أ. د. حلمي محمد القاعود يكتب: دفاعا عن الأزهر لا عن عمائمه!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أ. د. حلمي محمد القاعود يكتب: دفاعا عن الأزهر لا عن عمائمه!

بتاريخ : السبت 10 يناير 2015

كان الأزهر على مدى ألف عام ضمير

الأمة وصوت المستضعفين والفقراء، ورمز المقاومة ضد الاستبداد والغزاة،وتجلى موقفه في كثير من المواقف التي سجلها التاريخ بحروف من نور، حتى جاء العسكر الانقلابيون منذ ستين عاما ليحولوه بوصفه آخر معاقل المقاومة ضد الاستبداد والطغيان؛ إلى كيان آخر يهتف لهم ويبرر جرائمهم ويسبح بحمدهم من دون الله، وكان القانون 103 لسنة 1961م، آخر مسمار في نعش الأزهر المقاوم.

وشاء الله أن ينبت في الأزهر

مقاومون جدد، يغضبون من أجل الإسلام، ويرفضون الدنية، ويقدمون استقالاتهم مرات عديدة، احتجاجا على مواقف ضد الإسلام، أو ضد الأزهر المؤسسة العلمية التاريخية.

ولعل الشيخ عبد الحليم محمود – خريج السوربون ياللمفارقة – كان أبرز النماذج التي عبرت عن الغضب حين أهان البكباشي الأرعن علماء الأزهر ووصفهم بأنهم يفتون نظير أوزة، وحين رأى السلطة تجعل شيخ الأزهر في مرتبة وزير..

وهو الذي ذهب إلى أعماق الريف والصعيد ليبني معاهد أزهرية، ويفتتحها منددا بالشيوعيين الخونة والعلمانيين المجرمين، ولم يخافت برأيه، ولم يسع إلى تدليل هؤلاء الأوغاد الذين يحاربون الله ورسوله.

كان الشيخ عبد الحليم محمود نموذجا

لعالم الدين الزاهد الذي يغضب من أجل الله، وليس من أجل منصب أو جاه، أومدفوعا برغبة حاكم، أو ضابط أمن، وحين أراد السادات إحراجه أمام الأنبا الطائفي المتمرد شنودة بإلغاء التربية الدينية الإسلامية والناس يشاهدون ما يجري على شاشة التلفزيون رفض بوضوح قاطع انتصارا لدين الله، ولم ترهبه أقلام المثقفين الأوغاد الذين يعملون وفق توجيه البيادة!

عبد الحليم محمود الذي انتفض من أجل

الأزهر، ولبس العمامة في تحد واضح لمن ازدراها، هو الوحيد الذي قد استقالته ثلاث مرات ولم يكتف بوضعها في جيبه؛

وأعلن بملء فيه أمام الدنيا كلها أنه سيزرع معهدا دينيا إسلاميا في كل بقعة على أرض مصر، في وقت كان المثقفون الأوغاد يصنعون الأغاني التي تغني لمن يخالف الاشتراكية والتقدمية: "ونقول لك يا عدو الاشتراكية يا خاين المسئولية.. ونطبل لك كدهو ونزمر لك كدهو.."!

حين يواصل اليوم المثقفون الأوغاد

وهذا وصف وليس هجاء – هجومهم على الأزهر وعلومه ومواده، فإن الأزهر الرمز والتاريخ والشارة يجب ألا ترتعد فرائصه، لأن من يحركون هؤلاء المثقفين الذين لا يعرفون فرائض الوضوء؛ هم أعداء الإسلام والوطن، ممن امتلكوا مقدراته وحرموه الحرية، وأذلوه بالاستبداد والطغيان، وقتلوا أبناءه في الشوارع والميادين، والمدن والقرى.

هؤلاء الأوغاد مدفوعون بمن يوجههم

إلى هدم الدين الذي لن يهدم بأمر الله، ومدفوعون بأوامر العملاء الذين يوجههم الغرب الصليبي واليهود الغزاة.

الأزهر القلعة الشامخة فوق العملاء والأعداء حين ينتصر لدين الله، وليس لتصفية حسابات مع من لم يسيئوا إليه أو يزدروه أو يمسحوا به البلاط، فإنه يقوم بواجبه الديني ودوره التاريخي!

غريب أن يسارع بعض الأزهريين إلى تقليص المواد الأزهرية، وجمعها في كتاب واحد، ليكون الأزهر مثله مثل المدارس العامة التي لا تعلم ولا تربي، وغريب أن يردد بعضهم ما يقوله المثقفون الأوغاد عن بعض المواد وما تحمله من مضامين ومناهج، وتناسوا أن الأزهر هو الذي زاوج قبل أي نظام تعليمي في العالم بين الدليل النقلي والدليل العقلي في قضايا التفسير والتوحيد والفقه والأصول والأدب والتاريخ.

كيف تتجمع مواد اللغة العربية في كتاب واحد، ومواد الشريعة في كتاب واحد؟ما الفارق بين كتاب اللغة العربية وكتاب التربية الدينية في المدارس، ونظيريهما المنتظرين في الأزهر الشريف؟

هل نسيتم أيها السادة أن الأزهر

تخصصه الأساسي هو العلوم الإسلامية واللغة العربية، وأساسهما القرآن الكريم الذي يجب أن يحفظه الطالب حفظا حقيقيا قبل أن تطأ قدمه المرحلة الإعدادية التي كانت تسمي الابتدائية على عهدي وعهد شيخ الأزهر الحالي؟ عودوا إلى أزهر ما قبل 1961م، يرحمكم الله.

إني أسأل ماهي نسبة الطلاب الحافظين للقرآن الكريم كله الآن في المرحلة الإعدادية بل الثانوية، بل الجامعية؟ ألم تسمعوا أئمة وخطباء لا يحسنون قراءة الآيات بل لا يحفظونها فضلا عن أخطاء النحو والصرف التي تتردد بغير حساب في الصلوات والخطب والدروس؟

الذين أرادوا تخريج طبيب فقيه

وصيدلي داعية، ومهندس إمام لم ينجحوا في أن يكون الخريج طبيبا أو صيدليا أو مهندسا ولا أن يكون فقيها أو داعية أو إماما، وهم يعلمون ذلك ويدركونه جيدا، فكيف لهم أن يخضعوا لإرادة المثقفين الأوغاد بتقليص المواد الأزهرية تحت زعم تنقيتها، وغربلتها من الآراء التي لا تواكب العصر؟

هل يستطيع المثقفون الأوغاد أن يطلبوا من الكنيسة تغيير مناهجها التعليمية في الكلية الأكليركية، ومواعظهم الأسبوعية.

وبعضها يتحدث عن الإسلام بما لا يليق، ويرى المسلمين غزاة بدْوا جاءوا من أعماق الصحراء ويجب إجلاؤهم من وادي النيل؟ هل يستطيعون...؟ لا، لأن الحرب على الإسلام هي وظيفتهم والمطلوب إشعالها باستمرار، وتفريغ مصر من الإسلام هدف استراتيجي لقوى الشر المجرمة!

لقد سمع الأزهريون يوم المولد النبوي الشريف ساري عسكر قائد الانقلاب وهو يقول بوضوح لا لبس فيه ولا غموض: "أنا مش بقول الدين، أنا بقول الفكر ده، اللي تم تقديسه: نصوص وأفكار تم تقديسها على مئات السنين وأصبح الخروج عليها صعب أوي لدرجة إن هي بتعادي الدنيا كلها.. بتعادي الدنيا كلها.. يعني الواحد وستة من عشره مليار هيئتلوا (يقتلون) الدنيا كلها اللي فيها سبعة مليار عشان يعيشوا هُمّا؟ مش ممكن.

الكلام ده أنا بؤوله (أقوله) هنا في الأزهر هنا.. أمام رجال وعلماء الدين.. والله لأحاجِيكم يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى على اللي أنا بكّلّم فيه ده دلوأتي (الآن).. إنتَ مش ممكن تكون وانت جواه تكون حاسس بيه، مش ممكن وانت جواه تكون حاسس بيه.. لازم تخرج منُّه وتتفرج عليه وتِئراه (تقرأه) بفكر مستنير حقيقي".

الأزهريون

الذين سمعوا هذا الكلام، وكلاما آخر عن تغيير الخطاب الديني، لم يهتزوا ولم يغضبوا، ولم يتكلموا ولم يتساءلوا: ما هو الكلام المقدس خارج القرآن الكريم والحديث الشريف الذي تقدسه الأمة منذ مئات السنين ويدفعهم إلى قتل البشر.

وهل المسلمون هم الإرهابيون والعالم هو الحمل الوديع (الصليبيون وفقا لإحصاءاتهم؛ قتلوا مائة مليون إنسان في القرن العشرين والمسلمون لم يقتلوا غير بضعة آلاف دفاعا عن النفس)؟ ثم ما معني تغيير الخطاب الديني؟

وما مفهوم الاستنارة؟ الخطاب الديني باختصار – يعرف ذلك المثقفون الأوغاد - هو مضمون الدين، والاستنارة كما يعرف الأوغاد هي الإيمان بالواقع والتجربة ورفض ما وراء الطبيعة أي رفض الوحي والدين!

أين علماء الأزهر من هذا التدليس؟ والتضليل؟ وأين غيرتهم على الدين؟

المصدر