الإمام الشهيد حسن البنا بين السهام السوداء وعطاء الرسائل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الإمام الشهيد حسن البنا بين السهام السوداء وعطاء الرسائل

بقلم:أ.د. جابر قميحة

جاء الكتاب في قسمين يتضمن القسم الأول عرضًا موجزًا لحياة الإمام الشهيد، تحدث فيه المؤلف عن رؤيته للإمام الشهيد في طفولته هو وجنوده من جوالة الإخوان المسلمين، وكيف كان النظام والدقة المتناهية لجوالة الإخوان بشكل لم يسبق له مثيل؟!

وعرض المؤلف نشأة الإمام في البحيرة وانتقاله إلى القاهرة، وتعيينه مدرسًا بالإسماعيلية، وإنشائه بها أول شعبة للإخوان المسلمين، وإصدار العديد من المجلات والصحف، وخوض الإمام للانتخابات النيابية.

وقد اهتم الإخوان بقضايا العالم الإسلامي، وفتحوا صدورهم للمضطهدين والمجاهدين الذين أخذ المستعمرون، وأعداء الإسلام يطاردونهم في كل مكان، ووجهوا أكبر اهتمامهم إلى القضية الفلسطينية، وأصبحت كتائب الإخوان هي القوة الفاعلة الوحيدة في فلسطين، فتكالبت الصهيونية العالمية، والقوى الاستعمارية والساسة والحكام الخونة على حرب الإخوان، وإيقاف قوتهم العسكرية، فتم حل الجماعة، وإغلاق الأماكن التي كانت تمارس فيها نشاطها، ومصادرة المجلات والمطبوعات، واعتقال أفراد الجماعة، ثم اغتيال الإمام الشهيد بعد ثلاثة شهور من حل الجماعة واعتقال الإخوان.

وقد ظلت السهام السوداء والدعايات الكاذبة تلاحق الإمام البنا ودعوته في الداخل والخارج، في الإذاعات والصحف والمجلات والمقالات والكتب، ومن أهم الافتراءات وأشهرها إتهام الإخوان بالإرهاب والتخريب والدموية؛ حرصًا على الوثوب على الحكم، معتمدين في ذلك على تشكيل الجهاز الخاص الذي كانت لقيامه دواعٍ: أهمها الاحتلال البريطاني، استخدامه كقوة لمواجهة الصهاينة في فلسطين، وقد فنّد المؤلف هذه الفرية. ومن الافتراءات أيضًا الانحراف بالدين إلى السياسة، والذين جاءوا بهذه الفِرْية كانوا واقعين تحت سيطرة قوتين:

الأولى: سيطرة الفهم المشوَّه للإسلام بدعوى أنه دين تعبدي يقف عند تنظيم العلاقة بين العبد وربه.

والثانية: إنعدام الدراسة الواعية للمسيرة الإخوانية التي اعتمدت على قاعدة شرعية هي قاعدة التدرج، انطلاقًا من مرتكز أساسي هو الإيمان المطلق بشمولية الإسلام.

ويتهم الإخوان بأنهم متعصبون دينيًا، ويتهم الإمام البنا أيضًا بأنه ديكتاتور، وكثير من الافتراءات والادعاءات عرضها الكاتب، وفندها بالأدلة والبراهين.

أما القسم الثاني فهو عن رسائل الإمام الشهيد، عرض فيها المؤلف المضمون الفكري لكل رسالة مع تطعيم هذا العرض بشرائح نصية من الرسالة، ثم الخلوص إلى الدلالات الموضوعية والفكرية والنفسية والفنية للرسائل، وبعض الرسائل سجلها المؤلف بنصها دون حذف أي شيء، أو استبدال عرض المضمون بأجزاء منها.

وقد كانت رسائل الإمام الشهيد في ثلاث جهات هي:

1- رسائله في التنظير لفكر الجماعة.

2- رسائله العامة الموجهة للملوك والرؤساء والأمراء والكبار.

3- رسائله الشخصية لوالده، ولبعض الإخوان.

والنوع الأول: رسائل أدبية تحمل فكر الجماعة، وتعد المصدر الأصيل لهذا الفكر، وقد تعددت لمحاور الموضوعية لهذه الرسائل فمنها العقدي، ومنها ما هو إسلامي عام، ومنها الرسائل الدستورية.

والنوع الثاني: هي رسائل عامة موجهة للشخصيات القيادية في مجال السياسة والدين والوطنية وهي تعبر عن فكر الجماعة، وتوجهاتها، وتوجيهاتها في مسألة من المسائل التي تثور، وتشغل الساحة في حينها، وهو في هذا المسلك يقتدي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أرسل رسائله للملوك والحكام وأصحاب النفوذ، وهذا النوع من الرسائل يتميز بعدة ميزات ذكرها المؤلف أهمها:

- أنها شاملة تعالج كل القضايا الإسلامية والعربية والوطنية والحزبية.

- أنها تنفض التهم الموجهة للإخوان.

- تفسح مجالاً للحل السلمي، رغم شعار الجهاد سبيلنا.

- تنطلق برؤى مستقبلية بصيرة.

- أنها تربط بين الأخلاق وهوية الأمة.

- الوسطية العادلة.

وقد استخلص المؤلف الملامح الفنية والشعورية والتعبيرية من الرسائل، فمنها: أدب الحديث -راحة ناطقة- التعامل مع العقل والفكر أولاً- إظهار عاطفة الأبوة – تؤيد بشواهد نصية من القرآن الكريم والسنة المطهرة.

والنوع الثالث: رسائله الشخصية إلى والده، ولا تزيد هذه على عشرين رسالة إلى والده علي مدى واحد وعشرين عامًا ونصف العام، ولم يسجل الإمام رسالة واحدة في مذكراته لعدة أسباب ذكرها المؤلف.

وقد أورد المؤلف مقتطفات من هذه الرسائل، والتي تميزت بالتوقير والإجلال والبر والإحسان بوالديه وإخواته.

ويرى المؤلف أن هذه الرسائل الشخصية المتاحة – والتي يمكن أن يوجد أضعافها لدى الإخوان الذين عاصروا الإمام أو عائلاتهم – لو ضُمت إلى مذكراته ورسائله إلى الملوك والرؤساء وكبار الشخصيات يمكن أن تصنع لنا ترجمة ذاتية كاملة أو شبه كاملة للإمام الشهيد رحمه الله.