الداعية زينب الغزالي .. الجزء الخامس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الداعيه زينب الغزالي .. الجزء الخامس


سعيها لتطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان

في نوفمبر عام 1986م, سافرت الداعية الكبيرة زينب الغزالي إلى باكستان, للمشاركة في مؤتمر عالمي عن "السيرة النبوية", دعتها إليه السيدة الفاضلة نثار فاطمة الزهراء ـ رحمها الله ـ عضو البرلمان المركزي الباكستاني.. كانت سيدة فاضلة, تشتعل حماسة وحباً لدينها وأمتها الإسلامية.. حضرنا المؤتمر, وألقت فيه الداعية المجاهدة زينب الغزالي, محاضرة مهمة عن "دور المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي" وأدلت بالعديد من الحوارات الصحفية والإذاعية, وفى العام التالي ـ 1987 م .

جاءتها الدعوة من نفس المؤتمر, ووصلت باكستان في أوائل ديسمبر, وقبل أن يبدأ المؤتمر أعماله بساعات, مرضت مرضاًَ شديداً, وارتفعت درجة حرارتها لما يقارب الأربعين درجة مئوية, وهمت بالاعتذار عن عدم الحضور, وقضت ليلتها وهى تتألم, ومع أنفاس الليل الأخيرة, اعترتها سنة من النوم, وإذ بها ترى رؤيا في منامها.. رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زارها, وقدم لها أوراقاً مكتوبة, بعد أن وقّع عليها, ثم استيقظت, لتشعر بارتياح بالغ وسعادة غامرة ونشاط ملحوظ.. لقد كانت تتمنى رؤية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ فترة طويلة, وهاهو قد زارها في المنام.

كانت رؤية الرسول الكريم كفيلة بأن تصعد بها إلى عنان السماء من الإحساس بالفرح والبهجة والسرور.. شعرت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثها على المشاركة في المؤتمر, وأن تؤدى دورها فيه, بعد أن كان لمشاركتها في العام السابق, أطيب الأثر في نفوس المشاركين وأبناء الشعب الباكستاني, وبدأت بالفعل تشعر بالتحسن, واتصلت بي لتؤكد مشاركتها, وأنها تتحدث عن هذه الرؤية الكريمة, وبالفعل وصلت إلى قاعة المؤتمر, وعلمت أن الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق , سوف يحضر الجلسة الأولى, وحضر الرئيس, وجلست زينب الغزالي إلى جواره على المنصة, ثم تحدثت باللغة العربية بصوت قوى ونبرات عالية, صادرة من القلب.. قالت: إن باكستان قامت على الإسلام منذ تأسيسها, وستظل إن شاء الله مستمسكة بالإسلام, وأن العالم الإسلامي ينتظر منها الكثير.. ينتظر منها أن تطبق الشريعة الإسلامية, وأن تقف إلى جانب المجاهدين الأفغان.

وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زارها في المنام , وأنه قدم لها أوراقاً بعد أن وقّع عليها , وأنها تفسر هذه الرؤيا على أنه صلى الله عليه وسلم, إنما جاء ليحث باكستان على تطبيق الشريعة الإسلامية, وأن توقيع الأوراق معناه إقرار القوانين , وطالبت الرئيس الباكستاني ـ الجالس إلى جوارها ـ بأن يبذل كل ما في وسعه لتطبيق الشريعة وتطبيق أحكام الإسلام, لأن الله سيحاسبه على هذه الأمانة, وسيقف بين يديه سبحانه , فماذا هو قائل؟!

انتهت الداعية المجاهدة من كلمتها وسط ترحيب وتصفيق حار من جمهور المشاركات , وكانوا قرابة المائة , ثم تحدث الرئيس ضياء الحق فقال(بالإنجليزية): رغم أنني لا أعرف العربية كثيراً, إلا أنني فهمت معظم ما تقوله السيدة المجاهدة زينب الغزالي, وأنا أطلب منها أن تدعو لي, فإني ضعيف احتاج منها إلى الدعاء , وأضاف : إن تطبيق الشريعة هو أمل الشعب الباكستاني, ورغبة كل مسلم في هذا البلد , وأنا أريد أن يكون تطبيق الشريعة نابعاً من الناس أنفسهم , وليس مفروضاً عليهم بقوة القانون , وتساءل ـ أمام المؤتمر النسائي ـ هل تريدون منى أٌصدر قانوناً لارتداء الحجاب؟.. فتعالت الأصوات الرافضة, فقال: إذن مازال هناك صعوبات علينا أن نواجهها!

تلقفت وسائل الإعلام ـ المقروءة والمسموعة والمرئية ـ الرؤيا التي رأتها زينب الغزالي, وانتشرت قصتها على أوسع نطاق, ونفدت نسخ كتابها "أيام من حياتي" المطبوع باللغة الأوردية ـ اللغة الأم في الباكستان ـ الذي كان قد ترجمها الشيخ الجليل خليل أحمد الحامدي مدير دار العروبة ـ رحمه الله ـ تحت عنوان "روداد قفس"أي "أيام السجن".

شعرت الداعية المجاهدة ـ وهى تجلس بجوار رئيس الدولة ـ أنها تحمل أمانة التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأمانة الدعوة إلى الله وتطبيق الشريعة , وأنها أمام فرصة مهمة, قد لا تتاح بعد ذلك, لإعلان رغبة الأمة في الحكم بما أنزل الله, وها هي تعلنها ـ بكل قوة ورفق في نفس الوقت ـ لتسجل عند الله أولاً, وأمام التاريخ, صفحة من صفحاتها الخالدة.. رحمها الله