قالب:فلق الصباح
عبرة تأريخنا: أننا عندما نتفرق، ويهدم بعضنا بعضا باسم مصلحة الوطن، أو المطامع الشخصية والحزبية، وغيرها من الحوالق، حتى ولو غلفت بثوب الدين؛ فإنه تدول دولتنا، وتذهب عزتنا، وتستبدل شريعتنا الربانية بالنظم الوضعية؛ كما تم ذلك في 1821م باحتلال دولة محمد علي باشا العلمانية، لسلطنة سنار الإسلامية؛ وبإجهاز الدولة الإنكليزية على الدولة المهدية يوم عضلتها العصبية والقبلية (أولاد البحر وأولاد الغرب) وعلماء يعادي بعضهم بعضاً والذي حدث قبل مائة عام يكاد أن يتجدد. إن الصراع الذي يجرى على أرضنا، هو جزء من الصراع العالمي المسمى صراع الحضارات، والذي يتصف بالشمول، إذ أن الحضارة وهي رصيد الماضي وتفاعلات الحاضر والمسار إلى المستقبل، تقوم على شبكة ضخمة شديدة التعقيد من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية... الخ، تغذيها روافد متعددة من الأعراف الإنسانية والشرائع الربانية لتنتج الجانب المعنوي للحضارة، وهو الأفكار والقيم الروحية والأخلاقية والسلوكية؛ واليوم يراد فرض النموذج الحضاري الغربي في كافة أوجه حياتنا السياسية لتدين بالعلمانية، وفي الاقتصاد نتعامل باقتصاد السوق الحر الذي عصبه الربا والاستغلال، وفي الاجتماع لتضمحل الأسر عندنا وتتفكك، وفي الأخلاق لتنهار القيم والمباديء، وفي مناهج التعليم لنظل في تخلفنا التقني زائداً محاولة تخنيث الإسلام المدرسي ليصبح ديناً بلا جهاد، لا ولاء ولا براء. فمن ثم لابد من المجابهة الشاملة، تستلهم آخر معارف الإنسانية، وتنتقي الصالح منها وتأخذ بكل أدوات الحضارة الجائزة شرعاً، والمجابهة الشاملة تقتضي التساند والتعاون والتعاضد من الجميع؛ ورحم الله القائل (المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه) والجماعات كالأفراد.
إن مجتمعنا رغم ما أصابه من جراح ما زالت الخيرية فيه وافرة وما زالت عناصر السلامة فيه قوية رغم طغيان مظاهر الفساد ولا ينقص الخير ليتكامل، إلا مجموعة من المؤمنين تكاملت تربيتها وأجادت فن القيادة تخطُّ له طريقا ًوتمضي فيه سابقة لتحوز مقام القدوة. إن الإسلام قادر على تضميد جراحات النفوس وإزالة آثار الحروب من قلوب المحتربين؛ فعل ذلك من قبل في بلادنا يوم التئم شمل العرب والنوبة عام الفتح، وتآخى باسمه الفونج والعبدلاب وتوحّدا بعد التقاتل؛ ليقيما معا دولة الإسلام الأولى في السودان: السلطنة الزرقاء
|