في حوار فكــــري تاريخي .. الدكتور زياد العاني : مشروعنا يستمد أفكاره من وحــي الكتاب والسّــــنة وتـراث الأمــــــة الزاخــــــر
مقدمة
نحاول عبر هذا الحوار تسليط الضوء على قيادات الحزب الإسلامي العراقي ودورهم في المرحلة الراهنة التي يعيشها العراق ، وضيفنا اليوم فضيلة الدكتور زياد العاني الأمين العام المساعد للحزب الإسلامي العراقي ، حيث التقيناه وتحدثنا معه في مختلف الأمور الفكرية والتاريخية ..
الجذور وعوامل التأثيـر
س : من المعروف أن البيئة التي يولد فيها الإنسان ويعيش فيها سنوات عمره الأولى تترك تأثيراً كبيراً في شخصية المــرء ، كيف يصف لنا الدكتور زياد العاني البيئة التي ولد فيها ؟ وما هي العوامل التي تأثرت بها في صغرك ؟
د. زياد العاني : لاشك إن للبيئة اثر كبير في تكوين شخصيتي فقد كان لمدينة عنه التي تضفوا على شاطئ الفرات دور كبير في تكوين شخصيتي اذ امتازت هذه المدينة بالتزامها الديني وطغى الجانب الفطري على سلوكيات أهلها كونها بعيدة عن صخب المدينة الكبيرة التي تلوثت بحضارة الغرب فأخذتها دون تمحيص أو تهذيب ، لقد غلب على أهل مدينتي عنة سلامة الصدر وحسن الطوية ومحبة الخير للجميع والبعد عن الأحلام وشاع بين الجميع مبدأ التكافل والتحابب والعائلة الواحدة كما كان التعاون بين العوائل سائد في قضاء الأعمال التي تحتاج إلى جهد بشري كبير بما يسمى بالعامية (الفزعـــة) فإذا احتاج الجار إلى بناء أو حصاد أو نقل دعا مجموعة من شباب المحلة ليساعدوه بكل سرور ورحابة صدر ، واشتهرت مدينة عنة بكثرة دواوينها التي تفتح أبوابها للضيوف القادمين من خارج المنطقة وفي الليل تتحول إلى منتديات ثقافية مصغرة يجتمع فيها رجال المحلة ليتناقشوا فيها الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا تتوفر في مدينة عنة القديمة مطاعم ولا فنادق بسبب كرم أهلها واستضافتهم للغريب القادم على عكس ما يشاع عن أهلها مع إن الفقر والحاجة كان الغالب على معظم الناس بسبب ضعف الوارد وعدم وجود فرص للعمل فيها.
لا شك إن الفقير إلى الله تأثر في هذا المحيط فنمت عندي محبة الخير للآخرين ومحبة العمل الجماعي والتعاون على الخير والبر والتقوى ولاسيما كثرة المساجد الموجودة في هذه المدينة وتأثير أئمة المساجد في وعظ الناس وتذكيرهم .
س : ما الذي بقي في ذاكرتكم من مرحلة الدراسة الابتدائية والإعدادية ؟ كيف كان شكل العراق حينذاك مجتمعاً وحياة يومية ؟
د. زياد العاني : الذي بقي في ذاكرتي من الابتدائية والإعدادية هو جدية المعلمين والمدرسين في تعليم الطلبة والارتقاء بمستواهم العلمي وحرصهم عليهم حتى عندما يكونوا خارج المدرسة فما كان الطالب يجرأ إن يسير في الشارع الذي يسير به أستاذه فضلا عن إن يجلس معه وهذا عمق في نفوسنا احترام معلمينا ومدرسينا وشيوخنا ولم يكن العراق يعرف آنذاك الأحزاب والتكتلات والطائفية التي طغت بعد استلام حزب البعث الحكم ، فقد كان ذلك بحد ذاته تعميق لروح الطائفية والاقصاء إذ حرم كل من لم ينتمي له من أي امتيازات وقصر الوظائف والبعثات على من ينتمي فقط إضافة إلى تعميقه للعداوات بين العوائل والعشائر والتي لم تكن معروفة قبله .
س : كيف تشكل مخزونكم المعرفي ؟ وما هول أول كتاب قرأته أو أثر بك بشدة ؟ ولماذا اخترتم الدراسات الإسلامية للتخصص ؟
د. زياد العاني : أول كتاب قرأته كان للأمام أبي حامد الغزالي (ت سنة 505 هـ) وكان عنوانه (أيها الولد) ثم بعدها قرأت قصص الصحابة وقادة الفتح الإسلامي ، وكان لكتاب ( رياض الصالحين ) للإمام النووي دور في سلوكي وكذلك كتاب (إحياء علوم الدين) للغزالي وأعقبها عدد كبير من كتب الدعوة وغيرها . وكان لي شغف كبير في قراءة كتب السيرة والتاريخ والفقه والحديث التي شكلت ولله الحمد كمٌّ كبير من المعرفة مما دفعني للتخصص في الدراسات الإسلامية .
العلاقة مع الحزب الإسـلامي العراقي
س : متى قررت الانضمام للحزب الإسلامي العراقي ؟ ولماذا ؟
د. زياد العاني : انضممت إلى الحزب الإسلامي العراقي عام 1962 ، وذلك لاقتناعي بضرورة العمل الجماعي انطلاقاً من قوله تعالى : (ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : (لا إسلام بلا جماعة ولا جماعة بدون أمير) وقول سيدنا علي كرم الله وجهه : (كدر الجماعة ولا صفو الأفراد) .
س : هل لك أن تطلعنا على بعض من الدور الذي كنتم تقومون به في أول انضمامكم للحزب والنشاطات التي اضطلعتم بها ؟
د. زياد العاني : في بداية التحاقي بركب الحزب الإسلامي كان عملي (دعوي ــ سياسي) إلا إن الجانب الدعوي كان يغلب على السياسي فكان عملي ذا اتجاهين ، الأول : الدعوة العامة أي دعوة من التقي به دون تخصيص أحد بالعودة إلى الله والالتزام بقيم الإسلام ومُثله وطاعة الله تعالى وحده وكذلك الدعوة إلى إعتماد الإسلام كمنهج حياة وكقانون للدولة والمجتمع وأيديولوجية منافسة للفكر الشيوعي والرأسمالي .
أما الاتجاه الثاني فهو انتقاء نماذج ملتزمة بالإسلام سلوكاً وفكر لدعوتها للانضمام إلى الحزب بعد طول صحبة وتربية ، يضاف إلى ذلك دوري في إدارة العمل للحزب والأسر التربوية وتوجيه القائمين عليها ووضع منهاج خاص بالتربية ، زيادة على ما تقدم إلقاء المحاضرات في المساجد والمنتديات .
س : خلال فترة النظام السابق وبالذات خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي كان هناك حزب معلن في لندن ونضال سري في الداخل ، هل لك أن تحدثنا عن هذه المرحلة من تاريخ الحزب ؟
د. زياد العاني : أما خلال النظام السابق عملنا لم يتوقف بل كانت اساليب تتبدل تبعاً لتبدل الوضع الامني ، فقبل إعلان الحزب في التسعينيات في لندن كان لدينا عمل سري في الداخل تعرّض للكشف من اجهزة الامن في النظام السابق اكثر من مرة كما حصل في السبعينيات و 1980 ، 1987 ، 1994 ، 1996 ، 2003 وقبل سقوط النظام بشهرين ، إذ سقط النظام وهناك أعضاء لنا معتقلين في مديرية امن الانبار .
وهناك عمل اعلن عنه الاخوة الاعضاء الذين هجّروا خارج البلد بسبب مطاردة النظام السابق لهم فأعلنوا عن تشكيل الحزب الإسلامي في لندن .
س : ما الذي يميز الحزب إذا قارناه بالمشاريع الأخرى المطروحة على الساحة ؟
د. زياد العاني : الذي يميّز مشروع الحزب الإسلامي عن المشاريع الأخرى انه يرتبط تاريخياً وعقائدياً في المجتمع وهو نظرية مجربة وقد تثبت نجاحها على عكس المشاريع الاخرى التي هي من نبات افكار اصحابها في وقت مشروع الحزب يستمد افكاره من وحي الكتاب والسنة وتراث الامة الزاخر .
س : لو نظرنا إلى سجل الحزب الإسلامي منذ تأسيسه لحد الآن هل يمكن أن تضعنا على جوانب النجاح والإخفاق ؟
د. زياد العاني : من الطبيعي أن لجميع الأحزاب غايات وأهداف قد تتحقق بنسب مختلفة حسب اداء هذه الاحزاب والتي تعتمد في جهودها على اعضائها ، فالحزب الاسلامي له اهداف وله خطط للوصول اليها عن طريق اداء اعضائه فقد نجح في تحقيق الكثير منها ولعل اهمها كسبه للساحة السنية وجمهورها مما يتميز به من كثرة قيادته ونخبه فاستطاع ان يكوّن قاعدة شعبية كبيرة لم يستطع احد ان ينافسه لحد الان فهناك انجازات كثيرة حققها الحزب يضيق المكان عن ذكرها .
أما جوانب الإخفاق فتتمثل بضعف التواصل أحياناً مع الجمهور والضعف في اطلاعه على انجازاته ونحن نحاول بكل جهدنا لتجاوز هذه العقبة وتحقيق تواصل تام مع جماهيرنا .
س : هل أنت متفائل بنجاح المشروع السياسي للحزب ؟
د. زياد العاني : نعم أنا متفائل بنجاح مشروع الحزب الإسلامي لان الله وعد بذلك بقوله تعالى : (( وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منكم لاستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم )) .
وفي ختام هذا اللقاء لا يسعنا إلا أن نشكر الدكتور زياد العاني الأمين العام المساعد للحزب الإسلامي العراقي على هذه الفرصة الطيبـــة .
المصدر
- مقال:في حوار فكــــري تاريخي .. الدكتور زياد العاني : مشروعنا يستمد أفكاره من وحــي الكتاب والسّــــنة وتـراث الأمــــــة الزاخــــــرموقع الحزب الإسلامى العراقى
للمزيد عن الإخوان في العراق
. |
|
. . |