دور الإخوان في إصلاح المجتمع ومحاربة الفساد (14)
دور الإخوان في إصلاح المجتمع ومحاربة الفساد (14)
الاهتمام بالخدمات الصحية (2- 2)
جهود الإخوان أثناء وبعد الحرب
تحدَّثنا في الحلقة السابقة عن جهود الإخوان المسلمين في العناية بالشئون الصحية والطبية قبل الحرب العالمية الثانية، وها نحن نُكمل هذه الجهود الجليلة، والتي لمست وعالجت جانبًا كبيرًا من حياة المجتمع في هذه الحلقة.
كانت الحالة الصحية التي عاشها الشعب المصر متردية في هذه الفترة؛ حيث كان ثالوث الفقر والجهل والمرض يحيط بالإنسان المصري من كل مكان، ولعل أبرز ما يؤكِّد ذلك تقريرُ وإحصاءُ وزارة الصحة المصرية حول حالة المرض التي يعيشها الشعب المصري عام 1944م؛ حيث جاء في التقرير بأن 90٪ من المصريين مصابون بأمراض العيون، و55٪ بالبلهارسيا، و30٪ بالإنكلستوما، و15٪ بالملاريا، و12٪ بأمراض سرية، و3٪ بالسل، كما جاء في إحصائية لوزارة الشئون الاجتماعية في نفس العام أن 12 مليون مصري من إجمالي عدد سكان مصر الـ16 مليونًا لا يتمتَّعون بأية ميزة اجتماعية أو صحية.
ولذا اهتمَّ الإخوان المسلمون منذ قيام جمعيتهم بالصحة العامة؛ حيث اعتبرها الإمام البنا جزءًا من الإصلاح الاجتماعي، وأشار في رسالة "نحو النور" في بداية الثلاثينيات قائلاً: "إن الأمم الناهضة في حاجةٍ إلى الجندية الفاضلة، وقوام هذه الجندية صحة الأبدان وقوة الأجسام"، ودلَّل الإمام على ذلك من القرآن بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ (البقرة: من الآية 247).
ولذا انتفض الإخوان يحاربون هذا الثالوث، وأصبحت القضية مسارَ اهتمام الإخوان في مؤتمراتهم ولقاءاتهم الدورية ولقاء مكتب الإرشاد، حتى إن الإمام البنا من خلال رسالة المؤتمر السادس استطاع أن يضع أمام الشعب الحقائق المفزعة للأمراض الموجودة في مصر فقال: "لقد استقبلت العيادات الحكومية سنة 1934م (74213837) مريضًا، منهم مليون بالبلهارسيا، وأكثر من نصف مليون بالإنكلستوما، ومليون ونصف بالرمد، وفي مصر (90%) مريض بالرمد والطفيليات، وفيه (55575) من فاقدي البصر.
ويكشف لنا الكشف الطبي في المدارس والمعاهد والجامعة، ومنها كلية الحربية، حقائق وعجائب عن ضعف بنية الطلاب، وهم زهرة شباب الأمة، وكل ذلك في أمةٍ علَّمها نبيها أن تسأل الله أن يعافيَها في أبدانها وفي سمعها وفي بصرها".
ومن ثَمَّ جاء في قرارات المؤتمر السادس:-
تقديم الإرشادات الخلقية والصحية والاجتماعية والفنية- متى وجد الفنيون الاختصاصيون في الشعبة- إلى كلِّ مَن يمكن تقديمها إليه من أفراد الشعب.
إنفاذ المشروع الطبي بنشاط، وسيقوم المكتب بواجبه في ذلك بالاتصال بحضرات أطباء الأقاليم، وإرسال أعضاء القسم الصحي به إلى الشُّعَب.
ولقد قامت جوالة الإخوان بدورٍ بارعٍ في كل أنحاء القطر المصري بنشر الوعي الصحي خلال هذه المرحلة، وعلى القيام بأعمال إسعافية لتعويد الناس على الاهتمام بالجانب الصحي، ومن ذلك ما قامت به فرق الجوالة في الريف المصري عام 1943م؛ حيث قامت بأعمال كنس الطرقات والشوارع وحثِّ القرويين على التردُّد على المستشفيات والعيادات الطبية، وتقديم الإسعافات الأولية.
اهتم الإخوان بتقديم الرعاية الصحية للجماهير بأقل تكلفة، عن طريق إنشاء العيادات والصيدليات، وقد كانت منشآت الإخوان الطبية مضربَ الأمثال بين الناس، ولقد كتبت إحدى المجلات تمتدح عيادة وصيدلية الإخوان الطبية بمدينة المنصورة فتقول: "هذه عيادة الإخوان المسلمين وصيدليتهم تنافس المستشفيات الأميرية بما حازته من ثقة المرضى، وأينما سرت في الشوارع سمعت على ألسنة العامة من البنات والنساء والأطفال النصيحة للمرضى بالذهاب إلى عيادة الإخوان المسلمين، ولا شكَّ أن هذا نجاحٌ باهرٌ يدلُّ على صدق عقيدة هؤلاء السادة الذين يقومون بهذا الأمر في هذه الشعبة".
ولقد تنوَّعت أنشطة الشعب في تلك الفترة، وكان بعضها تقليديًّا ألفته الشعب وتعوَّدته في الفترات السابقة، فكان لا بد من استحداث أنشطة جديدة في مجال الشعب؛ مثل: الأنشطة الرياضية، وترسيخ نشاط الكشافة في كافة الشعب، فضلاً عن أن الشعب بدأت في تقديم الرعاية الصحية في محيطها، وإنشاء لجان لإغاثة المنكوبين.
فضلاً عن ذلك فقد كان الإخوان يهتمون بإجراء الكشف الطبي على كلِّ المنتسبين إلى شعبهم، ومن ذلك المشروع الطبي الذي اتخذته شعبة الإخوان في بنها، والذي نشرته مجلة (البشرى)، جاء فيه: "ابتُدئ من أول الأسبوع الماضي تنفيذ المشروع الطبي للإخوان المسلمين، والقاضي بالكشف على جميع الإخوان طبيًّا وعلاج المريض منهم، ولقد قام حضرة الأخ الدكتور مصطفى علي عبد الله بك (وكيل الإخوان المسلمين ببنها) بالكشف على حضرات الإخوان، مبديًا لهم نصائح غالية وإرشادات حكيمة. قوَّاه الله وأعزه بإسلامه".
وتحت عنوان "نداء للإخوان" في نفس العدد بالمجلة: "ترجو سكرتارية الإخوان المسلمين ببنها من حضرات الإخوان الذين لم يُوقَّع عليهم الكشف الطبي أن يحضروا لمكتب السكرتارية لاستلام الاستمارات الخاصة بهم، والمرجو من حضراتهم مراعاة الدقة في المواعيد بعد صلاة المغرب من كل يوم، والله أكبر ولله الحمد"(1).
كان من أول ما اهتمَّ به الإخوان محاربة المرض؛ لذلك فقد عمدوا إلى إنشاء مراكز صحية وعيادات طبية ونقاط إسعاف في أوقاتٍ محدَّدة لتُعين الفقراء والمعوزين على الاهتمام بصحتهم، ومن ذلك ما قامت به شعبة "أسطنها" بالمنوفية؛ حيث قامت بدعاية واسعة النطاق للتبرُّع لإنشاء مجموعة صحية متكاملة، وتألَّفت لجنةٌ لذلك، وقد باشرت عملها بكل همة ونشاط، كما أنشأت شعبة الإخوان بباكوس الرمل بالإسكندرية عيادة طبية (2)، كما قامت شعبة طنطا بإنشاء مركز للإسعاف خلال المولد الأحمدي، يعمل فيه فريق الجوالة، وقد قام بإسعاف ما يقرب من 300 حالة.
وأيضًا ما قامت به العيادة المجانية للإخوان بالمنصورة؛ حيث بلغ عدد المرضى المتردِّدين عليها خلال شهرَي يونيو ويوليو عام 1938م نحو 2060 مريضًا؛ منهم 1000 طفل، و600 امرأة، و357 رجلاً، و54 مريضًا بالأسنان، و35 مصابًا، وأجرت 14 عمليةً جراحية.
قسم البر والخدمات الصحية
وعندما أنشأ الإخوان قسم البر والخدمة الاجتماعية عام 1945م جاء في قانونه: إن من أغراض القسم الدعاية الصحية والاجتماعية عن طريق أسابيع الإصلاح.
ولم يكتفِ الإخوان بذلك؛ فقد أرسل الأستاذ البنا إلى وزير الصحة خطابًا جاء فيه:
"حضرة صاحب المعالي وزير الصحة العمومية..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
في غمرة هذه المحنة التي تهدِّد الصحة العامة للبلاد بوباء الكوليرا، والتي تنادي كلَّ وطني صادق أن يساهم بكل ما يسعه من جهد وطاقة، تتقدَّم إدارة الجوالة العامة للإخوان المسلمين إلى معاليكم ليحملوا نصيبهم من هذا الكفاح الوطني المقدَّس، معلنين أنهم يضعون تحت تصرُّف وزارة الصحة 40 ألف جوال من خيرة شباب الأمة وزهرة أبنائها الأطهار، منبثِّين في جميع أنحاء الوادي من كبريات المدن والحواضر إلى صغريات القرى والكفور كلهم على أتمِّ الاستعداد للقيام بما عُهد إليهم من أعمال لمكافحة هذا الوباء.
ومما يزيد الاطمئنان إلى جلال الفائدة المرجوَّة من هذا التجنيد إن شاء الله أن تعلموا- معاليكم- أن هؤلاء الألوف من شباب الإخوان الذين وهبوا لهذا الوطن العزيز أنفسهم وأرواحهم إنما يكوِّنون مجموعاتٍ كاملةَ الأجزاء، محكِّمةً النظام بوحداتها ورؤسائها ومراقبيها ومشرفيها في انتظار الأمر بالعمل في أي مكان.
ولمَّا كنا حريصين على العمل الجدي؛ لذلك نتقدَّم إلى معاليكم بنماذج من الأعمال التي يُمكن لهذه المجموعات القيام بها، علاوةً على ما يراه المسئولون من تكليفهم لما يتراءى لهم، وهي:
1- نشر الدعوة الصحية في محيط القطر كله وسرعة إذاعة النشرات والتعليمات الصادرة عن الوزارة مع التكفل بإفهامها للجمهور ومعاونته على التنفيذ.
2- التبليغ عن المصابين والإصابات، كلٌّ في محيط منطقته مع بعض الجمهور، على اعتبار ذلك واجبًا وطنيًّا لا يعذر المتخلِّف عنه.
3- تكوين فرق مختلفة للقيام بأعمال التمريض.
4- مساعدة رجال الجيش في كافة أعمالهم؛ من حصار المناطق الموبوءة، ونقل الإشارات اللاسلكية، وقيادة السيارات.
يا صاحب المعالي: قد جنَّدنا هذا الشباب الطاهر في خدمة الوطن لمحاربة هذا العدو المفاجئ، ولا شكَّ أن هؤلاء الجنود لا ينقصهم إلا أن يتحصَّنوا ضد المرض بالمصل الواقي، وأن تتفق وزارة الصحة مع الوزارات والشركات والمصانع التي يعمل بها هؤلاء الإخوان على انتدابهم لهذه المهمة إذا كُلِّفوا بأعمال نهارية تتعارض مع أوقات أعمالهم الرسمية، مع الاحتفاظ لهم بمراكزهم وأعمالهم عند زوال خطر الوباء عن البلاد قريبًا إن شاء الله.
هذا، ويسرنا إلى جانب ذلك أن نضع تحت تصرف وزارة الصحة 1500 شعبة من دَور الإخوان المسلمين تكون مركزًا للأغراض الوقائية والعلاجية ضد هذا الوباء، ولا سيما في المناطق التي ليس للصحة بها مراكز ثابتة.
وفى انتظار إجابة فضيلتكم بالقبول، أرجو أن تتقبَّلوا أصدق التحيات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
لقد نشطت الشُّعَب في هذا الأمر؛ ففي نجع حمادي افتتح الإخوان المسلمون مستوصفًا لعلاج المرضى يشرف على إدارته الدكتور توفيق بك عثمان أبو النصر حكيمباشي المستشفى الأميري، ويستقبل المستوصف المرضى مرتين في الأسبوع؛ يومي الإثنين والجمعة؛ وذلك بشعبة الإخوان المسلمين بنجع حمادي، أما في أسيوط فقد افتتح الإخوان العيادة الطبية، وكان مديرها الدكتور عباس محمد حسين، وكانت العيادة تقوم بمعالجة جميع المرضى مجانًا، شاملاً العلاج لجميع الأمراض على اختلاف أنواعها، من التاسعة إلى الحادية عشرة صباحًا يوميًّا ما عدا يوم الجمعة.
وقد بلغ شدة الإقبال على هذه العيادات أن المستوصف الخيري الذي أنشأه الإخوان المسلمون بطنطا بلغ عدد المرضى الذين عُولجوا فيه من مختلف الأمراض بعد أقل من شهرين ونصف من نشأته 1233 مريضًا؛ ما بين رجالٍ وأطفالٍ ونساءٍ، وقد أُعدَّ هذا المستوصف بجميع الأدوات والأجهزة وغرف الكشف وأدوات التحليل والفحص، ويشرف على العلاج فيه خلاصة أطباء المدينة كلٍّ في اختصاصه.
كما اهتمت وتفاعلت مجلة الإخوان مع القضية، فخصَّصت صفحةً كاملةً تحت عنوان "صفحتنا الطبية"، وهي صفحةٌ تقدِّم خدمةً طبيةً مجانيةً للقراء، من خلال شرح أحد الأطباء في تخصُّص محدَّد لمرضٍ من الأمراض وكيفية علاجه والوقاية منه، وقد بدأ هذا الباب من العدد الخامس في السنة الأولى، وعرض للعديد من الأمراض الناتجة عن العدوى، وكيفية الوقاية من الأمراض.
كما وافق مكتب الإرشاد على توسيع وتطوير القسم الطبي، والذي كان يهدف إلى:
1- إنشاء العيادات والمستوصفات والمستشفيات والإشراف على تنظيمها وإدارتها.
2- العمل على تحقيق التأمين الصحي للإخوان.
3- العمل على نشر الدعوة الصحية ورفع المستوى الصحي لجميع الطبقات بكافة الوسائل، ومعاونة الهيئات الرسمية والشعبية في مقاومة الأمراض المتوطِّنة والأوبئة عن طريق النشر والإذاعة والمحاضرات.
4- توثيق الصلة بين الهيئات الطبية وهيئة الإخوان المسلمين في مصر والبلاد العربية والإسلامية بإرسال الوفود والبعوث، وعقد المؤتمرات وحضورها، واستقبال المندوبين.
وكان للقسم مقرٌّ خاصٌّ بعيدٌ عن المركز العام، أمام مدرسة السينية بحي السيدة زينب، وبالقسم مستوصف يقوم بالكشف الطبي على المرضى نظير أجر يسير، كما يقوم بتنظيم الكشف على أعضاء شعب الإخوان، والقيام بقوافل طبية لعلاج الفقراء، ومعاونة مصلحة الشئون القروية بوزارة الصحة، ثم انتقل المستوصف إلى دار الإخوان بالمركز العام بالحلمية في 15 نوفمبر 1944م.
وقد بلغ عدد الأطباء العاملين في ذلك المستوصف عشرة أطباء، وكان على رأسهم الدكتور محمد أحمد سليمان رئيس القسم الطبي للإخوان والمدرِّس بكلية طب قصر العيني، وهو مدير المستوصف في الوقت نفسه، وضمت قائمة أطباء المستوصف حضرات الأطباء:
وعندما ظهر مرض الملاريا بقنا وأسوان انتفض الإخوان لهذه الكارثة الصحية، وانتقدوا هروب الأغنياء لترك إخوانهم الفقراء والبؤساء دون إعانة أو مواساة، وقد أثنَوا على وزارة الصحة في سرعة تقديم العلاج اللازم، لكنهم أخذوا على الحكومة أن الناس كانوا يموتون من الفقر وقلة الطعام لا من قلة الدواء، وكانت النتيجة أن توفِّي الكثير لسوء التغذية مع توفُّر العلاج.
وأوضح الإخوان أن لو كل مالك نِصابٍ أخرج زكاة ماله ما مات هؤلاء، ولا وُجد فقيرٌ من الإسكندرية لأسوان، وقد دعا الأستاذ صالح عشماوي رئيس تحرير مجلة "الإخوان" كافة الإخوان إلى سرعة التبرع بما لديهم من مالٍ عن طريق جريدة "الأهرام" التي كانت تتلقَّى التبرعات، وأن يدفعوا كل ذي مروءة وشهامة إلى أن يجود بما لديه من مالٍ أو كسوةٍ أو غذاءٍ، كما طالب بالإلحاح في الدعاء إلى الله لرفع البلاء عن إخوانهم في قنا وأسوان، وأن يشفيَ مرضاهم ويرحم موتاهم، وطالب إخوان شعبتَي قنا وأسوان بضرورة الاعتناء بالمصابين ومواساة المفجوعين، وأن يجعلوا من دُور الإخوان معسكراتٍ لتجنيد المتطوِّعين لتوزيع الدواء في كل مكان، وأن يسعَوا إلى الناس في أماكنهم، شارحين طرق الوقاية من هذا المرض وأساليب العلاج.
وفي هذه الفترة كوَّن الإخوان فرقًا للإنقاذ جاهزة للإسعافات في حالات الكوارث والطوارئ، وكان مقرُّها المركز العام، وكان يُدرَّب أعضاؤها تحت إشراف الأستاذ محمد نبيه عبد المجيد مندوب مصلحة الوقاية، وكان يقوم بتدريب الأعضاء على اتقاء الغارات الجوية المحتَملة أثناء الحرب العالمية الثانية، ويُعدُّ منهم فرق للإنقاذ.
وعندما اجتاحت الكوليرا مصر عن طريق جنود الاحتلال قرَّر مكتب الإرشاد في جلسة 23 سبتمبر 1947م, 13 ذي القعدة 1366هـ إرسال خطاب لوزير الصحة يعلنون له استعداد أربعين ألف من جوالة الإخوان المسلمين للتطوُّع في فِرَق مكافحة الكوليرا, وفي جلسة 5 أكتوبر 1947 قرَّر المكتب إرسال خطاب آخر لوزير الصحة باستعداد مستوصفات الإخوان للقيام بعملية التطعيم ضد الكوليرا وتجهيز عشر سيارات للمرور في الأحياء الموبوءة لعملية التطعيم ومساعدة وزارة الصحة.
كما أصدر المركز العام تكليفاتٍ للمكاتب الإدارية في المحافظات بتكوين لجنة لمكافحة الكوليرا بكل شعبة، وأن يُختار لها مقرٌّ وسكرتير للإسراف عليها.
أيضًا الاهتمام بنشر الدعوة الصحية عن طريق المحاضرات في المقاهي والأندية والمجتمعات العامة والمساجد بواسطة أطباء الإخوان, وزيارة الأحياء والقرى والكفور، وحثّ الناس على اتباع تعليمات وزارة الصحة, وتكوين لجان إغاثة لإعانة المنكوبين وأسرهم, والتبليغ الفوري عن الإصابات, ويقوم قسم البر والخدمة الاجتماعية بالاهتمام بتقديم المطهِّرات للأُسَر الفقيرة في الأحياء الفقيرة، كالفنيك والصابون, وترسل المكاتبات للمركز العام باسم رئيس مكتب مكافحة الكوليرا، ومن الممكن تبليغها بالتليفون للسرعة.
ولقد نشرت جريدة (الإخوان المسلمين) اليومية موضوعًا جاء فيه: "جريدة الإخوان ترحِّب بكل ما يرد إليها من حضرات الأطباء العلماء عن ذلك الموضوع".
ولم يتوقَّف نشاط الإخوان على مصر فحسب، بل أرسلوا البعثات الطبية لمساعدة البلاد العربية والإسلامية التي أصابتها الغارات، ومن ذلك أن مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين أوفد بعثتهم الطبية للمساهمة في إغاثة منكوبي سوريا أثناء غارة فرنسا عليها، وتكوَّنت اللجنة من الدكتور محمد أحمد سليمان رئيسًا، والأستاذ عبد الحكيم عابدين سكرتيرًا، والدكتور علي البرلسي، والأستاذ علي محمد مطاوع، والآنسة زبيدة أحمد أعضاءً، وقد افتتحت البعثة في دمشق عيادةً خارجيةً بلغ عدد الذين تردَّدوا عليها يوميًّا نحو مائتي شخص.