زوجة أحمد البس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
زوجة أحمد البس....... وحسن إدارة الأزمات


المرأة الصالحة خير متاع للرجل فى الدنيا، فبها تسير دفة الحياة فى استقرار ومعها يستطيع المرء طاعة ربه، ولقد أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ً(ص) قال: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة»، كمل أنها درة فى تاج الحياة الزوجية.

زوجة البس.. من هى؟

الداعية الحاج أحمد البس

هى الزوجة الثانية للأستاذ أحمد البس حيث تزوج زوجته الأولى وهو فى السابعة عشر من عمره من ابنة خالته وكان ذلك عام 1935م غير أن هذا الزواج كما يصف لم يدم طويلا بسبب عدم تقدير المسئولية من الطرفين فانفرط عقد الحياة الزوجية


وبعدها عزف عن الزواج مرة أخرى حتى حين غير أن والده كان يغمره بالحب والعطف فألح عليه حتى تزوج من زوجته الثانية وهى كريمة الشيخ "سليم إبراهيم رامون".


وقد ولدت فى قرية جناح بالقرب من مركز بسيون حاليا- وهى تابعة لمحافظة الغربية، وكانت نعم الزوجة الصالحة ولم ينقصها شيء من التى تنكح المرأة من أجله غير أنها كانت من عائلة كبيرة فى الريف حيث كان أقرباؤها من العمد ومشايخ البلد مقارنة بحال زوجها الفقير لكنها وافقت على الزواج منه لعلمها بصلاحه ودخل عليها عام 1940م وقت أن كان عمره 24 عاما حيث ولد عام 1915م.


على طريق رب العالمين

التحق الأستاذ أحمد البس بركب الدعوة عام 1939م قبل زواجه بعام وبايع الإمام البنا على العمل من أجل دعوة الله عندما دعوه لزيارتهم فى رمضان 1358ه ومنذ هذه اللحظة وهو أحد جنود دعوة الإخوان وبعد أن اقترن بزوجته سارت معه على الطريق فكانت نعم المعين

يقول المستشار عبدالله العقيل:

"وقد وفقه الله لزوجة صالحة ومربية فاضلة كانت السند القوي، الذي يشد أزره، ويؤيد منهج الإخوان المسلمين، وكانت خدمتها لأبناء الدعوة لا تقل عن رعايتها لأولادها الذين وفق الله لتنشئتهم تنشأة صالحة، على مبادئ الإخوان المسلمين، فكانوا قرة عين للوالدين في البر والوفاء والصبر والثبات"
وكان إذا أتاه جمع من الإخوان كانت تسارع بحسن ضيافتهم وخدمتهم فلم تتأفف يوما من الأعداد الكبيرة التى كانت تتردد على زوجها، بل كانت تشعر بطاعة لربها فى خدمتهم، يقول الأستاذ البس عنها:
"كانت تأتيه الزوار من أرياف الغربية بالعشرات وكانوا أيامها يركبون الدواب والحمير فلم تتأفف يوما من كثرة زواري، بل كانت تقوم بالطهي وإعداد الطعام وبعدها تعطيني جلبابي النظيف، وتطلب الجلباب المتسخ، بل وتقوم بغسل جلابيب الضيوف جميعا التي رأت أنها أتربت من أثر السفر. وبعد غسلها وتجفيفها تضعها تحت المراتب (وهو نظام كي الملابس المستخدم أيامها)".

الزوجة وحسن إدارة الأزمات

ظهر معدن الزوجة الصالحة وقت الأزمات ففى الفترة التى اعتقل فيها زوجها ومكث بالسجن عامًا ونصف عام من 5 فبراير 1949م، الموافق 20 شعبان 1369ه حتى 6 يونيو 1950م كانت صابرة محتسبة وقامت على تربية أطفالها فأحسنت تنشئتهم وكانت طوال فترة اعتقاله نعم الزوجة العفيفة التى -رغم ضيق ذات اليد- لم تطلب المساعدة من أحد وتمثلت بقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 273)

وبعد أن خرج زوجها وجدها صابرة راضية بقضاء الله وقدره والأولاد فى أحسن حال لكنه لم يمكث كثيرا حتى اعتقل ثانية يوم الأربعاء 13 يناير 1954م مع فئة قليلة من إخوانه كان على رأسهم المستشار الهضيبى المرشد العام للإخوان وظلوا داخل المعتقل حتى أفرج عنهم يوم 26 مارس 1954م

لكن ما كاد يخرج حتى استشعر بأن الحكومة وعبد الناصر يخططان لتوجيه ضربة قوية ضد الإخوان فأخبر زوجته بأحاسيسه وقرر على إثر ذلك المبيت خارج البيت كل يوم فلم تجزع لذلك وكانت متمثلة بقول رسول الله : "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" حديث متفق عليه عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما.

وصدقت مشاعره فوجه عبد الناصر ضربته للإخوان بعد حادثة المنشية وعلى إثرها اختفى الأستاذ البس حتى اعتقل بعد عشرة أشهر ولم يعد لبيته منذ خروجه حتى 14 يناير 1973م الموافق 10 ذو الحجة 1393ه أى ما يقرب من ثمانية عشرة عامًا لكنها استطاعت فى خلال هذه الفترة أن تتولى رعاية أولادها.

لكن كيف عاشت الزوجة وأولادها هذه الفترة؟

وكيف ربت أبناءها؟

وكيف كانت تتحصل على المال فى ظل التضييق الذى فرضه عبدالناصر على بيوت الإخوان؟

يجيب الأستاذ البس على ذلك بقوله:

"لما دخلت السجن عام 1954 أيام عبدالناصر وحكم على بالسجن عشرون عاما. فصلت من عملي كمدرس ولم يبق لأسرتي مصدر للدخل من راتبي الذي قطع عنهم وبعد مدة طويلة من السجن سمح لأهالينا بزيارتنا في السجن وجاءت زوجتي ومعها أبنائي وبناتي مظهرهم طيب وملابسهم قيمة فبعد أن سلمت على زوجتي (رحمها الله) وقبلت يدي سألتها عن مصدر الأموال التي تعيشون بها؛
قالت وبغير تردد: فضلت خيرك يا حاج نبيع الأرض ونصرف على البيت فشجعتها على ذلك وقلت لها بيعي كما تريدي المهم أن تعيشي أنت والأولاد مبسوطين (وكنت أظن ساعتها أنها تبيع من الأرض التي ورثتها أنا عن أبى) وظللت كل زيارة أسالها عن الفلوس هل تكفيكم وهى في كل مرة تقول: الحمد لله فضلت خيرك يا حاج، ثم يستطرد قائلا في أوائل السبعينيات: وخرجت من السجن دون أن تعلم أسرتي بساعة خروجي، وسافرت من القاهرة إلى طنطا حيث توجهت إلي منزلي.
فوجئت بي زوجتي فطارت فرحا وقبلت يدي كما تعودت، وبعد سلامي على أولادي. طلبت مني أن أدخل إلي حجرة النوم لأستريح بعض الوقت الذي ستقوم خلاله هي بإعداد طعام لي وعندما دخلت حجرة نومي وجدت حصيرًا وغطاء على أرض الغرفة، سألتها وأنا في غاية الدهشة أين سريرك النحاس يا حجة؟ أين السراحة؟ أين الكمودينو؟
فنظرت إلي بابتسامة وكأنها تواسيني وتقول: كله يرجع في عزك يا حج، وإذا بي أراها تضع طبلية خشب على الأرض عليها أطباق بلاستيك كل طبق من لون مختلف سألتها أين حجرة السفرة وأطباق الصيني بتاعتك يا حجة؟ قالت: كله سيرجع في عزك يا حج، وعندما ألححت عليها أن تقص لي ما حدث حدثتني أن أهلي لم يوافقوا على بيع أرضي للإنفاق على أسرتي (لأنه في الريف من العيب أن يبيع الرجل أرضه فيعيره أهل البلد بذلك).
فقامت هي ببيع أرضها التي ورثتها عن والدها وقامت بإنفاقها على البيت والأولاد، وبعد أن باعت أرضها كلها بدأت ببيع أثاث البيت حتى وصل الحال إلى ما رأيت، ووالله ما عانيت يوما ولا امتنت على يوما بما فعلت وذلك أثناء غيابي في السجن، وقمت بحمد الله بعد خروجي بشراء أثاث للبيت وشراء الذهب الذي كانت تقتنيه وباعته من أجل بيتي وأولادي".

ويضيف قائلا:

"كانت تمر علينا سنوات لا أراها أو أحد من أولادنا، وتعددت البلاد التى حبست بها وكانت الزيارات تمنع أحيانا وبعد أن خرجت من السجن وجدت زوجتي أزكى ما تكون زوجة وأفضل ما تكون شريكة حياتى كل خصلة تركتها تحت يديها نمت وكل جرح تداوى الأولاد أحسن ما يكونون خلقا وعلما وأدبا".
"ولكن كل ذلك لم يعلم به أحد ولم يصل إلى ذل النفس ومد اليد، كل هذا الخير صنعتها هذه الزوجة الكريمة رغم تقصير كثير ممن كان يمكن أن يساعدوا من غير أن يجرحوا كرامتنا؛ لأنهم أهلنا ولكن الله أراد محنتى مصحوبة بالعزة والكرامة ولا يكون لأحد فضل إلا الله جل وعلا فإيمان الزوجة أن تجوع وتمرض وتسافر وتحزن وتتألم وتكدح وحدها وسط هذه المحنة الطويلة العميقة بعيدا عن أسماع الناس وأبصارهم".

وفى حوار مع منال أبوالفتح عبادة زوجة الأخحمزة صبرى سألت عن مثلها وقدوتها فقالت:

"زوجة الحاج أحمد البس رحمها الله فقد كانت قريبةً من قلبي، وكان زوجي يصحب زوجها باستمرار في سيارته، وهي قدوتي في الصبر والتحمل، فقد غاب عنها زوجها طوال أيام عبد الناصر، وصبرت واحتسبت وربَّت أولادها على خير وجه".

فرحة ودمعة

لم يكد الأستاذ أحمد البس يخرج من محبسه حتى عمت الفرحة أرجاء البيت بقدوم الطير الغائب وبالرغم من اقترابهم على الستين عاما إلا أنها ظلت ترمقه بالعطف والحنان وتحنو عليه كما تحنو الأم على ولدها حتى توفاها الله أواخر السبعينيات فأسكب عليها الدمع مدرارًا لفراقها وظل وفيا لها ولدعوته حتى توفاه الله عام 1992م.

المراجع

  1. أحمد البس، الإخوان المسلمون فى ريف مصر، دار التوزيع والنشر الإسلامية، بدون تاريخ.
  2. المستشار عبدالله العقيل، من أعلام الحركة الإسلامية، دار التوزيع والنشر الإسلامية،1420ه، 2000م.
  3. الدكتور إبراهيم الزعفراني، مدونة من الذاكرة،
  4. حوار للدكتور إبراهيم الزعفراني على موقع الشبكة الدعوية.
  5. حوار أجراه موقع إخوان أون لاين.

للمزيد

روابط داخلية من مؤلفات الأستاذ أحمد البس

كتب متعلقة

مقالات متعلقة

متعلقات

وصلات خارجية

وصلات فيديو

للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.