أكره الرئيس الذي لم يمتلك من رئاسة مصر إلا اسم الرئيس!
بقلم د. محيي الدين عميمور وزير الاتصال والثقافة الجزائري الأسبق
بعد سنة من الفشل في حكم محمد مرسي لمصر، جاءت مبعوثة الاتحاد الأوروبي «كاثرين آشتون» لتنقذ مصر من حكمه، فساومته في القصر الرئاسي، حُباً في مصر، وطلبت منه التراجع عن مشروع استقلال مصر في غذائها ودوائها وسلاحها؛ لتظل مصر في الحُضن الغربي متنعمة بالرخاء الاقتصادي ومتسلحة بالتكنولوجيا الغربية، وليظل الشعب المصري أقوى شعوب المنطقة صحة وأغناها مالاً وأسعدها حالاً، ولتظل مصر للشباب المصري يعمل فيها قبل أن يبيعها مرسي للسودان وقطر وليبيا وفلسطين؛ فيضطر الشباب المصري للهجرة ليعمل خارج وطنه تحت مذلة الكفالة!
وقبل أن يحرم مرسي المصريين شربة المياه لصالح إثيوبيا، وقبل أن يحرم المصريين من تعمير سيناء جاءت «آشتون» لتقوم بواجبها في حماية مصر من المصريين!
وبعد سنة من تعويق مرسي حتى لا يستقل بمصر عن الحضن الغربي المتقدم ويرمي بها في الحضن الشرقي المتخلف، أرسل ساسة الغربيين الكارهين لاستقلال مصر (ليس كل الغربيين يكرهون الشرقيين) وارِدتهم لتخلص مصر من فشل مرسي الذي راقبوه سنة كاملة، وأدركوا بعد سنة أنهم لو تركوه أكثر من ذلك لنجح في مخططه الاستقلالي الذي يهدف إلى اعتماد المصريين على أنفسهم قبل الأوان وسعيهم لامتلاك غذائهم ودوائهم وسلاحهم!
لقد قرأ الغربيون الكارهون محمد مرسي قراءة لم يقرأها كثير من المصريين، ولم يقرأها كذلك نفر من جماعته، وأنتم تعلمون أن الغرب يعتمد في قراءاته وقراراته على المعاهد البحثية والمؤسسات العلمية لا على تضليل القنوات الفضائية.
ولقد رأينا جميعاً كيف قام الغرب بوضع العقبات والمعوقات أمام مرسي حتى لا يتمكن من الاستقلال بمصر أو إنجاز شيء على الأرض فيفشل ويفشل معه مشروع نهضة مصر على أساس الإسلام؛ ليتبرأ المصريون من الإسلام كحل لمشكلاتهم ومُغَيِّر لأوضاعهم؛ ولتطمئن «إسرائيل» وأمريكا وأوروبا في الخارج، ويطمئن المسيحيون في الداخل على أن مصر لن تكون للإسلام حتى لا يؤخرها عن ركب العالم المتقدم؛ صرَّح بذلك «تواضروس»، بابا الكنيسة المصرية، على القنوات الكنسية قائلاً: لن يحكم مصر مسلمون يجددون فيها سيرة المحتل عمرو بن العاص الذي احتلها منذ أكثر من ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين عاماً؛ بعد أن أعادها الرب إلينا»!
وكلنا شاهد أجهزة الدولة ومؤسساتها وهي لا تأتمر بأمر مرسي وتعمل على تعويقه والاستهزاء به والسخرية منه، وقد بدأت محاولات تعويقه حتى قبل أن يتسلم مهامه كرئيس، مثل: حل مجلس الشعب، وإصدار إعلان دستوري يعوِّق مساره.
لكن الرئيس محمد مرسي تحرك وبسرعة فائقة على مسارات كثيرة، بـ«اسم رئيس الدولة» لا بأجهزة الدولة، حركة أزعجت نفراً من الساسة الغربيين، وأبانت عن قدرة مرسي على استنقاذ مصر من حضن التبعية الغربية؛ خصوصاً بعدما رأوه على الأرض يؤسس لنهضة مصرية تستهدف اعتماد مصر على نفسها لتمتلك غذاءها ودواءها وسلاحها.
لقد انزعج الغربيون الكارهون لاستقلال الشرقيين من مرسي؛ بعدما شاهدوا إنجازاته في مخططه على مدار سنة وهو لا يمتلك من مقومات رئيس الدولة إلا اسم الرئيس.
إن أولئك الغربيين الكارهين لاستقلال مصر عن حضنهم قد اهتموا بمراقبة مرسي سنة كاملة؛ فلم يتحملوا إنجازاته بـ«اسم الرئيس» الذي فصلوا عنه، بمعونة رجالهم في الداخل، أجهزة الدولة، بل وخططوا لفصله حتى عن جماعته وحزبه اللذين ناصراه ووقفا وراءه وشدا أزره وساعداه في الخدمات الاجتماعية والصحية والتموينية والبحث العلمي.
لقد وجدوا أن محمد مرسي باسم الرئيس، دون معاونة أجهزة الدولة تحرك على مسار التطهير؛ فأقالَ بعد شهرين واثني عشر يوماً مِن رئاسته ما يقرب من سبعمائة وخمسين قيادة عسكرية وأمنية على أعلى مستوى كان ولاؤها للغرب، لكن تفاجأ مرسي بأن التطهير يحتاج أكثر؛ لأن الفساد لم يكن يتوقف عند هذا العدد، وحتى لا تتهدم المؤسسات؛ طالَب مرسي كل مؤسسة أن تستشعر المسؤولية الوطنية وتقاوم المفسدين داخلها ليتم التطهير الذاتي.
وباسم الرئيس؛ عيَّن مرسي وزيراً للإنتاج الحربي ليبدأ إنتاجنا الحربي بعد أن توقف من عهد التآمر الخارجي والداخلي على الوزير الوطني الحر «أبو غزالة».
وباسم الرئيس؛ توجَّه مرسي إلى الهند، كما أعلنت الهند بعد الانقلاب، واتفق على تصنيع قمر صناعي لتطوير الصناعات الحربية.
وبِاسم الرئيس؛ اشترى مرسي غواصتين حربيتين لردع العدو الصهيوني، واشترى عدداً من السيارات للشرطة المصرية ليرفع شأنها وتبدأ حياة نظيفة تمارس بمهنية أخلاقية عملها في خدمة الشعب وضبط الأمن.
وباسم الرئيس؛ طوَّر مرسي الهندسة المصرية الحربية لتصنع أول سيارة مصرية 100% وانتهى التصنيع وكان المصريون على موعد في يوليو الانقلاب للاحتفال برؤيتها والافتخار بتملُّكها والانتفاع بها.
وباسم الرئيس؛ خطط مرسي لتنفيذ مرحلة مترو جديدة بهندسة مصرية 100%.
وباسم الرئيس؛ استدعى مرسي كبرى الشركات العالمية لتتخذ من مصر مقراً لمصانعها حتى لا يظل المصريون يعملون خارج وطنهم، ودعوة مرسي كبرى الشركات العالمية للاستثمار في مصر يعني نقل التكنولوجيا إلى مصر وانتهاج سياسة الصين في استقدام كبرى الشركات لتبني مصانعها في الصين لتصير النهضة صينية؛ وهكذا أراد مرسي أن تكون النهضة مصرية.
وباسم الرئيس؛ تعاقد مرسي مع ماليزيا وتركيا على إقامة مدن صناعية بتكنولوجيا ماليزية وتركية وبعمالة مصرية ليعمل كذلك المصريون في وطنهم دون مشقة أو مهانة الغربة.
وباسم الرئيس؛ قرر مرسي تكريم المرأة المعيلة فرفع حقها في الدولة من أربعة وثمانين جنيهاً لثلاثمائة جنيه ثم وعدها بسبعمائة جنيه في يوليو الانقلاب، وقال: وهذا لا يكفيها، وسأظل أزيدها لتكتفي وتستقل بحقها دون أن تحتاج لعطف أو شفقة من أحد.
وباسم الرئيس؛ أسس مرسي لتصنيع طاقة شمسية في صحرائنا الغربية.
وباسم الرئيس؛ راح مرسي يؤسس لمشاريع عملاقة على جانبي قناة السويس ليجعل من مصر سوقاً عالمية في صناعة وصيانة السفن وفي تسوق وتسويق منتجاتنا المصرية للسوق العالمية.
وباسم الرئيس؛ أقام مرسي علاقات قوية مع جيران مصر في السودان وفلسطين وليبيا؛ ليؤمن حدود مصر بقوة العلاقة مع جيرانها.
وبِاسم الرئيس؛ انطلق مرسي يقيم علاقات حسن جوار مع إثيوبيا التي قاطعتها مصر لسنوات ليحمي حق المصريين في ماء النيل بعد أن دعمهم مبارك بتوصية «إسرائيل» على إقامة السد الإثيوبي.
وباسم الرئيس؛ سعى مرسي لتعمير سيناء بعد أن كانت صحراء جرداء.
ونذكّر بأن كارهي استقلال مصر افتروا على الرئيس مرسي بأنه باع قطعة من مصر للسودان وقطعة لغزة وقطعة لليبيا وزعموا أنه باع قناة السويس لقطر؛ وإلى الآن لم يُظهر الانقلابيون عقود البيع، فأين هي؟! ولماذا لم يحاكَم الرئيس مرسي بتهمة البيع؟!
وباسم الرئيس؛ بدأ مرسي يمنح أطفالنا في المدارس جهاز «تابلت» صنع في مصر للمرة الأولى دونت عليه مقرراتهم الدراسية؛ ليربطهم بنهضة وطنهم في صغرهم وليرحمهم من حمل الكتب على ظهورهم.
وباسم الرئيس؛ أسرع مرسي مع وزيره الإخواني باسم عودة الذي تعاون معه؛ لكفاية المصريين من القمح أساس غذائهم، ووعد بكفاية كاملة من القمح المصري خلال عامين، وتحرك على الأرض فأمر ببناء الصوامع واستنهض همة رجال البحث العلمي في تحسين محصول القمح وشجع الفلاح ونزل معه الأرض في موسم حصاد القمح؛ ليشجعه على إنتاجه ورفع سعر إردب القمح وفتح مجالات تسويقه أمام الفلاح.
ولأول مرة نرى التجار يتهافتون على شراء قمح الفلاح المصري ويقيمون شوناً لتجميعه داخل القرى والأحياء، ولم يكتف بذلك؛ فتعاقد مع السودان على تأجير عشرين ألف فدان جاهزة لزراعة القمح لصالح مصر على أرض السودان كمرحلة أولى.
وحارب الوزير الإخواني «مافيا» المخابز التي كانت تتاجر في دقيق القمح المدعوم وتبيعه علفاً لتجار المواشي.
ولأول مرة يحصل المصريون على رغيف خبز يصلح للاستخدام الآدمي، وعلى زيت مدعوم معلوم المكونات أصفر اللون مصفى يسرّ الناظرين.
كما حارب الوزير الإخواني الاتجار في الغاز المدعوم، وحدد سعر أسطوانة الغاز بعشرة جنيهات بعد أن وصل الاتجار بها إلى أربعين جنيهاً؛ ورحم المصريين من النوم في الطرقات في ليل الشتاء في حضن أسطوانات الغاز الفارغة.
وباسم الرئيس؛ حصَّن مرسي الجمعية المنتخبة لصياغة أعظم دستور عرفته الأمة المصرية وعرَضه على المصريين ليقرؤوه قبل أن يستفتوا عليه، وفي عهد مرسي وضع أول دستور مصري تصوغه إرادة المصريين.
وباسم الرئيس؛ استرجع مرسي الحق المصري في امتلاك خريطة المناجم التي توجد في الأرض المصرية التي رفضت أمريكا وروسيا إعطاءها للمصريين منذ اكتشافها؛ فتعاقد مع الروس على شراكة اقتصادية شريطة أن تمتلك مصر هذه الخريطة قبل أي شيء، ولأول مرة تنجح إرادة مصرية -بعبقرية الرئيس مرسي التفاوضية- أن تمتلك خريطة المناجم المصرية لتبدأ نهضتها في التأسيس للصناعات الكبرى.
والمقال يطول حين يستعرض إنجازات الرئيس محمد مرسي الذي لم يمتلك من مقومات الرئاسة إلا «اسم الرئيس» الدكتور العالم الهندسي الذي لم تتحمله الهيمنة الغربية على مصر وهي تراه يستردها ويستقل بها؛ لتكتفي من غذائها وسلاحها ودوائها؛ ولتكون مصر النهضة للمصريين؛ فأرسلوا واردتهم «آشتون» لتساومه على أن يعيد تسليم مصر لإدارتهم عبر حكومة يختارونها لتحل محل حكومة هشام قنديل الذي أطلقوا عليه «كلابهم» الإعلامية ليغيِّره مرسي بعد أن رأوا تعاونه معه فترة رئاسة الحكومة واتهموه بالفشل.
ولما رفض مرسي عَرض «آشتون» بأن يستكمل مدة رئاسته «طرطوراً» ويترك إدارة الدولة لرئيس الحكومة المرتقب تعيينه من الغرب؛ هددته بالسجن قائلة: «إن غيَّرت رأيك فكلمني من السجن»؛ فأعلن الرئيس مرسي اختياره افتداء مصر بحياته جاعلاً حياته ثمناً لحرية وطن لا هيمنة لأحد عليه.
لهذا أعتذر إليك معالي الرئيس وأعلن بكل فخر: أُحبك مرسي وأعتز برئاستك.