الشيخ فيصل مولوي: أهل السنة جزء أساسي من المزيج اللبناني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ فيصل مولوي: أهل السنة جزء أساسي من المزيج اللبناني

الاحد 14 شوال 1427 الموافق 05 نوفمبر 2006

حوار: حسام أبو جبارة

يُعدّ المستشار الشيخ فيصل مولوي ، الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان ، واحداً من أشهر الشخصيات الإسلامية التي تحظى بالتقدير والاحترام في الساحة اللبنانية والعربية، وبين أوساط الجاليات الإسلامية المقيمة في الغرب، وهو من أشد المعارضين لأسلوب العنف الذي اتخذته بعض الجماعات الإسلامية وسيلة للتغيير. ومولوي المولود في مدينة طرابلس عام 1941 م.

يشغل حالياً منصب رئيس بيت الدعوة والدعاة في لبنان ، ونائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، وعضو للجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي. حاورته ( الإسلام اليوم) في قضايا عدة، تمحورت حول السياسة الشرعية والعنف وواقع الجماعة الإسلامية في لبنان .

  • بداية .. ما موقع الجماعة الإسلامية على الخريطة السياسية اللبنانية؟

هي موجودة كحركة سياسية .. صحيح أنه ليس لها تمثيل في البرلمان لكنها موجودة على الساحة السياسية اللبنانية، وتتواصل مع كل الفئات وتتعاون من أجل الخروج بلبنان الذي تعيش فيه إلى وضع أفضل.

  • كيف تفهمون الديمقراطية؟

تطرح الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي كوسيلة للقضاء على الاستبداد وللمحافظة على حقوق الإنسان، وهي ليست مطروحة في مواجهة الإسلام الذي أُقصي عن الحياة السياسية منذ زمن بعيد. ونحن في المدى البعيد نريد إعادة الإسلام لأداء دوره في الحياة السياسية، ولكننا في المدى القريب نختار الديموقراطية في مواجهة الاستبداد، وليس بديلاً عن الإسلام.

  • والتعددية؟

التعددية السياسية هي تعبير عن التعددية التي خلقها الله تعالى في جميع البشر والأحياء والموجودات، فهو وحده الواحد، وكل ما سواه متعدد. هذه إرادة الله. والتعددية السياسية جانب من جوانب التعدد في الحياة والأحياء، الإسلام ينظمها فقط ضمن ثوابته الشرعية، وفي حدود مصلحة الأمة.

  • كيف تسوّغون مشاركتكم في النظام السياسي اللبناني الذي يوصف بأنه "ديموقراطي"؟

المشاركة في النظام اللبناني الديموقراطي هي التزام بمبدأ يقول: إن المسلم يعيش في أي مجتمع يوجد فيه، ويقوم بواجبه في الدعوة إلى الله، ومحاربة الفساد وإقامة العدل بين الناس جميعاً. فالمشاركة في النظام الديموقراطي قائمة رغماً عنا فيما لا يرضي الله، وليست لنا مصلحة فيه، فهل يجوز أن نتنازل عنها باختيارنا حيث يمكننا أن نصلح بعض الفساد أو نقوّم بعض الانحراف أو نحقق بعض المصالح؟ نحن نعتقد أن المشاركة عندما تكون بهذه النية ولتحقيق مثل هذه الأهداف جائزة شرعاً، وقد تكون واجبة إذا تأكد أو ترجح تحقيق بعض هذه الأهداف الشرعية.

يقال إن جماعتكم تتحالف دائماً مع السلطة على أساس أن رئيس الحكومة اللبنانية مسلماً سنياً؟ الجماعة الإسلامية في لبنان محكومة في تحالفاتها السياسية والانتخابية بقاعدة عامة هي: الاستعداد للتحالف مع جميع القوى السياسية من أجل تحقيق ما أمكن من المصالح، ودرء ما أمكن من المفاسد، تحت سقف "المحافظة على انتماء لبنان لمحيطه العربي والإسلامي، والعداء لإسرائيل وإفرازاتها".

  • وتحالفكم مع قوى غير إسلامية؟

المبدأ الشرعي يجيز ذلك، إذا كان فيه تحقيق أهداف شرعية أو مصالح للناس. وقد تحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حلف الفضول، وهو حلف بين مشركي قريش على نصرة الضعيف وإغاثة الملهوف وغير ذلك من مكارم الأخلاق، فقال: "لقد حضرت في بيت عبد الله بن جدعان حلفاً، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دُعيت إليه في الإسلام لأجبت". إذا فالتحالف مع غير المسلمين لتحقيق أهداف شرعية جائز. وأما التحالف مع غير المسلمين لتحقيق مصالح متبادلة فهو ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع يهود المدينة عندما تحالف معهم ضد العدو الخارجي وهو قريش.

فتحالفنا مع قوى غير إسلامية لتحقيق مصالح نرجوها للمسلمين أو ل لبنان ، يعدّ من الأمور الجائزة أو المطلوبة شرعاً، وحين نفعله، لا نكون قد غيّرنا مبادئنا إطلاقاً.

  • يوصف أتباع جماعتكم بـ"المعتدلين".. لماذا لم تنساقوا وراء دعوات "التطرف"؟

أعتقد أن فكر الجماعة الوسطي المنفتح كان عاصماً للجيل الذي أسسته من الانسياق وراء دعوات التطرف التي تعصف في أرجاء العالم الإسلامي. كما أن الحريات السياسية الموجودة في لبنان ساهمت إلى حد كبير في احتواء التيارات المتطرفة وتحجيمها، بحيث بقي الجسم الأكبر من الحركة الإسلامية بعيداً عما تُوصم به كثير من الحركات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي.

  • لماذا لم تدخل الجماعة الإسلامية ميدان العمل السياسي السري كما فعلت بعض الحركات الإسلامية؟

الجماعة الإسلامية في لبنان لم تدخل العمل السياسي من الباب السري إطلاقاً؛ لأن الأهداف السياسية أصلاً لا يمكن أن تكون سرية، فضلاً عن أن العمل الإسلامي الشامل، وهو أولاً دعوة للناس، لا يمكن أن يكون إلاّ علنيا. وقد يضطر الإسلاميون أحياناً إلى العمل السري إذا مُنعوا من العمل العلني، وهذا لم يحصل لنا في لبنان، فالجماعة تعمل علنا وبترخيص رسمي منذ تأسيسها سنة 1964 م.

  • كيف ترون وضع المسلمين السنة في لبنان بعد تقلّص النفوذ السوري؟

المسلمون السنة نفوذهم لا يتقلص، ولا يزداد بالوجود أو بالانسحاب السوري.. فهم جزء أساسي من المزيج اللبناني. وهم طائفة أساسية في لبنان يتعاونون مع إخوانهم من الطوائف الأخرى من أجل المحافظة على وحدة لبنان، ويعدون أنفسهم أساس التواصل داخله ومع العالم الإسلامي ومستمرون في أداء هذا الدور.

  • وما علاقة الجماعة الإسلامية ب سوريا ؟

العلاقات مع سوريا عادت إلى طبيعتها الآن.. لقد سبق أن شابها بعض الخلافات بسبب الوجود السوري في لبنان ، وما أسفر عنه من تعارض بين مصالح اللبنانيين وبعض المقتضيات التي كانت تسعى لها المخابرات السورية في لبنان. هذا الأمر انتهى اليوم، والجيش السوري انسحب من لبنان ونعتقد أننا الآن جميعاً - لبنانيين وسوريين - مسؤولون عن إقامة علاقات طبيعية أخوية تحفظ مسارنا المشترك ضد العدو الصهيوني ونؤكد أننا شعب واحد وأمة واحدة. والجماعة في هذا السياق لها دور في إراحة الأجواء اللبنانية تجاه بعض الممارسات السورية واستعادة العلاقات الطبيعية الأخوية بين البلدين.

  • ماذا تحقق من الأهداف التي رفعتها الجماعة الإسلامية منذ تأسيسها؟

تحقق من ذلك الكثير والحمد لله. فعلى صعيد بناء الفرد المسلم - وهو الهدف الأول من أهداف الجماعة في لبنان - استطعنا أن نربي جيلاً إسلامياً على الساحة اللبنانية كلها يتميز بثقافة مدنية معاصرة، مع وعي إسلامي لقضايا العصر ومشكلاته. وعلى صعيد بناء المجتمع المسلم - وهو هدفنا الثاني - استطاعت الجماعة أن تضيف إلى مؤسسات المجتمع الأهلي كثيراً من المؤسسات التعليمية والطبية والاجتماعية والنسائية والخيرية، وذلك بالتعاون مع كثير من الإسلاميين، وهي بذلك ساهمت في تحقيق قفزة نوعية للمجتمع الإسلامي في لبنان.

نحن وإياهم أصحاب مدرسة إسلامية واحدة في فهم الإسلام والعصر، أرسى دعائمها الإمام الشهيد حسن البنا رضوان الله عليه. وتنظيمات الإخوان المسلمين نفسها تختلف عن بعضها بحسب ظروف الأقطار التي توجد فيها. نحن في لبنان نعيش ظروفاً خاصة قد لا توجد في أي بلد عربي أو إسلامي آخر. ومن هنا حاجتنا إلى فهم هذه الظروف والعمل من خلالها. وهذا له أثر كبير على تحديد أهدافنا ووسائلنا، وإن كان الإسلام الذي ننطلق منه واحد.

  • هل هناك "إسلام سياسي"؟

أنا لا أحب لفظ " الإسلام السياسي"؛ لأن الإسلام واحد، وهو شامل لجميع نشاطات الإنسان، والعمل السياسي جزء من واجبات المسلم الدينية، تماماً كالعمل الاجتماعي أو العبادي. وقد انحسر النشاط السياسي لدى جميع الأديان الأخرى لسبب أو لآخر، واقتصرت على العبادات والأخلاق، بينما بقي النشاط السياسي لدى المسلمين يضمر أو يتحرك انطلاقاً من النصوص الدينية المقدسة.

  • هل يطمح الإسلاميون في لبنان إلى السلطة؟

في الأنظمة الديموقراطية يُعدّ الطموح إلى السلطة حقاً طبيعياً لكل مواطن. أما في الإسلام فالأصل ألاّ يطلب المسلم السلطة (لأن طالب الولاية لا يُولّى)، ولكن إذا طُلب منه أن يتولاها، ووجد في نفسه القدرة على ذلك، وجب عليه أن يقبلها.

ولذلك فالأصل الشرعي ألاّ يطمح الإسلاميون للوصول إلى السلطة بأشخاصهم، بل يطالبون هذه السلطة بتطبيق شريعة الله، وهذا هو الشعار الذي تطرحه اليوم كل الحركات الإسلامية، فإذا لم يستجب الحكام لذلك، كان من واجب الإسلاميين العمل للوصول إلى السلطة من أجل تطبيق أحكام الشريعة.

  • ولكن هناك خلاف بين الإسلاميين حول الوسيلة؟

نعم، هناك خلاف بين الإسلاميين حول هذا الأمر، فمنهم من يرى أن طريق الوصول إلى الحكم لتطبيق الشريعة هو طريق الدعوة وإقناع الناس حتى يختار الشعب ذلك، وهذا يشبه الطرق الديموقراطية المعاصرة في الوصول إلى الحكم. ومنهم من يرى أن الجهاد هو الطريق؛ لأن الحكام لا يسمحون للشعب أن يختار الإسلام أو الإسلاميين، وبالتالي فلا بد من إزالتهم.

  • وما رأيكم في ذلك؟

نحن نرى أن طريق الاختيار الشعبي هو الطريق الإسلامي الصحيح، وهو الذي سلكه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي لم يقم دولة الإسلام في مكة المكرمة على الرغم من أنها "أحب أرض الله إلى الله" وفيها أول بيت وضع لعبادة الله (الكعبة)؛ لأن شعبها لم يكن يريد ذلك. وأقام دولته الإسلامية في المدينة المنورة؛ لأن شعبها يريد ذلك. أما مشكلة استبداد الحكام فلا تُعالج إلا بتوعية شعبية تكسر هذا الاستبداد وتعيد للشعب حقوقه، ثم يختار الشعب ما يريد، وتكون مهمة الإسلاميين إقناعه بتطبيق الشريعة، وليس إزالة الاستبداد باستبداد آخر.

  • هل المصالحة ممكنة بين الإسلاميين والسلطة؟

المصالحة بمعنى وقف حالة العداء بين الإسلاميين والسلطة واجب، لأن حالة العداء تستنزف طاقات الأمة، ولأننا نخوض معركة مصيرية ضد الاحتلال الصهيوني والتآمر الدولي، ولأن الانشغال في معارك داخلية يؤدي إلى إلحاق الهزيمة بالجميع. والمصالحة لا تعني إقرار المنكر أو الرضى بالانحراف أو السكوت عن النصيحة، إنما تعني إعطاء الأولوية للصراع الخارجي المصيري، والاكتفاء في معالجة المشاكل الداخلية بالنصيحة والحوار.

  • وما المطلوب من الحكومات؟

من واجب الحكومات أن تكف عن أساليب القمع والترهيب، وأن تفتح حواراً موضوعياً مع الحركات الإسلامية المعتدلة التي لا تزال تمثل الشريحة الأكبر من الإسلاميين، تمهيداً للمصالحة الشاملة. والملاحظ هنا أن هذه الحركات الإسلامية هي التي تدعو إلى المصالحة، بينما الكثير من الأنظمة الحاكمة مستمر في ملاحقة الإسلاميين والتضييق عليهم بالحرمان من الحقوق السياسية، فضلاً عن السجن والتعذيب والقتل.

  • ما هي برأيكم الأسباب الحقيقية لنشوء ظاهرة ما يُسمّى بـ"المتطرفين الإسلاميين"؟

ظاهرة التطرف معروفة عند كل الشعوب، مهما اختلفت المبادئ والعقائد. ولا أحتاج لإعطاء الدليل على ذلك. وهي معروفة أيضاً عند المسلمين في أكثر حقب التاريخ. لكن النظام العالمي الجديد يبرز ظاهرة التطرف الإسلامي لتسويغ ضرب الإسلام نفسه، بصفته الخطر الوحيد على هذا النظام. إن السبب الأساس في هذه الظاهرة هو طبيعة التطرف عند بعض الناس، وسوء فهم المبادئ التي يعتنقونها، وعلى الرغم من أن الإسلام حذر بشدة من كل أنواع التطرف مما هو معروف، فإن التاريخ الإسلامي لم يخل من المتطرفين، وإن ظلوا دائما قلة، وعلى هامش المجتمع.

أما تطرف بعض الإسلاميين المعاصرين فيمكن أن نرجعه - بالإضافة إلى ما سبق - إلى: التطرف المقابل لخصوم الإسلام في الداخل والخارج. فممارسات الأنظمة العلمانية في كثير من بلاد المسلمين، وتطرفها في محاربة الإسلام والإسلاميين - بما في ذلك السجن والتعذيب والقتل والتهجير - كانت أحد أسباب تغذية التطرف عند بعض الإسلاميين. وحرص أعداء الإسلام على إبراز أي عمل متطرف، ونسبته إلى الإسلاميين ولو لم يكونوا هم القائمين به، كجزء من حربهم على الإسلام. في مقابل ذلك التعتيم الإعلامي والمحاصرة لكل عمل إسلامي تقوم به فئات معتدلة.

  • يشكو الكثير من اللبنانيين من ارتفاع نسبة التفسخ الأسري في لبنان ، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج اجتماعية سيئة.. كيف تنظرون إلى هذا الواقع؟

التفسخ الأسري لدى بعض العائلات اللبنانية هو إحدى النتائج السيئة لتأثير الحضارة الغربية على المجتمع الإسلامي. هذه الحضارة التي تعتمد الجنس محوراً وحيداً في أكثر نشاطاتها، وتعدّ العري والاختلاط المبتذل من أهم إنجازاتها. وهي بذلك تختلف اختلافاً جذرياً عن الحضارة الإسلامية التي تعدّ مرضاه الله هي محور حياة الإنسان، وتبني المجتمع الإنساني على أساس الستر والعفة ولا تبيح الاختلاط المبتذل، وإن كانت تسمح باللقاء بين الرجال والنساء ضمن ضوابط شرعية معروفة. لقد تركت الحضارة الغربية الغازية كثيراً من الآثار السيئة على المجتمع الإسلامي في لبنان، خاصة وأن وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب تسير في أغلبها في فلك هذه الحضارة. والتفسخ الأسري الذي بدأ يزداد في مجتمعنا الإسلامي له نتائج خطيرة جداً، وأهمها تهدم بنيان العائلة وكثرة حوادث الطلاق، وضياع الأولاد بين أبوين مختلفين، وفقدان التربية السليمة، مما يجعل هؤلاء الأولاد عناصر سلبية أو سيئة في بناء المجتمع. وأعتقد أن من واجب الدعاة إلى الله تكثيف الجهد الدعوي في مواجهة المفاهيم الغربية الغازية، والتوسع في إطار الدعوة إلى جميع شرائح المجتمع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


للمزيد عن الشيخ فيصل مولوي

وصلات داخلية

حوارات مع الشيخ فيصل مولوي

مقالات بقلم الشيخ فيصل مولوي

مقالات كتبت عنه

أخبار متعلقة

وصلات فيديو

للمزيد عن الإخوان في لبنان

أهم أعلام الإخوان في لبنان

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

وثائق متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو