محمود المبحوح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٩:٤٩، ١ أكتوبر ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (←‏كتائب القسام" إذا قالت فعلت)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمود المبحوح .. الشيخ المجاهد

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

الميلاد والنشأة

  • إنه رجلٌ من جيلٍ قد مضى، عز فيه النظير، وندر فيه المثيل، إنه يتبع رجالاً كانوا قد عاهدوا الله على النصر أو الشهادة، فانتقاهم الله من بيننا، واختاره سبحانه وتعالى عن قصدٍ من بين جمعنا، قد غاب عنا المبحوح، هو شهيد عند الله نحسبه ، غاب عن الدنيا ولم يلوِ فيها على شيئ، غاب وهو مسكونٌ بالمقاومة، مهمومٌ بإخوانه في الرباط والميدان، يفكر كيف ينصرهم، ويعمل لتحصين مواقعهم، ويجهد نفسه كيف يجعلهم أقوى سلاحاً، وأمضى عزيمةً، وأشد شكيمةً، وأقوى على النزال بما يملكون من عتادٍ وسلاح ، فرحل عن الدنيا وترك بصماته في جهاده ومقارعته للعد الصهيوني .
  • في الرابع عشر من شهر فبراير لعام ألف وتسعمائة وستين ميلادية، أطل نور الفارس القسامي القائد محمود عبد الرؤوف محمد المبحوح " أبو العبد"، وكانت فلسطين بأسرها على موعد مع انطلاق صرخات طفل في المهد سيكبر يوما ويصبح شوكة في حلق الصهاينة ويقض مضاجعهم ويزلزل عروشهم، ويخطف جنودهم ويقتلهم.
  • ولد شهيدنا المجاهد محمود المبحوح في مخيم جباليا/ بلوك تسعة، بجوار بركة أبو راشد، وفي أسرة ملتزمة ومتدينة تعود جذورها إلى قرية بيت طيما المحتلة عام 1948م ترعرع ونما وعاش حياته في مخيم جباليا مخيم الثورة والصمود والشرارة الأولى للانتفاضة المباركة.
  • كان شهيدنا منذ صغره يكره الاحتلال ويحب الانتقام منهم بأي طريقة كانت، وكان يحلم بأن يكبر يوما ليقارع جنود الاحتلال الصهاينة وينتقم من مرتكبي المجازر بحق شعبنا.
  • كان شهيدنا رحمه الله يمارس الرياضة باستمرار، وكان كثيرا ما يتردد على نادي خدمات جباليا وكان يمارس رياضة كمال الأجسام.
  • وفي إحدى البطولات حاز على المرتبة الأولى في كمال الأجسام على مستوى قطاع غزة.
  • وفي عام 1982م انتقل شهيدنا رحمه الله إلى مخيم تل الزعتر.

حياته الإجتماعية

  • كان والد شهيدنا له من الذكور 14، ومن الإناث اثنتين، وكان ترتيب شهيدنا رحمه الله الخامس بين إخوانه.

وكان شهيدنا رحمه الله في العام 1983م على موعد مع حفل زفافه لزوج الدنيا، فتزوج من إمرأة صالحة. و لشهيدنا رحمه الله أربعة أبناء، ذكر وثلاث إناث وهم على الترتيب عبد الرؤوف ، 21سنة وهو طالب جامعي يدرس في اليمن ، ومنى 20 عام ، مجد 11عام ، ورنيم 8 سنوات ، -سنة 2010م- .

رحلة السجون

رحلته التعليمية

  • درس شهيدنا رحمه الله المرحلة الابتدائية فقط في مدرسة الأيوبية (ج) بمخيم جباليا ثم حصل على دبلوم الميكانيكا وتفوق في هذا المجال، وكان ناجحا جدا في عمله حتى افتتح ورشة عمل في شارع صلاح الدين، وأحبه الجميع، حتى أن الكثير من أهلنا في أراضي ال48 المحتلة كانوا يأتون إليه وقت إجازتهم لإصلاح سياراتهم في يوم السبت، ولحسن أخلاقه ومعاملته الطيبة مع الناس أحبه الجميع وكل من حوله.
  • وعندما انتقل إلى سوريا حاز على العديد من الدورات الهامة في عدة مجالات أبرزها دورات الحاسوب وتعلم العديد من اللغات الأجنبية.

شهيدنا في صفوف حماس والإخوان المسلمين والقسام

  • كانت بدايةُ شهيدنا رحمه الله في العام 1978م، عندما التزم في مسجد أبو خوصة المسجد الشرقي حاليا.
  • ومنذ التزام شهيدنا رحمه الله كان يحارب الكثير من البدع مثل محلات القمار والمقاهي التي تفسد شباب المسلمين.
  • وفي العام 1983م، كان هناك حملات شرسة من جماعات يسارية ضد الجامعة الإسلامية وكانت تلك الجماعات تقوم بمحاربة الجامعة الإسلامية وتسعى للسيطرة عليها لمنع قيام جماعات إسلامية مناهضة لها، وفي ذلك الحين وقف شهيدنا وقفة جادة وقوية لمناصرة الجامعة في ذلك الوقت.
  • كان شهيدنا رحمه الله منذ صغره يعشق المقاومة والجهاد في سبيل الله، وكان يتدرب على السلاح، وفي العام 1986م اعتقل في سجن غزة المركزي بتهمة حيازة سلاح الكلاشينكوف لمدة عام، وبعد خروجه من السجن لم يتوقف عمله الجهادي بل ازداد قوة، وازدادت علاقته بالشيخ أحمد ياسين وبالشيخ المؤسس العام للكتائب صلاح شحادة.
  • عمل شهيدنا رحمه الله في المجموعة الأولى التي أسسها القائد محمد الشراتحة، وكان محمد عضوا من أعضاء تلك المجموعة العسكرية.
  • وشهيدنا رحمه الله هو المسئول عن خطف جنديين صهيونيين وقتلهما.

مواقف مميزة ممن حياة الشهيد

  • كان شهيدنا رحمه الله لا يحب الكلام الكثير، وكان يتغير وجهه عندما يرى الصهاينة ويعشق الانتقام من الصهاينة، وكان صاحب شخصية قوية جدا، وكان شهيدنا رحمه الله صاحب سرية عالية وكتمان .
  • وهناك قصة مميزة حدثت مع شهيدنا البطل " إبان الانتفاضة الأولى وعند مرور أحد الدوريات العسكرية في منطقة تل الزعتر طاردوا بعض الصبية بحجة منع التجوال ولم يكن هناك منع تجوال فقام الصبية بالاحتماء داخل منزل الشهيد، فتصدى لهم أبو العبد ودار بينه وبين الصهاينة جدل طويل قائلا لهم: أن ليس هناك منع تجول ولا يحق لكم ملاحقة الصبية، وتفاقم الوضع ، حتى وصل أن يشهروا السلاح عليه فقام برفع قطعة حديديه على الجنود وهددهم بها إن لم ينسحبوا، فما كان إلا انسحبوا وقاموا باستدعاء قوات كبيرة ، وتدخل أخو أبو العبد حتى أشغلهم عن شهيدنا ومن ثم انسحب شهيدنا من المكان قبل مجيء قوات الدعم المساندة للجنود الصهاينة ، وبعد ذلك قام الصهاينة بتطويق المنطقة وفرض حظر التجوال بحثا عن الشهيد.

أسر الجنديين الصهيونيين وقتلهما

  • بعدما انكشف أمر شهدينا في 11/5/1989م، قامت قوات خاصة فجرا ذلك اليوم مستقلة سيارات من نوع فورد، بتطويق بيت الشهيد وقاموا بعمليات إنزال على شرفة المنزل وسطح المنزل، وقاموا بإلقاء قنابل صوتية وتكسير أبواب المنزل بدون سابق إنذار واعتقلوا كل من في البيت بما فيهم أطفاله الصغار.
  • وكانت هناك قوات خاصة في كراج الشهيد تنتظر قدومه لقتله أو اعتقاله، وكان الجنود الصهاينة متخفين بزي عمال زراعة، وعندما توجه أخواه إلى الورشة (الكراج) قام الصهاينة بإطلاق الناري عليهما لحظة دخولهما، وأصيب أخوه فايق وتم اعتقاله من قبل الصهاينة أما نافز فقد أصيب بجرح بالغة الخطورة وتم نقله إلى مستشفى الأهلي.
  • ورغم الحصار والمطاردة ذهب أبو العبد إلى المستشفى ليطمأن على أخويه ومن ثم غادر المكان وبعد ذلك تمكن من الخروج من قطاع غزة.
  • وفي عام 1990م ، قررت المحكمة الصهيونية هدم بيت الشهيد ومصادرة الأرض، وكانت التهمة الموجهة إليه خطف جنود صهاينة.

الخروج من غزة

  • بعد مطاردة في غزة دامت أكثر من شهرين ، تمكنوا من اجتياز الحدود هو ورفاقه ، إلى مصر، وعندما اكتشف أمرهم من قبل الصهاينة، طالبوا الحكومة المصرية بتسليمهم إلا أنهم تمكنوا من الاختفاء عن أعين قوات الأمن المصرية لمدة 3 شهور حتى تم الاتفاق على تسليمهم وترحليهم إلى ليبيا ، ومن هناك غادروا إلى سوريا حيث أكمل مشواره الجهادي هناك.

ليلة الاستشهاد

  • يا لها من دنيا، تفرق بين الأحباب وتباعد بين الأصحاب وترسم صورة الفراق و الغياب، وجاء اليوم الذي يعلن فيه عن موعد غياب القمر الأخير عن سماء الدنيا الفانية والارتحال إلى دنيا الآخرة والبقاء.
  • ففي ليلة 19/1/2010م، كان شهيدنا القائد الحبيب محمود يمكث في أحد فنادق دبي بالإمارات، لكنه لم يكن يعلم أن الموساد الصهيوني ووكلائه في المنقطة يترقبونه ويتربصون به ثأرا لجنودهم المقتولين منذ زمن، ولكن ليس مواجهة كالرجال بل غدرا وخيانة، واستخدموا في جريمتهم الجبانة الصعقات الكهربية ومن ثم الخنق ليرتقي شهيدنا الحبيب إلي جنان الله الباري بعد مشوار جهادي شرف كل فلسطين وكل الأمة.
  • وبذلك قد نال شهيدنا الشهادة التي تمناها على مدى سنوات طوال، فأراد الله البقاء سنوات طوال يخدم فيها الإسلام والمقاومة، ومن ثم الشهادة في سبيل الله فنال أجر البقاء بخدمة الإسلام وظفر بالشهادة ليختم بها حياته فرحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

تفاصل حياته ومكونات شخصيته

  • لا شك أن أبا العبد أغاظ الاحتلال على مدى سنوات طوال، وأذاقهم طعم العلقم مرارا وتكرارا، فخطف جنديين صهيونيين وقتلهم وعلى الرغم من تواجد الاحتلال في كل مكان، استطاع أبو العبد مراوغة الاحتلال والخروج من غزة على الرغم من الحصار الأمني الصهيوني، وكثافة البحث عن قاتل الجنديين الصهيونيين.
  • وعلى الرغم من مرور سنوات طوال على خطف الجنديين الصهيونيين وقتلهم إلا أن الصهاينة ظلوا على مدى السنوات الطوال يعيشون في حسرة لعدم مقدرتهم على قتل أسد القسام والانتقام لجنودهم المهزومين.
  • ولم يستطع الصهاينة مواجهة القائد محمود المبحوح وجها لوجه، بل أرادوها غدرا وخيانة كما يفعل الجبناء الأنذال، أصحاب الهزيمة والوهن، فهذه شيم المهزومين الصهاينة الذين تربوا على الغدر والخيانة عندما يصعب عليهم المواجهة، كما حدث مع أبي العبد.
  • وجاءت لحظة الخيانة، وعندما قرر المبحوح السفر إلى الإمارات، قام الموساد الصهيوني بعملية الاغتيال بصعقة كهربية ، عندما كان أبو العبد متواجدا في أحد مباني الإمارات في 20/1/2010م.
  • وقال أحد أقارب الشهيد وأحد المقربين منه: توقعنا أن تكون العملية عبارة عن اغتيال من قبل الموساد الصهيوني، فلقد حاول الصهاينة تنفيذ عدة محاولات اغتيال بحق قائد القسام أبو العبد، ففي دمشق قد حاول الموساد الصهيوني زرع عبوة ناسفة في طائرة وتم كشف الأمر وباءت محاولة الصهاينة بالفشل ، ومرة أخرى قد حاول الصهاينة اختطاف محمود في بيروت وباءت أيضا بالفشل.
  • وعن كيفية استقبالهم الخبر قال: كانت مفاجأة بالنسبة لنا أن ينجح الموساد الصهيوني في اغتياله، فلقد أغاظ الصهاينة على مدى سنوات طوال، ولقد قتل جنديين صهيونيين بعد خطفهما، ولم يستطع الصهاينة مواجهته رجلا لرجل، بل أرادوا الغدر والخيانة في ليلة الثلاثاء الموافق .
  • وعن مطالبهم قال: لقد كان رد القسام سريعا وتوعدت بالرد على جريمة الاغتيال الجبانة التي نفذها الموساد وعملاؤه في المنطقة، فهو المسئول الأول عن عملية الاغتيال سواء هو أو أعوانه في المنطقة.
  • وقال أسامة حمدان: لقد طارد الاحتلال الصهيوني على مدى ثلاثة عقود، وجهاز أمنه ولا شكوك أن عملية الاغتيال تمت عن طريق الصهاينة، ولقد أثبتت التحقيقات ذلك.
  • ويقول فايق المبحوح شقيق الشهيد: لقد أبلغنا بوفاته قبل عشرة أيام وكنا متأكدين أنها عملية اغتيال جبانة من قبل الاحتلال ووكلائه في المنطقة وناشدنا السلطات الإماراتية فتح تحقيق في الحادث من جديد عن طريق الطب الجنائي.
  • وعن كيفية الاغتيال قال: هناك عدة أنباء من عدة وسائل وهناك عدة روايات، والرواية أن الشهيد محمود تعرض لصعقة كهربية وتم خنقه بعد ذلك .

"حماس" تحقِّق في الاغتيال

  • وبُعَيْد الإعلان عن استشهاده أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس"، وعلى لسان القيادي فيها عزت الرشق/ أن "جثمان الشهيد وصل في ساعةٍ متأخرةٍ من مساء يوم الخميس (29-1) إلى العاصمة السورية دمشق؛ حيث سيوارى الثرى بعد صلاة الجمعة (29-1)"، كاشفًا عن أن تحقيقات تجريها الحركة بالتعاون مع الجهات المختصة في دولة الإمارات العربية المتحدة لمعرفة ظروف جريمة الاغتيال وملابساتها.
  • وأوضح الرشق أن القائد الشهيد كان من مؤسِّسي "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، وأنه نفَّذ عملية أسْر جنديَّيْن صهيونيَّيْن؛ هما "إيلان سعدون"، و"آفي سبورتس"؛ لمحاولة مبادلة أسرى فلسطينيين بهما، وكان له دور مهم في دعم المجاهدين.

الإحتلال يتحمَّل مسؤولية الجريمة

  • وكانت "حماس" قد نعت القائد المبحوح، وحمَّلت، في بيانٍ صدر عنها الجمعة 29/1/2010م ؛ العدوَّ الصهيوني مسؤولية جريمة اغتيال القائد المبحوح، وتعهَّدت بمواصلة السير على طريق الجهاد والاستشهاد، طريق المقاومة والتحرير، مؤكدةً أن "كتائب القسام" سوف تردُّ على هذه الجريمة الصهيونية في الزمان والمكان المناسبَيْن، مؤكدة أن العدو الصهيوني لن يفلت من العقاب، وأنها ستنشر بعض تفاصيل ما كشفته التحقيقات في الوقت المناسب.

عائلة المبحوح تؤكد علمها باغتيال ابنها

عائلة الشهيد محمود المبحوح
  • أكدت عائلة القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الشهيد محمود عبد الرؤوف المبحوح أنها كانت على علم ويقين بأن ابنها تعرض لعملية اغتيال منذ الساعات الأولى لورود نبأ وفاته في دولة الإمارات في العشرين من يناير 2010م .
  • وقال شقيق الشهيد حسين المبحوح : "علمنا منذ البداية أن الوفاة لم تكن بسبب مرض عضال بل اغتيال، ولم نفصح عن تلك المعلومات ريثما جرى التحقق منها".
  • وأضاف المبحوح أن المعلومات التي أُفدنا بها منذ البداية أن هناك ثمة آثار ضرب على الرأس من الخلف وبقع دماء على السرير الذي كان ينام عليه.
  • وأكد أن من يكمن وراء ذلك الاغتيال هو"اسرائيل" بسبب العمليتين المشهورتين اللتين كان شقيقه المسؤول المباشر عنهما وهما قتل كتائب القسام للجنديين الاسرائيليين ايلان سعدون وآفي سبورتاس إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
  • وأشار إلى أن الاحتلال الاسرائيلي حاول مراراً وتكراراً اغتياله، حيث تعرض لمحاولتي اغتيال في الأعوام الأخيرة في كل من سوريا ولبنان.
  • وأوضح أن شرطة الفندق الذي نزل به شقيقه في تلك الليلة لم تكن تعلم أن هذا الشخص "المقتول" هو أحد قادة حماس وتعاملت مع الحدث أنه كأي مواطن عادي، لكن بعدما علمت أنه ينتمي لحماس ويعد أحد قادتها باشرت بالتحقيقات لمعرفة ملابسات تلك الجريمة.
  • واستنكر منع السلطات المصرية لذوي الشهيد من الذهاب للمشاركة في تشييع جثمانه ووداعه الأخير، متهماً إياها بالتخاذل.
  • وقال: "إن السلطات المصرية تحمل كل الكره والبغض لشقيقي محمود وتسميه إرهابياً"، مشيراً إلى أن مصر طالبت من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في أحد السنوات الماضية بعدم اصطحاب شقيقه ضمن وفد كان متوجهاً إلى القاهرة في تلك الفترة.
  • وحول إذا ما كانت عائلة الشهيد تريد تقديم قضية للمحاكم لمعاقبة مرتكبي تلك الجريمة قال المبحوح: "إذا كان تقرير غولدستون لم يجد نفعاً وهو يحمل في صفحاته وتحقيقاته أكثر من 1500 شهيد قتلتهم اسرائيل فهل سينظر في شكوانا؟".

ملاحقة واستشهاد

  • يعد المبحوح هو المسئول المباشر عن عملية أسر وقتل جنديين اسرائيليين إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حيث تم إبعاده إلى جنوب لبنان ضمن 412 قيادياً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي مطلع تسعينات القرن الماضي .
  • وكان جيش الاحتلال هدم منزل أسرته كأول منزل فلسطيني يهدم خلال الانتفاضة الأولى، فضلاً عن تعرض أفراد عائلته للسجن أكثر من مرة حيث تم اعتقال والده ووالدته وطفله عبد الرؤوف الذي لم يتجاوز آنذاك بضعة أشهر.
  • ويقول محمد شقيق الشهيد لوكالة "صفا" إنه في صباح يوم 14/5/1989 اقتحم جيش الاحتلال منزل العائلة بحثًا عن شقيقه محمود فلم يجدوه، فتوجهوا للورشة التي كان يعمل بها وأحاطوها من كل جانب وعندما ذهب شقيقاه نافذ وفائق إلى الورشة قابلهم الجيش بإطلاق النار وأصيب إثر ذلك نافذ في أمعائه.
  • أما فائق فأصيب في قدمه ظنًا منهم أنه محمود فأخذوه إلى مركز تحقيق الإدارة المدنية شرق جباليا شمال قطاع غزة وعندما تأكدوا أنه ليس المطلوب حققوا معه عن أماكن تخفيه، وفي عام 1992 تم اعتقال فائق مرة أخرى ليحكم 15 عشر عامًا بتهمة انتمائه لكتائب القسام.
  • واستطاعت كتائب القسام أن تحتفظ بجثمان ايلان سعدون سبع سنوات كاملة، بقي فيها مصير هذا الجندي مجهولاً للأجهزة الأمنية الاسرائيلية بعد أن تم اختطافه عام 1989.
  • وشنت قوات الاحتلال حينذاك حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة حماس طالت الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعددًا كبيرًا من كوادر الحركة التي كانت حينذاك في طور النشأة.
  • ورغم المحاولات الحثيثة التي قام بها جهاز "الشاباك" من أجل حل لغز هذه القضية باءت كل محاولاته بالفشل وكانت الصفعة أكبر للاحتلال عندما اكتشف مكان دفن جثة الجندي.
  • وتبين للاحتلال أن كتائب القسام لم تصطحب الجندي معها إلى قطاع غزة ولم تقم بتهريبه خارج قطاع غزة عبر الأنفاق كما كان يعتقد الاحتلال بل وجدت جثته في كرم للحمضيات في مكان غير بعيد عن مكان اختطافه قرب مدينة "تل أبيب" مدفونًا في حفرة عميقة .

قالوا عن الشهيد

  • وأدَّت الجماهير صلاة الجنازة على الشهيد في "مسجد الوسيم" وسط شارع اليرموك الرئيس، ثم انطلقت مسيرة التشييع إلى مقبرة الشهداء، وسط هتافاتٍ تطالب "كتائب القسام" والأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية بالرد على هذه الجريمة.
  • تقدَّم مسيرة التشييع عددٌ من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية؛ على رأسهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، الذي قال بُعَيد دفن الشهيد وأمام ضريحه: "هنيئًا لك يا أبا العبد بالشهادة؛ فأنت الآن مُسجَّى تحت التراب، وروحك تحلق في السماء في حواصل طير خضر.. عشتَ مجاهدًا ولقيت الله شهيدًا إن شاء الله، سعيتَ وراء الشهادة بقدر ما لاحقت عدوَّك الصهيوني، واليوم ظفرتَ بالشهادة، أما أنت أيها العدو الصهيوني فلقد قتلتَ الشهيد القائد محمود المبحوح رحمه الله، آلمتنا بقتله، ولكنها الحرب سجالٌ بيننا وبينك، وتلك الأيام نداولها بين الناس.. لم يكن "سعدون"، و"سبارتوس" آخر من ستقتلهم الأيدي المتوضئة من أحبة الشهيد المبحوح وتلاميذه".
وتابع مشعل: "تؤلموننا ولكننا نؤلمكم.. هذه حرب مفتوحة؛ لن تتوقف حتى ترحلوا عن أرضنا، نحن واثقون وجازمون أننا سنهزمكم، الحرب طويلة، ولكننا مطمئنون لنتيجتها، والله الذي لا إله إلا هو، والله الذي قبض روح أخينا أبي العبد.. سنهزمكم شر هزيمة".
ومضى يقول: "قد تقتلوننا وقد تؤلموننا، ولكننا سنقتل شرعيتكم المزعومة، وسنمزق صورتكم المزيفة التي صنعتموها طوال العقود الماضية، لا مقام لكم في أرض فلسطين ولا في أرض العروبة والإسلام، والله سنهزمكم، وسترحلون عن أرضنا، هذه أرض مباركة لم تصبر على الصليبيين والتتار، ولا على المستعمرين، ولن تصبر عليكم، كما رحلتم عن غزة، سترحلون عن الضفة وحيفا ويافا وعن كل فلسطين".
وأضاف مشعل: "ما يمرُّ بشعبنا وأمتنا حالة استثنائية، والمستقبل لنا إن شاء الله.. إن ظننتم أن الضغوط علينا وأن الاغتيال والملاحقة سوف تجبرنا على ترك خيار المقاومة فأنتم واهمون.. نحن وأبناؤنا وأحفادنا سنواصل المقاومة، والمقاومة لن يضعفها احتلالٌ ولا اغتيالٌ ولا قتلٌ ولا حصارٌ ولا جدار.. لا تغيير في سياسة "حماس" ولا في سياسة المقاومة الفلسطينية، ولا تغيير في برنامجنا الوطني".
وأكمل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" قائلاً: "برنامجنا الوطني لم يتغيَّر: فلسطين الأرض والعرض والمقدسات والقدس والعودة والحدود والهواء والسماء والأرض كلها لنا، برنامجنا أن نستعيد حقنا".
وتابع: "إن سُررتم باغتيال رجل عظيم قاتلكم منذ 30 عامًا واغتال بعض جنودكم بشجاعةٍ لا بغدرٍ كما فعلتم، فإن فرحتم فرحة عابرة استثنائية؛ فالألم قادم لكم إن شاء الله".
واختتم مشعل بالقول: "أقسم بالله وباسم الله وعلى بركة الله.. سننتقم لدماء محمود المبحوح، والأيام بيننا سجال، واليوم الأخير لنا بإذن الله".
وأضاف أبو مرزوق: أن المبحوح كان هو الذي خط طريق الأسر وتبادل الأسرى ومواجهة العدو، كان في المجموعة الأولى التي أطلقت السلاح في الانتفاضة حيث كانت الانتفاضة في مجملها انتفاضة حجارة، مجموعة المبحوح هي التي أطلقت الرصاصة الأولى في الحركة، وأيضاًَ أول بيت هدم في الانتفاضة هو بيت أبو العبد المبحوح ولذلك الموقف المشهود الذي تحدى فيه الحاكم العسكري عندما هدم بيته قال :"لا يقابل ذلك ولو أظفراً من أظافر أبو العبد المبحوح وهو من المجموعة المطاردة الأولى التي خرجت من قطاع غزة وحتى ملاحقتها وبقي منذ ذلك التاريخ حتى اللحظة وهمه كان منذ خرج حتى اللحظة معلقاً في الجهاد والمجاهدين وكيفية دعمهم والوقوف إلى جوارهم، رحمه الله رحمة واسعة".
وأشار الدكتور موسى أبو مرزوق: أن الشهيد المبحوح لم يكن سياسياً أو إعلامياً فهو يعمل في أطر خاصة وغير معلنة وكل علاقاته هي علاقات غير معلنة.
وحول عملية اغتيال القائد القسامي محمود المبحوح قال أبو مرزوق: " سيكون هناك تحقيق والحركة أيضاً سترسل ايضاً وفداً للتحقيق والمساهمة في التحقيق، حتى الآن كل ما هو واضح أشياء جزئية عن قتله خنقاً لكن لا نعرف تفصيلات إلاّ من خلال التشريح والملف جميعه عند الإمارات وسنذهب لمتابعة المسألة مع دولة الإمارات إن شاء الله.
وأضاف أبو مرزوق: أن الدلالات وراء اغتيال القائد المبحبوح هو الاحتلال الصهيوني وأن إلعدو الصهيوني لم يتوقف لحظة واحدة عن ملاحقة المجاهدين الدلالات لم يكن هناك دول معتدلة ودول غير معتدلة في سياسة دولة الاحتلال تجاه هذه الدول وبالتالي الملاحقات في كل هذه الدول، الدلالات أن المعركة مفتوحة فالعدو ليس فقط داخل فلسطين بل هو داخل فلسطين وخارج فلسطين.
وأكد أن: موضوع القتل والاغتيال بلا شك سيكون له آثار بعيدة حتى على سياسات الحركة.
  • وأكد عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس": أن العدو الصهيوني نفذ جريمة اغتيال الشهيد القائد محمود المبحوح في دبي بالإمارات العربية المتحدة الأربعاء الماضي ، مشددا على أن دماء الشهيد لن تذهب هدراً وستكون لعنة على المحتل.
وقال الرشق في تصريح صحفي له: " إن جثمان الشهيد وصل في ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس (29-1) إلى العاصمة السورية دمشق، حيث سيوارى الثرى بعد صلاة الجمعة.
وكشف عضو المكتب السياسي لحركة "حماس": أن تحقيقات تجريها الحركة بالتعاون مع الجهات المختصة في دولة الإمارات العربية المتحدة لمعرفة ظروف وملابسات جريمة الاغتيال.
وأوضح الرشق: أن القائد الشهيد كان من مؤسسي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، وأنه نفذ عملية أسر جنديين صهيونيين هما "إيلان سعدون" و "آفي سبورتس"، لمحاولة مبادلتهما بالأسرى الفلسطينيين، وكان له دور مهم في دعم المجاهدين.

حوار مع الدكتور محمد نزال حول اغتيال المبحوح

الدكتور محمد نزال

أكد محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس "أن كتائب عز الدين القسام التي تضم خيرة الرجال الرجال، خيرة الشرفات من أبناء هذه الأمة وأبناء هذا الشعب هذه الكتائب التي قدمت البطولات النادرة والتضحيات الكبيرة، قادرة بإذن الله تبارك وتعالى على أن تثأر لدماء الشهداء الزكية التي سالت، وقادرة على أن تلقن العدو الصهيوني دروساً لن ينساها إن شاء الله ".

وأضاف " ما ينبغي أن يعرفه العدو الصهيوني بأن كل عمليات الاغتيال التي تمت لقيادات حركة حماس وكوادرها لم تغير سياساتها ولم تثنها عن المضي في هذا الطريق الذي تسير فيه طريق الجهاد والاستشهاد ".

وفيما يلي نص الحوار الذي أجري مع الدكتور محمد نزال:

  • برأيك ما هو هدف العدو الصهيوني من اغتيال الشهيد القائد محمود المبحوح رحمه الله؟
الشهيد محمود عبد الرؤوف المبحوح كان هدفاً للأجهزة الأمنية الصهيونية منذ عام 89 وهو العام الذي نفذ فيه مع الخلية التي كان عضواً فيها عمليتي اغتيال الجنديين الصهيونيين إيلان سعدون وآفي اسبورتس، وبالتالي الأخ المبحوح كان هدفاً منذ ذلك التاريخ وتعرض لعدة محاولات اغتيال خلال تلك الفترة وتلك العمليات كانت عمليات اغتيال أمنية لم تنجح خلالها الأجهزة الأمنية من تنفيذ مرادها إلى أن حققت مرادها خلال الأيام القليلة الماضية بعد عشرين عاماً من الملاحقة والمطاردة، إذا الأخ المبحوح لم يكن مفاجئاً اغتياله وكان يتوقع في أي لحظة أن يكون هدفاً للصهاينة.
  • العدو الصهيوني حوّل المعركة مع حركة حماس إلى مساحات أوسع فنقلها إلى الخارج ، برأيك ماذا يهدف العدو من هذه الاغتيالات في الخارج؟
من الواضح أن الصهاينة بحاجة دائمة إلى انتصارات يقدمونها إلى شعبهم وإلى مجتمعهم، وبالتالي فإنهم حيث ما تمكنوا من تحقيق هذا الهدف لم ولن يتوانوا عن الذهاب إلى أي مكان في العالم، علينا أن نتذكر أن الشهيد فتحي الشقاقي أغتيل في مالطا في تشرين أول أكتوبر 1995 ميلادي، قبل ذلك بكثير اغتيل محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر وهم من قيادات فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في نيسان أبريل 1973م، وخليل الوزير القائد الفتحاوي الشهير اغتيل في نيسان أبريل 1987 أيضاً الأخ خالد مشعل تعرض لمحاولة اغتيال آثمة في عمان في أيلول سبتمبر 1997 هذه العمليات البارزة التي نفذتها الأجهزة الأمنية الصهيونية وتحديداً جهاز الموساد وهو جهاز الاستخبارات الخارجية، خارج فلسطين ولهذا ينبغي أن ندرك بأن الصراع بينك وبين هذا العدو هو صراع مفتوح لا يحده بالنسبة له الزمان ولا المكان، أما بالنسبة لنا في حركة المقاومة الإسلامية حماس فقط التزمنا بسياسة اتخذت لاعتبارات لا تتعلق بالعدو الصهيوني ولكن لاعتبارات تتعلق بحركة حماس التزمنا بعدم نقل المعركة إلى خارج ساحة الصراع الأساسية والرئيسة وهي ساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولكن لا يعني أن هذه السياسة ستبقى سياسة مطلقة ويمكن لهذه السياسة أن تتم مراجعتها في اللحظة المناسبة وفقاً للظروف السياسية المناسبة وفي كل عملية اغتيال تتم خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة تكون هذه السياسة عرضة للمراجعة وللتقييم والأمور مفتوحة على مصراعيها باتجاه كل الاحتمالات.

  • ما هي الدلالات الحقيقية أن الموساد الصهيوني كان وراء اغتياله، وهل توصلتم إلى شيء حتى اللحظة؟
أولاً حركة حماس ومنذ اللحظة الأولى لوصول نبأ وفاة الأخ محمود عبد الرؤوف المبحوح قلنا بأن هذه الوفاة غير طبيعية وطلبنا من السلطات الأمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة التحقيق في هذا الحادث وتشريح جثة الأخ الشهيد المبحوح، ومنذ أن بدأت السلطات الأمنية التحقيق في هذا الموضوع تبينت خيوط الحادث ففي الإطار الطبي عند تشريح جثة الأخ الشهيد المبحوح تبين أنه قتل خنقاً بعد أن تم استعمال أداة صاعق كهربائية لشل حركته وبعد ذلك تبين أيضاً أن الأشخاص المجرمين الذين قاموا بهذه العملية والذين تم تصورهم من خلال أجهزة التصوير في ممرات الفندق وفي قاعاته أن هؤلاء هم أوروبيون غادروا للأسف الشديد دبي بعد تنفيذ فعلتهم مباشرة.

في ضوء هذه المعلومات وحيث أن الأخ الشهيد المبحوح هو هدف لسلطات الاحتلال الصهيوني كما قلت آنفاً فإن التهمة توجهت في البداية ومباشرة إلى هذا العدو، لأنه لا مصلحة لأي جهة لقتل الأخ الشهيد المبحوح غير هذه الجهة وهي سلطات الاحتلال الصهيوني، كما أن البصمات التي تركت، أسلوب تنفيذ العملية.

استخدام الجوازات الأوروبية وهي ليست المرة الأولى التي يتم استخدامها وللأسف في الدخول والتسلل إلى البلاد العربية والإسلامية والأجنبية، وما جرى في حادثة الأخ فتحي الشقاقي في مالطا دليل على ذلك وبعد ذلك حادثة محاولة اغتيال الأخ خالد مشعل عندما حمل المجرمون الجنسيات الكندية، وطبعاً تبين أنها مزورة، علماً أن شرطة دبي أعلنت بأن الجوازات التي حملها المجرمون المشتبه بهم ليست مزورة، كل هذه الظروف والملابسات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العدو الصهيوني هو المتهم.

وهو قد التزم الصمت كما تابعنا، على الرغم من توجيه الاتهام بشكل رسمي له بأنه هو من يقف وراء محاولة الاغتيال، ولكن أجهزة الإعلام أو المسئولين الصهاينة التزموا الصمت ولم يعلقوا وهذه الطريقة التي اعتدنا عليها بالنسبة للصهاينة أنهم يلتزمون الصمت في معظم الحالات ويتركون لوسائل إعلامهم كي تتعامل مع الموضوع بطريقة تشير إلى أنهم هم الذين يقفون وراء عملية الاعتقال، من هنا أقول بكل ثقة بأن جهاز الموساد هو الذي اغتال الأخ الشهيد المبحوح.

  • هل سيكون اغتيال أبو العبد له أثر على قيادة حماس في الخارج؟
ما ينبغي أن يعرفه الاحتلال بأن كل عمليات الاغتيال التي تمت لقيادات حركة حماس وكوادرها لم تغير سياساتها ولم تثنها عن المضي في هذا الطريق الذي تسير فيه، لقد قدمت حركة حماس زبدة القيادات بدأ من مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ومروراً بالدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقائمة الشهداء الذين يطول ذكرهم، ولكن ذلك لن يؤثر لا على سياسات حركة حماس ولا على قوة حركة حماس، لا يعني أن غياب هؤلاء القادة لا يشكل خسارة لحماس وللشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية.

ولكن حركة حماس بفضل الله تبارك وتعالى خصوصاً والمقاومة عموماً هي قادرة على تعويض هذه الخسائر وهذه التضحيات، وقادرة على إنجاب المزيد من الأبطال الذين يحملون الراية قبل أن تسقط ويواصلون المسير باتجاه الهدف النهائي وهو تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة.

  • كيف سترد حركة حماس على عملية الاغتيال؟
برأيي أنه لا ينبغي لأحد في حركة حماس لا في الإطار السياسي ولا في الإطار العسكري أن يتحدث عن كيفية الرد لأن الذي ينبغي أن يسود هو أن الرد يكون بالأفعال لا بالأقوال، نحن واثقون أن كتائب عز الدين القسام وهي الجناح العسكري لحركة حماس التي تضم خيرة الرجال الرجال، خيرة الشرفاء من أبناء هذه الأمة وأبناء هذا الشعب هذه الكتائب التي قدمت البطولات النادرة والتضحيات الكبيرة، قادرة بإذن الله تبارك وتعالى على أن تثأر لدماء الشهداء الزكية التي سالت، وقادرة على أن تلقن العدو الصهيوني دروساً لن ينساها إن شاء الله، وهذا الأمر متروكاً للكتائب لكي تحدد الزمان والمكان والأسلوب والطريقة منسجمة بذلك مع السياسات المقرة في أطر الحركة القيادية.
  • رسالة إلى قادة القسام ومجاهدوها، بعد استشهاد هذا العلم وهذا القائد أبو العبد؟
أقول لهم جميعاً:"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"، "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء"، أقول لهم هذه الآية هي البلسم لنا جميعاً، وأقول لهم "اصبروا وصابرو ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".

قسمات من حياة الشهيد في حوار مع أخيه "أبو العز"

المبحوح كان رمزا للمقاومة

ولكي نتعرف علي قسمات حياة الشهيد محمود المبحوح نسوق حوارا أجراه موقع القسام مع أخيه "أبو العز":

  • بداية لو تحدثنا عن حياة الشهيد أبو العبد؟
كان في صغره من الشباب الملتزمين من البداية، نشأ في بيت إسلامي حيث الوالد والإخوة، كان ملتزم وكان رياضي يمارس لعبة كمال الأجسام ورفع الحديد، فكان يتمتع ببنيان قوي مع بلوغ سن العشرين فتح ورشة ميكانيكا سيارات في غزة، وكان من المعدودين في قطاع غزة الذين يمارسوا الميكانيكا في السيارات، والورشة كانت محطة تعارف مع الحركة حيث كان يصلح عنده الشيخ صلاح شحادة وبعض الأخوة الآخرين الذين بعد ذلك أصبحوا مجموعات، تزوج من هنا في غزة وعنده عبد الرؤوف وثلاث بنات.
وعندما خرج من فلسطين كان متزوج، حيث كان مطارد، هناك بعض وكالات الأنباء تقول أنه مبعد، هو ليس مبعد هو خرج بعد مطاردة الاحتلال له وخرج عن طريق مصر.
عندما خرج كان معه بنت وولد، في عام 89 لم يذهبوا له إلاّ تقريباً في 97 عندما سافروا له كانت هذه أول مرة يرهم فيها.
بحكم أنه ميكانيكي ومن الملتزمين انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين قبل انطلاق حركة حماس، فكانت جماعة الإخوان المسلمين والمجمع الإسلامي وبعض المساجد والجمعيات الإسلامية، فكان ملتزم في المجمع الإسلامي.
خلال عمله في ورشته تعرف على الشيخ صلاح شحادة ومن هنا بدأت العلاقة التنظيمية، كانت تجمعهم علاقة جيدة جداً جداً، وبدأت التدريبات العسكرية على السلاح وما إلى ذلك، هو ومحمد نصار ومحمد شراتحة، والذي نظمهم للجهاز العسكري لحماس هو الشيخ صلاح شحادة رحمه الله.
بدأت عمليات الإعداد تقريباً في 88 بعد إنطلاق الحركة بعامين، انضموا مباشرة وكونوا مجموعات عسكرية، حيث كانت أول العمليات العسكرية بشكل رسمي وكان يطلق عليها جهاز مجد العسكري، وبدأ يباشر العمل العسكري بشكل فعلي كعمليات في بداية 89 بأوامر من الشيخ صلاح شحادة كان معتقل في السجن على خلفية تنظيم حماس كان معتقل الشيخ صلاح في غزة ومن هناك خرجت الأوامر إلى هؤلاء الثلاثة بتنفيذ العمليات العسكرية وهي عمليات خطف للجنود فنفذوا عملية خطف الجندي الأول في شهر 2 عام 89 ولم يكشف عن جثته إلاّ بعد 80 يوم من اختطافه، وفي شهر 5 من نفس العام تم اختطاف الجندي الآخر وهو إيلان سعدون كان بين الأول والثاني تقريباً ثلاث شهور، الأول كان عملية خطف لهدف القتل أي بمعنى عملية تجربية ونجحت، والجندي الثاني كان عملية قتل بهدف الأسر والإبقاء عليه على قيد الحياة، لكن عندما قاموا باختطافه منذ اللحظة الأولى فأراد أن يدافع عن نفسه وحينها اضطروا إلى قتله، والذي كشفهم أن السيارة لم تحرق كالأولى، ولكن من ضيق المال وضيق الإمكانيات قالوا نبيعها ونشتري بثمنها سيارة أخرى لنقوم باختطاف جندي آخر، ومن هنا كشفت العملية والسيارة وتم التعرف عليهم في التحقيقات.
أبو العبد كان قبل الانتفاضة الأولى سجن في الـ 86 لمدة عام على حيازة سلاح، منذ اللحظة الأولى التي انضم فيها للحركة الإسلامية وبدأ بتلقي الدروس والتوعية فهو كان من طموحاته أن يقاوم العدو فكان ينظر إليهم بعين أنهم عدو ويجب إخراجهم من الأرض، وهذا تبين منذ اللحظة الأولى قبل انطلاقة الإنتفاضة الأولى، في الـ 86 حاول حيازة أسلحة وبالفعل تمكن من حيازة قطعة سلاح، وبعدها طلب من التاجر أن يحضر له قطع أخرى لتكوين نواة عسكرية قبل انشاء الحركة، يومها اعتقل لمدة عام، ومن هنا بدأت رحلة الحقد الأخرى من أبو العبد تجاه هذا الاحتلال الغاصب، وبدأت رحلة العمل والتفكير للعمل جدياً، وبالفعل بعد عام ونصف وعامين كانت عمليات خطف الجنود.
  • متى كانت عملية المطاردة؟ وكم عام استمرت؟
هو كان مطلوب للعدو في 13-5-1989 طلب رسمياً، فلم يكن في البيت ومن هنا أصبح مطارداً هو ومحمّد نصّار، عملية المطاردة في غزة كانت ملاحقة شبه روتينية وشبه يومية للحاق بهم، كان الصهاينة على مدار الساعة يبحثوا عنهم، خاصة وأن جثة الجندي لم يكونوا قد عثروا عليها، فكان من المهمات الأولى للاحتلال اعتقال هذه الخلية حتى يدلوا على مكان الجثة ومن ثم اعتقالهم أو تصفيتهم، وبدأت المطاردة في قطاع غزة حيث استمرت من 40 إلى 50 يوم ومن ثم استطاعوا الخروج إلى الخارج، استطاع أبو العبد الخروج إلى الخارج عن طريق الحدود مع مصر.
  • كيف كان تواصلكم معه في الخارج، ومتى كانت آخر مرة تحدثتم معه؟
التواصل في الخارج في المدة الأخيرة كان عن طريق الإنترنت، ولكن بعض من إخوانه تمكنوا من رؤيته و البعض الآخر والكثير لم يتمكن، الوالد والوالدة تمكنوا من رؤيته في عام 2004 .
ونحن كذلك كان الجانب المصري يعيدنا على المعبر، آخر مرة تكلمت معه ليلة سفره إلى دبي، يوم الاثنين ليلاً اتصل بي وهو يجهز في الحقائب ويوم الثلاثاء سافر واستشهد هناك.
  • كيف تلقيتم نبأ استشهاد أبو العبد رحمه الله؟
نبأ استشهاده كان صدمة لنا، والحمد لله رب العالمين صبرنا، ولكن كانت صدمتنا أكبر لأنه كان في الغربة وهذا ما زاد الأمور صعوبة أنه كان مغترب واستشهد في الخارج، لم نستطع توديعه في اللحظات الأخيرة، وهذا كان مشكلة تواجهنا والوالد والوالدة والأخوة جميعاً حيث لم نشارك في جنازته، ولكن من اللحظة الأولى كنا صابرين واحتسبنا أمرنا لله لأننا كنا على هذا الطريق فهو اختار هذا الطريق منذ اللحظة الأولى، ولم نكن متفاجئين أن يأتي خبر استشهاده أو خبر اغتياله، لأنه كان على مدار الساعة ملاحق من قبل العدو الصهيوني، وقد نجا من عدة محاولات اغتيال في السابق.
  • في تصريحات عن عائلة الشهيد أنه تم اغتياله عن طريقة خنقه وصعقه بالكهرباء ، هل هناك أدلة على ذلك؟
نحن تلقينا الخبر الرسمي من قبل الحركة ومن قبل العائلة في دمشق الساعة الثانية ليلاً ، بعد أن استلموا الجثمان من دبي، استلموه حوالي الساعة العاشرة والنصف بعد الاطلاع على التقارير الطبية والتحقيقات، وتم أبلاغنا الساعة الثانية ليلاً أن أبو العبد تم اغتياله عن طريق شخصان وعن طريق صعقة كهربائية في خلفية الرأس ومن ثم تم خنقه، لكن التحاليل أثبتت أنه تم خنقه عن طريق مادة سامة، والآن جاري التحقيق.
  • ما هو سبب التأخر عن إعلان أن الموساد يقف وراء عملية الاغتيال؟
نحن كان معنا خبر منذ اللحظة الأولى أن هناك علامات تدل أنه تم اغتياله، ولكن الحركة في الخارج وهنا ونحن في العائلة تريثنا إلى أن تمت التحقيقات حتى تكون الصورة واضحة للجميع، لأنه منذ اللحظة الأولى لم نتهم بدون أدلة، كان التأخير الهدف منه التستر والتكتم على التحقيقات الجارية حتى لا نشوش على ما يجري هناك في دبي.
  • رسالة إلى مجاهدي القسام في الداخل والخارج، وكيف تتوقعون الرد؟
أهدي خبر استشهاد أبو العبد لكل مجاهدي حماس ولكل أعضاء كتائب القسام، وأقول لهم أن حركتنا لن تقف على شخص واحد، نعم المصاب جلل الخسارة كبيرة، ولكن أبو العبد كان واحد من ضمن آلاف المجاهدين ونحن على ثقة بالله عز وجل وفي مجاهدينا في القسام أنهم لن يزيدهم ذلك إلا قوة وعنفواناً وطبيعة الرد على العدو نتركها للمتخصصين في هذا الشأن .

بيانات القسام بخصوص اغتيال المبحوح

بيان رقم (1)

نعي حركة حماس للشهيد المبحوح
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}

بيان عسكري صادر عن:

..::: كتائب الشهيد عز الدين القسام :::..

كتائب القسام تزف إلى العلا المجاهد الكبير المبعد محمود المبحوح أحد مؤسسي القسام والمخطط لعمليات كبرى

بكل آيات الإيمان بقضاء الله وقدره، وبعزة المؤمنين الواثقين بنصر الله، وبشموخ المجاهدين القابضين على جمرتي الدين والوطن المرابطين على ثغور الوطن الحبيب محتسبين عملهم وجهادهم وحياتهم ومماتهم لله رب العالمين ...

تزف كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية فارساً من فرسانها الميامين:

المجاهد الكبير/ محمود عبد الرؤوف المبحوح

(50 عاماً) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة

والذي ارتقى إلى العلا شهيداً – بإذن الله تعالى- خارج أرض فلسطين، على إثر عارض صحي مفاجئ نجري تحقيقاً في أسبابه، حيث أبعد مجاهدنا عن أرضه عام 1989م بعد مشوار جهادي مشرّف وعظيم، فقد كان من مؤسسي كتائب الشهيد عز الدين القسام، وهو المسئول عن أسر الجنديين "آفي سبورتس و إيلان سعدون" في بداية الانتفاضة الأولى، وقد خطط للعديد من العمليات البطولية الموجهة للاحتلال، وهو أوّل من أقدم العدو الصهيوني على هدم بيته إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وظلّت فلسطين حاضرة في كل أفعاله رغم إبعاده عنها، نحسبه شهيداً ولا نزكي على الله أحداً ..

نسأل الله تعالى أن يتقبله في الشهداء وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، ونعاهده وكل الشهداء أن نبقى على طريق ذات الشوكة حتى يأذن الله لنا بإحدى الحسنيين .

وإنه لجهاد نصر أو استشهاد،،،

كتائب الشهيد عز الدين القسام- فلسطين

الأربعاء 05 صفر 1431هـ

الموافق 20/01/2010م

بيان رقم (2)

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}

بيان صادر عن كتائب الشهيد عز الدين القسام

نحمل العدو الصهيوني مسئولية اغتيال القائد محمود المبحوح

إن العدو الصهيوني الغادر يواصل جرائمه وقرصنته ضد كل من يرفع راية الجهاد والمقاومة ومن يحمل قضية فلسطين، ويستبيح في سبيل ذلك كل الأقطار العربية والإسلامية متغطرساً كعادته، و منتهكاً لكرامة وسيادة هذه البلاد..

إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام نحمّل العدو الصهيوني المسئولية الكاملة عن جريمة اغتيال المجاهد الكبير محمود عبد الرؤوف المبحوح خارج أرض فلسطين، حيث تعرض شهيدنا إلى عملية خنق وصعق كهربي في أحد فنادق دبي.

كما أننا نؤكد أن العدو الصهيوني لن يفلت من العقاب بعد ارتكابه لهذه الجريمة.

وستنشر كتائب القسام بعض تفاصيل ما كشفته التحقيقات حول اغتياله، وذلك في الوقت المناسب بإذن الله. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد،،،

كتائب الشهيد عز الدين القسام- فلسطين

الجمعة 14 صفر 1431هـ

الموافق 29/01/2010

بعض المقالات التي كتبت عن الشهيد محمود المبحوح

وأخيرا نسوق بعض المقالات التي كتبت عن الشهيد محمود المبحوح:

هل قتل المبحوح أم مات ؟!


بقلم: د. مصطفى اللداوي

إنه علمٌ فلسطيني يعرفه الاسرائيليون، ويخشون اسمه، ويتحسبون من جهده، ويخشون عمله، قد أبكاهم لسنوات، وأرق كثيراً قادة كيانهم عسكريين وسياسيين، وأذاقهم لباس الذل والهوان، مرغ بالتراب بزتهم العسكرية، ولاحق جنودهم المدججين بالسلاح، فبالوا على أنفسهم خوفاً منه، أثار اسمه وإخوانه الرعب في قلوب الجنود الاسرائيليين، فباتوا يتلمسون في الشوارع خوفاً من الاختطاف، بحثوا عنه في كل مكان، داهموا بيته، واعتقلوا أشقاءه وأمه وزوجته.

وأطلقوا النار على أفراد أسرته، وسحلوا شقيقه في الشوارع، كمنوا له في مكان عمله، وأمطروا العاملين فيه بوابلٍ من الرصاص، وربطوا له في الأزقة والطرقات، انتظروه في بيته، فلمالم يجدوه دمروا بيته، وهو البيت العامر ببناءه ورجاله، إذ فيه رجال مقاومون، وشبابٌ مقاتلون، وأبٌ كبير سابقٌ بالخيرات، مرفوع الهامة، موفور الكرامة، مهاب الطلعة، يحتضن المقاومة، ويرعى المجاهدين، وينام وعينه مفتوحة تحرس بيوت الفلسطينيين، قد أنجب رجالاً ونذرهم كلهم لفلسطين، كباراً وصغاراً، حفدةً وبنين، نساءاً ورجالاً، كلهم قد سكنت فلسطين قلوبهم، وعمرت المقاومة حياتهم، فبيتهم بيت المقاومة، قد سكنه قادة المقاومة الكبار، فكان موئلاً للقائد الكبير الشهيد صلاح شحادة، الذي أسس وقاد أول عمل عسكري وأمني لحركة حماس في فلسطين، واتخذ من هذا البيت مقراً لقيادته العسكرية، إنه سليل أسرةٍ قُوْتها المقاومة، ومدادها الدم، وصفحاتها صفات عزٍ وكرامةٍ وإباء، لا يعرف الذل، ولا يقبل بالهوان، ولا يستسيغ الاستكانة.

إنه محمود عبد الرؤوف المبحوح، الفلسطيني الممتلئ قوةً وعنفواناً وحماسةً، والمسكون بالمقاومة، والحالم بالقتال، والساعي للمواجهة، ابن قرية بيت طيمة، التي كانت يوماً تابعة لقضاء غزة، كثير من الفلسطينيين يعرفونه، كما كان يعرفه الاسرائيليون، فيذكرون الشاب المتقد قوة وعنفاً، الذي كان يوماً يسكن مخيم الثائرين جباليا، ويجوب في شوارعه بسيارته البيجو، التي كانت تتميز عن غيرها دائماً، كونه يدير ورشة صيانة سيارات، التي كان يخفي فيها ووراءها كل أنشطته العسكرية، وقد اتخذ منها مقراً للتنسيق العسكري مع شركائه في المقاومة، إنه المقاتل بصمت، والمجاهد في الخفاء، والمناضل بلا جلبةٍ ولا ضوضاء، الرجل الذي نذر حياته ومستقبله وبيته وماله من أجل فلسطين وأهلها، فتحمل في سبيلها أذىً كثيراً، واحتسب ما لاقى عند الله سبحانه وتعالى، ولم يمنعه ما وجد من الاحتلال من مواصلة طريق الجهاد والمقاومة .

أبو الحسن محمود بهي الطلعة كان، حسن الهندام، أنيقٌ في ملبسه، نظيفٌ في ثيابه، عبق الرائحة، متزن الخطى، يسير مرفوع الرأس، منتصب القامة، سريع الخطى، كصخرةٍ تهوي، وجلمودٍ يسقط، لا يلتفت إلا إلى هدفه، لا تشغله الدنيا بفتنها، ولا المدينة ببهرجها، ولا الأشياء بجاذبيتها، كريم النفس، سخي اليد، معطاءٌ بلا حدود، متلافٌ للمال بلا حساب، يهدي من أنفس ما يملك، ويعطي من أطيب ما تجود به نفسه، يبش لمن أحبه قلبه، ويحسن استقباله، ويبالغ في الحفاوة به، يدعوه إلى بيته، ويكرمه كما يكرم أهله، ولكنه عبوسٌ مقطب الجبين تجاه من يكره، لا ينافق ولا يهادن ولا يداري، صادق اللهجة، نقي السريرة، لا يعرف الخبث إلى صدره سبيلاً، ولا إلى عقله طريقاً، يقسو أحياناً على من يحب ليقوم اعوجاجاً رآه فيهم، أو يصحح خطأً عرفه عنهم، يهب لنجدة الضعفاء، ويساعد الفقراء، شهامةً ونبلاً عن أسرته قد ورثها، فأبوه والشهامة والنبل صنوان لا يفترقان، على حاله مازال، رغم مضي الزمان، وتقدم العمر .لمن أحبه قلبه، ويحسن استقباله، ويبالغ في الحفاوة به، ولكنه عبوسٌ مقطب الجبين تجاه من يكره، لا يناق ولا يهادن ولا يداري، عطي منتشغله الدنيا بفتنها، ولا المدينة ببهرجها، ولا الأشياء بجاذب.

محمود المبحوح صنو ابن الوليد خالد، لا ينام ولا ينيم، ولا يعرف غير الوغى والقتال سبيلاً للعيش، ولا يرى في غير السلاح وسيلةً للعزة والكرامة والنصر، وقد أقسم أن ينسي الاسرائيليين وساوسهم وأضغاث أحلامهم، وأن يعلمهم دروساً في المقاومة والصمود لا ينسوها، طاردوه فطاردهم، قاتلوه فقاتلهم، لاحقوه فلاحقهم، أرهبوه فأرهبهم، كانوا يفرون من مواجهته، وكان يصر على مواجهتهم، لم يكن في حياته مكان لغير المقاومة، ولا شيئ يشغل تفكيره غير قوة المقاومة، وتمكين رجالها، وتعزيز صمود مقاتليها، وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من سلاحٍ ومال، فكان له في كل معركةٍ دورٌ وسهم، شارك في غيابه، وقاتل في حضوره، وترك في كلِ مكانٍ له بصمةً لن تنسى.

رجلٌ كالطود العظيم مهابةً ورجولةً، لا يقوى على منازلته أحد، ولا يستطيع مصارعته رجل، يبطش بخصمه، ويصرع من يتجرأ على مبارزته، كثيرةٌ هي الشواهد على رجولته وشهامته ونبل أخلاقه، وعديدة هي الحوادث التي كشفت عن جرأته وجسارته وقوة قلبه، لا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً، ولا يتردد إذا عزم على فعل شيئ، يخشاه من يسمع صوته المجلجل، وصراخه المرعد، يدافع عن رأيه بقوةٍ وإيمان، ويتمسك بثوابته بعزيمةٍ وإصرار، ولكن دموعه قريبة، وعيونه بكاءة، سرعان ما تذرف عيونه الدموع على أهله وشعبه في فلسطين، ذرف الدموع غزيرة عندما اغتال الاسرائيليون قائده صلاح شحادة، ورفض الاستسلام لحقيقة شهادته، واصر على أنه مازال حياً وباقياً، وأن القنبلة التي كانت تزن ألف كيلو جرام، والتي ألقيت على الحي السكني الذي كان يسكنه صلاح شحادة في حي الدرج بغزة، لم تقتله، وأنه مازال يقود جحافل المقاومة في غزة، بكى أبو الحسن عليه كثيراً، وانتحب من أجله لا حباً فيه وحسب، وإنما حباً في المقاومة، وخوفاً على مسارها، وقلقاً على استمرارها وديمومتها، تبكي عيونه لطفلٍ صغيرٍ يتأوه، ويحزن لمنظر يراه معبراً عن حالة شعبه، يثور على صمت العرب، ويهتاج على عجز الأشقاء، ويكاد يتفجر غضباً وهو يرى غزة وحدها تلتهب، وغيرها صامتٌ لا يضطرب ولا يحرك ساكناً، يكز على أسنانه بغضب، ويضرب بقوةٍ بقبضة يده الطاولة أو الجدار، أو يلوح بقبضات يده في الهواء، متوعداً مزمجراً معاهداً على الانتقام، ويقسم بالله أن يذيق الاسرائيليين ويلات ما أقدموا عليه، ليندموا على جريمتهم، وألا يفكروا في العودة إلى مثلها من جديد .

إنه رجلٌ من جيلٍ قد مضى، عز فيه النظير، وندر فيه المثيل، إنه يتبع رجالاً كانوا قد عاهدوا الله على النصر أو الشهادة، فانتقاهم الله من بيننا، واختاره سبحانه وتعالى عن قصدٍ من بين جمعنا، قد غاب عنا المبحوح، هو شهيد عند الله نحسبه، قد ارتقى إلى العلا وروحه في قناديل تحت عرش الرحمن معلقة، هو اليوم مع النبي محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، والشهداء الأخيار، يباهي بما وجد عند الله الدنيا وكل ما فيها، غاب ابو الحسن عن الدنيا ولم يلوِ فيها على شيئ، غاب وهو مسكونٌ بالمقاومة، مهمومٌ بإخوانه في الرباط والميدان، يفكر كيف ينصرهم، ويعمل لتحصين مواقعهم، ويجهد نفسه كيف يجعلهم أقوى سلاحاً، وأمضى عزيمةً، وأشد شكيمةً، وأقوى على النزال بما يملكون من عتادٍ وسلاح، ولكن هل تراه قد غاب عنا موتاً، أم أن يد الغدر قد نالت منه غيلةً وغدراً، فهل قتلته اسرائيل بيدها، أم كلفت يداً قذرة أخرى بقتله، أم نال منه شانئوه، وقتله مبغضوه، وانتقم منه سجانوه ؟ ...

سلام الله عليك أبا الحسن، وغفر الله لك، وأسكنك فسيح الجنان، وجمعك مع خير خلق الله، وأجلسك مع أصحابك الذين سبقوك، ياسين وصلاح، والرنتيسي والريان، وغيرهم ممن أحببت من صناديد المقاومة، وأبطال الصمود، معك أبا الحسن في كل يومٍ نتابع، وغداً من أجلك نحاول أن نعرف ...هل مُتَّ أم قُتلتَّ ... وسنرى ...

المبحوح وإرادة الصمود


حياة تزخر بالجهاد والمقاومة على مدى أكثر من ثلاثين عاماً هي عمر مقاومته، وسني صموده، وصفحات عمره الطويلة المليئة بالجرأة والجسارة والتحدي والإرادة الصلبة، لم يتوقف خلالها أبو الحسن المبحوح عن القيام أو التفكير بالمقاومة، وفي الوقت الذي انشغل فيه آخرون بالتربية والإعداد، كان أبو الحسن يحمل بندقيته على كتفه، ويجوب وإخوانه بساتين مخيم جباليا والمنطقة الشرقية ومسجد حسن البنا على شاطئ المخيم، متدرباً على السلاح، مخططاً لمهامٍ قتالية، متحفزاً لمواجهة، أو متهيئاً لهجوم، ولم يكن أبو الحسن يعرف الخوف أو التردد، أو يدرك حسابات التوازن العسكري، أو مقاييس التكافؤ في القوى، بل كانت الجرأة عدته، والجسارته خطته، والتحدي منهجه، وقبضة يده تلوح في الأفق، بوجهٍ عابسٍ غاضب، ثائرٍ على الضعف، رافضٍ للاستسلام، يتحدى الظروف الصعبة، ويواجه الخطوب المعقدة.

وكان ضباط الأمن الاسرائيليين المشرفين على مخيم جباليا، يعرفون هذا الشاب ذي الهمة العالية، والحركة السريعة، والأكتاف العريضة، والعضلات المفتولة، الذي ما ينتهي من صلاته حتى يهب واقفاً لمكان العبادة الآخر، الذي كان يقضي فيه جل أوقاته، فكانوا يخشون من غيابه، ويخافون من حضوره، فيباغتونه في بيته، أو يفاجئونه في مقر عمله .

وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس" قد تعرضت في الرابع عشر من شهر آب / أغسطس من العام 1988 لأول ضربةٍ أمنية اسرائيلية، إذ قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي باعتقال المئات من نشطاء حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، فغصت معتقلات أنصار "3" في النقب وسجن السرايا بغزة بنشطاء حركة حماس، وطالت الاعتقالات الشهيد القائد صلاح شحادة، الذي كان يشرف على النشاط العسكري للحركة، وقد كان يدير من بيت أبي الحسن المبحوح معظم عملياته العسكرية، ويشرف على تكوين الخلايا العسكرية الجديدة، ويتابع فعاليات الإنتفاضة الوليدة، وكان محمود من قبل قد قضى بصحبة الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي في سجن غزة المركزي قبل اندلاع الانتفاضة الأولى مدة عامٍ، بتهمة حيازةِ أسلحةٍ نارية، التي كان يحرص على حيازتها دوماً، إذ لم يكن يتحرك في غزة إلا ومسدسه على جنبه، أو في سيارته، وكان قد تهيأ له ولإخوانه سلاحٌ وفير، حيث كانت مجموعاتٌ عسكرية استطلاعية تقوم برصد السيارات الاسرائيلية التي تحوي أسلحة نارية، بينما يقوم آخرون بجلبها من مختلف المدن الاسرائيلية إلى قطاع غزة، حيث كان المبحوح وبعض العاملين معه، يشرفون على نقل الأسلحة من السيارات الاسرائيلية إلى أيدي المقاومة، الأمر الذي مكن مجموعات المقاومة الأولى من حيازةِ أسلحةٍ نارية ساعدتهم كثيراً على مباشرة العمليات العسكرية.

ولكن الضربة الأمنية الاسرائيلية الأقوى والأشد ضد حركة حماس، كانت في مايو / آيار عام 1989، وفيها اعتقل شيخ الانتفاضة الشهيد أحمد ياسين، وآلافٌ آخرون من نشطاء الحركة، وذلك إثر العمليتين العسكريتين النوعيتين، اللتين قام بهما المبحوح وإخوانه، حيث نفذوا أول عملية أسر ضد جنود العدو الاسرائيلي، وقاموا في العمق الاسرائيلي بأسر وقتل الجنديين الاسرائيليين آلان سعدون، وآفي سبورتس، في أول عمليةٍ عسكرية نوعية تقوم بها حركة حماس.

فجن جنون قادة العدو الاسرائيلي، وأخذوا يتخبطون بحثاً عن الفاعلين، وبدأت الملاحقة الأمنية الأولى والأشد لأبي الحسن وإخوانه في داخل قطاع غزة، ولكنه كان يتحرك أمام أعينهم بخفة، فيسبقهم إلى بيته، ويجلس مع أهله، ويغادر بيته قبل وصولهم، أو أثناء مداهمتهم، ولكن أحداً من الجنود الاسرائيليين لم يقوَ على اعتقاله، ونفذت الأجهزة الأمنية الاسرائيلية بحقه عمليات ملاحقة ومداهمة وكمائن كثيرة، في مناطق عديدة من أحياء مدينة غزة ومخيم جباليا، ولكن أبا الحسن كان يقفز دوماً من فوق الأسوار، ويمشي فوق الأسطح، وعيون الاسرائيليين لا تدركه، وقبضاتهم لا تصل إليه، ونيران بنادقهم لا تطاله، فقد كان يراهم ويتابعهم، ويمشي خلفهم ويلاحقهم، ولا يخشى من التفاتتهم، ولا يحسب حساباً لقوتهم.

وانتقل أبو الحسن من غزة حيث المقاومة والتحدي، إلى خارج الوطن فلسطين، في عمليةٍ أقضت مضاجع الاسرائيليين وأذهلتهم، إذ كيف تمكن من الفرار والإفلات من الحصار المطبق على قطاع غزة، وهم الذين يلاحقونه في كل مكان، ويتابعون آثاره في كل أنحاء قطاع غزة، ويحلمون في اليوم الذي يلقون فيه القبض عليه، لينتقموا منه وقد مرغ بالتراب بزة جنودهم العسكرية، ولكن أبا الحسن كان كالضوء يتسلل، وكالهواء ينفذ، وكالظل بصمتٍ يتحرك، فلا يعرف بتحركه أحد، ولا يطلع أحداً على برامجه، يعتمد على حسه، ولا يخالف حدسه، عيناه لا تنامان، تتحركان في محجريهما في كل مكانٍ، تسجلان كل شئ، وترصدان كل حركة، فلم يكن يهمل أي معلومةٍ ولو صغرت، وكان يدرك أن الاسرائيليين لن يدعوه وشأنه في خارج فلسطين، وأنهم سيلاحقونه للنيل منه وتصفيته، ولكنه كان قد عزم على مواصلة الطريق الذي بدأه، ولن يتخلى عن نهج المقاومة الذي ارتضاه لنفسه، غير مبالٍ باليوم الذي تنال منه اسرائيل أو عملاؤها.

أدرك أبو الحسن أن اسرائيل لا يرغمها شئ غير القوة، ولا يكسر غطرستها غير عنفٍ أشد وأقوى، ولا يضع حداً لعدوانها إلا مقاومة صلبة، وإرادة قوية، وتحدي لا يلين، وأيقن أن الشعب الفلسطيني قادر على الصمود والمقاومة، وأنه قادر على منع اسرائيل من الاستمرار في الاعتداء عليه، ولكن الصمود يتطلب قوة، والقوة تحتاج إلى سلاح، وأن الشعب الفلسطيني إذا امتلك سلاحه فلن تقوَ اسرائيل على سحقه، ولن تتمكن أي جهةٍ من مصادرة حقه في دولته ووطنه وعودة أهله.

فبدأ رحلةً شاقة من السفر والترحال، من بلدٍ إلى آخر، بحثاً عن سبل دعم المقاومة، وتسليح رجالها، فطاف في كل مكان، وزار كل البلاد، ونسج من أجل هدفه علاقاتٍ كثيرة، وصنع تحالفاتٍ عديدة، ونجح في مهمته نجاحاً كبيراً، أثار حنق وغضب اسرائيل وأعوانها، فلاحقته عيونهم في كل مكانٍ يكون فيه، ورصدت حركته، وتابعت سفره، وأعدت الخطط لتصفيته، وكلفت جهاتٍ عديدة بالبحث عنه ومراقبته ومتابعة تحركاته، ولكنه كان لهم دوماً بالمرصاد، يقظاً حذراً، يفشل مخططاتهم، ويعطل خططهم، فلم تنجح كل الجهود الذي بذلت من أجل النيل منه، ولم تتمكن عمليات الاعتقال والتضييق والتعذيب التي تعرض لها، من منعه من مواصلة طريقه، واستكمال مشواره، ولم تثنه عن عزمه، ولم تفت في عضده، بل كان يخرج دوماً بعد كل محنة أشد قوة، وأقوى مراساً، وأكثر عناداً، غير مبالٍ بكل ما يجد من صعابٍ وتحديات، بل كان يستخف بقوة العدو، ويستعظم إرادة المقاومين، وكان يشعر أن العدو يعيش مأزق قوة المقاومة، وصلابة إرادتها.

أيها الفلسطينيون، بل أيها العرب والمسلمون، يا من تعلقت قلوبكم بغزة وهي تحت القصف، وبتم تخافون عليها من الانكسار، وتخشون على المقاومة من الهزيمة، أنتم في حضرة رجلٍ عظيم عزيزٍ، لا يقبل بالإهانة، ولا يرضى بالذل، ولا يستسلم للضعف، ولا يعترف بالعجز، وقد كان له فضلٌ كبير في صناعة انتصار غزة والأمة، وصمود المقاومة، إنه واحدٍ من كثير كان لهم الفضل الكبير في ثبات المقاتلين وشدة بأسهم، إنه أحد الذين يقفون بصدقٍ وراء قوة المقاومة، التي آمن بها وعزّز سلاحها، ومكن رجالها من امتلاك الكثير من أسباب القوة والمنعة، وعمل بصمتٍ لسنواتٍ طويلة كجنديٍ في الخفاء، بعيداً عن الأضواء والإدعاءات، مضحياً بخصوصياته وحاجاته الشخصية، يتابع ويرصد ويوجه ويحرك، ولم يكن ينتظر غير الشهادة، وبجهوده ذاق الاسرائيليون ويلات الموت ومرارة الهزيمة والانكسار.

وعرفوا أن في فلسطين رجالاً كالجبال الشم الرواس، وأبطالاً كالنجوم في علياء السماء، فحق لنا أن نفخر بك أبا الحسن ونعتز، وأن نباهي بجهادك ومقاومتك، فإن غبت يا أبا الحسن فإن جهدك سيبقى، وأثرك لن يزول، والقوة التي زرعت سنحصد ثمارها اليوم أو غداً عزةً وانتصاراً، وسيبقى اسمك لدى الأمة كلها في الخالدين، سيذكره الطالعون، وسيحفظه المقاتلون، وسيخلده المنتصرون، لذا فنحن معك يا أبا الحسن في كل يومٍ نتابع، رغم أن جثمانك بعد لم يوارى الثرى، إلا أننا معك غداً ومن أجلك سنحاول أن نعرف ... هل مُتَّ أم قُتلتَّ ... وأنت ثالث الثلاثة .

المبحوح قبل أن يوارى الثرى


سبعة أيامٍ مضت على استشهاد محمود عبد الرؤوف المبحوح ولم يوراى بعدُ الثرى، ولم يتلقَ أهله فيه العزاء، ولم يقيموا له في الوطن والشتات بيتاً للعزاء، فمازال جثمانه مسجىً في مستشفيات دبي، حيث أخضع لعملياتٍ دقيقة من الفحص والمعاينة والتشريح.

ولم يتمكن أحدٌ من أهله من رؤيته، أو إلقاء نظرةٍ عليه، ومازال الجميع في انتظار نتيجة التشريح، والتي قد توافق رسمياً أو تخالف ما ذهبنا إليه، ولكن أياً كانت النتيجة فإنها لن تضعف اليقين لدينا بأنه قتل، وهو ما سنبينه تباعاً، فهو ليس أول المستهدفين بالقتل، إلا أنه كان أحد أهم المطلوبين، كمالم يكن الوحيد على قائمة الاغتيالات الاسرائيلية، أو على أجندة اهتمام ومتابعة ومراقبة وملاحقة بعض الأجهزة الأمنية العربية، التي كانت تنشط بدرجةٍ كبيرة في جمع المعلومات عنه وعن إخوانه، وقد كانت ترصد تحركاته، وتتابع سفره، وتجمع المعلومات عن منطقة سكنه.

وعن المناطق التي كان يرتادها، أو الجهات التي كان يزورها، أو الأشخاص القريبين منه، وكانت تراقب وترصد وتتابع سيارته، وتحاول أن تعرف أين تبيت، وكم تمكث في أي زيارة، وقد رصد بنفسه عشرات الأشخاص الذين كانوا يلاحقونه، وألقى القبض على بعضهم، وقد اعترفوا بارتباطهم ببعض الأجهزة الأمنية العربية، وأنهم كانوا يجمعون المعلومات لصالحها، وأنهم كانوا مكلفين من قبل قيادتهم الأمنية بمتابعة تحركات أبي الحسن، وتدوين وتسجيل كل شئ يتعلق به، إلا أن الله كان يحميه دوماً من مؤامراتهم.

وكان أبو الحسن يدرك أنه متابع وملاحق من قبل الموساد الاسرائيلي، وأنه أصبح على رأس قائمة المطلوب تصفيتهم، وأنه يسعى للنيل منه وتصفيته، وأنه لن يدخر جهداً في استهدافه أينما كان إذا ما أتيحت له الفرصة، ولكنه كان يدرك أن بعض الأجهزة الأمنية العربية كانت تلاحقه، وتقتفي أثره، وتجمع عنه المعلومات، وتدون كل شئٍ يتعلق به، وهو يعلم أن هذه المعلومات لا تفيد إلا العدو الاسرائيلي، ولا ينتفع بها غيره، ولا يبحث عنها جهازٌ أمني آخر، ولكن اسرائيل ما كانت لتنجح وحدها في رصده وجمع المعلومات عنه، ولهذا فقد احتاط لنفسه، وبالغ في الحيطة والحذر.

فلم يكن يعلم أحداً غير قيادته بتحركاته، ولا بوجهته في السفر، وكان في كل مكانٍ يسافر إليه، يجد من يساعده في تنقلاته، ويتابعه عن بعد، وكان يشتري تذكرة سفره بنفسه في يوم سفره، ويحرص على عدم الحجز المسبق، وغالباً ما كان يموه في سفره، ويسافر إلى غير الوجهة التي يقصدها، ومن هناك يغير خط سير رحلته، وكان يختار الفندق الذي سيقيم فيه بنفسه، دون مساعدةٍ من أحد، ولم يكن يكرر الإقامة في ذات الفندق.

كما كان يعتاد على تغيير مكان إقامته في السفرة الواحدة، ولم يكن الشهيد أبو الحسن يأكل شئياً في الفندق، أو في أي مكانٍ لا يثق فيه أو في أصحابه، بل كان يخرج إلى الأماكن العامة، ويختار عشوائياً مطعماً أو محلاً لبيع الأطعمة الجاهزة، وكان يشتري كل شئٍ بنفسه.

ويحرص على شرب الماء من زجاجات المياه المعدنية التي كان يشتريها بنفسه، ويتأكد من أنها مغلقة، وأنها لم تفتح من قبل، رغم أنه كان يشتريها بنفسه، ويستخرجها بنفسه من البرادات أو من الصندوق.

أما بالنسبة لإقامته فقد اعتاد على تغيير مكان سكنه، ولم يكن يعلم كثيرين عن عنوانه، ولم يكن يشارك في الأنشطة العامة، أو المناسبات العامة، وكان يحرص على عدم الإكثار من الزيارات الاجتماعية، ولم يكن يستخدم هاتفه النقال إلا نادراً، وكان يعتمد في اتصالاته على بطاقات الإتصال العامة.

كما لم يكن يجيب على الأرقام المجهولة التي لا يعرفها، وخلال تنقله كان يراقب سيارته جيداً، ولا يستقلها قبل أن يتأكد من سلامتها، ومن أن العلامات الأمنية التي كان يتركها في السيارة أو حولها، لتشير أنها لم تتعرض لأذى، ولم يقترب منها أو يمسها أحد، فضلاً عن أنها كانت تخضع للمراقبة طوال فترات توقفها.

وكان طوال مسيره في سيارته يتابع السيارات من حوله، وكانت عيناه تتابعان السيارات التي تسير أمامه أو خلفه أو تقترب منه، وقد كان حسه الأمني يقظاً إلى درجةٍ كبيرة، ولم يكن يترك شيئاً للمصادفات، كما لم تكن لديه حسابات لحسن النية، أو سلامة المقصد، وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات، وهذه الحيطة الأمنية البالغة، فقد استهدفوه بغيرهم فقتلوه ونالوا منه.

كان أبو الحسن يدرك أنه مستهدف، وأن يد الغدر ستنال منه، وأن الطريق الذي سلكه ستنتهي به إلى الشهادة، وأن العدو ومن يعمل له لن يتركه وشأنه، فالعدو يدرك عظم الدور الذي يقوم به، وخطورة المهمة التي انبرى للقيام بها، ويدرك العدو أيضاً مدى جسارته وجرأته، وأنه دائماً على استعدادٍ للتحدي والمواجهة، ويدرك أبو الحسن نفسه أن الراية التي حملها، والأمانة التي يعكف على أداءها أمانة عظيمة، وأن الذين سبقوه في حملها قد سقطوا شهداء، وقد لاحقهم العدو حتى نال منهم.

وقد ظن أنه بقتلهم سيقضي على روح المقاومة، وسيوقف سيل السلاح، وسيحول دون الدعم والعون والإسناد، وقد سبقه إلى الشهادة رفيق دربه الأول، وشريكه في جهاده، الشهيد عز الدين الشيخ خليل، وكانا قد عملا معاً لسنوات، وأديا الكثير من المهام، وتحديا معاً العديد من الصعاب، وحققا معاً نقلةً نوعية في استراتيجية المواجهة والصمود ضد العدو الاسرائيلي، الذي كان يرى في عز الدين الشيخ خليل خطورةً توازي الخطورة التي تركها الشهيد عز الدين القسام ومازال، فدربا مقاتلين جدد، ونقلا مجاهدين أكفاء، وسلحا المقاومة بأنواع الأسلحة المختلفة، وعملا معاً بصمتٍ لسنوات طويلة، ولكن أبا الحسن وبعضاً من إخوانه، حملوا بصدقٍ وإيمان راية عز الدين، وتابعوا من بعده المسيرة، وساروا على ذات النهج، غير مبالين بما ينتظرهم على الطريق، بل كان وإياهم يتطلعون إلى اليوم الذي يرتقون فيه إلى العلى شهداءً.

أراد أبو الحسن أن يجعل من المقاومة الفلسطينية جوزةً لا تنكسر، وإرادةً لا تتحطم، وعزماً لا يلين، وقد كان يتطلع إلى مقاومة حزب الله، وقد أعجب بقتالهم، وارتبط بكثيرٍ من قادتهم، وكان أول من ينتابه الحزن إذا نال العدو من أحدهم، ولكن الحزن ما كان يقعده أو يصيبه بالعجز، بل كان يدفعه نحو مزيدٍ من العزم والجلد والإصرار، وإن كان يرى في مقاومة حزب الله نموذجاً ومثالاً، فإنه كان يرى في المقاومين الفلسطينيين عزماً أشد، وقوةً أكبر، وجرأة أكثر.

فالمقاومة الفلسطينية تفتقر إلى العمق وإلى النصير، وهي تعاني من القيد والسجن والحصار، والعدو يلاحقها في كل مكانٍ، ويضيق عليها سبل العمل، ولكنها رغم كل ذلك قادرة على النيل من العدو، وإلحاق خسائر في صفوفه، ويوم أن سقط عماد مغنية شهيداً بكى أبو الحسن، وذرفت عيناه بحزن، فقد كان يعرف عظم مكانة ودور هذا الرجل، والأثر الكبير الذي تركه في مقاومة حزب الله، والألم الكبير الذي ألحقه بالعدو الاسرائيلي وقادته، ولكنه كان يؤمن أن الشهادة حلم المجاهدين، وأمل المقاومين، وأن الله هو الذي يختار الشهداء من بيننا، وأنه سبحانه ينتقي ويختار الشهداء من خيرة عباده.

أبو الحسن المبحوح، المقاتل الشرس، والمقاوم العنيد، والوطني الصادق، والفلسطيني الأصيل، المسكون بالمقاومة، المؤمن بالنصر، والحالم بالعودة، رغم قوته فقد كان بكاءً، شديد التأثر، رقيق الحس، مرهف المشاعر، يحزن لما يلقى أهله وشعبه، ويبكي لبكاء الأطفال، وصراخ النساء، ويحزن على رحيل الأحبة والشهداء، فيقسم عند كل اعتداء أن ينتقم، ويكز على أسنانه، ويضرب بقوةٍ بقبضةِ يده.

أن دم الشهداء لن يذهب هدراً، وأن حلم اسرائيل بالأمن لن يدوم، وكما أبكى العدو أمهاتنا، فإن اليوم الذي تبكي فيه نساؤه قادمٌ لا محالة، وكان الحزن دوماً يملأ قلبه، ويطغى على ملامح وجهه، عندما يتذكر الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون العدو الاسرائيلي، وفيهم رفاقه الذين شاركوه مقاومته في أيامه الأولى، ولكن أمل تحريرهم في نفسه لم يمت، ولم يتسرب اليأس إلى قلبه أن محمد الشراتحة وروحي مشتهى وآلاف المعتقلين الآخرين، يوماً ما سيرون الحرية، وسيعانقون أعزةً أحراراً من جديد شمس فلسطين، وكان يعمل بجدِ لمثل هذا اليوم، فيا أبا الحسن إن غبت عنا اليوم فإن شمس الحرية غداً ستشرق على إخوانك جميعاً، وهم من يقولُ أنك قتلت ولم تمت، وغداً سنرى ...

كتائب القسام" إذا قالت فعلت


إقدام "الموساد" الاسرائيلي على اغتيال محمود المبحوح أحد قادة الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس' في فندق كان يقيم فيه بإمارة دبي، هو اختراق لأكثر من خط احمر:

  • الأول: إن الجريمة وقعت في دولة عربية 'معتدلة'، تتبنى توجهات ليبرالية اقتصادية واجتماعية، واستضافت قبل عشرة أيام وزيراً اسرائيلياً شارك في مؤتمر حول الطاقة المتجددة.
  • الثاني: فتح باب الاغتيالات السياسية خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما قد يترتب على هذه الخطوة من عمليات انتقامية ثأرية متبادلة في أكثر من عاصمة عربية وغربية.

فطريقة تنفيذ عملية الاغتيال هذه توحي بأنه جرى التخطيط لها بعناية فائقة، حيث قامت عناصر استخبارية بمتابعة تحركات الشهيد بدقة متناهية، منذ انطلاقه من دمشق إلى دبي، الأمر الذي قد يعني حدوث اختراق أمني، أو إهمال امني، من قبل أجهزة حركة 'حماس'، والأجهزة الأمنية السورية أيضا.

عملية اغتيال على هذه الدرجة من الخطورة، ولشخصية قيادية ساهمت في تأسيس جناح كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة 'حماس'، وخططت ونفذت لاختطاف ومن ثم إعدام جنديين اسرائيليين، لا يمكن أن يقوم بها غير جهاز أمني على مستوى 'الموساد' الاسرائيلي.

وليس من قبيل الصدفة أن تحدث هذه العملية الإجرامية في عهد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وحكومته اليمينية العنصرية المتطرفة، ففي حكومته الأولى التي لم تعمّر طويلا، وفي ظروف سياسية ودبلوماسية مشابهة، أقدم نتنياهو على إرسال مجموعة من عملاء الموساد لاغتيال السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' في العاصمة الأردنية عمان في أيلول (سبتمبر) عام 1997 باستخدام سموم كيمياوية.

العاهل الأردني الملك حسين هدد في حينها بإلغاء معاهدة 'وادي عربة' للسلام مع (اسرائيل)، إذا لم يتم إرسال المصل المضاد للسموم المستخدمة في عملية الاغتيال، وكان له ما أراد، حيث أذعنت حكومة نتنياهو لهذا الطلب فورا وسط فضيحة دولية.

حكومة الإمارات العربية المتحدة مطالبة بالتعامل بالحزم نفسه في مطاردة الجناة وتقديمهم إلى العدالة، وبالأسلوب نفسه الذي تعاملت به مع جريمة اغتيال الفنانة اللبنانية سوزان تميم، بل وبما هو أكثر صرامة، لعدم وجود مقارنة بين الجريمتين، فالأولى طابعها سياسي، والثانية جنائي.

شرطة دبي سارعت، وفي ظل الشفافية التي تتمتع بها، إلى إصدار بيان أكدت فيه كشف هوية الجناة، وجوازات السفر الأجنبية التي استخدموها لدخول البلاد وتنفيذ جريمتهم، والتنسيق مع البوليس الدولي (الانتربول) لإلقاء القبض عليهم.

فموقع دبي كمركز مالي وتجاري دولي هو الأكثر تضرراً من جراء هذه الجريمة، لأن توفير الأمن يعتبر محور الارتكاز الرئيسي للحفاظ على هذه المكانة وتكريسها، إقليميا وعالميا.

ولا نستبعد أن تكون (اسرائيل) قد قررت استهداف هذه التجربة وتقويضها من خلال هذه الجريمة، لابتزاز دولة الإمارات العربية المتحدة وإجبارها على خطوات تطبيعية، ضاربة بذلك عصفورين بحجر، أي تصفية شخصية قيادية عسكرية فلسطينية 'دوّخت' الموساد على مدى ثلاثين عاما، وإحداث اختراق تطبيعي مع دولة عربية ما زالت تتردد في إقامة علاقات دبلوماسية أو تجارية مباشرة معها.

السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' حرص على التأكيد أثناء تقدمه موكب تشييع الشهيد المبحوح ابن مخيم جباليا البار، بأن أبناءه سينتقمون، وأن كتائب الشهيد عز الدين القسام سترد. وعلمتنا التجارب الماضية أنها، أي كتائب القسام، إذا قالت فعلت.

السؤال هو أين ستتم عملية الأخذ بالثأر، داخل الأراضي الفلسطينية أم خارجها؟ وربما يفيد التذكير، تذكير الاسرائيليين وحلفائهم الغربيين، بأن فصائل المقاومة الفلسطينية أربكت العالم بأسره، وأوقعت خسائر كبيرة بالاسرائيليين، وبثت الرعب في سفاراتهم وشركات طيرانهم، عندما نقلت المعركة إلى ميادين أرحب، وفي القارة الأوروبية على وجه الخصوص، في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

نتنياهو يعيش أزمة سياسية خانقة، وتعيش حكومته عزلة دولية غير مسبوقة، فعملية السلام التي أراد استخدامها كغطاء لمواصلة استيطانه وتهويده للأراضي المحتلة معطلة بالكامل، والسلطة الفلسطينية قاومت بشراسة (حتى الآن) كل الضغوط العربية والأمريكية للعودة إلى طاولة المفاوضات، وجاء تقرير غولدستون حول جرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة ليفضح الوجه القبيح للنازية الاسرائيلية، ويصعّد من الكراهية تجاهها، أي (اسرائيل)، في مختلف أنحاء العالم.

لا نستبعد أن يكون نتنياهو، وفي ظل هذا الوضع المزري، يبحث عن ذريعة لشن عدوان على قطاع غزة أو لبنان، أو الاثنين معاً، فقد حاول اغتيال السيد أسامة أبو حمدان ممثل حركة 'حماس' في لبنان، بوضع سيارة ملغومة أمام مكتبه في الضاحية الجنوبية، ولكن المحاولة فشلت، وان كان راح ضحيتها احد عناصر المكتب، وها هو يرسل عملاء الموساد إلى دبي لتصفية الشهيد المبحوح لتحقيق انتصار صغير، ربما يدفع ثمنه غالياً فيما هو قادم من أيام.

علينا أن نتذكر أن مناحيم بيغن ووزير دفاعه في حينها ارييل شارون استغلا محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن موشي ارغوف، لاجتياح لبنان لإخراج المقاومة الفلسطينية من جنوبه، فخرجت المقاومة فعلاً، ودخلت (اسرائيل) في حرب أكثر دموية مع خصم اشد عناداً في الحق هو 'حزب الله'، الذي اجبرها على الانسحاب مهزومة، واذلّها مرة ثانية عندما حاولت تكرار الشيء نفسه في صيف عام 2006.

كتائب القسام انتقمت لشهيدها المهندس يحيى عياش بأربع عمليات استشهادية في القدس المحتلة والخضيرة. وتل ابيب، أوقعت مئات القتلى والجرحى، وهزت الدولة الاسرائيلية وأمنها، فقد أقسم قادة الكتائب على تنفيذ أربع عمليات انتقاماً لشهيدهم، وقد أوفوا بالعهد كاملاً بعد أسابيع معدودة من عملية الاغتيال التي وقعت عام 1996، ورسّخوا ثقافة العمليات الاستشهادية على مدى السنوات التي تلت.

من يقدم على عملية اغتيال كهذه، وفي إمارة دبي، لا يريد السلام والاستقرار في المنطقة، وإنما إشعال الحروب، وزعزعة الأمن، ولعل نتنياهو يريد من خلال هذه الجريمة جرّ المنطقة إلى حمامات دموية، وهدم المعبد على رأسه ورؤوس الآخرين، فشخص مثله، وفي مثل عنصريته واحقاده لن يتورع عن فعل ذلك.

عملية الاغتيال الإجرامية هذه تأتي بمثابة قرع جرس إنذار لإيقاظ العرب جميعاً من سباتهم المعيق، والعودة إلى ثوابتهم الوطنية والإسلامية، والتراجع عن خيار السلام الذي تبنوه طوال السنوات الثلاثين الماضية ولم يعد عليهم إلا بالذل والهوان والغطرسة الاسرائيلية.

لا حرمة لدولة عربية في المنظور الاسرائيلي، ولا حصانة لترابها وأمنها، فجميع العرب والمسلمين أعداء الداء، معتدلين كانوا أو متشددين، هذا ما يجب أن يعرفه زعماء العرب، ويتعاطون على أساسه مع هذه الدولة المارقة قبل فوات الأوان.

تصريحات الزهار حول اغنيال المبحوح


أكد محمود الزهار القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الاحتلال الصهيوني يريد أن يغير قواعد اللعبة من خلال اغتياله للقيادي العسكري في كتائب القسام محمود المبحوح، مشيرا إلى الحق الكامل لحركته في الدفاع عن نفسها.
واستدرك الزهار في تصريحات لقناة الجزيرة الفضائية بأن حركة حماس ستدرس الإيجابيات والسلبيات في سبل الرد على جريمة الاغتيال.
وقال: "نحن نستطيع أن نؤلم الاحتلال داخل حدود فلسطين المحتلة وخارجها، وهذا أمر بأيدينا، وسنختار ما هو خير لنا ولشعبنا ولعلاقاتنا العربية والإسلامية".
وأشار إلى أن حركة حماس حافظت منذ البداية على أن تبقى فلسطين هي ساحة المواجهة، لافتا إلى أن دولة الاحتلال هي التي تهدد الأمن القومي العربي من خلال مثل هذا الاغتيال، وأنها تريد أن تكرر تجربة سابقة مع منظمة التحرير الفلسطينية.

مجريات التحقيق

وحول مجريات التحقيق في جريمة اغتيال المبحوح، أكد الزهار أن الاحتلال الصهيوني حول قواعد اللعبة إلى مساحات أوسع وأخطر، مضيفا: "بالتأكيد سيكون هناك تنسيق بين حماس وقوات الأمن في الإمارات، معرفة الظروف التي أدت إلى اغتيال المبحوح".
وتابع "نحن نريد أن نعرف فيما إذا كان هناك داخل الفندق من ساهم في عملية القتل، والأدوات التي استخدمت في جريمة الاغتيال، ومن أي بلاد جاء المنفذون، وبأي جوازات سفر دخلوا إلى الإمارات".
وفي رده على سؤال حول سبب عدم إعلان دولة الاحتلال مسؤوليتها عن قتل المبحوح، قال الزهار: "الجانب الصهيوني تعود ألا يعلن عن الجرائم التي يرتكبها، لأنه لا يريد أن يلزم نفسه بالتزامات دبلوماسية أو سياسية أو قضايا حقوقية دولية"
وتطرق القيادي في حركة حماس إلى أهمية المبحوح، حيث قال: "هو من أوائل الذين أسسوا كتائب القسام، وله دور بارز في خطف الجنود الصهاينة لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، وفي الخارج استمر عمله ليدعم المقاومة بكل الوسائل والسبل".
وأضاف "المبحوح كان يعمل بصمت وإخلاص حقيقي، وقد استحق الشهادة، وله أعمال متعددة، ولا أعرف لماذا كان في دبي، لكن هذا الأمر يجب أن يبحث مع جهات الاختصاص في الخارج".
وطالب الزهار الدول العربية وخاصة تلك التي تربطها علاقات مع دولة الاحتلال لكي تتحرك إزاء مثل هذه الاغتيالات، مؤكدا أن الدول العربية لا يرضيها أن تتحول أراضيها إلى ساحات اغتيال واغتيال مضادة".


للمزيد عن الإخوان في فلسطين

أعلام الإخوان في فلسطين

العمليات الجهادية لكتائب القسام منذ تاريخها مقسمة حسب الشهر

المواقع الرسمية لإخوان فلسطين

مواقع إخبارية

الجناح العسكري

.

الجناح السياسي

الجناح الطلابي

الجناح الاجتماعي

أقرأ-أيضًا.png

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات متعلقة

وصلات فيديو

تابع وصلات فيديو

.