عبد الناصر على قبر حسن البنا.. لماذا؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٠:٠٧، ١ يناير ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


عبد الناصر على قبر حسن البنا.. لماذا؟

جمال عبدالناصر وصلاح-سالم وأخو الامام البنا على قبره 1953م

"لحظة خشوع على قبر البنا"

هكذا كتبت مجلة "التحرير" على صدر غلافها ( عدد44- بتاريخ 16/2/1954 م) تعليقًا على صورةٍ لعبد الناصر يقف على قبر الإمام البنا في ذكراه الخامسة.

والمشهد مؤثر فعلاً.. يُوحي بالخشوع والإجلال والتأثر العميق، ويزداد الخشوع والتأثر حين تسمع خطاب جمال عبد الناصر على قبر البنا، وكلمته الرائعة التي يقول فيها:

"إنني أذكر هذه السنين والآمال التي كنا نعمل من أجل تحقيقها، أذكرها وأرى بينكم مَن يستطيع أن يذكر معي هذا التاريخ وهذه الأيام، ويذكر في نفس الوقت الآمالَ العظام التي كنا نتوخاها ونعتبرها أحلامًا بعيدة.

نعم أذكر في هذا الوقت، وفي مثل هذا المكان كيف كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا.. ثم قال:

وأُشهد الله أني أعمل- إن كنت أعمل- لتنفيذ هذه المبادئ، وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها".

وقام صلاح سالم من بعده فقال:

"إن هذه الأخلاق العالية والصفات الحميدة قد اجتمعت وتمثلت في شخص أستاذٍ كبير، ورجل أُجلُّه وأحترمه، واعترفَ بفضله العالم الإسلامي كله، وقد أحبه الجميع من أجل المثل العليا التي عمل لها، والتي سنسير عليها إلى أن يتحقق لنا ما نريده من مجد وكرامة في أخوة حقيقية وإيمان أكيد، رعاكم الله ووحد بين قلوبكم وجمع بينكم على الخير".

بقية الخبر

وللخبر بقية.. نذكره كما نشرته مجلة الدعوة:

"شارك أعضاء مجلس الثورة إخوانهم المسلمين في إحياء هذه الذكرى الغالية، فحضر الاحتفال البكباشي جمال عبد الناصر- نائب رئيس الجمهورية- والصاغ صلاح سالم، وألقى كل منهما على قبر الشهيد كلمةً تحمل معاني التقدير لدعوته وجهده في سبيل حرية وطنه ومواطنيه".

وفي مسجد الإمام الشافعي- رضي الله عنه- أدَّى رجال الثورة، وأسرة الشهيد وجمعٌ كبير من تلاميذه وإخوانه، وعارفو فضله، والسائرون على نهجه صلاةَ الجمعة، وخطب الجمعة فضيلة الأستاذ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف".

وبعد الصلاة زار الجميعُ قبرَ الإمام الشافعي.. ثم اتجهوا بعد ذلك إلى قبر المغفور له الإمام الشهيد حسن البنا فقرأوا الفاتحة، ثم جلسوا يذكرون فضله وجهوده وحُسن بلائه، حتى قدم نائب رئيس الجمهورية ومعه الصاغ صلاح سالم فاستقبلهما والدُ الإمام الشهيد فضيلة الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا، وأشقاؤه الأساتذة: عبد الرحمن ومحمد وعبد الباسط وجمال، ومعهم نجل الفقيد السيد أحمد سيف الإسلام ممثلون للأسرة، وجمع غفير من رجال الدعوة الإسلامية وتلامذة الفقيد منهم الأساتذة: عبد القادر عودة وصالح عشماوي وعبد الرحمن السندي وسيد سابق وعبده قاسم والشيخ محمد الغزالي والحاج محمد الصولي والحاج محمد جودة وغيرهم كثيرون".

تساؤلات ساذجة

1- تفقدتُ الضيوف من رجال الثورة فلم أجد الرئيس محمد نجيب، ودهشت فقد كان حاضرًا المناسبة في العام الماضي وألقى كلمة رائعة، ولما سألت عن سبب غيابه همس في أذني أحدهم- أظنه عبد اللطيف البغدادي في مذكراته- قائلاً: لقد كان يريد الحضور، ولكن عبد الناصر استدعى إسماعيل فريد- ياور محمد نجيب- وسبَّ محمد نجيب ولعنه أمامه، وطلب منه أن يبلغ ذلك إلى محمد نجيب، محذرًا إياه من الذهاب إلى مقبرة الشهيد، وإلا فإن العاقبة ستكون وخيمة".

ورضخ رئيس الجمهورية لأوامر وتهديد نائبه، الذي سبه ولعنه وهدده، ولم يحضر الاحتفال.

2- تفقدتُ المستقبلين فلم أجد بينهم المرشد العام للإخوان المسلمين وخليفة حسن البنا في قيادة الجماعة فلم أجده كذلك، ولما سألت: أين المرشد العام لجماعة الإخوان؟

رد عليَّ صحفي مبتدئ بأخبار اليوم: لم يعد هناك جماعة الإخوان، لقد حلَّها عبد الناصر منذ شهر تقريبًا، أما حسن الهضيبي فقد- قالها بلهجة شامت يتشفى- اعتقله عبد الناصر في السجن الحربي هو وما يقارب الخمسمائة من قيادات الإخوان ودعاتها البارزين ومتهمين بتهم خطيرة، منها محاولة قلب نظام الحكم وحيازة أسلحة ومتفجرات والاتصال بالإنجليز المحتلين مما يعد خيانة للبلاد.

3-فتفقدتُ المستقبلين مرة ثانية، فوجدت أغلبهم من المتمردين على قيادة المستشار الهضيبي والمناوئين له، والمفصولين من الجماعة منذ فترة، وبعضهم على اتصال وثيق بعبد الناصر.

4- ولما لمحت عبد القادر عودة بين المستقبلين تساءلت: لِمَ لَمْ يُعتقل كما اعتقل المرشد العام وزملاؤه أعضاء مكتب الإرشاد وهو وكيل الجماعة المتهمة بكل هذه التهم الشنيعة؟ قيل لي: لقد تركه وزميله عمر التلمساني أملاً في كسبهما إلى صفه ضد الهضيبي وأعوانه، فإن عبد القادر عودة مازال يُحسن الظن بجمال، ويراه الأخ المسلم الذي بايع من قبل على نصرة الدعوة، ثم انقلب عليه عبد الناصر بعد أقل من شهر واعتقله، وبعد عدة شهور أعدمه.

5-وسألتُ عن تاريخ الزيارة فإذا به يوم الجمعة فبراير 1954 م، فتساءلتُ بسذاجة أضحكت كل مَن سمعني: هل سيأتي عبد الناصر العام القادم في فبراير 1955 م ليحيي ذكرى الإمام ويقف هكذا في خشوع؟

لا أدري لماذا ضحكوا، ولا أدري لماذا رنَّ في أذني صوت جمال سالم يردد كلمته المشهورة جدًا في محكمة الشعب: (هأأأأأأأأو)!!

ملحوظة: رغم الضحك والسخرية انتظرت حضوره مرة واحدة طوال ستة عشر عاما من 1954 م حتى عام وفاته 1970 م، ولم يحضر مرة واحدة أو يذكر اسم حسن البنا مطلقًا.

6-وكان خاتمة تساؤلاتي الساذجة: إذن لماذا جاء عبد الناصر إلى قبر حسن البنا؟ ساعتها أشفق عليَّ (عبد اللطيف البغدادي في مذكراته 1/88 )، وأخبرني أن مجلس قيادة الثورة قرر في جلسته بتاريخ 18-12-1953 محاولةَ إيقاع الفتنة في صفوف الإخوان بدلاً من الظهور بالعداء نحوهم".

7 - ولكني لم أفهم شيئًا، وسألت: وما علاقة هذا القرار بزيارة عبد الناصر لقبر البنا في نفس الوقت الذي يحل فيه الجماعة، ويعتقل الهضيبي ورجاله، ولا يستقبله سوى المفصولين والمبعدين والمناوئين وآل البنا الطيبين؟

نظروا إليَّ جميعًا باستغراب وغابوا في صمت عميق.. لماذا؟ لستُ أدري.

موضوعات ذات صلة