أين الله ؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أين الله ؟!

بقلم / د. ممدوح المنير

B.JPG

ليس المقصود بداية من التساؤل المعنى العقدى ، فليس محل المقال هنا الإجابة عن هذا التساؤل ، كما أن إجابته معروفه للجميع على حسب ما أعتقد .

لكن ما أبحث عن إجابة له هنا ، هو وجود الله فى كتابات النخب و المثقفين عندنا ، تعترى المرأ الدهشة البالغة ، حين يجد الكثير من الكتاب يتعمد و بشكل واضح أن يتجنب أىّ ذكر للفظ الجلاله فى طرحه لقضية ما ، بل إنّ هناك دوريات عربية ثقافية أو علمية تتعمد ألا يذكر لفظة الجلاله نهائيا فى أىّ من مواضيعها ، رغم أن كتّاب الدورية العلمية من العرب و المسلمين.

حقيقة يتعجب المرأ و يتألم كثيراَ من هذا الموقف الغريب ، لاحظ معى كذلك أنى لا أتحدث عن الإستشهاد بآية قرآنية أو حديث نبوى أو موقف من السيرة فى تناول الموضوع ، فقط ما أتحدث عنه هو مجرد ذكر لفظ الجلاله فى المقال و نحوه أو مطبوعة دورية علمية ، و الأعجب أنك قد تجد كتّاب يوصف الواحد منهم بالكاتب ( الإسلامى ) و يدافع فى طرحه عن إشكاليات ( إسلامية ) و لكنك لا تجد أبداَ أى ذكر لله فى ثنايا ما يكتب !! .

لا أتحدث كذلك عن مواضيع مترجمة تخلو تماما من ذكر الله قد يتخذها البعض تكأه بحجة الأمانة العلمية فى الترجمة ، كما أنّى لا أتحدث بطبيعة الحال عن إقحام لفظ الجلالة إقحاماَ فى النص المكتوب بلا معنى ، كما أنّى لا أطالب كل من هبّ و دبّ أن يتحول إلى شيخ أو كاتب إسلامى فى تناوله لقضية ما .

لكن ما يعتقده البعض و يؤمن به أن الله جلّ و علا ، حاضر فى العقل و الضمير و الشعور لكل منّا ، لا اتحدث هنا أيضاَ عن الوجود الإيمانى الذى يتمايز به فرد عن آخر ولكن ما أتحدث عنه هو الوجود الفطرى لله فى حياتنا و الذى لا يشترط إيمان متيقّظ أو حتى مرجعية إسلامية لتشعر به ، فقد هو إحساسك بأنّ لهذا الكون إله يفزع إليه البشر جميعاَ صالحهم وطالحهم عندما تغلق أبواب الأرض و يتلفت المرأ حوله فلا يجد أحداَ يُنجيه من كبوته سوى الله .

من الواضح أن منطق التبعية للعقل الغربى فى التفكير و السلوك ، قد أوجد حالة من النفى أو الإستبعاد لله من ( كتابات ) مثقفينا و مفكرينا - إلاّ من رحم ربى - و هذه الحالة هى تراكم لعصور النهضة فى الغرب و التى تخاصمت مع الدين بالكلية و من ثم وجدت لها أرضاَ خصبة فى عصور الإنحطاط لدينا ، فعلمانية الغرب لا تستبعد الدين فقط من حياتها و لكن تستبعد الله – سبحانه – من حياتها كذلك ، فمقبول فى الغرب أن يكون هناك شخص يؤمن بالله و جوداَ و لكنه لا دينى !! ، لذلك أستقر فى العقل الباطن لدى الكثيرين ، أن قيمة ما يكتب تزداد حين يكون الله خارج الموضوع !!.


أعلم أنه بطبيعة الحال أن الذى يكتب و الله حاضر فيما يكتب نادرا ما يجد مطبوعة تنشر له موضوعه ، بعد أن أصبحت الأغلبية الساحقة من وسائل النشر علمانية التوجه ، و إذا ذكرت الله - المطبوعة - فى كلماتها فعلى إستحياء ، من باب ذرّ الرماد فى العيون أو لإحياء مناسبة دينية لزيادة التوزيع ، حين يصبح الله – سبحانه - موضوع إقتصادى لدى البعض فلا تتوقع لهذه الأمة أن تقوم لها قائمة ، و حين يصبح الله هو الغائب الوحيد فيما نكتب فلا تبحث عن نهضة أو تقدم .

إن هذه الأمة قد صممت جينات أهلها أن يكون الله حاضراَ فى كافة تفاصيل حياتها و حين يغيب ، تنهار و تنحل عراها ، إننى أدعوا الجميع أن يصبح الله هو الحاضر الأوّل فيما نكتب ، إذا أردنا حقاَ العزة فى الدنيا و النجاة فى الآخرة .


المصدر : نافذة مصر