الإصلاح الاجتماعي عند البنا (محاربة الفساد- الحلقة الثانية)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٤٤، ٥ مايو ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإصلاح الاجتماعي عند البنا (محاربة الفساد- الحلقة الثانية)

إعداد: طارق عبد الرحمن


كان الحديث في الحلقة السابقة عن محاربة الفساد، وتناولنا فيها أضرار المقامرة والدوافع النفسية إلى القمار، وأضرار القمار الخلقية، والأضرار الاجتماعية والمالية والصحية والدينية.


مذكرة جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية

الإمام حسن البنا

بعد ذلك أرسل الإمام البنا رسالةً إلى رئيس لجنة بحث موضوع البغاء محمد شاهين باشا، قال فيها: البغاء الرسمي


حضرة صاحب السعادة محمد شاهين باشا رئيس لجنة بحث موضوع البغاء الرسمي أيَّد الله به الحق وأجرى على يديه الخير للبلاد والعباد، آمين.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد، فإن مجلس إدارة جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية- ومن ورائه جمعيتها العمومية- يتشرفون برفع هذه المذكرة في الإجابة على أسئلة سعادتكم الخاصة بموضوع البغاء الرسمي، معتقدين أنهم بذلك يقومون بواجبهم الإسلامي وأنهم سيرون من سعادتكم أفضل مَن يصغى إلى الآراء الحقة الناضجة ويعمل بها، وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه نُنيب.



تمهيد: تقدير الفكرة

كلنا- يا صاحب السعادة- سرور وغبطة وتقدير لأولئك الذين فكروا في ناحية الإصلاح الاجتماعية للأمة، تلك الناحية التي أهملت طويلاً، وأغفلها الناس على اختلاف طبقاتهم، واشتغلوا عنها بما هو فرع لها، وإننا نتقدم إليهم بأجزل الشكر وأجمل الثناء؛ لأنهم بدءوا إصلاحهم بعلاج رأس الأدواء وهو البغاء الرسمى؛ ولأنهم أعطوا القوس باريها(2)، واختاروا لعلاج هذه الآفة أبًا بجدتها(3)، وخير نطاسيها(4)، وأبرع مَن يقدر على علاجها، مع سلامة دين وصحة يقين وسداد رأي، ونشكر لكم من كل قلوبنا انتدابكم الشعب لإبداء رأيه لما في ذلك من إظهار الحقيقة جليةً واضحةً، والإهابة بكل طبقات الأمة إلى الاشتراك في الإصلاح المنشود.


وإننا نرجو أن تكون هذه باكورة يتوالى بعدها ثمر الإصلاح جنيًّا إن شاء الله.


الإجابة على السؤالين: الأول والخامس

هل ترون إلغاء البغاء الرسمى أو إبقاءه، وما هي الأسباب التي تبنون عليها رأيكم؟(5) نرى إلغاء البغاء الرسمي دفعةً واحدةً بمنع الترخيص، وسحب الرخص من المشتغلات بالبغاء حالاً، للأسباب الآتية:

‌أ- إن البغاء الرسمي وصمة عار في جبين الأمة المصرية الكريمة التي ينصُّ دستورها على أن دينها الرسمي الإسلام، ويحمل جلالة مليكها المفدى علم حماية هذا الدين القويم، وتتولى هي زعامته بين شعوب العالم، وسعادتكم وحضرات أعضاء اللجنة الكريمة أعلم الناس بما قال الله تبارك وتعالى في تحريم الزنا والتنفير منه واعتباره فاحشةً وساءَ سبيلاً.


‌ب- إنه سببٌ في انتشار الأمراض السرية بين شبان الأمة، وهم زهرة رجالها، ومعقد آمالها، ولسنا نقول ذلك من أنفسنا، بل إن تقارير حضرات الأطباء الاختصاصيين ناطقةً بأن ثمانين في المائة من المرضى بهذا المرض إنما جاءهم عن طريق البغاء، ولا نفيض في هذا المعنى اكتفاءً بما تعلمونه سعادتكم من ذلك.


‌ج- إن البغاء سببٌ في فساد الأُسر وانحلالها؛ فإن المرأة متى علمت بأن زوجها يتردد على مواخير(6) البغاء التهبت الغيرة في نفسها ودبَّت البغضاء إلى قلبها، وأداها ذلك إلى احتقاره، وربما إلى خيانته، ويكون عن ذلك انحلال الأسرة وتفككها والطلاق.


‌د- إنه سبب في إضراب الشبان عن الزواج؛ فإن الشاب متى رأى أنه يتمكَّن من قضاء مآربه بدريهمات، ويتنقل بين مواطن الهوى من امرأةٍ إلى امرأةٍ مع قلة التبعة وعدم التقيد والكلفة آثر ذلك عن حياة الزوجية وقيودها، ولا سيما وما في الزواج من معانٍ شريفةٍ وأغراض سامية نبيلة لا يُدركها إلا أولياء البصائر والفهم، وهم في عامة الشعوب قليل، ومتى أضرب الشبان عن الزواج قلَّ النسل وضعفت بذلك الأمة، وأغرى الفتيات على التبرج والتهتك والخلاعة، ثم المخادنة والفساد، ثم الزنا السري وحمل السفاح، وما يتبع ذلك من فضائح وجرائم ومنكرات.


ه- إن إقرار الحكومة للبغاء وحمايتها له وترخيصها به سببٌ في تهوينه على الشبان والشابات، وكأنها ترفع بذلك عنه وصف الإثم وتبرزه للناس في صورة الأمور المقبولة المشروعة، وتشجع بذلك الدعوة وتزيد الإقبال عليه، وفي ذلك ما فيه من إبراز الباطل في صورة الحق وإلباس الضار ثوب النافع.


‌و- هذا البغاء سببٌ في قيام تجارات غير مشروعة إلى جانبه منها تجارة الرقيق الأبيض، التي يشترك فيها الصائد والسمسار والمستوردة والفريسة التي تذهب ضحيةَ الجميع، وفي ذلك ما فيه من إغراء بالفجور وجر الأطهار الأبرياء والغافلات إلى بؤر الفساد.


‌ز- إن البغاء من المساعدات على السكر والعربدة وتعاطي المخدرات ونحوها؛ لأن سلسلة الشر واحدة تأخذ حلقاتها بحجز(7) بعض، فإذا أمسك الشرير بحلقة جرته إلى أختها، وهكذا حتى يصل إلى قرارة الهوة، والواقع المشاهد كفيل بتبيان ذلك وشرحه.


ح‌- إنه سبب عظيم في كثرة الإجرام والمجرمين لما يكون حينذاك من التنافس بين الأقران والتحريش من الإخوان، ولأمر ما أكثرت الحكومة من الشرطة ونقط البوليس في أماكن البغاء.


ط‌- إذا كانت الحكومات الراقية المدنية قد حرمته على نفسها ومنعته في بلادها، فأحر بحكومة مصر وهي المدنية الإسلامية أن تقضي عليها وتمنع منه أشد المنع.


هذا ما يحضرنا من ذكر الأسباب المهمة التي تُوجب إلغاء البغاء في أقرب وقتٍ ممكن دفعةً واحدةً، ولو أردنا الاستقصاء لطال بنا القول وفيما ذكر الكفاية.


الجواب على السؤال الثاني

فى حالة الإلغاء ما هي الطرق التي تشيرون بها لمعاملة البغايا المرخص لهن الآن؟

الطرق التي نراها لمعاملة البغايا المرخص لهن هي:

‌أ- أن يحاط إلغاء البغاء الرسمي بجو من الدعاية الطيبة تجعل الشعب ينظر إلى هؤلاء البغايا كبائساتٍ أوقعهن الحظ السيئ في هذا الإثم، لا فاجرات يتاجرن بأعراضهن، ويأكلن بثديهن ليكون ذلك مدعاة إلى عطف الشعب عليهن رحمةً لهن.


‌ب- أن تقوم الحكومة بعمل ملاجئ لهنَّ، فهن في حاجةٍ إلى الرعاية كالأيتام في ملاجئهم والأحداث في إصلاحيتهم.


‌ج- استصدار الفتاوى من كبار العلماء التي تُبين ثواب الله تعالى في زواجهن، وتكليف الوعاظ والأئمة بث هذه الروح في نفوس الناس، وتشجيع كل مَن يُؤوي إحداهن إليه كزوجةٍ شرعيةٍ بالثناء عليه في الصحف والمكافأة له من الحكومة ماليًّا وأدبيًّا.


‌د- تأليف لجان من أهل الخير في كل منطقة بغاء لمعاونة البغايا بعد التوبة والنظر في شأنهن؛ وذلك يسير لو أعارته الحكومة جانبًا من عنايتها، وأبدت للجمهور الرغبة الصادقة فيه.


الجواب على السؤال الثالث

ما الوسائل التي تقترحونها لمكافحة البغاء السري؟

أما لمكافحة البغاء السري الذى انتشر وينتشر الآن بكثرة كذلك فنقترح ما يأتي:

‌أ- تعديل مواد القانون التي تُبيح الزنا في سن خاصة بتحريمه قطعًا، ووضع عقوبة شديدة لكل مَن يُضبط متلبسًا بجريمة الزنا، سواء في ذلك المرأة والرجل، وحبذا لو رجعت الحكومة في ذلك إلى الحد الشرعي، إذن يبطل الزنا كل البطلان، وترتاح الحكومة كل الراحة من جرائمه، مع أن هذا الحد سوف لا يُوقَّع إلا مرات بعدد الأصابع ثم يقلع الناس بعد ذلك عن هذا الإثم العظيم، ودواء الله تبارك وتعالى أفضل دواء.


‌ب- التشديد على رجال البوليس في المراقبة والشدة على الأشخاص الذين يُضبطون متلبسين بجريمة الزنا.


‌ج- تكليف الجمعيات الإسلامية الموثوق بها مساعدة البوليس في مهمته بلجان خاصة بذلك وإخطار البوليس بما يرون، وعليه أن يحترم آراءهم ويقصدهم في المراقبة ونحوها حتى تحقق الغاية بذلك.


الجواب على السؤال الرابع

ما الوسائل التي تقترحونها لتلافي أضرار الأمراض السرية؟

الوسائل التي نراها لاتقاء الأمراض السرية هي:

‌أ- إصدار نشرات مزينة بالصور تُبيِّن للناس خطر هذه الأمراض وخطر العدوى الفظيع فيها وينفرونهم منها، وقد اتبعت مصلحة الصحة هذه الطريقة في مكافحة الأمراض الطفيلية فأفادت فائدةً لا بأسَ بها.


‌ب- الإكثار من شرائط السينما التي تبين للناس فظائع هذه الأمراض.


‌ج- الإكثار من إلقاء المحاضرات بالفانوس السحري(8) إذا أمكن عن أضرارها ومهالكها وتحذير الجمهور منها، وتكليف الوعاظ والأئمة والجمعيات الإسلامية والأطباء العناية بذلك.


‌د- نشر المتاحف الخاصة بتمثيل مظاهر هذه الأمراض بين الجمهور في أمهات المدن حتى يرى الناس بأعينهم ما يستهدفون له من الخطر إذا أهملوا السلاح أو تعرضوا للعدوى، وقد رأينا بأنفسنا أن كثيرًا من الشبان بلغ منهم التأثر مبلغه بزيارة واحدة لمتحف جلالة الملك بعابدين حين نظروا مهالك الأمراض السرية وأخطارها.


ه- عمل مستشفيات خاصة تحجز فيها الأشخاص الذين يثبت مرضهم بهذه الأمراض حتى يتم شفاؤهم.


الخاتمة

إزالة شبهات الذين يعارضون في إلغاء البغاء الرسمي:

يحسن هنا أن نختم هذه الكلمة بالرد على شبهات الذين يرون عدم إلغاء البغاء الرسمي، معتمدين في ذلك على البرهان الحسي والدليل القوي وبالله التوفيق.


الشبهة الأولى: يقولون: إن البغاء آفة مستأصلة من القدم فلا تُلغى بجرة قلم.

والرد على ذلك أن نقول: ليس زمانة(9) المرض مستوجبة للسكوت عليه حتى يموت المريض، بل علينا أن نقوم بالعلاج الواجب حتى يتم الشفاء، على أن التجارب وعلم النفس الاجتماعي والفردي يثبتان أن كل عادة مهما تأصلت يمكن أن تقتلع بعادةٍ أخرى متى وُجدت العزيمة، وإذن فلا ينقص الحكومة ولا الأمة إلا العزيمة الصادقة، وبالحزم في التنفيذ والصبر وطول الأناة يصل الجميع إلى الغاية.


ولو سلمنا بهذه القاعدة- وهي قاعدة أن توغل الجريمة في القدم يبيح السكوت عن محاربتها- لما حاربنا رذيلةً من الرذائل؛ فإن كل الجرائم متوغلة في القدم منذ الخليقة، فالقتل والسرقة والطمع والعدوان كلها جرائم وُجدت مع الإنسان يوم وُجد، ولم يقل أحدٌ بالسكوت عنها، بل إن المنطق السليم يوجب أن تتضاعف الجهود بقدر انتشار الجرم حتى يتم النصر للفضيلة في النهاية.


الشبهة الثانية

يقولون: إن البغاء الرسمي ضرورة للعصر الحديث؛ لأن الشبان لا يستغنون عنه.


وهذه شبهة أوهى من بيت العنكبوت؛ فإن الأخلاق متى استقامت- ويجب أن نفكر في طريق استقامتها، وفي أفضل الطرق لتقوية إرادة شباب الأمة- وجد الشاب نفسه في مأمن من نزغات الشيطان ونزعات النفس، ولا سيما إذا حوربت الخلاعة وقُضي على التهتك والتبرج، وأي ضرورة لارتكاب الإثم وفي الحلال مندوحة عن الحرام فليتزوج المضطر، وبذلك تنقضي ضرورته ويستغنى عنه.


الشبهة الثالثة

يقولون: إن القضاء على البغاء الرسمي يُكثر البغاء السري.

والجواب على ذلك من وجهين: أولهما: أن وجود البغاء الرسمي لم يحل دون البغاء السري؛ فها هو منتشر وينتشر فاستوى الأمران إذًا.


والوجه الثاني: أن القضاء على البغاء الرسمي إعلان وتنفير من الزنا في جملته فهو يعين على النفور من البغاء السري.


ودواء انتشار البغاء السري ليس إبقاء البغاء الرسمي، وإنما هو التشديد في المراقبة، ويقظة البوليس، والدعاية القوية في التنفير، وما دام القانون لا يحمي نوعًا من أنواع الجريمة تداعت الأنواع الأخرى ووهنت قوتها، وبذلك يُقضى على هذا البغاء السري بتاتًا.


بقيت شبهات أخرى متداعية من نفسها نضرب صفحًا عن الرد عليها إيثارًا للاختصار، واكتفاءً بما فيها من الضعف ومخالفة الحق والبرهان.


هذا- يا صاحب السعادة- ما بدا لنا في موضوع البغاء الرسمى، نبعث به إليكم وكلنا أمل في أنكم سترضون الله، وتنقذون الأمة، وتقررون إلغاء البغاء الرسمي إلغاءً باتًا، وتخلدون هذه المأثرة في صحيفة مجيدة من تاريخ مصر الإسلامية الناهضة مقرونةً باسمكم الكريم، واسم صاحب الجلالة مليك مصر المفدى، وولى عهده المحبوب أعزَّ الله بهما دينه وأيَّد شريعة نبيه صلى الله عليه وسلم.


عن لجنة الرد على الأسئلة بجمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية

الرئيس: حسن أحمد البنا


حوادث التكفير وخطر المبشرين

لا بد من صوتٍ قوى لإسماع الصم، وقبلاً نصح الناصحون، ونادى المنادون بخطر التبشير(11) والمبشرين على هذه الأمة الوديعة، ثم ها هو الصوت القوى والدليل المادى، والبرهان الحسي يدوى صداه ويتردد في أنحاء القطر من أقصاه، إلى أقصاه، وقد برح الخفاء وانكشف الستار عمَّا يرتكبه هؤلاء النزلاء المضللون من الجرائم والمناكر مع أمةٍ أكرمت وفادتهم، وشعب أحسن ضيافتهم، وبلاد آوتهم وضمتهم، فهل سمعت الحكومة الرشيدة هذا الصوت الداوي، وقد تكررت الحوادث بلا انقطاع، وظهر منها ما يكفي بعضه لإبعاد هؤلاء النزلاء المفرقين للكلمة، المزلزلين للعقائد، ومصادرة مدارسهم ومشافيهم ومعاهدهم ومكاتبهم وكتبهم، ولها ذلك إن أرادته فإنها مطالبة بالمحافظة على الأمن الذي يعمل هؤلاء المضللون على الإخلال به، مطالبة بالمحافظة على دين الدولة الرسمي الذي يحاربه هؤلاء بشتى الوسائل، مطالبة بالمحافظة على شعبها الوادع الأمين، وحمايته من عدوان المعتدين.


وهل سمعت الأمة التي انخدعت حينًا، وأحسنت الظن طويلاً، وغرها زخرف ما يظهر لها المضللون من قول معسول وتصدق معلول(12)؟ وهل سمع الآباء والأمهات وأولياء أمور البنين والبنات بهذا التكفير والتنصير، والتمويه والتضليل، وخطف الأولاد، وتشريدهم إلى أمريكا وإلى أوروبا وغيرها من البلاد، واستغلال العوز والفاقة في شراء الضمائر وهدم العقائد؟


وهل سمعت الحكومات الأجنبية التي أكرمت مصر وفادة أبنائها فوجدوا فيها منزلاً آمنًا ومرتزقًا رغدًا، فتحرص هذه الحكومات على مقابلة الجميل بالجميل وحسن الجوار ومتانة الروابط، فتكف هؤلاء المرتزقة بالدسيسة(13) وتردهم إلى بلادهم؟


ألا إن حوادث التكفير قد شاعت وذاعت وعمت القطر وغزت القرى والمدن، وعلم الناس منها ما نشرته الجرائد، ولا يزال الكثير منها في طي الخفاء، وستظهره قريبًا يقظة الأمة، وحزم الحكومة الموفق.


في كل عاصمةٍ من عواصم المديريات أو المراكز مركز تبشيري قد أعد العدة لغزو بلاد دائرته بشتى الوسائل، وقد أصبحت هذه المراكز التبشيرية شبكةً متصلةً تضلل بلاد القطر المصري، محكمة الحلقات متصلة الخيوط، ففي: الإسكندرية وفي أسوان وفي القاهرة وفي بور سعيد وفي طنطا وفي الإسماعيلية وفي دكرنس وفي شبين وفي المحمودية وفي بلبيس فيالق مجهزة من المبشرين تؤدي مهمة التبشير في هذه المراكز، وفي غيرها من الجهات بكل وسيلةٍ من: الإغراء والاستهواء واستغلال البؤس والتمويه والتضليل والتستر بالتعليم والتصدق والمداواة.. والغرض من كل ذلك واحد هو التكفير ولو شئت أن أقص طرفًا من حوادث المبشرين لضاق المقام.


على أن المبشرين أنفسهم لا ينكرون هذا بل يفتخرون به قديمًا وحديثًا، وإلى القراء ما يقوله القسيس "زويمر"(14) عن مبلغ نجاح المبشرين في دعوتهم: "إن لنتيجة إرساليات التبشير في البلاد الإسلامية مزيتين: مزية تشييد ومزية هدم، ولا ينبغى لنا أن نعتمد على إحصائيات التعميد(15) في معرفة عدد الذين تنصروا رسميًّا من المسلمين؛ لأننا واقفون على مجرى الأمور، ومتحققون من وجود مئات من الناس انتزعوا الدين الإسلامي من قلوبهم واعتنقوا النصرانية في طرفٍ خفىٍ".


فالقسيس "زويمر" ينادي منذ سنة 1911م بأنه قد نجح في تكفير مئات من المسلمين وانتزاع الإسلام من قلوبهم، ويؤكد أن الذين أخرجهم المبشرون من دينهم أكثر من الإحصائيات وأكثر من الحوادث وأكثر مما يعلم الناس.


والمبشرون كذلك لا ينكرون وسائلهم في تكفير المسلمين، فهذا القسيس "فليمنغ" الأمريكي يذكرها في صراحةٍ وجلاء فيقول: "وأهم هذه الوسائل العزف بالموسيقى، وعرض الفانوس السحري عليهم- أي: على المسلمين، وتأسيس الإرساليات الطبية بينهم، وأن يتعلم المبشرون اللهجات العامية واصطلاحاتها نظريًا وعمليًا، وأن يدرسوا القرآن ليقفوا على ما يحتوي، وأن يخاطبوا العوام المسلمين على قدر عقولهم، ويجب أن تلقى الخطب عليهم بأصوات رخيمة وبفصاحة، ومن الضروري أن يكون المبشر خبيرًا بالنفس الشرقية، وأن يستعمل التشبيه والتمثيل أكثر مما يستعمل القواعد المنطقية التي لا يعرفها الشرقيون".


ويقول سكرتير مؤتمر المبشرين بالقاهرة في سنة 1906م: "وإن المبشرين أرادوا أن يكسبوا ثقة الشبان المسلمين المتعلمين بهم، فصاروا يلقون محاضرات في موضوعات اجتماعية وخلقية وتاريخية لا يستطردون فيها إلى مباحث الدين رغبةً في جلب قلوب المسلمين إليهم، وأنشأوا بعد ذلك في القاهرة مجلة أسبوعية افتتحوا فيها بابًا غير ديني يبحثون فيها عن الشئون الاجتماعية والتاريخية، وأسسوا أيضًا مكتبة لبيع الكتب بأثمان قليلة، والغرض من ذلك استجلاب الزبائن، ومحادثتهم في أثناء البيع.


ويقول الدكتور أرهارس (Arhars) طبيب إرسالية التبشير في طرابلس الشام بعد أن ذكر مجهوداته في إفساد عقائد مرضاه: "يجب على طبيب إرساليات التبشير ألا ينسى- ولا في لحظة واحدة- أنه مبشر قبل كل شيء ثم هو طبيب بعد ذلك".


إن المبشرين لا يواربون(16) في غايتهم، فهم ينادوننا في صراحةٍ وجلاء بأن مدارسهم ومشافيهم ومكاتبهم ومكتباتهم لا غاية منها إلا أن يكونوا مبشرين قبل كل شيء، أي: هادمين للإسلام مفسدين لعقائد أبنائه، بل إنهم صرحوا بذلك في تقرير مؤتمر القاهرة فختم سكرتيره كلامه بقوله: ربما كانت العزة الإلهية قد دعتنا إلى اختيار مصر مركز عمل لنا لنسرع بإنشاء هذا المعهد المسيحي لتنصير هذه الممالك الإسلامية.


كان صديقي القاضي الفاضل الشيخ أحمد شاكر(17) قاضيًا بمحكمة الإسماعيلية الشرعية، وأراد أن يدخل كريمته مدرسة البنات الأميرية بها، فاعتذر إليه ناظرها بامتلاء الأماكن وفوات الوقت؛ إذ إن معظم العام الدراسي قد فات، فرأى أن تقضى كريمته بقية العام في مدرسة المرسلات التابعة للإرسالية الأمريكية للتبشير بالإسماعيلية، واشترط على رئيستها ألا تحضر الطالبة دروس الدين المسيحي، وأوقات الصلاة بكنيسة المدرسة؛ لأن ذلك لا يتناسب مع مركز أبيها الديني، فرفضت الرئيسة هذا الشرط وأجابت في صراحة: "إن المدرسة إنما أُنشئت لخدمة التبشير البروتستانتي(18)، ولا أستطيع الخروج عن هذه الغاية". فكان جميلاً جدًا أن يرفض فضيلته بكل إباء بقاء كريمته لحظة واحدة في هذه البؤرة التضليلية، وفضَّل أن تبقى في المنزل بدل أن تتسمم عقائدها في مدرسة المرسلات، وذلك واجب كل مسلم يحرص على دينه وأبنائه.


يا حكومتنا الحازمة: الجريمة ثابتة، والمجرم مقر معترف، والعدوان صارخ متتابع على دين الدولة ودستورها وكرامتها وعقائد أبنائها، وفلذات أكبادها، والعقوبة ممكنة لأنها بحق، وللحق صولته مهما قامت في وجهه الحوائل، فاغضبي غضبةً شريفةً لله ولرسوله، ولرغبة جلالة المليك المفدى حامي حمى الإسلام ونصيره، تحسني سمعة مصر، وتريحي ضمائر أبنائها المعذبة.


وأنتَ أيها الشعب الكريم احذر دسائس هؤلاء المضللين وخداعهم، وابتعد عن مدارسهم ومستشفياتهم وملاجئهم وكتبهم، فإن السمك يلتقط الطعم فيعلق به الشص(19) ويؤديه إلى الهلاك.


وأنتم أيها القوم احفظوا الجميل لأهله، ولا تقابلوا إحسان هذه الأمة إليكم بالإساءة إليها، فإن للاحتمال حدًّا ينتهى إليه، والضغط يولد الانفجار، والإسلام عند بنيه أغلى من دمائهم وأموالهم.


المسيح بريء من المبشرين

يدعي المبشرون أنهم يبشرون بالمسيح ويكرزون(21) بالإنجيل ويدعون الناس إلى النصرانية، وأنت إذا حققت هذه الدعوى وجدتها تسير طبقًا للقانون الذى تسير عليه دعاويهم كلها، وهو التجديف(22) والتدجيل(23)، والكذب والتضليل، إن المسيح عليه السلام كان سمحًا كريمًا لا يؤذي أحدًا ولا يعتدي على أحد، وكان يوصي بالزهادة في الدنيا والانصراف إلى التقشف، ويقدس الروحانيات ويحتقر الماديات، والإنجيل ينادى بهذه التعاليم ويؤيدها، ويقول في كتابه [6: 24]: "لا تقدروا أن تخدموا الله والمال، لذلك أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون- أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس؟" ويقول في [19: 21]: "قال له ياسوع إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء" إلى آخر القصة، وكلها وصية بالتجرد من مظاهر الحياة الدنيا وصرف إلى روحانيات فقط- وكل الذين كتبوا مع "متّى"(24) يؤيدون هذه التعاليم ويؤكدونها، فأين سماحة المسيح وعدله من عدوان المبشرين على عقائد الناس وخطفهم لبناتهم وأبنائهم؟ وأين صراحته وإخلاصه بخداعهم ومكرهم؟ وأين الزهادة والتقشف وتقديس الروحانيات التي هي أساس المسيحية مما يجلبه هؤلاء الدعاة، ويزينونه لضحاياهم وفرائسهم فتيانًا وفتيات من حب المادة والإغراء بمظاهر الحياة الدنيا، واستغلال الشهوات والأهواء، واشتراء العقائد والضمائر بالملذات والمطاعم والمشارب، وسجن الأرواح والقلوب في حدود أعراض هذه الدنيا الزائلة من الأموال والمساكن والملابس؟!


المسيح عليه السلام يقول للشاب الغني: بع أملاكك واتبعني ولك ثواب الآخرة، وهؤلاء يقولون للشاب أو الشابة: اتبعونا نعطكم الأموال والبيوت والوظائف والمرتبات والأزواج والزوجات.


فأين هؤلاء من المسيح والمسيحية؟

أيها المبشرون: إن كنتم تنشرون المسيحية فقد رأيتم أن المسيحية براء منكم ومن خططكم وأساليبكم المادية الخادعة!


وإن كنتم تبتغون بذلك الرزق والتجارة فأمامكم الشعوب الوثنية قد تجدون فيها مرتعًا خصبًا وعقولاً ساذجة.


وعلى كليهما: فخير لكم أن تعملوا في غير بلاد الإسلام التي عرف أبناؤها من أنتم وماذا تعملون.


حفل جمعية الهداية الإسلامية لتكريم الإخوان الأمجاد الذين آثروا هداية الإسلام


على ضلال القاديانية

في مساء الخميس 7 شعبان 1352ه دعت جمعية الهداية الإسلامية كثيرًا من فضلاء العاملين للإسلام لحضور حفل تكريمي تقيمه(26) بدارها لحضرات الإخوان الفضلاء، الذين آثروا العودة إلى هداية الإسلام على البقاء مع ضلال القاديانية(27) الخاطئة، وما وافت الساعة المحددة حتى حفل المكان بخيرة الأدباء والعلماء وفضلاء العاملين للدعوة الإسلامية، وفي مقدمتهم صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر(28)، وحضرة صاحب الفضيلة شيخ الإسلام السابق في تركيا(29)، وفضيلة الأستاذ الجليل شيخ كلية الشريعة، والأستاذ السيد محب الدين الخطيب(30) صاحب "الفتح" الغراء، ثم دُعي المجتمعون إلى مقصف فاخر تناولوا فيه ما لذَّ وطاب، ثم قام فضيلة الأستاذ الجليل رئيس الجمعية الأستاذ محمد الخضر حسين(31) فحيا المحتفل بهم وشكر الحاضرين، وأفاض في ثبات الأصول الإسلامية وخلودها على الزمان، وانهيار كل ما عداها مما يزيفه المبطلون، ثم تلاه الأستاذ الشيخ عبد الوهاب محمد سليم من علماء التخصص بقصيدة عصماء، وقام من بعده فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين فألقى الكلمة المنشورة بعد، وتلاه الأستاذ الأديب الفاضل على أفندى الجندي(32) المدرس بوزارة المعارف بكلمة قيمة كانت مسك الختام.

بعد ذلك كانت خطبة الإمام البنا، فماذا قال فيها؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.


المراجع

(1) مجلة الفتح، العدد (304)، السنة السابعة، 2ربيع الثانى 1351ه/ 4أغسطس 1932م، ص(11-13).

(2) أعط القوس باريها. أى: استعن على عملك بأهل المعرفة والحذق له.

(3) يقولون: "هو ابن بَجْدَتها" يقال: "عنده بَجْدَة ذلك" أي: عِلم ذلك، و"هو عالم ببَجْدَة أمرك"، أي: بدِخْلَتِهِ. [ابن قتيبة: أدب الكاتب، ص(57)].

(4) يقال للطبيب: نِطاسِي ونِطِّيس مثل فِسِّيقٍ، وذلك لدقة نظره في الطِّبِّ. [اللسان، مادة (نطس)].

(5) هذا نص السؤال الأول، ونص السؤال الخامس هو: إذا كنتم ترون إلغاء البغاء الرسمي فهل يكون ذلك تدريجيًّّا أم دفعة واحدة؟ أي هل يكتفى مبدئيًا بعدم الترخيص لبغايا جديدات فيندثر البغاء الرسمي تدريجيًا؟ أم يحرم على البغايا الموجودات في الوقت الحاضر ممارسة مهنتهن، فيقضى على البغاء دفعة واحدة. [انظر: البلاغ، العدد (2779)، السنة العاشرة، 26صفر 1351ه/ 20يونيو 1932م، ص(1)].

(6) هو مجلس الريبة. [أساس البلاغة، مادة (مخر)].

(7) هذا كلام آخذ بعضه بحجزة بعض، أي: متناظم متسق. [أساس البلاغة، مادة (حجز)].

(8) الفانوس السحرى: آلة عرض ضوئية تعرض الصورة، مكبرة على حائط أو لوحة في مكان مظلم.

(9) الزَمانَةُ: آفة في الحيوانات. ورجلٌ زَمِنٌ، أي مُبْتَلىً بيِّن الزَمانَةِ. [الصحاح، مادة (زمن)].

(10) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (3)، السنة الأولى، 6 ربيع الأول 1352ه/ 29يونيو 1933م، ص(1-4).

(11) التبشير كلمة في غير محلها، ويجب أن تسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية؛ فهو تنصير، وما إطلاق كلمة التبشير إلا من باب التدليس على الشعوب.

(12) أي: الصدقة المضاعفة، قال ابن منظور: "وفي حديث علي رضي الله عنه: "من جزيل عطائك المعلول"، يريد أن عطاء الله مضاعف يعل به عباده مرة بعد أخرى"[محمد بن مكرم بن منظور الإفريقى المصرى: لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، (11/468)]، وقال الحريرى: "ويقولون للعليل: هو معلول، فيخطئون فيه؛ لأن المعلول هو الذى سقى العلل، وهو الشرب الثانى، والفعل منه عللته، فأما المفعول من العلة فهو معل، وقد أعله الله تعالى" [القاسم بن على الحريرى: درة الغواص في أوهام الخواص، تحقيق: عرفات مطرجى، مؤسسة الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1418ه-1998م، ص(255)].

(13) أي: جعل رزقه عن طريق المكر والخديعة.

(14) مستشرق منصِّر، اشتهر بعدائه الشديد للإسلام، مؤسس مجلة "العالم الإسلامي" الأمريكية التنصيرية، مؤلف كتاب "الإسلام تحد لعقيدة" صدر في سنة (1908م) وناشر كتاب "الإسلام" وهو مجموعة مقالات قدمت للمؤتمر التنصيرى في سنة (1911م) بلكنهو بالهند، وتقديرًا لجهوده التنصيرية أنشأ الأمريكيون وقفًا باسمه على دراسة اللاهوت وإعداد المنصرين.

(15) قال الشيخ سفر الحوالى في محاضرة له بعنوان: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح": "التعميد عند النصارى هو: أن يُغمس المولود أو الداخل في دينهم في الماء إيذانًا بدخوله في هذا الدين". [موقع الدكتور سفر الحوالى].

(16) أي: لا يغشون.

(17) إمام أهل الحديث في عصره فضيلة الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر ولد بعد فجر يوم الجمعة 29 جمادى الآخرة سنة 1309ه الموافق 29 من يناير سنة 1892 بدرب الإنسية، قسم الدرب الأحمر بالقاهرة، وسماه أبوه أحمد شمس الأئمة، أبو الأشبال، التحق الشيخ أحمد شاكر بالأزهر، فاتصل بعلماء القاهرة ورجالها وعرف طريق دور الكتب العامة والمكتبات الموجودة في مساجدها، حصل على شهادة العالمية بالأزهر سنة 1917م، فعين مدرسًا بمدرسة ماهر. ثم عين عضوًا بالمحكمة الشرعية العليا، وظل في سلك القضاء حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1951م، عمل مشرفًا على التحرير بمجلة الهدى النبوى سنة 1370ه، اهتم بقراءة مسند أحمد بن حنبل رحمه الله، وبدأ في طبع شرحه على المسند سنة 1365ه الموافق 1946م، وقد بذل في تحقيقه أقصى ما يستطيع عالِم من جهد في الضبط والتحقيق والتنظيم، وعاجلته المنية دون أن يتمكن من مراجعته، تنوعت أعماله ما بين التحقيق والتأليف، توفى رحمه اللَّه في السادسة بعد فجر يوم السبت الموافق 26 من ذى القعدة سنة 1377ه، الموافق 14 من يونيو سنة 1958م.


(18) هى حركة إصلاحية "فى المسيحية بزعامة مارتن لوثر (1483-1549)، ثم تفرقت الحركة على نفسها مذاهب قددًا، واشتبكت في حروب دينية طاحنة وتصفيات جسدية مروعة، وما زالت تفرز جماعات ومذاهب وفرقًا، كل آن وحين خاصة في الولايات المتحدة، وكان الجامع الوحيد بين أطراف الحركة أول نشأتها معارضتهم الشديدة للهيمنة البابوية وتراث الكاثوليكية التاريخى، ولخص المحتجون "البروتستانت الإصلاحيون" مذهبهم العام في ثلاث دعاوٍ مركزية هى: توكيد جوهر الدين بديلاً عن الالتزام بالمظاهر الخارجية له، وبالاتساق الجوانى مع الذات بديلاً عن التظاهر بالانسجام الظاهرى مع العوائد والطقوس، وبالحرية= =الفردية وتوكيد النعمة الإلهية، وأن مناط تحقيق هذه الأمور هو إسقاط الهيمنة البابوية باعتبارها وكر المسيح الدجال ومستقره، والعودة الناجزة والحاسمة إلى تعاليم الإنجيل المبرأة من التحريف" [د.عرفان عبد الحميد فتاح: الفكر الدينى المعاصر وتحديات الحداثة، مجلة إسلامية المعرفة، العدد (26).].


(19) في الأصل "الشيص"؛ وهو تصحيف؛ لأن "الشيص" هو الردىء من التمر، أما "الشص" فهو الأداة التي يصطاد بها السمك.


(20) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (3)، السنة الأولى، 6ربيع الأول 1352ه/ 29يونيو 1933م، ص(6)، وقيل: سمى المسيح بذلك "لصدقه. وقيل: سمى به؛ لأَنه كان سائحًا في الأَرض لا يستقرُ. وقيل: سمى بذلك؛ لأَنه كان يمسح بيده على العليل والأَكمه والأَبرص فيبرئه بإِذن الله. وقال شمر: سمى عيسى المَسِيحَ؛ لأَنه مُسِحَ بالبركة. وقال أَبو العباس: سمى مَسِيحًا؛ لأَنه كان يَمْسَحُ الأَرض، أَى: يقطعها. وقيل: سمى مسيحًا؛ لأَنه كان أَمْسَحَ الرِّجْل ليس لرجله أَخْمَصُ. وقيل: سمى مسيحًا؛ لأَنه خرج من بطن أُمه ممسوحًا بالدهن" [لسان العرب، (2/595) باختصار.].

(21) أى: ينادون ببشارة الخلاص حسب معتقدهم، وهى ليست كلمة عربية.

(22) أي: الكفر بنعمة الله واستقلالها.

(23) دجّل، أي: بالغ في الكذب والتمويه. [المعجم الوجيز، ص(221)].

(24) الحوارى متى هو أحد التلاميذ الاثنى عشر الذين يزعم النصارى أن المسيح اصطفاهم، وكان يعمل عشارًا في كفر ناحوم، وتذكر المصادر التاريخية أنه رحل إلى الحبشة، وقتل فيها عام 70م، ولم يذكر في العهد الجديد سوى مرتين، ويزعم النصارى أن الإنجيل الذى كتبه قد ألهمه من الروح القدس. وترجح المصادر أن متى كتبه لأهل فلسطين، أي: لليهود المتنصرين، وتختلف= =المصادر اختلافًا كبيرًا في تحديد تاريخ كتابته، لكنها تكاد تجمع على أنه كتب بين 37 - 64م. وأما لغة كتابة هذا الإنجيل فيكاد يُجمع المحققون على أنها العبرانية، ورأى بعضهم أنها السريانية أو اليونانية.

(25) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (23)، السنة الأولى، 4رمضان 1352ه، ص(18-20).

(26) في الأصل تقديمه.

(27) القاديانية حركة نشأت سنة 1900م على يد ميرزا غلام أحمد القادياني 1839-1908م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في شبه القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم، وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية.


(28) هو الشيخ محمد الأحمدي الظواهري [1295-1363ه= 1878-1944م]: فقيه شافعي مصري. ولد في قرية (كفر الظواهري) بشرقية مصر، وتعلم في الأزهر، وأخذ عن الشيخ محمد عبده وآخرين. وولى مشيخة الجامع الأحمدي في (طنطا) بعد أبيه، ونقل إلى (أسيوط) فكان شيخًا لمعهدها مدة. عين شيخًا للأزهر سنة 1929 واستقال سنة 1935، وفي عهده أصدر الأزهر مجلة (نور الإسلام)، وتحول الأزهر إلى جامعة على نظام حديث. وتُوفي بالقاهرة. وكان خطيبًا، فيه نزعة صوفية شاذلية. له كتاب (العلم والعلماء- ط) في نظام التعليم، وضعه حين بدأ دعوته إلى إصلاح الأزهر، و(رسالة في الأخلاق- ط)، وجمع ابنه فخر الدين الأحمدي بعض أخباره ومذكراته في كتاب سماه (السياسة والأزهر- ط) وفيه أن الشيخ (محمد عبده) قال للظواهري: إن أباك سماك (الأحمدي) نسبة إلى السيد أحمد البدوي. [الأعلام، (6/26) بتصرف].


(29) هو الشيخ مصطفى صبري [1286-1373ه= 1869-1954م]: من علماء الحنفية. فقيه باحث. تركي الأصل والمولد والمنشأ. ولد في (توقات)، وتعلم بقيصرية (في الأناضول)، وعين مدرسًا في جامع محمد الفاتح بإستانبول، وهو في الثانية والعشرين= =من عمره. ثم تولى مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية. وقاوم الحركة (الكمالية) بعد الحرب العالمية الأولى. وهاجر إلى مصر، بأسرته وأولاده (سنة 1922) فألف كتبًا بالعربية، منها (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين- ط) أربعة مجلدات، و(موقف البشر تحت سلطان القدر- ط)، و(النكير على منكري النعمة في الدين والخلافة والأمة- ط)، و(مسألة ترجمة القرآن- ط)، و(القول الفصل بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون- ط)، وله مؤلفات بالتركية طبع بعضها. ووفاته بالقاهرة. [السابق، (7/236)].


(30) محب الدين الخطيب [1303-1389ه][1886-1969م]: سوري ولد في دمشق أواخر تموز 1886م. اتصل بالشيخ طاهر الجزائري، ثم مضى محب الدين إلى إستانبول، حيث انتسب إلى مدرسة الحقوق فيها. وقد عمد وصديقه عارف الشهابي إلى إنشاء جمعية النهضة العربية السرية يوم24 كانون الأول 1906م. مما لفت أنظار رجال الأمن إليه، فأخذوا يلاحقونه، وكان هذا سببًا لتوقفه عن إتمام دراسته الجامعية وذهابه إلى اليمن في تشرين الأول 1907 للعمل فيها. ثم هاجر إلى القاهرة 1911 م. وأنشأ فيها المكتبة السلفية، وكان من أوائل مؤسسي جمعية الشبان المسلمين، من آثاره: تاريخ مدينة الزهراء بالأندلس، الأزهر ماضيه وحاضره والحاجة إلى إصلاحه.


(31) الشيخ محمد الخضر حسين [1293ه-1373ه]: ينتسب إلى أسرة عريقة في العلم والشرف؛ حيث تعود أسرته إلى البيت العمري في بلدة (طولقة) جنوب الجزائر، رحل والده إلى (نفطة) من بلاد الجريد بتونس حينما دخل الاستعمار الفرنسى الجزائر، وفى عام 1306 انتقل مع أسرته إلى العاصمة، فتعلم بالابتدائى، وحفظ القرآن مما خوله الانتظام بجامع الزيتونة، وفي عام 1316نال شهادة (التطويع) التي تخول حاملها إلقاء الدروس في الزيتونة تطوعًا، قام بإنشاء مجلته (السعادة العظمى) وأغلقها المستعمر الفرنسي بعد مضى عام واحد فقط على صدورها، ثم تولى قضاء (بنزرت) عام 1323 مع الخطابة والتدريس بجامعها، قام بعدة سفرات متوالية بادئًا بالجزائر عام 1327، ثم عاد إلى تونس، وفى عام 1329 وجهت إليه تهمة بث العداء للغرب، ولاسيما فرنسا، فيمم وجهه صوب الشرق، ثم عاد لتونس فلم يطب له المقام والمستعمر من ورائه، ثم خرج منها ليصل دمشق عام 1330 مع أسرته فعين الشيخ (محمد الخضر حسين) مدرسًا بالمدرسة السلطانية، ثم زار الآستانة، ثم مصر التي وصلها عام 1339 فوجد بها صفوة من أصدقائه الذين تعرف عليهم بدمشق ومنهم: (محب الدين الخطيب)، وفى عام 1351 منح الجنسية المصرية ثم صار عضوًا بالمجمع اللغوى، وفى 21/12/1371ه تولى مشيخة الأزهر، وفى عام 1377ه انتقل إلى رحاب الله، ودفن في مقبرة أصدقائه آل تيمور.


(32) علي الجندي [1318-1393ه/ 1900-1973م]: علي بن السيد الجندى. ولد في شندويل بسوهاج، وتخرج في دار العلوم في القاهرة، من أعضاء مجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، توفي بالقاهرة. من آثاره الشعرية: أغاريد السحر، ألحان الأصيل، خمسة أيام في دمشق الفيحاء، الشعر وإنشاء الشعر، ومناهل الصفاء للنفوس.


للمزيد عن دور الإخوان في الإصلاح

كتب متعلقة

من رسائل الإمام حسن البنا

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

الإصلاح السياسي:

الإصلاح الإجتماعي ومحاربة الفساد:

تابع مقالات متعلقة

رؤية الإمام البنا لنهضة الأمة

قضايا المرأة والأسرة:

الإخوان وإصلاح التعليم:

موقف الإخوان من الوطنية:

متفرقات:

أحداث في صور

.


للمزيد عن الإمام حسن البنا

Banna banner.jpg