إجهاض الانتفاضة الشعبية .. بين إجراءات الاحتلال والسلطة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام

مع تصاعد وتيرة المواجهات في الضفة المحتلة لليوم السادس على التوالي، وتبلورها على شكل انتفاضة ثالثة؛ تتسارع خطى الاحتلال الصهيوني، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية لمحاولة تهدئة الأمور وإخماد هذه الموجة؛ في ظل تخوفات جدية بأن تخرج الأمور عن السيطرة.

اجتماع تنسيقي

وكشفت صحيفة هآرتس العبرية عن اجتماع من المقرر أن يضم ضباطًا كبارًا في جيش الاحتلال وقادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة مساء الثلاثاء؛ لتهدئة الأوضاع ومنع حدوث انتفاضة.

ونقلت الصحيفة تصريحات عن ضابط كبير في جيش الاحتلال، قوله "إن السلطة الفلسطينية معنية بعدم حدوث العنف"؛ يعزز ذلك الاجتماعات المتوالية التي عقدها رئيس السلطة محمود عباس مع قادة الأجهزة الأمنية ومن ثم مع اللجنة التنفيذية، وجرى الحديث فيها بشكل واضح عن ضرورة وقف التصعيد، والتعبير عن الخشية من خروج الأمور عن السيطرة.

تسهيلات شكلية تضيعها القيود

ومع إدراك الاحتلال الصهيوني، أن موجة المواجهات الحالية تفجرت بشرارة الاقتحامات والإجراءات التصعيدية في المسجد الأقصى؛ يسعى على ما يبدو بكل قوة، لتخفيف شكلي لإجراءاته التي فرضت في القدس المحتلة، في جوانب معينة، ليصعدها في جوانب أخرى، بما يضمن له من جهة، تسويق ما أعلنه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنه "لا تغيير في الواقع الحالي في المسجد الأقصى"، ويستمر من جهة أخرى في سياسة فرض الأمر الواقع نحو تكريس التقسيم الزماني والمكاني في المسجد.


ويبدو أن خطة الاحتلال الجديدة بدأت بخطوات عملية، فرغم إعلان الاحتلال الصهيوني رفع حصاره عن البلدة القديمة بالقدس المحتلة الذي استمر ليومين، أكد المركز الإعلامي للقدس "كيوبرس"، أن عناصر قوات الاحتلال احتلت المشهد بانتشارها في شوارع البلدة وأزقتها، وخاصة في شارع الواد والمجاهدين المحيطين بالمسجد الأقصى المبارك.


ويؤكد نعيم صاحب فرن أبو النون في شارع الواد لـ"كيوبرس"، أن الاحتلال يفرض قيوداً خانقة، لافتاً إلى أن عناصر الاحتلال قاموا بتصوير جميع محلات شارع الواد وأصحابها.


ورجح أن يسلمهم الاحتلال بطاقات تعريفية بأنهم يملكون محلات تجارية في بلدة القدس القديمة؛ حتى يتسنى لهم الدخول إليها في حال إغلاقها مرة أخرى، حيث فعلت عناصر الاحتلال ذلك مع تجار سوق باب الخليل عندما قامت بإغلاقه في الأعياد اليهودية الماضية، وفي المقابل تظهر للعالم أن الحصار مرفوع.


تهويد الشوارع

ولم يكتف الاحتلال بتكثيف تواجده في شارع الواد؛ بل أتاح للمستوطنين تعليق يافطات تغير اسم الشارع، حيث علقوا يافطة كبيرة في منتصف الشارع كتب عليها باللغة العبرية (دوار نحامية وأهرون) أي أسماء المستوطنين الذين قتلوا على يد الشهيد مهند الحلبي مساء السبت الماضي، وعلقوا يافطة على المنزل الذي استولى عليه رئيس الحكومة الصهيونية الأسبق "اريئيل شارون" الذي يقع في أول طريق الواد كتب عليها (شعب إسرائيل حي)، في خطوة عدّها المقدسيون تهويدا للشارع؛ ما يعني تكريس سياسة الأمر الواقع.


القيود مستمرة

وفي خطوة أخرى لامتصاص الغضب الشعبي، أعلن الاحتلال السماح لمن هم دون الخمسين عاما من المسلمين (من المقدسيين) بدخول المسجد الأقصى المبارك عصر الثلاثاء، إلا أنه على أرض الواقع وضع قيوداً شديدة؛ ما فرغ الخطوة من مضمونها.

وتؤكد دائرة الأوقاف الإسلامية أن خطوة الاحتلال شكلية، ولن تغفر ما جرى طيلة الأيام العشرة الماضية التي منعوا خلالها المسلمين من الصلاة في الأقصى.


وقال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، إن ما يجري للمسجد الأقصى هو بسط سيطرة احتلالية، وحصار غاشم على ثالث أقدس بقعة على وجه الأرض للمسلمين.

امتصاص غضب

من جانبه، قال المختص بشؤون القدس عزام أبو السعود لـ"كيوبرس" إن الاحتلال يهدف من وراء إجراءاته الجديدة، إلى تهدئة المقدسيين وخاصة بعد هدمه لبيوت الشهداء غسان وعدي أو جمل وكذلك الشهيد الجعابيص، مبدياً قناعته بأن الاحتلال يريد امتصاص الغضب المقدسي الذي أشعل المدينة والضفة الغربية.

كانت بلدات القدس المحتلة شهدت انتفاضة حقيقية طوال الأيام الماضية، عبر عشرات نقاط المواجهة.


وقال أبو السعود إن "الاحتلال يريد من وراء إجراءات تخفيف القيود الشكلية عن بلدة القدس القديمة والمسجد الأقصى عزلَ مدينة القدس عن الثورات التي اندلعت في الضفة الغربية، لأن الثورة المقدسية الأخيرة أرهقت الاحتلال وكبدته مخاسر كبيرة".


وأكد أبو السعود أن الفلسطينيين أثبتوا للعالم من خلال ثورتهم الأخيرة أن المسجد الأقصى خطّ أحمر لا يمكن لأحد المساس به، وأنهم يحمون المسجد الأقصى بأجسادهم، وما يثبت ذلك استشهاد الشاب مهند الحلبي بعد طعنه مستوطنين في محيط الأقصى.


ورأى أن قيود الاحتلال على المقدسيين لا تتمثل فقط بإغلاقه للمسجد الأقصى وبلدة القدس القديمة؛ فحصاره الاقتصادي لسكان المدينة المقدسة، وحصاره العسكري المتمثل بالحواجز المقامة على تخوم المدينة يشكلان ضغطا على المقدسيين، الأمر الذي لا يبشر بتهدئة قريبة للثورة المقدسية.