الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإخوان المسلمون والأقباط (1)»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
<center>'''[[الإخوان المسلمون]] والأقباط (1)'''</center>
'''<center><font color="blue"><font size=5> [[الإخوان المسلمون]] والأقباط (1) </font></font></center>'''


'''بقلم: عبده مصطفى دسوقي'''


'''بقلم: عبده مصطفى دسوقي'''


== مقدمة ==
[[ملف:الإخوان-المسلمون-والأقباط-(1).jpg|210بك|يسار]]
[[الإخوان المسلمون]] وعلاقتهم بالأقباط قضية يستخدمها أعداء الوحدة الوطنية ليشيعوا الفرقةَ ويؤججوا نار الفتنة بين نسيج المجتمع المصري، ولتكون ورقة ضغطٍ على [[الإخوان]] في التعامل مع بعض القضايا؛ فما إن يحدث شيء حتى تخرج الأقلام لتضرم نار الحقد في نفوس أبناء الوطن الواحد بهدف إشاعة الفوضى، وزرع الحقد والبغضاء في نفوس الإخوة الأقباط، وتخويفهم من [[الإخوان]] وما يحمله [[الإخوان]] من فهمٍ شاملٍ وعادلٍ للإسلام، وخوَّف هؤلاء على مصالحهم إذا حدثت ألفة ووحدة بين المسلمين والأقباط.
[[الإخوان المسلمون]] وعلاقتهم بالأقباط قضية يستخدمها أعداء الوحدة الوطنية ليشيعوا الفرقةَ ويؤججوا نار الفتنة بين نسيج المجتمع المصري، ولتكون ورقة ضغطٍ على [[الإخوان]] في التعامل مع بعض القضايا؛ فما إن يحدث شيء حتى تخرج الأقلام لتضرم نار الحقد في نفوس أبناء الوطن الواحد بهدف إشاعة الفوضى، وزرع الحقد والبغضاء في نفوس الإخوة الأقباط، وتخويفهم من [[الإخوان]] وما يحمله [[الإخوان]] من فهمٍ شاملٍ وعادلٍ للإسلام، وخوَّف هؤلاء على مصالحهم إذا حدثت ألفة ووحدة بين المسلمين والأقباط.


[[ملف:الإخوان-المسلمون-والأقباط-(1).jpg|210بك|يسار]]
غير أنه إذا نظرنا لم نجد لهذه الإشكالية أي أساس في تاريخ جماعة [[الإخوان]] منذ نشأتها حتى وقتنا هذا، وأن [[الإخوان]] والأقباط كانت الحياة تسير بينهم رغيدة، بل كان كثير من أعضاء اللجنة السياسية التي كوَّنها الإمام البنا كانت من الأقباط، وليس ذلك فحسب، بل كان مندوبه في انتخابات عام 1945م في لجنة سانت كاترين هو الخواجة خريستو أحد المسيحيين، وهي اللجنة الوحيدة التي سلمت من التزوير وفاز فيها الإمام [[البنا]] بنسبة 100%، ناهيك عن التعاون بين الإمام [[البنا]] و[[الإخوان]] من جهة وبين الأقباط في وأد كثير من الفتن الطائفية التي اندلعت، مثل حادث الزقازيق والذي سنتحدث عنه، وحادث الزاوية الحمراء والتي استطاع الأستاذ [[التلمساني]] وقت أن كان مرشدًا أن يقضيَ على هذه الفتنة وغيرها من أوجه التعاون التي يشهد عليها التاريخ بين [[الإخوان]] والأقباط.
غير أنه إذا نظرنا لم نجد لهذه الإشكالية أي أساس في تاريخ جماعة [[الإخوان]] منذ نشأتها حتى وقتنا هذا، وأن [[الإخوان]] والأقباط كانت الحياة تسير بينهم رغيدة، بل كان كثير من أعضاء اللجنة السياسية التي كوَّنها الإمام البنا كانت من الأقباط، وليس ذلك فحسب، بل كان مندوبه في انتخابات عام 1945م في لجنة سانت كاترين هو الخواجة خريستو أحد المسيحيين، وهي الجنة الوحيدة التي سلمت من التزوير وفاز فيها الإمام [[البنا]] بنسبة 100%، ناهيك عن التعاون بين الإمام [[البنا]] و[[الإخوان]] من جهة وبين الأقباط في وأد كثير من الفتن الطائفية التي اندلعت، مثل حادث الزقازيق والذي سنتحدث عنه، وحادث الزاوية الحمراء والتي استطاع الأستاذ [[التلمساني]] وقت أن كان مرشدًا أن يقضيَ على هذه الفتنة وغيرها من أوجه التعاون التي يشهد عليها التاريخ بين [[الإخوان]] والأقباط.




سطر ١٣: سطر ١٤:


قبل أن نتحدث عن علاقة [[الإخوان]] عامةً بالأقباط ومدى التعاون بينهم في وأد الفتن الطائفية التي كان ينفخ فيها الاحتلال الأجنبي ليسعِّر النار بين الطرفين، لا بد أن نلقيَ الضوء على مدى اهتمام الإمام البنا بالأقباط في فكره، وطريقة التخاطب بين الطرفين حتى نستشف منها كيف كانت العلاقة تسير بين مؤسس الجماعة والأقباط حتى طبع ذلك على سلوكيات [[الإخوان]] نحو إخوانهم الأقباط.
قبل أن نتحدث عن علاقة [[الإخوان]] عامةً بالأقباط ومدى التعاون بينهم في وأد الفتن الطائفية التي كان ينفخ فيها الاحتلال الأجنبي ليسعِّر النار بين الطرفين، لا بد أن نلقيَ الضوء على مدى اهتمام الإمام البنا بالأقباط في فكره، وطريقة التخاطب بين الطرفين حتى نستشف منها كيف كانت العلاقة تسير بين مؤسس الجماعة والأقباط حتى طبع ذلك على سلوكيات [[الإخوان]] نحو إخوانهم الأقباط.


ومن خلال رسائل الإمام [[البنا]] إلى بطريرك الكنيسة وأساقفتها وردهم عليها يتضح مدى العلاقة بين الطرفين؛ ففي إحدى الرسائل التي أرسلها الأستاذ [[حسن البنا]] [[المرشد العام]] إلى الأنبا "يؤنس" بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر.
ومن خلال رسائل الإمام [[البنا]] إلى بطريرك الكنيسة وأساقفتها وردهم عليها يتضح مدى العلاقة بين الطرفين؛ ففي إحدى الرسائل التي أرسلها الأستاذ [[حسن البنا]] [[المرشد العام]] إلى الأنبا "يؤنس" بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر.


ولأن المنكوبين الأحباش كانوا في أغلبهم من المسيحيين الأرثوذكس، وكانت الكنيسة الحبشية تابعةً آنذاك للكنيسة المصرية، وكان الأنبا يؤانس بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، وكان هو الرئيس الأول للجنة مساعدة الأحباش، وحرصًا من الإمام [[البنا]] على عدم إثارة حساسية دينية فقد وجَّه رسالةً للغرض نفسه إلى الأنبا يؤنس؛ يخاطب فيها حسه الديني، ويذكِّر فيها أن ضحايا اليهود في [[فلسطين]] إنما هم المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وأيدي اليهود خربت ديارهم، وعطلت مصالحهم، وقُضي على موارد أرزاقهم، وبيت المقدس هو بيت القصيد من هذا العدوان الصارخ، ويحاول اليهود بعملهم هذا أن يستولوا عليه، وعلى غيره من الأماكن المقدسة التي أجمع المسلمون والمسيحيون على تقديسها وإكبارها والذود عنها.
ولأن المنكوبين الأحباش كانوا في أغلبهم من المسيحيين الأرثوذكس، وكانت الكنيسة الحبشية تابعةً آنذاك للكنيسة المصرية، وكان الأنبا يؤانس بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، وكان هو الرئيس الأول للجنة مساعدة الأحباش، وحرصًا من الإمام [[البنا]] على عدم إثارة حساسية دينية فقد وجَّه رسالةً للغرض نفسه إلى الأنبا يؤنس؛ يخاطب فيها حسه الديني، ويذكِّر فيها أن ضحايا اليهود في [[فلسطين]] إنما هم المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وأيدي اليهود خربت ديارهم، وعطلت مصالحهم، وقُضي على موارد أرزاقهم، وبيت المقدس هو بيت القصيد من هذا العدوان الصارخ، ويحاول اليهود بعملهم هذا أن يستولوا عليه، وعلى غيره من الأماكن المقدسة التي أجمع المسلمون والمسيحيون على تقديسها وإكبارها والذود عنها.


ثم بيَّن الغرض الأساسي من الرسالة فيقول: "ونحن في مصر- مع الأسف الشديد- لا نملك إلا أن نقدم ما تسخو به الأكف من مالٍ لمساعدة هؤلاء الأبطال الذين ألمَّت بهم الفاقة، حتى إن لجنة التموين والإغاثة ب[[القدس]] تصرف يوميًّا مائة وأربعين قنطارًا من الدقيق لإطعام الجائعين، ومن أجل ذلك توجهنا إلى غبطتكم راجين أن تشملوا هؤلاء المجاهدين الأبطال بعطفكم الأبوي، فتأمروا بإمداد أبناء [[فلسطين]] ما تبقَّى من أموال لجنة مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية العليا ب[[القدس]]، ونعتقد أن حضرات أعضاء اللجنة الكرام يسرهم أن يحققوا هذا الرجاء؛ فيكونوا بذلك قد قاموا بخدمة الجارتين العزيزتين في وقتٍ واحد، في محنة متشابهة، وإن رأيتم فضلاً عن ذلك أن تتكرموا بدعوة المحسنين من المصريين بالتبرع لهذا الغرض النبيل فهو العهد بكم، والمأمول فيكم وكان لكم الشكر مضاعفًا".
ثم بيَّن الغرض الأساسي من الرسالة فيقول: "ونحن في مصر- مع الأسف الشديد- لا نملك إلا أن نقدم ما تسخو به الأكف من مالٍ لمساعدة هؤلاء الأبطال الذين ألمَّت بهم الفاقة، حتى إن لجنة التموين والإغاثة ب[[القدس]] تصرف يوميًّا مائة وأربعين قنطارًا من الدقيق لإطعام الجائعين، ومن أجل ذلك توجهنا إلى غبطتكم راجين أن تشملوا هؤلاء المجاهدين الأبطال بعطفكم الأبوي، فتأمروا بإمداد أبناء [[فلسطين]] ما تبقَّى من أموال لجنة مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية العليا ب[[القدس]]، ونعتقد أن حضرات أعضاء اللجنة الكرام يسرهم أن يحققوا هذا الرجاء؛ فيكونوا بذلك قد قاموا بخدمة الجارتين العزيزتين في وقتٍ واحد، في محنة متشابهة، وإن رأيتم فضلاً عن ذلك أن تتكرموا بدعوة المحسنين من المصريين بالتبرع لهذا الغرض النبيل فهو العهد بكم، والمأمول فيكم وكان لكم الشكر مضاعفًا".


'''وفي رسالةٍ أخرى أرسلها إلى غبطة البطريرك التي جاء فيها:'''
وفي رسالةٍ أخرى أرسلها إلى غبطة البطريرك التي جاء فيها:


"حضرة صاحب الغبطة الأنبا يوساب بطريرك الأقباط الأرثوذكس
"حضرة صاحب الغبطة الأنبا يوساب بطريرك الأقباط الأرثوذكس
سطر ٣٢: سطر ٢٩:
فأكتب إلى غبطتكم وأنا معتكف لمرض ألمَّ بي, أذهلني ما يكتب وما يقال اليوم حول وحدة عنصري الأمة المصرية, تلك الوحدة التي فرضتها الأديان السماوية وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية ولن تستطيع أن تمتد إليها يد أو لسان، وكما- يا صاحب الغبطة- أن الإسلام فُرِضَ على المؤمنين به أن يؤمنوا بكل نبي سبق, وبكل كتاب نزل, وبكل شريعة مضت, معلنًا أن بعضها يكمل بعضًا, وأنها جميعًا دين الله وشرعته, وأن من واجب المؤمنين أن يتوحدوا عليها وألا يتفرقوا فيها '''﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾''' (الشورى: من الآية 13)، كما أنه دعا المسلمين وحثهم أن يبروا مواطنيهم, وأن يقسطوا إليهم, وأن يكون شعار التعامل بين الجميع التعاون والإحسان '''﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾''' (الممتحنة: 8).
فأكتب إلى غبطتكم وأنا معتكف لمرض ألمَّ بي, أذهلني ما يكتب وما يقال اليوم حول وحدة عنصري الأمة المصرية, تلك الوحدة التي فرضتها الأديان السماوية وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية ولن تستطيع أن تمتد إليها يد أو لسان، وكما- يا صاحب الغبطة- أن الإسلام فُرِضَ على المؤمنين به أن يؤمنوا بكل نبي سبق, وبكل كتاب نزل, وبكل شريعة مضت, معلنًا أن بعضها يكمل بعضًا, وأنها جميعًا دين الله وشرعته, وأن من واجب المؤمنين أن يتوحدوا عليها وألا يتفرقوا فيها '''﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾''' (الشورى: من الآية 13)، كما أنه دعا المسلمين وحثهم أن يبروا مواطنيهم, وأن يقسطوا إليهم, وأن يكون شعار التعامل بين الجميع التعاون والإحسان '''﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾''' (الممتحنة: 8).


على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختص قبط مصر بوصيته الطيبة, حين قال: "فاستوصوا بقبطها خيرًا؛ فإن لكم عليهم رحمًا", وأشار القرآن في صراحة إلى عاطفة المودة المتبادلة بين أهل الدينين في قوله: '''﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾''' (المائدة: من الآية 82).
على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختص قبط مصر بوصيته الطيبة, حين قال: "فاستوصوا بقبطها خيرًا؛ فإن لكم عليهم رحمًا", وأشار القرآن في صراحة إلى عاطفة المودة المتبادلة بين أهل الدينين في قوله: '''﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾''' (المائدة: من الآية 82).


وما جاء الإنجيل إلا لتقرير روح المحبة والسلام والتعاطف بين الناس, حتى إنه ليدعوهم إلى أن يحبوا أعداءهم, ويباركوا لاعنيهم, ويصلوا من أجل الذين يبغضونهم، وبذلك وحده تكون على الأرض المسرة وفي الناس السلام.
وما جاء الإنجيل إلا لتقرير روح المحبة والسلام والتعاطف بين الناس, حتى إنه ليدعوهم إلى أن يحبوا أعداءهم, ويباركوا لاعنيهم, ويصلوا من أجل الذين يبغضونهم، وبذلك وحده تكون على الأرض المسرة وفي الناس السلام.


هذه الحقائق نؤمن بها ونعمل على أساسها, ويدعو [[الإخوان المسلمون]] إليها, وقد بعث [[مكتب الإرشاد]] العام إلى شُعَبه, خلال هذا الأسبوع, بنشرةٍ يذكر فيها الواجب المقدس الذي حتم على كل مسلم أن يعمل ما وسعه العمل على تدعيم هذه الوحدة القومية وتوثيق هذه الرابطة الوطنية.
هذه الحقائق نؤمن بها ونعمل على أساسها, ويدعو [[الإخوان المسلمون]] إليها, وقد بعث [[مكتب الإرشاد]] العام إلى شُعَبه, خلال هذا الأسبوع, بنشرةٍ يذكر فيها الواجب المقدس الذي حتم على كل مسلم أن يعمل ما وسعه العمل على تدعيم هذه الوحدة القومية وتوثيق هذه الرابطة الوطنية.


وإني لشديد الأسف لوقوع مثل هذه الحوادث التي لا يمكن مطلقًا أن تقع من [[الإخوان المسلمين]], أو من أي مسلم أو مسيحي متدين عاقل, غيور على دينه ووطنه وقومه، والتي هي- ولا شك- من تدبير ذوي الأغراض السيئة, الذين يحاولون أن يصطادوا في الماء العكر، وأن يسيئوا إلى قضية الوطن في هذه الساعات الحرجة, والظروف الدقيقة من تاريخه.
وإني لشديد الأسف لوقوع مثل هذه الحوادث التي لا يمكن مطلقًا أن تقع من [[الإخوان المسلمين]], أو من أي مسلم أو مسيحي متدين عاقل, غيور على دينه ووطنه وقومه، والتي هي- ولا شك- من تدبير ذوي الأغراض السيئة, الذين يحاولون أن يصطادوا في الماء العكر، وأن يسيئوا إلى قضية الوطن في هذه الساعات الحرجة, والظروف الدقيقة من تاريخه.


ومن حسن الحظ أنهم لا يوفقون إلى شيء- ولن يوفقوا بإذن الله- ولم يعد أمر هذه الحوادث الصبيانية التافهة التي نأسف لها جميعًا, والتي أرجو أن نعمل جميعًا متعاونين على عدم تكراراها؛ صيانةً لهذه الوحدة الخالدة بين عنصرَي الأمة وبهذا التعاون المشترك يرد كيد الكائدين, وتعلو كلمة الوطنيين العاملين المخلصين.
ومن حسن الحظ أنهم لا يوفقون إلى شيء- ولن يوفقوا بإذن الله- ولم يعد أمر هذه الحوادث الصبيانية التافهة التي نأسف لها جميعًا, والتي أرجو أن نعمل جميعًا متعاونين على عدم تكراراها؛ صيانةً لهذه الوحدة الخالدة بين عنصرَي الأمة وبهذا التعاون المشترك يرد كيد الكائدين, وتعلو كلمة الوطنيين العاملين المخلصين.


وفَّق الله الجميع لخير ما يحب ويرضى, وهو نعم المولى ونعم النصير.
وفَّق الله الجميع لخير ما يحب ويرضى, وهو نعم المولى ونعم النصير.


سطر ٥٤: سطر ٤٥:
القاهرة مستشفى الروضة 17 جمادى الأولى 1366هـ، 9 أبريل 1947م"
القاهرة مستشفى الروضة 17 جمادى الأولى 1366هـ، 9 أبريل 1947م"


كما أرسل إلى وكيل المجلس الملي برسالة جاء فيها:
'''كما أرسل إلى وكيل المجلس الملي برسالة جاء فيها:'''


"حضرة صاحب السعادة الدكتور إبراهيم فهمي المنياوي باشا وكيل المجلس الملي
"حضرة صاحب السعادة الدكتور إبراهيم فهمي المنياوي باشا وكيل المجلس الملي
سطر ٦١: سطر ٥٢:


فقد قرأت بـ(أهرام) الأمس- وأنا بالمستشفى- بيانكم القيم ونداءكم الحكيم الذي تهيبون فيه بأبناء الأمة أن يعملوا جاهدين على صيانة وحدتهم الخالدة, وإني لأضم صوتي إلى صوتكم في هذا المقصد الكريم، راجيًا أن يقدر أبناء أمتنا العزيزة ما يحيط بها من ظروف دقيقة في هذه الساعة الحرجة من تاريخها, وأن يحولوا بكل جهودهم دون وقوع أمثال هذه الحوادث الصبيانية التي لا يقرها دين ولا تتفق مع مصلحة أحد، والتي أؤكد لسعادتكم شدة أسفي لوقوعها واعتقادي أنها ليست إلا من تدبير المغرضين الذين يحيكون المكائد لهذا البلد في الظلام؛ يريدون أن يصطادوا في الماء العكر.
فقد قرأت بـ(أهرام) الأمس- وأنا بالمستشفى- بيانكم القيم ونداءكم الحكيم الذي تهيبون فيه بأبناء الأمة أن يعملوا جاهدين على صيانة وحدتهم الخالدة, وإني لأضم صوتي إلى صوتكم في هذا المقصد الكريم، راجيًا أن يقدر أبناء أمتنا العزيزة ما يحيط بها من ظروف دقيقة في هذه الساعة الحرجة من تاريخها, وأن يحولوا بكل جهودهم دون وقوع أمثال هذه الحوادث الصبيانية التي لا يقرها دين ولا تتفق مع مصلحة أحد، والتي أؤكد لسعادتكم شدة أسفي لوقوعها واعتقادي أنها ليست إلا من تدبير المغرضين الذين يحيكون المكائد لهذا البلد في الظلام؛ يريدون أن يصطادوا في الماء العكر.


وأنتهز هذه الفرصة فأعتب على سعادتكم- العتب محمود عواقبه- في قولكم: "وإنهم مهما اشتدت عليهم وطأة المظالم والاضطهادات فلن يقبلوا أن يحميَهم أو أن يرفع الغبن عنهم إلا ملك مصر ودستور مصر وحكومة مصر"، فإني لا أظن أحدًا من المصريين يدور بخلده أن يكون مواطنه موضع ظلم أو اضطهاد،  ولن يكون هؤلاء المواطنون الفضلاء إلا موضع تكريم وإعزاز وبِرٍّ إحسان.
وأنتهز هذه الفرصة فأعتب على سعادتكم- العتب محمود عواقبه- في قولكم: "وإنهم مهما اشتدت عليهم وطأة المظالم والاضطهادات فلن يقبلوا أن يحميَهم أو أن يرفع الغبن عنهم إلا ملك مصر ودستور مصر وحكومة مصر"، فإني لا أظن أحدًا من المصريين يدور بخلده أن يكون مواطنه موضع ظلم أو اضطهاد،  ولن يكون هؤلاء المواطنون الفضلاء إلا موضع تكريم وإعزاز وبِرٍّ إحسان.


وأعود فأشكر لسعادتكم ما ختمتم به نداءكم المخلص من قولكم "بأنه يجب على المصريين أن يفهموا أن السيادة الأجنبية أو التحكم الدولي عرض سيزول، أما الشيء الذي سيبقى فهو أن أبناء مصر على اختلاف عقائدهم سيحيون ويجاهدون دائمًا جنبًا إلى جنب، ثم يرقدون في النهاية جنبًا إلى جنب في التربة المصرية".
وأعود فأشكر لسعادتكم ما ختمتم به نداءكم المخلص من قولكم "بأنه يجب على المصريين أن يفهموا أن السيادة الأجنبية أو التحكم الدولي عرض سيزول، أما الشيء الذي سيبقى فهو أن أبناء مصر على اختلاف عقائدهم سيحيون ويجاهدون دائمًا جنبًا إلى جنب، ثم يرقدون في النهاية جنبًا إلى جنب في التربة المصرية".


سائلاً الله تبارك وتعالى أن يوفِّق الجميع لخير هذا الوطن العزيز.
سائلاً الله تبارك وتعالى أن يوفِّق الجميع لخير هذا الوطن العزيز.


سطر ٨٩: سطر ٧٧:
شفاكم الله وأسبغ عليكم ثوب العافية.
شفاكم الله وأسبغ عليكم ثوب العافية.


ولقد قرأنا الكتاب فصادف ارتياحنا ما جاء فيه عن وحدة عنصرَي الأمة، ولعل من الحق أن يقال أن الأمة عنصر واحد؛ لأن افتراق الدين لا يصح أن يطغى على وحدة الدم واتفاق الصفات الخلقية والاشتراك في العادات والأفكار والمصالح الدنيوية، وقد صدقتم في قولكم: "إن هذه الوحدة فرضتها الأديان وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية، وما عقدته يد الله لا تحل من عروته أيدي الناس"؛ فإن ذلك من الحقائق التي يدركها الأقباط حقَّ إدراك ويحرصون عليها ويذودون عن هذه الوحدة بأعز ما يمتلكون؛ لأنهم يذودون بذلك عن شرف وطنهم ومجد أمتهم.
ولقد قرأنا الكتاب فصادف ارتياحنا ما جاء فيه عن وحدة عنصرَي الأمة، ولعل من الحق أن يقال أن الأمة عنصر واحد؛ لأن افتراق الدين لا يصح أن يطغى على وحدة الدم واتفاق الصفات الخلقية والاشتراك في العادات والأفكار والمصالح الدنيوية، وقد صدقتم في قولكم: "إن هذه الوحدة فرضتها الأديان وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية، وما عقدته يد الله لا تحل من عروته أيدي الناس"؛ فإن ذلك من الحقائق التي يدركها الأقباط حقَّ إدراك ويحرصون عليها ويذودون عن هذه الوحدة بأعز ما يمتلكون؛ لأنهم يذودون بذلك عن شرف وطنهم ومجد أمتهم.


وليس للأقباط من بغية إلا أن يعيشوا مع مواطنيهم على أتم ما يكون من الصفاء والوفاء من جانبهم عملاً بوصايا إنجيلهم وأوامر كتابهم, وإذا كانت لهم أمنية أخرى فهي أن تكون العدالة والمساواة واحترام الحريات الدستورية أساسًا لكل معاملة لتتم السعادة بذلك لجميع أبناء الأمة ويبسط الأمن والسلام رواقهما على البلاد.
وليس للأقباط من بغية إلا أن يعيشوا مع مواطنيهم على أتم ما يكون من الصفاء والوفاء من جانبهم عملاً بوصايا إنجيلهم وأوامر كتابهم, وإذا كانت لهم أمنية أخرى فهي أن تكون العدالة والمساواة واحترام الحريات الدستورية أساسًا لكل معاملة لتتم السعادة بذلك لجميع أبناء الأمة ويبسط الأمن والسلام رواقهما على البلاد.


أما ما اقتبسوه من الآيات القرآنية والحديث الشريف فمن شأنه حقًّا أن ينير الأذهان ويبث مكارم الأخلاق إذا عمَّت معرفته بين جميع الأوساط, ولا سيما التي تحتاج إلى مزيدٍ من التأدب بهذا الأدب الديني الرفيع وإذا سار على هديه الحكام والمحكومون, وبذلك تتوثق عرى علاقات الإخاء والمودة بين المسلمين والأقباط، وبذلك فقد أحسنتم صنعًا بالنشرة التي قلتم إن [[مكتب الإرشاد]] العام بعث بها إلى فروعه، وبيَّن فيها ما على كل أخ مسلم من واجب مقدس في أن يعمل جهد طاقته لدعم هذه الوحدة القومية وتعزيز أواصر الرابطة الوطنية؛ ففي ذلك عنوان على رقي الأمة, ودليلٌ على نضج تربيتها السياسية.
أما ما اقتبسوه من الآيات القرآنية والحديث الشريف فمن شأنه حقًّا أن ينير الأذهان ويبث مكارم الأخلاق إذا عمَّت معرفته بين جميع الأوساط, ولا سيما التي تحتاج إلى مزيدٍ من التأدب بهذا الأدب الديني الرفيع وإذا سار على هديه الحكام والمحكومون, وبذلك تتوثق عرى علاقات الإخاء والمودة بين المسلمين والأقباط، وبذلك فقد أحسنتم صنعًا بالنشرة التي قلتم إن [[مكتب الإرشاد]] العام بعث بها إلى فروعه، وبيَّن فيها ما على كل أخ مسلم من واجب مقدس في أن يعمل جهد طاقته لدعم هذه الوحدة القومية وتعزيز أواصر الرابطة الوطنية؛ ففي ذلك عنوان على رقي الأمة, ودليلٌ على نضج تربيتها السياسية.


ولا يسعنا إلا أن نتضرَّع إلى المولى جلت قدرته أن يرعى الكنانة بعين عنايته ويجنِّبها مساوئ الخصومات الداخلية الوخيمة العواقب, ويديم على سكان الوادي نعمة المحبة والاتحاد في ظل رعاية المصري الأول جلالة الفاروق الملك العادل أطال الله عمره وأعزَّ به أمته وبوأها مكانًا عاليًا بين الأمم في عهد ملكه المبارك.
ولا يسعنا إلا أن نتضرَّع إلى المولى جلت قدرته أن يرعى الكنانة بعين عنايته ويجنِّبها مساوئ الخصومات الداخلية الوخيمة العواقب, ويديم على سكان الوادي نعمة المحبة والاتحاد في ظل رعاية المصري الأول جلالة الفاروق الملك العادل أطال الله عمره وأعزَّ به أمته وبوأها مكانًا عاليًا بين الأمم في عهد ملكه المبارك.


واقبلوا سلامنا وأطيب تمنياتنا
واقبلوا سلامنا وأطيب تمنياتنا


سطر ١٠٨: سطر ٩٠:


يوساب الثاني"
يوساب الثاني"


ولقد تبادل [[الإخوان]] والأقباط التهانيَ في الأعياد؛ فقد أرسل فضيلة المرشد العام إلى حبيب المصري باشا رئيس جمعية التوفيق القبطية البرقية التالية: "تلقيت بيد الشكر دعوتكم الكريمة لحضور احتفال النيروز المصري اليوم (الأربعاء)، وكان يسعدني أن أحضر بنفسي لولا أني مريض منذ يومين، وقد أنبت عني الأستاذ عبده قاسم سكرتير عام الإخوان المسلمين.. مع أطيب التمنيات".
ولقد تبادل [[الإخوان]] والأقباط التهانيَ في الأعياد؛ فقد أرسل فضيلة المرشد العام إلى حبيب المصري باشا رئيس جمعية التوفيق القبطية البرقية التالية: "تلقيت بيد الشكر دعوتكم الكريمة لحضور احتفال النيروز المصري اليوم (الأربعاء)، وكان يسعدني أن أحضر بنفسي لولا أني مريض منذ يومين، وقد أنبت عني الأستاذ عبده قاسم سكرتير عام الإخوان المسلمين.. مع أطيب التمنيات".


فتلقى المرشد العام ردًّا من حبيب المصري جاء فيه: "أشكر فضيلتكم كل الشكر لبرقيتكم الرقيقة وانتدابكم سكرتير [[الإخوان]] لحضور حفل الجمعية داعيًا لكم بالصحة الموفورة".
فتلقى المرشد العام ردًّا من حبيب المصري جاء فيه: "أشكر فضيلتكم كل الشكر لبرقيتكم الرقيقة وانتدابكم سكرتير [[الإخوان]] لحضور حفل الجمعية داعيًا لكم بالصحة الموفورة".


وفي حديثٍ للأستاذ [[البنا]] مع مستر سبنسر المراسل الحربي الأمريكي وجَّه إليه المراسل سؤالاً حول وضع الأقليات غير المسلمة في بلد إسلامي، وهل يحاربون أو يلزمون بدفع الجزية، فأوضح له الأستاذ البنا أن نظرة الإسلام لهذا الموضوع نظرة التسامح الكامل والوحدة؛ فقد قال الله تعالى: '''﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾''' (الممتحنة: من الآية 8)، هذا إلى جانب الروح العام في الإسلام لتقديس الأديان جميعًا يجعلنا لا نشعر بوجود مسلمٍ وغير مسلم، بل الجميع يتعاونون على خير الوطن, وأن من يحاول فعل غير ما جاء من الإسلام حول علاقة المسلم بالقبطي؛ فهم ليسوا من [[الإخوان]] بأي حال من الأحوال.
وفي حديثٍ للأستاذ [[البنا]] مع مستر سبنسر المراسل الحربي الأمريكي وجَّه إليه المراسل سؤالاً حول وضع الأقليات غير المسلمة في بلد إسلامي، وهل يحاربون أو يلزمون بدفع الجزية، فأوضح له الأستاذ البنا أن نظرة الإسلام لهذا الموضوع نظرة التسامح الكامل والوحدة؛ فقد قال الله تعالى: '''﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾''' (الممتحنة: من الآية 8)، هذا إلى جانب الروح العام في الإسلام لتقديس الأديان جميعًا يجعلنا لا نشعر بوجود مسلمٍ وغير مسلم، بل الجميع يتعاونون على خير الوطن, وأن من يحاول فعل غير ما جاء من الإسلام حول علاقة المسلم بالقبطي؛ فهم ليسوا من [[الإخوان]] بأي حال من الأحوال.


ولقد أزاح الأستاذ لويس فانوس النائب القبطي بمجلس الشيوخ حقيقة علاقة الأقباط ب[[الإخوان]], وطلب من الحكومة التعاون مع جمعية [[الإخوان المسلمين]]؛ إذ إنها الهيئة الوحيدة التي تعمل على تنوير الأذهان وإيقاظ الوعي الشعبي في النفوس ونشر المبادئ السليمة والدين الصحيح والأخلاق الفاضلة.
ولقد أزاح الأستاذ لويس فانوس النائب القبطي بمجلس الشيوخ حقيقة علاقة الأقباط ب[[الإخوان]], وطلب من الحكومة التعاون مع جمعية [[الإخوان المسلمين]]؛ إذ إنها الهيئة الوحيدة التي تعمل على تنوير الأذهان وإيقاظ الوعي الشعبي في النفوس ونشر المبادئ السليمة والدين الصحيح والأخلاق الفاضلة.


سطر ١٢٥: سطر ١٠٣:
وفي الحلقات القادمة نلقي الضوء على طبيعة العلاقة بين الطرفين من الجهة العملية، وكيف أن [[الإخوان]] والأقباط تعاونا ضد المستعمر وضد مؤججي نار الفتنة وسط الأمة.
وفي الحلقات القادمة نلقي الضوء على طبيعة العلاقة بين الطرفين من الجهة العملية، وكيف أن [[الإخوان]] والأقباط تعاونا ضد المستعمر وضد مؤججي نار الفتنة وسط الأمة.


== موضوعات ذات صلة ==
<div class="reflist4" style="height: 600px; overflow: auto; padding: 3px" >
'''الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين'''
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان (الإخوان وتطبيق الشريعة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الأولى)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الثانية)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الثالثة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الرابعة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الخامسة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة السادسة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة السابعة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة التاسعة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة العاشرة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الحادية عشرة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الثانية عشرة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الثالثة عشرة)]]
*[[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الرابعة عشرة)]]
'''الإخوان المسلمون من النشأة إلي الحل'''
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الأولى ]]
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الثانية]]
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الثالثة]]
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الرابعة]]
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الخامسة]]
*[[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة السادسة]]
'''الإخوان المسلمون والأزهر الشريف'''
*[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (1) ]]
*[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (2)]]
*[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (3)]]
*[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (4)]]
*[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (الحلقة الأخيرة)]]
'''الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية'''
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (1)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (2)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (3)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (4)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (5)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (6)]]
*[[الإخوان المسلمون والسياسة الحزبية (7)]]
'''الإخوان المسلمون والأقباط'''
*[[الإخوان المسلمون والأقباط (1)]]
*[[ الإخوان المسلمون والأقباط (2)]]
'''الإخوان المسلمون وأسباب الصدام مع الأنظمة المتعاقبة'''
*[[الإخوان المسلمون وأسباب الصدام مع الأنظمة المتعاقبة (1-2)]]
*[[الإخوان المسلمون وأسباب الصدام مع الأنظمة المتعاقبة (2-2)]]
'''الإخوان المسلمون واليهود'''
*[[الإخوان المسلمون واليهود (1)]]
*[[الإخوان المسلمون واليهود (2)]]
'''الإخوان المسلمون وعلاقتهم بجمعية الشبان المسلمين'''
*[[الإخوان المسلمون وعلاقتهم بجمعية الشبان المسلمين (1)]]
*[[الإخوان المسلمون وعلاقتهم بجمعية الشبان المسلمين (2)]]
'''الإخوان وإصلاح التعليم'''
*[[الإخوان وإصلاح التعليم (1)]]
*[[الإخوان وإصلاح التعليم.. مواجهة التبشير في المدارس الأجنبية (2)]]
*[[الإخوان وإصلاح التعليم المدني (3)]]
*[[الإخوان وإصلاح التعليم الأزهري (4)]]
'''الإخوان ونصرة فلسطين'''
*[[الإخوان ونصرة فلسطين المسلمة]]
*[[الإخوان ونصرة فلسطين.. البداية]]
*[[الإخوان ونصرة فلسطين.. الوسائل العملية]]
*[[الإخوان ونصرة فلسطين.. ماديًّا وإعلاميًّا]]
*[[الإخوان ونصرة فلسطين.. نشر القضية والمقاطعة]]
'''الظروف السائدة بمصر قبل نشأة جماعة الإخوان'''
*[[الظروف السائدة بمصر قبل نشأة جماعة الإخوان (1)]]
*[[الظروف السائدة بمصر قبل نشأة جماعة الإخوان (2)]]
'''جهود الإخوان نحو فلسطين'''
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة الأولى)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة الثانية)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة الثالثة)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة الرابعة)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة الخامسة)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين (الحلقة السادسة)]]
*[[جهود الإخوان نحو فلسطين.. حرب 1948م]]
'''شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر'''
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر ( 1 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر ( 2 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 3 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 4 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 5 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 7 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 8 )]]
*[[شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر ( 9 )]]
'''شهداء (الإخوان) في معارك القناة'''
*[[شهداء (الإخوان) في معارك القناة 1951م=1954م (1)]]
*[[ شهداء (الإخوان) في معارك القناة (1951م-1954م) (2)]]
*[[شهداء (الإخوان) في معارك القناة (1951م-1954م) (3)]]
*[[شهداء الإخوان المسلمين في مصـر (1928م- 1981م)]]
'''كيف ساند الإخوان الثورة؟'''
*[[كيف ساند الإخوان الثورة؟ (1)]]
*[[كيف ساند الإخوان الثورة؟ (2)]]
'''ما قبل "الإخوان المسلمين"'''
*[[ ما قبل "الإخوان المسلمين"الظروف الاجتماعية]]
*[[ما قبل "الإخوان المسلمين"الظروف الاقتصادية]]
*[[ما قبل "الإخوان المسلمين"الظروف السياسية]]
*[[ما قبل "الإخوان المسلمين"الظروف الفكرية والثقافية]]
*[[ما قبل "الإخوان": نشأة أوجبتها حاجة المجتمع]]
'''مظاهر الإصلاح الاقتصادي عند الإخوان المسلمين'''
*[[مظاهر الإصلاح الاقتصادي عند الإخوان المسلمين (2)]]
*[[مظاهر الإصلاح الاقتصادي عند الإخوان المسلمين (3)]]
'''مواقف الإخوان'''
*[[موقف الإخوان من التوسل والصوفية ]]
*[[موقف الإخوان من العروبة]]
*[[موقف الإخوان من القومية والجامعة والوحدة العربية]]
*[[موقف الإخوان من المفاوضات مع الإنجليز]]
*[[موقف الإخوان من الوحدة الوطنية "الأقليات"]]
*[[موقف الإخوان من الوطنية]]
'''موضوعات متنوعة'''
*[[الإخوان المسلمون واسترداد التبة 86]]
*[[الإخوان المسلمون والأسلحة .. والإنجليز]]
*[[الإخوان المسلمون والاقتصاد الإسلامي]]
*[[الإخوان المسلمون والتعددية السياسية]]
*[[الإخوان المسلمون والجمعية الشرعية وأنصار السنة]]
*[[الإخوان المسلمون والجهاد ضد الإنجليز في القنال 1951م]]
*[[الإخوان المسلمون والصوفية]]
*[[الإخوان المسلمون والعمل السرى والعنف]]
*[[الإخوان المسلمون والمسرح الإسلامي]]
*[[الإخوان المسلمون والنشاط الرياضي]]
*[[الإخوان المسلمون وحرب القنال عام 1951م (1-2)]]
*[[الإخوان المسلمون ودورهم في حرب فلسطين 1948م]]
*[[الإخوان المسلمون وعلاقتهم بباكستان]]
*[[الإخوان المسلمون وقضية فلسطين]]
*[[الإخوان المسلمون وكلام الصحافة]]
*[[الإخوان المسلمون ونصرة العالم العربي والإسلامي]]
*[[الإخوان المسلمون يعودون لمركزهم العام]]
*[[الإخوان المسلمون.. بين سخط المؤيدين وغضب المعارضين]]
*[[الإخوان المسلمون.. ثمانون عامًا من الفهم العميق]]
*[[الإخوان المسلمون.. والإصلاح السياسي]]
*[[الإخوان المسلمين فى ليبيا]]
*[[الإخوان المسلمين فى مصر]]
*[[الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات.. بريطانيا نموذجا]]
*[[الإخوان .. وفلسطين]]
*[[الإخوان من الإصلاح الاجتماعي إلى الإصلاح السياسي]]
*[[الإخوان و الحركة الطلابية]]
*[[الإخوان و الفلاح]]
*[[الإخوان والأعياد.. نماذج مضيئة]]
*[[الإخوان والتعليم ومحو الأمية]]
*[[الإخوان والخدمات الصحية]]
*[[الإخوان والعراق، المأساة الغامضة]]
*[[الإخوان والقضية الفلسطينية]]
*[[الإخوان وتحديات المستقبل]]
*[[الإخوان وقضية فلسطين]]
*[[الإخوان ومحاربة التبشير]]
*[[الإخوان...نماذج من وقوفهم مع العمال في قضاياهم]]
*[[الإخوان...ومحاربة التبشير في مطلع القرن العشرين]]
*[[الإستماع إلى الإخوان المسلمين إلى النهاية]]
*[[الاخوان المسلمون بين الحل والقانون]]
*[[البرنامج الانتخابي للإخوان المسلمين 2005]]
*[[الجماعة الإسلامية خيارات متعددة ومسؤولية واحدة مشتركة]]
*[[الحملة الإعلامية على الإخوان]]
*[[القادة العسكريون يتحدثون عن جهاد الإخوان في فلسطين]]
*[[القرضاوي:الإخوان أفضل جماعة]]
*[[القضاء يشهد بتعذيب الإخوان المسلمين]]
*[[الملوك والزعماء يشهدون ببسالة الإخوان في فلسطين]]
*[[الوجود القانوني للإخوان المسلمين]]
*[[انسحاب الإخوان من جبهة الخلاص الوطني]]
*[[اهتمام الإخوان بقضية فلسطين]]
*[[برنامج الإخوان المسلمين في مصر للإصلاح]]
*[[بيان الإخوان بمناسبة قيام الثورة]]
*[[بيان الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين عن أحداث فلسطين سنة 1948]]
*[[بيان من الإخوان بمناسبة إنعقاد القمة العربية في قطر]]
*[[تأسيس دعوة الإخوان بالإسماعيلية]]
*[[تاريخ الإخوان في سوريا]]
*[[تاريخ العمل الطلابي في الإخوان]]
*[[تغيير القيادة وحل الإخوان]]
*[[تفاصيل مذبحة الاخوان المسلمين في ليمان طره 1/6/1957]]
*[[تقرير عن عبدالناصر ومحاولته القضاء على الإخوان]]
*[[جريدة (الإخوان) الأسبوعية تقاوم التبشير]]
*[[جماعة الإخوان المسلمين تقاضي وزير الداخلية لاستمرار إغلاق مقرها بالقاهرة]]
*[[جماعة الاخوان المسلمين- حركه فى الماضى وامل فى المستقبل]]
*[[جهاد الإخوان المسلمين في القناه وفلسطين]]
*[[جهود قسم طلبة الإخوان في المجتمع]]
*[[حملة إعتقالات بمحافظة الشرقية ضد قيادات الإخوان]]
*[[حملة إعتقالات تطال 22 من قيادات الإخوان]]
*[[رأي الإخوان بالإعتقالات الأخيرة]]
*[[رؤية الجماعة للوضع الراهن والمستقبل]]
*[[ شاهد على تأسيس دعوة الإخوان في فلسطين]]
*[[شهادة صحفي مسيحي على مذبحة الإخوان في ليمان طرة]]
*[[شُعَب (الإخوان) تقاوم التبشير في كل أنحاء مصر]]
*[[صحافة الإخوان والدفاع عن العمال]]
*[[صراع الإخوان في سورية مع حزب البعث]]
*[[عاجل إلي الإخوان]]
*[[علاقة الإخوان المسلمين بألمانيا النازية]]
*[[قرار حل جماعة الإخوان المسلمين]]
*[[قصة الإخوان المسلمين في فلسطين]]
*[[كتلة الإخوان أربع سنوات من العطاء]]
*[[لماذا يعتقل الإخوان]]
*[[ماذا يعني انتمائي لجماعة الإخوان]]
*[[مذبحة الإخوان في ليمان طرة]]
*[[مذكرة (الإخوان المسلمون) إلى اللجنة التحضيرية لمؤتمر الوحدة العربية]]
*[[مصر تستهدف المعتدلين في جماعة الإخوان المسلمين]]
*[[مصر قبل ظهور دعوة الإخوان]]
*[[من مواقف الإخـوان في دعـم الثورة]]
*[[من هم الإخوان ؟ وماذا يريدون ؟]]
*[[منهج الإخوان في الإصلاح والتجديد]]
*[[موقف السلطات السورية من الإخوان المسلمين وإلغاء القانون 49]]
*[[نشأة دعوة الإخوان المسلمين ببورسعيد]]
*[[نشأة الجماعة واهتمامها بالقضية الفلسطينية]]
</div><noinclude> </noinclude>


== المراجع ==
== المراجع ==


1- سلسلة من تراث الإمام [[البنا]]، الكتاب الثالث عشر، الدعوة والحكومات والهيئات، البصائر للبحوث والدراسات، 2006م.
1- سلسلة: [[من تراث الإمام البنا]]، الكتاب الثالث عشر، الدعوة والحكومات والهيئات، البصائر للبحوث والدراسات، [[2006]]م.
 
2- [[طارق البشري]]- المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية.


3- [[جمعة أمين]] عبد العزيز، أوراق من تاريخ [[الإخوان المسلمين]]، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
2- [[طارق البشري]]: [[المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية]].


3- [[جمعة أمين عبد العزيز]]: [[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين]]، دار التوزيع والنشر الإسلامية.




[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:المقالة الجيدة]]
[[تصنيف:مقالة جيدة أحداث]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٣٨، ٢٦ نوفمبر ٢٠١١

الإخوان المسلمون والأقباط (1)

بقلم: عبده مصطفى دسوقي


مقدمة

الإخوان-المسلمون-والأقباط-(1).jpg

الإخوان المسلمون وعلاقتهم بالأقباط قضية يستخدمها أعداء الوحدة الوطنية ليشيعوا الفرقةَ ويؤججوا نار الفتنة بين نسيج المجتمع المصري، ولتكون ورقة ضغطٍ على الإخوان في التعامل مع بعض القضايا؛ فما إن يحدث شيء حتى تخرج الأقلام لتضرم نار الحقد في نفوس أبناء الوطن الواحد بهدف إشاعة الفوضى، وزرع الحقد والبغضاء في نفوس الإخوة الأقباط، وتخويفهم من الإخوان وما يحمله الإخوان من فهمٍ شاملٍ وعادلٍ للإسلام، وخوَّف هؤلاء على مصالحهم إذا حدثت ألفة ووحدة بين المسلمين والأقباط.

غير أنه إذا نظرنا لم نجد لهذه الإشكالية أي أساس في تاريخ جماعة الإخوان منذ نشأتها حتى وقتنا هذا، وأن الإخوان والأقباط كانت الحياة تسير بينهم رغيدة، بل كان كثير من أعضاء اللجنة السياسية التي كوَّنها الإمام البنا كانت من الأقباط، وليس ذلك فحسب، بل كان مندوبه في انتخابات عام 1945م في لجنة سانت كاترين هو الخواجة خريستو أحد المسيحيين، وهي اللجنة الوحيدة التي سلمت من التزوير وفاز فيها الإمام البنا بنسبة 100%، ناهيك عن التعاون بين الإمام البنا والإخوان من جهة وبين الأقباط في وأد كثير من الفتن الطائفية التي اندلعت، مثل حادث الزقازيق والذي سنتحدث عنه، وحادث الزاوية الحمراء والتي استطاع الأستاذ التلمساني وقت أن كان مرشدًا أن يقضيَ على هذه الفتنة وغيرها من أوجه التعاون التي يشهد عليها التاريخ بين الإخوان والأقباط.


الأقباط في فكر الإمام البنا

قبل أن نتحدث عن علاقة الإخوان عامةً بالأقباط ومدى التعاون بينهم في وأد الفتن الطائفية التي كان ينفخ فيها الاحتلال الأجنبي ليسعِّر النار بين الطرفين، لا بد أن نلقيَ الضوء على مدى اهتمام الإمام البنا بالأقباط في فكره، وطريقة التخاطب بين الطرفين حتى نستشف منها كيف كانت العلاقة تسير بين مؤسس الجماعة والأقباط حتى طبع ذلك على سلوكيات الإخوان نحو إخوانهم الأقباط.

ومن خلال رسائل الإمام البنا إلى بطريرك الكنيسة وأساقفتها وردهم عليها يتضح مدى العلاقة بين الطرفين؛ ففي إحدى الرسائل التي أرسلها الأستاذ حسن البنا المرشد العام إلى الأنبا "يؤنس" بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر.

ولأن المنكوبين الأحباش كانوا في أغلبهم من المسيحيين الأرثوذكس، وكانت الكنيسة الحبشية تابعةً آنذاك للكنيسة المصرية، وكان الأنبا يؤانس بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، وكان هو الرئيس الأول للجنة مساعدة الأحباش، وحرصًا من الإمام البنا على عدم إثارة حساسية دينية فقد وجَّه رسالةً للغرض نفسه إلى الأنبا يؤنس؛ يخاطب فيها حسه الديني، ويذكِّر فيها أن ضحايا اليهود في فلسطين إنما هم المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وأيدي اليهود خربت ديارهم، وعطلت مصالحهم، وقُضي على موارد أرزاقهم، وبيت المقدس هو بيت القصيد من هذا العدوان الصارخ، ويحاول اليهود بعملهم هذا أن يستولوا عليه، وعلى غيره من الأماكن المقدسة التي أجمع المسلمون والمسيحيون على تقديسها وإكبارها والذود عنها.

ثم بيَّن الغرض الأساسي من الرسالة فيقول: "ونحن في مصر- مع الأسف الشديد- لا نملك إلا أن نقدم ما تسخو به الأكف من مالٍ لمساعدة هؤلاء الأبطال الذين ألمَّت بهم الفاقة، حتى إن لجنة التموين والإغاثة بالقدس تصرف يوميًّا مائة وأربعين قنطارًا من الدقيق لإطعام الجائعين، ومن أجل ذلك توجهنا إلى غبطتكم راجين أن تشملوا هؤلاء المجاهدين الأبطال بعطفكم الأبوي، فتأمروا بإمداد أبناء فلسطين ما تبقَّى من أموال لجنة مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية العليا بالقدس، ونعتقد أن حضرات أعضاء اللجنة الكرام يسرهم أن يحققوا هذا الرجاء؛ فيكونوا بذلك قد قاموا بخدمة الجارتين العزيزتين في وقتٍ واحد، في محنة متشابهة، وإن رأيتم فضلاً عن ذلك أن تتكرموا بدعوة المحسنين من المصريين بالتبرع لهذا الغرض النبيل فهو العهد بكم، والمأمول فيكم وكان لكم الشكر مضاعفًا".

وفي رسالةٍ أخرى أرسلها إلى غبطة البطريرك التي جاء فيها:

"حضرة صاحب الغبطة الأنبا يوساب بطريرك الأقباط الأرثوذكس

تحيةً مباركة طيبة، وبعد..

فأكتب إلى غبطتكم وأنا معتكف لمرض ألمَّ بي, أذهلني ما يكتب وما يقال اليوم حول وحدة عنصري الأمة المصرية, تلك الوحدة التي فرضتها الأديان السماوية وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية ولن تستطيع أن تمتد إليها يد أو لسان، وكما- يا صاحب الغبطة- أن الإسلام فُرِضَ على المؤمنين به أن يؤمنوا بكل نبي سبق, وبكل كتاب نزل, وبكل شريعة مضت, معلنًا أن بعضها يكمل بعضًا, وأنها جميعًا دين الله وشرعته, وأن من واجب المؤمنين أن يتوحدوا عليها وألا يتفرقوا فيها ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ (الشورى: من الآية 13)، كما أنه دعا المسلمين وحثهم أن يبروا مواطنيهم, وأن يقسطوا إليهم, وأن يكون شعار التعامل بين الجميع التعاون والإحسان ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة: 8).

على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختص قبط مصر بوصيته الطيبة, حين قال: "فاستوصوا بقبطها خيرًا؛ فإن لكم عليهم رحمًا", وأشار القرآن في صراحة إلى عاطفة المودة المتبادلة بين أهل الدينين في قوله: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (المائدة: من الآية 82).

وما جاء الإنجيل إلا لتقرير روح المحبة والسلام والتعاطف بين الناس, حتى إنه ليدعوهم إلى أن يحبوا أعداءهم, ويباركوا لاعنيهم, ويصلوا من أجل الذين يبغضونهم، وبذلك وحده تكون على الأرض المسرة وفي الناس السلام.

هذه الحقائق نؤمن بها ونعمل على أساسها, ويدعو الإخوان المسلمون إليها, وقد بعث مكتب الإرشاد العام إلى شُعَبه, خلال هذا الأسبوع, بنشرةٍ يذكر فيها الواجب المقدس الذي حتم على كل مسلم أن يعمل ما وسعه العمل على تدعيم هذه الوحدة القومية وتوثيق هذه الرابطة الوطنية.

وإني لشديد الأسف لوقوع مثل هذه الحوادث التي لا يمكن مطلقًا أن تقع من الإخوان المسلمين, أو من أي مسلم أو مسيحي متدين عاقل, غيور على دينه ووطنه وقومه، والتي هي- ولا شك- من تدبير ذوي الأغراض السيئة, الذين يحاولون أن يصطادوا في الماء العكر، وأن يسيئوا إلى قضية الوطن في هذه الساعات الحرجة, والظروف الدقيقة من تاريخه.

ومن حسن الحظ أنهم لا يوفقون إلى شيء- ولن يوفقوا بإذن الله- ولم يعد أمر هذه الحوادث الصبيانية التافهة التي نأسف لها جميعًا, والتي أرجو أن نعمل جميعًا متعاونين على عدم تكراراها؛ صيانةً لهذه الوحدة الخالدة بين عنصرَي الأمة وبهذا التعاون المشترك يرد كيد الكائدين, وتعلو كلمة الوطنيين العاملين المخلصين.

وفَّق الله الجميع لخير ما يحب ويرضى, وهو نعم المولى ونعم النصير.

وتفضلوا يا صاحب الغبطة بتقبل تحياتي واحترامي

القاهرة مستشفى الروضة 17 جمادى الأولى 1366هـ، 9 أبريل 1947م"

كما أرسل إلى وكيل المجلس الملي برسالة جاء فيها:

"حضرة صاحب السعادة الدكتور إبراهيم فهمي المنياوي باشا وكيل المجلس الملي

تحية طيبة مباركة، وبعد..

فقد قرأت بـ(أهرام) الأمس- وأنا بالمستشفى- بيانكم القيم ونداءكم الحكيم الذي تهيبون فيه بأبناء الأمة أن يعملوا جاهدين على صيانة وحدتهم الخالدة, وإني لأضم صوتي إلى صوتكم في هذا المقصد الكريم، راجيًا أن يقدر أبناء أمتنا العزيزة ما يحيط بها من ظروف دقيقة في هذه الساعة الحرجة من تاريخها, وأن يحولوا بكل جهودهم دون وقوع أمثال هذه الحوادث الصبيانية التي لا يقرها دين ولا تتفق مع مصلحة أحد، والتي أؤكد لسعادتكم شدة أسفي لوقوعها واعتقادي أنها ليست إلا من تدبير المغرضين الذين يحيكون المكائد لهذا البلد في الظلام؛ يريدون أن يصطادوا في الماء العكر.

وأنتهز هذه الفرصة فأعتب على سعادتكم- العتب محمود عواقبه- في قولكم: "وإنهم مهما اشتدت عليهم وطأة المظالم والاضطهادات فلن يقبلوا أن يحميَهم أو أن يرفع الغبن عنهم إلا ملك مصر ودستور مصر وحكومة مصر"، فإني لا أظن أحدًا من المصريين يدور بخلده أن يكون مواطنه موضع ظلم أو اضطهاد، ولن يكون هؤلاء المواطنون الفضلاء إلا موضع تكريم وإعزاز وبِرٍّ إحسان.

وأعود فأشكر لسعادتكم ما ختمتم به نداءكم المخلص من قولكم "بأنه يجب على المصريين أن يفهموا أن السيادة الأجنبية أو التحكم الدولي عرض سيزول، أما الشيء الذي سيبقى فهو أن أبناء مصر على اختلاف عقائدهم سيحيون ويجاهدون دائمًا جنبًا إلى جنب، ثم يرقدون في النهاية جنبًا إلى جنب في التربة المصرية".

سائلاً الله تبارك وتعالى أن يوفِّق الجميع لخير هذا الوطن العزيز.

ولسعادتكم تحياتي واحترامي

القاهرة- (مستشفى الروضة)

17 جمادى الأولى 1366هـ

19 أبريل 1947م"

ولقد رد غبطة البطريرك على رسالة فضيلة المرشد العام قال فيها:

"حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين..

نهدي فضيلتكم أزكى تحية، وبعد..

فقد تلقينا كتابكم، ومنه علمنا أنكم معتكفون في المستشفى لمرضٍ ألمَّ بكم,

شفاكم الله وأسبغ عليكم ثوب العافية.

ولقد قرأنا الكتاب فصادف ارتياحنا ما جاء فيه عن وحدة عنصرَي الأمة، ولعل من الحق أن يقال أن الأمة عنصر واحد؛ لأن افتراق الدين لا يصح أن يطغى على وحدة الدم واتفاق الصفات الخلقية والاشتراك في العادات والأفكار والمصالح الدنيوية، وقد صدقتم في قولكم: "إن هذه الوحدة فرضتها الأديان وقدستها العاطفة الوطنية وخلدتها المصلحة القومية، وما عقدته يد الله لا تحل من عروته أيدي الناس"؛ فإن ذلك من الحقائق التي يدركها الأقباط حقَّ إدراك ويحرصون عليها ويذودون عن هذه الوحدة بأعز ما يمتلكون؛ لأنهم يذودون بذلك عن شرف وطنهم ومجد أمتهم.

وليس للأقباط من بغية إلا أن يعيشوا مع مواطنيهم على أتم ما يكون من الصفاء والوفاء من جانبهم عملاً بوصايا إنجيلهم وأوامر كتابهم, وإذا كانت لهم أمنية أخرى فهي أن تكون العدالة والمساواة واحترام الحريات الدستورية أساسًا لكل معاملة لتتم السعادة بذلك لجميع أبناء الأمة ويبسط الأمن والسلام رواقهما على البلاد.

أما ما اقتبسوه من الآيات القرآنية والحديث الشريف فمن شأنه حقًّا أن ينير الأذهان ويبث مكارم الأخلاق إذا عمَّت معرفته بين جميع الأوساط, ولا سيما التي تحتاج إلى مزيدٍ من التأدب بهذا الأدب الديني الرفيع وإذا سار على هديه الحكام والمحكومون, وبذلك تتوثق عرى علاقات الإخاء والمودة بين المسلمين والأقباط، وبذلك فقد أحسنتم صنعًا بالنشرة التي قلتم إن مكتب الإرشاد العام بعث بها إلى فروعه، وبيَّن فيها ما على كل أخ مسلم من واجب مقدس في أن يعمل جهد طاقته لدعم هذه الوحدة القومية وتعزيز أواصر الرابطة الوطنية؛ ففي ذلك عنوان على رقي الأمة, ودليلٌ على نضج تربيتها السياسية.

ولا يسعنا إلا أن نتضرَّع إلى المولى جلت قدرته أن يرعى الكنانة بعين عنايته ويجنِّبها مساوئ الخصومات الداخلية الوخيمة العواقب, ويديم على سكان الوادي نعمة المحبة والاتحاد في ظل رعاية المصري الأول جلالة الفاروق الملك العادل أطال الله عمره وأعزَّ به أمته وبوأها مكانًا عاليًا بين الأمم في عهد ملكه المبارك.

واقبلوا سلامنا وأطيب تمنياتنا

بابا بطريرك الكرازة المرقسية

يوساب الثاني"

ولقد تبادل الإخوان والأقباط التهانيَ في الأعياد؛ فقد أرسل فضيلة المرشد العام إلى حبيب المصري باشا رئيس جمعية التوفيق القبطية البرقية التالية: "تلقيت بيد الشكر دعوتكم الكريمة لحضور احتفال النيروز المصري اليوم (الأربعاء)، وكان يسعدني أن أحضر بنفسي لولا أني مريض منذ يومين، وقد أنبت عني الأستاذ عبده قاسم سكرتير عام الإخوان المسلمين.. مع أطيب التمنيات".

فتلقى المرشد العام ردًّا من حبيب المصري جاء فيه: "أشكر فضيلتكم كل الشكر لبرقيتكم الرقيقة وانتدابكم سكرتير الإخوان لحضور حفل الجمعية داعيًا لكم بالصحة الموفورة".

وفي حديثٍ للأستاذ البنا مع مستر سبنسر المراسل الحربي الأمريكي وجَّه إليه المراسل سؤالاً حول وضع الأقليات غير المسلمة في بلد إسلامي، وهل يحاربون أو يلزمون بدفع الجزية، فأوضح له الأستاذ البنا أن نظرة الإسلام لهذا الموضوع نظرة التسامح الكامل والوحدة؛ فقد قال الله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة: من الآية 8)، هذا إلى جانب الروح العام في الإسلام لتقديس الأديان جميعًا يجعلنا لا نشعر بوجود مسلمٍ وغير مسلم، بل الجميع يتعاونون على خير الوطن, وأن من يحاول فعل غير ما جاء من الإسلام حول علاقة المسلم بالقبطي؛ فهم ليسوا من الإخوان بأي حال من الأحوال.

ولقد أزاح الأستاذ لويس فانوس النائب القبطي بمجلس الشيوخ حقيقة علاقة الأقباط بالإخوان, وطلب من الحكومة التعاون مع جمعية الإخوان المسلمين؛ إذ إنها الهيئة الوحيدة التي تعمل على تنوير الأذهان وإيقاظ الوعي الشعبي في النفوس ونشر المبادئ السليمة والدين الصحيح والأخلاق الفاضلة.

كان ذلك موقف الأمام البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين من الأقباط، وكيف أنه تعامل معهم على أنهم من نسيج المجتمع، وأنهم والمسلمون يشكلون عنصرَي الأمة.

وفي الحلقات القادمة نلقي الضوء على طبيعة العلاقة بين الطرفين من الجهة العملية، وكيف أن الإخوان والأقباط تعاونا ضد المستعمر وضد مؤججي نار الفتنة وسط الأمة.


المراجع

1- سلسلة: من تراث الإمام البنا، الكتاب الثالث عشر، الدعوة والحكومات والهيئات، البصائر للبحوث والدراسات، 2006م.

2- طارق البشري: المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية.

3- جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.