المرشد العام وحديث من القلب (12)
(28-09-2009)
مع مطلع دعوة الإخوان المسلمين؛ أدرك الإخوان خطورة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني على الإسلام والمسلمين.
ومع بواكير حركة المقاومة الفلسطينية في ثلاثينيات القرن الميلادي المنصرم؛ وقف الإخوان مع الشعب الفلسطيني، وتبرعوا لمساندتهم بالمال وبكل المستطاع، ووظَّفوا جهودهم للتوعية بالخطر الصهيوني.
وعندما بدأ التنفيذ العملي لولادة الدولة الصهيونية؛ كانت كتائب الإخوان المسلمين تتدفق على الأرض المقدسة للدفاع عن الوجود العربي والإسلامي والفلسطيني على أرض فلسطين، وسطَّر الإخوان آيات الفخر بجهادهم مع الشعب الفلسطيني ضد الغزاة المحتلين؛ مما شهد به جميع المراقبين والمؤرخين.
وعندما اكتملت المؤامرة على فلسطين؛ دفع الإمام الشهيد مؤسس الجماعة حسن البنا حياته ثمنًا لتواطؤ حكومة الأقلية السعدية المصرية مع الإنجليز لترسيخ الوجود الصهيوني، ودفع الإخوان جميعًا شهورًا من عمرهم، بل وسنوات داخل السجون تحت سياط التعذيب، بل كان قرار حل الجماعة المجاهدة مطلوبًا للتمكين للعدو الصهيوني على أرض فلسطين.
وعاش الإخوان بعد ذلك عقودًا طويلة، ومعهم الشعب العربي تحت حكم العسكريين والثوريين والملكيين الذين كان سكوتهم وصمتهم، مقابل بقائهم في الحكم أكثر من خمسة عقود؛ حتى رسَّخ الصهاينة أقدامهم، وأقاموا مشروعًا نوويًّا، وتوسعوا خلال حروبهم التي خسرتها النظم العربية العاجزة، وبات هَمُّ العرب مجرد إزالة آثار العدوان الصهيوني على مصر وسوريا والأردن، وليس استعادة فلسطين وتحرير القدس، واستعادة المقدسات السليبة؛ كالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
أيها الإخوان المسلمون..
- لماذا قدمنا كل تلك التضحيات من أجل فلسطين؟
- ولماذا نستمر في الدفاع عن حقوق المسلمين العرب والفلسطينيين في أرض فلسطين؟
باختصارٍ شديدٍ؛ لأن هذا هو واجبنا الشرعي، ودورنا الوطني، ومهمتنا القومية.
ولأن المشروع الصهيوني وامتداداته الإقليمية والعالمية هو نقيض المشروع الإسلامي الذي تحمله جماعة الإخوان المسلمين.
ولأن حريتنا وكرامتنا ونهضتنا كأمة عربية وإسلامية؛ لا يمكن أن تتحقق في ظل هذا الوجود الاستعماري الصهيوني الذي هو شوكة في قلب الأمة العربية والإسلامية، يستنزف دماءها، ويهدر طاقاتها، ويعوق نهضتها.
لكل ذلك ولنداء الفطرة الإنسانية التي توجب نجدة المظلوم، ولنداء الواجب الشرعي الذي تفرضه الآية الكريمة ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)﴾ (النساء).
ولما قرره كافة علماء المسلمين من واجب الجهاد لاسترداد أرض الإسلام من أيدى المغتصبين، وللتصدي لكل المؤامرات الرامية إلى إذلال الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وفرض شروط مهينة عليهم للصلح أو التهدئة وما هو إلا استسلام مهين.
لذلك كله.. قدَّم الإخوان طوال ثلاثة أرباع القرن كل تلك التضحيات التي تهون في سبيل القيام بالواجب الشرعي، وما زالوا يقدمون كل غالٍ ونفيس في مواجهة الظلم والقهر، وسيظلون على عهدهم مع الله عز وجل ثابتين على موقفهم الواضح ضد الظلم والطغيان وضد الاستعمار والتطبيع مع العدو، وضد الديكتاتورية والاستبداد؛
حتى تتحقق آمال الأمة في تحرير فلسطين كل فلسطين، واسترداد المسجد الأقصى السليب؛ ولعلنا نلحظ في هذه الأيام اشتداد الحملة الشرسة ضد الإخوان الذين يحاولون دعم إخوانهم في فلسطين بكل الوسائل المتاحة.
ومن ثمَّ على كل أخ مسلم وكل أسرة مسلمة وكل الأمة الإسلامية بكافة طوائفها؛ أن تقف بجوار الحق السليب في فلسطين بـ:
- الدعاء إلى الله عزَّ وجلَّ.
- والتوعية بالقضية الفلسطينية.
- ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
- والتبرع لأهلنا في فلسطين.
- والوقوف ضد المخططات الاستسلامية، وفضحها أمام الرأي العام، ومخاطبة الرأي العام العالمي؛ لاستمالة كل الأحرار لجانب الحق الفلسطيني، وحشد المسلمين في كل مكان لنصرة الأقصى والقدس وفلسطين، ومقاومة الديكتاتورية والاستبداد والفساد في بلاد العرب والمسلمين، ومقاومة كل محاولات فرض التطبيع على الشعوب العربية والإسلامية، ومقاطعة الوجود الصهيوني في أي مكان، وطرد هؤلاء خارج الحدود... والله أكبر ولله الحمد، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)﴾ (الشعراء).