الشريف: جواز السفر ميثاق أمان للسائح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشريف: جواز السفر ميثاق أمان للسائح
03-08-2005

حوار- هاني المصري

مقدمة

الشيخ عبد الخالق حسن الشريف

- الشرع لا يقر استخدام العنف وسيلةً للتغيير

- المظاهرات شرعية ومن يحرِّمها فهو من علماء السلطة

- نطالب وليَّ الأمر بإقامة الحدود حتى تنتهي مظاهر الفساد

- أدعو الحكومة لإعطاء فرصة للإخوان لنشر الفهم الصحيح للإسلام

شهدتمصرُ وأجزاءٌ من العالم مؤخرًا موجةً من العنف استهدفت أرواحَ الأبرياء، واعتبر البعضُ أن هذه الأحداث يأتي في إطار الفعل ورد الفعل، بل اعتبر الكثيرُ أن المناخَ غيرَ الديمقراطي وعدمَ إطلاق الحريات للشعوب هيَّأ الفرصةَ للإرهاب أن يظهر من جديد.

لذا كان لا بد لنا من هذا الحوار مع الداعية والفقيه فضيلة الشيخ عبد الخالق حسن الشريف حول شرعية استخدام العنف في التغيير، ومكانة الحرية في الإسلام، وشرعية قوانين الطوارئ التي تحكم بعض الدول العربية، والسطور التالية تحمل تفاصيل هذا الحوار:

العنف مرفوض

  • هل يجوز استخدام العنف من أجل تغيير الواقع؟ وما موقف الشرع من أحداث العنف الأخيرة في شرم الشيخ ولندن؟
في البداية لا بد أن نحدد معنى كلمة "العنف" وكلمة "التغيير"، فـ"العنف" وترويع الآمنين كلمات لا يقرها :الإسلام، أما "التغيير" فلا بد أن يكون محددَ المقاصد والوسائل، وأن يحكم ذلك الإطار الشرعي؛ ولذا فإن ما يحدث من تفجيراتٍ وقتلٍ للأبرياء في شرم الشيخ وطابا ولندن يحرمه الإسلام؛ لأن هذه البلاد يسكنها أهلُها ويحكمهم أناسٌ من بني جلدتهم، كما أن كل بلد لها قوانين تحكمها ومن الممكن استخدامها للتغيير.
لكن ما يحدث على أرض فلسطين شيءٌ آخر؛ فهناك أرض محتلة من عدو مغتصب لحقوق الفلسطينيين؛ ولذلك أباح الشرع لهم كافة الوسائل الجهادية المتاحة لهم، فلا حرجَ أن يستخدموا ضد عدوهم السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة أو العمليات الاستشهادية، كما أن الكل يعلم أن اليهود سفَّاكو دماء، ولا يردعهم إلا استخدام القوة معهم.
كما أنني أريد أن أشدد على شيء مهم وهو أن العنف في بعض الأحيان يأتي في إطار الفعل ورد الفعل كما هو الحال في حالات الثأر؛ ولذلك أطالب الدولة بعدم التوسع في حالات الاشتباه بين البدو وعدم التعرض للنساء على خلفية تفجيرات شرم الشيخ؛ حتى لا يتحول الأمر إلى ثأرٍ بين الحكومة وبين هذه القبائل، وحتى نفوِّت على أعداء الأمة أن يستغلوا هذه الأحداث لصالحهم وينفخوا في النار، وخاصةً أن العدو الصهيوني يقف على حدودنا ويتحيَّن الفرص لتهديد أمن الوطن، ونحن نؤكد على تحريم استخدام العنف، ولعل ما أكده الإمام البنا- رحمه الله- في رسالة المؤتمر الخامس خيرُ دليلٍ على ما نقوله؛ حيث قال: "لا أقبل للإخوان أن يسيروا في طريق الثورة؛ لأنها تؤدي إلى فوضى"، كما أنه في رسالة أخرى يحثُّ الإخوانَ على أن يسلكوا طريق النضال الدستوري، وذلك من أجل استخدام الوسائل السلمية لتحقيق التمكين لدين الله.
  • هل معنى ذلك أن ما يحدث في العراق من استهداف للشرطة العراقية والمدنيين لا يجوز شرعًا؟
الأراضي العراقية الآن تقع تحت الاحتلال الأمريكي؛ ولذلك وجب على أهل العراق تحرير أراضيهم، كما يجب على الأمة الإسلامية مساعدة الشعب العراقي حتى يستردَ هيمنته على أرضه ويطرد جيوش المعتدين؛ ولذلك كل ما يحدث من مقاومة تجاه الأمريكان فهو جهاد في سبيل الله، أما استهداف المدنيين العراقيين وقتل الدبلوماسيين فلا يستطيع أحدٌ أن يجيزه.

السائح مستأمن

  • هل تعد تأشيرة دخول الدول الإسلامية ميثاقَ أمانٍ للسيَّاح القادمين لبلادنا، وعلى الجميع أن يلتزم بتأمينهم وحمايتهم؟!
السائح الذي يدخل بلاد المسلمين بتأشيرة دخول هو رجل مستأمن، وحكمه حكم المستأمنين على أموالهم وذويهم وأرواحهم.
  • ولكن يردد البعض أن هؤلاء يأتون لبلادنا ويرتكبون كل المعاصي ويستحلون كل الحرمات؛ ولذلك من حقهم تغيير المنكر.. فما ردكم على ذلك؟
إن ما يصاحب السيَّاح من مخالفات شرعية وتغضُّ الحكومة الطرفَ عنها- مثل ارتكابهم لفواحش شرب الخمر والزنا ولعب القمار والعُري وغير ذلك- جرائم شرعية، يتحمل وزرها أمام الله عز وجل يوم القيامة المسئولون عن الدولة؛ لأنهم سمحوا لهم بعمل هذه المعاصي، وعلينا أن نتصدَّى للحكومة لكي تتراجع عن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وحتى نقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لا يبيح ذلك الأمر الاعتداءَ على السائحين؛ لأنهم مُؤَمَّنِين بتأشيرة الدخول، وعلى جميع أبناء القُطر أن يلتزموا بهذا الأمان.
ولكن ما يتعجب منه الجميع هو غضُّ الحكومة الطرفَ عن ارتكاب المحرمات، مبررين ذلك بالدخل الذي يدخل للبلد من السياحة، ولكن لا بد أن يعلم القائمون على الحكومة حقيقتَيْن:
أولاهما أن الرزق بيد الله ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق: من الآيتين2، 3)، فلو أقمنا شرع الله واهتدينا بهدي الإسلام لوسَّع الله لنا في الأرزاق، وفتح لنا أبوابًا من الرزق لا نعلمها، بل سيتوافد علينا السُيَّاح ولكن سيحترمون عقائدَنا وشرعَنا.. والأمر الثاني أني أعجب من حكومةٍ تفرِّط في شرع الله من أجل حفنة دولارات، وتترك الحبلَ على الغارب للمفسدين الذين ينهبون ليل نهار أموال الوطن، ويتاجرون بأرواح الأبرياء ويدمِّرون ثرواتنا، ونحن نطالب وليَّ الأمر بإقامة الحدود والشرع حتى تنتهي كل مظاهر الفساد وانتهاك الحرمات على أرض مصر، وعلى كل غيور على دينه مطالبة الحكومة بالوقوف عند حدود الله عز وجل، وأُنهي هذه الجزئية بالتأكيد على عدم جواز إيذاء السائحين تحت أي مبرر.

دعوة لإعطاء فرصة للإخوان

مظاهرات الاخوان
  • مع كل أحداث عنف يخرج علينا بعض أصحاب الأقلام المسمومة ليأكدوا أن جماعات العنف خرجت من تحت عباءة الإخوان.. فما ردكم على هذه الادعاءات؟
ما يردده البعض حول خروج جماعات العنف من عباءة الإخوان يعد شهادةً منهم بأن هذه الجماعات بالفعل خرجت عن الطريق القويم لجماعه الإخوان؛ لعدم التزامهم بمبادئ وأهداف الجماعة التي تستنكر وترفض العنف كمنهاج وطريقه للتغيير.
وأنا أؤكد أنه لو تَركت الحكومة الفرصةَ للإخوان وأطلقت لها حريةَ العمل العام، وردت عليها مؤسساتها الدعوية من مساجد وجمعيات وأندية ومنابر لاستطاعوا أن ينشروا بين الجميع الفهمَ الصحيح للإسلام واعتداله وشموله، بل يستطيع الإخوان تقويم أصحاب الفكر العنفوي، والكل يعلم أنه لا يبقى تحت عباءة الإخوان الآن إلا من ارتضى بمنهجهم السلمي المقيَّد بالأُطُر الشرعية في التغيير، وأهل الإنصاف يؤكدون ذلك، أما المغرضون والمشهِّرون بنا لإرضاء السلطة فلا نملك أن نقول لهم إلا قول الله عز وجل: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ (الأعراف: 89).
  • إذا انتقلنا لقضية أخرى وهي قضية الحرية فما هي مكانة الحرية في الشرع وحدودها؟
إن العلماء قديمًا وحديثًا تكلموا في قضية الحريات، لكنَّ هناك عبارةً للإمام البنا أكد من خلالها أن الحرية فريضةٌ من فرائض الإسلام؛ لأنها تضمن للإنسان كرامتَه وآدميتَه، بل إن الإسلام أعطى للإنسان حرية الاعتقاد، ولكن هناك ضوابط شرعية تحكم حرية الإنسان المسلم، فلا تعني الحرية الانفلات الخلُقي أو الفوضى أو الإساءة للآخرين أو إلحاق الضرر بهم، فهي حرية مسئولة يَعرف من خلالها الإنسانُ واجباتِه وحقوقَه.

الاعتقال باطل شرعًا

  • هل لاعتقال الأشخاص- بسبب مواقفهم السياسية أو بسبب الاشتباه فيهم- أصلٌ في الشرع؟
أذكر كلمةً طيبةً لعمر بن الخطاب في هذا الموضوع؛ حيث قال: "أحب إليَّ أن أخطئ 99 مرةً في العفو دون أن أخطئ مرةً واحدةً في العقوبة على بريء".. هذه المقولة توضح كيف ربى الإسلام رجاله الأوائل، ومن وجهة نظري الاعتقال أكبر دليل على فشل السياسة الأمنية وعجز قياداتها عن الوصول للحقائق، ولعل ما شهدناه من عمليات اعتقال واسعة بين صفوف أبناء سيناء بعد أحداث طابا وتعرُّض الكثير منهم ونسائهم للمهانة دون عمل أي حساب لطبيعة أهالي هذه المنطقة وعاداتهم قد دفع إلى أن يحلل البعض اعتداءاتِ شرم الشيخ الأخيرة على أنها ردةُ فعل على ما ارتكبه الأمن من إهانات في حق البدو؛ ولذا نؤكد أن الاعتقال باطل شرعًا ولا يتم إلا في ظل قوانين تقييد الحريات وعلى رأسها قانون الطوارئ، هذا القانون الذي يُستخدم في إذلال العباد والبلاد، وعندنا كل نائب يوافق على إقرار هذا القانون سيحمل أوزارَه كاملةً يوم القيامة أمام الله عز وجل؛ لأن قانون الطوارئ يطلق السلطات بلا حدود ولا مسئوليات للمسئولين؛ مما يترتب عليه اعتقال عشرات الآلاف من الأبرياء الذين تُشرد أُسَرُهم وذووهم، والعقل يحتم فتح الحوار مع مختلف التيارات الفكرية وذلك لمواجهتها وتقويمها.
  • أطلق بعض العلماء الرسميين مؤخرًا فتاوى بتحريم التظاهر ضد النظام القائم، فما تعليقكم على هذه الفتاوى؟
المظاهرات وسيلةٌ من وسائل التعبير وطريقةٌ من طرق الإعلان عما يريده الإنسان أو المجموعة التي تنتمي لرأي معين، والقاعدة الأصولية تقول إن الوسائل حكمها حكم المقاصد، فإذا كانت الوسيلة خيرًا فهي خيرٌ والعكس صحيح، والأصل في المظاهرات الإباحة بشرط ألا تكون مصاحبةً لعنف أو شغب وتخريب، ولعل ما يحدث بالدول الأجنبية من مظاهرات تحافظ على المنشآت العامة نموذجٌ جيدٌ للتظاهر، بل إن بعض الدول تعلن عن أماكن محددة مخصصة للتظاهر، ولماذا لم يعلن أصحاب هذه الفتوى عن فتواهم هذه عندما قام الحزب الوطني بتنظيم مظاهراته أكثر من مرة وكأنهم يمشون بمبدأ "حلال علي حرام عليهم"، وينطبق عليهم قول الله- عز وجل-: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِيْنَ﴾ (المطففين: 1)، ونؤكد على أن المظاهرات وسيلةٌ مشروعةٌ للتعبير عن آراء الشعب واعتراضاته.

المصدر