المحطة السادسة ( عودة الى الوطن )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المحطة السادسة ( عودة الى الوطن )

·بعد حصولي على الماجستير بتفوق، عدت إلى الأردن في 3/3/1973م، وكانت الأردن يومها مغطاة بالثلوج، وهذا يعني لي الكثير في ذلك الوقت. حيث لم تكن المواصلات ميسرة كما هي الآن، وحيث أنني كنت أسكن في مدينة عجلون، المشهورة بثلوجها، وكثرة إغلاق طرقها، بسبب تراكم الثلوج، وهذا يعني أنني لن أجد أحدا من أهلي في استقبالي في المطار كما هي العادة في بلادنا، وفعلاً كان ذلك، إلا من ابن عم لي، كان يعمل في عمان، وجدته وحمدت الله على ذلك.

·كانت الطائرة قد حطت في (أبو ظبي) في طريقها من كراتشي إلى عمان، وركب بجانبي من هذه المحطة رجل إنكليزي، تجاذبت معه أطراف الحديث، فعرفت أنه من مدينة مانشستر، يعمل مشرفاً تربوياً في قطاع التربية، في الإمارات العربية.

وما أن شعر بشيء من الأنس معي حتى بدأ يكلمني عن أبنائه وبناته وزوجته. ثم أخرج ألبوما من الصور وعرّفني عليهم، وبعد أن انتهى سألني عن عائلتي فقلت: نحن خمسة أخوة ذكور وخمس أخوات.

ثم سألني عن ترتيبي بين إخواني، فقلت: أنا أصغرهم سنا ... فتبسم ضاحكاً وقال كلمة لازالت في ذاكرتي : "ستبقى طوال حياتك أصغرهم سناً .... لن تلحق بهم ... ولن تسبقهم ...! سيبقون أكبر منك ....!"

·يا إلهي ما أبسط هذه الكلمات وما أعمقها !! رغم أنها تبدو للوهلة الأولى ساذجة ... نعم صاحب السابقة لا يدرك !! ولا يمكن اللحاق به !! فللعطاء فضله .... وللسبق فضله .... وللزمن فضله ....وللسن فضله.

·الروّاد هم الأساس، ولا بنيان بلا أساس .... الرواد هم الأصل. وكيف يكون الفرع فرعاً بلا أصل؟ فمن كان أكبر منك بيوم كان أعلم منك بدهر ... الخبرة ... والتجربة ... والتضحية ... والعطاء.

وهل هناك من يسخر خبرته وحكمته ومقدرته طوعاً، وعن طيب خاطر، لمخلوق أكثر من الوالدين لأبنائهم؟! وأكثر من الكبار لصغارهم، على مستوى العائلة أو الوطن ؟؟ ! لا أظن ذلك .... فليس منا من لم يوقر كبارنا، ويعترف لهم بالفضل، والسبق والتضحية، وليس منا من يتنكر لجميلهم، فمهما قدمنا لهم فسيبقون في المقدمة، ولن نستطيع اللحاق بهم.

·وبعد البحث عن عمل في الأردن لعدة أشهر، انتظمت في سلك القوات المسلحة، ضابطا للتحاليل الطبية، في الخدمات الطبية الملكية، على أساس الإبتعاث للدكتوراة خلال فترة وجيزة.

·خلال هذه المدة استفدت كثيراً من الناحية العملية، وخبرات لا زلت أعتز بها حتى هذا الوقت.

·من أهم الفوائد في هاتين السنتين دورة الضباط الجامعيين الرابعة - ومدتها أربعة أشهر، تُعقد في الكلية العسكرية، لكل ضابط جامعي يدخل الخدمة العسكرية - فقد استفدت الكثير من الإخوة المدربين خصوصاً فيما يتعلق بالاتصالات السلكية واللاسلكية، والرماية والإدارة العسكرية، وهكذا …

·حاولت وبناءً على وعد شفوي من مدير الخدمات الطبية في حينها أن أحصل على بعثة للدكتوراه، فلم أستطع لذلك قدمت استقالتي، ورغم صعوبة الأمر في ذلك الوقت، إلا أن المرحوم غازي عربيات - الذي كان يعمل مساعداً لرئيس هيئة الأركان للقوى البشرية - قد ساعدني في ذلك. ولازلت أذكر كلماته بعد أن قرأ السجل العلمي، والتقارير السنوية الممتازة، حيث قال: "لن أقف في طريق من يريد الدراسة، ولديه مثل هذا السجل العلمي الممتاز".

المصدر