سليم عزوز يكتب: «ظِلُ السيسي ولا ظِلُ حيطة»!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سليم عزوز يكتب: «ظِلُ السيسي ولا ظِلُ حيطة»!


(5/30/2015)

مقدمة

إذا أردت أن تقف على أن الانقلاب العسكري في مصر في أسوأ حالاته، منذ وقوعه في يوليو/ تموز (الأسود)، فما عليك إلا أن تقوم بجولة في فضائيات الثورة المضادة، لتقف على حجم القلق الذي ينتاب أذرعه الإعلامية، على نحو جعلهم يحسبون كل صيحة عليهم!

الانقلاب يقف على شفا جرف هار، لا يحتاج سوى من يقترب منه ويزيحه بيده ليكتشف أنه لم يبق منه سوى عصاه التي نخرها السوس.

فإعلاميوه ينصبون كل ليلة «مناحة»، يعاد بثها نهاراً في أوقات مختلفة، ليصبح النهار كله «مناحة» أيضاً، ولنقف بذلك على حجم الخوف الذي يتملكهم، بشكل جعل الأداء متوتراً، وجعل أحد المنحازين له يطالبه بمذبحة جديدة للقلعة، كالتي قام بها محمد على باشا «والي مصر»، ضد المماليك، وهي دعوة تكشف حجم الهلع، ومستوى الخوف!

«عمرو أديب»، المقرب من دوائر الانقلاب، أعلن أن هناك أربعة أو خمسة من غير الإخوان تم قراءة الفاتحة عليهم، لأنهم يمثلون خطراً على (الرئيس السيسي). وقراءة الفاتحة تكون على من مات أو قتل، وعندما يقال إن فلاناً تمت قراءة الفاتحة عليه، فإن هذا يعني أن قراراً بقتله قد صدر!

وتقوم بضرب الودع، لتعرف من هم هؤلاء الأربعة، أو الخمسة الذين صدر قرار من «الباب العالي» بتصفيتهم، وبعد أن تقرأ اجتهاد الدكتور أيمن نور، يعلن مقرب من عبد الفتاح السيسي نفسه، وهو «يوسف الحسيني» على قناة «أون تي في» أن «شفيق وجمال مبارك وسامي عنان» يعملون ضد السيسي!

وهذا يؤكد ما قلناه، أن الهدف من الحكم بسجن جمال مبارك وشقيقه ووالده ثلاث سنوات في قضية «القصور الرئاسية»، هو وقف طموحه السياسي، إذ من بين الشروط الواجب توافرها في المرشح الرئاسي، ألا يكون قد حكم عليه في جناية، أو جنحة مخلة بالشرف!

وهو كما قلنا، إنه «حكم الضرورة»، التي تقدر بقدرها، فقد قضى مبارك ونجلاه العقوبة بالفعل في الحبس الاحتياطي، وليس عليهم إلا أن يدفعوا الغرامة ويخرجون تصحبهم السلامة، فيكون السيسي قد حافظ على إخلاصه لمعلمه مبارك، وفي الوقت ذاته أوقف طموح نجله بحكم قضائي، وهناك من يلاعب عواطف مبارك الابن الجياشة بضرورة الترشح للانتخابات الرئاسية مع دعوات بانتخابات مبكرة، وهو على ضعفه قادر على أن يسقط السيسي وينافسه بقوة في معسكر الانقلاب.

عودة شفيق

«نجيب ساويرس» من الذين يمثلون خطراً على السيسي، لكنه لا يدعو للإطاحة به الآن، فهو يريد شراكة في الحكم، وفي «بيزنس السلطة»، باعتباره لاعباً أساسياً في الانقلاب، لكن لم يكن من المعقول، أن يتم تحريض «الولد الحسيني»، وفق حديث عباس كامل في التسريبات عنه، على ساويرس وهو يعمل في فضائية مملوكة له، لكن الهجوم عليه بالتصريح والتلميح، والغمز واللمز، كان من المهام الموكلة لعبد الحليم قنديل، وبدرجة أقل لعبد الرحيم علي.

في الأسبوع الماضي، نسبت جريدة «الشروق» لمصادر مجهلة، أن الحكومة المصرية أرسلت رسالة «غير مباشرة» للفريق أحمد شفيق في منفاه في أبو ظبي تقول له فيها «إنه لا عودة الآن ولا ممارسة للسياسة»!

وهو الخبر الذي أثار جدلاً كبيراً، وناقشته مع رئيس تحرير جريدة «الشروق» عماد حسين، قناة «صدى البلد» في برنامج «صالة التحرير»، وعمرو أديب ورانيا بدوي في برنامج «القاهرة اليوم» على قناة «أوربيت»!

اللافت في برامج «التوك شو» في مصر، أن أي صحيفة عندما تنشر خبراً مهماً يناقشه أي برنامج تلفزيوني، فإن الضيف يكون هو رئيس التحرير، مع أن هناك محررا مسئولا هو صاحب الخبر، ومسألة «المصدر المجهل» تخصه ولا تخص رئيس التحرير، وهذا الخبر نشرته في «الشروق»، الزميلة «دينا عزت»، وإذا كان هناك تشكيك في صحة ما نشر، فإن ما يدعمه هو أن النشر تزامن مع حملة الإبادة الإعلامية، التي قامت بها الأذرع الإعلامية ضد الفريق أحمد شفيق، الذي اتهمته بأنه يقوم بدور تخريبي في مصر، على أساس أن أي منافس للسيسي إنما يعرض الأمن القومي للبلاد للخطر!

وهذا يتزامن أيضاً مع حركة نشطة، تملأ شوارع القاهرة بين الحين والآخر، بلافتات أزعجت عبد الفتاح السيسي وأذرعه، تدعو إلى عودة الفريق من الخارج وترشحه للرئاسة، في ظل دعوة أطلقت عن إنتخابات رئاسية مبكرة، ويخشى السيسي ومن حوله أن تجد الدعوة مساندة دولية، بعد أن فشل القائد المتمرد على رئيسه المنتخب في البر والبحر، وتآكلت شعبيته في الشارع بشكل ملحوظ، رغم عمليات التضليل التي لم تنطل على أحد.

الفريق «سامي عنان»، رئيس أركان الجيش المصري السابق، بدأ في التحرك المحسوب، لأنه يخشى أن يفتك به السيسي، والخوف يعد أيضاً نقطة ضعف «شفيق» فهما رجلا دولة، ويعلمان أدوات الدولة المستبدة في التنكيل!

خيار الانقلاب

لكن يظل الفريق شفيق هو الخطر الحقيقي الذي يتهدد عبد الفتاح السيسي، ويعد الخيار الأفضل لدوائر الانقلاب محلياً وإقليمياً ودولياً، والرافضة لفكرة عودة حكم الإخوان، ولو كان هذا هو خيار الشعب المصري.

وشفيق له سابقة تصب في صالحه، فقد خاض سباقا انتخابيا مع ثلاثة عشر مرشحاً، كانت نتيجته أنه تأهل لجولة الإعادة منافساً للدكتور محمد مرسي، ومع أننا كنا حديثي عهد بالثورة، وكان هو محسوباً على نظام مبارك، فقد سقط سقوطاً مشرفاً، فهو رجل الدولة العميقة، التي ينتمي لها السيسي، لكنها لا تعترف بالأخير ممثلاً لها.

فقد خاض السيسي الانتخابات من على قواعد الإستشراق، وبدا غريباً على الشعب الذي يخاطبه، فكانت دعايته في المناسبات تقوم على الرقص البلدي، ومما يعد في عرف المصريين يندرج تحت عنوان «قلة القيمة»، وقد يمارسونه، ولكنهم لا يحبون لقائدهم أن تكون «قلة القيمة» عملاً من أعماله.

لم يعد سراً أن الحزب الوطني، ووجهاء القبائل، وأعيان الريف، لم يتحمسوا لعبد الفتاح السيسي، ثم أنه الآن ظهر فاشلاً على المجالات كلها، مما يجعل من أحمد شفيق خياراً استراتيجياً لهم، لذا فإنهم الآن لا يخشون من سقوط السيسي ولديهم بديلهم!

ورغم أن الأذرع الإعلامية هي في معظمها سبق لها الانحياز لأحمد شفيق في عهد الرئيس مرسي، إلا أنهم ألقوا الآن بكل ثقلها في كفة عبد الفتاح السيسي، الذي يرون أن سقوطه هو سقوط لهم، ثم أن شفيق حتى وهم معه في مرحلة الانتخابات الرئاسية لم يكن قد وعد أيا من الذين من حوله من إعلاميي مبارك بأي دور إذا نجح، وكانت خطته أنه سيخترق صفوف الثوار ويستعين بمن ينجح في استقطابه منهم!

لقد شهدت برامج «التوك شو»، حديثاً مكثفاً ضد فشل (النظام) مما أرهق المحللين في فهم دوافعه، ومحاولة الوصول للهدف منه، قبل (أسبوع الآلام) الأخير، عندما نفروا خفافاً وثقالاً وغدوا خماصاً وبطاناً دفاعاً عن السيسي، ولم يكن المشاهد بحاجة إلى بذل جهد يُذكر ليقف على حجم الهلع الذي انتابهم، وهو هلع لم يشعروا به في السابق عندما كانت الحشود تملأ الشوارع مطالبة بإسقاط الانقلاب!

لقد كان السيسي حينئذ يتمتع بالحماس الدولي والإقليمي له، وإن قَتل أو سَجن، لكن هذا الحماس تحول لفتور، ولدى دوائر الانقلاب بدائلها على طريقة التعامل مع باكستان بعد أن طوى الشعب صفحة رجل واشنطن «برويز مشرف».

ويبدو الآن الوضع في مصر مغريا باستمرار عبد الفتاح السيسي مع فشله، فالحراك الثوري تحول إلى عمل روتيني، الهدف منه مجرد «فيديو» لتبثه قنوات الشرعية.

لكن من يراقب الوضع جيداً يقف على أن الشعب ينتظر شرارة لتكون ثورة عارمة، لن يتمكن أحد من فرض سيطرته عليها، وفي هذه المرة لن ينتظر الثوار، حكم القانون في المظالم كلها التي شهدتها البلاد في فترة الانقلاب العسكري، فضلاً عن أن السيسي يخلق تربة جاذبة للجماعات المسلحة كتنظيم الدولة وغيره، ليصبح هناك ما يستدعي استمراره كما بشار الأسد!

فالسيسي هو ابن المدرسة ذات المقرر الواحد، فلا مقرر دراسي إلا الإرهاب، وهو الذي انتقل به من «محتمل» إلى واقع وفشل في التعامل معه.

وقد يعجل هذا برحيله مع وجود البدائل المريحة لدى دوائر الإنقلاب. لهذا نفر إعلاميوه دفاعاً عنه.

من «عريس لقطة»

المضحك، أن أذرعه الإعلامية لا تجد ما تقوله للدعوة لاستمرار رئيسهم، وهو الفاشل في الملفات كلها، غير أن البديل له هو الفوضى!

يتحدث عبد الحليم قنديل عن حجم الأزمات، وسوء السياسات، لكن يطمئن نفسه بأن الشعب الذي يئن يتمسك بالأمل!

وتقول أماني الخياط أنه لولا السيسي لاغتصبت النساء وتحولنا إلى لاجئين، ويعلم الجميع أن سياسات قائدها المفدى هي التي تقود للفوضى الأمنية ولم نكن كالسوريين، مع أنه فعل ما يفعله بشار الأسد، لأن قوى الثورة ترفض أن تجاريه في رد الفعل.. إلى الآن. فلا فضل له هنا!

لم تعد الأذرع الإعلامية لديها ما تقنع به الجماهير من أن السيسي هو «الأمل والمنى». فقد تراجعت دعاية الجيش هو بيت الوطنية المصرية، ودعاية خير أجناد الأرض ، لأن شفيق وعنان ينتميان لذات المؤسسة وهما من خير أجناد الأرض!

كان أنصار السيسي في دعايتهم له يقدمونه على أنه «عريس لُقطة»، فلم يعد أكثر من «ظل رجل ولا ظل حيطة»، أي حائط، وهو المثل الذي يستدعي لترويج عريس متوف لعروس عانس تجاوزها قطار الزواج، ولا تملك جمالاً ولا مالاً، لكن، مصر ليست عانساً يا قوم، ثم إن «ظل حيطة» أفضل من «ظل السيسي».

المصدر