أحمد زهران يكتب: نساء أحرجن ذوى العمائم واللحى!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد زهران يكتب: نساء أحرجن ذوى العمائم واللحى!


بتاريخ : الثلاثاء 03 ديسمبر 2013

التاريخ لا يصنعه الرجال وحسب، بل كان للنساء نصيب وافر فيه بالتربية والعلم والجهاد فى سبيل الله وتحرير الأوطان، والإسهام جنبا إلى جنب مع الرجال من أجل الكرامة والحرية والعدالة والتنمية والحضارة.

رأينا منذ أيام كيف وقفت 14 فتاة وسط قفص احتجازهن فى المحكمة مستبشرات ضاحكات، لم نلحظ عليهن أى أمارات للخوف أو الارتياب، علون بشموخهن وعزتهن على الباطل الذى يحاكمهن.

لم تملك هؤلاء الفتيات من وسائل المقاومة سوى البالونات الصُّفر، ويد تتشكل أصابعها بشعار (رابعة الصمود) بينما قوات أمن الانقلاب مدججة بالسلاح والدخان والخرطوش والرصاص!

أبين أن يمكثن فى بيوتهن كأشباه الرجال، وأردن أن يكون لهن موقف فى الدفاع عن دينهن وأوطانهن وأنفسهن، لم يعبأن باستهزاء المرجفين وتساؤلهم: ما الذى دفعكن إلى هذا الأمر؟ أو ما الذى جعلكن تتعرضن للاعتقال؟ لأنهن كنَّ من جيل عزيز لا يقبل الضيم، ولا يرضى بالهوان، ولا يحب أن يعيش ذليلا مهينا على يد الخونة والعملاء.

أهالى الفتيات؛ آباؤهن وأمهاتهن وإخوانهن وأخواتهن وجميع أقاربهن واصلوا ملحمة الثبات والصمود، وهتفوا بسقوط حكم العسكر، وأقسموا على استكمال مسيرة النضال مهما بلغت التضحيات حتى يزول الانقلاب كله وتعود الشرعية كاملة.

بينما القاضى يبدو على كرسيه وحيدا هزيلا، صاغرا ضعيفا، فهو يعلم أن ليس له من وظيفته غير النطق بحكم كتبوه له من قبل، شأنه وشأن حاجب المحكمة سواء!

التاريخ يقول لنا إن هؤلاء الفتيات هن حفيدات نساء أخريات، جاهدن وناضلن وكافحن من أجل دينهن وعزتهن وكرامتهن، نساء حملنْ همَّ الإسلام فحرصن على خدمته بكل وسيلة ممكنة، على الرغم مما تعرضن له فى حياتهن.

يحكى ابن الأثير فى أُسد الغابة، والواقدى فى المغازى، وابن سعد فى الطبقات، أن أُميّة بنت قيس بن أبى الصلت، قالت: جئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى نسوة من بنى غِفار فقلنا: إنا نريد يا رسول الله أن نخرج معك فى وجهك هذا فنداوى الجرحى ونُعين المسلمين بما استطعنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): على بركة الله.

قالت: فخرجنا معه، وكنت جارية حديثة السن، فأردفنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على حقيبة رحله، فنزل الصبح فأناخ وإذا أنا بالحقيبة عليها دمٌ منى، وكانت أول حيضة حِضتها.

تقول: "فلما فتح الله علينا خيبر أعطانى رسول الله قلادة وعلّقها بيده فى عنقى فوالله لا تفارقنى أبدا". وكانت فى عنقها حتى ماتت وأوصت أن تدفن معها.

وفى هذا الموقف يظهر لنا العديد من الفضائل للسيدة أمية التى خرجت وهى حديثة السن صغيرة (فى الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمرها، فى مثل سن أصغر فتاة حكم عليها قضاء الانقلاب بأحد عشر عاما من السجن لأنها رفعت بالونة عليها شعار رابعة العدوية)، لتنال شرف الجهاد وتساعد المسلمين هى ومن معها بما تقدر عليه.

وقد سطر لنا التاريخ موقفها ليدل على أن الجهاد لا يقتصر على النساء الكبيرات بل الإسلام يُعطى الفرصة للجميع كى يساعدوا من يجاهد فى سبيل الله.

وتروى كتب التاريخ أن سبط الإمام ابن الجوزى (رحمه الله)، وكان خطيب المسجد الأموى بدمشق، بعثت إليه بعض فتيات دمشق بضفائرهن لتكون قيودا ولُجُمًا لخيول المجاهدين الذين يخرجون لتحرير فلسطين، فخطب ابن الجوزى برجال الشام وهو يمسك بشعور الفتيات قائلا:

"يا من أمرهم دينهم بالجهاد حتى يفتحوا العالم ويهدوا البشر إلى دينهم فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم وفتنهم عن دينهم.. يا من حكم أجدادهم بالحق أقطار الأرض، وحُكموا هم بالباطل فى ديارهم وأوطانهم.. يا من باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة، ولذائذ حياة ذليلة..

يا أيها الناس.. مالكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم، وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم، وحسبتم أن العزة للمشركين، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين؟

يا ويحكم.. أما يؤلمكم ويشجى نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطو على أرضكم التى سقاها بالدماء آباؤكم، ويذلكم ويتعبكم وأنتم كنتم سادة الدنيا؟

أما يهز قلوبكم وينمى حماستكم، أن إخوانا لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف؟ أما فى البلد عربى؟

أما فى البلد مسلم؟ أما فى البلد إنسان؟

العربى ينصر العربى، والمسلم يعين المسلم، والإنسان يرحم الإنسان.. فمن لا يهبّ لنصرة فلسطين لا يكون عربيا ولا مسلما ولا إنسانا.. أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب، ويخوضون النار، وينامون على الجمر؟!

يا أيها الناس.. إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادى الجهاد، وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يُدِرْنَ رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل، يا نساء بعمائم ولحى.. أو لا.. فإلى الخيول وهاكم لُجُمُها وقيودها..

هذه ضفائر المخدرات، التى لم تكن تبصرها عين الشمس، صيانة وحفظا، قطعنها لأنَّ تاريخ الحبّ قد انتهى، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب فى سبيل الله، وفى سبيل الأرض والعرض، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها، فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وضفائر.. إنها من شعور النساء، ألم يبق فى نفوسكم شعور؟!

وألقاها من فوق المنبر على رءوس الناس صارخا: تصدّعى أيتها القبة، ميدى يا عُمُد المسجد، انقضى يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم.. فصاح الناس صيحة ما سمع مثلها، ووثبوا يطلبون الموت".

هكذا هن النساء يصنعن التاريخ عند تخاذل بعض الرجال، ويقمن الحجة على أصحاب العمائم واللحى، ويثبتن فى الميادين فى الوقت الذى يفر فيه المدَّعون وأصحاب الظواهر الصوتية، ويبدين قدرة على الصمود وشجاعة فى مواجهة الظلم والباطل تبرهن على أنهن أفضل من خانعين كُثُر، لا يحملون من الرجولة إلا صفة الذكورة.

المصدر