الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عبد الوهاب السامرائي»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
<center>'''الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق احمد العلي السامرائي من عشيرة (آل باز) السامرائية  ونسبها إلى بيت النبوة الكريم'''</center>
'''الشيخ عبد الوهاب السامرائي<center>(1341هـ - 1427هـ/ 1922م - 2006م) </center>'''


'''بقلم/ المستشار [[عبدالله العقيل]]'''


== النشأة ودراسته ==


== الشيخ في سطور ==
[[ملف:عبد_الوهاب_السامرائي.jpg‏|تصغير|210بك|<center>'''الشيخ عبدالوهاب السامرائي'''</center>]]
[[ملف:عبد_الوهاب_السامرائي.jpg‏|تصغير|210بك|<center>'''الشيخ عبدالوهاب السامرائي'''</center>]]
*الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق احمد العلي السامرائي من عشيرة (آل باز) السامرائية  ونسبها إلى بيت النبوة الكريم


*ولد الشيخ في عام 1922م في محلة خضر الياس من جانب الكرخ في بغداد
*ولد الشيخ في عام 1922م في محلة خضر الياس من جانب الكرخ في بغداد
سطر ١٥: سطر ١٨:


*كان منذ صغره ملتزما بالصلاة وقراءة القران الكريم ودراسة الحديث
*كان منذ صغره ملتزما بالصلاة وقراءة القران الكريم ودراسة الحديث


*التقى بالعلامة الشيخ امجد الزهاوي ( علامة العراق)  لتبدأ علاقة متميزة بينه وبين الشيخ امجد وكان طالبا عنده يتردد عليه  في المدرسة السليمانية في منطقة القشلة والتي تسمى أيضا منطقة حسن باشا ، فدرس عليه الفقه والتفسير وكان مجلس الشيخ امجد يعج بجمهرة العلماء وكان  متأثرا بالشيخ أمجد الزهاوي رحمه الله وقل ما أن يجلس مجلس إلا وذكره بخير لانه يعده الخيمة التي يستظل بها أهل السنة والجماعة.
*التقى بالعلامة الشيخ امجد الزهاوي ( علامة العراق)  لتبدأ علاقة متميزة بينه وبين الشيخ امجد وكان طالبا عنده يتردد عليه  في المدرسة السليمانية في منطقة القشلة والتي تسمى أيضا منطقة حسن باشا ، فدرس عليه الفقه والتفسير وكان مجلس الشيخ امجد يعج بجمهرة العلماء وكان  متأثرا بالشيخ أمجد الزهاوي رحمه الله وقل ما أن يجلس مجلس إلا وذكره بخير لانه يعده الخيمة التي يستظل بها أهل السنة والجماعة.
سطر ٢٤: سطر ٢٦:




== نشاطه الدعوي==
===مولده ونشأته===
 
يعد الشيخ عبد الوهاب السامرائي أحد علماء العراق والأمة الأجلاء و رائد من رواد الحركة الإسلامية في العراق.
 
وهو من الأوائل الذين اهتموا بالعملية التربوية التعليمية في العراق، وقد كرس حياته للعمل في المدارس التربوية الإسلامية التي خرجت الأجيال.
 
قام عام 1949 بالتشاور مع شيخه امجد الزهاوي في فتح جمعية إسلامية رأسها الشيخ الزهاوي و تأسيس مدرس إسلامية في بغداد باسم (التربية الإسلامية) تتبع جمعية التربية الإسلامية بسبب التغريب الذي عاشه العراق في ظل الهيمنة البريطانية عليه في اربعينيات القرن العشرين و لمعالجة  واقع الشباب المسلم وذوبان شخصيته الإسلامية. إذ لا تجد لأبناء المسلمين  مدرسة واحدة تهتم بأمور دينهم بل تركوا للمدارس الرسمية التي لا تهتم بالدين. اذ لم يكن لدرس الدين الا حصة واحدة في الأسبوع لا تدخل في الامتحانات العامة. فلذا درس الدين من الدروس التي لا يهتم بها المدرس ولا الطالب.
هذا عدا عن مدارس التبشير النموذجية التي تهتم بالدين المسيحي كمدرسة كلية بغداد وثانوية الراهبات التي تحولت إلى ثانوية العقيدة يدخلها أبناء الطبقة الراقية من المسلمين ليتخرجوا منها بدون معرفة شيء من أمور عقيدتهم ودينهم أو قيمهم، وهؤلاء الخريجين ينتقل أكثرهم ليكملوا دراستهم في أوربا وأمريكا يعودون بعدها لتسلم المراكز الحساسة في الدولة كي يديرونها حسب النظام الذي تدربوا عليه في الغرب. كل ذلك ليمحوا كل أثر للحضارة الإسلامية من البلد لتحل مكانها الحضارة الغربية
 
وحالة الحاجة المالية لكثير من طبقات الشعب وعدم قدرتهم على الايفاء بمصاريف الدراسة لتوفير مستوى لائق من التعليم لابنائهم ولتمويل انشاء المدرسة قام الشيخ عبد الوهاب بتوفير قطعة ارض تشيد عليها المدرسة وجمع التبرعات من الخيرين في العراق وقام بزيارة عدة دول عربية مثل الكويت وقطر والبحرين وأبو ظبي فجمع التبرعات اللازمة لذلك. فقامت هذه المدرسة بمساعدة الطلاب الفقراء والمحتاجين في المدرسة بتسديد نفقات دراستهم وتجهيزهم باللوازم المدرسية لإكمال دراستهم سواء في العراق أو خارجه
 
وفي عام [[1951]] أصبحت المدرسة بناية شامخة تضم الأقسام والمسجد وغرف المدرسين وتضم صفوف الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وقاعة للكتب وقاعة للمختبرات. ولم يكتف بانشاء مدرسة واحدة بل تحولت الى سلسلة مدارس التربية الإسلامية فأنشأت مدرسة اخرى في منطقة الكرخ القديمة قرب ساحة الشهداء وثالثة  في المنصور  ، والتي احتضنت بين جنباتِها المئات من طلاب العلم الذين تتلمذوا فيها على وفق مناهجها الاسلامية والعلمية التربوية الراقية  ليحملوا فيما بعد الأيمان والعلم . استمرت مدارس التربية الاسلامية تؤدي رسالتها الى عام 1974 حينما أمم النظام السابق التعليم فقام بالاستيلاء على المدارس الاهلية  وبضمنها مدارس التربية الاسلامية.
 
وفي عام [[1959]] قدم الشيخ طلبا بإصدار مجلة شهرية دينية ثقافية تسمى "مجلة التربية الإسلامية " وحصلت الموافقة على ذلك وأصبح  الشيخ عبد الوهاب رئيس تحريرها واستمر في ذلك حتى وفاته (رحمه الله) وبقيت المجلة تصدر الى يومنا هذا برغم كل المتغيرات التي حصلت والظروف
وكان من أهم أهدافه:
 
(1) نشر التعليم الإسلامي بين طبقات الشعب بتأسيس المدارس الابتدائية والثانوية والمهنية والعالية بقدر ما تدعو إليه الحاجة


(2)مساعدة الطلاب الفقراء والمحتاجين في المدارس بتسديد نفقات دراستهم وتجهيزهم باللوازم المدرسية لإكمال دراستهم سواء في العراق أو خارجه
ولد عبد الوهاب بن عبد الرزاق السامرائي في عام 1922م في محلة خضر إلياس، بجانب الكرخ، في مدينة بغداد بالعراق، وقد توفي والده منذ طفولته، فتربى تحت رعاية والدته وجده أحمد العلي وعمه شهاب أحمد العلي، وقد قرأ القرآن وختمه في الكتاتيب. ودخل مدرسة الكرخ الابتدائية، وأتم دراسته المتوسطة والإعدادية في مدرسة الثانوية المركزية ببغداد/ الرصافة في منطقة جديد حسن باشا، وكان يتردد للصلاة في مسجد السليمانية القريب من المدرسة، حيث التقى هناك شيخه وأستاذه علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي، لتشكل تلك المعرفة المسيرة الروحية والتربوية له.


(3) السعي لإنارة الفكر بالثقافة الإسلامية على طريقة الشريعة والتسامح
===حياته العملية===


(4) تخصيص سيارات نقل كبيرة لنقل طلاب المدرسة من والى بيوتهم
عُيِّنَ بعد تخرجه من المدرسة الثانوية معلمًا في مدارس التفيض الأهلية عام 1942م، التي كان يديرها مؤسسها المرحوم السيد حسين العاني في مدينة تكريت، نقل بعدها في عام 1943م إلى مدارس التفيض الأهلية ببغداد، وعاد إلى ملازمة شيخه الشيخ العلامة أمجد الزهاوي، ودرس على يديه الفقه والتفسير.


كان الشيخ الجليل عبد الوهاب يقوم بإنشاء الأعمال الخيرية والنشاطات الاجتماعية خدمة لجميع المسلمين فكان الأغنياء يخرجون زكاتهم وأموالهم ويدعونها في صندوق المدرسة لثقة الناس فيه .
===معرفتي بـه===
وكان يمسك بيده سجلات خاصة لكل مشروع يعمله خدمة للناس ويقوم بتوزيع الأموال على مستحقيها من العوائل الفقيرة والمتعففة وقد قام الشيخ الجليل ببناء مساجد صغيرة في القرى وفي الأرياف وفي المناطق النائية وعين علماء فيها وكان يعطي رواتب لهم من المدرسة لتعليم الناس . وبقى على هذا الحال حتى وفاته.


عرفته أواخر الأربعينيات، وكان من الملازمين للشيخ أمجد الزهاوي، ومن تلامذته ومحبيه، وكان غيورًا على الدين وحرماته، ويسعى في أمور المسلمين وقضاء حوائجهم ورعاية شؤونهم، رغم أنه خريج الحقوق، ولكن الاهتمام بالتعليم والدعوة كان يمثل مكان الصدارة من اهتماماته، وكان صاحب خلق فاضل وأدب جم، وتواضع مع الصغير والكبير والعالم والجاهل، يحترم الجميع، ويسعى لخدمتهم قدر طاقته دون كلل أو ملل، بل له من الخدمات الشخصية لكثير من الأفراد والعوائل ما لا يعلمه إلا الله؛ لأنه لا يحب الظهور ويؤثر الصمت والعمل الدءوب لخدمة الإسلام والمسلمين، والذود عن حرماتهم والاهتمام بشؤونهم، ولن أنسى له مواقفه الكريمة حين اعتقل الأخوان: محمد الصفطاوي، وهاني بسيسو - المدرسان بمدرسية النجاة الأهلية في الزبير - من قبل عصابات حزب البعث في البصرة، والدور الكبير الذي قام به في بغداد لدى كل الجهات النافذة، حتى تمكن من الإفراج عنهما بعد أن لقيا شتى صنوف التعذيب والإيذاء في سجون الطغاة بأيدي زبانية البعث وأزلام السلطة.


== بعض صفات و مزايا الرجل ==
وقد كان يحب رفيقنا في درب الدعوة الأخ عبد العزيز سعد الربيعة، ويحتفي به كلما زار بغداد لأمور تتعلق بمدرسة النجاة، ويساعده على إنجازها، وكذا اهتمامه بكل إخواننا في الزبير الذين يسافرون إلى بغداد لإجراء بعض المعاملات، فكان يبذل قصارى جهده لإنجاز معاملاتهم بحكم صلاته الطيبة وعلاقاته الاجتماعية واحترام الناس وتقديرهم له.


1. الثبات على المبدأ وعدم الاندفاع وراء الحكام وبقاءه على خط واحد متميز على رغم تبدل الحكومات المتعاقبة فلم بالنفاق والتملق .
وفي لقاءاتي معه في بغداد والكويت والسعودية، كنت ألمس فيه هذه الروح السمحة والتواضع الجم والكلام العذب والدعاء والذكر الذي لا يفتر لسانه عنه، وكان يجد المتعة واللذة في خدمة الآخرين ومساعدة المحتاجين، والوقوف إلى جانب المستضعفين من العامة والخاصة على حد سواء، كما كان يهتم بالوقوف إلى جانب الدعاة والعلماء، وينصرهم على من يضع العقبات في طريقهم، ويسعى لبذل قصارى الجهد في توعية أبناء العشائر، وتبصيرهم بدينهم، مستعينًا بإخوانه الدعاة، كالشيخ إبراهيم منير المدرس، وكذا بالمحسنين من التجار أمثال الحاج عبد العزيز علي المطوع، وأخيه عبد الله المطوع، ونوري فتاح باشا، وغيرهم من المحسنين في العراق ودول الخليج.


2. الثبات على العمل الدائم المتنوع الممكن طيلة حياته وبدون يأس حتى أنه إذا نام كان يستيقظ ويكتب ملاحظات حول المدرسة ثم ينام وهكذا...
===تأسيس مدارس التربية===


3. أدرك الأمراض الخطيرة في الأمة ولأنه يعيش في العاصمة بغداد أدرك أخطار الأفكار الإلحادية الهدامة ووقف هو وإخوانه لمكافحتها من خلال المدرسة ومن خلال المجلة وغيرها من الأعمال كما انه مدرك للأمراض الخطيرة المهلكات الحقد والحسد وغيرها قال قرأت المجلد الرابع من إحياء علوم الدين فأدركت أن كل مسألة ينبغي أن توضع في حسابها أي يقصد ينبغي أن تصحح النية لله تعالى وينبغي لنا الابتعاد عن الرياء وطلب الشهرة الخ..
في عام 1943م، دخل كلية الحقوق وتخرج فيها عام 1946م، وانتسب إلى نقابة المحامين، إلا أنه لم يزاول مهنة المحاماة مطلقًا.


4. طرح المسائل باعتدال واحترام واستقبال الناس بوجه باسم واحترام المشارب المختلفة ومعرفة أقدار الرجال قال مادحا العلامة عبد الكريم زيدان "هذا الرجل صافي يستشار بشؤون دولة"  
في عام 1949م - وبالتشاور مع شيخه العلامة الشيخ أمجد الزهاوي وزملاء لهم - قدموا طلبًا بتأسيس جمعية التربية الإسلامية. وفي العام نفسه تم تأسيس مدارس جمعية التربية الإسلامية بالكرخ في بغداد، في دار استؤجرت في منطقة التكارثة بالكرخ، وتم استئجار قطعة الأرض التابعة لوقفية جامع قمرية خاتون في بغداد الكرخ منطقة سوق الجديد عن طريق الإيجار بالمساطحة لمدة (30) عامًا من دائرة الأوقاف في عام 1950م، واستكمل بناؤها من تبرعات المحسنين في العراق ودول الخليج العربي، حيث قام بعدة جولات في الكويت وقطر والبحرين و"أبوظبي" ودبي والشارقة. وتم انتقال الطلبة إليها في عام 1951م، وكانت تضم في بدايتها المسجد وجناج الإدارة وغرفة المعلمين والصفوف: التمهيدي، والأول، والثاني الابتدائيين.. واكتمل بناؤها بعد ذلك فأصبحت بناية شامخة تضم جميع الأقسام الابتدائية والمتوسطة والثانوية مع قاعة للمكتبة وأخرى للمختبرات، ثم بعون الله تعالى شيدت البناية الثانية لمدارس جمعية التربية الإسلامية في حي المنصور ببغداد، وتم افتتاحها في عام 1973م.


5. الاهتمام الشديد بأحوال المسلمين في الداخل والخارج
===مجلة التربية الإسلامية===


== وفاته==
أما "مجلة التربية الإسلامية" التي أسسها عام 1959م، فقد صدر العدد الأول منها في 1/1/1959م، وظل الأستاذ السامرائي رئيس تحريرها إلى أن توفاه الله، ولقد كانت هذه المجلة منبرًا حرًا للفكر الإسلامي الملتزم، البعيد عن التناحر والتحزب، فهي بحق واحة يستريح إليها الجميع على تباين مشاربهم ومذاهبهم، فهي تؤلف ولا تفرق، وترفأ ولا تمزق، وظلت هكذا ثابتة الخطا على المحجة البيضاء، برغم الأعاصير التي اجتاحت البلد عبر سنوات طويلة، والفضل بعد الله (تبارك وتعالى) يعود للفقيد السامرائي، الذي نأى بها عن أهواء السياسة ومتغيراتها، فقد كان ذا همة عالية لا تركن إلى حاكم، ولا تُزَيِّن لظالم، ولا تستمنح ذا سلطان مع ثبات على المبدأ دونه الجبال الراسيات.


بعد مسيرة تربوية طيبة في رحاب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، توفى في بغداد الأستاذ الشيخ الجليل عبدالوهاب عبدالرزاق السامرائي مدير مدارس التربية الإسلامية التابعة لجمعية التربية الإسلامية في بغداد.  
ومن جهوده أيضًا بناء المساجد، خصوصًا في القرى والأرياف، وتذليل السبل أمام الدعاة والمرشدين، وإرسالهم إلى الأماكن النائية لإرشاد القبائل والعشائر الذين تنتشر فيهم الأمية والجهل بالدين وأحكامه.


ففقدته الأمة العربية والإسلامية وفاضت روحه الطاهرة في ليلة الاثنين 5/شعبان /1427هـ الموافق 28/آب/2006م .
===من أقواله===
   
   
وبموته يرحمه الله خسرت الدعوة الإسلامية بمختلف مشاربها بالعراق رجلاً من أعظم الرجال قلَّ أن يجود الزمان بمثله وهو مستقل التفكير يحظى باحترام المشارب المختلفة والمتنوعة ..  
يقول (يرحمه الله): "شخصيتان أثرًا في حياتي، وأخذت عنهما الكثير: الشيخ أمجد الزهاوي؛ فقد كان مرشدي لديني، والسيد حسين العاني - مدير مدارس التفيض - الذي علمني العمل الإداري".


'''وقد عزى الأستاذ [[محمد مهدي عاكف]]''' [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] أبناء الشعب العراقي وعلماء وشيوخ العراق وأبناء الحركة الإسلامية وأسرة الفقيد بوفاة الشيخ السامرائي رحمه الله تعالى.
===قالوا عنه===


'''وفيما يأتي نص التعزية:-'''  
'''يقول الشيخ إبراهيم منير المدرس:'''


بسم الله الرحمن الرحيم
'''الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:'''


فقد شرفني أخي وحبيبي في الله الشيخ المستشار سيد دعاة زمانه الأستاذ عبد الله العقيل الذي تشرفت بمعرفته من نعومة أظفاري عام 1947م، حيث تقدمنا للقسم الثانوي في كلية الشريعة ببغداد أعاد الله عزها ومجدها التليد، فطلب مني أن أدون ملاحظتي وما علمته ولمسته من سيرة العارف بالله المقتدي بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المربي الكبير الأستاذ (عبد الوهاب السامرائي) (رحمه الله)، حيث أدى الأمانة بتربية أجيال، تربية إسلامية دعوية، متخدًا قائده وقدوته العالم الرباني الزاهد والمجاهد شيخ علماء العصر المرحوم الشيخ أمجد الزهاوي، مؤسس جمعيتي التربية الإسلامية في جانب الكرخ عام 1949م، ورابطة علماء العراق في جانب الرصافة عام 1954م.


تلقينا ببالغ الأسى نبأ وفاة الشيخ عبد الوهاب السامرائي أحد رواد الحركة الإسلامية في العراق.
لقد كان لي شرف التعرف على هذين الداعيتين المربيين منذ تأسيس جمعية التربية الإسلامية وانتسابي إليها، منذ تأسيسها وأنا في التاسعة عشرة من عمري، حيث كنت أدعوهما كل عام لافتتاح جامع أو جامعين في القرى القريبة من بغداد والبعيدة عنها، فسألني يومًا الأستاذ المرحوم السامرائي بحضرة المرحوم الزهاوي: هل عندك إمكانية مادية للاستمرار بالوعظ في القرى والمدن الجنوبية غالبًا؟


وباسمي وباسم الإخوان المسلمين أتقدم إلى أبناء الشعب العراقي وإلى علماء وشيوخ العراق وأبناء الحركة الإسلامية وأسرة الفقيد بخالص التعازي داعياً المولى القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خيراً على ما قدم لأمته وأن يعوض العراق وأهله خيراً..
فأجبته بأن إمكانياتي المادية محدودة بما يرسله لي المرحوم والدي من البصرة، وأنا طالب في القسم الداخلي في كلية الشريعة ببغداد، فأشار الأستاذ على الشيخ الزهاوي أن يفاتح المرحوم المحسن نوري فتاح باشا الذي لا يرد للشيخ والأستاذ طلبًا، فبارك الشيخ فكرته، فاصطحبه وذهبا إلى المحسن جزاه الله خيرًا، فتوافرت السيارة، ثم اقترح الأستاذ على الشيخ أن يرسل معي كل خميس وجمعة مجموعة من الدعاة الذين يحسنون الوعظ، ولو من طلاب العلم لأوزعهم على القرى، يبيتون فيها ليلة الجمعة ليجمع لهم رئيس القبيلة رجال القرية وشبابها وصبيانها ليعلموهم العقيدة السليمة التي لا يشوبها الشرك الذي نشئوا عليه مما تعلموه من الجهلاء والمضللين، بأن غير الله يضر وينفع، وأن الحلف بغير الله جائز وغير ذلك، ثم يعلموهم الغسل والوضوء والصلاة، وفي اليوم الثاني يجمعونهم إلى صلاة الجمعة أو العيدين ويحثونهم على بناء مسجد، ولو كمفحص قطاة، وبعد تناول الغداء أعود إليهم قرية قرية لنعود إلى بغداد، ونقدم للمرحوم السامرائي تقريرًا مفصلاً عن سفرتنا الوعظية. وأذكر أن الأستاذ السامرائي اقترح على شيخنا الزهاوي (رحمه الله) أن يرسل مجموعة من طلاب التربية وأساتذتها لأداء فريضة الحج عام 1975م - على غالب ظني - فأيده وبارك وساهم كعادته ماليًا فعادوا من خيرة الدعاة والمربين.


[[محمد مهدي عاكف]]
ولا يفوتني أن أذكر العمل الجليل المبرور الذي قام به المرحوم السامرائي، حين حصل على موافقة مجلس الإدارة برئاسة العلامة الزهاوي بأن نفتح قسمًا في مدرسة التربية للتخصص بدراسة العلوم الشرعية لعدد محدود من أبناء بعض رؤساء العشائر ليكونوا دعاة وأئمة وخطباء في جوامعهم بقراهم، فوقع الاختيار أولاً على الشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري، وأخيه المرحوم الشيخ مطلق، ثم على الشيخ عبد الجبار كصب الجنديل الجنابي، والشيخ الدكتور هاشم توفيق، والشيخ الدكتور حامد الشيخ
عبد العزيز، وثلاثة آخرين، فبدءوا دراستهم في التربية الإسلامية على أيدي علماء من بغداد، أذكر منهم الشيخ ياسين السعدي، والشيخ المرحوم عبد العزيز البدري، والشيخ عبد الودود وغيرهم، وبعد سنوات قليلة اقترح الأستاذ السامرائي نقلهم إلى مدرسة الشيخ المرحوم عبد العزيز السالم في مدرسته الدينية بـ"الفلوجة" المعترف بشهادتها في الأزهر، حيث نال الشيخ حارث والشيخ حامد والشيخ هاشم الدكتوراه، بينما تفرغ الشيخ عبد الجبار الجنابي للإمامة والخطابة في جامعهم في ناحية جرف الصخر لوفاة والده المرحوم وتوليه رئاسة القبلية من بعده.


[[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]
ولا أنسى موقفه الأخوي المشرف كعادته – رحمه الله - حينما كان يتعهد عوائلنا بالمساعدات الشهرية يجمعها من التجار والمحسنين عندما انقطعت رواتبنا، نحن أعضاء مجلس إدارة الحزب الإسلامي السبعة في بداية عام 1960م، وكنا في سجن انفرادي موزعين على مراكز شرطة بغداد على ألا يزورنا أحد حتى يأذن الزعيم عبد الكريم قاسم، وفي ذلك الحين وبعد خمسة أشهر من اعتقالنا زارني الأستاذ ليبشرني بأن الشيخ نجم الدين الواعظ قدم للزعيم اعتذارنا، كي يطلق سراحنا فوعده الزعيم خيرًا، فانتفضت ودمعت عيناي وقلت للشيخ الواعظ: لماذا تعتذر باسمنا ونحن لم نعتذر له عن كل أمر نسبناه إليه في مذكرتنا لتكون كلمة الحق عند سلطان جائر لننال الشهادة بها، فاعتذر الشيخ الواعظ بخشيته أن يحكم علينا بالإعدام، كما حكم على كثير من الأبرياء في محكمة المهداوي، وعند خروجهما من المركز التفت إلى الأستاذ السامرائي قائلاً: والله يا أخي، ما كنت أظن أن يصدر هذا من الشيخ فسامحني. فقلت له: "إني أعلم بصدقك وإخلاصك وتجردك لله تعالى".


القاهرة في:
كنت أصفه (حمه الله تعالى) بـ"جامع الأحباب؛" لأنه كان مرابطًا في الجمعية يستقبل في الليل والنهار زائري الجمعية المحبين للخير والمستحقين للمساعدة من العوائل المتعففة والأرامل والمعوزين، فكان يهش ويبش في وجوه الجميع خاصة الفقراء والأيتام، فلم يرد سائلاً ولم يترك غنيًا إلا وذكره بالتبرع للجمعية وأطلعه على أعمالها، فلم تنقطع فضائله لاستمرار العمل بها إلى الآن، ويبقى إن شاء الله.


من شعبان 1427هـ
كان (رحمه الله) يفكر في مستقبل الجمعية ووارداتها من بعده فاستأذن شيخنا الزهاوي طالبًا منه رسائل إلى معارفه ومحبيه في الكويت، والإمارات، والأردن وغيرها؛ كي يجمع التبرعات لبناء مستغلات تكون مواردًا دائمًا للجمعية ومدارسها وطلبة العلم ومساعدة الفقراء، فجمع رحمه الله، وشيد بنايات إضافية تابعة للجمعية، استؤجرت جميعها بعد إلغاء المدارس من التابعة للجمعيات، وضمها إلى وزارة التربية.


30 من أغسطس 2006 م
ومن منجزاته أيضًا إصدار "مجلة التربية الإسلامية" التي تصل إلى جميع دول العالم، فيستفيد منها الدعاة خاصة في بلاد الغرب، ويتخذون من مواضيعها خطبًا للجمعة والعيدين.


هذا قليل من كثير فضائله وجليل أعماله، جعلها الله في ميزان حسناته – رحمه الله - وما شهدت إلا بما علمت منه، جمعنا الله به في جنات الخلد مع أخينا المستشار عبد الله العقيل أمد الله في عمره، حيث يُعرف المؤمنون بقدواتهم وقادتهم، جعلنا الله وإياه والعاملين المخلصين أئمة للمتقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


'''يقول عنه مدير تحرير مجلة (التربية الإسلامية):'''
"لقد كانت حياة فقيدنا الراحل المربي الأستاذ عبد الوهاب عبد الرزاق السامرائي مليئة بالعزم والإيمان بالله تعالى وتربية الأجيال الإسلامية القويمة التي دعائمها الورع وتقوى الله، وأن الدنيا دار عمل لا دار جزاء، وأن الدار الآخرة هي دار جزاء لا دار عمل".


== مرثية فقيد الأمة الإسلامية ==
'''ويقول عنه الأستاذ صادق الجميلي:'''
 
الأستاذ المربي عبد الوهاب السامرائي مدير مدارس التربية الإسلامية ورئيس تحرير مجلتها التربية الإسلامية (رحمه الله)  لأبي القيم الكبيسي
"كان يحب عمل الخير ويسعى إلى تحقيقه وإنجازه، وتحمل ما تحمل من أجل ذلك، ومن أجل خدمة إخوانه المسلمين، وتم ذلك بتواضعه المعهود، وصبره المشهود، وتفانيه من أجل تحقيق أغراضه.
 
<center>'''طاب الرحيل'''</center>
 
<center>طابَ الرَحيلُ ... لربنا الرحمنِ
:::في صُحبة الإسلام والإيمان
 
يا صابراً عَبرَ السنين مرابطاً
::::تدعو بحكمة عالمٍ رباني
 
ما ضِقتَ ذرعاً بالحوادثِ ثابتاً
::::كالراسياتِ .. بقسوة الحدثانِ
 
مَرْت على بلدي العراقِ مصائبٌ
::::تترى تُشيب نواصي الوِلدانِ
 
ومصائبُ الثوارِ أوغلَ جهلُها
::::جهلَ التتار بسالف الأزمانِ
 
ومصائبُ الثوارِ أوغلَ جرمُها
::::جَرُم التتار بفترة (الحُمران)
 
وتتابعَ الداء الوبيل مُبلْسَماً
::::زاهي (الشعار) يزفه (العلماني)
 
(السامري) أظل قوماً قد خَلوا
::::بالعجل من ذهب مع البُهتان
 
والسامرّي اليوم أحدث نكبة
::::زُرعتْ بإيدي معاقل (الصُلبان)
 
والسامرّي اليوم أحدث نكبة
::::ما عاشها بلدٌ من البلدانِ
 
جاءتْ بأمريكا تـضـخُّ جـنودَها
::::والإنكليزَ وعسكرَ الطليانِ
 
ومُسيلمةُ الكـذاب يـقـرأ صـفـحـةً
::::تُنْسي الجموعَ مَعالمَ القرآنِ !!
 
يتلو بحـملتهِ مـنـاهـجَ كاهـنٍ
::::متسللٍ في حملةِ الإيمانِ
 
وتسارعَ الغاوونَ نحو قصورِهــم
::::مثلَ الذبابِ على قذى الحَلَوانِ
 
أسفي على تلكَ الحلومِ تـسـافـهـتْ
::::أسفي على علمٍ .. على الإنسانِ
 
هُم زيفوا .. هُم زينوا هُم صـيـروا
::::مِنْ زَيفهِم شيطانُهُ رحماني !!
 
والآن نَحـصُـدُ والـحـصـادُ مرارةٌ
::::مَنْ مُوقِفٌ نزفَ الدِماءِ القاني ؟؟
 
يا صاحبَ الخُلقِ الرفيعِ وســمـتُـهُ
::::سَمْتَ الهداةِ نصحتَ لا مُتواني
 
وعملتَ فـي دربِ الـدعــاةِ مـعلماً
::::أدبَ الدعاةِ.. ( مجلةً ) (ببيانِ)
 
يا دارَ تربيـةٍ قـويـمٌ بــناءُها
::::أُسّسَ على التقوى منَ البنيانِ
 
رَبـّيـتَ أجـيالاً ومِـنْ أهدافـها
::::إخراجُ أجيالٍ من القرآنِ
 
أبا محـمـدٌ والحـديـثُ شـجـونُـهُ
::::طابَتْ على نجوى من الأشجانِ
 
أسـتـاذ جـيـلِ الراشـدينَ مُعلماً
::::هَدي الرَشادِ مهذباً .. رَباني
 
وَرَعيــتَ أيتاماً نُسوا في زَحمةٍ
::::مِنْ تَيهِ واقعنا .. بِلا نِسياني
 
كم زُرتُ دارَكُـــم لأحظـى منكمو
::::في نضةٍ تَسقي الظمي العطشانِ
 
بحـديقـةِ الوجهِ البشوشِ نضارةٌ
::::مصباحُ هديٍ كوكبٍ نوراني
 
جافـيتَ مـضـجَـعكُم بليلٍ أُنسهد
::::ليلُ التهجدِ واسعٌ بمعاني
 
اقـرأ محـياك الكـريم سلامةً
::::طابتْ بلا حسدٍ ولا أضغانِ
 
فالكلُّ عـندَ فـقيـدَنا بأخوةٍ
::::فيها يعاملُهُ بلا خسران
 
وكـلامُـهُ لــو شــئتُ أحسبُ عَدَّهُ
::::لحسبتَهُ عقداً منَ المرجانِ
 
في حيـن ثَـرَثَــرَ غيرُهُ في فتنةٍ
::::لا زالَ نارُ حطامِها أوطاني
 
ما زِرْتَ ( طاغوتاً ) حياتكَ كلَّها
::::لكنَّ غيرَكَ .. زائرٌ بهَوانِ
 
وحـصـافةً فـيـهـا عرفتُكَ لامعاً
::::تزِنُ الأمورَ بأقسطِ الميزانِ
 
ما غـرّكَ الورمُ الخطيرُ تخالُهُ
::::سمناً وغرِّرَ غيركُم بسمانِ
 
وبَقيتَ في بلدي ترابطُ صـابـراً
::::والغيرُ راحَ مهاجراً لمكانِ
 
ومهاجرُ ( الدولارِ ) غيرَ مهاجـرٍ
::::من أجلِ رَفعِ الحيْفِ أو إيمانِ
 
يا عبد الوهاب وقـدْ غادَرتـَنا
::::في رحلةٍ طابتْ الى الرحمنِ
 
قدْ كنتُ أذكـرُ فيكمُ إذ جـئـتـكُـم
::::الشيخَ ( أمجدَ ) عاليَ البنيانِ
 
وكذاك أذكرُ فـيـكــمـو عـــلامةً
::::عبد الكريم الثبْتُ بن زيدان
 
إني لأحــسَــبُ أنَّ روحَـــكَ طائرٌ
::::في السدرةِ العليا منَ الأكوانِ
 
وكــذاك أحـسبُ أنَّ زَفّةَ عُرسِها
::::زُفَّت بلحنٍ .. بارعٍ قرآني
 
يا أيّها النفسُ البريئةُ ارجعي
:::: للهِ راضيةً بلا خسرانِ
 
ولتدخُلي ما كنتِ تهوي صـحـبةً
::::بعبادِنا في جنةِ الرضوانِ
 
حـاشا نُزكي غـيرَ أنَّ قلوبَنا
::::تحكي وتشهدُ حالةً بعيانِ
 
لتقرُّ عينُك بالريـاضِ وطيبـِها
::::وتقرُ عينُك أنَّ خلفَك باني
 
لا يبرحُ البنيانُ بعـدَكَ سالماً
::::أيدٍ تُقيمُ أمانةَ البُنيانِ
 
ومجـلتـي لا زالَ غرسُكَ يانعاً
::::حُرّاسَك الأُمناءُ مِنْ إخواني
 
كـلٌّ يقولُ أنا خـليـفةُ رائــدٍ
::::لا .. لن تكونَ مجلتي بهوانِ


صـــبــراً أحــبــةَ شــيــخِنا لفراقِهِ
وقد عاش الفقيد عصورًا نكدات ومظلمة قاسيات، وبخاصة أحوال العراق بعد احتلاله البغيض الأخير، فكان يدعو جلساءه وأصدقاءه إلى الصبر والاستقامة في الحياة، والتوكل على الله في جميع الأحوال؛ إذ لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه، ويدعوهم أيضًا إلى العمل المتواصل والتغيير نحو الأحسن، وعدم اليأس في تحقيق ما يرضي الله تعالى، وإن لم تحصل النتائج المطلوبة، وكان يذكرهم دائمًا بقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف: 110).
::::وامضوا على عهدِ الوَفي الربّاني


</center>
===وفـاتـه===


--[[مستخدم:السامرائي|السامرائي]] ١٠:٥٥، ١٥ مارس ٢٠١٠ (ت‌ع‌م)السامرائي
توفي يوم الاثنين، 5 من شعبان 1427هـ/ الموافق 28 من أغسطس 2006م، بعد عمر مديد قارب أربعة وثمانين عامًا قضاها بالعمل المتواصل وبالتقوى وملازمة الصالحين، وبالعمل المخلص الدءوب في خدمة الإسلام والمسلمين جميعًا، ونشر الثقافة الإسلامية الهادفة، وإشاعة روح الألفة والمحبة، والتعاون على البر والتقوى بين الناس أجمعين، وتقوية أواصر المحبة بين الأقرباء والمعارف والأصدقاء.


رحم الله أستاذنا الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق السامرائي رحمة واسعة، وحشرنا الله وإياه في زمرة الصالحين من عباده.


[[تصنيف :أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف :أعلام الحركة الإسلامية]]

مراجعة ٠١:١٢، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٠

الشيخ عبد الوهاب السامرائي

(1341هـ - 1427هـ/ 1922م - 2006م)

بقلم/ المستشار عبدالله العقيل


الشيخ في سطور

الشيخ عبدالوهاب السامرائي
  • الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق احمد العلي السامرائي من عشيرة (آل باز) السامرائية ونسبها إلى بيت النبوة الكريم
  • ولد الشيخ في عام 1922م في محلة خضر الياس من جانب الكرخ في بغداد
  • توفي والده يوم كان طفلا فربته والدته ورعاه جده
  • تعلم القراءة وقراءة القرآن الكريم قبل دخوله المدرسة الابتدائية
  • أنهى دراسة الابتدائية في مدرسة الكرخ الابتدائية فالمتوسطة والإعدادية في الثانوية المركزية ببغداد.
  • كان منذ صغره ملتزما بالصلاة وقراءة القران الكريم ودراسة الحديث
  • التقى بالعلامة الشيخ امجد الزهاوي ( علامة العراق) لتبدأ علاقة متميزة بينه وبين الشيخ امجد وكان طالبا عنده يتردد عليه في المدرسة السليمانية في منطقة القشلة والتي تسمى أيضا منطقة حسن باشا ، فدرس عليه الفقه والتفسير وكان مجلس الشيخ امجد يعج بجمهرة العلماء وكان متأثرا بالشيخ أمجد الزهاوي رحمه الله وقل ما أن يجلس مجلس إلا وذكره بخير لانه يعده الخيمة التي يستظل بها أهل السنة والجماعة.
  • تخرج الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق في الثانوية ليصبح معلما في مدرسة التفيض الاهلية مدة عام ثم عين في احد مدارس مدينة تكريت سنة 1942 بعد ذلك عاد الى نفس المدرسة واستمر إلى عام 1949. وقد تأثر بعمله الإداري بالسيد حسين العاني رحمه الله مؤسس التفيض الأهلية. .
  • وفي عام 1943 دخل كلية الحقوق وتخرج فيها عام 1946 ثم أصبح عضوا في نقابة المحامين لكنه لم يمارس مهنة المحاماة أبدا .


مولده ونشأته

ولد عبد الوهاب بن عبد الرزاق السامرائي في عام 1922م في محلة خضر إلياس، بجانب الكرخ، في مدينة بغداد بالعراق، وقد توفي والده منذ طفولته، فتربى تحت رعاية والدته وجده أحمد العلي وعمه شهاب أحمد العلي، وقد قرأ القرآن وختمه في الكتاتيب. ودخل مدرسة الكرخ الابتدائية، وأتم دراسته المتوسطة والإعدادية في مدرسة الثانوية المركزية ببغداد/ الرصافة في منطقة جديد حسن باشا، وكان يتردد للصلاة في مسجد السليمانية القريب من المدرسة، حيث التقى هناك شيخه وأستاذه علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي، لتشكل تلك المعرفة المسيرة الروحية والتربوية له.

حياته العملية

عُيِّنَ بعد تخرجه من المدرسة الثانوية معلمًا في مدارس التفيض الأهلية عام 1942م، التي كان يديرها مؤسسها المرحوم السيد حسين العاني في مدينة تكريت، نقل بعدها في عام 1943م إلى مدارس التفيض الأهلية ببغداد، وعاد إلى ملازمة شيخه الشيخ العلامة أمجد الزهاوي، ودرس على يديه الفقه والتفسير.

معرفتي بـه

عرفته أواخر الأربعينيات، وكان من الملازمين للشيخ أمجد الزهاوي، ومن تلامذته ومحبيه، وكان غيورًا على الدين وحرماته، ويسعى في أمور المسلمين وقضاء حوائجهم ورعاية شؤونهم، رغم أنه خريج الحقوق، ولكن الاهتمام بالتعليم والدعوة كان يمثل مكان الصدارة من اهتماماته، وكان صاحب خلق فاضل وأدب جم، وتواضع مع الصغير والكبير والعالم والجاهل، يحترم الجميع، ويسعى لخدمتهم قدر طاقته دون كلل أو ملل، بل له من الخدمات الشخصية لكثير من الأفراد والعوائل ما لا يعلمه إلا الله؛ لأنه لا يحب الظهور ويؤثر الصمت والعمل الدءوب لخدمة الإسلام والمسلمين، والذود عن حرماتهم والاهتمام بشؤونهم، ولن أنسى له مواقفه الكريمة حين اعتقل الأخوان: محمد الصفطاوي، وهاني بسيسو - المدرسان بمدرسية النجاة الأهلية في الزبير - من قبل عصابات حزب البعث في البصرة، والدور الكبير الذي قام به في بغداد لدى كل الجهات النافذة، حتى تمكن من الإفراج عنهما بعد أن لقيا شتى صنوف التعذيب والإيذاء في سجون الطغاة بأيدي زبانية البعث وأزلام السلطة.

وقد كان يحب رفيقنا في درب الدعوة الأخ عبد العزيز سعد الربيعة، ويحتفي به كلما زار بغداد لأمور تتعلق بمدرسة النجاة، ويساعده على إنجازها، وكذا اهتمامه بكل إخواننا في الزبير الذين يسافرون إلى بغداد لإجراء بعض المعاملات، فكان يبذل قصارى جهده لإنجاز معاملاتهم بحكم صلاته الطيبة وعلاقاته الاجتماعية واحترام الناس وتقديرهم له.

وفي لقاءاتي معه في بغداد والكويت والسعودية، كنت ألمس فيه هذه الروح السمحة والتواضع الجم والكلام العذب والدعاء والذكر الذي لا يفتر لسانه عنه، وكان يجد المتعة واللذة في خدمة الآخرين ومساعدة المحتاجين، والوقوف إلى جانب المستضعفين من العامة والخاصة على حد سواء، كما كان يهتم بالوقوف إلى جانب الدعاة والعلماء، وينصرهم على من يضع العقبات في طريقهم، ويسعى لبذل قصارى الجهد في توعية أبناء العشائر، وتبصيرهم بدينهم، مستعينًا بإخوانه الدعاة، كالشيخ إبراهيم منير المدرس، وكذا بالمحسنين من التجار أمثال الحاج عبد العزيز علي المطوع، وأخيه عبد الله المطوع، ونوري فتاح باشا، وغيرهم من المحسنين في العراق ودول الخليج.

تأسيس مدارس التربية

في عام 1943م، دخل كلية الحقوق وتخرج فيها عام 1946م، وانتسب إلى نقابة المحامين، إلا أنه لم يزاول مهنة المحاماة مطلقًا.

في عام 1949م - وبالتشاور مع شيخه العلامة الشيخ أمجد الزهاوي وزملاء لهم - قدموا طلبًا بتأسيس جمعية التربية الإسلامية. وفي العام نفسه تم تأسيس مدارس جمعية التربية الإسلامية بالكرخ في بغداد، في دار استؤجرت في منطقة التكارثة بالكرخ، وتم استئجار قطعة الأرض التابعة لوقفية جامع قمرية خاتون في بغداد الكرخ منطقة سوق الجديد عن طريق الإيجار بالمساطحة لمدة (30) عامًا من دائرة الأوقاف في عام 1950م، واستكمل بناؤها من تبرعات المحسنين في العراق ودول الخليج العربي، حيث قام بعدة جولات في الكويت وقطر والبحرين و"أبوظبي" ودبي والشارقة. وتم انتقال الطلبة إليها في عام 1951م، وكانت تضم في بدايتها المسجد وجناج الإدارة وغرفة المعلمين والصفوف: التمهيدي، والأول، والثاني الابتدائيين.. واكتمل بناؤها بعد ذلك فأصبحت بناية شامخة تضم جميع الأقسام الابتدائية والمتوسطة والثانوية مع قاعة للمكتبة وأخرى للمختبرات، ثم بعون الله تعالى شيدت البناية الثانية لمدارس جمعية التربية الإسلامية في حي المنصور ببغداد، وتم افتتاحها في عام 1973م.

مجلة التربية الإسلامية

أما "مجلة التربية الإسلامية" التي أسسها عام 1959م، فقد صدر العدد الأول منها في 1/1/1959م، وظل الأستاذ السامرائي رئيس تحريرها إلى أن توفاه الله، ولقد كانت هذه المجلة منبرًا حرًا للفكر الإسلامي الملتزم، البعيد عن التناحر والتحزب، فهي بحق واحة يستريح إليها الجميع على تباين مشاربهم ومذاهبهم، فهي تؤلف ولا تفرق، وترفأ ولا تمزق، وظلت هكذا ثابتة الخطا على المحجة البيضاء، برغم الأعاصير التي اجتاحت البلد عبر سنوات طويلة، والفضل بعد الله (تبارك وتعالى) يعود للفقيد السامرائي، الذي نأى بها عن أهواء السياسة ومتغيراتها، فقد كان ذا همة عالية لا تركن إلى حاكم، ولا تُزَيِّن لظالم، ولا تستمنح ذا سلطان مع ثبات على المبدأ دونه الجبال الراسيات.

ومن جهوده أيضًا بناء المساجد، خصوصًا في القرى والأرياف، وتذليل السبل أمام الدعاة والمرشدين، وإرسالهم إلى الأماكن النائية لإرشاد القبائل والعشائر الذين تنتشر فيهم الأمية والجهل بالدين وأحكامه.

من أقواله

يقول (يرحمه الله): "شخصيتان أثرًا في حياتي، وأخذت عنهما الكثير: الشيخ أمجد الزهاوي؛ فقد كان مرشدي لديني، والسيد حسين العاني - مدير مدارس التفيض - الذي علمني العمل الإداري".

قالوا عنه

يقول الشيخ إبراهيم منير المدرس:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فقد شرفني أخي وحبيبي في الله الشيخ المستشار سيد دعاة زمانه الأستاذ عبد الله العقيل الذي تشرفت بمعرفته من نعومة أظفاري عام 1947م، حيث تقدمنا للقسم الثانوي في كلية الشريعة ببغداد أعاد الله عزها ومجدها التليد، فطلب مني أن أدون ملاحظتي وما علمته ولمسته من سيرة العارف بالله المقتدي بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المربي الكبير الأستاذ (عبد الوهاب السامرائي) (رحمه الله)، حيث أدى الأمانة بتربية أجيال، تربية إسلامية دعوية، متخدًا قائده وقدوته العالم الرباني الزاهد والمجاهد شيخ علماء العصر المرحوم الشيخ أمجد الزهاوي، مؤسس جمعيتي التربية الإسلامية في جانب الكرخ عام 1949م، ورابطة علماء العراق في جانب الرصافة عام 1954م.

لقد كان لي شرف التعرف على هذين الداعيتين المربيين منذ تأسيس جمعية التربية الإسلامية وانتسابي إليها، منذ تأسيسها وأنا في التاسعة عشرة من عمري، حيث كنت أدعوهما كل عام لافتتاح جامع أو جامعين في القرى القريبة من بغداد والبعيدة عنها، فسألني يومًا الأستاذ المرحوم السامرائي بحضرة المرحوم الزهاوي: هل عندك إمكانية مادية للاستمرار بالوعظ في القرى والمدن الجنوبية غالبًا؟

فأجبته بأن إمكانياتي المادية محدودة بما يرسله لي المرحوم والدي من البصرة، وأنا طالب في القسم الداخلي في كلية الشريعة ببغداد، فأشار الأستاذ على الشيخ الزهاوي أن يفاتح المرحوم المحسن نوري فتاح باشا الذي لا يرد للشيخ والأستاذ طلبًا، فبارك الشيخ فكرته، فاصطحبه وذهبا إلى المحسن جزاه الله خيرًا، فتوافرت السيارة، ثم اقترح الأستاذ على الشيخ أن يرسل معي كل خميس وجمعة مجموعة من الدعاة الذين يحسنون الوعظ، ولو من طلاب العلم لأوزعهم على القرى، يبيتون فيها ليلة الجمعة ليجمع لهم رئيس القبيلة رجال القرية وشبابها وصبيانها ليعلموهم العقيدة السليمة التي لا يشوبها الشرك الذي نشئوا عليه مما تعلموه من الجهلاء والمضللين، بأن غير الله يضر وينفع، وأن الحلف بغير الله جائز وغير ذلك، ثم يعلموهم الغسل والوضوء والصلاة، وفي اليوم الثاني يجمعونهم إلى صلاة الجمعة أو العيدين ويحثونهم على بناء مسجد، ولو كمفحص قطاة، وبعد تناول الغداء أعود إليهم قرية قرية لنعود إلى بغداد، ونقدم للمرحوم السامرائي تقريرًا مفصلاً عن سفرتنا الوعظية. وأذكر أن الأستاذ السامرائي اقترح على شيخنا الزهاوي (رحمه الله) أن يرسل مجموعة من طلاب التربية وأساتذتها لأداء فريضة الحج عام 1975م - على غالب ظني - فأيده وبارك وساهم كعادته ماليًا فعادوا من خيرة الدعاة والمربين.

ولا يفوتني أن أذكر العمل الجليل المبرور الذي قام به المرحوم السامرائي، حين حصل على موافقة مجلس الإدارة برئاسة العلامة الزهاوي بأن نفتح قسمًا في مدرسة التربية للتخصص بدراسة العلوم الشرعية لعدد محدود من أبناء بعض رؤساء العشائر ليكونوا دعاة وأئمة وخطباء في جوامعهم بقراهم، فوقع الاختيار أولاً على الشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري، وأخيه المرحوم الشيخ مطلق، ثم على الشيخ عبد الجبار كصب الجنديل الجنابي، والشيخ الدكتور هاشم توفيق، والشيخ الدكتور حامد الشيخ عبد العزيز، وثلاثة آخرين، فبدءوا دراستهم في التربية الإسلامية على أيدي علماء من بغداد، أذكر منهم الشيخ ياسين السعدي، والشيخ المرحوم عبد العزيز البدري، والشيخ عبد الودود وغيرهم، وبعد سنوات قليلة اقترح الأستاذ السامرائي نقلهم إلى مدرسة الشيخ المرحوم عبد العزيز السالم في مدرسته الدينية بـ"الفلوجة" المعترف بشهادتها في الأزهر، حيث نال الشيخ حارث والشيخ حامد والشيخ هاشم الدكتوراه، بينما تفرغ الشيخ عبد الجبار الجنابي للإمامة والخطابة في جامعهم في ناحية جرف الصخر لوفاة والده المرحوم وتوليه رئاسة القبلية من بعده.

ولا أنسى موقفه الأخوي المشرف كعادته – رحمه الله - حينما كان يتعهد عوائلنا بالمساعدات الشهرية يجمعها من التجار والمحسنين عندما انقطعت رواتبنا، نحن أعضاء مجلس إدارة الحزب الإسلامي السبعة في بداية عام 1960م، وكنا في سجن انفرادي موزعين على مراكز شرطة بغداد على ألا يزورنا أحد حتى يأذن الزعيم عبد الكريم قاسم، وفي ذلك الحين وبعد خمسة أشهر من اعتقالنا زارني الأستاذ ليبشرني بأن الشيخ نجم الدين الواعظ قدم للزعيم اعتذارنا، كي يطلق سراحنا فوعده الزعيم خيرًا، فانتفضت ودمعت عيناي وقلت للشيخ الواعظ: لماذا تعتذر باسمنا ونحن لم نعتذر له عن كل أمر نسبناه إليه في مذكرتنا لتكون كلمة الحق عند سلطان جائر لننال الشهادة بها، فاعتذر الشيخ الواعظ بخشيته أن يحكم علينا بالإعدام، كما حكم على كثير من الأبرياء في محكمة المهداوي، وعند خروجهما من المركز التفت إلى الأستاذ السامرائي قائلاً: والله يا أخي، ما كنت أظن أن يصدر هذا من الشيخ فسامحني. فقلت له: "إني أعلم بصدقك وإخلاصك وتجردك لله تعالى".

كنت أصفه (حمه الله تعالى) بـ"جامع الأحباب؛" لأنه كان مرابطًا في الجمعية يستقبل في الليل والنهار زائري الجمعية المحبين للخير والمستحقين للمساعدة من العوائل المتعففة والأرامل والمعوزين، فكان يهش ويبش في وجوه الجميع خاصة الفقراء والأيتام، فلم يرد سائلاً ولم يترك غنيًا إلا وذكره بالتبرع للجمعية وأطلعه على أعمالها، فلم تنقطع فضائله لاستمرار العمل بها إلى الآن، ويبقى إن شاء الله.

كان (رحمه الله) يفكر في مستقبل الجمعية ووارداتها من بعده فاستأذن شيخنا الزهاوي طالبًا منه رسائل إلى معارفه ومحبيه في الكويت، والإمارات، والأردن وغيرها؛ كي يجمع التبرعات لبناء مستغلات تكون مواردًا دائمًا للجمعية ومدارسها وطلبة العلم ومساعدة الفقراء، فجمع رحمه الله، وشيد بنايات إضافية تابعة للجمعية، استؤجرت جميعها بعد إلغاء المدارس من التابعة للجمعيات، وضمها إلى وزارة التربية.

ومن منجزاته أيضًا إصدار "مجلة التربية الإسلامية" التي تصل إلى جميع دول العالم، فيستفيد منها الدعاة خاصة في بلاد الغرب، ويتخذون من مواضيعها خطبًا للجمعة والعيدين.

هذا قليل من كثير فضائله وجليل أعماله، جعلها الله في ميزان حسناته – رحمه الله - وما شهدت إلا بما علمت منه، جمعنا الله به في جنات الخلد مع أخينا المستشار عبد الله العقيل أمد الله في عمره، حيث يُعرف المؤمنون بقدواتهم وقادتهم، جعلنا الله وإياه والعاملين المخلصين أئمة للمتقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

يقول عنه مدير تحرير مجلة (التربية الإسلامية):

"لقد كانت حياة فقيدنا الراحل المربي الأستاذ عبد الوهاب عبد الرزاق السامرائي مليئة بالعزم والإيمان بالله تعالى وتربية الأجيال الإسلامية القويمة التي دعائمها الورع وتقوى الله، وأن الدنيا دار عمل لا دار جزاء، وأن الدار الآخرة هي دار جزاء لا دار عمل".

ويقول عنه الأستاذ صادق الجميلي:

"كان يحب عمل الخير ويسعى إلى تحقيقه وإنجازه، وتحمل ما تحمل من أجل ذلك، ومن أجل خدمة إخوانه المسلمين، وتم ذلك بتواضعه المعهود، وصبره المشهود، وتفانيه من أجل تحقيق أغراضه.

وقد عاش الفقيد عصورًا نكدات ومظلمة قاسيات، وبخاصة أحوال العراق بعد احتلاله البغيض الأخير، فكان يدعو جلساءه وأصدقاءه إلى الصبر والاستقامة في الحياة، والتوكل على الله في جميع الأحوال؛ إذ لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه، ويدعوهم أيضًا إلى العمل المتواصل والتغيير نحو الأحسن، وعدم اليأس في تحقيق ما يرضي الله تعالى، وإن لم تحصل النتائج المطلوبة، وكان يذكرهم دائمًا بقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف: 110). 

وفـاتـه

توفي يوم الاثنين، 5 من شعبان 1427هـ/ الموافق 28 من أغسطس 2006م، بعد عمر مديد قارب أربعة وثمانين عامًا قضاها بالعمل المتواصل وبالتقوى وملازمة الصالحين، وبالعمل المخلص الدءوب في خدمة الإسلام والمسلمين جميعًا، ونشر الثقافة الإسلامية الهادفة، وإشاعة روح الألفة والمحبة، والتعاون على البر والتقوى بين الناس أجمعين، وتقوية أواصر المحبة بين الأقرباء والمعارف والأصدقاء.

رحم الله أستاذنا الشيخ عبد الوهاب عبد الرزاق السامرائي رحمة واسعة، وحشرنا الله وإياه في زمرة الصالحين من عباده.