ماذا يعني انتمائي لجماعة الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٢٩، ٢٥ فبراير ٢٠١٢ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات) (حمى "ماذا يعني انتمائي لجماعة الإخوان" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


ماذا يعني انتمائي لجماعة الإخوان؟ .. بحث من وحي كتاب " ماذا يعني إنتمائي للدعوة ؟


مقدمة

من نعم الله علينا أن رزقنا بجماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التي أسسها الإمام البنا عليه رحمة الله تعالى عام 1928 م، وكل فرد انتمى إلى تلك الجماعة المباركة يجب عليه أولاً الالتزام بمبادئ دعوة الإخوان، وثانيًا العمل داخل الصف بثقة تامة، والقيام بالواجبات، ومن ثمَّ لا بد لكل فرد أن يفهم ماذا يعني انتماؤه للجماعة؟

ومن أفضل ما كتب في هذا المجال كتاب “ماذا يعني انتمائي للدعوة” للأستاذ محمد عبده.

فهيا بنا نغوص في أعماقه:


أولاً: أن أكون ملمًّا بالظروف التي نشأت فيها دعوتي

ساد الاحتلال معظم الدول العربية والإسلامية، وزاد الصراع الفكري، والفتنة بالغرب في الوقت الذي كان المسلمون يتخبطون في جهل مظلم، وتأثرت الشعوب بالغرب مما دعا المفكرين إلى أن يدعوا إلى العري والانحلال، كذلك زادت الحملات التبشيرية، وبخاصة على مصر بقيادة القس زويمر الذي تجرأ على توزيع المنشورات داخل الأزهر الشريف، وساعده في ذلك الإنجليز، وازدادت الفاحشة وانتشر الفقر وانتهى الحال بسقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 م.


أثر المكان فى تطور دعوة الإخوان

Ikhwan-logo1.jpg

لم يبدأ الإمام حسن البنا دعوته فى الإسماعيلية عندما وصلها لأول مرة يوم الأثنين 16-9-1927 م ؛ إنما كان يضع لها اللمسات الأخيرة ، هذه حقيقة ولكنها تحتاج الى مزيد بيان.

مارس حسن البنا الدعوة “الجماعية” صغيرًا ، منذ أن كان تلميذًا بالمرحلة الإعدادية بالمحمودية ، من خلال جمعية الأخلاق الأدبية ، والتى وضع فكرتها أستاذه محمد أفندى عبد الخالق مدرس الحساب والرياضة ، وحيث كان الزاد الذى حصله البنا من أستاذه الأول محمد محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد – له الفضل فى تطلع الأنظار الى هذا التلميذ النجيب ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية الطلابية .

ومع ذلك فإن هذه الجمعية لم تستوعب كل طاقات الداعى الصغير ، فأنشأ فى نفس الوقت جمعية أخرى تمارس الدعوة بين الكبار خارج المدرسة ، فكانت جمعية “منع المحرمات” . كل ذلك كان فى المحمودية ، وهى قرية صغيرة فى ذلك الوقت.

غير أن انتقال البنا إلى دمنهور وعمره أربعة عشر عامًا لمدة ثلاث سنوات ( الفترة من عام 1920 حتى عام 1923) ليلتحق بمدرسة المعلمين حيث وجد هناك “مصيبة” أخرى لم يكن يعرفها فى المحمودية ، وهى وجود التبشير حيث تنتشر مستوصفات ( السبع بنات ) فى المدن ، لتمارس التنصير من خلال الخدمات الصحية والمساعدات البسيطة، مستغلة حالة الفقر والجهل التى كان المصريون ينعمون بهما !

وهنا تحركت الغيرة فى نفس الداعية الذى كان يخطوأولى خطوات الشباب ، فأسس بالاشتراك مع صديق عمره أحمد السكرى “الجمعية الخيرية الحصافية لمقاومة التبشير” .

فى الوقت نفسه كان البنا مستغرقًا فى العبادة والتصوف وتحصيل العلم خارج المنهج الدراسى فى ظل رعاية أساتذته الذين تنبئوا له بمستقبل عريض ، وخاصة أستاذه عبد العزيز عطية ناظر مدرسة المعلمين ، والذى صار من تلاميذ الإمام البنا فى الدعوة بعد ذلك، كما أن كل ذلك لم يمنع البنا من المشاركة فى الحركة الوطنية وقيادة مظاهرات وإضرابات الطلبة فى الفترة التى أعقبت ثورة 1919.


المحمودية – دمنهور….. ثم القاهرة

وبعد ثلاث سنوات ومع انتهاء البنا من دراسته فى مدرسة المعلمين ومن ثم انتقاله إلى القاهرة ليلتحق بكلية دار العلوم ( الفترة من عام 23 –1927 ) حيث كانت القاهرة تموج بالصراع بين “القديم والجديد” أوبين تيار إسلامى ضعيف منقسم وتيارات تغريبية متعددة ومتناقضة، القاسم الوحيد الذى يجمع بينها هواستبعاد الإسلام من الحياة ، وزاد على ذلك إعلان دستور 1923 وانغماس الحركة الوطنية فى اللعبة السياسية وتحولها الى أحزاب متصارعة على حساب القضيةالأصلية ، وهى جلاء الإنجليز وتحقيق الإستقلال !

وهكذا كلما انتقل البنا من مكان الى آخر وجد أن المصيبة تتفاقم وأن الإسلام يواجه حربًا بلا هوادة ، وقد غاب الحارس الأمين سواء من العلماء والمفكرين أومن الدولةالتى تبنت العلمانية دينًا ومذهبًا! رغم ما كان يلمسه البنا من حب دفين للدين فى قلوب المصريين.

أخذ البنا – الطالب فى دار العلوم – يتنقل بين المقاهى فى أحشاء القاهرة ، يفاجئ الناس بمواعظ أعد موضوعاتها بعناية ، ولايرهقهم بالإطالة ، وقد أدرك المجهود الضخم الذى لابد أن يبذل ليستعيد مكانة الإسلام الحقيقية على مسرح الحياة ، بعد أن تردد على العلماء والمفكرين أمثال الشيخ رشيد رضا، ومحمد فريد وجدى ، ومصطفى المراغى، وعبد الوهاب النجار، ويوسف الدجوى ، وغيرهم.

وقد استطاع أن يجمع هذه الكوكبة من العلماء ربما لأول مرة فى بيت أحمد تيمور باشا، وقد أثمر ذلك الاجتماع عن إنشاء لجنة لمناظرة المبشرين ، والتى أصبحت نواة قسم الوعظ والإرشاد بالأزهر بعد ذلك ، وكذلك إنشاء مجلة “الفتح” ، وكان ذروة الأمر إنشاء “جمعية الشبان المسلمين” عام 1927 .

وكلها كانت وسائل فاعلة ، لكنها لم تكن كافية لمواجهة الداء الذى استفحل ! حتى أتم البنا دراسته ليعين بعدها فى الإسماعيلية مدرسًا فى المدرسة الإعدادية الوحيدة فى هذه المدينة البعيدة عن العاصمة !! .

وَحيُ الإسماعيلية

الإمام الشهيد حسن البنا وأول هيئة بالإسماعيلية

لم يتصور حسن البنا أن يكون هناك ماهوأسوأ ، بعد الذى رآه فى القاهرة ، وأن تستمر حالة الغربة التى تزداد كلما انتقل من بلد إلى آخر ، وهومازال فى البلاد المصرية لم يغادرها ، وكانت الأوضاع فى الإسماعيلية هى المفاجأة التى لم يتوقعها البنا ، مما دعاه أن يطلق على هذه الحالة “وحى الإسماعيلية” ، ويقصد بها الاستعمار العسكرى متمثلاً فى معسكرات الجيش الإنجليزى الممتدة على طول القناة ، والاستعمار الاقتصادى متمثلاً فى شركة قناة السويس المملوكة بالكامل للأجانب ، والتى يذهب خيرها الى الخارج!!

كانت الإسماعيلية مستوطنة أجنبية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ؛ ليس للحكومة المصرية فيها أمر ولا نهي.

صحيح أن مصر كلها كانت محتلة من قبل الإنجليز منذ العام 1882 ؛ إلا أن الإسماعيلية بالذات والتى ارتبط نشأتها بافتتاح قناة السويس عام 1869 كانت طرازًا عجيبًا !! فالحكمدار الذى يحكم المدينه تعينه شركة قناة السويس ويتبع محافظ القنال الأنجليزى ، وشركة القناه هى المسؤلة عن جميع المرافق والخدمات فى المدينة ، حتى الإجازة التى هى يوم الجمعة فى كل أنحاء مصر تحولت فى الإسماعيلية إلى يوم الأحد ، فضلاً عن الذوق الأوربى فى المساكن والفيلات المتناثرة بين حدائق الإسماعلية الغناء ، والتى تم استيراد أخشابها خصيصا من فرنسا !


عرايشية العبيد

كانت المقابلة بين حالة الفقر التى يعيشها المصريون وحالة الترف التى ينعم بها السادة الأجانب دافعًا لمزيد من التأمل فى الحالة المزرية التى وصل إليها المصريون فى بلادهم ، فشارع “الثلاثينى” فى المدينة يفصل بين حيين أوعالمين ؛“حى العرب” ببيوته المتواضعه وشوارعه المظلمة والمحرومة من مياه الشرب والمجارى والخدمات ، “وحى الإفرنج” الراقى الذى لايستطيع المصرى أن يسير فيه مجرد السير إلا إذ كان يؤدى خدمة للسيد الأجنبى !!.

ليس هذا فحسب ، بل كان شارع فاروق – حيث تقع مدرسة “التهذيب” أول كيان أنشأته الدعوة بعد تأسيسها – يفصل هوالآخر بين “حى العرب” وحى آخر يطلق عليه “عرايشية العبيد” “منشية الشهداء الآن” ، وياله من اسم يوجع الضمائر الحية ، ومع ذلك يتنادى الناس بهذا الاسم بلا تحفظ “عرايشية العبيد” !، يعيش الناس فيه فى أكواخ من الصفيح بلا ماء ولا كهرباء ولا شوارع ولا أى خدمات، كانوا بقايا العمال البؤساء الذين حفروا القناة بأظافرهم بعد أن مات منهم 125 ألف مصرى بائس خلال السنوات العشر التى حفرت فيها القناة ، ودفنوا فى أماكنهم بلا غسل ولا تكفين !!!

في هذه الأثناء ، لفت نظر المدرس الشاب أن الشوارع تحمل أسماءا أجنبية ، فهذا شارع “ديلسبس” و”أوجينى” و”شمبليون” و”جومار “و”نجرللى” و”ليسيو” مكتوبة باللغة الفرنسية وحدها ، حتى شارع الجامع العباسى مكتوب بالفرنسة فقط !!

إضافة الى الكنائس الضخمة لكل المذاهب والمنتشرة فى الأحياء الراقية ما بين الحى الإفرنجى ومنطقة نمرة ستة وحدائق الملاحة مقابل المسجد الوحيد “العباسى “ والذى يعانى من تواضع البناء وانقسام الناس إلى فريقين ، كل منهما يتبع شيخا ويحارب الآخر !


دعوة الإخوان : موسى الذى تربى فى قصر فرعون

يذكر البنا فى مذكرات الدعوة والداعية مواقف تبين حالة الكبر والاستعلاء التى استولت على الأجانب فى مواجهة أبناء البلد المغلوبين على أمرهم فيها، منها أن “مسيوسولنت” كبير المهندسين بشركة القناة استدعى الأخ حافظ عبد الحميد النجار أحد الستة الذين بايعوا وأنشأوا هذه الدعوة المباركة لينجز له بعض أعمال النجارة ، ولم يعجبه السعر فلم يتردد “سولنت” هذا أن يهين ذلك النجار الغلبان واصفًا إياه أنه حرامي، وهى كلمة لاتستدعى الغضب من أولاد البلد لأنها أقل ما يسمعه من إهانات السادة الأجانب الذين يتحكمون فى كل شئ، وعلى رأى ابراهيم عبد الهادى باشا رئيس الوزراء وهويحذر جمال عبد الناصر عام 49 : لوأن أجريجيا ببنطلون مزيت حدث له مكروه فى البلد لقامت الدنيا ولم تقعد !!

ولم يكن لحافظ عبد الحميد الذى لامست قلبه دعوة الإخوان أن يفكر بطريقة كبار رجال الأحزاب فى ذلك الوقت ويرضى أويسكت، وإنما لقن “سولنت” درسًا بليغا فى الأدب وعزة المسلم الذى لايسكت على ضيم ويجبره على الاعتذار بعد أن كان يرفض بل ويتمادى فى غروره ، رافضا حتى لوكان هذا الاعتذار للملك فؤاد شخصيًا !! إلا أنه فى النهاية اضطر للاعتذار ربما لأول مرة فى حياته بعد أن اعترف أنه يتحدث إلى “أفوكاتو” وليس نجارًا . كما سبق أن أقرت شركة جباسات البلاح التى يديرها الأجانب أن الشيخ محمد فرغلى إمام مسجد الشركة المنتدب من جمعية الإخوان جنرالا وليس مجرد شيخ وتفاصيل الواقعة وغيرها فى مذكرات الدعوة والداعية لمن أراد المزيد !!

كانت الإسماعيلية هى أبعد مكان يمكن أن يتخيل إنسان أن تقوم فيه دعوة تعيد الأسلام إلى مسرح الأحداث بقوة بعد أربع سنوات فقط من إلغاء الخلافة لأول مرة فى تاريخ المسلمين !!

فكانت دعوة الإخوان بحق – كما وصفها محمد عبد الحميد أحمد ، أول طالب فى جماعة الإخوان – أشبه بموسى الذى تربى فى قصر فرعون ، ومع النجاح الذى حققته الدعوة فى عامها الأول إلا أن البنا ظل يبحث عن بيئة أخرى قد تكون أكثر مناسبة يحقق فيها الدعوة كما يتخيلها والتى أشار إليها فى مقدمة خطابه أمام المؤتمر الخامس – أنها كانت فكرة فى نفوس أربعة فقط !

الانتماء للإخوان المسلمين..ماذا يعنى؟

كل هذا جعل جذوة الغيرة على الإسلام تنتفض في قلب الإمام الشهيد حسن البنا عليه رحمة الله، فكان لا بد من العمل، فاتجه للمقاهي، والزوايا الصغيرة يخطب فيهم دقائق معدودة، فبلغ التأثير مداه عند ستة من العمال، والحرفيين اجتمعوا عند الإمام البنا، وجلسوا يتحدثون، وفي صوتهم قوة، وفي عيونهم بريق وعلى وجوههم سنا الإيمان والعزم وهؤلاء هم:

1- عبد الرحمن حسب الله (سائق).

2- حافظ عبد الحميد (نجار).

3- زكي المغربي (عجلاتي).

4- أحمد الحصري (حلاق).

5- إسماعيل عز (جنايني).

6- فؤاد إبراهيم (جنايني)

وانتهى اللقاء المفعم بالحب بتشكيل النواة الأولى للإخوان المسلمين عام 1928 م. واستأجروا غرفةً متواضعةً في مكتب الشيخ علي بشارع فاروق، وأطلقوا عليه اسم “مدرسة التهذيب للإخوان المسلمين”، وانطلقت الدعوة تشق طريقها للنور.

ثانيًا: أن أتعرف على أي عقيدة تنبني دعوتي؟

لقد اختار الإمام البنا عقيدة الإسلام الذي ارتضاه الله للمسلمين دينًا ليقيم عليها دعوته، والفكر الإخواني الذي أسسه الإمام البنا فكر إسلامي مستنير يرتكز على الإسلام، ومنه يستمد عقيدته، وله يجاهد الإخوان، وفي سبيل إعلاء كلمته يعملون.

فإن عقيدة الإسلام هي منطلق دعوة الإخوان، ونادى الإمام البنا المسلمين للعودة إلى المصدرين الأساسيين؛ وهما القرآن، والسنة المطهرة، والتأكيد على شمولية الإسلام بمعناه الواسع. والإخوان المسلمون دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وشركة اقتصادية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وفكرة اجتماعية.

وإسلام الإخوان ليس معناه أن لهم إسلامًا غير الذي نزل به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ولكننا فهمنا الإسلام بمعناه الصحيح الشامل المتكامل.


الاخوان المسلمون والعقيدة

العلمانيون يتهمون الاخوان بأنهم مسلمون متعصبون لعقيدتهم، متصلبون في إيمانهم، متشددون في نظرتهم الى الطوائف الأخرى.

وبعض الفصائل من الإسلاميين يتهمون الإخوان بأنهم متساهلون في أمور العقيدة، كما في قضية الأولياء والقبور، وقضية التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والملائكة وأولياء الله الصالحين، وقضية الآيات والأحاديث التي يطلق عليها: آيات الصفات، وأحاديث الصفات، فهم في هذا من الأشاعرة وليسوا من أهل السنة !!

وكذلك قضية الولاء والبراء، فهم يتهمون الإخوان بأنهم لا يبرأون من الكفار ومن اليهود والنصارى وغيرهم، ويقولون عنهم: هم إخواننا، ولا أخوة بين مسلم وكافر. وهم يؤولون النصوص القطعية. وهم لا يكفرون الحكام الذين يحكمون شرع الله تعالى في جوانب الحياة كلها: اجتماعية واقتصادية وسياسية، مخالفين لما نطق به القرآن الكريم.

بل يقول هؤلاء: ان العقيدة لا تأخذ في في فكر الاخوان حيزا كافيا، ولا في أدبياتهم مكانا يليق بها. الى غير ذلك من التهم التي يلصقها هؤلاء بالاخوان، وهي تهم لا تقف على رجلين سليمتين، ولا تستند الى برهان بين أوفقه صحيح.

ولا أدل على تهافت هذه الاتهامات من تناقضها فيما بينها، فتهم العلمانيين يرد عليها تهم المتشدديين، والعكس بالعكس.


العقيدة أس البناء

الدعوة.jpg

إن العقيدة في فكر الإخوان وفي دعوتهم هي رأس الأمر ، وأس البناء ، وروح الاسلام.

فالإسلام عقيدة تقوم على أساسها شريعة، تتفرع عنها أخلاق وأعمال، وينبثق منها مجتمع، تحكمه دولة، والاخوان مؤمنون كل الايمان بعقيدة الاسلام، ولكنهم غير متعصبين ضد مخالفيهم، الا اذا اعتبر الاعتزاز بالعقيدة، والحماس لها والثقة بتفوقها، واليقين بنصر الله اياها تعصبا ، فهم حينئذ أول التعصبين.

والعقيدة يعبر عنها بالقرآن والسنة باسم الايمان والشريعة والعبادة والأخلاق يعبر عنها باسم العمل لا يقبل عمل بلا ايمان كما لا ينفع ايمان بلا عمل.

وقد ركز الامام البنا منذ فجر دعوته على على بناء الايمان لدى الدعوة، اقتداء بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي ظل ثلاثة عشر عاما في العهد المكي يغرس فيها - قبل كل شيء- أصول الايمان وحقائق التوحيد وعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت، كما يغرس في العقول والنفوس أصول الفضائل ومكارم الأخلاق.

وكانت دار الأرقم في مكة هي معهد التربية الأول لغرس الايمان، وتثبيته في الرعيل الأول من المسلمين.

كان من الشعارات التي تجمل دعوة الإخوان المسلمين في كلمات:

الله غايتنـــا ، والقرآن شرعتنـــا ، والرسول قدوتنـــا ، والجهاد سبيلنـــا ... وكان هتاف الإخوان الحبب :

اللـــــــه أكبـــر، وللــــــــــه الحمــــــــــــــد

حيث كان الناس يهتفون بحياة الزعماء والملوك.

وكانت صيحتهم الجهيرة تقول:

لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عليها نحيا ، وعليها نموت ، وفي سبيلها نجاهد حتى نلقى الله وكانت مناهج التربية في جماعة الإخوان تقوم على أن الايمان هوالركن الركين والحصن الحصين، وأن الجانب الرباني في التربية مقدم على كل الجوانب وهوأصلها الأصيل، وأن رضوان الله تعالى هوغاية الغايات، فاذا كان من غاية الاخوان اقامة مجتمع اسلامي أوحكم اسلامي أودولة اسلامية، أوتحرير الوطن الاسلامي اوتوحيد الامة الاسلامية اوغير ذلك من الأهداف والغايات، فإن الغاية القصوى وراء كل ذلك : ابتغاء رضوان الله تبارك وتعالى ، وهذا هومعنى اللــــــــــــــه غايتنـــــــــــــــــا.

وقد كتب الاستاذ البنا – وهوابن ست وعشرين سنة – رسالة مركزة وميسرة في العقائد ، وأشار في كثير من رسائله ومقالاته الى أهمية العقيدة ودورها، وفي محاضراته التي عرفت باسم “ أحاديث الثلاثاء” ركز على هذا الجانب، وحين أصدر مجلته الشهرية “الشهاب” لتخلف مجلة “المنار” في تثقيف الأمة وتوجيهها، كان من أبرز الأبواب فيها: “اللــــــه” وهوبحث في عقيدة الألوهية والتوحيد.

ولا يكاد يوجد كاتب من كتاب الإخوان إلا وكتب عن العقيدة:

الشيخ الغزالي كتب “عقيدة المسلم” و”ركائز الايمان بين العقل والقلب” وغيرهما، والشيخ سيد سابق “العقائد الاسلامية” والشهيد سيد قطب “حصائص التصور الاسلامي” و”مقومات التصور الاسلامي” والشيخ سعيد حوا “اللــــه” و”الرسول” في عدة أجزاء. والشيخ عبدالمنعم تعيلب “ العقائد في القرآن” في عدة أجزاء، والشيخ عبد المجيد الزنداني”بناء الايمان” والدكتور محمد نعيم ياسين عن “الايمان” وأركانه، والفقير اليه تعالى: “الايمان والحياة” و “وجود الله” و”حقيقة التوحيد” الى ما ذكر في الكتب الأخرى.

ويعتمد الإخوان في عرض عقيدتهم على دعامتين:

الأولى : النصوص النقلية من القرآن الكريم والحديث الصحيح، ولا سيما القرآن فهو الينبوع الأول للعقيدة، وصحيح السنة هو البيان والتفسير.

والثانية: البراهين العقلية والعلمية، التي لفت اليها القرآن بقوة، والتي أمدنا فيها العلم الحديث بذخيرة هائلة، تقمع الماديين، وتفحم الملاحدة والمشككين.

والداعية الموفق هوالذي يجمع بين النقل والعقل في عرض العقيدة، وبناء الايمان وهومنهج القرآن.


ولكن كيف يقدم الإخوان العقيدة؟

لا يريد الإخوان من تقديم العقيدة وشرحها أن تكون كلمات تحفظ وتردد، ولا مجادلات مع الآخرين، دون أن يكون لها أثر في حياة صاحبها، بحيث يقتنع بها عقله، ويطمئن بها قلبه، وينفعل بها وجدانه، وتتحرك بها ارادته.

إن القرآن حين عرض لنا ايمان المؤمنين جسده في أخلاق وأعمال باطنة وظاهرة كما قال تعالى:

إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا” .. الأنفال 2-4

وكذلك أوائل سورة المؤمنون “ قد أفلح المؤمنون، اللذين هم في صلاتهم خاشعون، واللذين هم عن اللغومعرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون” .. المؤمنون 1-5 .

يرفض الإخوان الشركيات والخرافات التي ألصقت بعقيدة التوحيد، مثل ما يفعل كثير من العوام في كثير من بلاد المسلمين، ويبرره لهم بعض الخواص، من الطواف بقبور الصالحين والنذر لها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وغير ذلك من المنكرات.

وقد بين الاستاذ البنا في أصوله العشرين برغم وجازتها وتركيزها أن هذه الأعمال من المنكرات والكبائر التي يجب محاربتها.

يقول رحمه الله: “ وكل بدعة في دين الله لا أصل لها استحسنها الناس بأهوائهم – سواء بالزيادة فيه أوبالنقص منه – ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي الى ما هوشر منها.

ولا شك البدعة تشمل البدعة الاعتقادية، كما تشمل البدعة العملية.

ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم: قربة الى الله تبارك وتعالى، والأولياء هم المذكرون في قوله تعالى: “ اللذين آمنوا وكانوا يتقون” .. يونس 63

والكرامة ثابتة لهم بشرائطها الشرعية، مع اعتقاد أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا في حياتهم أوبعد مماتهم، فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم.

ويتابع الامام الشهيد... “ وزيارة القبور أيا كانت: سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ، ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا، ونداءهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أوبعد، والنذر لهم، وتشييد القبور وسترها واضاءتها والتمسح بها، والحلف بغير الله وما يلحق بذلك من المبتدعات: كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة.

والدعاء إذا قرن بالتوسل الى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة. والعقيدة أساس العمل، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة، وتحصيل الكمال في عمل كليهما مطلوب شرعا، وان اختلفت مرتبتا الطلب.”

انتهى من رسالة التعاليم- مجموع الرسائل ص 358


قضية التوسل

وأما قضية التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء، والملائكة والصالحين من عباد الله، فقد ذكر الأستاذ البنا: أن هذا من الامور الخلافية بين الائمة، وأنه خلاف في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة. وقد أنكر إخواننا السلفيون على الأستاذ البنا هذا القول، واشتد نكيرهم عليه، وعلا صوتهم فى معارضته والتشنيع على قائله.

ولا يدرى المرء لم هذا كله؟.

أولا: لأن الأمر خلافي بالفعل، ومن قرأ كتب المذاهب المتبوعة من الحنفية والمالكية والشافعية بل حتى الحنابلة: وجد هذا واضحا، فالكثيرون أجازوا التوسل بالرسول وبالصالحين من عباد الله. وهناك من كره التوسل، وهناك من منعه.

ولكل فريق من هؤلاء أدلته أو شبهاته- على الأقل- فى تأييد ما ذهب إليه، وللمخالفين ردودهم عليه، كما هو الشأن فى المسائل الخلافية.

وهناك دليل قوى لمن قالوا بالتوسل، وهوحديث عثمان بن حنيف، وقد صححه الشيخ الألبانى، وهو من منكرى التوسل، وإن وجهه هو وجهه أخرى، هى أقوى وأحرى.

وهذا هو الحديث: أخرج أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافينى .ز. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخرت ذاك، فهوخير (وفى رواية: وإن شئت صبرت فهو خير لك) ... فقال: ادعه .. فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلى ركعتين، ويدعوب هذا الدعاء: اللهم إنى أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، يا محمد إنى توجهت بك إلى ربى فى حاجتى هذه، فتقضى لى، اللهم فشفعه فى (وشفعنى فيه).. قال: ففعل الرجل، فبرأ .

أما أن التوسل من مسائل العمل، وليس من مسائل العقيدة، فهذا توجيه صحيح، لأنه خلاف في كيفية الدعاء، ما دام المدعو والمتوسل إليه هوالله تبارك وتعالى.

بقى البحث فى مشروعيته هل يقال: أتوسل إليك بنبيك مـحمد، أوبملائكتك المقربين أوبعبادك الصالحين أولا يجوز؟

فهذا بحث فقهى، وليس ببحث عقدى.

وليس الإمام البنا هوأول من قال بذلك، بل قال به الإمام محمد بن عبد الوهاب نفسه، كما نقل فى مجموع فتاويه.

حيث قال فى المسألة العاشرة ( قولهم فى الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالصالحين، وقول أحمد يتوسل بالنبى خاصة، مع قولهم: إنه لا يستغاث بمخلوق، فالفرق ظاهر جدآ، وليس الكلام مما نحن فيه، فكون بعض يرخص فى التوسل بالصالحين، وبعضهم يخصه بالنبى صلى الله عليه وسلم. وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه، فهذه المسألة من مسائل الفقه. ولوكان الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه، فلا ننكرعلى من فعله) مجموعة فتاوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 68، 69.

فقد تضمن كلام الشيخ أن التوسل بالصالحين، أو بالنبى صلى الله عليه وسلم هو موضع خلاف بين العلماء، وإن هو صوّب قول الجمهور أنه مكروه، وأن هذه المسألة من مسائل الفقه.

وهذا عين ما قرره البنا، فلا وجه للإنكار عليه.


قضية الولاء والبراء

وأما قضية الولاء والبراء، فالإخوان كانوا أسبق الجماعات إلى تقريرها .. فهم يوالون كل من والى اللة ورسوله وجماعة المؤمنين، كما قال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون) المائدة.

وهم يعادون كل من عادى الله ورسوله والمؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) الممتحنة.

ويؤكد الاستاذ البنا فى رسائله على هذه القضية، فأوثق عرى الإيمان: الحب فى الله، والبغض فى الله. وهل الإيمان إلا الحب والبغض ؟


وفى رسالة التعاليم فى ركن (التجرد) يقول

أريد بالتجرد: أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص، لانها أسمى الفكر و!جمعها وأعلاها: (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) البقرة. (قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده) الممتحنة.

والناس عند الأخ الصادق واحد من ستة أصناف: مسلم مجاهد أو مسلم قاعد، أو مسلم آثم، أو ذمى معاهد، أو محايد، أو محارب. ولكل حكمه فى ميزان الإسلأم. وفى حدود هذه الاقسام نوزن الاشخاص والهيئات، ويكون الولاء والعداء) رسالة التعاليم، مجموع الرسائل ص 363.

لا أحسب عالما أو منصفا يتهم صاحب هذا الكلام بأنه لا يعرف الولاء والبراء، أو الموالاة والمعاداة فى الله، بل لقد ربى جيلأ يحب فى اللة، ويبغض فى الله، يوالى فى الله، ويعادى فى الله.

والإخوان كانوا أشد الناس على المستعمرين والصهاينة، الذين احتلوا ديار المسلمين وهم الذين قادوا الجهاد وحركوه فى ديار الإسلام لمقاومة هؤلاء، فلا يتصور أن يتهموا بدعوى الولاء لهم.


أخوة المواطنين من غير المسلمين

ولكن الإخوان يفرقون بين هؤلاء وبين مواطنيهم، الذين يعيشودن فى دار الإسلام، وهم من أهل البلاد الأصليين، وقد دخل الإسلام عليهم وهم فيها، وأعطاهم الذمة والامان أن يعيشوا مع المسلمين وفى ظل حكمهم، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، إلا ما اقتضاه التميز الدينى.

فهؤلاء لم ينه الله تعالى عن برهم والإقساط إليهم، كما فى قوله تعالى:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة.

فهؤلاء لهم حق البر والقسط، والقسط هو العدل، والبر فوف العدل، وهو الإحسان.

القسط: أن تعطيهم حقهم، والبر: أن تزيد على ما هوحق لهم

القسط: أن يأخذ منهم الحق الذى عليهم، والبر: أن تتنازل عن بعض حقك عليهم.

فهؤلاء- إذا كانوا من أهل وطنك- لك أن تقول: هم إخواننا، أى إخواننا فى الوطن، كما أن المسلمين- حيثما كانوا- هم إخواننا فى الدين.

(والفقهاء يقولون عن أهل الذمة: هم من أهل الدار، أى (دار الإسلام).

فالاخوة ليست دينية فقط كالتي بين أهل الإيمان بعضهم وبعض، وهى التى جاء فيها قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات. بل هناك أخوة قومية، وأخوة وطنية، وأخوة بشرية.

والقرآن الكريم يحدثنا فى قصص الرسل مع أقوامهم الذين كذبوهم وكفروا بهم، فيقول: (كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم آخوهم نوح ألا تتقون) .. (كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم آخوهم هود ألا تتفون ) .. (كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح) .. (كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم آخوهم لوط) الشعراء.

كيف أثبت الله الأخوة لهؤلاء الرسل مع أقوامهم مع تكذيبهم لهم وكفرهم بهم؟ لأنهم كانوا منهم، فهم إخوتهم من هذه الناحية، فهى أخوة قومية، ولذا قال عن شعيب في نفس السورة: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) الشعراء، وذلك لأنه لم يكن منهم، وإنما كان من مدين، ولذا قال فى سورة أخرى: ( وإلى مدين آخاهم شعيبا) هود.

واذ أثبت القرآن هذه الأخوة القومية بين الرسل وأقوامهم، فلا حرج أن نثبت أخوة وطنية بين المسلمين ومواطنيهم من الأقباط فى مصر، أوأمئالهم فى البلاد الاسلامية الأخرى ولا يكون ذلك سببا للطعن فى عقيدة الإخوان، وأنهم لا يعرفون الولاء والبراء فى عقيدتهم، بل يكون هذا من حسن فقه الإخوان، وفهمهم عن الله ورسوله ما لا يفهم الآخرون.


موقف الإخوان من التوسل والصوفية

بالرغم مما ورد من عرض في الفقرة السابقة ما زالت تتردد بين الحين والآخر شبهات من هنا وهناك، تلمح إلى أن الإخوان على غير عقيدة السلف في الاعتقاد والتصور والفكر والسلوك، ونخصُّ الآن قضية التوسل والتصوُّف وموقفنا منهما ومدى التزام الإخوان فيهما بالنظر الشرعي.


التوسل

هل يجيز الدعاة التوسل؟ وهل هومن الأمور المختلَف فيها أم هو من مسائل العقيدة؟ وما حكم التوسل بالرسول- صلى الله عليه وسلم- بذاته، والسؤال بجاهه ويلحق به الصالحون؟


يقول الإمام البنَّا في الأصول العشرين

“والدعاء إذا قُرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلافٌ فرعيٌّ في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة”.


أولاً: نعرِّف ما هوالتوسل المتفق عليه بين العلماء جميعًا:

1- التوسل باسم من أسماء الله تعالى، أوصفة من صفاته العليا.

2- التوسل بالعمل الصالح، كأن يعمل الإنسان عملاً صالحًا فيدعوبه، كأصحاب الغار.

3- التوسل بدعاء الرجل الصالح، كأن تطلب من أحد الصالحين أن يدعولك، كما أوصى الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن خير التابعين رجل يقال له “أويس” فمره فليستغفر لكم”، والرواية في صحيح مسلم.

4- التوسل بدعاء الرسول- صلى الله عليه وسلم- وشفاعته.


ثانيًا: التوسل المختلف فيه بين العلماء على النحوالتالي

1- التوسل إلى الله تعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه.. أجازه بعضهم إذا كان بمعنى الشفاعة، كما في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- استسقى بالعباس، وقال: “اللهم إنَّا كنَّا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا” .. فيسقَون .. فقال ابن تيمية: إنه توسل بدعاء الرسول- صلى الله عليه وسلم- بمعنى الشفاعة، وعلى هذا لم يجُز التوسل بذات الرسول، وقال: يتوسل بدعائه لا بذاته.

2- أجازه بعض العلماء، ما لم يكن بمعنى الشفاعة؛ بل بمعنى التوسل بجاه الوسيلة، نحوالقسم على الله بنبيه- صلى الله عليه وسلم- إلا أن الشيخ العز بن عبدالسلام خصَّه بالرسول- صلى الله عليه وسلم- فقط؛ لحديث الأعمى الذي أتى الرسول، وطلب منه أن يدعوالله لرد بصره... إلى آخر الحديث الذي رواه النسائي والترمذي وصححه ابن ماجة، ومن أجل هذا الحديث استثنى الشيخ عز الدين بن عبدالسلام التوسل بذات الرسول- صلى الله عليه وسلم- من المنع الذي أفتى به؛ حيث قال: هذا ينبغي أن يكون مقصورًا على النبي- صلى الله عليه وسلم- لأنه سيد ولد آدم، وألا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء؛ لأنهم ليسوا في رحمته، وأن يكون هذا ممَّا خُص به لعلودرجته ومرتبته- صلى الله عليه وسلم.

3- أجازه العلماء على إطلاقه، كالإمام السبكي وغيره، وقالوا: إن ما قاله الشيخ العز بأنه خاص بالرسول فيه نظر؛ لأن الخصائص لا تثبُت إلا بدليل، ولا يكفي فيها الاحتمال؛ لأنها خلاف الأصل، وقد ردَّ الذين أجازوا التوسل بهذا النوع على ابن تيمية أنه ينفي وقوع التوسل مطلقًا؛ ولكن لا يقدم دليلاً على ذلك؛ بل أي الأدلة قد قامت على خلافه، فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح في صحيح البخاري ج3 ص 148 من رواية أبي صالح السمَّان عن مالك الدار- وكان خازن عمر- قال : أصاب الناسَ قحطٌ في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنّهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في المنام فقال: “إيت عمر فأقرئه مني السلام وأخبرهم أنَّهم مسقَون، وقل له: عليك بالكيس الكيس”.. فأتى الرجل فأخبر عمر فقال: يا رب لا آلوإلاَّ ما عجزت عنه، ويرى الشيخ الكوثري أن هذا الحديث نصٌّ على عمل الصحابة في الاستسقاء به- صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته.

هكذا نجد أن في الأمر اختلافًا

1- نُقل عن الإمام أحمد بن حنبل في “مسك المروذي” التوسل بالنبي- صلى الله عليه وسلم- في الدعاء، ونهى عنه آخرون، فإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهومحل النزاع, وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول جـ1 ص 179.

2 - يقول أيضًا: “بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، وممَّا تنازعت فيه الأمة، فيجب ردُّه إلى الله والرسول، ويقول: “وإن كان في العلماء من سوَّغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه، فتكون مسألةً نزاعية، وليس هذا من مسائل العقوبات بإجماع المسلمين؛ بل المعاقب على ذلك معتدٍ جاهل ظالم، فإن القائل بهذا قد قال ما قال العلماء، والمنكر عليه وليس به نقل يجب اتباعه؛ لا عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة جـ1 ص 285.

3- ويقول الشيخ ناصر الدين الألباني- بعد أن أشار إلى التوسل المشروع الذي ذكرناه آنفًا غير المختلف فيه- قال: وأما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف، والذي نعتقده عدم جوازه على أنه قال ببعضه بعض الأئمة، فأجاز الإمام أحمد بن حنبل التوسل بالرسول- صلى الله عليه وسلم- وأجاز غيره- كالإمام الشوكاني- التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين (التوسل بأنواعه وأحكامه للألباني).

4- ولقد أجاب فضيلة الشيخ ابن باز حين سئل عن هذا النوع من التوسل بأن من العلماء من أجازه، ومنهم من منعه، وليس بشرك.

5- ويقول فضيلة الشيخ المطيعي: إن هذه الأمور- من الدعاء والتوسل- ليست من صميم العقائد عن السلف، وإنما هي أمور وزعت وضعفت عندهم في أبواب ليست من أبواب التوحيد.

6- على هذا فإن التوسل- أي التوجُّه إلى الله بالدعاء وحده متوسلاً بالنبي أو أحد من الصالحين- فيه خلاف بين الأئمة، فالإمام أحمد والإمام ابن حجر والعز بن عبدالسلام أجازوا التوسل بالرسول- صلى الله عليه وسلم- والإمام الشوكاني والألوسي فيجوِّزاه بالنبي- صلى الله عليه وسلم- وبغيره، بينما منع ذلك الإمام ابن تيمية والشيخ ناصر الألباني وغيرهما، ومن ذلك يتضح:

1- أن التوسل بالأنبياء والصالحين- بمعنى الإقسام بهم أوالسؤال بهم- خلاف فقهي يسوغ فيه الاجتهاد.

2- أنه يخضع للصواب والخطأ لا الكفر والإيمان.

3- ليس هناك دليل قاطع في الجواز أوالمنع، وعلى ذلك فالاختلاف فيها لا يترتب عليه فساد اعتقاد.

وعلى هذا جاء قول البنَّا وعدم ترجيحه لرأي على رأي فقال: “والدعاء إذا قُرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة”.


التصوف

ما هي حقيقة التصوف؟ وما علاقة الإخوان بالتصوف؛ حيث تربى مرشدها البنا على الطريقة الحصافية، وأعلن أن من طرق توجيه وتربية الجماعة أنها حقيقة صوفية؟

ما هوالتصوف:

التصوف اسم حادث لمسمًّى قديم؛ إذ إن مسماه لَيعدو كونه سعيًا إلى تزكية النفس من الأدران والشوائب العالقة بها، كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه؛ بغيةَ الوصول إلى حب الله والتوكل عليه والإخلاص له، وغني عن البرهان أيضًا أن لبَّ الإسلام وجوهره إنَّما يتمثل في تزكية النفس من هذه الشوائب، وما حقيقة الجهاد الذي تتكرر الدعوة إليه في كتاب الله- عزَّ وجلَّ- في مثل قوله ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ (الحج: 78) إلا مجاهدة النفس في تطهيرها، وما الجهاد بالمال والنفس في ساحات القتال إلا من فروع شجرة الجهاد الأساسي الذي لابد منه، وكذلك قوله عز وجل: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾(الأنعام: 120)، وكذلك الدعوة إلى التزكية.. ﴿فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ )النازعات: 18- 19) دعوة إلى تطهير النفس من تلك الأدران والشوائب، وكذلك الإحسان الذي دعا إليه الرسول- صلى الله عليه وسلم، وهذا ما صار عليه علماء المسلمين والسلف- رضوان الله عليهم- ما دام أن السعي إلى هذه التزكية وفقَ وسائل منضبطة بأحكام الشريعة الإسلامية.

كان هذا أول ما ظهرت الصوفية.. دعوة إلى الزهد، والعبادة والانخلاع من الدنيا، والخوف مع المبالغة في هذه الأمور بصورة لم تكن مألوفةً من قبل، وربما بطرق ومسالك لم يظهر فيها أو يتمخَّض فيها وجه الصحة، من حيث اتفاقها مع أحكام الشرع، كما لم تظهر فيها دلائل الحرمة أوالبطلان، وذلك بعد أن ظهرت الحركة الصوفية، ثم بدأ يدخل على هذه الطرق بعض التغييرات، وأصبح التصوف فريقين:

الفريق الأول: تصوف أهل العلم والاستقامة، الذين هم على منهج، والمقصود الحقيقي للتصوف كما أقره أن تيمية في جـ11 صـ233، ومنهم الفضيل بن عياض، إبراهيم بن أدهم، أبوسليمان الدراني، معروف الكرخي، الجنيد، سهل بن عبدالله التستري، وغيرهم.

والفريق الآخر: تصوف الفلاسفة والزندقة والبدع والجهل، وأمثال ذلك من الأمور المنافية للإسلام كابن الحلاج وغيره،ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن بين أن الناس انقسمت طائفتين في الحكم على الصوفية، فطائفة ذمَّت الصوفية والتصوف، وطائفة غلت فيهم، وادعَوا أنهم أفضل الخلق، قال رحمه الله:

وكِلا طرفي هذه الأمور ذميم، والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل الطاعات، ففيهم السابق المقرَّب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هومن أهل اليمين، وفي كلا الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب، ومنهم من هوظالمٌ لنفسه عاصٍ لربه جـ11 صـ18، ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أن أصل التصوف وحقيقته لا غبار عليها؛ فإن أصله الزهد والعبادة وتزكية النفس والصدق.


هل الصوفية مجاهدون أم لا؟

فإن أصحاب الصوفية الحقة الخالية من البدع ومن المنكرات كانوا أصحاب جهاد في سبيل الله، فكان عبدالله بن المبارك الفقيه الزاهد متطوعًا أكثر وقته بالجهاد، وكان الواحد بن زيد الصوفي يحمل على الجهاد في سبيل الله، وكان شقيق البلخي- إمام الصوفية في زمنه- يجاهد بالسلاح في سبيل الله، ويحمل كذلك تلاميذه؛ بل إن من علماء الصوفية المجاهدين البدر العيني شارح البخاري يغزو سنةً ويدرس العلم سنةً ويحج سنةً.

هكذا كانت الصوفية الحقة.. فهي علمٌ وجهادٌ وتربيةٌ وسلوكٌ إلى الله، وعندما أعلن الإمام البنَّا أنالإخوان “دعوةٌ سلفيةٌ، وطريقةٌ سنيةٌ، وحقيقةٌ صوفيةٌ” إنما كان يعني التصوف الحق المنضبط بالكتاب والسنة، بعيدًا عن البدع والشطحات؛ وذلك لأن أي جماعة تريد أن تسير على منهج الله لابد أن يكون لها تربية روحية؛ لأن أساس الخير طهارة النفس ونقاء القلب والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق والحب في الله.. وهكذا فإن فكرة الإخوان المسلمين تضمُّ كل المعاني الإصلاحية نتيجة الفهم الشامل للإسلام؛ حيث جمعت من كل منهج وفكرة خيرَ ما عندها.

هذا بالنسبة إلى الصوفية الحقة أما الصوفية المذمومة، فقد وقف لها الإمام البنَّا فأنكر على أصحاب التصوف اقتصارهم على جانب واحد من جوانب الإسلام، وعدم أخذهم الإسلام بشموله، كما قال المولى- عز وجل-:﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 162).

وقال الإمام البنَّا: “يخطئ من يظن أن الإخوان جماعة (دراويش).. قد حصروا أنفسهم في الزوايا والمساجد للصلاة والتسابيح فحسب، فالمسلمون الأولون لم يعرفوا الإسلام بهذه الصورة، وإنما أخذوه شاملاً كاملاً.. عقيدةً وعبادةً.. دينًا ودولةً.. مصحفًا وسيفًا.. ثقافةً وقانونًا.. فهذا نظام كامل للحياة.

ثم ذكر الإمام البنَّا أن هذا الجانب الذي اقتصروا عليه قد كثُرت فيه الشوائب والشَّطَحات، فأخذ ينقي ويفند هذه الشوائب والشطحات والبدع فقال- رحمه الله-:

“والتمائم والرقَى وادعاء معرفة الغيب، وكل ما كان من هذا الباب منكرٌ تجبُ محاربتُه إلا ما كان من آية قرآن أورقية، وأن الاستعانة بالمقبورين أيًّا كانوا، ونداءهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أوبعد، والنُّذُر لهم، وتشييد القبور وإضاءتها والتمسح بها، والحلف بغير الله..، وما يلحق ذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها”، وقد تجلى موقف الإمام البنَّا من التصوف المذموم وأهله وإنكاره عليهم في نقطتين:

1- حصر الإسلام في دائرة محدودة.

2- المبتدعات والشطحات التي أدخلوها في الدين وليست منه.

ثم نختم حديثنا عن الصوفية بالطريقة الحصافية التي تربى فيها الإمام البنَّا في فترة من فترات حياته، فنعرض لشيء عن ماهية هذه الطريقة، وهل كانت صوفية حقة أم قائمة على البدع والجهل والخرافات؟!

يتحدث الإمام البنَّا أنه بعد البحث والقراءة والسؤال وجد أن هذه الطريقة كانت مؤسسةً على العلم والتعلم والفقه والعبادة والذكر ومحاربة البدع والخرافات والانتصار للكتاب والسنة، مما كان عليه مشايخ الطرق أنفسهم آنذاك، وكان ذكر هذه الطريقة أو ما يسمَّى بالوظيفة الرزوقية في الصباح والمساء ما كانت إلا آيات من كتاب الله- عز وجل- وأحاديث من أدعية الصباح والمساء التي وردت في كتب السنة، وليس فيها من التراكيب الفلسفية أوالعبادات التي هي من الشطحات أقرب منها إلى الدعوات، كما أن شيخ هذه الطريقة الشيخ “حسانين الحصَّاف” كان شيخًا عالمًا مجاهدًا آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، ومن نماذج ذلك:

أنه زار رياض باشا حين كان رئيس الوزراء، فدخل أحد العلماء وسلَّم على رئيس الوزراء وانحنى أمام الباشا، فقام الشيخ الحصافي غاضبًا، وضرب هذا الرجل على خديه بمجمع يده، ونهره بشدة، قائلاً: استقم يا رجل..!! فإن الركوع لا يجوز إلا الله، فلا تذلُّوا الدين والعلم فيذلكم الله!!

وأيضًا كان في مسجد الحسين، فقال له بعض مريديه: يا سيدنا الشيخ، سل سيدنا الحسين أن يرضى عليَّ، فالتفت إليه غاضبًا، وقال: يرضى عنا وعنك وعنه الله”!!

وها هي- كما ترى- كانت طريقةً تجمع محامد التصوف، وتبتعد عن مساوئه، وغنيٌّ عن البيان أن الرجل الذي كان يريد إنقاذ الأمة من الغفلة والضلال التي كانت فيه، ويقيم شرع الله.. لابد له من زادٍ إيمانيٍّ ضخم يكافئ التبعات الجسيمة الملقاة على عاتقه، فكان لابد من زادٍ إيمانيٍّ قويٍّ من التربية الروحية والسلوكية، وهوما كان متوائمًا مع الطريقة الحصافية آنذاك


الإخوان على درب السلف سائرون

Hالسلف.png

“أنتم يا إخوان عقيدتكم فيها دخن.. الإخوان حادوا عن عقيدة السلف.. “حسن البنا” أدخل على فكر الإخوان الكثير من البدع التي لم يعرفها السلف”..

مثل هذه التهم يسمعها بعض حملة الدعوة، ويردِّدها البعض دونما إحاطة أوإلمام بفكر الإخوان!!

والسؤال المطروح: هل لهذه الاتهامات أصل؛ أم إن الأمر لا يعدوكونه مجرد شبهات؟

في الواقع ترجع مثل هذه الاتهامات عادة إلى طبيعة فهم قضيتين:

الأولى: شبهة عقيدة الدعاة بين السلف والخلف في الأسماء والصفات.

الثانية : شبهة إطلاق المتشابه من الصفات.

وحتى يمكن أن نستوعب كلتا القضيتين نبدأ فنقول:

ما هي قضية الأسماء والصفات التي أثيرت؟

يقول ابن القيم:


التوحيد نوعان

1- توحيد في المعرفة والإثبات:

وهوتو حيد الربوبية والأسماء والصفات؛ بمعنى أن يعتقد المؤمن إثبات ذات الله وصفاته وأفعاله، فهوسبحانه الأول والآخر والظاهر والباطن... إلى آخر ما يجب أن يتصف به من أسماء.

2- توحيد في العبادة والقصد:

وهوتوحيد الألوهية والعبادة؛ أي لا يعبد إلا الله، ولا يقصد إلا الله، ولا يعمل إلا ابتغاء وجهه. ولقد تعلم الصحابة صفات الله من كتاب ربهم كما وصف الله بها نفسه، وكما وصفه الرسول- صلى الله عليه وسلم- دون تقعر أو جدال، وما تكلم أحد منهم حول الأسماء والصفات؛ بل فهموها كما أنزلت، ولم يرد من حديث صحيح أو سقيم عن أحد من الصحابة- على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم- إنه سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف به الرب- سبحانه وتعالى- نفسه.

ومن هنا فإن تحرير محل النزاع:

أولاً: اتفق الفريقان على تنزيه الله- تبارك وتعالى- عن المشابهة لخلقه.

ثانيًا: كل منهم يقطع بأن المراد بألفاظ هذه النصوص في حق الله غير ظواهرها في حق المخلوقات واتفاقها على نفس التشبيه.

اتفاق السلف والخلف في التأويل إجمالاً، فالسلف قالوا مثلاً: استوى على العرش: استواء يليق بجلاله وأحاديته. أيضًا له يد كما قال تليق بألوهيته وجلاله، فهذا تأويل إجمالي، غير أن الخلف زادوا تحديدًا لمعنى المراد بأن يفسر الاستواء بالاستيلاء والتسلط، فتفسر اليد بالقدرة وبالكرم في: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ (المائدة: 64)، وهكذا فإن التأويل إجمالي عند السلف، والتأويل تفصيلي في التفسير عند الخلف، وعلى ذلك فإن المهم ألا ننسب إلى الله جارحة من خلال فهمك كلمة اليد التي نسبها إلى ذاته، وأن لا تعطل الدلالة اللغوية الثابتة بكلام الله- عز وجل- ومع ذلك، فإننا نجد من السلف من لجأ إلى التأويل التفصيلي كتأويل الإمام “أحمد” “جاء” في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ (الفجر: 22) أوَّلَ “جاء” بمعنى: جاء أمر ربك، ومن ذلك تأويل الإمام البخاري لقول الرسول في الحديث: “لقد ضحك الله الليلة من فعالكما” في قصة الأنصاري الذي أكرم مثوى ضيف رسول الله؛ أوَّلَ البخاري الضحك بالرحمة، ومن ذلك أيضًا تأويل “حماد بن زيد” من نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا الوارد في أحاديث النزول بإقباله- جل جلاله- إلى عباده، ومن ذلك ما رواه ابن تيمية عن جعفر الصادق من تأويل الوجه في قوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ (القصص: 88) بالدين، وأوَّلَ شيخ الإسلام نفسه، فقد رجح أن يؤول الوجه بمعنى الجهة فيكون المعنى: كل شيء هالك إلا ما أريد به جهة الله تعالى (2/428).

فنجد غير ذلك كثير، وعلى هذا فإن بعض السلف قد لجأ إلى التأويل في بعض الأحيان، والقول الفصل في ذلك: كتب الإمام الشاطبي في (الاعتصام): “ومن أشد مسائل الاختلاف مسألة إثبات الصفات؛ حيث نفاها من نفاها، فإذا نظرنا إلى عناصر الفريقين، وجدنا كل واحد منهما حائمًا حول حمى التنزيه من النقائض وسمات الحدوث، وهو مطلوب الأدلة؛ وإنما وقع اختلافهم في الطريق، وذلك لا يخل القصد في الطرفين معًا، فالحاصل في هذا الخلاف أشبه الواقع بينه وبين الواقع في الفروع، ولا يوجب هذا الخلاف تكفير كل من أخطأ فيها إلا أن تقوم فيه شروط التكفير”.

يقول الإمام ابن تيمية (6/58): “فأما سائر وجوه الاختلاف كاختلاف التنوع والاختلاف المادي واللفظي، فأمره قريب، وهو كثير وغالب على الخلاف في المسائل الخيرية، والمسائل الخيرية هي المسائل العقيدية الدقيقة، أغلبها خلاف اعتباري ولفظي؛ أرأيت- أخي القارئ- أنه اختلاف نظر، لا اختلاف حقيقة؛ وهو الذي يقع في الأمور القطعية المجمع عليها، مع ملاحظة أن الخلاف بين السلف والطائفة التي تأويلها في دائرة اللغة والشرع، ولا يصطدم مع العقل، فالفرق الأخرى كزنادقة المؤولة والملاحدة الذين كادوا بالإسلام والمسلمين.

ما موقف الأشاعرة في الأسماء والصفات؟

زعيمهم أبوالحسن الأشعري قد أثبت الصفات، وقرر أنها تليق بذات الله، ولا تشبه صفات المخلوق؛ فسمع الله تعالى ليس كسمع الحوادث، وقال الأشعري في قول الله عز وجل: ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ الفتح10)) يده يد تليق بذاته الكريمة، وليست يدًا جارحة كأيدينا، وهذا ما ذكره في كتاب الآيات مع ملاحظة أن “أبوالحسن الأشعري” كان أول حياته يؤول اليد بالقدرة، إلا أنه رجع إلى منهج أهل السنة في آخر زمانه، وهذا ما أثبته الشيخ أحمد بن حجر في كتاب (الآيات)، وكتاب (مقالات الإسلاميين)، وأثبتهما الإمام ابن عساكر في كتابه (تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام الأشعري)، وكذا ذكر السبكي في الطبقات أن عقيدة أبي الحسن الأشعري عقيدة أهل السنة، ويعد الإمام أبوالحسن الأشعري هوإمام أهل السنة والجماعة في عصره.

الدعاة وترجيح مذهب السلف

ويقول الإمام “البنا”: ونرجح مذهب السلف، ونعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله- تبارك وتعالى- أسلم وأولى بالاتباع؛ حسمًا لمادة التأويل والتعطيل، فإن كنت ممن أسعده الله بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدره ببرد اليقين، فلا تعدل به بديلاً.. ولكن البعض يأخذ من كلام “البنا” قوله: “ونفوض علم هذه المعاني إلى الله” أنه من المفوضة..

نقول في ذلك: فاعلم- أخي المسلم- أن التفويض من الألفاظ المجملة التي تضم تحتها معاني مختلفة؛ فهو ينقسم إلى نوعين:

1- نوع محمود يجب أن نقول به ونعتقده.

2- نوع مذموم يجب أن نبتعد عنه.

أما النوع المذموم فهو أن يظن امرؤ أن ألفاظ هذه الآيات وأحاديثها ليس لها معانٍ ولا يفهم منها شيء بمثابة طلاسم.

والنوع المحمود الواجب اعتقاده فهو تفويض حقيقة معناها، وإضافتها للمولى سبحانه؛ أي تفويض الكيف، والناظر في عبارة الإمام “البنا” يقتضي فهم العبارة في ضوء سائر النصوص والأقوال دون أخذها متجزئة، فالعبارة حادث منكر، وليست معرفة، فهي لا تعني المذهب المذكور؛ ولكنها استعملت بمعناها اللغوي بمعنى عدم الخوض في كيفية الاستواء وغيره من الصفات، ويترك ذلك إلى الله تعالى.

فإذا أضيف إلى ذلك أن الرجل أكد ترجيحه لمذهب السلف وارتضاءه له، واستشهاده بأقوالهم، فإن هذه العبارة وردت في كلام غيره من الأعلام، فإنه يتعين فهم مراده على هذا الوجه، وإليك بعضًا من نصوصه في هذه المسألة لنصل إلى فهم النص المذكور:

1- قال: أما السلف فقالوا نؤمن بهذه الآيات والأحاديث ما وردت، ونترك بيان المقصود منها لله تعالى، فهم يثبتون اليد والاستواء.. ونترك لله- تبارك تعالى- الإحاطة بعلمها، مع اعتقادهم تنزيه الله- سبحانه وتعالى- عن المشابهة لخلقه. 2- قد علمت أن مذهب السلف في الآيات والأحاديث التي تتعلق بصفات الله- تبارك وتعالى- يمرونها على ما جاءت عليه، ويسكنون عن تفسيرها وتأويلها، وأن مذهب الخلف أن يؤولوها بما يتفق مع تنزيه الله- تبارك وتعالى- عن مشابهة خلقه.

3- عند احتجاجه بأقوال السلف، ذاكرًا منهم الكسائي في أصول الشريعة، ونقل عن حجر بن الحسن، ونقل عن الخلال في كتاب السنة، وعن أحمد بن حنبل، ومالك بن أنس، وأبوعمرو الطلمنكي، وأبوعبد الله بن بطة، وغيرهم من الأئمة الأعلام الذين ساروا على نهج السلف الصالح، وقد أشار إلى ذلك ابن تيمية؛ إذ يقول- رحمه الله:- “وكلام السلف في هذا الباب موجود في كتب كثيرة، مثل: كتب السنن للكسائي، والإبانه لابن بطة، والأصول لابن عمروالطلمنكي، والسنة للخلال”.

4- علق على بعض آيات الأسماء والصفات، وذكر معانيها، مثل: قدم الله تعالى وبقائه، ومثل علمه- سبحانه وتعالى.

5- أنه صرح بمراد الكيفية تصريحًا بينًا في قوله: “وإنما علم الله- تبارك وتعالى- علم لا يتناهى كماله، ولا يعد علم المخلوقين شيئًا إلى جانبه، وكذلك السمع، فهذه كلها من مدلولات الألفاظ، فهي تختلف عن مدلولاتها في حق الخلق من حيث الكمال والكيفية اختلافًا كليًّا؛ لأنه تعالى لا يشبه أحدًا من خلقه، ولست مطالبًا بمعرفة كيفيتها؛ وإنما حسبك أن تعلم آثاراها في الكون ولوازمها في حقك”.

6- ارتضاؤه منهج السلف، وتعويله عليه، “فإن كنت ممن أسعده الله بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدره ببرد اليقين، فلا تعدل به بديلاً، وجعله أسلم وأولى بالانتفاع حسمًا لمادة التأويل والتعطيل”.

من مجموعة هذه النصوص يتضح أن مراد الإمام “البنا” هو تفويض الكيفية لا المعنى، على أن العبارة التي اشتد فيها النكير على الإمام “البنا”، وفسرنا مراده فيها قد جاءت في كلام الأئمة الذين هم على منهج السلف.

1- فقد جاء عن محمد الشيباني: “اتفق الفقهاء كلهم من المشرق والمغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الفقهاء عن رسول الله في صفة الرب- عز وجل- من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئًا من ذلك، فقد خرج مما كان عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وفارق الجماعة.

2- وعن أحمد بن حنبل “نؤمن بها، ونصدق بها، بلا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئًا”.

وما جاء عن ابن قدامة حين عرض لمسألة الصفات وتلقيها بالتسليم والقبول، فأشار إلى ترك التعرض إلى معناها، ورد علمها إلى قائلها (انظر: المغني بشرح ابن عثيمين ص20).

فالعبارة ونحوها حملت على معنى الكيفية من خلال الجمع بين أقوالهم؛ تحقيقًا للإنصاف، وإحسانًا للظن بهم، وبنفس المنهج نتعامل مع أقوال “البنا” لما نعرفه عنه من شدة الحرص على اتباع السنة ولزومها، وسلوك منهج السلف، وأن هذا الرجل ذوهمة وإخلاص، قد أحيا الله به الأمة؛ فهل تحيا الأمم الهامدة على أيدي رجال ذوي عقيدة مانعة أوزائفة؟!


شبهة إطلاق المتشابه من الصفات

لك الله يا دعوة الخالدين.jpg

إطلاق لفظ المتشابه على الصفات محمول على معنى أن كيفية اتصاف المولى- تبارك وتعالى- بهذه الصفات مما استأثر سبحانه بعلمه، ولا سبيل للبشر إلى إدراكه.

يقول الشيخ “الشنقيطي” في جواز إطلاق لفظ المتشابه على الصفات من هذه الحيثية: “اعلموا أن آيات الصفات كثير من الناس يطلق عليها اسم المتشابه، وهذا من جهة صحيح ومن جهة خطأ، فكما بيَّن مالك بن أنس بقوله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب”؛ لكون الاستواء غير مجهول يدل على أن معناه متشابه؛ بل هو معروف عند العرب.. والكيف غير معقول يدل على عجز البشر عن إدراكه، وما استأثر الله بعلمه يسمى متشابهًا بناء على الوقف في قوله تعالى:﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ﴾ (آل عمران: 7)، فهو بالنسبة إلى الصفة غير متشابه، وبالنسبة إلى كيفية الاتصاف به متشابه، على أن المتشابه ما استأثر الله بعلمه.

ثم إن مفهوم المتشابه اختلف فيه العلماء كما ذكر السيوطي في الإتقان في تفسير المحكم والمتشابه، فبعضهم يقول: “إن المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا، والمتشابه ما احتمل أوجهًا، وعزاه السيوطي لابن عباس، وعلى هذا التفسير سار “أحمد بن حنبل”، ومنهم من يقول: المحكم ما عُرفَ المراد منه؛ إما بالظهور، وإما بالتأويل، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه؛ كقيام الساعة، وخروج الدجال، وخلاصة القول: إن منهج “البنا” مقرِّر لعقيدة السلف.


ثالثًا: أن أكون مقتنعًا بالغاية والهدف والوسيلة في دعوتي

غاية المسلم كما حددها القرآن ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)﴾ (الذاريات)، ويعرف طريقه ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوإِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي﴾ (يوسف: من الآية 108).

فغاية الإخوان المسلمين هي رضى الله تبارك وتعالى فشعارنا “الله غايتنا”.

وأما الأهداف فهناك أهداف خاصة وعامة، فالأهداف الخاصة فردية على مستوى الفرد وهي: إصلاح نفسه- قوي الجسم-متين الخلق- مثقف الفكر- قادرًا على الكسب- سليم العقيدة- صحيح العبادة- مجاهدًا لنفسه- حريصًا على وقته- منظمًا في شئونه- نافعًا لغيره.

ثم يأتي الهدف الثاني وهوالبيت المسلم ثم الأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم المترابط.

والأهداف العامة الجماعية: تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر الحياة.


ومن ناحية وسائل الدعوة

تقوم وسائل الدعوة على أركان هامة وأسس متينة:

1- المنهاج الصحيح: وجده الإخوان في كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الإسلام.

2- العاملون المؤمنون: بتطبيق ما فهموه من دين الله.

3- القيادة الحازمة: وجدها الإخوان وهم لها مطيعون وتحت لوائها يعملون.

ومن الوسائل العامة للدعوة:

أ- الإيمان العميق.

ب- التكوين الدقيق.

ج- العمل المتواصل.


رابعًا: أن أكون محيطًا بمنهج الدعوة ولوائحها وقوانينها:

منهج الدعوة للإخوان هو منهج الإسلام بمفهومه الشامل الواسع وهو منطلق الدعوة في تحديد خططها وبرامجها ومشاريعها الإصلاحية.

وصاحب الدعوة لا بد أن يعلم أن منهج الإسلام الذي اتخذته الدعوة منهجًا لها هو أصح المناهج على الإطلاق. والدعوة لا يكون لها استقرار بدون التقيد بمبادئها ولوائحها، وليعلم كل فرد في الصف أن التزامه بنظم الجماعة ولوائحها أمر أساسي لحسن سير العمل لتحقيق الأهداف، وأن وفاءه بما يعطيه من عهد وبيعة يعتبر طاعةً لله وتعبدًا لله.

وذات مرة عرض على الهيئة التأسيسية للإخوان فصل خمسة من أعضائها، وصدر القرار بالفصل، فقال الأستاذ حسن الهضيبي: إنهم لم يفصلوا لطعن في دينهم، فقد يكونون خيرًا منا، ولكن للجماعة نظمًا وقوانين يجب أن تراعى، وأن تنفذ، وقد خالفوها، ففصلوا حتى يأخذ الصف استقراره واستقامته.


خامسًا: أن أكون ملتزمًا بموقف دعوتي من غيرها من الدعوات الأخرى:

موقف الإخوان من الأفكار الأخرى هو نفس موقف الإسلام منها، والإخوان أشد الناس حرصًا على خير وطنهم وتفانيًا في خدمة قومهم، وهم يتمنون لهذه البلاد كل عزٍّ وتقدم ومجد.

ويحترمون قوميتهم باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود.

مؤهلات واستعدادات يجب على صاحب الدعوة تحقيقها:

1- الإيمان العميق.

2- الإرادة القوية.

3- الجدية وعلو الهمة.

4- القدوة الحسنة.

5- اللين والإلف.

6- السرية والكتمان.

7- الوفاء الثابت.

8- التضحية العزيزة.

9- الحرص على الوقت.

10- منظم في شئونه.


واجبات عملية ينبغي لصاحب الدعوة ألا يفرط فيها

إن ميدان القول غير ميدان الخيال، وميدان العمل غير ميدان القول، وميدان الجهاد غير ميدان العمل، وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ.

أولاً: أن أكون فردًا ايجابيًّا داخل دعوتي

1- طاعة الله ورسوله.

2- حب الناس والخوف عليهم من النار.

3- أداء واجب الدعوة والهروب من إثم التقصير.

4- الطمع في الأجر والثواب.

5- الإعذار إلى الله.

6- النهوض والتحدي لأهل الباطل

7- التفاعل مع أحداث العالم الإسلامي.

ثانيًا: أن أكون مستعدًا لأداء الواجب المالي تجاه دعوتي

أعباء وأعمال وأنشطة الدعوة من أعمال الجهاد وقد تكون في حاجة إلى المال أكثر من الرجال فمن علامات الانتماء الصادق البذل والعطاء، ومن عجز عن الجهاد ببدنه، وقدر على الجهاد بماله، وجب عليه الجهاد بماله. ولا جهاد بغير تضحية وصاحب الدعوة يجب أن يكون معطاء.

ثالثًا: أن أكون ملتزمًا باختيارات الجماعة الفقهية

من خالف الجماعة بوجه فقهي معتبر أو أخذ به فلا إثم عليه.

أما من هم جنود فيها وبايعوا قادتها فواجب عليهم الالتزام والسمع والطاعة، وأما المسائل الفقهية التعبدية المختلف فيها فليس للجماعة أن تتدخل فيها.

رابعًا: أن ألتزم بالوسائل التربوية التي وضعتها الدعوة لتكويني

ومن أهم الوسائل الأساسية الأسرة والكتائب: فهي الأساس في التربية للفرد داخل الجماعة، وهي سر صمود الدعوة، ويجب على كل فرد في الأسرة أداء الواجبات، وتحقيق أركانها المتمثلة في التعارف والتفاهم والتكافل.

خامسًا: الثقة واحترام القيادة في أي من مواقع المسئولية

إن التشكيك في قرارات القادة والمسئولين عن الدعوة هي من ضعف الانتماء، فلو صدق الانتماء لحسن ظننا بإخواننا وقويت الرابطة بيننا.

يقول الإمام البنا تحت ركن الثقة: وأريد بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد، في كفاءته وإخلاصه، اطمئنانًا عميقًا ينتج عن الحب، والتقدير، والاحترام، والطاعة.

سادسًا: أداء واجبات الأخوة

والأخوة أن ترتبط القلوب، والأرواح برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابط، وأغلاها، والأخوة أخت الإيمان والتفرق أخو الكفر، وأول القوة قوة الوحدة، ولا وحدة بغير حب، وأقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار، والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه.

سابعًا: المشاركة والتواجد في الأنشطة الجماعية العامة.

ثامنًا: متابعة أخبار الدعوة قراءةً وسماعًا، داخليًّا وخارجيًّا.


محاذير وعقبات يجب على صاحب الدعوة ألا يعرض لها

1- تجنب إثارة الخلافات والفرقة.

2- نبذ الجيوب الضرارية.

3- الاعتداد بالرأي والتمسك به.

4- الجدل والمراء.

5- تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.

6- الاعتذار المتكرر عن حضور اللقاءات الدورية اللازمة للفكرة.

7- التطلع للقيادة والثقة الزائدة بالنفس.

8- عدم وضوح الرؤية.

أسأل الله العلى القدير أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.