د.سيف عبدالفتاح يكتب هامش على "رسالة سلطان الحرية إلى سلطان الطاغية"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د.سيف عبدالفتاح يكتب هامش على "رسالة سلطان الحرية إلى سلطان الطاغية"


(5/31/2015 )

بعد مرور عام أو يزيد على إضراب محمد سلطان كانت تلك الرسالة التي أردت أن أؤكد عليها بلسان حال سلطان الذي يمثل "سلطان الحرية" يوجه هذه الرسالة إلى السيسي المنقلب الذي يمثل "سلطان الطاغية"، وبدت المعركة بين نظام البطش والقمع وبين قيم الحرية والكرامة يريد نظام الانقلاب أن يقوم بكسر عنوان الاحتجاج والعزة والشموخ، سلطان الحرية يهدد سلطان الطاغية بأنه لا يريد حياة إلا بعز، ولا يريد معيشة إلا بكرامة، ولا يريد وجودا إلا بحرية، بينما هذا النظام الباطش يوجه رسالة أخرى رسالة العبودية وصناعة القطيع والعبيد، لا يتكلمون إلا لغة البيادة، ولا يريدون سوى مزيد من التفزيع والترويع، إنها صناعة الخوف، في مواجهة معركة الإرادة.

لقد تضمنت هذه الرسالة أكثر من معنى أكدت عليه في مواجهة الطاغية "فرعون- النمرود" لتؤكد أنه مهما ادعى عنفوانه وبطشه وعنفه فإنه لا يملك كسر الإرادة لمن أراد أن يعيش عزيزا وحرا وكريما، تضمنت الرسالة أكثر من معنى ووقفت على أكثر من مغزى، وقدمت كل ما يحفظ الوجود الكريم والمبنى.

سلطان الطاغية يوجه أقبح رسالة لكل الأحرار، إنه لا يرضى أن يكون تحت ظل طغيانه من يشعر بالحرية أو يتكلم عن الحرية أو يتنفس بحرية، إنه لا يريد إلا العبيد الذين يسبحون بحمده، فإذا طالب بالقتل فوضوه، وإذا قتل قالوا إنه المحق صاحب الحق فسوغوه، وإذا اعتقل قالوا إنه يدافع عن أمن مصر وحياضها وأقروه؛ بدت هذه "الأسطوانة العبدة" المشروخة يطلقها سحرة الإفك الإعلامي يتحدثون بما يملى عليهم إنها أذرعه التي تحول همسه إلى أفعال، وتحول كلامه إلى اعتقال، وتمكن لأفعاله فتجعلها قتل وخنق وحرق يمارسه بدم بارد، وتتفقد أحلامه وأوهامه فتروجها له ،يقلبون الحال بقبح المقال فهم فى النهاية أصحاب البراءة وأن الذين تجرأوا وقالوا "لا" هم أصحاب الندامة، يستحقون منه القتل والسحل والسجن والاعتقال، لقد تجرأوا على مقام سلطان الطاغية وقالوا له "لا"، فامتشق سيفه وأسال دم الناس بكل استخفاف ومن غير ورع لا يهدف إلا شيوع الخضوع والفزع.

إلا أن "سلطان الحرية" يوجه له رسالة كاملة غير منقوصة ،جامعة مانعة، يصدع بها ليعبر عن حق هذه الأمة في كرامتها وحريتها وعيشها الكريم وعدلها المقيم، يقول إن أبناء مصر يستحقون كل ذلك بل هو من صميم حقهم، إلا أن الطاغية يقف بمجده الشخصي وحلمه المرضى ووهمه النفسى لا يطلب إلا الدم، إنه يتقوى بإهدار دم الناس ويجعله غذاء استبداده وعلامة عظمته وما هو كذلك، إنه في حقيقة الأمر لا يعبر إلا عن مستبد طاغية يساعده سدنة الكذب وحملة المباخر وكلاب الحراسة وسحرة الإفك، يتلمسون نظرته لينفذوا رغبته وما هو في مراده وما في مكنونه وسره.

رسالة سلطان الحرية تقول "لا" هذه الكلمة التى تُقلق سلطان الطاغية وتزلزله وتؤكد أن من جملة الناس بعض أُناس يعرفون معنى الكرامة فيحفظونها، ومعنى الحرية فيحمونها، ومعنى الأمانة فيحملونها، إن الصنف الذي يطغى هو من أخس خلق الله، لأنه يخرج عن حد الكرامة الإنسانية لأنه يهدف إلى سحق كرامة غيره، وإن النفس التي تخضع هي من أحط خلق الله لأنها تخنع فتسحق ذاتها بعد أن كرّمها الله وتُستعبد رغم أن الله قد حررها وجعلها عزيزة تحمل الأمانة فتتقدم إلى أفضل مكانة لمعنى ومغزى الكرامة "في أحسن تقويم".

سلطان الحرية يحتج ويضرب رغم اعتقاله ليقدم رسالة للإنسانية، منذ متى كان الطاغية إلا "نمرودًا"، يدعى أنه "يُحيي ويُميت"؟، إن هؤلاء الذين استشهدوا "أحياء" أما "القاتل الظالم" فهو الذي مات، مات في حس الإنسانية وذاكرتها، مات فيه الإنسان، ظن أنه بجبروته ينازع خالق الخلق ولكنه لا يدرك أنه من بقية الخلق، يَرد عليه كل قوانين الضعف مهما كان قويا باطشا، ومن هنا فإن الضعيف الذي يحمل رسالة سلطان الحرية يصدع بها في وجهه فتخيفه وترعبه إنه لا يزال يملك الإرادة ،إنه لا يزال يتدثر بثوب العزة والكرامة، إنه يخاف من تحريره وحريته لأنه ينطق كلمة الحرية وهو مسجون، ولذلك لا يملك الطاغية من ضعفه إلا أن يقول لسُجانه : لا تحرروه بل إلى الموت دعوه، يساعده فى ذلك قاض، لا يُرجى عدله، بل هو أداة ظلم الطاغية وجوره.

وكان هذا الهامش الذي ألحقه سلطان الحرية حينما كان "ثمن حريته هو نزع جنسيته" وكأن رسالة الطاغية تقول أن على كل مصري أن يكون عبدا من العبيد أو أن يكون عضوا في القطيع فتكون جنسيته مناط سجنه واعتقاله وتعذيبه في محاولة لإذلاله ولكنه بلغة الحرية يقول لهؤلاء جميعا أن الجنسية لا تكون مواطنة إلا بمعاني الحرية والعزة، أما مجتمع العبيد الذي أراد الطاغية أن يشكله أو يوجهه أينما شاء "كلا على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير" ، إنها المسوخ التي يريد نظام الطاغية أن يحركها في كل مصري فيجعل للجنسية مواصفات هو يحددها تخرج عن حد الإنسانية وأصول الحرية وجوهر الكرامة الإنسانية، إنه يريد أن يوجه تلك الرسالة ليس ل"محمد سلطان" فحسب ولكن لكل مصري، إذا أردت أن تبقي على جنسيتك فلتكن من القطيع وفي مقام العبيد، أليسوا هم القائلون نحن الأسياد وأنتم العبيد؟ إنها أسوأ رسالة يوجهها الطاغية للأحرار، الأحرار حينما يصدون طغيانه يفتحون بذلك سجن الجنسية الذي أرادوه ليجعلوا الوطن أفسح مكانا للحرية.

يقول بعض هؤلاء لقد باع "سلطان الحرية" جنسية وطنه، وبدا إعلام الانقلاب وكأنه قد انتصر أو كسر إرادته ولكنه بلغة ضعفه وجسده النحيل الذي تآكل من جراء إضرابه عن الطعام يواجه الطاغية ليقول له وبأعلى صوت إن كانت عبوديتي في جنسيتك‘ فخذ عبوديتك التى تفرضها علىّ لأن الحرية أثمن من أي شئ، بل لا إنسانية بلا حرية ومن هنا كانت تلك الرسالة الصادعة بكل حق: أيها الناس عليكم أن تحرروا الجنسية من مغتصبيها والمواطنة من سجانيها، الحرية أثمن ما تكون وهي جوهر إنسانية الانسان وقدره وتكريم الله له.. فاجعلوها مواطنة حرية لا بد لهؤلاء أن يكسروا قيود العبودية التى فخخوا بها جنسية الوطن ومواطنة المصري، إنها الحرية التي لا يجب أن نفرط فيها لتكتمل فينا معاني الإنسانية، قل للطاغية هيهات هيهات أن تكسب معركة الإرادة أو تكسرها، ستظل معركتنا معك ومع أمثالك، معركة الحرية والعيش الكريم والعدل المقيم، هذه تكملة لتلك الرسالة العظيمة حينما يتحدث "سلطان الحرية" في مواجهة "فرعون الطاغية" الذي يتباهى بنزع الجنسيات والحرمان من المواطنة، ألا إنها نهاية الطاغية حينما لا يستطيع أن يقاوم كل معاني الإرادة، وكل ما يتعلق بأنسام الحرية.

أيها الطاغية في يوم لن تجد سلطانك، ولن تجد قوتك وجبروتك وطغيانك ولن ينفعك ظلمك أو ظلم سدنتك وأعوانك، اعرف أيها الطاغية حينما تستكبر على ضعيف لا يرضى بطعام ذل فاعلم أنها نهايتك، اعلم أن هذا الضعيف ثورة قادمة، ثورة في نفوس شباب قادر على تقديم الكلفة العالية والتضحية الغالية، واعلم أن نهايتك محتومة حينما تمارس هذا الجبروت وتفعل فعل الطاغوت، اعرف أن النهاية قادمة، وفي هذا الوقت لا تلقى على من خدعوك باللائمة، لأنهم نافقوك ولم ينصحوك، ترويج فعلك وسوء عملك ليس إلا من صنعة العبيد الذين يتلمسون رغباتك وشهواتك ولا يقدمون لك إلا أحلامك ووهمك ، كم أنت ضعيف ياسلطان الطاغية أمام "سلطان" الحرية الغالية؟!.

ليس للطغاة أو العبيد في ركابهم أو البيادات في أقدامهم أن يتحدثوا أنه قد "أخلى سبيله بعد أن تخلى أو تنازل عن جنسيته المصرية"، ولكن قولوا بحق أنهم خيروه بين عبودية الجنسية وجنسية العبودية من جهة وبين معاني الحرية والكرامة الإنسانية فاختار بعد أن أجبروه على التنازل عن جنسية أرادوها أن تضم عبدا إلى عبيد لا حرا إلى كرماء، أيها الطاغية جعلت بطغيانك وقمعك وبطشك الجنسية من ضمن عقوباتك مدعيا احتكارها وممسكا بشروطها الغاشمة التي تضعها؛ فبئست العبودية تلك التي تحاول أن تفرضها على مواطنيك.. حرروا الجنسية من مغتصبها، والمواطنة من خنوعها "وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".

المصدر