من أنصاري إلى الله؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
من أنصاري إلى الله؟

20-06-2013

بقلم: د. محمد عبدالجواد

نداء من سيدنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، حينما أحسَّ الكفر من بني إسرائيل وهو نفس النداء الذي نادى به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام حينما تعرَّض هو والصحابة لأذى وبطش كفار مكة ونادى نفس نداء أخيه عيسى عليهم جميعًا الصلاة والتسليم فماذا كانت الإجابة لسيدنا عيسى ولسيدنا محمدعليهم الصلاة والتسليم جميعًا؟

فلما أحسَّ عيسى منهم الكفر قال: من أنصارى إلى الله؟ قال الحواريون: نحن أنصار الله, آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.

مَن أنصارى إلى دين الله ودعوته ومنهجه ونظامه؟ ولا بد لكل صاحب عقيدة ودعوه من أنصار ينهضون معه, ويحملون دعوته, ويحامون دونها, ويبلغونها إلى مَن يليهم, ويقومون بعده عليها ورحم الله الأنصار الذين نصروا الله ورسوله ووقفوا مع إخوانهم المهاجرين، وقلوا لرسولهم صلى الله عليه وسلم لو خضت بنا البحر لخضناه معك وما تخلف منا أحد. وماذا قال الحواريون لعيسى عليه السلام؟

قال الحواريون: نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون.

وكما يقول صاحب الظلال يرحمه الله:

ذكروا الإسلام بمعناه الذي هو حقيقة الدين, وأشهدوا عيسى عليه السلام على إسلامهم هذا وانتدابهم لنصرة الله.. أي نصرة رسوله ودينه ومنهجه في الحياة، ثم اتجهوا إلى ربهم يتصلون مباشرةً به في هذا الأمر الذي يقومون عليه: (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول , فاكتبنا مع الشاهدين).
إن عهد المؤمن هو ابتداءً مع ربه ومتى قام الرسول بإبلاغه فقد انتهت مهمة الرسول من ناحية الاعتقاد، وانعقدت البيعة مع الله فهي باقية في عنق المؤمن بعد الرسول.. وفيه كذلك تعهد لله باتباع الرسول، فليس الأمر مجرد عقيدة في الضمير ولكنه اتباع لمنهج والاقتداء فيه بالرسول.

وهنا وقفة مع قول الحواريون: (فاكتبنا مع الشاهدين).. إن المسلم المؤمن بدين الله- وأسأل أن نكون جميعًا كذلك- مطلوب منه أن يؤدي شهادة لهذا الدين:

شهادة تؤيد حق هذا الدين في البقاء وتؤيد الخير الذي يحمله هذا الدين للبشر.. وهو لا يؤدى هذه الشهادة حتى يجعل من نفسه ومن خلقه ومن سلوكه ومن حياته صورةً حيةً لهذا الدين, صورة يراها الناس فيرون فيها مثلاً رفيعًا يشهد لهذا الدين بالأحقية في الوجود وبالخيرية والأفضلية على سائر ما في الأرض من أنظمة وأوضاع وتشكيلات.

وهو لا يؤدي هذه الشهادة كذلك حتى يجعل من هذا الدين قاعدة حياته ونظام مجتمعه وشريعة نفسه وقومه.. فيقوم مجتمع من حوله تدبر أموره وفق هذا المنهج الإلهي القويم وجهاده لقيام هذا المجتمع وتحقيق هذا المنهج وإيثاره الموت في سبيله على الحياة في ظلِّ مجتمعٍ آخر لا يحقق منهج الله في حياة الجماعة البشرية.

هو شهادة بأن هذا الدين خيرٌ من الحياة ذاتها، وهي أعز ما يحرص عليه الإحياء، ومن ثم يدعى (شهيدًا).

هؤلاء الحواريون يدعون الله أن يكتبهم مع الشاهدين لدينه ونحن ندعو نفس الدعاء يدعون وندعو نحن كذلك إن يوفقنا الله ويعيننا لكي نجعل من أنفسنا صورة حية لهذا الدين ومن لم يؤدِ هذه الشهادة لدينه فكتمها فهو آثم قلبه.

فأما إذا ادَّعى الإسلام ثم سار في نفسه غير سيرة الإسلام أو حاولها في نفسه ولكن لم يؤدها في المجال العام ولم يجاهد لإقامة منهج الله في الحياة إيثارًا للعافية وإيثارًا لحياته على حياة هذا الدين فقد قصَّر في شهادته أو أدى شهادة ضد هذا الدين شهادة تصد الآخرين عنه وهم يرون أهله يشهدون عليه لا له.

وويلٌ لمن يصد الناس عن دين الله عن طريق ادعائه أنه مؤمن بهذا الدين وما هو من المؤمنين.

والوطن العزيز مصر ينادي المؤمنين في هذه الأيام وقد وجهت إليه السهام من الشرق والغرب والجنوب والشمال لتمزيق وحدته وطمس هويته العربية والإسلامية.

وإشعال فتن الحقد والكراهية والفتن الطائفية والمذهبية وقطع حاضره عن ماضيه ومحاولة جعل مستقبليه رهينة لأصحاب المشروع الصهيوأمريكي.

ولكنهم يمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين وقد وعدنا سبحانه بالنصر إذا نصرناه ونصرنا رسوله وسرنا سيرة حواري عيسى وأنصار سيدنا محمد عليهم جميعًا منا الصلاة والتسليم.


* أستاذ بكلية الهندسة- جامعة أسيوط

المصدر