الإخوان المسلمون .... من المعارضة الى الدولة (الجزء الأول)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون .... من المعارضة الى الدولة (الجزء الأول)

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

توطئة

مرت مصر خلال العقود الأخيرة بسلسلة من المتواليات التي أثرت تأثيرا كبيرا في رسم الخريطة السياسية والاجتماعية والثقافية ، ومن أبرزها الرسم البياني لأداء وطبيعة جماعة الإخوان صعودا وانحدارا على مدار العقود الثلاثة الأخيرة .

إن جماعة بحجم وثقل جماعة الإخوان المسلمين وما تمثله من بعد وعمق مجتمعي في شتى المجالات يجعلها بلا شك الرقم الأبرز في كل المعادلات المصرية ، فالجماعة التي احترفت المعارضة ودروبها وآلياتها وتمتعت بانسيابية شديدة في القدرة على تغيير الآليات وفقا لتغير الواقع ، هي هي الجماعة التي كانت أول التيارات المصرية التي استجمعت نفسها واستوعبت مستجدات الخريطة إبان وعقب الثورة المصرية .

الانسيابية نفسها هي التي جعلت من حزب الجماعة الوليد أول الأحزاب التي نشأت بعد الثورة واستوفى لوجستيات التأسيس بسهولة زكذلك خاض انتخابات من نوع جديد بنكهة الاستقلال والشفافية وحقق نتائج بوأته الصدارة بين غيره من الأحزاب .

التحول الميكانيكي الكبير الذي حدث في مصر بعد الثورة انعكس بلا شك على جماعة الإخوان المسلمين إلا أن الثابت من الواقع أن الجماعة وحزبها لازالت تدفع استحقاقات المرحلة الحالية من سابق رصيدها وهي الحالة التي ينبغي أن تتغير الى اكتساب المزيد من الرصيد والذي لن يتأتى إلا بنجاح الجماعة وحزبها في التحول من مدرجات المعارضة الى المشاركة وقيادة الفريق الفني في السلطة بنجاح وهو الرهان الذي تخوضه الجماعة معتمدة على أرضها الصلبة وتاريخها وخبرتها العريضين ولكن في واقع مختلف .

ان التحول من المعارضة الى السلطة يتطلب ولا شك تحولا بنيويا وإجرائيا ويضرور تطوير الأعراف المتبعة من الداخل .إن تجربة بحجم جماعة الإخوان المسلمين يجعل من دراسة تحولها من المعارضة الى السلطة بمثابة بحث "إشكالية المفروض والموجود" .

الإخوان المسلمون استراتيجية الزمن

استطاع الإخوان منذ تم تأسيس الجماعة أن يوجدوا رصيدا كبيراً لدي الشعب بمختلف طوائفه المسلمة والمسيحية ومراحله العمرية من الأشبال إلي الشباب فالشيوخ ، حمل الإخوان هَمّ المجتمع والناس ، حملوا هَمّ الأطفال وتنشئتهم فأسسوا قسم الأشبال ثم الثانوي ثم الطلبة ، حملوا هَمّ المرضي والأرامل والعجائز فأسسوا لجان البر ، حملوا هم الغزو الثقافي والفكري والتبشير فأسسوا قسم النشر والدعوة .. .

استطاع الإخوان ان يجعلوا أنفسهم بديلا لأي نظام حاكم في أي فترة من خلال كوادرهم المتخصصة والمدربة جيداً في مختلف أقسام الجماعة، وكل ذلك نابع من منهجهم الفكري الوسطي المعتدل.

استطاع الإخوان بفضل تنظيمهم ووحدة صفهم ووضوح الرؤية لدي أفرادهم أن يضعوا أنفسهم موضع ثقة الجماهير التي عبرت عن تقديرها لجهود الإخوان في انتخابات النقابات المهنية المختلفة والإنتخابات التشريعية 2005م التي شابها شئ من النزاهة ، ووضع الناس ثقتهم في مرشحي الإخوان حتي وصل الامر بالناس لدخول لجان الانتخاب باستخدام " السلالم الخشبية " من نوافذ إحدي المدارس للتصويت لمرشح الإخوان كما نقلت قناة الجزيرة في وقتها.

لم يعد هناك انسان لا يعرف الإخوان أو منهجهم أو طريقتهم في التغيير والإصلاح ولا ينكر فضلهم ودورهم في حفظ شباب الامة من الانحراف إلا ذوو الأهواء و المصالح الشخصية، الإعلام يتحدث يومياً عن اعتقال العشرات من الإخوان وإطلاق سراح العشرات، بحيث أصبح وجود الإخوان معلوماً من الواقع بالضرورة لكل الفئات ، أصبح أمراً واقعاً ومفروضاً.

الإخوان والنظام ..حرب المقومات

لم يجد أي نظام حاكم لمصر غضاضة في أن يضرب بيد من حديد علي يد كل من يمكن أن يمثل لوجوده تهديداً ، فبدءاً من اعتقالات الطور مرورا بحادث المنشية ومحنة 65 واعتقالات سبتمبر ثم الاعتقالات المتكررة منذ الثمانينات وحتي الآن؛

كان الإخوان المسلمين هم العقبة الكئود أمام ظلم النظم وافتراءها واحتكارها للسلطة واستعبادها للشعب ، لذا فإن وجودهم علي الساحة لن يمرر ما يريده النظام بسهولة والأفضل إقصائهم ولما فشل في ذلك لجأ إلي تحجيمهم وفشل أيضاً في ذلك .. فلم يعد امامه إلا أن يؤخر تقدمهم وهو ما أفضى مع غيره من العوامل الى قيام الثورة المصرية .

أصبح الإخوان فعلياً هم القوة المسيطرة علي الشارع المصري قبل الثورة وبعدها فالحديث عن الإخوان يجد لنفسه مكاناً في كل بيت وكل مقهي وكل نادي فكري، اصبحت الصحف ووكالات الانباء تبحث عن أخبار الإخوان لأنها الأكثر مبيعاً وانتشاراً بين الناس وجذباً لجمهور عريض.

برلمان 1984 "نحن هنا"

في عام 1984 كانت أول مشاركة رسمية من جماعة الإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية بعد ثورة يوليو حيث تحالف الإخوان مع الوفد ونجح ستة من أعضاء مجلس الشعب من الإخوان المسلمين وهو ما يجعل من عام 1984 من العلامات البارزة في تاريخ المعارضة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين؛

وقد جاء هذا التحالف نتيجة لاتفاق الأستاذ عمر التلمساني مع فؤاد باشا سراج الدين وكانت لفترة السجن التي قضاها التلمساني وفؤاد سراج الدين في أحداث سبتمبر 1981 تأثيرا مباشرا في هذا التقارب بين قوتين كثيرا ما كانا في خلاف قبل ثورة يوليو 1952 وكل منهما يمثل اتجاها مختلفا

فالإخوان جماعة إسلامية والوفد حزب ليبرالي صميم ، إلا أن القيود التي أوردت على قانون الإنتخابات البرلمانية حينذاك كانت كفيلة بأن يقبل كلا الطرفين هذا التحالف فالوفد كان متأكدا أنه لن يحوز على نسبة 8% على مستوى القطر حتى يمثل بالنسبة المحددة في قانون الإنتخابات وجماعة الإخوان كانت معدومة الفرصة أن تخوض الإنتخابات دونما تحالف مع حزب رسمي.

لم يفز حينها من أحزاب المعارضة سوى قائمة "الوفد والإخوان" وهي القائمة التي نجح فيها ستة من الإخوان وجدير بالذكر أن نواب الجماعة مارسو دورهم البرلماني بما يدلل على هويتهم ومرجعيتهم لكن دونما إعلان عن أنهم نواب جماعة الإخوان المسلمين .

مما لا شك فيه أن مشاركة الإخوان في برلمان 1984 كانت محاولة من الجماعة لجس النبض للقيادة السياسية الجديدة في مصر "نظام مبارك" التي أكدت في أكثر من مناسبة منها خطاب مبارك في نوفمبر 1983 أن أخطاء الرئيس الراحل أنور السادات مع المعارضة لن تتكرر .

إلا أن النظام السياسي حينها لم يكن مهتزا لحداثة عهد رئيسه بالسلطة وإنما استعد لمواجهة الإخوان في البرلمان من أول جلسة عندما اختار الدكتور رفعت المحجوب رئيسا لمجلس الشعب وكان اختياره لهذا المنصب لأسباب عدة منها :

أن المحجوب كان يعد من الحرس التقليدي لثورة يوليو وعمل بفلسفتها ومنهجها حتى وصل الى منصب أمين عام الاتحاد الاشتراكي عام 1975 ، ومما لا شك فيه أن اختيار المحجوب جاء ردا على مشاركة الإخوان في هذا البرلمان وإعلانهم عن موقفهم من تطبيق الشريعة الإسلامية؛

إضافة الى اقتناع القيادة السياسية أن المحجوب هو أفضل من يتصدى للإخوان بامتياز لما يتمتع به من ثقافة موسوعية كبيرة كما كانت ثقافته بحكم تكوينه دينية متعمقة تمكنه من مقارعة الإخوان في أي جدال يتعلق بالقضايا الشرعية والدينية ، والهدف الأخير كان محاولة احتواء الإخوان وجعلهم جزءا عاديا من نسيج العمل السياسي دونما مواجهات أو مصادمات مع النظام .

استمر برلمان 1984 الى أن تم حله بحكم المحكمة الدستورية العليا عام 1987 لعيوب نظام القائمة المطلقة .

برلمان 1987 "مهد شعار الإسلام هو الحل"

جاءت انتخابات 1987 لتكون الإعلان الأوضح والأقوى لوجود الإخوان المسلمين في الساحة السياسية ومن أبرز ملامح هذه الإنتخابات هو ميلاد شعار "الإسلام هو الحل" والذي ضم تحالف "جماعة الإخوان، حزب العمل، حزب الأحرار" مما أثمر عن الفوز ب 56 مقعدا كان نصيب الإخوان منها 37 نائبا أي 8.5 % من إجمالي مقاعد البرلمان لأول مرة .

برلمان 1987 كان فارقا في المعارضة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين إذ تبوأو المركز الثاني بعد الحزب الحاكم بالإضافة الى أن هذه الإنتخابات أفرزت نجوما برلمانيين وسياسيين من الجماعة وأسس لأولوية اختيار الإخوان في في الشارع بناءا على معيار الكفاءة ومنهم المستشار "مأمون الهضيبي ، محمد مهدي عاكف ، أحمد سيف الإسلام حسن البنا ، عصام العريان والشيخ صلاح أبو إسماعيل .... وغيرهم"

وقد أعطى الإخوان ثقلا للمعارضة وهو ما أدى لرفع منسوبها وأثرى وجودها وجسد أمام الحكومة معارضة حقيقية محترفة تجيد الإحراج والمكاشفة والمناقشة كما أن الإخوان يسجل لهم أن رشحوا على عهدتهم على قائمة التحالف الإسلامي النائب المسيحي "جمال أسعد" ليكون أول قبطي يدخل البرلمان المصري منتخبا منذ عودة التعددية لمصر .

إلا أن المحكمة الدستورية العليا قضت ببطلان هذا البرلمان عام 1990 لعدم دستورية نظام القائمة النسبية التي أجريت به الإنتخابات .

برلمان 2000 "علنية التحدي"

أجريت انتخابات 2000 على ثلاث مراحل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2000م وتكتسب انتخابات 2000 أهميةً خاصةً؛ حيث إنها جاءت في إطار ومناخ سياسي عام لم يكن في صالح المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته التي افتقدها أمام السلطة التنفيذية؛

من ناحية أخرى كانت هذه الإنتخابات بشكل أو بآخر فرصة للقوى والأحزاب السياسية التي قررت خوض تلك الإنتخابات في اختبار وجودها في الشارع السياسي، خاصةً أنها الإنتخابات الأولى التي تجري في ظل إشراف قضائي، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من ممارسة كافة أشكال الضغط وممارسة كل أنواع البلطجة على مرشحي (الإخوان)؛

حتى لا ينجح أحد منهم، ورغم هذه الضغوط التي لم يتعرض لها سوى مرشحي (الإخوان) استطاعت الجماعة أن تفوز بسبعة عشر مقعدًا، كانوا سببًا في سخونة مجلس الشعب ولعبوا دورا كبيرا تحت القبة ، وكانت أول كتلة برلمانية معلنة بهذا الاسم في تاريخ المشاركة البرلمانية.

ومن الأحداث الهامة التي ارتبطت بالإخوان في برلمان 2000، المخطط الحكومي الذي تم بمقتضاه الإطاحة بنائبي الإخوان جمال حشمت عام 2003، وعزب مصطفي عام 2004؛ وكان للإخوان في هذا البرلمان أقوى الأثر إذ دفعت الظروف السياسية الى التحدي للنظام برفض تعديل المادة 76 المعيبة ومضابط المجلس تشهد على مواجهة نواب الإخوان للنظام بكل بأس بالإضافة الى التقدم بأقوى الاستجوابات في تاريخ البرلمان بمهنية شديدة وأداء برلماني يعبر عن رجال دولة من الطراز الأول .

مبادرة الإصلاح

مثلت مبادرة الإصلاح التي تقدم بها المرشد العام السابع للإخوان المسلمين مهدي عاكف في الثالث من مارس عام 2004 أول مبادرة إصلاح حقيقية شاملة في مصر ، وقد غطت محاورها الثلاثة عشر معظم جوانب القصور في النظام ومهدت المبادرة كذلك لفكرة البديل السياسي للنظام المتردي الفاشل البديل القادر على التغيير الحقيقي .

وأدت تلك المبادرة لرد فعل كبير في الأوساط السياسية وفتحت شهية تيارات المعارضة الى بدء تبني مواقف الإخوان واللامتثال بهم في الممانعة والمواجهة مع النظام.

حصاد برلمان 2000 "البرلمانيون المحترفون"

استطاع نواب الإخوان المسلمين خلال الدورة الرابعة للبرلمان المصري تحقيق العديد من الإنجازات، لعل أبرزها وأهمها هي تلك الاستجوابات التي قدمها نواب الإخوان وناقشها المجلس، إضافةً إلى العديد من مشروعات القوانين التي ناقشتها اللجان المختصة بالبرلمان؛ تمهيدا لمناقشتها في الدورة القادمة، مثل مشروعات قوانين تجريم الخمر، وإنشاء المحكمة الاقتصادية، ومشروع قانون حبس الصحفيين والأطباء.

وقد استخدم نواب الكتلة خلال الدورة الرابعة أكثر من (1500) آلية برلمانية، ما بين الاستجواب، والبيان العاجل، وطلبات الإحاطة، والسؤال، وطلب المناقشة العامة، ومشروعات القوانين، والاقتراحات برغبة، وقد تناولت هذه الآليات كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية والتعليمية والسياحية والفنية؛

كما استطاع نواب الكتلة فرضَ موضوعات هامة لمناقشتها بالبرلمان، مثل قضية تطورات الأوضاع في فلسطين والعراق، كما كان لنواب الكتلة دور بارز في عقد جلسة خاصة عن اغتيال الشيخ أحمد ياسين، ثم جلسة أخرى عن اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

وفي السطور القادمة نقدم عرضًا لما حققته الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين خلال الدورة الرابعة للبرلمان المصري.

قضايا التعذيب

فكما بدأ النواب الدورةَ بالاعتراض على وجود تعذيب بمراكز وأقسام الشرطة أنهوها أيضًا بنفس الموضوع، وفي هذا الشأن استطاع نواب الإخوان تنظيم زيارتين للجنة الدفاع والأمن القومي لقطاع السجون بطرة، ومقابلة معتقلي الإخوان في سجن مزرعة طرة، وجاء ذلك بعد أن تقدم نواب الكتلة بخمسة طلبات إحاطة عاجلة إلى كل من رئيس الوزراء، ووزير العدل، والداخلية؛

وهم:

الدكتور "حمدي حسن"، والدكتور "أكرم الشاعر"، والمهندس "السيد حزين"، والنائبان "عزب مصطفى"، و"حسنين الشورى"

وأوضح النواب الخمسة في طلبات الإحاطة أن التعذيب والتجاوزات التي تُرتكب في مقارِّ وزارة الداخلية تسيء إلى مصر دولةً وحكومةً وشعبًا، خاصةً وأن هناك من الدول والهيئات والجمعيات الخارجية من يتربص بنا وبأمتنا، ويتهم حكومتنا بأنها لا تحترم حقوق الإنسان، ويتخذوا منها ذريعةً للتدخل في شئوننا الداخلية.

وأوضح النواب أن عمليات التعذيب تمارس بصورةٍ موسعةٍ داخل مقارِّ أمن الدولة، ومكاتب المباحث الجنائية، وداخل أقسام ومراكز الشرطة، بصورة تؤدي إلى إهدار كرامة المواطنين وحياتهم، وصلت إلى حد الظاهرة التي يجب الوقوف عليها!!

مؤكدين في الوقت ذاته أن مثل هذه الإجراءات تسببت في وفاة الشهيد مسعد قطب بعد تعذيبه بوحشية في مقر أمن الدولة بالجيزة، والشهيد المهندس أكرم زهيري؛ بسبب الإهمال المتعمد من قبل إدارة السجن؛

وفي الإطار نفسه قدم الدكتور حمدي حسن مشروع قانون لتعديل مواد بقانونَي الإجراءات والعقوبات فيما يتعلق بجرائم التعذيب داخل مراكز الشرطة ومقار أمن الدولة، وشارك نائبَ الإخوان في تقديم المشروع النواب أيمن نور "(ليبرالي)" وحمدين صباحي (ناصري)، وعبد العزيز شعبان (يساري).

وقد أعقب هذه الخطوات من نواب الإخوان أن وجهت وزارة الداخلية المصرية الدعوة للجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري لزيارة عددٍ من السجون المصرية يوم الثلاثاء 16/3/2004م، وهي الدعوة التي تُوجَّه لأول مرة للبرلمان المصري؛ بناءً على عددٍ من طلبات الإحاطة والأسئلة التي تقدم بها نواب (الإخوان المسلمون) عن التعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة ومقارِّ مباحث أمن الدولة.

الاستجوابات

وفيما يتعلق بالاستجوابات فقد قدم نواب الإخوان عشرة استجوابات من إجمالي خمسون استجوابًا، ناقش البرلمان منها ثلاثة استجوابات، وحوَّل رابعًا للجنة خاصةٍ لمناقشته، وقد ناقش المجلس استجواب انهيار عمارة مدينة نصر، والإهمال في الثروة العقارية للدكتور محمد مرسي، وهو الاستجواب الذي كانت له ردود فعل واسعة؛

حيث اتهم الدكتور مرسي الحكومة بأنها السبب فيما تشهده مصر من انهيار في الثروة العقارية، كما ناقش المجلس استجوابَين عن الدَّين العام وتفاقمه وتجاوزه حدود الآمان للنائبين الدكتور حمدي حسن والمهندس صابر عبد الصادق؛

وقد حمل النائبان الحكومات المتعاقبة مسئوليةَ تفاقم هذا الدين، مؤكدَين أن الحكومة وإن كانت قد غيرت في إستراتيجيتها المتعلقة بالديون الخارجية والتي كانت 50 مليار دولار عام 1981م والتقليل من الاستدانة الدولية فإنها قفزت بالدين العام المحلي إلى معدلات كبيرة لتؤكد فشلها المتكرر في معالجة ارتفاعه المستمر منذ الثمانينيات؛ حيث اتجهت إلى التوسع في المديونية المحلية من خلال السندات الحكومية التي طرحها الدكتور "عاطف صدقي" بفائدة عالية جدًا، وصلت في بعض الأوقات إلى 21.5%، فقفز بسببها الدين العام المحلي إلى معدلات كبيرة.

أما الاستجواب الرابع الذي حوله البرلمان للجنة مختصة فكان استجواب انهيار التعليم، وفشل السياسات التعليمية للنائب علي لبن، والذي حوَّله البرلمان للجنة التعليم والبحث العلمي مع لجنة الشئون الدينية، أما باقي الاستجوابات فكانت من نصيب النائب مصطفي محمد مصطفي عن انهيار صناعة الغزل والنسيج بمصر خلال السنوات الماضية.

وهناك أيضًا استجواب الدكتور "حمدي حسن" عن المشروع الإنمائي القومي لتطوير الصحراء المصرية، وهو الاستجواب الذي أطلق عليه النائب استجواب الدكتورة "زينب الديب"، التي يدور حولها الاستجواب؛

حيث وجه النائب اتهامًا للحكومة بمحاربة المشروعات الناجحة والتي أثبتت وجودها، والأساليب الغريبة للتآمر على العلماء المصريين الأفذاذ، الذين أرادوا أن يستثمروا خبراتهم ببلدهم بعد رحلة علم شاقة قضوها في أمريكا والدول الغربية، وهي الأساليب التي وصلت لحد إعلان الحرب عليهم لقتل أي رغبة لديهم في خدمة وطنهم.

واتهم النائب الدكتور "عاطف عبيد" والدكتور "يوسف والي" بأنهما مسئولان عن إيقاف وغلق مشروع قومي ناجح، وإهدار نتائج أبحاثه، والتي نتج عنها زيادة غير مسبوقة في غلة الفدان الواحد من القمح بشهادة كل المسئولين المتابعين له، وإيقاف وهدم مشروع قومي رائد في فكرته نجح في تقديم نموذج لمنزل صحراوي على نموذج العالم المصري العالمي "حسن فتحي" وبتكلفة 1 إلى 20 مما يتم بالنظام العادي، فضلاً عن مناسبته للبيئة الصحراوية وبشهادة المسئولين أنفسهم.

كما قدم الدكتور أكرم الشاعر استجوابًا عن الأغذية، والذي اتهم فيه الحكومة بأنها السبب الرئيسي في انتشار أغذية فاسدة بالأسواق، وأنها تتحمل مسئولية تدهور صحة المصريين لقيامها بتسهيل دخول منتجات غذائية وطبية فاسدة للسوق المصري، واتهم "الشاعر" في استجوابه الحكومة بأنه ليس لديها منظومة دقيقة لدقة وسرعة فحص الرسائل الغذائية القادمة لمصر، وعدم وجود قوانين راجعة للمخالفين؛

إضافةً إلى وجود تضارب بين وزارات الصحة والتجارة الخارجية والمالية والداخلية في تنفيذ ومتابعة الأغذية المستوردة وغياب المتابعة وعدم الحرص على سلامة المواطنين، وهو ما أدَّى إلى انتشار كثير من الأمراض الخطيرة، منها الكبد والسرطان، كما اتهم النائب الحكومة بإصدار قرارات غير مدروسة وغير مُتقَنة؛ مما يسمح بالتلاعب في عمليات الاستيراد.

أما النائب الدكتور "السيد عبد الحميد" فقد قدم استجوابًا للدكتور "يوسف والي" نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة عن تدهور الزراعة المصرية نتيجة السياسات الزراعية الخاطئة بما أضر بالبلاد اقتصاديًّا وصحيًّا واجتماعيًّا.

وأكد النائب أن الزراعة كانت هي عصب الحياة بمصر على مرِّ العصور، وأنه نتيجةً للأخطاء التي ألمت بالسياسة الزراعية حدث تدهور شديد في هذا المجال، كان من نتائجه عدم الاكتفاء الذاتي من القمح، رغم إمكانية ذلك، ووعود وزير الزراعة المتكررة منذ تولي مسئولية الوزارة في الثمانينيات؛

كما تدهور محصول القطن، والذي أدَّى إلى خروج مصر من مجموعة الدول المصدرة للقطن طويل التيلة، وقال النائب في استجوابه: إن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل أدى إلى زيادة نسبة الأمراض الخطيرة بالشعب المصري، مثل السرطان، والفشل الكلوي، والكبدي؛ نتيجةً لاستخدام مبيدات بكميات كبيرة ولأنواع محظورة.

وأضاف النائب أن هناك قلةً في مساحة الأراضي المستصلحة بما لا يتناسب مع الإمكانات المتوفرة والفترة الزمنية الطويلة، كما أن ما تم استصلاحه لم يتم استزراعه كليًّا، وأشار نائب الإخوان إلى أن كل هذه الأمور أثرت على وضع الفلاح المصري الذي تدهورت حالته بشكل خطير وبصورة غير مسبوقة، كما تدهورت الصادرات الزراعية بعد أن كانت هي أمل مصر في الخروج من أزمتها الاقتصادية، كما تدهورت أيضًا الثروة السمكية، وتمثَّل ذلك في زيادة الاستيراد منها، رغم ما حبانا الله به من بحار وأنهار.

واستمرارًا لمحاربة الفساد قدم النائب "حسين محمد إبراهيم" استجوابًا للدكتور "مختار خطاب" وزير قطاع الأعمال المصري عن إهدار المال العام بشركة النصر للملاحات؛ بسبب اختيارها موقعًا لا يصلح للإنتاج؛ مما أدَّى إلى ضياع أكثر من 500 مليون جنيه، وإنتاجها ملحًا غير صالح للاستخدام الآدمي وغير مطابق للمواصفات.. هذا بالإضافة إلى استجواب قدمه الدكتور حمدي حسن عن تضارب تصريحات الحكومة وتأثير ذلك على آلية عمل الحكومة ومصالح الجماهير.

مشروعات القوانين

أما مشروعات القوانين التي قدمها نواب الإخوان فقد تنوعت بين القضايا الاقتصادية والقضايا الشرعية والتعليمية والقانونية، وكان أبرزها قانون التعذيب، الذي سبقت الإشارة إليه، كما وافق البرلمان بصورة مبدئية على أول مشروع قانون لإنشاء محكمة اقتصادية مختصة؛ وهو المشروع الذي قدمه نائب الإخوان المسلمين الدكتور "حمدي حسن"؛

وقد أشاد أعضاء البرلمان بالقانون، وأكدوا أنه رؤيةٌ جديدةٌ ومتطورةٌ للأداء البرلماني، كما وجَّه رجال البنوك وعددٌ من رجال الأعمال الذين حضروا اجتماع اللجنة التحيةَ لنائب الإخوان الدكتور "حمدي حسن"، مؤكدين أنهم طالبوا منذ سنوات بمثل هذه المحكمة إلا أنه لم يستجب لهم أحد، وقد قررت لجنة الاقتراحات بتحويل مشروع القانون للجنة الشئون الاقتصادية ومكتب اللجنة الدستورية والتشريعية لمناقشة المشروع وإعداده في شكله النهائي لعرضه على البرلمان المصري في دورته الحالية تمهيدًا لإقراره.

هناك أيضا مشروع قانون قدمه النائب "حسين محمد إبراهيم" لتعديل الفقرة الأولى من المادة (275) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهي المادة التي تتيح للجهات الحكومية الطعن على أحكام محكمة القضاء الإداري ومجلس الدولة أمام محاكم غير مختصة؛

وهو ما يعد إهدارًا لأحكام القضاء الإداري، وقد أشار النائب إلى أن الفترة الأخيرة شهدت حالاتٍ اعتبرها الشعب المصري تعديًّا على أحكام القضاء الإداري، وعدم احترام لأحكام القضاء، وأن الحالة البارزة في ذلك تمثلت في موضوع نواب التجنيد، وهل استقالاتهم من مجلس الشعب قانونية ودستورية أم لا؟!

وهل هذه الاستقالة تعد سببًا في فتح باب الترشيح من جديد في دوائرهم أم لا؟ مؤكدًا أن ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري ومحكمة مجلس الدولة هو عدم فتح باب الترشيح من جديد، وقصره على المرشحين في انتخابات 2000م، إلا أن الحكومة المصرية فاجأت الجميع بالطعن على الحكم القضائي في دائرة غير مختصة، وعليه فقد تم فتح باب الترشيح من جديد؛

وهو ما يفتح ملف الطعن على أحكام القضاء الإداري ومجلس الدولة في محاكم غير مختصة؛ بهدف تعطيل حكم القضاء الإداري، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب مجتمعةً دفعته لتقديم هذا التعديل الذي يحفظ مكانة القضاء الإداري ومجلس الدولة بمصر.

الأوقاف

ومن مشروعات القوانين الهامة التي قدمها النواب مشروع قانون قدمه النائب "علي لبن"، طالب فيه بعودة جميع الأوقاف الخاصة بالأزهر الشريف إليه، وهي الأوقاف التي استولت عليها الدولة، أسوةً بما حدث في الأوقاف القبطية التي عادت للكنيسة، والأوقاف اليهودية التي عادت لبقايا اليهود بمصر.

وطالب النائب في المادة الأولى من مشروع القانون بأن يتولى شيخ الأزهر إدارة الأوقاف التي كانت مرصودة للأزهر ولخدمة الدعوة الإسلامية، وأن يكون هذا الإشراف بالصلاحيات الكاملة المخصصة لوزير الأوقاف، وفي المادة الثانية طالب النائب بأن يتولى المجلس الأعلى للأزهر إدارة واستثمار أموال الأوقاف، التي سيتولى شيخ الأزهر نظارَتَها؛ بما يحقق لها أكبر عائد لتحقيق أهداف الوقف ورسالة الأزهر، وفقًا للصلاحيات المخوَّلة للمجلس.

الخمر والقمار

كما ناقش البرلمان مشروع قانون قدمه النائب "حسين محمد إبراهيم" للارتقاء بمستوى الأئمة والخطباء والدعاة، باعتبارهم من فئات المجتمع المظلومة والمهضومة حقوقهم.. وهو القانون الذي يهدف لخلق جيل جديد من أئمة المساجد وعلماء الدين، لديهم مئونةُ ما يكفيهم وأُسَرَهم لضمان قيامهم بواجبهم الدعوي، باعتبارهم صمام أمان للمجتمع، وأن هذا يأتي من خلال منحهم بعض المميزات المالية والمعنوية بالشكل الذي يكفل لهم حياةً كريمةً.

كما وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان يوم 27 مارس 2004م من حيث المبدأ على مشروعَي قانون قدمهما النائب "حسين محمد إبراهيم".. الأول عن تجريم شرب وتعاطي وتداول الخمور، والثاني عن مسابقات اليانصيب، التي اعتبرها النائب تدخل تحت بند القمار، وقد أيَّد الدكتور "علي جمعة" مفتي الديار المصرية في مذكرة رسمية أرسلها للبرلمان المصري مشروعَي القانون، وأكد أن العقوبات التي اقترحها النائب في مذكرته توافق الشريعة الإسلامية، مع بعض التعديلات التي أجرتها دار الإفتاء على بعض العقوبات.

وجاء تأييد الدكتور "جمعة" ليضع حدًّا لعرقلة البرلمان لهذه المشروعات منذ عامين، ويضع أيضًا حدًّا لتهرب الحكومة، التي حاول ممثلها في اجتماعات لجنة الاقتراحات والشكاوى تأجيل البتِّ في هذه المشروعات لحين دراستِها، وهو ما رفَضَه نائب (الإخوان)؛

مؤكِّدًا أن الحكومة قالت منذ عامين نفس الكلام، وقدم النائب مذكرة مفتي الجمهورية، مستفسرًا عن أي دراسة تريدها الحكومة بعد رأي المفتي الرسمي، وبعد محاولات من ممثل الحكومة أنهت اللجنة قرارَها بالموافقة على مشروعَي القانون من حيث المبدأ، وتحويلهما للجان الموضوع بالبرلمان؛ لمناقشتهما وإبداء الرأي النهائي فيهما للبرلمان قبل نهاية هذه الدورة.

كما وافق البرلمان من حيث المبدأ على مشروع قانون ثالث قدمه النائب نفسه بتعديل المادة 128، والمادة 129 من قانون العقوبات، مؤكدًا أن المادة 128 مخالفة للمادة 44 من الدستور، أما المادة 129 فإن العقوبة الواردة فيها لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع جريمة استعمال القسوة مع الناس من قِبَل الموظف العام، اعتمادًا على وظيفته، فيتسبب في إيلامهم أو الإخلال بشرفهم؛

واقترح النائب في تعديله أن تنص المادة على أن يعاقَب بالحبس كلُّ موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، أجرى تفتيشَ شخص أو دخل مكانًا له لأي غرض مخالف لأحكام القانون، أو أي موظف استعمل القسوة مع أحد الأفراد، فأخلَّ بشرفه أو أحدث آلامًا بجسده.

كما قدم النائب نفسه مشروع قانون حول تعديل نظام التعليم قبل الجامعي، ونص المشروع على تعديل المادة الرابعة من قانون التعليم والمستبدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1999م؛ لتكون مدة الدراسة في التعليم قبل الجامعي ثماني سنوات للتعليم الأساسي الإلزامي، ويتكون من حلقتين؛ الحلقة الابتدائية: ومدتها خمس سنوات، والحلقة الإعدادية: ومدتها ثلاث سنوات، وثلاث سنوات للتعليم الثانوي (العام والفني)، وخمس سنوات للتعليم الفني المتقدم.الخلوة

إقرأ أيضا عن تاريخ الإخوان المسلمون والمعارضه والدولة

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

متعلقات

وصلات خارجية

كتب هامة

مقالات وأبحاث متعلقة

تابع مقالات متعلقة

ملفات متعلقة

برامج متعلقة

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

تحقيقات متعلقة

بيانات متعلقة

وصلات فيديو