يحدث فى السودان الآن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يحدث فى السودان الآن
السودان

ليس واضحا ولا مفهوما الهدف من الزيارة التى قام بها للخرطوم الرئيسان حسنى مبارك ومعمر القذافى، ومعهما الرئيس الموريتانى محمد ولد عبدالعزيز.

ذلك اننا إذا استبعدنا ان يكون الهدف هو الحفاظ على وحدة السودان.

وهو الأمر الذى لم يعد واردا الآن، فلا يبقى أمامنا سوى مباركة اتمام الانفصال والدعوة إلى التسريح بإحسان، إذا استخدمنا المصطلح القرآنى الذى يحث عن ايقاع الطلاق مع الحفاظ على كرامة الطرفين وتقليل الخسائر قدر الامكان.

وإذا كان الأمر كذلك، فللمرء أن يتساءل لماذا لم يتحرك أحد خلال الفترة السابقة للدفاع عن وحدة السودان،ولماذا جاء التحرك لمباركة الانفصال؟

وما هى حقيقة الدور الذى قام به العقيد القذافى فى تأجيج الصراعات التى تفتك بالسودان، خصوصا فى دارفور؟

وبماذا يفسر استقبال جوبا، عاصمة الجنوب، لقادة فصائل التمرد فى دارفور فى نفس الوقت الذى كان وفد الرؤساء مجتمعا فى الخرطوم مع الرئيس البشير ونائبه سلفاكير؟

وما هى حصة الولايات المتحدة وإسرائيل فى الجنوب المستقل؟ وما هى طبيعة وحدود الأضرار التى يمكن أن تلحق بمصر جراء ذلك؟ وبماذا تفسر أن الولايات المتحدة بعد ان تكللت جهود مبعوثها إلى السودان بالنجاح النسبى الذى يفترض أن يؤدى إلى الانفصال، فإنها عمدت إلى تعيين مبعوث آخر لدارفور؟

حين كان الرئيس مبارك وصاحباه فى الخرطوم كانت تتفاعل على الأرض العوامل التالية:

● وصل إلى جوبا عاصمة الجنوب حشد كبير من الخبراء الإسرائيليين فى مختلف المجالات من الزراعة والتعدين والاقتصاد إلى الفنون والسياحة والإدارة. وقدر عددهم بنحو ألف خبير تقاطروا خلال الأسابيع الأخيرة.

● أقامت إسرائيل جسرا جويا لنقل السلاح والعتاد فى تل أبيب إلى بانجيه عاصمة أفريقيا الوسطى. ومنها تحمل على الشاحنات إلى جوبا.

● سارعت أديس أبابا إلى انشاء بنك إثيوبى جنوبى فى جوبا، واستنفرت قواتها للتدخل لتثبيت الانفصال إذا لزم الأمر، فى الوقت الذى أوفدت فيه مجموعة من المستشارين للعمل إلى جانب السلطة فى الوضع المستجد.

● أوغندا استنفرت قواتها فى الوقت ذاته لصالح الانفصال، وعقد الرئيس موسيفينى سلسلة من الاجتماعات فى عنتيبى مع مجموعتين احداهما تمثل السلطة فى الجنوب، والأخرى تمثل جماعات التمرد فى دارفور.

● استقبلت إسرائيل خمسة آلاف عنصر من المتمردين فى دارفور لتدريبهم عسكريا، بعدما أقامت فصائل التمرد تحالفا للتنسيق فيما بينها، استعدادا للتعامل مع المرحلة التى تعقب الانفصال.

هذه بعض المعلومات التى حصلتها من مصادر على صلة بمتابعة المشهد السودانى، وهى تعنى أن القادم بعد الانفصال سيكون أخطر وأبعد أثرا مما نتصور. وانه عند الحد الأدنى ــ وهذا كلامهم ــ فإن الجنوب سيتحول إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية. وان هذا النموذج يراد له أن يتكدر فى دارفور. التى تستعد الآن للانتقال إلى تمثل النموذج الجنوبى وتعيين مبعوث أمريكى للتعامل مع ملف دارفور إشارة واضحة إلى ذلك.

ناقشت الأمر مع أحد أبرز الخبراء السودانيين فوجدته مؤيدا لذلك الاستنتاج. وأدهشنى قوله ان الأمر لو توقف عند ذلك الحد فإن السودان لن يتضرر كثيرا، وان قطاعات عريضة من السودانيين أصبحت على استعداد للقبول بالوضع الذى سيستجد إذا تم الانفصال، وان هناك من بات يقول ان العلاقات بين الشمال والجنوب فى الوضع المستجد ربما صارت أفضل مما كانت عليه فى السابق.

أما الأمر الأخطر والذى ييستحق انتباهنا حقا فهو أن مصر ستكون المتضرر الأكبر مما سيحدث، لأن وجود القاعدة الإسرائيلية سيظل عنصرا ضاغطا عليها دائما. ثم ان الدولة المستجدة ستكون لها كلمة فيما يخص المياه، وبالتالى فإنه من الناحية الاستراتيجية فإن انفصال الجنوب سيعد انقلابا فى الخرائط الاستراتيجية، ليس واضحا أن مصر مكترثة به ناهيك عن ان تكون متحسبة له.

ليس لدى تعليق على هذا الكلام، ولكنى لدى أسئلة متعددة بخصوصه، لا أعرف إلى من أوجهها، فضلا عن اننى لم أعد واثقا من صواب الرؤية الاستراتيجية المصرية، حتى صرت اتشكك أحيانا فى ان هناك رؤية أساسا. واتمام الزيارة الرئاسية وسط التحولات الخطيرة الحاصلة فى الجنوب أبلغ دليل على ذلك.