة ولكنها لا تفى بالغرض المطلوب .

وبذلك لا يبقى من مفر إلا الأخذ بنظم اقتصادية عالمية لحالة الضرورة إلى حين يفتح الله على المسسمن بنظم اقتصادية تتمشى مع العالم المعاصر ، ونابعة من الفكر الاسلامى .. لأن الفكر الأوربى يرى أن المال وحده يلد مالا وبالتالى يبقى للبنوك وظيفتها كوسيط أى تجميع المدخرات لإقراضها للغيربفوئد .

فالشخص الذى لديه مال وليس لديه خبرة يمكنه ايداع امواله فى البنوك ويحصل علس فوائد والشخص الذى لديه خبرة وليس لديه مال يستطيع أن يحصل على قرض لإقامة مشروعاته ، ويسود الصمت لحظات حتى يعود ويستدرك قائلا : "وقد عملت اللجان التى شكلتها بموافقة المجلس لمدة أربع سنوات .

وضمت صفوة رجال القانون والقضاء والشريعة ، وكذلك علماء الأزهر! الشريف . وكان ذلك تحت سمع وبصر الدولة .. وكلما التقى بى الرئيس أنور السادات يسالنى : هل انتهيتم من الشريعة أم ماذا وكان ذلك علنا وفى جلساتنا الخاصة . . وقد أشار إلى هذه الاجتماعات الهامة الشيخ المرحوم محمد عبد المنعم النمر وزير الأوقاف الأسبق . فى بعض مقالاته الصحفية .

حيث كان قد حضرها مع بعض القيادات السياسيه فى الإسماعيلية وقد سألنى السادات أمامهم : ألم تنته حتى الآن من قوانين الشريعة على كل . . القانون الذى ينتهى ونخلصه دخله المجلس . . ).

وهنا استوقفته متسائلأ : هل ذلك يعنى أن الرئيس السادات كان جادا فى هذا الأمر ؟ وهل لذلك ارتباط تأصيلى عندما رفع شعار العلم والإيمان فى بداية توليه رئاسة الجمهورية ؟؟ أجاب الدكتور صوفى أبو طالب بلهجة لا تخلو من حماس قائلا : إن الرئيس أنور السادات من المؤمنين إيمانا جازما بالعروبة و الإسلام .

وكان يؤمن إيمانا لا يرقى إليه أدنى شلك ان إصلاح هذا المجتمع ما لم ينبع من داخله ومن قيمه لا يكون لأى إصلاح قيمة تذكر . وأمما مما كان ينادى به دائما من دولة العلم والإيمان . . فبغض البصر عن البعض الذى له هوى فى أمور معينة ويفسرها كما يحلو له .. فإنه كان يقصدها حقيقة ، وبمعنى بسيط وعادى . وهو أن العلم والإيمان لا يتناقضان " .

ويوضح ذلك بقوله : إن العلم فى المجتمع الشيوعى عدو للدين والعكس كذلك لأن العلم قائم على العقل الكامل إنما الدين قائم على غيبيات لا دخل للعلم فيها . . فيحدث تناقض ومن ثم يوصف الدين بأنه أفيون الشعوب . وفى العصور الوسطى بأوربا حيث تسلط البابا على الحكم خلافا لما تأمر به الكنيسة .

حيث ادعى لنفسه سلطات روحية يغفر الذنوب والخطايا ويدخل الجنة ويدخل النار وما اصطلح عليها فى تلك الحقبة التاريخية بصكوك الغفران وبالتالى فقد أخضع العلم لطاعة الدين .

فالطبيب أو المعالج الذى يعطى لمريض دواء يكون فقد ارتكب أثما عظيما لأن المرض ليس عضويآ ، إنما هو نفسى حيث يلبس الشيطان جسمه إذن فالعلاج فى طرد الشيطان من جسم المريض .

وأما فى الإسلام فالدين والعلم وجهان لعملة واحدة . لا تناقض بينهما لأن الإسلام قسم النشاط الذهنى إلى نوعين من الأعمال .

ما يخص علاقة الفرد بربه من عبادات كالصوم والصلاة .. وقد استأثر الله وحده سبحانه بحكمتها وهى تؤدى كما جاءت فى كتابه كالطواف حول الكعبة سبعة أشواط .

فلا يستطيع حاكلم أن يذيدها أوينقصها . وهذه أمور لا دخل للعقل البشرى فيها . وما عدا ذلك فقد ميز الإسلام ين نوعين من الأعمال الأخرى . النوع الاول وضع لها نصوصا قطعية مثل قواعد المواريث لا يستطيع إنسان تفسيرها مثل هذا النوع يمثل اكثر من 5% من حياة الناس وقواعدها الفقهية .

وأما النوع الثانى فقد ترك للاجتهاد البشرى فى إطار المبادىء العامة الواردة فى الكتاب والسنة وقد أوخطئ او أصيب .

فالإمام الشافعى عندما كان فى بغداد كان له رأى وعندما حضر إلى مصر كان له آخر وهو نفس الشخص . . كما أن التلاميذ يختلفون عن أساتذتهم . والسابقون يختلفون عن الاحقين لأنه اجتهاد بشرى .

وبذلك نجد انسجاما طبيعيأ بين العقل والإيمان . وعنهدما كان الرئيس السادات قد رفع شعار العلم والإيمان . يدرك تمامأ أنهما صماما أمان لتقدم " الإسلامى والعربى وعلينا ألا نبتعد عن عنصر الايمان الوارد فى الحضارة الإسلامية ونسير على هديها وبهذه الطريقة ، تصل كل الأحكام والقوانين والنظم - المنبثفة من الشريعة إلى قلوب الناس . " ويطبقونها عن طيب خاطر وتلقائية دون حارس بالإضافة إلى أن هذه النظم الموجودة فى الفقة الاسلامى باستثناء بعض النواحى الاقتصادية تتفق مع أعلى ما وصل إليه الفقه العالى المعاصر .

وهكذا كنا ننتهى من أعمال هذه اللجان تحت سمع وبصر الدولة وكان الرئيس السادات يتابع مراحل الانتهاء منها ويسألنى فى لقاءات عديدة عن ذلك وقد حضرها الرئيس حسنى مبارك عندما كان نائبا له .

وتابعنى الرئيس مبارك عندما تولى رئاسة الجمهورية بعد وفاة الرئيس السادات . وكانت محل متابعة أحيانا من خلال اجتماعات المكتب السياسى للحزب الوطنى الديمقراطى حتى أبلغته أننا قد ناقشناه أيضا فى البرنامج الزمنى لتهيئة المجتمع للتطبيق والذى يستغرق ثلاث سنوات .

ونحدد فيه . الذين سيتحدثون فى التلفزيون والإذاعة وكذلك من يكتب فى الصحافة وفى اى الموضوعات وبذلك تكون هذه المدة مرحلة انتقالية تمت إحالة هذه القوانين فى أول يوليو 1982 إلى اللجنة التشريعية لمجلس تمهيدا لإحالتها إلى المجلس للمناقشة والموافقة .

وبالفعل بدأت اللجنة برئاسة المستشارأحمد موسى وزير العدل الأسبق ووكيل المجلس فيما بعد . . .فى نظر القوانين وقد طلبت حضور علماء الأزهرللمناقشة وللإقرار النهائى لها . . وكان ذللث حتى منتصف عام 1983 ) . وترك د. صوفى رئاسة مجلس الشعب وكان فى منتصف عام 1983 .

وبعد ذلك لم نسمع شيئا عن تقنين الشريعة الذى جرى بالمجلس . وقد مر بخاطرى . هل عدم استكمال هذا الموضوع بسبب ذلك. أم العكس ؟! وقلت له : هل وقعت أحداث أو ما شابه ذلك أدت إلى عدم استكمال الخطوة النهائيه لتقنين الشريعة أم ماذا ؟ ! فجاءت إجابته بحماس قائلا : طبعا . لقد وقعت أحداث فى عام 1983 لم تكن فى الحسبان . وهى أحداث السودان .

فالرئيس جعفر نميرى قد أخذ القوانين التى كانت لدينا وطبق بعض ما ورد فيها ولم يطبقها كلها لسبب أو لأخر . بل انه قنن الآراء الشاذة فى الفقه الإسلامى بناء على نصيحة بعض مستشاريه من التيار الإسلامى . وكانت النتيجة وبالا .

وأوضح رئيس المجلس : توجد بالسودان أقلية وثنية لها وزنها فى الجنوب وقلة محدودة العدد من المسيحيين . وفى تطبيق الشريعة فى شرب الخمر يوجد بالفقه الإسلامى مذهبان أحدهما يتيح لغير المسلمين شرب الخمر وهو أبو حنيفة وهو الذى أخذنا به فى تقنينا .

ومذهب آخر يساوى بين المسلمين والمسيحيين فى تحريم شرب الخمر . . وطبقا لظروف السودان من الناحية السكانية كان من المنطقى أن يأخذ بالمذهب الذى يبيح شرب الخمر بالنسبة لغير المسلمين ، إنما أخذ بالعكس فأثار حفيظة غير المسلمين . . وفى مجال الإثبات بالشريعة الإسلامية ، وخاصة إثبات الحدود فقد جاءت محددة وليست متروكة لاقتناع القاض إنما بشهادة أو إقرار الشخص نفسه .

وهناك مذهب شاذ فى الفقه الإسلامى يسمح الإثبات بالقرائن فى شرب الخمر فأخذوا به أيضا وهكذا منع غير المسلمين من شرب الخمر ودينهم وعقائدهم تسمح بذلك ، لأنهم قد أخذوا بالآراء الشاذة حيث صدرت بها قوانين فى سبتمبر 1983 . إلا أن الأمور قد اختلطت حيث قام تمرد فى جنوب السودان به اثر صدور قانون الحكم المحلى الجديد هناك فى مايو 1983 .

وقد نصت على أحكام خرقت بها معاهدة أدير أبابا التى كانت تنص على الحكم الذاتى لإقليم الجنوب فيكون له برلمانه وحكومته مع ارتباطه بالشمال بروابط أساسية إنما القانون الجديد قد قسم الجنوب إلى أقاليم وبذلك قضى على الحكم الذاتى هناك مما أثار سكان الجنوب حتى ما صدرت قوانين الشريعة بما فيها من الآراء الشاذة فى سبتمبر عام 1983 فقد اتخذت الأخيرة ذريعة لثورتهم وتمردهم ورفضهم أيضا وأيدهم فى ذلك كثير من الاتجاهات سواء مجلس الكنائس العالى أو الاتجاهات العلمانية أو الشيوعيون وغيرهم . ويؤكد الدكتور صوفى أبو طالب : لكن الشريعة الإسلامية بريئة من هذا الشذوذ .

لأن النميرى قام بتقنين الآراء الشاذة وتجاهل آراء جمهور العلماء المسلمين . بالإضافة إلى أنه بدأ بما يجب أن ينتهى به التطبيق ألا وهو الشق الجنائى . فكان يجب البدء بالقانون المدنى ثم التجارى والبحرى وغيرهما ثم ينتهى بالجنائى الصحيح وليس الشاذ .

وأعتقد أن هذا الحدث - كاستنتاج شخص ادى فى مصر إلى التروى حتى تتضح الأمور ونتائجها . وأما الحدث الثانى الذى - أعتقد - أنه جعل الحكومة المصرية تتريث لتطبيق الشريعة هو الحدث .

ما نادى به الخومينى - فى تلك الآونة - بتصدير الثورة الإسلامية إلى العالم الإسلامى والتصدير يعنى تطبيق الحكم الشعيعى فى كل البلاد الإسلامية ويصبح الخومينى أميرا للمؤمنين أو الامام . وهذا مرفوض لأن الكثرة الساحقة من أهل السنة الذين يمثلون 90 % من المسلمين يرفضون بالإضافة إلى نظم البلاد العربية والإسلامية نرفض ذلك . ولأن الحكم الشيعى يختلف أيضا عن حكم السنة .

وأكد : و أعتقد أن هذين الحدثين باستنتاجى الشخصى . قد أديا إلى تأجيل النظر فى هذه القوانين . . وأنهما حدثان عارضان بدليل أنه عندما هدأت هذه الأمواج العالية والصاخبة وعرفت وحدودها ونتائجها . فقد أخذ أحد هذه القوانين - التى كنا قد انتهينا منها - طريقه إلى مناقشة موافقة المجلس وهو القانون البحرى والذى تم إصداره فى عام 1990 ) .

وقال : "إلا أنه ، وللأسف ، لم يذكر ذلك فى صدر المذكرة الإيضاحية للقانون مما أثارنى فوقفت اتحدث اثناء نقاشه وتساءلت قائلا : لماذا لم تذكروا أن هذا القانون من إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بالمجلس ؟! ولولا أننى أعلم شخصيا ذلك . وأعلم أن الدكتور محسن شفيق وزميله حنا ناروز .

قد عملا فى هذه اللجنة وردا نصوص هذا القانون إلى الأصول الإسلامية . . وأقول مرة أخرى لولا أننى أعلم ذلك ومشرفا عليه فى مرحلة سابقة ، لقلت إن هذا القانون مخالف للمادة الثانية من الدستور التى تنص على . أن الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع .

وتساءلت معاتبا مرة أخرى : فما مصلحتكم فى عدم ذكر حقيقة هذا القانون والمراحل التى عملنا فيها من أجله ؟!

وعلى به اثر ذلك قام وزير العدل بالإيجاب ان هذا القانون أخذ من لجنة تقنين الشريعة الإسلامية بالمجلس وهكذا كان القانون البحرى باكورة تلك التقنينات التى كنا قد انتهينا منها وكاد المجلس أن يصدر القانون التجارى أيضا إلا أن مجلس الشعب قد حل .

إذن يمكن إصدار القوانين الاخرى تباعا كالقانون المدنى والمرافعات حتى نصل إلى القانون الجنائى أو المسمى أحيانأ قانون العقوبات ويحتوى على الحدود والتعزيرات . وأما الحدود فهى الافعال التى حددت عقوبتها على سبيل القطع بالكتاب والسنة وهى : الزنا والقذف بالزنا والحرابة وشرب الخمر والسرقة بالإضافة إلى القصاص . وجرائم أمن الدولة كلها اليوم هى جريمة الحرابة .

وأما الزنا فى الفقه الإسلامى فهو زنا الكلاب ، لأنه فى حاجة إلى أربعة شهود . . فمن الذى يزنى بالطريق العام أو أربعة شهود .. ألا يكون ذلك زنا كلاب .. فاضح جدا وتشبيهى له بزنا الكلاب لانه عندما نرى الكلاب تفعل فى بعضها بالطريق العام ألا نرجمها حتى تتفرق ، إحساسا منا بأن هذا لايجوز علنا ؟

فإذا أتى الإنسان ذلك ألا يكون كالكلب ؟! وأما حد السرقه فله شروطه فى الفقه الإسلامى وغير متحققة الآن ، لأنه من ضمن شروط تطبيق عقوبة قطع اليد أن يكون لدى السارق حد الكفاية وليس حد الضرورة فقط . والكفاية مسائلة نسبية فعندما جاء الإسلام قديمآ كان حد الكفاية يتمثل فى حفنة شعير وبعض من التمر وقليل من المياه ، وأما اليوم فالأمر يختلف تماما .

كما أن هناك شرطا آخر وهو الا يكون هناك شبهة فى التملك فإذا كان هناك شبهة فى تملك الشخص فيما سرق منه فلا يطبق عليه الحد. وبالنسبة لشرب الخمر فإن التقنين الذى انتهينا منه قد أتاح لغير المسلمين شرب الخمر ، كما رأى جمهور العلماء المسلمين ولكن الحد يطبق على المسلمين ومشروط ذلك بأن يكون علانية بشهود أو إقرار من الشخص بلا شهود .

ومع هذا فقد ذكرنا فى تقرير لجنة تقنين الشريعة الإسلامية بأنه لابد من فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات يجرى خلالها تغيير وتعديل برامج كليات الحقوق وتدريب القضاة ، والإعلام الكامل للناس بالشريعة الإسلامية ومفهوم تطبيقها حتى يمكن أن يتقبل المجتمع أحكام الحدود ويعلم بها ويعمل على تجنبها.

وأما النوع الثانى وهو التعزيرات والتى نص عليها القانون فهى لا تختلف عن الأحكام الموجودة بالقانون الجنائى القائم فيما عدا الحدود السابق ذكرها آنفا . التعزءات تعنى أيضا أن لولى الأمر تجريم وهكذا نجح الدكتور رفعت المحجوب فى استصدار الموافقة بالإجماع على منهجه الجديد منهج الدولة ، بالنسبة للشريعة الإسلامية ، والذى يبدأ بتهيئة المناخ الإسلامى المناسب متوازيأ مع تنقية القوانين القائمة مما يخالف الشريعة الإسلامية والتدرج بالتقنين . . وبالتالى تدرج التطبيق .

وبمعنى اقصروصريح ارجاء التطبيق . وإن كان الإخوان قد وافقوا على ذلك ممثلين فى المرشد العام ، فإن ذلك محاولة أو خطوة هامة ، الانهم يعدون أنفسهم جزءا شرعيا من النظام والشارع السياسى . . وبذلك يتحقق لهم هدف هام متمثلا فى مساحة شرعية من النظام والشارع السياسى .. حتى لو كان ذلك يمثل مرحلة محددة أو حدودة . . إلا أنهم فى بداية الشارع السياسى كان لابد من تجنب الصدام أو المواجهة مع النظام . . وقد أليحت لهم الفرصة فى البرلمان كقناة شرعية ليعبروا عن آرائهم وهذا ما سعوا إليه بدءأ من انخابات 1984 . فليحسنوا استغلالها بهدوء.

الإخوان والمناورات والشباك الحزبية

وقد أنتهى الفصل التشريعى لمجلس الشعب - منذ منتصف عام 1984 - والذى قام بتقنين أحكام الشريعة الإسلامية لبعض القوانين . وقد عرضنا تفسيرا مجتهدا للدكتور صوفى أبو طالب رئيس مجلس الشعب حول عدم استمرار اتخاذ الإجراءات التشريعية للانتهاء من إصدار هذه القوانين . ثم أجريت انتخابات جديدة ، خاضها الإخوان المسلمون ببعض العناصر على قوائم حزب الوفد الجديد .

وقد حاز ستة منهم على عضوية المجلس . وكما سبق الإشارة إلى أنه فى انتخابات 1984 ولأول مرة ترفع جميع الأحزاب التى خاضت الانتخابات شعار تطبيق الشريعة الإسلامية . وعلى ذلك فكان من المتوقع أن يثير الإخوان هذا الموضوع فى المجلس الجديد . إلا أن الإثارة جاءت من جانب الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم .

حيث كان قد تقدم الشيخ عطية صقر (عضو الحزب ) واكثر من عشرين عضوا بطلب مناقشة هذا الموضوع . وكان المجلس قد وافق فى 6 2 يناير 985 1 على هذه المناقشة فى 4 مايو من ذات العام .

إلا أنه - كما سبق القول - فإن الدكترر رفعت المحجوب رئيس المجلس الجديد قد أوعز للجنة الدينية والأوقاف بالمجلس إلى عقد جلسات استماع حول الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الاسلامية ودعى إليها زعماء ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية . وقد عرضنا لأهم ما دار بها وخاصة حول المنهج الجديد لسياسة الدولة ارزاء تطبيق المشريعة واقتناع وإجماع الجميع عليه بما فى ذلك الإخوان المسلمون .

وقد تقرر عرض تقرء اللجنة - بعد الاستماع - على المجلس فى 4 مايو وهو ذات اليوم الذى سبق أن وافق المجلس على مناقشة اقتراح الشيخ عطية صقر وزملاثه والخاص بتطبيق الشريعة الإسلامية وكان الغرض من ذلك أن تدور المناقشة فى معظمها حول تقرير اللجنة فيما يخص الدعوة الإسلامية ؟ إلا أن الواقع اكد أن موضوع التطبيق قد حصل على المساحة الأكبر فى النقاش كما سنعرض لأبرز ما جاء بها . وتعود أهمية ذلك العرض إلى عدة أسباب منها :

اولأ:أن بعض من تحدثوافى هذه المناقشة كانوا رؤساءلبعض لجان تقنين الشريعة الاسلامية. . ولا بد من عرض موقفهم فى المجلس الجديد .

-! ثانيا: التاكيد على أن المجلس السابق قد قام بالتقنين وليس بدراسات فقط والمطالبة بعرض تلك التقنينات على المجلس لإصدارها .

ثالثا : قناعة البعض بالمنهج الجديد والذى سبق أن طرحه الدكتور رفعت المحجوب رغم أن لهم مواقف أخرى مغايره

"رابعا. : عدم . تكرار حديث مفوض أو ممثل عن النواب المسيحين التزاما بالمنهج الجديد والذى اجمعت عليه الاحزاب فى لجنة الاستماع خامسا : التأكيد على أن معظم التشريعات غيرمخالفة للشريعة . سادسا : المطالبة بتهيئ المجتمع إعلاميا لتقبل تطبيق أحكام الشريعة

سابعا : الانتقاد الشديد للمجتع لخلوه أو ضعف بعض مبادىء الإسلام فيه وتأثير ذلك على تطبيق أحكام الشريعة

ثامنا : عدم منح الفرصة لأى عنصر من عناصر الإخوان المنتسبه لحزب الوفد من الحديث والاشتراك فى المناقشه مما أدى إلى انسحاب البعض منهم من الجلسة - وانعكاس ذلك فيما بعد فى بعد الشارع وتصدى رئيس المجلس لرد الفعل وتعد المناقشة التى جرت والتى ستعرض لأبرزما جاء فيها من أهم المناقشات حول موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية لأنها ستوضح مواقف . . ومواقع الأحزاب والتيارات الساسية من هذا الأمر .

وإن كان يمكن القول - مبدئيأ- بأن مقدم طلب المناقثسة الشيخ عطية صقرلم ينضم لمجلس الشعب الجديد فى انخابات 1987 وتقررتعيينه عضو بمجلس الشورى . ،وكان طلب المناقشة الذى تقدم به . طلبا واضحا جريئا يوجز فيه نقاط بالغة لأهميه ولذا سنعرض ، لنصه كاملا كما تقدم به .. وكما جاء بمضبطه المجلس وحيث بدأ فى عرض المبررات والأسباب التى تبرر طرح هذا الموضوع للمناقشة العامة لاتخاذ،قرار فيه وهى :

أولأ : ابراء ذمتنا أمام الله تعالى بعد أن شاء لنا أن نكون في موقع التشريع وفى موضع المسؤليه اما المشرع الأكبرسبحانه وفى محل الثقة من أبناءهذا الشعب المؤمن المتدين .

ثانيا : هذا الموضوع من الموضوعات التى تشغل الرأى العام كله ولم يعد خافيا على أحد أن غياب القوانين الإسلامية يؤدى إلى وجود كثير من الانحرافات فى المجتمع .

ثلاثا : لقد قام المجلس مشكور باتمام تقنين الشربعة الاسلامية فى الجنائى والمدنى والاجتماعى والاقتصادى والتجارى والبحرى وتمت مراجعة ما انتهى تقنينه وتمت طباعته فعلا ووزع على أعضاء المجلس السابق .

رابعا : لقد نادت جميع الأحزاب خلال المعركة الانتخابية الأخيرة بتطبيق الشريعة الإسلامية وجعلت هذه الأحزاب تطبيق الشريعة مبدأ من مبادئها وقد عاهدنا وعاهد الكثيرون من أعضاء هذا المجلس جماهير شعبنا على العمل بكل جهدنا لتطبيق الشريعة لأننا نؤمن بأنها بالإضافة إلى ضرورة الالتزام بها دينآ فهى الفريق الموصل إلى الأهداف التى يسعى إليها المجتمع المصرى من الوحدة الوطنية والرخاء الاقتصادى والانتصار العسكرى بالاضافة إلى بناء الإنسان المصرى وتحقيق الأمن والاستقرار والوصول بذلك إلى عز الدنيا والآخرة) .

وفور افتتاح الجلسة المشار إليها . . بادر الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس قائلأ : لقد تضمن جدول أعمال جلسة اليوم - كما تعلمون - تقرير لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف عن موضوع الدعوة الإسلامية ووزع على حضراتكم . وكذلك طلب مناقشة تطبيق الشريعة الإسلامية الذى وافق المجلس فى 26 يناير1985 على أن تكون مناقشته بجلسة اليوم . وقد تعرض تقرير اللجنة فى قسم من أقسامه لموضوع الدعوة الإسلامية وفى القسم الآخر لموضوع دور أجهزة الإعلام وفى القسم الثالث للتشريع وعلى ذلك فمن الملائم أن تتم المناقشة معا) .

ولكن العضو محمد محفوظ دياب رفع صوته قائلا : "يمكن أن نناقش موضوع الشريعه أولا ثم تحدث الدكتور محمد على محجوب رئيس اللجنة عارضا لمحتويات تقريرها قائلا : إن مرضوع الدعوة الإسلامية موضوع واسع ومتشعب لذلك رأت اللجنة وهى بصدد إعداد ! تقريرها عنه ألا تغفل موضوعا رئيسيايتصل أتصالا مباشرا بالدعوة الإسلامية وجزء مكمل لها وهو تنقية القوانين مما يخالف أحكام الشريعه الإسلا ميه فإذا كانت الدعوة لازمة فإن التشر يع أيضا لازم لها.لذلك فإن-اللجنه رأت تقسيم التقرير إلى ثلاثة أقسام رئيسية حتى يمكن عرضه عرضاسليماووافيا وذلك على النحو التالى :

مما تلاحق به هذه الأجهزة ، الناس فى بيوتهم وفى مخادعهم حتى تركت بصمامتها على سلوك الكبير والصغير على السواء" . وقال :

هناك أيضا دافع اجتماعى ، نحن فى أيامنا هذه نقول يجب علينا أن نزيد من موارد التنمية مع الحد من الاستهلاك أو ترشيد الاستهلاك ، هاتان الكلمتان توافقان ما يقال الآن بالانضباط وعدم التسيب ، وهاتان الكلمتان مرادفتان للمعنى الدينى ، الطاعة وعدم المعصية ، والطاعة وعدم المعصية جناحان للتقوى ، والتقوى سلوك لا يصح إلا إذا كان نابعا من إيمان ، فإذا تعاون الإيمان مع التقوى كان الخير الذى ننشده ، والذى قال ذلك ليى قرار ولا وعدا من شرق أو غرب ، ولكن من رب الشرق والغرب معا) . وعن علاقة المسيحيين بالشريعة الإسلامية قال : إن النبى قال فى ضمان الوحدة الاجتماعية : "الأنبياء أخوة من علات ، امهاتهم شتى ودينهم واحد ، وأنا اولى الناس بعيسى بن مريم لأنه ليس بينى وبينه نبى، .

بهذه الوحدة الشاملة وقف المصريون جميعا مواقف مشرفة فى ثورة 1919 ، كان المسجد مع الكنيسة ، وفى عبور أكتوبر لم يفرق السيف بين مواطن ومواطن . كلهم سقطوا صرعى من أجل الحفاظ على هذا التراث العظيم ).

ثم ختم حديثه بتشبيه معاصرقائلآ: ا ا إننا كنا نلبس ثوبا من مادة طبيعية يلاثم أجسامنا لأن الذى خلق أجسامنا بقدرته هو الذى ألبسنا ثوبا بحكمته ثم م رغمنا على خلع هذا الثوب واكبسنا ثوبا ماده طبيعيه يلائم بقدرته هو الذى البسنا ثوبا بحكمته ثم ارغمنا على خلع هذا الثوب والبسنا ثوب من البياف صناعيه كلها مواد كيماويه أثارت الحساسية فى أجسامنا وقلقت لها أعصابنا ، إننا فى هذا الموقف نقول للضمائر جميعا : اليس من الأفضل والاولى أن نرجع إلى ثوبنا الأصلى وبخاصة بعد أن تناولته أيدى أعظم بيوت الخبرة فى التفصيل والأزياء وصاغت لنا من هذا الثوب التقليدى ثوباعصريا عظيما رائعا حافظوا فيه على آصالة القديم وعلى روعه الجديد ، أليس من الأفضل أن نعود إلى ثوبنا الأول أم سنظل مع هذا الثوب الجديد الذى لا يمنع حرا ولا بردا وبشفافيته قد يكشف عما ينبغى أن يستر) ؟ ومن خلال حديث الشيخ عطية صقر فإنه قد تبرز عدة نقاط وهى :

أولأ : أنه ألمح إلى خطورة جهاز التليفزيون الذى يصل إلى كل المنازل ولم يصرح بذلك حتى لايدخل فى صدام مباشر مع الحكومة التى ينتمى إلى حزبها . وقد أشار إلى التأثير السلبى على المشاهدين من جراء هذا مدللا بذلك على كثرة الشكاوى من هذا الجهاز .

ثانيا : لم ينف عن مصر التزامها بالشريعةالإسلامية إنما اكد على أنه يسعى لاستكمال نطبيق الشريعة كاملة فى بعض الجوانب أو المناحى التى لم يستكمل التطبيق فيها .

ثالثا : حاول وضع الأحزاب أمام شعاراتها حيث أنها رفعت شعارات التطبيق أثناء المعركة الانتخابية. فماذا هى فاعلة بعد نجاحها وانضمامها للبرلمان ؟!

رابعا : أكد على أن تطبيق الشريعة سيعالج بعض المشاكل والقضايا الملحة والتى تشكو منها الدولة أو الحكومة ، خاصة فى مجال ترشيد الاستهلاك وزيادة موارد التنمية الاقتصادية . وبذلك حاول ربط التطبيق بالمعاصرة .

خامسا : اكد على أن أقرب الناس إلى المسلمين هم المسيحيون واستشهد ذلك بحديث للنبى .

ثم شبه القوانين المستوردة بسلعة صناعية غريبة تضر ولا تنفع وقد استخدمها المسلمون ولم يفلتوا من ضررها ، ولذلك أكد مطالبته بالتطبيق كعودة للشريعة الإسلامية . ثم تحدث زعيم المعارضة ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد المستشار ممتاز نصار والذى دخل البرلمان - ولأول مرة - عام 1976 وقد عاصر هذه القضية بل ساهم أو شارك ، كما سبقت الإشارة، فى تقنين أحد قوانين الشريعة الإسلامية أو أشرف على لجنة هذا القانون . .

فبادر حديثه قائلا : "بدأ المحلس منذ سنة 1976 فى إعداد الدراسات وتشكيل اللجان والواقع الذى نقوله إن اللجان التى قامت بهذه الدراسة قد قامت بالعديد من هذه الدراسات التى يمكن أن يرجع إلى بعض منها عندما نقنن هنا الشريعة الإسلامية فى كل نصوص القوانين القائمة هذا الذى نقوله احتكمنا فيه إلى لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف وقد دارت مناقشات عدة فى هذا الصدد وجاء فى تقرء هذه اللجنة أمور لا يسعنا إلا أن نقرها وهى أن التشريع الإسلامى وتطبيقه لا يعنى إلغاء القوانبن كلها وإنما هناك نصوص تتفق أحكامها مع الشريعة الإسلامية بدليل ما قررته محكمة النقض فى هذا الصدد والذى يهمنا هنا عبارة "تنقية القوانين " التى وردت فى تقرير اللجنة ، فهل المقصود منها تنقية القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية ؟ فإذا كان هذا هو المقصود فإننا نقر هذه التنقية ونؤيدها تماما وهى أ ن النصوص المغايرة لأحكام الثسريعة الإسلامية يجب أن تعدل بما يتفق مع أحكام الشريعة ويجب أن تبدأاللجان عملها فى هذا الصدد لأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .

لذلك فإنى أطالب الحكومة بأن تقدم التشريع الذى ترى أنه استكمل أسباب البحث من هذا وأن تقدمه فورا إلى المجلس اليوم قبل الغد وإلا فسنظل فى حلقة مفرغة نقول بتطبيق الشريعةالاسلامية ثم نعدل عن ذلك قولا وعملا) . ثم عرج فى حديثه عن موقف الشريعة من الأقباط وموقفهم منها فقال : فالشريعة الإسلامية السمحاء يريدها الأقباط ، وقد قال ذلك السيد البرت برسوم سلامة ، وإننى أحييه فى هذا الصدد لأنه قال ذلك.

وقال إنه يتحدث باسم أقباط مصر فى هذا الشأن ، الأقباطينعمون دائما فى سماحة الاسلام ، وقد تجلى ذلك عندما طبق قانون المواريث منذ نحو اربعين عامافلا يخيفهم أو تؤثر فيهم أبدا الترهات التى تذاع بين الحبن والآخر بدافع الفتنة ، هذا الذى يثار بين الحين والآخر عن رأى إخواننا المسيحيين بعيد عن الصواب ، فهم يؤمنون بأن الشريعة الإسلامية ء هى خيرمعين فى هذا الصدد) .

ثم أضاف قائل: إننى أتساءل : هل يتعين الأخذ بمذهب معين فى نطاق تطبيق الشريعة الإسلامية ؟ أم بأى مذهب. يتفق مع أوضاعنا وظروفنا .

هذا الأمرأيضا نريد أن نسجله ونقرره وهولم أننا سنطبق الشريعة الاسلامية وفقا لأى مذهب من المذاهب متى اتفقت مع ظروف مصر وحالتها الاجتماعية والاقتصاديةفى هذجا الشأن هذه هى الحقائق التى نريد تطبيقها. لذلك فإننى أوصى المجلس الموقر بأن يبدأ فورا وأن تبدأ اللجنة التشريعية فورا ببحث أحكام الشريعة لاسلامية مدى اتصالها وتفطبيقها على القوانين المغايرة فى هذا الشأن )

. أما الشيخصلاح أبو إسماعيل الذى كان نائبا مستقلا ئم انضم إلى حزب الأحرار ونجح علىإحدى قوائمه الانتخابية فقد تحدث بأسلوب علمى باعتبار ما هو موجود من تقنينات سابقة بالمجلس ، ولاسيما أنه قد أشرف فترة من الوقت على لجنة من لجان التقنين ثم تبعه المستشسار ممتاز نصار فى رئاستها . . فبدأ حديثه مفندا تقرير اللجنة الذى - يرى - أنه يغاير الحقيقة الثابتة بالمجلى فقال :

"استوقفنى فى هذا التقريرأنه ينادى بالبدء فورا فى تنقية القوانين المعمول بها حاليا .واسمحوا لى أن أعود إلى مضبطة الجلسة السبعين فى 1/7/1982 تلك الجلسة التاريخية التى وافق فيها مجلس الشعب السابق على إحالة مشروعات القوانين الآتية : مشروع قانون المعاملات المدنية ويقع فى أكثر من ألف مادة ، مشروع قانون . الاثبات ويقع فى 181 مادة ، مشروع قانون التقاضى ويقع فى 513مادة ، مشروع قانون العقوبات القسم العام والحدود والتعزيرات ويقع فى635 مادة.

مشروع قانون التجارة البحرية ويقع فى 3 4 4 مادة ، مشروع قانون التجارة ويقع فى 776 مادة . وإننى أحب أن أنبه زملائى الأكرمين الى أن ما يطالب به التفرير المعروض إنما هو تحصيل حاصل وهو أمر واقع ، إننا نلاحظ توصيات محكمة النقض سنة 1980 وتوصيات الأزهر وتمت المحافظة على المصطلحات القانونية وتمت المحافظة على المعانى الدينية ، وإذا كان هذا العمل الذى قدم إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية قد سقط سقوطا لائحيا ، فإنه قائم واقعيا ، ولقد أردت أن أستدرك على اللائحة التى أحترمها تماما فأحضرت معى كل القوانين ويسعدنى أن أقدمها موقعا عليها من عشرة من الزملاء إلى السيد الدكتور رئيس المجلس تجديدا لها واستكمالا للشكل اللائحى، . فقاطعه رئيس المجلس قائلا :

إن الاقتراحات بمشروعات قوانين لا تقدم داخل الجلسة بل تقدم للجنة الاقتراحات والشكاوى! . ولكنه استطرد وأوضح موقف رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد وتجاهله لحقيقة ثابتة بالمجلس من قبل وقد شارك فيها فقال : "وقد كان السيد الأستاذ المستشار ممتاز نصار رئيس لجنة من هذه اللجان ، وهى لجنة التقاض فى مرحلة من مراحلها ، وعندى كلمته فى المضبطة السبعين ، ولذلك أعتبرأن كل مناداة باستئناف المسيرة إنما تنطوى على تجاهل العمل الكبير الضخم الذى تم إنجازه ، وأريد أن أبنى على ما سبق وألا أتجاهل ما كان وأن ما نريده من الحفاظ على المصطلحات الففهية أمر واقع لاسبيل إلى جحده ، ومضبطة الجلسة السبعين تقول هذا ، وجريدة مصر الرسمية تقول هذا) .

وفى ختام حديثه عاد وأكد الحقيقة الثابتة بالنسبة لقوانين الشريعة الإسلامية فقال: إننى أحب أن أشجب ما نادى به التقرير من ضرورة البدء من تنقية القوانين القائمة ، فهذا أمر قد تم وأخذ من عمرالزمان 40 شهرا ، ومض على تمامه 36 شهرأ والبدء بخطوة فى رحلة الألف مل! إنما هو أمر تم حتى قطعنا الالف ميل بالفعل وأصبحنا الآن أمام تراث موجود فى أدراج لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وإذا قيل لنا أنه سقط بانتهاء مدة المجلس السابق فإننى سأقدمه عقب هذه الجلسة موقعآ عليه من الزملاء ليبدأ دورالمجلس الموقر) 0 وقد تقدم الشيخ صلاح أبو إسماعيل بطلب موقع عليه من عشرة من الأعضاء عقب هذه. الجلسه. لتجديد هذه القوانين أمام المجلس مرة أخرى وطبقا لللائحة الداخلية حتى يتسنى مناقشتها! وإقرارها .

ولكن لم يسمع بعد ذلك عن هذا الأمرشىء حتى حل المجلس فى عام 1987 . .وأيضالم يسمع عنه أى شىء! حتى وفاة الشيخ صلاح أبو إسماعيل فى صيف عام 1990 ! !! ثم تحدث إبراهيم شكرى رئيسحزب العمل والذى لم يحصل حزبه على نسبة ال 8% مما اضطر رئيس الجمهورية حسنى مبارك لتعيينه واثنين من زملائه بالحزب تمثيلا له بالبرلمان .. وقد إتخذ موقف الشيخ صلاح أبو إسماعيل إحراجا لحزب الوفد ورئيس هيئته البرلمانية وكذلك لمنصة المجلس والحكومة والتأكيد على وجود تقنينات للشريعة انتهى حيث قال : أوأكد لكم أن ما سمعناه اليوم وفى هذه الجلسة سمعناه منذ سنوات بل أؤكد هذا أنه فى يوليو! سنة 1982 كانت هناك جلسة وقد أصر رئيس المجلس الأسبق على أن يؤكد ويثبت بالمضابط التثسريعيات التى تم بالفعل إنجازها وإحالتها إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وقد نظرتها اللجنة منذ ذلك التاريخ واستمرت فى نظرها إلى قرب موعد انتهاء دورالانعقاد عند ذلك الوقت توتف عمل اللجنة .

بل إن جزءآ من تقارير بعض اللجان قد قدم إلى المجلس بالفعل وقد كتب التقرير بالنسبة . لقانون المعاملات المدنية وقد كان . قدم من لجنة كان يرأسها المستشار ممتاز نصار .

إذن فهذا الموضوع قد قطع شوطا طويلا وبالفعل بحثت فيه الأموركلها وقد راجعتها الجهات الختصة سواء كانت الأزهر! الشريف أو الهيئات القضائية أو المستويات القضائية العليا ، أو كليات الحقوق بالنسبة لجميع الجامعات ! المختلفة كل هذا طرح عليهم ورجع إلى لجان المجلس وبحث فلا يصح إذن أن نتحدث عن البدء من ! جديد الآن ، وأن نتجاوز عما تم ، فإنه لا يمكننا أن نتجاوز لأننا بالفعل برلمان يمثل هذا الشعب يروقدمثله فى سنوات 76 ، 79، ثم فى 1984 وهذا مطلب شعبى وقد أكدنا للشعب فى جميع جولاتنا ،! معه فىتطبيق الشريعة الإسلامية وربما يكون البعض قد تأئر بما كان من تطبيفات هنا وهناك لم تكن موفقة.

كل هذا أيها الزملاء ، قد عرض على هذا المجلس وأخذت فيه خطوات وقد أحضرت كل التقارير التى مرت بهذا المجلس ، بل إن المذكرة الإيضاحية فقط للاقتراح بمشروع القانون المدنى طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية تقع فى455 صفحة كاملة وأقول إن هذه المذكرة الإيضاحية قد تضمنت توضيحا لكل مادة مر بها الاقتراح بمشروع قانون ) .

ثم ختم حديثه قائلا : "إذن فإن مشروعات القوانين قد مرت بمراحل ، وبالتالى لا يمكن أن نقول إننا نبدأ من جديد باقتراحات بمشررعات قوانين جديدة ، وعلينا أن تكون هذه الاقتراحات بمشروعات قوانين التى أجتهد فيها وفى وضعها لجان كثيرة جمعت المتخصصين فى الدين والقانون ، ولذلك فإننى أقول لست مع التقرير المعروض عندما يقول نبدأ الآن ، بل أن تكون هناك بالفعل استمرارية للجهد الذى بدأ به المجلس أيها الاحبة.

ثم تحدث الدكتور أحمد هيكل وهو من رجال الشعر والثقافة والذى تولى مسئولية وزارة الثقافة فيما بعد وبدأ حديثه طارحا سؤلا فقال "كيف نطبق الشريعة ؟ وما أسلم الطرق إلى هذا التطبيق ؟ وكيف نتجنب ألزلل الذى قد يفضى إلى خطأ فى التطبيق ؟ يتهم الجاهلون ومن وراءهم الشريعة الإسلامية بأنها غير صالحة كما حدث فى دول أخرى قريبة أو بعيدة لن أسميها .. شريعة الله بريئة من الخطأ ، قوانين ألله بريئة من ألزلل هى أصلح الشرائع للناس فى كل زمان ومكان من يوم أن نزلت كلمة السماء على محمد عليه الصلاة والسلام إلى أن يطوى الله الأرض ومن عليها ، هى الشريعة الباقية المتجددة الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان ، فإذا أخفق التطبيق هنا أو هناك ، فى هذا القطر أو ذاك لا ينبغى أن تتهم الشريعة بالقصور وإنما الذى يحقه ألحق أن يتهم من طبقوها بسوء الإعداد وبالتعجل وبالاندفاع العاطفى الذى قد يكون .

مخلصا ولكنه ليس عقليا ولا منهجيا ولا دقيقا هذه هى الجزئية التى يمكن أن نختلف عليها ، ومن هنا أو من كل الإيمان وأشهد أن هذه رسالتى فيما بقى من أيام أو أشهر أو سنوات ، أن تطبيق أوجب الواجبات ، ولكنى أؤؤمن بالقدر نفسه وبنفس الحماس والحرارة أن التعجل والاندفاع غير المدروس قد يورط فى سلبيات نستعيذ بالله منها ، وكنت أظن أننى وحدى وإن قلت غيرى هى التى تؤمن بهذا حتى حضرت بعض جلسات الاستماع وأسعدنى كل السعادة وطمأننى كل الاطمئنان ، أن استمعت إلى أستاذ جليل من أشد المفكرين الإسلاميين حرصا على تطبيق الشريعة ، رجل قد أفنى حياته فى الدعوة إلى الله يقول نفس الالفاظ وربما تكون مسجلة فى المضابط ، يقول : التريث ، التريث ، التؤدة التؤدة ، الدراسه الجادة مع البدء فورا هذا ما قاله هذا الرجل الأستاذ عمر التلمسانى أطال الله فى عمره ومتعه الله بالصحة ، أسعدنى هذا الرجل برأيه العميق وفكرة المستنير ، لقد طالب بالتؤدة والتريث والدراسة الجادة المنهجية ، على أن تبدأ فورا ، وهذا ما أقول وانادى به من منطلق حبى لهذه الشريعة ، بل من إيمانى بكل حرف من أحرفها ، وثقتى الكاملة بأن فيها الخلاص لمجتمعنا المتدنى المجهد ، المتعب - إذن لابد من الاخذ بهذه الامور الثلاثة لكى نطبق الشريعة أسلم وأدق تطبيق .

أما العضو حسن حافظ - عضو الحزب الوطنى الديمقراطى - فقد سعى إلى إبراء ذمة المجلس ودوره فى تقنين الثسريعة الإسلامية أوإبعادالمسئولية عنه . .ولذلك فقدبدأحديثه متسائلا : أ! دور مجلس الشعب الذى قيل عنه أنه بدأ فى دراسة تقنين الشريعة الإسلامية فى سنة 1978 فى نهاية الفصل التشريعى الثانى لدور الانعقاد العادى الثاك ؟ أقول إن مدة ست سنوات دليل أكيد ثابت على أن هذه القاعة صادقة فى دراساتها واقتراحاتها وإيجابياتها صادقة من الأغلبية ومن المعارضة الاننا جميعا نؤمن بأن أحكام الشريعة الإسلامية يجب أن تطبق ، إننى أريد أيضا أن أقول : ما دور مجلس الشعب فى إنشاء هذه التشريعات ؟ هل دور مجلس الشعب فى تقنين الشريعة الإسلامية هو دور المنشىء؟ أقول لا يا سيادة رئيس المجلس إنما هو الدور المقرر ودور الكاشف عن القواعد التى أتت بها الشريعة الإسلامية ، إذن ففى هذا الوضع يجب أن يكون هناك بحث كبيرفى تقنين الشريعةالا سلامية، لا يراد به التأجيل ،إنما لكى يخرج ناصعا نقيا وحتى لا يأتى أحد بعد ذلك عند التطبيق ويقول إنه أريد بالتطبيق أن يكون كذا ، حاشا لله .

إننا نريد أن نقول إن الشريعة الإسلامية نفسها إرتكزت على قاعدتين جرهريتين : الأولى تقليل النصوص الثابتة ، والثانية الصياغة العامة لهذه النصوص الثابته وا لثانيه الصياغه العامه لهذه النصوص ولا يوجد إلا اسثناءات قليلة مثل الحدود والمواريث كما أتى فى كتاب الله عز وجل ، . ثم تحدث المستشارحلمى عبد الآخررئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالمجلس وعضو بارذ بالحزب الوطنى وقد أشار إلى أن تنقية القوانين القائمة مما يخالف الشريعة الإسلامية أيسر وأقصرالطرق لتطبيقها . . إلا أنه قد وجه نقدا قاسيا للمجتمع وللجماهير وبعض التيارات السياسية فقال ..ويؤسفى أن أقول إن هذا الأمر الخطير الجلل (شريعة الله ) أصبحت اليوم محلا للمزايدة فى حين أن شريعه الله منزلة ولا غى عنها ، وكان يتعين علينا أن نقول واشريعتاه أن نقول وا إسلاماه أين هو الإسلام الآن ؟

وليسمح لى الأسانذة الأفاضل رجال الدين ان أقول إننى أخشى أن يضمحل الإسلام فى مصر وأخشى ألا نجد بعد جيل الشيخ صلاح أبو إسماعيل أطال الله عمره من يرعى الإسلام ومن يحمل لواء الإسلام ، الواقع أن تقرير اللجنة – وأنا أؤيده وأزكيه تماما – يحمل إلينا نذر خطر ، رسالة السماء فى سبيلها إلى الاضمحلال فى مصر ، أين هم حفظهة القرآن بكل أسف طلبة الأزهر الآن لايحفظون القرأن وأنا لا أهاجم الأزهر ولكنى أقول من هذه القاعدة أيضا وا أزهراه ، فليعط الأزهر منارة للإسلام فلتنطلق يده وليعط الحرية كاملة كما كان ولا نكبله ، ليحمل لواء-الإسلام وليحمل دعوة الإسلام لأن الأزهر هو الذى حافظ على الإسلام فى مصر وفى بلاد الإسلام جميعا ، أدخل من هذا لأقول إن المجتمع الآن فى حاجة فعلا إلى تقوية دينه ، إن الدين والشريعة الإسلامية ليست حدودا فقط وليست عبادات فقط ولكن عمل أيضا ، فالإنسان حياته فى عبادة ويجب أن يحكم الإسلام شمل الزارع فى مزرعته ، عمل التاجر فى متجره ، عمل الأستاذ فى فصله ومع تلاميذه هو عبادة تخضع لقوانين الإسلامى ولها تعزيرات وعقوبات فى الإسلام ا فأين نحن من الإسلام ؟

هذا المجتمع الذى ضعف فيه الإسلام ، خبرونى بالله عليكم إذا أسرعنا بتطبيق الحدود وما يطالب به من تعزيرات طبقأ للشربعة الإسلامية ألا أغالى إذا قلت إنه سوف يفلت المجرمون لأن الشريعة الإسلامية فى تطبيقها لاحكامها تطلب شهودا عدولا على الجانى وأشك أن يوجد بين المليون شاهد عدل واحد لأن شاهد العدل – وليصححنى إخوانى الأساتذة – فى الإسلام له شروط اعتقد أنها ليست متوفرة الآن منها الصدق فى القول ، لم يجرب عنه هزر ولا هزل ا ولا يجالس السفهاء – لا – لا. لماذا ؟ إن شاهد العدل نشأ فى مجتمع إسلامى تؤخذ كلمته بصدق تقطع بها اليد أو تقطع بها الرقبة ، أين هم الشهود العدول طبقا للشريعة الإسلامية إ! أيضا من الذى سيطبق الشريعة الاسلامية ؟ وأنا واحد من رجال القضاء ورجال المحاماة أقول إن الإسلام والشريعة الإسلامية روح ونصوص وإذا كنت أجلس مجلس القضاء أو أقف موقف المدافع إذا لم أكن متشربا بالروح التى أوجدت هذا النص فقد أخطىء فى تطبيفه ولا أفهمه .

نحن جميعا مسلمون وغيورون على إسلامنا ، ولا يحتكم الإسلام بيننا أحد ما ، ولكننا نقول ونكرر ما قاله المفكرون المسلمون مزيدأ من التروى ، التريث التريث ، الحرص الحرص ، لأن شريعة الله تصلح لكل زمان ومكان ، فإذا وجدت ثغرات فى التطبيق فالعيب فينا وليس فى الشريعة والإثم علينا وكفانا إثما أننا أمتنعنا عن الاجتهاد ، وبعدنا عن الإسلام قرونا طويلة ، ثم نعود فجأة ودون تريث ،كالمريض الذى كل بمرضه بعد سنوات عديدة ويريد أن يجرى ، إننى أحذر وأدعو الله لكم ولناجميعا ى عنها ، وكان يتعين علينا أن نقول واشريعتاه أن نقول وا إسلاماه أين هو الإسلام الآن ؟

وليسمح لى الأسانذة الأفاضل رجال الدين ان أقول إننى أخشى أن يضمحل الإسلام فى مصر وأخشى ألا نجد بعد جيل الشيخ صلاح أبو إسماعيل أطال الله عمره من يرعى الإسلام ومن يحمل لواء الإسلام ، الواقع أن تقرير اللجنة – وأنا أؤيده وأزكيه تماما – يحمل إلينا نذر خطر ، رسالة السماء فى سبيلها إلى الاضمحلال فى مصر ، أين هم حفظهة القرآن بكل أسف طلبة الأزهر الآن لايحفظون القرأن وأنا لا أهاجم الأزهر ولكنى أقول من هذه القاعدة أيضا وا أزهراه ، فليعط الأزهر منارة للإسلام فلتنطلق يده وليعط الحرية كاملة كما كان ولا نكبله ، ليحمل لواء-الإسلام وليحمل دعوة الإسلام لأن الأزهر هو الذى حافظ على الإسلام فى مصر وفى بلاد الإسلام جميعا ، أدخل من هذا لأقول إن المجتمع الآن فى حاجة فعلا إلى تقوية دينه ، إن الدين والشريعة الإسلامية ليست حدودا فقط وليست عبادات فقط ولكن عمل أيضا ، فالإنسان حياته فى عبادة ويجب أن يحكم الإسلام شمل الزارع فى مزرعته ، عمل التاجر فى متجره .

عمل الأستاذ فى فصله ومع تلاميذه هو عبادة تخضع لقوانين الإسلامى ولها تعزيرات وعقوبات فى الإسلام ا فأين نحن من الإسلام ؟ هذا المجتمع الذى ضعف فيه الإسلام ، خبرونى بالله عليكم إذا أسرعنا بتطبيق الحدود وما يطالب به من تعزيرات طبقأ للشربعة الإسلامية ألا أغالى إذا قلت إنه سوف يفلت المجرمون لأن الشريعة الإسلامية فى تطبيقها لاحكامها تطلب شهودا عدولا على الجانى وأشك أن يوجد بين المليون شاهد عدل واحد لأن شاهد العدل – وليصححنى إخوانى الأساتذة – فى الإسلام له شروط اعتقد أنها ليست متوفرة الآن منها الصدق فى القول ، لم يجرب عنه هزر ولا هزل ا ولا يجالس السفهاء – لا – لا. لماذا ؟

إن شاهد العدل نشأ فى مجتمع إسلامى تؤخذ كلمته بصدق تقطع بها اليد أو تقطع بها الرقبة ، أين هم الشهود العدول طبقا للشريعة الإسلامية إ! أيضا من الذى سيطبق الشريعة الاسلامية ؟ وأنا واحد من رجال القضاء ورجال المحاماة أقول إن الإسلام والشريعة الإسلامية روح ونصوص وإذا كنت أجلس مجلس القضاء أو أقف موقف المدافع إذا لم أكن متشربا بالروح التى أوجدت هذا النص فقد أخطىء فى تطبيفه ولا أفهمه . نحن جميعا مسلمون وغيورون على إسلامنا ، ولا يحتكم الإسلام بيننا أحد ما ، ولكننا نقول ونكرر ما قاله المفكرون المسلمون مزيدأ من التروى ، التريث التريث ، الحرص الحرص ، لأن شريعة الله تصلح لكل زمان ومكان ، فإذا وجدت ثغرات فى التطبيق فالعيب فينا وليس فى الشريعة والإثم علينا وكفانا إثما أننا أمتنعنا عن الاجتهاد ، وبعدنا عن الإسلام قرونا طويلة ، ثم نعود فجأة ودون تريث ،كالمريض الذى كل بمرضه بعد سنوات عديدة ويريد أن يجرى ، إننى أحذر وأدعو الله لكم ولناجميعا بالتوفيق وأن نبدأ من اليوم إسلامنا)).

وبهذا النداء كان المستشارحلمى عبد الآخر قاسيا ولكنه إلى حد ما صادقا . وقد بنى نداءه من منظور يكبر الأخطاء والانحرافات والسلبيات والشوائب التي تتخلل المجتمع الإسلامى . إلا أنه إذا وجدت تلك فإنها قليلة ولكنها بارزة لخطورتها على النظام الإسلامى العام القائم على مبادىء الشريعة "الاسلامية ومكمن خطو رتها وبروزها أنها شاذة ، ولذلك فهى تبدو كبيرة أمام المجمرع الإسلامى من الجما هير بالدولة والذى يستنكرها وينفر منها . بل إننا نرى أن إشارة العضو القاسية ربما تكون دافعا أساسيا لتطبيق الشريعة الإسلامية وليس معوقا أو مانعا لذلك التطبيق .

وهذا التفسير دعا العضو التالى لحديثه . وهو الدكتور عبد الأحد جمال الدين - عضو الحزب الوطنى - ووكيل المجلس فيما بعد ، أن يتصدى لندائه ويحاول تفنيد دعواه القاسية . . فقال بحماس شديد:

اإننى لا أشاركه هذا الرأى - بل أترل له أن أخشى ماأخشاه ، إن اهتمامنا الكبير بهذه الجلسةالموقرة ، وهذه الكلمات الرائعة التى استمعنا إليها بل وهذا الإجماع الذى أعتقد أننا وصلنا إليه أرجو يفهم من ذلك أننا نبدأ اليوم إسلامنا ، لا يا سيادة المستشار نحن بلد مسلم ، نحن بلد متدين ، .

نتوج الأمة الإسلامية كلها) . فانتزع تصفيق الأعضاء رغم أنهم سبق وصفقوا أيضا للمستشار حلمى عبد الآخر لندائه .. ويبدوأنهم شعروا أن تصدى عبد الأحد جمال الدين له وجاهته أيضا . . واستطرد قائلا : ويجب ألا يفهم منه إطلاقا أننا نعيش فى فراغ اسلامى يجب ألا يفهم منه إطلاقآ أننا نبدأ من فراغ إنما نحن نسير فى الطريق القويم الذى يجعل من مصر دائما قدوة وقوة ، إن مصر قدوة فىالعالم الإسلامى وستحافظ على هذا الاسم الذى جاء فى القرآن الكريم والذى نحرص عليه جميعا ونحرص أن نبين تماما أنه إذا كانت هناك بعض الشوائب هنا أو هناك فإن الأساس سليم ، وأن مجتمعنا سليم وأننا حريصون كل الحرص على الإسلام ، بل إنه كما قيل هنا فى أكثر من كلمة قيلت اليوم إننا نستكمل الطريق ، إن جزءا كبيرأ من قوانينا - أيها الإخوة والأخوات - مستمد بالفعل من الشريعة الإسلاميه . ثم استدرك موضحا مرونة الشريعة الإسلامية فى التطبيق قائلا :

نجد اختلافا بين الفقهاء فى أمور كثيرة فى اجتهادات مختلفة قياس ظنى ، مصالح مرسلة ، مصالح معتبرة ، إنها هى المصالح التى يعبر عنها الإسلام ، ويحافظ عليها ويترك لنا الوسائل المختلفة لنحافظ على كيان المجتمع ذلك أن الشريعة الإسلامية جمعت فأوعت ، وهى صالحة للتفيق فى كل زمان ومكان ، وبذلك لا نظلمها لأنها تحدد لنا الأبعاد الرئيسية ، والأهداف الكبرى للمحافظة على المجتمع بجميع أركانه ، ولكننا يجب أن ندرس كل ذلك ، بكل الفهم وبكل التأنى ، ويجب مثلا أن نتفق على امور ، وأن نجتمع لنتناقش فى أمور كثيرة وبعد انتهاء كلمة الدكتور عبد الأحد جمال الدين أعلن الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس أنه قد وصل عدد طالبى الكلمة خمسة وأربعين عضوا تحدث منهم اثنا عشر عضوا ، سبعة من الحزب الوطنى وخمسة من المعارضة .

كما قدم إليه اقتراحان بإقفال باب المناقشة الأول موقع من 38 عضوأ والثانى موقع من 22 عضوأ وكما قال : وهؤلاء وأولئك ينتمون إلى جميع الأحزاب .

ولكنه أشار إلى أنه قبل أخذ الرأى على الاقتراحين فسيعطى الكلمة للحكومة لإلقاء بيانها ردا على التقرير ومناقشات ا لأعضاء إلا أن العضو الدكتور عبد الغفار محمد عزيز قاطعه بأنه لم يمنح فرصة الحديث له وإذا لم يستجب له فسينسحب من الجلسة .

ولكن رئيس المجلس رد بقوله مؤكدأ أن كل الاتجاهات أخذت فرصتها كاملة وتحدث كل بحرية وأوضح رأيه وطالب بالمحافظة على نظام الجلسة للاستماع إلى بيان الحكومة .

وفور ذلك انسحب العضو الدكتور عبد الغفار عزيز وكذلك العضو حسن الجمل نائبا الإخوان . ونرى فى هذا المجال بعض الملاحظات :

أولأ : أن أعضاء المعارضة الخمسة الذين أتيحت لهم فرصة الحديث هم : له إثنان من حزب الوفد وإثنان منحزب العمل ، وواحد من حزب الأحرار . وبذلك فإن المتحدثين لم يمثلا كل الأحزاب . كما أعلن رئيس المجلس. لغياب حزب التجمع الوطنى الوحدوى و حزب الأمة

ثانيا: أن رئيس المجلس حرص على عدم منح فرصة الحديث لأى من الإخوان المسلمين الستة المنتسبين لحزب الوفد الجديد حتى لا يعلنوا عن هويتهم الحقيقية أو إعلان رأى الإخوان من خلالهم إنما اكتفى بحديث الشيخ صلاح أبو إسماعيل والذى إن كان قد انتمى للإخوان فيما بعد إلا أنه رأى الاكتفاء به كرجل من رجال الدين مقابل الشيخ عطية صقر رجل الدين الذى قدم طلب المناقشة. وهو بذلك يقدم رأيين متقابلين لرجال دين .. وليس لرجال تيار محدد بذاته

ثالثا : أن انسحاب عضوى الإخوان من الجلسة يعنى ابتداء الاحتجاج على عدم التعبير عن آرائهم وهويتهم الإخوانية التى يمثلونها تحت القبه

رابعا: وأراد رئيس المجلس بذلك تجاهل أو طمس هذه الهوية الإخوانية وعدم التعبير أو الإعلان عنها صراحة . ونعتقدد من ذلك أن انضامهم الأول للبرلمان فى انتخابات 1984 كان على سبيل جس النبض من جانبهم ومن جانب السلطة السياسية أيضا .

ولذلك أعيد النظر فيما بعد وتقرر تمثيلهم بصورة اكبروأوسع وإن كان ذلك أيضاتحت عباءة حزب العمل .

وكان للإخوان رد فعل إزاء حرمانهم من الحديث والكلام فى قضيتهم الأولى وهدفهم الأول وهوتطبيق الشريعة الإسلاميةفى تلك الجلسة والتى من أجلها انضموا للبرلمان وسنعرض لهذا بعد عرض موقف الحكومة من هذه الجلسة .

وقد مثل الحكومة وألقى بيانها السيد الدكتور السيد على السيد وزير الدولة لشئون مجلسى الشعب و الشورى . والذى كان قد عينه المجلس السابق مشرفا على لجان تقنين الشريعة الإسلامية بصفته وكيلا للمجلس فى ذلك الحين والذى رأسه الدكتور صوفى أبو طالب . . وربما يثير بيانه بعض الملاحظات والتساؤلات سنرجىء إبرازها بعد عرض بيانه . فقد أشارابتداء إلى أن النص فى الدستور على أن الشريعة الإسلامية هى مصدررسمى للتشريع الأ فضل لأحد فى وضعه بالدستور من الأحزاب السياسية القائمة . .

وأكد بقوله : "لا وضع لمزايدة بيننا خصوصا بعد أن تضمنت برامج جميع الأحزاب التى تقدمت لانتخابات العام الماضى ، فقدأعلنت جميعها تمسكها والتزامها بنص المادة الثانية من الدستور ، ولكن الأمريحتاج إلى مراعاة بعض المسائل التى تعتبر فى غاية الأهمية ، من بينها أولا أن مصر ينظم التشريع فيها قوانين مستقرة ، أساس قواعدها من الشريعة السمحاء ، نتيجه لتمسك المصريين بدينهم ، والقانون المدنى وغيره من القوانين خير شاهد على ذلك .

ثانيا : أن المدرسة القضائية فى مصر مدرسة راسخة استقرت نظمها فى ضوء أحكام الدستور والقوانين التى تتفق فى جوهرها والشريعة الإسلامية وشهد لها الجميع فى الداخل والخارج ، بماتتمتع به أساليبها وأحكامها وخبراتها ، وليس من اليسير بناء نظام قضائى جديد على هذا المستوى ،وإلا نكون قد أهدرنا صرحا شامخا بذلت مصر وأبناؤها الكثير لتشييده ، الأمر الذى يدعونا لتطوير هذه المدرسه طبقا لما يتقرر من تعديل حكم تطبيقا لمبادىء الشريعة السمحاء .

ثالثا : أن الدين الحنيف بمبادئه ومثله يدعو لإقامة المجتمع الإسلامى مجتمع الكفاية والعدالة مجتمع الفضيلة والتسامح إلى غير ذلك من خصا ئص المجتمع الإسلامى التى نزهو ونفاخر بها العالم أجمع ، ونعمل على تأكيدها .

رابعا : أن مبادىء الشريعة الإسلامية فى المعاملات محل إتفاق كامل فى عمومياتها ، ولكنها محل جدل ونقاش فى تفاصيل كثيرة . ومن الواجب فى مثل دور مصر الرائد ودور الأزهر الشريف فى العالم الإسلامى أن يدرس الأمر بعناية ودقة .

خامسا : أن مصر لم تكن منعزلة عن العالم الخارجى ، إنها تتفاعل مع ما يدور فى عالم اليوم أدناه وأقصاه ، ويكفى أن تعاملنا الخارجى السلعى يزيد فى حجمه الكلى على نصف الناتج القومى الإجمالى لمصر ، الأمر الذى يضيف علينا عبئا نحن أهل له ، ولكن يجب أن نحسن الإعداد لتحمله وللتفاعل معه ، حتى لا يكون علينا الغرم ولغيرنا الغنم .

سادسا : أن المجتمع المصرى بكل طوائفه يقبل على أن ينهل تشريعنا من مبادىء الشريعة الإسلامية السمحاء ، ومن الواجب لذلك الاستمرار فى جهود تهيئة المجتمع برفع مستوى الدعوة لنشعر التعاليم السليمة وهو ما تعمل الحكومة جادة على تحقيقه ، ليس فى مصر وحدها ولكن على مستوى العالم الإسلامى ، وتطبيق المبادىء الشرعية المجمع عليها مثل المصالح المرسلة "الضرورات تبيح المحذورات ) "لا ضرر ولا ضرار" وربط الأحكام بعلاتها وهذه المبادىء يتباين تطبيقها باختلاف الزمان والمكان والظروف والمجتمعات .

من أجل كل ما سبق فإن الحكومة ترحب بتوصيات اللجنة فى تقريرها المعروض على مجلسكم الموقر وتؤكد على مراعاة أحكام الدستور وحكم المادة الثانية منه فى جميع مشروعات القوانين إن شاء الله ). وأما ملاحظاتنا فهى تتلخص فيما يأتى :

اولأ : أنه لم يتطرق إلى التقنينات السابقة للشريعة الإسلامية والتى كان مشرفا على لجانها وما إذا كانت فى حاجة إلى إعادة دراسة وبحث أم أنها جاهزة للإصدار وموقف الحكومة منها ، ولاسيما أنها حكومة الحزب الوطنى أيضا .

ثانيا : أنه ناقض نفسه بين إقراره بأن المدرسة القضائية فى مصر تتفق نضمها فى جوهرها مع الشريعة الإسلامية وبين بناء نظام قضائى جديد بعد تطبيق الشريعة فى بنصوص جديدة أو تنقيته مما هو مخالف .

ثالثا : أنه يشير إلى صعوبة التطبيق أيضا تلميحا باعتبار أن الاستيراد أكثر من التصدير إلى العالم لخارجى وما يقتضيه ذلك من تنظيم المعاملات فى إطار من الشريعة الإسلامية ولم يصرح بأن بعض التقنينات التى أشرف عليها تعالج هذا الأمر ، وخاصة القانون التجارى البحرى ألذى ناقشه المجلس فيما بعد ولم تشر الحكومة أيضا من جانبها أنه من نتاج المجلس السابق .

رابعا : أنه يرى كممثل للحكومة تهيئة المجتمع أولأ .. وإن كان ذلك فى الحقيقة ما أعلنه الدكتور صوفى أبو طالب فى أول يوليو 1983 وبذلك فهو يؤكد رفع مستوى الدعوة الإسلامية قبل تطبيق شريعتها . وفور انتهاء الوزير من إلقاء بيانه . . فقد أعلن رئيس المجلس قائلأ : "قدم إلى اقتراح موقع عليه من أكثرمن خمسين عضوأ ،أتلوه على حضرتكم :

"نقترح على المجلس الموقر الموافقة على تقرير لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف وما انتهى إليه من توصيات فى مجال التشريع والدعوة الإسلامية ، والموافقة على ما جاء ببيان الحكومة فى هذا الصدد) فالموافق من حضرتكم على هذا الاقتراح يتفضل برفع يده موافقة)

ثم أعلن : والاقتراح الثانى : مقدم من السيد العضو الشيخ صلاح أبو إسماعيل ومجموعة أخرى من السادة الأعضاد بإحالة مشروعات القوانين التى أحالها المجلس السابق فى 1 /7 / 1983 الى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية) .

وإنى أؤكد مرة أخرى أنه ليس فى حوزة المجلس الآن مشروعات قوانين أو اقتراحات بمشروعات قوانين ، وإذا كان شىء من ذلك قد قدم فقد سقط بإنتهاء الفصل التشريعى السابق ، ولذلك يكون للسيد العضو - إذا رغب أن يتقدم باقتراح بمشروع قانون - أن يسلك الطريق الذى حددته اللائحة فى هذا الخصوص"

وكما سبق الإشارة إلى أن الشيخ صلاح أبو إسماعيل قام بتجديد نظر ومناقشة هذه المشروعات بقوانين ولم يسمع عنها شىء من هذا التاريخ حتى طوال تواجده عضوبالمجلس إلى حين توفاه الله فى صيف عام 1990 . ولكن فى اليوم التالى 5 مايو 1985 وفور افتتاح الجلسة أعلن الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس بأنه قد وردت إليه رسالة من العضو عبد المنعم حسين نائب حزب الوفد الجديد ونصها : االسيد الدكتور رئيس مجلس الشعب :

تحية طيبة: إعمالاللمادتين 272 ، 273 من اللائحة الداخلية للمجلس أرجو أن استوضح لماذا تعجلت المنصة أمس عند مناقشة تقرير لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف عن الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية فى أخذ الرأى على الطلب المقدم من السادة الأعضاء بإقفال باب المناقشة وبذلك لم يأخذ الكثير من طالبى الكلمة فرصتهم فى المناقشة . .) .

ثم توقف رئيس المجلس لحظة وعاد يرد على الرسالة قائلا :إننى لم أتعجل وإنما حينما يأتى إلى الطلب بإقفال باب المناقشة يجب أن أقدمه فورا وقد ورد إلى طلبان ؟

أحدهما موقع عليه من 38 عضوا والآخر موقع عليه من 22 عضوا، أى أن السادة الأعضاء الذين تقدموا بطلبى إقفال باب المناقشة كان عددهم 60 عضوا وأمام ذلك لا أستطيع أن اتأخر فى عرض طلب إقفال باب المناقشة ثم إن الرأى فى النهاية كان للمجلس فمن واجب رئيس المجلس أن يعرض طلب إقفال باب المناقشة ولا يصح أن يتأخر عن ذلك ، هذا أولا وثانيا : القرار فى النهاية كان للمجلس وليس لى هذا هو ردى . ولكن العضو قاطعه قائلا ؟ (أرجو السيد رئيس المجلس أن يكمل تلاوة الرسالة) . فعاد رئيس المجلس لتلاوة بقية الرسالة فقال ؟

إن ما ورد فى بقية الرسالة هو الآتى : كما أننى أرجو أن أسجل اعتراضى على عدم تقيد المنصة بنصوص اللائحة . وأردف رئيس المجلس ذلك بقوله : (إن المنصة قد تقيدت بجميع نصوص اللائحة ولننتقل الآن لنظرجدول الأعمال .

إلا أن رد فعل جلسة 4 مايو . . وإن كانت إيجابية فى جانب منها إلا أنه كان له بعض من الآثار السياسية المثيرة .

وأعتقد أن دافعها حجب الدكتور رفعت المحجوب لعناصر الإخوان عن الحديث والإدلاء برأيها ورؤية التيار الدينى الممثل فيها فى تطبيق الشريعة الإسلامية .

وهذا مما بدا بعد ما يقرب من شهر وبالتحديد فى اليوم التاسع من يونيو عام 1985 .

وكان المجلس فى هذا اليوم يناقش الميزانية المالية . وقد منح الدكتور رفعت المحجوب الكلمة للدكتور عبد الغفار عزيز المحسوب على الاخوان المسلمين والمنتسب فى ذات الوقت لحزب الوفد والذى نجح على قوائمه . وقد نجح أثناء حديثه عن الميزانية أن يثير الآثار السلبية لهذه الجلسة وقد طالب بالاكتفاء بقناة تليفزيونية واحدة بدلا من اثنتين ترشيدا للإنفاق الحكومى وأستدرك بقوله : يجب أن تهتم الدولة بالدعوة الإسلامية حتى لا يقال إن الدولة ضد الدعوة الإسلامية لأن الأمر يتعلق بصورة الحكومة .. وأقولها صراحة وليسمعنى رئيس المجلس من فوق هذا المنبر خاصة أن الناس فى الخارج يقولون إنه قد ثبت أو يظنون ذلك بل يعتقدرن أن الدولة ضد ما هو إسلامى خاصة فيما يتعلق بموضوع الشريعة الإسلامية) .

وهنا فجر العضو ضجة شديدة بقاعة المجلس إلا أنه استطاع الاستطراد قائلا -: إننى أتحدث عن وجهة نظر الناس وعلينا أن نبين ونوضح لهم خاصة بعد إقفال باب المناقشة فى هذا الموضوع الذى انتظره الناس كثيرا . فى يوم واحد وعدم إعطاء البعض فرصة الحديث التى كان يمكن من خلالها ومن خلال الكلمات التى تقال أن تمتص غضب الناس فى الخارج وتريح أعصابهم ، فلابد للناس أن يعرفوا الحقيقة ، بأن الحكومة مع الشريعة الإسلامية ومع استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية ، هذا ما أردت أن أقوله " .

إلا أن العضو حسن حافظ قاطعه قائلا هناك مسجد مخصص يهاجم هذا المجلس ولابد أن يقال ذلك على مرأى من النواب. جميعا فالشيخ صلاح أبو إسماعيل قال على النواب فى مجلة الاعتصام إنهم منافقون .

وتدخل رئيس المجلس وطلب من الدكتور عبد الغفار عزيز إستكمال حديثه ، وبالفعل عاد العضو لحديثه قائلا : هناك محاولة بل وتصميم . لا أقول لعدد من الناس ، بل إننى أعرف أن هناك فى كل المدن والقرى الآن من يرتب لخروج مسيرة يوم الجمعة القادم .

واستدرك بقوله : صدقونى اتصل بى مسئول بأحد المساجد بمدينة المنصورة أمس وهو مسجد كبير أذهب إليه لأصلى فيه مرة كل شهر وهو مسجد الجمعية الشرعية والسيد الأستاذ توفيق عبده إسماعيل وزير الدولة لشئون مجلسى الشعب و الشورى يعلم ذلك تماما ، ويحضر إلى الصلاة فى هذا المسجد ما لا يقل عن عشرة آلاف مسلم . وكان هناك اتفاق على أن ألقى خطبة الجمعة القادمة هناك وقال لى الرجل إن هناك احتمالا بأن يغلق المسجد لأن كل الشباب سيذهب إلى القاهرة يشارك فى المسيرة وإننى أخشى أن يحدث شىء أو أن يحدث صدام بين أبناء الأمة الواحدة وبين أبناء البلد الواحد ولهذا أطالب الحكومة ومن فوق هذا المنبر أن توضح موقفها تماما من الشريعة الإسلامية" . ثم ساق مبررات هذه المسيرة قائلا : الأن ما قيل يوم إقفال باب المناقشة فى يوم واحد أن أعتبر ذلك سببا من أسباب هذا الهياج وهذا الشعور المتقد) وأضاف تهويلا للموقف بقوله : "وكنت أسمع أيضأ من بعض الناس أنها مسألة حياة أو موت ويعتبرون موتهم استشهادا . وتخفيفا لسوء الموقف فى تصويره وتلميحا لإخلاصه ولإمكانيات دوره السياسى ختم حديثه قائلا : "إننى لا أقول هذا على سبيل التهديد ولكن أريد من رئيس المجلس ومن الحكومة توضيح الموقف تماما بالنسبة لهذا الموضوع حتى أريح ضميرى ويستريح الناس أيضا) . واستعراضا وتأكيدا لنجاحه فى درره صفق له الأعضاء :

والتقط رئيس المجلس مضمون الرسالة التى قدمها العضو للمجلس تلميحاوتصريحا فقال : إن السيد العضو الدكتور عبد الغفار عزيز تناول موضوعا على جانب كبير من الأهمية وعرض الموضوع على لسانه وإن كان بألفاظ الغير، فقاطعه العضو مؤكدأ دوره كمبلغ رسالة فقط .

فعاد رئيس المجلس يؤكد وصول معنى الرسالة قائلا : (لقد قلت إن السيد العضو يتكلم على لسانه بكلمات ألآخرين وكنت محترسا فى لفظى . إننى لا أفهم كيف يصل شخص إلى هذا القول ؟) . ئم تساءل باستنكار : "هل إغلاق باب المناقشة ومنع حق الكلام لشخصين يعنى أن المناقشة لم تتم ؟ وأجاب أيضا مستنكرا : ولو أعطيت الكلمة لهذين الشخصين هل بعنى أن المناقشة تمت ؟ فحرمان شخص أوآخر لا يوصلنا إلى أن الدولة ضد الشريعة . إذن أية دولة تلك التى نحكم عليها أنها مع أو ضد بإعطاء الكلمة لشخص أو لآخر .. وأى منطق هذا ولا أعتقد أن هناك شواهد أخرىستخلصون منها هذه النتيجة المغلوطة.

ثم عرج على ما أعلنه العضو حسن حافظ مخاطبا الأعضاء بقوله : ان كل المعلومات متجمعة لدينا وكل ما قالوه عنكم فى مساجد الله من إتهامكم أنكم تعوقون تطبيق الشريعة إلإسلامية من إتهامكم أنكم تحيكون مؤامرة كل ذلك قيل فى مساجد الله وفى رجال يخشون الله أنتم تعلمون الحقيقة أن أحدا لم يعارض استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية" .

ثم أكد استنكاره لسوء الموقف متسائلا : أو لأن البعض لم يأخذ الكلمة فيصبح كل ما قيل فى هذه القاعة كفرا أو لأن البعض لم يأخذ الكلمة يصور المجلس على أنه يحيك مؤامره أولو أخذوها كانوا يضيفون شيئا إلى كل المناقشات التى قيلت ؟ هل كانوا يخلعون على المجلس شيئا غير الذى خلعوه عليه ؟ أو لو تكلموا وخاطبوا الشارع من فوق هذا المنبر لغرض أو لاخر هل كان ذلك يغير من صورتكم عندهم ؟" .وتحدث زعيم المعارضة الوفدية المستشار ممتاز نصار . وأكد المعانى التى ساقها رئيس المجلس والتزامه بما سبق واتفق عليه فقال :

إن الهيئة الوفدية البرلمانية لا تقر الإثارة ولقد اجتمعنا فى الهيئة وأكدنا هذا المعنى وطلبنا من جميع الأعضاء الإلتزام بهذا المسلك ، لأننا جميعا نريد أن ننقى القوانين القائمة من الشوائب التى تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، أما الإثارة وإتهام الآخرين بأنهم ضد أحكام الشريعة الإسلامية ومحاولة إثارة الجمهور فى هذا الصدد على غير حق فهو أمر نرفضه ولا نقره وإننا قادمون وسائرون فى طريق تطبيق الشريعة الإسلامية ولذلك أردت أن أسجل هذا المعنى" .

- إلا أن المهندس إبراهيم شكرى فى مواجهة ما أراد تسجيله زعيم المعارضة الوفدية والتى تضم تحت عباءتها عناصر "الإخوان المسلمين ، سعى إلى تسجيل موقف ضد رئيس المجلس وتلميحا ضد حزب الوفد الذى بدا وكأنه يحجر على أسلوب ألممارسة البرلمانية لعناصر الإخوان وتحجيم رأيها تحت عباءة الحزب ولاسيما أن زعيم المعارضة كان أحد رؤساء لجان تقنين الشريعه الاسلامية .

وأشار إئ أن كلا من رئيس المجلس وزعيم المعارضة الوفدية تحالفا حول سياسة معينة لتطبيق الشريعة الإسلامية مما يعده إبراهيم شكرى تراجعا أو إعادة نظهر من حزب الوفد . .فقد تحدث خماطبا رئيس المجلس قائلا : "إنه إذا كان قد حدث بعض اللبس فى هذا الموضوع فى الفترة الأخيرة فقد نشأ من شىء واحد هو أنك اعتبرت أنه لا توجد مشاريع قوانين فى لجان المجلس"

وبالطبع ففد التقط رئيس المجلس مايرمى إليه المهندس إبراهيم شكرى ففسر موقفه بقوله : "لا نريد أن نعود إلى هذا الموضوع لأن هذا خلاف لائحى . وموقفى من الناحية القانونية سليم وأنا أعلم ما أقول ، يا سيادة العضو ، ولم يكن لدى قوانين وحتى لو كانت قدمت فقد سقطت وأنت تعلم اللائحة!.

وبذلك فقد بدأ رئيس المجلس مدافعا عن موقفه القانونى .. وإن كان بالطبع له موقف سياسى ألا وهو التنقية الذى حاول بل نجح فى توسيع مفهومه وفرضه على المجلس .

وشعر المهندس إبراهيم شكرى أنه قد سجل نقطة أو موقفا على رئيس المجلس فأكد ذلك قائلا : "إن توضيح السيد رئيس المجلس لهذا الموضوع شىء طيب ولكن الذى ثبت فى الأذهان هو أن هذا الموضوع قد أخذ أشواطا طويلة وأنه أصبح بالفعل أمام اللجان.

ولذلك فإن القول بأنه لابد أن يكون هناك مشوار جديد فى هذا الشأن هو الذى جعل هناك شبهة مؤداها أن هناك من يريد أن يعطل تطبيق الشريعة الإسلامية! .

وقد حاول المهندس إبراهيم شكرى بهذا حصار رئيس المجلس والتلميح باتهامه بالتعطيل فالتقطه رئيس المجلس ومازال فى موقف الدفاع فنفى ما ألمح إليه على الفور بقوله : لا سمح الله وأنت تعلم وسيادتك برلمانى قديم فهل كان يمكن لمشروعات سقطت أن تجدد وحينما جددت حولتها على لجنة الاقتراحات والشكاوى فى نفس اليوم . ولكن إبراهيم شكرى يحاول تضييق الخناق على رئيس المجلس بالتلميح بالتهمة فقال : "لقد كانت هناك لجنة خاصة بهذا الموضوع وكنا نعتقد أن رئاسة المجلس ستعنى بهذا الموضوع وتحاول أن تعالجه ليس عن طريق تفديم عضو له فهذا مجهود للمجلس استمر لمدة أربع سنوات . إلا أن رئيس المجلس قد نفد صبره رأدار دفاعه بالهجوم على المهندس إبراهيم شكرى فوجه له اللوم متسائلا :

"ما المسلك الذى كان يمكن أن نفعله يا سيادة العضو وقد سقطت هذه المشروعات وأنت برلمانى فلماذا لم تفدم أنت الاقتراح وتقول لى إن المشروعات سقطت وأنا أعيدها) .

ولكن المهندس إبراهيم شكرى تصدى لهذا الهجوم ووجهه نحو حكومة الحزب الوطنى الذى يعد رئيس المجلس أحد كبار أقطابه فقال : "الواقع ان هذا الموضوع كان مفهوما أنه سيتم بواسطة الحكومة التى رتبت هذا الموضوع كله ) .

إلا أن رئيس المجلس واجه ذلك بالتلميح لمسئولية الغير ومؤكدأ هجومه قائلا : "فيما أعلم فإن الحكومة لم ترتب هذا الموضوع وكان عليك أنت أن تقدم هذا الاقتراح .

ولكن إبراهيم شكرى اضطر للتصريح والمواجهة السافرة لتحديد مسئولية الحزب الحاكم وحكومته من ينتمى إليهما فقال : الحكومة رتبت هذا الموضوع والدكتور صوفى أبو طالب لم يكن بعيدا عن الحزب الحاكم ولم يكن بعيدا عن هذا الموضوع كله ، .

وعلى أثر ذلك أنهى رئيس المجلس هذه المناورة السياسية قائلا : إننى أعذر الجمهور فى فهمه الخاطىء إذا كان سيادتك لم تستطع أن تقدر مدى خطأ هذا التفكير من الرأى العام الذى تصوره ، .

وتوضيحا لما فجره الدكتور عبد الغفارعزيز وما أشار إليه حسن حافظ فقد تحدث هذا الأخير وأوضح أن هناك منشورا وزع فى مسجد النوروقعه بعض أعضاء مجلس الشعب وهم : الشيخ صلاح أبو إسماعيل (مستقل ) ، ومن الوفد : حسن الجمل والشيخ محمد المطراوى وحسن أحمد عبد الباقى ومحمد المراغى ومحفوظ حلمى ومحمد الشتيانى وحسن جودة والدكتور عبد الغفار عزيز .

وهم عناصر الإخوان فى حزب الوفد . والذين شعروا بأن هناك محاولة بل سياسة لحجب آرائهم التى تظهر توجهاتهم أو تعلن عن تيار الإخوان المسلمين علنا تحت قبة المجلس .

ولذلك فعندما منع حسن الجمل والدكتور عبد الغفار عزيز من الحديث فى جلسة مناقشة تطبيق الشريعة . . كان ذلك المنشور هو الرد على حرمانهما من الإدلاء بأرائهما أو ما يمثلانه من تيار الإخوان . . وبدلا من مخاطبة الجمهور من فوق منبر المجلس .. فقد خاطبوه من منبر الجامع .. وإن كان رئيس المجلس يمثل - ضمنيا - السلطة السياسية وأرادت هذه الأخيرة عدم التمثيل البرلمانى السافر للإخوان فى البرلمان فإن رد الفعل رسالة مضادة . . فى الشارع السياسى .

وقد جاء بذلك المنشورأن رئيس المجلس فوجىء عقب جلسات الاستماع بأن كل المقدمين فى لجان الاستماع أجمعوا على المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية فكان لابد من تصفية هذا الاجتماع بتكليف لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف بوضع تقرير يتحكم فى هذا التيار الإجماعى .

إلا أنه تقع المفاجأة المذهلة بعد توزيع هذا التقرير فإذا أعضاء لجنة الشئون الدينية والاجتماعية رالأوقاف بمجلس الشعب يستنكرون نسبة هذا التقرير إليهم لأنه ظهرمخالفا لما طالبوا به وما اتفقوا عليه من ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ولأنه يهدر إنجازات المجلس السابق.

ثم تعرض العضو لما تضمنته صحيفة الاعتصام الخاصة بالإخوان المسلمين من حديث للشيخ صلاح أبو إسماعيل بالهجوم على أعضاء مجلس الشعب ثم ختم حديثه : لا تطلب من الإخوة الأعضاء إلا أن يكونوا هادئين مخلصين لم يكن هناك عهد فى مصر كانت فيه ديمقراطية مثلما هى عليه الآن ، فهل إذا تولت هناك جماعات متطرفة يسمح بذلك ؟! وأنتهت الضجة بالمجلس عند هذا الحديث . . وإن لم نته هذه الضجة خارجه حتى انضم الإخوان إلى المجلس عام 1987 .

الإخوان وتأكيد هويتهم الذاتية

وإن كان الإخوان المسلمون قد انتخبوا نوابهم فى مجلس الشعب باعتبارهم منتسبين فى حزب العمل "الاشتراكى إلا أنهم كما سبقت الإشارة قد أعلنوا ورددوا هويتهم الإخوانية أثناء الانتخابات ولكنهم ساروا فى ذلك الاتجاه وهم نواب فى البرلمان . . فلم يتوانوا عن تأكيد " هويتهم بان كانوا لم يعلنوا الاستقلال والانفصال عن حزب العمل .

لرئيس هذا الحزب قد سار معهم فى ذات الاتجاه . ! وقد تصدوا لمحارلات وزء الداخلية - اللواء زكى بدر - فى مسعاه لطمس أو تجاهل هوية الإخوان المسلمين .ولاسيما أنه ليس لهم حزب رسمى خاص بهم ولا جماعة قانونية ايضا . بل قاومو بكل قوى سياسته فى هذا الاتجاه . . وقدأدركوا أهمية تأكيد هذه الهوية التى لا يجب أن تذوب فى حزب أو آخر وكذلك أمام السياسة الأمنية للوزير.. ، وأمام أى محاولة من أى طرف .. وفى سبيل ذلك .

حرصوا على الإعلان عن هويتهم استقلالهم إن سنحت لهم الفرصة لذلك . . سواء فى موقف برلمانى أو بسبيل مناقشة قضايا وموضوعات .. وكان سندهم فى تكيد هذه الهوية .. رصيدهم التاريخى فى مقاومة حكم الفرد والديكتاتورية الناصرية والتصفية والتعذيب الجسدى .

فكانوا يستعينون من تاريخهم بمواقف لتقييم الواقع الحاضر الماثل بينهم والذين يسعون إلى تغييره . بل كانت تفجر ينابيع تاريخهم كل ما هو يتصل أو كان جزءا من الماض فيطل مرة أخرى .. ليواجه أو يحدد من شرعيتهم البرلمانية وكذلك حركتهم ونشاطهم نحو المستقبل .

بل وسعوا مؤكدين أنهم التيار الدينى المعتدل والذى حاز ثقة نظام الحكم منذ عهد الرئيس السادات وعهد الرئيس حسنى مبارك الذى أتاح لهم فرصة تحقيق أعز الأمانى السياسية منذ الثلاثينات من هذا القرن . . الا وهو التمثيل النيابى .

وفى ضوء ذلك التمثيل وتداركا لانتسابهم لحزب العمل حرصوا على تاكيد هويتهم المستقلة) فالتمسوا فى ذلك من رصيد تاريخهم الماضى . . وطموحات الحاضر . . وتطلعات المستقبل . . ! وقبل دخولهم المجلس عام 1987 ،حانت الفرصه لإبراز هريتهم الإنتخابية . ومنذ الثلاثينات. . وفجاة أعلن الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس صباح 8 2 نوفمبر 1987 عن رسالة من رئيس الجمهورية تفيد بانتهاء مده المدعى العام الاشتراكى المستشار عبد القادر أحمد على عبد المجيد وترشيح بدل منه - المستشار عبد السلام حامد أحمد رئيس محكمة استئناف بنى سويف

والمرشح الجديد من مواليد 14 أكتوبر سنه 1929 وبذلك يبلغ من العمرثمانية وخمسين عاما .

وتخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة وتدرج من وظيفة معاون بالنيابة إلى رئيس محكمة استئنافبنى سويف .

إلا أنه بمجرد ذكر اسم المرشح الجديد . فقد حدثت جلبة بين صفوف نواب الإخوان .. وتردداسم الرجل عدة مرات بينهم بدهشة واستنكار واستياء . . وعلى الفور تحدث المأمون الهضيبي مع كل من الدكتور يوسف والى أمين عام الحزب الوطني الديمقراطى و كمال الشاذلى أمين التنظيم ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب حول اسم المرشح وأن هناك مآخذ تمنع من الموافقة عليه فى منصب المدعى العام الإشتراكى وأنه يرى لو أمكن تسوية هذا الأمر خارج نطاق المجلس فيكون ذلك أفضل ، لأن المرشح يشغل منصبا قضائيا يعز علينا - كما يقول الهضيبي - أن نتناول القضاء من خلاله بصورة أو بأخرى لذلك كان الهضيبي يود البحث عن طريقة أخرى بدلأ من إثارة هذه المآخذ وأسباب معارضتهم بصورة علنية داخل المجلس .

وقد استوضح كمال الشاذلى من الهضيبي الأسباب .. واجتمعت اللجنة العامة لمجلس الشعب برئاسة الدكتور رفعت المحجوب لاستجلاء موقفها من الترشيح . وكان عدد الحاضرين 27 عضوا بما فيهم رئيس المجلس والذى لم يشترك فى التصويت . فوافق 16 على الترشيح ورفض 9 أعضاء ذلك الترشيح وامتنع صوت واحد فقط وهو صوث ياسين سراج الدين رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد " وفى اليوم التالى عقد المجلس جلسة لمناقشة وإقرار هذا الترشيح (41) .

ويبدو أن الهضيبي و يوسف والى و كمال الشاذلى لم يصلوا إلى نتيجة واحدة .. أو رأى واحد .. وعلى ذلك وقف الهضيبي أسفا وهويعبرعن الأسى الذى يشعربه معترضآ على اسم المرشح وأضاف قائلا : وحين أعترض فأنا عندى معه تجربة شخصية فقد عاشرته فى السجن الحربى وهو يحقق مع زملائى وعاينته وعايننى ومكثنا أشهرا طويلة يحقق جمعنا ومع أخوتنا بأساليب نحن نعرفها جيدا ولكننى لن أعتمد على شهادتى ، ولن أطلب منكم ذلك ولا على تجربة العرات ،ومنهم أعضاء فى مجلس الشعب ومنهم أشخاص آخرون يمكن أن يتقدموا - لو أتيحت لهم الفرصة - ليشهدوا ، لن أعتمد على هذا أبدا ولكن سأعتمد على أحكام قضائية معروفة ومشهورة ، حكم محكمة الجنايات فى قضية كمشيش، هذه القضية كان السيد المرشح لمنصب المدعى العام الاشتراكى أحد القائمين على التحقيق فيها فى السجن الحربى ، وقد قضت محكمة الجنايات بتبرئة جميع المتهمين المعترفين أمام النيابة وقررت أن جميع الأقوال التى أدلى بها هؤلاء المتهمون وجميع الاعترافات أخذت بالتعذيب والإكراه الذى أشرف عليه أعضاء النيابة ومنهم السيد المستشار المرشح لمنصب المدعى العام الاشتراكى .

وهذا الحكم حاز قوة الشىء المحكوم فيه وأصبح عنوانا للحقيقة لا يستيع أحد أن يعود للطعن فيه أو لمحاولة نقضه . إن الاحكام الجنائية - فى شريعة القانون الذى يجب علينا أن نحترمه - لها قوة الشىء المحكوم فيه وأصبح عنوانا للحقيقه لايستطيع أحد أن يعود للطعن فى أو لمحاولة نقضه إن الاحكام الجنائيه فى شريعة القانون الذى يجب علينا أن نحترمه لها قوة الشىء المحكوم فيه ولها حصانتها التى لا يجوز بعد ذلك أن نعاود الكلام فى شأنها ، ولها دلالتها التى لا يمكن أن نغفل عنها وإلا خالفنا القانون وضربنا بالأحكام القضائية عرض الحائط ، وقضيه كمشيش قضية موجودة إذن فما العجلة ؟

لماذا لا نأتى بها وندرسها ؟ لماذا لا نقرأ صفحاتها ؟ لماذا لانقرأ الحكم الصادر فيها وأسبابه ؟ حتى يأخذ كل ذى حق حقه وحتى ينال كل شخص ما له وما عليه ، ما الداعى ونحن أمام منصب خطير كهذا المنصب - أن يطلب منا بين عشية وضحاها أن ننظر فيه وليس لدينا فرصة واحدة لكى نتحرى أو ندرس أو يكون لنا أى إجراء يبنى عليه رأى صحيح سليم يثق الناس فيه بأعمالنا ويثق الناس فيه بضمائرنا وأننا نؤدى واجبنا على وجه يرضى الله ويصون حريات الناس وكرامتهم وأعراضهم وأموالهم .

لماذا العجلة ؟ وتحت يدى قرارآخر من المستشار رئيس محكمة الاسئناف الذى قام بالتحقيق مع السيد المستشار المرشح لمنصب المدعى العام الاشتراكى .

هذا التقرير – ولدى صورة منه والأصل موجود فى وزارة العدل ويمكن إحضاره والإطلاع عليه ويمكن دراسته – أنتهى إلى إدانة السيد المستشار المرشح لمنصب المدعى العام الاشتراكى بارتكاب جنايات التزوير فى أوراق رسمية وجنايات تعذيب المتهمين ، وهذا التحقيق من الوثائق الرسمية وإننى سأودع صورته التى معى فى المجلس ، ولكن أعتقد أنه كان من واجب اللجنة العامة ومن واجب حضراتكم أن تطلبوا أصل الأوراق وأن تطلبوا أصل القضايا وأن تدرسوا الموضوع – على الأقل – دراسة متأنية تليق بجلال المنصب وخطورته الذى يرشح له السيد المستشار ، فهذا التحقيق أدان السيد المستثسار المرشح لمنصب المدعى العام الاشتراكى ، إدانة بجريمتين جنائيتين : جريمة للتعذيب ، وجريمة ارتكاب تزوير فى أوراق رسمية بأنه أثبت اعترافاث غير صحيحة للأشخاص المتهمين ، وأثبت أقوالا غير صحيحة للشهود فى محاضر التحقيق التى قام بها ، هذا المرشح الذى يرشح لمنصب من أخطر المناصب فى هذه الدولة ، صحيح أننى أعرف أيضا أن هذا التقريرالصادر من السيد رئيس محكمة استثناف القاهرة بإدانة السيد المستشار عرض على الجنة الخماسية فى محكمة النقض اواللجنة الختصة بالإذن بإقامة الدعوى فلم توافق عليه وأمرت بحفظ التحقيق . وإننى أقول لماذا لا نطلب أسباب قرار للجنة الخماسية ونعرف لأى سبب قررت عدم الإذن هل ثبت لديها عدم صحة الاتهام نهائيا ؟ .

هل ثبت لديها أن الاتهام مشكوك فيه ؟

أم ماذا ثبت لديها ؟ هل يمكن أن نتخذ قرارات خطيرة مع هذه الجهالات ؟

ثم قاعدة أخرى هل خلت البلد من شخصية جديرة بهذا المنصب حتى نرشح له شخصا محل اتهامات على الأقل اليس من الأصول القانونية والشرعية أن من يتولى مناصب ذات قيمة وذات اعتبار ويكون فى يده تأثير كبير وخطير على حريات الناس وعلى أعراضهم وعلى أموالهم ان يكون هذا الشخص بعيدا عن الشبهات اليس هذا شرطا حتى ولو لم يثبت عليه أى إجراء ؟ فلنفرض أنه لم يثبت أليست هذه الأحكام القضائيهه من جهات لها خطورتها ؟ محاكم ، لجنة تحقيق برئاسة مستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة لو رأوا فيه هذه الآراء ورأى غيرهم أنها ليست ؟ " متكالة وليسط صحيحة ماذايكون الحل ؟

هل يثق الناس بعد ذلك فى صحة هذا الشخص أو يطمئنون إليه ؟ هل تبنى الدولة على أشخاص محل اتهامات ؟ هل جدبت مصر ولم تلد من يستطيع أن يتولى هذا المنصب ؟ أليس فى رجال القضاء الحاليين و السابقين شخص بعيد عن أن تلوكه الألسنة ؟ ألم يوجد شخص أمين مشهود له بالأمانة من الناس بعيد عن الشبهات ؟ ، لماذا الإصرار على شخص توجه إليه السهام من اكثر من جانب. .

توجه إليه الاتهامات فى أخسس المواطن ،وعندئذ قاطعه رئيس المجلس يرجو منه الاختصار .. فرد عليه الهضيبي : نحن نختصرولكن يجب أن نقول ما نشعر به ! .

فاكد رئيس المجلس على إجابته قائلا هذا صحيح. . فوجه الهضيبي حديثه مخاطبا رئيس المجلس بقوله : "لما سيادتك تكون فى السجن الحربى وتنهال عليك السياط والمحقق الذى معك عندما ياتى لم إليك وتذهب إليه وتقول له ثم يقول لهم خذوه واضربوه وأهينوه لكى يرجع يتكلم مرة ثانية .

ووسط تصفيق المعارضة لهذا استدرك الهضيبي لرئيس المجلس قائلا : لا أوقفك الله هذا الموقف ولا زج بك فى مثله ) .

فرد رئيس المجلس : اولا أنت ولا غيرك ونحن لا نتكلم عن هذه المواقف ! .

وأردف : "إننى لا أريد أن أقول هذا لأننى لن أتكمل عن نفسى ولا أتكلم عن زملائى ، إننى أتكلم بأوراق رسمية عن غيرى عن أناس عن قضية لا شان لنا بها ، قضية كمشيش ليست قضية الإخوان المسلمين ولم يكن متهما فيها أحد من الإخوان المسلمين ولم تكن بسبب عقيدة إسلامية لا من قريب ولا من بعيد .

إننى اتكلم عن أحكا قضائية ، وإننى قلت إننى أجل نفسى عن أن أقف شاهدا أو أتهم إنسانا ، نحن والحمد لله أعرضنا عن كل من آذانا ولكن أن يلى أحد منصبا له مثل هذه الخطورة ونسكت ، هذا إثم كبير ، هذه حياة لا ننتفرها لأنفسنا ، ولا نستطيع أبدأ أن نسكت ، لا نستطيع أبدأ أن نخرس ولا نقول كلمة الحق ، إن مصر لم تجدب ، إن مصر لها رجالها الذين يمكن أن يقلدوا أكبر المناصب بأمانة وصدق ، بعيدا عن جميع الشبهات . أرجو منك يا سيادة الرئيس ، وأرجو من حضرات النواب المحترمين أن يقدروا أمر هذا الموقف الخطير).

ولعلنا لو أعدنا النظر الى حديث مأمون الهضيبي . لرأينا أنه رغم التلميح إلى تجربته الشخصية السابقة مع المرشح ، وكذلك تجربة إخوانه وأنه رأى استبعادها كمعيار للحكم على ذلك المرشح . . إلا أنه عاد فى ثنايا حديثه وأوضح بصورة درامية ماذا بدر من هذا المرشح من مواقف غير إنسانية ولا قانونية فى التعامل مع الإخوان المسلمين .

ولم يستطع تجاهل ذلك التوضيح .. لأن المرشح رمز لماض يسعى الاخوان لطرده من مخيلتهم وعدم العودة إليه أو عدم عودته إليهم .. ولاسيما فى هذا المرشح الجديد والرمز القديم . ومن هنا كانت إشارته الواضحة لهويتهم كإخوان مسلمين . بل وتأكيدا على هذه الهوية فقد لجا إلى معيار لتقييم صواب هذا الترشيح من عدمه عندما أشار إلى الاتهامات والأحكام اشار الى الاتهامات والاحكام التى صدرت فى مواجهة ذلك المرشح فى قضية "كمشيش ) مؤكدا أنها ليست قضية خاصة بالإخوان المسلمين . . وإنما استند إليها كمصدر للاتهامات التى وجهت إلى ذلك المرشح من قبل وفى ذات القضية .

وبذلك فقد أفصح عن هوية الإخوان فى البرلمان من خلال التجربة الشخصية التى تمثل جزءامن ماضيهم وكذلك من خلال الجانب السلبى الممثل فى اتهام المرشح فى قضية لا تخص الاخوان المسلمين .

وأماإثارته للعديد من التساؤلات والحيرة حول الإصرار على ترشيح عبد السلام حامد . . فلا شك أن لذلك دلالته وإ شارته غار فكما سبق التوضيح بأن النظام الحاكم سعى ووافق على خوض التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين .

إلا أنه تحسبا فى السيطرة على آثار التجربة . وحذرامن أبعادها وخشية من تطورها . . فإن النظام الحاكم رأى أن يكون مستعدا لمثل هذه الاحتمالات . . فإذا كان هناك اللواء زكى بدر وزير الداخلية يقوم بدوره إزاء تلك التجربة فإنه لا مانع من دورآخرلجهة أو مسئول آخر . . فما يفلت من وزيرالداخلية يمكن التعامل معه من خلال المدعى العام الاشتراكى والعكس صحيح .. واختيارهذا الأخير بدقة وعناية حيث يكون لذلك دلالة . . ومن هنا كان اختيار المرشح الجديد الرمز القديم فى مواجهة الإخوان .

يعود فى ثوب جديد إذا اقتض الأمر للمواجهة . ومن هنا كان الاختيار طبقأ ، لمفهوم السلطة فهو صحيح. . وطبقا لمفهوم الإخوان فهو غيرصحيح . . ويدلل على أنه مازال النظام الحاكم يخفى خلف ظهره عصا أخرى غير عصا زكى بدر المعلنة والسافرة . . ومن هنا أيضا فهو رمز رادع للإخوان قبل غيرهم وقد شعر الإخوان بذلك .

فاستنفرهم هذا المفهوم .. وعارضوا بشدة ذلك الترشيح . كما أن هذا الموقف أوضح مدى الحركة النشطة الدءوبة للإخوان لأنه مجرد إعلان اسم المرشح فقد أعدوا أنفسهم لحيثيات الرفض وعرضوها بأسلوب مؤثر فى التصويت .

حيث رفض بعض أعضاء الحزب الوطني الحاكم الترشيح فى اللجنة العامة برئاسة الدكتور رفعت المحجوب وكذلك تغيب بعض أعضاء نفس الحزب عن حضور جلسة التصويت حيث حصلت الموافقة من 269 عضوا من الحزب من إجمالى عضويته البالغة 350 نائبا تقريبا .

ولاشك أن للاحتجاج ومعارضة الإخوان أثرها الرادع للمدعى العام الجديد نفسه .حيث ينص ابتداء للرأى العام أن أى تحرش بهم من جانبه .

فهو يستند إلى ماض مشترك بينهم ، ولذلك يبدو أمام الجمهورأن ذلك يعد من قبيل تصفية الحسابات . . وأعتقد أن المدعى العام أدرك ذلك ومن هنا فقد حققوا فى تلك الجولة تعادلا محمودا ، وإن لم يتحقق لهم مكسب فلم تنزل بهم خسارة .

قامكمال الشاذلى رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديمقراطى الحاكم بالرد على الهضيبي وفد بدأ من حيث إنتهى الأخير فقال : "بالنسبة لما ذكره السيد المستشار مأمون الهضيبي والخاص بقضية كمشيش ، أما تقرير خاص باللجنة الخامسية للمجلس الاعلى للهيئات القضائية صحيح كما ذكرت أنه قد حدث إتهام فعلا ولكن ليس لهذا المستشار وحده بل لعدد من المستشارين كانوا أربعة هم : المستشار صلاح نصار (النائب العام فيما بعد) والمستشار جمعة والمستشار عبد السلام حامد (المرشح ) والمستشار سليمان عبد المجيد .

فقد قدمت ضدهم شكاوى مؤداها أن بعض المتهمين فى بعض القضايا ادعوا بوقوع تعذيب عليهم ، وهذه الحقيقة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .

والأمر لا يخرج عن أنه إدعاء من أناس ضد هؤلاء المستشارين ، وقد أخذ هذا التحقيق مجراه ضد مستشارين الأربعة ، فماذا انتهى إليه الرأى ، نحن لا نأخذ الناس بالشبهات ولكن نأخذهم من خلال تحقيق وإثبات وإدانة ، وهذا هو القضاء الذى كان الزميل المستشار أحد أعضائه وبحكم هذا المنطق ، فإن اللجنة الخماسية للمجلس الأعلى للهيئات القضائية قررت حفظ التحقيق مع هؤلاء المستشارين الأربعة وهذا ليس لعدم كفاية الأدلة ولكن لعدم صحة ما نسب إليهم فى تحقيقات التعذيب ، بمعنى أن التحقيق تم معهم بمعرفة النيابة ، واللجنة الخماسية المسئولة عن مساءلة السادة المستشارين طبقا لقانون السلطة القضائية قد حفظت التحفيق ، بعد أن حققت واستمعت وسألت العديد من شهود ، بجانب من أدلوا بأقوالهم ضد هؤلاء المستشارين .

أيها الاخوة ، هذه هى مراحل الدعوى المتعلقة بقضية كمشيش والتى أشار إليها السيد الزميل ، وهذه التحقيقات قام بها مكتب قضايا التعذيب .

ولقد تقدم السيد النائب العام ايضا بمذكرة حول هذا الموضوع انتهى فيها إلى الآتى "أن الدليل الذى ساقته هذه التحقيقات قبل المستثسارين الأربعة لحقه الوهن بما يعدم دلالته ويفقده حجيته على صحة ما حمله من إتهام لهم ، مما يستتبع بالضرورة التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الصحة،إلا أن الهضيبي لم يترك الأمر هكذا بل سارع بالرد على كلام كمال الشاذلى بقوله : "إن القرار هو قرار صادر من النيابة وليس قرارا من المحكمة وهناك حقيقة ثابتة هى أن حكم محكمة جنايات كمشميش فى قضية كمشيش قد أهدر الاعترافات وليست التى أدلى بها أمام التحقيقات الأولية ولكن التحقيقات التى أجراها السيد المستشار المرشح للمنصب وهذا الحكم قائم وقال بأن هذه التحقيقات باطلة وأن هذه الاعترافات قد أخذت كرها وبطريقة التعذيب وهذا حكم لايلغيه تقرير للنائب العام بصدد قضية أخرى) .

وأضاف بقوله : والنائب العام هو الذى يقول بعدم الصحه ولكن اللجنة الخماسية لم تقل بعدم الصحة فصاح كمال الشاذلى مقاطعا : من الإثنين اللجنة الخماسية والنائب العام .

فاستدرك الهضيبي قائلا مرة أخرى كان من الأفضل ألا أدين شخصا بجريمة إلا بوجود أدلة وهذا حق وأنا لا أطالب أحدا بأن يؤخذ أحد بالشبهات فى جريمة ولكن من يلى منصبا يجب أن يكون بعيدأ عن الشبهات ) .

ويتبين من الحوار الذى دار بين الهضيبي و كمال الشاذلى ممثل الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى الحاكم .

أن الأخير تصدى للدفاع عن المرشح الجديد من منطلق أنه ترشيح رئيس الحزب الوطني الذى هو فى ذات الوقت رئيس الجمهورية وكذلك لأنه كان أمين الاتحاد الاشتراكى (التنظيم السياسى الواحد آنذاك ) فى المنوفية التى تقع فى دائرتها قرية كمشيثى مسرح الأحداث الدامية ولاشك أنه بذلك الدفاع ييبرىء ساحته من أى مسئولية عما شاهده أو سمع به من تعذبب وعن واجبه فى حماية المعذبين آنذاك إلا أنه - بطبيعة الحال - كان لا يملك ذلك فى تلك الآونة الظالمة .

وإن غاب الدليل لظروف وملابسات معينة . . أو صعب إثباته فإن الهضيبي قد أستند إلى حديث للنبى محمد بما يعنى البعد عن الشبهات . . فما بالنا وهذا الترشيح سيكون لمنصب هام وخير وبذلك فهو رد مصيرالحكم على ذلك الترشيح لأصول إسلامية مستمدة من سنة النبى عليه الصلاة والسلام كمصدر من مصادر الشريعة الإسلامية . وهذه الأخيرة المصدر الرئيسى للتشريع فى الدستور .

وهذا ما أكد عليه وأثار إليه أيضا المهندس إبراهيم شكرى فى ختام اعتراضه على ذلك الترشيح . حيث تحدث وأشارإلى أن حزبه لا يوافق على الترشيح ابتداء ، لأن برنامجه يطالب بإلغاء منصب المدعى العام الاشتراكى .

ثم أعلن معارضته للمرشح الجديد لذات الأسباب التى ذكرها المستشار الهضيبي .. الا أنه ساق مبررأ آخر بلباقة قائلأ : يمكن أن تضاف إلى مفاخر الرثيس مبارك أنه ليس الأمر عندما يرسل إلى المجلس باسم مرشح فإن هذا يكون أمرا يجب أن نطيعه لا .

إن الرئيس لا يصدر أوامر وإنما هو يضطلع بمسئولياته بالنسبة للأوضاع .. فعرض اسم المرشح ليس عرضا. شكليا وليس الأمر هو أخذ موافقته من المجلى ولكن الأمريجب أن ياخذ طريقه . . وأضاف بقوله : والترشيح لا يمكن أبدا أن يكون قد أتى من الرئيس مبارك مباثرة فهو لا يعرف الهيئة القضائية ولا يعرف هؤلاء ولكن الأمر ، لاشك أنه ترشيح ، جاءه من جهة ما . . إلا أن رئيس المجلس قاطعه مؤكدا بالتلميح أن هذا اختيار معلوم للرئيس فقال : إن الرئيس حينما يرشح له مطلق الحرية ويستفسركما يريد . . فالتقط المهندس ابراهيم شكرى خيط الحديث معقبا وكما أن للرئيس الحق فى الاسنفسار ، فإن للمجلس أيضا له هذا الحق .

وختم حديثه على سياق زميله الهضيبي قائلا : إن الأمر لا يمكن أبدأ أن يكون بالوضع الذى نضع فيه شخصا تحوم حوله الشبهات ولا أقول إنها حتى اتهامات ولا أقول إنها ثبتت عليه . إنما هى شبهات فقط فقد قال النبى ما معناه : "تجنبوا مواطن الشبهات ) .

وقد تحدث مؤيدأ ذلك الترشيح كل من المستشار محمد موسى والمسشار فتحى رجب والمستشار حلمى عبد الآخر . . وامتنعحزب الوفد الجديد عن التصوبت فحصل بذلك على حق تبرير الامتناع فوقف ممثل الهيئة البرلمانية الوفديةياسين سراج الدين يعلن أسباب الامتناع وهى أولأ برنامج حزب الوفد يطالب بإلغاء جهاز المدعى العام الاشتراكى .

وثانيها حتى تتبين حقيقة المعلومات الخطيرة التى طرحت على اللجنة العامة ثم المجلس واقترح إعادة الموضوع للجنة العامة لإعداد الفحص والدراسة . ئم طرح الأمر للتصويت حيث كان عدد أعضاء المجلس 452 بالإضافة إلى ستة قد توفوا .

وعلى ذلك فإن الأغلبية المطلوبة هى 227 عضوأ . وقد أسفر التصويت نداء بالاسم على الموافقة بأغلبية 269 عضوا وعدم مواففة 4 4 عضر! وامتناع 4 2 عضوأ عن التصويت .

وما صرح به المهندس إبراهيم شكرى من أن الرئيس لا يعرف رجال القضاء إنما الترشيح من جهة ما فإنه يؤكد تفسيرنا حول ما تتخذه السلطة من حذر للتجربة البرلمانية للإخوان المسلمين إن الدكتور رفعت المحجوب يؤكد ذلك باشارته الصريحة فى أن الرنيس اختار المرثح ولديه إلمعلومات الكافية عنه .

وذلك يعنى موافقته على ما يرمزإليه ذلك المرشح من معان لأبعاد مختلفة . ولاشك أن الاخوان المسلمين نجحوا فى كشف هذه الورقة التى قدمتها السلطة فى مواجهتهم وبالتا لى فإن إعلان معارضتهم فهو رفض لمفهوم السلطة فى اللعبة السياسية والديمقراطية وأداء رموزهامسبقاوهذاالكشف يفيد كذلك عن ممارسة الإخوان لرقابتهم البرلمانية إذا أرادواعلى المدعى العامالاشتراكى لتبعيته للمجلس وكأحد أجهزته المعاونة . ولذلك فإنه لاشك أن لمعارضتهم اثر يذكر . . ! كانوا رافضين له .

وفى ذات الوقت هم رقباء عنيه .. فإذن لابد أن يتحسب المدعى العام الجديد ؟! عدم التحرش بهم أو ألتعرض لهم . . وهذا ما كان فعلأ . . وكما سبق القول فإنهم بذلك حققوا تعادل مع السلطة فى هذه الجولة والتى أكدوا فيها هويتهم بوضوح وتحفز" وفى موقف برلمانى تال .

سنحت فرصة للإخوان المسلمين لتوضيح أنفهسم بصورة سياسية . من أعاي منبر سياسى فى الدولة . مؤكدين على هويتهم :ومنهجهم الاسلامى .

والتى تعنى الدعوةالاسلا مية ونشرها وترسيخها .. وعما تواجهه من صدامات وسوء ظن وسوء فهم وتشوية واحيانا طمس دعوتهم التاريخية بتطبيق الشريعة الإسلامية وقد قام بهذا التوضح و ذلك ألتاكيد نائب الإخوان حسن حسين محمد عبد الرضى عندماكان مجلس الشعب يناقش تقريرا للجنة الشباب (42حيث أعلن قائلآ : " "إذا كنا حقيقة جادين فى القيام بواجبنا نحن الشباب فلماذا نحتار ؟ لماذا نلف وندور ؟ إن الاسلام يبنى الشباب . وقد اقترب من هدفه فمهد له بقوله : إن الله تعالى أرسل إلينا أهدى كتاب - الذى صنع أهدى أمة ثم استدرك قائلا :

ولكننا نصادم فى هذه الأيام بمحاولات تبتز هذا المفهوم وترهبة بسلاح ألإرهاب الفكرى من ذلك ما يوصم به كل فكر يدعو إلى الإسلام بأنه تطرف ) وبذلك نخح الدكتور حسن حسين فى تفجير هوية الإخوان لتبدو ضوء حقيقتهم كما يرونها . وعلى الفور قاطعه الدكتوررفعت المحجوب رئيس المجلى رافضا منطفه معاتبا ورد عليه بالنفى "لا يا دكتور . . لا أحد يصم كل فكريدعو لماتقول لا تسوىء الصورة حرام عليك ونحن فى رمضان .

أن نقول بوصف كل فكر يدعو إلى الإسلام بأنه تطرف وارهاب لا هذه طريقة تسىء إلى الإسلام وأنت صائم . . أرجوألا تحمل الكل وزر ما يفعله البعض .. إلا أن العضو تجاهل ذلك العتاب واستمر يعرض منطقه لإلقاء المزيد من الضوء على ما يسعى إليه فقال : "إن كل فكرأن يرد الأمة إلى أصولها يواجه .. ونحن نريد أن نستفيد من عطاء الإسلام ومنحه وفضله وخيرة . . وأحيانا يواجه الفكر ونخلط الأفكار بأن هذا تطرف نحن نريد أن نستقر فى مجتمعنا على مفهوم واضح للتطرف وواضح أن العضو يحاول درء الشبههة التى حاول وزير الداخلية فى مواجهته للإخوان فى أكثر من موقف باتهامهم بالتطرف وتدعيم ومعاونة المتطرفين والإرهاب .. ولذلك فهو يناقش رئيس المجلس من هذه الخلفية .. للوصول إلى شهادة رسمية برلمانية بعدم صحة هذه الاتهامات .

وحاول رئيس المجلس منعه من الاصتطراد فى منطقه وصولأ للنتيجة السالف ذكرها .. فوجه خطابه له قائلا : اسمع أريد أن أقول لك نحن صائمون حرام يعنى لا تحملنا وزرأ فرد عليه العضو بإصراره على استكمال حديثه وعرض قضيته ليشرح نفسه وليعبر عن وجهة نظره . . واستطرد يؤكد مطلبه ومسعاه قاثلا : "إننا نريد أن نستقر على مفهوم واضح للتطرف . ولا نخلط الأمور .

فإن الأفكار التى يعيش فيها العالم اليوم كانت فى يوم ما متطرفة وكانت غريبة فهل معنى كل فكرجديد وكل تطورونهضة يمكن أن تكون تطرفا ؟ فاضطر رئيس المجلس للتجاوب قائلا : لا فاطمأن العضو لتجاوبه فالتقط بداية هذا الخيط فاسرع نحو مسعاه قائلا : نحن نريد أن نوضح هذه المفاهيم لتكون واضحة فمثلا نحن كإخوان لانؤمن بالعنف بل ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .

فقاطعه كمال الشاذلى ممثل الاغلبية متسائلآ : إخوان ولا كل ؟! ولكن العضو تجاهل هذه المقاطعة واستطرد فى حديثه قائلا "نريد أن تنشر الدعوة الإسلامية ومع احترامنا لجهود المخلصين من العلماء الذين يقاومون الأفكار الغربية ويقامون العنف فنحن نريد أن ندعم هذه الجهود بجهود شعبية أيضا لنقاوم ما نصطلح جميعا على تسميته بالتطرف وأرجو أن نتفق عليه.

وختم حديثه قائلآ : "إن أى شىء لا يمكن أن يوصف بل التطرف إلا إذا لجأل للعنف لفرض الرئ ) . نحن جميعا نتفق عى نبذ العنف كوسيلة لفرض الرأى .

دعونا نتنق على أن نترك الأفكارتتصارع يحدث منها مزيج يعطينا فى النهاية الفكر الصحيح .وأردف قائلا : هذا ما أردت أن أتحدث فيه فى موضوع التطرف ونحن .. فحاطعه رئيس المجلس مناقشا : ما أردت أن أقوله لك هل سمعت منا وأنت رجل لك أفكارك " أنك متطرف ؟

أجاب العضو تلميحا للسياسة الأمنية – على الفرر : نعم الممارسات العملية اليومية الا أن رئيس المجلس قال : لا .. إنك تقول كل اتجاه دينى يقال إنه "متطرف " فعاد العضو مجيبا أيضا : نعم فالممارسات العملية اليومية والأوضاع لا تفرق بين الآراء ولا تفرق دعوة إلى الله وبين فرض الرأى بالعنف . . فأكد رئيس المجلس اهتمامه بالحوار قائلا : هذا حوار مهم فليس التدين وقفا على أحد ولسنا فى مجال – وإن كان مجالأ يستحق التنافس – أن نعلن عن تديننا ولكن لسنا فى هذا المجال ، وثق أننا جميعا.

نحترم الدين ونحترم المتدينين ، لأننا نقتنع بهذا الدين اقتناعا كاملا ونحن من المتدينين . فأسعده ذلك فعلق العضو : "ما شاء الله " لأنه حصل على اعتراف بأن التدين ليس تطرفا لأن رئيس المجلس أعلن أنه من المتدينين .

استطرد رئيس المجلس مؤكدأ : إذن ليس كل واحد متدينأ يسمى متطرفآ وإلا فأغلبية الشعب بهذا الشكل تتهم وهو شعب من أكبر شعوب الأرض تدينأ ، وقديما قال أحد الفلاسفة لأحد الأباطره إذا كنت ذاهبا إلى الشرق فاحترم الأديان ، وكان ذاهبا إلى مصر .. فإننى لا أريد هذا فإذا اردت ان تعرف التطرف الفعلى فعلى العين والرأس ولكنك تريد أن توحى بأن هناك موجة تصف كل متدين بأنه متطرف لا وإلا فسنكون كلنا قد وضعنا فى مأزق. وعلى الفور وحيث أطمأن العضو لتفهم و توجه رئيس المجلس نحو الإخوان المسلمين وأنهم ليسوا بمتطرفين فطالب الحكومة بتعديل ممارساتها العملية فى نظرتها إلى التدين بشكل عام. وبالطبع كان الذات ممارسات وزير الداخلية اللواء زكى بدر .

فاكد له رئيس المجلس مفهومه ونظرة الدولة أيضا وختم خطابه له قائلا : فأنت متدين ولم تتهم بالتطرف ونحترم تدينك ونجل المتدينين .

وهكذا نجح النائب الإخوانى فى تأكيد مفهوم الدولة رسميأ ونظرتها إزاء الإخوان المسلمين أنهم ليسوا فى جانب التطرف الذى حاول اللواء زكى بدر وصفهم به . . واستصدر من رئيس المجلس إعلانأ بالفرق بين التدين والتطهرف وأنه نفسه متدين والتدين لا يعنى التطرف . . وإن كان الدكتور رفعت المحجوب صرح أيضا بأن التدين ليس وقفا على طائفة أو فئة أو مجموعة بذاتها إنما التدين مفهوم عام وشمل لأى مواطن يتمسك بدينه .

بل إن هذا المفهوم يشمل طبيعة الشعب المصرى المتدينة والحرص على احترام دينه الإسلامى . وبذلك أكد النائب الإخوانى الاتجاه المعتدل للتيار الدينى الإسلامى .

وأن الإخوان المسلمين أبعد عن التطرف وإرهابه ، وأنهم مستقلون بهويتهم حتى لو كانوا فى ظل حزب ، وقد حاول كمال الشاذلى ليكشف عن الانفصال الموضوعى عن أى حزب ولكنه أفلت منه بلباقة وكياسة .

وعلى لسان أحدهم . وبتلقائية بسيطة وسافرة وقف العضو ياسين أحمد عبد العليم يتحدث فى بيان الحكومة ، مبادرأ بالاعلان عن هويته وإنتمائه له قائلأ : بصفتى فلاحاأتى به الإخوان المسلمون إلى هنا فمن الطبيعى أن يكون حديثى فى مجال الزراعة .

ولكنه قبل الخوض فى هذا . . عرج إلى الحديث عن .الديمقراطية بلهجة تهكمية ساخرة فقال : اوإن تعجب فأعجب من نظام الأحزاب فى مصر ! فهناك أحزاب فى مصر وجدت فرصتها فى ألتعبير عن رأيها السياسى وهى أحزاب ورقية - ولا أقصد حزبآ بعينه ، لأننى لا أجرح هيئات ولا أشخاصأ - مذكورة على ورق فقط ولها رئيس حزب ولكن ليس لها وجود فى الشارع السياسى .

فهناك من الأحزاب من وجدت فرصتها للتعبير عن رأيها وفكرها ولا يمكن التعرف على هذه الاحزاب إلا عندما نطالع الصحيفة التئ تصدر باسمها - سبحان إلله - حتى تلاميذ هنرى كورييل الصهيونى وجدت منبرأ يعبرون فيه عن رأيهم ، ولهم صحفهم التى يبثون من خلالها سمومهم إلا التيار الإسلامى فى مصر فهو لا يجد فرصة التعبير عن رأيه من خلال الشرعية والدستور والقانون ) .

فسأله رئيس المجلس : إلى أى تيار ينتمى السيد العضو المتحدث فأجابه العضو مباشرة : "إننى أنتمى إلى التيار الإسلامى بالطبع ، يا سيادة الرئيس ) .

وعلى الفور سجل الرئيس المجلس هدفه قائلا  : "وها انت الان تتحدث وقد أليحت لك الفرصة، ولكن العضو حاول من جانبه بأكيد هويته للإخوان خاصة ووجه كلامه إلى رئيس المجلس متسائلا: ولكن بم أتيحت لى هذه الفرصة يا سيادة الرئيس ؟! وحاوره رئيس المجلس بمناورة فاضحة بتساؤل آخر ت اوهل يعنى السيد العضو بذلك أنه يريد الانشفاق عن حزب العمل ؟).

ولكن رئيس المجلس حاول مرة أخرى بتساؤل تهكمى بقوله : لم لا : خاصة أن السيد العضو يهمزويلمز).

وأكد العضو مرة أخرى على إنتمائه قلأئلآ : إننى فلاح أتحدث بالفطرة وكزارع للأرض. . فانا فلاح أتى به الإخوان المسلمون إلى هنا) .

وتجاهل رئيس المجلس بأكيد إنتمائه له وهويته ، إلا أنه علق على الشق الخاص الذى يهمهم وهو أن العضو ضمن نسبة ال 50% عمال وفلاحين والتى ابتدعها عبد الناصر . . فعقب بقوله : نحن نقدر أنك فلاح تقوم بزراعة الأرض ! . ثم ختم العضو حديثه مؤكدأ على التصريح بهدفه قائلا : (لذلك فإننى فى هذا المقام أطالب الحكومة بإفساح المجال للإخوان المسلمين كى يعبروا عن رأيهم من خلال الشرعية و الدستور والقا نون ) .

وهذا الهدف الذى سعى إليه العضو هو المطالبة بحق إقامة الإخوان المسلمين لحزب مستقل . وفى هذا حاول العضو التاكيد على شعبية الإخوان المسلمين فى الشارع السياسى .

وانعدام ذلك بالنسبة للأحزاب الأخرى . . ولعله أتفق فى ذلك مع بعض أقطاب الحزب الوطنى الحاكم عندما كانوا يهاجمون بعض تلك الأحزاب ، بأنها ليست إلا صحفا فقط ، ولا توجد لهم شعبية تذكر فى الشارع ا لسياسى .

وقد حاول رئيس المجلس مستحينا الفرصة - دق أسفين فى قاعة المجلس ، خاصة أن الإخوان وأعضاء حزب العمل متجاوررن فى مقاعد البرلمان . . بالإضافة إلى أنه فى تلك الآونة كانت هناك حركة انشقاق فى حزب العمل أعلن على أثرها المنشقون ذلك فى المجلس برسالة إلى رئيسه وهم يعبرون عن هذا فى أحاديثهم بالقاعة وذلك بسبب قوة تيار الإخوان المتزايد فى الحزب .. أو تعميق هذا بتساؤل تهكمى عن رغبة العضو فى الانشقاق أيضا .

ويمكن الجزم بأن الإخوان المسلمين قد نجحوا فى إبراز وتاكيد هويتهم المستقلة . . حتى أن رئيس المجلى الذى كان يعارض أو يقاوم ذلك .

اضطر أحيانا إلى تجاوز التعبير عن هذه الهوية ، فلا يعارضها أو ينفيهما أو يرفضها . . وأحيانأ أخرى يشيرإلى تفهمه لهويتهم ويعاملهم على ضؤ ذلك .

وفى أكثر من موقف عبر عن الحقيقة وإن كان ذلك تلميحا ايضأ فاثنا مناقشة بيان الحكرمة فى يناير 1990 وعندما شعر بأن العضو المأمون الهضيبي أطال فى حديثه قاطعه برفق قائلا لقد تحدث الآن السيد العضو لمدة نصف ساعة كما تحدث رؤساء الهيئات البرلمانية واعتبره واحدأ منهم "44) .

فرد عليه العضو من جانبه شاكرأ : جزاك الله كل خير . وبذلك اعترف رئيس المجلس بتمثيل الهضيبي للنواب الإخوان عندما يعتبره رئيسا لهيئة برلمانية وإن كانت هذه الهيئة لا تكون إلا للأحزاب الممئلة فى المجلس .. إلا أنه بعد ثلاث سنوات من سعى الإخوان لتاكيد هويتهم وإبرازها . . فإن رئيس المجلس جارى هذه الحقيقة ، وإن حاول الابتعاد عن الاعتراف بها إلا أنه كان يقرها كواقع . . وقد رد الهضيبي على تلميح رئيس المجلس عندما أشار هذا الأخير مرة أخرى بأنه أطال فى حديثه فرد عليه الهضيبي مقاطعا بقوله : ا إن زملاثى سمحوا لى بمجاوزة الوقت لأن أحدا منهم لم يتكلم .

وهم موافقون على أن يخصم الوقت الزائد عن الوقت المحدد لى من كلما تهم .. وإذا كان هناك عشررن أو خمسة وعشرون عضوا منهم قدموا طلبات لسيادتك وإذا كنت سوف تاذن لعشرة أو خمسة عشر شخصا منهم بالكلام فإنهم مستعدون وموافقون على التنازل عن كلماتهم وإعطائى الوقت المخصص لهم حيث أننى أتكلم باسم الإخوة كلهم . وكما تبين من التصريح السابق .

فإن الهضيبي اكد على تلميح رئيس المجلس وإشارته بانه يعامل كرئيس لهيئة برلمانية وبذلك اكد على هوية الإخوان المسلمين المستقلة .

وكانت لجنة الرد على بيان الحكومة محل مناقشة المجلس آنذاك برئاسة المستشارأحمد موسى ، قد أشارت صراحة فى تقريرها ، عن إيمانها باهمية توسيع قنوات المشاركة بما يسمح باستيعاب جميع التيارات الفكرية والمذهبية التى ليست ارهابية ولا متطرفة - داخل إطار الشرعية واعطائها الفرصة كاملة للتعبيرعن نفسها باسلوب هادىء وموضوعى بعيدأ عن الممارسات العنيفة" .

وواضح من تعبيرات اللجنة أنها تقصدالإخوان المسلمين وتطالب لهم في صة إقامة حزب حيث بعيدون عن الإرهاب والتطرف .

" وقد حاول الإخوان ونجحوا فى تاكيد مطالبهم فى حين استمر إتهامهم من جانب وزير الداخلية إللواء زكى بدر حتى ساهموا فى إقالته .

وقد شجع الهضيبي ذلك بالافصاح صراحة عن هدف الإخوان فى إقامة حزب فإستطرد فى حديثه مشيرا إلى أن قانون الأحزاب السياسية يمنع تكوين الأحزاب الجديدة وقال : إن هذا القانون فى تقديرى قد نسف ، وأعلنت ذلك بل ونشرت فى الصحف الأبحاث التى تفصح عن احتجاجى بالأسانيد القانونية .

وكنت آمل أن أتمكن فى وقفتى هذه من أن أعلن إنشاء حزب جديد !مكون من كذا من النواب ومن الشخصإت العامة دون حاجة إلى موافقة لجنة الأحزاب ولكننى إزاء التغيير الذى حدث ورغبة فى تجنب احتمال الظن بأننا ننتهز فرصة من الفرص أوأننا كنا نخشى عهداوأصبحنالانخشى ذلك العهد .. هذا الظن هو الذى يمنعنى الآن من هذا الإعلان وأتريث لفترة معقولة وأرجوأن تلجأ الدولة خلال هذه المدة إلى الإلغاء الصريح لذلك القانون .

فإن لم يكن الغاءا كاملآ ، ،فلا أقل من تعديل جذرى يناسب التطورات التى تحدث فى العالم كله التى لابدأن تلحقنا شئنا أم أبينا ، رضينا أو رفضنا .

هذه التطورات آتية لا ريب فيها والأفضل أن تأتينا طواعية وأن نرفض مثال( شاوشيسكو) نرفضه بشدة وأن نؤكد على عدم تكراره فى بلادنا ولا تكرارمثله أوبعضه وأن يجرى التطورسلميا فى مجتمغا وبهدوء وبمعرفة السلطة الحقيقة فى البلد .

فقاطعه رئيس المجلس قائلا : (هوكان فيه عند (شاوشيسكو) واحد بيتكلم زيك كده وواقف واخد راحته مثال ايه ده أنت واخد راحتك فى جميع المجالات يارجل ما تتقى الله فيما تقوله ) .

فرد عليه الهضيبي بقوله :

لست أريد أن أدخل مع السيد رئيس المجلس فى مناقشة حول هامش الحرية والذى اندثر وكاد يتلاشى مع التطبيق الذى ذكزته أستنادا إلى قانون الطوارىء وأنا حقا - ونحن فى مجالات سابقة قلنا هنا من على هذا المنبرإننى أقدر هذا الجزء من هامش الحرية ، وأقدر من عمل على إيجاده وساهم فى ايجاده وأشكره .. قلت هذا أكثر من مرة ومازلت أقوله ، ولكن أقول ماذا تطورنا من 1976 حتى الآن ؟ فالتطورلازم .

إن مثال (شاوشسكو)صحيح بان كنا حقا لسنا فى عهده ولله الحمد ولكن من الممكن أن التطبيقات السيئه تؤدى إلى حدوث مثله ومن حقنا ان ننبه لهذا وأن نقول عن هذاويتبين من ذلك أن الهضيبي قد صرح بأنه إزاء إقالة وزيرالداخلية اللواءزكى بدر .

فإنه عدل عن الصدام مع السلطة السياسية – حيث أن هذا الوزير بسياسته التعسفية مع الإخوان كان يمكن أن يؤدى إلى ذلك الصدام وذلك بإعلان قيام حزب للإخوان المسلمين ، طبقا لقانون الأحزاب وتفسيراته التى أجتهد فيها ، والمؤهلة لإعلان قيام هذا الحزب .

إلا أن الهضيبي لم يشأ أن يساء الظن بالإخوان ، ويعدوا من الجاحدين للسلطة التى أتاحت لهم فرصة التعبير والشرعية البرلمانية .. وفى ذات الوقت فإنه طالب بتعديلات جذرية فى قانون الأحزاب حتى يمكنهم إقامة الحزب بالطرق السلمية ودون صدامات أوما شابه ذلك .

وفى هذا الصدد سعى الهضيبي إلى ربط ضرورة الخطى السريعة للتطور الديمقراطى فى مصر بالتطورات العالمية .

ويرى ضرورة لذلك عدم تكرارأو عودة عهد الحاكم الفرد المستبد أو الديكتاتورية وحيث أنه يطالب بالإسراع نحو هذا الاتجاه فإن الواقع الديمقراطى الحاضر لا يكفى . . وأشار رئيس المجلس إلى أنه يعبرعن نفسه وآرائه كما يشاء . . إلا أنه أكدأنه لا ينكرذلك بل يعترف به ويرجع ذلك إلى السلطة السياسية - وإن لم يصرح بشخصيتهما الممثلة فى رئيسيها السادات و حسنى مبارك حتى لا يبدو ذلك تملقا أو تزلفا . . وقد اكد الهضيبي هذا فى كل المحافل ، خاصة المساجد وهى المنابر الرئيسية لدعوة الإخوان المسلمين.

وإن كان قد عاد إلى بداية المسيرة الديمقراطية فى عهد الرئيس السادات عام 1976 عندما بدأ فى تكوين الأحزاب ونظام التعددية الحزبية فهو بذلك يؤكد امتنانه لعهدين قد منحا الفرصة لإنطاق حرية التعبير حتى تبلورت فى الديمقراطية البرلمانية التى حازوا منها نصيبا غير قليل أكدوا هويتهم فى ظلالها.

وبذلك فإن الهضيبي يرى عدم الصدام ابتداء ، إنما التعاون فى إطار التقدير المتبادل لدوركل طرف وموقعه سواء من جانب الإخوان اوالسلطة .

وأثناء مناقشة بيان الحكومة فى أواخر يناير عام 1990 دار حوار برلمانى وسياسى على مستوى من الأهمية . . ، خاصة أنه جرى بعد إقالة وزير الداخلية اللواء زكى بدر وإحساس الإخوان بأن الرئيس مبارك قد التقى واستجاب لرغبتهم فى ذلك استمرارا للتجربة البرلمانية لمشاركتهم البرلمانية وسعيه نحو نجاحهم .

وربما كانت هذه الخطوة هى التى دفعت الإخوان إلى تقنين هذه الحركة الواسعة من حرية التعبير والمشاركه وعدم ربطها بمشيئة رئيس أو آخر تبعا لمفهومه وسياسته .. إنما طالبوا بأن يكون ذلك من المعالم والملامح الثابتة للنظام السياسى فى مصر .

وقد بدأ ذلك الحوارالهام عندما تحين عضو الإخوان مجدى أحمد حسين فرصة كلمته فى بيان الحكومة . . وإن كان تحدث عن الانتخابات و الديمقراطية والتغير السلمى والحكم .. فإنه اتخذ الإعلام مدخلآلذلك . . حيث بادرقائلا(45).

نحن نتيجة تبعيتنا الإعلامية لا نرى إلا الإعصار الأوربى فى العالم الاشتراكى ولكنى أؤكد أن الإعصار قد وصل بالفعل ومنذ زمن إلى محيطنا العربى والإسلامى ولكن التدفق الإعلامى جاء رأسيا فقط من الوكالات الغربية لا يوجد إعلام أفقى بين العالم العربى والإسلامى ولكن التدفق الإعلامى يرد إلينا فقط من أوربا ، إننا لا نتابع إعصار الحريات فى الجزائر و تونس و الأردن و فلسطين و أفغانستان و اليمن و الكويت وقدكانت البداية فى مصر فى انتخابات 1987 وكانت نقطة بداية عظيمة إلا أن الإنتخابات التكميلية لمجلس الشعب و مجلس الشورى كانت ردة كاملة . . وعودة لعهود الظلام وليس لعهد 99,9% بل عدنا إلى عهد مائه فى المائة والذى سيدخل الانتخابات على أساس الانتخابات التى فى مجلس الشورى والتكميلية لمجلس الشعب فيكون لديه وقت ويريد أن يتسلى .

إن أى إنسان معارض لا يمكن فى المستقبل أن يدخل الانتخابات على نفس الأساس الذى جرت به انتخابات مجلس الشورى والتكميلية لمجلس الشعب لأنها انتخابات ديكورية وهذه انتخابات شكلية ولا توجد إنتخابات فى العالم تكون نتيجتها مائة فى المائة) .

وقاطعه ممثل الأغلبية كمال الشاذلى متسائلا : ليه . . ليه . . ؟ ! فرد العضو متسائلا : تقول ما الفرق ولماذا نتحدث عن شرق أوربا ؟ شرق أوربا لا يعنينا فى شء ولكن يعنينا الشمولية ،والشمولية لاتؤمن بحرية التعبير.

فقاطعه رئيس المجلس بتساؤل استنكارى قائالا : هل الشمولية موجودة وأنت موجود ؟إنك تنفى و جودها . فردعليه العضو بقوله :هذا الذى أريدقوله .

إلا أن رئيس المجلس عاد مقاطعا : وهذا العدد الضخم من المعارضة غيرالمسبوق فى تاريخ مصر خير دليل على أن ماتقوله ليس صوابا.

فوافقه العضو على ذك ولكنه إستدرك بقوله : ولكن هناك من يفكر فى القانون الذى يقلل عدد النواب فى المعارضة وهناك فى الكواليس الآن من يفصل قانونا يقلل عدد أعضاء المعارضة ولا يبقى به مصلحة مصر وأين تكون . .فقاطعه بعض الأعضاء وكمال الشاذلى ممثل الأغلبية : لا . لا. ثم استدرك رئيس المجلس أيضا : هل تعرف كم عدد المعارضة الوفدية فى برلمان سنة 1938 ؟ كان عددها ثلاثة عشر عضوا. ثم استطرد العضو موافقامرة ثانية رئيس المجلس قائلا :

هذه نقطة بداية مهمة .. ولكن الشمولية ليست فى التعددية فقط ولكن بحق تداول السلطة ، وهذه أهمية نزاهة الانتخابات وبدون نزاهة الانتخابات تتحول التعددية إلى صراخ فقط ولكن كل ما فى الملعب يعلم أن المعارضة لها أعضاء أقل من ثلث عدد أعضاء المجلس وأن الحزب الوطني سوف يحكم إلى الأبد وهذه قصة معروفة جدا وهذا هو اللغم الموجود فى التعددية الحالية ، ولذلك فإننى أريد أن أقول إن للإعصار وجهين ، وجها اقتصاديا ووجها سياسيا ، ولكن أوضح مفهوم الشمولية وما أقصد به هما وجهان لعملة واحدة إعصار الحريات يدمر الاستبداد بوجهه السياسى ، والشمولية بوجهها الاقتصادى هى الهيمنة المفرطة للدولة على الاقتصاد .

والشمولية السياسية قد تكون حكم الحزب الواحد السافرأو حكم الحزب المحاط بتعددية زائفة ذات طابع ديكورى . والشمولية الاقتصادية هى هيمنة الدولة على مقدرات وأرزاق العبادكأساس متين لإخضاعهم وتبعيتهم لها تحت شعارات التقد م ، . ثم أضاف : ولعلنا شهدنا البداية بالفعل بالمبادرة التى قام بها السيد الرئيس بإقصاء وزير الداخلية اللواء زكى بدر الذى كان قد أصبح يمثل تجسيدا لكل معانى الاستبداد وطغيان السلطة .

إن هذه المبادرة لقيت ارتياحا كبيرا فى الشارع المصرى لا تخطئها أى عين ولا تغيب عن أية أجهزة تملك وسائل قياس الرأى العام . . . ثم ختم حديثه قائلا : نحن نمتلك أعظم من االبروستروكيا! نحن نمتلك عدل الإسلام وحضارته العظيمة ولسنا أقل من هذه الشعوب ، نحن نريد حياة بلا طوارىء ، نحن نريد حرية كاملة غير منقوصة وهذا الشعب يستحق انتخابات بلا تزوير ، وحياة بلا معتقلات نحن نتمنى فلنتفق معا لنقود البلاد من جور الشمولية الاقتصادية والسياسية إلى عدل الاسلام والحرية).

تصريح من الحزب الوطني الحزب الحاكم .. .وهذا مخالف لمنطق الأشياءمخالف لطبيعة العدالة ولايقبل فى اى مبدأ كان هذا الذى قلناه قلنا أيضا إن التطبيق الخاص بقانون الطوارىء – وقدمنافى هذا احصائيات وأحكاما قضائية لم نقل رأينا فيهما - كاد ان يعصف بالقدراذى نتمتع به من الديمقراطيه.

ثم وجه حديثه لرئيس المجلس قائلا : وسيادتك ربما ليس لدلك هذه المشاعر وأنا أعذرك انما نحن الذين تطبق فى شأنها هذه الأحكام .. ونعيش تحت وطأتها تحت تأثيرها نحن نحس بها . .صحيح إننى واحد من الذين لم يمسهم قانون الطوارىء إنما غيرى أضير به ويكفى هذا عندى كى اشعر بإحساس خاص..أنا لا أريدأن أعيش هذا الاحساس لا لنفسى ولا لغيرى وليس كل إنسان يجب ان يعيش فى هذا البلد فدائياوأنا لا أدعى أننى فدائى ولكن لا يطلب من إنسان لكى يحضرمؤتمراحزبياأن يمربين أرتال من سيارات الأمن المركزى"يأخذ بعضة ويمشى وهذا الذى اردت ان اكررة نحن لاننكرالواقع ثم ختم قائلا وأكدت اكثرمن مرة وقلتها فى المساجد وأقولها هنا نحن لا نقل ثورة عسكرية ولا نفبل اضطرارا جماهيريا كل هذا ضد مصلحة مصر وضد مصلحتنا كلنا نحن نريد صب تطورا سلميا على جرعات بس متحرك " إذ أننا منذ عام 1976 لم نتحرك خطوة واحدة وقانون الأحكام العرفية رجعنا الى الوراء . . نريدأن نتحرك بعض الشىء اذا تحركنا كل خمس سنوات خطوة - يبقى كويس ".

وفى ضؤ الحوار البرلمانى السابق تتضح عدة نقاط هامة أبرزها : -

أولأ : أنه إذا كانت إقالة وزير الداخلية أهم أسباهها تصدى الإخوان لسياسته فضحها حتى كادت الأمورتصل إلى صدام كبير وخطيرشص يينهما .

فإن الإخوان قد شعروا أو علموا بأن هناك قوى سياسة داخل الحزب الحاكم تسعى إلى تحجيم نشاطهم بأسلوب آخرألا وهو عدم تكرار تجرتهم البرلمانية مرة أخرى . وعلى ذلك أشاروا إلى أن ذلك يمثل عودة الديمكتاتورية .

ثانيا: وقد تبين الإخوان المسلمون أن الحزب الوطني يستهدف الاحتفاظ بالحكم دأئما وبذلك تعود مصر الى النظام الشمولى ولكن فى محورة شكل ديمقرأطى ؤتبدو المعارضة فى موقع شكلى .

ثالثا : وإذا كان رئيس المجلس قد هاجم الإخوان تلميحا وكذلك الوفد الاأنه اضطرإلى التراجع عن ذلك صراحة .. عندما دفعه كمال الشاذلى ممثل حزب الأغلبية الى ذلك التراجع منعا لوقوع صدام بينهما وبذلك حاول ونجح كمال الشاذلى فى تجنب هذا الصدام حتى لا يبدو صداما بين الإخوان كقوى برلمانية والحزب الحاكم كقوى مقابلة وإن كان هناك صدامات سابقة فكانت بين الإخوان والحكومة . وفى هذا نجح كمال الشاذلى فى الفصل بين الحزب وحكومته فى الصدام مع الإخوان .

وكما عبركمال الشاذلى بأنه يسعى إلى تحقيق سياسة الرئيس مبارك فى نجاح هذه التجربة ا لبرلما نية .

رابعا : وبلباقة برلمانية أيضا صرح ممثل الحزب الحاكم بأنه لا يعتقد أن الاخوان يشاركون فى ديكور ديمقراطى وإنما هذه المشاركة حقيقية وجادة .

خامسا : وتاكيدا على المعنى السابق . . فإن رئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب أشار إلى أن مشاركة الإخوان ووجودهم نى مجلس الشعب لا يمثل ديكورأ لتفهمه وإدراكه لهدفهم وحركتهم البرلمانية والسياسية ووعيا لطموحاتهم نحو الحكم والذى لم يخفه نائب الإخوان بل إن ذلك من سنن الحياة الطبيعية . وأكد المسعى السلمى لهذا .

سادسا: وفى خضم الحوار ألمح ممثل الحزب الحاكم إلى هوية الإخوان وأن رئيس المجلس لا يقصد الهجوم على "التحالف ) وأكد الهضيبي فى تعقيبه على هوية المقصودين بذلك الهجوم معبرأ عن هذا بان ذلك الهجوم لم يكن موجها إلى الإخوان . فاكد رئيس المجلس على هويتهم أيضا بأنه لم يكن موجهآ إليهم .

سابعا : ومع اقرار الإخوان بصواب سياسة الرئيس مبارك فى توسيع قاعدة الرأى والمشاركة فى البرلمان فإنهم طالبوا بضمان استمرار ذلك بالنص عليه فى الدستور وعدم توقفه على شخص الرئيس فقط وفكره حتى لا يحرموا من هذه الخطوة . . بل طالبوا بتطوعيها قدما وذلك بإلغاء قانون الطوارىء الذى يمكن بتطبيقه تعطيل أو إلغاء هذه الخطوة وكذلك تعديل قانون الأحزاب .

ثامنا : ولا شك أنه تبعآ لإقالة وزير الداخلية اللواء زكى بدر والذى كان يرى فى الدكتور رفعت المحجوب مؤازرأ ومعينا ومشجعا له فى تطبيق سياسته التعسفية .. فى حين أن رئيس المجلس كان يرى فى ذلك أنه يوظف الوزير فى سياسة متشددة مع الإخوان لردعهم فى ممارسة نشاطهم البرلمانى والحد من نشاطهم السياسى وأنه بعد هذه الإقالة ، فإنه يميل إلى سياسة أقل بكثير من التشدد السابق وإن كان ممثل الحزب الحاكم كمال الشاذلى قد حرص على إبراز ذلك بعد ارتفاع أو تصعيد درجة حرارة التصادم فى المجلس مؤكدأ على غياب بل زوال سبب التصادم - وزير الداخلية السابق - وبالطبع فهويؤكد للإخوان أن الحزب الوطني لا يسعى إلى التصادم معهم بل يسعى إلى التعاون معهم ودلل على ذلك بأن الأغلبية قد أخذت ببعض آراء الهضيبي ووافقت عليها بل أعتقد أنه كان يمثل نقطة توازن بين كتلة الدكتور رفعت المحجوب ووزير الداخلية زكى بدر ، وبين الإخوان وإن كانت هذه النقطة أحيانا تبدو مفقودة إلا أنه تتضح عندما تحين لذلك فرصة مواتية لتمنع الوصول إلى ذروة صدام لايمكن السيطرة عليه أو احتوائه .

وفى ختام هذا العرض الموجز لسعى الإخوان لتاكيد هويتهم وذاتيتهم فإنه نجد من الأهمية بمكان عرض موقف بسيط يحمل دلالة كبيرة على مدى ما وصل إليه الإخوان من تأثير فى إجراءات المجلس ومواعيد انعقاد جلساته .. الأمر الذى أشعر الجميع بوجودهم فى مجلس الشعب .. وهيأ مناخآ تبرز فيه ابتداء سمة إسلامية .

فقد تقلد المنصة وكيل المجلس إيهاب مقلد بدلأ من الدكتور رفعت المحجوب الذى ترك المنصة بعض الوقت . . واثناء مناقشة نفس بيان الحكومة المشارإليه .

فقد تحدث ألدكتور محمد السيد حبيب عضو الإخوان ورئيس نادى هيئة جامعة أسيوط موجها نقده لمجلس الشعب فأشار بقوله : إن عدم احترام المواعيد ، ونحن قادمون إلى المجلس .

نقول إن المجلس لابد أن ييدأ الساعة الحادية عشرة صباحأ فهل صحيح أنه يبدأ المجلس الساعة الحادية عشرة ؟! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا غيركم ) .

فقاطعه رثيس الجلسة بقوله : بالنسبة لهذه الملحوظة فإنه بناء على طلب مقدم من السيد المستشار المأمون الهضيبي وآخرين طلبوا أن يؤجل ميعاد اجتماع الجلسة إلى ما بعد صلاة الظهر فاستجاب المجلس إلى هذا الرجاء(46)

وهناك مذكرة أخرى مقدمة من بعض الأعضاء بطلب أن نفتح الجلسة الساعة العاشرة صباحا وتستمرثم ترفع للصلاة ثم تعود مرة أخرى ومازال الموضوع قيد البحث فى مكتب المجلس ) .

ثم ختم حديثه بالتاكيد الواضح لهوية الإخوان قائلا : ونحن عندما نقول نبدأ الساعة الحادية عشرة نلتزم بهذا لكن أنتم الذين طلبتم أن ترجأ الجلسات إلى ما بعد صلاة الظهر. . واقول هذا تصحيحأ لواقعة! . وهكذا فإن الإخوان منذ وطئت أقدامهم باب مجلس الشعب . . ومن بداية أول إجراء لعقد الجلسات .. فقد أثبتت مواقفهم أثناء الجلسات أنهم حاولوا وسعوا ونجحوا فى الكشف عن هويتهم والتاكيد دئما على أنهم الإخوان المسلمون بالرغم من انضوائهم تحت عباءة حزب آخر .

الفصل السابع

الإخوان بين الشرعية البرلمانية والشرعية الأمنية وأصبح للإخوان المسلمين ممثلون بالبرلمان .

وبذلك حصلوا على الشرعيتين : الشرعية السياسية والشرعية البرلمانية . وإن كانت الشرعية السياسية التى أتيحت لهم . فى الانتخابات هى النقلة السياسية للشرعية البرلمانية ولكل شرعية مجالها.

فإذا كانوا قد حصلوا على أصوات تقرب من المليون صوت وبذلك حققوا الشرعية البرلمانية .

فإنهم ! مستندين إلى تلك الشرعية البرلمانية وباستخدامها وتوظيفها سعوا وحاولوا توسيع مجال شرعيتهم السياسية .

وطبيعى أن المليون صوت ، التى حصل الإخوان عليها ، لا تمثل كلها جماعة الإخوان . . بل هناك معارضون للحزب الوطنى من غير الإخوان . . وربما تنقلب الموازين فى انتخابات قادمه، فيزيدالعدد أو ينقص وتتغير قواعد اللعبة لاعتبارات كثيرة .

ولعل قيادة الإخوان تدرك ذلك .. وكان لاستخدام الشرعية البرلمانية هدف كبير وهو الحفاظ على هذه الأصوات للإخوان من ناحية . ومن ناحية أخرى الحصول على مزيد من الأصوات فى الشارع السياسى . . ومن ناحية ثالثة منافسة الأحزاب الأخرى فى استقطاب الأصوات المساندة لها بل كسب . واحتواءالحزب الوطني الديمقراطى الحاكم .

وإذا كانت الشرعية البرلمانية تمنحهم حرية الحركة والرأى والموقف داخل البرلمان . . فإن هناك من الاعتبارات السياسية والحزبية ما يمكن أن تمثل حدودا واسعة أو ضيقة لحركتهم البرلمانية الداخلية وإدراكا منهم لذلك ، فإنهم حاولوا ، بل سعوا بالفعل إلى توظيف شرعيتهم البرلمانية لتوسيع ونشر ، وبسط شرعيتهم السياسية وكان سلاحهم فى ذلك الحصانة البرلمانية .

فالحصانة البرلمانية لأى عضوتحميه من أى تعرض أواعتداء أوتدخل حكومى فى حركته السياسية إلا فى الحالات المنصوص عليها فى القانون وهى حالة التلبس بجريمة أو صدورحكم قضائى فى جريمة مخلة باشرف والاعتبار .

وفيما عدا ذلك فالحصانة البرلمانية لصيقة بالنائب أو العضو أينما كان على اى مستوى فى التعامل . . ولا يجوز التنازل عنها من قبل النائب أو العضو ذاته .. لأنها حق !شعبى.

فإن هناك واقعا آخر . فإذا كانت السلطة السياسية فى الدولة - سعت إلى تستيف الأوراق السياسية لمنح الإخوان فرصة الشرعية البرلمانية للتعبير عن أنفسهم ودعواهم وآرائهم وفكرهم فى أعلى منبر سياسى ، وهو ألبرلمان ، فإن ذلك فى حدود ومستوى هذا المنبر .. أما خارجه فالأمر يختلف . . فالساحة السياسية موجودة ولكنهم غير موجودين كحزب سياسى أو كجماعة سياسية بالمعنى القانونى . . ومن هنا كان للسلطة وقفة على هذه الساحة .

وربما يرى البعض أن للسلطة السياسية الحق فى اعتراضهم سياسيا حيث أنهم لا يمثلون حزبا أو جماعة بالمعنى القانونى .. ولها فى ذلك شتى السبل .

ويرى البعض أيضا أن للإخوان المسلمين الحق فى الحركة على الساحة السياسية خارج البرلمان -ليس بمعنى حزبى أو قانونى رسمى ، إنما باعتبار حصانتهم البرلمانية كنواب وأعضاء بالبرلمان .

ولعل ذلك التداخل الشائك كان لابد له من تداعيات مواقف وإحداث الإخوان فى جوانب والسلطة فى ذات الجوانب لحالة التداخل البرلمانى السياسى أو العكس .

وكان القاسم المشترك الفاصل أحيانا والقاطع أحيانآ أخرى هو الأمن . وهذا الأمن - من جانب السلطة فهى تنظر إليه مرتبطا بتأمين الدولة والمجتمع من تهديدات حركة سياسية غيررسمية وغيرقانونية .

أما نظرة الإخوان للأمن فهى على أساس أنه أمر شرعى يحميهم ولا يتسلط عليهم بحكم ضرعيتهم البرلمانية . . - ولذلك فإن اكثر المواجهات الساخنة والحادة والتى وصلت أحيانا إلى حد التمزق هى المواجهات المتتالية بين الإخوان. . ووزير الداخلية بصفته مسئولا عن الأمن .

ولعل ما يؤكد تفسيرنا أن وزير الداخلية اللواءزكى بدر والمسئول عن الانتخابات التى حصلوا فيها على الشرعية البرلمانية .. لم يهاجمهم ، أثناء الانتخابات ، فيما عدا أنه أصر على إنكاره لهم كحزب سياسى أو جماعة قانوية رسمية . بل إنه أثنى على تنظيم الانتخابى وأنهم جماعة مستنيرة بالدين ويشاركون فى لجان تقنين الشريعة بالبرلمان . ولعل تصريحه يؤكد كممثل للسلطة السياسية - أنه لا خطر على نشاطهم البرلمانى وممارساتهم البرلمانية داخل البرلمان فقط.

وبمفهوم المخالفة يتضح أن نشاطهم خارج البرلمان غير شرعى . وإن لم يصرح بذلك فى حينه ومن هنا فإن وزير الداخلية كان المنوط به تحديد وتحجيم حركتهم السياسية فى الشارع إذا لم يمكن منعهم أو اعتراضهم . . ولن نكررأسباب ذلك .. من وجهة نظر السلطه . . و الإخوان أيضا .

وأما التداخل الشائك الذى بدأت تتعقد خيوطه ، فإنها كانت تتصاعد من الجانبين - سواء بالمواجهة البرلمانية . . أو بالمواجهات الشعبية الأمنية .

وكان كل منهما للآخر بالمرصاد . . والتصيد .. حتى لا يهيأ للمتابع أنه لا فض للاشتباك بينهما إلا بفض البرلمان . حيث يفقد الإخوان حصانتهم البرلمانية فيفقدون حركتهم السياسية ويفقد وزير الداخلية مبررات التصدى لهم لانعدام أو قلة حركتهم . وإن كان فض البرلمان . . جاء كالصاعقة . . بحكم من المحكمة الدستورية العليا .

ومن الأهمية بمكان عرض أحد المواقف البرلمانية التى يتضح منها ذلك التداخل الشائك . . ويوجز رؤية كل من الجانبى . . إلى حين عرض التصعيد المتبادل بينهما فى سطور لاحقة . فعقب افتتاح إحدى الجلسات الصباحية لمجلس الشعب فاجأ الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس الأعضاء بأن وزير الداخلية يطلب الكلمة .. وأذن له بذلك (47) .

واعتلى اللواء زكى بدر وزير الداخلية المنبر وتحدث بهدوء قائلا : "تلقيت ببالغ الاهتمام الرسالة العاجلة التى بعث بها السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب حول تعدى ضابط شرطة على السيد الدكتور عصام العريان عضو المجلس فى 14 الجارى مارس ولقد وجهت قيادة جهاز التفتيش فى الوزارة لإجراء تحقيق عاجل وشامل حول ظروف هذه الواقعة وأبعادها.

وهناك اهتمام بالغ من السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب والسيد الدكتور رئيس الحكومة ومنى شخصيا بهذا الموضوع وإلى أن تظهر نتائج هذا التحقيق خلال الساعات القليلة القادمة فإننى أؤكد لخضراتكم أننا لن نسمح أو نسامح مع أى تعد على أى عضو من أعضاء هذا المجلس الموقر الذى نكن لأعضائه جميعا أعظم الإجلال والتقدير . كما وصلنى طلب إحاطة من السيد العضو إبراهيم شكرى عن هذا الموضوع وسأرد عليه عندما يحدد موعده ويكون التحقيق قد أنتهى،وعقب هذا .

فقد بدا أن معظم الأعضاء لا يعرفون شيئاعن واقعة اعتداء ضابط شرطة على العضو عصام العريان . وأذن رئيس المجلس للمهندس إبراهيم شكرى زعيم المعارضة بالكلمة إلا أنه أردف بقوله : وهذه ليست مناقشة حتى أفتح الباب ولكنى أعطى الأستاذ ابراهيم شكرى الكلمة كى يعقب ولكن طلب الإحاطة لم يتم الرد عليه بعد ، إنما هذا ايضاح من الحكومة) .

ووقف إبراهيم شكرى يتحدث وقال : اإن هناك وضعا أصبح ثابتا لا فى مرة واحدة ، إنما فى مرة ومرات ومرات .

بل إن جريدة الوفد أصدرت بالفعل صورة لتعليمات من السيد وزير الداخلية إلى معاونيه بأن يمنعوا أشخاصا من اعضاء مجلس الشعب بالذات وقد تم هذا مع أكثر من سبعة أعضاء إلى الآن .

وهنا أقول إن هذا هو الذى نريد أن نسنتوضحه ونريد أن نعرف موقف الحكومة منه أما موضوع أن الضابط منع العضو أو لم يمنعه فهذا أمر يمكن أن يكون تاليا للأصل الذى أصبحنا كأعضاء مجلس الشعب نحرم منه وهو أمر موجود فى الدستور كحق أساسى للمواطن أن يتنقل من غيرأن يعترض .

أما أن يكون هناك اعتراض على أعضاءمجلس الشعب بألا يدخلوا أماكن معينة أوألا يتنقلوا أوأن يجبروا على النزول بصورة كريهة سيئة من المواصلات - وقد تكرر هذا أكثر من مرة- فهذا هومانتكلم عنه ومانودبحثه .

ولقد عرضنا هذا الموضوع على المجلس فى مرة سابقة بالنسبة لواقعة الدكتور محمد السيد حبيب واستمعنا إلى رأى السيد الوزير بكلام وحجج لا يمكن أبدا أن تقبل على أنها مبرر لمنع نائب من نواب الشعب من الانتقال من مكان إلى مكان ، فإذا لم تكن هناك حرية للمراطن وحرية لعضو مجلس الشعب بالذات فى أن ينتقل ، فكيف يقوم بواجبه نحو كل المواطنين ؟!

والمعروف فى الدستور أن العضو ليس عضوا عن دائرة معينة وإنماهو عضوا عن مكان معين وإنما هو عضو عن الشعب فى مجموعه ومن هنا أقول : إن هذا الأمر الذى أريد أن استفسر عنه وأريد أن أسمع رأى السيد رئيس مجلسا الوزراء وأريد أن أسمع كلاما من السيد وزير الداخلية عن ذلك .

ثم ختم حديثه قائلا : إن الموضوع ليس هو الاعتداء على عضومجلس الشعب . فإن هذا العدوان هو عدوان عليك يا سيدى الدكتور رئيس المجلس وليس عدوانا علىعصام العريان ، إنما هو عدوان عليك وعلى المجلس وعلى الشعب الذى أنتخب هذا المجلس .

ثم أنذربقوله : إننا لسنا مستعدين أن نشارك فى أى شىء قبل أن نسمع كلمة الحكومة فى ذلك والحكومة ممثلة الآن فلنسمع منها كلمة قبل أن نبدأ أى شىء . وهنا انبرى العضو محمد المأمون حسن الهضيبي صائحا : لائحة .. لائحة .

فرد عليه رئيس المجلس : إننى الذى أدير الجلسة وإننى أعلى الكلمة فى إطار اللائحة . .. وصاح الهضيبي : وإننى فى إطار اللائحة أتعامل مع سيادة رئيس المجلس .

ثم تحدث رئيس المجلس موضحا الموقف من جانبه فقال : أمامنا - الآن - جدول أعمال والموضوع حتى هذه اللحظة يتوقف إلى أن تأتى نتيجة التحقيق وطلب الإحاطة وطلب المناقشة الذى قدمه السيد العضو إبراهيم شكرى وغير ذلك لا تسمح به اللائحة .

وعندئذ ثارت ضجة من جانب المعارضة . صاح الدكتور عصام العريان مناديآ على الدكتور رفعت المحجوب : يا ريس : إن كرامة المجلس والنواب فوق اللائحة . وكذلك أعقبه صوت الهضيبي وهو يقف .. لائحة .. يا ريس .

إلا أن رئيس المجلس طلب من الهضيبي الجلوس لأنه لم يعطه الكلمة وأردف بقوله : وإننى لا أريد انفعالا .ولكن الهضيبي صاح بإصرار : لائحة يا ريس.. المادة (6) ، وكرر رئيس المجلس طلبه بجلوسه لأنه لم يعطه الكلمة إلا أن الهضيبي من جانبه صاح معترضا : لائحة يا ريس . المادة السادسة من اللائحة .

خاصة بواجبات رئيس المجلس . فرد عليه رئيس المجلس مؤكدا أنه مارس واجباته وطلب منه الجلوس . ولكن الهضيبي مازال واقفآ وصاح مستنكرا : لم تمارسها وإننى أريد أن أقول : إنك لم تمارسها.

وقد نجح الهضيبي فى استفزاز رئيس المجلس الذى رد عليه قائلا :

ليتفضل السيد العضو المأمون الهضيبي بالجلوس . فعندما اتصل بى السيد العضو أجريت اتصالا عاجلامع السيد وزير الداخلية ولقد أحلت صورة البرقية التى ارسلت إلى فورا - للسيد وزير الداخلية واتخذ الإجراء ونحن ندخل فى مناقشة لها موعد ، أما عملية التلويح من الزميل العزيزإبراهيم شكرى وأنه لن يناقش شيئا قبل إرغام الحكومة على أن تقول رأيها .

وعندئذ قاطعته ضجة من المعارضة .ويصيح رئيس المجلس : لا أحد يستطيع مثل هذا الأسلوب . لتأخذوا فرصة . ولكن تستمر الضجه من المعارضة وتعلوأصوات منها : كرامة مجلس الشعب يا ريس . وينفعل رئيس المجلس متسائلا : ماذا تمارسون الآن بهذه الأصوات ؟

تستمر الضجة . ويرتفع صوت الهضيبي : أرجو إعطائى الكلمة لأشرح الموقف . يحاول رئيس المجلس التهدئة فيوجه حديثه للهضيبي بقوله : دقيقة واحدة يا أستاذ مأمون .

ويستدرك قائلا : السادة الأعضاء غير متصور أن حوارا يدور بهذه الصورة . ولكن الدكتور عصام العريان يقاطعه باحتجاج صائحا . ولطم الخدود بالأقلام يا ريس . . لطم الخدود بالأقلام .

فيطلب رئيس المجلس منه الجلوس . إلا أن الضجة مستمرة وأصوات من المعارضة تحتج بشدة . وفى هذه المرة تعلوأصوات من أعضاء الحزب الوطني الحاكم تتساءل ما هذا يا ريس ؟

فينظر رئيس المجلس إلى حيث هذه الأصوات وموقعها بين أعضاء الحزب الوطني ويخاطبهم بقوله : السادة الأعضاء . إننى كفيل بإدارة الجلسة ولا أريد مساندة من حضرتكم وعلى أعضاء الأغلبية أن يلزموا الصمت ولست محتاجالكم فى إدارة الجلسة . ثم يخاطب الجميع بهدوء : إننى أريد أن أقول كلمة هادئة .

لكن يقاطعه حسن الجمل صائحا : ليست المسألة أغلبية ومعارضة . طلب رئيس المجلس إلى العضو حسن الجمل بالجلوس ثم استدرك وقال :

أولا : إن الحوار لن يكون بهذه الصورة .

ثانيا : ليس الاسلوب هو التهديد بعدم المشاركة فى أى نقاش قبل أن تقول الحكومة كلمة أكثر مما قالت .

وهذا ليس من الديمقراطية ، فلقد تحدث السيد الوزير ولقد أعطيت للسيد العضو إبراهيم شكرى الكلمة ليعقب على كلمة السيد الوزير ويفاجأ الجميع بصوت من بين صفوف أعضاء الحزب الوطني وهو العضو محمد يوسف عابد نائب سيناء حيث صاح مقاطعا : هذه كرامة الاعضاء جميعا .فصفقت له المعارضة .

فرد عليه رئيس المجلس : ليتفضل السيد العضو بالجلوس لأنه لم يعط الكلمة . وعندئذ صاح الهضيبي مخاطبا رئيس المجلس : أريد أن أتحدث وقد يعينك هذا على إنهاء الموضوع .

ولكن رئيس المجلس رد عليه : أرجو السيد العضو المأمون الهضيبي ألا يتبع هذا الاسلوب وليتفضل بالجلوس ولقد تفهمت الموضوع .. وإننى أقول : أمران لا يصح إقحامهما على المناقشة .

ولكن تقاطعه مرة أخرى ضجة وأصوات من المعارضة : هذه كرامة المجلس . وفجأة أيضا ينبرى صوت من بين صفوف الحزب الوطنى ليعلن اعتراضه واحتجاجه وهو العضو المستشار محمد عبد العزيز ملوخية حيث صاح قائلا : هذا يتعلق بكرامة الأعضاء .

إلا أن أحد الأعضاء صاح ايضا : يا ريس .. كرامة أحد الأعضاء أهينت. ورد رئيس المجلس بانفعال : لم يقبل أحد إهانة كرامة أحد أعضاء المجلس ، وهذا ليس مجرد حديث يقال .

فلا أحد يقبل أن تهان أية كرامة وإننى أرجو البعد عن عملية الانفعال التى تضيع فيها الأصوات التى يمكن أن تتحاور .

ولا داعى لمحاولة فتح نقاش بطريقة التهديد أنه إذا لم يفتح باب النفاش فى الموضوع الآن لن نناقش أى شىء والسيد العضو إبراهيم شكرى لا يرض بهذا الأسلوب .

قاطعه الدكتور عصام العريان صائحا : لقد أرسلت لسيادتك طلب إحاطة ببرقية . فرد عليه الدكتور رفعت المحجوب : البرقية ليست طلب إحاطة ولقد قمت بإبلاغها للسيد وزير الداخلية ولم يصلنى منك طلب إحاطة . وعندئذ يطلب الهضيبي الكلمة .

فينظر إليه رئيس المجلس راجيا بقوله : أعنى يا سيادة المستشار ، أعانك الله . أقول إن الحكومة ترى أن هناك تحقيقا يجرى وأنها ستقوم بالإحاطة بعد إنتهاء التحقيق.

لكن الهضيبي يرد عليه : إننى أريد أن أتحدث ، والموضوع ليس موضوع التحقيق . وأخيرا لم يجد رئيس المجلس بدا من أن يأذن للهضيبي بالحديث : تفضل ماذا تريد أن تقول ؟

وبالفعل يتحدث الهضيبي مؤكد أنه يريد التكلم فى غير مجال التحقيق. ويقول : إن القضية - أساسا - ليست قضية ان ضابطا فعل كذا فهذه الأسباب : أسباب سبق أن أبلغت السيد رئيس المجلس أن وزارة الداخلية تعترض النواب من أعضاء مجلس الشعب أثناء تنقلاتهم وتنزلهم بالقوة من وسائل المواصلات العامة وتمنعهم من الاجتماعات وتعيدهبم بالقوة إلى غير الأماكن التى يقصدونها ، ولقد طلبت من السيد رئيس المجلس باعتبارة رئيس المجلس وباعتباره مسئولا عن كرامة المجلس وكرامة أعضائه كما تنص على ذلك المادة السادس من اللائحة .

وباعتبارك مسئولا عن تحقيق أعمال هذا المجلس الذى ينص الدستور على حرية أعضائه . ثم تساءل : كيف أمارس عضويتى وأنا أمنع من الانتقال من جهة إلى أخرى ؟! أنا من حقى أن أنتقل إلى كل مكان وأن أبحث عن عورات الحكومة فى كل مكان. واستقصى كل ما أريد أن استقصيه عن جميع أعمال الحكومة فى كل مكان .

وإذا كان من حق وزير الداخلية أن يعتقل أعضاء مجلس الشعب وأن يمنع تنقلاتهم ويحدد إقامتهم يكون مجلس الشعب قد ألغى إ! فما الذى يبقى من مجلس الشعب إذا كان وزير الداخلية يستطيع أن يعتقل أعضاءه ويستطيع أن يمنعهم من الحركة ويمنعهم من الاتصال بالمواطنين ؟! انتهى الأمر ولم يبق هناك مجلس وأصبح صورة سخيفة لشىء غيرصادق .

ولقد أبلغت السيد رئيس المجلس بهذا ورجوته أن ينهى هذه الموضوعات دون حاجة إلى أن نثير مثل هذا . بل وحذرت السيد رئيس المجلس أن الأمر يتطور إلى ما هو أسوأ وأن الخطة الموضوعة هى أن نستدرج إلى أعمال عنف نضطر إليها اضطرارا لأنهم يريدون أن يظهرونا بأننا نستعمل العنف وأننا لانستعمل قنوات قانونية . وقد أبلغت السيد رئيس المجلس بهذا والسيد كمال الشاذلى والدكتوريوسف والى ، أبلغت هؤلاء جميعآ .

وقد فعلت كل هذا فى سكون ودون إثارة ودون استجوابات ودون أى شىء وكان السيد صفوت الشريف موجودأ عندما أبلغتهم وقلت إنه إذا كنتم تدعوننا إلى حوار فكيف أحاوركم وأنا محدد إلإقامة ، وأنا لا أدرى عندما أعود إلى بيتى هل أجد زوجتى أوأنها قد أخذت رهينة أو لا تدرى زوجتى متى أعود ؟ لقد قلت كل هذا وحذرت منه وكانت التطورات .

ووقف لحظة واستدرك متسائلا : ثم إن هذا التحقيق سيجرى مع من ؟ ومن الذى سيجريه ؟ من أمر بالاعتداء أهو الذى سيجرى التحقيق ؟ من أمر بالعدوان أم من ؟ ثم من ؟ أتحقيق يجرى مع قول من أحد أعضاء مجلس الشعب رجل انتخبه الآلاف من الاطباء ليكون عضوا فى نقابتهم . انتخبه عشرات الآلاف ليكون ممثلا لهم فى هذا المجلس الموقر . إن عصام العريان لم ينتخب عضوأ فى مجلس نقابة الأطباء لأنه الطبيط النطاسى . ولا الأستاذ البارع ولا المسثممر العظيم وإنما انتخبوه لشىء واحد صدقه وأمانته وإيمانه ودينه وخلقه . أبعد ذلك بلطم العضو على وجهه ومن الذى سيجرى التحفيق ؟

لقد دخل الضابط الأوتوبيس وقصده هو مبانرة دون غيره ليصفعه ابتداء . إنه ينتقم منه لأن عصام العريان هو الذى تصدى فى هذا المجلس للسيد وزير الداخلية عند مناقشة موضوع اهيديكو السيدة الهاربة! فهذه اللطمة تقول له ولكل من يريد أن يتصدى للحكومة أو لأحد من الوزراء بان هذا هو جزاؤه . ،ثم وجه خطابه إلى رئيس المجلس قائلا: لسنا فى حاجة لهذا التحقيق الذى يريدون إجراءه ، نحن فى غنى عنه ، نحن نحارل ونقول : فليحضر السيد رئيس مجلس الوزراء لنناقشه فى سياسة الحكومة وليس السيد وزير الداخلية .

فالمسئول عن السياسة العامة للدولة هو السيد رئيس مجلس الوزراء ونريد أن نناقشه عن موقفه بالنسبة لحقوق الأعضاء والمحافظة على كرامتهم والمحافظة على حريتهم والمحافظة على أوليات أداء واجباتهم . هذا هو الأمر .

ولطمة عصام ليست لعصام ، وإنما هى لكل أعضاء المجلس من قبلها فليقبلها إهانة لنفسه ومن رفضها فليرفضها كرامة لنفسه ، فنحن رفضناها ولن نقبلها أو نقبل غيرها أبدا وان كنا صبرنا بعض الوقت رغبة فى دفع المركب للنجاة عن بعض الإجراء ات الشاذة التى اتخذت حيالنا وآئرنا طريق المفاهمة مع سيادة رئيس المجلس ومع غيره من أقطاب الحزب الوطنى ومع المسئولين فى الحكومة ، ومع ذلك فإن لصبرنا حدودأ ولا يمكن أن نسكت إلى ما شاء الله والأمر يتطور من سىء إلى أسوأ وإلى أشد سوءا وأفظع .

وختم حديثه قائلا : إن هذا الأمر متعلق بكيان المجلس باكمله ، إنه صوت الأمة وممثل الشعب كله وإذا كان الأمر متعلقا بكيانه فماذا يغعل المجلس ؟

قبل أن يفعل المجلس شيئا – وهذا ما تصده المهندس إبراهيم شكرى – يجب أن يبحث عن كيانه .يجب أن ييحث عن مبرروجودة . هل هو موجود أم غيرموجود ؟ إن كان موجودأ فليؤد واجبه وإن كان غير موجرد فأى واجب يؤديه ؟! هذا هو الموضوع ولذلك فنحن نصر على أن نطب المناقشة الفورية مع السيد رئيس مجلس الوزراء فى هذا الأمر .

وفور انتهاء الهضيبي من حديثه صاح إبراهيم شكرى مشيرأ إلى نص المادة 22 من اللأئحة الداخلية لمجلس الشعب إ! فسأله رئيس المجلس : ماذا تريد منها ؟ طلب منه إبراهيم شكرى أن يفتح اللائحة وينظرإليها .

فسأله رئيس المجلس مرة أخرى : ماذا فى المادة 22 ؟ كان إبراهيم شكرى يمسك بالائحة الداخلية فى يده ووقف يتحدث ليوضح للأعضاء مقصده فقال : المادة 22 هى المادة الخاصة باللجنة العامة للمجلس. . وهذه اللجنة التى تختص بجميع الأمور الهامة التى يمكن أن ييحثها المجلس .

ثم خاطب رئيس المجلس منفعلآ : ولو انعقدت هذه اللجنة فى مواعيدها كل شهرمرة يا أستاذ إ. فى كل مرة يا دكتور) .

أنت بخلت علينا أن تجتمع فى اللجنة العامة مرة على الأقل كل شهر ، كما تنص المادة 22 من اللائحة . فهذه اللجنة لم تجتمع منذ أربعة أشهر من يوم أن اجتمعت لكى تقرر موضوع المدعى الاشتراكى لم تجتمع إلى الآن . أربعة أشهريا دكتور) لم تنعقد لكى نثير مثل هذه المواضيع الهامة التى كان يمكن أن تثار وكان يمكن أن تعالج . إنك تبطل اللأئحة .

لقد أثرتنى أول أمس عندما قلت لا أسمح بأن تستعمل المادة التى تنص بالحديث فى موضوع غير مدرج ، وإن هذا يتصل بموافقتك أنت. . أنت لست حرا فى هذه اللائحة ، إنما عليك أن تنفذها بما يحقق المصلحة العامة يا سيدى .

واستطرد قائلا : إن الموضوع ليس هو موضوع العدوان على عصام العريان ، إنما الموضوع هو كيف أن أعضاء مجلس الشعب أصبحوا ممنوعين من التنقل وهذا حدث لى بالذات وحدث لإخوانى بالذات إذن أقول لك إنك لو جمعت اللجنة العامة عندما طلبنا عقد جلسة خاصة يمكن أن بحضرها رئيس مجلس الوزراء لنتحاورفيها منذ شهرين وقلت فليكن هناك جلت خاصة يااستاذ إبراهيم وسنرىالموضوعات ومرت الشهوروالأمر لم يصبح ياسيدى م!يدىأنك تحافظ على كرامة المجلس ولاعلى أعضائه بقدر ما أنك تريد أن تفوت مثل هذ. التصرفات وتساعد هذا الوزير س أن يهدر الدستور ويهدر القانون ويهدركل شىء .

ئم استدرك معاتبا رئيس المجلس : يا سيدى نحن نريد أن نناقش هذا الموضوع لا بالفهم الذى فهمته بأننا نريد أن نعطل المجلس ولكن من غيركرامة - يا سيدى - لا يمكن أن نناقش فى موضوع الإدمان وغيره ونحن مفقودون بالفعل ونشعر بان حقوقنا منقوصة . . فكيف يمكن ؟

وقاطعه كمال الشاذلى رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الوطني بقوله : هذا مضمون طلب الإحاطة . ثم استطرد إبراهيم شكرى قائلا : إن هذا الكلام موجه إلى السادة الأعضاء جميعا ، لو قبلوا أن يناقشوا أى شىء من غيرأن يناقش هذا الأمر يكونون مخطئينين فى حق أنفسهم قبل حقنا .. فنحن نريد أن نقول بجميع أساليب التعبير . . إن أى موضوع ، مهما بلغ من الأهمية ، لا يعلو على كرامة العضو ، لا يعلو على كرامة المجلس ، لا يعلو على حق الشعب فى أن يقول بالفعل ماذا يمكن قوله بالنسبة لتصرفات الحكومة يا سيدى .

وفور انتهاء كلمته تعالت بعض أصوات من الحزب الوطني الحاكم تطلب الانتقال إلى جدول الاعمال . ولكن رئيس المجلس نزولأ على رغبة واحتجاج المعارضة ولحساسية الأمر بالنسبة للأعضاء جميعا رد بقوله : سأعطى الكلمة لممثلى الأحزاب ثم ننتقل إلى جدول الأعمال والكلمة الآن للسيد العضو ياسين سراج الدين .

وتحدث ياسين سراج الدين واثنى على اهتمام الجميع بالواقع وإن كان قد استدرك أيضا بقوله : وإنى أنضم إلى رأيهم فى أن مرضوع الواقعة فى حد ذاته ليس أساس هذه المناقشة الكبيرة والخطيرة التى تمثل كرامة شعب مصر كله فى أشخاص ممثليه ، ولعل الطلب الخاص بمناقشة أساس مع النواب - فى حد ذأته - من التحرك أو من التزاور أو من زيارة المدن أو عقد مؤتمرات هو فى حد ذأله صلب الموضوع لأنه ربما يتم اعتداء أحد رجال الشرطة على مواطن أو نائب مرة أخرى وهذا يعود للأداء السىء وليس معنى هذا أن جميع رجال الشرطة على هذا النمط من التصرف أو من الاداء السىء - إطلاقا - نحن لا نتهم رجال الشرطة بهذا أبدأ إنما الجو العام والمناخ العام الذى يشعر به ضابط صغير أو ضابط كبير بان هناك استهتارا بكرامة المواطنين يجعله يتخبط دون إذن الوزء أو إذن رئيس الجكومة وهذا هو المناخ الذى نقصد بة وقف العمل بقانون الطوارىءلهذه الاسباب نطلب عدم تجديد قانون الطوارىء لانة يضفى مناخا خاصايجعل رجل الشرطةالعادى وان كان هناك رجال شرطة ممتازون يمكن ان نتصور ان هذا القانون يجعلة يمتلك الرقاب والعباد من هذا المنطلق سيادة الرئيس اعتقد ان الموضوع واضح جدا وهو طلب اجتماع اللجنة العامة وسيادتك لن تتاخر عن هذا اطلاقا وإذاكنا قد عرضنا الموقف البرلمانى السابق رغم وقوع مواقف أسبق عليه ، فإن غرضنا كان يرمى الى توضيح حقيقة التشابك الشائك بين مفهومين لقوتين تتبادلان التراشق السياسى بعنف .

وتترصد كل منهما للأخرى لتحقيق غايتها ، فالإخوان سعوا إلى تحقيق الشرعية السياسية خارج البرلمان بينما سعى الأمن - كما سبقت الإشارة - إلى عدم تحقيق ذلك .

وتاكيدا لتربص كل من القوانين أو الطرفين . ورغم أن اللواء زكى بدر وزير الداخلية كان المسئول والمنوط به الإشراف على عملية انتخابات 1987 والتى من خلالها حصل الإخوان على الشرعية البرلمانية ، فإنه يلاحظ أن الإخوان كانوا قد قرروا مسبقا وخلال الانتخابات ذاتها ومحاولات الوزير لحصارهم وتحجيم حركتهم . . وقد عقدوا العزم على مواجهتها بحدة ، وكشف اساليبه القاسية معهم فور انتهاء الانتخابات .

قد سبق أن شاركوا فى مساءلته عن هروب إحدى سيدات الأعمال وقد صاغوا ذلك بتهكم وسخرية ثم كانت بعض الأسئلة وطلبات الاحاطة ، وخاصة من العضو صلاح أبو إسماعيل .. إلى . تقدموا باستجوابين على مستوى عال من الأهمية توضح - ابتداء - أبعاد صراعهم وتنازعهم الاخوان من جانب ، ووزير الداخلية فى جانب آخر ممثلا للسلطة .

وقد طرح استجوابان لعضوين من الإخوان المسلمين عقب بعض الأحداث والاضطرابات بين عناصر الجماعات الدينية وقوات الشرطة واعتقال البعض من هذة العناصر .

وكان استجواب العضو مختار محب الدين نوح عن محاسبة وزير الداخلية عما تم فى فترة ولايته لامر الوزارة والتى بدأت فى غضون شهر فبراير سنة 1986 من تعذيب بواسطة تابعيه ومرؤوسيه وقدثبت ذلك بالمناظرة وبالأوراق الرسمية وبشهادة الشهود على المواطنين مما أساء إلى موقف مصر الدولى وعرض سمعتها للطعن والتجريح وتكرر ذكرها كدولة تنتهك الحريات .

وأما استجواب العضو محمد محفوظ حلمي فقد أورد به أنه فى يوم /30/10 1986 ويوم الجمعة 26/ 12/ 1986م تدخل رجال الأمن المركزى بطريقة استفزارية فى عدة مساجد ، الأمر الذى ترتب عليه حدوث زعر بين المصلين وقد أصيب العديد بطلقات نارية ولديه ما يثبت إدانة وزارة الداخلية الأمر الذى يأسف له كل مواطن (48) .

وقد طرح رئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب الاستجوابين لتحديد موعد للمناقشة ومساءلة الوزير إلا أنه وقف بكل ثقة يعلن أنه جاهز للرد الفورى .فصفق له رئيس المجلس وعرض الموافقة على المناقشة الفورية للاستجوابين فوافق المجلس. ومن ثم بدأ العضو مختار محب الدين نوح فى شرح استجوابه قائلا : "الحقيقة أن هذا الاستجواب جاء بعد سلسلة طويلة من المحاولات المضنية لمنع ظاهر تفشت فى أرجاء مصر وأصبحت سلوكا عاما وأسلوبا من أساليب التحقيق ، وأصبحت تشكل خطرا على حضارة مصر والسمعة الدولية التى حظيت بها مصر على مر السنين ، وتلك الخطوات الديمقراطية التى تحققت على مدى سنوات خلت فكادت أن تذهب بعظمتها وأن تحطم شموخها ، لذلك كان لزاما أن نبدأ بمحاولات اجتماعية وسياسية للقضاء على ظاهرة التعذيب ، والحق أقول أن الحكم الذى صدر فى القضية رقم 462 لسنة 1981 م والذى أثبت : ثمة تعذيب وحشى وقع على المتهمين ، ظاهر فى الأوراق ، وثابت بالتقارير ، وأن المحكمة تطلب اتخاذ إجراء ات فورية لمواجهة هذه الظاهرة . ثم ا ستدرك بقوله : وأن استجابة القيادة السياسية فى إحالة اكثر من أربعين ضابطا للتحقيق فى قضايا مختلفة 1253 وغيرها.

إلا أن رئيس المجلس قاطعه مشيرا إلى أن القيادة السياسية ليس لها علاقة بذلك تستجيب أولا تستجيب هذاشأن النيابة لأن من يستجيب قد لا يستجيب وهذا يدخل فى اختصاص النيابة .وعندئذ صاح العضو حلمى عبد الآخر طالبا الكلمة فى الحديث فى موضوع لائحى .

ولكن رئيس المجلس طلب منه أن يتقدم بطلب كتابى يتضمن المادة التى يريد التحدث فيها . وعاد العضو مختار نوح للاستطراد فى حديثه فقال :

(ثم كان بعد ذلك أن تولى السيد اللواء أحمد رشدى وزارة الداخلية ، وللتاريخ وأمام الله سبحانه وتعالى لم يرد فى عهد اللواء أحمد رشدى حادثة تعذيب واحدة ، بل إننا نكاد نحصر عدد المعتقلين على عهده ب 136 معتقلالا غير ، ثم مرت الأيام وتولى السيد اللواء زكى بدر وزارة الداخلية ، وإن كنت قد قصرت هذا الاستجواب على ظاهرة التعذيب ولكننى لاحظت أن ثمة اتجاة يذهب بالدولة إلى مجافاة القانون وإلى تحدى النصوص ، سواء اكان ذلك متعلقا بتنفيذ الأحكام أو بمعاملة المعتقلين أو بالسياسة الأمنية بصفة عامة ، وذلك نظرا لخطورة أمر التعذيب وما يشكله من انهيار فى المستوى الاجتماعى وحالة فقدان الثقة التى تعترى المتهمين والثأر الذى يسكن فى أعماقهم باعتبار أن حالات التعذيب تشكل الحجر الأساسى فى ظاهره التطرف ، بل إنها تشكل الحجر الأساس فى ظاهرة الثأر الاجتماعى وهو ما يسمى بالإرهاب ، فإذا ما وقفت المؤسسات أمام تلك الظاهرة موقف الصامت نقول وبحق إن المسألة قد تأخذ شكلا غير الذى نرضى به ، لأن المجتمع عبارة عن ظواهر وأحداث لها أسباب ولا تنفصل النتائج مطلقا عن الأسباب لذلك أرجو النظر إلى هذا الاستجواب ليس على أنه مجرد مساءلة أو اتهام ولكن ينظرإليه بهدف ، وينظرإليه بوسيلة ، وينظرإليه بعين تختلف عن تلك العين التى تنظر إلى سائر الممارسات .

إلا أن رئيس المجلس قاطعه بهدوء . وكانت لهذه المقاطعة دلالة وإشارة ذات معنى سيتبين ذلك واضحا بعرض الحوار الذى جرى بهذه المقاطعة بين العضو المستجوب ررئيس المجلس الذى بدأ الحوار مشيرا إلى أنه سيوقفه دقيقة فى مسألة لائحية بناء على ما أرسله إليه المستشار حلمى عبد الآخر فى ورقة عندما اشار إلى رغبته فى الحديث عن اللائحة . رلكن رئيس المجلس أشارإلى أن هذه المسألة لن تؤثر على استمرار الاستجواب .

وأشار رئيس المجلس استنادا إلى المادة 199 من اللائحة بأنه لا يجوز أن يكون فى تقديم الاستجواب مصلحة خاصة أو شخصية للمستجوب .. وأضاف بأن المستشار حلمى عبد الآخر يذكرأن العضو المستجوب مدع مدنى فى القضية التى ذكرها الآن وهى مازالت منظورة أمام القضاء . . ثم وجه سؤالا مباشرا للعضو المستجوب قائلآ : أرجو أن أعرف الحقيقة .. هل أنت مدع مدنى فى هذه القضية أم لا ؟ فأجابه العضو قائلا : إن القضية المنظورة أمام القضاء الآن هى قضية متعلقة بتعذيب المتهمين فى عام 81 ، 82 بواسطة عدد من الضباط وهى بعيدة كل البعد عن الاستجواب المنظور . ولكن رئيس المجلس كرر سؤاله محددا : هل السيد العضو مدع مدنى فيها .

فلم يجد العضو بدا من الإجابة الصحيحة بقوله : نعم . وعاد رئيس المجلس مؤكدا تحديده السابق واستخلاصا لدوافع العضو قائلا : فى هذه القضية التى ورد ذكرها الآن .

فاضطر العضو مرة أخرى للتحديد كما سعى إلى ذلك رئيس المجلس بقوله : لست مدعيا بشخصى ولكن بوكالة ودفع رئيس المجلس العضو لتحديد اكثرمتسائلا : بوكالة عن من ؟ فأجابه العضو : بوبكالة عن أربعة من المتهمين المجنى عليهم .

وأخيرا دفعه رئيس المجلس إلى ظهره عندما سأله : ما معنى الوكالة ؟ فسلم العضو بقوله : يعنى محام فهذه وظيفتى . وبذلك وصل رئيس المجلس إلى ما سعى إليه من إظهار دوافع العضو والتى بدت شخصية وخاصة وإن كانت أيضا ذات طابع سياسى وإعلامى .

فأعلن رئيس المجلس : أى كمحام وعلى كل فقد لزم الايضاح . وحيث قد حاول رئيس المجلس تخصيص دوافعه ، فقد استأذن المجلس فى أن يستمر العضو فى شرح استجوابه .. فوافقه المجلس على ذلك . إلا أن بعض الاعضاء من الأغلبية طالبت بعدم استمراره فى شرح استجوابه تطبيقا للائحة .

إلا أن رئيس المجلس أصر على استمراره حيث أنه بذلك الحوار السابق قد ألقى ببعض الشك والبلبلة على ما سيطرحه العضو فى عرضه للاستجواب مسبقا وكذلك حتى يضع فى ذهن السامعين تلك الخلفية مما يمكن معه عدم تصديق أو الاقتناع بكل ما يقوله المستجوب .

ئم عاد العضو المستجوب فى الاستطرادلشرح استجوابه وأردف قائلا : وبحافظتى اكئر من 1000 تقرير طبى شرعى فى عام واحد ، ألف تقرير طبى شرعى فى عام واحد يفيد اكثرها – لا يقل عن 900 تقرير – وقوع التعذيب ، والباقى يفيد زوال الآثار بمضى المدة نظرا لعرض المتهم بعد زوال الآثار 900 تفريرمن 1000 تقريرحصلنا عليها فى عام واحد كل تقريرمنها ينطق بالألم ويستجير ، ونعرض على سبيل المثال اكثر من 50 تقريراأودعها أمانة المجلس . وأقدم معها ما ورد بنشرة منظمة العفو الدولية أخيرا عن مصر وللإيجاز أقول إن هذه النشرة تتمتع بالصورة التحقيقية بمعنى أنها تأخذ ما تحصل عليه من معلومات وتعرضه على السلطة المختصة ثم تأخذ رد السلطة ثم تصدرتقريرا ، وما يهمنى هنا هو أن أبرز لحضراتكم ما تتعرض له سمعة مصر الدولية .

ونحن حريصون عليها مثلكم تماما ، بل الحرص يملؤنا على سمعة مصروعلى كرامة مصر ،لأ ننا مستقبل هذا البلد . وانضمت مصر فى يونيو 1986 إلى معاهدة الأم المتحدة ضد التعذيب وبادرت بإتخاذ إجراءات قضائيه ضد المتهمين بارتكاب أعمال ا لتعذيب ، إلا.

أنه حسب علم المنظمة لم تنفذ حتى الآن التوصيات الخاصة بإعادة النظر فى إجراءات تفتيش السجون والتحقيق فى شكاوى السجناء حول التعذيب تعتقد المنظمة أن الوقت قد حان منذ أمد بعيد لوضع هذا الموضوع أمام السلطات المصرية.

وبعد عرض المستجوب إتضح أنه دفع إتهامه للوزير بتحديد بداية ظاهرة التعذيب فى منتصف عام 1986 ، وذلك بعد تولى الوزير لمسئوليته .

وفى ذات الوقت أشار إلى ضآلة عدد المعتقلين فى آخر عهد سلفه اللواء أحمد رشدى .. ومعنى ذلك أن ارتباط ظاهرة التعذيب ظهرت بتولى اللواء زكى بدر المسئولية الوزارية وتنفيذه لسياسة أمنية جديدة .

وإن كان رئيس المجلس قد حاول حصار العضو داخل استجوابه حتى لا يؤتى نتائجه .. فإن تاريخ القضية التى عمل فيها محاميا ووكيلا عن متهمين يرجع إلى عام 1981 إلا أنه يتخذها بداية مصادر معلومه له عن التعذيب وإن لم يشرإلى تلك الفترة بأنها بداية الظاهرة .. إلا أنه حدد بدايتها عندما تولى زكى بدر المسئولية الوزارية .

وفى ذلك معارضة صريحة للسياسة الأمنية التى يتبعها وينفذها هذا الوزير وقد حاول الوزير وأكد على أن هذه الظاهرة تمثل بعدا داخليآ وهو الثأر ، ويتجسد فى الإرهاب إلا أن الإرهاب ليس وليد التعذيب المسبق دائما ، فهناك إرهاب يتخذ وسيلة لتنفيذ سياسة معينة من جانب متطرفين ، أو إرهاب يتخذ عنصر ضغط لتحقيق دعاوى متطرفة أو يتخذ قناعا لتخويف وتهديد المعارضين لفكرة أو لأخرى .

وأما البعد الخارجى فقد أولاه المستجوب اهتماما خاصا حيث أنه يشوه صورة مصر الحضارية المحترمة بين الأمم المتحضرة ، وإن كنا نرى أنه ربما يكون ذلك أحد دواعى تقديم استجوابه إلى جانب تأكيده على أن التعذيب ليس وسيلة أو هدفا إسلاميا . . مما يخالف الشريعة الإسلامية وأحكامها فى معاملة المعتقلين. . ثم عرض الاستجواب الثانى من مقدمه محمد محفوظ حلمى حيث قال :

(وبداية فإننا نقول : إن وزارة الداخلية تنهج معنا نهجآ لم نعهده من قبل .. وكأن العضو يتحدث عن هوية سياسية لمجموعة أو جماعة بعينها .

وبالفعل دفع رئيس المجلس مستفسرا بالمقصود من كلمة معنا وكأنه يسعى لاستصدار إعلان من العضو بأن كلمة "معنا) المقصود بها الإخوان المسلمين ، حتى يمكنه مقابلة ذلك بأنهم ليسوا لديهم شرعية رسمية ، إلا أن العضو تجاوز هذا حتى لا يثير مقاطعات ومناقشة جدلية وهو يعرض لاستجوابه .. فأجاب بمعنى أوسع قائلا : مع هذا الشباب الذى قيل عنه أنه منحرف متشدد متعصب .

ثم عاد يقول : وبداية فإننا نقول إن وزارة الداخلية تنهج معنا نهجا لم نعهده من قبل .

تزامن مع تولية السيد اللواء زكى بدر وزارة الداخلية ، الذى أخذ على عاتقه أن يفتك بنا بشتى الطرق والوسائل والذى لم يقتصر على السجن والاعتقال والتعذيب فحسب بل وصل إلى حد إطلاق الرصاص فى الشوارع وإراقة الدماء واقتحام المساجد والجامعات .

ثم عرج فى حديثه إلى أسلوب الوزير فى تنفيذ سياسته حيث قال : وهنا وقفة يجب أن نوضحها وهى موضة جديدة حدثت حيث يزدحم المسجد بأناس يرتدون ملابس مدنية وهم يعملون لحساب الأمن ثم يحدث فجأة ما تسمعون عنه .

فسمن المستحيل أن يعتدى المصلون بالمسجد على بعضهم البعض أو يضرب بعضهم بعضا ولكن تبدأ بهؤلاء الذين أشرت إليهم .

ثم أضاف : ولما كنا قد أحسسنا أن مخططا ماكرايدبر لنا عزمنا على عدم الصدام بكل طريق ممكن هم تحاشوا الصدام الذى يدبر ويهيأ لهم ، لأننى قلت لهم : ألم يكن باستطاعتكم أن تتحاشوا هذا الذى يحدث لمستقبلكم وسمعة بلدكم ؟ فقالوا لى : كانت رزارة الداخلية قد بنت خطتها على استفزازنا واستدراجنا للصدام حتى يتسنى لها ما تريد من سجن واعتقال ، لها فيه من القانون حجة وبرهان ، فلما فوتنا عليهم كل الفرص وفشلوا فى استفزازنا لما أرادوا وخططوا انتقلوا إلى الصدام واختلقوه مستغلين فى ذلك ما ملكوا من إعلام وأقلام .

ثم عرج باتهام صريح لوزير الداخلية فأشارإلى أنه منذ تولى اللواء زكى بدر الوزارة حدث ما يلى :

ا – انتشار حملات التفتيشى الليلى بصورة مستفزة ، شملت جميع المحافظات إلا أن أسيوط كالعادة كان لها القسط الأوفى . . ثم أردف : وهنا أتوتف وأستميحكم عذرا، ولعلكم تتفقون معى،أن أترحم على الرئيس الراحل محمد أنور السادات يوم أعلن نهاية زوار الفجر .

2- محاولة عرقلة نشاط اتحاد الطلاب ، ومثال ذلك إلقاء القبض على طالب يوزع كتيبات ماذا يعنى انتمائى للإسلام ! والتى قامت بطبعها مطبعة الجامعة المصرية وليست مطبعة سرية . وكذ ك مذكرات دراسية قام بطبعها طالب وعليها صورة القدس .

وهناك موافقة مجلس الاتحاد وإدارة الكلية على طباعة هذه المذكرات وكذلك اعتراض وزير الداخلية على إقامة معسكر الجوالة السنوى .. ثم استطرد : وهناك الطالب شعبان الذى ألصق إعلانا لدعوة الشباب إلى حضور محاضرة يلقيها عالم فى المسجد فهل هذه جناية ؟ فأطلق عليه الرصاص من الشرطة .. والحقيقة التى علمتها أن الرئيس حسنى مبارك عندما أبلغ بهذه الكارثة هو الذى كلف وأمر بأن تقوم طائرة خاصة به وأمرأن تجهز مستشفى المعادى العسكرى لاستقبال هذه الضحية ، ولكن قدر الله كان سابقا ومات شعبان فلماذا إذن نضع حكومتنا ونظامنا الحاكم فى مثل هذه المشاكل ؟

لم تزد الجماعات الإسلامية إزاء هذا الحادث الأليم عن عقد بعض المؤتمرات والمسيرات السلمية داخل الحرم الجامعى رغم فداحة الخطب ومرارته .

ثم استدرك بقوله : منعت اللقاء ات التى تقام فى وضح النهار وليس فى الشارع .. لم يقم سرادق وجمعت الناس له أنها أقيمت فى المساجد ، منبر حرية الكلمة منبر الشورى ، فلماذا يمنع وفى وضح النهار لست ادرى ؟ إذن لا تقول تنظيما سرياتحت الأرض ولا غيرذلك .

كما عرض لاقتحام الشرطة لجامع فى أسوان والقبض على . 6 مصليا ، ومن بينهم المحاضر فى الجامع وعن أحداث الطلبة أيضا فى أسيوط كان سببها منع المنقبات من دخول الجامعة إلا بالكشف عن وجهها . واعتداء أحد الضباط على إحداهن مما أثار الطلاب وقيامهم بمسيرة سلمية وعقدوا مؤتمرا نددوا فيه بذلك .

كما عقد نادى أعضاء هيئة التدرس اجتماعا طارئا ونددوا باقتحام الحرس الحرم الجامعى . كما عقد المؤتمو الثامن والعشرون لأندية هيئات التدريس بالجامعة المصرية فى جامعة الزقازيق واستنكر اقتحام الأمن المركزى للحرم الجامعى .

ثم أثار أيضا متسائلا باستنكار : كيف استباحت زارة الداخلية لنفسها أن تمنع نائبا له حصانته أن ينتقل إلى مسجدليلقى فيه محاضرة ؟ لماذا ؟

لماذا لا يترك النائب لكى يلقى المحاضرة وكما قلت دعوه يدين نفسه ثم حاسبوه . . أين الحصانة البرلمانية أين هى ؟ ولنبدأ حيث ختم المستجوب بتساؤله عن الحصانة البرلمانية . . وذلك لنؤكد تفسيرنا المبدئى للشرعية البرلمانية كوسيلة لاكتساب شرعية سياسية تتزايد بإطراد .

وذلك المفهوم الذى حارل اللواء زكى بدر مقاومته والتصدى له بشتى الوسائل مماأثارالصدامات المتتالية بين الأمن والإخوان المسلمين . - ولعل المستجوب أشارإلى نقطة هامة كثيرأ ما سعت السلطة لإبرازها وتاكيدها علنا وتحت سمع وبصر المجتمع ، ألا وهو العمل العلنى للجماعات الدينية ، وخاصة الإخوان المسلمين .

فقد استنكر المستجوب تصدى وزير الداخلية للعمل والنشاط المعلن للجماعات الإسلامية وتهكم على أن السلطة تدعى أن هناك عملا سريا .. فإذا كان هذا العمل محل استهجان الدولة فلماذا تتصدى سلطاتها للعمل المعلن ؟؟ - وكأن المستجوب أراد بذلك ان يدلل على أن سلطات الدولة تقاوم وتتصدى للمد الإسلامى الشرعى والمعلن فى المساجد ومنابرها وليس كما تدعى أنها تتصدى للتطرف المقترن بالعمل السرى .

وبذلك فإن الدولة تظهر ما لا تبطن والمستهدف فى النهاية المد الإسلامى .. وسنرى هذا القول صريحا فى إحدى المواقف البرلمانية الحادة أيضا فى سطور لاحقة . - ويذهب العضو أيضا إلى كثسف منهج وزارة الداخلية فى التصدى للعمل الإسلامى المعلن بأن تدفع ببعض عناصر الأمن إلى افتعال مشاجرات وعراك داخل المساجد ، وكأنها بذلك تحاول إئبات أن العمل المعلن لا يخلو من التطرف أيضا ، مما يستدعى تدخلها لحفظ الأمن والأمان للمصلين داخل المسجد .

-بل يذهب المستجوب إلى أن هذه السياسة الأمنية تبدو بعيدة عن السياسة التى لعلنها رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك ودلل على ذلل بأن الرئيس أمر بسرعه إسعاف طالب أطلق عليه الرصاص بوضع أكبر وأحدث الإمكانيات لذلك . وإمعانا فى التدليل على أن سياسة الوزير الأمنية تتناقض مع السياسة الجامعية نحو تعميق الروح الاسلامية ، فقد أشار إلى ان الوزير يتصدى للجامعة وقيادتها وأجهزتها رغم أن سياستها شرعية ورسمية .

- وأكد على أن الشباب المتدين يتعرض لأهوال هذه السياسة الأمنية . مما يحدث صدامات مؤكدة ويستنكر موقف الوزير من هذا النشاط الإسلامى المعلن والذى يجرى فى بعض المحافظات والمساجد أيضا. وهو يعرض نشاط الإخوان المعلن على بساط التقييم من حيث كونه نشاطا خاطئا أو إجراميا أو على صواب . . ويطالب بأن يترك أى عضو ممارسة نشاطه . . وليدن نفسه إذا خرج عن الشرعية القانونية . . ويطالب بذلك رغم إدراكه أن ؟ وزير الداخلية لن ينتظر تقييم هذا النشاط إنما هو يقاومه ويتصدى له حتى لا ينتشر وتبسط جماعة الإخوان نفوذها وتأثيرها السياسى .. ولقد جاء دور وزير الداخلية فى الرد فألمح إلى ما يثار حول التعذيب بوجه عام . . دون الدخول فى وقائع معية أو تفصيلات محددة - بأن هناك إدعاءات تعذيب واقعة حديثة جدا منذ اربعة أيام . . فقال : واسمحوا لى أن أمتنع للصالح العام عن ذكرها فحين دخلوا الليمانات بأجهزة معينة وأدوات معينة فى محاولة كاذبة لالتقاط صور للتعذيب يفتعلونها فى بعض المسجونين خاصة من هذه الفئة أو غيرها وسوف تعرض على حضرتكم عندما ينتهى الأمرفيها أو تحقيقها، . ويجدر التنويه إلى أن ما ذكره الوزيركان تمهيدا لمفاجأة أعدها لمواجهة لاحقة وكانت ذروة المواجهات .

ئم عرج الوزير على تحليل دوافع المستجوبين للتقدم بالاستجوابين قائلآ : "إن الإخوة مقدمى الاستجوابات . ناس جايز سبق اعتقالهم كما استمعتم حضراتكم يمكن يكونوا متضايقين شوية او شىء كهذا ولكن هذا لا ينصرف على كل الأوقات ولا ينصرف على كل الوقائع واسألوهم لماذا كانوا معتقلين ! .

ثم برر الإدعاء بالتعذيب بعاملين أساسيين يجب أن يكونا موضع الاعتبار عند الإجابة على مثل هذا التساؤل فقال : فأما العامل الأول فإن الإدعاء بالتعذيب هو الطريق التقليدى والأسلوب المتبع الذى يلجأ إليه كل متهم جنائى أو سياسى لإبطال الأدلة والإفلات من العقاب .

وأما العامل الثانى فإننا نجد أن طبيعة وظيفة رجل الشرطة تفرض عليه أن يواجه الخارجين على القانون ليقدمهم إلى القصاص العادل وهؤلاء المتهمون وأسرهم والمنتفعون من حولهم لا يمكن أن يغفروا لرجل الشرطة الإيقاع بهم مهما تكن إجراء اته صحيحة وتصرفاته ملتزمة ولذلك : فإن لدينا عددا من الوقائع الثابتة والمسجلة لدى سلطات التحقيق القضائى لأعداد من المحجوزين بمواقع الشرطة والسجون العمومية افتعلوا بأنفسهم إصابات متعددة نسبوها إلى أجهزة الأمن والشرطة إمعانا فى الانتقام منهم والكيد لهم . ثم استدرك قائلا : هذه إدعاءات نعرفها ونعرف القصد منها ، فإن القصد للحصول .

على تعويضات تصرف فى أغراض تمس البلد تعلمونها حضراتكم جيدا . ومرة أخرى يلمح إلى ما سبق ذكره فى بداية حديثه والذى يعد تمهيدا لمفاجأة فى جلسة لاحقة حيث قال : وليس من شك فى أن رجل الشرطة بحكم طبيعة عمله يتعرض للكيد والانتقام اكثر مما يتعرض له غيره .

ونستطيع أن نضيف إلى ذلك موقف بعض صحافة المعارضة التى تتعمد الهجوم على جهاز الشرطة ، تبحث عن أخطاء وانحرافات تنسبها إليه بغير حق أو بأكثر مما تستحق وفى مقدمة هذه الأخطاء والانحرافات والإدعاءات الكاذبة تعذيب المواطنين ونشر الصورالمزورة التى يدعى مصوروها المهرة أنهم قاموا بالتقاطها من داخل السجون.

كما أنه قال : وقد يقال ردا على ذلك كله أن هنا أعدادا من ضباط الشرطة يحاكمون بالفعل عن وقائع تعذيب منسوبة إليهم ونحن نقول إن المتهم برىء حتى تثبت إدانته وأن العبرة ليست بتوجيه الاتهام وإنما بصدور حكم نهائى بالإدانة .

ثم استطرد الوزير فى الحديث ساعيا إلى ربط الاستجواب بنشاط المستجوبين وأن هذه الاستجوابات رد فعل لسياسة وزير الداخلية فى مواجهة نشاطهم خارج المجلس . . فقال : فى أسيوط فى مسجد الجمعية الشرعية لى وقفة مع أحد مقدمى الاستجوابين ماذا قال ؟ وماذا فعل ؟ وماذا أثار ؟ هذا إن شئتم أو أردتم أن أطرحها . فأرتفعت أصوات تطلب الاستماع . . فعاد الوزير يقول : لا مانع إذا أراد المجلس . فالأخ العضو مقدم الاستجواب عن التعذيب الأخ محمد مختار نوح دأب خلال الندوات والدروس الدينية فى المساجد. . إلا أن العضو محمد المأمون الهضيبي قاطعه مستنكرا : هل نحن الذين نسأل السيد الوزير أم هو الذى يسائلنا ؟ ودار حوار مع رئيس المجلس حول هذا الأمر حتى أذعن رئيس المجلس ومنحه الكلمة وأن أردف فيها بقوله : نستمع إليك فى هدوء ولا نريد الضجات المفتعلة .

فوقف الهضيبي وطرح نقطه على جانب كبيرمن الأهميه بالنسبة لمدى حرية حركة الإخوان المسلمين لنشاطهم على مستوى المحافظات فقال : إن موضوع الاستجواب محدد وأعتقد أن السيد المستجوب التزم التزامأ دقيقا وحرفيا بالموضوع بل لعه كان مختصرا اكثر مما يجب . والسؤال اليوم هو .

سنتكلم عن مسئوليتنا وعن نشاطنا خارج المجلس ؟ هل يا ترى الموضوع المطروح الآن يتعلق بمسؤليتناعن تصرفاتنا خارج المجلس ؟ وهل من حق السيد الوزيرأن يرطح هذا فى المجلس ؟ بل أبتداء ، هل من حق المجلس كمجلس أن يحاسبنا عليه ؟ هذا أمربعيد كل البعد .

فلندخل فى موضوع ولنتحدث فى الموضوع بكل لفظ حسن لأننا لم نتكلم بأى لفظ خارج ). إلا أن رئيس المجلس رد على الهضيبي وفى ذلك حاول من ناحية تأكيد إشارة الوزيرللربط بين النشاط الشخصى للمستجوب وتقديمه للاستجواب ومن ناحية أخرى يحاول أن ينفى مساءلة الوزير للعضو لان ذلك مخالف للدستور . . فقال الدكتور رفعت المحجوب : لقد أراد الوزير وهو يتحدث عن أتهام الأستاذ مختار نوح له أن يوضح للسادة الاعضاء أن السيد مختار نوح له مصلحة فى هذا الاستجواب لأنه - والورير يسائله - كان له نشاط معين يتصل بهذا الاستجواب .

فأراد السيد الوزير أن يوضح للمجلس الربط بين مواقف شخصية للسيد العضو وتقديم الاستجواب . . ئم استدرك رئيس المجلس قائلأ : ومع ذلك كانت المعارضة لا تريد أن تستمع إلى النشاط الذى قام به السيد العضو مختار نوح والذى أراد الوزير أن يسقط هذا الموضوع ويواصل الرد على الاستجواب .

وعاد الوزير يستطرد شارحا بعض الوقائع التى تصدر من تنظيم الجهاد الذى اغتال الرئيس السادات . وسرد مظاهر التطرف من التعدى على أئمة المساجد ورجال الأوقاف ومنعهم من أداء واجبهم فى إقامة الشعائر الدينية بالمساجد المعينين بها ومحاولة السيطهرة على هذه المساجد . وأضاف الوزء أبعاد هذا التطهرف بأن هذه الوقائع فد حدثت بالمحافظات التالية : القاهرة - الاسكندرية - مطروح - القليوبية - البحيرة الشرقية - بورسعيد - السويس - الفيوم -بنى سويف - المنيا - سوهاج - قنا و أسوان . ثم تسائل الوزير :

فما هو المطلوب من أجهزة الأمن فى مثل هذه المواقف ؟ هل ينبغى لينا أن نتركهم يعتدون ويتآمرون ويخططهون آمنين مطمئنين بدعوى عدم المساس بحرمة المساجد ومن هو الذى يعتدى على حرمتها ؟! ثم عرج الوزير لاتهام المستجوب الثانى حيث قال : قام الأستاذ محمد محفوظ حلمى بتعبئه الشباب سواء فى محافظة أسيوط أو محافظة أسوان وإنى لأتساءل : ما علاقة السيد العضو بهؤلاء الشباب ما الصلة التى تربطه بهم ؟ ثم استدرك متهكما :

طيب ما يقول عن تجار الخدرات أو تجار العملة إنهم تعرضوا للتعذيب ؟ إذن ما الصلة وما المساندة وما الرابطه الحيقية ؟

وثارت ضجة بالمعارضة وتصاعدت رغم تدخل رئيس المجلس للتهدئة حتى صاح الوزير قائلآ : إطلاقا لن نكون هناك خلافة لن يكون هناك شئ من هذا الهراء . فرد عليه صوت خلال ضجة المعارضة بقوله :

الإسلام سيحكم العالم كله . ثم استطرد الوزير فى حديثه حتى وصل إلى أن خاطب العضو قائلا : وكل ما أرجوه أن يناضد السيد العضو جماعات التطرف والإرهاب كى ينزهوا بيوت الله عن شتائمهم ومخططاتهم يناشدهم أن يحفظوا حرمتها ويلتزموا برسالتها ، فالمساجد لله ، لعبادته الخالصة المتجردة.

ثم قال : ولعلى أجبت عما هو ظاهر من قصد هذين الاستجوابين ولست ممن يسيئون الظن ويتهمون الناس بسوء القصد . . وأقول بأمانة المصلحة أن المشكلة ليست مجموعات الإرهاب والتطرف بأعدادهم المحدودة وشخصياتهم المعروفة ونشاطهم المرصود ، ولكن مكمن الخطر فى هؤلاء الذين يهيئون الفرصة المواتية والمناخ المناسب الذى يتولد وينمو فيه الإرهاب والتطهرف . إن الذين يعتنقون الإرهاب ويمارسونه بالفعل يمثلون أبشع الأخطار ولكن هؤلاء الذين يثبتون أهدافه ويزينون أفعاله ويبمررون جرئمهم الذين يعطونه الفرصة للانتشار والاستمرار .

وهكذا فإن وزير الداخلية لم يخل رده من اتهام الإخوان المسلمين بمساندة ودعم الإرهاب والتطهرف من خلال نشاطهم السياسى خارج المجلس ، ويرى أن ذلك بمثابة تدبير وتخطيط ما يهدد الامن وينمى التطرف وأن دعاوى التعويضات عن التعذيب ، القصد منها الحصول على تمويل لهذا النشاط .

بل إن تعليق مأمون الهضيبي على اتهام الوزير كان واضحأ وجليا أن الصدام السياسى خارج ألمجلس بين الاخوان والوزير له انعكاسه داخله . . وكل منهما يكشف أساليب الآخر سواء كانت شرعية أم غير ذلك .

بل إن رئيس المجلس أتخذ جانبا موقف الوزير حيث أشار إلى الوزير بالتجاوز وعدم الحديث فى نشاط الأعضاء المستجوبين خارج المجلس وكأنه بذلك يؤكد ما يذكره الوزء ويلمح به عن النشاط السياسى أو الدينى المدعم للتطهرف والإرهاب . وعقب كل من المستجوين على رد الوزير . . فأما العضومختار نوح فقد أشارإلى أنه لم يسمع ردا قانونيا طوال ساعة أو أكثر تحدث فيها الوزء ويقال إننا لن نناقش كل مساءلة على حدة لكننا . سنحدثكم عن هذا الشخص وحركات هذا الشخص ومراقبة هذا الشخص. هذه مسائل يجب أن نبتعد بها عن ساحة الحديث . أشارإلى أنه لاحظ ثمة ظاهرة فأراد الاستجواب بخصوصها .

ثم كان تعقيب العضو محمد محفوظ حلمى وقد بدت عليه لهجة حادة وتحدية حيث واجه الوزير مخاطبا : هل أنت مسئول عن أمن مصر وحدك ؟ أقول لا . . إذ لن تستطيع وحدك أن تدافع عن أمن مصر بدليل أنه يوم أن ثار رجال الأمن المركزى نتيجة التصرفات التى حدثت ضدهم أقول أن شعب مصر هو الذى حفظ الأمن .

واستدرك قائلآ : نريد أن نضع حدودأ لصالح هذا البلد أما أن تكون الاتهامات مفتوحة على عواهنها دون أدلة ثابتة فهذا يجب أن يرد عليه .

ثم أضاف مخاطبا نواب الأغلبية بقوله : إنكم ونحن فى سفينة واحدة بالأمس كنا نتنافش على هذا المجلس واليوم أصبحنا واسمحوا لى أن أضرب المثل بهذا الفريق القومى فقد كان منا أمس من يشجع نادى الزمالك ومنا من يشجع النادى الاهلى واليوم الفريق القومى يلعب باسم مصر نحن هنا باسم هذا البلد وإذا ارتقى المفهوم فنحن باسم إسلامنا باسم ديننا نتكلم ونتحرك فلا عدوان على أحد بل سنأخذ على يد المنحرف .

ثم ختم تعقيبه قائلا  : هل يرضى السيد الدكتور رئيس المجلس ويرضى النظام الحاكم ويرضيكم أيها السادة أعضاء مجلس الشعب أن يأتى على لسان السيد الوزء المحترم "أنكم عاوزين تعملوها خلافة) طيب ليه لأ . . ربما السيد الرئيس محمد حسنى مبارك يصبح هو الخليفة ؟! أليست الخلافة من النظام الإسلامى ؟ إذن لماذا نقول هذا الكلام ولماذا كل هذه الحساسية ؟ إننا نرجو أن تنتهى هذه الإدعاءات . . وبتعليق المستجوب محمد محفوظ حلمى على استنكار الوزير لنظام الحكم الإسلامى والمقصود بها الخلافة الإسلامية فلم يفته الرد على هذا الاستنكار بعتاب للأغلبية-التى ينتمى إلى حزبها الوزير .

ولاشك أنه ضمن الحملات الانتخابية المضادة للإخوان المسلمين فى معركتهم الانتخابيه فكانت هذه الخلافة) حيث حضر بعض الخصوم من أن يسعوا إلى إقامة دولة دينية . . وتارة سموها دولة إسلامية يحكمها رجال الدين . . ولاشك أن الحقيقة أن مصر دولة إسلامية . . لأن الدولة الاسلامية بالمعنى الإسلامى ليس يعنى أنها دولة يحكمها رجال الدين وإنما هم رجال شورى . . والشورى بصورة معينة عنصر هام من عناصر الحكم الإسلامى فى الدولة الإسلامية وبالمعنى المعاصر فهى الديمقراطية .

أما إذا كان المستجوب محمد محفوظ حلمى يقصد الخلافة الإسلامية بالمعنى الدينى فهذا ما لم يحدث فى التاريخ الإسلامى إلا فى عهد الرسول .. أما الخلفاء الراشدون وإن كانوا فقهاء فى الدين الإسلامى إلا أنهم مارسوا السياسة . . تحقيقا لنشر الدعوة الإسلامية وشبيتها .

واما بعد ذلك فالخلافة الإسلامية بالمعنى الدينى لم يكن لها حقيقة غير شكلها فقط من حيث البيعة له رأما مضمونها فكان سياسى . . وممارستها سياسية . . بل إنها فقدت شكلها أحيانا من خلال الوراثة ولكن لطبعها بطابع الخلافة الإسلامية كانت تجرى البيعة لوارث الحكم .

وإذا كان البعض يرى أن الإسلام لم ينص بصورة قاطعة على أن نظام الحكم الإسلامى يمكن أن يكون ورثيا أى ملكيا أو غير ذلك مثل النظم الجمهورية . . فإن ذلك يقوض أى مبرر أو حجة ينادى بها البعض الآخر من وجوب تحقيق الخلافة الإسلامية . . إنما الصحيح أن يكون نظام الحكم مطابقا لما جاء بالشريعة الإسلامية . . وهذا أيضا الخلاف فيه قائم من حيث ما هى شورط الحكم أو مقوماته أو عناصره لأن لكل عنصر ظروفه وملابساته والعبرة فى النهاية بتحقيق الحاكم وتطبيقه للإسلام . وقام الوزير بالتعليق على تعقيب المستجوبين حيث أشار إلى أن صاحب الاستجواب يقول أن ثمة ظاهرة ظهرت فى مصر .

فما هذه الظاهرة ؟ هل تعدى الشرطة يعد ظاهرة أم ظهرت ظاهرة لها خطورتها ولابد أن نقف عندها وهى التطرف والإرهاب أيهما الظاهرة ؟ فهل وقوف الأمن أمام هؤلاء المعتدين المتطرفين الذين يقتتلون ويسفكون هو الظاهرة أم أن الظاهرة هم هؤلاء أنفسهم .

ثم خاطب المستجوب الاخر بقوله : الأخ الأستاذ محفوظ عندى منشورات فى المنيا ماضيين عليها اعضاء من مجلس الشعب .. هناك أشياء أخرى موجودة معى هنا فى مجلس الشعب هل تحبون أن نذكرها ؟ إنها معى . . وقاطعته ضجة من المعارضة .

واستطرد يخاطبه قائلا : وعندما قلت أولئك الذين يعاونونهم والذين يريدون من الخارج خلافة وهل أنا قلت هذا عنكم ؟ وهل أنتم تريدون خلافة ؟ فقاطعته أصوات من المعارضة ترد بقولها : نعم نريد خلافة . ولكنه يبادلهم التعليق قائلا : لا . نحن لا نريد خلافة .

إن أردتم الخلافة فأبشركم أنه لا خلافة . .حكم موجود . ووسط تصفيق الأغلبية وضجة المعارضة كان زكى بدر يردد تهديدأ لأحد عناصر المعارضة بقوله : بكرة أنا حاوريك بقى . أنا حاوريك ، . ثم طلب إبراهيم شكرى التعقيب فقال : إن السيد الوزير حاول أن يمور الاحداث التى ذكرت فى لاستجوا بين إلا أنه فى حقيقة الأمرلم يرد على هذه الظاهرة التى تحدث عنها الأخ الزميلمختار نوح .. وإذا كانت المعارضة تتقدم بهذا الاستجواب فى محاولة منها أن تنفى وجه مصر من هذه الظاهرة ، علينا أن نتعاون فى ذلك . . إلخ . ويجب ألا يقال الذى قيل ، من أنا مع التطرف . . مع العنف . . إلخ .

واستدرك أيضا بقوله : كما أن محاولة إلقاء الكلام على عواهنه من أن السبب معروف فى إقامة هذه القضايا وهو من أجل أن يحصلوا على تعويضات ، فإن هذا الكلام لا يمكن أن يكون مقبولأ. وختم تعقيبه قائلا : إن بيان الوزير يمكن أن يكون بيانا لسياسة الوزء ولكن ليس ردا على ما اثيرفى الاستجوابين وهذا ما يجعل الرد غير مقنع وإننا نطلب سحب الثقة من السيد الوزير على أساس الائحة!.

وأما المستشار مأمون الهضيبي فقام بالتعقيب وقد حاول التخفيف عما يمكن أن يكون قد لحق برجال الشرطة من رذاذ هذه الاستجوابات وذلك النقاش الحاد بين المستجوبين والوزير .. فخاطب الوزير قائلا:

سيادتك تقول إن رجال الشرطة يحرسون المساجد ونحن نرحب بهم جدأ وهم العين والرأس ونشكرهم ونقر معك أنه لولا حمايتهم للأمن العام لما أطمأنا ، ولا يمكن أن يكون لنا امان فى البلد ، وكون أن بعض رجال الشرطة ، يتهمون ، وكون أن مسألة السؤال والاستجواب يوجه لمسئولية السيد الوزير فقط فلا معنى للزج برجال الشرطة فى كل وقت وكأننا نحن نهاجم رجال الشرطة وكأننا نحن أعداء لرجال الشرطة . . من قال هذا ؟

ومن أين استوحيت هذا يا سيادة الوزير ؟ ثم ننفى ما سعى إليه الوزير ارزاء الإخوان المسلمين من أتهامهم بمساندة الإرهاب فقال : لقد تكلم السيد الوزء أيضا عن شىء خطير وهو يتكلم عمن يساندون الإرهاب وهذا أمر بالغ الخطورة ا لأنه يقصد به أشياء سبق أن قالها صراحة فى هذا المجلس وثابتة فى مضابط المجلس ، يوم وقف ها هنا وأشار إلينا بأننا نحن الذين نمول ونخطط لعمليات الإرهاب وكونه يتكلم مرة ثانية الآن بهذا الكلام أمر خطير. ومن موقف الدفاع تحول الهضيبي إلى موقف الهجوم والاتهام للوزير حيث قال : يا سيادة الوزء نحن ازاء أمور واضحة ، فلنكن نحن إرهابيين ، ما علاقة ذلك بتعذيب المتهمين ؟ فلنكن نحن نمول الإرهاب ما علاقة ذلك بتعذيب الناس ؟ هل هذا يبيح تعذيب المسجونين ؟ فدافع رئيس المجلس عن الوزير مقاطعا حيث قال : الوزء أنكر التعذيب . ولكن المستشار الهضيبي حاول تأكيد مسئولية الوزير فى كل الأحوال قائلا : إما أن يكون السيد الوزير لا يدرى ما يجرى فى السجون فهو مسئول وإما أن هذا يحدث بموافقته أو بإيحاء منه فهو مسؤل سياسيا .

وأنا هنا بصدد مسئولية سياسية ، ولست بصدد مسئولية جنائية ، فالوزء مسئول سياسيا عما يجرى فى وزاته والمفروض أن يكون له الإشراف ، فإذا تكررت الانحرافات وزادت عن الحد الذى يمكن أن يكون جائز أصبح مسئولأ سياسيا عن هذا ، فإذا كنا قدمنا أو قدم الأخ المستجوب ألف تقرير ، تدل على التعذيب بالكهرباء وفى مناطق العورة وفى مناطق العفة وهذا كله يدل على أن المسئولية أساسا هى مسئولية السيد الوزير، .

وبذلك فإن الحوار الذى دار بين المهندس إبراهيم شكرى رئيس التحالف والمستشار مأمون الهضيبي والوزير قد دار بين الاتهام والدفاع . اتهام الوزير بالتلميح الواضح بأن الإخوان المسلمون يمولون الإرهاب والتطرف والعنف الدينى وذلك لتحقيق مسعاهم نحو الحكم عن طريق رفع شعار الخلافة الإسلامية ومحاولته للدفاع عن سياسته الأمنية العنيفة التى نتصدى لحركتهم السياسية خارج البرلمان .

ودفاع الإخوان ودفعهم لهذه الاتهامات ومسعاهم نحو تثبيت وتأكيد سياسة التعذيب التى يتبعها الوزير فى المعتقلات والسجون ووصل الأمر فى هذا المسعى أن الهضيبي واجه الوزء بأنه حتى لو . صحت إدعائته واتهاماته فما ارتباط ذلك بسياسة التعذيب داخل المعتقلات ؟! فإلى هذا الحد كان سعى الإخوان لتثبيت هذه السياسة على الوزير وإن كان رأى أنها سياسة حاسمة وحازمة لمواجهة التطرف وانها تمثل مواجهة عنيفة لعنف التطرف . . ولكنه أشارإليها كسياسه ولم يتحدث تفصيلا ورد فى الاستجوابين وبالتحقيقات أو التقارير .

فى كل مناسبة . لم يترك كل من الطرفين فرصة إلا أنتقد الآخرأو يوجه إليه صفعة أوكلمة نحو – سياسته أو أهدافه أو مسعاه وحركته السياسية . . وعقب المواجهة السابقة بأسابيع كان المجلس يناقش سياسة الحكومة وانتقد الإخوان والمعارضة معها .قانون الطوارىء .

ولم يفت على وزير الداخلية التعليق على هذا الانتقاد فحاوك تبرير تطبيقه الدفاع عن سياسته وأهدافها فقال : ان قانون الطوارىء يستخدم ضد المتطرفين بأنواعهم وسوف أوضح فيما بعد هؤلاء جميعأ بفئاتهم . كما يستخدم ضد من يعبث بالاقتصاد القومى سواء فى شركات توظيف الأموال أو غير ذلك فهو يستخدم ضد الخطرين بشتى أنواعهم .

ثم تحول حديثه إلى وبعد وتهديد فاستدرك بقوله : وسوف أبين فيما بعد صلة هذه الشركات بالمتطرفين وقيادتهم وسوف أذكر بالتفصيل - إذا وافق المجلس الموقر - تصرفات بعض المتطرفين فى الشيكات التى حصلوا عليها من هذه الشركات بل وسوف أذكر بعض الحوادث التى قد تمس الأخلاق أو التصرفات حتى يتضح كيف يكون هؤلاء وكيف يكون حالهم ؟

ثم أضاف قائلا : أما عن المساجد التى يقال عنها ، فهى بضعة مساجد أصبحت مخازن للمتفجرات وليس أدل على ذلك من حادث عين شمس ، وهو قريب جدأ فقد كانت المتفجرات تلقى من أحد المساجد على رجال الشرطة حيث كان مخزنا لهذه المتفجرات التى يضعها هؤلاء لإلقائها على جهات الأمن التى تعمل على إقرار الأمن .

نحن لا نهاجم المساجد ابدأ فبمصرأكثر من سبعين ألف مسجد والمساجد التى ينطلق منها هؤلاء المتطرفون ، وهم مجرمون ، لا تزيد على 20 أو ه 2 مسجدأ فى جميع أنحاء البلاد . ولن يرض مسلم واحد بأن تصبح المساجد مكانا لانطلاق المجرمين أو مكانا للاعتداء على المواطنين الأمنين .

لقد صدر(اليوم ) بيان لفضيلة شيخ الأزهر وهو بيان مهم من الأزهر الشريف ذكرأن الشغب واغتصاب المال وسفك الدماء جرأئم يرفضها الإسلام وأن واجب الأمة هو الوقوف بحزم ضد؟3 الإرهابيين ، كذلك ذكر البيان أن اتخاذ المساجد مقر لممارسة العنف هو خروج عن دين الله ، هذا ما ذكره بيان شيخ الأزهر – الذى يحترمه ويجله العالم الإسلامى أجمع – أصدره ليبين للكافة والعامة والخاصة أن هذه أمور غير مقبولة ومرفوضة ويرفضها الإسلام . ويمدو أنه لذروة المواجهة التى يعد لها مع المعارضة ، وخاصة الإخوان المسلمين . . فقال : ؟

إن هذه الموضوعات هناك بشأنها ثلاثة استجوابات قدمت من بعض الإخوة أعضاء المعارضة وحدد لمناقشتها مواعيد من مجلسكم الموقر ، وقد اغتابونى فقالوا إننى هربت رغم أننى كنت مسافرأ لمهمة أمنية فى الخارج وأنا لا أهرب أبدا ، بل لقد تعودت أن أحضر – رغم عدم تحديد المواعيد – ومعى ردودى وجاهز فى أى وقت وحقيبتى هذه بها جميع الردود على الاستجوابات التى سأدلى بها لتبيان الحقائق باستفاضة فى الوقت الذى حدد لمناقشة هذه الاستجوابات ، لأن هذه الموضوعات من الحيوية والأهمية والشمول بحيث تحتاج إلى رد تفصيلى وإن كان جاهزأ لكنه سيلقى فى وقته حسبما قرر مجلسكم الموقر) .

وسنتناول قضايا التعذيب عندما تحين مناقشة الاستجوابات ، وإلى أن يحين مناقشتها سوف نرون العجب . سترون الردود وسترون القوة والتعدى على بعض البلاد . . كما ذكر وغير ذلك من الأمور . وأنهى حديثه عند هذا الحد . . وترقب الجميع هذه المواجهة وعندما وقعت لم يكن يتوقع الجميع ايضا فداحتها .. وأبعادها . .

وفى الذكرى الثالثة لتولى زكى بدر مسئولية وزارة الداخلية حانت ذروة المواجهة البرلمانية بينه وبين الإخوان المسلمين . حيث كانت هناك مجموعة من الأسئلة وطلبات الاحاطة والاستجوابات مقدمة من بعض الأعضاء لوزير الداخلية . وكان الوزير قد نوه عنها من قبل فى اكثر من موقف أو مناسبة حديث أو انتقاد من المعارضة ، وخاصة الإخوان بل إنه كان يمهد لهذه المواجهة ويعد لها . . وقد تقدم الإخوان صفوف المعارضة لمواجهة وزير الداخلية فكان نصيبهم ثلاثة استجوابات من ربعة ، وأربعة من ثمانى طلبات إحاطة وسؤالين من خمسة اسئلة . وقد شارك بعض أعضاء الحزب الوطنى الحاكم فى الأسئلة وطلبات الإحاطة الأخرى وذلك لإحداث توازن فى مناقشة المجلس وكذلك لتعضيد الوزير عندما يشعرون أنه بحاجة إليهم بحكم انتمائهم لحزب واحد . وفى جانب الوزير فقد أعد للمواجهة وسائل وأدوات تستخدم فى البرلمان لاول مرة على مدى التاريخ النيابى فى مصر .

وأعتقد أنه من الإنصاف سياسيا وتاريخيا عرض مساحة مناسبة مما وقع على مدى يومين . . عرض كل منهما مالديه فى يوم . . وكانت أعنف وأهم وأخطر .. وآخر المواجهات التى كان لها أثارها وأبعادها البرلمانية والساسيه والشعبية.. وباستعراض هذه الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات فإنه يتبين أنها تعلق بوقائع أو أحداث وقعت فى محافظات أو قرى مختلفة وبذلك يبدو وكأن الإخوان يحاصرون وزير الداخلية كما سبق وأن حاصرهم وضربهم منعا لانتشارهم وتأثيرهم وتحديد حركتهم .. كما أن الإخوان يسعون إلى الكشف عن سياسته ووسائله القمعية أو الردعية القاسية على مستوى جغرافى واسع مما يؤكد وجهة نظرهم فى انها سياسة عامة تستهدفهم على مستوى الجمهورية أيضا . فأما عن طلبات الإحاطة فالأول منها قدمه العضو محمد فؤاد عبد المجمد عن الحصار الذى ضربته قوات الأمن المركزى يوم الثلاثاء 6 من نوفمبر سنة 1988 على قرية أبو عمر مركز كفر الشيخ لمدة خمسة أيام والإجراء ات التى تلت ذلك ونجم عنها قتل مواطنة واعتقال 22 مواطنا بعد الافراج عنهم من النيابة العامة .

وثانيها من مصطفى رمضان محجوب عن قيام قوات الأمن بمحافظة قنا بتحركات لا تتفق مع الدستور ولا يقرها القانون فقد انتهكوا حرمات المنازل واقتحموا المساجد وروعوا المواطنين الأبرياء .

وثالثها من الدكتور عصام العريان عن قيام قوات الأمن المركزى باقتحام قرية الكوم الأحمر بالجيزة وضرب المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم خلال العام الماضى .

ورابعها من حسن الجمل عما دأبت عليه أجهزة الوزاره فى بعض أقسام الشرطة بمحافظة القاهرة على القيام بحملات على الأسواق والمتاجر واحتجاز العديد من المواطنين رغم عدم وجود أية أدلة ؟ للاتهام باصرار رجال الشرطة على احتجازهم باساءة معاملتهم ، بما يتعارض مع تعليماتكم فى هذا تم الشأن وذلك رغم وجود ما يثبت شخصيتهم معهم . فما الإجراء ات التى اتبعتها الوزارة لمنع هذه الأعمال التى تتعارض مع سيادة القانون وتتنافى مع مبدأ احترام المواطن وص امته ، ولاسيما أن أماكن الحجز بالأقسام لا تليق بإنسان آدمى . فما موقف الوزارة أيضآ اءزاء رجالى الشرطة المخالفين للتعليمات ،التى تقضى بحسن معاملة المواطنين .

وأما الأسئلة فهى واحدة من محمد محفوظ حلمى عن عدد الذين تم اعتقالهم فى أحداث عين شمس الأخيرة ، وعدد الذين أصيبوا أثناء القبض عليهم ؟ وأما الاستجوابات فأولها من مجدى أحمد حسين عما دأب الوزير عليه من إساءة استخدام قانون الطوارىء للتضييق على أحزاب وقوى المعارضة الشرعية على خلاف ما تعلنه الحكومة من أن حالة الطوارىء موجهة للإرهابيين وتجار المخدرات والعملة وعن بلوغ ممارسات وزير الداخلية حدا أصبح يهدد التجربة الديمقراطية ويقوض أسسها . ويرجعنا بالفعل إلى الحكم الشمولى البوليسى .

وثانيها من العضو مختار محمد نوح عن إساءة استخدأم قانون الطوارىء من جانب الوزير مما أساء وأضر بحقوق المواطنين وحرياتهم ومخالفة الدستور فى بعض مواده ، وأن هذا يشكل مخالفة جسيمة للقانون ويذهب بثقة الأفراد وأمانهم فضلأ عما يشكله من خطهر الإساءة إلى سمعة مصر الدولية وكيانها الحضارى وثالثها من صلاح أبو إسماعيل عن مدى علم رئيس الوزراء بالتجاوزات العديدة المتوالية التى يرتكبها ضد المواطنين الأبرياء السيد وزير الداخلية وإن كان يعلم فما موقفه من كرامة المواطنين المهدرة وحرياتهم المسلوبة وحقوتهم المنتصبة رغم الدستور والقوانين بل ورغم قانون الطوارىء نفسه ؟ وإن كان لا يعلم فكيف يتفق ذلك مع المسئولية التضامنية. وفى هذا الصدد تقدم أيضا على سلامة النائب الوفدى باستجواب عما وقع من أحداث دامية على قرية الكوم الأحمر مركز شرطة أوسيم بمحافظة الجيزة على يد رجال قوات الأمن المركزى ، وفى هذا أشترك فى طلب إحاطة مع الدكتور عصام العريان حول ذات الموضوع لأنهما نائبان عن محافظة الجيزة ومن دئرة انتخابية واحدة . . مما يستوجب مساهمة كل منهما فى مساءلة الوزير .

وكان الأعضاء المستجوبون قد طرحوا مساءلتهم .. وأبرز ما أشاروا إليه ما يلى :

اولأ : ذكر المستجوب على سلامة بأن قضية الكوم الأحمر هى قضية من قضايا إرهاب الدولة للأفراد يمارسها وزير الداخلية على مستوى الجمهورية ، وفى هذا الصدد أيضا ، أشار مجدى أحمد حسين عضو الإخوان إلى أن البلاد تحكم بالنظرة الأمنية الضيقة وسياسة العصا الغليظة أو ما يسمى باليد الطولى أى استخدام أقصى درجات العنف لمواجهة أبسط بادرة تحرك جمايرى . . وأعلن أنه سبق أن ناقش ذلك مع وزير الداخلية حيث قال له : إن هذه السياسة تؤدى إلى خلق جيل من الشباب المؤمن بضرورة استخدام العنف للتغيرأن عنفع الدولة هو الذى يخلق المجموعات المؤمنة بالعنف ! في وسياسة العصى الغليظة لا يمكن ان تكون بديلا للمواجهة الفكرية ولا بديلأ لحل مشاكل الجماهير ولا يمكن أن تكون درعا واقيا لأى حكومة فى العالم إلا بصورة مؤقتة خادعة .

ثانيا ان العضو مجدى احمد حسين فىمواجهه فكريه سافره اعلن ان حاله الطوارىء المعلمه ضد ، التيار الاسلامى وضد المد و الصحوة الاسلاميه على أن تسمى بالتطرف كننكر واسم ننكرى لهذه الصحوه التى لا يمكن إخفاؤها تحت هذا المسمى الانتفادى فهناك مد إسلامى أصيل على مستوى . العالم الإسلامى و مصر فى القلب من هذا العالم الإسلامى . ؟ ا والمد الإسلامى والصحوة الاسلامية موجوان فى مصر ، وهى ظاهرة أمامنا فى كل مكان وكل مظاهره العودة للقيم الروحية من التكدس فى المساجد فى مصر وارتداء الزى الإسلامى الذى لم يفرض على أحد كما فرض فى بعض الدول الإسلامية ولكن هنا حتى نائبات الحزب الوطنى يلتزمن بالزى الإسلامى دون أمر تنظيمى والعكس على الرغم من الحملات الإعلامية التى لا تشجع هذا ، وهناك أتباع السنة فهده الصحوة الاسلامية هى الأساس ، فهناك انزعاج من النظام الحاكم والحكومة من هذا المد ولا تدرى كيف تتعامل معه فواجهت وزارة الداخلية هذه الظاهرة الأصيلة في والتى لا يمكن مواجهتها بالعنف فلابد من الاستجابة لهذه الإرادة الشعبيه ، لابد من الاستجابة وأن يكون الإسلام هو الأصل فى بناء هذا المجتمع فى نظمام الحكم والاقتصاد والثقافة والتعليم وأن يكون القرآن هو الدستور الفعلى وأن يكون القانون الوضعى مشتقأ عنه وليس منقولأ من التشريع الغربى! والأوربى مع تحويرات أخرى . ! .

ثالثا  : تحدث مجدى أحمد حسين بهوية واضحة عن مسعى وأهداف الإخوان المسلمين وإن كان قد تحدث تحت مسمى التحالف الإسلامى حيث قال : نحن هنا كتحالف إسلامى فشلنا فى اقناعكم باتخاذ أى خطوة – كحكومة – تدريجية لإلغاء الخمور . كما فشلنا فى اتخاذ أى قرار نحو ما يسمى بالتدرج فهناك شعار التدرج نحو تطبييق الشريعة مضى عليه ثلاثين عاما ؤاتساءل ما هى ؟ ! الخطوة التى اتخذت بشان هذا التدرج ؟ لا توجد ، فأين الزكاة والموقف الإسلامى الرسمى وعلاقتهابالاقتصاد . فالصراع الآن متبلوربين الحركة الاسلامية والمد الاسلامى وفى القلب منه التحالف ألإسلامى الذى تمكن من التمثيل فى مجلس الشعب وليس بين الكفار .

وأما التنظيمات الصغيرة الإرهابية التى تؤمن بالإرهاب المسلح فهى ظاهرة أولأ محدودة كما يقول بعض المسئولين يعنى عند إعلان حالة الطوارىء يعلن عن عدة قضاياويعنى أن البلد على شفا جرف هاو وبعد موافقة مجلس الشعب على المد تصدر تصريحات فلنطمئن بأن هذه حوادث محدودة إذن نحن نقول إن الكلمة الثانية هى الصحيحة وأنها حوادث محدودةلاداعى للمبالغة فهذه الظواهر موجودة فى كل زمان ومكان وتتفرع عن كل التيارات الفكرية والأيديولوجية ولا تتفرع عن الإسلام بالذات أو الحركة الإسلامية! .

رابعا : وعن تطلعات الإخوان وطموحهم نحو الحكم يقول مجدى أحمد حسين : 5صراحة لاتوجد حالة طوارىء تستمر ثمانى سنوات .. حالة الطوارىء ستة شهور أو أسبوع أو أسبوعين .. حرية الكلام فى صحف المعارضة ويبقى صوت المعارضة مسموعا لها أن تتحدث ، ولكن فى داخل المقرات فقط ولا تمثل نظاما ديمقراطيا وهذا لا يمثل نظاماديمقراطيا . لابد من تهيئة المسرح للتغيير السلمى، لأن الحزب الحاكم ليس مخلدا فى الحكم وهذا من طبيعة الأشياء ومن سنة الله فى خلقه وإلا حدثت تغييرات بالعنف من خارج السياج القانونى أو الدستورى ، ووزارة الداخلية والممارسات الحكومية تتعامل مع المعارضة على أنها ليست شرعية وأنها ليست جزءا من النظام تتعامل معها بقوات الأمن مباشرة وهى الأحزاب الشرعية المعارضة ولا توجد وزارة ولا حزب حاكم ولا أى مؤسسات أخرى إلا قوة الأمن للتفاهم مع أحزاب المعارضة وساق مثلا لحديثه قائلا : وقف العمل بكل مواد الدستور الخاصة بالحريات أو جعلها مرتبطة بتقديرات وزير الداخلية يعنى عندما نرجع للدستور نجده يقرر حق الاجتماع فى حدود القانون . لا فى حدود موافقة وزير الداخلية .. فعندما نعقد مؤتمرا ، هذا يوقف على موافقة وزير الداخلية الذى يوافق لى مرة ويرفض لى مرات كثيرة . وأنا نائب الشعب ولا أستطيع أن اكلم الناخبين فى دائرتى . انا معلق بموافقة الوزير لا أقابل ناخبى إلا بموافقته .

حانشتغل فى أوض احنا هاننتخب بعض مش لازم ننزل للجماهير يقول لكم سرادق هو أحنا بنشحت نيجى تحرك روح نصلى فى جامع تليفونات من أمن الدولة ما تروحش تصلى يا سيدى دى حملة انتخابية وأنا عضو مجلس الشعب - لا ما تروحش تصلى فأنا حر ورحت اللى حصل يجيب لى قوات عشان أصلى لوحدى فى الجامع ويطفش الجمهور من حوالين مع أن دى حملة انتخابية وبنقول عاوزين ديمقراطية . حملة انتخابية ما رحش فيها حد اللى كان فيها من عندنا مرشحنا محمد السلمان مارحش كانت نسبة الحضور 2 % لأن الناس شافت .. إذا كانت العينة باينة من أولها أهى يبقى انتخابات أيه وبتاع أيه فلما الشباب يشوف المعارضة الشرعية بتتعامل كده ييقى أيه اللى حا يرميه على الشرعية . . شرعية أيه ده أحنا مش عارفين نتحرك هو حجته بتبقى أقوى منى يقول لى طيب فين هو أنت قادرتتحرك أنت حتى عضو مجلس شعب وتعانى ومش قادر تعمل مؤتمر أنا والأستاذ أحمد سيف الإسلام نعمل منشور يوم فى ديسمبر نقول للناس سجلوا نفسيكم فى جداول الناخبين يتقبض على الشباب بتوعنا احنا من دون العالم كله.

خامسا : ئم عرج مجدى أحمد حسين عن قضية نادى أعضاء هيئة التدريس . الذى كان من المقررأن يقوم رئيس الوزراء بافتتاح أو وضع حجر أساسى لبنائه على نهر النيل . إلا أنه قبل 48 ساعة تم اقتحام المكان بلورى والرشاشات والجنود واستولوا على أرض النادى وسورها . وتم تبرير ذلك بأنه منذ شهرين من هذه الواقعة اجتمع الورير ووزير التعليم أحمد فتحى سرور بأعضاء نادى هيئة التدريس لتصفية الجو ولم يتم التصفية كالمعتاد .

سادسا : وقد استطرد مجدى أحمد حسين مؤكدأ مسعى ورؤية الإخوان وتطلعهم إلى التنيير والحكم فقال : إن عدم الاعتراف الرسمى بالحركة الإسلامية يعرض الكيان القانونى والدستورى للبلاد للخطر لأن قوى أساسية تنمو خارجه كالجنين الذى ينمو خارج الرحم ولا تتم ولادته إلا بعملية والعملية فى السياسة هى الثورة . أقول : هذه دعوى صدق لأن القهرأو الطغيان لن يفت فى عضدنا ، بل يزيد قوى الأصيل قوة ، فالورق يحترق من النار أما الحديد فيتحول إلى فولاذ . إن هذه الحقيقة التاريخية تنسحب على كل الحركات والأحزاب السياسية الأصيلة فإن كل التضييق عليها باسم قانون الطوارىء لن يزيدها إلا انتشارا ، ولكن دعوتنا هى حماية التجربة الديمقراطية وتطويرها وفتح المجال للتغيير السلمى ، لأن التغييركما ذكرت - سنة الحياة ولن يخلد أحد فى الحكم فمن الأفضل أن يأتئ يوما سلمأ بد لا1من أن يأتى كالإعصار المدمر أو الزلزال ، وقى الله بلادنا شر الزلازل والبراكين . ثم ختم كلامه مشيرا إلى أن السيد رئيس الجمهورية هو المسئول الأول عن هذه الممارسات ، واطالبه بالاستجابة لنبض الشارع المصرى ووقف هذه السياسة سياسة العصا الغليظة ليس بإقالة وزير الداخلية ولكن - بالأساس - بتغيير هذه السياسة التى كلف وزير الداخلية بتنفيذها ، وإن قام بذللك بابداعات خاصة ، إلا أنها فى الأساس محل رضائة له بدليل استمراره فى الوزارة .ثم عرض العضو الإخوانى مختار نوح لاستجوابه وإن كان قد عبر عن هوية إنتمائه ابتداء .. وعن معاناة الاخوان فى مواجهة الأمن . وأن مسعاهم لمجلس الشعب هو لتاكيد شرعيتهم وحسن مشاركتهم فى الحوأر فقال : أرجو أن نسمو بمستوى الحوار لما فيه مصلحة مصر فنحن لا نريد إلا هى . ونحن الباحثين عن المؤسسات الشرعية والرافضين كل إرهاب ، سلكنا تلك الطرق القانونية من أجل الحصول على مستوى أمنى ومن أجل مواجهة الظواهر المرضية التى تظهر فى المجتمعات . وقد أتهم الوزير باستخدام قانون الطوارىء ويتمثل فى أربعة مظاهر وهى الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضلئية وتحدى السلطات وعلى رأسها سلطة القضاء والتى أحذر نفسى وأحذركم من أنه إذا أنهارت تلك السلطة فلا بقاء للمجتمع بعدها ويتمثل ذلك الاعتداء فى وجوه ثلاثة :

الاول : الاعتقال عقب الحبس الاحتياطى ولذات الأسباب .

والثانى : الاعتقال عقب القرار النهائى بإخلاء السبيل . والثالث : الامتناع مطلقأ عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بالبراءة أو بالإدانة على حد سواء . كما أشار مختار نوح إلى تحديد حركة المعارضة عموما والإخوان خاصة وحصارها فى أضيق نطاق ، فذكر أن حرية التنقل مكفولة بمقتضى الدستور وبمقتضى القانون محمية ، ومع ذلك أتيت لكم بإحصائية بسيطة فى عام 986 1 قدم حوالى 94 طعنا إلى القضاء للمحكمة الإدارية منها 0 4 طعنا لأسباب سياسية ، أى لأسباب تتعلق بالرأى منها قرارات بالقبول فى الأربعين طعنا بنسبة 100 / وفى سنة 987 1 كان هناك 56طعنآفى منع من السفروالتنقل منها 0 3 طعنآمتعلقا بالمنع لأسباب سياسية قضى فيها بنسبة 100 / وفى عام 1988 أمكننا حصر عدد غير يسير من حالات المنع إلا أن الأعجوبة الكبرى أنه بالرغم من توجيهات السيد الرئيس حسنى مبارك لتصفية قوائم الممنوعين من السفر والتى أحملها أيضا كوثيقة تبين أنها سياسة وزير الداخلية - بالرغم من توجيهاته الى السيد اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية الأسبق والذى قام فعلأ بتنفيذ هذه الأوامر إليه – فقام بتصفية المعتقلين وذلك وفق الخبر المنشور فى15 أبريل 1985 صفى قوائم الممنوعين ورفع اسم 3 آلاف شخص منهم وفى عام 1989 وصل ألعدد إلى ما لا يحصى من الممنوعين .

ئم تحدث صلاح أبو إسماعيل وكانت هويته واضحة وقد واجه بها الوزير قائلا : فى مجلة الوطن العربى كيف يقول وزير الداخلية إن الإخوان المسلمين ليسوا بمسلمين، هكذا قال ، ولم ينف ما قال وكيف يجهر بأنه سيدعو إلى الضرب فى سويداء القلب وتوجيه السلاح إلى الرأس وإلى المقاتل ؟!

واستشهد بالسيد وزير الأوقاف والسيد صاحب الفضيلة مفتى مصر أنه قال فى مسجد آدم إذا كنا قتلنا منهم ثمانية وعشرين ، ففد بقى لنا منهم ثمانون . وقال الوزيرأيضا فى ذات الحديث : الاخوان المسلمون فئة ضالة وليسوا بمسلمين وتتفرع عنهم الجماعات المتطرفة الخارجة على كل الاديان وأيضا:إنهم طوروا أنفسهم ودخلوامجلس الشعب . .

وهنا يبدى صلاح أبو إسماعيل دهشته واستنكاره أيضا حيث قال : سبحان الله ألم يدخلوا تحت الدستور والقانون وبإرادة شعبية عارمة . وكذلك يقول فى الإخوان المسلمين (صحفيون وحزبيونومعارضون ماتت ضمائرهم لا يوءلمهم الوخز بالإبر! . ويقول : الإخوان المسلمون يتظاهرون بالهدوء، وهذا اتهام للسرائر ويقول إنهم أرادوا السيطرة على اقتصاد مصر وسيطروا على النقابات وبعض الشباب الضائع فى الجامعات والذين يمكن إغراؤهم بالنقود ، ومعهم عدد من السفاء والحقراء من أعضاء هيئة التدريس المنتمين إليهم وسيطهروا على الاعلام عن طريق دار نشر صدر لهم حكم لطبع الكتب الاسلامية المشوشة وبذلك تغلغلوا فى القنوات الاقتصادية والنقابية ومجلس الشعب حتى تجىء - هكذا قال - ساعة الصفر ليجدوا أنفسهم مسيطرين على كل المصالح وهذا ما كان يراودهم دائما ولكنهم ا فاشلون جميعا ودائما.

وأنتهى اليوم الأول للمواجهة حيث اكتفى رئيس المجلى الدكتور رفعت المحجوب بذلك على أن يقوم بالرد وزير الداخلية فى اليوم التالى .

وبذلك حبست الأنفاس ترقبا لموقف الوزير ورده وأسلوبه المعتاد فى السخرية والتهكم والهجوم اللفظى. . فماذا حدث ؟!

إلا أننا يمكن بلورة أهم الخطوط وأبرز النقاط التى جاءت بها انتقادات الإخوان فيما سبق حيث أنهم :

أولأ : أكدوا بأن السياسة الأمنية تحاصرهم فى الشارع السياسى منعا للحركة والتأثير .

ثانيا  : لم يخفوا أن الهدف من هذه الحركة ، هو الحصول على أكبر وأعلى مساحة ونسبة تصويت من الجمهور وذلك لتحقيق الهدف الطبيعى للتعددية الحزبية وهو الوصول إلى الحكم بالطريق الديمقراطى السلمى .

ثالثا : أكدوا على أن العنف لن يأتى معهم بنتيجة تفيد النظام الحاكم ، بقدر ما ستزيدهم إصراروعنادأ على استمرارهم فيما يسعون إليه .

رابعا : استندوا على مخالفة الحكومة للدستور والقانون فى منع هذه الحركة خارج مصر أيضا حيث أبرزوا الطعون القضائية والأحكام التى قررت ذلك . .

خامسا : أن السياسة الأمنية ستفشل التجربة الديمقراطية التعددية بمعنى عام وإن كان ذلك يتضمن - بالتلميح - التجربة الديمفراطية التى قبل الإخوان خوضها مع النظام الحاكم من خلال تجربتهم البرلمانية . فإذا ما فشلت فإنه بذلك يلغى هذه التعددية ويعود بالدولة إلى النظام الشمولى .

سادسا : وإذا كانت السياسة الأمنية تضرب التيار الدينى الشرعى من خلال حصانته البرلمانية وحركة السياسة المعلنة فى الشارع ، فإن ذلك يعنى خوف الشباب والمجمهور من المشاركة أو الانضمام إلى هذا التيار الشرعى المعلن . مما يدفع بعفمهم إلى العمل أو المشاركة مع التنظيمات المتطرفة الإرهابية. وعدم الاعتراف بجدية الدولة والثقة فى سياستها المعلنة نحو الترحيب بالعمل المعلن .

سابعا : أنهم لا يرضون أن يكونوا فى البرلمان مجرد تعبير عن ديمقراطية الحكم ولا تعبيرا سياسيأ حضاريا معاصرا أمام العالم الخارجى فقط . . إنما ممارساتهم تعنى المشاركة فى التطور الديمقراطى والسياسى حتى يصل بهم ذلك إلى الحكم . ويعدون ذلك أمرأ طبيعيا طبقا للتطور وسنة الديمقراطية فى التغيير التى هى فى الأصل سنة الله فى التغييرات المتعاقبة . وبذلك فهم يربطون بين نتائج الديمقراطية فى التطور والتغيير بإرادة الله ومشيئته فى خلقه ، وبذلك يكون اتساقا مع سنن الله وتشريعاته ولا غالب لأحد فى ذلك . ولهذا يرون أن التعبير السلمى أفضل دائمأ للدولة .

وفى اليوم ألتالى للمواجهة .. خصص لرد الوزير حيث أشار أن هناك اتجاها لهذه الأسئلة وطلبات الإحاطة والأسئلة ، يجمع بينها التاكيد بأن أجهزة وزارة الداخلية تسىء استخدام السلطات المخولة لها وتتجاوز فى إجراءاتها ، لأنها تأخذ بسياسة متسلطة ومتعسفة فى تعاملها مع الأحداث والأشخاص (50) .

وأستدرك : إذا كانت السياسات بوجه عام توصف بالتشدد أو التساهل أو الاعتدال فإن هذه الأوصاف تصبح بلا معنى إذا انعزلت السياسة عن الظروف التى وضعت من أجلها وعن الأحداث التى تواجهها .

ومن هنا - كما يرى - فإن علينا فى كل موقف قبل أن نناقش ما الذى فعلته الشرطة أن نسأل أولأ ما الذى واجهته المشرطة لنتحقق من ذلك التناسب الضرورى بين الأفعال وردود الافعال ؟

وبعد عرضه لما حدث فى قرية الكوم الأحمر ومحافظة كفر الشيخ من وجهة نظره بتنفيذ القانون وحماية رجال الشرطة لأنفسهم ليتمكنوا من أداء واجبهم. . فقد توجه بتساؤل للمجلس قائلا  : ما الذى يبقى من إلدولة كدولة ؟ ومن المجتمع كمجتمع ؟ إذا فقدت الشرطة هيبتها وضاعت مهابتها وشاعت الاستهانة بها والاعتداء عليها .

إن مهابة رجل الشرطة امتياز شخصى أيها السادة ولكن هيبة الشرطة هى بذاتها هيبة الدولة وسيادة القانون .ثم رد على ما طرحته المعارضة الشرعية من مخالفة الدستور وسوء استخدام قانون الطوارىء فتساءل مستنكرا: ما ألذى فعله قانون الطوارىء بالمعارضة الشرعية ؟ هل منع اجتماعاتها أو فض هذه الاجتماعات برغم ما يتردد فيها من إثارات وافتراءات ؟

لدينا الأمثلة لاجتماعات حزبية فى مختلف المواقع كانت تدور كلها حول الهجوم على السلطة السياسية ونظامنا الوطنى وكان دور الشرطة فيها هو تأمينها وحمايتها من الجماهير المثارة من أساليبها وتصرفاتها. ثم هاجم المعارضة باتهام صريح لرقابتها البرلمانية قائلا : إن هذه الاستجوابات وبعض الأسئلة وطلبات الإحاطة تعلن التأييد والمعاونة وتقصد الدفاع والمساندة لعناصر التطرف والإرهاب وبينهم من ينتسب إلى بعض الأحزاب الشرعية وينتمى إليها ويحتمى بها ، وقد لوح مهددا بإعلان هذه الاسماء. . ولكنه لم يعلنها .. ثم عاد يؤكد أن كل من يمارس العنف والإرهاب من المعارضة الشرعية وغير الشرعية سوف ينطبق عليه ألقانون بأقصى ما تسمح به إجراءاته .

ثم ألمح بالهجوم على الإخوان المسلمين قائلا : إننا لن نسمح لعناصر العنف والإرهاب أن تستغل الديمقراطية وأن تتخفى وراء الأحزاب الشرعية والنقابات المهنية لإثارة الفتنة ونشر الفوضى وتهديد سلامنا الاجتماعى فليقتنع من يريد أن يقتنع وليغضب من يشاء كما يشاء ولكن الديمقراطية لن تكون الفوضى أبدا ولن تكون الخروج على القانون أبدأ .

ولن يحتمى بها من يريد أن يتحدى الثمرعية والنظام أبدا .

ثم أشار إلى أنشطة جماعات التطرف والإرهاب فى ثلائة مواقع بذاتها وردت فى استجواباتوأسئلة من الأعضاء .

وعن حركة ونشاط المعارضة قال : إن وقت المجلس لا يتسع لإيراد مئات الأسئلة التى تنقض هذا الادعاء ولكنى أقول :

اختاروا من شئتم من أسماء المعارضين داخل هذه القاعة الذين يدعون أننا نحد من حرية تنقلاتهم لأعرض على حضراتكم ودون إبطاء تحركاتهم داخل البلاد وخارجها والاجتماعات والندوات التى لا يتوقفون عن عقدها والمؤتمرات التى يشهدونها وماذا يقولون فيها ؟!

وعن الاعتداء على حرمة المساجد وتهديد المصلين والعاكفين فيها ؟! قال إن فى مصر ما يزيد على 70 ألف جامع ومسجد وفيها ما يزيد على ألفى جمعية إسلامية تنشر الهداية وتعلم القرآن فلماذا تترك الشرطة عشرات الآلاف من المساجد وإلجمعيات لتختار أعدادآ محدودة ومحددة تعتدى على حرمتها وتهدد سلامة المصلين فيها .

ثم استطرد باستنكار قائلا : أاترك الجامع ليكون مخزن!ا سريا لمفرقعات تضبطه النيابة بمعرفتها ، أاترك الجامع ليكون متجر مخدرات كما حدث فى الاسكندرية حتى يحتمى فيه تاجر المخدرات .

من قال هذا ؟! ثم أضاف بقوله : واقع الأمر أن عناصر التطرف والإرهاب اتخذت بعض المساجد فى المحافظات مركزا لنشاطاتها يستخدمون منابرها للقذف والسباب ويتخذون صحونها مواقع للتغرير بالشباب إلمسلم واجتذابه إلى أفكارهم المتطرفة وآخرها ما تم ضبطه بمسجد آدم بمنطفة عين شمس. وقال : ما المطلوب من أجهزة الأمن ؟ هل ينبغى أن نتركهم يخططون ويتآمرون ويبدأون عدوانهم من داخل المساجد على قوات الشرطة دون أن تتحرك لمواجهتهم بدعوى عدم المساس بحرمة المساجد ؟ ! ومن الذى يعتدى على حرمة المساجد ؟ ! المتطرفون الذين يستخدمونها أوكارا لعدوانهم ومخازن لأسلحتهم أم رجال الشرطة الذين يطهرونها من عناصر البغى والعدوان .

وتاكيدا لشرعية سياسته وتنفيذها قال : لقد أجمع فقهاء المسلمين على حرمة بيت الله الحرام فى مكة المكرمة ولكنهم أضافوا لذلك قولهم إن الحرم لا يعيذ عاصيا - خلوا بالكم وده بيت الله الحرام مش مسجد آدم ولا أى مسجد آخر ؟! الحرم فى مكة خلوا بالكم - لا يعيذ عاصيأ ولا فارا بدم ولا فارا بجناية فكيف نعطى لمسجد آخر حصانة وحرمة ليست للمسجد الحرام ذاته ؟ وهذا قول عمر وابن سعيد بن العاص فى الصحيحين .

إلا أنه أيضا أعلن إتهاما صريحا لمقدمى الاستجوابات والأسئلة وطلبات الإحاطة والأسئلة دفاعا وحرصا على جماعات التطرف والإرهاب ما الذى يعنيه بالنسبة إليهم ، إنه يقول لهم : واصلوا مسيرتكم تابعوا عدوانكم نفذوا مخططاتكم فنحن وراءكم نؤيدكم وندافع عنكم ونحمى ظهوركم ليتهم يكتفون بهذا التأييد الظاهر والباطن ولكنهم يتنافسون فى إضعاف القوة التى تتصدى لهؤلاء المتطرفين وتحول بينهم وبين أهدافهم فى هذا الوقت بالذات بينما تواصل الشرطة أشرف معاركها تتعرض لحملات ضارية من التنديد بجهودها والتشكيك فى إجراءاتها واختلاق الإدعاءات والأكاذيب لتشوية صورتها .

وعرج على موضوع نادى أعضاء هيئة التدريس : فقد شرح ان أرض النادى مخصصة لشرطة المسطحات المائية بعد إنتهاء المهلة التى تحددت فى قرار تخصيصها للنادى لإقامته ، ومن ثم فإنها تخص الشرطة كما أن النادى حصل على منطقة أرض أخرى .. إلا أنه فى ثنايا حديثه يصرح بوجه سافر عن دواعيه ودوافعه لذلك وإن لم يقل ذلك .. إنما هى تبدو جلية واضحة من حديثه الآتى : وبالمناسبة رئيس النادى وبعض أعضائه من الناس "اللى بيسموا أنفسهم إخوان مسلمين فقاطعه احدهم وهو الدكتور محمد السيد حبيب متسائلا : وماله فيها ايه ) إلا أن الوزير يؤكد رفضه لهذه " -التسمية" فيرد متهكما دى بالمناسبة لا ليس فيها حاجة ليس عندنا حاجة اسمها إخوان مسلمين .

فقاطعه أحدهم أيضا وهو العضومحمد محفوظ حلمى غاضبا صائحأ :

موجودون غصب عنك . . مسلمون فى كل مكان . . فى مشارق الأرض ومغاربها . فطلب منه رئيس المجلس عدم المقاطعة. . إلا أن المهندس إبراهيم شكرى تساءل مستنكرا : ايه ده سيادة الرئيس .

ثم اقترب الوزير أكثر فاكثر من الهجوم السياسى على الإخوان وقام بتصعيد أكبر عندما بدأ يمهد لعرض أحد الأدلة الطاعنة فى أحدهم قائلا : قالواعن الشرطة وتقولوا عليها ومازالوا يقولون اكبرت كلمةتخرج من افواههم إن يقولون إلا كذبا ، إلا كذبا ، إلا كذبا .

فأثار ضجة وصياحا من العضو محفوظ حلمى والدكتورمحمد السيد حبيب قائلين : هذا عبث -بايات الله دى أسوأ أيام تمر بها مصر .

إلا أن الوزير فى ذروة هذا التصعيد قال : إننا نستطيع أن نقول بالحق والعدل ما هو فيهم بالفعل ولدينا الكثير والكثير ونستطيع أن نتحدث عن واحد من هؤلاء الذين قال فيهم الشيخ محمد عبده لبسوا الإسلام على أجسامهم ولم ينفذ منة شىء إلى ضمائرهم وعقولهم " .

نستطيع أن نتحدث عنهم من خلال واقعة ضبطت أخيرأ تتصل بالاتجار بالعملات الصعبة فى السوق السوداء .

وعندئذ ضرب الوزير بقبضته على المنصة مرتين وكأنه يعلن عن لحظة صدامه معهم . . حيث استطرد من أجل إعلان هذا الصدام فقال :

ونستطيع أن نتحدث عن وجهه المزدوج مع شركات توظيف الأموال التى اغتالت أموال اليتامى والأرامل يقول عنها فى إحدى خطبه بمسجد بدوى عطية بالمنوات - خلى بالكم بالكلمة وبالمسجد وبالقرية وبالحق - والمستندات عندنا .

إنها تتعامل بالربا - شركات توظيف الأموال - هذا ما يقوله فى الخطبة التى يذهب ليهيج بها الناس على الحكومة بينما يتقاضى منها عشرات الآلاف من الجنيهات دون تردد أو تحرج.

وهكذا نجد تعاليم الإسلام فى أقواله ونفتقدها فى أفعاله اكبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ، كما أضاف قائلا : نستطيع أن نتحدث كذلك عن محرر فى صحيفة معارضة تعود أن بنشر صور التعذيب وصور المستندات التى ينسب صدورها إلى أجهزة الداخلية ويشاء الله أن تنكشف الحقائق قبل أيام ويعترف المحرر فى حديث مسجل بإذن القضاء .

فسأله رئيس المجلس : القضاء أم النيابة فأجابه الوزير القضاء والنيابة . ثم صاح الوزير وعرض على المجلس أن يأذن له بعرض جزء من هذه ألتسجيلات .. فصفقت له الاغلبية إلا ان رئيس المجلس عرض الإذن برفع اليد حتى يؤكد إدارته للمجلس ولا يفلت الأمر منه ليد الوزير فرفعت الأغلبية يدها .

وعلى الفور ثارت ضجة فى صفوف المعارضة . . وطلب محمد المأمون الهضيبي الكلمة للحديث فى اللأئحة .. ووسط هذا الضجيج تفتح باب قاعة المجلس لينقل إليها ثلاثة أجهزة تليفزيون وجهاز فيديو وجهاز كاسيت ووضعت على المنصة .. ومازالت الضجة مستمرة . . من جانب المعارضة ترفض هذا الإجراء ووسط صيحات الرفض ومقاطعات المعارضة وانفعالاتها ورغم كل هذا وبإرادة رئيس المجلس الصارمة بالعرض ، فقد استمع الأعضاء لمكالمة تليفونية بين العضو صلاح أبو إسماعيل وأحد معارفه وهم يتناقشون فى سعر الدولار واحتياجه إلى بعض منه ، اعتذر العضو له .

رفى مواجهة رفض المعارضة لذلك كان رئيس المجلس يردد لهم : (إنكم لا تطيقون الرأى الآخر، "لماذا تخشون الشىء قبل سماعه (تتكلمون ولا تسمعون ) ثم وجه كلامه لمأمون الهضيبي قائلأ : "أستاذ مأمون أنت اعترضت وقد أخذنا القرار وخلاص أنت اعترضت والمجلس لم يوافق لا تستطيع أن تتكلم فى المجلس أنت لن تتكلم فى المجلس .

إلا أن الهضيبي صاح فيه قائلا : هل نحن نحاكم الآن عضو مجلس شعب أم نستجوب وزيرأ ؟ حضرتك فى مجال محاكمة عضو ؟ وكرر ذلك عدة مرات .

فعاد الهضيبي يقول بغضب شديد : هذه جريمة ترتكب ضد الحصانة .

وأضاف إليها زميله الدكتور حسن حسين قائلا : كيف يسجل ويتجسس علينا ؟ هل أخذ الإذن فالتقظ الوزير هذا التساؤل وأجاب قائلا : التسجيل ليس لصلاح أبو إسماعيل .

صلاح أبو اسماعيل عنده حصانة . التسجيل لواحد تاجر عملة من تنظيم الجهاد بيكلم صلاح أبو إسماعيل .

منه فلوس عملة صعبة .. استمعوا لعلكم تستفيدون .

وأعطى الوزير إذن النيابة لرئيس المجلس الذى صاح مؤكدا أن كل ورقة مختومة بخاتم النيابة ومن يد أن يصوره فليصوره .

وعندئذ أشار الهضيبي إلى أن النيابة هى التى تحقق فى هذا الموضوع ولا يعرض هنا .

وكرر ذلك مرة أخرى .. وأصر رئيس المجلس على استمرار الوزير فوجه كلامه للهضيبي متوعدا : لن نتعب أبدا مما تفعل ودعنى أقول لك إن المجلس قرر ولن نتعب مما تفعل وإلى الصباح حتى يتم تنفيذ قرار المجلس ولن أغادر مكانى مهما كانت الظروف حتى أمكن المجلس من تنفيذ قراره .

وأصر رئيس المجلس على استمرار الوزير فى عرض ما لديه موجها عتابا للمعارضة قائلا : دعوا الديمقراطية تكتمل مسيرتها حتى لا يقال إن المعارضة رفضت أن تسمع الحقائق وأرادت أن تفسهد الجلسة هربا من إذاعة ما لدى الوزير من مستندات أبرزتم مستنداتكم وعليه أن يقول مستنداته . فرد عليه صائحأ المهندس إبراهيم شكرى : ليس هربا ولكنها قضية معروضة على القضاء وأضاف الهضيبي صائحا أيضا : ليس هربا بل إن ما تفعلونه هوتعد على القضاء . وبعد إنتهاء عرض المكالمة التليفونية كانت لرئيس المجلس كلمة هامة ولها دلالتها السياسية وهى الهدف من ذلك العرض حيث واجه المعارضة ، خاصة عصام العريان ومجدى أحمد حسين قائلا : اوأنتم زعلانين ليه ؟ الوزير يريد أن يستخلص نتيجة! .

واتساقا مع إشارة الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب إلى نتيجة، أرادها .. وسعى إلى تحقيقها وزير الداخلية واستخلاصا من رده يمكن التنويه إلى : أولأ : أن تصريحات الوزير السافرة بأن لديه كل معلومة عن حركة وتنقلات أى عضو معارضة من أعضاء المجلس سواء فى ندواته أو مقابلاته أو زياراته أو ماشابه ذلك . . وبالطبع ربما وصل الأمر إلى التصنت على التليفون ولكنه لم يشأ إعلان ذلك لمخالفته السافرة للقانون وللعقدة التى يشعر بها الشعب إزاء هذا التصنت والذى كان فى فترة الخمسينيات والستينيات سافرا فإن ذلك يعنى أن السياسة الأمنية تعمل بمقتضى الشك فى حركة الإخوان فى الشارع السياسى من جانب ، ومنع هذه الحركة من أى تأثير ايجابى يحقق لهم مكاسب سياسية وهذا الشك مبعثه يقين الوزير بأنهم يسعون من ذلك إلى الحكم . . وهذا ما يتصدى له بكل قوة وعنف وأى أسلوب يرى أنه شرعى طبقا لما يسعى إليه .

ولاشك أن تصريحه يحمل معنى التحدى لهم وفى نفس الوقت يشكك فى مدى اعتبارهم جزءأ من نسيج الممارسة الديمقراطية الجارية فى مصر رغم أنهم حصلوا على الشرعية البرلمانية وتمثيل الجماهيرإزاء السلطة وأبرزها ذلك الوزير . ومن جانب آخر. وقد ألمحت به المقاطعات اثناء حديثه أن هذه البيانات والمعلومات التى يحصل عليها بالمراقبة فإنها غير قانونية لأنهم يحملون الحصانة البرلمانية ..

ثانيا : ويبرر الوزير هذا الصدام أوأتخاذه إجراء ات قاسية ، خاصة فى منعهم أو إعاقتهم عن الحركة السياسية بين الجماهير ، انه يقصد بها حمايتهم من الجماهير نفسها وإن المنطق السياسى يقتض منه وهو الخصم أن يتركهم لمصيرهم الجماهيرى . خاصة أن الجماهير عندما تتخذ موقفا من أى قوى سياسية فهى لا تؤثر أى تصرف الجابى إزاءها بل تكون دائما فى موقف سلبى بما يحمل من تجاهل ولا مبالاة . . وما شابه ذلك .

ثالثا : حاول الوزير توجيه إتهام فى مقتل حيث أكد كما سبق وأشار فى أكثر من مناسبة ارتباط بعض أعضاء مجلس الشعب من الإخوان المسلمين بعناصر التطرف والإرهاب هذا من جانب ، وبأن الممارسة البرلمانية للإخوان الهدف منها حماية وتدعيم هذه العناصر من جانب آخر .

وهذا ما يخالف تصريحاته السابقة منذ سنوات وأثناء الانتخابات عام 1987 والتى أشرف عليها وبها دخل الإخوان للبرلمان حيث كان يردد أنهم يمثلون التيار الدينى المعتدل .

وأن لهم تاريخأ سابقا فى الدعوة . وسيكونون عونا للبرلمان فى إحدى لجانه لتقنين الشريعة الإسلامية .

الا أنه بذلك حاول التشكيك فى صحة ودستورية وقانونية ممارستهم البرلمانية والتى يستغلونها لتغطية التطرف والإرهاب .

وبذلك يصل أيضا إلى إثبات فشل التجربة البرلمانمية للإخوان المسلمين أمام السلطهة السياسية العليا بالدولة .

واستبعادهم من النظام السياسى ليكونوا قوة سياسية خارج النظام وبذلك تكون لديه الفرصة كاملة لمواجهتهم وربما لتصفيتهم .

إلا أنه لم يدرك المتغيرات والتطورات التى جرت بمصر منذ تولى الرئيس السادات السلطة والإفراج عنهم من المعتقلات والسماح لهم بممارسة شىء من السياسة تحقيقا لتوازنات سياسية فى الدولة ثم ترحيب الرئيس حسنى مبارك بهم كقوة سياسية شرعية يمكنها أن تخوض التجربة البرلمانية ليكونوا جزءأ من نسيج النظام السياسى للدولة .

رابعا : أن الوزير قد أشار إلى عدد المواقع التى تجرى منها عناصر التطرف والإرهاب مخططاتها وعنفها وأن عددها لا يتجوز ثلاثين مسجدأ من 70 ألف جامع .

وإذا كان بذلك يهون من حجم إجراءاته الصارمة فى الجوامع بذكره لهذا العدد ، فإن ذلك يؤكد أيضا من جانب آخر مدى ضآلة الإرهاب والعنف بالنسبة لحجم المساجد فى مصر .. وبالتالى مدى ضآلة حركة الإرهاب فى مصر ، وأيضا فإن مفهوم الإرهاب والعنف لديه ربما لا يكون إرهابا أو عنفا بالمعنى الحرفى للتعبيرين .

ولذا فإنه من المبالغة أيضا أن يردد أن الإرهاب والتطرف يؤديان إلى إحداث رعب كبير فى مصر .

خامسا : أن بعض عناصر الإخوان تقوم بزيارإت ولقاء ات معلنة فى المساجد . وكذلك بعض المتعاطفين معهم من الدعاة .

ولاشك أنهم ينتقدون الحكومة فى بعض أو جزء من سياستها فى مجال أو آخرأو فى موقف أو آخر . . وهذا يبدو طبيعيا لوأننا عرفنا أن هذا الانتقاد أحيانا يقول به دعاة آخرون لا ينتمون إلى الإخوان ولكنهم يقومون بذلك لربط الدنيا بالدين ، وهم فى عشرات الزوايا الصغيرة ومساجد أخرى .

إلا أن الانتقاد المعلن فى مسجد ربما يكون اكثرتأثيرا من الانتقماد المذاع أو المعلن فى موقع آخرنظهرا لقداسة المسجد وربط الحياة بالدين وإلى اى مدى تلتزم الحكومة فى سياستهما بالعقيدة الإسلامية .

بل لعلنا نذكرأن بعض الدعاة فى هذا الصدد يوجهون الانتقاد للجمهور نفسه فى بعض السلوكيات والعلاقات العائلية والاجتماعية والاقتصادية أيضا .

ومن هنا فإن لهذا الانتقاد تأثيرا يصل إلى تنوير الجمهور بالخطأ والصواب والحلال والحرام .ولذلك فإن هذا التأثير هو الذى يقاومه ويتصدى له وزير الدخلية .. وبذلك فإنه يحاول منعه قبل بثه أو إعلانه مسبقا .

وهذا ما حاول الوزير أمام البرلمان أن يقول عنه انه سباب وقذف فى الحكومة وتهييج الجماهير . ولاشك أن مواجهة الانتفاد إما أن يكون بالحجة المقابلة أو المضادة أو الإنخاز الحقيقى الذى يكون أبلغ حجة فى مواجهة أى انتقاد .

سادسا : وأما ما يتعلق بمحاولاته المستمرة لإنكار مسمى الإخوان المسلمين .. فليس سهلا أن يتجاهل أو يحاول طمس قوى سياسية يصل تاريخها إلى ما يزيد عن نصف قرن ولاشك أن محاولاته هذه هى أبلغ الوسائل تأثيرأ ولكن بصورة عكسية لما تستهدفه . حيث أن هؤلاء الإخوان يعيشون بين الجماهير بهذه الهوية .

سابعا إلا أن الوزير قدم اوعرض دليلأ ضيفا حول قيام عضو بالإتجار فى العملة الأجنبية . . وذلك لأنه لم يكن لديه قرائن.. كافية أو مناسبة لإقناع النيابة العامة بالإذن لإثبات - واقعة الإتجار - من خلال التصنت التليفونى أو حتى الإثبات فى حالة التلبس .

وقد تحايل على ذلك باستصدار الإذن من النيابة للمتحدث الآخر . وبالطبع فإن النيابة العامة لا تعلم مسبقا بالمتحدثين مع المسموح بالتصنت على تليفونه ربما يكون وزيرأ أو غفيرأ . ومن هنا حاول الوزيرتصيد العضو فى مخالفة وإن كانت شائعة .

ليس الغرض منها الاتجار - كما هو معروف - بل تصريف العملة الأجنبية بأقصى قدر من العملات المحلية خارج البنوك . وإلا إذا كان لديه قرائن أو ما شابه ذلك لاستطاع إلثبات ذلك على العضو بأسلوب مباشر .

وبالطبع يمكنه قياسا على ذلك التصنت على أى عضو بالبرلمان من خلال التصنت على الأشخاص المتعاملين معهم وبذلك يصل إلى فحوى هذه الاتصالات .

وبذلك يتحايل على القانون لأنه يمس عضوأ بالمجلس ولعل هذا الدليل يكون ضعيفآ أمام القضاء أنه إجراء باطل يخالف لائحة مجلس الشعب وحصانة العضو البرلمانية.

إلا أن الوزير - كما أشار بذلك رئيس المجلس - سعى إلى استخلاص نتيجة . . حتى لو كانت عن غير الطريق القانونى يطعن بها فى تصرفات أو سلوك عضو بالمجلس .

وإنما فى إطار تعاملات مادية فإن هذا يؤكد عدم قدرة الوزير أو عدم إمكانية الحصول على أى دليل يساند إدعاءه بأن هولاء الإخوان يؤيدون أو يساندون التطرف والإرهاب لإن جرئم الإرهاب لها وسائلها وأدوات إثبات أخرى إن كانت قائمة بالفعل كما ردد إدعاءاته بالمجلس. وحيث أنه يعتقد ذلك إنما يطلق إدعاءاته أو اتهماماته بلا دليل أو سند قانونى فإنه بذلك يلجأ إلى ما يخص العضو فى حياته الشخصية أو الخاصة .. ولعل هذه الحياة تتمتع بحصانة دستورية كبيرة .

فليس فيها شىء إلا بإذن قضائى كما نص الدستور وليس القانون على ذلك . إمعانأ فى حماية واحترام الحياة الشخصية والخاصة للمواطن .. من جراء ما عاناه فى عهود سابقة حيث نظام الحكم شموليا .. فرديا .. ديكتاتوريأ .

ولاشك أن ما عرضه وزير الداخلية لا يأخذ اتجاة مؤثرا على الرأى العام . لأنه يدرك ما يرمى إليه الوزير من فقدأن مصداقية ذلك العضو وتأثيره بين ناخبيه . . وأن الرأى العام يدرك أن بعضه يرتكب ذأت المخالفة .

وهو تصريف النقد الأجنبى وتحويله إلى نقد محلى خارج البنوك الرسمية وذلك للحصول على عائد اكثر وأكبر .. كما أن المخالفة فى ذاتها متأرجحة ببن التجريم والاباحة من حين لاخر ومن آونة لأخرى نتيجة تضارب وكثرة صدور القرارات الاقتصادية فى هذا المجال .

وبذلك فلم يصل الامر إلى ما يرمى إليه الوزير بقدر ما أن شعر الرأى العام أنه يحاول بل يسعى إلى التصيد والتلفيق للعضو وبالتالى فما دونه من مواطنين لا يحمون مكانة العضو فإن ذلك أدعى للشعور بالخوف وعدم الأمان من تصرفات هذا الوزير .

وعلى ذلك كما أعتقد فإن النتيجة لم تفعل فعل السحر ولم تحرج العضو ، وجاءت النتيجة كما سعى إليها الوزير وباركها رئيس المجلس. . فى غير موضعها الفعال .. بل تكشف عن وسئل الوزير وتفكيره ومواجهته لعناصر الإخوان المسلمين ومن ثم يفقد جانبا من مواجهته ، حيث بدا مكشوفا أمامهم . فيسهل تجنب وسائله وأدواته .

وأما المفاجأة الثانية والتى عرضها وزير الداخلية ، محاولة أثبات تزوير صور التعذيب التى تتنشر فى صحف المعارضة . وقد حاول ذلك بحديث بين صحفى بجريدة الوفد مصدر من وزارة الداخلية وجاءت صورة الصحفى وحده فيما عرض على المجلس دون المصدر .

وإن كان صوته هو الواضح فقط وفى هذا التسجيل المرئى والصوتى يبدو اعتراف هذا الصحفى بتزوير صور التعذيب فى المعتقلات والسجون والتى تنشر بصحيفة الوفد وبموافقة وتشجيع رئيس تحريرها مصطفى شردى خصم الوزير اللدود والذى كثيرأ ما هاجمه وانتقد سياسته الامنية وممارساتها بل لوحظ التركيز عليه وكذلك فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد وامتد الأمر إلى هجوم الوزير على الحياة الشخصية لرئيس حزب الوفد والتلميح بمعانى تمس الآداب العامة .. سعيأ إلى تثسويه شخصيته العامة ..

وتطاول الوزير على علاقته العائلية والشخصية ومن هنا أثار المعارضة بشدة ، ووقعت ضجة كبيرة واهتزت المشاعر حتى اندفع أحد الوفديين وهو العضو طلعت رسلان لضرب الوزير وبذلك تصاعدت ذروة المواجهة بين الوزير والمعارضة إلى درجة الافلات العصبى إلى التصادم العضلى . وكانت النتيجة إسقاط عضوية العضو طلعت رسلان وفصله من المجلس .

وفى أنجلسة التى تم فيها ذلك أعلن المهندس إبراهيم شكرى أن لتلك الجلسة التى وقع فيها اعتداء العضو على الوزير كانت ذات مناخ لا يمكن فصله عن مناخ عام داخل المجلس وخارجه . بحيث لا يمكن فصل الأحداث عن بعضها وأضاف قائلا : وأن ما وصلنا إليه لاشك أنه حصاد ممارسات كثيرة خارج المجلس وداخله ، ومن هنا عندما انعقدت الجلسة كانت كل جهة تريد أن تثبت ما قيل خارج هذا المجلس . وأشار إلى أن بعض الممارسات الأمنية او سياسات معينة تتأثر بها الدولة وتعد خروجا عن القواعد الديمقراطية والبرلمانية .

وهذه القواعد التى أشار إليها المهندس إبراهيم شكرى هى مربط الفرس أحيانا بين طرفى الصراع . . المعارضة فى جانب ، خاصة منها الإخوان والحكومة فى جانب آخر يمثلها وزير الداخلية .. لأن هذا ا ألأخير قد تجاوز حدرد الممارسة الموضوعية داخل إطار الهجوم والنقد المتبادل حول قضايا عامة . . إلى أن حاول تعرية البيوت والحياة الشخصية والخاصة للمعارضة . . وذلك ترفضه قواعد الديمقراطية الموضوعية وان كان ذلك له دلالته بأنه يمارس رقابة هذه أيضا على أعضاء حزبه سواء البرلمانيون منهم أو غير ذلك .

وييدو أن ذروة المواجهة التى وصل إليها الطرفان قد أخرجت معظم ما فى جعبة كل منهما من اتهامات وإدعاء ات وأخطاء وممارسات وغير ذلك حتى ان هذه الذررة كانت بمثابة متنفس كبير لأطراف المواجهة وعلى هذا هدأت النفوس بعض الوقت ليراجع كل منهما حساباته الخاصة مع الطرف الآخر وتحين الفرص المناسبة لمعاودة الهجوم وإن كان كل منهما يطمع إلى الإجهاز على الآخر .. وبالفعل تقدم العضو محمد المأمون حسن الهضيبي للحكومة بطلب إحصائية فى الخامس من فبراير عام 1989 ولما تأخر رد الحكومة اثار ذلك العضو الهضيبي فى إحدى جلسات مايو 1910 وأشار إلى أنه رغم الاستعجالات إلا أن وزير العدل الموجه إليه الطلب لم يرد أو يجيب وهذا مخالف للدستور وللقانون واللأئحة( 1 ) . إلا أنه تأكيدأ على المعنى الذى أشرنا إليه سلفآ وهو تحين الفرصة من كل جانب للآخر .

فإن الهضيبي طلب إحصلأئية خاصه بالمعتقين . ولكنه لم يطلبها من وزير الداخلية خصمه اللدو؟ ولكنه تحايل على هذا وطلب من وزير العدل إحصائية بالتظلمات فى اوامر الاعتقال التى تصدر من وزير الداخلية .. حيث أن إحصائيات الاعتقال ليست من اختصاص وزير العدل .

إلا أن إحصائيات التظلمات تحقق له ما يسعى إليه . . من هدف سياسى . خاصة أنه طب هذه الإحصائية خلال فترة معينة وهى التى تقع بين تولى اللواء زكى بدر مسئولية وزارة الداخلية حتى 5 فبراير 1989 ، وهذه الفترة تصل إلى ثلاث سنوات . وبذلك فهو يسعى إلى الكشف عن سياسته بعدد المعتقلين فى تلك الفترة وليس ذلك فحسب بل مدى الظلم الذى وقع على هؤلاء المعتقلين لأنه مبرر لاعتقالهم هذا من جانب .. ومن جانب آخر فقد ألهبوه استجوابات ومواجهات عن تعذيب المعتقلين أو بعضهم .

وبذلك فهو يحاول محاصرة الوزير دخل دئره سياسته وإبرازها كنقطهة سوداء فى إطار السياسة العامة للدولة – وفى ذات الوقت هى النقطة التى تمثل أوسع وأكبر خلاف بينهم – كإخوان – وبين الحكومة مما يهدد اتساقهم فى نسيج ديمقراطى واحد . ولم تجد الحكومة بد من أن ترسل للهضيبى إجابة عن سؤاله .. إلا أنه احتفظ بها حتى تحين الفرصة المناسبة للتعليق عليها وإعلانها كشفا لسياسة وزير الداخلية .

وقد وصلت إليه فى أواخر الدورة البرلمانية ثم كانت الإجازة البرلمانية حتى عاد المجلس لعقد دورته الجديدة فى أوائل نوفمبر عام 1989 . وعلى الجانب الآخر ما زال الوزير يكرر هجومه على الاخوان فى كل اجتماع أو مؤتمر .. حتى بلغ ذلك الهجوم ذروته على عناصر المعارضة من تشويه لشخصياتهم وسبهم وقذفهم بأبشع التعبيرات والألفاظ وكان ذلك فى أحد المؤتمرات الشعبية فى بنها والتقطت صحف المعارضة ذلك وأذاعته ونشرته وانهالت التعليقات الرافضة لذلك الأسلوب الخارج عن الآداب العامة وقواعد الديمقراطية أيضا. . حتى أنه بذلك أورد حرجأ شديدا للسلطة السياسية .. الأمر الذى ربما يؤدى إلى صدام يحاول كل طرف تجنبه أو إرجاءه إلا أن الوزير بسياسته هذه يقرب من هذه اللحظة الصدامية والتى يمكن أن تكون كبيرة وواسعة وشاملة وبذلك تستفحل الأمور وبالتالى فإن تصدى الوزير لمواجهتها ربما توقع الدولة فى مأزق وصراع سياسى كبير قد يتحول إلى صراع بين الإخوان وأنصارهم بل والمعارضة كلها ومؤيديها وبين السلطة السياسية التى حرصت على أن تخوص هذه التجرية بلا خسائر كبيرة أو تصادم .

وقد أكد الرئيس حسنى مبارك رئيس الجمهورية حرصه على نجاح هذه التجربة البرلمانية وأن يكون الإخوان المعارض جزءا من نسيج ديمقراطى لنظام حكمه هذا ما لم يحققه سلفه من الحكام والرؤساء .

بل أنها تمثل تطهورأ سياسيا ناجحا فى نظام حكمه وموضح فخره لأن هناك دولأ انتهجت هذا النهج فى الدرل العربية الأخرى وأتيحت فرصة للإخوان والتيار الدينى أن يخوضوا ذات التجربة بها كما حدث ذلك فى الأردن و تونس و الجزئر .

ولذلك كان على الرئيس حسنى مبارك انقاذ هذه التجربة من الفشل بآثارها وابعادها السلبية فأقال اللواء زكى بدر وزير الداخلية وعين اللواء محمد عبد الحليم موسى . . وبذلك فقد أقر الرئيس بذلك فشل السياسة الأمنية للواء زكى بدر والتى طبقها لمواجهة الإخوان المسلمين وقد رحب الإخوان بهذا القرار واعتبروه نقطة لقاء واحترام كبرى من رئيس الجمهورية .

وبذلك فقد صادر الرئيس مبارك بهذه الخطوة أى تصيد من جانب الإخوان وامتص غضبهم وسخطهم اعتقادأ منهم بأن الرئيس كان موافقا على هذه السياسة الأمنية .. وقد اكد لهم الرئيس " العكس . . ولاشك أن هذه الخطوة تمثل تفهمأ لقواعد الممارسة الديمقراطية من حيث ماهيتها وتوقيتها وحدودها وتحقيق نتائجها المرجوة . وقد سبق أن مارس الإخوان قواعد اللعبة بنجاح فى ظرف مناسب .

وهو الخاص بتجديد المدة الثانية لرئاسة حسنى مبارك للجمهورية .

ففى ذلك الموقف اعترض حزب التجمع الذى يضم الشيوعيين والناصريبن على تجديد مدة ثانية للوئيس وامتنعحزب الوفد عن التصويت لذلك التجديد وهما يمثلان قوى معارضة غير صغيرة أو غير قليلة .

فإن الإخوان المسلمين قد رحبوا ووافقوا على هذا التجديد وقد أعلنه نيابة عنهم المهندس إبراهيم شكرى رئيس التحالف الاسلامى حزب العمل - الإخوان - حزب الأحرار وهم يمثلون أكبر قوى معارضة فى البرلمان ويصل عدد التحالف ما يقرب من ثلثى حجم المعارضة بالبرلمان والتى تجاوز عددها تسعين معارضا لأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى.

وعلى ذلك فأنهم - وقد مارسوا اللعبة الديمقراطية بإدراك سياسى واع وتفهم لأدوأتها ومحاوراتها- تجنبوا توجيه الانتقاد للرئيس الذى التقى بهم فى منتصف الطريق . . وإنما كانوا يطالبونه - فى البرلمان - ببعض المطالب أو تعديل سياسات كأى قوى أخرى لها مطالبها .

وفى ضوء هذه الممارسة التى يمكن أن تحقق نجاحا لتلك التجربة الفريدة على مستوى العالم العربى كان قرار الرئيس مبارك بإقالة اللواء زكى بدر بما يمثله من سياسة أمنية غير ناجحة ، وإنما ستكون لها عواقب ونتائج سلبية على الساحة السياسية فى مصر .

وقد عبر ياسين سراج الدين رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد الجديد عن خطوة الرئيس مبارك بتصريح هام وأقرب إلى الصدق والصواب حيث أعلن فى مجلس الشعب قائلا إن اختيار الوزير الجديد عبد الحليم موسى يعنى أن السيد رئيس الجمهورية يرى أن أسلوب الحوار وأسلوب الهدوء ومقارعة الحجة بالحجة هو الأسلوب الناجح لمصر بأكملها .. وليس لمحافظة أسيوط فقط (وهى المحافظة التى كان يتولى مسئوليتها الوزير الجديد) .

ولكنه استدرك بقوله : ولكنه فى ذات الوقت علينا أيضا من فوق هذه المنصة المقدسة أن نطالب جميع التيارات المتطرفة منها أن تعين السيد وزير الداخلية الجديد على هذا الأسلوب وأن يكون أساس تعاملها معه الحوار والفكر والحجة حتى نستطيع تهيئة الجو الأمنى الذى يصل بنا فى النهاية إلى إلغاء قانون الطوارىء . وتأكيدأ على الهدف النهائى أضاف قائلا : فإذا كنا قد تخلصنا من وزير رحل كان سببا رئيسيا فى جميع المشاكل الأمنية فى مصر فإننى أعتقد أنه قد أصبح من السهل إلغاء قانون الطوارىء .

ثم تحدث محمد المأمون حسن الهضيبى وقد حانت له الفرصة للكشف عن السياسة الأمنية للواء زكى بدر وكانت المناسبة مناقشة بيان الحكومة إلا أن هذا الكشف جاء بلا مواجهة حيث أنه تحدث او جاء دوره فى الحديث بعد إقالة اللواء زكى بدر بيومين حيث أقيل الوزير يوم جمعة وجاء دور الهضيبى فى الحديث يوم الأحد . . وقد اتخذ فرصة الحديث عن قانون الطوارىء وبالطبع المسئول عن تنفيذه وهو اللواء زكى بدر .. حيث قال : "لن أتكلم كلاما عاما عن قانون الطوارىء ولن أتكلم عن أحد وإنما سأتناول إحصاءات رسمية كنت قد طلبتها من السيد وزير العدل .

وتتضمن الإحصائية عدد التظلمات من الاعتقال فى الفترة من أول مارس 1986 م حتى 9 فبراير 1989 م (وهى الفترة التى تولى فيها اللواء زكى بدر مسئولية وزارة الداخلية) . وقد ظهرت من الاحصائيات أن عدد من أعتقلوا وتقدموا بتظلمات وصل إلى 12472 تظلمأ .

إلا أن العدد الفعلى للتظلمات فى الفترة المشار إليها ، حيث تقدم بعض المعتقلين بأكثر من تظلم ، فقد وصلت إلى 15611 تظلما . فما كان مصيرها ؟ لقد صدرت قرارات السيد رئيس محكمة الاستئناف بحفظ 747 تظلما .

وأما عدد التظلمات التى نظهرتها دوائر محكمة أمن الدولة العليا طوارىء وصلت إلى 15564 تظلما وقد صدر فيها 12447قرارا بالإفراج أى بنسبة تزيد على 88% .ويلاحظ أن الدوئر التى تنظر قرارات التظلم هى دوائر متعددة وليست دئرة واحدة إذ أنها تبلغ العشرات وكل دئرة مكونة من ثلاثة مستثارين ولكنها أجمعت على أن اكثر من 88 %. من أقرارات الاعتقال لا وجه لها ولم يقدم ما يبررها إطلاقا .. وهذا ما أشار إليه العضو مأمون الهضيبي أمام أعضاء مجلس الشعب .

إلا أنه - فى مقابل ذلك فلوزير الداخلية طبقا لقانون الطوارىء التظلم من قرار المحكمة بالإفراج أمام دوئر أخرى .

وبالفعل تظلمت وزارة الداخلية فى 43 2 9 تظلما رفض تظلمها فى 8259 تظلما بنسبة تزيد على 90 %. وهذا يعنى - كما يقول الهضيبي - أن التظلم كان أصلا لا وجه له وإنما كان مقصودأ به تعطيل الإفراج عن المعتقلين لأن القانون يمنع الإفراج الذى صدر به قرار المحكمة أى يمنع تنفيذه حتى يتم نظر التظلم ، إذن فالمسألة مسألة تعطيل شخص ومصادرة حرية .

ثم ختم حديثه متسائلا : ومن هنا فأين الأدلة ؟ وأين الشبهات الجدية ؟ فقانون العقوبات وبه النص على كل جريمة .. فما حاجاتنا إذن لأن نأخذ الناس بالشبهات وهى شبهات تافهة ؟ ويبقى قانون الطوارىء سيفا مصلتا على رقاب العباد بذلهم .. وعفا الله عما سلف " .

ولاشك أن ما عرضهمأمون الهضيبي فهو مساحة عملية وتطبيقية لسياسة زكى بدر الامنية. . إلا أنه يمكن ملاحظة بعض النقاص الأخرى ومنها : أن الأحصائية أوردت الذين اعتقلوا وتقدموا بتظلمات . . وهذا يعنى أيضأ أن هناك عددأ من المعتقلين لم يتقدموا بتظلمات وهذا ما لم يرد بالإحصائية لأن عدد المعتقلين من اختصاص وزارة الداخلية وليس وزارة العدل مصدر هذه الإحصائية .

أن هذا الحجم من الاعتقالات يتجاوز محاربة الإرهاب والتطرف فى خمسة وعشرين مسجدا التى جاء ذكرها على لسان اللواء زكى بدر والتى – على حد قوله – ينبثق منها ذلك التطرف ، وضآلة هذا العدد من إجمالى المساجد بمصر والذى يصل عددها إلى 70 ألف مسجد .

وإذا كان الإرهاب والتطرف يصدر من عدد لا يتجاوز أصابع ايد فى كل مسجد مما ذكرها الوزير فإن ذلك يعنى أن الاعتقال لا يشمل أكثر من مأئتين وخمسين معتقلا أو ضعفهم ويصلون إلى خمسمائة معتقل .. إنما الأرقام التى جاءت بالإحصائية فإنها تعنى أن السياسة الأمنية قد تجاوزت مهمتها وتعدت حدودها لدرجة مرعبة لمجمهور وللرأى العام . لأن آلاف المعتقلين لهم من الأقارب و الجيران والأ صدقاء والزملاء ما يفوق بكثيرعددهم كمعتقلين. .

ومن هنا يتبين إلى أى مدى تهدد هذه السياسية الأمنية الحياة المطمئنة للناس وتسبب ازعاجهم بصورة مطردة .

كما أنه من المفترض أن المحاكم تصدر قرارات الإفراج فى القليل من قرارات الاعتقمال على سبيل أن هذه الأخيرة صدربعضها على سبيل التحوط أوالحذرأوالشك فيمن يعتقلونهم إلا أنه من الواضح أن هذه القرارات قد صدرت على مستوى شامل دون تمييز إطلاقأ لدواعى وأهداف الاعتقال المقررة فى قانون الطوارىء وكما قال المهندس إبراهيم شكرى فى انتقاده لوزيرالداخلية وبأسلوب تنفيذه، لقانون الطوارىء .

وليس فى استمرار العمل بهذا الأخير . ولم يفت المهندس إبراهيم شكرى أيضأ ألتعليق على إقالة اللواء زكى بدر وتعيين الوزيرالمجديد وما لهذا وذاك من دلالات سياسية .

حيث أشار إلى تصريح صحفى للوزير الجديد بقوله بأن تغيير منصب وزير الداخلية لا يعنى تغيير سياسة الوزارة التى تلتزم فى عملها بالشرعية القانونية والدستور .

فالتقطإبراهيم شكرى هذا الالتزام الذى أعلنه الوزيرالجديد فقال : أى أنه قيد هذا بالشرعية والقانونية والدستور . . ثم صاح قائلآ : وليس الأمرأنه ليس هناك تغيير لا. . هناك تغيير وتغيير وسيكون تغيرا بعيد المدى . . ولاشك فى ذلك فى الأسلوب وفى الطريقة لأن الذى كنا نعانيه ليس من استمرار العمل بقانون الطوارىء ، ولكن من الأسلوب الذى كان ينفذ به .

و أكد قائلا : لقد تجاوزالوزيرالسابق كل الأعراف فى تفهم ما هو الأمن والأمان فى نظره .. فلا يمكن أن نتصورأن الوزير الجديد لن يغير .. لا . . سيغير .

وأضاف بأن قانون الطوارىء له أوضاع قننت بوضوح ، ولذلك فإن الخروج عليها هو خروج على لا ! الشرعية والقانون والدستور . ولعل تصريحات إبراهيم شكرى ومطالبته بوجوب تغير السياسة الأمنية بتولى وزارة الداخلية وزير " جديد يستلفت النظرمن عدة جوانب .

فهومن جانب . قد تحمس وتحمل أيضا مسئولية بنجاح التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين وذلك بخوضهم الانتخابات فى ظل حزبه وسعيه بهم بى أن يكونوا جزءأ من نسيج النظام السياسى للدوله وليسوا خارجين عنه ومن جانب آخر أنه رجل الدولة المعارض " أى أنه شريك النظام السياسى للدولة .

وأحد مؤسسى أركان التعددية الحزبية فإنه يرى أن اللواء زكى بدر يعوق ويعطل التطور الديمقراطى الذى يسعى إليه يوحاول تحقيقه ويصل إلى أقصى المدى فى ذلك الإطار .

ولذلك فإن سياسة وزير الداخلية يمكنها أن نؤدى إلى فشل ونسف قواعد الممارسة الديمقراطية التى يشارك فيها على أسس وأهداف .

وبالتالى فإن فشل التطور الديمقراطى يعنى عودة إلى النظام الشمولى واختفاء حزبه من الساحة السياسية كركن من أركان التعددية الحزبية وبالتبعية اختفاءه كمؤسس ضمن موسسى هذه التعددية .

وفى جانب ثالث فإن كلامه يحمل التحذبر .. والإنذار للوزير الجديد حيث أن الممارسة الديمقراطية كما أطاحت بالوزير السابق فيمكنها أن تطيح به أيضا . . ولذلك فلابد من نغيير السياسة الأمنية السابقة بسياسة أمنية جديدة تساير التطهور الديمقواطى المنشود ولاسيما ما يخص الإخوان المسلمين حتى تنجح التجربة البرلمانية هذه فى إطار التجربة الديمقراطية العامة ونموها وتطورها إلى أبعد مدى.

ولاشك أن الصراع والتشابك المعقد الذى استمر طوال ثلاث سنوات منذ تولى اللواءزكى بدر وزارة الداخلية وحصول الإخوان المسلمين على الشرعية البرلمانية .. لا شك أنه قد انتهى بالضربات التى تسجل النقاط وليس بضربة واحدة تعد هى الضربة القاضية .. وهذه هى القاعدة فى السياسة وإن كان لكل قاعدة استثناءات .. فقد سجل الإخوان المسلمون فى ممارستهم البرلمانية والسياسية بعض النقاط التى كانت كفيلة بهزيمة وزير الدإخلية وخروجه من ساحة اللعبة الديمقراطية . . ونجح الإخوان فى إثبات قدرتهم على ممارسة السياسة من خلال أعلى مستوى سياسى فى الدولة .. وتأكيد شرعية هذه الممارسة وجدواها فى الحياة الديمقراطية المصرية .


الإخوان والإعلام

لاشك أن الدعوة الإسلامية تقتض إعلاما يقدمها . ولإشك أيضا أن للإعلام دوائر فى الدعوة الإسلامية . ولكن . . كيف ؟؟ ولهذا السؤال أهمية . . لأن ذلك يستتبع أسئلة .

فكيف تصل الدعوة الإسلامية . . عن طريق الإعلام ؟ وكيف يقدم الإعلام الدعوة الإسلاميه؟

ولهذين السؤالين ضرورة . لأن للإخوان المسلمين رأيا فى هذا . ولرجال الإعلام رؤية فى ذلك .

وإذا كان الإخوان فى سعيهم لتطبيق الشريعة الإسلامية يلتمسون تهيئة المناخ العام لهذا التطبيق ، فإن الإعلام أهم وسائل هذا المناخ .

وإذا كان لرجال الإعلام دور فى الدعوة الإسلامية فهى تقدم قدرأ منها .

وهنا الاختلاف . . والاتفاق .

فالاتفاق حول أن الإعلام عليه مراعاة المبادىء الإسلامية فيما يقدمه ويعرضه . ولكنه ليس مطالبا بالتمهيد لحركة الإخوان المسلمين .

وفى إطار الاتفاق . . على بعض الملامح الإسلامية للإعلام .كان للإخوان مطالب . . لوزبر الإعلام مبادرات واستجابات . . فيرى الإخوان ، أن ما يسعى رجال الدين إلى بنائه . . يهدمه التليفزيون .

وهذا أقص أتهام للإعلام .. وفى وزيره يرى أن الترويح عن النفس ضرورة إسلامية كما جاء فى ،الأثرحتى تتاكل القلوب . ومن هنا كان للإخوان مواقف . . ولوزير الإعلام مشاهد وكان هناك ، أيضا لقاء ات توافقت فيها الإرادات .فالإخوان أشاروا إلى ضرورة بأكيد السمة الإسلامية لشهر رمضان المعظم .

وطالبوا بإرجاء عرض فوازير رمضان الاستعراضية إلى ما بعد صلاة الشعاء والتراويح .. فاستجاب الوزير . . وزاد على ذلك أن الفوازير قد اكتسبت شيئأ من الحشمة والوقار .

وطالب الإخوان بمنع ما يثير الغرائز من قبلات حارة فى المسلسلات التليفزيونية . فألغى الوزير القبلات من 500ساعة درامية (مسلسلات ) .

ورفض الوزيرأيضا إعلانات فيها من الإثارة الجنسية .. وبذلك خسر التليفزيون بمعض الملايين من الجنيهات . . وزاد الوزير على هذا زيادة مساحات البرامج الدينية والمتنوعة فى التليفزيون والإذاعة . ولكنه يرى ضرورة إرضاء وإشباع معظم الأذواق .ويلتمس الإخوان كل مناسبة لتوجيه الإعلام للاتجاه الإسلامى لخلق وتهيئة مناخ عام إعلامى يتقبل تطبيق الشريعة الإسلامية بيسروبدون عسر .

ولكن الوزيرأيضا مقابل ذلك يحاول امتصاص أو مصادرة أى انتقاد أو إثارة من جانبهم ، خاصة تهمة إفساد الإعلام للمناخ العام فى الدولة .. وعدم اتسامه بالملامح الإسلامية المعبرة عن المجتمع الإسلامى .

وحول هذا وذاك ، كانت هناك برلمانيات أحد طرفيها الإخوان ، والطرف الآخر وزير الإعلام المعبر الرسمى عن سياسة الدولة الإعلامية ماذا دار بين كل منهما فى هذه البرلمانيات ولمن كانت الغلبة ؟؟

لقد تقدم ثلاثة من الإخوان لوزير الإعلامصفوت الشريف بأسئلة تدور حول دور الإعلام والدعوة والشريعة الإسلامية .

وكان السؤال الأول من النائب محمد المراغى فى جلسة الثالث والعشرين من مارس عام 1185 حيث أضار إلى أنه كثرت حوادث خطف الإناث والاعتداء عليهن ولقد أثبتت التحقيقات مع موتكبى ، هذه الجرائم أنهم كانوا يشاهدون المسرحيات فى التليفزيون وقاموا بتطبيقها .

والحقيقة أن أجهزة الإعلام ، وخاصة الإذاعة المرئية باتت لاتناسب برامجها التى تقدمها للشعب ولا تتفق والمادة الثانية عشرة من الدستور التى تنص على التزام التجمع برعاية الأخلاق وحمايتها ومراعاة التربيه الدينية والقيم الخلفية والوطنية والتزام الدولة باتباع هذه المبادىء والتمكين لها .

وكان رد الوزء على هذا الاتهام فى تلك الجلسة التى رأسها المستشار أحمد موسى وكيل المجلس فقال (إننى أقول لكم الحمد لله وأعوذ بالله أن يقدم تليفزيون مصر ، بأى صورة من الصور ، مسلسلا أو فيلما أو أى برنامج ما يدفع أو يحض على ارتكاب مثل هذه الجرائم الشنعاء . . ولقد اتصلت - خشية ان يكون هناك شىء - بالمسئولين لأتحرى هل هناك فى أى تحقيق ورد مثل هذا فقالوا : أبدالم يذكر اسم التليفزيون ، وأنهم لم يشاهدوا شيئا من هذا) .

وقد عقبمحمد المراغى وذكر بعض الأمثلة التى يراها مخالفة للآداب العامة وتبعث على الإثارة الجنسية . . ولكنه يفصح عن مقصده الحقيقى وراء هذا السؤال وذلك التعقيب بقوله : إننا عندما نطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية يقولون : نحن نريد المناخ المناسب لتطبيقها ، فهل يسمح وضع أجهزة الإعلام بتهيئة المناخ لتطبيق الشريعة الإسلامية ؟ أعتقد لا . . فما يفعله رجال الدين يهدمه التليفزيون ).

ثم ختم تعقيبه قائلا : إن هناك من يقول : لا تشاهد التليفزبون مادمت غير راض عنه ! (وكان الوزير قد صرح بذلك من قبل ) وأنا أقول :لا أستطيع ذلك .

فإن أى فرد يريد تربية وتنشئة أبنائه يواجه متاعب كثيرة من ذلك ويجب ألا نترك جهازا خطيرا بهذا الوضع .

ونظرة أخرى إلى الاتهام السابق فهو لم يستند إلى دليل كالتحقيق الذى أشار إليه العضو كما أن المحاكاة ليست عامة بل شاذة لأحد ضعاف النفوس .

فالجمهور لم يتأثر وعكس ذلك بالمحاكاة وتفليد الجريمة . كما ان ما أطلق عليه العضو ظاهرة ، فهى لم تتجاوز حالات فردية لكل منها ظروفها وملابساتها . . ولكن العضو حاول أن يبالغ فى تأثير جهاز التليفزيون على نشر أو انتشار الجريمة وهذا ما جانبه الصواب فيه .

وربما يكون هناك نموذج آخر ظهر فيه الاتهام واضحا مستندا على مشاهد حقيقية وانعكاسها على المشاهدين .

ومن ذلك وفى ذات الجلسة السؤال الذى تقدم به ياسين سراج الدين النائب الوفدى ونصه : ما مدى علم وموافقة السيد الوزير على ما يذاع بالتليفزيون من برامج أو إعلانات تتعارض مع تقاليدنا المصرية الرفيعة والأخلاق الحميدة وبعضها يخدش حياء المشاهدين ، خاصة السيدات والآنسات وهم بالملايين مثل برنامج عرض أخيراتحت اسم "الناس والسياحة) فى مقابلة مع السيد محافظ البحرالأحمر لأن المذيعة وسيادته وخلفه نساء سائحات شبه عاريات نائمات على الرمال فى أوضاع مشينه ! أليس هذا نموذجا يتعارض مع ما وعد به نحو ترشيد الإعلام وتنقية البرامج مما يخدش الحياء ويؤثرعلى تربية النشء ؟

وقد بادر الوزير بالاجابةقائلا : "بالفعل قد طلبت هذا البرنامج وشاهدته وكان معى رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون والسيد العضو محق فيما أوضح – وما كان يجب على معد البرنامج أو مخرجه أن يؤدياه بهذا الشكل ، وما كان يجب أن يظهرا صورافى خلفية البرنامج على هذا المستوى .

وعلى هذا الأساس فقد حولا إلى التحقيق وقد حاولت أن أتصل لأعرف أى المشاهد على وجه التحديد التى تضمنها هذا البرنامج وهذا ما يجب أن يكون. وعلينا أن نستمع حتى نحدد المسئولية .وانتزع الوزير بذلك تصفيق الأعضاء .

فاستدرك مؤكدا : أنه قد تم تحويلهما بالفعل إلى التحقيق وأوقف البرنامج لمدة أسبوع حتى نستطيع أن نحدد ونراجع مسارات هذا البرنامج ! . ولاشك أن ياسين سراج الدين قد حدد اتهاما تاما وفى ضوء ذلك اضطر الوزير لأن تكون إجابته أيضا إيجابية وماصة لهذا الاتهام .

وكانياسين سراج الدين قد عرج أيضا فى سؤاله عن الإعلانات واثارتهار للغرئز وشاركه فى ذلك نائب الإخوان محمد الشيشانى بالإضافة إلى تساؤله عن المسلسلات الدرامية الهابطة التى تقود الشباب !لى ألضياع . وأكد على ذلك أيضا زميله نائب الإخوان حسن جودة الذى تساءل عن سبب عدم قيام المسئولين عن اجهزة الاعلام المرئية بعرض البرامج التى تعمق القيم الدينية والأخلاقية اللازمة لبناء الإنسان المصرى وعن عدم قيامهم بواجبهم نحو تبشيع جرائم الاعتداء على الأعراض وإبراز ما ينتظر المعتدين من عقاب رادع لهذا الجرم ؟

وقام الوزير بالرد وقد توافق مع بعض أوجه النقد التى وجهت للإعلام وكسب جولة فى هذا الصدد حيث تحدث عن نشر إعلانات مثيرة للغرائز فقال : إنا حرلصون كل الحرص على ألا نقدم لشبابنا وبناتنا وأبئائنا فى الإعلان أو الإعلام كل ما يكون فيه جنس أو عنف أو إثارة ، وبالفعل قد صدرت تعليمات لمزيد من التنقية واستبعاد لبعض هذه الاعلانات وقد استبعد ، منذ أن أصدرت هذه التوجيهات ، استبعد خمسة وثلاثون إعلانأ سأودعها أمانة المجلس تبلغ خسائرها35 ،1 مليون جنيه فى أسبوع واحد .

وقلت إن القيم لا تباع ولا تشترى ، ومهما كانت الخسارة فإننا نكسب قيما وأخلاقيات ، وهذا هو طريقنا . وسوف يكون هناك مراجعة ووقفة وإننى أعلنها : ان الإعلانات لن يكون فيها جنس أو إثارةاوعنف ولا أوافق أبدا على مثل هذا .

وهنا انتزع الوزير صفوت الشريف تصفيق الاعضاء .. وهنا أيضا يتضح وإن كان الوزير قد سجل نقطة لصالحه وهى التوافق مع ألانتقاد الموجه للإعلام والاستجابة لمطالب الإخوان فى هذا الشأن وحرصه على تجنب الصدام معهم .. فكسب كل منهما نفطة . وأما ما أثير حول البرامج الدينية فأجاب الوزير بقوله : "إن البرامج الدينية التى تقدم كافية بالفعل أما حشد برامج كثيرة ففد يأتى بنتيجة عكسية .. وإن من حق المواطن أن يعلم ويتعلم ويتثقف وأن يروح عن نفسه ونحن لا نريد أبدا أن نطفىء الابتسامة على شفاه المصريين ولكن بما يتفق والقيم وألأخلا ق ! .وأعتقد أن حديث الوزير بالنسبة لحشد البرامج ألدينية بكثافة بالفعل سيأتى برد فعل عكسى .. حيث سيلتمس بعض المشاهدين ، أو معظمهم ، التغيير وذلك بدفعهم إلى وسائل ترفيهية أخرى ربما تسبب ضررا لهم ولاسرهم خاصة سواء أستخدم جهاز الفيدبو من أجل الترفيه . وكذلك وسأئل أخرى نحن فى غنى عن الحديث عنها ، لابد أن يدركها أى إنسان .

ثم استطرد الوزير بلهجة عتاب قائلا :وحقيقة أرى أننا نردد دائما المسلسلات .. المسلسلات .على الرغم من أننا نقدم (دراما) دينية من قصص القرآن لم تحدث فى تاريخ الإعلام المصرى .

وسرد الوزير دليل حديثه قائلا : فقد تم خلال العامين الماضيين مسلسل محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام - الأزهر منارة الإسلام - على هامش السيرة - أصحاب الكهف - حدود الله - من ألقصص العظيم - النور فوق يثرب - رجال مسلمون - الكعبة المشرفة .

وأضاف بقوله : وهناك مسلسلات انتهت تقريبا ومعدة للعرض وهى : الإمام مالك - سليمان الفارسى - رجال مسلمون - لحظة إشراق - عدالة الرشيد - زهراء الأندلس .ئم ختم حديثه مؤكدا : إننا نسعى دائمآ إلى مزيد من الأفضل ومزيد من الالتزام بالقيم والالتزام بالعادات والأصول الواجبة فى مجتمعنا حتى نحقق كل ما نرجوه ! .

ولاشك أن ما سرده الوزير من إنتاج الدراما الدينية فهو حقيقى ، حيث أن معظم الجمهور قد شاهد وتابع هذه الدراما وهى تلقى ترحيبا وجاذبية لديه .. بالإضافة إلى أن الوزير وضح من حديثه أنه لا يجادل فيما هو ليس حقيقيآ .. بل إنه يجادلهم بالتى هى أحسن .. حيث حرص على التاكيد على أن البرامج الإسلامية لم تصل إلى الكمال ، إنما نحن نسعى إلى المزيد من الأفضل والمزيد من الالتزام بالقيم ، وبذلك فهو يطمئن الإخوان بتمسكه بالقيم الدينية وحرصه على عرضها ونشرها وتطويرها . . وبذلك فهو يفلت من اتهاماتهم بالجدل الحسن والاستجابة لما يرى فيه أنهم على حق .. وبمنطق إسلامى أيضا .

ووقف العضو حسن جودة معقبا على إجابة الوزير وقد بادره شاكرا همته وعلى ما أصدره من أوامر مشددة لتنقية برامج الإذاعة والتليفزيون من هذه الشوائب الكثيرة التى يشكو منها الجميع .

ثم أوضح دافعه لهذا السؤال قائلأ : "هو علمنا بخطورة هذا الجهاز الإعلامى وإننا ونحن مقدمون على تطبيق شريعة الله ، كما أعلن السيد رئيس المجلس فى اجتماعات لجنة الشئون الدينية.

فلابد أن تهيىء أجهزة الإعلام المواطن ليتقبل هذه الشريعة ، لأن ألشريعة إن لم تجد من يتقبلها فستكون دمارا عليه ، ويقول الحق تبارك وتعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجربينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجامما قضيت ويسلمواتسليما(1).

ثم شرح ما يرمى إليه قائلآ : فلو لم يهيأ هؤلاء الناس لتقبل هذا الشرع فسيجدون حرجا فى تطبيق الشريعة ونكون نحن المسئولين عن عدم إعدادهم لتقبل شرع الله .

ويقول صلى الله عليةوسلم: "إن السارق إذا قطعت يده ورضى بحكم الله سبقته يده إلى الجنة ، وان السارق إذا قطعت يده ولم يرض بحكم الله سبقته يده إلى النار" .

فواجب الإعلام تهيئة المواطن لتقبل شرع الله وهو أمر ضرورى لابد أن نعمل عليه ومن أجل ذللك تقدمنا بهذه الأسئلة حتى نكون مع وزيرنا فى إصلاح هذا الحال.

ثم أردف بقوله : إن بعض التمثيليات والأفلام بها أمور تخالف شرع الله تبارك وتعالى وإن كانت لا توجد إلا فى فئة قليلة من مجتمعنا ، ولابد من تنفية هذه الأفلام من هذه الأمور ، لأن مجتمعنا لا يشعر بها إلا من خلال هذه الأفلام . وضرب مثلا قائلا : عندما يظهر فى أفلامنا رجل يصافح امرأة ويقبل يدهاهذا أمر يخالف شرع الله .

إن الله حرم السلام على الأجنبية ، يقول :صلى الله عليةوسلم "لأن يطعن فى يد أحدكم بمخيط من نارخيرله من ان تمس يده يد اجنبية لا تحل له " .

فكيف يظهر فى أفلامنا من يقبل يد أجنبية أو من يراقص أجنبية مع أن هذه الأمور لا تحدث إلا فى مجتمعات قليلة جدا نادرة فى بلدنا ولكنها تعلن فى الإذاعة والتليفزيون عن أنها سمة هذا البلد وهى غير ذلك ! ومثال آخر : إن هناك تمثيلية عن تبنى الأولاد والتبنى حرام فى الاسلام وحوادث التمثيلية تظهر أن الأب المتبنى يريد أن يعاشر ابنته معاشرة لا تحل له ! هذه الأمور كلها يجب ألا تظهر وأن ننقى التمثيليات من كل هذه المسائل لإصلاح مجتمعنا وتطبيق شريعة الله .

أما العضو محمد محمد الشيشانى فقد أشار إلى دوافعه لتقديم سؤأله إلى وزير الإعلام حيث قال : "لقد توجهت به بعد أن كنت أجلس مع أولادى أمام التليفزيون إلذى كان يعرض فيلما به مناظر وألفاظ أحرجتنى مما اضطرنى إلى تركهم وانصرافى إلى النوم ولقد سبقنى الإخوة الزملاء فى توضيح ما أريد ايضاحه وأود أن أضيف إلى ايضاحاتهم شيئا أوجه به إلى السيد الوزير فأطلب منه أن يتواجد يوما وسط أولاده لمشاهدة أى فيلم يعرضه التليفزيون ، وعندئذ سوف يعلم مقدار الحرج الذى وضعت فيه أنا مع أولادى فهو أيضا مسلم ويراعى ذلك فى أولاده وهذه طريقة عملية تتلمس بها مواطن الضعف فى هذه الأفلام " .

وقد عقب وزير الإعلام بعد تعقيب الأعضاء فقال : "لا خلاف على أننا لابد أن نسعى جميعا فى سبيل تنقية البرامج . وهذه إلتنقية لها لجان مخصصة تضم خبراء فى الاجتماع والاتصال وخبراء مختلفين لمراجعة هذه البرامج. فإذا كانت هذه البرامج خارجة عن المألوف - من وجهة نظرهم - فنحن نقوم بمراجعتها وتصحيح مسارها معا .

والتنقية مستمرة على قدم وساق لأننا حريصون تماما على تقديم كل ما يتفق وقيم هذا المجتمع وليس لنا بعد هذا العمر أن يكون لنا اتجاهات أو شبهة انحراف فيما نقدم ولكن الذى يحدث أن وجهات النظر فى العمل الفنى تختلف فما ترضى عنه مجموعة من البشر وقد لا ترضى عنه مجموعة أخرى، ومع اختلافها نسعى إلى الوصول إلى الأفضل وبالتدرج المطلوب ، وهذا ما اتففنا عليه فى كل حديثنا الى حضراتكم واذا كان النصف الاخر من اعضاء مجلس الشعب السائلين للوزير من الحزب الوطني الحاكم فان ذلك يعد تكتيكا برلمانيا لاحداث توازن فى مواجهة الوزير حتى لا تتغلب المعارضة فى المناقشة وتنال من الوزير الحزبى . . والذى انتابته شجاعة فور انسحاب الإخوان المسلمين وتحدث للإجابة عن الأسئلة وبادر بمهاجمة المعارضة الغائبة قائلا : ،إن الإعلام المصرى ليس فى حاجة إلى وصاية عليه لا تحت اسم القيم ولا تحت أى مسمى آخر، لأنه إعلام ملتزم بهذه القيم ، ويسعى إلى تعميقها . وإننى ملتزم دائما فى هذا الإعلام بهذه القيم ، ولكننى ارفض الانغلاق وارفض كل أشكال الوصاية وأرفض أن يعيش هذا المجتمع محدودا فرديأ ، لانه مجتمع متحضر ، مجتمع مؤمن ومجتمع متفتح وكل الأسئلة التى قيلت قبل ذلك هى مرتبطة كل الارتباط بكل ما نقوله الآن .

إننى أريد أن أؤهل المجتمع لعصر الأقمار الصناعية ، وخامة أنها قادمة - وأحصنه ، بمعنى أطعمه ، كتطعيم الأطفال ضد الأمراض فأى تطعيم هذا ؟!

إننى لا أتصورأن الأسئلة هذه هى دعوة أبدا لمثل هذا الانغلاق ولا لنوع من الكبت .

نحن نريد مواطنا مصريا صحيحا سويا غيرمصاب بعقد نفسية . . مصريا متفتحا يعيش عالمه . لذلك أقول إننا ملتزمون بالقيم .

وإذا استعرضت ما قدم خلال شهر رمضان المعظم أجده مفخرة للإعلام الإسلامى والإعلام العربى لذلك أود أمام حضراتكم إبراز نتائج الاستفتاءات لقياس الصدى وقياس رأى الناس :

اولأ : بالنسبة للبرامج التى تقدم خلال شهر رمضان أقول إن نسبة الإنفاق عليها وعلى أوقات اذاعتها تصل فى الإجمالى إلى ما يزيد على85% .

ثانيا : نسبة الترحيب بالبرامج الاستعراضية والترويحية المعدة اعدادا قيما وطيبا والتى تعكس كل مايدور فى المجتمع تصل إلى ما يذيد على 90 % وقد راعينا أن نضعها فى المكان المناسب فى العام الماضى بهدف منح الأسر فرصة بعد الإفطار فى أن تجد وقتا إلى ما بعد صلاة العشاء بمدة ربع ساعة أو نصف الساعة او الساعة لمشاهدة البرامج الترويحية ولابد أن يكون هناك زاد ثقافى وزاد دينى ترويحى ولابد أن يكون ذلك موجوداوقائما فى برامجنا مصداقا لما ورد فى الاثر (روحوا القلوب ساعة فساعة فإن القلوب إذا كلت صدئت ).

وأعتقد أن العالم الإسلامى كله ينتظر إنتهاء المسلسل الدينى والبعض يأخذه بالأقمار الصناعية المسلسل الدينى يرسل إلى الدول الأفريقية المسلمة وتسهر معه ولا يوجد مواطن يسير فى الشارع والإنتاج المصرى الملتزم يعرض .

وفى السنغال والعالم الإسلامى كله ينتظر المسلسل الدينى نحن نعده ونعمل تحته المترجمة لأنا نؤمن ان لنا رسالة عربية ولنا رسالة إسلامية نقوم بها .

فالعمليه مدروسة وليس كما يتصور البعض فيما يقدم فى شهر رمضان بالإذاعة المصرية يقدم 33 لغة وبه 55خدمة .

من أجل ذلك إن إعلام مصر إعلام قادر فنحن دولة نامية ولكنها تمتلك إعلاما قادرا وأتيح لها أن تبنى لها قاعدة اتصال - وهذا ما ذكره السيد الرئيس حسنى مبارك فعلا فى خطابه - قاعدة اتصال قادرة على خدمة المجتمع العربى والإسلامى تقدم فى رمضان ب 33 لغة ما يحافظ على الدين الإسلامى الحنيف صوت الإسلام صوت الأزهر الشريف صوت مصر من هنا فى شهر رمضان هو الذى يسمع ب 33 لغة .

وهناك أيضا الدراما الدينية المتميزة . زاد روحى متميز يقدمه علماؤنا الأفاضل . مساحة دينية متميزة. وإننى لا أريد أن يصل الأمر فى النهاية إلى القول إن مساحة البرامج الدينية كبيرة فى الوقت الذى يصلنى فيه ما يفيد أن مساحة البرامج فى رمضان واسعة . ولكننى أقول فليكن ، ومع ذلك فإننى أقول إن هناك تناسبا وتوازنا ومن لا يريد مشاهدة السهرة فما عليه إلا أن يطفىء التليفزيون وينام .

ويكفيه أنه شاهد مسلسلا دينيا قيما وسهر حتى الساعة الثانية عشرة ليلا فلا يفرض على المجتمع أن ينام هو والاخرون معه .

هذا ما أرفضه. فقد تعودتا منذ الصغر أن نقضى سهرات رمضان فى السرادقات التى تقام بساحة مسجد سيدنا الحسين ونستمع إلى إلغناء وقصص "أبو زيد الهلالى سلامة" إنه مجتمع له عاداته وتقاليده ولا تعتقدون أن فرض شىء على هذا المجتمع يأتى بنتيجة .. لا .. . فإعلامنا يعكس ما يريده هذا المجتمع وما يتفق مع قيمه ولا نفرض عليه الوصاية . هذا المجتمع مسلم يتمسك بدينه وفرض علينا طوال العام أن نلتزم فيما نقدمه بالقيم (53) .

وقام بالتعقيب أربعة فقط ممن تقدموا بأسئلة من الخمسة والثلاثين عضوا ، وعندئذ أعلن الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس عن عدم حضور ثمانية عشر عضوا من السادة ألاعضاء مقدمى الأسئلة لمجلسة ومازال لديه عدد كبير من مقدمى الأسئلة من حقهم التعليق .

ولكنه استدرك بقوله : وأعتقد إن الأمر قد أصبح واحضا .موضع اتفاق . وعلى هذا عرض رئيس المجلس الاكتفاء بهذا القدر من التعليق .

وبالطبع حيث غابت المعارضة .. فلا محل لأى نقاش سيكون معظمه تأييدا للوزير مما يزيد الجلسة فتورا وبرودة .. ولعل السيدةنوال عامر قد عبرت عن موقف مقدمى الاسئلة من أعضاء الحزب الوطني المنتمى إليه الوزير عندما أكدت على اتفاقها وزملائها مع السيد وزير الإعلام لأنه - كما تقول - تجمعنا سياسة واحدة وهى سياسة الحزب الوطنى الديمقراطى .

وفى ضوء الإصرار على تصحيح السياسة الإعلامية - فى أول مواجهة هادئة بينه وبين الإخوان .. وعدم قناعتهم بما يطرحه من حجج لسياسته الإعلامية .

وكذلك سعيهم إلى تحقيق مناخ معين تمهيدا لتطبيق المشريعة الإسلاميه. . فإنهم فد واصلوا نقد سياسة الوزيرفى كل مناسبة أتيحت لهم . فأثناء مناقشة بيان حكومة د. عاطف صدقى فى يناير عام 1989 وجه حسن الجمل النائب الإخوانى هجوما على السياسه الإعلامية فتساءل (4 5) :

"هل الرقص والميوعة من علامات الإعلام الجيد ؟! وأتعجب لمن ينادى بزيادة عدد قنوات التليفزيون إلى عشرين قناه أواكثر فى حين تشكومن بعض ما يبث على هذه القنوات الثلاث من برامج .

واستطرد مهاجما : وكذلك بعض الأفلام الهابطة سواء كانت مصرية أو غير مصريه هل تؤدى دورها الإعلامى المطلوب أقول : لا بأى حال من الاحوال إنما هى ضد الشعب المصرى .

ثم تشدد فى هجومه قائلا : والعقول القائمة على العمل فى التليفزيون عقول مستوردة وليست عقولا مصرية لأن العقول المصرية تعرف ما هى سلوكيات المواطن المصرى . إنا واقعون فى المحظور يا إخوة الإسلام ! .

ولكن المهندس إبراهيم شكرى فى مناسبة أخرى حاول موازنة حديثه فقال : "ومادمنا قد تكلمنا عن الإعلام وحتى لا نبخس أحدا حقه ، فإننى أشيد بالحملات الإعلامية التى تذاع بالتليفزيون فهى والحمد لله فى جانب منهاقوية وهامة وصحية وفيها كل الخير فكل الحملات الإعلامية كتلك الخاصة بنثر الوص المس وغيرها من الحملات فيها كثير من الفائدة ، بل إنها ضرورية وواجبة وكثير من البرامج جاد وهادف ونحن نعترف بذلك ونؤيده ونطلب الاستمرار فيه ( 55) .

ولكنه استدرك منتقدابقوله : ولكن هناك أيضا برامج تمس أصل العقيد ة وتنحر فى أصل المعتقدات وفى أصول الفضائل ، فالبرامج التى تمتلىء بوقائع الزنا والمخادعة التى تجرى بين زوجة هذا وزوجة هذا وزوج هذا وزوج هذا فى المسلسلات ، خاصة الأجنبية وهذا يعلم ويقبل وهذا -يرى ويدرى والطفل تأتى به وهو يشاهد بعض هذه المسلسلات أمه وهى تباشر الزنا فهذا من شأنه أن يورث لناس ويورث الأطفال بتفاهة هذه العملية وبساطتها فيشب الولد معتادا أن هذه مسألة سهلة وبسيطة ولايكون عنده شىء من الحمية" .

وأثناء مناقشة البيان المشار إليه . تحدث المستشار مأمون الهضيبي عن عدم اتساق أو تكامل السياسة الإعلامية أى تناقضها . . فقد أشار إلى ما يعرضه التليفزيون من بعض العروض السيئة والمضادة للإعلام الدينى وقال ولافائدة من قيامنا بإرسال بعثات إلى كثير من الأمكنة للتوعية الدينية بقيادة كبار العلماء مثل فضيلة الدكتور وزير الأوقاف وفضيلة المفتى وغيرهم فى حين أن هناك أجهزة أقوى منهم تنحر فى الصلب وتهدم الأساس وتقوض الأصول . فيجب أن نسير جميعا فى ركاب واحد واتجاه واحد حتى نصل إلى نتيجة(56 )

ولكنه حتى لا يساء فهمه من أنه يدعو للإنغلاق أو الكبت أو ما شابهه ذلك أردف قائلا : ونحن لسنا ضد الترويح ولسنا ضد الفكاهة ولكننا ضد من يحاول إفساد عقائدنا وإفساد فضائلنا وإفساد سلوكنا وأخلاقنا . وأكد ذلك بقوله : إننا نؤيد الترويح السليم والترويح الجائز وهذا حق لكل إنسان وأنا لا أقول امنعوا الأغانى فمنها الطيب ومنها الفاسد الذى لا يمكن أن تقبله سواء من ناحية القول أو الاداء أو المظهر الذى تؤدى به .

ولكن الهضيبي أشار إلى حق الإخوان المسلمين فى مساحة إعلامية مقابل إعلام الحكومة الرسمى فى مجالين : أحدهما الإعلام فى إلشارع السياسى وثانيهما فى أجهزة الإعلام الرسمية للدولة :عن هذه الأجهزة أشار إلى تقديره الشخصى للدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف ولكنه أضاف أنه وزير فى وزارة حزبية وفى الفقه اجتهادات مختلفة ولكل أن يأخذ وجهة نظره .. فإذا كان سيادته كما يقول - يغشى المدارس والجامعات ويقيم المؤتمرات ليقول وجهة نظره .. فهل لغيره مثل هذا الحق ؟ هل لغيره أن يقول ما يراه حسب اجتهاده مقبول أيضا وليس فيه شذوذ ولا تكفير لأحد؟".

وفى هذا كان الهضيبي يلمح بعدم إمكانية تحرك الإخوان فى المواقع ألتى أشار إليها بسبب السياسة الأمنية التى يتبعها اللواء زكى بدر وزير الداخلية حينذاك .

وبذلك فقد نجح فى عرض نقده المزدوج حيث مزج السياسة الإعلامية بالسياسة الأمنية . حيث أن حركة الإخوان ما هى إلا سياسية إعلامية فى الشارع السياسى .

وأما عن الحق الإعلامى " للإخوان فى الأجهزة الإعلامية الرسمية فقد تحين الفرصة عندما أشار كمال الشاذلى ممثل حزب الأغلبية الحاكم فى بداية حديثه لمناقشة بيان الحكومة تحدث مطالبا بأن الإعلام مجالا أكثرلأعمال ونشاط مجلس الشعب . فالتقط الهضيبي ذلك الخيط وأشار إلى الإحصات الرسميه تقول إن أحزاب المعارضة حصلت فى الانتخابات التى أجريت فى عام 1987 على 27 من الأصوات وعلى 23 % من المقاعد .

وعلى ضوء الإشارة تساءل قائلا : فأين هذه المساحة للمعارضة فى التليفزيون والإذاعة ؟ إن هناك مايقرب من مليون ونصف مليون صوت أعطيت للمعارضة فأين مساحة هذه الاصوات فى الصحف القوميه فى والتليفزيون أو فى الإذاعة ؟

ويلاحظ أنه إشارته شملت المعارضه فى كلهاولم يخص الإخوان المسلمين وبذلكفهو يكسب فصائل المعارضه جميعها الى صفه فى ذلك المطلب كماأنه تجنب أى صدام حول الشرعيه القانونيه الرسمية للإخوان من عدمها ولاسيما أنه تحدث فى هذا بعد إقالة وزير الداخلى زكى بدر - .

مما يدفعه إلى تهدئة الموقف الذى كاد يتدهور بينهم – كإخوان – وبين الحكومة ولاشك أن التهدئة كانت رد فعل طبيعيا لهذه الإقالة ، بما تعنى من تجاوب واستجابة السلطة فى منع الإستمرار فى تحقيق أو تطبيق السياسة الأمنية التى كانوا يقاومونها ويتصدون لها 0 ونجحوا في ذلك .

وفى ختام هذا الفصل ". وأيضا فى ختام الدورة الأخيرة للفصل التشريعى البرلمانى لتجربة الإخوان البرلمانية والذى حل بعدها المجلس نتيجة حكم المحكمة الدستورية العليا .

فإنه من الأهمية بلورة مسعى ء الإخوان فى السياسة الإعلامية إزاء الحكومة .

فقد ساهم الإخوان فى بلورة السياسية الإعلاميه حيث شكلت لجنة خاصة للدراسة والرد على بيان رئيس الوزراء الدكتور عاطف صدقى وعرض يوم 13 يناير 1990 وهو اليوم التالى لإقالة زكى بدر وزير الداخلية . . فقد جاء بذلك التقربر اكل وافق عليه المجس عدة نقاط هامة تؤكد تأثير الإخوان ودورهم ومشاركتهم ومساهمتهم فى إتجاهات مجلس الشعب نحو سياسة الإعلام .

فقد أشارت اللجنة برئاسة المستشارأحمد موسى وكيل المجلس إلى أن الإعلام الدينى يعد من أهم وأ خطر وسائل الإقناع ، ومع ماله من قوة وتأثير فى معتقدات الأفراد وأفكارهم فإنه لا يزال غيركاف . و من هناترى اللجنة أنه قدآن الآون لكى يبدأ المسئولون فى أجهزة الاذاعة والتليفزيرن بوضع خطة تهدف إلى موا جهة مشاكل الفراغ الدينى والابتعاد عن إذاعة كل ما يتعارض مع القيم المبادىءالدينية والاجتماعية والإكثار من برامج الحوار الدينى لتوعية الجماهير بقضايا بلدهم والموقف الدينى الصحيح منها(57) .

كما ترى اللجنة ضرورة إعداد البرامج الإذاعية والتليفزيونية التى تهتم بالثقافة الدينية للطفل لما لها من أثر فى تشكيل طباعه وتكوين اتجاهاته وميوله وشخصيته من خلال مفاهيم بسيطة عن دينه . ثم اكدت لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأرقاف بالمجلس برئاسة الدكتور عبد المنعم النمر وزير الاوقاف الأسبق وعضو الحزب الوطنى الديقراطى الحاكم .. اكدت إلى ذات المعانى التى طرحها الإخوان فى انتقادهم للسياسة الإعلامية .

فأوصت بتهيئة المناخ لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وهذا هو دافع الإخوان فى متابعة السياسة الإعلامية ومحارلات تصحيح مسارها لتحقيق هذا الهدف . وكذلك أوصت اللجنة بالتكامل فى مجال الدعوة الإسلامية بالتنسيق بين ألأجهزة العاملة فى هذا المجالى وأجهزة وزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام . . وهذا ما أشار إليه محمد المراغى و حسن الجمل و الهضيبي وغيرهم حتى لا يكون هناك بناء فى جانب وهدم فى جانب آخر . . وبذلك حقق الإخوان أيضا عدة نقاط هامة تسجل لهم فى مجال السياسة الإعلامية.

الفصل التاسع

الإخوان بين التراث الإسلامي والثقافة

وإذا تصور البعض أن الإخوان المسلمين يسعون إلى إقامه حضارة إسلامية معاصرة . وأن ذلك يعد من قبيل التعصب او التطرف .

لأن المسلميين يربطون أو يقيمون حضارة على أساس دينى .. فان هذا التصور يعبر خطأ تاريخيا .

فما من حضارة فى التاريخ إلا وقد ارتبطت بالدين "أيا كان نوعه أو مبادئه أو اسمه " .

والمقصود بالحضارة ذلك الصرح من التقدم والرخاء وسمو العلاقات الإنسانية . . وقد ارتبطت الحضارة الاغريقية بآلهة الاغريق الاسطورية ولا نستطيع فى ذلك أن نشير إلى أنهم ليسوا دينيين . . ربما يكون ذلك من منظور المؤمنين بالله . . وإنما الواقع يؤكد أن ذلك دينهم الذى كانوا يدينون به .

وقياسا على ذلك فهناك الحضارات الرومانية والبيزنظية والمقدونية والفارسية بل والفرعونية أم الحضارات كلها ، ارتبطت حضارتها الراعة بالدين وتنوعه وتعدده رتعقبه . . بل وصل التدين لهم الى التوحيد الذى نادى به أخنانون . .

وفى العصور الوسطى ارتبطت حضارة أوربا بالكنيسة ، وان كانت هذه الأخيره قد تجاوزت إختصاصها حتى طغت على الحضارة مما دفعها إلى التخلف . . ومن هنا كان ذلك التصور من البعض بالنسبة لسعى المسلمين لإقامة حضارتهم على أساس الدين الإسلامى .

ومناط الأمر هنا لا يخرج عن أمرين : أولمهما أن الكنيسة الأوربية قد تدخلت فى شئون الحكم والسياسة والحياة العامة والخاصة وربطت كل ذلك بالإيمان والغفران . . وكان ذلك الربط غير صحيح ، لأن للإيمان جانبه الروحى من عبادات ، وجانبه الدنيوى من معاملات وعلاقات وقد اختلط الجانبان مما أوقع الحاضرة الغربية آنذاك فى تناقض وتدهور .

وأما الأمر الثانى فإن ألخطأ ليس فى الدين وإنما فيما هم قائمون على تطبيقه ونشره حيث انتمى هؤلاء إلى الكهنوت . ولكن الإسلام غير زلك تماما لعدة اعتبارات :

اولأ : أن الإسلام دين ، من بين أسسه الهامة ، الأخذ بالعلم وبوسائله وأول آية قرانية تحث على ذلك

ثانيا : أن الإسلام قد حث العقل على التأمل والتفكر فى الكون مما سيتبعه - التاكيد – على الاخذ بالعلم واستخدامه .

ثالثا : ليس فى الإسلام كهنوت أو عزلة عن أو بين الناس . بل هو دين من مبادئه أيضا الاجتماع ،إنه يعد دينا اجتماعي

رابعا : أن الحضاره الإسلامية فى عهودها السابقة أبلغ دليل على أنه ليس هناك تعصب أوتطرف وانما تقدمها كان على أساس دينى إن الإسلام وضع قواعد وأصول ثابتة للتقدم ، لا تختلف عن اى فضيلة دينية أخرى سماوية كانت أو غير ذلك .

خامسا : أن كنوز الحضارة الإسلامية مازالت من أهم مصادر وينابيع الحضارة الغربية .

وان كان يعوزنا الدراسات التاريخية والعلمية فى هذا الصدد . .

إن تقدم الغرب وإقامة حضارته المعاصرة ليست دليلآ على أن الإسلام ليس قادر على إقامة مثل هذة الحضارة . وإن كان فى هذا الصدد يمكن التاكد على أنه إذا كانت الحضارة الغربية المعاصرة لم ترتبط بالدين المسيحى فليس ذلك عيبا فى الدين ، وانما فى تلك الحضارة التى قامت على أسس مادية بحتة مما اصابها ببعض الانهيارات والدليل على ذلك تفوق البعض على البعض منها ، بل وتفوق البعض خارج القارة الأوربية على بعضهاأيضا إذا كانت الحضارة الإسلامية قد أصابها الانهيار وبالتالى إلتخلف عن ركب التقدم منذ الخلافة العثمانية الإسلامية ، فإن ذلك مرجعه أن هذه الخلافة كانت لا تجنى حضارة إسلامية بقدر ماسعت " إلى إقامة امبرأطورية للسلطة فقط .. وأيضا لأنه فى هذه الآونة التقت تلك السلطة مع سعى واطماع ملوك وأمراء الغرب فى السيطرة والهيمنة على ثروات وكنوز المسلمين بل واقتسامها باسلوب اوبأخرمما أفقد ألحضارة الإسلامية أهم مقوماتها.

وعندما يطالب البعض من المسلمين اليوم بالاخذ بالإسلام كأساس للحضارة .. فإنه فى الحقيقة يتلمس أسباب ألتقدم وألرفاهية وان ذلك لا يتعارض إطلاقا مع المعاصرة ، لأن الدين الاسلإمى ليس دين ظرف أو وقت معين أو حدث بعينة ، أو ما شابه ذلك ، بل إن الاديان الأخرى غير السماوية تصورت ذلك وادعت بأنها دين كل زمان وفاتها أنهما أديان أسطورية من صنع خيال الإنسان . .وليس من صنع الله سبحانه وتعالى .

فليس هناك إذن دهشة او تخوف أو ريبة فى الأخذ باسباب التقدم وأحد مظاهرها الهامة والحيويةالمؤثرة بمفهومها العام وليس الخاص . . لأن الثقافة الاسلامية وهى الطابع الظاهرللحضارة الإسلامية . . وتلك الثقافة هى الهوية الحقيقية للمسلمين وهى أيضا ثقافة مسنيرة تتلاقى مع الثقافات الأخرى ولكنها تحتفظ بشخصيتها وهذا لير نقيصة بل ميزة تفتقدها ثقافات أخرى .

ومن هنا يسعى المسلمون إلى نشر وتدعيم وترسيخ الثقافة الإسلامية التى هى فى حقيقتها ثقافة متنوعة ومثمرة .. بل أنها ثقافة لا تعرف التعصب ولا التطرف إنما هى تؤمن بتقدير واحترام الثقافات الأخرى ، ولاسيما ثقافات الديانات السماوية بل أنها تؤمن بأن الثقافة هى أهم أساس للرقى والتربية والأخلاق والفضيلة وأنه لا غضاضة من تنميتها لدى كل طائفة أو فئة تؤمن بدين سماوى.

وتأكيدا على ذلك ، أثناء مناقشة مشروع قانون الجمعيات التعاونية - بمجلس الشعب - الغرض منها إنشاء مدارس لنشر التعليم . . وعند الحديث عن نوعية هذه المدارس وأهدافها. . . كان للإخوان المسلمين رؤية حضارية ، رؤية إسلامية غير متعصبة أو متطرفة أعلنها أحمد سيف الإسلام حسن البنا - ابن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين - حيث وقف مشيرا إلى(8 5) :

-"إنه لا ضرر إطلاقأ على الوحدة الوطنية من إنشاء جمعيات مسيحية و من إنشاء جمعيات إسلامية تدرس تعاليم الدين الإسلامى السمح رتعاليم الدين المسيحى السمحع لاطفالنا تدرس لهم المحبة ! والسماحة والحب ، لأن كل الفضائل الخلقية متفق عليها فى جميع الأديان حتى ونحن فى مسيس الحاجة إلى هذه الفضائل .

وهناك طائفة من أبناءهذا الشعب -مسلمين ومسيحيين -تريد أن تتمسك بدينها ،تريدأن تنفذ تعاليم هذا الدين ، تريد أن تغرسه فى قلوب أبنائها ومن حقهم أن ينشئوا أبناءهم على هذه الروح ،نحن والمسيحيون فى خندق واحد ضد الإباحية ، ضد الإلحاد ضد سوء الخلق.

نحن معا فى الفضائل الكريمة التى أشعرأن الشعب فى مسيس الحاجه إليها أما العقيدة فرفع ! المسيح إلى السماء أو قتله مصلوبا فى الأرض ، فكل إنسان لا إجبار عليه من أحد ولا يمس حياته المعيشية أحد .

لم لا ينشر الخلق والدين بكل صراحة فى مدارسنا ويكون هذاأساسا من أسس نهضتنا بلا حساسية .

الخلاف ليس فى تدريس تعاليم الدين المسيحى والدين الاسلامى الصحيحه . .الخلاف هو الانحراف فى هذا الخلق .. والانحراف سيؤدى إلى الفساد فى أى مجال وليست تعاليم الدين المسيحى والإسلامى .

فى هذه المرحلة ليت المسيحيين يعملون بتعاليم المسيح وليتنا نحن نعمل بتعاليم محمد لنكون أمة على خلق كريم .

وكلما يتضح فإن رؤية الإخوان للثقافة ليست وقفاعلى تنمية الثقافة الإسلامية فقط .

بل أيضاعلى الثقافةالمسيحية ، لأن الأخلاق لا تجزأ فى أى منهما إنما الانحراف يكون فى عدم الأخذ بها أوعدم تطبيقهما بأسلوب صحيح .

وهذه الرؤية ثابتة فى أن الأخذ بفضائل كل من الدين المسيحى والإسلامى هو فى الحقيقة من عمد إقامة دولة متقدمة حضاريا ، بل أيضا يعد ذلك من أوثق الروابط وأسس تقوية الوحدة الوطنية التى هى أساس بناء وقوة الدولة .

كما أن الاخوان قد أبدوا تحفظا ومعارضة أحيانا - لو جارت الثقافة الغربية على العقيدة الإسلامية أو مست هذه العقيدة .

وإن كان الأمر يحتاج أحيانا إلى وضوح شديد للتاكد من ذلك .

. فقد تقدم بعض الأعضاء بأسئلة واستجوابين لوزير الثقافة فاروق حسنى لمساءلته عن أمرين فى آن واحد أولهما ما يخص بعض تصريحاته الصحفية .. وثانيهما ما عرض فى مهرجان القاهرة السينيما ئى ! من أفلام مخلة بالآداب العامة .

وأما الاستجوابان فقد تقدم بهما الدكتور حسن حسنى والشيخ صلاح أبو إسماعيل حول تصريحاته بشأن مبادرته فى مواجهة الخيال الغيبى وأنه يعمل على إحلال الخيال المادى محله والذى يمثل خطرا على عقائدنا وعلى مقدساتنا وعلى أمن مجتمعنا كما جاء فى نصوص الاتهامات (9 5) .

وقد عرض الدكتورحسن حسنى لفحوى استجوابه مشيرا إلى أن المسلمين يتعرضون لغزو فكرى منذ قرون مضت وحتى اليوم .

واستند فى ذلك إلى ما فى دار الوثائق القومية فى باريس حيث توجد وثيقة بخط الملك لويس التاسع قائد الحملة الصليبية الثامنة كتبها بعدأن عاد من الأسر ، وفيها كتب خلاصة فكره وتجربته قائلأما نصه : "إنه لا يمكن الانتصارعلى المسلمين من خلال حرب لأن تدينهم يدفعهم للمقاومة والجهاد وبذل النفس لحماية ديار الإسلام وإنه لابد من سبيل آخر وهو تحويل التفكيرألإسلامى وترويض المسلمين عن طريق الغزو الفكرى ولابدأن يقوم علماء أوروبيون بدرإسة الحضارة الاسلامية ليأخذوا السلاح الجديد الذى يغزون به الفكرالإسلامئ " .

وعلى ذلك فهو يستخلص نتيجة مؤداها أنه منذ ذلك التاريخ بدأت معركة الغزو الفكرى التى نجنى ثمارها المرة اليوم .

وكانت ولا تزال بلادنا مستهدفة ، وإن الأساليب تنوعت والحرب اتسعت ولكن ! بقيت دائما بلادنا مستهدفة ، ويستطرد : وأصبحت أهداف أخرى تصب فى مجرى السياسة الغربية وأصبحنا نواجه مؤامرات كثيرة نشاهدها" اليوم ونحسها جميعا . نحس أن بلادنا مستهدفة بالمخدرات بالجنس بالثقافة الفاسدة بالغزو الفكرى وغير ذلك من الأساليب .

ولكن عن ذات الموضوع جاء استجواب الشيخ صلاح أبو إسماعيل اكثر وضوحا وشمولا حيث جاءبنصه : (أعلن الأستاذ فاروق حسنى وزير الثقافة حملته على الغيبيات ومناصرته للماديات كما تفجرت غضبته على من لهم صلة بالسلف الصالح واتهمهم بالتخريب ، وأعلن أنه لن يدع مواجهتهم لفنان فرد وإنما ستواجههم الوزارة بخطة شاملة وكان من أثر هذه السياسة الغريبة على ديننا اومقدساتنا! أن أهدر وزير الثقافة تقرير الرقابة ورأيها فى أربعين فيلما ، فصدر قراره الوزارى بعرض جميع الأفلام فى مهرجان السينما رغم أنف الرقابة واعتراضها وذلك تدمير للخلق الإسلامى وسياسته تتنافى مع الحياء الذى هو خلق الإسلام ) .

وشرح الشيخ صلاح أبو إسماعيل استجوابه فقال : (لقد قرأت جريدة الأهرام فى يوم 19 مايو سنة 1988 ورأيت فيها هذا العنوان : يقول السيد الوزير الأستاذ فاروق حسنى مبادرتى فى مواجهة التطرف هى إحلال الخيال المادى مكان الخيال الغيبى).

ولم أفهم شيئا من العنوان فقرأت ما تحته يقول السيد الوزير : "الهجوم يأتى من جبهة تزعم أن أصحابها يريدون إهدار المستقبل العام ولم تكن صدفة أن تلك الحالة الشديدة السلفية تظهر فى المجتمع الآن ! ومعنى "السلفية) أنه فسر التطرف بأنه الانتماء والانتساب إلى السلفية والسلف هو ما كان عليه النبى والذين آمنوا معه .

وهنا حدثت ضجة من تفسير العضو المستجوب . ولكنه استدرك : إذا كان لدى السيد الوزير تفسير آخرفنحن نقبله ولكننا نقول . وهنا تدخل رئيس المجلس مناقشا العضو المستجوب فى تفسيره فقال : "أريد أن ألفت نظر سيادة العضو إلى نقطة صغيرة فى فهم الأستاذ فاروق حسنى . فهو فنان .

وهو حينما يتحدث - وأرجو ألا يؤاخذنى الأستاذ فاروق - إنما يتحدث فى نطاق الفن وهو حينما يتحدث -عن الخيال الغيبى والخيال المادى والسلفية إنما هو يتحدث فى نطاق الفن فقط ولا نحمله اكثر مما يحتمل فى هذا الموضوع ) .

وقاطعه العضو المستجوب متسائلا : "هل استجوب رئيس المجلس أم وزيرالثقافة.

فأسرع رئيس المجلس نافيآ قصد المستجوب قائلا : ( لا لا إننى أشرح لانك ذهبت فى سء الحديث إلى الرسول عليه الصلاه والسلام ، ما حدش ابدا يسمح لا للأستاذ فاروق ولا لغيرة أن يقصد بالسلفية الرسول علية الصلاة والسلام فهذة نقطة نظم ان الرسول علية الصلاة والسلام غير مقصود باى حديث عن السلفية اين كان وهناقاطعه العضوالمستجوب مرة أخرى مبررا تدخل رئيس المجل فقال : "يعنى سيادتك دلوقت بتفسر دافع الوزير فى أعماقه ولكن رئيس ا لمجلس نفى ذلك بحزم بقوله : لامؤاخذة مثش دوافع ،هذه نقطة نظام ،تخص مقدسات هذه الأمة فاراد العضوالمستجوب تفويت فرصة تبريررئيس المجلس فخاطبه قائلا :

ياريس : "نحن نفهم كلاما ولا نعرف قلوبا ، نحن نفهم كلامأ ولا نعرف دوافع ولا غايات ولا قلوبا إلا أن رئيس المجلس أصرعلى تبريره قائلا : معلهش لأن الأمرأصله يتعلق بالرسول عليه الصلاة والسلام .

وحاول العضو المستجوب عتاب رئيس المجلس بقوله ياريس انت تقاطعني وتضيع"إلا أن رئيس المجلس نفى قصد المستجوب قائلا لا لا وكان يجب أن أتدخل لايقصد أن أحداعندما يتكلم عن السلفية انه يقصد الرسول . . فلتواصل حديثك ) .

وحاول العضو ان يضع المسألة بينه وبين رئيس المجلس بقوله : يا دكتور يا سيادة الرئيس إلا أن رئيسالمجلس من جانبه جاهد فى الحيلوله بين ذلك فأصر بقوله واصل حديثك واستطردالعضوالمستجوب مؤكدا المعنى الذى سبق أن توقف حديثة عنده فقال :

أنا أفهم كلاما ولا أتحدث عن أعماق والفن موجود فى الإسلام والنبىصلى الله عليه وسلم أقر الفن ألوانا لو سمحت لى سيادتكم بتجاوزالوقت لشسرحهاولكن رئيس المجلس ردعليه :لا مش ضرورى .

واستطرد العضو المستجوب حديثه فقال : . .. ولكنن سوف أمضى فى طريقى ومرة أخرى أؤكد أننى أحاسب على تعبير ولا أحاسب على سرا ئر وأقبل من الوزير أن يفسر ما يشاء ، يقول إن الهجوم يأتى من جبهة تزعم أن أصحابها يريدون إهدار المستقبل العام .

ولم تكن صدفة أن تلك الحالة الشديدة السلفية .. إلى كل ما سلف ابتداء من الأمس إلى فجر الإسلام ولكنه حددها بفجر الإسلام فقال (إن تلك الحالة الشديدة السلفية التى تظهر فى المجتمع الآن ضد الفن والثقافة وتحاول رجمها بأنها حرام ، لم تكن صدفة أن تتزامن مع ما تشهده البلاد من عمل ثقافى مكثف فى كل مكان فقد استفز هذا العمل أعداء المستقبل " .

ويخلص المستجوب من ذلك بقوله : إذن فهو يريد أن يسكت الأصوات التى تقول : هذا حرام وهذا حلال .

ونحن لا نستطيع أن نحل ولا أن نحرم حتى الرسول نفسه حينما حرم على نفسه بعض الحلال قال له ربه ( يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك ا (سورة التحريم - 1 )

. فالذى يملك التحليل والتحريم هو الله . فمن ردد ما ورد فى الكتاب والسنة والإجماع لا يقال له متطرف ولا يقال له سلفى . . أنا سلفىويشرفنى أن اكون سلفيا .

وإذا كان التطرف قد اكتسب مضمون الارتباط بالاسلام فيشرفنى أن أكون متطرفا ويصر السيد الوزير على أنه لن يترك أمر مواجهة هؤلاء إلى مبادرة فردية من فنان فرد .

وإنما قرر أن يواجه التطرف على نطاق واسع بخطة تقوم على فكرة الإحلال فهناك وحدات زمن فراغ يجب أن نملأها بالمفاهيم الجديدة وإن قصرت الدولة فى ملء هذا الفراغ الزمنى ، خاصة عند الشباب فسوف يملؤه آخرون إلى آخره .

الواقع أنه لم يعد هناك شك فى أن التطرف عند الوزير هو المناداة بالحلال والحرام وأن الخيال الغيبى عند الوزير هو ما يتصل بعقائد الأديان السماوية كلها .. ثم وجه حديثه مخاطبا الأعضاء قائلا : هل أتحدث عن الخيال الغيبى الذى فسره الوزير فيما جاء بعد العنوان من كلمات فأقول : إن عقيدتنا تعتمد على ركائز خمس وكلها خيال غيبى .

فالله غيب واليوم الآخر غيب والملائكة غيب والغرآن غيب لأنه : "نزل به الروح الأمين " على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربى مبين ، (سورة الشعراء - 193 - 195 ) .

والنبيون - كذلك غيب - لكن هناك فرقا بين غيب لا دليل عليه فهو من الخرافات ، وغيب قامت عليه آلاف الأدلة فهويقين فى الاعماق يفتدى بالروح والمال : (إن الله اشترى من المومنينن أنفسهم واموالهم بأن لهم الجنة، (سورة التوبة - 111 ) .

فالله الذى ما رأته عين لأنه أجل من أن تحكمه قوانين الأبصار وما سمعته أذن لأنه أجل من أن تحكمه قوانين السمع - قد عرفناه بالعقول والعقل نفسه غيب . من منا رأى عقل الآخرين أو روح الآ خرين ؟ إذا رأيت جسدا هامدا لا حراك به .

عرفت أنه لا روح فيه وإذا رأيت جسدا صاحبه يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب فمعنى ذلك أن به روحه . . ومعنى هذا أن الروح لا تعرف إلا بآثارها فالله غيب يعرف بآثاره . واليوم الآخر غيب .

والملائكة غيب . والنبيون غيب . والكتاب غيب فأين معالى الوزير من هذا الغيب ولله دينه وشرائعه وحدوده وحلاله وحرامه؟ ثم استدرك متحدثا أيضا عن الماديات وارتباطها بالغيبيات قائلا : انحن مجتمع لا ننكر الماديات أيضا .

إذا كنا ندافع عن الغيبيات فنحن نرى أننا متطلعون إلى النصر إلى الأرزاق ، إلى الرخاء ، إلى الأمن ، إلى الوحدة ، إلى الوحدة الوطنية ، فما أثر هذه الغيبيات فى صنع هذه الماديات ؟

إن المؤمنين هم الذين آمنوا بالله وباليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وكلها غيبيات فماذا أثمرت هذه الغيبياث فى سلوكهم المادى ؟ تسع صفات :( االتائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المومنين ) (سورة التوبة - 112 ) .

والكلام فى هذا يطول إذا كنا نريد أن نحارب الغش فى الأسواق ، فلنلجأ إلى الإيمان بالغيب : (ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * واذا كالوهم أو وزنوهون يخسرون * ألا يظن اولئك أنهم مبعوثون ) (سورة المطففين - أ - 4) .

وانظروا إلى هذه القفزة الرائعة من أرض المتجر إلى أرض المحشر : األا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين ) .

إن هذه الغيبيات لا ننادى بها باسم محمد أبدا وإنما جاء بها موسى وعيسى وإبراهيم ونوح حتى آدم أبو البشر قال الله له ( فمن إتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) (سورة طه - 123 - 124) . فيحدث أبو البشرية عن عقيدة غيبية هى يوم القيامة .

السلطة التشربعية والرقابية لها وجود فى الخيال الغيبى ، السلطة القضائية لا وجود فى دنيانا والسلطة التنفيذية أيضآ ، فوزارة التعليم والإعلام والخارجية حتى الداخلية والتأمينات راسحة والعدل كل هذه لها علاقات بالخيال الغيبى .

النقطة الأخيرة أقول إن السيد الوزير حر فى مسلكه الشخصى ، ولكنه ليس حرا فى منهاجه الوزارى إنه مرتبط بالدستور وبمقدسات مصر وبالإسلام والمسيحية وحتى باليهودية والنبى يقول : "إن لكل دين خلقا وان خلق الإسلام الحياء" .

ولا أحب أبدا أن تتخذ موقف العداء للغيب بعد هذا الذى قلنا . ورد فاروق حسنى وزير الثقافة وبدأ بما أثير حول الخيال الغيبى والمادى فقال : جاء عنوان الحديث الذى نشر فى جريدة الأهرام مبادرتى فى مواجهة التطرف هى إحلال الخيال المادى مكان الخيال الغيبى ويهمنى أن أوضح :

أولأ : أن اختيار عنوان الحديث كان من صياغة السيد الصحفى وحده ، وربما وقع اختياره على هذه الصياغة لجذب القراء ومع ذلك فليس من الواضح لى فى نفس العنوان الذى صاغه المحرر أنه يعنى أننى أتعرض للماديات والغيبيات على مطلقاتها أو بما ذهب إليه مفهوم السادة مقدمى الاستجوابين أو الأسئلة ولكن المسألة ببساطة هى أننى عندما تعرضت لهذا الموضوع جاء ذلك من خلال ردى على بعض المقالات التى نشرت فى بعض الصحف ومنها ما تناول فكرى وآرائى بشكل مغاير وبتصور غيبى خاطىء وأجزم أن منهم من لم يلتق بى مطلقا ولم يستوضحنى فى تصورى عن العمل الثقافى وتصورى هنا نوع من الخيال لكنه الخيال الذى يمكن تطبيقه ومعرفة حجمه وإمكاناته . من الفروض أن أسأل عما يصدر منى وليس عما ينسب إلى والموضوع كله أنه نسب إلى أمر يحتمل اكثرمن معنى فتخيل البعض معنى معينا .

وحين قرأت ما نسب إلى لم أكن بحاجة إلى تصحيحه ، لأنه يحمل فى طياته ما يصححه ويدل على هذا أنه فى نص حديثى للأهرام وفى بداية ألحديث مباشرة أقول بالنص : يتكلمون عن الإحباط الذى يواجه المسئول العام فى مصر نتيجة الهجوم غير الموضوعى الذى يتعرض له وهو هجوم تعرضت لموجات متتالية منه ولكنى أولأ لم أحبط .

ثانيا : أن هذا الهجوم هو جزء من معركة طرفاها موقف مادى وموقف غيبى .

الهجوم يأتى من الغيبية والصمود يأتى من مادية ، والمادية عندى وأنا أعرف ما أملكه من أدوات ومقومات0 هذا ما جاء بالنص فى صدر الحديث الذى ارجوا ان يسمح لى السيد الدكتور رئيس المجلس بإيداع صورة منه أمانة المجلس فالهجوم بدأ من خيال بعيد عن الحقيقة بينما تصدت له كل الادوات على حقائق اذن فالامر هنا متعلق اساسا باستعمال مصطلحات لتوصيل رؤية معينةواعتقد اننى لست فى حاجة هنا لكى اؤكد ايمانى بالدين الحنيف وبالغيب المطلق ولم يكن تفكيرى فى الحديث عن الغيبيات فى الدين الإسلامى وأقول هنا بكل وضوح وإيمان ة كامل أحاسب عليه فقط من الخالق سبحانه وتعالى دون وسيط - إن هذه الغيبيات تعتمد على حقائق ، لا ريب فيها ، وأشد الدلائل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى يحيى ويميت ويملك وحده أسرار الروح. لذلك عندما تحدثت عن الماديات فى الخيال فالمقصود هو الحديث عن ألإبداع بكل أشكاله . اما الخيال الغيبى فالمقصود منه الخيال العقيم الذى لا يفضى إلى أى إبداع .

ومن خلال المناقشة السابقة فإنه يتبين وقوع خلط فى المقاصد وإلمعانى . وكما قيل فإن لنا بالظاهر وأما القلوب فلها الله ! .

واذ قد أوضح الوزير مقصده مما طرح فى الاستجوابين فإن كان يقصد الرد على مهاجمة الذين لا يعلمون شيئآ عن إنجازاته أو سياسته وبذلك فهم بذلك يتحدثون عن غيب أى عدم وجود حقائق أو معلومات أو بيانات لديهم تكون أدوات وأسلحة لهجومهم عليه وبذلك فهو يستند إلى غيبهم من الحقيقة باستخدام ادوات مادية على إنجازاته وهذه الأدوات تبدو فى إنجازاته المادية الواضحة .. وهذا ما فهم من إجابة ودفاع الوزير .

كما أنه من جانب آخرأكد إيمانه بالله المطلق وبالغيبيات التى تاكدت بحقائق دينية. وأنه لا لقصد ما فهمه المستجوبان أو فسرا به حديثه .

وان كان الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس حاول إتقاء تهمة التطرف على المتدينيين ، ولكنه حدد هؤلاء المؤمنين بالرسول عليه الصلاة والسلام .

وترك الأمر معلقأ على فيما عداهم . . بمعنى آخر فقد أشارإلى أن كل سلفى أوأصولى يؤمن بالرسول محمد ليس بالضرورة أنه ينتهج أسلوب الجدال الحسن أو الموعظة الحسنة ، إنما هناك منهم من يلجأون إلى التطرف وفرضه .

وان كان الأمر بات واضحا من رد الوزير إلا أنه يحسب لكل من المستجوبين هذه الوقفة ، أو ذلك التساؤل منعا لخلط المعانى والمقاصد فإذا ما فهموا ما فسروه وهم الفقهاء فى الدين .

فما بال العامة من الناس . ولذا لزم الامر التوضيح وهذا فى حد ذانه أمر محمود. كما أن هذه الوقفة كان لها ضرورتها فى التأكيد على الهوية الإسلامية لثقافتنا أو أخذ ما فى الثقافات الأخرى مما لا يتعارض مع العقيدة الإسلامية .

وإن كان قد وضح الأمر بالنسبة لما قصد به من تصريحات وأنها لا تمثل حقيقة . . فإن ذلك لايمنع من التعرض للشق الآخر من سياسته ، - فإننا ننوه إبتداء - بأن هذه السياسة تختلف عما سبقها من الشق الأول من حيت الأساس والحقا ئق . . والمقاصد أو الاهداف .

أما وقد ربط المستجوبان سياسة الوزير السينمائية كجزء من سياسته الثقافية . فإن كلا منهما قد تحدث عن هذه السياسة . فقد حصل المستجوب .الدكتور حسن حسنى على نصيب الأسد فى ذلك النقد السينمائى وإن كان الشيخ صلاح أبو إسماعيل قد حصل على ذلك النصيب فى نقده لتصريحاته عن الغيبيات والماديات .

ورغم أن هذا التكتيك بارع ، ويعد من المناورات البرلمانية الفعالة . إلا أن ألدكتور حسن حسنى وكأنه يصادر على - التصدى أو مقاومة هذا التكتيك ، قد أشار راجيا بألا تدخل أساليب المناورة السياسية فيما يتعلق بديننا وبأخلاقنا . فداعبه رئيس المجلس بالإشارة إلى هذا الرجاء بأنه ربما يكون بداية للمناورة السياسية " .

"وكان من الضرررى عندما يبدأ المستجوب الدكتور حسن حسنى بشرح استجوابه أن يبادر موضحا موقفي الإسلام من الفن أو موقع الفن فى الإسلام .

وبالفعل قد بادر موضحا ذلك بقول : أريد أن أؤكد أن الإسلام الحنيف لا يقف أمام الاستفادة من كل حكمة نافعة "والحكمة ضالة المؤمن " كما قال رسول ألله صلى الله عليه وسلم .

هذاأمر معلوم لدينا جميعا .. ولا يقف الإسلام أمام كل فن راق ، لا يخالف نصا شرعيا ولا قاعده شرعية . . و الإسلام ليس ضد الانفتاح أيضا . والكل يعلم أن الإسلام منفتح على ثقافات العالم ولكنه يأخذ منها، الصالح ويترك منها غير الصالح " .

ثم أضاف بقول : ولكن لنا دائما مقاييس مرتبطين بها ، لا ننفك عنها أبدا وهى أننا كشعب مسلم وأمة مسلمة وكشعب متدين بمسلميه ومسيحييه لنا قواعدنا وكدولة دستورها الإسلام نحن نرتبط فيما نتلقاه من الغرب أو من تجارب الشعوب بمقاييس ومعايير وضوابط الإسلام .وأنا أسف جدا جدا لعرض هذا الكلام .. هذا كلام الرقيب . .

وهنا حدثت ضجة من أحد الأعضاء مستنكرا ذلك الوصف . وانفعل رئيس المجلس أيضا مستنكرا بقوله : ما تبطل يا أستاذ . . الله . . ولكن العضو المستجوب استمر يغذى مشاعر الاستفزازأكثر مستدركا فى وصفه ويقول : مشاهد جنسيه على شاشات التليفزيون مع أصوات جنسية امرأة عارية الصدر بجوار رجل . . ويثيربذلك ضجة شديدة من بعض الأعضاء . . - رئيس المجلس أن يهدىء من ضجتهم وصياحهم بقوله : معلهش .. معلهش .

ورد عليه العضو بلهجة ثقة بهدفه قائلا : إننى اقرأ تقريرا رسميا .. أنه قد أثارنفوركم انظرواكيف اشمازت نفوسكم ؟! واستمرت ضجة الأعضاء ووقف البعض منهم احتجاجا على هذه الكلمات .

وأشار رئيس المجلس إلى أحد الاعضاء بالجلوس فى مقعده . واستطرد العضو يمعن فى الوصول لهدفه ، وهوإثارة استفزازهم فقال : انظروا كيف أشمأزت من عرض هذا الأمرفكيف يعرض على شباب الأمة ؟! .

وإستمرت الضجة ووقف بعض الأعضاء يتصايحون موجهين استنكارهم نحو رئيس المجلس متسائلين ما هذا الذى يقال يا ريس؟ ولكن رئيس المجلس تماسك ، وقد فطن لمناورة ومحاولة العضو لاستفزاز الأعضاء فاعتدل ودر على الأعضاءبهدوء وثقة حتى لا يفلت الزمام من يده فأشارإلى الأعضاء : دعوه يتكلم .

واستطرد العضو المستجوب بقرله : كيف تنتهك حرمات الأمة ؟ الأمر الذى أثار خجلكم واستياءكم . كان الأحرى ألا يعرض على شباب الأمة .

لقد عرض على الراشدين من الأمة فأئار استياءهم ، فكيف يعرض رجلان مسلمان يصليان بطريقة غير صحيحة . . رجل عارتماما . . وتستحم فتاة مضطجعة عارية ورجل يقبل جسدها .. مسلم يقول لزملائه المسلمينبالعربيه اقد قرفت منكم ، الفيلم كله عن الصراع الطائفى بين المسلمين والمسيحيين فى لبنان ماضرورة هذه الأفلام ؟

ثم يستطرد قائلا : فيلم جيد المستوى يقول فيه الرقيب مع مراعاة الملاحظات الآتية . طبعا لا يستطيع الرقيب إلا أن يبدى الملاحظة ولكنه كفيلم يعرض فى المهرجان وشروط المهرجانات الدولية ألا يحذف منه شىء .

إسمع : امرأتان عاريتان تماما تلعبان وسط الثلج وتظهر عورتهما . رجل يستلقى على الأرض وامرأة جالسة عليه عاريان يمارسان الجنس . عرض هذا على الأمة . فتاة عارية من الخلف تجرى . فتاة عارية من الخلف تتشطف من بعد فى الظلام ، الصبى يسترجع فى مخيلته مشهد المرأتين إنه حقا أمر يثير الاشمئزاز !

وهنا تعلو ضجة من الأعضاء وأصوات تستنكر ذكر هذه العبارات ويقف عدد من الأعضاء للتعبير عن مطالبتهم بعدم ذكر هذه الألفاظ ويحاول رئيس المجلس تهدئه هذا الصخب فيشير إلى بعضهم أن يجلس مكانه : أقعدياعطية . أقعد ياحسنين .

ويستطرد العضو المستجوب إمعانا فىإثارة الأعضاء واستفزاز مشاعرهم لكسبهم إلى صفه فيقول : امرأة عارية الصدر . حريق فى الكوخ وامرأة عارية تماما يرسمها شاب صغير .

ثم يعرض لفيلم آخر مشيرا إلى تقرير من الرقابة على المصنفات الفنية فيلم (أمروزا) سويدى ترجمة انجليزية تدور أحداث الفيلم خلال النصف الأول من القرن الحالى ( أينيس ) هى البطلة المحورية وأنا أذكر من أجل اختصار الوقت اعتراضات الرقابة وعرض هذا الفيلم ايضا .

واسمعوا الإساءة لرجال الدين ، فيلم امرأة مجنونة ممزقة الثياب . . وهنا تصاعدت ضجة أيضا من بعض الأعضاء .

وصوت من العضو إبراهيم البرديس يصيح : احنا فى برلمان يا ريس. هل هذه مسئولية برلمانية ؟ هل هذا كلام يقال فى برلمان ؟ هذا الكلام يقال فى الشارع حرام .. حرام.

ولكن رئيس المجلس وفطنته لغرض المستجوب ومحاولته التهدئة فأشار إلى البرديس : أقعد يا برديس ما حدش أداك الكلمة .

ويستطرد العضو حسن حسين فى الوصف والشرح قائلا : "وأسوأ منه أن يقال فى الشارع وأسوأ منه أن يقال على الناس شابتان عاريتان فى الماء تقبلان بعضهما بشهوة .

امرأة فى الفراش فى حالة شهوة ورجل يحتضنها وهى تتأوه . بيت دعارة به نساء عاريات . أوضاع جنسية وممارسة جنس .. ) . ويقاطعه رئيس المجلس بلهجه التنبيه : يا دكتورحسن .

ولكن العضويستطرد بقوله : رجل فى ملابس قس يطار ح "أييى" الغرام ، وسيدة فى ملابس راهبه تعرى نفسها وتظهرصدرها . . ولكن رئيس المجلس أصر على التدخل لمنعه من الاستطراد الاستفزازى والمثير فيناديه بلهجة حازمة . دكتور حسن . يا دكتور حسن . فيم مضيك وأنك ترى أن الذوق العام سواء من هنا أو من هنا غيرمتابع لك ؟

وعندئذ يرد العضو المستجوب وكأنه قد حقق الهدف من عرضه السابق فقال : إذن سأطمئن وهذه مؤشرات على أن هذا الأمر المسف المهين الخطير ما كان له أن يعرض أبدا على الشعب . . فرد عليه رئيس المجلس معاتبا : لقد عرضته أنت .

ويفصح المستجوب عما كان لهدف إليه بقوله : ولقد أثار استياء عنيفا هنا وهذا أمر متوقع. . ويعود رئيس المجلس مؤكدا لهجة عتابية قائلا : لقد عرضته أنت .

ولهذا أطالب أن تتحول هذه الغيرة إلى أن ئأخذ موقفا جديا يرضى الله تبارك وتعالى نحن نريد موقفآ كهذه الغيرة على الأخلاق وعلى الإسلام .

يمنع تكرار هذه المآسى فى بلادنا ، بلادنا لا تتحمل أيها السادة .

بلادنا التى تعانى من المخدرات ومن ظاهرة الاغتصاب لا تحتمل .. شبابنا مئات الألوف من العاطلين لا يحتملون .. وهنا ترتفع الضجه مرة أخرى من بعض الأعضاء وأصوات محتجة غير واضحة ويتدخل رئيس المجلس من أجل انتظام الجلسة فيشير إلى الأعضاء بالهدوء .

ئم يستطرد العضو ألمستجوب وكأنه يخلى مسئوليته عن هذا العرض الاستفزازى قائلا / تقاريرليست من عندى . وأنا حزين أن أقولها وهى تقارير رسمية من هيئة الرقابة على المصنفات الفنية .

أنا آسف جدا أيها السادة الأعضاء ولكن هذه هى الحقيقة التى رآها شبابنا والتى عرضت على شبابنا . فيلم ثان . . وهنا تدخل رئيس المجلس : فيلم ثان .. أقول للسيد العضوأنك تتحدث منذ 28 دقيقة .

ويرد عليه المستجوب بقوله : سيادة الرئيس هذا استجواب واتهام . ويعود رئيى المجلس ليفصح عن مضمون التنبيه قائلا لا مؤاخذة لقد أعطيت عينات يا دكتور ويعقب المستجوب على هذا قائلا : لو التزم المجلس الهدوء لانهيت كلمتى سريعا .

ولكن رئيس المجلس يصر على عدم استمرار المستجوب لهذا الغرض المستفز والمثير للأعضاء فيتحدث إليه مخاطبا بلهجة عتاب وحزم قائلا : - دكتور حسن . هل تستمع إلى كلمة ؟ لقد أعطيت عينات وهذا يكفي (مش هاأقعد أمسك فيلم فيلم لأن المجلس مش فاض عشان يتتبع كل فيلم ، وبعدين يعنى ما حدش مبسوط قوى من الكلام اللى أنت قاعد توصفه ! .

ثم يستدرك العضو لحديثه وإن كان فى هذه المرة قد أصبح بصورة واضحة عما كان يسعى إليه فيقول: شىء مؤسف ومحزن لنفسى أولا ولكن هذا أمر بدا لحضراتكم فاضحا ومؤسفا ، وهو كذلك فعلا ولقد تعمدت أن أصدم مشاعركم بهذا الغثاء الموجود حتى نأخذ موقفا إيجابيا .

إننى أشكر لكم غيرتكم ولكنى أريدها أن تتحول إلى موقف إيجابى يرضى الله تعالى ، أما فيلم رجل .. هذا الفيلم الأرجنتينى بالأسبانية فهو يتحدث عن .. . ولكن يقاطعه صوت محمد المأمون الهضيبي بالتوجيه قائلا : كفاية شوف حاجة ثانية .

وبالطبع فإنه قد تدخل والتقط رغبة رئيس المجلس الملحة فى عدم استمرار المستجوب فى هذا الاستفزاز وحتى لا ينقلب الأمرإلى عكس ما ابتغاه المستجوب . وربما يكون لرئيس المجلس حدود فى صبره ، فقد تدخل الهضيبي فى وقت مناسب - فى مناورة بسيطة - ليؤكد لرئيس المجلس اتفاقه معه .

وبالفعل وصل ذلك إلى رئيس المجلس الذى خاطب المستجوب : يا دكتور حسن . كلنا نقول لك كفى حتى زملاؤك يقولون لك كفى إلا إذا كان لك شغفآ باستعراض الأفلام . وضحك الأعضاء .ورد عليه المستجوب بقوله : إنه أمر مؤسف حقا .

ويستطرد رئيس المجلس فى مداعبته اللماحة قائلا : الله دا أنت عندك ثروة ، ثروة فيلمية . ولكن المستجوب يكرر أسفه بقوله : إنه أمر مؤسف حقا ، ولكنها تقارير رسمية لهيئة تابعة للدولة . وليس كلاما من عندى . .

ويصررئيس المجلس على عدم استمراره فى وصف الأفلام قائلا : كفى لقد أعطيت عينات .ويؤكد المستجوب أنها نقارير رسمية قائلا : هذه تقارير الرقابة على المصنفات الفنية .

ثم يستدرك العضو حديثه : هذه نماذج فقط . أنا لم أعرض لكم تقرير فيلم يسمى "كازانوفا" وهو فيلم بالغ البشاعة فى العرى والجنس والإثارة ، والتقرير تحدث بكلام لا أستطيع أن أقوله هنا. .. وتدخل رئيس المجلس ليقطع عليه الاستطراد فى الوصف وبلهجة تعجب يقول : لأ .. دا أنت استطعت يا دكتور حسن . هو فيه أكثر من اللى اتقال هنا ؟! فيرد عليه المستجوب : هناك ما هوأبشع وعرض .

وبالفعل يستجيب العضو لامتصاص عضبه ويتحدث بعيدا عن الوصف قائلا : ومعى الآن وثيقة مرسلة إلى السيد مدير عام الرقابة على المصنفات الفنيه من السيد وكيل، أول وزارة الثفافة وبناء على ما طلبه السيد الوزيرحسب ما قالته الصحف يرجو فيها السيدة الرقيبه أن تفرج عن خمسة عشر فيلما ، يريد أن تفرج عنها الرقيبة ، والرقيبة منعتها منعا كاملا .

ولاعتراض كان للحفاظ على النظام ، والرقيبة بوعيها وأنا أتوجه لها بالشكر - وقد أحيلت إلى المعاش وربما لا أدرى السبب ، هذه الرقيبة أشكرها ، رأت أنه من الحفاظ على النظام ووحدة البلد والوطن والشباب أن تمنع هذه الأفلام تماما فأرسل طلبا موقعا من السيد وكيل أو ل الوزارة تحت مسئولية السيد الوزبر السياسية يطلب فيه العرض وأرسلت السيدة لرقيبة هذه الأفلام لتعرض على النقاد ولكنها عرضت على ا لجمهور . وتدخل رئيس المجلس لتنبيه للوقت مخاطباإيا ه : سيادتك تجاوزت الثلاثين دقيقه الآن .

ويبرر العضو ذلك قائلا : المجلس باحتجاجاته وغيرته عطلنى - أعطنى وقتا . ولكن رئيس المجلس ينفى هذا التبريربقوله : لا والله ما عطلك أحد لم تتوقف عن الكلام .

ويستطرد العضو فى حديثه قائلا : وهناك فيلم آخر "طفل النار" أو "مولود النار" يتحدث موضوع الفيلم عن آية من القرآن الكريم وموضوع الفيلم الأساسى يعتمد على النص القرآنى . وهذا الفيلم جنسية إنتاجه ابخليزى ، ويعتمد على النص القرآنى الذى يخاطب الله سبحانه وتعالى فيه إبليس ويأمرةأن يركع - كما يقصد الرقيب - يسجد لآدم فيكون رد إبليس أن الله سبحانه وتعالى قد خلق آدم من طين وخلقه من نار ويسير الفيلم ويحكى عن مشاهد خيالية وتشويه للقرآن وللإسلام . هذا ليس فقط ألغزو بالجنس وإنما أيضا بالاعتداء على ألعقائد وهذا مخالف - كما قلت لكم - ويعرضنا لآيات كثيرة لا نستطيع أبدأ كشعب وكأمة أن نقع تحت طائلة هذا العقاب الربانى ، لقد حدد الله سبحانه وتعالى قوما فقال لهم : (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا ، لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )(1) .

ثم عرج المستجوب على عرض نصوص قانون المصنفات الفنية وأحكامها وعقابها على من يخالفها. مما دفع برئيس المجلس إلى أن يتدخل مخاطبا إياه بقوله : يا دكتور حسن باستطاعتك أن تعرض ببراعة وتقول القوانين بتقول كذا من غيرأن تضيع وقتك وهى معروفة دون أن تقرأ هذه ألقوانين .ويحاول العضو تبرير ذلك قائلآ : إنى أريد أن أحدد ، ليستنير المجلس الموقر .فيرد عليه رئيس المجلس : المجلس عارف أن فيه رقابة على المصنفات .

ولكن العضو يؤكد تبريره قائلا : لنأخذ قرارنا على بينة وبصيره حتى نرضى الله تعالى أولأ قبل أى موقف آخر ، لأننا جميعا سنسأل ثم يخاطب الأعضاء بلهجة المتظلم الشاكى قائلا : أيها الإخوة هذا بعض ما حدث فى مهرجان 1987 ولا أدرى لصالح من هذا الامر ؟

واننى حزين أن اختصر أشياء كثيرة وحقائق خطيرة موجودة بسبب الوقت الذى يطاردنا ، وهو امر لم نعهده أبدا فى الاستجوابات .. فيرد عليه رئيس المجلس على هذه ألشكوى قائلأ : ستعهده دائما ا لأن الوقت غير مخصص لمثل ما تفرط فيه فى حديثك وسنعلم ان الوقت له ثمن وعن هذا التفريط يرد المستجوب : هذه اتهامات محددة وأرجو أن نسمع فيها أجوبة محددة . وينبه رئيس المجلس للوقت قائلا : سيادتك بتتكلم منذ35 دقيقة .

واستطرد العضو فى حديثه قائلا:

هذا بعض ما حدث فى مهرجان 1987 وقد حدث أيها الإخوة ما هو أسوأ منه فى مهرجان 1988 فقد عرضت أفلام أكثر فحشا وخلاعة وحمقا وتشكيكأ فى الله ورسله تصويرا لألوان من الشذوذ فى العلاقات بين البشر .

وإننى أتساءل : ما حاجة مصر لهذه الأمور ؟ لصالح من تشجع الدولة أو تبدو الدولة وكأنها تشجع هذا الأمر ؟ ان الرأى العام والناس ترى المسئولين وهم يقفون فى حفلات التكريم والتصريحات التى تقول إن السيد الوزير رفض أن تعرض هذه الأفلام أصلأعلى الرقابة ومرت مباشرة دون حذف ولا اعتراض على أى فيلم من هذه الأفلام تماما هذا العام .

هذا أمرأسوأ من الأعوام السابقة بينمافى عهد الوزراء السابقين . . واحد زى الرحوم محمد عبدالحميد رضوان رحمه الله وزير الئقافة الأسبق اعترض على هذه الأفلام واعترض على أن تكون بلادنا تحت أى مسمى حقلأللتخريب والتدمير .

ولهذا شطب المهرجان وسحبت منه الدولية ، ثم عاد البعض وذهب إلى باريس واستعاد العضوية الدولية والهيئة التى تنظم هذ المهرجانات ، قولوا لنا من يرأسها ؟إنى أعرف أن الذى يرأس هذه اللجنة يهودى فى فرنسا ، فلمصلحة من تغزى بلادنا بهذ الأفلام ؟ لمصلحةمن ؟

أهو غزو ؟ أهو شىء لتحطيم مصر ؟ أهو المقصود أن تخرج مصر من حلقة الصراع وحلبة الصراع مع إسرائيل وأن تدور مصر بأى ثمن بالمخدرات بالجنس بالثقافة الهابطة ؟

قولوا لنا أيها الساده لصالح من تتبنى الدولة هذأ الأمر وتقبل أن تعرض فيها أفلام تحطم مهابة رجال الدين المسيحى ورجال الدبن الإسلامى بعرض صور من الانحراف ؟

لصالح من تتبنى الدولة هذأ ؟وماحاجتنا إلى هذه الفنون الغريبة والعجيبة ؟ ما حاجة مصر إلى هذا التخريب ؟ إننا لا نرى أناسا ينتصرون على شهواتهم .

نريد فنونا فنونا تبين لنا ناس ينتصرون على شهواتهم ، ناس تنهض إذا سقطت ، ناس يتوبون إلى الله ويستغفرونه هناك فيلم واحد فقط ومن بانوراما رسمية يصدرها المهرجان .. . عرض شىء مخجل عرض هذا الفليم اسمحوا لى أن أعرض عليكم بعضا من المشاهد المكتوبة رسميا والتى تدعو الناس وتحرضهم على مشاهدة هذه الأفلام

ولوح العضو المستجوب بعجلة فى يده عدة مرات ئم استدرك : إن إلدولة تكتب إعلانات وهناك إعلانات تنشر ويسمح بعرضها ، تدعو الناس إلى مشاهدة هذه الأفلام وبها شرح لمشاهد الجنس لتحبيذ ألدخول والمشاهدة . إنها بكل المعايير جريمة كبيرة وأثق أن مجلسكم الموقر سيكون له موقف يراه ويجده عند الله سبحانه وتعالى يوم العرض الأكبر .

وفى هذا مخالفات - كما ذكرت لحضراتكم - مخالفة للمادة " 2 ! من الدستور ومخالفة للمادة " 2 1 " من الدستور ومخالفة للقانون رقم " 0 43 ) لسنة 1955 ومخالفة أيضا للمواد 1 ، 2 ، 3 ، 4، من القانون 95 لسنة 1980 وهو المعروف باسم اقانون حماية القيم من العيب ) .

ثم ختم حديثه قائلا : "إننى أترك لمجلسكم الموقر الحكم فى هذا الأمر وهذه الظاهرة الخطيرة وأحتفظ لنفسى بحق التعليق على السيد الوزير وتقديم الطلبات التى نراها مناسبة بعد تعليق السيد الوزير : فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد"(ا) .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0 وصفقت له المعارضة .. وإن كنت أعتقد أن الأغلبية قد صفقت له بقلوبها أيضا .

ولم يفت الدكتور رفعت المحجوب الفرصة لأن يعقب على حديث العضو المستجوب فقال : الدكتور حسن حسنى تحدث 42 دقيقة ، وأريد أن أقول كلمة حتى تكون الأمور واضحة لنا جميعا منذ البداية وهذه مسئوليتى فى إدارة الجلسة .

كفاءة الحديث تتمثل أساسآ فى نقل المعلومات إلى السامعين فى أقصر وقت ممكن . نحن فى عالم لم يعد يستطيع أن يجلس الساعات الطويلة ليتحدث فى موضوع واحد.

إلا أن العضو المأمون الهضيبي أراد مداعبته وتوقيره أيضا فصاح به : "مش كل الناس عندها موهبتك .. ومش كل الناس عندها كفاءتك يا ريس ومش كل الناس مطلوب منها أن تكون على نفس المستوى .

وصل ذلك لرئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب الذى رد بقوله : لا . . عندكم كلكم ، فيه كفاءة كبيرة . وكلكم كفاء ات وأن ننقل الحديث إلى السامعين فى أقصر وقت ممكن . شكرا! . ولكن المأمون الهضيبي رد عليه : ومع ذلك - الحمد لله - كان المستوى كويس . فرد عليه رئيس المحلس : أنا ما قلتش حاجة المستوى ممتاز بس ما تطولش .

ثم وقف وزير الثقافة فاروق حسنى مدافعا عما اتهم به من مسئولية سياسية عن مهرجان القاهرةالسينمائى وأعلن قائلآ : نحن نتحمل المسئولية كاملة عن كل ما نقدمه فى لوزارة الثقافة فى مهرجانات السينما وفى مهرجان.

المسرح فنحن لا نقيم مهرجانا سينمائيأ "كشادرلم ينفض بعد عرض إفلامه ورحيل ضيوفه يكننا نقيمه أداة للتثقيف وللوعى وللعلم والمعرفة ولبناء مواطن صالح مدرك ، ونقيمه فى مصر البلد ثم المسلم والشعب المتحضر بطبعه بحكم أطول تاريخ عرفته البشرية . وأعود وأكرر : نحن لا نقل حرصأ على إسلامنا ولا وطنيتنا عن أى مواطن مسلم مخلص ولا نقبل أى تشكيك فى ذلك .

وأضاف : وفى الوقت ذاته نحن ندرك جيدا الأخطار الفكرية الداخلة فى مجتمعنا والتى تهدد أكثر ما تهدد أطفالنا وشبابنا ربيع الواقع ومستقبل الحياة .

هذه الرؤية ذاتها هى التى تحكم عرض أفلام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى والذى تحكمه قواعد خاصة ولوائح تتمشى مع لوائح المهرجانات الدولية المشهورة المؤثرة فى سينما العالم بالتالى فى ثقافاته .

ورغم أن لوائح وأنظمة هذه المهرجانات الدولية لا تخضع لأنظمة الرقابة ، فنحن فى وزارة الثقافة المصرية نخضع عروض مهرجاناتنا السينمائية لقانون الرقابة على المصنفات الفنية .

ونحن هنا استثناء من قاعدة دولية ونحن نقيم المهرجان ونعرض الأفلام ونستثنى ونواقب كل هذا إنطلاقا من إدراكنا لمسئوليتنا التى ربما أفضت فى الحديث عنها وهى حماية المجتمع والقيم .

ثم أوضح قائلا : والقانون المنظم للرقابة وهو القانون رقم 430 لسنة 1955 يستهدف تطبيق معايير الرقابة وهى حماية الآداب والأمن ومصالح الدولة العليا .

على الرغم من أن هذا القانون يقصد العروض السينمائية التجارية فقط ومهرجان السينما ليس مهرجانا تجاريأ ومع ذلك فالرقابة عندنا تطبق القانون على مهرجان السينما وتفرض سلطتها على عروضه كاملة رغم أنها عروض لا تستهدف الربح المادى ولا يعرض أى فيلم فى أى مهرجان سينمائى فى مصر قبل أن يحصل على تصريح من الرقابة بعرضه فى المهرجان ، وأكرر يحصل على تصريح عرضه فى المهرجان وكل الأفلام التى عرضت فى جميع دورات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى حصلت قبل عرضها على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية كل الأفلام التى عرضت بلا اسثناء واحد .

وهذا هو الحال مع فيلم الرجل المحجب ! الذى ذكره السيد العضو بالتحديد فهذا الفيلم حاصل على تصريح الرقابة رقم 6/58 9 2 لسنة 987 1 وسمحت الرقابة بعرضه عرضين خاصين للنقاد والصحفيين والسينمائيين المتخصصين فقط وليس للجمهور العام. وبرر ضرورة العروض الخاصة قائلا : يأتى أيضا من إدراكنا لمسئولياتنا العامة وتحدده أيضا الرقابة وليس وزير الثقافة أو رئيس المهرجان ويهدف العرض الخاص إلى إتاحة الفرصة لعدد محدود جدا من المتخصصين فى النقد والكتابة والعمل السينمائى لمشاهدة فيلم لكى يستفيدوا من جوانبه المختلفة سواء كانت على مستوى الآراء أو الأفكار للتنفيذ أو التكنيك .

فهذا الجمهور الخاص يجب أن يستفيد من تقدم السينما العالمية ومن اختلاف الآراء وهذا الجمهور الخاص على قدر اكبر من الوعى والثقافة وتقدير المسئولية وهذا الجمهور الخاص أيضا ، يشكل أداة من أدوات التثقيف العام ، فيجب أن يعرف ويعلم .

والعرض الخاص يطبق على أفلام يمكن أن تتضمن أفكارأ أو مشاهد لا يجوز السماح بعرضها على الجمهور ، وفى الوقت ذاته ترى الرقابة أنها تفيد المتخصصين .

وبهذأ فالرقابة توائم بين القواعد المتبعة فى معاملة الأفلام المشتركة فى المهرجانات والتى تقضى بإطلاع الوفود المشاركة فى المهرجان على الأعمال الفنية للدول فى قاعات خاصة على هيئة ندوات فنية يتبادل فيها الحاضررن والنقاد مناقشة وتقويم هذه الأفلام وبين ما تقتضيه تقاليد وقيم المجتمع المصرى والحفاظ عليها بمنع مثل هذه الأفلام من العرض العام للجمهور العادى . بل واكثر من هذا وبحكم مسئوليتى كوزير للثقافة فقد منعنا عرض بعض الأفلام التى أجازت الرقابة عرضها .

ويجب علينا أن نبتعد عن اغتصاب التفسيرات الخاطئة ، وعلينا أن نتمتع بسعة أفق ورحابة صدر وبحرص على مسئولية أشمل . فمن الممكن أن تختلف الآراء حول أى موضوع وتتعدد التفسيرات لأى فيلم أو قصة وهو خلاف وتفسير مقبولان عادة فى إطار القيم والتقاليد ، ولدى وزارة الثقافة الخبراء المختصون الذين يتمتعون بالوعى والثقافة والمسئولية الوطنية كى يحكموا حكما صحيحا ويقدروا تقديرا مسئولأ وموضوعيا .

أما وقد شعر عضو الأغلبية سعد الدين وهبة أن رد الوزير لم في يكن كافيا وهو رئيس للجنة الثقافة بالمجلس .. ورئيس لمهرجان القاهرة السينمائى الذى كان محل انتقاد واستجوإب الإخوان . . فقد طلب الكلمة لإبداء إيضاح ، فأشار إلى أن الدكتور حسن حسنى وهو يستصرخ بقلبه - وعن حق - أن هناك من الأفلام ما قد أثار حفيظهة 200 ألف شاب وفتاة وقال إن هذه إحصائية المهرجان . . إلا ان لائحة المهرجانات الدولية تحتم ألا يعرض أى فيلم داخل المهرجان أكثر من ثلاثة عروض ، فإذا عرض العرض الرابع تكون مخالفة تحاسب عليها فى الاتحاد الدولى . ومعنى هذا أن أى فيلم يعرض فى مهرجان القاهرة لا يراه أكثر من 2000 إلى 3000 شاب .

وأما عن فيلم الرجل المحجب الذى تكلمت عنه دون الدخول فى تفاصيل فهو فيلم عن الصراع بين طائفتين دينتين : شيعة لبنان والكتائب اللبنانية وانعكاس هذا فى باريس . . وهنا أبدى سعد الدين وهبة أسفه قائلا : إن الأستاذ الدكتور حسن حسنى قرأ تقريرأحد الرقباء إنما التقرير النهائى معى . ثم أبدى أسفه للمرة الثانية عندما أثار إلى أن الوزير ذكرأن الرقابة قالت إنه يعرض عرضا خاصا.. لا .

الرقابة قالت يعرض عرضا عامآوالتقريرمعى وها هو . . ولوح بورقة لكى يريها للأعضاء . . ثم أكد قائلا : نحن الذين قلنا يعرض عرضا خاصآ . فى سينما كريم وعرض فى الفندق . وأضاف بقوله : والسيد العضو حسن حسنى حاول أن يدخل سينما الفندق عام 1988 فى حفلة الساعة الثامنة والنصف ومنعوه . لأنهم قالوا له إنها حفلة نفاد فجاء إلى مكتبى وتشرفت بأن شربنا معا فنجان قهوة .

فقاطعه الدكتور حسن حسنى نافيا : لم يحدث هذا .. فأبدى سعد الدين وهبة دهشته قائلأ : ألم تأت إلى مكتبى وشربت قهوة ؟

فضحك الأعضاء ..ئم أضار سعد الدين وهبة إلى الجواب الذى ذكر، الدكتور الحسينى ، وقال الذى وقعه وكيل أول الوزارة وفيه 3 أفلام ، فلوأن الدكتور الحسينى قرأ هذا الجواب سيجد أن تاريخه 28/ 11 فى حين أن الترخيص لهذه الأفلام تاريخه 26/ 11 أى أن الترخيص صدرت من الرقابة دون تدخل لا من وكيل أول الوزارة ولا من الوزارة . فقاطعه العضو المستجوب قائلا : 11/18 يا ريس ..

ولكنسعد الدين وهبة استمر فى رده وتوضيحه فقال : لم يحدث أن منعت الرقابة فيلما وعرضناه . السنة دى فى عام 1988 بيقول ما منعناش منع 9 أفلام من العرض ، ونحن الذين منعناهم بالاتفاق مع الرقابة وحرصا على سمعتنا وعلى سمعة الدولة ، لم نقل فى الجرائد أننا منعنا 9 أو 10 أفلام لأن دى علاقات دولية ومش ضرورى نسىء لحد . ثم ختم توضحيه مؤكدا بأن مهرجان السينما يحرص على الأخلاق ويحرص على التقاليد ولايعرض فيلما إطلاقا إلا لهدف فنى أو إنسانى أو هدف أخلاقى وعندما يعرض 250 فيلما ونأتى ونتحدث عن فيلمين أو ثلاثة أو أربعة فإن باقى الأفلام كلها على مستوى عال وتنهض بصناعة السينما .

وتحدث عبد الغنى السمان عضو الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم واتفق مع المستجوب الإخوانى حيث وجه حديثه للوزير بقوله : لا ينفى - يا سيادة الوزير - أنه نى مهرجان القاهرة الدولى بعض التجاوزات التى ذكرها الإخوة .

وإذا كان لدينا حرية المنع لأى أفلام هابطة فلنمنع اعتبارا من الآن . وليس كل التكنيك الفنى وليس كل الرؤية التقدمية فى الافلام أن تكون بالضرورة أفلامة بها بعض المناظر الجنسية .. ليس بالضرورة على الإطلاق . . وأما جمال أسعد عبد الملاك عضو حزب العمل - ضمن التحالف الإسلامى - فأشار إلى الحلال والحرام فيما يخص الجوانب الفنية فقال : إنها عملية - من وجهة نظرى - نسبية بمعنى أنه يمكن أن يكون التليفزيون حلالأ وحراما فى ذات الوقت ويمكن للسينما أن تكون حلال وحرامة فى ذات الوقت .

ومن هئا فإن الحلال والحرام فى أعمال هذه الأدوات . وضرب مثالأ لرؤيته قائلأ : فأنا لا أتصور أن فيلما مثل عمر المختار والذى نأتى بأولادنا الصغار لتربيتهم على ما فيه لأنه يعطيهم قيما وطنية قومية حقيقية . فى هذه النوعية من الأفلام فالسينما حلال .. حلال .. حلال .

ئم ختم حديثه وأردف بقوله : ولذلك لابد أن نلتزم تماما بمستوى الأساليب والنوعيات التى يكون الأساس فيها هو تكوين الوعى لدى المواطن المصرى لكى يكون مواطنا ذا وعى مشاركة فى حل مشاكل مصر وهذا أمر أساسى بجانب كل الادوات التى نتكلم عنها) .

وكان هذا العضوآخر المتحدثين والمعقبين على سؤاله .. حيث كان قد تقدم فى هذا المجال تسعة أسئلة عقب ثلاثة أعضاء فقط على إجابة الوزير . واكتفى رئيس المجلس بذلك .

حيث صاح البعض،من الأعضاء بأن الأمر وضح ولا يحتاج لمزيد من التعليقات . ! : وإن كان لنا تعليق على ما دارفى قاعة مجلس اثناء هذا النقاش أو ذلك العرض .. فإنه !! يمكن القول بأن الإخوان المسلمين قد عرضوا القضية بتكتيك بارع وأداء جيد وحسن تنظيم فى توزيع الأدوار ، حيث لم يكورأحدهم الآخر بل عرض كل منهم لجانب أو لزاولة من قضية الثقافة وإن كانت قد تركزت حول السينما كأداة تثقيفية ، إلا أن الأمر لا يخلو من النظرة إليهما فى إطارالإعلام المؤثر.

وإذا كانوا لهم رؤيتهم ونقدهم لسياسة الإعلامية الداخلية .. فإنهم يدركون أن للسينما ، خاصة الأجنبية تمثل نوعا من الإعلام الأجنبى الوارد إلينا . وبذلك وإن كانوا فى سعيهم لم تقويما للسياسة الإعلامية الداخلية - فلم يفتهم أليضا التصدى للإعلام الأجنبى الممثل فى فن السينما.

وإثباتا لصحه تفسيرنا . فإن الإخوان قد أعدوا لذلك عدته منذ مهرجان القاهرة السينمائى لعام 1987 وهو ذات العام الذى انضموا فيه إلى مجلس الشعب وأولوا الاهتمام به أيضا فى عام 1188 لم وإن كانآ مناقشته قد أجريت فى عام 1989 وقبل عقد المهرجان فى أواخر العام المذكور وإذا كان اشتراك مصر فى المهرجانات السينمائية الدولية لها وجاهتهما ، فإن عقد مصر أيضا لهذا المهرجان على أرضها له وجاهته أيضا .

ولاشك أنه فرصة لعرض الفكر العربى والإسلامى أمام هذا المستوى العالى من السينمائيين الدوليين . ومن جانب آخر لا يمكن أن نغفل رؤية مؤلاء السينمائيين الدوليين فى ديننا الإسلامى وعقيدتنا وعروبتنا وحضارتنا وحياتنا .

لأنه من الأهمية الإطلاع عليهما خشية أن تكون رؤية خطأ فجب تصحيحها بنفس الأدوات اعلامة أيضا أو بأدوات إعلامية أخرى . وأما إغفالها فإنه يحدث بنا خسائر من ناحيتين : أولاهما :أن الشعوب الأجنبية التى ستطلع على أوتشاهد هذه الرؤية الخاطئة ربما تقتنع بها وإزاء لم عدم تصحيحها فإن الأمر يصبح بالنسبة لها قناعة ، تتحول إلى مشاعر مضادة للمسلمين وللعرب أيضا.

ثانيتهما : لا يمكن تجاهل هذه الرؤية حتى يستوعبها جمهورنا ، ويدرك ما حوله ، بل ولا تجعله فى حالة تصادم مع هذه الشعوب عن غير وعى وتساعد على تكوين رؤية مضادة للتوضيح والتصحيح بل وللنظر إلى أنفسنا وإعادة مراجعة معها حول مدى صوابنا أو خطئنا .

ولذلك كان من الضرورى أن تكون هناك عروض خاصة لبعض الأفلام من نوع الفن السياسى" على المتخصصين من النقاد والصحفيين والسينمائيين للاطلاع على ما أشرنا إليه سلفا . أما وقد تسرب بعض الأفراد إلى هذه العروض ألخاصة ، فالأمر لا يخرج عن كونه خطأ تنظيما ، يمكن تلافيه .

وأما عن المشاهد إلجنسية فى الأفلام الاجنبية - فإنه من المتابعة العامة لها - فإنه يلاحظ أن أعلى مستويات الأفلام السينمائية لا تحتاج إلى حشو أو حشر أو عرض مثل هذه المشاهد ، لأنها تناقش أو تعرض فكرة أو قضية . وهناك أمثلة كثيرة على ذلك حازت على أعلى الجوائز العالمية . وأما هذه المشاهد فإنها - غالبا - تحتويها الأفلام دون ذلك المستوى العالى .

ومع هذا فإننا نعرف أنه عندما تعرض مثل هذه الأفلام فى مصر فالأمر لا يخرج عن احتمالين : إما تحذف الرقابة مثل هذه المشاهد. . وإما يحذف الصارخ منها ولا يسمح لدخولها لأقل من 16 عاما وأعتقد أن هذه اليافطة كثيرا ما نجدها معلنة وإن كانت بعض دور العرض تستغل ذلك تجاريآ وتعلق مثل هذا الإعلان ولايكون فى أفلامها شيئ من الجنس .

فإذا كان هذا واقع موقف الدولة من المشاهد الجنسية فى السينما فإن الأخطر من ذلك . هو الفكر ألأجنبى ومدى اتساقه أو مواءمته مع عقائدنا وتقاليدنا واختلافه أو تعديه على هذه العقائد . . وكما سبق القول فإننا نرى عرضها مع عرض رؤيتنا النقدية لها حتى يطالع الجمهور هذا الفكر .. إما أنه يتفق معنا ، وإما أنه يختلف ، وفى الحالتين لابد من نقاشه وتفنيده إذا أمكن .

لأن حجب ذلك الفكر عنا لا ينمنحنا الفرصة للتصدى له ، وفى ذات الوقت ينمو ويترعرع بعيدأ عنا ، ولكن للأسف تفد إلينا سياسات أو سلوكيات من الأجانب ، دون محاولة التصحيح من جانبنا .


فالإعراض عنه ليس من المصلحة إنما لابد من مطالعته لنعيش الحقيقة ، وذلك يحدث عادة فيما يكتبه بعض المستشرقين عن ديننا وتاريخنا ، وهناك نوع من المفكرين والكتاب والباحثين يقومون بمناقشة آراء وأفكار هؤلاء المستشرقين وتصحيح مفاهيمهم ونتائج بحوثهم وقد نجح ذلك الأسلوب . . وقياسا على هذا ، فلابد ألا نعرض فكر السينما الأجنبية بل نطالعه ونناقشه بنفس الأدوات واللغة السينمائية والتى تفهمها شعوب كثيرة وإذا كان الاخوان قد أثاروا هذا الأمر . . فإن لإثارته فائدة وهى - ابتداء - قراءة أفكارهم ورؤيتهم للفن - وتطلعهم إلى الفن من النوع الراقى . . وكما أشار جمال أسعد عبد الملاك فإن الحلال والحرام هو ما تقدمه السينما وليس أدواتها . وعلاوة على ذك فإن أثارة الأمر يعنى توجيه نظر الدولة أوسياستها نحو الالتزام بالدستور فيما نص عليه من المحافظة على القيم ، وأنهم يراقبون الحكومة فى ذلك الاتجاه وهذا فى حد ذاته يعد رادعا أو جرسا يدق فى عالم النسيان أو التنبيه على عدم تجاوز خطوط المجتمع الإسلامى وحدود الدستور .


وإن كان لنا تساؤل حول مدى نجاح الإخوان فيما حققوه فى هذا النقاش المثير . . فإننا نشير إلى نجاحهم . . فى تحييد البرلمان إزاء وزير الثقافة .

فقد تعودنا فى مجلس الشعب أن نرى بعد كل نقاش أو مساءلة ، لوزير ، أن يعلن المجلس تأييده أو مساندته أو مؤازرته له ولعل ذلك تكرر مع اللواء زكى بدر وزير الداخلية ألذى تصدى له الإخوان ولاحقوه بكل وسائل الرقابة البرلمانية . . إلا أنه يلاحظ أن هذه الجلسة قد أنتهت بأسلوب وبصيغة مختلفه . . حيث لم تقرأغلبية المجلس الاتهامات التى وجهت إليه ، ولكن فى ذات الوقت لا تعلن تأييدها أو مساندتها لسياسته .. وهذا واضح من خلال إعلان رئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب اقتراحا فحواه : بعد أن استمع المجلس إلى مقدمى الاستجوابين السيدين العضوين الدكتور حسن حسنى والشيخصلاح أبو إسماعيل وبعض السادة مقدمى الأسئلة إلى السيد وزير الثقافة ورد السيد الوزير على الاستجوابين والأسئلة .

يقترح السادة الأعضاء وعددهم 57عضوأ الانتقال إلى جدول الأ عمال . .فوافقت الأغلبية على الفرر . . ورفعت الجلسة ؟!

وبهذه الصيغة فقد أنتهى النقاش . . وهذا يؤكد ملاحظتنا بنجاح الإخوان فى تحييد البرلمان .. فإن كانت الأغلبية التى تنتمى للحزب الوطنى الديمقراطى والذى ينتمى إليه الوزير ، أيضا ، لم تستطع – بحكم الالتزام الحزبى – إدانة الوزير بإقرار اتهامه . فإنها أيضا لم تؤيده ولم تسانده . . وبذلك أصبح موقف الوزير السياسى متأرجحا بين عدم الإدانة .. وعدم التأييد أيضا وهذا ما يسجل للإخوان . من إحرازهم نقطة وإن كانت لم تسجل هدفا فهى حققت تعادلأ ؟؟

وذات النجاح حققه الاخوان بالنسبة لوزير الثقافةفاروق حسنى . عندما قاموا بتحييد مجلس الشعب إزاء سياسته . وخاصة التى تدور حول تطوير هضبة الاهرامات . وإن كانوا قد أولوا اهتماما بالآثار المصرية عموما حيث أنها تراث وطنى وكذلك تعد من مصادر الدخل السياحى القومى .

وفى هذا الصدد كان قد تقدم ستة عشر عضوا بأسئلة لوزير الثقافة ومنهم نائبان من الإخوان محمود أحمد نافع وأحمد عبد الله فراج .

ودارت هذه الأسئلة حول وضع الاثار المصريه و وضها الآثار ألإسلامية .

وكانت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة برئاسة سعد الدين وهبة قامت بزيارة ميدانية وتفقدية . هذه ألآثار . . وقام أحد نواب الإخوان الذين شاركوأ فى هذه الزيارة بالتعليق عليها مشيرا إلى أن اللجنه زارت أحياء الجمالية و مصر القديمة والكنيسة المعلقة .

وقد أبدى انزعاجأ حول حالة هذه الآثار قائلا وقد فوجئنا فى هذه الزيارة بما لم نكن نتوقعه .. فالمساجد حولت إلى مقالب للزبالة .

وافتتحت شوارع لتوصيل بين حارة وحارة ، أو بين شارع وشارع ، ولقد أذن الظهر ونحن فى حى من ألأحياء الموجودة وحاولنا آداء الصلاة ومعنا السادة أعضاء اللجنة وكنا فى منطقة عريقة زاخرة بالمساجد الإسلاميه العريقة وهى موطن انتشار الدعوة فى هذا المكان .

فلم نستطيع آداء الصلاة لعدم مناسبة الأماكن فاضطررنا إلى الصلاة على حصيرة بين قطعان الماعز . هكذا وصل ألحال بآثار تعتبر رمز لأنصع فترة من فترات التاريخ ..

ويستوقفنا احساس الاسى مما يصفه النائب .. ولاشك أننا نعلم ذلك. وكثير من الأطراف الرسمية تدرك ذلك . . إن هذه الآثار الإسلامية والممثلة فى تلك المساجد ، تقع بين المسلمين وتلك حالتها . . فمن - عليه هذه المسئولية ؟!

إذا أشرنا إلى الأجهزة الرسمية للدولة فإنها مسئولة .. ولكن مع افتراض أنها تعمل من أجل نظافتها فإنها رغم ذلك لا تلقى ترحيبا أو حماسأ أو إيمانا لدى المحيطين والمقيمين بهذه المساجد ومن هنا تعجز هذه الأجهزة عن الاستمرار فى عملها وسوف يصيبها الاحباط . . واليأس .

وهنا نصل إلى سؤال أهم .. ما موقف المسلمين فى هذه الحالة ؟! ولماذا صمت المسلمون عن نظافة المساجد وما حولها ؟! ولماذ لم يسع المسلمون أنفسهم لاجراء هذه النظافه والحفاظ على هذه المساجد ؟ وما تفسيرك ذلك ؟!!

وإذا انبرى أحدنا مشيرأ إلينا قائلا : ولذلك فالإسلام هو الحل. . ولانشك فى هذا الحل . . إنما كان الإسلام موجودأ منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنأ .. ومازال الإسلام فى ذاته وتعاليمه عظيما محتفظا بقوته . . فكيف لا ينسحب ذلك على هؤلاء المسلمين الذين توجد بينم وحولهم هذه المساجد بهذه الحالة ! ومن هنا أرى الحل أيضا لدى المسلمين . . بأن يكون إسلامهم حقيقما وعمليأ .. ولا يكفى أن نكون مسلمين فى شهادات الميلاد أو بحكم الانتساب للإسلام فقط .- إنما لابد أن نحيا الإسلام حياة .. وأبسط تعاليمه النظافة .

ومن هنا قال الرسول محمد : "النظافة من الإيمان " .. وفى غياب هذه النظافة فلا إيمان لنا .. فهل هذا هو الواقع الذى نعيشه اليوم ؟! وهل فى دعوة الإخوان المسلمين للإسلام هو الحل . . دعوة لليوم .. وللغد ؟؟ وفى جولة أخرى وكانت الاخيرة مع وزير الثقافة . حيث قدم تسعة أعضاء أسئلة ومنهم نائبا الإخوان الدكتور حسن حسنى وعز العرب فؤاد حافظ . واستجواب أيضا من نائب الإخوان مجدى أحمد حسين . وكانت تدور حول مشروع الوزارة لتطهوير هضبة الأهرام إلا أن النائب الإخوانى مستجوب الوزير قد انفرد بالشرح والاتهام واستيضاح الوزير وتأليب المجلس ضده .. وقام الوزير بالرد وعرض لنموذج المشروع المقترح وكذلك بعض الشرائح التصويرية ألملونة لتوضيح وجهة نظهره .

ودار النقاسن حادا وساخنا . . وانتهى الأمرأيضا بتحييد مجلس الشعب .. فلم يقرر إدانة الوزير لاضراره بالمصالح الوطنية . . ولم يوجه له شكرأ أو تأييدا أو مساندة إنما كان المجلس فى موقف المحايد حيث أنهى المناقشة وانتقل إلى جدول الأعمال دون تحديد موقف نهائى .

وهكذا فإن الإخوان نجحوا أيضا فى تحقيق التعادل فى هذه الجولة ، ويعد ذلك فى حد ذأته نجاحا حيث لم يصدر من المجلس تأييدأ لسياسة الوزير . وإنما حققوا أيضا نقطة فى رصيدهم من الرقابة البرلمانية . . بشرعيتهم النيابية للشعب.

الإخوان والتعليم الديني

إذا كان الإخوان اعتبروا التعليم من المحاور الهامة التى أولوها اهتمامهم ، وحاولوا دفع اهتمام الدولة إلى أعلى المستويات بتطويره وكذلك زيادة جرعات الثفافة الإسلامية ضمن مناهجه .. فإن ذلك تواكب مع تولى الدكتور أحمد فتحى سرور وزارة التعليم . والذى بادر بعدة إجراء ات وخطوات لاقت استحسان الرأى العام وخاصة الإخوان منهم .

وربما كانت أبرز نشاطاته التى فجرت ضجة واهتمام الرأى العام هو محاربته لظاهرة الغش الجماعى فى الامتحانات . وقد تصدى له حيث حقق بعض خطهوات النجاح فيه على أعلى مستوى محافظات الجمهورية ومن هنا تابعه الرأى العام فى تنفيذ خطواته السياسية،التى رفعت شعارها ألا وهو تطوير التعليم .

ولاشك أن أبرز نشاطاته قد شدت انتباه الإخوان المسلمين . حيث أنه حارب رذيلة يلفظها الإسلام خاصة الرسول محمد والذى قال : "من غشنا فليس منا" .. ومن هنا كانت أولى خطواته ذات سمة إعلامية .. فلاقت قبولا وترحيبا من الإخوان .

ولعلنا لا نغالى لو أشرنا - من خلال متابعة ميدانية فى البرلمان - أنه من الوزراء القلائل الذين نالوا تقديرآ خاصا من الإخوان المسلمين ، ولذلك فلم يقع بينه وبينهم صدام أومواجهة أو ماشابه ذلك . بل إنه أحيانا قد حصل على شكرهم العلنى تحت القبة ومؤازرته فى سياسته .

وإن كانوا قد مارسوا الرقابة البرلمانية حول هذا المحور المهم إلا أنه يمكن القول بأن هذه الرقابة تضمن توجيه وتوعية الوزير ببعض الملاحظات التى ربما لم يصل علمه إليها أو مسئولين آخرين بالوزارة يكونون قد ابتعدوا عن فلسفة سياسته ومنهجها . ومن جانب آخر فإن الوزير قد تعامل معهم بلباقة ودبلوماسية واستجابة لما يرى أنه حق كما يراه ، وأبدى الاستعداد للتعاون والمشاركة فى باكيد وترسيخ التربية الدينية فى مناهج التعليم . وكانت أولى المناقشات التى جرت حول التعليم . طلب مناقشة تقدم به ياسين سراج الدين وأكثر من عشرين عضوأ وكذلك تقدم ثمانية أعضاء بأسئلة ومنهم نائبان من الإخوان . وكان سؤال أحدهم ، وهو محمود أحمد نافع ، يدور حول الأسس التى تقوم عليها سياسة تطوير التعليم وما نصيب التربية الدينية مها 62 ) ؟

وقد أدلى الدكتورأحمد فتحى سرور وزير التعليم – حينذاك – ببيان جاء به : إن التربية الدينية تحظى من الوزارة بكل الاهتما م ، فالهدف من تطويرها هو تكوين المواطن الصالح الذى يستمد مثله العليا من مبادىء الإسلام القويمة التى يقوم عليها النظام الإسلامى0 ثم عرض وسائل تحقيق هذا الهدف والتى تتمثل فى : أولأ : غرس العقيدة .

ثانيا : دراسة العبادات وممارستها .

ثالثا : عرض بعض القضايا التى يثيرها أعداء الدين والردعليها . رابعا : تعزيزكل وسائل التربية الدينية بالنصوص الدينية للقرآن الكريم والحديث الشريف .

ثم تقرر الوزارة كتابا له موضوع دينى واحد بدءا من الصف الخامس الإبتدائى وحتى الصف الثالث الثانوى وقد تم تطويركل مناهج التربية الدينية . وهذه المناهج الآن تتناول الجانب المعرفى والجانب الوجدانى والجانب السلوكى أى أنه لا يوجد تركيز على جانب وترك جانب آخر .

وقد عنى تطوير التربية الدينية بتعميق الإيمان بالله وعنى التطوير بمشكلات المجتمع الدينى واهتم التطوير بالعناية بالتفكير السليم واستغلال الشخصية وتجنب التبعية العشوائية والانقياد إلى أى تفكير دون وعى أو تأمل فى مدى توافقه أو عدم توافقه مع مبادىء الإسلام واهتم التطوير بالعلم والبحث العلمى فى الإسلام كما أهتم بالسيرة والشخصيات الاسلامية والجوانب التطبيقية العملية هذا هو ما اهتمت به التربية الدينية فى مناهجها .

وعقب محمود أحمد نافع وقال : نضع تحت نظر سيادة الوزير السلبيات الموجودة فى النظام التعليمى القائم حتى يأتى التطوير الذى ننتظره مؤديا لعلاج هذه السلبيات وأولهما أن هناك المواد الفلسفية "المنطق والفلسفة وعلم النفس ) فيها كثير من المداخل التى تطفى فى قيمنا وفى عقائدنا .

واكتفى بالقول فى هذه المواد الثلاث أن العلمانيين تدخلوا تدخلآ سافرا لكى يخرجونا عن الخط المستقيم الذى يجب أن نحرس به قيمنا ونحرس به علمنا ، وكل الآمال التى نعلقها على هذا التطوير الجديد ولذلك فإننى آخذ بلب سيادتكم ناصحا بأن يوكل تعديل المناهج وتطويرها إلى أساتذة أفاضل يؤمن جانبهم حتى لا تكون هناك انحرافات مثل التى توجد فى بعض المواد التى تدرس الآن . هذا فيما يتعلق بالثشق الأول من سؤالى عن سياسة الورارة نحو تطويرالتعيم .

أما فيما يتعلق بموضوع نصيب التربية الدينية من سياسة تطوير التعليم فإنها فى وضعها الحالى لاتؤدى إلى الغرض المقصود من بناء الإنسان المصرى الذى قال به السيد الوزير إنه الهدف الثالث المطلوب تحقيقه والذى يهدف إلى إبراز الشخصية العربية الإسلامية . ثم قال: إن سيادتك تعلم أن بعض الذين يعملون أساتذة فى جامعاتنا قد غرهم وبهرهم ما رأوه فى الغرب .

واستدرك بقوله : وكل ما تعانيه الأمة مبعثه التعليم ، وحقيقة أن هناك شوائب تقف فى طريق السيد الوزير كالإعلام وغيره ولكن يا سيادة الوزير ، والله ، لقد اختارك الله فى موقع تستطيع فيه أن تفتح لك عنان السماء وكل أبواب الجنان فأقدم علىالله بكل ما تستطيع من قوة وإيمان . أقبل على الله بقوة وإن فى اسمك ما يطمئنا إلى أنك سوف تأخذ بما نقول "أحمد فتحى سرور الحمد والفتح والسرور .

وهكذا فى ختام كلام النائب الاخوانى فهو يشير إلى الوزير بتفاؤله عن حسن سياسته وتشجيعه للإقدام على التطوير ومؤازرته .

وييدو من إشارات النائب ضرورة التصدى للفكر العلمانى البحت فى بعض مناهج التدريس والتى يمكن أن يطغى بها هذا الفكر على الفكر الإسلامى وفلسفته وعلومه أيضا ولاشك أن ذلك الفكر كان أساس الحضارة الإسلامية فى عهود سابقة ويحذر من تأثير الثقافة الغربية من خلال بعض الأساتذة والمدرسين على الثقافة التى هدفها إبراز الشخصية العربية والإسلامية .

ولكن من قبيل المناورات الطريفة تاكيد النائب إلى أنه من عقبات تطوير التعليم ، الإعلام . والذى يقع تحت مسئولية وزيرآخر فى ذات الحكومة .. وإن كان ذلك ظاهره الإشارة فقط إلا أنه فى الحقيقة يضع مقولة هامة أمام الوزير مفادها أن الإعلام عقبة فى طريق تطوير التعليم كما سبق تبيانها فى فصل سابق ، وخاصة ما يخص التربية الدينية . وفى ذات الوقت ، فإن ذلك يعد توجيها بضرورة التنسيق بين سياسة التعليم والسياسة الإعلامية .

وفى اثناء مناقثة بيان الحكومة فى يناير 1989 تحدث النائب الإخوانى ياسين أحمد عبد الحليم حيث قال : اما إذا عرجت على التعليم فى مصر فاسمحوا لى أن أسرد قصة فى عجالة للمجلس الموقر 63 ) .

فلقد تخرجنا فى المدارس فى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات نحفظ بعضا من قصار السوروايات من القرآن الكريم . ثم ألحقنا بعد ذلك بمنظمة الشباب الاشتراكى وقاموا بتحفيظنا الميثاق من الباب الأول وحتى الباب العاشر منه . أقول إننا حفظنا الميثاق كشباب وهذا هو ما حدث فى الستينيات ، ثم دخلنا القوات المسلحة وكان التوجيه المعنوى بالقوات المسلحة متأثرا بما يدور فى الجبهة الداخلية وأنا كجندى اشتركت فى حرب 5 يونيو سنة 1967 وعندما بدأت الشرارة الأولى للمعركة وفى اللحظات الأولى لحرب الساعات الست تهاوى كل ما تعلمناه فى منظمة الشباب وذلك ما رأيته بعينى ثم وقعت فى الأسر .

وإننى أدلل بهذه القصة على كيفية بناء الإنسان على الخلق والعقيدة ودار حوار بينى وبين جندى اسرائيلى - وكان هذا الجوارأساس التحول الفكرى لدى- حول التوراة وأرض الميعاد وكنت لا أعرف شيئاعن القرآن وكان هذا هو الفارق بين جندى يحارب عن عقيدة ، وجندى آخر لا يعرف شيئأ عن عقيدتة بل إن رأسه محشوة بكلام فارغ فكان ما حدث عام 1967 ومن هنا كان التحول الفكرى لدى وإننى لا أتحدث هنا عن مواد التربية فلها متخصصون وأساتذة كبار ولكننى أتحدث عن الجانب العقائدى ، فلابد أن يينى الإنسان فى مصر على عقيدة سليمة ، فبعد التحول الفكرى فى العقيدة لدى . . أقول إنه لو أرسل بى إلى الجبهة التى مكثت فيها عام 1967 ، لتغير الأمر ولعلمت أن القرار خطأ فى التولى والزحف ، ولعلمت أن الواجب على إما النصر وإما الشهادة .. وكل هذه الأمور لم تدرس لنا ولم نكن ندرى عنها شيئا إلى أن خرج الإخوان المسلمون من السجون ، وهذه حقيقة" .

وأعتقد أن هذا النائب نمؤذج للإخوانى الجديد وما بين القديم والجديد يفصل بينهم سنوات غاب فيها الإخوان عن الساحة السياسية ما يقرب من ربع قرن . وهذا الجديد أيضا يمثل استمرار الإخوان فى دعوتهم وانتشارهم رغم كل ما عانوه فى تاريخهم . وذلك الجديد رد فعل لنظام حكم قد فقد مصداقيته فى موقف يكاد يكون أهم وأخطر المواقف التى فضحت حقيقة هذا النظام . . وهذا الإخوانى الجديد يمثل منتهى الكفر بالنظرية العلمانية التى تمثلت فى الاشتراكية . والعودة إلى العقيدة الصحيحة وهى الإسلام .

وليس بالضرورة أن يكون الإخوانى فقيها فى الدين . لأن ذلك للعلماء منهم والمتخصصين . إنما يكفى أن يكون انتسابه لهم يمثل الواجهة السياسية إزاء القوى السياسيه الأخرى .بل إن هذا النائب كشف حقيقة خطيرة ، مهمة جدا من أهم الأسس التى قامت عليها إسرائيل ألا وهى الأساس العقائدى . ومن هنا نجح الاسرائيليون فى إقامة دولتهم . حيث أن إيمان جنودها كان دافع قتالهم وبذلك حققوا الانتصار عام 1967 . وعندما تحقق الهدف بالنسبة للمصريين وعادوا إلى عقيدتهم الإسلامية مؤمنين آمنين ، حققوا أكبر نصر عسسكرى فى تاريخ العرب الحديث . وهكذا تلمس النائب الإخوانى دور وأهمية ترسيخ العقيدة الإسلامية فى التعليم وإلى أى مدى وصل ثمارها وفوائدها .

وبعد شهور وبالتحديد فى إحدى أمسيات شهر مايو 1989 . عقد مجلس الشعب جلسة لمناقشة خمسة أسئلة واستجوابين موجهة لوزير التعليم الدكتورأحمد فتحى سرور . وكان نصيب الإخوان منهم سؤالين واستجوابين ( 4 6).

وكانت هذه الاسئلة والاستجوابان قد خصصت للرقابة على أعمال وسياسة الحكومة وكانت مناقشتهم ذات طابع توجيهى وتوضيحى وذلك لاعتبارين :

أولهما: أن الإخوان اتفقوا من حيث المبدأ مع الوزير على ضرورة تطوير التعليم . وهذا يعنى ابتداء أن هناك من الاخطاء سابقة فى سياسات التعليم .

وثانيهما : أن أمام هذا التطوير توجد عثرات ، وبذلك لابد من التعاون لازالتها ، ومن هنا كانت هذه الأسئلة والاستجوابات مداخل لفتح النقاش والاستيضاح وتبادل الرأى والفكر من أجل تجاوز هذه العثرات وتجنبها واستمرار سياسة التطوير . وسنرى أن هذه المعانى قد ألمح إليها بعض النواب من الإخوان إلا أننا سنعرض لأبرز هذه الاستجوابات والأسئلة كمثال وليس حصرا لما سعى إليه الإخوان من تطوير ولمدى استجابة الوزير . قال العضو مختار محب الدين نوح نائب الاخوان :

(قد تلاحظ لنا أن كثيرا من الإجراء ات التعسفية تحل محل القمع السياسى على هيئة عقوبات إدارية واذا كانت هذه الحالة على هيئة سلوك فردى مع معلم أو معيد أوآخر لهان الأمر ، واكتفينا باللجؤإلى القضاء للحصول على حكم منصف . ولكن الأمور قد تطورت وأصبحت ظاهرة . بمعنى أن الاعتناق الفكرى المخالف والمتباين مع وجهات النظر السائدة فى نظام الحكم بصفة عامة تكون المحصلة النهائية لها عقوبة . أعتقد أنها لا تطبق فى أسوأ البلاد تخلفا وهى الحرمان من الرزق أحيانا . أو الإبعاد عن مواطن التدريس بصغة عامة . وكان الأمر يهون لو أن هذه المسألة انفرد بهارجل يعانى من صفات خاصة ولكنها حينما تكون من السيد الوزير ومن أعلى سلطة ويصدر بتوقيعه بحرمان وتعتقل أسرة كاملة ، بسبب اتجاه فكرى أو بسبب تعليقات أمنية ، استقر القضاء على أنه لا قيمة لها نكون بالتالى أمام مأزق سياسى خطير . فرجل ألأمن الذى يعد التقاريرأصبح يتحكم فى تلك المناصب العليا فنفاجأ بأنه بعد أن يصدر الترشيح لبعض الوظائف وبعض المناصب كالمعيدين مثلا والأساتذة والمناصب الحساسة نفاجأ بإلغاء هذه القرارات ، كما أن الأمر وصل إلى حد السياسة ، بمعنى أنها أصبحت تأخذ شكل العقوبة . " لكل من سبق اعتقاله أو كل من تبنى فكرا مخالفا ، فإنه لا يفلت من زمام الاعتقال المتكرر عليه أن ينتظر مستقبلا مظلما وعليه أن ينتظر- رغم تفوقه الواضح فى تلك الظررف - تحديا . من جهات إدارية .

ويتبين من خلال عرض النائب مختار نوح أنه قد ألمح إلى بعض المرشحين ممن ينتمون إلى الإخوان لمناصب جامعية . ولخلاف فى الفكربين هؤلاء وبعض ممن ينتمون إلى سلطات الحكم فإن الأخيرين يحرمونهم منها . وهذه مخالفة دستورية ، حيث أن الدستور ينص على مساواة المواطنين تمييز بسبب الدين أو الجنس أو اللون .

وأشار إلى أن الأمرأصبح ظاهرة ، وليست حالة فردية . وربما يذكرنا ذلك بصدور قانون حمايةمن العيب فى عهد الرئيس السادات . وأناط بالمدعى العام تنفيذه على المرشحين فى الانتخابات أيا كانت مستوياتها ولكنه حدد الفئات التى تحرم منها ، خاصة الفئات التى تدعو إلى ما هو مخالف للشرائع السماوية . وكان يقصد بذلك حرمان أو عدم تنصيب الشيوعيين فى مواقع مؤئرة جماهيريا .

وحيث أن الإخوان لا ينطبق عليهم ذلك إطلاقآ .. فإن أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية والتى كان يرأسها فى ذلك الحين اللواء زكى بدر الخصم اللدود للإخوان . كانت هذه الاجهزة تقدم تقارير تدور حول انتماء البعض - من المرشحين الجامعيين للتيار الإسلامى عامة ، وللإخوان المسلمين خاصة . ومن هنا كانت سياسة زكى بدر حرمانهم من هذه المناصب العليا والمؤثرة بالطبع فى الجماهير ولاسيما قطاع الطلبة منه . وهذا القطاع الذى يعد المنبت الأول للتيار الإسلامى فى عهد الرئيس محمد أنور السادات وقد آزره وشجعه بل ودعمه أيضا وعاونه فى ذلك الدكتور صوفى أبو طالب رئيس جامعة القاهرة حينذاك .. وبذلك فإن الإخوان يهتمون بقطاع الطلبة لأنه يضم صفوة شباب مصر المستنير وفى ذات الوقت ، فإن هذا القطاع هو مصدر الاحتجاج والمظاهرات والمعارضة فى مواجهة السلطة أو الحكومة فى بعض قراراتها أو جزء من سياستها .

-وقد قام الدكتور أحمد فتحى سرور وزيرالتعليم بالرد على هذا الشق من الإستجواب وقد بدا واضحا فى عرضه حيث أشار إلى أن تقرير الأمن إن تطلبته الجامعة فهر مجرد إمارة أو قرينة للتاكد من حسن السير والسلوك وهو ليس دليلا حاسما ولرؤساء الجامعات أن يطرحوه جانبا فموافقة الأمن ليست شرطا لتعيين المعيد أو المدرس المساعد وهكذا وجهت رؤساء الجامعات. ولهذا لم يكن غريبا أن بعض أحكام القضاء قد أعادت المعيدين إذا كان القرار بعدم التكليف شابه الانحراف وأحكام القضاء نعتز بها . وإذا كانت الإدارة العامة للأمن من إحدى الإدارات العامة لوزارة التعليم فإنها مجرد مكتب اتصال بين جهات الامن وبين الجامعات والوزير لا يتدخل بل ولا يقرأ تقاريرها وعلى الإدارات أن ترسل ما يرد إليها إلى رؤساء الجامعات .

-ولدى إحصاء من الإدارة العامة للأمن لعام 1987 حيث استطلعت إدارة الأمن الرأى حول 4159 حالة لمعيدين وأطباء وأخصائيين فى الجامعات فوردت إلى الإدارة عدم موافقة لعدد 10 حالات فقط من بين 4159 ثم وردت ئلاث حالات بعد ذلك رئى الموافقة عليها بعد إعادة البحث ، وفى عام 1988 م تم بحث 66 0 3 حالة ورد إلى الإدارة عدم المواففة بالنسبة ل 13 حالة فقط ، وكانت هناك 5 (حالات ) إضافية اعترض عليها ثم رئى الموافقة عليها بعد إعادة البحث وفى عام 1989 توجد حالة واحدة بعدم الموافقة . ويلاحظ من رد الوزير أنه وإن كان هناك مبدأ استقلال الجامعات ولا يحق له التدخل فى أعمالها أو قراراتها. إلا أنه من خلال المجلس الأعلى للجامعات والذى يرأسه الوزير بحكم منصبه ويضم رؤساء الجامعات وغيرهم فإنه قد أبدى لهم توجيها بعدم اعتبار تقرير الأمن شرطا أو مسوغا من شروط و مسوغات التعيين . ولرؤساء الجامعات الحق فى تنحية مثل هذه التقارير وعدم الأخذ بها ولأتها غير ملزمة أيضا . ومن هنا فإن الوزير إن لم يصرح فإنه قد ألمح بأن هذه القرارات - إن وجدت - فإنها تصدر من رؤساء الجامعات وبذلك فهى ليست منه ، ولكنه من جانب آخر أكد أن هذه القررات لو كانت غير مستندة على قانون أو قران قوية بعدم تعيين معيدين أو مدرسين مساعدين فإن القضاء يراقب القرارات ويقوم بإلغائها وبذلك ، فإن الأمر برمته فى إطار من الحماية القانونية لمثل هؤلاء . وان كان المستجوب قد سعى ابتداء إلى عدم صدورها . إلا أنه لو صدرت فالقضاء قائم بالحماية. -وأما الشق الآخر من الاستجواب والذى يدور حول تطوير التعليم والعثرات التى تعترضه فقد أشاراليهالعضو المستجوب . . قائلا :

أيضا هنا توجه غريب قد اعترى وزارة التربية فى السياسة التعليمية ، بل فى صميمها . كنا قدإعتبرناوقت أن صدر القرارأو المنشور - إلغاء الآيات القرآنية نذير شؤم إلا أنه سرعان ما أصدر السيدالوزير توضيحا يفيد ، أنه يعتبرأن المسألة لا تقتصر على تحسين اللغة بالنسبة للتربية الإسلامية ولكنهاتقوم على أن ذلك منهج يتبناه ، وهو من المناهج التربوبة التى لا غنى عنها ، وأن يكون المنهج المعتمدلديه هو المنهج الإسلامى فى التربية وفى التعليم أيضا . كما أنه أوصى القيادات التعليمية بالعمل على . تدعيم المناهج التعليمية وأن تقوم بتعويض ما تم حذفه بكميات مماثلة إن لم تزد هذا . هذا هو قول الوزير.

وفى المقابل نجد أن الواقع يعج بكثير من المآسى أشير إليها . . أشير إلى أن المحذوفات دائما تكون من نصيب ذلك الفهم الإسلامى أو ذلك الفكر الاسلامى . تشير إلى أن يدا تحرك هذه المحذوفات إلى طريق لا نحب أن نخوضه . نشيرإلى أن هناك انتهاكا لقواعد إسلامية صحيحة سواء كان ذلك فى المواد المدرسية أو فى المحذوفات بالحذف أو بالإضافة.

وأوضح العضو المستجوب هذا الواقع بقوله : "وعلى سبيل المثال نجد أن الذى يحذف من كتاب الصف السادس إلإبتدائى الموضوعات الآتية : نساء مبشرات بالجنة صفحة 212 ، الفداء العظيم صفحة 132، شهررمضان صفحة 244 ثواب مضاعف (قرآن كريم ) صفحة35 .

أما بالنسبة للصف الخامس فهناك عبارات تستبدل وتستبدل فى توقيت غريب فتستبدل كلمة الفتح الإسلامى بكلمة الفتح العربى ! وطارق بن زياد المسمى على اسمه الجبل يصير- رغم خطأ تلك المعلومة - قائدا عربيا حتى صلاح الدين الأيوبى لم يكن عربيا ولكننا لا نريد أن ندخل فى جدل ، نريد فقط أن نضع النقاط فوق الحروف . وأنا أتساءل : عن سبب هذه المحذرفات ، لماذا يتم إلغاء التاريخ الإسلامى بالكامل ممثالا فى باب الحروب التى سادت فلسطين ولتسم كما تسمى . تسمى حروبآ استعمارية أو تسمى حروبآ خفية المهم أنها حروب . . وقد سميت تاريخيا باسم الحروب الصليبية واستطاع صلاح الدين - وهو الوحيد الذى استطاع - أن يحرر القدس نجد أن هذا الباب حذف بأكمله وأتساءل : لم ؟ هل لصعوبة ما ؟! أم لصعوبة الإدراك ؟ أم لأنه كان يدرس خطأ على الصف الخامس ثم رأينا حذفه ؟ وأتساءل الأسهل فى التدريس ؟ قانون حمورابى والأسرة السادسةالفرعونية ونظريات رمسيس الثانى التى أفرد لها أكثر من ثلاثمائة صفحة وأفرد للتاريخ الاسلامى ثلاثين صفحة ، مع أن عنوان الكتاب "مصر الفرعونية والإسلامية! ولكن الفرعونية تحظى بثلاثمائة صفحة اما الاسلامية فلا تحظى إلا ببضع عشرات ويلغى الباقى ويصدر منشور بحذف الكتاب إعتبارا من صفحة 236 وقلنا : فلننظر لعله يستبدل هذه الفقرات فى مادة أخرى أو لعله يضيفها إلى سنة دراسية أخرى ولكن للاسف الشديد تلغى إلى واد سحيق لا رجعة فيه. لا نجد هذه العبارات تضاف وإنما فى السنة الرابعة كل الذى يشار فيه إلى صلاح الدين الأيوبى سطر واحد فقط و 12 كلمة وعز عليهم أن يكون هناك سطر ثان وإننى أتساءل لماذا ألغى ذلك ؟ هل لصعوبة التدريس ؟ أم لاتساع المنهج . . ؟ .. التتار وسيف الدين قطز كل ذلك يحذف ولا يتبقى من التاريخ الإسلامى إلا بعض صفحات عن الدولة الفاطمية .

كتب الفلسفة أيضا لا يلغى منها إلا باب الحرية فنحن نقوم بتدريس "جان بول سارتر! وأصحاب مدرسة الشك دون تعليق ، أشكك فى العقائد دون تعليق ، إننى لا أقول إنه لا ينبغى دراسة هذه المناهج الفاشلة . لا ، درسوا هذه المناهج ودرسوا أن الشك لمجردالشك مذهب ، وإن هناك شكآ مذهبيأ وشكا منهجيا أيضا درسوا لنا مربع أرسطو (اوسفسطة) أفلاطون درسوا لنا ما تشاءون ولكن مع التعليق لهذا التلميذ ذى الأعوام الستة عشر من عمره ، فحرام أن تتركوه يؤمن بمذهب وجودى أو مذهب مادى . حرام وحرام أيضا وأشد حرمة ألا يلغى من الكتاب سوى الفلسفة الإسلامية مثل جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وابن صفوان وأنا أتساءل : لماذا فالكتاب طويل عريض يصل إلى اكثر من 285 صفحة ولا يحذف منه إلا معنى الحرية فى الإسلام ومذاهب الحرية عن المسلمين فيتم إلغاء الباب بأكمله بسبب هذه الموضوعات .

أما موضوعات الجبرية والشك المذهبى والشك المنهجى وارتباط الفلسفة وأهميتها وارتباط الشك المنهجى بالمذهب الحضارى وتزيين هذا الزيف فى عقول الشباب دون تعليق ودون إبراز حتى لشخصية الإنسان المصرى ولا أقول المسلم شخصية الانسان المصرى الذى تربي على العقيدة . . الأرض التى أتى إليها المسيح هاربا والأرض التى أتى إليها الإسلام فاتحا .. والأرض التى ولد فيها موسى داعيا هذه الأرض . . ليست لها فلسفة أليست لها رؤية ؟! ولماذا تلنى الرواية الوحيدة الصحيحة فى هذا الكتاب ؟ وإذا ما ألغيت ما الدليل ؟

هل سيتم تدريس الفلسفة هكذا على منهج التلقين "خذ يا ابن واختر الفلسفة التى تعجبك ! هذا منهج أعتقد أنه ليس منهجآ للتربية أو للتعليم وإنما أستطيع أن أقول دون مبالغة أنه بهذه الصورة يعتبر منهجا للتدمير ، لأننى أعطى لذلك الذى يحتاج إلى إلتوجيه والذى أتى إلىمتعلما أعطيه حرية الاختيار فى أن يتبنى أى مذهب وجودى أو مادى أو ماركسى أو غير ذلك من المناهج الإلحادية يتبناه وهو فخور دون ما توجيه فهل تستطيع بعد ذلك أن توجه إليه لوما ؟ لا أحسب ذلك .

لذلك لم يكن غريبا أيها الناس أن تتبنى المجالس القومية المتخصصة وأن يتبنى السيد الوزير تلك العقيدة . ولعلى أقصد بالاستجواب – قبل الاتهام توجيه نظر سيادته إلى أن هناك أيادى خفية تريد أن تعبث وإننى أنضم إلى السيد الوزير فيما قاله فى أحد التحقيقات الصحفية من أن هناك قططا متوحشة تخرج من جحورها ، كلما أراد هو إصلاحا . إننى أريد من خلال هذا الاستجواب أن أكشف له بعض هذه القطط – كما أتهمه بأنه ربما لا يعطى الوقت الكافى لمواجهة هذه القطط . أقول إن المجالس القومية المتخصصة – يا سيدى الوزير وأمامك توصية مدونة – قد أوصت بتدريس الثقافة الإسلامية ليس فقط لطلاب المدارس الثانوية وإنما بطلاب الجامعات المصرية . أرجو سيادته أن يراجع توصيات المجالس القومية المتخصصة المتكررة فقد جعلوا هناك مفهوما أو منهجا مقترحا لمادة اسموها متفضلين ونشكر لهم ويشكر الله لهم ذلك – مادة الثقافة الإسلامية المدرسية لطلاب الجامعة وجعلوا لها نظاما لحاجة البشرية إلى الدين والعقائد ، بل بالعكس ، جعلوا لها أبوابا وأفردوها ومع ذلك لم تلق هذه التوصيات – حتى الآن – من وزارة التعليم أذنا صاغية .

ذلك يا سيادة الوزير هو ما أردت أن أوضحه لسيادتكم مستجوبا أو متفاهما فلتسم الأشياء بمسمياتها محترما لسيادتكم مقدرا تلك الأستاذية ومقدرا الشعور الإسلامى الطيب الذى عرضته سيادتكم فى المنشور الذى وزع فى الفترة الأخيرة طالبا المزيد ، وطالبا الجهاد وعازما ومعى كل الشرفاء - إن شاء الله وأحسب أن المجلس جميعه من الشرفاء ، وأحسب أن شعب مصر من الشرفاء سنقف خلفك لكى نبيد هذا الفساد! . وكان ضمن الأعضاء المتسائلين . . النائبيوسف البدرى والذى ينتسب إلى التيار الإسلامى ولكنه ليى إخوانيا. وقد تحدث مؤكدا حديث زميله الإخوانى . وعرض أيضا لبعض المغالطات التاريخية فى التاريخ الإسلامى مما ورد فى بعض الكتب المدرسيه وكذلك انتقد حذف أسماء الفلاسفة المسلمين اكتفاء بفلاسفة الغرب . وبالتالى حجبت أولويةالمسلمين فى الفلسفة الإسلامية التى استقى منها بعض فلاسفة الغرب آراءهم وبدوا وكأنهم هم أصحا بها .

ويتضح من كلام المستجوب أن استجوابه لا يعد اتهاما للوزير ، إنما كان أقرب لطلب الإحاطة وهو أحد أدوات الرقابة البرلمانية والتى يكون هدفها إحاطة الوزير علما بشىء لا يعلمه أو لم يصل إلى علمه فى قطاع مسئولياته . وبذلك ينتفى الاتهام للوزير حيث أنه سبق أن أكد على حسن نواياه ومنهجه التربوى الإسلامى فى عملية التطوير.

وعندما عرض المستجوب لأمثلة من المحذوفات الإسلامية من المناهج الدراسية خلال عملية تطوير المناهج ا فإنه يبدو دارسا متفحصا بفهم ووعى لعملية التطوير وما يطرأ على هذه المناهج وما يمكن العبث أو التلاعب بها ، تحت دعوى التطوير ، خاصة من أعداء أو خصوم التطوير . وقد أبدى المستجوب ملاحظة هامة ألا وهى النسبة والتناسب بين التاريخ الإسلامى والتاريخ الفرعونى .. حتى وصلت طبقا لما أورده من ا إلى 10 - وبالطبع فقد غاب تناسب التاريخين وتأثير ذلك على وجدان وعقلية الطفل أو التلميذ الدارس . كما أبدى ملاحظة هامة ألا وهى تسمية بعض الزعماء والقادة الإسلاميين بالقادة العرب . ومن وجهة نظهر الإخوان فإنهم يفضلون النظرة الأوسع والأشمل والتى تتسع للمسلمين جميعهم بغض النظر عن جنسياتهم عربية أو غيرها ولذلك أشار العضو إلى هذه النقطة " وقد أشار العضو مستندا فى نقده لعثرات عملية التطوير الذى يسعى إليها الوزير إلى توصيات أحد الأجهزة الدستورية والتى أفرد لها الدستور فصلا خاصا وهى المجالس القومية المتخصصة وأظهر من خلال تقاريرها التى ترفع لرئيس الجمهورية وللحكومة بكل وزاراتها . وأبرز التوصيات التى ترمى إلى تدريس الثفافة الإسلامية فى كل مراحل التعليم وبذلك يبدو وكأن العضو لا يفرض رأيه أو وجهة نظر الإخوان ، إنما يعول فى ذلك إلى أحد الأجهزة الرسمية وتوصياتها .

وبذلك ، أيضا ، يحقق ذات الهدف الذى يسعى إليه وهو ضرورة تضمين عملية التطوير زيادة اتساع مساحة الثقافة الإسلامية فى المناهج الدراسية ومن هنا يربى أجيال الشباب والأطفال على مبادئها ، والتى بالتالى تهىء إقامة مجتمع إسلامى يسعى إليه الإخوان منذ سنين طويلة ، ولذلك فإن حماسهم لذلك يمتد إلى المستقل! وليس الحاضر فقط .. وكأنهم يعوضون عما لم يستطيعوا أعماله فى الماضى .. فليكنالمستقبل وكلما أشرنا فى بداية هذا الفصل ، فإن الإخوان شعروا بصدق وحماس وزير التعليم فى التطويروالعناية والاهتمام بواقع ومساحة الثقافة الاسلامية فى المناهج الدراسية ، وعلى ذلك ختم المستجوبمؤازرته للوزيربقوله : سنقف خلفك لكى نيبد هذا الفساد . وقام الوزير بالرد على النائب المستجوب فأضار قائلا : "وأما عن المناهج فأقول إننا بصدد إعادة النظر فى المناهج بل بدأنا بداية عملية

وهناك قرار وزارى سنة 1987 يحدد مبادىء المناهج وأولها الذاتية الثقافية العربية الإسلامية . واستدرك بقوله : وبالنسبة لما أثير عن كتابة الفلسفة أود أن أقول إنه كان يتحدث عن تاريخ . . " ويئس المؤلف الذى يتجاهل الفلسفة الإسلامية . فالفلسفة الإسلامية لها مكانتها فإن كان موضوع معين رأى المؤلف أو رئى عدم تدريسه فإنه التسلسل التاريخى ولكن ليس معنى ذلك أننا نريد أن نتنازل عن هويتها وسأبحث الملاحظة التى " على لسان الأستاذ مختار نوح اليوم . ثم أشار فى حديثه إلى كلام يوسف البدرى قائلا : أذكره منذ شهر قابلنى وقالى لى ملاحظات كتب معينة فأحضرت الكتب من المطبعة وسألت عن ملاحظاته وأخذت ببعضها عندما وجدتهاظاهره ثم ختم حديثه بقوله : إن قلبى وصدرى مفتوح لكل ملاحظة لكى أرسلها إلى اللجنة العلمية، . . لا نبحث إلا عن كل صحيح . ولكن هذه المسأئل العلمية لا يمكن البت فيها بقرارأو من شخص معين مهما ارتفعت قيمته العلمية ، لأن الموضوع له زواياه الكثيرة والتى يدركها المتخصصون شكرا على هذ، الملاحظات وأود أن أراها كتابة لكى أرسلها إلى اللجان المختصة).

وهكذا أبدى الوزير - بدون مكابرة أوتعصب - استعداده للتعاون فى دراسة أو بحث أى ملاحظة لتحقيق هدف واحد من عملية التطوير وهو التصحيح ، ولاشك أنه فى ذلك يرى أن الثقافة الإسلامية بجوزأن ينفرد بها أى شخص وحده ، بل لابد من المشاركة فيها ، لأنها تخص المسلمين جميعآ . حيث أنه يبدى استعداده للإخوان ، فإنه بذلك يؤكد صدق سعيهم وأمانة عرضهم فى الملاحظات لتى يبدونها ، خاصة أنها ملاحظات لم تمت بصله تطرف بقدر ما أنها تمثل رعاية وتنمية الثقافة الاسلامية لدى الإنسان المصرى فى أهم مراحل تكوينه العقلى والوجدانى .. فالاستجابة تعنى وحدة الهدف .

ولكن الإخوان لم يكتفوا أو يتوقفوا عن حدود تطوير العملية التعليمية ذاتها أو تنقيتها من شوائب تؤثر سلبيا فى تكوين الإنسان المسلم إنما أبدوا اهتماما بما قبل هذه المرحلة التعليمية الأساسية .. أو بالفئة التى لا تعرف كتابة أو قراءة .. ولاشك أن القراءة أولى الأوامر الإلهية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبى الأمى عندما أنزل الله عليه رسالة الإسلام وأمره (إقرأ .. باسم ربك ) وبهذا فإن الإخوان لم يأخذوا قضية محو الأمية كقضية تعليمية فحسب بل كقضية دينية . . حيث أن القراءة واجب إسلامى وضرورتها فى توسيع وانتشار الثقافة الإسلامية والقيام بأداء العبادات بوعى وإدراك وإيمان حقيقى صادق . وكذلك إقامة الحضارة الإسلامية لأن القراءة هى الخطوة الأولى .. لصرح العلم الذى يعد من ركائز الحضارة الإسلامية فى قرون مضت ومن خلال ما سبق فإن محو الأمية من أهم الإجراء ات الرامية إلى تهيئة مناخ عام إسلامى لتطبيق الشريعة الإسلامية التى يسعى إليها الإخوان . . ومن هنا تلمس الإخوان مدخلا مناسبا لفتح النقاش حول هذه القضية وربطها بمشاكل الدولة لاسيما على مستوى نظام الحكم نفسه .

وعلى ذلك تقدم بعض الأعضاء بأسئلة للدكتور أحمد فتحى سرور وزير التعليم حول إجراء ات الحكومة أو الوزارة لعلاج مشكلة الأمية التى يصل تعدادها إلى 50 % من السكان ومن هؤلاء نائبان من الإخوان وهما :محمد محفوظ حلمى والثانى محمد فؤاد عبد المجيد(65) .

وتحدث أولهما . حيث ربط الأمية بإقامة عبادات الإسلام . وهى من ركائز الدين ولا يجب تجاهلها أو التغاضى عنها من الدولة الإسلامية .

وكذلك سيبدو ، من عرض كلامه ، أنه أيضا ربط محو الأمية بالمشاكل التى تقوم بين الدولة ومواطنيها ، وبعبارة أخرى بين السلطات الرسمية والمواطنين أو المحكومين ولعله فى ذلك يحذر من أن الأمية ذاتها تهدد نظام الحكم نفسه . . وقد بادر حديثه راويا بقوله : "شاء قدرى أن أمضيت يوما أو بعض يوم مع بعض قوات الأمن المركزى فعندما جاء وقت الصلاة ودعوتهم لنصلى معا كانت الصدمة الكبرى - والله على ما أقول شهيد - فهذه الأعداد الغفيرة ، هذه الجحافل من أبناء مصر من شبابها قالوا إننا لا نصلى ، فقلت لهم لماذا ؟ قالوا لأننا لا نعرف الفاتحة .. لا يعرفون قراءة الفاتحة ، لا يحفظونها ، وكذلك البعض التقى بأبناء مصر فى معسكرات الجيش المصرى العظيم ووجدوا هذه الحالة كما رويتها على حضراتكم ، لذلك ومن هنا أطالب بإلزام كل جندى يحفظ جزءآ من الثلاثين جزءا المكونة للقرآن .. وبرر ذلك بأن الجندى سيتعلم القراءة والكتابة وبذلك نمحو عنده أمية الوازع. والوازع الدينى والوازع الاجتماعى والوازع الخلقى وسنمحو عنه هذه الأميات الخطيرة .

وقد ربط هذه الأمية بمشاكل الحكم . . فقد برر أزمة الامن المركزى التى وقعت فى أوائل عام 1986 قائلآ : إن الأمر فى منتهى الخطورة ، يوم أن حدثت كارثة الأمن المركزى كان السبب فيها - كما أذيع أنه عبث بأفكار هؤلاء أخبار لم تكن حقيقية . . فلو أنهم متعلمون قارئون فاهمون ما تمكن أحد أبدا أن يعبث بهم ) . وبعد انتهاد كلمته أعلن الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس قائلا : "ورد إلى الزميل صلاح رمضان ما يلى : ورد على لسان الزميل الأستاذ محفوظ حلمى بأن قوات الأمن المركزى جميعهم لا يقرأون الفاتحة أرجو الإحاطة بأنه يوجد فى كل معسكر لقوات الامن قسم خاص لمحو الأمية وبه مدرسون متخصصون وتشرف عليه وزارة التعليم بالاشتراك مع وزارة الداخلية ، وهناك إدارة خاصة بالتدريس بوزارة الداخلية من بين اختصاصاتها محو أمية المجندين هذا للإحاطة .. هذه كلمة.

فرد عليه العضو محمد محفوظ حلمى بقوله : اوأنا أعلم فعلا أنه يوجد هذا الإشراف العلمى فى كل الأماكن التى ذكرتها . ولكن وكلى أسف - بالتعبير الدارج - أنها (كوموفلاش ) ولا حول ولا قوة إلا بالله ! .

ولاشك أن معظم حديث النائب صحيح ..!ا أن محو الأمية بالقوات المسلحة ،والشرطة . لهو أقرب إلى الشكل دون المضمون . وما يعلن من إحصاء ات فهى أيضا من هذا القبيل . وإن كانت هناك بجاحات جزئية فى هذا الخصوص فهى تتوقف على صدق وأمانة بعض القائمين على هذا الأمر بالجهتين وازعهم فى ذلك دوافع شخصية لأداء الواجب .

ولعلنا نرى أن النائب كان موفقا فى عرضه لأسئلته حيث لم يتحدث عن محو الأمية بين المواطنين عامة بل خص أجهزة ترتبط بالحكم ارتباطا وثيقا . ولذلك فمن الأهمية أن يتسلح أفرادهابعنصرى المعرفة والقراءة. . ومن جانب اخر حتى تجد دعوة الإخوان صدى لدى أفراد يمكنها القراءه والتمييز بين الصحيح والغث فى الدعوة .وأما النائب الثانى فهو الدكتور محمد فؤاد عبد المجيد الذى صاح بقوله : "هل نحن مخلصون فى انتزاع هؤلاء البسطاء من أميتهم التى تصل إلى 50%على أقل تقدير؟

ثم قال : إن قضيتنا كلها تنحصر فى أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى ونتقى الله . فالقضية قضية إخلاص لله سبحانه وتعالى. ونعتبرهذه قضية أساسية) . . ثم ربط الإعلام وبعض سلبياته بقضية محو الأمية فقال : (هناك الآن قضية خطيرة جدا فإذا ذهبت للفلاح لتعليمه ليلا يرفض لأنه ينتظر مسلسلا بالتليفزيون وهو أهم من كل شىء .. الإعلام خرب عقول الناس . . فلابد من العودة إلى الله سبحانه وتعالى . فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يكلف الأسرى فى كل غزوة بأن يعلم كل منهم عشرة من أولاد المسلمين وكما هو واضح أن النائب الإخوانى وإن كان صادقا فى ربط الإعلام بقضية الأمية إلا أنه بالغ بعض الشىء فى اتهام الإعلام بتخريب عقول الناس . لأن محو الأمية وإن كان واجب الدولة ، فإنه من جانب آخر لابد أن يكون هناك وازع أو دافع لدى الأمى للسعى نحو التعليم ولابد أن يكون هذا الدافع أقوى من أى إغراء آخر يجذبه إلى الطريق المضاد . ولعل ربط الامية بواجب التعليم كضرورة إسلامية .. يكون من أهم الدوافع حيث أن القراءة أول أمر إلهى للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام . وتأكيد ذلك كما أوضح العضو فى مسلك الرسول نحو الأسرى ومن هنا كان واجب الدولة تعليم الجمهور ومحو أميته .. فإنه أيضآ واجب إسلامى على المسلمين الأميين . . وبذلك يلتقى الواجبان لتكوين مجتمع إسلامى مستنير ومتحضر .. وخلاصة ألقول فى هذا الشأن كما أوجزها العضو فهى أن القضية . . قضية إخلاص لله سبحانه وتعالى . ومن هنا .. وإلى هنا ، فإن الإخوان نظررا إلى محو الأمية كواجب إسلامى . . أمر بها الله فى أولى أوامره الإسلامية ولذلك كان التعليم محورا من محاور ممارسة الإخوان البرلمانية . الإخوان والاقتصاد الحرفى الستينيات ، وأثناء حكمعبد الناصر . والذى فرض الاشتراكية قسرا على مصر .

سواء من الجانب السياسى أو الاقتصادى . هذه النظرية الغريبة على المجتمع إلإسلامى ليس لها جذور ممتدة فى فترات سابقة . وان كان لها مبشرون قبل ثورة يوليو 1952 - وكان مصدرها الأساسى الاتحاد السوفيتى الشيوعى . فإنه ، ومناظريه ومفكريه ومعاونيه ، قد حاولوا تثبيتها عقيدة وتأكيدها عملا . . وقد حاولوا جميعا إقناع الجماهير . وكان دافعه فى هذا إدراكه .. أن الجماهير فى معظمها لا تقبل أى فكو أو نظرية مستردة من مجتمع شيوعى لأن الشيوعية تتناقض مع الإسلام . . دين الفطرة والطبيعة البشرية الأصيلة . وهذا الجمهور لا يستطيع المجاهرة بالرفض أو المعارضه فى مواجهة أدوات ووسائل عبد الناصر القهرية وإلاستبدادية والتسلطية والديكتاتورية .

وقد نصب معاونين ووزراء . . فى معظمهم انتهازيون ، لا يؤمنون إلا بمصالحهم الشخصية واسترضاء الحاكم المستبد الديكتاتورى وزخرفة سياساته وإجراءاته تحت دعوى الاشتراكيه التى ينادى بها ويطبق إجراءاتها التعسفية والظالمة . وكل هذا وسط شعب يعد أكثر الشعوب تدينا وحرصا على نمسكه بالدين الإسلامى .. رافضا كل ما هو بعيد عن مبادئه ، ويبدو من سلوكياته المتمثلة فى السلبية واللامبالاة وعدم الاحساس بالملكيه والانتماء بل وعدم الاحساس بالملكية العامة ذاتها وضرورة الحفاظ عليها أو حمايتها . إلا إذا سلطت أداة القهر وحينئذ يبدو الجمهور وكأنه يلتف حول هذه النظرية .

من أجل هذا وذاك .. كان لابد من محاولات تأصيل هذه النظرية الاشتراكية . . تأصيلها بصورة ترضى مشاعر أو قناعة الجماهير المسلمة بل وأيضأ الإخوة الأقباط . ومن هنا صدرت فتاوى وآراء وأفكار سياسية . تسعى لتأصيل النظرية الاشتراكية . . باسنادها إلى الإسلام أو انبثاقها منه . وعلى ذلك أطلقت اصطلاحات وشعارات بل وكثرت الإصدارات من الدراسات والكتب والبحوث من أجل هذا الغرض . بل إن عبد الناصر وضع الميثاق وفيه من الآراء والأفكار الاشتراكية ومحاولة ربطها بالإسلام وفرض هذا الميثاق الاشتراكى على طلبة المدارس الجامعات والشباب فى تنظيمات الاتحاد الاشتراكى ، حتى أنه من المعروف تاريخيأ أن هناك من حفظ الميثاق عن ظهرقلب فعينه وزيرا !

وكأنه بذلك يكشف أو يلقى الضوء أو يبعث برأى أو نظرية إسلامية إلى النور - كانت معطلة أو يجهلها المسلمون ، وخاصة منهم العلماء والفقهاء . وكأنها كنصوص وضعية أحيانا يتجاوزها المجتمع ويمر عليها بلا تطبيق . . بل وكأنه يحمى أعمال الإسلام فى أحد أركانه التى عفا عليها الزمن وقد باءت كل هذه المحاولات بالفشل الذريع . فلم يقتنع المسلمون إطلاقا بأى ارتباط او تأصيل أو علاقة بين الإسلام واشتراكية عبد الناصر . . وذلك لعدة اعتبارات منها :

اولأ : إدراك واحساس الجمهور بأن محاولة تأصيل الاشتراكية إسلاميا . يعنى ذلك - ابتداء - غربية عنه وأنها محاولات من جانب السلطة لإقناعه بها ، كما أن الجمهور لم يسمع من قبل هذا الارتباط أو تلك العلاقة بين الاشتراكية والإسلام.

ثانيا : أن الجمهور يدرك أن ذلك التطبيق الاشتراكى ينبثق من تجارب دول شيوعية. والشيوعية حد ذاتها مرفوضة تمامآ من الشعب لتناقضها مع الاسلام ذلك الدين السماوى.

ثالثا : أن الاشتراكية وهى وجه الشيوعية فى مصر . قد ارتبطت لدى أذهان الناس بالقهر الاستبداد والديكتاتورية "

رابعا : أدرك الجمهور التناقض البين بين رايات وشعارات الاشتراكية وتطبيقاتها .

خامسا : أن الإجراء ات الاشتراكية التى اتخذها عبد الناصر ، وإن كانت قد لاقت استجابة من . البعض ، فهى مؤقتة ذات طابع انفعالى تتمثل فى التصفيق الدئم من جانب الذين يحكمون تحت تسلط هيمنة الوزراء والمعاونين من ألاشتراكيين .

سادسا : أن اشتراكيه عبد الناصر كانت الوسيلة والأداة الرئيسية فى فرض قبضته الحديدية على ارزق الناس وقتل المبادرات الفردية بما يصاحبها من حرية تعبير وحركة .. ولذلك كانت الحياة السياسية والاقتصادية تدور فى إطار هذه القبضة الحديدية والتى أشعرت الناس أنهم سجناء الاشتراكية . سابعا : أن هذا النظام الاشتراكى قد أثبت فشله فى أحداث التنمية الاقتصادية وأساء استخدام القوى البشرية فى المجتمع حتى كانت النكات تطلق لتصحيح وضع هذه القوى حيث أن الرجل المناسب فى المكان المناسب . وأن التنمية إلاشتراكية لم نحقق الكفاية والعدل وهما شعار اشتراكى ناصرى. ثامنا : أن اشتراكية عبد الناصر لم تغن الشعب بقدر ما أفقرته ، ولاسيما أنه كان بتلك الاشتراكية القابضة على أرزاق الناس . يخرج مغامرا خارج الحدود من أجل معونة ومساعدة وتمويل طموحاته ونشر زعامته .

تاسعا : أن الاشتراكية أكدت فشلها الذريع سواء من الجانب السياسى أو الاقتصادى أمام أهم اختبار وهى حرب يونيو 1967 حيث هزمت مصر عسكريا . وكانت مبادرة يومى 9 ، 10 يونيو والتى كان قد حاول عبد الناصر قتلها من قبل. هى التى رفضت الهزيمة سياسيا ونجحت فى إعادة البناء والانتصارفى حرب اكتوبر 1973 .

عاشرا : ترحيب الشعب بكل طبقاته وطوائفه إلا الشيوعيين والناصويين بسياسة الانفتاح الاقتصادى والتى تميل إلى الحرية الاقتصادية والمساهمة والمشاركة فى طفرة الانتعاش والرواج الاقتصادى اثناء فترة حكم الرئيس السادات . وكان ذلك يعنى قناعة الشعب بالتحرير الاقتصادى والذى يعنى أيضا تحرر أرزاقهم وعملهم ونشماطهم ، وخاصة أن الرئيس السادات فى بداية حكمه رفع شعار العلم والإيمان . وبذلك ربط الحياة المصرية بدينها الإسلامى . وإن لم يحقق ذلك تمامة إلا أنه تحقق جزء منه فى مواجهة أصحاب السلطة والنفوذ الذين كانوا يقاومون ذلك بشتى الطرق واقسى الوسائل والتى وصلت ذروتها فى أحداث يناير 1977 والتى فجرها وقادها الشيوعيون والناصريون ضد سياساته ألاقتصادية التحررية . وكانت بداية التحرر الاقتصادى التى حاول السادات العودة بها إلى الأصل .. قد أجهضت بعد ذلك بسنوات . فالأصل فى الإسلام الحرية الاقتصادبة والمبادرة الفردية . فهى قائمة منذ فجر الإسلام .. ولم يصادرها الدين السماوى بل دعمها وشجعها النبى عليه الصلاة والسلام . وإن كانت هناك سياسات أو إجراء ات او خطهوات قد اتخذها الرسول الكريم محمد فى بداية نشر الدعوة الإسلامية وكذلك خلفاؤه الراشدون وكبار صحابته .. فى مواقف أو أحداث أو ظروف معينة فإنهما كانت كلها لا تخرج عن تحقيق هدف إسلامى كبير ألا وهو الإخاء والتكافل والتكامل الاجتماعى..

من خلال وسيلة إسلامية عظيمة أيضا وهى العدالة الإسلامية .. والتى هى ليست وسيلة فحسب بل هدف أيضا.. ومن وسائل تحقيقه كان نظام الزكاة الإسلامى . وكما سبق القول فإن محاولات السادات قد تجمدت أو توقفت عن التحرير ألاقتصادى تحت دعوى البعض بالحفاظ وحماية المكاسب الاشتراكية فإن السنوات التى تلت وفاته شهدت هذا التجميد وألذى تمثل فى فلسفة نظام حكم وإجراء ات وسياسات حكومية ورموز اشتراكية من ألذين كانوا أشد المؤيدين لهذه النظهرية وأعنف الغلاة فى حمايتها وألتمسك بها عندما حانت لهم ألفرصة بوفاة الرئيس السادات .ومن هنا قدر للإخوان المسلمين ، وهم فى طريقهم السياسى وعلى أبواب البرلمان . . وداخل قاعاته وفى لجانه . والمناقشات الموسعة والضيقة والمناورات السياسية والحزبية .. قدر لهم السعى نحو تحرير الاقتصاد المصرى. . والعودة به إلى الأصل الإسلامى وهو الذى تحاوله وتسعى إليه أوربا الاشترأكية بزعامة الاتحاد السوفيتى الشيوعى . . ومع ذلك لاقى الإخوان أقسى التعنت والمقاومة لعدم تحقيق هذه العودة .. وتأتى البيروسترويكا من زعيم الشيوعيين ويعلن فشل النظرية الشيوعية وإلإشتراكبة وتسقط رموزها وفلسفتها .. ومع ذلك يتمسك بها البعض من المصريين المهيمنين على السلطة والنفوذ والقرار.

وعقد حزب التجمع الوحدوى التقدمى والذى يضم فصائل الشيوعيين والناصريين ندوة لبحث سقوط الشيوعية - وحركة زعيم الشيوعيين - جورباتشوف الإصلاحية - ويدعى إليها ممثلون عن القوى السياسية فى مصر ومنهم المستشار محمد المأمون الهضيبي عن الإخوان المسلمين ويعلن فى هذه الندوة "أن الشيوعية سقطت ، لأنها ليست سليمة وليست صحيحة فى الأصل ومنذ تكونها .. ولأنها ضد الطبيعة البشرية التى خلقها الله ! . . ومن هنا سنعرض لمواجهات بين أهل اليمين .. وهم الذين يسعون للتحرر الاقتصادى ، وبين أهل اليسار والاشتراكيين الذين يساندون التطبيق الاشتراكى بما يمثله ذلك من إحكام قبضة السلطة على الاقتصاد . وكذلك سنعرض لمسعى الإخوان نحو تحرير الاقتصاد من قبضة السلطة . وبذلك يتفقون مع أهل اليمين من السياسيين والاقتصاديين حول هذا الهدف . وإن كان الإخوان يسعوت فى ذلك تحقيقا لاقتصاد إسلامى . فإن الآخرين يسعون لذلك تحقيقأ للتحرر الاقتصادى الذى بدوره يدعو إليه الاسلام .

و الإسلام يرى التحرر الاقتصادى للفرد حتى لا يخضع لهيمنة السلطة أو الحاكم وبذلك يخضع لرأيه فقط أو رؤيته الوحيدة المتسلطة حتى لا تصادر حرية المسلم . ومن هنا فإن الغرب يرى أن الحرية الاقتصادية ترتبط بالحرية السياسية وهذا ما سبق إليه الإسلام منذ أربعة عشر قرنا . ومما سنعرضه نرى إلى أى مدى كانت هناك مقاومة شديدة وصلبة من جانب الاشتراكيين أو أهل اليسار ورموزه ضد تطور الاقتصاد المصرى أو تحوله أو عودته إلى حرية حركته أو رده إلى الأصل الإسلامى أصل التحرر الاقتصادى . وكانت أولى المواجهات ، فى حضور ستة من الإخوان المسلمين تحت مظلةحزب الوفد عام 1985 ولكن دون مشاركتهم أو مساهمتهم فى هذه المواجهة ، تاركين الأمر لاهل اليمين الذين نجحوا فى التصدى لأهل اليسار فى المواجهة . وإن كان يمكن التنويه بة لم يوجد بين هؤلاء الستة ممن تخصص فى الاقتصاد وربما يكون فى ذلك أحد موانع مشاركتهم . ومع ذلك فأعتقد أنه من الكياسة عدم مشاركتهم حينذاك والاكتفاد بالمراقبة لأن كلا من أهل اليمين واليسار انبثقوا من نظام واحد وكان قد جمعهم النظام الاشتراكى من قبل . إلا أنهم اختلفوا فيما بعد ما بين اليسارى الذى أراد بالاشتراكية واليمينى الذين ما أن سنحت له الفرصة ، حتى لفظها وحاول جاهدا ألا يسيطر على كل شىء مرة أخرى .. خاصة أن الاقتصاد المصرى كاد أن يتحول إلى مرحلة تحرر . إلا أنها تجمدت وتوتفت بوفاة الرئيس السادات . وإن كان قد حقق الاقتصاد فى عهده مساحة قليلة من التحرر .

وهذه المساحة هى التى حاول أهل اليمين الحفاظ عليها وحمايتها ، خوفا من محوها ومنع عودة طغيان الاشتراكية عليها مرة أخرى .. وبذلك كانت المواجهة الأولى فى هذا الصدد فى فبراير عام 1985 حيث تقدم أربعة من أعضاء مجلس الشعب بطلبات إحاطة وسؤال واحد للدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد والتعاون الدولى حول البنوك الإسلامية ، خاصة بنك فيصل الإسلامى . . وكان قد سبق لأحدهم ، وهو العضو الدكتور أحمد أبو إسماعيل عضو حزب الوفد حينذاك . ووزير المالية الأسبق - أن ينفرد بذلك الموضوع فى جلسة سابقة - 11 فبراير - إلا أن الأغلبية من الأعضاء قد احتجت على ذلك مما اضطر رئيس المجلس إرجاء المناقشة حيث أن هناك آخرين أعربوا عن رغبتهم فى المشاركة .. وهم : الدكتور محمد الدكرورى والدكتور محمد طلبة عويضة والدكتورمحمد على محجوب وهم رؤساء لجان بالمجلس وينتمون لحزب الأغلبية إلا أنهم ينتمون لأهل اليمين .

الثانى : أنه يجب مراعاة التناسب بين رأس المال والودائع بمعنى أن أحد البنوك عند إنشائه مثلا كان رأس ماله 10 ملايين جنيه وكان من المنتظرأن تكون قيمة الودائع به 50مليون جنيه ولكن الودائع تجاوزت ذلك إلى 1000 مليون جنيه ومن هنا أصبح رأس المال غير متناسب مع حجم الودائع . وإننى أرى أنه حاليا وإلى أن يتم عمل التعديلات اللازمة هناك أموال كثيرة للمسلمين لدى هيئة الاوقاف فى شكل ودائع ولكى تزيد رءوس أموال هذه البنوك أرى أن تدخل هيئة الاوقاف كمساهمة - بإرسال موظف من قبلها ليكون عضو مجلس إدأرة ، ولكن بأن تمثل وزارة الأوقاف بخبراء يكون تواجدهم صحيحا فى مجالس الإدارات وهم أشخاص معينون بوظائفهم ، فمثلا عندما نقول سيكون لهيئة الأوقاف ثلاثة أعضاء فى مجلس الإدارة أرى أن يكون أحدهم رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات والثانى عميد كلية تجارة الأزهر والثالث عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أى فهم شخصيات عامة تستطيع أن تنظر لمصالح المودعين الذين يشملونهم.

وختم حديثه بقوله : لم ان ما نطالب به من تعديل هو لضمان حسن التوجيه وعدم وجود أى شائعات ضارة بمثل هذه البنوك واعتقد أن ذلك فيه الكفاية" .وعند هذا الختام أيضا .. صفق له نواب المعارضة الوفدية . وتحدث الدكتور محمد على محجوب رئيس لجنة الشئون الدينية وإلاجتماعية والأوقاف بالمجلس ونائب الحزب الوطنى حيث بادر قائلا : خرج هذا القانون وولدت هذه البنوك ولاشك أنه ثبت من خلال هذا أن النظام الإسلامى نظام متكامل فى العقوبات فى المعاملات فى النظم الاقتصادية وانطلقت هذه التجربة الرئدة فى طول البلاد وعرضها. ثم طرح تساؤلأ وأجاب عنه أيضا فقال : فماذا حققت هذه التجرب؟ لقد حققت نجاحا منقطع النظير :انتشرت البنوك إلاسلامية فى شتى بقاع مصر حذبت رؤس الأموال التى خرجت من أعماق ريف مصر تشجيعا للتعامل فى إطار الشريعة الإسلامية .. كل هذا شىء نقره ونؤيده ونشجعه .

ثم استدرك بقوله : إلا أن كل تجربة لابد حتمآ أن تقف فى طريقها عقبات وأن تضل الطريق فى البداية . وهنا حدثت تخوفات : قيل إن هذا البنك بدأ يتعامل برءوس أموالنا فى الخارج . شىء عجيب الأصل أن هذا البنك وغيره من سائر البنوك يتعامل هنا على أرض مصر . فالأموال أموال المصريين ويجب أن تستثمر وأن توظف لصالح المصريين فرب الدار أولى بما فيه ومن هنا سارعنا بالتساؤل : ما العمل ؟ ما العقبات ؟ ما المعوقات ؟ ما الأسباب التى تدعو هذه البنوك إلى أن تخرج أموالنا إلى الخارج ؟ لابد أن نبحث عن أسباب دعت لذلك ثم نعالجها حتى تستمر التجربة .

واستطرد بقوله : ويقال إن صغار المودعين ، أموالهم مهددة بالخطر وهنا واجب وزارة الأوقاف كهيئة دينية مسئولة أمام الله والناس أن ترعى هذه التجربة وأن ندعمها من ناحية وأن تراقب تصرفات هذه البنوك فيما يتفق والنظام الإسلامى . وأيضا أن تدخل مع هذه البنوك شريكة حتى تنطلق التجربة . وبهدوء وجه تساؤلأ إلى وزير الاقتصاد قائلا : اليست هناك صيغة مثلى لإيجاد علاقة بين هذه البنوك وبين البنك المركزى بما يضمن حماية أموال المودعين المصريين ؟ وفى ختام كلمته أعلن قائلا : ونؤكد أننا مصرون ومصممون على أن تنجح هذه التجربة ولابد حتما بإذن الله أن تنجح كباكورة لنظام إسلامى ردا على العالم بأن الإسلام نظام اقتصادى كامل صالح لحكم العالم أجمع وعلى الله قصد السبيل ! .

وهنا عقب الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس بقوله لا خلاف على هذا الذى تفضل به السيد العضو ، ولكن هناك اقتراح تقدم به السيد العضو الدكتور أحمد أبو إسماعيل يقض بإسهام هيئة الأوقاف فى مجلس إدارة البنك وهذا هو أساس طلب الإحاطة . وتحدث العضو الدكتور محمد إبراهيم دكرورى نائب بالحزب الوطنى حيث بادر حديثه بعرض دوافع تقديمه لطلب الإحاطة لوزير الاقتصاد وأولها أن يتناول المجلس بالمناقشة الدعائم المصرفية الكبرى فى مصر فى وقت مشوب بنوع من الغموض والتشكك فيما يدور الآن من بحث فى أرواقة المصارف المختلفة فى جهات متعددة فى مصر وعما يجرى فى هذه المصارف . وقد علل هذا الدافع بقوله : ولاشك أن المجلس الموقر يعلم جميعا مدى حساسية ما يمكن أن يعكسه ذلك على الحركة الاقتصادية فى مصر ويكفينا أن نعلم أن كلمة واحدة يمكن أن تقال نظل شهورا عديدة نعمل على إزالة آثارها سواء قيلت هذه الكلمة بالحق أو بالباطل .

وثانى هذه الدوافع - كما قال - أنه وسط هذا المناخ يتردد فى أروقة المجلس موضوع بنك فيصل لإسلامى انطلاقا من خشية أن يساء فهم هذا بقصد اوبغيرقصد بحسن نية أوبسوء نية . وعقب رئيس المجلس قائلا : فى الحقيقة أنه لا توجد سوء نية من أحد . وأكد العضو المعنى السابق قائلا : لقد قلت ذلك حتى لا يفسر بقصد أو بغير قصد . واستطرد موضحا خلفية طلب الإحاطة بقوله : ولاشك أن المجلس الموقر يعلم جيدا أن هناك جهات متعددة داخل مصر وخارجها يمكن أن تسهم فى عملية التشكيك وهذا ما أريد أن أحذر منه وإننى لا أقول هذا قاصدا أحد فى هذا المجلس . بل أقول إننى سعدت بما ذكره زميلى الأخ الأستاذ أحمد أبو إسماعيل حينما استهل كلمته قائلا إن الهدف من تقديمه طلب الإحاطة هو دعم هذه الفكرة . ثم استدرك موضحا موقفه من البنوك الإسلامية فقال :

وأود بادىء ذى بدء أن أعلن أمام المجلس الموقر أن المجلس وهو يناقش طلبات الإحاطة إنما يهدف إلى دعم هذه التجربة " ويكفينا فخرا أن هذه التجربة هى أول تجربة عملية واقعية لتطبيق الشريعة الإسلامية التى نقف نحن على بداية الطريق لتطبيقها. وأكد هذا أيضا بقوله : فليكن هذا واضحا أن المجلس مع فكرة البنوك الإسلامية وهو حريص على دعمها ، ففكرة البنوك الإسلامية فكرة رئدة وتتجه أول ما تتجه إلى تنمية العالم الإسلامى . ثم أردف حديثه قائلا : وأنتم تعلمون أين تودع بلايين الدولارات من عائد البترول ؟ ثم أوضح دوافع أصحاب فكرة البنوك الإسلامية بأنهم يودون بقليل من مدخرات صغار المودعين الذين يصل الحد الأدنى لما يودعه الفرد نحو 140 جنيها فقط أن يسهموا فى تخفيف حدة التخلف ورفع المستوى الاجتماعى لشعوب العالم الإسلامى وكذلك العمل على تنمية المجتمع الإسلامى وكل هذا يعتبر تكريما لفكرة البنوك الإسلامية . ويؤكد أن هذه البنوك أوجدت وعاء إدخاريا إسلاميا لصغار المودعين فأين يذهب الشخص الذى لايمتلك أكثر من 140 جنيها ؟ وكيف يمكن أن يستفيد من هذا المبلغ ؟ لقد اجابت البنوك الإسلامية على هذا الأمر بحيث يمكن لأى شخص لديه مدخرات بسيطه أن يودعها فى البنوك الإسلامية ، كذلك فإن هذه البنوك تهدف إلى خلق كوادر مصرفية إسلامية وهى نادرة ناجحت لتطبيق الشريعة الإسلامية فى مجال الائتمان والادخار والاستثمار . وهنا تدخل الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس قائلا : إن المطلوب ينحصر فى طلب إحاطة مقدم أن تمثل هيئة الأوقاف فى البنوك الإسلامية ليس إلا .

وبذلك يكون الرد ، فهناك اتفاق تماما على تجربة البنوك الإسلامية والحرص عليها ولم نشعر أبدا أن هناك خلافآ فى هذه الجلسة حول هذا الموضوع وأن أحدا لم يتعرض لبنك بعينه وإنما الموضوع محصور فى نقطة جزئية لا تتعلق بالمبدأ أبدا . واستكمل الدكتور محمد دكرورى حديثه . ولكنه بادر بالشكر لرئيس المجلس وقال : لأننى كنت أود أن أتاكد من هذه النقاط لأنها ضرورية ومهمة لأنها أعلنت على لسان السيد رئيس المجلس . وردا على الجزئية الخاصة بتمثيل هيئة الأوقاف ، فإن لعملية الودائع ونسبتها إلى رأس المال - وكما يعلم الأخ الأستاذ الدكتور أحمد أبو إسماعيل وهو من رجال الاقتصاد البارزين فى مصر وحاليآ هو رئيس لمجلس إدارة بنك - بالنسبة للبنوك الإسلامية طبيعة خاصة فى عملية دور الإدارة بالنسبة للمودع وكلنا نعلم أن المودع إنسان وضعه مؤقت ، فكيف يطلب السيد العضو الدكتور أحمد أبو إسماعيل أن يمثل المودعون فى مجلس إدارة البنك وقد أكون انا مودعا غدا وأنا عضو مجلس إدارة فما الضمان ؟ إن لكل شركة جمعية عمومية – كما نعلم – وهناك محاسبة من خلال هذا وإن الذى يتوجه للايداع فى البنوك الإسلامية ، إنما يتوجه للإسلام وفى نيته الإسلام وإلى قوم يطبقون شريعة الله واختاروه طواعية ولم يظهر حتى الآن مخالفة واحدة أو شكوى واحدة من مودع ولكن قد يكون هناك ما هو خلف الستار من صراعات شخصية ، لا نريد أن نأخذ صيغة العمومية فليتصارعوا وليختلفوا ولكن بمنأى عن الفكرة الإسلامية وإننا نقول لهم قفوا ولا تدخلوا ما هو شخصى فيما هو عام ولا تدخلوا ما هو اقتصادى فيما هو سياسى . وفيما يختص باستثمار فائض الودائع بالخارج والتى أثارها العضو الدكتور محمد على محجوب فقد رد عليها بقوله : إن هذا ليس محظورا قانونا ولا شرعا ، ولكن الخالف هو أنه إذا أودعت هذه الأموال بفوائد محددة وهذا لا يحدث إنما يحدث هو أنهم يتجهون إلى الاستثمار فى شراء سندات بفائض هذه الودائع وذلك فى شكل اتجارأو فى شراء معادن نفيسة حتى لا تعطل هذه ألأموال .

وهنا اسوقف رئيس المجلس المتحدث متصيدأ بقوله : هنا نقطة خطيرة .. وهى أن البنوك الإسلامية إذا أخذت الودئع التى لديها وأودعتها فى شكل سندات أو معادن نفيسة فإنها تخفض من السيولة المطلوبة للبنوك وهذا اتجاه خطير ، يجب أن تفكر فيه هذه البنوك بصورة جدية فليس من الممكن أن ثم ستدرك بقوله : ان البنك المركزى الآن يتبع الجهاز المصرفى بوحداته المختلفة ويقوم بمسئولياته في وجه .

وهوكفيل بتحقيق الانضباط فى الجهاز المصرفى ولا ييقى غير البنك المركزى مجلس الشعب فهما الجهتان اللتان لهما الحق الكامل فى مراقبة الجهاز المصرفى وتأكيد انضباطه وتوجيهه لكى يجند طاقاته الكبيرة من أجل خدمة الاقتصاد المصرى .. أما استمرار التشهيرأو استمرار اثارة القضايا - كما ذكر بحق - لتعكس مواقف شخصية هنا أو هناك فإن هذا أمر له حساسية خاصة لابد أن ينأى مجلس الشعب وأن ينأى البنك المركزى وأن ينأى وزير الاقتصاد عن الخوض فيها فلنتجه إلى الموضوعية! . ولكن رئيس المجلس استوقفه معقبا ورافضا منطق الوزيرفقال : "لا مؤاخذة يا دكتور مصطفى .

من حق وزير الاقتصماد أن يلزم نفسه بأن ينأى ولكن مجلس الشعب حينما يتعرض لمثل هذه المسائل فلا يمكن أبدا أن يطلب منه أن ينأى . فصفق الأعضاء! . وبادر الوزير بالتراجع قائلا : قد يكون حدث سوء فهم عندما أتحدث عن أن يناىمجلس الشعب . ولكن رئيس المجلس رد بقول قاطع أيضا : لا يستطيع مجلس الشعب أن ينأى ولا يستطيع أن يتخلف ، تلك مسئولياته ولا يوجد قيد على حق هذا المجلس فى الرقابة على اية سلطة . وتخفيفا من حدة قوله : وانا أعلم أن السيد الوزير لم يقصد هذا التعبير .وصفق له الأعضاءمرة أخرى . وتحدث الوزير يحاول تصحيح ما بدر منه موضحأ فقال : فى سياق الحديث أنه إذا كانت هناك - كما ذكر الأخ الأستاذ الدكتورمحمد دكرورى - أية شبهة فى أن هناك انعكاسا لمواقف شخصية فى تحديد موقف فإن ما ذكرته هو فقط تعليق على حديث السيد العضو الدكتور محمد دكرورى . فأنا لا أتحدث عن مسئوليات المجلس أو عن حق المجلس فى التعرض لأية قضية من القضايا لكنى أريد أن أؤكد أن المجلس عندما يتعرض للقضايا - وهو صاحب حق فى ذلك - فإنه لا يتعرض إليها انعكاسا لمواقف شخصية وإن المجلس ينأى بنفسه عن أن يكون ذلك . هذا ما أردت أن أؤكده ، . فصفق له الأعضاء على هذا التصحيح وأكد رئيس المجلس على هذا بقوله : إننى اثق أنك أردت شيئا غيرما تم التعبيرعنه .

ثم تحدث عن علاقة البنوك الإسلامية والبنك المركزى فقال :

لاشك أن هناك اختلافا فى طبيعة معاملات البنوك الإسلامية عن البنوك الاخرى ولاشك أيضا أن علاقة البنوك الإسلامية بالبنك المركزى - وكما يذكر كثير من الاقتصاديين. وكما يذكر كثير من رجال الاقتصاد الإسلامى بالذات - لابد أن تتسم بسمات تختلف فى طبيعتها عن تلك التى تربط وحدات الجهاز المصرفى الأخرى بالبنك المركزى والسبب الرئيسى فى ذلك هو اختلاف طبيعة الأعمال المصرفية التى يقوم بها الجهاز المصرفى ككل والبنوك الإسلامية من ناحية أخرى وهذا أمر ليس بالمستغرب ولكنه كما ذكرت أمر ينادى به كثيرون من رجال الاقتصاد الإسلامى وهو أن القواعد التى يطبقها البنك المركزى بالنسبة لوحدات الجهاز المصرفى الأخرى قد لا تتفق تماما مع قدرة البنوك الإسلامية فى القيام بمسئولياتها وإسهامها من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية داخل المجتمع ومن أجل حماية المودعين وإلى غير ذلك من الأفكار الأساسية فى هذا الشأن . لذلك فالأمر متروك للمناقشة والحوار . وكما أن الأمر فى النهاية متروك لمجلس الشعب كما ذكرت ليقرر ما يشاء فى شأنه " . وقد وقف على الشريطى صاحب ألسؤال الوحيد فى هذه الجلسة ليعقب على إجابة الوزير حول الإجراء ات التى اتخذتها الوزارة لدعم تجربة البنوك الاسلامية كتجربة رائدة فى ميدان الاقتصاد الاسلامى ؟

ثم قال : أريد أن أقول أيضا مع الزملاء الذين سبقونى فى الكلام – ولكنهم أفضل منى – إنه ينبغى ألا يكون هناك رقيب على هذه التجربة إلا الجهاز المصرفى فقط فلا يقبل أن أدخل وزارة الأوقاف قيدا على هذه التجربة حتى لا تنطلق ! .

"وعقب رئيس المجلس على رفض العضو لرقابة وزارة الأوقاف قائلا : لم يطلب أحد أن تكون وزارة ألاوقاف رقيبا على بنك فيصل الإسلامى والدكتور أحمد أبو إسماعيل لم يقصد ذلك وتمثيل وزارة الأوقاف فى البنوك الإسلامية بعضو أو أكثر نيابة عن المودعين لا يعد رقابة . إلا أن العضو على الشريطى قد انفعل وصاح قائلا : "أنا أفسر هذا الاقتراح بهذا المعنى وأنا صناعتى الكلام وأعرف كيف أتحدث وقد نهلت العلم على يديك وإننى أوضح هذا المعنى بأنه حينما أتى بشخصيات وأضمها إلى مجلس الإدارة وأحمل هذا البنك الإسلامى بمرتبات ضخمة بشخصيات لا عمل لها فإن ذلك يعتبر قيدا على هذه التجربة ونحن بشر وصغار المدخرين قد اقتطعوا هذه المبالغ من أقواتهم وأرادرا أن يأكلوا حلالأ فذهبوا بها إلى البنوك الإسلامية وقد بدأت البنوك الأخرى تستيقظ إذ أن بعض المودعين بدأوا يسحبون ودائعهم من هذه البنوك ويودعونها فى البنوك الإسلامية وهذا جعل هذه البنوك أيضا تشعر بالغيرة - وهى غيرة محمودة - حتى أن بعض هذه البنوك بدأ فى فتح فروع للمعاملات الإسلامية وهى غيرة محمودة وسلوك مطلوب من أجل دعم الاقتصاد الإسلامى . ثم ختم حديثه قائلا : وإننا مع الحكومة الرشيدة فى أن تكون مستيقظة تماما للمحافظة على أموال المودعين ونحن معها أيضا فى الدعم الكامل للبنوك الإسلامية . . وصفق له النواب ! .

ثم تحدث رئيس المجلس وقال : أما بالنسبة لموضوع البنوك الإسلامية فالمطلوب أمران : البعض يقترح دعم البنوك الإسلامية والبعض الآخر يرى تمثيل المستثمرين والمودعين فى مجلس الإدارة وهذا موضرع آخر مختلف فى طبيعته عن مناقشة السياسة المصرفية ومع ذلك فقد قدم قبل ذلك سؤال السيد الوزير وتمت الإجابة . وهو خاص بالسياسة المصرفية وعليه فإن إدماج هذا الموضوع مع الموضوعات الخاصة بالسياسةالمصرفية خطأ لأن هذا الموضوع له طبيعة خاصة . فنحن لا نتحدث هنا عن انحرافات ولا ننسبها إلى أحد ولا يوجد الوهم الذى سيطر على بعض الوقت بأن هذا سوف يؤدى إلى نتائج سيئة - نحن نطالب بدعم هذه البنوك وبتمثيل المودعين فما الضرر فى ذلك ؟ ووقف وزير الدولة توفيق عبده إسماعيل قائلا: "إن مجلس الشعب هو الذى أصدر قانون بنك فيصل الاسلامى عام 1977 وأصدر قانونا آخرعام 1982 يخضع بنك فيصل الإسلامى والبنك العربى الأفريقى لرقابة البنك المركزى الكاملة .. وأرجو مع تأكيد ما جاء على لسان رئيس المجلس أن تنتهى هذه المناقشة التى تؤكد الاتجاه بدعم البنوك الإسلامية والنظام المصرفى الإسلامى! . ثم يقف العضو ناصف طاحون وقد قدمه رئيس المجلس طبقاللا ئحة الداخلية للمجلس وبصفته رئيسا لمجلس ادارة أول مصرف إسلامى (بنك ناصر الاجتماعى) فقال : لا مناص لنا إلا إذا عدنا إلى شرع الله ولا يمكن بأى حال من الاحوال ألا يكون هناك خطأ فالبشرخطاءون ومن لا يعمل لا يخطىء ومن يعمل يخطىء وإذا كان هناك خطأ ما فإننا نحمد الله أن الحكومة كانت متيقظة وتمت معالجة وتصويب هذا الخطأ بجانب مئات الأخطاء فى المجال الآخر من البنوك الاسثمارية وغيرها فلم كل هذا ؟ نحن الآن نريد ان نعود إلى شرع الله ونريد أن تأخذ البنوك الإسلامية دورها ولا يقتصر الأمر على مصر وحدها وإنما فى العالم الإسلامى أجمع .

والحقيقة أن صغار المودعين فى مصر – وهم بعيدون كل البعد – لديهم شك وريبة فى إيداع مدخرتهم فى البنوك الأخرى والآن نرى الاتجاه العام الذى يسود الشعب المصرى يجرى ويبحث وراء الفكر الإسلامى والبنوك الإسلامية وهذه ظاهرة صحية لا تزعج الغير ، لأن ودائع هؤلاء الأفراد أصلا لم تكن تتوجه إلى البنوك الأخرى فهل نتحدث الآن ونقول من يحمى المودعين ؟ أقول إن المودع هو الذى يحمى نفسه . أين المودعون فى البنوك الأخرى ؟ وإذا قيل إن طبيعة العمل تختلف فهنا نقول إن أى مودع فى البنوك الإسلامية يودع عن يقين وعقيدة بأنه يشارك فى أعمال البنك سواء بالربح أو الخسارة ، إذن فهو إنسان عقائدى . . فكيف يطلب الآن أن نمثله فى الإدارة ؟ إن البنوك الإسلامية الآن بعد أن بدأت تجد الرواج والارتياح داخل مصر – ونحمد الله – بدأت ترسخ الاتجاه العام لركن من أركان الدين الإسلامى وهو الزكاة وتأخذ طبيعته .

نقطة أخرى تتعلق بالرقابة الشرعية ، فكل بنك من البنوك الإسلامية التى تعمل فى مصر لديه هيئة رقابية شرعية ، ولو تساءل أحد : من الذى يعين الرقابة الشرعية ؟ أقول إنه لا يجوز أن نتدخل وكفى تدخلات ولنترك السفينة تسير اليست الجمعية العمومية هى أحق وأولى بمن يكون فى هيئة الرقابة الشرعية ، وهى الأساس فيها وهى التى تناقش فيها كل هذه المسائل ؟ يجب ألا نسمى الخطأ انحرافا ونحكم على ما حدث أنه انحراف ، ارحموا هذه الفكرة وهناك خطأ وتمت معالجته ، وإننى أقول سوف تحدث أخطاء فى المرحلة الأولى لهذه البنوك .. ولكن مادامت تعالج هذه الأخطاء ولا نتمادى فيها فلنسر ونحمد الله الآن أن لدينا بنكا مركزيا – بقانونه الجديد أصبح له حق الرقابة ونريد أن ندعم حقه فى الرقابة على البنوك الإسلامية وعلاقته بها ونحن نطالب بذلك ولكن يجب عندما يحدث أى شىء ألا نفجر الموضوع داخل أعلى سلطة تشريعية فى هذا البلد، لأن هناك قونين نصدرها ويجب علينا احترامها . وأرجو الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد ألا يسمى ما حدث فى بنك من البنوك بأنه انحراف ولكنه خطأ ونحن نقر سيادته فى جميع الإجراء ات التى اتخذها فى هذا الشأن .. إن كل ما نطلبه انطلاقا من إيماننا الكامل بتطبيق شرع الله أن تكون الشريعة الإسلامية هى رائدنا والحمد لله على أن هذه الظاهرة تسود مجلسكم الموقر ينادى بها ويحافظ عليها ويجب أن تدفع هذه البنوك لتأخذ دورها ، خاصة أن جميع دول العالم الإسلامى تحذو حذو مصر فى تطبيق نظام البنوك الإسلامية وتقوم مصر بإمدادهم بالخبراء كما يرسلون إلينا مبعوثيهم لتدريبهم حتى يدعموا بنوكهم ا لإسلا مية).

وقد أنتهى النقاش عند هذا الحد وقد ورد إلى الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب إقتراح مقدم من بعض الأعضاء يؤكد المجلس فيه على ضرورة دعم المصارف الإسلامية . وكان نصه كالآتى: يؤكد المجلس على ضرورة دعم الدولة لنظام المصارف الإسلامية ووافق الأعضاء . . وفى تطور مواز للحركة أو للنشاط الاقتصادى . ظهرت شركات تلقى أو توظيف الأموال . رقد إتخذت الإسلام شعارا لها . وأعلنت أنها تقوم بتلقى وتوظيف أموال المودعين وتوز يع أرباحها طبقا للشريعة الإسلامية . وكانت هذه الأرباح تصل إلى 20 % وما يزيد للمساهم أو المودع عن أمواله .

وقد باتت بعض هذه الشركات من القوة الاقتصادية المؤئرة فى النشاط الاقتصادى والتجارى بالدولة بل إن عددها قد زاد . وبذلك فإنها جذبت مدخرات الجمهور بل ودفعت البعض إلى سحب ايداعاته فى البنوك لإيداعها بها . حيث ان الأرباح التى يحصل عليها المودع كبيرة ومغرية . وإزاء ذلك تصاعدت أصوات تنذر وتحذر من تعاظم هذه الشركات وسيطرتها على توجيه الاقتصاد القومى . وكانت هذه الصيحات تعلو من الاتجاهين ؟ اليسارى حيث أن ذلك ينسف نظرياتها وإحكام قبضة الدولة على النشاط الاقتصادى ، واليمينى أيضأ فى بعض أجنحته حيث أن هذه الثسركات تسحب جزءا غير قليل من نشاط وأرباح شركاته أو مؤسساته .. وإن كانت هناك أجنحة أخرى تعاونت وتحالفت مع هذ، الشركات وتزايد نشاطها وأرباحها أيضا . وكان من أبرز أصوات اليمين التى تصاعدت وحذرت صوت الدكتور عبد اللاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب . ولكنه لم يطالب بإلغاء أو منع هذه الشركات من نشاطها إنما طالب بأن تقوم الدولة ممثلة فى أجهزتها المصرفية بدور أكبر فاعلية لجذب المودعين إليها وعدم تسربهم إلى هذه الشركات . وذلك من خلال حوافز إضافية لهم .

وإنشاء أوعية ادخاربة أكثر قبولا وجاذبية للمودعين . وهذا مثال لليمين المتحفظ . وطالب البعض أيضآ من ذلك اليمين بتوجيه هذه الشركات للمشاركة أو المساهمة فى تنفيذ مشروعات خطط الدولة وفى المجالات التى يتفق عليها معها وذلك لاستغلال قوة هذه الشركات الاقتصادية والمالية فى تحقيق اغراض وأهداف خطط التنمية . . وقد قيل بعض الشركات ذلك .

إلا أنه تردد أن هذه الشركات لا تحقق ربحا . وأن ما تعلنه فى كل المحافل ما هو إلا أوهام خداعية لمزيد من جذب إيداعات الجمهور . وتردد أيضا أن هناك وسائل وسياسات غير إسلامية تفوم بها هذه الشركات مما يهدر حقيقتها التى قامت من أجلها ألا وهى ممارسة النشاط الاقتصادى الإسلامى ونشره وترسيخه فى الدولة وبين الأفراد . إلا أن الحقيقة التى أعتقد أنها جازمة من خلال متابعتى الشخصية السياسية والبرلمانية لموقف الحكومة من هذه الشركات بغض النظر عن أى بعد أو اعتبار اخر . . فإنها تتمثل فى رغبة وسياسة الدولة وفلسفة نظام الحكم فى التمسك بقبضتها بإحكام على النشاط الاقتصادى. ومنع أى مبادرة أو حافز فردى لدى الأفراد فى ممارسة نشاط اقتصادى يمثل قوة فى مواجهة الحكومة وهذه القرة تولد قوى التعبير الديمقراطى الحقيقى وما يرتبط بها من أفراد تربطهم المصلحة وأفكار معينة .

لعل ذلك تحقيقا بتلازم الديمقراطية الحقيقية بالاقتصاد الحر وهذا ما تحاول القوى الإسلامية الوصول إليه . وبالتحديد ما يسعى الى تحقيقه الإخوان المسلمون ، خاصة عندما يطالبون ويعملون على توسيع النشاط الاقتصادى الحر والتعاونى ليشمل معظم المواطنين وذلك بتدرج طبيعى وبتأثير متبادل تصبح الديمقراطية هى الطريق الطبيعى للمواطنين . لأن تحرير لقمة العيش بالنسبة للفرد هى الخطوة الأولى والحقيقية لحرية التعبير وحرية الانتخاب . . وتحرير لقمة العيش كما صورها عبد الناصر ومناصروه بأنها الحرية الاجتماعية وسبقها للحرية السياسية . وكان ذلك من قبيل الخداع السياسى أيضا . لأن ما أسماه بالحرية الاجتماعية وهى تحرير لقمة العيش كانت من مهام الحكومة . فهى إذن صاحبة الأمر فى المنح والمنع . فأى حرية اجتماعية تلك التى تجعل الحكومة قابضة على لقمة العيش فهل يكون هناك حرية ؟!

وإنما الحرية الاجتماعية إذا كان المقصود بها تحرير لقمة العيش ، فإن بدهياتها فى حرية نشاط الافراد الاقتصادى فى الحصول على لقمة العيش دون تدخل قابض من الدولة على ذلك النشاط أو السيطرة عليها بحيث لا تكون هناك حرية بالفعل إنما توجيه وسيطرة .

وبالطبع فإن فلسفة نظام الحكم كان من أهدافها إحكام قبضة الدولة على النشاط الاقتصادى للأفراد والشركات حتى لا تفلت من تحت يدها وتكون قوى مؤثرة فى صناعة الحياة السياسية والاجتماعية فى الدولة. وبذلك التأثير تكون المشاركة فى الحياة السياسية وصناعة القرار . ولذلك فقد فطنت الدولة إلى تزايد قوى هذه الشركات واتساعها وانتشارها ومن هنا فقد أعدت أدواتها للانقضاض عليهاوحصارها بل وإذا وصل الأمر إلى تصفيتها .. ا وهذالا يعنى أن تمارس الشركات والأفراد نشاطها بعيدا عن القانون بل إن هذا النشاط يبدأبتطبيق نضوص القانون المنظم لهذا النشاط. . ولكنه تنظيم إدارى وليس اقتصاديا . وأما إذا كانت تشكل قيودا أو توجيهات إقتصادية فمن هنا فإن الدرلة تتدخل وتقبض على النشاطالإقتصادى وتقل حركته . ومن هنا عندما عرض مشروع قانون تلقى الأموال على مجلس الشعب .. فإنه قد لوحظ أن هناك قيودامؤكدة وهى ليست من قبيل القيود الإدارية أو التنظيمية إنما هى قيود اقتصادية(67) .

فقد نص مشروع القانون على النصاب المالى لتكوين رأسمال مثل هذه الشركات حيث تحدد الحدالأدنى له خمسة ملايين جنيه والحد الأقصى خمسين ميلونآ .. وقد أعلن حينذاك حزب الوفد الجديد ممثلا فى ياسين سراج الدين أن الحد الأقصى نوع من القيود. . ويلاحظ أنه لم يشرإلى الحد . . الذى أشار إليه إبراهيم شكرى حيث أعلن بالنسبة لهذا الحد أن هناك الكثير من المشاركات الموجودة فى الريف وفى المدن وبين الأشخاص . ومشروع القانون المعروض لم ينظمها .

. هذا الصدد أيضا وردا على موقفحزب الوفد . . والحكومة أيضا . فقد أعلن المستشار محمدمأمون الهضيبى زعيم الإخوان بقوله : فى اعتقادى أننا هنا نخلق تكتلات لأصحاب الملايين ونحرم من دونهم من مباشرة أية أنشطةتجاريه مباحة أصلا للناس جميعا .

ثم قال : وإننى تساءلت لم هذه التكتلات القوية . قيل حتى يكون هناك ضمان بالنسبة لأموالالمودعين . ولكنه أضاف بأن الضمان المطلوب إنما يجب أن يتناسب طردا وعكسآ مع قيمة ما هو مصرح للشركة بأن تتلقاه من الأموال فإذا كانت القاعدة أن تتلقى الشركة عشرة أمثال رأس مالها ففى هذه الحالة فإن الشركة التى يكون رأسمالها خمسة ملايين يصرح لها بأن تتلقى أموالا فى حدود خمسين مليونا والشركة التى سيكون رأسمالها مائة ألف جنيه سوف تحصل على عشرة أمثال رأسمالها ويؤكد إلى أن الضمان ليس فى التحديد ولكن فى التناسب بين رأس المال وبين ما يصرح للشركة بإصداره من صكوك مقابل الأموال التى تتلقاها .ويضيف قائلا : إننا لو تركنا الحد الادنى أو خفضناه يكون ذلك أفضل. قد يقال إن هناك نصا يقضى بحق مجلس الوزراء بالاستئناء من شرطى الحدين الأدنى والأقصى ، وهذا الاستثناء .. المفروض أن يكون استثناء من الأصل له ما يبرره وليس قاعدة .

فحينما تطلب شركة أن يكون لها رأسمال يزيد على خمسين مليون جنيه ، يجب أن يكون هناك مبررات خاصة وليست قاعدة وكذلك الحال إذا كانت الشركة تطلب أن يكون رأسمالها أقل من خمسة ملايين جنيه . فهذا الاستثناء أيضا يجب أن يكون له مايبرره وليس قاعدة . واستطرد مؤكدا : إننا نريد أن تكون القاعدة هى أن حرية العمل مكفولة وحرية النثساط مكفولة وكذلك الضمان يكون مكفولا بالتناسب بين رأس المال وبين ماتتلقاه الشركة من أموال . وفى ضوء ذلك طالب الهضيبي بألا يكون هناك تحدبد لحد أدنى أو حد أقصى مثلما هو موجود فى قانون الشركات المساهمة العامة .وقد أفصح الهضيبي صراحة وبلا مواربة عن الهدف من كل ذلك قائلا : إننا نريد أن نوسع القعدة الشعبية التى تستطيع أن تتعامل ولا نحصرها فى أصحاب الملايين فقط ونترك الكثيرين فى القرى والمدن الصغيرة ممن يزاولون هذا النشاط فليسوا جميعا من أصحاب الملايين .. فهناك فى القرى والمدن أناس يزاولون هذا النشاط وموجودون فعلا ، وهم اصل هذا النشاط والظاهرة الطارئة هى التكتلات الكبيرة . وإننا بمشروع القانون هذا نمنعهم ونحرمهم ، وفى اعتقادى أن ذلك مخالف للسياسة العامة للدولة ولحقوق الناس عموما، . وتفصيلا لكلام الهضيبي أوضح زميله محمد محفوظ حلمى قائلا : "تعالوا ننزل إلى الشارع الصناعى الحقيقى فى مدينة المحلة الكبرى وفى المنصورة وفى طنطا وفى دكرنس لنرى الشركات ألقائمة وهى عبارة عن مجموعة مكونة من خمسة عشرة أو خمسة عشر شخصا اشتروا عشر ماكينات تريكو واشتغلوا وأنتجوا منها الكثير! . ومن خلال ما سبق

أعتقد أنه لم يفت على الهضيبي وزميله أن الهدف من القانون هو تحرير النشاط الاقتصادى ذلك الذى يسعى إليه الإخوان وفى ذات الوقت فإن الهدف السياسى غير المعلن هو منع الإخوان من السعى لتحقيق نشاط اقتصادى واسع وذلك لدفع الأفراد والمجموعات لتكوين مجموعات أو شركات اقتصادية صغيرة ، ولكنها تكون فى النهاية كيانا اقتصاديا حرأ بعيدا عن تدخل وقبضة الدولة . وعندما أشار الهضيبي أن مشروع القانون يعد مخالفا للسياسة العامة ، فإنه يشير إلى أنالحكومة تعلن أو ترفع شعارا بتشجيع وانتشار الصناعات الصغيرة ، بل إن رئيس الجمهورية محمدحسنى مبارك دعا فى خطبه إلى مثل هذه الصناعات الصغيرة إقتداء باليابان لتحويل المدن والمجتمعات فى القرى إلى قوى إنتاجية .

وإشارة الهضيبي تصل إلى منتهى الاتساع للاقتصاد الحر حيث أنه ركز على الحد الأدنى وليس الأقصى .. والحد الأدنى يمثل قاعدة عريضة وكبيرة ويسهل انتشارها عكس الحد الأقص الذى يمثل القمة ويضيق مساحة حركتها فى ظل فلسفة نظام الحكم.

أن الحكومة تبرر عدم موافقتها بإلغاء الحد الأدنى أو تخفيضه بعدم تمكنها من الرقابة .. حيث أعلن محفوظ حلمى قائلا : اوبالأمس ونحن نناقش مشروع القانون باللجنة الاقتصادية قلت للسيد " رئيس هيئة سوق المال : ما ذنب صغارأصحاب رؤس الأموال المنتجة ؟ فقال لى : إننى لا اقد ر على إحكام الرقابة عندما تتعدد الشركات ويتسع نشاطها فقلت له هذه قضيتك أنت ، فعليك تبحث عن السبيل أما هذه الاسر التى تعدت الملايين ما ذنبها . فهذه الشركات تتلقى أموالا مع مال صغير ومحدود) . يتاكد تفسيرنا من إجابة رئيس هيئة سوق المال . إلى أن وجهة نظره تعبرعن ضيق أفق اقتصادى . . فكيف نمنع القوى البشرية من أن تكون قوى منتجة لمجرد العجز عن رقابة نشاطها الإنتاجى؟! وكيف نعطل القوى البشرية عن عملها وتبقى عاطلة ولا تشجعها على أن تعمل فى ظل دولة ناميه فى حاجة إلى كل قطرة عرق من عمل وكيف يخشى من اتساع نشاط الشركات الصغيرة ويبقى الأمر معلقا على استيراد احتيهاجاتنا دائما إنتاجها محليا ؟!

وهكذا فإن فلسفة النظام تحجب وتحاصر وتحدد مستوى انتشار النشاط الاقتصادى الذى تكون بلادنا فى مسيس الحاجة إليه ، وذلك تحقيقا لفلسفة نظام يتمسك ويتشبث بإحكام قبضته علىالأفراد ونشاطهم تحت دعاوى مزيفة من الحرية الاجتماعية التى يرى أنه يمنحها وبذلك تتناقض مع المعانى للحرية . وقد لوحظ أن هناك قيودا عديدة فى مشروع القانون تجسد تدخل الحكومة السافر فى تحديد نوعية . ومستوى النشاط الاقتصادى مما دعا ابراهيم شكرى إلى القول : (بأن كئرة التدخلات الموجودة فى مشروع القانون المعروض لا يمكن أن تشجع على تكوين شركات جديدة تحقيقا للأغراض التى تهدف إليها من تشجيع رءوس الأموال الصغيرة فى الاستثمار .

وأضاف قائلا : كما أنه بالنسبة للشركات القائمة ، ففى اعتقادى أن هذا المشروع بقانون لايمكن أبدا أن يكون مشجعا لها على الاستمرار ، سواء أكانت هذه الشركات جادة أم غير جادة وسواء كانت سليمة التأسيس أم غير سليمة التأسيس فإن الأوضاع الواردة فى هذا المشروع لاتشجعهم على الاستمرار ومن هنا يجب أن ننظر إلى كل هذه المسائل وأن ننظر إلى الآثار المترتبة على ذلك . ثم أكد بقوله : إننا مع مبدأ أن يكون هناك قانون لتنظيم هذه الشركات ، ولكننى أرفض هذا ا لمشروع " . كما أشار كل من العضوين محيى الدين عيسى ومحفوظ حلمى إلى كثرة تدخلات الحكومة والقيود المتعددة بنصوص مشروع القانون .. إلا أن أخطر ما أشير إليه فى هذا الصدد - وبصراحة شديدة أعلنها النائب الإخوانى الدكتور حسنى حسين ، حيث أيد ما قاله زملاؤه من ضرورة عدم زيادة القيود ، واستدرك مخاطبا رئيس المجلس بقوله : "اسمح لى أن أصارحك ، إننا لا نريد أن نفتح أبوابا للفساد والرشوة من جراء زيادة مراكز القوى والتحكم فى هذه الشركات . فإذا كنا حريصين على زيادة الاستثمار والنشاط الاقتصادى فإننى أرى أنه لا ينبغى أبدا أن يوجد مثل هذا التعنت المفروض " . وما أشار إليه العضو فهو حقيفى ، حيث أن القيود المتعددة والمتنائرة والتى تبدر متناقضة من كثرتها وتخلق نوعا من البيروقراطية المنفرة والمعقدة .. فإن ذلك يكون رهن تطبيق العناصر الإدارية وتفسيراتها وتأويلاتها المتعددة .

ومن هنا فإن الرشوة تكون مفتاح الخروج من هذه المآزق الإدارية والبيروقراطية ، وهى تجعل تلك العناصر بتحايلها القانونى ، أيضا ، قادرة على العطاء أو المنح والمنع ويكون رهن مشيئتها الفاسدة .. وبذلك تبدو الرشوة هى القاسم المشترك فى كل هذا . ولذلك فإن إشارة النائب الإخوانى واقعية إلى حد كبير وبعيد. وإذا عدنا للتاكيد على فلسفة نظام الحكم فى التمسك بحق التدخل السافر وإحكام القبضة على النشاط الاقتصادى للأفراد والذى يحد حريتهم .. فإننا ألتقطنا أئناء متابعتنا المستمرة بحضور نقاش هذا المشروع فى قاعة المحلس بالجلسة المسا ئية يوم السابع من يونيو عام 1988 .. أولى خيوط هذه الفلسفة وهى ، ابتداء ، عقاب المودعين على محاولاتهم - كأفراد - للاستقلال الاقتصادى وبعيدا عن متناول يد0 الحكومة المانعة والمانحة حيث نصت المادة (18) من المشروع على رد الأموال للمودعين خلال سنتين. . وخلال الضجة من جراء تحديد هذه المدة .. صاح النائب الإخوانى د. عصام العريان ومقترحا . هذه المدة إلى ستة شهور رحمة وشفقة بالمودعين ! فرد عليه الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس رافضا ذلك الاقتراح . فسأله النائب عن ذلك . - قائلا :

يستاهلوا .. مش هم اللى راحوا أودعوا فلوسهم فى الشركات دية .. ولكن . فإن هذا الحواروتلك العبارة قد حذفت من مضبطة الجلسة ، ولكننى كنت قد سجلتهافى نوتة خاصة بى. واندهشت لسقوطها من المضبطة . وإن كان ذات الحوار دار مع العضورمضان عرفة والذى ينتمى للتيار الإسلامى وإن لم ينتسب للإخوان . . حيث خاطب رئيس المجلس وما ذنبى أنا كمستثمر أن أسترد أموالى خلال سنتين ؟! فرد عليه – رئيس المجلس : انت اللى أودعت اموالك لديهم وما هو ذنبهم أن يردوا لك أموالك لابد ان نكون عادلين معهم فمدة السنتين مدة معقولة ولا يصح أن نقللها !وهكذا وقد بدأ رئيس المجلس وكأنه يحافظ على مصلحة الشركات فقط دون الأفراد ، وفى ذلك يحاول نفى شبهة الإضرار بمصلحة هذه الشركات وتصفيتهما ، خاصة أن ذلك يمس الجانبالإقتصادى فى سياسة الحكومة من حيث الظاهر .. وكأنه بذلك يعاقب الأفراد المودعين على محاولةالإستقلا ل الاقتصادى .. وممارسة ذلك بعيدا عن قبضة الدولة. . والتى إن أفلتت منها فإن حريتها تكون أكثر توسعا وقوة فى مواجهة الحكومة نفسها . . وبذلك تتوافرأهم عناصر ديمقراطية الحكم والنظام والدولة .

وبالفعل نزل العقاب بألاف المودعين .. ورغم مطالبتهم باسترداد أموالهم ونص القانون على أن يحصلوا عليها خلال سنتين . . فإنه منذ صدور القانون وحتى تاريخ كتابة هذه السطور لم يصرف لحدهم قرش واحد . . وفثسلت الحكومة فى رد أموالهم نتيجة سوء تقديرالموقف برمته . . وسوءالتعامل مع أطراف الموضوع ، مما أودى بالمودعين أنفسهم نتيجة ذلك كله .وبذلك تحقق عقاب الحكومة للمودعين .. عسى أن يستوعبوا الدرس حتى لا يعاودوا الكرة مرةأخرى ويحاولوا الاستقلال الاقتصادى عن قبضة الدولة وتحكمها فى أرزاقهم ، وبالتالى حريتهم واختياراتهم فهى تتمسك بأن تكون المانحة والمانعة ، وبذلك تحقق ديمقراطيتها الاجتماعية المزعومةالمزيفة والتى تتناقض - كما سبق القول - مع أبسط معانى الحرية .

وأثناء مناقشة بيان حكومة عاطف صدقى دار حديث حول تلك المعانى تحدث المستشار حلمى عبد الآخر رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وأحد أقطاب الحزب الوطنى أشار إلى أن المصريين العاملين بالخارج - وليس الأجانب - يمتلكون مليارات الدولارات ولم يدخلوها مصر فإما أنهم يضعونها فى خزائن البنوك الاجنبية وإما أنهم يستثمرونها فى دول أجنبية ورغم أن مصر أولى بهذه المليارات ولكن رأس المال يسعى دائمآ للاطمئنان والأمان والعائد المريح (68) .

وقال : إذن يجب على الحكومة ان توجد المناخ اللازم لجذب هذه المليارات الاستثمارها فى مصر ومد جسور الثقة بين القنوات الشرعية والوطنية للاستئمار وبين هذه المليارات ، حتى تثرى هذه النقود والأموال السوق المصرية ولكن ما الطريقة ؟

والتقط الهضيبي الخيط من هذا العضو والذى ينتمى إلى الحزب والتشريعية وأحد أقطاب الحزب الوطنى وأشار إلى أن المصريين العاملين الذى تنبثق منه حكومته قائلا : وكنت قد تكلمت فى هذا الموضوع ؟ واستطرد قائلا :إن البنوك بالخارج تصدر بيانات ولديها إحصاءات وتعرف وتقول إن لديها أموالا من جنسيات كذا وكذا وكذا ومن الممكن أن نعرفها نحن أيضآ وغيرنا يعرفها ويعلنها . أليس من حقنا ومن واجب حكومتنا أن تقول عن هذه المبالغ وتقوم بعمل حصر لها ولو بالتقريب وتقدمه لنا ؟

ثم تقول لنا كما قال السيد العضوحلمى عبد الآخركيف سنعمل على جلب هذه الأموال ؟ هم قالوا وقالت لجنة الرد على البيان - يحق - أن الحرية أساس وأن الحرية لا انفصام بينها وبين التنمية .وخاطب الحكومة بقوله : اجعلوا لهم فوائد كما تريدون ، افعلوا ما تريدون ولكن لن يأتى أحد إلا إذا اطمأن وأمن على نفسه وماله ، لن يأتى أحد بدولار واحد من الخارج إلا إذا اطمأن أنه لن يستيفظ فى الصباح فيجد قانونا يغير الكيان الاقتصادى . . ينظر فى جلسة واحدة دون أية دراسات يشترك فيها أصحاب الشأن مهما كان الفساد". تعنى إشارة الهضيبي الأخيرة صدور قانون تلقى الأموال دون بحث أو دراسة جيدة الأمر الذى هدم شركات ذات كيانات اقتصادية كبيرة مما أودى بأموال المودعين بها وما تسبب عن ذلك من انهيارات اجتماعية فى الأسر التى كانت أموالها مودعة بتلك الشركات .

وأما مطالبته بإحصاء اموال العاملين بالخارج وإعلانها وإن كان ذلك ضرورى لتخطيط ووضع سياسه لجذبها إلى الاستثمار الوطنى . . فإن الحقيقة فى الجانب الآخر ربما تكشف أسرار مخالفات مالية جسيمه يودع أطرافها أو مسئولوها حصة منها فى البنوك بالخارج . وهذا ما لا تسعى إليه الحكومة طبعا - وإن حاولت بأساليب أخرى غير معلنة إلا أن العبرة بالنتيجة ، فإذا نما إلى علمهاشىء من هذا فماذا هى فاعلة ؟؟

إذن فالمناخ الاقتصادى المطلوب هو مناخ آمن من أى هزات اقتصادية ، وقرارات متوالية ومتضاربة كذلك تشريعات تحد من حرية النشاط الاقتصادى . وهذا ما لا تريدة الدولة رسميا ، وحاول التحايل - بثستى الطرق مما يهدر الوقت والجهد ، ويفوت على الجماهير تحقيق مكاسب ورفع مستوى والنهوض والنهوض بخدمات الدولة ومرافقها .

"وكان مجلس الشعب يناقش بيان الحكومة أثناء حرب الخليج التى كان أحد طرفيها الرئيسية العراق . . وقد التقط النائب الإخوانى مجدى أحمد حسين التناقض وغيبة الحكومة وتخبطهاالإ قتصادى والسياسى فى نقطة هامة حيث أشار إلى أن عدم التوفيق فى بيان رئيس الحكومة الدكتورعاطف صدقى قد وصل إلى منتهاه حيث ذكر أن من وسائله الأساسية لمعالجة مشكلة البطالة فتح سوق العراق فعلا . كأن الحكومة تتحدث من العالم الآخر . . فهناك نصف مليون مواطن عائدون من العراق . ورغم ذلك يقدم لنا بيان الحكومة أنها ستفتح سوق العراق والإمارات و اليمن . . هل هذامعقول ؟! بل هناك بطالة مصرية مضادة تأتى من العراق نتيجة ظروف العراق الاقتصادية فيما بعد بعدالحرب ثم يقال إن هذا حل مطروح لنا(69)! .

وإثارة العضو تعنى عدة أمور منها :

اولا : أن انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية وعودة جنود العراق إلى مواقعها المدنية قد خلقت مشا كل وجثث موتى من المصريين تعود بالمئات فى توابيت مغلفة . وإن فرص العمل بالنسبةللمصريين تتناقص.

ثانيا : انخفضت هذه الفرص بصورة كبيرة عندما اشتعلت أزمة الخليج واضطرار ما يقرب من نصف مليون مصرى للعودة من العراق إلى مصر .

ثالثا : أن مواقف مصر واليمن المختلفة من أزمة الخليج أدى إلى صعوبة استمرار العمالة المصرية باليمن وعودة أبناء مصر من بعض دول الخليج ونتيجة موقف اليمن السياسى من الأزمة - قلل من فرص العمل أيضا للمصريين .

رابعا : أن دولة الإمارات تعيد النظر بموضوعية فى نسب العمالة عموما التى نعمل بها لإحداث توازن سكانى . وعندما تعلن الحكومة التزامها أو وعدها بعكس ذلك فإنها تعبر حقيقة عن عدم صدقها ووعودها الزائفة ولا يجب أن نستمر فى الحكم .

وهكذا يسعى الإخوان لتحرير الاقتصاد المصرى .. ويلقون مقاومة عنيفة من الحكومة . . ثم يأتى صندوق النقد الدولى ويضع مع الحكومة خطة لتحرير الاقتصاد المصرى خلال ثلاث سنوات - والتى عرفت بمشروع الألف يوم - وتضطر الحكومة للتجاوب والاستجابة إلا أنها أيضا تحاول الالتفاف والتملص من ذلك . . وللأسف فلماذا لم تتجاوب ابتداء مع إحدى القوى الوطنية واستجابت لقوى أجنبية؟

الإخوان والديمقراطية والمعارضة والحكم

وفى ختام دراستنا حول تقييم التجربة البرلمانية للإخوان المسلمين. نرى ضرورة التنويه بأن هذا التقييم - كما بدا - فى إطار وجود الإخوان كقوى معارضة فى البرلمان . وإن كانت لم تخف بل صرحت فى أكثر من مناسبة أو موقف أنها تسعى للتغيير السلمى.ولهذا المسعى احتمالان :

أولهما : أنها تسعى إلى تغيير المجتمع من موقعها كمعارضة وعند هذا الحد قد أدت دورا فى الساحة السياسية .

وثانيهما : سعيها من خلال ذلك التغيير للوصول إلى الحكم .

وأما عن الاحتمال الأول فقد دارت هذه الدراسة للتقييم وإلى معرفة مدى ما حققه الإخوان من هذا التغيير . وكما سبق أن نوهنا فى مقدمة الكتاب إلى انه لوحظ أن الإخوان لم يتوقفوا عند حدود المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية فى وضع تشريعات إسلامية فحسب . . بل إنهم مارسوا نشاطهم البرلمانى أيضا حول السياسات العامة وكذلك السلوكيات . واعتقد أن المحورين الأخيرين كانا أقرب إلى الواقع بالنسبة إليهم . وكثيرأ ما طرحوا أفكارهم وآراءهم حولهما وقد أخذ المجلس أحيانا ببعضها وأما تقنين الشريعة الإسلامية فهناك ألفاق ضمنى على التدرج فيها ، كما سبق أن بيننا ذلك فى الفصول الأولى لهذا الكتاب .

وفى إطار الاحتمال الأول أيضا ورغم أن الإخوان قد حاولوا التغيير السلمى إلا أن ذلك لم يكن يسيرا إنما قد لاقوا مقاومة شديدة من رموز السلطة السياسية والتى كانت ذات دلالة أيديولوجية أو فكرية معينة ترفض الإخوان شكلا وموضوعا . وعندما شعرت بأنهم فرضوا واقعهم . . فوقفت لهم بكل المعوقات . إلا أنهم لم ييأسوا وقاموا بتنفيذ تخطيط وتكتيك برلمانى بارع لطرح أفكارهم وآرائهم ومحاولة التأثير على قرارات البرلمان ورؤيته فى القضايا والمشاكل والسياسات العامة .. وكانوا من الكياسة بحيث أنهم لم يصطدموا بالسلطة السياسية العليا إنما توقفوا عند حدود بعض الرموز وقد نجحوا فى ذلك . حتى أنه كما سبق بيانه حققوا بعض النقاط فى شباك السلطة دون الاصطدام معها وذلك دون التسلل غير الشرعى أو غير القانونى للوصول إلى الهدف . وكما سبق واكدت حرص السلطة السياسية على نجاح هذه التجربة فإنها أيضا قد استجابت أحيانا في آرائهم التى.لم ترأنها تسبب ضرر بقدر ما حققت منفعة .

وفى هذا الإطار - مازال حديثنا - فإن هذا التقييم هدفه الإجابة عن السؤال الحيوى والهام حول مدى إمكانية أن يكون الإخوان جزءا من نسيج الدولة أو يبقوا خارجه - وهذا بصدد الاحتمال الأول وهم فى موقع المعارضة التى تسعى إلى إحداث تغيير سلمى فى المجتمع. . وأعتقد أن هذا الدور ليس وقفاعلى قوى الإخوان المعارضة بل هو دورأية دولة ديمقراطية .

ولاشك أن دخول الإخوان للبرلمان . وكما سبق الاشارة إلى ذلك بموافقة ضمنية من السلطةالسياسيه فإن هذه الاخيرة قد وقع اختيارها عليهم كقوى وطنية ذات ميول إسلامية دون غيرها من " القوى الإسلامية الأخرى لعدة اعتبارات هامة ومنها :

أولأ : احترام دورهم ورصيدهم التاريخى والسياسى على مدى ما يزيد على نصف قرن ، لاسيما ممثلو قوى متوازنة أمام الناصريين والشيوعيبن فى السبعينيات منذ عام 1971 وتصدوا للمد الشيوعىولعل السلطة السياسية قد واكبت دورهم منذ منتصف السبعينيات مما أكد قناعتها بعدم الضررمن تجربتهم برلمانيا إن لم يحقق ذلك نفعا .

ثانيا : ثقة السلطة السياسية فى أن الإخوان قد تنازلوا أو تسامحوا عن فكرة الانتقام من جراء ماوقع بهم فى فترة ماضية .

ثالثا : منح الإخوان الفرصة لممارسة النيابة الشعبية فى البرلمان . أبلغ دليل على قناعة السلطة واعتقادها بأنهم التيار الإسلامى الوسط أو المعتدل أو المستنير ، وله الحق فى ذلك التمثيل ليس على مستوى الدولة فقط ، بل على أى مستوى خارجى . وقد تمثل ذلك فى إشتراك بعض نوابهم فى وفود برلمانية لحضور مؤتمرات واجتماعات منظمات واتحادات إقليمية ودولية .

رابعا : وإذا كانت ظاهرة المد الدينى تجتاح معظم دول العالم منذ سنوات ، فإن تلك الظاهرة لها من الجذور المصرية الممتدة منذ ما يزيد على نصف قرن . وقد قوبلت بالقهر والاستيداد منذ سنوات عديدة مضت فكان الأولى والاجدر دفعها إلى السطح والصف الأول للعمل السياس لتكون أصدق تعبيرعن حقيقتة الظاهرة فى مصر وليكون تعبيرها أصيلا عن أول تيارإسلامى حديث ممثلا فى الإخوان المسلمين ، ولاسيما أن لهم صيتا عالميآ . خامسا : لم يخذل الإخوان السلطة السياسيه فى الاعتبارات السابقة ولم تحاول الاصطدام بها حتى إطار الشرعية البرلمانية، لتؤكد لها عدم تطرف دعواها .. وكما هى أصولية ، فهى أيضا عصرية . فالإسلام دين لكل زمان ومكان .

ولعل الأمل قد راود بعض المفكرين المعاصرين . فى ممارسة الإخوان البرلمانية كخطوة للإصلاح السياسى فى مصر . فقد عبرأحدهم عن ذلك فى بناير عام 1983 قائلا : لن تنتهى قضية التطرف ولا مشكلة المفكرين إلا بعودة الإخوان المسلمين فلا يفل الحديد إلا الحديد وبضدها تتميز الأشياء " .

وأضاف : "إن منح الشرعية للتيار الإسلامى بقيادة الإخوان هو الحل لفضح التنظيمات الدينية السرية وقطع خط الإمداد والتمويل لجماعات التكفير .

أعتقد أنه من خلال القول السابق يتضح مدى أهمية هذه الخطوة التى اتخذتها السلطة السياسية فى إبراز الإخوان كقوى معارضة فى البرلمان . حيث أنهم يمثلون قيادة التيار الإسلامى بحكم تاريخهم ورصيدهم ومن جانب اخر فهم الوجه الإسلامى الحضارى للتيار الإسلامى . لأن الإخوان قد امتد وجودهم فى تنظيمات مهنية وسياسية متعددة ومحافل أخرى . وكلها كيانات على مستوى عال من الثقافة والتعليم والتنوير . كما أن حركتهم السياسية تدور فى فلك الحوار والمناقشة وهما جوهر الديمقراطية . وقد رأت السلطة السياسية الممثلة فى رئيس الجمهورية حسنى مبارك خوض التجربة البرلمانية معهم للتاكد من مدى انسجامهم واتساقهم مع نظام الدولة ودون الخروج عليه .

وإن كان البعض ومنهم وزير الداخلية الأسبق زكى بدر قد تصوروا أنهم يسعون إلى التغيير إلانقلابى .. فإنهم نفوا ذلك بشدة وأثاروا إلى أن ذلك ليس فى مصلحة مصر وليس فى مصلحة أية قوى وطنية فى الدولة . وأنهم يرفضون ذلك الأسلوب . إنما هم يسعون إلى التغيير السلمى . ومن هنا نصل إلى الاحتمال الثانى لمعنى ذلك التغيير وهو وصولهم إلى الحكم . . وفى هذا الصدد - سبق أن عرضنا للهجوم الشديد والشرس الذى تعرضوا له فى أثناء الانتخابات 1987 ، واتهامهم بعدم إيمانهم بالديمقراطية . واتهامهم بالسعى لإقامة دولة دينية متسلطة . . بل وذهب البعض من خصومهم إلى أنهم يتحينون الفرصة للقفز على الحكم لتنفيذ مخططهم التسلطى الصارم . . ولتقييم هذا الهجوم . . أعتقد أنه بمطالعة ما سبق فى فصول سابقة - لممارستهم البرلمانية نجد الإجابة المناسبة وإلى أى هدى كان الخصوم على خطأ أو على صواب .. وإن كان هذا الهجوم سابقا لممارسة التجربة وذلك التقييم بعد الممارسة .. فإن لمجلس الشعب أيفا كهيئة تشريعية رسمية لها تقييمهاأيضا فى هذا الصدد وفى ذلك الاحتمال والخاص برؤية التيار الإسلامى فى الحكم ومدىعصريته واتساقه مع الحرية والحق والعدل .. ولاسيما أن التقسيم البرلمانى جاء لاحقا للممارسةالبرلمانية وصادقا لعناصر التجربة ونتائجها وتصحيحها للعديد من المفاهيم والانطباعات الأجنبية عن التيار ، خاصة الحضارى منه .

وقد طرح وفد برلمالى مصرى - على مستوى عال - برئاسة الدكتورأحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب . تقييم ورؤية البرلمان المصرى عما تردد عن الخطر العالى الذى تمثله الأصولية علىالحقوق والحريات الفردية كتحديات للديمقراطية . وفى العلاقة بين المؤسسات الديمقراطية والدولةالعلمانيه.

وقد صرح الوفد البرلمانى المصرى ذلك فى ورقة ضمن عشر ورقات قدمت للمؤتمر الثالث حول الديمقراطية البرلمانية فى ستراسبورج والذى حضرته وفود برلمانية لما يقرب من ثمانين دولة.

وقد حرصنا على عرض مضمون هذه الورقة التى لم ينشر منها حرف واحد داخل مصر (ولناتعليق بعد ذلك ) وجاء بالورقة : أن الموضوع المطروح يتكون من جزئيتين تستندان إلى ثلاث فرضيات أساسيه. الجزئية الأولى وهى العلاقة بين الدولة العلمانية والمؤسسات الديمقراطية وتستند على فرضية مؤداهاأن هناك ثمه علاقة بين العلمانية والديمقراطية . وأن العلمانية توفر الإطار الذى يمكن أن تعمل المؤسسات الديمقراطية وإلا لما كان هناك محل للجزئية الثانية التى تقوم على أساس فرضيةمؤداها أن هناك علاقة تضاد بين الأصولية والديمقراطية وعلى نحو يجعل الأولى تمثل تحديا للثانية .. .التداعى المنطقى هنا إلى أن أحد أسباب هذا التحدى أو هذه العلاقة التضادية أن الأصولية من بين أهدافها إقامة دولة غير علمانية ولا نقول دولة دينية (ثيوقراطية) لأن هذا المصطلح فىالمفهوم الغربى له دلالة مختلفة تمامآ عنه فى المفهوم الإسلامى . أما الفرضية الثالثة والتى تأتى ترتيبا على ما سبق فهى أن هذه الدولة التى ينادى بها الأصوليون بالضرورة دولة غير ديمقراطية .

والواقع أن لنا العديد من التحفظات على هذه الفرضيات ونرى أن خطأها الأساسى مصدره ثلاثةعوامل ، أولها خلط وغموض المفاهيم واستخدام للمصطلحات القديمة دون إعادة تحديد لمدلولاتها وثانيها الإفراط فى التعميم ، وثالثها التأثر الشديد بالفكر الغربى أو بالنموذج الغربى للديمقراطية وافتراض قابليته للتطبيق فى كل مكان ، مع تخوف - ولا نقول تحيزأو نظرة دونية - إلى ما عداه . وأحسب أن الإجمال يحتاج إلى تفصيل ، وأن المنطوق يستلزم الإثبات والتدليل ، ولذا نبدأ بمناقشة الفرضية الاولى ، فنقول بداءة إنه من الواضح هنا أن العلاقة التى تقيمها هذه الفرضية هى علاقة أحادية الجانب ، بمعنى أنه لو افترضنا أن كل الديمقراطيات علمانية ، فليس من الصحيح أن كل العلمانيات ديمقراطية ، وفى هذا الشق الأخير فقط - أى مقولة أن كل العلمانيات ليست ديمقراطية فإننا نتفق مع هذه الفرضية . وأظن أننا لسنا بحاجة لاثبات ذلك ، فالعالم من حولنا ملىء بدول علمانية لا تعرف النظام الديمقراطى شكلا أو مضمونا . إذن ، علينا الآن أن ننتقل إلى مناقشة الشق الأول من هذه الفرضية ، وهو مقولة ارتباط الديمقراطية بالعلمانية ، أو مقولة أنه ليست هناك ديمقراطية فى دولة دينية . وسنحاول تفنيد هذه المقولة على المستويين النظرى والتطبيقى .

فعلى المستوى النظرى :

أولا : لا نستطيع القول أن هناك ارتباطا عضويا بين العلمانية والديمقراطية وبحيث تصبح العلمانية شرطا ضروريا - وإن لم يكن كافيا - لسيادة الديمقراطية ، فالعلمانية نشأت كدعوة للحد من تدخل الكنيسة فى الأمور السياسية ، ومحاولة لإنهاء الصراع المرير الذى دار بين الكنيسة والدولة فى أوربا فى العصور الوسطى ، وكدعوة رافضة للكهانة ولفساد الكنيسة ووقوفها ضد العلم وضد كل ما هو جديد، وكثورة على ما يسمى بنظرية الحكم الإلهى . ولم تنشأ العلمانبة كدعوة رامية لقيام الديمقراطية أو كدعوة منادية بمبادئها من إقرار الحقوق والواجبات السياسية للمواطنين ، أو إقامة المؤسسات النيابية أو إقرار حق الشعب فى اختيار ممثليه . ولكن كان هدف الدعوة العلمانية هو تحديد مصدر السلطة السياسية فى الدولة لتصبح سلطة مدنية .

ثانيا : إن الظروف التاريخية والبيئية التى أفرزت هذه الدعوة العلمانية هى ظروف لم تعرفها مجتمعات أخرى كما أن الدعوى العلمانية التى حلت نزاعا فى الغرب حين فصلت الدين عن السياسة وفرضت عزلة بين الدين وتنظيم أمور المجتمع ، لم تصطدم مع معتقدات وموقتف الأغلبية فى الدول الأوروبية ، بل على العكس لقيت رواجا وتأييدا من جانب مختلف فئات الشعب وربما كان عنصر القبول الواسع لهذه الدعوة هو أحد العوامل التى رفعت التناقض بينها وبين الديمقراطية ، لأنها دعوة أو نظام لم يفوض قسرا . غيرأن هذه الدعوة إلى فصل تعاليم الدين عن السياسة وفرض عزلة بين الدين وتنظيم أمور المجتمع ، قد تتناقض وطبيعة ومفاهيم وتاريخ وقيم مجتمعات أخرى ، وبحيث تصبح غير معبرة عن إرادتها ، أو متعارضة تعارضا جوهريا مع أصول معتقدات القاعدة العريضة فيها ومنحازة فى الواقع لرؤية الأقلية على حساب رؤية الأغلبية . ولعل هذا يتضح بشكل جلى فى المجتمعات الإسلامية التى لا يعرف العقل فيها تلك القسمة المطروحة بين الدين والسياسة ، والتى يمتزج بها الدين بالحياة كلها امتزاج الروح بالجسد ، والتى تضع الدعوة العلمانية فيها الفرد فىتناقض حاد مع قاعدة شمول الإسلام وتنظيمه الواضح - إجمالاأو تفصيلا - لأمور المجتمع ، والتى يقدم فيها الإسلام نموذجا للحكم لا يتعارض بأى شكل من الاشكال مع المبادىء الديمقراطية كما سنفصل بعد.

ثالثا : إن الممارسة الديمقراطية ترتبط ارتباطا وثيقا بأبعاد تاريخية وتراثيه واجتماعية عادة ما تختلف من مجتمع لآخر ، وتؤثر لا محالة فى الشروط الموضوعية التى تستند إليها الديمقراطية . ومن المؤكد الخطاب الديمقراطى فى دولة إسلامية لابد أن يتأثر بقيم الدين والحضارة الإسلامية وتراثهما، الخاص بالعدل والحرية والشورى ومساءلة الحاكم . . إلخ .

رابعا : إن القضايا التى ترتبط بالديمقراطية تختلف بالتالى من مجتمع لآخر ، ومن ثم فإنه يمكن اختزال هذه القضايا وقصرها على تلك التى طرحتها المجتمعات والتجارب الغربية . فإذا كانت إحدى القضايا التى ارتبطت بالتجربة الديمقراطية فى الغرب هى الفصل بين الدين والسياسة ، فمن الممكن أن نتصورأن تكون إحدى قضايا الديمقراطية فى المجتمعات الأخرى ، هى قضية كيفيةالوصل بينهما وصيغته ومداه ، وما إذا كان يتم بالاتفاق والتراضى أو الاختراق والتسلل ؟

اما على المستوى التطبيقى : فيمكننا هنا أن نضرب مثالا من التاريخ بالدولة الإسلامية الى كان لها السبق على المجتمعات الغربية فى تقرير بل وأعمال مبادىء الديمقراطية ، والتى نذكر منها على سبيل المثال – مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجباث ، واحترام الحريات الأساسية ، ومبدأ الشورى ، ومبدأ مساءلة الحاكم ، ووضع الضمانات التى تحول دون استبداده ، وإقرار مبدء أن رضاءالمحكومين هو سند شرعية الحكم فى المجتمع ، وإقرار حق مقاومة السلطان الجائر .. إلخ .

كما نستطيع أيضا أن نضرب مثالا من التاريخ المعاصر بدولة إسرائيل التى يعتبرها الغرب واحة ديمقراطية فى الشرق الأوسط ، فهى دولة دينية قامت على أساس دينى ، ويعلن حكامها وساستها ومفكروها أن اليهودية ليست مجرد دين فقط ، بل هى دين ودولة ، فهل من مجترىء من مفكرىوكتاب الغرب ينزع عن إسرائيل صفة الديمقراطية لأنها دولة غير علمانية . وننتقل الآن إلى مناقشة الجزئية الثانية من الموضوع ، وهى التى تستند على فرضية أن هناك علاقة تضاد بين الأصولية والديمفراطية ، وأن الدولة التى يسعى إلى إقامتها الأصوليون هى بالضرورة دولة غير ديمقراطية . أعتقد أن الأمر يتضمن هذا - وقبل كل شىء - تدقيقا وضبطا للمصطلحات ، وهنا لنا أن نتساءل : ما المقصود بكلمة "الأصولية) التى جاءت فى مقدمة الموضوع ولكن دون تحديد مدلولها ، فالمصطلح فى البيئة الغربية يعنى أصلا حركة عرفتها البروتستانتية فى القرن العشرين تؤكد على أن الكتاب المقدس معصوم من الخطأ لا فى قضايا العقيدة والأخلاق فحسب ، بل أيضا فى كل ما يتعلق بالتاريخ ومسائل الغيب ، كقضية الخلق وولادة المسيح .. إلخ .

ولا أظن أن هذا هو المفهوم الذى قصده الموضوع ، وبالتالى فقد كان يتعين إعادة تحديد مدلول المصطلح ، لأن الأصولية فى الأدبيات السياسية الغربية المعاصرة قد أصبح لها اكثر من مدلول . فهى إما أن تشير إلى حركة الانبعاث الإسلامى الجديد ، وبهذا يتسع المصطلح لكى يشمل مختلف الحركات والجماعات الإسلامية ، وإما تستخدم للإشارة إلى قوى الإسلام السياسى المحجوبة عن الشرعية ، وبحيث تميزها عن القوى الرسمية المعترف بها ، أو تستخدم للإشارة إلى الجماعات الإسلامية الراديكالية المتطرفة ، وهذا هو الشائع فى الصحافة الغربية . هذا ، على حين أن الأصولية فى اللغة العربية تعنى ذلك المذهب الذى يدعو إلى العودة إلى أصول العقيدة وإلى أسس الدولة الإسلامية وتواعد نظام الحكم فيها.

وغنى عن القول ، أن استخدام اصطلاح الأصولية للتدليل على حركة الانبعاث الإسلامى ينطوى طى تعميم شديد ، فالجماعات الإسلامية متعددة ومتباينة فى فكرها وفى أسلوب تعاملها مع النظام السياسى القائم ، وأسلوب تغيير هذا النظام . ويغيب عن بعضها مفهوم الديمقراطية أو الإيمان بآلياتها، ويتبنى البعض الآخر أسلوب العنف ، على حين يرفع فريق ثالث منها شعارات الاسلام لإخفاء مآرب سياسية . إلا أن غالبية هذه الجماعات تتسم بالاعتدال وتؤمن بالتغيير التدريجى السلمى ، وتنبذ العنف وتقبل العمل من داخل النظام القائم . وينطبق نفس القول على قوى الإسلام السياسى المحجوبة عن الشرعية.

ومن هنا ، فإن إصدار الحكم على إطلاقه ووصف كل هذه التيارات والقوى بأنها تمثل تهديدا للديمقراطية والحريات الفردية ، هو فى الواقع تجن مناف للحقيفة . إذا كان المقصود بالأصولية هو الاتجاهات المتطرفة ، فلا خوف هنا فى أنها تشكل مصدر خطرعلى الديمقراطية إذا ما تبنت العنف أسلوبا ، أو حاولت فرض تلك الاتجاهات بالقوة ، ولكننا نبادرالى القول بأن التهديد الذى تمثله هذه الجماعات لا يقل خطرا عن الذى تمثله أية جماعة علمانيةمتطرفه.

يتبقى بعد ذلك من مدلرلات هذا المصطلح المدلول الدقيق له ، بمعنى "المبادىء التى تنادىبالعودة إلى جوهر وأصول العقيدة الإسلامية ، والتى تتمسك بالقواعد العامة التى وضعها الإسلام لتنظيم شئون المجتمع ، بما فى ذلك نظام الحكم فيه ".

لاشك أن هذا الاتجاه - شأنه شأن أى اتجاه أو تيارآخر - يضم المستنيرين والمتشددين . بالرغم مما يثيره هؤلاء المتشددون من جلبة ، فإنهم - بلا ريب - هم الأقلية . على حين "تعتنق " أغلبيةالمنتمين إلى المذهب الأصولى اتجاهات معتدلة مستنيرة تخاطب العقل ، ولا تقف عند حرفيةالنصوص وتؤمن بمواكبة التطور ، وفتح الباب أمام الاجتهاد (إذا ما توافرت شروطه ) بل وتؤمن بأنالإجتهاد فريضة يوجبها الدين ويحتمها الواقع . وعلاوة على ذلك ، فإنها تتبنى الأسلوب السلمى فى تحقيق أهدافها من داخل النظام القائم ومن خلال القنوات السياسية الشرعية التى يتيحها ، وتفضل التعامل مع المؤسسات القائمة ، ولا تتبنى فكرة تكفيرها أو الخروج عليها.

فإذا كان هذا المذهب هو المقصود بكلمة االأصولية، التى جاءت فى مقدمة الموضوع – فإننالا نرى أنه يمثل تهديدا للديمقراطية أو للحقوق والحريات الفردية ، فى أى جانب منه . ويتضح ذلك خلال استعراض طبيعة المبادىء التى يرتكز عليها النظام الذى يهدف هذا المذهب إلى إقامته والتىنعرض لها - بإيجاز- فيما يلى :

أولا : ليس فى الفكر الأصولى مما يعرف بالدولة الدينية بالمفهوم الغربى ، أى الدولة "الثيوقراطية" يعتبر فيها الحاكم مفوضا من الله ينفرد بتلقى الشريعة منه ، والتى يتمتع فيها هذا الحاكم بحقا الأثرة! فى التشريع ، وبحق الطاعة دون مساءلة .

ثانيا : إن الفكر الأصولى لا يعرف الكهانة ولا يعترف بطبقة كهنوتية تحتكر الدين وتسيطر على العمليه السياسية ، فعلماء الدين - وفقا لهذا المذهب - ليسوا إلا خبراء فى اختصاصهم يرجع إليهم كمايرجع إلى كل ذى علم فى علمه . والحكومة - فى هذا الفكر - ليس قوامها رجال دين (ليس فى الإسلام رجال دين ، ولكن علماء دين ) بل حكومة مدنية.

ثالثا : يتبنى الفكر الأصولى مبدأ حق الامة فى اختيار حكامها ، فلا يفرض حاكم عليها قسرا ، ولكن سلطة الحاكم تستند إلى الشعب ، وسند شرعية السلطة فى المجتمع هو رضاء المحكومين .

رابعا : يتبنى الفكر الأصولى - أيضا - مبدأ هاما من مبادىء الديمقراطية ، وهو مبدأ الشورى الذى يعتبره أصلآ من أصول الحكم وسياسة أمور إلناس .

خامسا : إن مراقبة الحاكم ومساءلته ومحاسبته ، بل وعزله من قبل الأمة ، هى من المبادىء المستقرة فى الفكر الأصولى .

سادسا : إن الفكر الأصولى لا يقف ضد مبدأ تعددية الأحزاب ا لانه يؤكد على أن الاختلاف فى الرأى ووجهات النظر هو من سنن الكون وطبيعة البشر ومن رحمة الله ولهذا فإنه لا يتعارض قيام الأحزاب والجماعات والحركات السياسية مادامت قد التزمت بجوهر العقيدة وإطار المجتمع .

سابعا : إن هذه المبادىء التى يرتكز عليها نظام الحكم - وإن كانت مبادىء ثابتة لا تسقط بالاجتهاد إلا أنها مبادىء عامة لا تتقيد بشكل مؤسسى معين عند تطبيقها ، بل تتحدد صيغ وقوالب التطبيق وفقآ للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل مجتمع وفى كل زمان . وفى هذا الصدد ، فإن المذهب الأصولى المستنير يرحب بكل ما حققته البشرية من خلال صراعها من أجل الديمقراطية والحرية ، من صيغ تطبيقية تضمن حقوق الشعوب فى مواجهة حكامها سواء كان ذلك فى شكل دساتير تفصل بين السلطات وتحدد العلاقات بينها ، أو برلمانات منتخبة أو قضاء مستقل ، أو صحافة ومنابر حرة ، أو أحزاب معارضة . . إلخ .

ثامنا : يؤمن المذهب الأصولى بحرية الفكر والعقيدة ، فلا إكراه فى الدين ، ولا إجبار فى الفكر كما يؤمن بالحوار الهادف والبناء ، وبمقارعة الحجة بالحجة ، ويرفضى العنف منهجا والارهاب وسيلة، سواء وقع من الحاكمين أو المحكومين .

تاسعا : يتبنى المذهب الأصولى مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين ، وإعطاء هذه الحقوق مضمونا اجتماعيا من خلال مبادىء التكافل الاجتماعى . كما يحترم حقوق غير المسلمين فى المجتمع الإسلامى ، وفقآ لقاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا) .

عاشرا : يحترم المذهب الأصولى الملكية الخاصة ، ويؤكد على حرمة المال العام ، ويقاوم نزعاتالسيطرة والاحتكار ، ويعتبر إعمار الأرض وتنمية المجتمع فريضة ، والعمل على رقى الأمة وتقدمها ، افضل القربات إلى الله .

وبطبيعة الحال فإننا نستطيع أن نضيف إلى ذلك العديد من المبادىء ولكن ما يهم التأكيد عليه هو فى مذهب الأصولية ما يهدد الديمقراطية أو يمثل خطرا على الحريات والحقوق الفردية ، يجوز الاحتجاج ببعض الممارسات التى قامت بها قلة قليلة لإطلاق حكم عام على مبدأ ، أو مذهب ، واعتباره مناهضا للديمقراطية أو الحرية ، وألا نكون قد وقعنا فى خطأ منهجى جسيم .

ومن خلال رؤية البرلمان المصرى الواضحة .. تتضح عدة نقاط هامة : أن هذه الرؤية قد تكونت لدى البرلمان المصرى بعد تقييم موضوعى وقراءة عميقة لفكر الإخوان " . من خلال تجربتهم البرلمانية كممثلين للأصوليين او التيار الإسلامى ا ودليلنا على ذلكما جاء فى فحوى الورقة السابقة بأن غالبية الجماعات الإسلامية تتسم بالاعتدال وتؤمن بالتغييرالتدريجى السلمى وتنبذ العنف وتقبل العمل من داخل النظام القائم وينطبق ذلك أيضآ على قوى الإسلام السياسى المحجوبة عن الشرعية . أن الإسلام قد سبق الفكر الغربى فى أوربا وأمريكا بمئات السنين من حيث ركيزته الأساسية فى إقامة نظام الحكم على مبدأ الشورى وهو ما يعرف فى تلك المجتمعات الديمقراطية . وأن الأصوليةالإسلامية عندما تنادى اليوم بعودة الشورى فهى بالمفاهيم التربية واصطلاحاتها بعد ذلك تطلعأ إلى الديمقراطية .

إن ما بدا من تطرف أحيانا أو مقاومة عنيفة لدى بعض التيارات أو الجماعات الإسلامية ، يعد رد للموقف الرسمى للدولة وإجراءات القمع والاستبداد من بعض الحكام الذين ابتعدوا تماما وليأخذوا بمبدأ الثسورى الإسلامى . ومرة أخيرة نعود إلى حركة الإخوان داخل البرلمان .. وكما سبق القول فإنهم قد تحركوا حول محاورالسياسات العامة "لأسلمتها" وكذلك السلوكيات لصناعة مناخ إسلامى تمهيدى لتطبيقالشريعة الإسلامية وإن كانت الحقيقة أن "أسلمة" السياسات العامة والسلوكيات أيضا هو جانب من - الشريعة الإسلامية. أما جانب تقنين الشريعة لتطبيقها - كما سبقت الإشارة فى فصول - " - فإنهم توفقوا على مبدأ التدرج فى التقنين .. وبعض من تصدوا للهجوم والنقد لحركة الإخوان داخل البرلمان أشاروا بقولهم : ولم يتقدموا بمشروع واحد لوضع الشريعة الإسلامية فى قوانين وهو المطلب الذى حملوه منذ الثلاثينات حتى اليوم وكان من المتصور أن لديهم أكثر من مشروع قانون جاهز فى هذا الاتجاه الذى يمثل قضيتهم الأولى والذى يرون أن فيه الحل (72) .

واعتقد أن هذا النقد يغالط حقيقة الأمر لعدة أسباب منها: أنه ليس على كل من يدعو إلى فضيلة أن يضع قواعدها إنما يكفى أن يبدأ بنفسه من حيث العمل بها . وكذلك أن يشير إليها ويلفت النظر لها ولا يملك أن يفرضها وإلا وقعنا فى محظور التطرف أوالتعصب، إنما على المختصين أو أولى الأمر القيام بوضع نظام أو قواعد تطبيق هذه الفضيلة ، لأنها تعد من النظام العام الذى يحكم المجتمع فلا يجوز أن يضعه - إذن - فئة أو جماعة أو طائفة . أو كمن يدعو إلى عدم شرب الخمر ولعب القمار ويذهب بنفسه إلى الحانات ونوادى اللعب ويحاول إغلاقها بنفسه وهذا يجرنا إلى استخدام العنف لتحقيق ما يدعو إليه - وهذا بالطبع ما نحاول الابتعاد عنه إنما على الدولة أو الحكومة - مثلا - الاخذ بتلك الدعوة ووضع قواعد ونظم لذلك كأن لا يجوز للمصريين المسلمين أن يرتادوا نوادى القمار فى الفنادق الكبرى وهذا ما يجرى عليه العمل فعلا.

وعلى ذلك فمن يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية ليس مطلوبا منه أن يتقدم بتشريعات لتحقيق ذلك وأن تقدم البعض بهذا ثم رفض فإننا نعود إلى حلقة مفرغة ونتساءل مرة أخرى كيف نطبقها ؟! ولو أخذنا بها لكان ذلك فرض رؤية واحدة على المجتمع . إنما الأمر يحتاج إلى دراسات وبحوث واجتهادات ومناقشات حتى الوصول إلى شبه إجماع على نتائج يمكن الأخذ بها وتقنينها فى تشريعات . وهذا ما حدث عندما حقق ذلك مجلس الشعب برئاسة الدكتور صوفى أبو طالب . وقد شارك فى لجان تقنين الشريعة المختصون من كافة جوانب الحياة .

فلا محل إذن لمطالبة الاخوان بعمل هذه التشريعات وتقديمها لأننا بذلك نطالب بفرض رؤية إسلامية معينة دون نقاق أو اجتهاد آخر . وحتى لا تكون ذات صبغة معينة إنما لابد أن تتوافق الاتجاهات الأخرى مع الإخوان فى بوتقة واحدة للوصول إلى نتائج .. أى حلول يلتزم بها الجميع ولا يزايد عليها أحد لعيب أو نقيصة فيها . كما أن تطبيق الشريعة ليس وقفا على الإخوان فحسب بل هى فريضة كل مسلم . إنما لابد من أجهزة الدولة العمل على وضعها موضع التطبيق .

وإذا كان البعض يرى ان المد الدينى فى العالم كله ظاهره وفى بلادنا أيضا ظاهره ولكنهاظاهرة افرزت نماذج عديدة من نماذج التعبيرالاسلامى يستحسن ان نتوقف عندها0 فاننا بالفعل توقفنا قليلا عندها0 وقدمنا تقييما لتجربة برلمانية لاحدهذه النماذج 0وهم الاخوان المسلمون وقد توخينا الموضوعيه والتوثيق والمتابعهالمستمره والحرص الشديد على صدق هذا التقييم واستنباط حيثيات الحكم على تلك التجربه وان كنا لم نستطع بلورةكل الحيثيات فاننا قد حصرنا بعضها ولعل ذلك يكون معينا اومفيدا لمن يتساءل عن مدى نجاح هذه التجربه والى اى مدى يمكن لاخواننا المسلمين ان يكونوا مكونا طبيعيا من نسيج الدولة وليس خارجة فى اى موقع فهم من ذلك النسيج وان كنانامل ألايغير الموقع من الموقف فاذا كنا لسنا اءخوانا لهم بحكم الانتساب فانهم اخواننا بحكم الانتماءالى الاسلام و الاسلام هوالحريه والحق والعدل.

للمزيد

-آخر ساعة– العدد 7 3 7 2 - 5 1 أبريل 1987 - حديث لمأمون الهضيبى .

-آخرساعة - العدد 0 73 2 - 8 1 فبراير 1987 .

-روز اليوسف - العدد 68 0 3 - 0 3 مارس 1987 ( 20 ) جريدة الشعب - أعداد مارس وأبريل 1984 .

-روز اليوسف - العدد 68 0 3 - 0 3 مارس 1987 ( 22 ) آخر ساعة - العدد 2729 - 22 أبريل 1987 - محمد وجدى قنديل .

-ا لمصور - العد د 3263 - 24 أبريل .

-آخر ساعة - العدد 2729 - 22 أبريل 1987 - محمد وجدى قنديل .

-روزاليوسف - العدد 1 7 0 3 - 0 2 أبريل 1987 - محمد فتحى غانم .

-آخر ساعة - العدد 2729 - 22 أبريل 1987 - محمد وجدى قنديل .

-المصور - العدد 1 326 - 0 1 أبريل 1987 - مكرم محمد أحمد .

-آخر ساعة - العدد 2738 - 5 1 أبريل 1987 .

-آخر ساعة - العدد 2739 - 2 2 أبريل 1987 .

-المصور- ا لعد د 3263 - 24 أبريل .

-مضبطة الجلسة لمجلس الشعب -7 1 ديسمبر 1987 . مضبطة الجلسة لمجلس الشعب - 30 أبريل 1980 .

-مضبطة الجلسة السبعين - أول يونيو 1982 .

- محاضر اجتماعات لجنة الشئون الاجتماعية والأوقاف من 2 - 8 2 مارس 1985م .

-مضبطة الجلسة (4 7)- 4مايو ه 98 1 .

-المضبطة(37) -8 2 نوفمبر 1987 .

-المضبطة (38 ) - 9 2 نوفمبر 1987 .

-مضبطة الجلسة (9 4 ) - 6 1 أبريل 1989 .

-جلسات ينابر 1990 مناقشه بيان الحكومة .

-مضبطة الجلسة(7 ا) -13 يناير. 99 1 .

-مضبطة الجلسة (26) - 9 2 يناير 1990 .

-مضبطة الجلسة (6 2) - 9 2 يناير 1990 .

-مضبطة الجلسة(76) - 9 1مارس 1988 .

-مضبطة الجلسة (1 4) - 0 3 نوفمبر 1987 .

-مضبطة الجلسة (33) - 9 1 فبراير 1989 .

-مضبطة الجلسة (4 3) - 0 2 فبراير 1989 .

-مضبطة الجلسة ( 9 5 ) - 0 2 فبراير 1989 .

-مضبطة الجلسة(20) -ه ا يناير 1990م .

-المضطة (1 8) - 5 1 شعبان 8 0 4 1 ه و 2 أبريل 1988م.

-المضبطة(9 1 )10 يناير 1989 .

-مضبطة الجلسة (7 ا) -13 يناير 1990

-مضبطة الجلسة(20) -ه ا يناير 1990م

-تقرير لجنة الرد على بيان الحكومة - يناير 1990 برئاسة المستشارأحمد موسى وكيل.

-مضبطة الجلسة الثامنة - 15 ديسمبر 1989

-مضبطة الجلسة ( 4 4 ) - 2 أبريل 1989م.

-مضبطة الجلسة ( 0 4) - 6 مارس 1990م

-مضبطة الجلسة (52) - 5مايو 1990م .

-مضبطة الجلسة (3 7) - 6 مارس 1988م

- مضبطة الجلسة (7 1 ) - 8 يناير 1989م

-المضبطة (57) - 4 1 مايو 1989م.

-المضبطة (46 ) - 9 أبريل 1990م.

-مضبطة الجلسة (55) - 6 2 فبراير 1985م.

-مضبطة الجلسة (4 0 ا) - 7 يونيو 1988م.

-مضبطة الجلسة (7 ا) -3 1 يناير 1990م.

-مضبطة الجلسة(6 2) - 9 2 يناير 1990م.

-جريدة الأحرار - 3 يناير 1983 - الدكتور فاروق عبد السلام .

-المؤتمر الثانى حول الديمقراطية البرلمانية استراسبورج 6 1 - 18 سبتمبر 1991م الحلقة الدراسية الرابعة (تحديات الديمقراطية) الشعبة البرلمانية المصرية مجلس الشعب .

(72) مجلة روزاليوسف - 5نوفمبر 1990 .

(73) الأهرام - 2 1 أكتوبر 1991م - أحمد بهجت .

كتب للمؤلف

ا - موسيقار من سنباط 2 - برلمان الثورة

3 - لعبة الأم وعبد الناصر 4 - لعبة الأم والسادات

5 - يهود فى برلمان مصر 6-وزراء 6 اكتوبر

7 - معركة الحزام الذهبى بالاشتراك مع محمد حسن التهامى نائب رئيس الوزراء الاسبق برئاسة الجمهورية.

8 - مؤامرة القرن الواحد والعشرين

9 - الإخوان المسلمون فى البرلمان

10 - الارهاب والرئيس


ملفات خاصة

للمزيد عن الإخوان والإنتخابات ومجلس الشعب

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

وثائق متعلقة

أحداث في صور

وصلات فيديو

تابع وصلات فيديو