في ذكرى وفاة الأستاذ مهدي عاكف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٠:٣٧، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
في ذكرى وفاة الأستاذ مهدي عاكف


مقدمة

رسائل.gif

طريقَ الدعوة واحدٌ لا يحتمل الشركة، ولذلك فإنَّ الدعواتِ لا تنجحُ ما لم يتجردْ لها المؤمنون بها التجردَ الذى يتمُّ به التخلُّص للفكرة مما سواها من المبادئ والأشخاص؛ بحيث تملك الدعوةُ عليهم عقولَهم ومشاعرَهم، فلا شيءَ يعين الداعية على المحن في طريقه الشاق مثلَ التجردِ لله والإخلاصِ له﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ (الأنعام)، وفي مثل هذا اليوم 22 سبتمبر من عام 2017 رحل الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين.

مهدي عاكف الذي كان قد شارف على التسعين عاما وبالرغم من ذلك ظل نموذجا للتربية العملية التي تربى عليها خلال مسيرته الحياته، ومع ذلك مات جلاديه وظل عاكف يكمل مسيرة العمل في دعوته ووسط الناس والشباب.

لقد تفرد مهدي عاكف عن أقران جيله بأنه ظل عاملا مجاهد متفاعلا جنديا وقائدا ونموذجا للثبات أمام المحن التي لم تحص ولا تعد في مسيرة حياته، حيث خلف مواقف من عظمة شخصيته، ستظل الأجيال تتحاكى بها بل وتسجلها في صفحات التاريخ بمداد من ذهب لأنه نحسبه ولا نزكي على الله أحد كان واحد من الذين قضوا نحبهم وحب دعوته يتملك كيانه.

على أرض النار

خرج النحاس باشا بتصريحاته النارية التي ألهبت الوجدان وأشعلت جذوة النار في قلوب طلاب الجامعات بعدما قرر إلغاء معاهدة 1936م من طرف واحد فانطلق الطلاب يكبدون العدو الانجليزي الخسائر تلو الخسائر في حرب القنال، فكان عاكف أحد هؤلاء الذين قادوا معسكر التدريب في جامعة إبراهيم باشا فخرج جيلا زلزل أركان المحتل عام 1951م، يقول:[ في أحد الأيام فوجئتُ بالدكتور عثمان خليل، عميد كلية الحقوق، يأتيني ويقول لي إن مدير الجامعة الدكتور محمد كامل حسين يريد أن يقوم بافتتاح المعسكر على شاكلة معسكر جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة)، فقلت له: يا عثمان بك نحن خارجون عن القانون ونعمل في حمى حرم الجامعة، ولا نستطيع أن نقوم بذلك خارج الحرم الجامعي، وأنتم لكم صفة رسمية، فهل تشاركوننا هذه المسئولية؟ وكان الدكتور نظيف وكيل الجامعة موجودًا بنفس المكتب فكرر عليَّ نفس الطلب السابق بأن يقوم بافتتاح المعسكر بنفسه ورددت عليه بنفس ردي على السابقين: فلست أنسى هذه الكلمة أبدًا، قال لي: شرف عظيم يا بني أن أشارككم جهادكم].

ثبات حتى الممات

قامت ثورة 23 يوليو وشارك فيها الإخوان غير أن العسكر انقلبوا على الإخوان وحلوا الجماعة في يناير 1954م واعتقلوا مرشدهم حسن الهضيبي وعدد من الإخوان كان عاكف واحد منهم غير أنه استطاع الهروب وظل مطارد حتى نصحه الأستاذ التلمساني والدكتور كمال خليفة ثم اعتقل مرة ثانية في أغسطس من عام 1954م.

ولقد ضرب مهدي عاكف النموذج الحي والعملي للثبات على المواقف، فبعدما ساءت العلاقة بين الإخوان وعبد الناصر حتى تم اعتقال عاكف وتم تعذيبه بصورة وحشية جعلته يذكر أن الذي كان يطعمه خلسة أحد اليهود المحبوسين لما رأى من شدة التعذيب عليه، ومع ذلك ورغم اعتقاله قبل حادث المنشية عام 1954م بشهور إلا أن عبد الناصر زج به في المحاكمات والتي حكمت عليه بالإعدام شنقا، حيث يصف موقف الإعدام بقوله: ذهبوا بنا إلى حجرة الإعدام، ولم يكن بها شيء، حتى الجوارب أخذوها، وأخذوا كل ملابسي حتى المناديل، ولم يكن مسموحًا لنا بشيء، وسرعان ما أعدموا الستة الأوائل رحمة الله عليهم، وكنت أنا السابع، وجاءني مدير البوليس الحربي، وكان اسمه أحمد أنور، فحدثته بشدة، وعدم اكتراث؛ لأنه فعل بي الكثير بالإضافة إلى أنني سأُعدم فلماذا أخاف! وماذا سيفعلون بي بعد ذلك.

الجرأة في الحق

وهب الله عاكف العديد من الصفات القيادية منذ أن كان طالبا، ومنها الجرأة في الحق واللين لكل من يعمل لهذا الدين والانفتاح وغيرها، فبالرغم من كونه كان قد شارف على التسعين إلا أن الجميع كان يرى فيه روح الشباب، وحكمة القائد، وصبر الجندي، والأخوة الصادقة.

يقول:في يوم 25 يوليو 1974 جاء وفد من المخابرات والبوليس السياسي أو أمن الدولة، وكانوا حوالي خمسة أفراد، ودخلنا على مدير الليمان واسمه اللواء علي موسى ثم طلبوني أنا وعلي نويتو، وقالوا لي: يا عاكف لن نفرج عنك إلا إذا كتبت لأنور السادات، فقمت دون أن أشعر وقلت لهم: اسمعوا: أبلغوا أنور السادات أن محمد عاكف يقول لك: إن الله سبحانه وتعالى خلقه حرًا ولن يساوم على حريته، وإن الله خلق له عقلاً والعقل أمانة، والحاكم الشريف لا يساوم مواطنيه على حريتهم ولا على آرائهم، وانصرفت.

وموقف أخر أثناء عودة المستشار حسن الهضيبيالمرشد العام- من رحلته بالخارج عام 1954م حينما حاول البوليس الحربي منع خروج بقية الإخوة من المطار، مما دفع مهدي عاكف أن يصف المشهد بقوله: وكنت قد أعتدت سيارة غير سيارة المرشد، واستقبلناه وركب السيارة بجوار الدكتور خميس، وركبت أنا في الأمام، لكنني فوجئت بمن يقول إن سيارة المرشد العام هي التي ستخرج فقط من المطار، فوقفت وقلت: سيارة المرشد العام ستكون أخر سيارة تخرج من المطار، فجاء مدير أمن القاهرة (أحمد صالح) وأخبرته بأن أمامه دقيقتان، "وإن لم يخرج الجميع أنا سأفتح البوابة بالقوة"، ففتحوا البوابة، وقلت لجموع الإخوان: "لا تتوقفوا لأي أحد" حتى وصلنا المركز العام حيث وجدنا الأعداد الغفيرة في انتظارنا، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي في الحكم علي بالإعدام، وليس ما قمت به نحو عبد المنعم عبد الرؤوف.

بين الساقة والحراسة

ما أن انخرط عاكف – وهو شاب في المدرسة الثانوية – لركب الدعاة رغم حياته الميسورة، إلا وقد تملكه حب الانطلاق والإبداع للوصول لقلوب الناس بدعوته التي ما أن عرفها حتى كان جنديا في الميدان يزود عنها ويعمل تحت لواء القادة.

لقد ضرب عاكف المثل العالي في الجندية حينما اختار عن طيب خاطر أن تكون فترة ولايته كمرشد فترة واحدة ويترك المجال لجيل أخر يحمل ويقود مسيرة هذه الدعوة.

لم يركن عاكف لكبر سنة أو للأمراض التي حلت به لكن قال كلمته التي دونها التاريخ حينما تم اختيار مرشد جديد، وأثناء تسليمه راية القيادة للمرشد الجديد قال له (كما جاء على لسانه: كنت أول من نادى الدكتور محمد بديع بفضيلة المرشد العام، وأثناء خروجي من المكتب ناديته، وقلت: يا فضيلة المرشد.. أنا رهنت إشارتك في وقت تحتاجني الدعوة فيه.

رحل مهدي عاكف ولم يشيعه أحد، ولم يقف على قبره احد، مات وقد دفن في جوف الليل، بعدما رسم بمواقفه طريقا من نور يسير عليه كل من أراد أن يعمل لدين الله متجردا.

مجاهدا

لم يترجم مهدي عاكف شعار والجهاد سبيلنا ترجمة قوليه أو إعلامية، لكنه حققها في نفسه ترجمة فعلية بحيث كان مجاهدا في ساحات الوغى يزود عن وطنه ضد المحتلين، فقد وكل له مهمة جمع السلاح من الصحراء الغربية وصحاري مصر أثناء حرب فلسطين، والدفع بها للهيئة العليا للدفاع عن فلسطين، حيث كانوا يزودون بها متطوعي الإخوان هناك.

بل حمل راية الجهاد على عاتقه وسط جامعة القائد إبراهيم (عين شمس حاليا) وجمع الطلاب وفي ساحة الجامعة – وبعد استئذان رؤسائها – افتتح معسكر لتدريب المجاهدين في حرب القنال عام 1951م وكانت له صولات وجولات وسط جامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وخرج الكثير من المجاهدين الذين أبلوا بلاء حسنا على أرض المعركة ومنهم من استشهد في سبيل وطنه.

قياديا

وهب الله عاكف العديد من الصفات القيادية منذ أن كان طالبا، ومنها الجرأة في الحق واللين لكل من يعمل لهذا الدين والانفتاح وغيرها، فبالرغم من كونه شارف على التسعين إلا أن الجميع كان يرى فيه روح الشباب، وحكمة القائد، وصبر الجندي، والأخوة الصادقة.

وبهذه الصفات تملك مهدي عاكف قلب من يعرفه، سواء في سجن الواحات أو سجن المحاريق، أو فترة عمله في الخارج خاصة المركز الإسلامي بميونيخ، أو نائبا في البرلمان، أو مرشدا لأكبر حركة إسلامية.

ستطاع بريادته للعمل الإسلامي والتربوي أن يقدم نموذجا حيا للمربي والداعية في كل الميادين ولذلك له علاقات طيبة بمعظم الدعاة والمربين وقادة العمل الإسلامي في العالم.

ومن المعروف عنه دعمه الشديد للقضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان ضد الاحتلال الصهيوني، والوقوف بجوار كل مسلم على وجه الأرض والعمل من اجل الإنسانية كلها.

متجردا

لم يسع مهدي عاكف للزعامة في يوم من الأيام بل كان يعمل وخلال العمل تسند له المهام، حيث كان يتجرد بهذه الأعمال لله رب العالمين، لم ينتظر ثناء ولا مدحا من احد، ب كان يقول: إن ظاهرةَ التنازع والشقاق والتشرذم التي تصيب بعض العاملين في حقل الدعوة تشير إلى نقص في التجرد الحقيقي لله، حين تختلف آراؤُنا واجتهاداتُنا ورؤانا ونحن متجردون لله وللحق، فسنحتكم إلى الضوابط والثوابت التي ارتضيناها، وسيقلُّ التنازعُ والشقاقُ والتشرذم دون شك حين نكون متجردين لله، نقبل النصيحة، ونحتمل النقد، سواء كان لأشخاصنا أو لأفكارنا أو لتصرفاتنا، وحين نكون متجردين لله لا تكون ذواتنا محور اهتمامنا ولا محور تحركنا، وحين نكون متجردين لله تكون طريقة الحكم على الآخرين هي الطريقة التي أمر الله بها ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 8).

لقد سعى مهدي عاكف على درب نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يعبأ بالحياة ومتعها حيث كانت الآخرة نصب عينه حتى قال: "من أراد الجنة فلا يرى لنفسه حقاً على أحد.. ولا ينقص من أقدارنا أن يهاجمنا بعض الناس، ويتهموننا بالباطل، ولكن الذي ينقص من أقدارنا هو أن نخطئ نحن..".

رحل مهدي عاكف ولم يشيعه أحد، ولم يقف على قبره احد، مات وقد دفن في جوف الليل، بعدما رسم بمواقفه طريقا من نور يسير عليه كل من أراد أن يعمل لدين الله متجردا.

تعرف على المزيد

تم تجميع روابط داخلية وخارجية لمزيد التعرف على الشخصية وهي 31 رابط داخلي , و694 رابط خارجي.

روابط داخلية

::كتب متعلقة::

::أبحاث ومقالات متعلقة::

::متعلقات::

روابط خارجية

::أبحاث ومقالات متعلقة::

::فلسطين::

::مواساة::

::أخبار عربية وعالمية::

::تابع أخبار عربية وعالمية::

::مقالات متعلقة::

::تابع مقالات متعلقة::

::تصريحات وحوارات صحفية::

::روابط فيديو::

→ سبقه
محمد المأمون الهضيبي
مرشدو جماعة الإخوان المسلمين
خلفه ←
محمد بديع