جماعة الإخوان المسلمين وعلاقاتها الدولية (1928-1954)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جماعة الإخوان المسلمين وعلاقاتها الدولية (1928-1954)
رؤية كاتب قومي

بقلم: د. وليد محمود عبد الناصر

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

أسس الإمام الراحل حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 - كرد فعل لعدد من الأحداث التى تمت بشكل متوازى: إلغاء الخلافة العثمانية الإسلامية فى تركيا عام 1934، احتلال معظم العالم الإسلامى بواسطة القوى الغربية، وانتشار الثقافة الغربية فى بلدان المسلمين.

وقد ذكرت عدة مصادر أنه بحلول عام 1948 وصلت عضوية الإخوان إلى حوالى مليون.وفى عام 1950، فاز الطلبة الإخوان بغالبية مقاعد اتحادات الطلبة فى عدد من الكليات المصرية.

وقد حظيت الجماعة بدعم بين فئات اجتماعية متباينة فى مصر:

الطبقات الحضرية التقليدية الدنيا والوسطى، المهاجرين الجدد من الريف إلى الحضر، وأصحاب الياقات البيضاء من الطبقة الوسطى الحديثة الذين عانوا من مشكلة الهوية بسبب الاحتلال الأجنبى والتغريب الثقافى.

الإخوان المسلمون (1928 - 1952) والقضايا الداخلية للعالم الإسلامى

الإمام البنا في إحدي مظاهرات الدفاع عن فلسطين

لم يعتبر الإمام حسن البنا الخلافة الإسلامية مجرد رمز لا وحدة، بل - وبشكل أكثر أهمية - رمزا للعلاقة العضوية بين الدين والدولة: أى تعبيرا عن شمولية الإسلام ورفض التغريب.

وبالتالى، حدد ضمن أهداف جماعة الإخوان المسلمين - إحياء الخلافة لمواجهة الانقسامات فيما بين العرب والمسلمين والتى أدت بهم للخضوع للعدوان الاستعمارى.وفى الأربعينات من القرن العشريين، انضم الإمام الراحل إلى جماعة هدفت إلى عبور الفجوة بين السنة والشيعة وصولا إلى تحقيق الوحدة المذهبية فيما بين المسلمين.

وقد آمنت جماعة الإخوان المسلمين بأن أى وحدة إسلامية يجب أن تقوم على أساس المبادئ القرآنية. كما ارتبطت دعوة الإخوان لإحياء الخلافة بتجسيد قضية فلسطين للخلافات فيما بين المسلمين ولعمق السيطرة الغربية على أراضيهم.ففى برنامجها فى عام 1936، دعت جماعة الإخوان المسلمين إلى تعزيز العلاقات فيما بين الدول في المسلمة - خاصة العربية منها. وفى عام 1938، قال الإمام البنا أن جماعته تعطى الأولوية لإحياء الخلافة.

  • نذكر هنا أن مسألة العلاقة - أو حتى التفرقة - بين الدين والدولة لم تكن موجودة كمسألة خلافية فى الفقه أو الأدب السياسى الإسلامى قبل بدء العدوان الغربى على العالم الإسلامى منذ القرن الثامن عشر.

فقبل ذلك التاريخ، كان هناك اعتقاد جازم فى الارتباط العضوى بين الدين والدولة.إلا أن الدخول الغربى إلى بلاد المسلمين منذ القرن الثامن عشر، طرح الخلاف حول مسألة العلاقة بين الدين والدولة على مستويين.

فأولاً: دفع اختراق الأفكار الغربية للعالم الإسلامى ببعض المثقفين - خاصة فى صفوف الأقليات غير المسلمة - إلى تحدى فكرة أن العلاقة بين الدين والدولة فى العالم الإسلامى هى زواج كاثوليكى لا انفصال فيه.وطرح هؤلاء المثقفون العلمانية، والقومية بمفهومها الأوروبى، والاشتراكية كبدائل للصيغة الإسلامية السائدة.

وثانياً: على المستويين القانونى والسياسى، أعقب الحرب العالمية الأولي وهزيمة العثمانيين تقسيم القوى الاستعمارية الغربية للأراضى التى كانت تحت السيطرة العثمانية فى الشرق الأوسط على أسس غير دينية، فى محاولة لإيجاد نموذج الدولة - الأمة الغربى على أرض الواقع.وقد حظى هذا الأساس فى تقسيم الأراضى بشرعية دعم عصبة الأمم له من خلال نظام الانتداب.

على أن يسبق ذلك توحيد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية فيما بين بلدان المسلمين من خلال اتفاقيات ومؤتمرات تعقد لهذا الغرض. وأكد أن ما يوحد المسلمين هو العقيدة وليست الجغرافيا أو وحدة الدم.

وعبر الإمام حسن البنا عن إيمانه بأن أى أرض يقيم عليها مسلم هى جزء من العالم الإسلامى ويجب الدفاع عنها، كما دعا إلى اعتبار أى دولة تعتدى على م ادار الإسلام دولة طاغوتية يجب مقاومتها بشتى السبل. وقد أكدت جماعة (الإخوان المسلمون) على الدور المركزى لمصر فى أى وحدة إسلامية تهدف لإعادة نفوذ الأمة على المستوى العالمى.

كما ربطت الجماعة مفهوم الوحدة الإسلامية بتحرير وادى النيل (مصر والسودان) والبلدان العربية الأخرى وأية أراض مسلمة محتلة.ووضعت هذا التحرير الشامل كشرط لأى نهضة إسلامية حقيقية.وفى عام 1952، تحدثت الجماعة عن كتلة إسلامية مستقلة عن الكتلتين الشرقية والغربية وأملت أن تتمكن هذه الكتلة من مجابهة الاستعمار والمادية والإلحاد .

كما شاركت الجماعة فى مؤتمر للشعوب المسلمة عقد فى مايو 1952، ودعا إلى إنشاء منظمة للشعوب المسلمة تهدف إلى تحرير المسلمين من السيطرة الأجنبية.وقد هاجمت قوى يسارية حينذاك هذه الدعوة إلى الحلف الإسلامى، باعتبار أنها ارتبطت بمخططات واستراتيجيات القوى الغربية فى ذلك الوقت.

ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين قد أعلنت معارضتها لأى شكل من أشكال التعصب لوطن الشخص أو أمته أو عرقه أو لونه، فإن الإمام الراحل حسن البنا امن بأن حب الإنسان لبلده واجب إسلامى، ورفض أى محاولة لإيجاد تناقض بين الوطنية المصرية والعروبة والعالمية الإسلامية. ورأى البنا أن الوحدة العربية دفعت الوحدة الإسلامية إلى الأمام فى بداية الإسلام، وأن كليهما دائرتان متداخلتان.

وذكر أن العرب هم حراس الإسلام وأول المسلمين، كما آن الإسلام وصل إلى بقية شعوب الأرض من خلال العرب، واللغة العربية هى لغة القرآن وكانت لغة كافة المسلمين وقت قوة الدولة الإسلامية.وبناء على ذلك، حث الإمام الراحل كافة المسلمين على العمل لإحياء الوحدة العربية ودعمها.إلا أنه بينما أكدت جماعة الإخوان المسلمين على أهمية العروبة، فإنها حرصت على تفريغ هذا المفهوم من أى مدلولات علمانية.

فقد رأت الجماعة فى العروبة لغة وثقافة وعادات اجتماعية أكثر منها قومية.وقد عبر عن التزام الإخوان المسلمين بإحياء الخلافة الإسلامية تطوير الجماعة لشبكة علاقات مكثفة مع بلدان مسلمة اخرى وتنظيمات إسلامية عبر العالم الإسلامى.وكان دور جماعة الإخوان المسلمين فعالاً فى إنشاء لجان وفروع فى عدد من البلدان العربية خاصة سوريا فى نهاية الأربعينات.

كما اكتسبت الجماعة شعبية فى كل من الأردن واليمن والسودان والعراق والسعودية.وقد زار الإمام الراحل حسن البنا الأردن وفلسطين عامى 1943 و1945، حيث أنشأ فروعاً للإخوان فى عدة مدن.كما أوجدت الجماعة اتصالات مع جماعة أهل الدعوة بالجزائر والحزب الإسلامى بتونس.كذلك كان لها أتباع فى تركيا وطورت علاقات مع منظمة (فدائيان إسلام) بزعامة نواب صفوى فى إيران.

وذكر بعض الباحثين أن جماعة الإخوان المسلمين أنشأت فروعا فى باكستان فى تلك المرحلة.وقد ركزت فروع الجماعة خارج مصر على أنشطة الدعاية والإعلام والتعليم.ومنذ الثلاثينات، تزايدت شعبية جماعة الإخوان المسلمين فى العالم الإسلامى بسبب موقفها الداعم بقوة لحقوق الفلسطينيين فى مواجهة الاستعمار البريطانى والأطماع الصهيونية.

ورغم أن بعض المحللين يرى أن جماعة الإخوان المسلمين قد تمتعت بوحدة تنظيمية على المستوى العالمى، فإن الثابت أنه كان هناك خلافات بين الإخوان المسلمين فى مصر وجماعات الإخوان فى بلدان أخرى، بل إن البعض ذكر أن الإمام حسن البنا كان رافضاً لأى وحدة تنظيمية للجماعة على المستوى العالمى لأسباب أمنية.

مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه دول مسلمة بعينها

الإمام البنا حاجا بيت الله الحرام

يجدر بنا البدء بمواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه المملكة العربية السعودية قبل عام 1954. فقد حافظت الجماعة على اتصالات وثيقة مع العرش السعودى، وزار المرشد العام الثانى حسن الهضيبي المملكة.

كما سعت الجماعة إلى وساطة الملك السعودى لدى الحكومة المصرية للسماح للجماعة بممارسة نشاطها بحرية، إلا أن بعض عناصر جماعة الإخوان المسلمين فى مصر قد انتقدت بعض الممارسات فى المملكة.

ورغم إقرارهم بأن العقوبات الجنائية الإسلامية تطبق فى السعودية، فإنهم رفضوا اعتبار الإسلام ليس أكثر من عقوبات جنائية، ورفضوا معاقبة مجرمين صغار بينما يتم ترك أولئك الذين يجمعون الثروات من بيت مال المسلمين مطلقى السراج .

وعلى جبهة أخرى، دعا الإمام حسن البنا إلى وحدة اندماجية بين مصر والسودان.وقد انضمت جماعة الإخوان المسلمين إلى حزب مصر الفتاة وجبهة مصر فى تشكيل جبهة وادى النيل فى أغسطس 1947، والتى دعت إلى تحرير وتوحيد مصر والسودان.

وقد رفع هذا الشعار معظم القوى السياسية فى مصر فى ذلك العهد.إلا أن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر قد رحبت عام 1953 بالمعاهدة المصرية - البريطانية التى مهدت لاستقلال السودان، ودعت بريطانيا إلى الالتزام بهذه المعاهدة.

وفيما يتعلق بإيران، دعا الطلاب الموالون لجماعة الإخوان المسلمين فى جامعة القاهرة نواب صفوى زعيم منظمة فدائيان إسلام للمشاركة فى مؤتمر عقد بالجامعة.وفيما يتعلق بتركيا، اعتبر الإمام الراحل حسن البنا سيطرة الصيغة العلمانية فى تركيا هزيمة للإسلام لأنها استبدلت الجمهورية بالخلافة والقانون السويسرى بالشريعة الإسلامية.

وفيما يتصل بشمال أفريقيا، فقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين استعدادها لإرسال متطوعين لمحاربة الاستعمار هناك.ويعود الموقف المتسامح لجماعة الإخوان المسلمين تجاه مفهوم العروبة فى ذلك الوقت إلى المناخ الليبرالى الذى ميز الحياة السياسية المصرية حينذاك.

جماعة الإخوان المسلمين (1928 - 1954) والقضية الفلسطينية

فى عام 1935، زار الإمام حسن البنا فلسطين والتقى بمفتى القدس الشيخ أمين الحسيني، وأعقب ذلك بدء جماعة الإخوان فى مصر جمع تبرعات للفلسطينيين وتنظيم مسيرات فى مصر ضد الوجود اليهودى فى فلسطين الإسلامية .

وقد اعتبرت الجماعة فلسطين خط الدفاع الأول لمصر.وقد رأت أن فلسطين لن تكفى لاستيعاب الأعداد الكبيرة للمهاجرين اليهود وبالتالى سيكون لهم طموحات إقليمية فى سيناء التى يعتبرونها أرضا مقدسة.وقد دعت الجماعة إلى مقاطعة الأنشطة التجارية اليهودية فى مصر. كذلك دعا الإمام حسن البنا إلى إنفاق الزكاة على دعم المجاهدين فى فلسطين واعتبر أن سيد قطب اثناء المحاكمة فلسطين خط الدفاع الأول عن مصر،.

وقد رفضت جماعة الإخوان المسلمين حل قضية فلسطين من خلال التفاوض أو المعاهدات ودعت المسلمين للجهاد ضد اليهود فى فلسطين. وأدانت الجماعة دور بريطانيا فى تمكين الصهاينة من ضد اسرائيل حرب احتلال فلسطين.

وقد اعتبرت بعض قيادات جماعة الإخوان أن الهدف لإنشاء الجهاز السرى للجماعة (الجناح العسكرى) كان محاربة اليهود فى فلسطين. وقد أرجعت الجماعة لنفسها الفضل فى توعية المسلمين فى كل مكان بخطر التواجد اليهودى فى المنطقة.

واعتبرت الجماعة اليهود سبب الفساد الموجود فى الأرض واتهمتهم بنقض المعاهدات والعمل على تدمير الإسلام ومحاولة استبعاده من المعركة فى فلسطين رغم أن اليهود بنوا مطالبتهم بفلسطين على أسس دينية.

وقد رفضت جماعة الإخوان المسلمين اعتبار المعركة ضد إسرائيل حرب تحرير وطنى، بل رأت فيها صراعاً بين الإسلام واليهودية وربطتها بالمعركة من أجل إحياء الخلافة الإسلامية وبالمواجهة مع الإرساليات.

وقد وعت جماعة الإخوان المسلمين العلاقة بين الصهيونية من جهة والاستعمارين الغربى (الأنجلو - أمريكى) والشرقى (السوفيتى) من جهة أخرى، وأن الهدف المشترك للأطراف الثلاثة هو السيطرة على مجمل الأراضى العربية والمسلمة.

ورفضت الجماعة الاعتراف بوجود خلاف فيما بين الجماعات اليهودية المختلفة ورأت أن هدف كل هذه الجماعات المشترك هو احتلال الأراضى العربية وهو هدف حركته الطبيعة العدوانية والتوسعية لليهود.وقد انتقدت جماعة الإخوان المسلمين الحركات الشيوعية فى البلدان المسلمة لأن قادة عدد كبير من هذه الحركات كانوا من اليهود.

وفى سبتمبر 1947، انضمت الجماعة لحزب مصر الفتاة والحزب الوطني فى الدعوة إلى إضراب عام فى مصر احتجاجاً على التطورات فى فلسطين.وخلال نفس الفترة أنشأت جماعة الإخوان المسلمين معسكرات تدريب لكتائب الجهاد من المتطوعين التابعين لها فى الجبهة الجنوبية فى فلسطين.

وقد زار الإمام حسن البنا شخصياً بعض هذه المعسكرات. ومنذ نهاية عام 1947، بدأت جماعة الإخوان المسلمين حملة إعلامية مكثفة لمطالبة الشباب بالانضمام للجهاد المسلح فى فلسطين وزودت المتطوعين المسلمين - بما فى ذلك غير المصريين - بالسلاح.

وفى نوفمبر 1947، أعلنت جماعة الإخوان فى مصر رفضها القاطع لقرار تقسيم فلسطين، معتبرة إياه تنازلا عن جزء من دار الإسلام لغير المسلمين بناء على اتفاق القوى الدولية المشركة فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك.

وجاء موقف الجماعة حول المسألة لفلسطينية متطابقا مع الأزهر ودول مسلمة أخرى وقد نظمت الجماعة عدة إضرابات احتجاجاً على القرار، وطالبت الحكومات العربية الإخوان المسلمين بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة.

ومنذ فبراير 1948، كانت كتائب متطوعى الإخوان المسلمين من مصر وسوريا فى طليعة المعركة ضد الميليشيات الصهيونية فى النقب، وهاجمت مستوطنات يهودية هناك.وفى أبريل 1948، أرسلت الجماعة كتائب متطوعين أخرى للتدريب فى سوريا، كما انضمت بعض كتائبها إلى الفيلق العربى فى الأردن. كذلك انضمت كتائب آخرى إلى قوات الجامعة العربية فى مراحل لاحقة.

الإمام حسن البنا أول المتطوعين للجهاد في فلسطين

وقد استفادت جماعة الإخوان الدعوة للجهاد ورفض المسلمين فى مصر من حرب فلسطين لزيادة شعبيتها وجمع الأسلحة والتبرعات وتنظيم دورات تدريب عسكرية لأعضاء الجهاز السرى بها، بالإضافة الى التعاون مع تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش المصرى. وقد اتهمت الجماعة الحكومات العربية باعتقال متطوعيها اسرائيل. وسحب الأسلحة منهم بدلا من محاربة إسرائيل، وآمنت بالجهاد سبيلاً وحيداً لطرد اليهود من فلسطين وإيجاد دولة إسلامية هناك.

وبينما كان حزب الوفد وأحزاب أخرى تقليدية أو علمانية فى مصر تدعو لتسوية سلمية للمشكلة الفلسطينية، وبينما عارض معظم الشيوعيين أى انغماس لمصر فى هذه المشكلة، فإن جماعة الإخوان المسلمين أثبتت أنها أكثر تجاوباً مع مشاعر الرأى العام المصرى والعربى والإسلامى حينذاك، والذى كان يعارض كلية إنشاء أى كيان يهودى فى فلسطين.

وفى مايو 1948، أرسلت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر رسالتين إلى كل من سكرتير عام الأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكى مطالبة إياهما بعدم الإذعان للأطماع الصهيونية الهادفة لإنشاء دولة يهودية، وبتمكين إقامة دولة عربية مستقلة فى فلسطين.

وفى مرحلة تالية، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين وقف إطلاق النار الذى فرضته الأمم المتحدة بأنه مكن إسرائيل من تعبئة وتدريب قوات إضافية والحصول على أسلحة جديدة. وقد اتهمت الجماعة الكتلة السوفيتية بأنها المصدر الرئيسى للأسلحة إلى إسرائيل. كما اعترضت الجماعة لاحقاً على محادثات الهدنة ونظمت مظاهرات ضدها. ورأت فى أى تسوية سلمية للصراع ظلما للعرب والمسلمين.

ويجب على المرء مقارنة مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه حرب 1948 فى فلسطين بمواقف الأزهر الشريف. ففى مايو 1948، أصدر الأزهر إعلانا للجهاد ضد إسرائيل ودعا كافة المسلمين لممارسة هذا الجهاد. وكان علماء الأزهر - عقب قرار تقسيم فلسطين - قد وصفوا الأمم المتحدة بأنها منظمة قمعية وغير عادلة، وأعربوا عن الأسف لغياب الدعم للبلدان المسلمة داخل الأمم المتحدة.

واعتبر الأزهر فلسطين أرضا عربية ومسلمة ودعا المسلمين للحرب لاستعادة حقوق الفلسطينيين وأراضيهم من الصهاينة، كما نهى الحكومات العربية والمسلمة عن الاعتراف بدولة إسرائيل، وأعرب عن الأسف لقبول قادة دول عربية للمهانة التى جسدتها اتفاقيات الهدنة.وخلال الخمسينات، ارتبط بعض أعضاء الإخوان المسلمين بمنظمة التحرير الوطنى الفلسطينى (فتح)، وكان لهم تأثير على الصبغة الإسلامية للحركة فى بداياتها.

وخلال الخمسينات أيضا، تلقت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سؤالا حول موقف الإسلام تجاه عقد صلح مع اليهود فى فلسطين أو عقد اتفاقيات مع القوى الاستعمارية المتحالفة مع اليهود. وكان الرد هو أن مثل هذا السلام أو هذه الاتفاقيات هى حرام من الناحية الشرعية لأنها تعنى إقراراً بسلوك المعتدى والاعتراف بسيادته على الأراضى التى يحتلها.

وقد كانت المحددات الأساسية لموقف جماعة الإخوان المسلمين فى مصر تجاه قضية فلسطين هى الاعتبارات الدينية والتاريخية.إلا أن الجماعة استخدمت أيضا دفوعا ذات طبيعة اقتصادية فى محاولتها لاكتساب الرأى العام المصرى لتأييد مواقفها.

وفى هذا السياق، استفادت الجماعة من العداء من جانب الطبقات الدنيا والشرائح السفلى من الطبقات الوسطى فى مصر تجاه اليهود فى مصر الذين شكل قطاع كبير منهم جزءاً هاماً من الشرائح العليا للبرجوازية المصرية.ولم تقتصر مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه القضية الفلسطينية على البيانات والكتابات بل تبلورت بشكل ملموس فى مشاركة الجماعة فى حرب فلسطين عام 1948.

جماعة الإخوان المسلمين (1928 - 1954) والتحدى الغربى

حدد التفاعل فيما بين ثلاثة عوامل رؤية جماعة الإخوان المسلمين للغرب.

وهذه العوامل هى:

معارضة الجماعة للاستعمار بكافة صوره، عداؤها للمخططات الصهيونية فى فلسطين، والتزامها بمفاهيم تحرير وتوحيد الأمة الإسلامية. وقد عبرت الجماعة عن قلقها فى عدة فترات من اعتبار الولايات المتحدة وبريطانيا الجماعة تهديدا للغرب ومصالحه فى الإقليم وثقافته وحضارته.
ولم ترض جماعة الإخوان المسلمين فى مصر أن يتنازل الإسلام عن قيمه وحضارته ليتحول إلى هامش تابع لا قيمة له للاستعمار الغربى الأوروبى.وقد عبرت عن عدائها بشكل خاص تجاه بريطانيا، واتهمتها باستعمار مصر لمدة زادت عن سبعين عاماً نشرت فيها الفساد وقمعت الإسلام. كما فسرت الاحتلال البريطانى لمصر باعتباره موقفاً استوجب إنشاء الجهاز السرى التابع للجماعة.
وقد أشرف الإمام البنا على عدة هجمات فردية شنها الجهاز السرى على الوجود البريطانى فى مصر. ونظر إلى التواجد البريطانى المكثف فى مصر باعتباره عاملاً أوجد الاحساس باغتراب لدى المصريين داخل وطنهم.
وقد عارضت الجماعة معاهدة 1936 الأنجلو - مصرية باعتبارها لم تستجب للآمال الوطنية للمصريين.وقد عكست هذه المعاهدة إحساس الإحباط المتزايد لدى قطاعات من المجتمع المصرى تجاه مواقف المهادنة التى تبنتها البرجوازية العلمانية فى مصر حينذاك تجاه الاحتلال البريطانى.
وفى عام 1937، أصدر البنا رسالة اعتبر فيها الاستعمار العدو الأول للدين. وبعد ذلك بعامين، أمر الإمام الراحل حسن البنا أعضاء الجماعة بعدم مهاجمة أهداف بريطانية وأعلنت الجماعة عداءها للنازية.إلا أن البنا تعرض للاتهام فى بداية الأربعينات بالقيام بأنشطة معادية لبريطانيا، وتعرض بعد ذلك للاعتقال على أيدى السلطات البريطانية فى مصر.
وقد ذكر البنا فيما بعد أنه رفض عرضاً بريطانياً بتقديم مساعدة مالية لجماعة الإخوان.وأعقب ذلك انضمام جماعة الإخوان المسلمين لأحزاب الوفد والوطنى والاشتراكى والشيوعيين فى رفض عقد أى معاهدة دفاعية مع بريطانيا والولايات المتحدة وفى الدعوة إلى مقاطعة معسكرات القوات البريطانية بمنطقة القناة.
وفى أكتوبر 1947، انضمت جماعة الإخوان المسلمين إلى قوى سياسية أخرى فى مطالبة الحكومة بوقف المفاوضات مع بريطانيا وعرض المسألة المصرية على مجلس الأمن.ودعت هذه القوى مجلس الأمن إلى منح مصر استقلالها.
ورغم التعاون فى بعض الأحيان مع قوى وطنية أخرى فى النضال ضد الاستعمار، فأن بعض منتقدى جماعة الإخوان المسلمين اتهموها بأنها إما كانت أداة للسياسة البريطانية فى مصر أو بأنها أعطت الأولوية لإقامة نظام إسلامى على النضال ضد الاستعمار.
ويرجع سبب هذه الاتهامات إلى أنه فى الفترة التالية لعام 1945 ساندت جماعة الإخوان المسلمين حكومات أقلية غير دستورية ارتبطت بالمصالح الأجنبية فى مصر.وقد فسرت الجماعة هذا الدعم بأنه جاء مرتبطاً بشرط التزام الحكومة بتحقيق الجلاء التام للقوات البريطانية من مصر والسودان.
كما عللت الجماعة هذا الدعم بأنها فضلت المساهمة فى وحدة وطنية تساند حكومة تفاوض البريطانيين.وفى عام 1949، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين الاستعمار باغتيال الإمام حسن البنا.وفى نفس السنة، انضمت الجماعة إلى قوى سياسية أخرى فى مصر فى الدعوة إلى إلغاء معاهدة 1936 المصرية - البريطانية وإلى انسحاب القوات البريطانية من مصر.

وعقب إلغاء معاهدة 1936 من جانب واحد فى أكتوبر 1951، عانت جماعة الإخوان المسلمين لخطر انقسامات داخلية دارت حول كيفية مواجهة الجماعة للموقف الجديد، فالعناصر الشابة اتجهت فى معظمها إلى رفض اللجوء إلى التفاوض أو التعاون مع بريطانيا بأى شكل من الأشكال.

كما دعت هذه العناصر إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وبريطانيا وقاموا بتقديم التدريب العسكرى والتسليح لمجموعات من الطلبة للمشاركة فى حرب الفدائيين ضد بريطانيا فى منطقة القناة.

وعلى جانب آخر، وقف المرشد العام الجديد حسن الهضيبي يدعو إلى تعليم الناس القران كوسيلة طويلة المدى لإعداد الشعب لطرد الإنجليز. ونفى أى مسئولية للجماعة عن أنشطة كتائب التحرير التى شكلتها مجموعات من شباب الإخوان لمحاربة البريطانيين فى منطقة القناة.وأكد الهضيبى أن مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان هو وحده الذى يمثل الجماعة، واعتبر أن أعمال العنف غير قادرة على طرد البريطانيين.

وتبعاً لنهج المرشد العام، نفى مسئولون فى السويس أن أعضاء فى الجماعة شاركوا فى الكفاح المسلح فى منطقة القناة.إلا أن الكثير من الإخوان تعاونوا سرا مع تنظيم الضباط الأحرار لتوفير السلاح والتدريب كتائب التحرير فى منطقة القناة.

وقد شاركت مظاهرات شعبية وطلابية فى تشييع شهداء الإخوان المسلمين، وبقية القوى الوطنية.إلا أنه على مستوى قيادة جماعة الإخوان المسلمين، رفضت عام 1951 التعاون مع قوى سياسية أخرى فى مصر ضد الاحتلال البريطانى. إلا أن عناصر من الجماعة - خاصة فى صفوف الشباب - انضمت للجنة الميثاق التى شكلت مع قوى سياسية أخرى.

وأسست هذه اللجنة معسكرى تدريب للمتطوعين فى جامعتى القاهرة والأزهر.وقد رفضت العناصر الجهادية فى الجماعة وضع أنشطتها ضد بريطانيا فى منطقة القناة تحت سيطرة الحكومة، واتهمت الحكومة بالعمل على احتواء هذه الأنشطة والسعى لتسوية سلمية ودبلوماسية للمسألة المصرية.

ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين قد هاجمت دور الأمم المتحدة بشأن المسألة الفلسطينية، فإنها أيدت عرض مسألة الاحتلال البريطانى لمصر على المنظمة الدولية.وفى مرحلة تاريخية تالية، اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين أن دورها فى الكفاح ضد الاحتلال البريطانى لمصر فى منطقة القناة هو الذى دفع الاستعمار البريطانى فى نهاية الأمر للخروج من مصر.

وقد لعبت قوى إسلامية أخرى خلال تلك المرحلة أدواراً سياسية معادية للاستعمار البريطانى، ونذكر هنا جماعتى الشبان المسلمين وشباب محمد.وكان رأى جماعة الإخوان المسلمين أن استراتيجيتها تختلف نوعيا عن بقية القوى السياسية فى مصر حول مسألة الاستقلال الوطنى.

فقد كان هدف الجماعة هو إنهاء ما أسمته بحالة القابلية للاستعمار من خلال تغيير الظروف الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية التى أوصلت مصر إلى درجة من الضعف جعلتها غير قادرة على مقاومة الاستعمار.

وقد طالبت الجماعة حكام البلدان المسلمة بالعمل على تحرير بلادهم من الاستعمار الغربى حتى يتم إحياء الأمة الإسلامية التى ستستطيع حينئذ منافسة الأمم الأخرى فى القوة والرخاء والحضارة.وقد اتهمت جماعة الإخوان المسلمين الدول الغربية بممارسة ضغوط على الحكومات المصرية المتتالية لحل جماعة الإخوان.

وقد عارضت جماعة الإخوان المسلمين مشاركة مصر فى أى نظم دفاعية إقليمية مع بريطانيا عقب انسحاب القوات البريطانية من مصر، ويتصل موقف الجماعة هذا بحقيقة أن معارضة الجماعة لبريطانيا لم تنشأ فقط من واقع الاحتلال البريطانى لمصر، وإنما اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بريطانيا أيضاً بإصدار وعد بلفور الذى وعد اليهود بوطن قومى لليهود فى فلسطين.

وقد اقتنعت الجماعة بأن دور بريطانيا فى محاربة الإسلام فى المنطقة ودعم إسرائيل قد ورثته الولايات المتحدة عقب خروج القوات البريطانية.

وفيما يتصل بالولايات المتحدة الأمريكية، فبينما سعت قيادات فى جماعة الإخوان المسلمين إلى الحصول على دعم أمريكى لمطلب مصر بالاستقلال عن بريطانيا، فإن آخرين - بزعامة سيد قطب فى ذلك الوقت - عارضوا أى حلف دفاعى مشترك مع الغرب - خاصة مع الولايات المتحدة - لأن مثل هذا العمل يورط مصر فى صراعات بين القوى العظمى فى العالم قد تنتهى بتدمير مصر.

وبصفة عامة، فقد شككت جماعة الإخوان المسلمين فى تلك المرحلة بأن أهداف السياسة الأمريكية فى المنطقة مناقضة لمصالح الإسلام، خاصة فى ضوء الصلات الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة.

ولم يقتصر عداء الإخوان المسلمين للاستعمار على مصر، فقد اعتبرت أحد الأهداف الرئيسية لأنشطتها تحرير بلاد المسلمين من السيطرة الأجنبية بكافة صورها، وأعربت عن الأسف لأن المسلمين وأراضيهم يقعون تحت حكم واستغلال قوى استعمارية كافرة .

وقد رأت الجماعة فى الغرب المسيحى تهديداً دينياً مباشراً للإسلام، ولذلك عارضت الأنشطة التبشيرية فى بلاد المسلمين وهاجمت الجماعات التى تقوم بهذه الأنشطة ودعت حكومات البلدان المسلمة لإحكام سيطرتها على هذه الأنشطة.

واعتبرت الجماعة الإرساليات طليعة لحرب صليبية عالمية يؤيدها الاستعمار الغربى - خاصة البريطانى - واتهمت هذه الإرساليات بتقديم حوافز مادية لفقراء الحضر والريف من المسلمين لإقناعهم بالتحول إلى المسيحية.

وقد وعت جماعة الإخوان المسلمين البعد الاقتصادى للاستعمار الغربى بدرجة أقل من وعيها ببعديه السياسى والثقافى، وكانت آراؤها فى هذا المجال ذات طبيعة عامة تقترب من مفاهيم الوطنية الاقتصادية التى تبناها حزب مصر الفتاة وقد تحدثت صحافة الإخوان المسلمين عن المصالح الاقتصادية الاستعمارية التى تحميها القوات البريطانية فى مصر.

وقد فسرت تدهور الأوضاع الاقتصادية فى مصر باستمرار استغلالها ونهبها بواسطة الغرب.وقد عارضت جماعة الإخوان المسلمين الملكية الأجنبية لهيئة قناة السويس - رغم ما اتهمها به خصومها من أنها تلقت تبرعات من هيئة القناة فى مرحلة مبكرة من نشأة الجماعة - وأعلن الإمام حسن البنا أن القناة ملك المصريين ويجب أن تعود عائدات القناة إلى مصر.

وقد أدانت جماعة الإخوان المسلمين استغلال العمال المصريين بواسطة الشركات التى يمتلكها الأجانب واليهود.وقد أدركت الجماعة أن الاستقلال الاقتصادى هو أساس الاستقلال السياسى الحقيقى.ومن هذا المنطلق، رفضت الجماعة انتقال ثروات المسلمين إلى الدول غير المسلمة، أو عمل المسلمين فى بلاد غير مسلمة.

كذلك هاجمت الجماعة المصارف الغربية التى نهبت ثروات المسلمين ودعت الجماعة إلى تأميم هذه المصارف.وقد كرست جماعة الإخوان المسلمين - خلال الفترة من 1928 إلى 1954 - جهوداً كبيرة لمحاربة ما أسمته بالسيطرة الغربية الثقافية.

فعقب إلغاء الامتيازات الأجنبية فى مصر عام 1937، هدفت جماعة الإخوان المسلمين إلى العمل على استبدال التشريعات الغربية بالتشريعات الإسلامية واتهمت التشريعات الغربية المستوردة بتقنين الربا، وفى هذا المجال، اتهمت الجماعة الغرب باستخدام الشيوعيين المصريين كواجهة لإعاقة أسلمة القوانين.

كما دعت الجماعة إلى إغلاق صالات الرقص والملاهى الليلية لأنها تمثل رموزا لحضارة غازية.كذلك طالبت بفرض الرقابة على السينما ووسائل الإعلام لمواجهة الأفكار الهدامة .وفى إحدى المراحل هاجم الإمام حسن البنا المدارس الحديثة والجامعات لأنها تمثل التعليم الغربى الذى يعمل على نشر الأفكار الأجنبية والإلحادية بين الأطفال والشباب.

ودعا المسلمين إلى تجنب تقليد الغرب فى الأوجه السلبية لحضارته.وقد اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين الشيوعية ناتجا إلحاديا للحضارة الغربية وحاولت مقاومتها من خلال عدة أساليب من بينها تقديم المساعدات المالية للأسر الفقيرة لضمان الوفاء باحتياجاتها الأساسية.

وقد تميزت جماعة الإخوان المسلمين بالتركيز على مهاجمة من أسمتهم بالمثقفين والموظفين العلمانيين فى البلدان المسلمة متهمة إياهم بالولاء للغرب على المستويين السياسى والفكرى، وبتقليد العادات الغربية، والتحدث باللغات الغربية والسماح لزوجاتهم بارتداء الأزياء الغربية، ونشر ايديولوجية الغرب وحضارته وقيمه المادية والعمل على تدمير الإسلام الحضارى والسياسى.

وقد تحدت جماعة الإخوان وجهة نظر أولئك المثقفين القائلة بأن تغريب مصر سيؤدى إلى تحريرها من الاستعمار الغربى مع ربطها حضارياً بالغرب المتقدم فى نفس الوقت.ورأت الجماعة أنه بينما يمكن أن تتلاءم العلمانية مع المسيحية - التى تمثل عقيدة روحية وحسب - فإن الإسلام يحتوى على تشريعاته لهذا العالم.واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين أن واجبها يكمن فى الدفاع عن ضحايا التغريب وحماية الهوية الإسلامية لمصر.

وقد آمنت الجماعة بوجود مؤامرة غربية تروج للأفكار الإلحادية من خلال مناهج التعليم ووسائل الإعلام الفاسدة بهدف تحويل المسلمين عن شريعتهم. فالغرب - برأى الجماعة - لم يكتف بالاستعمار السياسى والعسكرى والاقتصادى لبلدان المسلمين بل حاول انتزاع الإسلام من قلوب وعقول المسلمين.وفى مواجهة ذلك، طرحت الجماعة الإسلام الشامل الذى سيؤدى إلى الاستقلال الحضارى والعقائدى.

وفى بعض المرات، دعا الإمام حسن البنا إلى تدمير ما أسماه برموز الحضارة الغربية الجاهلية مثل العادات الاجتماعية والمؤسسات والأزياء الغربية.وكانت هذه هى إحدى المناسبات القليلة خلال تلك الفترة التى استخدمت فيها جماعة الإخوان المسامين تعبيرا جاهليا بإسقاطات معاصرة.

وقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين الحرب على الأيديولوجيات المعاصرة التى لا تستند إلى الإسلام ودعت إلى تدميرها باعتبارها أيديولوجيات غير أخلاقية، خاصة فيما يتصل بمسائل مثل قضية المرأة.وعارضت الجماعة أى محاولة لتحقيق انسجام بين الإسلام والغرب عن طريق علمنة الإسلام الذى اعتبرته مساويا - من الناحية الفعلية - للقضاء على الإسلام.

ورأت أن مجد المسلمين يكمن فى إتباع الإسلام بديلا عن الحضارة الغربية، وبشكل عام، فقد وصف الإمام الراحل حسن البنا الاتجاهات الغربية بالسلبية .ويجب على المرء فهم تركيز جماعة الإخوان المسلمين على الخطر الثقافى الغربى فى ضوء حقيقة أن الجماعة تأسست أصلاً فى مدينة الإسماعيلية فى عام 1938، حيث شاهدت الجماعة على الطبيعة الأخطار التى يمكن أن تحدثها عملية التغريب.

وقد تضمنت هذه الأخطار التركيز على المادية والسفه فى استعراض الغنى وتقليد المعايير الغربية فى تحديد المركز الاجتماعى، وأخيرا وليس آخرآ الانهيار الأخلاقى.وفى هذا الوسط، صعدت جماعة الإخوان المسلمين لتمثل شعورا بفقدان الثقة فى النموذج الليبرالى الغربى من جانب أعداد لا بأس بها من المصريين.

وقد ربطت جماعة الإخوان المسلمين البعد السياسى للهجمة الاستعمارية الغربية ببعدها الثقافى. وبالتالى ربطت الجماعة مقاومتها للاعتداء السياسى والعسكرى الغربى بمقاومتها للغزو الفكرى والحضارى الغربى.

وقد رأت الجماعة أن الاستعمار الغربى مصر على المضى فى طريق تغريب المسلمين، وفرض القوانين ونظم التعليم الغربية - اللتين اعتبرتهما الجماعة غير مفهومين للمسلمين - كوسائل تؤدى إلى ضمان سيطرته الدائمة على الشعوب والبلدان المسلمة.

وقد روجت الجماعة لفكرة أن المصريين الذين يدعون لحل وسط سياسى مع الاستعمار هم أنفسهم الذين يدعون للتغريب الثقافى والعلمانى - وذلك فى محاولة لوصف المثقفين العلمانيين بالعمالة للاستعمار البريطانى حينذاك.كما عبرت الجماعة فى عدة مناسبات عن رفضها للديمقراطية الغربية واعتبرت أن نظام التعدد الحزبى هو مخطط غربى يهدف إلى تقسيم المسلمين وإيجاد العداوة والبغضاء فيما بينهم.

إلا أنه فى مناسبات أخرى، دعت الجماعة إلى نظام "حزبى" نظيف دون الدخول فى توضيح طبيعة وخصائص وتفصيلات مثل هذا النظام.وعقب قيام ثورة يوليو 1953، أرسلت جماعة الإخوان المسلمين متطوعين إلى طريق القاهرة - السويس بهدف إحباط أى تحرك محتمل للقوات البريطانية المرابطة فى السويس ضد الثورة.

وخلال هذه الفترة، استمرت الجماعة فى الدعوة إلى جلاء القوات البريطانية عن مصر والسودان.وفى مرحلة تالية (-)، عارضت عدة تيارات داخل جماعة الإخوان المسلمين معاهدة الجلاء المصرية - البريطانية فى عام 1954 واعتبرتها أسوأ من معاهدة 1936 لأنها سمحت لبريطانيا بإبقاء خبراء فى قاعدتها العسكرية بمنطقة القناة، وبالعودة إلى هذه القاعدة فى حالة حدوث عدوان عسكرى على أى دولة عربية أو تركيا.

وعلى الجانب الآخر، أيدت عناصر بالجماعة هذه المعاهدة.وقد اتهمت العناصر المعارضة للمعاهدة أولئك الذين أيدوها بسبب الانصياع للمخططات الاستعمارية .وعقب معاهدة 1954، دعت أصوات داخل جماعة الإخوان المسلمين إلى الكفاح المسلح ضد الوجود البريطانى فى منطقة القناة والى رفض أى ارتباط بالأحلاف العسكرية الغربية.

وقد راهنت الجماعة على أن بريطانيا لن تلتزم ببنود معاهدة الجلاء.وقد رأى التيار العريض داخل الجماعة أن ما ورد بمعاهدة 1954قد يقود مصر إلى حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.ونذكر هنا أن موقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه معاهدة 1954 قد شاركها فيه قطاعات من الوفديين والشيوعيين.

وقد تعرضت جماعة الإخوان المسلمين للاتهام بالمسئولية عن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى أكتوبر 1954، وتم اعتقال ومحاكمة أعداد كبيرة من قادتها وكوادرها وأعضائها، وصدرت بحق البعض أحكام بالسجن والإعدام.إلا أن الجماعة نفت الاتهام واتهمت قوى غربة بتدبير مؤامرة لضرب الجماعة بسبب دورها فى محاربة الوجود البريطانى فى مصر قبل عام 1954.

كما اتهم الأستاذ سيد قطب الولايات المتحدة بالسعى لتوسيع الهوة بين جماعة الإخوان المسلمين ومجلس قيادة الثورة حينذاك وبالمسئولة عن تدبير محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر.كذلك اتهمتهما بالعمل على إقناع حكومات البلدان المسلمة بأن جماعة الإخوان المسلمين تمثل خطرا عليها.

وخلال الفترة من 1953 إلى 1954، أعادت الجماعة تأكيد مطالبها بفرض الحجاب وإغلاق المسارح ودور السينما والملاهى الليلية حيث رأت فى مثل هذه الإجراءات ما يكفل التصدى لخطر اختراق القيم الغربية للمجتمع المصرى.

وقد اتهمت بعض العناصر التى خرجت من جماعة الإخوان المسلمين الجماعة بأنها قدمت خدمات - عن قصد او عن حسن نية - للاستعمار العالمى والقوى الرجعية فى الوطن العربى، وأنها أعاقت مسيرة التحول الثورى بالمنطقة.

إلا أن بعض العناصر التى بقيت داخل الجماعة أصرت على أن ضرب جماعة الإخوان المسلمين عام 1954 جاء لأنه - وفى بدايات عقد الخمسينات - كان الاستعمار التقليدى فى طريقه إلى الزوال، وبالتالى بحث عن حلفاء محليين فى البلدان المسلمة لمد أمد استغلاله لهذه البلدان وحماية مصالحه بها، وأن جماعة الإخوان وقفت فى وجه هذا التحالف المشبوه والصاعد الذى رأت فيه ما يناقض مصالح الشعوب المسلمة.

ونتيجة لهذا الموقف، تعرضت الجماعة للاضطهاد والقمع.وينبغى أن نذكر هنا أنه خلال العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، عبر بعض أعضاء جماعة الإخوان المتواجدين بالسجون حينذاك عن استعدادهم للتطوع والجهاد ضد الغزاة.

إلا آن عددا من قادة الجماعة - المتواجدين بالسجون أيضا - انتقدوا قرار تأميم قناة السويس لأنه أدى إلى العدوان الثلاثى وإلى دفع مبالغ ضخمة من الأموال وتعويضات لحملة أسهم شركة القناة من الأجانب. ورأى هؤلاء القادة أن القناة كانت ستعود للملكية المصرية الكاملة بعد سنوات قليلة (عام 1969) دون دفع أى تعويضات لأصحاب الأسهم الأجانب.

وختاما، فقد ركزت مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه الغرب خلال الفترة من 1928 إلى 1954 على الأبعاد الثقافية والحضارية.وجاءت مواقف الجماعة حول هذين المحورين متواصلة ومتسقة مع بعضها طوال هذه الفترة.إلا أن مواقفها حول الأبعاد السياسية والعسكرية للخطر الغربى كانت أكثر تذبذبا وتأرجحا.

ويمكن تفسير ذلك جزئيا - بالإضافة إلى تفسير الإشارة المحدودة إلى البعد الدينى للخطر الغربى - فى ضوء تواجد قوات الاحتلال البريطانى فى مصر خلال تلك الفترة وعدم رغبة جماعة الإخوان فى الدخول في مواجهة مع هذه القوات فى وقت لم تكن مستعدة أو راغبة فيه لمثل هذه المواجهة.

وأخيرا، يمكننا أن نربط ما بين غموض وعمومية مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه البعد الاقتصادى للعلاقة مع الغرب وعدم رغبة الجماعة فى التخلى عن خصوصية مواقفها لصالح تبنى وجهات نظر قد تقترب بها من مواقع قوى اشتراكية أو ماركسية فى مصر فى ذلك الوقت.

جماعة الإخوان المسلمين (1938- 1954) والتحدى الشيوعى

من حيث المبدأ، أعلن الإمام حسن البنا أن جماعة الإخوان المسلمين ستدعم أى حكومة تقاوم الشيوعيين، إلا أن البنا فرق بين معاداة جماعته المطلقة للشيوعية كأيديولوجية وكنظام سياسى، وبين الحاجة للتعامل مع الاتحاد السوفيتى باعتباره قوة عالمية كبرى حينذاك.وفى مرحلة تالية، وصف المرشد العام الثانى للجماعة حسن الهضيبي الشيوعية بأنها العدو الأول لجماعة الإخوان المسلمين.

وذكر أنه بما أن جلاء بريطانيا عن مصر أمر حتمى، فإن المهمة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين هى مقاومة الشيوعية المعادية للأديان. وقد عبرت منتقدى جماعة الإخوان المسلمين عن رأيهم بأن بريطانيا قد تعاطفت مع جماعة الإخوان فى سنواتها الأولى بسبب اعتبارها قوة توازى وتواجه تصاعد التأثيرات الشيوعية.

ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن بعض مفكرى الإخوان قد اعتبروا الشيوعية - رغم مناقضتها لمفاهيم الإسلام الأساسية حول الكون والإنسان والحياة - أقرب إلى الإسلام من الرأسمالية فى بعض مبادئها الاقتصادية والاجتماعية.ولم يفت أولئك المفكرين انتقاد الشيوعية لقصرها الاحتياجات الإنسانية على مستوى الاحتياجات المادية الغريزية.

وقبل ثورة 1952، أظهرت قيادات إسلامية مثل الاستاذين صالح عشماوي وسيد قطب والشيخ محمد الغزالي تفضيلا واضحا لأن تكون معركة جماعة الإخوان الرئيسية ضد الاستعمار البريطانى وليس ضد الشيوعيةوعقب الثورة هاجمت قيادات فى الجماعة ما وصفته بـ الأعمال التخريبية التى تقوم بها الحركات الشيوعية فى مصر.

وتحدثت هذه القيادات عن الصداقة الحتمية بين الإسلام والغرب والتى يجب أن تهدف إلى الحرب على الشيوعية.أما الأستاذ سيد قطب، فقد دعا إلى حرية العمل لكافة القوي السياسية بما فى ذلك الشيوعيين. ورغم رفض جماعة الإخوان المسلمين عرضا شيوعيا للانضمام إلى جبهة طلابية تضم أيضا الوفديين، فإنها لم تحظر على الطلاب الموالين لها الاتصال بهذه الجبهة.

بل أنه فى يوليو 1954، تعاون كل من جماعة الإخوان المسلمين والحزب الشيوعى المصرى - خاصة فى الجامعات - بشكل مكثف بهدف إعلان معارضتها لأى ارتباط لمصر بالأحلاف الدفاعية الغربية فى المنطقة. ومن جانبها، حيت الصحافة السوفيتية الرسمية رفض جماعة الإخوان المسلمين فى مصر لمعاهدة الجلاء المصرية البريطانية فى أكتوبر 1954، ووصفت الجماعة بأنها قوة سياسية مصرية معادية للإمبرالية.

وفى عام 1965، واجهت جماعة الإخوان المسلمين ضربة جديدة عقب اتهام الحكومة لها بتدبير محاولة لاغتيال الرئيس عبدالناصر ولتنفيذ انقلاب للاستيلاء على السلطة.وقد اتهمت الجماعة كلا من الاتحاد السوفيتى والشيوعيين المصريين هذه المرة بتوسيع الهوة بين الحكومة والإخوان.

واعتبرت أن هذا المسعى السوفيتى يأتى فى إطار الهدف السوفيتى العام وهو القضاء على الإسلام.ولنختتم هذا الجزء، فيمكن القول بأن قيادة جماعة الإخوان المسلمين تبنت موقفا اقل تسامحا تجاه الاتحاد السوفيتى كلما توطدت علاقات الصداقة بين الحكومتين المصرية والسوفيتية وهو ما تزامن مع تدهور العلاقات بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين.

ورغم أن موقف الجماعة تجاه الأيديولوجية الشيوعية - القائم أساسا على اعتبارات دينية - كان متواصلا خلال الفترة محل البحث هنا، فقد عانت الجماعة فى عدة مناسبات من خلاف داخلى حول كيفية التعامل مع الاتحاد السوفيتى كقوة عظمى والشيوعيين المصريين كتيار سياسى.

الإخوان المسلون (1928 - 1954) والرؤية الشاملة للسياسة الخارجية

ربطت جماعة الإخوان المسلمين بين مسألة تحرير البلاد الإسلامية من القوى الأجنبية وبين بزوغ دولة إسلامية حرة وموحدة.وآمنت الجماعة بوجود مؤامرة بين الإقطاع والغرب الصليبى والشيوعية والصهيونية ضد جماعة الإخوان لأنها قاومت اعتداءاتهم ضد العالم الإسلامى ومحاولاتهم تدمير العقيدة والأخلاق والشريعة الإسلامية ونشر الانحلال الخلقى والأفكار الإلحادية.وقد اتهمت الجماعة هذا التحالف العالمى لقوى الشر باغتيال مؤسسها الإمام حسن البنا 1949

وقد رأت جماعة الإخوان المسلمين فى الإسلام دينا عالميا موجها لكافة البشر وليس لدولة معينة أو شعب معين.واعتبرت أن الإسلام قد هدف إلى إعادة بناء الحضارة الإنسانية على أساس جديد من التناغم بين الروح والمادة بما يحقق سلاما عالميا حقيقيا.

وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين لم يكن الإحياء الإسلامى مجرد سلاح دفاعى يهدف إلى إنقاذ مجتمعات المسلمين من الاعتداء الغربى، بل مثل فرصة تاريخية لإعادة الانسانية - التى انحرفت عن طريقها - إلى الصراط المستقيم.وقد عرفت جماعة الإخوان المسلمين مفهوم الجهاد بمعنى العمل الجاد والنضال.

وأكدت أن الله أمر المسلمين بالجهاد المسلح فقط عندما يرفض البشر الاستماع على دعوة الإسلام ويلجأون إلى ممارسة القهر ضد المسلمين. واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين أن المشاركة فى كافة أنواع الجهاد واجب على الجماعة.فقد مارست عناصر من الجماعة الجهاد فى فلسطين عام 1948 وضد القوات البريطانية فى منطقة القناة عقب أكتوبر 1951.وطالبت الجماعة أعضاءها بأن يكونوا دائما فى حالة استعداد للجهاد والاستشهاد.

وفى خاتمة هذا الجزء الخاص بمواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه القضايا الخارجية خلال الفترة من 1928 إلى 1954، نلحظ أن الجماعة قد استخدمت مفهوم وجود مؤامرة دولية ضد الإسلام والإخوان المسلمين بواسطة الصهيونية والشيوعية العالمية والغرب والعلمانيين داخل البلدان المسلمة، خاصة عند التعبير عن مواقف الجماعة بشأن قضية فلسطين.

وكان هناك محددان هامان لمواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه الغرب والشيوعية خلال تلك المرحلة هما:

وجود قوات بريطانية فى مصر وقضية فلسطين. ورغم استعانة جماعة الإخوان المسلمين بالعامل الدينى في التعبير عن مواقفها بشأن قضايا السياسة الخارجية، فإن العوامل السياسية والثقافية كانت لا تقل أهمية فى بلورة تلك المواقف.
وحول مسألة الوحدة الإسلامية، يجب علينا أن نأخذ فى الاعتبار أنه خلال تلك المرحلة لم يكن هدف إحياء الخلافة الإسلامية مثاليا أو يوتوبيا - كما هو الآن - لأنه لم يكن قد مضى وقت طويل على تاريخ كانت الخلافة واقعا ملموسا فيه.

للمزيد عن الإخوان والعالم

الإخوان حول العالم

الإخوان في السودان | الإخوان في ليبيا | الإخوان في الجزائر | الإخوان في تونس | الإخوان في المغرب | الإخوان في موريتانيا | الإخوان في قطر| الإخوان في فلسطين | الإخوان في الأردن | الإخوان في سوريا | الإخوان في لبنان | الإخوان في اليمن | الإخوان في العراق | الإخوان في البحرين| الإخوان في السعودية | الإخوان في الكويت | الإخوان في الإمارات | الإخوان في إيران | الإخوان في تركيا | الإخوان في إندونيسيا | الجماعة الإسلامية في باكستان | الإخوان في البوسنة والهرسك | جماعة الإخوان المسلمين وعلاقتها بأفغانستان| الإخوان في الصومال | الإخوان في جيبوتي | الإخوان في نيجيريا | الإخوان في السنغال الإخوان في بريطانيا | الإخوان في فرنسا | الإخوان في ألمانيا | الإخوان في أسبانيا | الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية | الإخوان في باقي دول العالم

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

أبحاث متعلقة

تابع أبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

.