هل يمكن أن يتكرر في العالم العربي ما حدث في تركيا؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل يمكن أن يتكرر في العالم العربي ما حدث في تركيا؟!
30-07-2007

قلم: د. عصام العريان

مقدمة

سؤال تكرر في نفسي قبل أن يتكرر على سمعي عدة مرات في أسئلة الإخوان والسياسيين والصحفيين وفي الفضائيات، وكانت الإجابة الواضحة: نعم يمكن إذا تكررت نفس الشروط، خاصةً شرط نزاهة وحرية الانتخابات ومعها تشكيل الأحزاب.

كان هذا هو الموجز، وإليك عزيزي القارئ الصيفي، الذي يبحث عن المواد الخفيفة في هذا الحر الخانق- نسأل الله أن يقينا حرَّ جهنم- بعيدًا عن السياسة والفكر ودهاليزها، إلا أن السياسة تأبى إلا أن تطاردنا حتى في هذا الصيف الساخن جدًّا، والذي يزداد سخونةً يومًا بعد يوم، وتتلاحق فيه الأحداث من باكستان إلى العراق وفلسطين ولبنان، وفي الطريق سوريا وإيران والصومال والسودان.

لقد شغلتنا أحداث تركيا منذ أزمة الانتخابات الرئاسية التي فشل حزب العدالة والتنمية في تمرير مرشحه عبد الله جول لموقع الرئيس، وبذلك يُحكم سيطرته على مؤسسة الرئاسة بعد البرلمان والحكومة، وبذلك يحاصر المؤسسة المستعصية؛ الجيش من كافة الجهات، ويمرر ما يراه مناسبًا من قوانين لاستكمال الإصلاح الدستوري والسياسي، بجانب الإصلاح الاقتصادي، ويتهيَّأ بذلك للردِّ على الشروط الأوروبية المتعنِّتة مقابل الانضمام للاتحاد الأوروبي.

أعادت هذه الأحداث المتلاحقة أزمة الرئاسة والتعديلات الدستورية لانتخابات الرئيس مباشرةً من الشعب، والانتخابات البرلمانية المبكرة، وأعادت الاعتبار إلى التيار الإسلامي السلمي الوسطي المعتدل، الذي يقول بالتوافق بين الإسلام ومنهجه ونظمه في الحكم والإدارة، وبين الديمقراطية الغربية في أسسها ومبادئها الأساسية، مثل: التعددية في الرأي والفكر والعقيدة، والتعددية في التنظيم والحزبية، والنظام الدستوري الذي ينظم سلطات الدولة ويحدد العلاقة بينها ويوازن بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحماية الحريات العامة بكل أنواعها: حرية الرأي، حرية التعبير، حرية الاعتقاد، حرية التملك، حرية التنقل.. إلخ،

والنظام النيابي التمثيلي الذي يقوم على حرية الانتخابات الدورية والسماح بتداول السلطة بين القوى والأحزاب السياسية في إطار منظومة إسلامية، وخلال العقد الأخير- وفي البلاد التي احترمت الحد الأدنى من الحريات العامة وتحققت فيها انتخابات حرة نزيهة من المغرب إلى إندونيسيا- حققت الأحزاب السياسية الإسلامية والحركات الإسلامية التي لم يُسمح لها بتكوين أحزاب مثل الإخوان في مصر الفوز، والذي كان من نصيب هذه الأحزاب والقوى، إما أن تكون الأولى أو الثانية أو الثالثة على الأكثر.

ونحن ننتظر انتخابات في بداية شهر سبتمبر القادم في المغرب؛ حيث يتوقع المراقبون أن تتأكد كل هذه النظرية التي تقول: إن البديل المتاح والقويِّ للحكومات الفاسدة المستبدة هي الحركات الإسلامية، فيؤكد حزب العدالة والتنمية المغربي مكانته البرلمانية.

لقد أثبتت الانتخابات التركية صدْق هذا الاحتمال، فقد فاز الحزب ذو الجذور الإسلامية الذي تحرِّم عليه القوانين العلمانية أن يعلن عن هويته أو يتحدث عن الإسلام، والجميع يعلم جذورَه الإسلامية القوية، وتظهر تلك في تمسُّك زوجات رئيس الوزراء ونوابه ووزرائه بالحجاب الإسلامي، رغم الحرب التي يشنُّها الجيش والقضاء والجامعات على المحجبات؛ مما دفع أردوغان إلى إرسال ابنتَيْه المحجَّبتين إلى أمريكا لإكمال الدراسة الجامعية، ومن قبل كان أربكان- أستاذ الحركة الإسلامية التركية السياسية الحديثة- عندما يريد الحديث عن الإسلام يسميه "النظام العادل".

فاز حزب العدالة رغم المظاهرات المليونية الحاشدة التي نظَّمها العلمانيون بمباركة ورعاية الجيش الذي تربَّص بالحزب الحاكم، ورغم موقف المحكمة الدستورية الذي أجهض انتخابات البرلمان للرئيس المرشح جول، فكان ردّ الشعب في صناديق الاقتراع؛ فوز حزب العدالة والتنمية في بلدٍ يتمتع فيه الجميع بحريات متساوية وحقوق متكافئة، بل حكم فيها العلمانيون عقودًا ثمانية منفردين، وضد أحزاب قوية حكمت منفردة وحكمت متحالفة، مما يجهض المقولة المضادة التي تقول: إن الأحزاب الإسلامية تفوز بسبب حصار الحكومات المستبدة للأحزاب المدنية أو العلمانية، وهي التي تتمتع في بلاد العرب بالحريات الأساسية والتنظيم والتعبير وقدر معقول من الحركة والنشاط، إلا أنها فشلت في تجربة الحكم، ورسخت الفساد السياسي والإداري والاقتصادي، وفشلت في التعبير عن آمال وأحلام الشعوب والجماهير.

في برنامج للتليفزيون البريطاني شاركتُ فيه كانت حجة السيدة بنازير بوتو- رئيسة وزراء باكستان السابقة- هي نفس الحجة القديمة بأنَّ النظام الديكتاتوري الباكستاني لم يترك بديلاً له إلا التيارات الإسلامية المتشددة، ونسيت أنها حكمت عدة مرات وحَكم أبوها من قِبلها، وأنهم حلفاء وأصدقاء للأمريكيين، وانتهى حكمهم إلى الانقلاب الأول الذي قام به ضياء الحق، ثم الثاني ضد نواز شريف غريمها السياسي العلماني بقيادة برويز مشرف ديكتاتور باكستان، الذي ينازع النزع الأخير الآن بعد أن تخلَّت عنه أمريكا، وقام بمذبحة المسجد الأحمر، وأعادت المحكمة العليا رئيسها السابق افتخار شودري إلى موقعه ليُعيد مطالبة مشرف بالإفصاح عن مصير مئات المعتقلين السابقين في الحرب على الإرهاب، والذي كان السبب في إقالته غير الدستورية، والآن أضاف إليهم مئات الطلاب الذين اعتصموا في المسجد الأحمر.

ويقول مشرف إن القتلى 400 فقط، بينما يطالبه شودري ببيان مصير أكثر من 1500 طالب، كانوا يدرسون، واعتصموا داخل المسجد الأحمر الذي افتُتح لصلاة الجمعة بعد تغيير لونه إلى الأخضر، وتسليمه إلى الجماعة البريليونية الصوفية بديلاً عن المدرسة الديوبوندية الحنفية، فكان مذبحة جديدة.

أسقطت الانتخابات التركية هذه الحجة الواهية، وستُسقطها الانتخابات المغربية القادمة، وكذلك كل الانتخابات التي جرت في بلاد تتعدد فيها الأحزاب وتتم فيها الانتخابات بقدر معقول من النزاهة، مثل:

الأردن واليمن وإندونيسيا، إلا أن الحركات السياسية الإسلامية والأحزاب أيضًا مطالَبة بالاستفادة من التجربة التركية، وأهم هذه الدروس المستفادة:

1- العمل في ظل ظروف صعبة بالغة القسوة مع عدم الرضا بالواقع المرّ؛ أملاً في تغييره، مع التدرج في تغييره، والنفس الطويل والصبر الجميل.

2- القدرة على بناء حزب سياسي حقيقي مفتوح لكل المواطنين، يُشعِر كلَّ من ينتمي إليه بقدرته على المشاركة في القرار، والاستفادة من عضوية الحزب، وأن الحزب يمثِّل مظلةً وطنيةً للجميع في ظل القواسم المشتركة.

3- الحوار والتنافس مع القوى السياسية من مختلف التيارات حتى تلك المغالية جدًّا والمتشددة في عدائها لكل ما هو إسلامي، وعدم القطيعة معها، واحترام ثقلها ووجودها السياسي؛ أملاً في تحييدها أو تغييرها إلى الأفضل، فإن لم يكن فأملاً في تحجيم وزنها السياسي وليس شطبها من الحياة السياسية، بشرط الزامها بالدستور والقانون، ولا شك أن عدم نزول مظاهرات مضادة إبَّان اشتداد الأزمة الرئاسية كان قرارًا حكيمًا وصائبًا.

4- الحفاظ على التوازن في العلاقة مع المؤسسات الوطنية المهمة كالجيش والمخابرات والقضاء ورجال الأعمال والصناعة وعدم الصدام معها.

5- التعبير عن مصالح الغالبية العظمى من الشعب والدفاع عن حقوقه القانونية والدستورية، والسعي إلى تحقيق العدل والمساواة والدفاع عن الحريات العامة.

6- الإصلاح الاقتصادي اليوم هو المفتاح السحري لكسب ثقة الشعب، فلا شكَّ أن هناك مؤشراتٍ اقتصاديةً حقَّقتها حكومة حزب العدالة والتنمية خلال أقل من 5 سنوات من خفض العجز والتضخم، ونموّ الدخل القومي، ونسبة نموّ عالية، وكانت بداية ذلك هو ما أعلنه أردوغان في خطاب الفوز الكبير عندما قرر الاستمرار في مقاومة وحرب الفساد وكشف المافيا، وعندما يواجه الإسلاميون الفساد فإنهم يحاربون على نفس جبهة الاستبداد، فهما قرينان وشريكان في إفساد المجتمعات، وعلى الحركات والأحزاب الإسلامية بناء تصوُّر اقتصادي واقعي للحرب على الفساد والمافيا وبناء اقتصاد وطني وقومي سليم.

7- التواضع وخفض الجناح وعدم الغرور شرط الاستمرار في النجاح.

8- بناء علاقة جيدة مع الغرب والخارج بعيدًا عن الصفقات السرية وفي العلن مع موقع القوة الشعبية، مع عدم الرضوخ للإملاءات والشروط المجحفة، بل تقوم هذه العلاقة على الاحترام والقيم المشتركة والمصالح المشتركة؛ من أجل بناء حضارة إنسانية، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم كله.

إن إقناع الغرب لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة في العلاقات الدولية، وإن الغرب عليه أن يغيِّر من نظرته إلى الإسلام كعقيدة، ويحترم حق المسلمين في اختيار طريقة حياتهم وشريعتهم التي تحكمهم، ولا يفرض عليهم نظامًا معينًا، على عكس ما يقوله بوش بأن المتطرِّفين الإسلاميين هم الذين يريدون تغيير نظام الحياة في الغرب.

هنا الإقناع يمكن أن يتبنَّاه عقلاء الغرب من أجل تحقيق أمن واستقرار ورخاء البلاد العربية والإسلامية، ومن هذا المنطلق يمكن أن يسهم المسلمون في بناء الحضارة الإنسانية العالمية من منطلق قوة التنوع في الثقافات والحوار بين الحضارة، ولا نظل ندور في فلك الغرب دومًا.

الغزو المشؤوم وانهيار منظومة الأمن القومي العربي

تحل هذه الأيام ذكرى غزو صدام حسين للكويت في 2/8/1990، ذلك الغزو المشؤوم الذي أدى إلى الكوارث التي تعاقبت على العراق والخليج والوطن العربي، وانهيار منظومة الأمن القومي لمصر والعرب، وبذلك باتت أمريكا وبريطانيا وفرنسا هي التي تدير الشئون الداخلية لمعظم البلاد العربية، فتعيِّن الحكومات، وتُشرِف على الانتخابات، وتحدِّد المسئوليات، وتحاسب الحكام والزعماء، وأصبحت المعارضة العربية تعارض السياسة الأمريكية كأصل، وتعارض الحكومات العربية كصورة.

استقالة دحلان.. هل هي بداية الحل للأزمة؟!

استبق محمد دحلان تقرير لجنة تقصي الحقائق بتقديم استقالته إلى محمود عباس، ودافع عنه رفيق الرحلة سمير مشهراوي بقوله: إن هناك 30 قيادةً عُليا يجب أن تُنحَّى قبل استقالة دحلان، ورحّبت حماس بخروج دحلان من الصورة لعل ذلك يلطِّف الأجواء للحوار الفلسطيني، فهو المتهم الأول بالضلوع في مؤامرة الجنرال دايتون لإخراج حماس من الحكم وتدميرها تمامًا، وهو المخطط الذي أفشلته حماس.

تهنئة قلبية وسلامات عاطرة

إلى الأخ العزيز المهندس خيرت الشاطر وأسرته الصابرة المجاهدة بمناسبة زواج سارة، وإلى أسرة الأخ عبد الرحمن ثروت عريس سارة الشاطر، بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير.

سلامتك د. محيي حامد

أجرى سجين الرأي د. محيي حامد- أخصائي الأنف والأذن والحنجرة- عمليةً جراحيةً في عينه، ألف سلامة لعيونك، لا بأس طهور، وفرَّج الله كربك وكرب إخوانك جميعًا.

تهنئة إلى أسرة الأخ صادق الشرقاوي

بمناسبة عقد زواج كريمته، بارك الله لهما، وبارك عليهما، وجمع بينهما في خير.

حاولت أن أقدم هذه التهاني إلى أصحابها مباشرةً فلم أتمكن لظروف خارجة عن إرادتي، لكنني أتصور أن القلوب متصلةٌ، وأن التهاني والسلامات قد وصلت حتى ولو كان مع الحرَّاس.

المصدر