بل لماذا الأدب الـْ "لا إسلامي"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بل لماذا الأدب الـْ "لا إسلامي"

أ.د/جابر قميحة

في واحد من مقالاته شن الحداثي الكبير هجوما عنيفا على الأدب الإسلامي, , وزعم أنه وأصحابه من الحداثيين يسيرون في الطريق الصحيح, لأنه "طريق التنوير لا التظليم» ثم تساءل: ما حاجتنا لما يسمونه الأدب الإسلامي, ذلك الأدب الذي كان - وما زال - تحريضا علي العنف والإرهاب, والاغتيالات, باسم مقاومة الظلم والظالمين الكفرة ??!!

وأبادر فأقول - نقضًا لافتراءات التنويري الكبير ومزاعمه: بل - نحن الإسلاميين - أحق بأن نسأل: لماذا الأدب الإسلامي.. الأدب الماجن الرقيع الذي يدلك العواطف الدنيا, ويثير الغرائز والغثيان ؟. ونحن إذ نرفض هذا الأدب وندعو إلي الأدب الإسلامي إنما نستصحب الأصل الذي نشأ شعرا ونثرا مما يزيد علي أربعة عشر قرنا.. في أمة مسلمة.. موحدة.. مطبوعة علي التدين.. وتملك رصيدا ضخما من القيم والمثل العليا. والمعروف أن «أدب الأمة» - أية أمة- هو نبضها, ومشاعرها وأشواقها مصوغة في فن رفيع. فكل أدب يتمرد علي هذه الحقيقة يعتبر نشازا وعبثا, وإساءة لتاريخ الأمة, وتنكرا لطبيعتها, وإهدارا لقيمها الموروثة.

فنحن في غني بأدبنا الإسلامي القويم عن الأدب «الإسلامي» الساقط الرقيع, لأنه شذوذ, ونشوز, وخروج علي الأصل الراسخ الركين, ذي القوة المتين.

والأدب الإسلامي نشأ ابتداء من عهد النبوة . وما نقدمه حاليا- إبداعا ونقدا- إنما هو إضافة لموجود, وتقوية لبناء قائم مع التطوير والاستفادة من الآليات الفنية الجديدة في الأجناس الأدبية والتصوير والتعبير. وقد ظهر في الأدب الإسلامي علي مدي عقدين من الزمن - مئات من الكتب الأدبية والنقدية, ومئات من الدواوين الشعرية . والإبداع - وخصوصا الشعري منه, وهو والتطرف, كما يزعم «التنويريون ".

وبالاستقراء نجد أن مضامين هذا الشعر, وأساسياته, ومحاوره لا تخرج - غالبا- عما يأتي:

1- تصوير المآسي والنكبات المتوالية التي نزلت -وتنزل - بشعوبنا في فلسطين وأفغانستان والبوسنة والهرسك والصومال والفلبين, وغيرها.

2- تمجيد الأبطال من الشهداء, ورثاء الشخصيات العظيمة من الأدباء والشعراء والعلماء .

3- تصوير بطولات الأحياء وتضحياتهم في سبيل الله والوطن, من أمثال أحمد ياسين, وأطفال الانتفاضة.

4- استحضار الشخصيات الإسلامية التاريخية من أمثال خالد بن الوليد, وصلاح الدين الأيوبي, ومحمد الفاتح, وتصويرها في أطر فنية, لتكون مثلا أعلي للشباب, في حاضرنا المنكوس المكسور.

5- تقديم القيم الإسلامية الشامخة, مثل: الجهاد, والإباء, وعزة النفس, والصبر, والعلم,.

6 - الدعوة - صراحة أو ضمنا- إلي الثأر من أعداء الأمة الإسلامية, ومغتصبي الأرض العربية من المستعمرين والصهاينة.

7- الاهتمام الخاص بأدب الأطفال, وخصوصا القصة والشعر.

فوصف الواقع, بل جاء من قبيل الإسقاط.

هذا وظاهرة التطرف والعنف, أو «انحراف القوة», وتوظيفها للإضرار بالوطن, والعدوان علي الآخرين ترجع إلي عدد من العوامل والأسباب المعقدة المتشابكة, لعل أهمها:

1- حالة الفراغ الديني والروحي التي يعيشها كثير من الشباب

2- حالة القلق والتمزق التي يعيشها كثير من الشباب نتيجة لما تصوره «التناقضية» التي تسود المجتمع بين «القائم» والمدَّعَي (بفتح العين), أي بين «الواقع الموجود» و«المرجوو المنشود».

3- سطحية وهشاشة, وتقديم الأفلام والأعمال الفنية المتهتكة الساقطةة.

ومن العوامل الأخري: نظم التعليم والتربية في المراحل المختلفة. وكذلك سوء الحالة الاقتصادية, والمستوي الاجتماعي المتدني, وبعضها لا يليق بالآدميين.

أدب السقوط.. الجناية الكبري..

وفي فلك تشخيص حالة العنف, أو «الانحراف بالقوة» والسلوك المتطرف يدور أدب السقوط والدعارة الفكرية باسم حرية التعبير, كرواية «وليمة لأعشاب البحر», ومن الشعر منظومة «الوشم الباقي» التي عرض فيها صاحبها «عمليات الجنس»: صوتا, وتعبيرا, وتصويرا بشكل سوقي هابط, ونشرها – للأسف - في مجلة مصرية قومية.

إن أمتنا العربية والإسلامية تعيش أشد عصورها كربا وانكسارا وهوانا, حتي أصبحت طعاما وأضحوكة لأعدائها. وحتي تستعيد هويتها, وتسترجع ذاتها ومكانتها بين الأمم عليها أن تعتمد علي فكر نقي نظيف, وأدب إنساني جاد, يحافظ علي جلال الكلمة, وعلي ميراثنا العظيم النبيل, ويكون له مكانه الشريف في مناهجنا الدراسية بالمدارس والجامعات, والأندية والمحافل الأدبية .

المصدر:رابطة أدباء الشام