الجماعة الإسلامية خيارات متعددة ومسؤولية واحدة مشتركة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الجماعة الإسلامية خيارات متعددة ومسؤولية واحدة مشتركة


لم يكن يفصل كتابة هذه السطور عن إقفال باب الترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة في حزيران المقبل سوى ساعات قليلة، وقد بلغ عدد أسماء المرشحين 700 مرشح وطامح للندوة النيابية في مختلف الدوائر الانتخابية، وقد كانت مفاجأة اليوم الأخير ليس في كثرة المرشحين، وهذا أمر طبيعي ضمن قانون اعتمد القضاء دائرة انتخابية، ولكن المفاجأة كانت في إعلان رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، ترشّحه عن المقعد السني في مدينة صيدا الجنوبية.

ولم يكن الاعلان بحد ذاته مفاجأة، فمن حق أي مواطن أن يترشح أينما كان، ولكن المفاجأة في اختيار الدائرة، وهي مدينة صيدا، مع كون السنيورة أبن المدينة أباً عن جد كما يقولون، ولكن الموضوع له علاقة بالحدّة التي ستأخذها المنافسة من جهة، وبالقرار الذي اتخذه تيار المستقبل من جهة أخرى، لأن من شأن ترشّح السنيورة قطع الطريق على عودة أسامة سعد إلى الندوة النيابية، فضلاً عن أن ترشّح السنيورة يقطع الطريق على مرشح الجماعة الاسلامية ورئيس مكتبها السياسي علي الشيخ عمار.

لقد رشّحت الجماعة الاسلامية ستة مرشحين في ست دوائر انتخابية، عكار، الضنية – المنية، طرابلس في الشمال، دائرة بيروت الثالثة، صيدا، والبقاع الغربي – راشيا، وهي الساحة الطبيعية التي توجد فيها الجماعة، في حين انها لم ترشّح في دوائر أخرى لها فيها وجود، وهي البقاعان الاوسط والشمالي، وحاصبيا مرجعيون، والشوف، وهي دوائر لها فيها حضور جيد، بل ومميّز من خلال تواجدها في بعض بلديات هذه الدوائر.

وهذه الدوائر التي رشحت فيها الجماعة أو لم ترشح فيها هي ساحة مشتركة مع «تيار المستقبل» الذي ينتشر في هذه الدوائر أيضاً، ويتقاسم مع الجماعة هذه الساحة بنسب مختلفة، لذلك حرصت الجماعة على التحالف والتفاهم مع «المستقبل» لحفظ هذه الساحة من الانقسام أكثر مما هي فيه، واكثر مما تعانيه من محاولات تمزيق وشرذمة وتصدّع، وهذا ما سعى ويسعى إليه بعض ممن يدّعي الحفاظ عليها وعلى الوطن، تحت عناوين مختلفة خدمة لأهدافه.

لقد انطلقت الجماعة من مقاربتها في حرصها على التحالف مع «المستقبل» من محاولة حفظ الساحة المشتركة بينهما، وفتحت في هذا السبيل حواراً مشتركاً مع المستقبل للوصول إلى صيغة تمكّن الجماعة من التمثل في الندوة النيابية، وتمكّن «المستقبل» من الاحتفاظ بأكثريته في البرلمان، ويتمكن الاثنان معاً من خلالها من الحفاظ على وحدة هذه الساحة وتماسكها امام المخاطر المحدقة بها وبالوطن، وخاصة أن بعض القوى المتحالفة معها بدأت تبدي تبرماً من هذا التحالف كمقدمة للخروج منه إلى تحالف آخر ما ساحات أخرى على قاعدة المصالح، لذا كان لا بدّ من حفظ هذه الساحة من اختراق جديد ومن شرذمة جديدة لا تصب إلا في غير مصلحة الوطن، باعتبار ساحة «الجماعة» المشتركة مع «المستقبل» هي الضامن الحقيقي لوحدة الوطن.

لقد كان بإمكان الجماعة الاسلامية ان تأخذ خياراً آخر غير هذا الخيار، وهي تدرك حجم تأثيرها وقدرتها على إلحاق هزيمة بغيرها ممن يشاركها في ساحتها، دون أن يعني ذلك انها تحقق هي فوزاً أونجاحاً، إلا أن ذلك لن يكون على حسابها او على حساب شريكها في ساحتها وهو «المستقبل»، او على حسابهما معاً فقط، بل سيكون على حساب الساحة المشتركة التي نتحدث عنها، خاصة إذا أدركنا أن طروحات البعض على الصعيد الوطني لامست في مرحلة من المراحل الدعوة إلى استبدال وثيقة الطائف عبر العودة إلى مربع الازمات الذي انتج الحرب الأهلية، والتي دفع لبنان ثمناً لها الكثير، أو عبر الدعوة إلى القفز فوق هذه الوثيقة لايجاد صيغة جديدة ليست أقل خطراً وسوءاً من العودة إلى المربع الأول، وقد تكون سبباً لاشعال صراع جديد، لأنها ستكون على قاعدة «الغالب والمغلوب»، وفي كل ذلك إشكالية ومخاطر تحدق بالوطن، ويبدو أن البعض ليس له همّ فيها، بل ربما هي من البنود الموضوعة على جدول عمله، في حين أن البعض لا يدرك مخاطر ذلك على الاطلاق.

لقد كان بإمكان الجماعة خوض الاستحقاق على قاعدة التحالف مع اكثر من جهة في أكثر من منطقة، وربما كان ذلك سيعزز لها فرصة الفوز في أكثر من دائرة، عبر الخرق، او أقله عبر الارقام المحترمة التي ستجعل الشريك الآخر في الساحة المشتركة يخسر بعضاً من قدرته لحساب قدرات اخرى منافسة ومواقع أخرى ليس لها همّ سوى النيل منه حتى ولو كان ذلك يذهب لحساب المشاريع التي تستهدف الساحة الكبرى. وعليه فقد اختارت الجماعة عن قناعة أن تبذل قصارى جهدها لتكون حليفاً وشريكاً للمستقبل ليس من منطلق الضعف والبحث عن مقعد نيابي، بل انطلاقاً من حفظ الساحة المشتركة. إلا أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال ان تكون الجماعة مهمّشة ومستفردة وبعيدة عن القرار لأن من شأن ذلك دفْع جزء من الساحة التي تثق بالجماعة وتتبع قرارها إلى اتخاذ خيارات قد تكون معاكسة لها، وبالتالي فالمسؤولية في حفظ الساحة المشتركة هي مسؤولية مشتركة بين الجماعة والمستقبل عبر إتاحة التمثيل المعتبر الذي يجعل التكامل أساساً بين المكوّنَين.


للمزيد عن الإخوان في لبنان

أهم أعلام الإخوان في لبنان

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

وثائق متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو