زينب جبارة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السيدة الفاضلة زينب جبارة ... رئيسة جمعية السيدات المسلمات

زينب جبارة ..... داعية من طراز فريد

كثيرون من الناس من يولدون ويعيشون ويأكلون ويشربون وينامون ثم يموتون.... لا يكاد يشعر بهم ولا يحزن لفراقهم أحد، وهؤلاء حياتهم كمماتهم سواء، وقليلون هم الذين يحيون حتى إذا فنيت أجسادهم تظل ذكراهم وأعمالهم في العقول والقلوب يتناقلها الناس جيلاً بعد جيل بكل إعزاز وحب.

ومن هؤلاء الناس السيدة الجليلة زينب جبارة والتي لا يعلم عنها إلا من لمس أثرها في المجتمع المصري؛ فقد حملت همّ الإسلام وتربية النشء على عاتقها.

نشأت السيدة زينب نشأة إسلامية، وشربت من معين رباني ظهر أثره عليها في فترة شبابها في مواجهة موجة الانحلال والفساد؛ حيث كانت ترى أن الشريعة الإسلامية هي معين الخير والحق والجمال.

جعلت زينب جبارة الطهر لها مئزرًا، والإيمان خلقًا، وطاعة الله خير وسام، فسخرت حياتها للعمل الخيري، فكانت تتحسس الأسر الفقيرة فتفرج كربهم، وتسدد دينهم، وترفع عن كواهل الكثير مشاق الحياة ومتاعب العيش.

ولم يقتصر دورها على ذلك فحسب، بل قدمت المعونة للطلبة الغرباء سواء كانوا من المصريين أو القادمين من بلاد الشرق، كما أنها أعدت لبعضهم مساكن خاصة من حسابها الخاص -خاصة طلبة فلسطين، كما أعانت بعض السيدات على تأدية فريضة الحج، ودفعت لهن كل تكاليف الرحلة، ولم تقف عند هذا الحد، بل أعانت بعض الفتيات على الزواج فدفعت لهن ما يهيئ لهن جهازًا كريمًا.

زينب جبارة والعمل الجماعي

رسمت زينب جبارة أهدافًا تسير عليها لتأصيل المبادئ والمفاهيم الإسلامية في المحيطين بها، لكنها شعرت بالفتور من العمل الفردي، فتحدثت مع عدد من النساء الفضليات أمثال حرم اللواء علي باشا إسلام، وحرم أحمد بك الطويل وغيرهن، وكان ما يميز هذه المجموعة أنهن من الطبقة الأرستقراطية والتي لم تلههن مشاغل الدنيا وتصرفهن عن تعاليم دينهن.

ففي عام 1356هـ الموافق 1937م كونت هذه المجموعة جماعة السيدات المسلمات في 52 شارع وهبي باشا وهذه الجماعة ليست جمعية السيدات المسلمات التي أسستها السيدة زينب الغزالي وتعرضت في بداية ظهورها إلى بعض المحن، لقد ظلت الجماعة خمس سنوات تتأرجح فيها بين الحياة والموت، يدب فيها هرم الفناء حتى قيض الله لها السيدة زينب بعد أن أجريت الانتخابات بين عضوات الجمعية، وتم اختيارها رئيسة للجمعية، وهيام علي سكرتيرة للجماعة، فما هي إلا سنوات حتى أصبحت هذه الجماعة مضرب المثل في الجهاد والعمل المثمر، فقد أخذت على عاتقها الارتقاء بالجمعية، وحددت الأهداف والوسائل التي تنهض بالجمعية، فبعد أن كان عدد المشتركات فيها ما يقرب من خمسين سيدة، وصل العدد في القاهرة فقط ما يربو على الألفين عام 1944م هذا غير الأقاليم.

وكانت الجمعية مسجلة بوزارة الشئون تحت رقم 2 جمعيات خيرية، وقد هدفت السيدة زينب جبارة من وراء هذه الجماعة عدة أهداف، منها:

  1. الدعوة إلى توحيد الله توحيدًا نقيًّا.
  2. الجهاد في سبيل نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة وإنقاذ المرأة من مخاطر المدنية الزائفة.
  3. معاونة الأسر البائسة التي لا تقوى على العمل وإنقاذها من ذل السؤال.
  4. التوسط في المصالحات بين العائلات والأسر بالطرق الودية.
  5. محاربة الخلاعة وعدم الحشمة في القول والعمل والملبس, وحاولت الجمعية أن تظهر قيمة المرأة الطيبة التي تحافظ على طاعة ربها على غير الصورة التي يحاول الغرب وأذنابه من العلمانيين إظهارها به من رجعية وجمود.

جهودها العملية

لم تقتصر السيدة زينب جبارة على العمل الدعوى بالقول فحسب, بل أخذت على عاتقها إنشاء المؤسسات التي تخدم دعوتها وطريق الإصلاح الذي انتهجته فنراها:

  1. تقوم في عام 1945 بإنشاء معهد ديني للفتيات اليتيمات حتى تخرج جيلا صالحا للمرأة يعرف حق الله والزوج والوطن, وكانت تهدف من هذا المعهد احتواء الفتيات الفقيرات واليتيمات حتى لا يقعن فريسة سهلة للمدارس التبشيرية، والتي كانت البعثات والإرساليات التبشيرية تقوم بها حيث تقدم هذه المدارس المال والعلاج للفقراء لكي يكن لقمة سائغة لتنصيرهن, ولقد كانت لجهود زينب جبارة أثر محمود، خاصة وأنها تصادفت مع ما كان الإخوان المسلمون يقومون به في القطر المصري من فضح نشاط هذه الإرساليات والمعاهد والمستشفيات التبشيرية, وتوحدت جهودهما ضد هذا الغزو الفكري الشديد, وخرجت هذه الإرساليات خالية الوفاض.وافتتحت السيدة زينب جبارة المعهد عام 1945 حيث بدأ أول أمره بـ 20 فتاة حيث استأجرت مبان للمعهد، ودفعت من مالها الخاص قيمة الإيجار حتى وصل عدد الفتيات الموجودات به ما يزيد على 120 فتاة, ولم تكتف بتعليمهن فحسب، بل اهتمت بكل جوانبهن الخاصة من ملبس ومطعم ومسكن ورعاية صحية, وأمام هذا المجهود العظيم قامت وزارة المعارف بإرسال بعض المدرسات للعمل في المعهد, كما أشرف على المعهد بعض الأطباء أمثال الدكتور محمد عبد الحي. ونود أن نذكر أن فكرة المعهد لم تلق أي ترحاب من أعضاء مجلس الإدارة خشية الفشل, غير أن عزيمة السيدة زينب وهمتها العالية وإيمانها بالفكرة استطاع الصمود والنجاح أمام هذه الاعتراضات حيث اشترطن عليها ألا ينفق على المعهد من مال الجمعية فوافقت.
  2. مشغل الحياكة والتطريز: حيث عملت على إنشائه عام 1946 لتعليم الفتيات صنعة كريمة تستطيع بها العيش في الحياة, وإيجاد مصدر مالي للجماعة لتكمل مسيرتها، وبعد فترة وجيزة أصبح هذا المشغل مضرب الأمثال، حيث لم يقتصر على الفتيات اليتيمات، بل أقبلن عليه كريمات العائلات، وذوات الترف ليتعاملن معه وترك الحياكة عند الأجنبيات.
  3. مصنع السجاد: هدفت من وراءه ما كانت تهدف من وراء المشغل، حيث قامت بإنشائه عام 1949, هذا خلاف المطابخ والأفنية.وكان مقر المعهد 25 شارع وهبي باشا, ومقر المشغل والمصنع 10 شارع وهبي بالسيدة. استمرت الجمعية تحت قيادة السيدة زينب تقوم بالعمل لتحقيق أهدافها، وتقديم الخدمات لأبناء وطنها, ففي أثناء حرب فلسطين عام 1948 ساهمت الجمعية بالتبرع للمجاهدين, كما أنها آوت كثيرات من اللاجئات العربيات, وقامت بإطعام الفقراء.ومع هذه الجهود قامت السيدة زينب بإعداد الواعظات لتعظ المسلمين والمسلمات في الموالد والمآتم والمناسبات.

جهودها الإدارية

بعد إجراء الإنتخابات وتوليها منصب رئيسة الجمعية قامت بتنظيم العمل الإداري حيث أصبح للجماعة ستون شعبة في مصر, وقامت بتفعيل اللجنة المالية والتي رأستها يعاونها بعض السيدات أمثال درية الشريف وعائشة حليم، كما أوجدت لجنة المشتريات، ولجنة الاحتفالات، ولجنة الإشراف على المعهد والمشغل ومصنع السجاد، ولجنة الإشراف على الوعظ والإرشاد، ولجنة الدعاية، ولجنة المشروعات والاقتراحات.

وباستقرار الهيكل الإداري استطاعت الجمعية أن تنهض وتقوم بأعمالها مثل: المعارض والأسواق الخيرية، والتي تعرض فيها ما يقوم المصنع والمشغل بعمله.

وكتبت صحيفة المصور عن نشاط الجمعية فقالت:

"أقامت جماعة السيدات المسلمات معرضها السنوي فعرضت فيه تحفًا فنية بديعة من مختلف أنواع الأشغال اليدوية، وقد أشرفت على المعرض والبيع السيدة زينب هانم جبارة رئيسة الجماعة، وحرم أحمد بك الطويل، وعائشة هانم حليم، وكان هذا المعرض بمناسبة مرور ثلاثة عشرة عامًا على نشأة الجمعية.
ومن كلمتها التي ألقتها في حفل افتتاح فرع الجماعة بالمحلة الكبرى في 28 مارس 1946م حيث احتشد عدد كبير من السيدات يقربن من ألف سيدة حيث خطبت فيهن قائلة:
"سيداتي.. يعلم الله أننا جميعًا نعمل بدافع من وجداننا وضمائرنا لنصرة الأمة المسلمة وإعزازها وإعلاء كلمتها.
سيداتي.. إن الجماعة تسير بحمد الله قدمًا نحو غايتها النبيلة فقد زادت عضواتها على الألفين، واقتربت شعبها على نيف وخمسين شعبة، كما أسست الجماعة في مركزها الرئيسي معهدًا كاملاً مجهزًا لتعليم الفتيات اليتيمات الثقافة الدينية والعامة، وبه الآن خمسة وثلاثون تلميذة ما بين داخلية وخارجية....".

ولقد أنشد أحد مدرسي مدارس البنات الابتدائية قصيدة يذكر فيها الخصال الطيبة للسيدة الفاضلة, ومما جاء في هذه القصيدة:

ليت أمي الآن في هذا المكان
كي تحيي زينب الإصلاح عني

إنها أولى بتكريم الحنان

تقرأ الإخلاص آيًا وتهني

أنت يا زينب كنز ليس يفنى

كلما أعطى من الإصلاح زادِ

زادك الرحمن في الإصلاح معنى

من معاني الخلد يرجى للعبادِ

وعندما وقعت جريمة اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا فجعت السيدة كما فجعت الأمة الإسلامية وقالت:

"كان شخصية جبارة قوية، وليس أدل على قوة شخصيته الجبارة من أن أمريكا وإنجلترا وفرنسا كانت جميعها تنظر إلى الرجل بعين الحذر، وتراقب حركته من بعيد ومن قريب وأيديها على قلوبها، فلقد كانت تعلم وتؤمن بأن حركة الإخوان المسلمين خطر على الإستعمار أينما حل في رقعة إسلامية أو بين شعب مسلم..".

المصادر

  1. قانون جماعة السيدات المسلمات, بقلم هيام علي سكرتيرة الجماعة, (مكتبة الأنصار)، ص(28:3).
  2. جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين, الكتاب الثالث, دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2003.
  3. مجلة المصور .
  4. جريدة الأهرام .
  5. موقع: إخوان أون لاين .

إقرأ أيضاً

للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.