الإخوان المسلمون والدبلوماسية الدولية – الحلقة السادسة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون والدبلوماسية الدولية (الحلقة السادسة)

إخوان ويكي

ثالثا: دبلوماسية المؤتمرات الصحفية

لم يكتف الإخوان بدبلوماسية الوفود التي تزور البلاد لكنها استقبلت وفود رسمية من الدول والعربية والإسلامية، لالتماسهم النصرة الشعبية من الإخوان المسلمين. وقد رحب الإخوان بهذا العمل من اجل رفع الظلم عن الشعوب المضطهدة من قبل المستعمر.

لم تقتصر دبلوماسية الإخوان على المذكرات المؤكدة على النصح والإرشاد أو الاستنكار أو الوفود، بل تعدى ذلك إلى عقد المؤتمرات، والتي دُعي إليها مندوبو الهيئات العربية والإسلامية ولفيف من أبناء الأقطار الشقيقة عبر اجتماع عام لبحث القضايا مثل المؤتمر الذي عقد ابحث قضية طرابلس وتونس والجزائر ومراكش وفلسطين آنذاك، وموقف دول الحلفاء منها .

ولقد نشرت مجلة الإخوان تفاصيل هذا الاجتماع تحت عنوان: "مؤتمر الهيئات العربية والإسلامية في دار الإخوان" ، والذي حضره سعادة عبد المجيد إبراهيم صالح باشا مع وفد كبير من أعضاء الاتحاد العربي، ومندوبي جمعيات الشبان المسلمين والوحدة العربية، والهداية الإسلامية، وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية، والأستاذ حبيب بورقيبة زعيم تونس، وأبناء الجاليات العربية والإسلامية بمصر، حيث ذكرت المجلة: "وقد افتتح الاجتماع الأستاذ توفيق الشاوي - مندوب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي، ثم تحدث ممثلو ليبيا منوهين باتحاد أبناء طرابلس وبرقة واجتماع كلمتهم على وحدة القطر الليبي واستقلاله وانضمامه إلى الجامعة العربية".

ثم ألقى الأستاذ الفضيل الورتلاني كلمة حركت المشاعر وأدمت القلوب، ثم تحدث الأستاذ الحبيب بورقيبة فتدفق حديثه قويًّا مدويًا، بينما وقف سعادة عبد الحميد باشا إبراهيم معقبًا على الحبيب بورقيبة ومعتذرًا عن تقصير المسلمين تجاه إخوانهم في شمال إفريقيا؛ لأنهم جميعًا غرقى، وختم كلمته ببشرى للمسلمين جميعًا؛ لأن المستقبل لن يكون إلا لهم.

وقد أقر المجتمعون على:

  1. أيدوا مطالب الشعب الليبي وزعمائه في الاستقلال والوحدة للقطر الليبي والانضمام إلى الجامعة العربية.
  2. استنكار أعمال الاعتداء الوحشية التي ترتكبها فرنسا في بلاد تونس ومراكش وإنذارها.
  3. تحميل حكومتي إنجلترا وأمريكا بصفة خاصة، ودول الحلفاء بصفة عامة تبعة ما يحدث من فرنسا في شمال إفريقيا من الأعمال الوحشية.
  4. الإعلان عن إرادة العالم العربي والإسلامي في قضية فلسطين بعدم قبول أي قرار لا يتفق مع حقوق عرب فلسطين، وأي قرار يتعارض مع حق العرب سيقابل بكل وسائل المقاومة.
  5. تأليف لجنة دائمة من مندوبي الهيئات العربية والإسلامية بمصر للسهر على قضايا هذه الأقطار الشقيقة، واتخاذ الوسائل اللازمة لتنفيذ كل ما يتخذ من قرارات بشأنها، والعمل على إنارة الرأي العام العربي والإسلامي بقضايا هذه الأقطار العزيزة.

حرص الإخوان على تأصيل معاني الأخوة والترابط مع الشعب الأردني، فاحتفلوا في دارهم في يناير 1944م بنخبة من وجهاء الإمارة الأردنية، وعلى رأسهم مثقال باشا الفائز وأنجاله، والسيد عبد المنعم الرفاعي بك القنصل الجديد لإمارة شرق الأردن في مصر، كما حضر وفد من لبنان وكذلك من سوريا، وقد حياهم الأستاذ عابدين بكلمة طيبة، كما ألقى فضيلة المرشد العام كلمة أخرى فياضة شكر فيها أعضاء الوفود تشريفهم إياهم،

وقال فيها عن الوحدة العربية:

"إنها حقيقة واقعة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد الإنسان، فنحن وحدة جغرافية، ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية، ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة"، وقد وقف الأستاذ عبد المنعم الرفاعي فألقى كلمة رائعة عن الوحدة الإسلامية ومركز مصر فيها.

كما حرص الإخوان على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق يناير1944 استقبلت دار الإخوان وفدًا لبنانيا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك حيث وقف الأستاذ عبد الحكيم عابدين مفتتحًا الجلسة بقوله: شاء الله ألا ينال لبنان حريته منحة، فكان أن انتزعها انتزاعًا حتى لا يكون للغير فضل فيه، فنحن نكرم الجهاد في دولة رياض الصلح بك رجل الجهاد

ثم ألقى الأستاذ البنا كلمة قال فيها:

"ونريد أن نكون عمليين فندع أعمالنا تعبر عن فكرتنا"، ثم تكلم عن وحدة العرب قائلاً:

"إنها حقيقة قائمة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد إنسان، فنحن وحدة جغرافية ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة. وكان الإخوان يستقبلون الوفود الرسمية السورية ويحتفون بهم أشد الاحتفاء، فما أن علم إخوان البحيرة بمرور الوفد السوري المطالب بمعاونة مصر والبلاد العربية لسوريا ولبنان في محنتهم بمحطة دمنهور في طريقه إلى مصر حتى توافد جمهرة من الأعيان والتجار والأطباء والمحامين والموظفين للقاء أعضاء الوفد على المحطة يتقدمهم الأستاذ أحمد السكري الذي حياهم نيابة على الإخوان بكلمة موجزة، فرد عليه نائب دير الزور محمد سعيد بك العارفي شاكرًا لهم وللإخوان جميعًا مواقفهم وحسن استقبالهم.
كما دعا المركز العام أعضاء الوفود الصحفية ومنها الوفد السوري إلى حفلة شاي، رحب بهم المرشد العام بكلمة عبرت عن أواصر الوحدة التي تربط الأمة الإسلامية في شتى الأقطار، وقام الأستاذ نجيب الريس صاحب جريدة القبس وعضو مجلس النواب السوري فبادل الإخوان أجمل عواطف المحبة والإخاء.
ونظم الإخوان مظاهرة شارك فيها أعداد غفيرة خرجت من مسجد الكيخا إلى فندق شبرد مكان إقامة وفد سوريا حيث تكلم الأستاذ حسن البنا

فخطب دولة سعد الله بك الجابري مندوب سوريا فقال:

"إخواني، هذا الشعور الفياض الذي تستقبل به مصر العزيزة قادة الأمم العربية يدفعنا نحن أبناء الشام لكي نزيد في التضحية في سبيل وحدة العرب، وإنني أشكركم وأحيي الإخوان المسلمين.
ثم تكلم عن لبنان النائب أميل لحود قائلاً:
"لقد سمعتم سوريا وما يختلف صوت لبنان عن صوت سوريا، فنحن لا نفرق بين عربي وعربي، وإننا جسم واحد.كما استقبل الإخوان في فبراير 1944 السيد حسين الكبسي وزير الأوقاف اليمنية ومبعوث الإمام يحيى بن حميد الدين للاشتراك في مشاورات الوحدة العربية، وقد أقام الإخوان له ولمرافقيه احتفالاً في دارها حضره رجال الصحافة، وممثلو الدول العربية، وأهل الرأي، وقد تحدث إلى الجمع الأستاذ المرشد، والأستاذ أحمد السكري، والأستاذ عبد الحكيم عابدين، والأستاذ الفضيل الورتلاني، وغيرهم، ورد تحيتهم الأستاذ حسين الكبسي
وكانت هذه أول زيارة للسيد الكبسي إلى مصر، وتعرف فيها على الإخوان وانبهر بهم، وكان أشد ما بهره الجانب الاقتصادي لدعوة الإخوان، فتعرف على الحاج محمد سالم الذي كان يشرف على كثير من شركات الأتوبيس والنقل المصرية، ويديرها، فاتفق مع الحاج محمد سالم على وجوب التعاون الاقتصادي من أجل نقل هذه النهضة إلى اليمن.

ومن ذلك أيضًا زيارة الإمام الشهيد المرشد العام، والأستاذ مصطفي الطير وكيل مكتب الإرشاد ، والأستاذ فتح الله درويش أفندي، والأستاذ أسعد أفندي راجح سعادة السيد عباس القطان محافظ المدينة المنورة بمناسبة نجاح العملية التي أجراها له في مصر في إحدى عينيه الطبيب محمد بك صبحي، حيث تحدثوا عن شئون الحجاز والمسلمين عامة، ثم استأذنوا من سعادته فودعهم إلى سلم الفندق شاكرًا للإخوان المسلمين على حفاوتهم به، ووعد أن يرد الزيارة لهم في مكتبهم العام.

كانت هذه سياسة عامة لمكتب الإرشاد ، أوضحها سكرتير المكتب محمد أسعد راجح في تقريره عن أعمال مكتب الإرشاد، قال:

"قام المكتب إلى جانب هذه الأعمال التي ذكرنا بقسط كبير من أعمال أخرى، كان ينتهز فرصة وجود الزعماء المسلمين من خارج القطر ويتصل بهما اتصالاً متينًا؛ لا زيارة ثم ردها بل اتصال وثيق متين أو إن شئتم فقولوا إبلاغ الدعوة إليهم".

تطرقنا لدور الإخوان نحو القضية المغربية وزعيمها حيث ندد الإخوان بما تقوم به السلطات الفرنسية تجاه الشعب المغربي وزعيمها، وقد ناشدوا الملك فاروق والجامعة العربية بالتدخل للإفراج عن زعيم الريف المعتقل لدى المحتل الفرنسي واستضافته في مصر، وبالفعل تم نفى الأمير محمد عبد الكريم ووصل مصر، فأوفد الملك فاروق سعادة عبد الهادى الغزالى بك محافظ السويس لإبلاغ سموه تحيات الملك بمناسبة وصوله.

وما كادت الباخرة تلقى مراسيها بالميناء حتى صعد إلى سطحها وفد من الإخوان المسلمين برياسة حضرة الأستاذ طاهر منير رئيس الإخوان بالسويس، حيث قدموا لسموه تحيات وترحيب الإخوان فى مملكة وادي النيل وعلى رأسهم فضيلة الأستاذ المرشد، كما صعد إلى الباخرة الأستاذ وحيد الدالى مندوب الجامعة العربية ومندوبو الهيئات الإسلامية والعربية والغربية ومراسلو الصحف ووكالات الأنباء لتحيته.