ذكريات الرعيل الأول من الإخوان المسلمين في رمضان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


ذكريات مع الحاج أحمد أبو شادي

مقدمة

الإمام البنا فى رمضان

التحاقي بالإخوان:

يقول الحاج "أحمد أبو شادي": والتحقت بالإخوان المسلمين في رمضان عام1947 م.

رمضان في الشعبة:

التحقت بشعبة العباسية، وكانت من أعظم شُعَب القطر كله، حيث يتركز بها سلاح الصيانة وسلاح المهندسين وكثيرٌ من الكليات الجامعية، وكانت هذه الشعبة كخلية نحل، ولم يكن هناك أي قيود، وكانت هناك عادةٌ طيبة في شهر رمضان حيث كانت الشعبة تدعو بعضها البعض إلى الإفطار، وكنّا في رمضان نوزع أنفسنا في حي العباسية على أربع مجموعات تتحرك في أربعة اتجاهات لإيقاظ الناس لصلاة الفجر، فكانت المساجد وقت صلاة الفجر مثل صلاة الجمعة.

كنا نجمع الزكاة ونوزعها على الأهالي في الشعبة؛ فمن أهداف الجماعة خدمة البنية التحتية للجماهير، وكان الجميع في العشر الأواخر يدخل الاعتكاف بمن فيهم أعضاء مكتب الإرشاد الذي كان يأخذ إجازة؛ من أجل الاعتكاف.

رمضان في السجن:

كانت فترة السجن من أخصب الفترات، حيث حفظنا القرآن الكريم، وتربينا مع الإخوان، وحصلنا على الكثير من الدروس، وكنا في رمضان نقسم أنفسنا إلى مجموعات لمدارسة القرآن والسيرة وممارسة الأنشطة الرياضية.

ومن الذكريات التي لا أنساها أنه في 18 رمضان عام 1955 م حدثت واقعة مؤلمة جدًا في السجن الحربي، وضُبط عند أحد الإخوان حديث يحثُّ على الصبر! فقاموا بجلد الإخوان الخمسة الموجودين في الزنزانة في ظهر هذا اليوم أمام الجميع؛ حتى إن أحد الضباط المسيحيين عندما شاهد ذلك قال: "حرام عليك يا حمزة بيه، دول صايمين"، ولم يلتفت حمزة لذلك نهائيًا!!.

الشيخ يوسف القرضاوي يروي ذكرياته في رمضان

ذكريات دعوية لا أنساها.. أسير 11 كم من أجل قرشين

يروي الشيخ يوسف القرضاوي قائلاً: ومن الوقائع التي لا تنسى في مجال الدعوة: ما وقع لي في أحد (الرمضانات) وقد كنت في الإجازة الصيفية مقيما في القرية، وأرسل إليّ الإخوة في طنطا: أن الإخوان في كفر الشيخ يطلبونك لخطبة الجمعة في أحد البلاد هناك، وسينتظرك أحدهم في موقف الأوتوبيس القادم من المحلة إلى كفر الشيخ، ونهضت مبكرا لأسافر إلى المحلة، ثم أذهب إلى موقف الأوتوبيسات الذاهب إلى كفر الشيخ، لأستقل واحدا منها إلى تلك المدينة. وقد كان، ووصلت إلى الموقف، فوجدت أحد الإخوة، وركبنا أتوبيسا آخر إلى قرية بجوار (سخا) وكان الحر شديدا، وجسمي يتصبب عرقا، ولكنا في عصر الشباب لم نكن نبالي بهذه المتاعب الصغيرة، بل لا نكاد نحس بها كما يحس الآخرون. وقد ألقيت الخطبة في القرية التي احتشدت لذلك، ثم كلمة قصيرة بعد الصلاة. ثم استأذنا في الانصراف، فلا مجال لضيافة، فنحن في رمضان، وقد طلب إليّ أهل القرية أن أبقى عندهم إلى الإفطار، فاعتذرت. وقد نسيت اسم هذه القرية، وهي تابعة لمركز كفر الشيخ.

وبعد ذلك قال لي الأخ المرافق:

يمكنك أن تعود إلى كفر الشيخ، وتركب أوتوبيسا من هناك، إلى المحلة كما جئت، ويمكنك أن تمتطي قطار الدلتا من هنا، من سخا إلى المحلة مباشرة، قلت له: كم ثمن التذكرة من هنا إلى المحلة؟ فقال: نسأل عنها، ثم سأل،وقال لي: ثمنها ستة قروش.

قلت: الحمد لله. ذلك أن كل ما كان معي من نقود هو ستة قروش ونصف. فقلت: أسافر إلى المحلة، ويقضي الله ما يشاء، فقد خرجت من البيت بكل ما أملك من النقود في ذلك الوقت. وكان المفروض أن يرسل لي الإخوة من طنطا نفقات هذه الرحلة، فأنا طالب ولست موظفا، ويبدو أنهم اتكلوا على الإخوة في كفر الشيخ، والإخوة هناك اتكلوا عليهم، وضعت أنا في الوسط. فالأخ الذي رافقني من كفر الشيخ خالي الذهن تماما عن هذا الموضوع.

وركبت قطار الدلتا من محطة (سخا) وهو قطار صغير بطيء، كان الناس يتندرون به، ويقولون: تستطيع أن تشير إليه فيقف لك!

وقد وصل القطار المتهادي إلى مدينة المحلة، قبيل الغروب بقليل، وكنت معتمدا ـ بعد الله تعالى ـ على قريب لي يسكن في المحلة لأفطر عنده، وآخذ منه أجرة سفري إلى صفط قريتي. وقد صحبني إلى بيته مرة واحدة، قبل ذلك، وعلامة البيت أنه قريب من مسجد التوبة.

وذهبت إلى هذا الحي، وعند مسجد التوبة، وذرعت المنطقة يمينا وشمالا، لأهتدي إلى البيت، أو أستدل عليه، فلم أوفق. وأذن المغرب، فلم أجد بدا من أن أذهب إلى المسجد لأصلي فيها المغرب، وأفطر على الماء.

ثم ذهبت بعد ذلك إلى دار الإخوان بالمحلة، وبعد قليل حضر عدد منهم، فرحبوا بي وطلبوا لي (الكازوزة) لأشرب، وعلام أشرب وبطني فارغ، ومعدتي خاوية؟ كدت أقول لهم: إنني لم أفطر بعد، ولكن منعني الحياء، وهو خلق فطري عندي. وقد وصف الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان أشد حياء من العذراء في خدرها. فهذا الخلق المحمدي هو الذي حال بيني وبين مصارحة الإخوة بأني خالي البطن بعد يوم حافل بوعثاء السفر، وشدة الحر، ومتاعب الطريق، وهو الذي منعني أن أطلب من مرافقي في كفر الشيخ أن يقطع لي هو تذكرة السفر من سخا إلى المحلة كما تقتضيه الأصول، حتى لا أظهر بمظهر من يتكسب بالدعوة.

وحاولت أن أغالب حيائي وأطلب من الإخوة في شعبة المحلة أجرة السفر إلى صفط ـ وهي قرشان ـ فلم أستطع، وكان حيائي أقوى من حاجتي. ولم تكن صلتي بأحدهم وثيقة.

وودعت الإخوان، وخرجت إلى الطريق، عازما على أن أقطع مسافة أحد عشر كيلومترا ماشيا، إن لم أجد من يركبني معه احتسابا.

وفي منطقة تسمى (الشون) في أطراف المحلة، حاولت أن أجد من أصحاب السيارات من يركبني معه، وبخاصة أن لدي اجتماعا مهما في القرية بعد انتهاء صلاة التراويح. ولكن عرضت على سيارتين من سيارات النقل، فلم يستجيبا، ولاحظ أحد الرجال ذلك، وأنا ألبس الجبة والعمامة، فسألني: مالك لم تركب؟ قلت: بصراحة، ليس معي أجرة الركوب، قال: وما هي؟ قلت: قرشان. فقال: هاهما. فقلت له: جزاك الله خيرا، فقد نفّست كربتي.

وعدت إلى القرية، وأنا شديد الجوع، فكان أول ما فعلته أن آكل. ولكني كنت قوي العزم لحضور الاجتماع، فلم يؤثر في تعب النهار، ليحجزني عن عمل الليل. وكان الاجتماع مهما، وذلك للتشاور في تأسيس شعبة للإخوان في صفط تراب، وكان المفروض أن يكون ميلاد هذه الشعبة في تلك الليلة من شهر رمضان المبارك، ولكنها تأخرت لبعض الظروف، وقامت الشعبة بعد ذلك على كواهل عدد من شباب البلدة المخلصين، على رأسهم الشيخ عبد الستار نوير، ومعه الإخوة إبراهيم حبيب وغازي الزغلول، وأبو اليزيد عسقول، ومحمد الزكي، وبهجت الشناوي، وحمزة العزوني، وآخرون لا أذكر أسماءهم الآن. وقد حوكم بعضهم بعد ذلك في عهد الثورة وحكم عليهم بالسجن سنوات متفاوتة، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين. وكانوا رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا.

الحاج عويس عبد الوهاب يروي ذكرياته في رمضان

كنا نعكُف على العبادة والأنشطة المختلفة من كفالة الأيتام والصلح بين الناس وغيرها، وبالطبع رمضان قبل أن أعرف الإخوان ليس كما عرفته معهم؛ فأنا لم أعرف التعمق في العبادة إلا معهم؛ فرمضان بغير الإخوان روتين ليس أكثر.

وعندما سُأل :

كم كان عمرك حينما صمت أول رمضان؟ وهل كان الأمر شاقًّا عليكم؟.

قال : كنت في الخامسة، وأكملت صيامي كله، وعلى العكس فقد كنت سعيدًا بذلك.

موقف لا ينسى في رمضان:

كنا في ذلك الوقت في المعتقل، وكنت إمامًا لإخواني في الصلاة، وبدلاً من تحسن المعاملة في هذه الأيام الكريمة إلا أننا فوجئنا بالسجانين يدخلون علينا ذات يوم وينهالون علينا ضربًا بالعصي الغليظة، ولكن الله ثبتنا فكان شعارنا قول ابن تيمية: "قتلي شهادة، ونفيي سياحة، وسجني خلوة"

الداعية محمد عبد المنعم يروي ذكرياته في رمضان

أتذكر أول رمضان صمته كان عمري عشر سنوات إبان الحرب العالمية الثانية بإحساس طفلٍ عاش مرحلةً من الشعور الغامر بروحانيات وإيمانيات الشهر الكريم وبما حوى من تقاليد اندثرت مع الزمن كالأطفال الذين يطرقون أبواب المنازل بفوانيسهم يطلبون العادة من حلوى في براءة، وكيف كان النداء من المآذن قبيل الفجر بالإمساك (ارفع المياه) كناية عن بدء الإمساك وكيف كان لدوي مدافع السحور والإمساك والإفطار آثارها في إشعار الناس برمضان قبل أن يحول بين دويها وبين الوصول إلى الإنسان تلك العمارات الشاهقة أو قل لم يعد الأمر كذلك الآن.

الذكريات في رمضان كثيرة وأهمها حلول رمضان علينا بالسجن الحربي في مايو 1955 م، مع انعدام التواصل تمامًا مع الأهل فلا رسائلَ ولا زيارات ولا أخبار، ومع ذلك فكان تواصل الإخوان مع الله ومع القرآن كبيرًا، وأتذكر أيضًا فرحة الإخوان عندما أفرجت إدارة السجن عن المصاحف بمناسبةِ شهر رمضان فقط وسمحت به للمعتقلين بعد أن منعتهم من اصطحابه بمجرد دخولهم ذلك الباستيل الذي يُسمَّى السجن الحربي ثم جمعت منهم المصاحف بعد ذلك، وكان التضييق الشديد إلى جانب قلة الطعام ورغم ذلك كانت صلاة القيام جماعية يؤمنا فيها إخوةٌ كرامٌ من الحفظةِ المهرة بالقرآن جزاهم الله خيرًا إلى جانبِ انكباب الإخوة أثناء المحنة على أجزاء القرآن تلاوةً وحفظًا وقراءةً وتفسيرًا ومجالس علمٍ وتراحمٍ فكانت خيرًا وبركةً رغم المعاناة.

أول رمضان كان في عام 1965 م، بالسجن الحربي ثم كانت شهور رمضان كثيرة أعوام 66/67/68/69/70، وكانت خارج جدران السجن الحربي في سجون أبي زعبل ومزرعة طرة.

الإفطارات التي لا تُنسى كثيرة، ولكن الأكثر تعلقًا بالذاكرة الإفطارات أثناء المحن داخل المعتقلات والسجون؛ حيث تخلو الموائد من الأطعمة المضرة والمخلة بحكمةِ الصوم وامتلائها بمحبةِ الإخوان وروح المودة والحب والإيمان.

من الذكريات المؤلمة في رمضان أنه في صبيحة يوم من أيام رمضان فوجئنا بتفتيش في السجن الحربى بطريقة همجية ووحشية أعقبها نزول بعض الأخوة الكرام إلى فناء السجن وجلدهم بغير ذنب وهم صائمون جميعًا وحرق بعض الأمتعة بصورة انتقامية سادية وكان هذا سلوكًا وطبيعةً للوضع الشمولي الاستبدادي ذلك الوقت وهو الذي عبر عنه بصدق فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في قصيدته المشهورة (النونية)وقد كتبها في أعقاب تلك المهازل بغير ورقة ولا قلم إذ كان ذلك محظورًا وكنا نحفظ أبياتها ويرددها الأخوة حتى بلغت أكثر من مائتي بيت ومع ذلك كنا نستقبل ذلك بفضل الله من منح ومحن ونفحات بثبات وصبر وأمل في انقشاع الظلمة.

شهيد الفجر أحمد ياسين.. في رمضان

رواية عن أحد الذين قاموا بالحوار مع الشيخ الشهيد نقلاً عن المركز الفلسطيني الإعلامي :

لم تكن تختلف أيام الشيخ احمد ياسين رحمه الله في رمضان كثيرا عن غير رمضان، اللهم إلا في كثرة الرواد من أهل الخير والساعين إلى الخير والذين هم بحاجة إلى مد يد العون، فكان بيته ومحيط بيته يعج بالغادي والرائح، هذا يضع بيد الشيخ، وهذا يأخذ من يد الشيخ.

وسط هذه المعمعة تمكنت السبت الأول من تشرين الثاني (2003) من الدخول إلى الشيخ ياسين، لأنني كنت من أصحاب بطاقات الـ «vip» إن جاز التعبير، لأنه رحمه الله كان يتعامل مع الإعلاميين وكأنهم أصحاب هذه البطاقات، ما لا أنساه أن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله كان رغم ما فيه من مرض وانشغال وقت وكثرة زوار يصوم الاثنين والخميس، وكثير الإطلاع، ولكن في رمضان يكون أكثر تعبدا ومطالعة.

ومن طباعه أنه لا يرد أحداً، وهنا اذكر عندما زرته لعمل هذه المقابلة، انتظرت قليلا لأن أحد السعاة للخير كان عنده، فجاء رجل يريد منه شيئاً من المال لينفق على أهله في شهر رمضان فعمد من كانوا يقومون على خدمة الشيخ إلى صرفه ليوم ثان، لكن الشيخ عرف فقال ادخلوه، وجلس معه وفهم منه، وصرف له دون أن يعرف أحداً، لم يكن ليرد أحداً إذا أيقن أن هذا القادم بحاجة.

كانت الساعة وقتها تقترب من الواحدة بعد الظهر، انتهى الشيخ من اللقاء فدخلت عليه، فَعَلَتْ وجهه تلك الابتسامة الرائعة التي ما كانت تفارق ذاك الوجه الذي أشرق بنور من ربه.

الحوار الذي أجرته جريدة السبيل مع الشيخ قبل اسشتهاده

في البداية، ماذا يعني لكم شهر رمضان هذا العام؟

رمضان عبارة عن محطة في حياة المسلم، يتزود فيها المسلمون إيمانيا وأخلاقيا وعباديا للعام القادم إن شاء الله تعالى، فشهر رمضان شهر الإعداد للأخلاق والجهاد والتضحية والبذل والعطاء فهو مرحلة ومحطة من محطات العمل الإسلامي.

فضيلة الشيخ، شهر رمضان له طابع خاص لدى كل أسرة فلسطينية، فهل لديك استعدادات أسرية معينة في شهر رمضان؟

طبعاً عندي استعدادات، فعندنا الأرحام والأقارب والواجبات العبادية وأشياء كثيرة عندنا موجودة، و عندنا كذلك الواجب الجهادي.

هل لديك برنامج خاص؟

أنا أعد برامجي دائما وهي لا تختلف كثيرا من شهر إلى أخر و لكنها تزيد في رمضان، فبرنامجي هو هو، فعلاقاتي هي علاقاتي لكنها تزيد في رمضان نظرا لأنه شهر فضيل أكثر والعمل الخيري فيه أكثر، فالصدقة تأخذ أجر الفريضة.

في أي مجال الزيادة في شهر رمضان؟

في زيارة الأرحام وفي بذل المال الذي يملكه الإنسان وتبرعاته وفي عبادته واتصالاته بالناس تزيد.

هل لك أن تحدثنا عن يوم من أيامك خلال شهر رمضان المبارك، كيف يبدأ وكيف ينتهي؟ نقوم قبل الفجر بساعة أو نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة نتوضأ ونصلي، وقبلها نتسحر وبعد السحور نتوضأ ونصلى ونأخذ حاجتنا من الصلاة حتى يؤذن الفجر، ثم نخرج إلى المسجد فنؤدي صلاة الفجر ثم نعود إلى المنزل فنقرأ من القرآن ما نستطيع، أحيانا جزءاً أو جزأين حسب القوة الجسمية، يعنى مثلا اليوم ( السبت 1-11-2003) أنا قرأت في حدود ثلاثة أجزاء وفي أيام نصف جزء وهكذا وبعد ذلك ارتاح وأنام، ومن ثم استيقظ فأقوم واستعد إذا كنت نشيطا يوجد عندي بعض المطالعات قبل الظهر ثم يبدأ الاستعداد لصلاة الظهر واستعد للقاءات الناس ومواعيد الناس وثم أبدأ الاستعداد لمطالعة التفسير والإطلاع على بعض الكتب الإسلامية التي احتاجها، ثم اتصالاتي بالناس فنرد على أسئلة الناس ورسائلهم بالمساعدات الإنسانية وغيره ونستمر في ذلك حتى صلاة العصر، وأنا على حسب النشاط والقوة فإذا كنت قادرا أذهب إلى المسجد، فاليوم صليت الفجر والظهر في المسجد فإذا كان عندي قوة ونشاط أصلي بقية الصلوات في المسجد، صلاة العصر والمغرب والعشاء وصلاة التراويح والقيام ثم أعود إلى البيت فيكون عندي سهر حيث أنام عند الواحدة تقريبا تكون في الغالب للقراءة.

فضيلة الشيخ ما نصيحتك للشباب في شهر رمضان؟

أنا أنصح الشباب أن يتزودوا في هذا الشهر بزاد إيماني فوق الحدود، أنصح بقيام الليل وقراءة القرآن ثم التزود بالمعرفة لان الذي يتعبد على جهل كأنما عصى الله، فنريد الشباب المسلم أن يعبد الله على علم وأن يحفظ على فهم وأن يستعد لهذا الشهر كي يتزود بطاقة للسنة القادمة كلها، ونصيحتي ألا يضيع الوقت في قيل وقال وفي كلام لا طائلة منه، ويجب الاهتمام بالطاعة وفي القراءة والحفظ وعمل الواجبات، وفي زيارة الأرحام والأقارب.

الأستاذ فؤاد الهجرسي يروي ذكرياته في رمضان كما عاشه

من المربين الربانيين في دلتا مصر....فهو من أخوان الدقهلية.. من مواليد 5/10/1930 م- ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1945 م - تعرَّض للاعتقال مرتين الأولى سنة 49 وخرج من المعتقل بعد شهور، أما الثانية فقد أمضاها في السجن الحربي من عام 65 وحتى عام 71 , مثله مثل كثير من الأخوان المجاهدين من الأخوان المسلمين.....فقد عاش رمضان في أوقات السعة والدعة..

فنترك أستاذنا الفاضل ليحدثنا عن هذه المذكرات كما قرأتها في مدونته.

رمضان الطفولة:

كان رمضان يرتبط لدينا في طفولتنا بالأطعمة الرمضانية، وكانت المساجد تُضاء وقتها بمصابيح الغاز، وهو ما لم يكن متاحًا طوال العام، فكان مشهد المسجد المضاء يُثير البهجة في نفوسنا، كما كان لهو الصغار بالفوانيس أيضًا يُسعدنا، وكنت أنتظمُ في الذهاب مع أخي لتلقي دروس العلم بعد صلاة التراويح، وكان أهم ما يُميز الشهر الكريم في الريف قيام الأعيان باستحضار مقرئ لقراءة القرآن كاملاً طوال الشهر الكريم يوميًّا بعد صلاة التراويح، وكنتُ أحيانًا- باعتباري طالبًا في الأزهر- يدور بيني وبين بعض الحاضرين جدل حول معنى إحدى الآيات أو إعراب إحدى كلماتها؛ مما كان يُضفي روحًا خاصةً وإحساسًا بمتعة العلم والتعلم.

بداية الصيام:

الحياة في الريف، خاصةً في وقتنا سهلة، والريف يُقبل على العبادة بفطرته، ولم يكن هناك أي صعوبة، فالجو العام كان يُشجِّع على الصوم، وساعدتني أسرتي على الصيام بالتدريج، وكانت والدتي تغني لي أنشودة صغيرة يوميًّا فتقول: "قول نويت الصيام.. نويت.. نويت وإن جُعت اتغديت"، وهكذا كان المزاح والروح السمحة دون تعصب من أهم المحفزات، وبدأت الصوم حتى الظهر، ثم تعودت أن أصوم حتى العصر، وأتممتُ صيام اليوم والشهر كاملاً وأنا في الثامنة من عمري.

رؤية الأخوان تنسي الهموم:

تأثرتُ كثيرًا في رمضان من العام الماضي عندما شاهدتُ أحد الإخوان الكبار في السن، والذي تجاوز التسعين من عمره واسمه الشيخ زكريا حجي، وقد ضعُف بصره، وقلَّ سمعه، ويستند على أحد أحفاده أثناء السير، ومع ذلك تجشَّم عناء السفر ليحضر إفطار رمضان مع إخوانه، وقد أمتعنا أيما إمتاعٍ بحديث الذكريات الذي استرسل فيه أثناء الإفطار.

رمضان والمحنة:

في الاعتقال الأول سنة 49 لا أزال أذكر صوت الشيخ الغزالي- رحمه الله- وهو يؤمنا لصلاة التراويح داخل المعتقل، وكان الإخوة جميعًا وقتها إخواننا وآباؤنا حتى إننا لم نشعر إلا بمشاعر الحب والرحمة والعطف، وكان هذا التجمع الطيب للإخوان من كلِّ المحافظات ومن كل التخصصات فرصةً رائعةً، حتى إننا لم نكن نتلهف على الخروج من المعتقل، وكنا نلعب الرياضة وقتها يوميًّا رغم الصيام والحر، فكانت إرادتنا قوية، وكنا نُشجِّع بعضنا بعضًا.

أما في الاعتقال الثاني، والذي امتدَّ من عام 65 وحتى عام 71 فقد أمضيته في السجن الحربي، وهو ما كنا نلاقي فيه من الأهوال ما لا يخطر على عقل بشر، فكنا نتعرَّض للتعذيب والضرب بالكرباج وعض الكلاب حتى ونحن صيام في نهار رمضان.

وكان الطعام قليلاً للغاية لا يكفي ليقيم أودنا، وكان مما يُهوِّن علينا أننا كنا نحضر أرغفتنا فنقطعها قطعًا صغيرةً، ونضعها في طبقٍ واحدٍ ثم نُغطيها بمنديل ونبدأ في التسمية وسحب لقمة لقمة من تحت المنديل، فكان الله يبارك لنا في طعامنا هذا ويشبعنا، وبعد عام 68 سُمح لنا باستقبال أسرنا في المعتقل فكانوا يحضرون لنا الطعام، ورغم كل هذا كنا نشعر بالرضا في كل الأحوال، فوقت التعذيب كنا راضون، وبعد السماح بالزيارة وتحسن الأمور كنا راضون، وبعد الخروج التزمنا الرضا والحمد لله في كل الأحوال.

وكان من المصاعب التي واجهتنا في رمضان في السجن الحربي هو عدم وجود مصاحف، فكان غير الحافظين لكتاب الله يعانون من عدم تمكنهم من الصلاة إلا بقصار السور، وزاد من صعوبة الموقف أن الحافظين أُنسوا ما حفظوه من شدةِ التعذيب الذي كان يطالهم، إلا أن أحدهم واظب على الصلاة يوميًّا محاولاً مراجعة حفظه ما استطاع، وكان يرفع صوته بالقراءة في محاولةٍ لطرد النوم من أثر التعذيب والتعب طوال النهار، فتضرر منه باقي المسجونين وطالبوه أن يخفض صوته حتى يناموا.. فلمَّا رفض سألوه مستنكرين: "ألا تتعب من طوابير التعذيب مثلنا طوال النهار؟!" فردَّ عليهم: "إنما أستعينُ بهذا على هذا" يقصد أنه يستعين بالصلاة والقرآن على تحمُّل العذاب.

رمضان في عيون الحاج طلعت الشناوي

- قضيت 18 عامًا في المعتقلات وختمت القرآن في ليلة واحدة

- العدوي علمني الحزم والتلمساني ساعدني على قهر الأعذار

بجسدٍ لم تترك السنون آثارها الدالة على عمره الحقيقي بعد.. بروح خفيفة الظل إلى أبعد الحدود وكأنها لم تُعانِ ما عانته من قسوة الأيام وشدة الصعاب.. وبوجهٍ حفرت فيه السنون الطويلة ملامح الإصرار على المضي في الطريق مهما كلف الأمر أو بلغت التضحيات.. قابلنا الحاج طلعت الشناوي أحد كنوز الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين ومسئول المكتب الإداري لإخوان الدقهلية، ليسطر لنا صفحات لم تَرَها أجيالنا الحاضرة، كاشفًا عن قيم ومُثُل نَدُر أن يجود بها زماننا الآن.

بعيدًا عن مرارة الاعتقال والشعور بالظلم والاستبداد.. كيف كان رمضان في المعتقل؟ كان رمضان في المعتقل فرصة ذهبية لرفع إيمانياتنا، حتى إنني أذكر أنني ختمت القرآن حفظًا في رمضان، وكانت الليلة الأخيرة فيه بعد أن ختمته مرةً في الأيام الأولى من نفس الشهر جلست في تلك الليلة ومنذ بزوغ فجرها إلى صلاة العشاء أتلو على معلمي حتى ختمته.

وماذا عن رمضان عند الإخوان.. كيف كانوا يعيشونه؟

كان الإخوان يتزودون من رمضان بكل قوتهم؛ فكانوا يكثفون وجودهم في المساجد، وكان هناك ما يسمى بـ(السهرة)؛ حيث يفتح بيت من بيوت القرية بابه لقراءة القرآن واستقبال الزوَّار طيلة الليل للاجتماع على الطاعة مما كان له عظيم الأثر في تقوية الروابط بين الإخوان وبعضهم، وبينهم وبين الناس أيضًا.

هل تشعر بافتقادك لهذه الأيام؟

بالطبع، وعلى الرغم من أن لكل فترة من عمرنا مذاقها الخاص، إلا أنني أفتقد أيام أقراني وبشدة؛ فقد كنا نستطيع العمل بكل حيوية وبقدر أقل بكثير من هذه الضغوط، أما الآن فلا نستطيع عقد مؤتمر إلا بموافقات أمنية، ولا نستطيع إعادة فتح مكتبنا الإداري والذي أغلق منذ 1954 وإلى الآن، كنا في زماننا نحظى بفرص متميزة للتعايش مع بعضنا ومع الناس، أما الآن فالأمور أصبحت أكثر صعوبةً.

هل عاصرت الإمام البنا؟

للأسف لم ألتق بالإمام البنا؛ فقد استشهد وأنا في الرابعة عشرة من عمري.

ماذا تعلمت من الإخوان؟

أولاً: أن قرآننا وسنة نبينا جاءا لتنظيم مختلف شئوننا وأن الفرد الإخواني كان وما زال يضع نفسه في دائرةٍ رسمها الشهيد سيد قطب في قوله: (واقعية مثالية ومثالية واقعية)؛ ففرد الإخوان كان سمته الأول مساعدة الآخرين ونفعهم.

ثانيًا: إحياء روح المحبة والتوادِّ وقوة الرابطة، والتي ما عرفتها إلا مع الإخوان ؛ وذلك تطبيقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وهذا أول ما حرص النبي عليه منذ الهجرة وسار على نهجه الإمام البنا رحمه الله، والذي عد الأخوة ركنًا من أركان البيعة.

ثالثًا: أن تباين الطباع بين الأفراد رأس مال ضخم إذا ما أُشرب بماء واحد، وتجمَّع في يد قيادة واحدة.

أذكر ذات مرة أنني شكوت إلى الشهيد سيد قطب قلة نشاط أحد الإخوة، وكان هذا يثير حفيظتي بشدة ويكاد يؤثر على علاقتي به، فإذ به رحمه الله يعلمني درسًا رائعًا في التكيف مع الآخر قائلاً: "نحن نفتقد بشدة هذا الطبع ونحتاجه؛ فلن نستطيع أن نكون نسخًا من بعضنا البعض، بل لكلٍّ منا شخصيته وملامحه، والتي لا بد من استثمارها لصالح الدعوة"، وقص عليَّ من سيرة النبي والصحابة ما يؤيد ذلك، ومن لحظتها تعلمت الدرس بأنني لا بد وأن أتعامل مع الآخر بما يلائمه لكي أنجح في التواصل معه، وعندها تندر المشكلات، وإذا وجدت فسرعان ما تحل؛ فنحن البشر كالتروس؛ لا بد لها من زيت لتواصل عملها، وزيتنا هو الأخوة والود.

من هي أكثر الشخصيات التي أثرت فيكم؟

الأستاذ (محمد العدوى)؛ فهو مربِّي كل إخوان الدقهلية، وكان يجمع بين حنان الأب وحزم القائد، وحقيقةً.. كانت هذه الصفة بالذات تثير دهشتي، إضافةً إلى صراحته التامة مع إخوانه؛ لا لمجرد كشف العيب أو النقد، بل من أجل الإصلاح في المقام الأول.

والأستاذ المرشد عمر التلمساني والذي كان يرفعك فوق رأسه ما دام لك الحق؛ فإن حدت فكأنه لم يَلْتَقِ بك قط حتى تعود إلى سيرتك الأولى، وكان عليه رحمة الله يتميز بشفافية روح عالية، أذكر وقت أن قاطعني والدي بتحريض من عبد الناصر وأعوانه للضغط عليَّ كي أترك الإخوان ، وبعد أن قاطعني والدي سبعة أشهر بعث إليَّ بخطاب ونقود وجلست أقرأ خطاب والدي في ركن من الزنزانة والأستاذ عمر التلمساني في ركن آخر ومع نفسي قررت ألا أقبل نقود والدي؛ حيث أبت عليَّ كرامتي ذلك، فإذا بالتلمساني يسألني: "ماذا قررت أن تفعل في هذه النقود؟" وبلغت دهشتي ذروتها؛ حيث لم أخبره إطلاقًا عن هذا الخطاب، فكان لديه إحساس متميز بما يعيشه إخوانه ومرافقوه، كما علمني كيف أقهر الأعذار مهما كانت قاسية من أجل الدعوة، وبالطبع تأثرت أيضًا بالشهيد سيد قطب الذي علمني فن التكيف مع الآخر.

المراجع

من موضوع على ملتقى الإخوان المسلمين للأعضاء أم مهند و ربيب المهديين ، بتصرف من عدة حوارات على ( إخوان أون لاين , منتديات أمل الأمة , إسلام أون لاين ،المركز الفلسطيني الإعلامي )