أهمية الإعلام في فكر الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أهمية الإعلام في فكر الإخوان المسلمين


على الرغم من مجابهة الإخوان للحكومة فيما تذيعه عبر الإذاعة، والضغط عليها لنشر الفضيلة عبر هذه المؤسسة، إلا أن الأستاذ حسن البنا أوضح للإخوان الهدف وأجلى غبار الطريق في علاقة الإخوان مع هذه المستحدثات فقال:

"إن الناس يعيشون بغير قلوب، وقد ربطتم قلوبكم وجهادكم بالله العلي القدير الذي يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ "البقرة: 152" فادرسوا وتفقهوا في مبادئكم العالية، وتمعنوا في كتاب الله جيدًا، إن هذه الكتائب والفرق لم تجهز لبغي ولا لطغيان، وإنما أُعدت لتكون سلامًا في النفوس، ونظامًا للمجتمعات، وقوة للحق، ومددًا لكتاب الله، إن الإخوان المسلمين لا يحاربون المسرح ولا المذياع؛
لأنهم ليسوا من الجمود بحيث يقفون هذا الموقف وإنما يريدون أن يطهروهما من الشر والإثم، ويزيلوا أثرها السيء المُنصب على نفوس الشباب والفتيات، ولذلك فهم قد أعدوا للمسرح قصصًا كريمًا، وأدبًا رائعًا، ومثلًا وتوجيهًا صادقًا" (1)

وزاد الأمر إيضاحًا من خلال رسالة (المنهج) التي أوضح فيها بأن الإخوان المسلمون يريدون العلم النافع المثمر، والعقل الناضج السليم، والتفكير المنطقي الدقيق، يمد ذلك كله الخلق الفاضل والنفس الزكية الطيبة

ويكون ذلك بما يأتي:

  1. استخدام الإذاعة استخدامًا ثقافيًّا وتهذيبيًّا وإصلاح شأنها.
  2. العناية بالأغاني والأناشيد وصبغها بالصبغة الحماسية مع الروحية، وإبعادها عن العاطفة الغرامية التي تنافي الرجولة.
  3. الاهتمام بحركة التأليف والنشر، ومراقبة المطبوعات، ومصادرة كل الروايات الهازلة الضئيلة المغزى، على أن يستبدل بها روايات وأقاصيص أخرى مع تهذيب تراثنا القصصي القديم وبعثه من جديد. (2)

لقد استخدم الأستاذ البنا الإذاعة في مناسبتين، الأولى:

كانت كلمة بمناسبة المولد النبوي الشريف، والثانية: البرقية التي أرسلها الأستاذ البنا لرئيس مجلس الأمن يعترض على برقية النحاس باشا التى أرسلها له يطلعه أن النقراشي رئيس الوزراء لا يمثل مصر في عرض القضية المصرية على مجلس الأمن، مما دفع الأستاذ البنا بإرسال رسالة يؤكد له فيها أن الإخوان المسلمون والشعب المصري كله يقف خلف النقراشي في عرض قضية وطنه من أجل نيل الاستقلال، ولذا اهتمت الإذاعة ببث هذه البرقية على مدار يومين. (3)

وحينما سقطت السيارة الجيب اتهمت الحكومة الإخوان أنهم يمتلكون معدات لإنشاء إذاعة لاسلكية، حيث جاء في صحيفة الاتهام أن المتهمين حازوا أجهزة وأدوات خاصة بمحطة إذاعة لاسلكية، بدون إخطار إدارة تلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية، وبغير ترخيص وأقاموها في منزل بإحدى الضواحي أعدوه لهذا الغرض.

وكتب صحيفة البلاغ الوفدية على صفحاتها ذلك، حيث قالت: وفي 23 فبراير 1949م تم ضبط محطة الإذاعة السرية التي كانت تذيع منها جماعة الإخوان المسلمين المنحلة. (4)

غير أن المحكمة برّأت الإخوان من هذه التهمة، حيث جاء في حيثيات الحكم الفقرة الخامسة: براءة المتهمين جميعًا من تهمة الاتفاق الجنائي على محطات سرية للإذاعة واللاسلكي بدون إخطار وبغير ترخيص لنص المادة 206 من قانون الجنايات. (5)

وقد قال محمود عساف عنها:

"اعتقلت للمرة الثانية بعد يومين من الإفراج؛ لأني كنت أقطن بفيلا بشارع الأصبغ بحلمية الزيتون، قريبا من فيلا استأجرها المهندس سعد جبر نجل الشيخ محمد جبر التميمي عضو الهيئة التأسيسية للإخوان. وكانت هذه الفيلا مقرًا لمحطة إذاعة أنشأها سعد جبر لحساب الهيئة العليا لفلسطين بزعامة الحاج أمين الحسيني. وتصور رجل القلم السياسي– كما هو دأبهم دائمًا– أن هذا المحطة تابعة للنظام السري للإخوان، بالرغم من أنها لم تذع رسالة واحدة تتعلق بالإخوان أو مشاكلهم مع الحكومة. (6)

كانت ظروف الوطن في الأعوام التالية غير مستقرة حيث دخلت في حرب القنال ثم حريق القاهرة ثم ثورة 23 يوليو ثم مرحلة الصدام مع العسكر والمحن، كل ذلك جعل الجماعة مغيبة عن منهج الإصلاح والتطوير.

استكمال مسيرة الإصلاح

رغم المحن التي واجهت الإخوان إلا أن الفكر الإصلاحي ظل عماد دعوتهم ومسيرة حياتهم، ولهذا كانت أول فكرة لإنشاء حزب في 25 أغسطس 2007م، اهتمام الإخوان بالإذاعة والتلفزيون

حيث جاء في أطروحة الحزب:

"للإعلام بكافة وسائله من صحافةٍ وإذاعةٍ وتليفزيون دورٌ بالغ الأهميَّة في تدعيم قيم المجتمع، وترسيخ هويته، مع دعم الاتجاه الإصلاحي داخل المجتمع، مثل فكرة المُشاركة الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان، ودعم مفاهيم الانتماء، وإحياء روح الوطنيَّة والتَّسامُح، ورفض التَّعصُّب والتَّخَلُّف، مع دعم حقوق المرأة، والتعامل مع مختلف قضايا المجتمع دونما أي حساسيات.
لذا يؤيد الحزب مطالب القوى السِّياسيَّة الوطنيَّة التي ترمي إلى أهميَّة رفع يد الدولة عن احتكار أجهزة الإعلام الجماهيري، وذلك عبر السماح بحريَّة تأسيس إنشاء محطات الإذاعة والتلفزيون الخاصة، شريطة أنْ تتوافق في رسالتها العامَّة مع قيم ومبادئ المجتمع المصري، ولا بد من إصلاح لغة الخطاب الإعلامي العام، والالتزام باللغة العربية الفصحى مع التيسير والتبسيط، وأنْ يُعتمد على الشفافيَّة والمصداقيَّة وحريَّة التَّخاطب، وحياديَّة وواقعيَّة الطَّرح، وبخاصة في البرامج الحواريَّة والمواد الإخباريَّة.
وكان قبلها للإخوان دور مهم في البرلمان حيث تقدموا بطلبات إحاطة حول ما يجرى في الإذاعة والتلفزيون، كما تقدموا بمشروعات قوانين لذلك.

وحينما أنشأ الإخوان حزب الحرية والعدالة؛ وضعوا نصب أعينهم إصلاح الإذاعة والتلفزيون فجاء فيها:

  1. تأسيس منظومة جديدة للإعلام المصرى تضم هيئة التليفزيون ومجلس وطنى للإعلام، ومكتبًا للإعلام الخارجي، مع إلغاء هيئة الاستعلامات.
  2. تكوين مجلس أمناء حقيقي مستقل عن الحكومة لهيئة التليفزيون يرسم سياسات القنوات التليفزيونية ويراقب تنفيذها، ويحدد خطط التوسع أو الانكماش على ضوء احتياجات الواقع، ويتم اختيار مجلس الأمناء لمدة محددة من قبل مجلس الشعب.
  3. ترشيد الإنفاق عن طريق أدوات الرَّقابة الماليَّة والإداريَّة المختلفة، والتَّحقُّق من إدارة العمل بالكفاءة والفاعليَّة المناسبة.
  4. وضع سياسة متوازنة للتَّعامُل مع قضيَّة (التَّشفير) لخدمة عمليَّة تطوير الأداء الإعلامي، مع الاستمرار في تقديم خدمة إعلاميَّة ثقافيَّة وترفيهيَّة متطورة للمواطن.
  5. تحديث الخُطَط البرامجيَّة وخرائط القنوات الحاليَّة (الأرضيَّة بأنواعها، والفضائيَّة) تأخُذ في اعتبارها حاجات وقيم وسلوكيَّات المواطن المصري المختلفة، وتعميق طابع الخصوصيَّة للقنوات المحليَّة، وتطويرها بحيث تكون قادرة علي الوصول برسالتها إلى خارج الإطار المحلي لها.
  6. تطوير قطاع الفضائيَّات في مختلف القضايا بحيث يكون قادرًا علي مخاطبة كافة الأقليات المصريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة الموجودة في العالم.
  7. التأكيد على احترام الأديان السماوية والقيم الأخلاقية وترشيد عمليَّة الرقابة علي مختلف المواد الإعلاميَّة والدراميَّة خاصة من الناحية الماليَّة، مع التَّركيز علي ثقافة الحوار في هذه المواد، ودعم احترام الأديان السماويَّة. (7)

وحينما وصلت الجماعة إلى منصب رئيس الجمهورية عمدت لإصلاح هذا الجهاز، فكانت أول مذيعة محجبة تدخله في عهد الإخوان المسلمين، وقد سعى وزير الإعلام حينها لإصلاح وبث روح التربية في هذه المؤسسة.

المصادر

  1. أنور الجندي: الإخوان المسلمون في ميزان الحق، دار الطباعة، ص(38).
  2. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المنهج، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
  3. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (375)، السنة الثانية، 4 رمضان 1366 ه - 22 يوليو 1947م، ص(1).
  4. البلاغ: العدد 8366، السنة 27 ، 26 ربيع ثاني 1368هـ - 23 فبراير 1949م ، ص2 - والمقطم : العدد 18632 ،السنة السادسة، 26 ربيع ثاني 1368هـ - 24 فبراير 1949م ،ص2
  5. السيارة الجيب: حيثيات الحكم، دار الفكر الإسلامي، 1951م، صـ 94.
  6. محمود عساف: مع الإمام الشهيد حسن البنا، 1993م، صـ 72.
  7. برنامج حزب الحرية والعدالة: 2011م.