الإخوان المسلمون والثقافة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون والثقافة

مركز الدراسات التاريخية

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مقدمة

لقد سيطر على الثقافة في مصر في الفترات الأخيرة ثلة من العلمانيين واليساريين والناصريين الذين ظنوا أنهم هم المثقفين فقط وأن الإبداع ملكا لهم، أما غيرهم هم الظلاميين والرجعيين حتى قال أحدهم في اجتماع (إحنا العقول المستنيرة اللي في البلد).

لقد سيطر هذا الهاجس وهذه الروح على هذه الطبقة حتى صدقوا وأيقنوا أنهم فعلا المثقفين الوحيدين الموجودين في البلد، حتى وصل الحال بهم لتنحية كل من ليس فيهم وإخفاءه حتى لا يكن له جهد ولا دور، وإظهار كل أصدقاءهم وكل من كان على فكرهم حتى ولو تطاول على الدين وعلى الذات الإلهية طالما هو يتمتع بروح الإبداع والثقافة.

لقد صرح احدهم بأن الإخوان ليس لديهم كوادر ثقافية وهدفهم طمس الثقافة، وليس منهم أسماء مشهورة، ولا أعرف ماذا يقصد بالاسم المشهور؟ وفي أية مجال؟ هل مجال الرقص والعري والسفور والأدب المبتذل، أو الروايات التي تتطاول على الذات الإلهية؟؟؟ أم عن اية نوع من الثقافة يتحدث؟

نسى هؤلاء أنهم تسلقوا لهذا المجال في غياب الشعب المصري كله وقت أن ضرب عبد الناصر والناصريين بيد من حديد على كل جموع الشعب المصري، بل حولوا الوطن إلى سجن كبير إلا لمن يتزلف لهم ويقدم القرابين.

ظهرت هذه الفئات في هذا الوقت الذي كان فيه الإخوان يرزخون في غياهب السجون ويشاركهم كثير من الوطنين في هذا الوطن.

أقول له فأين أنتم من الشعراء والأدباء في كل عصر من عصور الإسلام، أم أن الثقافة هي مستحدثة وأن الإسلام كان يحرمها وأنكم من ابتدعتوها.

الإسلام لم يحرم الثقافة والعمل بها، بل على العكس حث الإسلام أبناءه على التعلم والقراءة فكانت أول آية نزلت (إقرأ)، وقد سار الإخوان على هذا الدرب فكان منهم الشعراء كيوسف القرضاوي وأحمد حسن الباقوري وعبد الحكيم عابدين ونجيب الكيلاني؛

وجابر قميحة والزجال سعد سرور، وشاعر السوريين عمر بهاء الدين الأميري، والشهيد سيد قطب، والقصاص الروائي عبد الرحمن البنا (الساعاتي) أخو الإمام حسن البنا، والشاعر عبد الرحمن بارود، وأمينة قطب، وأنور الجندي، ومحمد رجب البيومي وغيرهم.

اهتمام الإخوان بالثقافة

نبع اهتمام الإخوان بالأدب والثقافة من طبيعة هذا المجال الذي فجر مواهب كثير من أعضاء الإخوان، فكان لهم دور ملموس في شتى مجالات الأدب شعرًا ونثرًا، يثرون به الحياة الأدبية، ويخدمون به الفكرة الإسلامية، ويوجهون به المجتمع نحو الإصلاح في اتجاهاته المختلفة.

يقول الأستاذ جمعة أمين:

تتعدد اتجاهات الأدب ومدارسه بشكل لافت للنظر، والذي إن دل فإنما يدل على أن هناك تنوعًا في الأفكار والمشارب والرؤى يتسع لمثل هذه الاتجاهات، فهناك الاتجاهات المحافظة التي تلتزم في طريقتها وإبداعاتها الأدبية بالأصول والقواعد التي تعارف عليها السابقون من الأدباء، وهناك الاتجاهات الحداثية والتغريبية، وتكثر المسميات على كل تلك الطرائق مثل: الرومانسية، والكلاسيكية وما تفرع عنهما من روافد كثيرة.
وتختلف نظرة النقاد إلى وظيفة الأدب، ففريق يرى للأدب وظيفة توجيهية أو إرشادية سواء كانت اجتماعية أم سياسية أم دينية أم غير ذلك. وآخرون يرون أن الفن للفن، فالأدب غاية في ذاته، يحقق المتعة ويثير الخيال، ويؤثر في العواطف.
ومنذ أن أنشأ الإمام الشهيد حسن البنا جماعة الإخوان وهي تحفل بتنوع ثقافي فريد قلما يجتمع لهيئة من الهيئات أو حزب من الأحزاب، فأنت تجد في الإخوان الأستاذ الجامعي والطالب، الحرفي والموظف، وتجد كذلك الأمي والمثقف، الكبير والصغير، الرجل والمرأة، الفتاة والفتى.أهـ

اهتم الإخوان بها في المرحلة الأولى من عمر الدعوة، حيث اهتموا بالمناسبات الدينية التي كان يتبارى فيها الشعراء والأدباء لإظهار مواهبهم من خلالها، بل فتحوا صحفهم للشعراء والأدباء ليسطروا بمداد من نور كلماتهم الثقافية عبر صحيفة الإخوان المسلمين حتى أنه كان لهم باب تحت مسمي باب الشعر والأدب.

أولا الشعر

برز في هذه المرحلة شعراء كان لهم ثقل مثل عبد الحكيم عابدين وأحمد حسن الباقوري وغيرهم.

فنجد عبد الحكيم عابدين يكتب في ذكرى الإسراء والمعراج عام 1354هـ الموافق 1935م يقول:

رانت على صفحة الدنيا مخازيها
من طول ما هجر الإسلام أهلوها

عاد ابتسام الضحى فيها عبوس دجى

فاسود بياضها واغبر زاهيها

وظللتها من الآثام تركبها

غشاوة طمست أبصار غاويها

أشرقت هذه الذكرى ببهجتها

يقودها الحب القديس يزجيها

تحوطها سجدات الروح حاملة

للكون أسعد آمال يرجيها. (1)

وينبري الشيخ أحمد حسن الباقوري ليخرج من جعبته شعرا يجلل به المكان مكرا الناس بهذه الذكرى الطيبة التي أسرى فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول:

صوت يكاد ينسينا مآسينا
كأنه صوت داو يغنينا

أرهف خليلي سمعًا طالما نعيت

فيه الهموم وظل الصوت يصبينا

سرى النبي فسارت خلف موكبه

سكرى من الغبطة العظمى أمانينا

تمشي الملائك فيه جد خاشعة

لا ضير أن يعلنوا الإجلال ماشينا

هذا محمد بيت القدس فالق به

أئمة الخلق والغر الميامينا

الله أكبر قد قامت صلاته

متقدم الرسل يا خير المصلينا

رأى النبي جلال الحق يسمعه

مرحى بك اليوم يا خير النبينا

يكاد يذهل لولا الله برَّ به

فخرًا لطائعنا ذخرًا لعاصينا

قد ثبت الله قلبًا كاد يخلعه

هذا الجلال ويرديه فيردينا

حسب النبي أبو بكر يقول له

لا تخش باطلها إنا لمحقونا

قل ما تشاء بلا ريب ولا ضجر

حدث فديتك إن جد صاغينا

تالله لو قلت جُبت الكون قاطبة

في لمحة الطرف ما كنا ممارينا (2)

وكتب الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي (أخو الأستاذ البنا) قصيدة بعنوان (نشيد فلسطين) فقام الأستاذ عمر عبد الوهاب حلمي بتلحينها، واتخذها الإخوان المسلمون نشيدًا لهم يذكرهم دائمًا بإخوانهم ومقدساتهم في فلسطين، وهي من الشعر العمودي ذات القافية الحرة المتعددة، لمراعاة نظام الإنشاد

الحمى! .. ريعَ الحمى ديس الحرمْ
الدِّما! .. سالت كما ضاعت حُرمْ

الجهاد اليوم فرضٌ قد حَتَمْ

في سبيل الله أكَّدنا القَسَمْ

نحن للإسلام والشرق فداء

نحن فخرٌ في سجلات الوجودْ

نحن وَجْعٌ من مقالات الجدود

قد تآخَيْنا لنحيا ونَذودْ

عن حِمَى الإسلام أو غَابِ الأسود

بجهاد وثباتٍ ومضاءْ

عزماتُ الحقِّ أذكتْ نارَها

وفلسطين استغاثَتْ جارَها

مالهم قد زَوَّروا أخبارَها

سجَّل التاريخ قِدْمًا فخرها

في سجلِّ المسلمين العظماء

يا فلسطين اثْبُتي ثم اصْمدي

في سبيل الله دَومْا جاهدي

وادفعي عُدوانَ هذا المعتدي

ثم ذُودي عن حُدودِ المسجدِ

بدفاع المؤمنين الأقوياء

كم على واديكِ سالتْ مِن دِما

تُبْعِدُ الباغينَ عن هذا الحِمى

لا تُراعي لا تُراعي إنَّما

فئة الإخوان من جُنْدِ السَّما
قد نشرنا في الورى هذا اللواء (3)

وحينما قاوم الإخوان الإنجليز وحركات التبشير التي انتشرت في مصر تحت رعاية المحتل كتب عبد الرحمن الساعاتي يقول:

قل للمبشر لا تعبت بنادينا
فالله شرف بالإسلام نادينا

قل للمنصر إن الأمة ائتلفت

وكان ذلك فيضًا من أيادينا

لنا عقائد لا نبغي بها بدلا

إذا اعتززنا بها فالله يحمينا

الدين يصرخ مُدوا لي أياديكم

لبيك يا نادينا هذي أيادينا

دين على الدهر باق ما يغيره

جهد المقل ولا جهل المضلينا

يا عمر ماذا بمصر كنت صانعه

وأنت قاهرها ولم تنتهر دينا

رعيت فيها لرهط القبط دينهم

وكان أيسر ما يؤذيه يؤذينا (4)

ومن الأشعار المميزة التي كتبها عبد الحكيم عابدين وأصبحت فيما بعد نشيد الكتائب للإخوان قصيدة جاء فيها:

هو الحق يحشد أجناده
ويعتد للموقف الفاصل

فصفوا الكتائب أساده

ودكوا به دولة الباطل

تآخت على الله أرواحنا

إخاء يروع بناء الزمن

وباتت فدى الحق آجالنا

بتوجيه "مرشدنا" المؤتمن

رفاق إذا ما الدجى زارنا

غمرنا محاريبنا بالحزن

ونحن شداد إذا رامنا

لبأس رأى أسدًا لا تهن
إلى النصر في الموقف الفاصل (5)

كما ساهم الشيخ الباقورى بقصيدة جعلها الإخوان أنشودة تردد في كل وقت كان مطلعها:

يا رسول الله هل يرضيك أنا
إخوة في الله للإسلام قمنا

ننفض اليوم غبار النوم عنا

لا نهاب الموت لا بل نتمنى
أن يرانا الله في ساح الفداء (6)

وفي ذكرى المولد النبوي الشريف التي تطل على المسلمين فيلهج الشعراء بالتغني بها، ومدح الرسول الكريم، وذكر مناقبه، والتذكير بسنته، والحث على اقتفاء أثره واتباع نهجه، وتتزيا أشعارهم بالفرحة مشاركة بذلك لعناصر الطبيعة المختلفة التي تشدو طربًا لمقدم ذكرى ميلاد خير البشر وخاتم الرسل، يقول الشاعر أحمد مخيمر:

من وراء الرمال في الصحراء
فاض نور الهدى ونور الرجاء

فاض مثل الشروق ينتظم الدنـ

ـيا فتصحو من غفوة الظلماء

وتجيش الحياة في كل حي

جيشان الأمواج في الدأماء (7)

وفي ذكرى غزوة بدر (17 رمضان) يقول الشاعر محمد رجب البيومي من قصيدة بعنوان: "عبرة بدر":

دع التشدق يا مجنون بالخطب
فالحكم للسيف ليس الحكم للأدب

إن الحسام إذا أعيتك ضائقة

يلقي مواعظه في منطق عجب

كم في براهينه من آية كشفت

عن العقول ظلام الشك والريب

مثلما انتمى شعراء الإخوان إلى دعوتهم ودينهم، ومثلما آمنوا بالوطن الإسلامي الكبير فقد اهتموا بوطنهم مصر، ولم لا والوطنية بمعناها الصحيح من صميم دعوتهم وأصل أصيل في فكر مرشدهم الإمام البنا عليه رضوان الله، لذلك لم تغب مصر عن مخيلتهم ولم تتوار عن إبداعهم؛

حيث إنهم اهتموا بالعديد من القضايا التي تخص مصر والمجتمع المصري من قبيل مجابهة الاستعمار والمطالبة بجلائه، والتفاعل مع الأحداث الداخلية سواء كانت سياسية أم تغيرات اجتماعية في الأخلاق أو السلوك؛ ولذلك سعى الشعراء إلى التنبيه إلى خطورتها والحث على تقويمها في قالب شعري جميل.

فمن قصيدة بعنوان: "الجلاء الجلاء.." يقول الشاعر عبد الباري خطاب:

يا أبا الهول قد أطلت الخدارا
وهويت الركود والكون سارا

كلما قيل وثبة قلت مهلاً

واعتذارًا وكم تجيد اعتذارا

حائر خائر هزيل هيوب

تلك يا صاح من سمات السكارى

قد عشقت الحياة عشقًا حرامًا

أفسد النبل والنهى والوقارا (8)

ثانيا: المسرحيات الشعرية

لقد اهتم الأستاذ البنا بالمسرح فكتب يقول:

إن الناس يعيشون بغير قلوب، وقد ربطتم قلوبكم وجهادكم بالله العلي القدير الذي يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ "البقرة: 152"، فادرسوا وتفقهوا في مبادئكم العالية، وتمعنوا في كتاب الله جيدًا، إن هذه الكتائب والفرق لم تجهز لبغي ولا لطغيان، وإنما أعدت لتكون سلامًا في النفوس، ونظامًا للمجتمعات، وقوة للحق، ومددًا لكتاب الله، إن الإخوان المسلمين لا يحاربون المسرح ولا المذياع؛
لأنهم ليسوا من الجمود بحيث يقفون هذا الموقف وإنما يريدون أن يطهروهما من الشر والإثم، ويزيلوا أثرها السيء المنصب على نفوس الشباب والفتيات، ولذلك فهم قد أعدوا للمسرح قصصًا كريمًا وأدبًا رائعًا ومثلاً وتوجيهًا صادقًا". (9)

ويقول الأستاذ جمعة أمين:

المسرح الشعري من الفنون الشعرية العزيزة والنادرة حيث إنها تتطلب موهبة فذة وشاعرية مطبوعة، لذلك فلم يبرز فيها بعد أحمد شوقي إلا القليل، منهم شاعر الإخوان المطبوع عبد الرحمن الساعاتي وأخرج لنا عدة مسرحيات شعرية منها:
  • جميل بثينة.
  • عامان في شعب.
  • غزوة بدر.
وقد طبعت جميعها وكانت جريدة الإخوان المسلمين تقتبس منها بعض الفصول في بعض المناسبات، من ذلك مانشرته في عددها (44) من السنة الثالثة بتاريخ 18 ذو القعدة 1354هـ الموافق 11 فبراير 1936م في باب الدعاية للحج، تحت عنوان "فاتحة الفصل الثالث من رواية جميل بثينة" للأستاذ عبد الرحمن الساعاتي:
ليلى

يا بثينة ذا سهيل

نسل أجداد كرام

كان بالأمس مطيفًا

بالعتيق (10) وبالمقام

بثينة

مرحبًا أهلاً وسهلاً

جادنا ذاك الغمام

عبدالله تصافحه بثينة

وبقلبي زفرات

من هوى البيت الحرام

عمير يصافحه عبدالله

يا سهيل الخير مرحى

نلت أشهى ما يرام

أنت فينا بدر تم

قد تجلى بالتمام

عبدالله يصافحه عمير

كيف لا والحج فرض

قائم في كل عام

في شهور فضليات

هي رمز للسلام

لا فسوق ولا جدال

لا نزاع لا خصام

بل وئام واتحاد

وائتلاف والتئام

سهيل

كيف لو شاهدت جمعًا

زاخرًا حول المقام

ونفوسًا ليس تحصى

كلها بالحج هام

والبرايا في اشتغال

بالمناسك في الزحام

والتقى باد عليهم

والرضاء والابتسام

ضجة في غير بغي

وخشوع واحترام

كيف يبغي أهل دين

هم دعاة للسلام؟

نجيا

هكذا الإسلام دين

جاء يرعى للذمام

أم الحسين

سهيل عرفنا ما ذكرت تفضلا

فهل من جواب للسؤال الآتي؟

قدمت علينا اليوم من أرض مكة

فكيف جموع القوم في عرفات؟

وقد تم تمثيل العديد من المسرحيات الهادفة، وكان للإخوان فرقهم المسرحية والفنية والتي مثلت العديد من مسرحياتها على مسرح الأوبرا ومسارح أخرى كثيرة سواء في العاصمة القاهرة أم في الأقاليم، وقد أفرزت هذه الفرق العديد من الممثلين المشهورين فيما بعد، منهم على سبيل المثال الفنان: عبد المنعم مدبولي.

ولم يغفلوا كذلك المسرح المدرسي، حيث ألفوا كثيرًا من المسرحيات الإسلامية الهادفة التي تسهم في البناء الأخلاقي للناشئة.

وممن ألفوا مسرحًا للناشئة الأستاذ محمد يوسف المحجوب، ومن مسرحياته: عمر والعجوز، بلال، الهجرة الأولى، غزوة بدر، هجرة الرسول، أصحاب الفيل، ذات النطاقين، مؤامرة دار الندوة.

وهذه المسرحيات أطلق عليها مؤلفها: "سلسلة مسرحيات إسلامية"، وله سلسلة أخرى أطلق عليها: "سلسلة مسرحيات عامة"، ومن مسرحياتها: بنات الشمس، عاشق الذهب، الفيل والإنسان، الربيع، الشيخ الهندي والنمر، مؤتمر الوحوش، وله كذلك بعيدًا عن المسرح قصص وأناشيد للأشبال، وكان يطلق على كل هذه السلاسل والمجموعات أنها: "أول مكتبة للتلميذ في الشعر المسرحي".

وكثير من هذه الأعمال إن لم يكن كلها طبعتها "مكتبة مصر ومطبعتها"، ولم تكن الفرق الإخوانية متعلقة على مبدعي الإخوان بحيث لا تقدم عروضها الفنية إلا من إبداعهم، لكن كانت مهتمة بتقديم كل عمل متميز يحقق القيم والمثل التي يدعون لها، لذلك نجدهم يمثلون مسرحيات أبدعها شعراء مثل الشاعر الكبير الأستاذ محمود غنيم، ومن مسرحياته التي قدمتها "الفرقة الإسلامية التمثيلية" مسرحية: "المروءة المقنعة"

وقد تم عرضها على خشبة مسرح كازينو حلوان، وأخرجها الأستاذ عبد الفتاح رمضان الحاصل على دبلوم اللغة العربية ودبلوم فن التمثيل، وعزف ألحانها المطرب الفنان الأستاذ محمد فرج، مطرب الإذاعة ودبلوم معهد الموسيقى الملكى. (10)

ثالثا: الزجل

لعل الزجل من الفنون الأدبية التي ظهرت مبكرًا لدى الإخوان واشتهر منهم زجال قدير يدعى "أبو هندية سيد محمد الهندي" من الإسماعيلية، أوردت مجلة الإخوان إعلانات عدة عن دواوينه الزجلية وصلت في مايو 1936 إلى ثلاثة دواوين، ونشرت له ثلة معدودة؛

نذكر منها قصيدة بعنوان "لازم تخالف هواك":

جرى إيه يا سيدنا الأفندي
ما تفوق لدينك شوية

دا العمر منك معدي

والله أنت صعبان علي

أحفظ آداب الطريق

دي الناس بتنظر إليك

وكتب الزجال السيد متولي الخولي يقول:

الله أكبر ع الإخوان
أنت الكريم أنت المنان

رفعوا العلم فوقه القرآن

في صدرهم قوة إيمان

رجال جهاد خدموا الإسلام

واجب علينا نمجدهم

يوماتي بيخطوا لقدام

والفضل كله لمرشدهم

مرشد جليل فاق الأعلام

بفضله وبعلمه يفيدهم

عالم جريء عنده إقدام

والمخلصين إيده ف إيدهم

دول ياما بذلوا جهد عظيم

يا رب بالإخلاص زيدهم

وارفع بهم صرح التعليم

وبفضلك أنت تعضدهم

يا رب أنت كريم وحليم

بارك لنا في مجهودهم

وتزيد في فكرتهم تعميم

وتنفع الناس بجهادهم (11)

ولا ننسى زجال الإخوان سعد السرور الذي كتب كثير من الزجل خاصة في فترة محنته بالسجن في عهد عبد الناصر فقد كتب يقول:

محلاها والله الزنزانة
مزنوقة ولكن سايعانا

والقعدة فيها عجبانا

وقلوبنا سعيدة وفرحانة

النومة على الأبراش حلوة

وبقينا مع الله في الخلوة

وكتاب الله أجمل سلوى

وآياته تنور دنيانا

محلاها والله الزنزانة فتحوها ولا قفلوها

أجسامنا الفانية ياخدوها وقلوبنا مش رح يطولوها

وحاتفضل بالله عمرانة

محلاها والله الزنزانة (12)

رابعا: القصة

يقول جمعة أمين:

كان من سمات هذه الفترة وما تبنته جريدة الإخوان المسلمين، ومن بعدها جريدة النذير مجموعة من القصص الأدبية والتي تحض على مكارم الأخلاق وتفضح وتعري مساوئ العلمانية ومظاهرها، فإذا ما تصفحت جريدة الإخوان المسلمين في هذه الفترة، العدد تلو العدد، وجدت فيها في كل مرة قصة نسجت بأسلوب بليغ شيق في غير ملل أو اختصار مخل، تتناول أحد الموضوعات التي تخدم فيها قيم المجتمع المسلم ويراد بثها ونشرها.
ولأن المقام لا يتسع لعرض النص الكامل لها، أو تحليلها تحليلاً أدبيًا، ولكثرة هذه القصص فسوف نذكر بعض عناوينها ومؤلفيها، ثم نعرض بإيجاز بعضًا منها ليقف القارئ على أمثلة من الأغراض التي ترمي إليه القصة ويبحث الدروس المستفادة منها، ونماذج الموضوعات التي تعالجها، ولعلنا بذلك نصل إلى ما نهدف إليه من استعراض نشاط الإخوان في هذا المجال، ونترك الفرصة للباحثين والأدباء إلى كشف أسرار هذا الكنز الثمين من تراث الإخوان المسلمين المجهول.

بعض عناوين القصص ومؤلفيها:

اسم القصة المؤلف
مسلمة علي يوسف علام
طفولة علي يوسف علام
معمل تكفير علي يوسف علام
دين علي يوسف علام
الفضيلة علي يوسف علام
ألحان عليوة علي يوسف علام
عيد علي يوسف علام
ذكرى علي يوسف علام
الجدود علي يوسف علام
بائسة علي يوسف علام
المقامر علي يوسف علام
عبد الدايم علي يوسف علام
مصري مقتول علي يوسف علام
راهب محمد الشافعي
إن هذا الصوت يشجيني علي يوسف علام
دمعة وفاء علي يوسف علام
عم مسعود محمود أبو السعود
ابن النائب علي يوسف علام
رؤيا علي يوسف علام
إلى كفر البلاص علي يوسف علام
الشيخ ريحان علي يوسف علام
عبد الغني عبد الحق والباطل علي يوسف علام
رهبة الموت علي يوسف علام
عرابي علي يوسف علام
يوم الإنقاذ علي يوسف علام
عم سيد حسن البنا
انتقام الفضاء سلام خاطر
ابن يعظ والديه محمد عطية إبراهيم
حرب محمود أحمد أفندي البنا
بين الزوجين عبد المتعال سيف النصر الحسيني

خامسا: النقد الأدبي

لقد برع فيه الكثيرين من الإخوان الذين عملوا جاهدين على النقد البناء بعيد عن السب والبذاءة التي كانت منتشرة، ومن أمثلة من اهتموا بهذا اللون كان محمد أسعد راجح وعبد الرحمن الساعاتي والإمام حسن البنا وغيرهم.

كان الإخوان حريصين على نقد أدبهم، لا لتفنيد مثالبه فقط، بل لتوضيح محاسنه أيضًا، وهذه مهمة الناقد الحديث، حيث يعني بإظهار محاسن العمل ومساوئه معًا، وليس كل النقد الأدبي لتوضيح العيوب والأخطاء، بل بعضه يكون لإظهار المحاسن والمعاني التي ربما تخفى على القارئ العادي، ولا تفوت الناقد البصير

ومن ذلك نقد كتبه أحد الإخوان لديوان عبد الحكيم عابدين الأول "البواكير" وقد نشرته مجلة الفيوم (13) كان نصه كالتالي: بواكير الشاعر الشاب، قد تصفحتها هادئًا مطمئن النفس من قراءتها مستمتعًا بما أضفته عليها روح الشاعر من دعوة دينية خالصة لله ورسوله والمؤمنين.

ولكم كنت أود أن يفرد الشاعر ديوانًا خاصًا هو نصف هذا الديوان ويسميه "الإخوان المسلمون" لأن جل ما احتوى عليه إما دعاية للإخوان أو مبادئ في نشر تعاليمهم وبث رسالتهم في المجتمع الإسلامي، تلك الرسالة التي تقوم على الدعوة الدينية مع التمسك بالوطنية في قوة وحزم يردان شباب الإسلام إلى ما كان عليه السلف الصالح في صدر الإسلام الأول.

ولعل هذه الروح التي طغت على صاحب البواكير هي التي صبغت ديوانه بصبغة قدسية يصعب معها النقد والتحليل، ووحسبك أن الدين إيمان، وأن الإيمان عقيدة وتسليم. ولذلك فالشاعر مدين للإخوان المسلمين بهذه المزية وهذه الحماية!!

ومن إسهامات كتاب الإخوان في الحركة الثقافية في مصر ما كانوا يقومون به على صفحات "الإخوان المسلمون"، و"النذير" من مناقشة بعض الأفكار التي كان يروج لها أدباء وكتاب كبار أمثال: توفيق الحكيم وعباس العقاد وطه حسين وغيرهم؛

وقد حظي الأستاذ توفيق الحكيم بالذات بنصيب كبير من النقد، وذلك بسبب دفاعه عن تدريس بعض الكتب التي رأى فيها هؤلاء الكتاب تطاولاً على الإسلام، ورأى فيها هو أنها لا تضير الإسلام شيئًا، وكذلك بسبب إحدى الروايات التي كتبها الحكيم محاكيًا فيها الكاتب الإغريقي أرستوفان، لكنه لم يوفق من وجهة نظرهم. (14)

لم يحرم الإخوان الثقافة أو يبتعدوا عنها بل خاضوا غمرها في حدود الأدب واللياقة ووفق الشريعة الإسلامية بل شنوا هجوما ضاريا على كل أديب يتطاول على الإسلام مثلما حدث مع توفيق الحكيم وطه حسين الذي كتب كتاب مستقبل الثقافة في مصر حيث انتقده الإخوان واظهروا ما به من عوار، ولذا كانت ثقافة الإخوان مرتبطة بالتربية الإسلامية التي تربوا فيها.

المراجع

  1. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية: العدد (31) 15 من شعبان 1354هـ الموافق 12 من نوفمبر 1935م
  2. جريدة الإخوان المسلمين: العدد (19) 5 من شعبان 1352هـ الموافق 23 نوفمبر 1933م
  3. جريدة الإخوان المسلمين :العدد (12) بتاريخ 11 ربيع ثان 1355هـ الموافق 30 يونيو 1936م
  4. جريدة الإخوان المسلمين: العدد (11) 3 من جمادى الأولى 1352هـ الموافق 24 أغسطس 1933م
  5. عبد الحكيم عابدين: ديوان البواكير
  6. جريدة الإخوان المسلمين: العدد (32) 22 من شعبان 1354هـ الموفق 19 نوفمبر 1935
  7. مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (31)، السنة الثانية، 1 ربيع الآخر 1363ه 25 مارس 1944م، ص(12)، والدأماء: البحر.
  8. مجلة الإخوان المسلمين نصف الشهرية، العدد (73)، السنة الثالثة، 7ذو القعدة 1364ه 13 أكتوبر 1945م، ص(19).
  9. أنور الجندي: الإخوان المسلمون في ميزان الحق، دار الطباعة، ص(38).
  10. العتيق: الكعبة.
  11. جمعة أمين نقلا عن مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (4)، السنة الأولى، 29 رمضان 1361ه 10 أكتوبر 1942م، ص(24).
  12. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية السنة الخامسة العدد 13 13 جمادى الثانية 1356هـ 20 أغسطس 1937م.
  13. سعد سرور: خواطر مسجون، ويكيبيديا الإخوان المسلمين
  14. جمعة أمين: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين الجزء السادس، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

للمزيد عن نظرة الإخوان إلى الفنون

.