الفرق بين المراجعتين لصفحة: «في عهد الانتقال»
لا ملخص تعديل |
Attea mostafa (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''<center><font color="blue"><font size=5>في عهد الانتقال</font></font></center>''' | |||
[[ملف:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-16.jpg|تصغير|250px|يسار|'''<center>[[الإمام الشهيد]] [[حسن البنا]]</center>''']] | |||
'''أحظر العهود في حياة الأمم''' و أولاها بتدقيق النظر في عهد الانتقال من حال إلى حال ، إذ توضع مناهج العهد الجديد و ترسم خططه و قواعده التي يراد تنشئة الأمة عليها و التزامها إياها ، فإذا كانت هذه الخطط و القواعد و المناهج واضحة صالحة قويمة ، فبشر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة و أعمال جليلة مجيدة , و بشر قادتها إلى هذا الفوز و أدلتها في هذا الخير بعظيم الأجر و خلود الذكر و إنصاف التاريخ و حسن الأحدوثة . | '''أحظر العهود في حياة الأمم''' و أولاها بتدقيق النظر في عهد الانتقال من حال إلى حال ، إذ توضع مناهج العهد الجديد و ترسم خططه و قواعده التي يراد تنشئة الأمة عليها و التزامها إياها ، فإذا كانت هذه الخطط و القواعد و المناهج واضحة صالحة قويمة ، فبشر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة و أعمال جليلة مجيدة , و بشر قادتها إلى هذا الفوز و أدلتها في هذا الخير بعظيم الأجر و خلود الذكر و إنصاف التاريخ و حسن الأحدوثة . | ||
'''و لقد كانت مهمة قادة الشعوب الشرقية ذات شطرين :''' " '''أولهما''' : تخليص الأمة من قيودها السياسية حتى تنال حريتها و يرجع إليها ما فقدت من استقلالها و سيادتها | '''و لقد كانت مهمة قادة الشعوب الشرقية ذات شطرين :''' | ||
" '''أولهما''' : تخليص الأمة من قيودها السياسية حتى تنال حريتها و يرجع إليها ما فقدت من استقلالها و سيادتها . | |||
'''و الآن''' وقد وضع النضال السياسي أوزاره إلى حين , فقد أصبح هؤلاء القادة يستقبلون بالأمة عهدا جديدا , فإنكم سترون أمامكم طريقين كل منهما يهيب بكم أن توجهوا الأمة وجهته و تسلكوا بها سبيله , و لكل منهما خواصه و مميزاته و آثاره و نتائجه و دعاته و مروجوه , فأما الأول فطريق" [[الاسلام]] " و أص2وله و قواعده و حضارته و مدنيته . و أما الثاني فطريق " الغرب " و مظاهر حياته و نظمها و مناهجها . و عقيدتنا أن الطريق الأول طريق " [[الاسلام]] " و قواعده و أصوله هو الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلك , و أن توجه إليه الأمة في كل شئونه و أن الطريق الثاني أخطر شيء على حياة الأمة الحاضرة و المستقبلة . | '''" ثانيهما "''': بناؤها من جديد لتسلك طريقها بين الأمم و تنافس غيرها في درجات الكمال الاجتماعي . | ||
'''و الآن''' وقد وضع النضال السياسي أوزاره إلى حين , فقد أصبح هؤلاء القادة يستقبلون بالأمة عهدا جديدا , فإنكم سترون أمامكم طريقين كل منهما يهيب بكم أن توجهوا الأمة وجهته و تسلكوا بها سبيله , و لكل منهما خواصه و مميزاته و آثاره و نتائجه و دعاته و مروجوه , فأما الأول فطريق" [[الاسلام]] " و أص2وله و قواعده و حضارته و مدنيته . | |||
و أما الثاني فطريق " الغرب " و مظاهر حياته و نظمها و مناهجها . | |||
و عقيدتنا أن الطريق الأول طريق " [[الاسلام]] " و قواعده و أصوله هو الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلك , و أن توجه إليه الأمة في كل شئونه و أن الطريق الثاني أخطر شيء على حياة الأمة الحاضرة و المستقبلة . | |||
'''و أننا''' إذا سلكنا بالأمة هذا المسلك استطعنا أن نحصل على فوائد كثيرة منها : | '''و أننا''' إذا سلكنا بالأمة هذا المسلك استطعنا أن نحصل على فوائد كثيرة منها : | ||
ان المنهاج السلامي واضح محدود فلا نضيع وقتا في ابتكار التجارب , و اختراع النظم . | ان المنهاج السلامي واضح محدود فلا نضيع وقتا في ابتكار التجارب , و اختراع النظم . | ||
و هو كذلك قد جرب من قبل وشهد التاريخ بصلاحيته , و أخرج للناس أمة من أقوى الأمم و أفضلها و أرحمها و أبرها و أبركها على الانسانية جميعا . | و هو كذلك قد جرب من قبل وشهد التاريخ بصلاحيته , و أخرج للناس أمة من أقوى الأمم و أفضلها و أرحمها و أبرها و أبركها على الانسانية جميعا . | ||
سطر ١٥: | سطر ٢٩: | ||
'''و هذا''' المنهاج هو أقرب المناهج إلى أرواحنا و ألصقها بنفوسنا فقد صحبناه أربعة عشر قرنا تأصل فبها في النفوس و افتدى بالدماء و الأرواح . | '''و هذا''' المنهاج هو أقرب المناهج إلى أرواحنا و ألصقها بنفوسنا فقد صحبناه أربعة عشر قرنا تأصل فبها في النفوس و افتدى بالدماء و الأرواح . | ||
و في السير عليه تقوية للوحدة العربية أولا ثم للوحدة الاسلامية ثانيا , فيمدنا العالم الإسلامي كله بروحه و شعوره و عطفه و تأييده , و يرى فينا أخوة ينجدهم و ينجدونه و يمدهم و يمدونه | و في السير عليه تقوية للوحدة العربية أولا ثم للوحدة الاسلامية ثانيا , فيمدنا العالم الإسلامي كله بروحه و شعوره و عطفه و تأييده , و يرى فينا أخوة ينجدهم و ينجدونه و يمدهم و يمدونه . | ||
و فضلا عن أنه تام شامل كفيل بتقرير أفضل النظم للحياة العامة في الأمة عملية و روحية , و هذه هي الميزة التي يمتاز بها الاسلام , فهو يضع نظم الحياة للأمم على أساسين مهمين : أخذ الصالح و تجنب الضار . | و في ذلك ربح أدبي كبير لا يزهد فيه غافل . | ||
و فضلا عن أنه تام شامل كفيل بتقرير أفضل النظم للحياة العامة في الأمة عملية و روحية , و هذه هي الميزة التي يمتاز بها [[الاسلام]] , فهو يضع نظم الحياة للأمم على أساسين مهمين : أخذ الصالح و تجنب الضار . | |||
فإذا سلكنا هذا السبيل استطعنا أن نتجنب المشاكل الحيوية التي وقعت فيها الدول الأخرى التي لم تعرف هذا الطريق و لم تسلكه , بل استطعنا أن نحل كثيرا من المشاكل المعقدة التي عجزت عن حلها النظم الحالية , و إنا نذكر هنا كلمة برنارد شو : '''" ما أشد حاجة العالم في عصره الحديث إلى رجل "'''كمحمد''' " يحل مشاكله القائمة المعقدة بينما يتناول فنجانا من القهوة "''' . | فإذا سلكنا هذا السبيل استطعنا أن نتجنب المشاكل الحيوية التي وقعت فيها الدول الأخرى التي لم تعرف هذا الطريق و لم تسلكه , بل استطعنا أن نحل كثيرا من المشاكل المعقدة التي عجزت عن حلها النظم الحالية , و إنا نذكر هنا كلمة برنارد شو : '''" ما أشد حاجة العالم في عصره الحديث إلى رجل "'''كمحمد''' " يحل مشاكله القائمة المعقدة بينما يتناول فنجانا من القهوة "''' . | ||
و العالم كله الآن في تخبط و في أشد الحاجة إلى '''"الدولة الفاضلة "''' التي تكون أمة نموذجية في حياة صحيحة سعيدة , و لا يخلق هذه الأمة إلا الاسلام , فلنكن نحن هذه الأمة التي تتقدم إلى عجلة القيادة فتقود الدنيا | و العالم كله الآن في تخبط و في أشد الحاجة إلى '''"الدولة الفاضلة "''' التي تكون أمة نموذجية في حياة صحيحة سعيدة , و لا يخلق هذه الأمة إلا [[الاسلام]] , فلنكن نحن هذه الأمة التي تتقدم إلى عجلة القيادة فتقود الدنيا ب[[الإسلام]] إلى الخير و السلام . | ||
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]] | [[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]] | ||
[[تصنيف:رسائل [[الإمام]] [[حسن البنا]]]] | [[تصنيف:رسائل [[الإمام]] [[حسن البنا]]]] | ||
[[تصنيف:رسائل المرشدين]] | [[تصنيف:رسائل المرشدين]] |
مراجعة ٠٩:٥٥، ٢٨ يونيو ٢٠١٢
أحظر العهود في حياة الأمم و أولاها بتدقيق النظر في عهد الانتقال من حال إلى حال ، إذ توضع مناهج العهد الجديد و ترسم خططه و قواعده التي يراد تنشئة الأمة عليها و التزامها إياها ، فإذا كانت هذه الخطط و القواعد و المناهج واضحة صالحة قويمة ، فبشر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة و أعمال جليلة مجيدة , و بشر قادتها إلى هذا الفوز و أدلتها في هذا الخير بعظيم الأجر و خلود الذكر و إنصاف التاريخ و حسن الأحدوثة .
و لقد كانت مهمة قادة الشعوب الشرقية ذات شطرين :
" أولهما : تخليص الأمة من قيودها السياسية حتى تنال حريتها و يرجع إليها ما فقدت من استقلالها و سيادتها .
" ثانيهما ": بناؤها من جديد لتسلك طريقها بين الأمم و تنافس غيرها في درجات الكمال الاجتماعي .
و الآن وقد وضع النضال السياسي أوزاره إلى حين , فقد أصبح هؤلاء القادة يستقبلون بالأمة عهدا جديدا , فإنكم سترون أمامكم طريقين كل منهما يهيب بكم أن توجهوا الأمة وجهته و تسلكوا بها سبيله , و لكل منهما خواصه و مميزاته و آثاره و نتائجه و دعاته و مروجوه , فأما الأول فطريق" الاسلام " و أص2وله و قواعده و حضارته و مدنيته .
و أما الثاني فطريق " الغرب " و مظاهر حياته و نظمها و مناهجها .
و عقيدتنا أن الطريق الأول طريق " الاسلام " و قواعده و أصوله هو الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلك , و أن توجه إليه الأمة في كل شئونه و أن الطريق الثاني أخطر شيء على حياة الأمة الحاضرة و المستقبلة .
و أننا إذا سلكنا بالأمة هذا المسلك استطعنا أن نحصل على فوائد كثيرة منها :
ان المنهاج السلامي واضح محدود فلا نضيع وقتا في ابتكار التجارب , و اختراع النظم .
و هو كذلك قد جرب من قبل وشهد التاريخ بصلاحيته , و أخرج للناس أمة من أقوى الأمم و أفضلها و أرحمها و أبرها و أبركها على الانسانية جميعا .
و له من قدسيته و استقراره في نفوس الناس ما يسهل على الجميع تناوله و فقهه و الاستجابه له و السير عليه متى وجهوا اليه .
و فيه اعتزاز بالقومية و الإشادة بالوطنية الخالصة , إذ أننا نبني حياتنا على قواعدنا و أصولنا , و لا نأخذ عن غيرنا . و في ذلك أفضل معاني الاستقلال الاجتماعي و الحيوي بعد الاستقلال السياسي .
و هذا المنهاج هو أقرب المناهج إلى أرواحنا و ألصقها بنفوسنا فقد صحبناه أربعة عشر قرنا تأصل فبها في النفوس و افتدى بالدماء و الأرواح .
و في السير عليه تقوية للوحدة العربية أولا ثم للوحدة الاسلامية ثانيا , فيمدنا العالم الإسلامي كله بروحه و شعوره و عطفه و تأييده , و يرى فينا أخوة ينجدهم و ينجدونه و يمدهم و يمدونه .
و في ذلك ربح أدبي كبير لا يزهد فيه غافل .
و فضلا عن أنه تام شامل كفيل بتقرير أفضل النظم للحياة العامة في الأمة عملية و روحية , و هذه هي الميزة التي يمتاز بها الاسلام , فهو يضع نظم الحياة للأمم على أساسين مهمين : أخذ الصالح و تجنب الضار .
فإذا سلكنا هذا السبيل استطعنا أن نتجنب المشاكل الحيوية التي وقعت فيها الدول الأخرى التي لم تعرف هذا الطريق و لم تسلكه , بل استطعنا أن نحل كثيرا من المشاكل المعقدة التي عجزت عن حلها النظم الحالية , و إنا نذكر هنا كلمة برنارد شو : " ما أشد حاجة العالم في عصره الحديث إلى رجل "كمحمد " يحل مشاكله القائمة المعقدة بينما يتناول فنجانا من القهوة " .
و العالم كله الآن في تخبط و في أشد الحاجة إلى "الدولة الفاضلة " التي تكون أمة نموذجية في حياة صحيحة سعيدة , و لا يخلق هذه الأمة إلا الاسلام , فلنكن نحن هذه الأمة التي تتقدم إلى عجلة القيادة فتقود الدنيا بالإسلام إلى الخير و السلام .