ممدوح الولى يكتب: موازنة غير واقعية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ممدوح الولي يكتب: موازنة غير واقعية


(7/19/2015)

أشار كثير من المتخصصين الى عدم واقعية غالبية مؤشرات الموازنة الحكومية للعام المالى الحالى 2015/ 2016، من حيث تقديرات الإيرادات ، ودعاوى الاهتمام بالجوانب الاجتماعية ، ونسبة العجز المتوقعة بالموازنة ، ونسبة النمو المتوقعة للناتج المحلى الاجمالى .

وحتى يكون القارىء على بينة بالموازنة ، فإن اجمالىالإنفاق بالموازنة العامة يبلغ 1148 مليار جنيه ، موزعة على ثمانية أبواب رئيسية ،أبرزها أقساط الديون المحلية والخارجية بنسبة 5ر22 % من إجمالى الإنفاق ، و21 % لفوائد الديون المحلية والخارجية .

و20 % للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية لأصحاب المعاشات ، و19 % لأجور العاملين بالحكومة ، و5ر6 % للاستثمارات الحكومية ، و5 % للمصروفات الأخرى التى تشمل الدفاع وبعض الجهاتالقضائية ، وأقل من 4 % لشراء السلع والخدمات للجهات الحكومية ، و2 % لمساهمات الحكومة بالهيئات العامة .

أما الايرادات المتوقعة فتبلغ 639 مليار جنيه ، موزعة على الضرائب بمختلف نوعياتها بنسبة 66 % من إجمالى الإيرادات ، و31 % من فوائض الجهات المملوكة للحكومة من هيئات عامة وبنوك وشركات عامة ، وأقل من 3 % من متحصلات الاقتراض ومبيعات الأصول كالأراضى الحكومية ، ونسبة ثلاثة بالألف أى أقل من نصف بالمائة للمنح والمعونات .

وهكذا ومع بلوغ الإنفاق المتوقع 1148 مليار جنيه ، والايرادات المتوقعة 639 مليار جنيه ، فإن العجز الحقيقى الذى ستقوم الحكومة بتمويله من خلال إصدار أذون وسندات خزانة واقتراض خارجى ، يبلغ 509 مليار جنيه ! ولمن لا يصدقون ذلك عليهم بالعودة الى صفحة 109 بالبيان المالى للموازنة .

سيقول البعض ولكن المسؤلين ذكروا أن العجز الكلى بالموازنة سيبلغ 251 مليار جنيه ، وليس 509 مليار جنيه ، ونرد عليهم بأن المسؤلين يتجهلون الباب الثامن بالإنفاق بالموازنة ، وهو الخاص بسداد أقساط الديون المحلية والخارجية والبالغ 258 مليار جنيه ، فحساب العجز الكلى يتوقف عند حساب إنفاق سبعة أبواب فقط .

وهناك العديد من الملاحظات على الموازنة الجديدة :

أولا : أن نسبة 44 % من الإنفاق بالموازنة لن يستفيد منها المواطنون ، والتى تمثل تكلفة الدين الحكومى بالموازنة خلال العام المالى ، والبالغة 502 مليار جنيه ، موزعة ما بين 258 مليار جنيهلأقساط الديون، و244 مليار جنيه لفوائد الديون .
ثانيا : أن ما قيل عن زيادة الاهتمامبالجوانب الإجتماعية بالموازنة غير حقيقى ، بدليل أن مخصصات الحماية الإجتماعية البالغة 212 مليار جنيه ، تقل عن مخصصاتها بالموازنة السابقة بحوالى 6 مليار جنيه .
ومن ذلك أيضا أن مخصصات معاش الضمان الاجتماعى التى تم تقديرها بنحو 2ر11 مليار جنيه ، هناك شك كبير فى تحققها ، ففى موازنة العام المالى السابق جرى الحديث عن زيادة عدد المستفدين من معاشات الضمان الاجتماعى ، من 5ر1 مليون أسرة الى 3 مليون أسرة، ورصد 7ر10 مليار جنيه لذلك ، لكن البيان المالى للموازنة يكشف عن انفاق متوقع لهذا الغرض بنحو 6ر6 مليار جنيه فقط، بنقص 1ر4 مليار جنيه عما قيل من قبل .
والأخطر من ذلك فإن الموازنة السابقة التى تحدثت عن مخصصات للحماية الاجتماعية بنحو 217 مليار جنيه، لن يتحق منها سوى 189 مليار جنيه ، بنقص 22 مليار جنيه .
وفى مجال الدعم انخفضت مخصصات الدعم للمواد البترولية ، و لفائدة القروض الميسرة للاسكان ولتجديد التاكسيات القديمة، والدعم للتحول للطاقة النظيفة والدعم لتوصيل الغاز للمنازل عن السنة الماضىة، كما لم تتغير قيمةمخصصات دعم الصعيد ودعم التدريب ودعم المناطق الصناعية ودعم الصادرات عن السنة الماضية .
وفيما يخص مخصصات دعم الفلاحين اتضح أن غالبها يمثل فرق سعر توريد القمح محليا عن سعره عالميا ، وفى دعم الكهرباء لم يتوجه الدعم الى صغار المستهلكين كما نتصور ، ولكنه دعم لسعر الوقود المتجه لمحطات انتاج الكهرباء .
ثالثا : عدم واقعية ما قيل عن خفض العجز بالموازنة الى 251 مليار جنيهتمثل نسبة 9ر8 % من الناتج المحلى ، وهذه لعبة يستطيع أى محاسب مبتدأ أن يلعبها ، من خلال النفخ فى قيمة الايرادات المتوقعة للحصول على رقم أقل للعجز ، بالمقارنة بالمصروفات .
والأمر الثانى هو تضخيم رقم الناتج المحلى المتوقع ، بحيث تسفر قسمة الرقم الأقل للعجز ، على الرقم المتضخم للناتج ، عن الحصول على نسبة عجز متدنية !
فكيف نصدق أن العجز الكلىالمتوقع البالغ251 مليار جنيه ، ونتائج 11 شهر من العام المالى السابق تشير الى بلوغ العجزالكلى 262 مليار جنيه ، بمتوسط شهرى 24مليار جنيه ،أى أنه متوقع خلال العام المالى الماضى بلوغ العجز الكلى حوالى286 مليار جنيه .
وكيف نصدق أن نمو الناتج سيكون بنسبة 5 % ، رغم أن البيان المالى نفسه يتوقع آثارا سلبية على الاقتصاد المصرى نتيجة ضعف الطلب فى أوربا ، وذلك على الصادرات المصرية باعتبار أوربا تمثل الشريك التجارى الأكبر ، وعلى إيرادات قناة السويس ، وعلى السياحة المصرية مع اعتبار أن أوربا تقدم ثلثى عدد السياح الواصلين لمصر .
والجدير بالذكر أن نسبةالنمو المتوقعة للناتج البالغ 2833 مليار جنيه تبلغ 5ر16 % ، وبخصم نسبة التضخم المتوقعة البالغة حوالى 5ر11 % يصل صافى نمو الناتج المتوقع5 %.
رابعا : التقديرات غير الواقعية للإيرادات الضريبية والبالغة 422 مليار جنيه ، بينما النتائج المتوقعة لها خلال العام المالىالماضى 318 مليار جنيه فقط ، بل أن تلك النتائج المتوقعة الفعلية ، تقل عن تقديرات الإيرادات الضريبية عند اعلان موازنة العام المالى السابق والتى بلغت 364 مليار جنيه .
ورغم عدم تحقق المستهدف الضريبى خلال العام المالى الماضى ، فقد زادت تقديرات حصيلة الضرائب المستهدفة بنحو 58 مليار جنيه ، منها لضرائب المبيعات عن تقديراتها بالعام المالى السابق بنحو 41 مليار جنيه ، وزيادة بالجمارك بنحو 7 مليار جنيه ، وزيادة للضرائب العامة بنحو 6 مليار جنيه ، وزيادة 4 مليار جنيه للنوعيات الأخرى من الضرائب .
أما مقارنة تقديرات ايرادات نوعياتالضرائب بالعام المالى الجديد ،بتوقعاتها المتحققة بالعام المالى الماضى ، فتشير الى زيادتها كإجمالى بنسبة 33 % ، ونموها لضرائب المبيعات بنسبة 48 % ، وللضرائب العامة بنمو 22 % ، وللجمارك بنمو27 % رغم صعوبات الاستيراد فى ظل مشاكل تدبير الدولار ، وللنوعيات الأخرى من الضرائب بنمو 62 %
ولقد أكد رئيسين سابقين لمصلحة الضرائب استحالة تحقق تلك التقديرات الضريبية ، فىظل ظروف الركود الحالى وتراجع الصادرات وكثرة المصانعوالشركات المتعثرة وضعف النشاط العقارى ونشاط المقاولات ، ومع زيادة التقديرات الضريبية زادت مخاوف الممولين من عودة التقديرات الجزافية.
خامسا : حفل البيان المالى باستعراض عددا من الأعباء الجديدة التى تصحب الموازنة منها : استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة ، وزيادة الرسوم على بعض الأنشطة والتراخيص والتى لم يتم تحديدها ، ومنها الزيادة فى رسم التنمية ، وتوسيع دائرة تطبيق الضريبة العقارية ، وسوف تؤثر زيادة الرسوم على المناجم والمحاجر فى زيادة أسعار مواد البناء ، كما تحدث وزير المالية فى أحاديث صحفية عن الاتجاه لتقنين كميات الوقود الموزعة بالكروت الذكية مستقبلا .
سادسا : تأجيل تحسين مستوى المعيشة للمواطنين من خلال تحسين خدمات المياه الشربوالصرف الصحى والطرق والكبارى والمستشفيات والمدارس ، حيث بلغت مخصصات الإستثمارات الحكومية 75 مليار جنيه .
لكنه فى ضوء خبرة العام المالى الماضى لا يتوقع تحقق ذلك ، فقد تم استهداف تحقيق 67 مليار جنيه كاستثمارات حكومية خلال العام المالى الماضى ، بينما أشارت البيانات الرسمية لتوقع تحقق 60 مليار جنيه منها فقط .
والجدير بالذكر أن الاستثمارات الحكومية قد نالت نسبة 5ر6 % من الإنفاق العام بالموازنة ، مقابل نسبة 7ر43 % لتكلفة الدين الحكومى من أقساط وفوائد ، وبما يشير الى محدودية مخصصات الاستثمارات ، وطول فترات تنفيذ المشروعات الحكومية ، والتى تزيد تكلفتها مع طول مدة تنفيذها .
الخلاصة : أن بيانات الموازنة مقصود بها الطنطنة الاعلامية خلال الشهور المقبلة ، عن استهداف خفض عجز الموازنة لأقل من 9 % حتى يظن البعض أنه قد تحقق ، دون النظر الى النتائج الفعلية التى ستتحقق والتى ستختلف تماما عن تقديرات الموازنة .
مثلما حدث خلال العام المالى السابق ،طنطنة عن رقم عجز مستهدف وواقع مختلف ، فى ظل غياب برلمان يدقق ويحاسب ، وفى ظل اعلام يطبل ويدافع عن النظام الحالى مهما كانت سوءاته وأخطاءه ، وفى ظل تكميم متزايد للأفواه وتهديدات متصاعدة متنوعة للمخالفين فى الرأى.

المصدر