دور المربي في المنعرجات الدعوية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
دور المربي في المنعرجات الدعوية

تمت الإضافة بتاريخ: 14/07/2010م

الموافق: 3/08/1431 هـ

جلست مرة أمــام عملاق الصبر والدعوة الأستاذ المرشد مصطفي مشهور رحمه الله تعالى وحدثنا عن مسيرة الدعوة ومسالكها فأشار إلى المعوقات والمنعرجات والعقبات وكيف يتجاوزها رجالات الدعوة بالحكمة والصبر وحسن النظر والفطنة فكانت كلماته خفيفة على عقولنا؛

ولكنها عميقة في معانيها على قلوبنا وعندها شدني بقوة موضوع المنعرجات لاعتقادي البسيط أن الدعوة إلى الله تسير في طريق مستقيم فقط و تعترضها الحواجز والعقبات فسألته عندها بعد فراغه من الموضوع على هامش اللقاء كيف نـتصرف عند المنعرج؛

وكان برفقة الشيخ الذبيح محمد بو سليماني رحمهما الله تعالى فأجابني بلغة المربي الواعي فقال {يا بني عند المنعرج أمسك نفسك عند العواطف وألجمها بلجام الحكمة وخفف السرعة تمر بسلام} وكان جوابه درسا بليغاً لي بمسجد الرحمن بالبليدة لما زارنا يومها عليه رحمات الله تعالى

ومع مرور السنين وتمرسي في ميدان الدعوة والتربية والحركية والسياسية أيقنت إن السير يحتاج إلى وعي وفطنة لكي نبصر الطريق لأن الكثير من السائرين يـصلون المنعرج ولا يبصرونه فيظنون أنهم في طريق سليم فيقعون في جوف سحيق وقد لا يمكنهم استدراك السير بعدها.

فقلت في نفسي ونظرت إلى التجارب ودرست حالات التساقط في مسارات الدعوة و كما ذكرها الأستاذ الداعية فتحي يكن حفظه الله تعالى في رسالته المتساقطون في طريق الدعوة.

من يمكنه أن يؤدي دور التنبيه الإشاري في الطريق الدعوة والحركة ويكون ذلك المانع من السقوط ويحفظ الإخوان من الزيغ و الزلل ويسحبهم من الانهيار النفسي والسلوكي عند المنعرجات وخاصة المنعرجات الخطيرة فقلت في نفسي بلا تردد ولا تفكير عميق المربي والمكلف بجهاز التربية والمشرف على إدارة العملية التربوية في المسيرة الدعوية والسياسية

لماذا المربي و المسؤول عن التربية بالذات؟ وإن كانت المسؤولية تقع على الجميع؟

لأن المربي في حركتنا ودعوتنا هو صانع الرجال ومهيئ النفوس داخل الجماعة فأي اعوجاج سلوكي أو خُلقي أو فكري ينال قسطا منه بحكم سكوته وتركه له أو التغافل عنه و المفروض أن يقف عند الزلات والأخطاء ويعيد الأمـور إلى نصابها بالبرنامج والتأهيل التربوي ويحدد المنهج و لايتهاون في دذلك ولا يخضع لنفسه ويميل بها إلى أهواء المخطئين والغافلين؛

و في هذا السياق أذكر موقفاً عظيماً للمربي الفاضل والصبور الشديد الأستاذ المرشد المستشار حسن الهضيبي رحمه الله تعالى لما جنح فكر بعض شباب الإخوان إلى تكفير الحكومة وأعوانها من جراء الاستبداد والظلم والعذاب في السجون و هم جميعا فيها فقال لهم بلا تردد ولا خوف {نحن دعاة ولسنا قضاة فإن لم ترتضوا منهجنا إتخدوا راية غير راية الإخوان وأعملوا تحتها}

فهو موقف قوي عند منعرج المحنة والفتنة وكذلك موقف الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله تعالى عندما قتل ذبحا رفيق دربه الشيخ بوسليماني رحمه الله تعالى و قام بعض شبابنا يريدون الانتقام له بحمل السلاح ضد الإرهابيين فكان منه دلك الموقف الشجاع فقال

"أنا أولي ببوسليماني منكم فهو جزء عظيم مني ولكن منهجنا سلمي ولا نـلطخ أيدينا بالدماء مهما كان عدد قتلنا وهناك من هو مخول برد العدوان ويقصد قوات الأمن والإرهاب يريد استدراجنا إلى حرب أهلية" فهو موقف عظيم حينها عند منعرج الفتنة والحرب الأهلية.

وكذلك موقف المربي الشهيد الشيخ بوسليماني لما كان بين أيدي الإرهابيين قبل ذبحه طلبوا منه فتوى تبيح أعمالهم الدنيئة بدعوى الجهاد ونصرة الدين فرفض وخطأهم في منهجهم وحافظ على دماء الجزائريين من منطلق منهجه السليم أن دماء الجزائريين والمسلمين عامة غير مباحة ولا نكفر مسلما نطق بالشهادتين وفضل الشهادة عن الانحراف عن الأصول العشرين منها الأصل الأخير هكذا كان مربياً عند منعرج الموت والرعب.

أكتفي بهده المواقف العظيمة لهؤلاء العظماء لأتوجه لكل المربين في دعوتنا هل لكم القدرة أن تحفظوا إخوانكم عند المنعرجات وهم يسلكون طريقهم في الحركة؟.

إني أتحسر ويعتصر قلبي ألمــاً عندما أجد مربياً يدفع إخوانه من حيث يشعر أو لايشعر إلى الانزلاق في مشارف المنعرج وهو يقعد فيهم مقعد الصديقين والصالحين والمرشدين أو يدعوهم إلى إفطار بعد صيام ثم يفطر على الأعراض والحدود أو يعقد ملتقى لهم ظاهره التوجيه والتربية وخلفيته غير ذلك.

وقد سرني من مربي فاضل ينتهج نهج النبلاء من إخواننا ذُكر أَحد شيوخ الدعوة والحركة بسوء فأغتاظ من دلك فقال لمحدثه إن كان ما تقوله صحيح فهو غيبة فلا يجوز ذكر أخاك بما يكره وإن كان ما تذكره غير صحيح فهو بهتان ولا يجوز شرعا وأنت في كلتا الحالتين مخطئ فنصحه بالتوبة والندم.

أيها المربي الذي أوكلت لك مهمة الصيانة والرعاية لا تخن الأمانة ولا تهدرها في ساحات الهوى والطمع وأحرص على تثبيت إخوانك بما يزيدهم يقينا في دعوتهم وحركتهم ومن سن سنة سيئة فله وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة

من أدوارك أيها المربي الفاضل أن تحفظ الصف وتجمع شمل الإخوان ولا تشتـتهم بالنعرات والدعوات الباطلة ولا تسمح بأن تتحول اللقاءات الأسرية إلى لقاءات التبديد وضياع الأجر والاشتغال بما لايعود على النفس بالمنفعة والثواب؛

ومن جعل أسرته التربوية بعيدة عن أهدافها ومقاصدها فقد خان الأمــانة وضيع الرسالة لأن الأسرة من خصائصها و مهامهما التعارف والتكافل والتفاهم بهذا السعي المشين فإنك تعمل على تبديد النفوس وزرع الفتنة فيها والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وقال الله تعالى "الفتنة أشد من القتل "

ومن جمع الناس على غيره اجتمع الناس عليه بعد حين ومن استغفل الناس ردحا من الزمن كشفه الله في لحظة واحدة وأمام الخلق على المربي الفاضل عند المنعرج أن يهيئ نفسه بكل جوانبها ومقوماتها ليكون أداة فعالة وصالحة لتحقق الجماعة به وبأمثاله ما تنشده من أهداف وآمـال؛

ويقول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى

إن الإسلام يريد في الفرد وجدانا شاعرا يتذوق الجمال والقبح وإدراكاً صحيحا يتصور الصواب والخطأ،وإرادة حازمة لاتضعـف ولاتلين أمام الحـق وجسما سليما يقوم بأعبــاء الواجبات الإنسانية حق القيام ويصبح أداة صالحة لتحقيق الإرادة الصالحة وينصر الحق والخير.

المصدر