الخطاب السياسي للإخوان: مداخل عدة للإصلاح السياسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الخطاب السياسي للإخوان : مداخل عدة للإصلاح السياسي


Ikhwan-logo1.jpg

بقلم:أ.أحمد التلاوي

من خلال التطورات الأخيرة التي تابعها الجمهور السياسي والمهتمون في مصر خلال الفترة الأخيرة حول جديد السياسة على صعيدِ جماعة الإخوان المسلمين جرت على ألسنة وفي أفكار الكثيرين من هؤلاء العديد من الأفكار والرؤى حول العوامل الكامنة خلف حالة الانتعاش الجديدة التي تمر بها حاليًا جماعة الإخوان المسلمين، والتي رسخت وضعها على رأس جماعات المعارضة المصرية، والتي وضعتها مع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم- باعترافِ الإعلام الرسمي للدولة على قمةِ العمل السياسي في مصر، وهو ما جعل القوى السياسية المصرية بأسرها تسعى إلى خطب ود الجماعة.


ولعل الصورة التي جاء عليها حفل الإفطار السنوي الأخير للجماعة لرمضان من العام الحالي والمواقف التي قدمها الكثير من رموز السياسة والإعلام في مصر خلاله- وعلى رأسهم الدكتور عزيز صدقي رئيس التجمع الوطني من أجل التحول الديمقراطي في مصر- والتي أكدوا خلالها على عددٍ من النقاط في خصوص الجماعة، من بينها: أنه لا إصلاحَ سياسي في مصر دون الإخوان، وأن كل محاولات النظام السياسي الحالي لاستبعادِ الإخوان من اللعبة أو المعادلة السياسية في مصر إنما كلها محاولات فاشلة وغير فعالة.


على هذا النحو فإنه يمكننا القول إنَّ الحراك السياسي الذي بدأته الجماعة قبل نحو عام قد آتى أُكُلَه دون شك رغم كافة التضحيات التي قدمتها الجماعة من أمن وسلامة أبنائها، ومن بين العوامل التي أسهمت في تحقيق هذه النتيجة كان الأسلوب الذي أدارت به قيادة الجماعة وعلى رأسها فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف- المرشد العام للجماعة- هذه العملية برمتها.


وفي هذا السياق هناك العديد من الإجراءات والسياسات التي جرى تبنيها من قِبل المجموعة التي عملت خلال الفترة الماضية، والتي أبدت اهتمامًا خاصًا بالجانب الإعلامي للمعركة السياسية التي تخوضها القوى الوطنية المصرية في الوقت الراهن.


وعندما نحاول التطرق إلى السياسة الإعلامية ولغة الخطاب السياسي نجد هناك جوانب عدة للدراسة والبحث نختار منها عنصرًا للدراسة ذا طبيعة مزدوجة مرتبط أولاً بقضية الخطاب السياسي، وثانيًا بالدور القائد الذي لعبته قيادة الجماعة في تحقيق الإنجاز السياسي المتحقق حتى الآن، وهذا العنصر الذي نقصده هنا هو تصريحات فضيلة المرشد الأستاذ عاكف سواء العامة منها أو تلك الخاصة بالشأن السياسي المصري، وما يرتبط به في صدد قضايا الإصلاح في البلاد.


عاكف وقضايا عديدة

أول ملمح أو سمة من ملامح وسمات الخطاب الذي تبناه فضيلة المرشد العام للجماعة الأستاذ محمد مهدي عاكف خلال فترة توليه قيادة الجماعة- وعلى وجه الخصوص الفترة الأخيرة التي شهدت تفاعلات عدة قضايا مهمة على مختلف مستويات الشأن المصري والعربي والإسلامي، وكذلك العالمي- أنَّ هناك الكثيرَ من سمات التنوع في خطاب عاكف وبالتالي الخطاب العام للجماعة؛ حيث لم يقتصر النشاط الإعلامي العام لفضيلة المرشد على القضايا أو المناسبات الخاصة بالإخوان أو بالشأن السياسي الداخلي المصري فحسب؛ بل امتدَّ لتشمل اهتماماته العديد من القضايا التي تصب في صلب أجندة الإخوان في الشأن العربي والإسلامي وكذلك على الصعيد العالمي.


فكما أنه هناك العديد من التصريحات والمواقف التي تبناها فضيلة المرشد العام ونائبه الدكتور محمد السيد حبيب حول الشأن السياسي الداخلي المصري بدءًا باستحقاقاتِ التعديل الدستوري والاستفتاء عليه ووصولاً إلى الانتخاباتِ التشريعية المقبلة والمقرر أن تبدأ أولى مراحلها في التاسع من نوفمبر المقبل والاستحقاق الرئاسي الذي سبقها في سبتمبر الماضي، فإنه كان هناك اهتمامًا كبيرًا أيضًا بالقضايا العربية والإسلامية المُلحَّة مثل التطورات في فلسطين المحتلة والعراق والملف السوري والقضية السودانية، وتبني مواقف في صددها تنطلق من انتماءات وفكر الإخوان ومسئوليتهم تجاه شئون الأمة، وصولاً إلى تبني موقفٍ رافضٍ لسياسة الهيمنة الأمريكية على الصعيد العالمي وغير ذلك.


وقد ساعد ذلك كثيرًا على اجتذابِ العديد من الجمهور في مصر وخارجها لمتابعة أخبار الجماعة ومواقفها، مما دعَّم من موقفها الجماهيري على نحوٍ كبيرٍ وزاد من رصيدها سواء لدى الجمهور العادي أو على مستوى القوى السياسية والوطنية المصرية وخارجها، كذلك أكسب ذلك الجماعة تعاطفًا واسع النطاق في أوساط مثل المجتمع المدني المصري، مما خدم الجماعة كثيرًا في قضايا ملحة مثل قضية المعتقلين من الإخوان على خلفية مظاهرات ومطالب الإصلاح المستمرة من قِبل الجماعة.


وضوح الموقف

لم يقتصر الخطاب السياسي والإعلامي للمرشد العام للإخوان المسلمين في ميزاته وتأثيراته على قضية التنوع في الاهتمامات بل كان هناك عامل آخر في هذا الخطاب أهدى مصداقية وتأثيرًا كبيرين للإخوان خلال المرحلة الماضية، وهي قوة الخطاب المستخدم من جانب فضيلة المرشد الأستاذ مهدي عاكف وقيادات الجماعة الأخرى حول القضايا المهمة التي هي بمثابة المحك الرئيسي لأي جماعة سياسية.


فكانت المجاهرة برفض كافة السياسات التي يتبناها النظام السياسي الحاكم، والتي يدعي الحزب الوطني أنها للإصلاح في مصر ومن بينها تعديل المادة "76" من الدستور ما لم يترافق ذلك مع إصلاحات دستورية أخرى؛ حيث قاطع الإخوان الاستفتاء الصوري الذي جرى بصددها في الخامس والعشرين من مايو الماضي.


كذلك تبنى فضيلة المرشد في مواقفه وتصريحاته المختلفة ومن بينها كلمته في حفل الإفطار السنوي الأخير للجماعة موقفًا واضحًا لا لبس فيه من الوضع العام الحالي الذي تحياه مصر؛ حيث انتقد فضيلته حالة التردي التي وصلت إليها الدولة المصرية والفساد الذي انتشر في أركانها، ثم أكد على موقف الجماعة الواضح من الإصلاح والتغيير وقضاياه في مصر ومطالب الإخوان في شأنها والتي تماهت كثيرًا مع مطالب الأغلبية الساحقة من الناس، وعلى رأسها توسيع نطاق الحرية السياسية في مصر، وإلغاء قانون الطوارئ، مع رفض توريث الحكم في البلاد، أو ما أطلق عليه عاكف في كلمته في حفل الإفطار "تأبيد" الحكم في مصر.


كذلك كان الخطاب السياسي والإعلامي الذي تبناه المرشد العام للجماعة محددًا في صدد توضيح موقف الإخوان من الكثير من القضايا التي تثار والتي هي بحاجة إلى إيضاحات ومواقف محددة في شأنها من جانب الجماعة، ومن بينها قضية العلاقة مع النظام الحاكم، والتأكيد دائمًا على عدم وجود أية "صفقات" من أي نوع بين الدولة والإخوان لا سيما وأن من شأن مثل هذه التخرصات أن تشق صف المعارضة المصرية.


نحو الداخل

من النقاط المهمة التي كان تركيز الخطاب السياسي والإعلامي لقيادة الجماعة ممثلة في فضيلة المرشد العام ونائبه وعدد آخر من قيادات الجماعة هي قضية العلاقة مع القوى السياسية الوطنية المصرية المعارضة، وفي هذا الصدد فإن الجماعة تحرص على مستوى قياداتها التأكيدَ على انفتاحها على كافة القوى في مصر أيًّا كان انتماؤها الفكري أو السياسي ومنطلقاتها الأيديولوجية بما في ذلك الاشتراكيين واليسار، رغم التباين الكامل بين منطلقات الجماعة ومنطلقات هذا التيار.


ومن هنا كان موقف المرشد العام الرامي إلى التحاور والتعاون مع كافة التيارات السياسية المصرية أيًّا كانت لمواجهة متطلبات معركة الإصلاح السياسي والتغيير في مصر؛ حيث كان تغليب المصلحة الوطنية العامة على أية خلافات فكرية أو سياسية ضيقة، مما أضفى المزيد من المصداقية على مواقف الجماعة وسياساتها، وبالتالي على توسيع نطاق تأييدها جماهيريًّا وسياسيًّا.


إن الانتخابات التشريعية المصرية المقبلة لو شهدت إنجازًا سياسيًّا كبيرًا للإخوان فسيكون ذلك مرجعه إلى عدد من العوامل بعضها ذي صلة بالجماعة والآخر خارج نطاق حراكها السياسي وِفق طبائع الأشياء، ولكن المؤكد أنَّ المرونة والوضوح وقوة الموقف وغيرها من السمات التي ميَّزت الخطابَ السياسي والإعلامي لفضيلة المرشد العام للجماعة الأستاذ محمد مهدي عاكف سيكون لها صدى كبير في هذا الشأن.