عصام الراوي
سيرة الشهيد الدكتور عصام الراوي
ولد الدكتور عصام كاظم فتحي الراوي عام 1949 في مدينة راوة بمحافظة الأنبار.
_ أكمل دراسة البكالوريوس والماجستير في كلية العلوم بجامعة بغداد عام 1975 _ تخصص علوم الأرض (جيولوجيا)، ثم بدأ دراسة الدكتوراة وكان أول طالب يمنح شهادة الدكتوراة من جامعة بغداد في هذا الاختصاص.
_ نشأ الشهيد في بيئة ملتزمة وفي عائلة متدينة وصاحبة دعوة؛ فوالده هو الأستاذ الدكتور كاظم فتحي الراوي؛ العالم المعروف وصاحب المؤلفات العلمية الشاهدة بفضله وعلمه، وشقيقه الدكتور أحمد الراوي الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الاسلامية في أوربا، وشقيقه الآخر الدكتور كاظم كاظم الراوي عميد الكلية الاسلامية في فرنسا سابقاً.
_ نشط الشهيد في مجال الدعوة في أوساط طلاب الجامعة، على الرغم من الظرف الصعب الذي كان يحوط بالحركة الإسلامية في حينها والصعوبات التي تقف أمامها وأعين الرقباء التي تتابع كل داع للخير وساع للعمل الإسلامي.
_ اعتقل الشهيد عام 1985 مع عدد من زملائه بتهمة المشاركة في تنظيم سري، وحكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد عام 1987، ثم أفرج عنه ومن معه بعد ذلك في عفو عام بعد تدخل شخصيات إسلامية معروفة من خارج العراق.
_ انتقل الشهيد بعد الإفراج عنه للتدريس في جامعة صلاح الدين في أربيل وأمضى فيها عدة سنوات، بنى فيها علاقات وثيقة مع أهلها بشكل عام ومع الحركة الإسلامية بكل اتجاهاتها بشكل خاص، كان لها صداها الطيب وذكرياتها المفيدة في تمتين الأواصر العربية الكردية .
_ بعد احتلال العراق انضم الشهيد إلى هيئة علماء المسلمين في العراق، التي رأى فيها المعين المناسب له للعمل الإسلامي والوطني في ظل الاحتلال، وشارك في كل المناشط السياسية وغير السياسية التي شاركت فيها الهيئة.
_ أسس الدكتور مع عدد من زملائه وطلابه رابطة التدريسيين الجامعيين في 19/6/2003؛ لتكون أداة للدفاع عن هذه الشريحة المهمة في المجتمع ووسيلة للتعريف بهمومها ومشاكلها، وقد حققت هذه الرابطة نجاحات كبيرة في هذا المجال وأضحت مؤسسة ثقافية ذات مركز مرموق داخل العراق وخارجه، حتى اصبحت بياناتها وتقاريرها تحضى باهتمام بالغ ويعتمد عليها في قرأة الواقع العلمي في العراق والصعوبات التي تكتنفه. وتضم الرابطة الآن 1400 أستاذاً جامعياً، منهم 225 أستاذة جامعية.
- قام الشهيد في اطار عمله في الرابطة بتوثيق جرائم الاحتلال ضد هذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع، وأضحت قائمة الرابطة حول الاساتذة الجامعيين المعتقلين والمغتالين أهم الوثائق في هذا المجال ومصدراً لكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية.
- نظم الشهيد كثيراً من الندوات في داخل العراق وخارجه، وشارك في الكثير من المؤتمرات العلمية والدعوية والسياسية، وكان حلقة وصل مع العديد من الجهات العلمية والثقافية والدعوية والدينية خارج العراق، ومن أبرزها: الحركة الاسلامية في تركيا، والجالية المسلمة ومؤسساتها في تركيا، ومجلس الحوار بين الأديان، والجالية المسلمة في بريطانيا، وعدد من المؤسسات العلمية والاكاديمية.
- مثّل الشهيد هيئة علماء المسلمين في عدد من المنتديات والمؤتمرات وشارك في عدد من وفود الهيئة الرسمية إلى تركيا ولبنان وروسيا وليبيا وغيرها.
- مثّل هيئة علماء المسلمين في اللقاءات مع التيار الصدري التي تبعت أحداث سامراء المؤسفة، ومثلها كذلك في جهود العمل المشترك مع المدرسة الخالصية في حل بعض المشاكل والأزمات.
- عمل الشهيد أستاذاً لعلم الصخور الرسوبية وبصرية المعادن في عدة جامعات، هي:
1- جامعة بغداد بالعراق.
2- جامعة صلاح الدين بمدينة أربيل العراقية.
3- جامعة سبها بليبيا.
4- عمل مشرفا ثقافيا وتربويا لمؤسسة دار السلام في إستانبول بتركيا، وذلك لمدة أربع سنوات، أثناء هجرته خارج العراق مضطرا .
اغتيل الدكتور عصام الراوي ، عضو هيئة علماء المسلمين ورئيس رابطة التدريسين العراقيين، صباح الإثنين 30 أكتوبر 2006 ويعتبر من إحدى الشخصيات العراقية البارزة التي وقفت صامدة بوجه ممارسات النظام السابق، ووقفت بشدة بوجه الاحتلال، كان صوتا بارزا في الأوساط العراقية والمحافل الدولية حيث عرف بمبدأيته وثباته وسعيه اليومي الدؤوب خدمة لأبناء شعبه.
وقد وقع الاغتيال قريبا من سكنه في منطقة الداوودي بينما كان الشهيد في طريقه الى عمله مع زميلين له واللذين أصيبا بجروح، وبمقتل الدكتور الراوي يرتفع عدد شهداء هيئة علماء المسلمين إلى ما يزيد 180 شهيدا.
الدكتور عصام الراوي .. شهيد الكلمة المجاهدة
هكذا هو حال المسلم الداعية العالم العامل، مشروع شهادة وتضحية وبذل في سبيل الله، لا يكل ولا يمل، لا توقفه العوائق او العقبات، يخرج من محنة ليواصل الدرب ويستأنفه من جديد، لا يعرف قاموسه كلمات التراجع والهرب والنكوص حتى لو كان الثمن حياته التي وضعها كلها مع ما يملك من أجل الدعوة التي انتمى إليها وتشرف بالإنتساب لها.
وهكذا كان شهيدنا الأخ الغالي د. عصام الراوي، رحمه الله، والذي ارتقت روحه الطاهرة بعدما بذل كل ما يملك خدمة لدينه ووطنه وأبناء شعبه، فالذي يعرف الشهيد عن كثب يدرك إنه كان مثالاً حياً للالتزام الصادق بتعاليم هذا الدين الذي آمن به وفهمه من خلال المنهج الوسطي المتوازن الذي لا يعرف التطرف ولا الغلو مطلقاً ه، فعكس بذلك الصورة المشرقة للإسلام في مختلف المحافل العربية والعالمية وكان خير سفير للدعوة المباركة في شتى الأصقاع والأنحاء.
يحار المرء وهو يكتب عن رجل صدق العهد مع الله، من أين يبتدئ وعن أي مرحلة يركز وعند أي محطة من محطات حياته الكثيرة الحافلة يقف؟!! فالرجل الذي التزم طريق الدعوة منذ نعومة أظفاره كان معروفاً عنه همته العالية ونشاطه الواسع الذي لم يتوقف أبداً حتى حان موعد نيله شرف الشهادة في سبيل الله.
وكانت هذه الهمة العالية هي الدافع لكي يواصل الشهيد عصام الراوي طريق العلم حتى نال الدكتوراه في علوم الجيولوجيا وبتفوق ومن ثم عرفته الجامعات العراقية والعربية بعد ذلك أستاذاً يمتاز باتساع المعرفة والقدرة الفائقة على إيصال المعلومات الثرة الغنية إلى المتلقين بمختلف اعمارهم بسهولة ويسر.
وضم الشهيد الراوي إلى جانب معرفته العلمية الواسعة تلك خُلقاً إسلامياً رفيعاً وعالياً فالرجل يهزك تواضعه ويؤثر فيك شخصه الذي لم يعرف التكبر او الكره أو البغضاء يوماً، أبداً بل على العكس إنك لا تستطيع إلا أن تكبر فيه هذه الصفات الحميدة حتى وإن إختلفت معه في الأفكار والمواقف.
وعرفت الساحة الدعوية ومنذ ستينات القرن الماضي الراوي داعية هماماً وفارساً من فرسان الدعوة حتى كاد يفقد حياته بسببها وبسبب مواقفه المبدئية المعارضة للنظام السابق في عام 1987، فكان أن مد الله في عمره ليواصل البذل ولينال الشهادة بعد 19 عاماً على يد من لم يراعوا حرمة الدم المسلم وهي عند الله عظيمة.
ومن طبيعة المسلم الصادق المخلص أن يكون رجل الميدان في اوقات المحن والتحديات، وهكذا كان شهيدنا الحبيب عند وقوع العراق تحت الإحتلال البغيض، فمنذ اليوم الأول لم يقف مكتوف الأيدي او ظل حبيس داره او فعل مثل الكثيرين ممن آثروا الهروب إلى الملاذات الآمنة، أبداً فقد كان السباق إلى الإسهام بكل الأعمال التي رأى فيها مصلحة البلد وأهله فكان عضواً مهماً في هيئة علماء المسلمين، وأسس رابطة التدريسيين الجامعيين في العراق، وأصبح المدافع الأول عن حقوق أساتذة الجامعات والكفاءات العراقية ولطالما عرفته المنابر والمحافل بصوته الصادح بالحق بوجه من أصبح اداة بيد الأجنبي ليفرغ العراق من كل الكفاءات العلمية من أجل إرضاء الأعداء الماكرين القابعين خلف الحدود.
وحين بدأت بوادر الفتنة تلوح بالأفق من خلال المخططات الخبيثة التي تروم إيقاد نار الحرب الأهلية كان صوت الأستاذ الراوي، رحمه الله، حاضراً كذلك فهو من أبرز الشخصيات الداعية للوحدة وظل حتى إستشهاده يرفع لواء الدعوة إلى التكاتف والتآزر وإبطال مخططات الأعداء والخصوم والكل يعلم موقفه المشرف عقب أحداث تفجيرات سامراء التي كانت نقطة البدء لمسلسل القتل والإغتيال الذي تقوم به الميليشيات الطائفية، ولا تزال بحق أهل العراق الأصلاء فقد وقف بصلابة مع إخوة له يدافع عن وحدة البلد وبقي المنادي بشعار العراق الموحد القوي وظل المؤكِد على اليد الأجنبية التي تعيث بالعراق اليوم فساداً.
هذا هو الدكتور الشهيد عصام الراوي، رحمه الله، سجل حافل بالعمل والعطاء ومجاهدة بالكلمة الصادقة ومرابطة على أرض العراق حتى نيل الشهادة، فرحمك الله يا أستاذنا وتقبلك شهيداً وحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء وحفظ الله العراق وأهله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر : جريدة التجديد