وسائل التربية عند الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وسائل التربية عند الإخوان

بقلم/ الدكتور علي عبد الحليم محمود ... من علماء الأزهر


مقدمة وإهداء

بسم الله الرحمن الرحيم

إهداء

إلى الذين يؤثرون الحق فيهتدون به إلى الحقيقة ، ويرغبون فى العمل فيصلون به إلى تحقيق المل . إلى ابناء الأمة الإسلامية المعاصرة ، الذين ألقت عليهم القدار عيء الجهاد من اجل الإسلام دعوة وحركة ومننهجا ونظاما حتى تكون كلمة الله هى العليا ويكون الدين كله لله ، ويومئذ يفرحون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم .

إلى هؤلاء أقدم هذه الرسالة التحليلية التاريخية فإن فيها كثيرا مما ينفع المؤمنين . تمهيد

لله الحمد رب السموات رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه وتمسك بسنته إلى يوم الدين .

وبعد :

فهذه دراسة للتربية عند الإخوان المسلمين ، أهدافها ووسائلها . جمعتها من مصادرها ووثائقها ، ودعمتها بكثير من المعلومات التى تناقلها المهتمون بحركة الإخوان المسلمين فى مصر ، حيث بدأت فى ذى القعدة عام 1346 هـ ــــ 1928 م فى مدينة الإسماعلية ، ثم انتقل نشاطها إلى القاهرة عام 1350 هـ ـــ 1932 م ، ثم تشعب نشاطها وملأ الساحة المصرية ، ثم الساحة العربية فالإسلامية ، فالعالمية من بعد .

وغنه ليبدوا لى من خلال ما قرأت وما سمعت وما عايشت من أحداحركة الإخوان المسلمين ، أن السنوات العشر الأولى من تاريخها كانت سنوان التأسيس ، وان السنوات العشر التالية كانت سنوات افنتشار فى مصر ، وفى العالمين العربى والإسلامى .

ثم كانت مصادمة الحكومة المصرية لحركة الإخوان فى 7 / 2 / 1368 هـ ـــ 8 / 12 / 1948 م ، حيث صدر قرار بحل الجماعة .. ، ثم كانت احداث واحداث ، فإغتيال الإمام المؤسس حسن البنا رحمه الله ، ثم استئناف العمل فى جماعة الإخوان عام 1951 م ، فاختيار الأستاذ الهضيبي مرشداً للجماعة فى 19 / 10 / 1951 م .

ولقد كانت الفترة من عام 1948 م إلى الآن 1987 م فترة اصرار على مواصلة العمل فى الداخل ، على الرغم من الحذر والتحدى السافر ، وفترة مد الدعوة فى الخارج ، وتوريث لمبادئها عبر الأجيال هنا وهناك .

وإن النشاط التربوى للإخوان لم يتوقف على الرغم ككا لاقت الحركة من الحذر والتحدى ، ولا غرو فإن التربية الإخوانية أشبه ما تكون بقطرة الماء التى تسيل أبدا من منبعها ، فهى لابد ملاقية أرضا صالحة ، ومنبتة نباتا صالحا ، على الرغم من كل العقبات والعراقيل ... وماذا يمنع الفطرة ـــ فى هدوئها واستمرارها وإصرارها على أن تغادر منبعها ـــ من أن تمضى فى طريقها وتجرف بنفس الهدوء والإصرار اعتى العقبات وأشد الحواجز ؟

إن التربية الإخوانية تنبع من كتاب الله وسنة رسوله ، وتستعين بسير الصحابة والتابعين ، وتستهدى القدوة المعصوم ـــ صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين المجددين من أئمة الهدى على مر التاريخ الإسلامى كله ، وتتخذ من أولئك الرجال الذين بايعوا على العمل للإسلام فى ظل أركان البيعة المحفوظة لديهم ، المحفورة فى نفوسهم وسلوكهم من : فهم وإخلاص وعمل وتضحية وجهاد وطاعة وثبات وتجرد وأخوة وثقة ، تتخذ من أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى فى هذه الدعوة نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ـــ تتخذ منهم مصابيح هدى فى الليل الحالك ، ومعالم حق فى دياجير الباطل ، وتمضى فى طريقها مستعينة بالله ، مسترشدة بآداب الإسلام وأخلاقه ومنهجه وشريعته .

إن للتربية فى برامج الإخوان المسلمين أهمية قصوى لاتدنيها أهمية ، ولقد ادرك الأهوة منذ خطواتهم الأولى على درب العمل الإسلامى ، أن أمثل الطرق للإصلاح هلى طريقة تربية الأفراد وفق منهج الإسلام ونظامه ، للوصول بهم إلى الغاية وهى ؛ تكوين المجتمع المسلم ، فالأمة المسلمة ، فالدولة الإسلامية التى تحكم بما أنزل الله .


ولقد بدا اصرار الإخوان على وجوب التربية والبدء بها منذ وضع القانون الأساسى للجماعة ن والأستاذ الشهيد حسن البنا ينادى بأن مراحل العمل فى الجماعة هى : التعريف والتكوين والتنفيذ ، وكل مرحلة منها إنما تقوم على التربية . لذلك اولى الإخوان التربية فى برامجهم عناية خاصة ، وجعلوها من الولويات الهامة فى عملهم ن بل جعلوها عملا مستمرا لا يتوقف فى أى مرحلة من مراحل تاريخهم .

ولقد تعددت وسائل التربية لدى جماعة الإخوان المسلمين تعدداً يؤكد التكامل فى تربية افنسان المسلم ، وينبئ عن ادراك عميق للمنهج الصحيح الذى يجب أن تقوم عليه التربية الإسلامية ، المنهج الذى يلبى احتياجات الإنسان المسلم ليواجه بنجاح وفلاح معاشه ومعاده ، دنياه وأخرته .

وغن حصر هذه الوسائل وتحليلها بالتعرف على تاريخها واهدافها واركانها وشروطها وآدابها وبرامجها وصفات القائمين على كل وسيلة منها ، لهو الهدف من هذا الكتاب .

وغن منهجية البحث لتقضى ان أشير إلى أهداف التربية عند الإخوان المسلمين قبل أن اخوض غمار الحديث عن وسائل التربية عندهم .

فأرى من اللإزم على و أنا اسجل هنا من واقع رسائل الإخوان وأوراقهم ووثائقهم وتصفح تالريخهم وأحداثهم ، أن ألقى ضوءاً كافيا عاى اهداف التربية عند الإخوان المسلمين قبل أن أتحدث عن وسائل هذه التربية .

وقد جمعت الكتاب فى بابين :

الباب الأول : فى اهداف التربية عند الإخوان المسلمين .

الباب الثانى : فى وسائل التربية عندهم .

وفى كل باب من التفصيلات ما يناسبه ويفى بهدفه ، وأسأل الله التوفيق والعون إنه على ما يشاء قدير .


الباب الأول : فى أهداف التربية عند الإخوان المسلمين

ويتضمن ما يلى :

1 ـ مفهوم التربية عندهم .

2 ـ ضوء على التربية الإسلامية بعامة و أهدافها .

3 ـ التربية الإخوانية واهدافها ويشمل :

أولا : الأهداف الثابتة للتربية عندهم .

ثانياً : الأهداف المتغيرة للتربية عندهم .

ثالثاً : وضع منهج لتربية الفرد و الأسرة و المجتمع .

رابعا : رصد واقع العالم الإسلامى المعاصر .


1- مفهوم التربية عند الإخوان المسلمين

للتربية عندهم تعريف ، استقيته عنهم من مظانِّه ، وثائق ورسائل ، ورجال ، وهذا التعريف هو : التربية : " هى الأسلوب الأمثل للتعامل مع الفطرة البشرية توجيها مباشراً بالكلمة وغير مباشرة بالقدوة ، وفق منهج خاص ووسائل خاصة ؛ لإحداث تغير فى الإنسان نحو الأحسن " (1)

فالأسلوب : هو الطريقة ؛ اى طريقة التعامل مع الإنسان .

والأمثل : الأحسن والأفضل والأنفع والأصلح ...إلخ ، وامثل الأساليب فى التربية ، هو ماربى الله سبحانه عليه نبيه ، وما ربى النبى صلى الله عليه وسلم عليه اصحابه .

ويلتمس ذلك فى السنة عموما والسيرة النبوية على وجه الخصوص .

والفطرة : هى الطبيعة البشرية بكل ما فيها من فضائل وعيوب وما تحتويه من تناقضات ، كالخير والشر والحب والبغض و الخوف و الرجاء و الجماعية و الفردية ، والإلتزام والتفلت ، وافيجابية والسلبية .

والتعامل : مع الفطرة البشرية من أعقد الأمور وأصعبها ، فقد عجز عن التعامل الأمثل مع الفطرة البشرية عديد من علماء التربية وعلماء الإجتماع وعلماء النفس ؛ لنهم تعاملوا مع هذه الفطرة دون معرفة دقيقة لها ، فوضعوا لها من المناهج ما لم يف بحاجاتها ولم يكن قادرا على نقل هذه البشرية من الشر إلى الخير أو من الضلال إلى الهدى ، إذ الأصل فى التعامل مع هذه الفطرة البشرية التى فطر الله الناس عليها أن نأخذ بتوجيه خالق هذا الإنسان العالم بكل ابعاد نفسه العارف لكل ما يصلحه .

و التوجيه المباشر : هو تعليم وتربية واعداد مباشر للفرد ، ويكون بالكلمة ، والكلمة أمر او نهى أو ندب او تحبيب أو تنفير أو لفت نظر أو تشويق أو تخويف ، وقد تكون الكلمة عظة أو قصة أو سردا لحدث أو مقالة أو دراسة أو كلمة مسموعة أو مرئية ، كل ذلك بقصد إحداث التغيير .

والتوجيه غير المباشر : هو غعطاء القدوة والسوة بالعمل الصالح والسلوك الراشد والخلق القويم ، ليحذو المربى حذو المربى .

والتوجيه مباشرا كان أو غير مباشر أشبه ما يكون بوجهى العملة ، لا ينفصل احدهما عن الآخر ، ولا يغنى عنه ، فلابد من هذا وذاك .

ولنا فى القرآن الكريم ، وما حواه من امر ونهى ، وترغيب وترهيب ، وندب وزجر ، وفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته وما كان عليه من خلق وسلوك ، أروع الأمثلة للتوجيه المباشر أو غير المباشر .

والمنهج : هو الطريق الواضحة المعالم والخطة المرسومة بدقة . وهو المنهاج كذلك . قال تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) اى طريقة إلهية يتحاكم إليها الناس .

والمنهج أو المنهاج أو الشرعة أو الشريعة نوعان :

أحدهما : ظنى النتائج كثيرا ما يصاحبه الفشل ، وهو كل منهج يضعه واحد من الناس أو مجموعة منهم بقصد إحداث التغيير فى الإنسان .

والثانى : قطعى النتائج ، يصاحبه النجاح والفلاح ، وهو الذى شرعه الله ، ونهج لنا طريقه ، وذلك شقان :

1 ـ ما سخر الله عليه كل غنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد ، وذلك ما اشير إليه فى قوله تعالى ( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا ) .

2 ـ ما قيض الله للناس من الدين وأمرهم به ليتحروه اختياراً ، مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ، ودل على ذلك قوله تعالى : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ) ، قال ابن عباس : الشرعة : ما ورد به القرآن ، والمنهاج : ماوردت به السنه .

وهذا المنهج الربانى يلتمس من مصادره ، وهى : الكتاب والسنة والسيرة النبوية وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم وما أجمعوا عليه من أمر .

وهذا لامنهج الربانى شامل متكامل ، يعالج كل شعب الحياة البشرية فى شموله ، ولا يحتاج إلى سواه من المناهج .

وهو منهج يتميز فى شموله باحتوائه على بعدين رئيسيين هما :

1 ـ البعد التربوى : ويتناول طرق التعليم والتعلم ووسائلهما المتعددة ، بقصد اكتمال شخصية المسلم المتعلم ، وتحويلها نحو الحسن باقدارها على التعامل مع الحياة و الأحياء تعاملا يحقق مصالح المعاش و المعاد .

2 ـ البعد التنظيمى :

وهو شقان :

أ ـ تنظيم داخلى للمجتمع ، يتناول وضع النظم والآداب ، وتحديد الروابط والعلاقات ، التى يجب أن تسود بين المسلمين فى كل زمان ومكان ، محكومين وجكاما ، فى ظل الإلتزام بالحقوق والواجبات .

ب ـ تنظيم خارجى ، يتناول تحديد علاقات الدولة المسلمة بغيرها من الدول ، وقضايا الحرب و السلام والدعوة و الإستخلاف والتمكين والهيمنة لخاتم الأديان على سائر النظم والمناهج والأديان .

وكل منهج سواه لايصلح للمسلمين باتأكيد الجازم ، ثم هوغير صالح لسواهم من الناس ، غلا اذا خسروا الآخرة والعياذ بالله ، لأنه لايصلح شأن الدنيا والاخرة إلا منهج الله سبحانه .

و الوسائل الخاصة عديدة : يدخل تحتها كل عمل لا يخالف شرع الله ويحقق تربية المسلم ومصلحته فلى الدنيا و الآخرة . ومن الوسائل : كل عمل قابل للتجاوب مع المتغيرات المستمرة فى حياة الإنسان ، بحيث يقبل من هذه المتغيرات ما لا يتعارض مع نصوص ديننا وقيمه واخلاقه ، بشرط أن يحقق مصلحة المسلمين .

والهدف : هو تغير الإنسان من السئ إلى الحسن او الأحسن ، ونقله من الكفر إلى الإيمان إن كان غير مسلم ومن المعصية إلى الطاعة إن كان مسلما ومن الضلال إلى الهدى ومن الباطل إلى الحق ، ومن نظم العباد ومناهجهم إلى نظام الله ومنهجه فى كل حال .

2 ـ ضوء على التربية الإسلامية عامة وأهدافها

التربية الإسلامية هى كما أسلفنا التى تعنى بإعداد الإنسان إعدادا يتناول كل جانب من جوانب حياته الروحيه والعقلية والجسدية ، وحياته الدنيا وما فيها من علاقات ومصالح تربطه بغيره ، وحياته الخرى وما قدم لها فى حياته الدنيا من عمل يجزى عليه فينال رضى ربه أو غضبه ن وذلك هو الشمول والتكامل الذى يميز افنسان منهجاً ونظاما على سائر النظم و المناهج ، فهو يتناول كل جانب من تلك الجوانب تناولا مفصلا دقيقا .

إن التربية الإسلامية وهى تعد الإنسان الصالح ، تعنى فيه بأن يكون متوازنا فى طاقاته و اهدافه ووسائله واقواله واعماله كتوازنا فى كل شئ .

وتوازن الطاقات ، يعنى : ألا تطغى طاقة من طاقاته على اخواتها ، أو تتجاهل طاقة لتظهر اخرى . وتلك من أبرز ميزات الإسلام فى منهجه ونظامه .

توازن بين طاقة الروح وطاقة العقل وطاقة البدن ، توازن بين معنويات الإنسان ومادياته ، بين ضروريات الإنسان وكمالياته ، توازن بين واقعه وما ينشده من كمال ، توازن بين نزعاته الفرديه ونزعاته الجماعية ، توازن بين إيمانه بعالم الغيب وعالم الشهادة ، توازن فى طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه ومنكحه ، لا إسراف ولا تقطير وإنما هو توازن يؤدى إلى التوسط وافعتدال . ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) وسطا فى كل شئ .

بل غن التوازن نظام فرضه الله على كافة مخلوقاته ، من إنسان وحيوان ونبات وجماد وكواكب وافلاك ، كل يسير حسي منهج فطرى وضعه خالق الكون للكون . وتلك ميزة ثانية فى المنهج الإسلامى .

ومما يمز التربية الإسلامية ، أنها تدفع بالفرد إلى أن يكون دائما ذا حركة وفعالية فى حياته كلها ، مع نفسه ومع من يعايشهم ، بل مع الكون نفسه ومكوناته ، يعمر الأرض ويفيد من البحر والجو ، والحيوان و النبات ، والجماد ؛ من منطلق أن هذا كله قد سخره الله له ، فلا يستطيع ان يكون سلبيا متواكلا مع نفسه ، أو مع المجتمع الذى يعيش فيه ، أو الكون الذى سخره الله له ، بل هى الإيجابية والتفاعل ، فى ظل هذا الدين العظيم وهذه الأخلاقيات الرفيعة القدر .

ولقد تميزت التربية الإسلامية بخاصية مسايرة الفطرة البشرية فى واقعها البشرى الأرضى المادى ، كما تساير قدرة هذا الإنسان على أن يكون مثاليا ، يحقق لنفسه ولدينه ولمجتمعه ما يعود عليه بالنفع والخير ، كل ذلك داخل فى إطار ما أحل الله وما شرع ، فيعترف الإسلام للإنسان بتلك الفطرة التى خلقها الله ، وفيها ضعف للإنسان غزاء التكاليف والواجبات ، كما فيها ضعف غزاء الشهوات والمغريات، ولكى يواجه الإسلام الضعف البشرى إزاء التكاليف جاء قوله تعالى : ( هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ) ولمواجهته الضعف إزاء المغريات جاء قوله سبحانه ( زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة و الأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) .

وبعد ن فتلك نقاط بارزة فى خصائص التربية الإسلامية ، تميزها عن كل تربية سواها ، وتئطد لدى المنصفين من الناس انها التربية الوحيدة القادرة على إعداد الناس إعدادا يحقق لهم صالح المعاش والمعاد .

وغذا كانت تلك هى الخصائص ، فلابد لنا من حديث عن هذه التربية الإسلامية ، لننطلق من بعد ذلك إلى حديثنا عن اهداف التربية عندهم .


أهداف التربية الإسلامية :

الهدف والغاية بمعنى واحد فى مجال حديثنا هذا ، وإذا فإن أهداف التربية الإسلامية ، او غاياتها التى تحاول أن تصل إليها هى على وجه الإجمال : كل ما يمكن الإنسان من حياة دنيوية راشدة صالحة ، وحياة اخروية ترضى الله سبحانه وتؤدى إلى ثوابه ورضوانه .

وهذه الأهداف أو الغايات للتربية الإسلامية هى التى نشير إلى خطوطها العريضة فى هذه النقاط : أولا : عبادة الله وحده وفق ما شرع :

فلقد قال سبحانه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )

فعبادة الله سبحانه وفق ما شرع على لسلن نبيه صلى الله عليه وسلم أول أهداف التربية الإسلامية وأهمها . هذه العبادة تتطلب تحقيق عناصر كثيرة فى المسلم منها : عنصر الإيمان ، وعنصر الإسلام ، وعنصر الإحسان ، وعنصر العدل ، وعنصر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وعنصر الجهاد فى سبيل الله لتكون كامة الله هى العليا ، كما تتطلب ما تستوجبه هذه العناصر من اقوال وأعمال وأخلاق وآداب . ثانياً : خلافة الله فى الأرض :

فقد قال سبحانه : ( إنى جاعل فى الأرض خليفة ) وما ترتب على هذا الإستخلاف من ضرورة استعمار الأرض والاستفادة مما أودع الله فيها للإنسات ، من خيرات ، قال سبحانه : ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها )

بمعنى مكن الإنسان ـــ أى إنسان ـــ من العيش على الإرض وأعطاه القدرة على عمارتها ، واستثمار ما فيها ، والإنتفاع به لمعاشه ومعاده.

فالتعامل مع الإرض والكون كله ، بإستخدام وسائل العلم ومستحدثات الكشف المشروعة ، للاستفادة من هذا الكون ، واجب شرعى وهدف رئيسى من أهداف تربية الإسلام للناس ، الأخذ بأسباب العلم والتبحر فيه وتسخيره لصالح المعاش والمعاد ، كل ذلك مما فرض الله على الإنسان ، ومما أوجب الإسلام على المسلمين ، بحيث لايجوز لهم أن يتاخروا فى هذا المجال ويتقدم سواهم .

ثالثاً : التعارف بين الناس : فقد قال سبحانه : ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ..) فالله سبحانه وتعالى خلق الناس لامختلفين أجناسا وألوانا وألسنة ، المتفرقين شعوبا وقبائل وعمائر وبطونا وأفخادا وفصائل وعشائر ، خلقهم جميعا من اصل واحد هو ذكر وأنثى آدم وحواء ، فما يليق بهم افختلاف والتفرق والتخاصم والتعادى ، وإنما اللا ئق بهم هو التعارف والتواد والتراحم والتعاطف والتعاون والتناصر فى ظل التآخى ؛ أليسوا ابناء رجل واحد وامراة واحدة ؟!

إن اللائق بالبشر بعد أن يؤمنوا بالله ويدخلوا فى دين الله أفواجا أن يتحابوا ، ويتعاونوا ويتواصوا بالحق ويتواصوا بالصبر ثم تتعمق بينهم هذه الصلات فيتكافلوا .

وهذا هدف كبير من اهداف التربية فى الإسلام ، ان يعد الإنسان ليعيش فى تعارف ووئام مع أخيه الإنسان بعد أن تجمع بينهم عقيدة الحق ، ومنهج الله ونظامه .

رابعاً : سيادة الإرض والتمكن فيها : قال تعالى : ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ... )

فهذا وعد من الله للذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ـــ والإيمان بشروطه وفروعه والعمل الصالح نتيجة للإيمان الصحيح ـــ وعد الله هؤلاء وعدا اكيدا بثلاثة امور :

أ ـ الاستخلاف فى الأرض ، وأن يجعل لهم ولاية عليها ، وقدرة على الإستفادة منها لمعاشهم ومعادهم .

ب ـ التمكين لهم فى الأرض بإسلامهم ومنهجهم ، فتكون لهم المهابة والسلطان ، وأن يكون لدينهم الهيمنة والظهور على الدين كله .

جـ ـ وأن يبدل حالهم من خوف إلى أمن .

ومعنى ذلك أن المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، هم اهل السيادة على الأرض ، ودينهم هو دين الظهور والهيمنة ، ولابد من الوصول إلى هذا فى ظل التربية الإسلامية للناس .

وطالما بقى المسلمون بعيدين من التمكن فى الأرض فهم بعيدون عن حقيقة الإيمان وعن العمل الصالح ، وبالتالى فهم فى حرج من امر دينهم وعلى غثم معصية ، والتربية الإسلامية تحاول بكل ما وسعت أن تخرج الناس من الحرج والإثم والمعصية .


خامساً : الحكم بالشريعة : قال تعالى ( ثم جعلناكم على شريعة من الأمر فاتبعها .. )

وقال : ( أن احكم بينهم بما انزل الله ولاتتبع اهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )

وهذا هدف ضخم من اهداف التربية الإسلامية ، بل هو هدف الهداف الأربعة السابقة ، من عبادة لله واستخلاف فى الأرض وتعارف وتناصر وتمكن من الأرض ، غذ كل ذلك إنما يؤدى إلى أن يسود شرع الله عباد الله ، دون مساومة أو تجزئ أو ترقيع لهذا المنهج ، فضلا عن قبول مناهج أخرى ليست من صنع الله .

وبعد : فهذه اهداف التربية الإسلامية فى صورة مجملة ، وهى أهداف الإسلام عقيدة وشريعة ودعوة وحركة ونظاما ومنهجا وسلوكا وعملا وجهادا ؛ لتكون كلمة الله هى العليا ، وإنما يكون ذلك بتربية الروح والجسم والعقل والخلق والسلوك .

وقبل افنتهاء من الأهداف لابد أن نشير إلى أن للتربية الإسلامية مجالات عديدة نذكر منها :

1 ـ الفرد وكل ما يتصل ببناء الشخصية .

2 ـ البيت المسلم وكل ما يجب ان يسوده من قيم واخلاق .

3 ـ المجتمع المسلم وكل ما يحيط به من علاقات .

4 ـ الأمة المسلمة وكل مايتصل بهامن غعداد وعمل .

5 ـ الدولة المسلمة وما يجب ان تكون عليه من منهج ونظام .


3- التربية عند الإخوان المسلمين وأهدفها

بعد ان استعرضنا اهداف التربية الإسلامية ، نحاول هنا ان نستعرض أهداف التربية عند الإخوان المسلمين من خلال ما دلت عليه رسائلهم وبرامجهم وماكتب عنهم ، منبهين بدءاً انه لا يوجد إختلاف فى الجوهر او المضمون بين اهداف التربية الإسلامية واهداف التربية عند الإخوان المسلمين ، وكل الفروق التى بينها لاتعدوا أمرين :

1 ـ تفصيل فى التربية عند الإخوان المسلمين لما أجمل فى التربية الإسلامية .

2 ـ تطبيق وتنفيذ للنظريات التى اشتملت عليها أهداف التربية الإسلامية فى وسائل التربية عند افخوان المسلمين .

ويمكننا أن نجمل أهداف التربية عند الإخوان المسلمين فى هدفين كبيرين :

الأول :هدف ثابت دائم ، يتناول تطبيق اهداف التربية الإسلامية التى تحدثنا عنها آنفا مع تفصيل وتبويب .

والثانى :هدف متغير أبداً ، يتناول رصد المتغيرات الإجتماعية واتخاذ ما يلزم نحو مواجهتها من خلال رؤية اسلامية .

ولنفصل الحديث فى ذلك على النحو التالى ، والله ولى التوفيق ومانح السداد :

يتناول هذا التفصيل ما يلى :


أولا : الهداف الثابتة للتربية عند الإخوان المسلمين .

ثانيا : الأهداف المتغيرة عندهم وتشمل :

أ ـ المتغيرات فى الفكر والثقافة .

ب ـ لامتغيرات فى النظريات والنظم الاجتماعية والسياسية .

جـ ـ المتغيرات فى السياسة والاقتصاد .

د ـ المتغيرات فى وسائل الحياة وأساليبها .

ثالثاً : وضع منهج لتربية الفرد و الأسرة والمجتمع .

رابعاً : رصد واقع العالم الإسلامى المعاصر ويشمل :

1 ـ النظم الاجتماعية الوافدة الضارة .

2 ـ النظم السياسية الفاسدة .

3 ـ النظم الاقتصادية المعادية للإسلام .


اولا : الأهداف الثابتة للربية عند الإخوان المسلمين

وهى أهداف نشير غليها على وجه الإجمال فى خطين كبيرين :

الأول : تحقيق اهداف التربية الإسلامية الثابتة المستمرة ، مع اخراجها من حيز النظرية إلى مجال التطبيق .

الآخر : معاونة الناس عن طريق الوسائل العديدة التى لجأ اليها افخوان المسلمون فى التربية والتى كان لهم سبق ابتكار بعضها على تطبيق أهداف التربية الإسلامية .

ولقد وضح هذان الهدفان أشد ما يكون الوضوح فى كلمة للإملم الشهيد حسن البنا فى قوله : " فأول واجباتنا نحن الإخوان أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة لازيادة فيها ولا نقص ولا لبس معها ، وذلك هو الجزء النظرى من فكرتنا ، وأن نطالبهم بتحقيقها ، ونحملهم على انقاذها ونأخذهم بالعمل بها ، وذلك هو الجزء العملى فى هذه الفكرة " ويزيد الأستاذ الإمام الأمر وضوحا فيقول : " غن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل واضح الخطوات ، فنحن نعلم تماما ماذا نريد ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة .

نريد أولاً : الرجل المسلم فى تفكيره وعقيدته وفى خلقه وعاطفته ، وفى عمله وتصرفه ، فهذا هو تكويننا الفردى .

ونريد بعد ذلك البيت المسلم فى تفكيره وعقيدته وفى خلقه وعاطفته وفى عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعنى بالمراة عنايتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب ، وهذا هو تكويننا الأسرى . ونريد بعد ذلك الشعب المسلم فى ذلك كله أيضاً ، لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا فى كل مكان ، وان تنشر فكرتنا ، وتتغلغل فى القرى والنجوع والمدن والمراكز والحضر و الأمصار ، لانالوا فى ذلك جهداً ، ولا نترك وسيلة .

ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التى تقود هذا الشعب إلى المسجد ، وتحمل الناس على هدى الإسلام من بعد ، كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى بكر وعمر من قبل .

ونحن لهذا لانعترف بأى نظام حكومى لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ، ولا نعترف بهذه الأحزاب السياسية ، ولا بهذه الأشكال التقليدية التى ارغمنا اهل الكفر اعداء الإسلام على الحكم بها ، والعمل عليها ، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامى بكل مظاهره وتكوين الحكومة الإسلامية على هذا النظام .

ونريد بعد ذلك أن نضم غلينا كل جزء من وطننا الإسلامى ، الذى فرقته السياسة الغربية ، وأضاعت وحته المطامع الوربية ، ونحن لهذا لانعترف بهذه التقسيمات السياسية ولا نسلم بهذه افتفاقات الدولية ، التى تجعل من الوطن الإسلامى دويلات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها على الغاصبين ، ولا نسكت على هضم حرية هذه الشعوب واستبداد غيرها بها ؛ فمصر وسوريا والعراق والحجاز واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش وكل شبر أرض فيه مسلم يقول : لا إله إلا الله ، كل ذلك وطننا الكبير الذى نسعى لتحريره وانقاذه وخلاصه وضم اجزائه بعضها إلى بعض .

ولئن كلن الرايخ الالمانى ، يفرض نفسه حاميا لكل من يجرى فى عروقه دم الألمان ، فإن العقيدة الإسلامية توجب على كل مسلم قوى أن يعتبر نفسه حامياً لكل من تشربت نفسه تعاليم القرآن ، فلا يجوز فى عرف الإسلام أن يكون العامل العنصرى ، أقوى فى الرابطة من العامل الإيمانى ، والعقيدة هى كل شئ فى الإسلام ، وهل الإيمان إلا الحب والبغض ؟

ونريد بعد ذلك أن تكون راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التى سعدت بالإسلام حينا من الدهر ، ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل ، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياءه ، فتعود إلى الكفر بعد الإسلام ؛ فالأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائر بحر الروم ؛ كلها مستعمرات غسلامية يجب أن تعود إلى أحضان الإسلام . ويجب ان يعود البحر الأبيض والبحر الأحمر بحيرتين غسلاميتين كما كانتا من قبل .

ولقد كان السنيور " موسولينى " يرى من حقه أن يعيد الإمبراطورية الرمانية ، وما تكونت هذه الإمبراطورية المزعومة قديما ، إلا على أساس المطامع والأهواء ، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التى قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية بين الناس .

نريد بعد ذلك ومعه أن نعلن دعوتنا على العالم ، وان نبلغ الناس جميعا ، وأن نعم بها آفاق الأرض ، وان نخضع لها كل جبار حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم .

ولكل مرحلة من هذه المراحل خطواتها وفروعها ووسائلها وإنما نجمل هنا القول دون إطالة ولاتفصيل ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .

وبعد هذا التحديد الواضح من مؤسس الجماعة لأهداف الجماعة وغاياتها ، نعود إلى تفصيل الحديث عن الهدف الأول من اهداف تربية الإخوان المسلمين الثابتة المستمرة ، بإخراجها من مجال النظرية إلى مجال التنفيذ والتطبيق .

فنقول وبالله التوفيق :

1 إقدار الناس بمعاونتهم وتشجيعهم على ممارسة عبادة المعبود بحق الله وحده لا شريك له وإنما يكون ذلك بما يلى :

أ ـ إذكاء عنصر الإيمان فى الإنسان العابد لله سبحانه بالتصور الصحيح ؛ والمعرفة الدقيقة لذات الله وصفاته وافعاله ، وإخلاص القلب كله لله بتوحيد الألوهية وتوحيد الربوبية .

ثم الإيمان بالملائكة والكتب السماوية و الرسل الذين أرسلهم الله إلى الناس ، والإيمان باليوم الآخر ، وبالقضاء والقدر ، خيره وشره ، الإيمان بكل ذلك عل النحو الذى أوضحته الشريعة دون تنطع ولا تكلف ول تساهل .

ب ـ إحياء عنصر الإسلام فى الناس ومعاونتهم على ذلك ، ويكون ذلك بفهم دقيق للشهادتين والعمل بقتضاهما ويتمثل ذلك فيما يلى :

إقام الصلاة على مواقيتها ، كما كان يصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة التى تنهى عن الفحشاء والمنكر ، التى يهرع إليها المسلم كلما حزبه أمر ، ويجد فيها قرة عينه وراحة قلبه .

إيتاء الذكاة استجابة لأمر الله ، وطمعا فى ثوابه ، وإسهاما فى علاج مشكلات المجتمع .

صوم شهر رمضان إيمانا واحتسابا ، صوم عن المفطرات وعن المعاصى وعما سوى الله ، مع آداء زكاة الفطر حتى يرتفع بها الصوم إلى الله فيقبل فضلا منه ورحمة .

حج البيت لمن استطاع ، حجا مبرورامن غير رفث ولا فسوق ، إجابة لنداء الله سبحانه وطلبا لمغفرته .

جـ ـ تطبيق عنصر الإحسان فى العبادة والعادة ، وإنما يكون ذلك بالآتى :

فى العبادة بأن يعبد المسلم ربه كأنه يراه ، ويتقرب إليه بالنوافل حتى يحبه

وفى العادة بأن يحسن المسلم كل عمل يقوم به ، لأن الله قد كتب الإحسان على كل شئ ، وألزم به المسلمين جميعا حتى فى القتل والذبح ، والإحسان ثمرة الإيمان والإسلام ، ولا يرقى مجتمع إلا اذا احسن أفراده ما يأتون وما يدعون .

ومن الإحسان : الإحسان إلى النفس بإلزامها الحق والتزامها بكل ما امر الله واجتنابها كل ما نهى .

ومن الإحسان : الإحسان إلى الناس ، وحب الخير لهم ، ونصحهم ونقلهم من الشر إلى الخير.

د ــ تأكيد العدل وممارسته ، ومعاونة الناس على ذلك ، وإنما يكون ذلك بما يلى :

- عدل الإنسان مع ربه بإتباع دينه .

- عدل الإنسان مع نفسه بإلزامها بكل واجب .

- عدل افنسان مع أخيه الإنسان ، بإعطائه حقه ، ودفع الظلم عنه ، وحب الخير له إن كان مسلما ، ودفع الظلم عنه إن كان غير مسلم .

هـ ـ ممارسة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ومعاونة الناس على ذلك ، والأصل فى ذلك التدرج على النحو التالى :

ـ الممارسة العملية والتغير باليد والقوة .

ـ الممارسة القولية والتغير باللسان إذا عجزنا عن اليد .

ـ الممارسة القلبية وذلك عند العجز عن الممارسة باليد أو اللسان .

والمعيار الدقيق لذلك كله ، أن الأمر بالمعروف واجب ، يتوقف إن أدت ممارسته إلى منكر ، وأن النهى عن المنكر واجب ، يتوقف أن ادى إلى منكر أشد .

و ـ الممارسة العملية للجهاد فى سبيل الله ؛ لتكون كلمة الله هى العليا و ويكون ذلك بما يلى :

ـ إعداد النفس والعقل والبدن للقيام بعبء الجهاد ، وما يتطلبه من اعمال وتدريبات وأخذ بأسباب القوة .

ـ الاستعداد بكل وسائل القوة ، والأخذ بأسبابها ، القوة المعنوية والمادية والعلمية .

ـ التأهب والحديث مع النفس بجهاد اعداء الله ؛ لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .

2 ـ القيام بواجب الاستخلاف فى الأرض وإعمارهل ومعاونة الماس على بلوغ ذلك الهدف ويكون ذلك يالآتى :

أ ـ الإيمان بأن الأرض وما فيها مما سخر الله لنا لننتفع بها ، وبأن إعمار الأرض واجب دينى .

ب ـ الأخذ بالأسباب العلمية والفنية ، التى تمكن الناس من إعمار الأرض ، والإستفادة بكل ما فيها من طاقة نوجه إلى خير المعاش والمعاد .

جـ ـ التأكد من أن لا استخلاف لنا للأرض على وجه نافع لنا فى الدنيا والآخرة ، إلا بعد اسيفاء الإيمان والعمل الصالح ، مصداقا لوعد الله سبحانه ( وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ... )

3 ـ القيام بواجب التعارف بين المسلمين فى الوطن الواحد، وفى الأوطان الإسلامية المتعددة ، تعارفا يقوم على ركائز قوية مما يلى :

أ ـ أخلاق الإسلام وآدابه فى هذا المجال .

ب ـ الأخوة فى الدين وما تتطلبه من حب وإيثار .

جـ ـ التعاون والتناصر .

د ـ التراحم والتكافل .

هـ ـ التواصى بالحق و التواصى بالصبر .

و ـ تبادل النصائح وألآراء فى كل ما يهم المسلمين .

وهذا التعارف بين المسلمين فضيلة إسلامية ، يثاب عليها من يمارسها ، ودعوة الإخوان حققت فى هذا المجال ، مما كان وسيظل مضرب الأمثال فى التعارف والحب فى الله .


4 ـ العمل على الوصول إلى التمكن من الأرض وأن يسودها شرع الله و إنما يكون ذلك بما يلى :

أ ـ الإيمان ، والعمل الصالح ، والتعارف ، والتحاب فى الله ، على مستوى الفرد والبيت والمجتمع والأمة كلها ، فإن تم ذلك فإن وعد الله متحقق كما جاء ذلك فى محكم التنزيل : ( وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ...)

ب ـ الأخذ بكل الوسائل المشروعة التى تؤدى إلى تمكين الإسلام والمسلمين فى الأرض من :

دعوة : بطريق النشر والإذاعة والصحافة والكتاب وغيرها من وسائل الدعوة .

وتربية : بطبع الناس على مبادئ الإسلام ، وتكوينهم تكوينا صالحا ، بدنيا وروحيا وعقليا .

وتوجيه : بوضع المناهج الصالحة فى كل شئون المجتمع من التربية والتعليم و القضاء والإدارة والجندية والإقتصاد والصحة العامة ، والحكم .

وعمل : يإنشاء مؤسسات اقتصادية واجتماعية ودينية وعلمية ، وبتأسيس المساجد والمدارس والمستوصفات والملاجئ إلخ ....

استخدام هذه الوسائل وغيرها للتمكين لدين الله فى أرض الله .

جـ ـ ممارسة أعمال الدولة الإسلامية ، حكومة ومجالس نيابية أو غيرها وفق منهج الله وشريعته ، وانطلاق الدولة من بعد ذلك إلى العالمية والإنسانية كلها ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)

د ـ العمل على ان تكون السيادة والريادة والهيمنة لدين الله على سائر الأديان والنظم ( وأنزلنا غليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه) . دون الإنخداع بأن الأديان الأخرى كاليهودية والنصرانية فيها أى غناء أو فائدة للمسلمين ، لأنها قد حرفت عما أنزل الله ، فضلا عن الإنخداع بالنظم والنظريات التى تسود الناس فى الغرب أو فى الشرق ، ودون تصور أن فى غير الإسلام ما يعنى عن الإسلام .

هـ ـ الإستعداد والاعداد للحكم بما انزل الله استجابة لما فرض الله على النبى صلى الله عليه وسلم و الأمة الإسلامية ( فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ...) وذلك يتطلب ما يلى :

ـ الأخذ بكل الوسائل المشروعة المؤدية إلى ذلك .

ـ إعداد الطاقات والكفاءات والخبرات التى يتطلبها الحكم بما أنزل الله ، إعدادا دقيقا هادفا على كل مستوى من مستويات التخصص المطلوبة للدولة .

ـ طرح اى بدائل للحكم بنظام وضعى ورفضها مهما كان واضعوها ، ومهما كانت منمقة ومهما كان صاحبها من الدعاية وأساليب الجذب و التشويق .

ـ تدريب الطاقات التى تعمل على ممارسة اعمال الدولة ، ــ أى تشكيل ما يشبه حكومة الظل لتأخذ من المران والخبرة ما يمكنها من ممارسة أعمال الدولة عندما تقوم هذه الدولة .

وبعد : فهذه هى اهداف التربية الإخوانية كما تفهم إجمالا من الرسائل و الوثائق الخاصة بهم ، وكما عرفت بهذا التفصيل او او قريب منه من خلال ممارستهم للعمل الإسلامى ووضعهم هذه الأهداف على قائمة العمل بل وجعلها ذات اولوية فى مراحل العمل .

غن الوثائق والرسائل ، وما كتبه الإخوان عن انفسهم ، وما كتبه غيرهم عنهم من أولياء وأعداء ، إن كل ذلك بالإضافة إلى النظر المنصف فى واقع الجماعة وممارستها للعمل ، ليؤكد ان الشعب ومراكز الجهاد والمكاتب والمناطق افدارية والقسام الفنية عندهم ، لنشر الدعوة والتربية والعمال والفلاحين والأسر ةالطلبة ، والاتصال بالعالم الإسلامى ، واتلربية البدنية والصحافة والترجمة والمهن والاخوات المسلمات ، وكذلك اللجان الأساسية كاللجنة المالية واللجنة القضائية واللجنة السياسية ولجنة الخدمات ولجنة الإفتاء ةلجنة الإحصاء . إن كل ذلك ليؤكد كذلك أن هذه الأهداف قد وضعت فى مقدمة أعمال كل شعبةوكل قسم وكل لجنة ، كما اخذت كل شعبة وكل قسم وكل لجنة من هذه الأهداف بنصيب طيب فى مجال التطبيق والتنفيذ .


وعلى وجه الإجمال فإن التربية الإخوانية تستهدف

أولاً : تحقيق أهداف التربية الإسلامية وجعلها فى مجال التنفيذ و التطبيق . وإنما كان ذلك عندهم ويكون دائما بإعداد الفرد ، جسمة وعلقه وروحه وخلقه وعلمه وعمله ، وإعداد البيت والمجتمع والأمة والدولة على هذا المستوى من الشمول والتكامل .

ثانياً : الأهداف المتغيرة للتربية عند الإخوان المسلمين

وتلك الأهداف المتغيرة كثيرة ، يجمع بينها انها تحاول مواجهة المتغيرات ، مواجهة علمية جادة ، تستهدى الدين الإسلامى ، وتصوغ منه كل أسلوب من أساليب مواجهة هذه التغيرات .

ولابد من إشارة عابرة إلى هذه التغيرات ، قبل الحديث عن أهداف التربية عند الإخوان المسلمين ، لمواجهة هذه التغيرات .


المتغيرات : رصدها ومواجهتها :

سنة الله فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا ، ان يتغير الإنسان من حال إلى حال ، وأن تتغيرالحياة من حوله تبعاً لما أحدثه هو من تغيير ، والقانون العام لذلك هو قول الله تعالى : ( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )

فالله سبحانه لا يغير ما بقوم من سعادة أو شقاء أو من عزة أو ذلة أو من خير أو شر ، إلا أن يغير من مشاعرهم ، وأقوالهم أعمالهم ، وما يحيط بحياتهم من ظروف وملابسات ، عندئذ يغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نياتهم وأقوالهم وأعمالهم ، فالله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون ولكن ما يحدثه بهم يرتبه على ما يكون منهم .

وتلك حكمة إلهية ، وسنة ربانية ، ألا تجرى سنة ألله فى التغيير على الناس ، إلا بعد أن يغير الناس ما بأنفسهم ، إن خيرا فإلى الخير وإن شرا فإلى الشر .

ولا بد لنا من التساؤل عن هذه المتغيرات التى يحدثها الناس بأنفسهم وبظروف حياتهم ، ونتعرف على شعبها ومجالاتها فنذكر منها ما يلى :

أ - المتغيرالت فى الفكر والثقافة .

ب - والمتغيرات فى النظريات والنظم الاجتماعية والسياسية .

جـ - والمتغيرات فى السياسة والاقتصاد.

د - والمتغيرات فى وسائل الحياة وأساليبها وعاداتها .

هـ - والمتغيرات فى النظر إلى الكون والحياة والأحياء .

وكل هذه المتغيرات ، وسواها مما ينبع من ذات الإنسان ، وما يحيط به من ظروف الزمان والمكان ، أو مما يفد على الإنسان من الحضارات والثقافات سواء منها ، ما كان نافعا أو ضارا ، كل هذه المتغيرات أحاطت بالمجتمعات الإسلامية ، وغيرت فيها كثيرا مما ينفعها ، إن كان غير معارض للإسلام ،أو يضرها مما كان محتلفا فى قليل أو كثير عما جاء به الإسلام من أخلاق واداب ، فضلا عن اختلاف هذه المتغيرات أحيانا مع العقيدة والشريعة. والدعوة والحركة والمنهج والنظام . هذه المتغيرات المختلفة مع الإسلام الغازية للمسلمين فى أفكارهم وأقطارهم ، تشهدف فى تصورى واحدا من الأمور التالية :

الأول : إلهاء المسلمين عن منهجهم ونظامهم الذى شرعه الله لهم بمناهج ونظم وافدة حاقدة على الإسلام والمسلمين .

الثانى : تشويه شرجع الله لعباده بكيل التهم جزافا إلى نظمه وادابه ، ورميه - باطلا – بالمحلية والمرحلية مع أن عالميته ليست محلا لتنازع بين العقلاء حتى من غير المسلمين .

الثالث : ملء فراغ المسلمين - والأصل أن المسلم ليس عنده فراغ - بكل هابط شائن من القصص والمسرحيات ، وما تفرزه وسائل الإعلام الموجهة من اليهودية والصليبية ، من أقوال وأعمال تباعد بين المسلمين وما يجب أن يكونوا عليه من تمسك بدينهم والتزام بخلقه وسلوكه .

هذه المتغيرات عقبات على الطريق تحول بين المسلمين ودينهم . ولجماعة الإخوان المسلمين موقف تربوى من هذه المتغيرات مارسته الجماعة على مختلف مراحل عملها ، ويمكن أن نشير إلى هذا الموقف فيما يلى :

أ - رصد هذه المتغيرات فى مجالاتها المتعددة رصدا دقيقا ، لا يغادر منها ظاهرا أو مستترا إلا كشف عنه القناع وجرده من لثام الخداع ، ليرى المسلمون أنفسهم إزاء هذه المتغيرات الحاقدة ، فيتخذوا الحيطة والحذر فى الانخداع بها فضلا عن انبهار بعض المسلمين بزخارفها وبهارجها .

2 - تنوير أذهان المسلمين ، وإقناعهم بأن ما شرع الله لهم ، فيه خيرمعاشهم ومعادهم ، وفى غيره شر يحدق بهم فى الحاضر، ويطبق عليهم فى المستقبل ، ولا منجى لهم إلا بالتسمك بشرع الله ونظامه .

3 - وصف العلاج لمواجهة هذه المتغيرات مواجهة نابعة من الإسلام فكرا وصياغة ، وتاابعة لسنة المعصوم - T- ومستهدية بسيرته الطاهرة .

كان ذلك شأن الجماعة فى تربية أفرادها ، بل وفى توجيه عامة الناس لمواجهة هذه المتغيرات المستمرة فى حياة الناس ، وعلى نحو من التفصيل فإن الجماعة رصدت هذه المتغيرات فى محالاتها المتعددة على النحو التالى :


أ - المتغرات فى الفكر والثقافة :

وقد شمل ذلك ما يلى :

مفهوم الخرافة والدجل :

وما يستتبعه ذلك من خضوع للقوى الخفية وعانم المجهول ، وما يعج به من سحر وتنجيم ومخاطبة أرواح وقراءة كف وتنويم وما إلى ذلك ، مما يترتب عليه إلغاء العقل ، وإهمال المنطق ، وتخريب الخلق والسلوك ، فضلا عن تشويه العقيدة ، بل إفسادها ، بالإعتقاد فى أن النافع أو الضار شىء من هذه ألأشياء ، إن ذلك ليدمر إنسانية الإنسان ، ويخرب على المسلم عقيدته ، ويفصله عن شريعته .

مفهوم الإلحاد والمادية :

والتكر لكل ما هو إيمانى روحانى، يغذى إنسانية الإنسان ومعنوياته ، وهذا الإلحاد وتلك المادية من شأنهما ، إنكار الخالق والملائكة والجن والبعث والجنة والنار والحساب والميزان ، لأن كل ذلك عندهم غير معترف به ، ما دام لا يدرك بالحواس ، وما دام غير عادى ، ولقد وقفت تربية الإخون المسلمين لهذا التيار بالمرصاد ، تفضحه وتصده وتحول بينه وبين أن يجرف الغافلين من المسلمين ، وكان لها فى هذا المجال جولات وصولات .

مفهوم القوميات :

وقد قام هذا المفهوم لتكون القوميات بديلا عن الإسلام وكان شعار بعض نصارى الشام قد أغراه تألب دول أوربا والغرب كله على دولة الخلافة الإسلامية فى تركيا ، فأخذ هؤلاء الناس ينادون بقومية عربية تحل محل الإسلامية ، وأخذوا يصفون نظام الحكم العثمانى ، بأنه استعمار للعالم العربى . وهم فى هذا كله لا يصدرون - كا نحسب - عن حب للعروبة بقدر ما تحركهم الصليبية الكامنة فيهم ، والحقد على الإسلام والمسلمين.

وكما ابتدع نصارى الشام التنادى بالقومية العربية ، لحق بهم فى مصر من تنادى بالفرعونية ، وفى سوريا من دعا إلى الفينيقية ، وفى العراق إلى الأشورية ، وفى المغرب العربى إلى البربرية ، بل وفى تركيا نفسها الى الطورانية ، كل ذلك لا تحركه غيرة قومية ، بمقدار ما يحركه حقد على الإسلام ، ورغبة فى تمزيق وحدة العالم الإسلامى ، وتحويله إلى أمم ، والأصل فيه أن يكون أمة واحدة .

وللإخوان فى ذلك رأى واتجاه إسلامى صحيح عبر عنه مؤسس الجماعة فى كلمات منها : " وأحب أن أنبه إلى أن الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة كما عرفها النبى T فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضى الله عنه : " ألا إن العربية اللسان ، ألا إن العربية اللسان ) (ا) . ومن هنا كانت وحدة ا العرب أمرا لابلا منه لإعادة مجد الإسلام ، وإقامة دولته ، وإعزإز سلطانه ، ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية ، تأييدها ومناصرتها ، وهذا هو موقف الإخوان المسلمين من الوحدة العربية " (2) .

" بقى علينا أن نحدد موقفنا من الوحدة الإسلامية ، والحق أن الإسلام كما هو عقيدة وأنه قضى على الفوارق النسية بين الناس ، فالله تبارك وتعالى يقول :

( إنما المؤمنون إخوة ) (3) والنبى T يقول : " المسلم أخو المسلم " و " المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم " . فالإسلام والحالة هذه ، لا يعترف بالحدود الجغرافية ، ولا يعتبر بالفوارق الجنسية الدموية ، ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة ، ويعتبر الوطن الإسلامى وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده " (4)

ثم يقول : (( والعالم الآن تجرفه موجة القوميات الجنسية ؤللك لغة الضعف والاستكانة ، فقد كانت هذه الأمم. مفرقة من قبل متخالفة فى كل شىء ، فى الدين واللغة والمشاعر والآمال ولآالام ، فوحدها الإسلام وجمع قلوبها على كلمة سواء"(1)

" والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها فى رأس مناهجهم ، وهم مع هذا يعتقدون أن ذلك يحتاج إلى كثير من التمهيدات التى لابد منها ، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد أن تسبقها خطوات ، لابد من تعاون تام ثقافى واجتماعى واقتصادى بين الشعوب الإسلامية كلها ، يلى ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد " (2) .

مفهوم الفلسفات الهدامة :

لابد أن يكون لجماعة الإخوان موقف من هذه الفلسفات قديمها ووسيطها وحديثها ، موقف نابع من الشريعة الإسلامية ومؤيد بوحى الله سبحانه وتعالى . . . وقد كان ؛ فإن الفلسفات على اختلاف رجالها من :

أ- مثاليين : يردون كل شىء إلى العقل .

ب - وماديين : يردون كل شىء إلى المادة والحركة

جـ - وثنائيين : يردون كل شىء إلى العقل والمادة معا .

وسواء أكانت الفلسفة الشرقية القديمة ، التى برز من رجالها زارادشت وكونفوشيوس . أو اليونانية التى اهتمت بالأخلاق الإنسانية ، وبرز من رجالها سقراط وأفلاطون وأرسطو . أوالفلسفة الوسيطة التى تؤيد الدين بالعقل والتى برز من رجالها أوغسطين وتوما الإكوينى وبرز من رجالها المسلمين الفارابى وابن سينا وابن رشد . أو الفلسفة الحديثة التى تساير العلوم وتحللها والتى برز من رجالها : ديكارت وبيكون وهيوم وكانت وهيجل ورسل وغيرهم.

إن هذه الفلسفات جميعا لم تهتد بالوحى ولم ترد إليه نظام الحياة والأحياء ، حتى المسلمون من هؤلاء الفلاسفة لبس عليهم فأرادوا تأييد الوحى بالعقل ، كأن الدين الذى جاء من عند الله فى حاجة إلى أن تؤيده عقول الناس .

لقد كان حسب هؤلاء المسلمين من الفلاسفة أن يوضحوا أن الدين لا يتعارض مع النقل - كما فعل ابن تيمية فى.مؤلفه الضخم " درء تعارض العقل مع النقل " والقصد من النقل هو الوحى . وسواء تسمت هذه الفلسفات فى عصرنا هذا أو قبله بالوجودية أو العدمية أو الجدلية أو الفوضوية أو الماكيافيلية أو غيرها من التسميات

فإن الإسلام الحنيف ، فى غنى مطلق عن أن يسنده أو يويده عقل واحد من الناس ، أو جماعة منهم ، فحسبه أن الله سبحانه أودعه كتابه الذى وصفه بقوله : ( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ) وبقوله : ( ونزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) .

حسبه ذلك تماما . وكيف نرقع ما صنع الله بما صنعت عقول الناس ؟ ! ! .

وفى مواجهة هذة الموجة الفلسفية الهدامة وأمثالها يقول الإمام حسن البنا : " ما مهمتنا إذن نحن الإخوان المسلمين ؟ أما إجمالا : فهى أن نقف فى وجه هذه الموجة الطاغية ، من مدنية المادة وحضارة المتع والشهوات التى حرفت الشعوب الإسلامية ، فأبعدتها عن زعامة النبى T وهداية القران ، وحرمت العالم من أنوار هديها ، وأخرت تقدمه مئات السنين ، حتى تنحسر عن أرضنا ويبرأ من بلائها قومنا ، ولسنا واقفين عند هذا الحد بل سنلاحقها فى أرضها وسنغزوها فى عقر دارها ، حتى يهتف العالم كله باسم النبى T ، وتوقن الدنيا كلها بتعاليم القران ، وينتشر ظل الإسلام الوارف على الأرض ، وحينئذ يتحقق للمسلم ما ينشده ، فلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ( لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) .


ب - المتغراث فى النظريات والنظم الاجتماعية والسياسية :

النظرية هى : مجموعة الأفكار أو القوانين التى يتفق عليها عدد من الناس ، أو واحد منهم لتفسير شىء أو وضع نظام سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى أو غيره.

وقد وفدت علينا متغيرات فى هذا المجال كثيرة نذكر منها :

الديموقراطية : " وهى مذهب سياس معناه حكومة الشعب ، وتتسع بمدلولها العام لكل مذهب سياس يعتبر إرادة الشعب مصدرا لسلطة الحكام ، كما تشمل كل نظام سياسى ، يقوم على حكم الشعب لنفسه ، باختياره الحر لحكامه ،- وبخاصة القائمين منهم بالتشريع ، ثم برقابتهم بعد اختيارهم . .

ولما كان إجماع الشعب مستحيلا ، وبخاصة فى أمور السياسة والحكم فإن حكومة الشعب قد أصبحت تعنى حكومة الأغلبية كنظام متميز عن نظام حكم الفرد ونظام حكومة الأقلية " .

وسواء أكانت الديموقراطية تقليدية غربية تقوم - كما يقولون - على مبدأى سيادة الشعب وكفالة الحريات الفردية سياسيا واقتصاديا ، أو كانت ديموقراطية شعبية - فى المعسكر الشرقى - تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية قبل تحقيق الحرية والمساواة السياسية ، وتركز السلطة في يد الهيئات الحاكمة ، وتهيمن على كل الأنشطة الاجتماعية ، والاقتصادية ، ولا تعترف بحرية الفرد فى مجاليه السياسى والاقتصادى - كما يزعمون أيضا .

وسواء أكانت ديموقراطية مباشرة - وهى شبه مستحيلة- أو غير مباشر تضمن للشعب حق الاقتراع وحق الاستفتاء وحق الاعتراض ، فإن كل تلك الأنواع من الديموقراطية أثبتت فشلها عمليا في الغرب والشرق معا ، وهى بذلك وعلى أى نحو من الأنحاء لا تصلح بديلا للحكم الإسلامى وفق شرع الله ومنهجه .

ولالإخوان المسلمين فى ذلك رأى سنتحدث عنه بعد عرض المذاهب الأخرى .

الشيوعية : وهى مصطلح يصعب تحديد معناه ولكنه فى واقعه - يعنى نظاما اجتماعيا تكون فيه الملكية ، وخاصه الأرض ووسائل الإنتاج في يد المجتمع بأكمله وهى بهذا المعنى قديمة ممعنة فى القدم ، ولكن الشيوعية الحديثة اتضحت أبعادها فى بيان " كارل ماركس " " وفردرخ إنجلز " عام 1848 م ، واتخذت شكلا متطرفا دمويا على يد " لينين " الذى قضى على نظام القياصرة عام 1917 ثم فى ثورة بلشفية دامية ، ودعا العمال إلى أن يتحدوا ؟ ليسفر ذلك عن ديكتاتورية عمالية ، ودولة عالمية اشتراكية لا طبقات فيها ولا ملكية خاصة ، وعند موت " لينين " 1924 م تنازع " ستالين " و " ترتسكى " السلطة ، فتغلب ستالين واغتال " ترتسكى " رفيق الكفاح عام 1940 م .

وإن نظرة عجلى إلى هذا المذهب السياسى ، لتدل على تناقضه مع أبسط حقوق الإنسان وأهمها ، وهى الحرية والملكية الخاصة ، وإن الشيوعية الآن بعد سبعين عاما تتراجع عن كثير من مبادئها وأنظمتها ، معترفة فى هذا التراجع بفشلها ، وأنها غير إنسانية النزعة فى نظمها .

الاشتراكية : مذهب اقصادى وسياسى يقوم على معارضة " النظام الرأسمالى " المعتمد على الملكية الفردية والمشروع الخاص والحرية الاقتصادية وإقرار الفوارق بين الطبقات " وكان للاشتراكية المعارضة للنظام الرأسمالى أنصار ، ظهروا فى أعقاب الثورة الصناعية ، وما أدت إليه هذه الثورة من ظهور الفوارق الطبقية وتكدس رأس المال، ولكن هؤلاء الأنصار لايربط بينهم إلا كراهية النظام الرأسمالى ، فمنهم من يلجأ إلى التعاونية ومنهم من يلجأ إلى إلغاء الإرث أو إلغاء النقود والربح ، ومنهم منيلجأ الى إلغاء الملكية الفردية إطلاقا ، ومن أبرزهم :

" سان سيمون " و " لويس بلان " و " روبرت أوين ا، و " برردون " و" لاسال " و " فورييه " .

ولكن ظهور " كارل ماركس " عرضهم جميعا لسخطه والزراية بهم ، وسماهم اشتراكيين خياليين ، إذ جعلوا من اشتراكيتهم دعوة تعرض على الناس قبلوها أو رفضوها ، ودعا هو إلى أن الاشتراكية مرحلة محتومة تؤول إليها الرأسمالية بناء على تنازع الطبقات الحتمى كذلك وسمى اشتراكيته ، اشتراكية علمية أو ماركسية

ثم ظهرت الاشتراكية التطورية أو الديمقراطية فى إنجلترا فى الجمعية الفابية على يد " سدفى " و " بياترس " و " جورج برناردشو " ، رافضة فكرة تنازع الطبقات ، والاستيلاء على الحكم بالقوة ، ونادت بتأميم الصناعات .

ثم ظهرت الاشتراكية النقابية ، وهى ترفض أن تحل الدولة محل الأفراد فى ألملكية ، وترى أن تؤول ملكيات المصانع والمشروعات إلى العمال ممثلين فى نقاباتهم ، ومن قادتها : "كول " فى إنجلترا " وسوديل " فى فرنسا - مع خلاف بينهما-.

ثم ظهرت الاشتراكية المسيحية واستمدت مبادئها من آباء الكنيسة ، وعلقت أهمية على إنسانية العمل وعدالة التوزيع ، ومن قادتها " فردريك موريس " و " تشارلى كنجزلى".

الدكتاتورية : وهى الحكم المطلق أو الأؤتوقراطى ، وهو مذهب سياسى يقوم على الحصول على ثقة بعض الفئات ، ليصلوا بذلك إلى الحكم ، ويستولوا على مقاليده ، ثم يقيموا الدكتاتوريات ، ويعتمدون على حزب رسمى ، وشرطة سرية ، ودعاية شديدة . وقد مارس كثير من الحكام هذا الأسلوب الدكتاتورى وإن زعموا سواه ، وفى روسيا نشأت فى ظل الحزب الشيوعى دكتاتورية حزبية ذات عناصر كبيرة من الدكتاتورية الفردية .

أما رأى جماعة الإخوان فى هذه النظريات والنظم الاجتماعية فقد عبر عنه الإمام " البنا " فى قوله : " إن مدنية الغرب التى زهـ ت بجمالها العلمى حينا من الدهر وأخضعت العالم كله بنتائج هذا العلم لدوله وأممه ، تفلس الان وتندحر وتندك أصولها وتهدم نظمها وقواعدها ، فهذه أصولها السياسية تقوضها الدكتاتوريات ، وأصولها الاقتصادية تجتاحها الأزمات ، ويشهد ضدها ملايين البائسين من العاطلين والجائعين ، وأصولها الاجتماعية تقضى عليها المبادىء الشاذة والثورات المندلعة فى كل مكان .

وقد حار القوم فى علاج شأنها وضلوا السبيل ، مؤتمراتهم تفشل ، ومعاهداتهم تخرق ، ومواثيقهم تمزق ، وعصبة أممهم شبح لا روح فيه ولا نفوذ له ، ويد العظيم فيهم توقع مع غيره ميثاق السلام والطمأنينة فى ناحية ، بينما تلطمه اليد الثانية من ناحية أخرى أقسى اللطمات .

وهكذا أصبح العالم بفضل هذه السياسات الجائرة الطامعة كسفينة فى وسط اليم حار ربانها وهبت عليها العواصف من كل مكان .

الإنسانية كلها معذبة شقية قلقة مضطربة ، وقد اكتوت بنيران المطامع والمادة ، فهى فى أشد الحاجة إلى عذب من سؤر الإسلام الحنيف ، يغسل عنها أوضا الشقاء ويأخذ بها إلى السعادة .

لقد كانت قيادة الدنيا فى وقت ما شرقية بحتة ، ثم صارت بعد ظهور اليونان والرومان غربية ، ثم نقلتها النبوات الموسوية والعيسوية والمحمدية إلى الشرق مرة ثانية . ثم غفا الشرق غفوته الكبرى ونهض الغرب نهضته الحديثة ، فكانت سنة الله التى لا تتخلف ، وورث الغرب القيادة العالمية ، وها. هو ذا الغرب يظلم ويجور ويطغى ويحار ويتخبط ، فلم يبق إلا أن تمتد يد " شرقية " قوية يظللها لواء الله ، وتخفق على رأسها راية القران ، ويمدها جند الإيمان القوى المتين ، فإذا بالدنيا مسلمة هانئة ، وإذا بالعوالم كلها هاتفة ( الحمد لله الذي هدائا لهذا وماكنا لنهتدى لولا أن هدانا الله ) ليس ذلك من الخيال فى شىء ، بل هو حكيم التاريخ الصادق إن لم يتحقق بنا ( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)

بيد أننا نحرص على أن نكون ممن يحوزون هذه الفضيلة ، ويكتبون فى ديوان هذا الشرف ( وربك يخلق ما يشاء ويختاز ) .

هكذا يواجه الإخوان المسلمون المتغيرات فى النظريات والنظم الاجتماعية والسياسية .


جـ - المتغيرات فى السياسة والاقتصاد :

إن أبرز المتغيرات السياسية بالنسبة للعالم الإسلامى ، هى ما توجهه إليه الصهيونية والصليبية الاستعمار والغزو الفكرى والثقافى من ضربات ، وإن التعرف على هذه التيارات السياسية ورصد ما تقوم به من أهم ما يوجه له الإخوان العناية كل العناية ، وهم يمارسون التربية الإسلامية للناس فى مجال هذه المتغيرات . كما أن من أبرز المتغيرات الاقتصادية ، ما أدخل على العالم الإسلامى من استغلال الأجانب لخيرات بلادنا ، وإدخالنا فى مجال الديون ، المتفاقمة الفوائد ، وشيوع الربا والتبعية الاقتصادية لدول الغرب أو الشرق ، وجرنا إلى حروب تتطلب أسلحة تستنزف إمكاناتنا ومقدراتنا ، وشيوع الكسب الخبيث والإثراء الفاحش ؛ وفى كل ذلك نجد لجماعة الإخوان المسلمين موقفا من هذه المتغيرات ، موقفا تربى أبناءها عارفين وقادرين على مواجهة هذه المتغيرات .

أما الصهيونية : فهى حركة سياسية استهدفت أن تقيم دولة لإسرائيل على غرار الدولة اليهودية القديمة التى قضت عليها روما . ولقد تزعم الحركة الصهيونية أو اليهودية " تيودور هرتزل " وعقد لذلك مؤتمرا فئ بال بسويسرا عام 1897 م ، قرر فيه تكوين منظمات صهيونية فى البلاد التى يوجد فيها عدد كاف من اليهود . وقدتطلعت اليهودية أو الصهيونية إلى وطن لهم فى فلسطين ، وجاء وعد " بلفور " وزير خارجية إنجلترا عام 1917 محققا لهم هذه الأمنية . وبدأ يهود العالم يهاجرون إلى فلسطين من عام 1923 م ، ولما كانت فلسطين فى ظل الانتداب البزيطانى زادت الهجرة ، ثم أوقفت فى الظاهر سنة1945 م بعد أن أصبح عدد اليهود فيها خطرا على العرب ، ثم قامت الحرب بين اليهود والعرب سنة 1948 م وتفاقمت المشكلة على النحو المعروف . وقد واجهت جماعة الإخوان المسلمين الصهاينة عا م 1948 م ، وأبلى المجاهدون الإخوان بلاء حسنا شهد به القاصى والدانى ، فكان ذلك درسا عمليا لمواجهة هذا التغير السياسى .

وأما الاستعمار : بمعنى سيطرة شعب على خيرات شعب اخر ، فقد عافى منه العالم الإسلامى معاناة بالغة ، بخا صة بعد تألبت دول الغرب والشرق على القضاء على دولة الخلافة ، فأصبح العالم الإسلامى كله تقريبا مستعمرا من أعدائه من غرب وشرق ، ولقد كان للاستعمار فى العالم الإسلامى من أسوأ الاثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ما كان ، وأصبح هذا المتغير من أخطر المتغيرات وأضرها وافتكها بالعالم الإسلامى .

ولقد كان لجماعة الإخوان المسلمين جهد تربوى هائل فى تنوير أذهان المسلمين وتبصيرهم بعدوهم . يقول فى ذلك الإمام حسن البنا : " أريد أن أستخلص من هذا كله ، أن الوطن الإسلامى واحد لا يتجزء ، وأن العدوان على جزء من أجزإئه عدوان عليه كله ، هذه واحدة .

والثانية : أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة فى ديارهم ، سادة فى أوطانهم ، بل ليس ذلك فحسب ، بل إن عليهم أن يحملوا غيرهم على الدخول فى دعوتهم ، والاهتداء بأنوار الإسلام التىإهتدوا بها من قبل .

ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدى على أوطان المسلمين ، دولة ظالمة لابد أن تكف عدوانها ، ولابد أن يعد المسلمون أنفسعهم ويعملوا متساندين على التخلص من نيرها .

ثم جاء حديثه ضافيا عن إنجلترا وفرنسا وإيطاليا، وما قامت به كل واحدة منه من عدوان على أوطان إسلامية فى مصر والسودان والشام والمغرب العربى وليبيا وغيرها . . ثم ختم حديثه بقوله : وهذا الكلام يدمى القلوب ويفتت الأكباد ، وحسبى هذه الفواجع فى هذا البيان ، فتلك سلسلة لا آخر لها ، وأنتم تعرفون هذا ولكن عليكم أن تبينوه للناس ، وأن تعلموهم أن الإسلام لايرض من أبنائه بأ قل من الحرية والاستقلال ، فضلا عن السيادة وإعلان الجهاد ، ولو كلفهم ذلك الدم والمال ، فالموت خير من هذه الحياة ، حياة العبودية والرق والاستذلال ، وأنتم إن فعلتم ذلك وصدقتم الله العزيمة فلابد من إلنصر إن شاء الله ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز )

وأما الغزو الفكرى والثقافي : فقد أخذ فنونا وأشكالا عديدة ، منها : أن تظل بعض الدول الصغيرة خاضعة لنفوذ إحدى الدول الكبرى ، خضوعا سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا ، سواء أكان هذا الخضوع منظورا محسا أو غير منظور ، فيحول ذلك بين الدولة الصغيرة والتقدم واتخاذ القرار المناسب . ومنها : أن تتبنى إحدى الدول الصغيرة معتقدات دولة كبيرة وأفكارها وأخلاقها وقيمها ، فتمسخ بنفسها شخصيتها وقوميتها وحاضرها ومستقبلها .

ومنها : أن تتخذ أمة صغيرة مناهج التربية لأمة كبيرة ، فتجعلها معتمدا تستند عليه تربيتم لا لأبنائها ، فينشأ الأبناء مشوهى الفكر والشخصية والانتماء .

ومنها : أن تحول أمة كبيرة غازية بأساليبها المختلفة فيه ، أمة صغيرة وتاريخها وسيرة الصالحين المصلحين من أبنائها ، لتحل محل ذلك تاريخ هذه الأمة الكبيرة وسير رجالها ، فتقضى بذلك على تراثها وعلى تواصل الأجيال من الصالحين المصلحين فى كل زمان .

ومنها : تلك الحملات المس عورة ، التى تشنها بعض الدول الكبرى ، المعادية

للإسلام ، على القران الكريم والحديث الشريف والسيرة النبوية ، لتحول بين المسلمين وكتابهم ومنهجهم وقدوتهم ، فتتلقفهم المناهج الفاسدة والنظم الخبيثة الغازية .

ومنها : ما وجه للغة القرآن " اللغة العربية " من حملات ضارية ، تستهدف مزاحمتها بلغات أخرى ، أو أن تحل محلها عاميات محرفة ، فيؤدى ذلك إلى مسخ فكر الأمة-لأن الفكر لا يمارس إلا باللغة - ثم مسخ شخصيتها وكيانها لترتمى خاضعة ذليلة فى فكر أمة أخرى وأدبها لا وثقافتها .

ومنها : تبديل عادات الأمة واخلاقها آدابها ، وهذا التبديل لابد أن يكون إلى الأسوأ لأن الأمة الإسلامية صاحبة عادات وأخلاق واداب جاء بها الوحى الشريف ، فيكون فى ذلك الضياع كل الضياع . ولقد كان لجماعة الإخوان موقف من هذا الغزو الفكرى منذ زمن بعيد فى نشأة الجماعة ، فقد تركزت الأهداف العامة التى اتضح منها منهج الجماعة السياسى فى نقطتين :

1- أن يتحرر الوطن الإسلامى من كل سلطان أجنبى ، وذلك حق طبيعى لكل إنسان لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر .

2- أن تقوم فى هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة ، تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعى ، وتعلن مبادئه القويمة تبلغ دعوته الحكيمة للناس ، ومالم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعا اثمون بين يدى الله العلى الكبير عن تقصيرهم فى إقامتها وقعودهم عن إيجادها ، ومن العقوق للإنسانية فى هذه الظروف الجائرة أن تقوم فيها دولة تهتف بالمبادىء الظالمة ، تنادى بالدعوات الغاشمة ولا يكون فى الناس من يعمل لدولة الحق والعدالة والسلام .

نريد تحقيق هذين الهدفين فى وادى النيل ، وفى بلاد العروبة وفى اى أرض أسعدها الله بعقيدة الإسلام : دين وجنسية وعقيدة توحد بين جميع الناس . وواضح من النقطة الأولى موقف الإخوان المسلمين من ضرورة تحرر الوطن الإسلامى من كل سلطان أجنبى- سواء أكان هذا السلطان ظاهرا كالغزو ا لعسكرى ، او مستترا كالغزو الفكرى والثقافى .

وأما الاقتصاد والمتغيرات التى جلبها إلى العالم الإسلامى ، ابتداء من استغلال خيرات الوطن الإسلامى ، والربا وإغراقه فى الديون والمشكلات ، وتعويق الصناعة والإنتاج فيه ليظل عالة على الغرب أو الشرق ، وما أفرزته المتغيرات الاقتصادية من فقر ومرض وجهل ، فقد واجه الإخوان هذه المتغيرات مواجهة عملية تجلت فى تيارين كبيرين :

ـ تيار التوعية .

- وتهيار العمل والتنفيذ .

ـ أما التوعية فإن الإخوان فى مقالاتهم وبحوثهم ورسائلهم رفضوا الأنظمة الاقتصادية الوافدة من الشرق أو من الغرب ، وكتبوا ما شاء الله لهم فى محاربة الربا وسوء توزيع الثروة والملكية الفردية والإقطاع والاستبداد الرأسمالى .

وأما العمل والتنفيذ ، فقد أسست الجماعة سبع شركات اقتصادية من مساهمات أعضائها وهذه الشركات هى :

شركة المعاملات الإسلامية .

الشركة العربية للمناجم والمحاجر .

شركة الإخوان المسلمين للغزل والنسيج .

شركة المطبعة الإسلامية .

شركة التجارة والأشغال الهندسية بالإسكندرية .

شركة التوكيلات التجارية .

شركة الإعلانات العربية.

فضلا عن كثير من المحلات التجارية التى كانت تؤسسها بعض شعب الإخوان بمساهمة أعضاء الشعبة ، وتوزيع الأرباح مناصفة بين المساهمين وبين الجماعة نفسها.


د - المتغرات فى وسائل الحياة وأساليبها وعاداتها :

هذا الجانب من المتغيرات مترامى الأبعاد ، وهو فى الوقت نفسه أكثر الجوانب المتغيرة استهواء لقصار النظر من الناس ، ذلك أن وسائل الحياة وأساليبها وعاداتها ليست لصيقة بمشاعر الناس وعواطفهم مثل العقيدة والمبدأ ، فإن تغيير إنسان من عقيدة إلى أخرى أومن مبدأ إلى غيره ،من أشق الأمور وأصعب المهمات وأكثرها حاجة إلى وقت طويل ، مع احتمال الفشل فى الوصول إلى ذلك على الرغم من توفر كل هذه الظروف .

أما تغيير وسيلة من وسائل حياة الناس اليومية أو أسلوب من أساليب تناولهم لأمورهم أو عادة من عاداتهم فذلك أيسر ومتطلباته أقل وزمان التغيير فيه أسرع . تلك كلمة لابد منها قبل أن نتحدث عن هذه المتغيرات وموقف التربية الإخوانية منها .

ونستطيع أن نشير إلى أبرز هذه المتغيرات فى تيارين كبيربن :

أحدما : التغريب وما أفرزه فى حياة الناس اليومية من وسائل وعادات تباعد بينم وبين دينهم نظامه . والثانى : التبشير " التنصير " وما حمله فى طياته من حقد على الإسلام والمسلمين بجعلهم فى دهاء ومكر واقعين فى دائرة خضوع واستسلام وتبعية غير منظورة للفكر الصليبى ومعطياته ، وجعل بعضهم من الغافلين المحتاجين يستبدلون الذى هو أدنى " النصرانية " بالذى هو خير " الإسلام " .

أما التغريب ومعطياته :

فيعنى أن تتحول عادات الناس ووسائل تناولهم لحياتهم اليومية . إلى مثل ما عليه أهل الغرب من عادات ، وأنماط سلوك لا تنبع من الدين ولا تمت لآداب الأديان عموما بصلة ، فالمرأة هناك فى سفور أو - عرى لا يستحى منه ، وفى خلاعة وممارسة للجنس بغير زواج لا يعاب عليه ولا يلقى استنكارا أو استهجانا ، والرجل هناك يعبد الدينار والدرهم أو الدولار والإسترلينى ، ولا هم له إلا الحصول على هذا المعبود أيا كانت وسيلة الحصول عليه سواء أكانت الربا أو الغش أو التدليس أو الغصب أو السرقة أو بيع السموم أو الاتجار فى الأوهام ، فضلا عن أن هذا الرجل لا يعرف استقرارا فى ظل أسرة ولا عفة فى حياة زوجية ولا قيدا على شهواته ومطامعه ، وليس فى هذا شىء من التجنى ، وإنما ذلك واقع شاهدته بنفسى ورأيته بعينى وكل من أراد أن يطلع على ذلك ما أعجزته الوسائل ولا حالت بينه وبين ما يريد الحوائل؛ فالمجتمعات هناك مفتوحة أو مفضوحة ، والمجالس التشريعية لهم تبيح لهم ما هو أبعد من ذلك وأنكى مما يستحى من ذكره والإشارة إليه بأكثر من ذلك .

هل هذه الموبقات فى الغرب " أوربا وأمريكا " يراد دائما أن يستمر تصديرها إلى العالم الإسلامى وإلى قلب هذا العالم الإسلامى " مصر " بحكم وضعها

" الإستراتيجى " و بحكم أن فيها لا قلعة صيانة علوم الشريعة الإسلامية وعلوم اللغة العربية لغة الدين الإسلامى " الأزهر " ؟ ! ! حرسه الله من كيد الكائدين وأهواء المنحرفين ، ووفق رجاله إلى القيام بواجبهم الإسلامى على نحو أحسن وأجدى .


قضية المرأة :

ولقد كانت وما تزال كبرى قضايا التغريب وأفتك افاته بالمجتمعات الإسلامية هى المرأة - مربية الأجيال وصانعة الرجال من المسلمين - ما دامت مؤمنة مسلمة ذات دين ، تعرف واجبها أما وزوجا وأختا وبنتا من خلال ما أوضح لها دينها كل هذه الوظائف .

وإن قضية المرأة فى مصر مرت بظروف ومراحل ، حيث بدأت بقضية الحجاب والسفور ، ثم دخلت فى قضية تعليم المرأة واختلاطها بالشباب فى معاهد العلم ، ثم فى حقوقها السياسية وولايتها على الرجل فى بعض الأحيان .

وأول من دعا إلى ذلك قاسم أمين - الغربى الثقافة والفكر - فى كتابيه " تحرير المرأة " 1899 م " والمرأة الجديدة " 1901 م وقد ناقش مسائل كتابه الأول كالسفور والتعليم وغيرها من زاوية تأثره الشديد بالحضارة الغربية ، وأما فى كتابه الثانى فكان أكثر صراحه ، إذ دعا فيه للأخذ بأسباب هذه الحضارة الغربية وأساليبها ، وأشاد بما وصلت إليه المرأة ألأوربية وما حصلت عليه من حقوق ، ولقد أثار كتاباه ضجة مالأه فيها من كانوا على مثل حظه من الانخداع عن دينهم بالحضارة الغربية ، وقاومه من كانوا معتزين بدينهم وما يوجبه هذا الدين على المرأة من أخلاق وآداب . حتى لقد عارضه مصطفى كامل زعيم الحزب الوطنى آنذاك ، وعارضه العتاب الإسلاميون أمثال مصطفى صادق الرافعى . وكان لجماعة " الإخوان المسلمون " موقع علمى عملى معا ، فقد عارضت ذلك الانحلال والسفور والاختلاط بالرجال فى معاهد التعليم ، فى كثير من مقالات كتابها وعلى رأسهم الإمام حسن البنا فى مجلتهم وجريدتهم وكل وسيلة إعلام ، استطاعوا أن يذكروا فيها آراءهم .

ولقد تناولت كتاباتهم تلك ، مقاومة السفور والمطالبة بتعليم المرأة ، ولكن من غير اختلاط بالرجال ، كما نادوا بضرورة الاعتناء بتهذيبها تأديبها وفق آداب الإسلام ، ونادوا بتعديل المناهج الخاصة بتعليم البنات كما طالبوا بأن تخصص لها أماكن فى وسائل المواصلات .

كما خصصت صحف الإخوان بابأ ثابتا بعنوان " البيت المسلم " ركزت فيه على حقوق المرأة فى الإسلام ، وكيف صانها وهذبها وأعطاها من المكانة فى الدين ما هى أهل له ، ونادت بأن هذا التيار الجديد الداعى إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال لتكون مثل المرأة الأوربية فيعود بها إلى عصور الجاهلية الجهلاء يوم كانت المرأة مهضومة الحقوق .

وأما الموقف العملى - وتلك سمة من سمات جماعة الإخوان المسلمين - فقد قامت الجماعة بما يلى :

1 - أنشأت مدرسة لتعليم البنات سمتها " مدرسة أمهات المؤمنين " ووضعت لها منهجا يجمع بين آداب الإسلام ومفاهيم العصر .

2 - ألحق بهذه المدرسة قسم للأخوات المسلمات يتألف من نساء الإخوان ونساء أقرباء الإخوان ، قام بالتدريس فيه مدرسات المدرسة . وكان ذلك فى الإسماعيلية والجماعة بعد ناشئة فى عام 1348م- 1930 م .

3 - تشكلت للمرة الأولى فرقة " الأخوات المسلمات " 2 35 1 هـ - 33 9 1 م . وأعلن عن الغرض منها وهو : " التمسك بآداب الإسلام والدعوة إلى الفضيلة وبيان أضرار الخرافات الشائعة بين المسلمات " وكانت لهن فيما بينهن دروس ومحاضرات ونشر وكتابة فى الصحف ، وقد عين لهن رئيسة منهن - وكيلة عن المرشد -، واعتبر جميع أعضاء هذه الفرقة أخوات مسلمات فى الدرجة والمبدأ . 4 - تكونت فرقة للأخوات المسلمات فى القاهرة بعد انتقال المرشد إليها ، واختيرت الأخت الفاضلة السيدة الصالحة الحاجة " لبيبة أحمد " رئيسة لهذه الفرقة ، وأعلنت الأخت الفاضلة عن برنامج هذه الفرقة فى بيان موجه للأخوات وكان ذلك عام 1353هـ ـــ 1934م .

5 - أوضحت جريدة الإخوان المسلمين موقف الجماعة من الهجوم الذى شن على شعب " الأخوات المسلمات " والمطالبة بإلغائها فى أعقاب الحرب العالمية التانية ، فقالت : " إن الدين لم ينزل للرجال فقط ، وإن على المرأة واجب خدمة الإسلام والمساهمة فى كل ما يعود بالخير عليه وعلى أبنائه ( فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ) .

وفى عدد آخر قالت الجريدة " إنه على الرغم من ذلك فلا ينبغى أن يفهم بأن الإسلام دعا إلى المساواة بين الرجل والمرأة مساواة كلية بل نظم حقوق كلا الجنسين لما بينهما من فروق فى الخلق وتفاوت فى الاستعداد ، وإن المساواة بينهما هى من حيث الدين والعقيدة والثواب والعقاب والحقوق الزوجية والمعاملات المالية وطلب العلم ".

واعتبر الإخوان أن ترشيح المرأة للمجالس النيابية منكر لا يرضى الله .

أما قضية التعليم :

فكانت تلى قضية المرأة فى الأهمية ، وهى من مفرزات التغريب السامة ، ولايفوتنا هنا أن ننبه إلى أن نظم التعليم فى مصر بل ومناهجه ، قد وضعها برمتها ، أو أسهم فيها إسهاما كبيرا أعداء الأمة الإسلامية من المستعمرين الإنجليز وغيرهم كالفرنسيين ، تارة بما كتبه باحثوهم فى توجيه التعليم ونظمه فى العالم الإسلامى ، وتارة بوساطة ما افتتحوه من مدارس ومعاهد فى كثير من بلدان العالم الإسلامى ، وتارة بما لقنوه لبعض المسلمين ممن ذهبوا للدراسات العليا فى بلاد الغرب . وبهذه الوسائل حاصروا التعليم فى العالم الإسلامى ؛ وحاولوا أن يحولوا به بين المسلمين وإسلامهم وآدابهم وأخلاقهم ، فى الوقت الذى لم يعطوا المتعلم وفق مناهجهم من علوم الحياة إلا قشورا لاتسمن ولا تغنى من جوع.

ولقد تعرض التعليم - وتلك حاله - لانتقادات حادة من جماعة الإخوان المسلمين ، انطلاقا من رغبة الجماعة فى إصلاح ا التعليم ، بتعديل مساره أولا ، وتوحيد مناهجه فى المراحل الأولى للقضاء على ازدواجيته ثانيا ، ومهاجمة المنهج الغربى الذى يشتمل عليه التعليم بقصد النيل من الثقافة والعقيدة الإسلامية ثالثا ، والمطالبة بأن يكون للأزهر الإشراف على التعليم بعد تعديل مناهجه .

كما كتب الأستاذ " البنا " مذكرة إلى شيخ الأزهر عام 1935 م طالب فيها بضم مراقبة التعليم الأولى إلى الأزهر ، وإلغاء مدارس المعلمين الأولية ، والاستعاضة عنها بشهادات أزهرية لتخرج المعلمين ، وضم كافة الشعب التى تدرس فيها اللغة العربية – بما فى ذلك قسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية - إلى الأزهر ، وتدريس الدين كمادة أساسية فى كل مراحل التعليم .

وكانت هناك أصوات تطالب بإلغاء التعليم المدنى ، ولكن جماعة الإخوان وقفت من ذلك موقفا معتدلا فطالبت بمزج التعليم الدينى بالتعليم المدنى ، وقدمت لذلك الأسانيد على مرونة الإسلام وأنه يحض على التعليم ويأخذ الحكمة وهى ضالة المؤمن ولا يبالى من أى وعاء خرجت ، ودعت الجماعة إلى الأخذ من علوم الغرب مع الاحتفاظ بالتعليم الدينى لكى يتكون الفرد والأمة .

ولقد ترتب على قضية التعليم ووضع تصور للجماعة إزاءها ، حديث للجماعة عن قضية اللغة العربية كفرع من فروع التعليم وكلغة يجب أن تكون لها الصدارة لأنها لغة القرآن - على الرغم مما يدعى " طه حسين " من أنها لغة غير دينية- ولأنها اللغة القومية فى مصر .

فلم يطالب الإخوان بإلغاء تدريس اللغات الأجنبية المزاحمة للغة العربية - كما فعل سواهم - وإنما طالبوا بأن تكون العناية باللغة العربية لائقة بمكانتها ولا بأس من تدريس اللغات الأجنبية بجوارها ، ولكن دون تروج لهذه اللغات بخاصة اللغة الإنجليزية ، لما فى ذلك من مساعدة المبشرين من جهة ولما له من أثر فى تمزيق الوحدة الثقافية بين المصريين من جهة أخرى .

هذا موقف الإخوان من التعليم من الناحية النظرية العلمية ، وهم على عادتهم لا يكتفون أبدا بموقف نظرى وإنما يدعمونه بموقف عملى تطبيقى - وقد كان - على النحو التالى :

تكونت لجنة بالجماعة للمطالبة بإصلاح التعليم سميت :

" لجنة المطالبة بإصلاح التعليم " فى عام 1355هـ - 1936م .

2 - وفى عام 1946م تكونت فى الجماعة لجنة سميت :

" لجنة تأير المدارس الابتدائية والثانوية للبنين والبنات " .

3 - وفى نفس العام كونت الجماعة لجنة أسمتها : "لجنة الشئون ا لثقافية " .

4 - جعل الأستاذ الإمام البنا لجنة تأسيس المدارس شركة مساهمة مما أدى إلى تأسيس عدد لا بأس به من المدارس ربما فى كل شعبة من شعب الإخوان المسلمين .

5 - وضع الإخوان منهجا خاصا بهم فى مدارسهم ، فقدموا به أنموذجا تطبيقيا على ماطالبوا به .

ومما لاينسى من الجماعة فى مجال مدارسها مساعدة الرجل الفاضل المرحوم محمد حسن العشماوى - وكان وزيرا للمعارف سنة 1946م لمدارس الجماعة مساعدات مشكورة مأجورة بإذن الله تعالى .


قضية الانحلال الأخلاقى :

سادت مصر - بل معظم بلدان العالم الإسلامى - عقب الحرب العالمية الأولى، موجة عاتية من، الفساد الأخلاقى والدينى ، بل موجة من الإباحية التى لم تكن معهودة فى مجتمعات المسلمين على هذا النحو الضارى الذى تميزت به .

ولم يكن ذلك نتيجة للحرب وحدها ، وإنما كان نتيجة لأسباب عديدة على رأسها ، مايضمره أعداء الإسلام للمسلمين من حقد وكراهية .

ولقد عبر الأستاذ الإمام عن هذه الموجة فى زمن مبكر من تاريخ الجماعة فى مذكراته بقوله : " وعقب الحرب الماضية( 1914 -1918م ) وفى هذه الفترةالتى قضيتها ،بالقاهرة ، اشتد تيار موجة التحلل فى النفوس وفى الاراء والأفكار باسم التحرر العقلى ، ثم فى السلوك والأخلاق والأعمال باسم التحرر الشخصى ، فكانت موجة إحاد وإباحية قوية جارفة طاغية ، يثبت أمامها شىء تساعد- عليها الظروف والحوادث .

ولقد قامت تركيا بانقلابها الكمالى ، وأعلن مصطفى كمال باشا إلغاء الخلافة ، وفصل الدولة عن الدين فى أمة كانت إلى بضع سنوات فى عرف الدنيا جميعا مقر أمير المؤمنين ، واندفعت الحكومة التركية فى هذا السبيل فى كل مظاهر الحياة .

ولقد تحولت الجامعة المصرية من معهد أهلى إلى جامعة حكومية تديرها الدولة ، وتضم عددا من الكليات النظامية ، وكانت للبحث الجامعى والحياة الجامعية حينذاك فى رؤوس الكثيربن صورة غريبة ، مضمونها : أن الجامعة لن تكون جامعة علمانية إلا إذا ثارت على الدين وحاربت التقاليد الاجتماعية المستمدة منه ، واندفعت وراء التفكير المادى المنقول عن الغرب بحذافيره ، وعرف أساتذتها وطلابها بالتحلل والانطلاق من كل القيود .

ولقد وضعت نواة " الحزب الديموقراطى " الذى مات قبل أن يولد ، ولم يكن له منهاج إلا أن يدعو إلى الحرية والديمقراطية بهذا المعنى المعروف حينذاك : معنى الخلل والانطلاق .

وأنشىء فى شارع المناخ مايسمى بالمجتمع الفكرى تشرف عليه هيئة من " الثيوصوفيين " ، وتلقى فيه خطب ومحاضرات تهاجم الأديان القديمة وتبشر بوحى جديد ، وكان خطباؤه خليطا من المسلمين واليهود والنصارى ، وكلهم يتناولون هذه الفكرة الجديدة من وجهات النظر الختلفة .

وظهرت كتب وجرائد ومجلات كل ما فيها ينضح بهذا التفكير الذى لاهدف له إلا إضعاف أثر أى دين ، أو القضاء عليه فى نفوس الشعب لينعم بالحرية الحقيقية فكريا وعمليا فى زعم هؤلاء الكتاب والمؤلفين . وجهزت " صالونات " فى كثير من الدور الكبيرة الخاصة فى القاهرة ؟ يتطارح فيها زوارها مثل هذه الأفكار ، ويعملون بعد ذلك على نشرها فى الشباب وفى مختلف ا لأوساط.

وفى رسالة " مشكلاتنا فى ضوء النظام الإسلامى " : صدرها الأستاذ الإمام بآية قرانية كريمة هى : ( ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون ) . ووجهها إلى رئيس الحكومة باعتباره المسئول الأول ، وإلى أعضاء الهيئات النيابية . . . وإلى رؤساء الهيئات الشعبية السياسية والوطنية والاجتماعية وإلى كل محب للخير . . . أداء للأمانة وقياما بحق الدعوة . وجاء فيها:

نظرات ثلاث

فأما النظرة الأولى : فإلى ماوصلت إليه الحال فى وطننا العزيز وادى النيل من فساد تغلغل فى كل المرافق وشمل كل مظاهر الحياة :

. . .. مطالبنا الوطنية لم نصل فيها إلى شىء .

وروح الشعب المعنوية محطمة أشد تحطيم بسبب هذا الركود والشقات ، والخلاف يملك نفوس القادة والزعماء حاكمين ومحكومين على السواء .

والجهاز الإدارى أفسدته المطامع الشخصية ، والغايات الشخصية ، وسوء التصرفات ، وضعف الأخلاق ، والركزية القاتلة ، والإجراءات المعقدة ، والهرب من تحمل التبعات .

والقانون قد ضعف سلطانه على النفوس والأوضاع لكثرة- ما أقحم عليه من تحايل واستثناء ات .

وشدة الغلاء وكثرة المتعطلين لقلة الأعمال وانخفاض مستوى المعيشة إلى حد لا يكاد يتصوره إنسان بين الأغلبية العظمى من السكان مع نضوب معين الرحمة من القلوب واستيلاء القسوة وروح الجبروت والظلم على النفوس ، كل ذلك أخذ يتحول إلى حال من السخط ، تتمثل فى كثرة الإضطرابات ، وتتجلى فى كثير من المظاهر والعبارات.

والأخلاق قد انهى أمرها - أو كاد - وعصف بها الجهل والفقر والحاجة والفاقة ، وانتشرت الرذائل ومظاهر الانحلال الخلقى فى كل مكان .

والأفكار مبلبلة والنفوس قلقة لاتكاد تستقر فى شىء على حال .

وكل هذه المعانى تزداد بمرور الأيام وتتضاعف ساعة بعد ساعة وتنذر ببلاء محيط وشر مستطير إن لم يتداركها العقلاء قبل فوات الأوان ..

وأما النظرة الثانية : فإلى ما وصلت إليه الحال فى أوطاننا الغالية العزيزة من بلاد العروبة وأمم الإسلام :

فلسطين : مهددة بهذا الاجتياح الذى انتهت إليه هذه المؤامرة الدولية من الأمريكان والروس والإنجليز على السواء ، بفعل الصهيونية العالمية التى سخرت الحكومات والشعوب الغربية بالمال مع استعدادها السابق بكل تعصب ذميم على العرب والمسلمين أيأ كانوا . ..

والباكستان الناشئة : تقاس الأمرين من هذا العدوان الوثنى المسلح المؤيد بدسائس الاستعمار . . . .

!ندونيسيا : التى تبلغ سبعين مليونا أكثرهم من المسلمين تضغط عليها هولندا التى لم تكسر قيد الاحتلال الألمانى إلا بيد غيرها من جنود الحلفاء وتريد أن تحول بين الشعب المسلم الباسل وبين ماهو حق طبيعى له من حرية واستقلال . ..

وطرابلس الغرب وبرقة : تجهز لها حبائل الاستفتاء .. .

وشمال أفريقيا بأقسامه : تونس والجزائر ومراكش يستغيث ولا مغيث . ..

قال مثل ذلك ، فى كل شعب عربى إسلامى ، فإنك لن تجد واحدا منها قد سلم من مناورات الغصب ودسائس الاستعمار ... هذا فى أوضاعنا السياسية . كلها من حيث الأوضاع الاجتماعية ليست أحسن حالا مما تقدم ذكره فى وادى النيل . .. وكلنا فى الهم شرق.

وأما النظرة الثالثة : فإلى ما انحدر إليه التفكير بين زعماء العالم وساسة الشعوب ، والذين أتاحت لهم المقادير أن يكونوا قادة الدنيا فى هذه الأيام بعد الحرب العالمية الثانية . . . .

هذه هى صورة الحال فى وطننا الخاص ، وفى وضننا العربى الإسلامى وفى وطننا الإنسانى العام وإذا لم نقم فى الدنبا أمة " الدعوة الجديدة " تحمل رسالة الحق إلسلام فعلى الدنيا العفاء وعلى الإنسانية السلام .

وإن من واجبنا وفى يدنا شعلة النور وقارورة الدواء ، أن نتقدم لنصلح أنفسنا وندعو غيرنا ، فإن نجحنا فذاك ، وإلا حسبنا أن نكون قد بلغنا الرسالة وأدينا الأمانة واردنا الخير للناس ، ولايصح أبدا أن نحتقر أنفسنا ، فحسب الذين يحملون الرسالات ويقومون بالدعوات من عوامل النجاح أن يكونوا بها مؤمنين بها مؤمنين ولها مخلصين وفى سبيلها مجاهدين وأن يكون الزمن ينتظرها والعالم يترقبها ... فهل، من مجيب ؟

( قل إئما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد ) .

هذا موقف الإخوان المسلمين من هذا المتغير فى مجال الأخلاق.


وأما التبشير : " التنصير " : فإن له مع االعالم الإسلامى قصة ذات فصول وأبعاد تاريخية ؟

فمنذ أجبر الصليبيون على مغادرة بلاد المسلمين فى حملات الحروب الصليبية المعروفة ، فإن هؤلاء الأعداء من الصليبيين وإن قهروا فأجبروا على الجلاء عن أرض المسلمين -إلا أنهم قاموا فى أعقاب ذلك مباشرة ، بل كان بعض ما قاموا به مواكبا لاحتلالهم لأرض المسلمين - قاموا بعملين خطيرين يعوضانهم ما فقدوا بهذه الهزيمة وذاك الجلاء . هذان العملان هما : الاستشراق والتبشير ... . ثم كللوا هذين العملين بالاستعمار والغزو العسكرى من جديد ، فلما جلوا للمرة الثانية مكرهين كان الغزو الفكرى الذى تحدثنا عنه انفا .

ولابد من مدخل للحديث عن التبشير، يتمثل فى حديث موجز عن الاستشراق لأنه هو الذى مهد للتبشير على النحو الذى سوف نبينه فى هذه العجالة من القول .

كان الاستشراق ومايزال يعنى ، أن يقوم جماعة من الباحثين الغربيين أو الشرقيين - غير المسلمين - بدراسة علوم الشرق وادابه وأخلاقه وفنونه وأديانه بهدف ظاهر هو الدراسة والبحث العلمى - كما يزعمون - وبهدف مستتر هو السيطرة على هذه المناطق بالتعرف على نواحى الضعف فيها ، لمجهدوا بذلك لإعادة السيطهرة على تلك المناطق بأسلوب أو بآخر ، وقد تنوعت لديهم هذه الأساليب مابين دينى كالتنصير " التبشير " واجتماعى كنقل عادات الغرب وتقاليده إلى المجتمعات الإسلامية ، وسياسى كالوصاية والحماية والانتداب والاستعمار بالغزو العسكرى حينا وبالغزو الفكرى أحيانا .

حقيقة التبشير : وإذا كان تيار التغريب له من الخطر ماتحدثنا عنه آنفا ، فإن تيار التبشير لا يقل عنه خطرا ، ولسنا ندعى من عند انفسنا ، شيئا مما نقوله عن التبشير وحملاته الموجهة ضد الإسلام ، ولكننا سنذكر أقوال بعض المبشرين من النصارى حيث يعترفون بأهدافهم ونواياهم.

فقد اهتمت الكنيسة بتوجيه جهود كبيرة إلى التبشير بالمسيحية بين المسلمين ، لاقتلاع الإسلام من نفوس المسلمين وإحلال المسيحية محله ، مما يطلق عليه عند بعضهم " حملات التنصير " .

جاء على لسان المبشر الشهير : " جاردنر " : " إن القوة التى تكمن فى الإسلام هى التى تخيف أوربا " . وصرح " لورانس براون " بالهدف الحقيقى للمبشرين من عملهم فى العالم الإسلامى فى قوله : " إذا اتحد المسلمون فى إمبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرا ، أو أمكن أن يصبحوا أيضا نقمة له ، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير ".

ولا يخشى المبشرون ورجال الكنيسة بل الغربيون عموما شيئا مثل مايخشون الوحدة الإسلامية ، صرح بذلك عدد كبير من رجاك الكنيسة بل من رجال السياسة فى أكثر من موقف معروف . صرح بذلك المبشر القس سيمون فى قوله : " إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلا ضد الاستعمار الأوربى ثم استطاع المبشرون بأن يظهروا الأوربيين فى غير مظهر المستعمر ، فإن الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها وسببا من أسباب وجودها".

ويقول المبشر الحاقد جدا على الإسلام " صموئيل زويمر " : " لاينبغى للمبشر المسيحى أن يفشل أو أن ييأس ويقنط ، عندما يرى أن مساعيه لم تثمر فى جلب كثير من المسلمين إلى المسيحية ، لكن يكفى جعل الإسلام يخسر مسلمين بذبذبة بعضهم ، عندما تذبذب مسلما وتجعل الإسلام يخسر تعتبر ناجحا أيها ا المبشر المسيحى ، يكفى أن تذبذبه ولو لم يصبح هذا المسلم مسيحيا " .

ويقول : " ا . ل . شاتليه " فى مقدمة كتابه : " الغارة على العالم الإسلامى " " ... وكنا منذ أمد بعيد نود أن نخوض فى ذكر تفاصيل أعمال هذه الإرساليات التى اشتهرت بخطحتها ووفرة الوسائل التى أعدتها وتوسلت بها لمقاومة دين الإسلام . .. . .. ولكننا نعود فنقول : إنه مهما اختلفت الاراء فى نتائج أعمال المبشرين من حيث الشطر الثانى من خطتهم لي هو ( الهدم ) ، فان نزع الاعتقادات الإسلامية ملازم دائما للمجهودات التى تبذل فى سبيل التربية النصرانية ، والتقسيم السياسى الذى طرأ على الإسلام سيمهد السبل لأعمال المدنية الأوربية ، إذ من المحقق أن الإسلام يضمحل من الوجهة السياسية ، وسوف لا يمضى زمن غير قصير، حتى يكون الإسلام فى حكم مدنية محاطة بالأسلاك الأوربية ... وقد يظهرلإخواننا المسلمين أننا نتصرف فى مستقبلهم بحرية وبدون تكليف ، ولكن من منهم ينكر أن العالم الإسلامى أصبح هدفا لغلطات فتيان الاتحاد والترقى الذين ورثوا عبد الحميد ؤستعانوا بوسائله السياسية بعد أن خلعوه ولم تكن أمامهم وسيلة...".

ويقول المستر " بلس " : إن الدين الإسلامى هو العقبة القائمة فى طريق تقدم التبشير بالنصرانية فى إفريقية ، والمسلم فقط هو العدو اللدود لنا ".

موقف الجماعة من التبشير : يقول الإمام " البنا " نفسه فى مذكرإت الدعوة والداعية تحت عنوان : جمعيات الإخوان المسلمين والتبشير :

" ولقدأبلى الإخوان المسلمون أحسن البلاء فى حركة التبشير التى نجم قرنها فى هذا العهد ، وفيما يلى ماكتبته جماعة الإخوان المسلمين بهذا الخصوص :

لا ندرى أمن حسن الحظ ، أو من سوئه أن كان بجوار مراكز جمعيات الإخوان المسلمين فى القطر المصرى مراكز التبشير . ففى المحمودية وفى المنزلة دقهلية وفى الإسماعيلية وفى بورسعيد وفى أبى صوير وفى القاهرة مراكز نشطة للتبشير ودوائر نشطة لجمعية الإخوان المسلمين كذلك.

. وكان طبيعيا أن يحدث الاحتكاك بين الهيئتين باعتبار إحداهما تدافع عن الإسلام والثانية تعتدى عليه ؛ إلا أن حضرات القائمين با الشئون الإدارية فى جمعيات الإخوان المسلمين اعتصموا بالحلم واستمسكوا بالحكمة ، وناضلوا بالتى هى أحسن والتزموا دائما مواقف المدافع لا المهاجم ، واعتمدوا فى خطتهم على دعامتين صامدتين :

أولاهما : إفهام الشعب ما يستهدف له من الخطر بالاتصال بالإرساليات التبشيربة وثانيهما: الوسائل العملية . من جنس وسائل المبشرين .

وقد نجحت هذه الخطة والحمد لله نجاحا باهرا ، وتمكنت الجمعية من القيام بواجبها لا نقول كل الواجب ، ولكنه المستطاع وجهد المقل ونسأل الله المعونة على استيفاء هذا النقص .

وإننا بمناسبة الحركة التبشيرية القائمة ، ننقل إلى حضرات القراء ، بعض الحوادث التى صادفتها الجمعية ، والخطط التى سلكتها ، نرمى بذلك إلى غرضين :

أولهما : بيان خطة قد تكون ناجحة فتعمل بها الهيئات التى تريد خدمة الإسلام . وثانيهما : تبشير الأمة بمدى ما وصلت إليه الجمعية من في نجاح وتوفيق فى حركتهما السلمية ضد التبشير " .

وقد كان من بين مقررات مجلس الشورى العام للإخوان ، تكوين لجان فرعية فى كل دوائر الجمعية للعمل على تحذير الشعب من الوقوع فى حبائل المبشرين ، بالطرق السلمية المشروعة وإنا لنرجو ا التوفيق التام لهذه اللجان فى مهمتها المقدسة.

وقد كتب الإخوان المسلمون فى هذا الموضوع عريضة رفعوها إلى الملك ورفعوا صورا منها إلى رئيس الوزراء بالنيابة وبعض المختصين من الوزراء وئيسى مجلس النواب والشيوخ .

وقد جاء فى العريضة اقتراح وسائل لمقاومة التبشير هى :

أولا : فرض الرقابة الشديدة على هذه المدارس والمعاهد والدور التبشيرية والطلبة والطالبات فيها إذا ثبت اشتغالها بالتبشير .

ثانيا : سحب الرخص من أى مستشفى أو مدرسة يثبت أنها تشتغل بالتبشير .

ثالثا : إبعاد كل من يثبت للحكومة أنه يعمل على إفساد العقائد وإخفاء البنين والبنات .

رابعا : الامتناع عن معونة هذه الجمعيات بتاتا ، بالأرض أو بالمال .

خامسا : الاتصال بحضرات إلوزراء المفوضين فى مصر والخارج حتى يساعدوا الحكومة فى تنفيذ خطة الحزم حفظا للأمن ومراعاة لحسن العلائق " انتهى .

وبعد : فإن الأهداف المتغيرة للتربية عند جماعة الإخوان المسلمين ، تناولت رصد هذه المتغيرات فى مجالاتها الختلفة رصدا دقيقا ، سواء أكانت تلك المتغيرات فى الفكر والثقافة ، أو فى النظريات والنظم ، اجتماعية أو سياسية أو فى الأقتصاد وسياسته ، أو فى وسائل الحياة وأساليها وعاداتها ، وما تناوله كل ذلك من قضايا ومسائل ومشكلات .

رصدت الجماعة كل ذلك وكان لها فى هذا الرصد حضور ، حتى إنها سبقت فى هذا المجال غيرها من الجماعات ، بل سبقت كثيرأ من مؤسسات الدولة التى كان عليها أن ترصد هذا كله .

ولم تكتف الجماعة ، بالرصد والتسجيل ، وتنوير الأذهان وتذكير القلوب ، وإنما كان لها من وراء ذلك خطة لمواجهة هذه المتغيرات ، مواجهة نابعة من صميم العقيدة الإسلامية ،وتابعة لمفردات الشريعة الإسلامية ، متبعة فى ذلك لا مبتدعة .

وكانت خطتها فى تربية الأفراد والبيوت المسلمة بل والمجتمع كله ، هى الخطة التى لا تكتفى بالكلام ، وإنما تتبعه عملا وتنفيذا على النحو الذى أشرنا إليه انفا ، بل في تجاوزت ذلك كله إلى إنشاء المؤسسات وإعداد الأجهزة التى تستطيع أن تواجه هذه المتغيرات ، كما أوضحنا فيما سلف من هذا البحث. ولنا الان أن نبلور ما تستهدفه التربية عند الإخوان المسلمين ، فى كلمات ترددت كثيرا فى رسائل إلإمام المؤسس ، وتناقلتها أقلام الكتاب من الإخوان المسلمين فى صحفهم ومجلاتهم كما تناقلتها كتابات الباحثين منهم فى كتبهم وبحوثهم .

وهى على وجه الاجمال :

1 - تربية الفرد المسلم تربية إسلامية متكاملة .

2 - تربية البيت المسلم تربية إسلامية فاعلة متكاملة .

3 - تربية المجتمع المسلم تربية إسلامية متكاملة فاعلة يسودها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والعدل والإحسان وحب الجهاد فى سبيل الله .

4 - إعداد الأمة الإسلامية إعدادا يمكنها من حمل أعباء الدعوة والجهاد فى سبيل الله .

5 - العمل على إيجاد الحكومة الإسلامية التى تمكن دين الله فى الناس وتحكمهم وفق شريعته .

6 - تحقيق وسطية الأمة الإسلامية بأن تكون لها أستاذية هذا العالم لأن ذلك قدرها وهو أمر الله سبحانه وتعالى لها : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) .

وقد وظفت الجماعة كل طاقاتها وإمكاناتها ؛ لتحقيق هذه الأهداف ، وكان لها من النجاح فى تحقيق هذه الأهداف ما أتاح الله لها من توفيق وما مكن به من أسباب

وضع منهج لتربية الفرد والأسرة والمجتمع

قامت التربية عند الإخوان المسلمين على أساس متين ، من منهج أو برنامج . جاء نتيجة لاحتياجات الأمة الإسلامية فى واقعها المعاصر للجماعة ، وقد أدى هذا الأمر بالجماعة إلى أن تمد بصرها إلى العالم الإسلامى كله ، تراه وحدة من حيث العقيدة والشريعة ، ومن حيث الغاية والهدف وإن اختلفت الأوطان وتباعدت بينها المسافات - وتلك نظارة شمولية متكاملة تحسب للجماعة فى فقهها الدقيق للعمل الإسلامى المعاصر لها - ولذلك لم يكن من المستغرب على الجماعة الناشئة فى مصر عام 347 1هـ - 28 9 1 م أن يكون لها وجود وعمل فى فلسطين وسوريا ولبنان عام 1354هـ - 1935 م .

ثم امتد وجود الجماعة وعملها فى العالم العربى والإسلامى ، حتى أخذت صبغة إسلامية عالمية ، ولأن ظروف العالم الإسلامى متشابهة بل شديدة التشابه بعد أن وقع كله فى قبضة أعدائه من المستعمرين ، بعد تألب دول الغرب والشرق على إسقاط الخلافة الإسلامية فى تركيا وتقاسمهم فيما بينهم دولة الرجل المريض - كما كانوا يسمون خلافة بنى عثمان - أقول : لهذا التشابه ؛ فإن البرناج الذى وضعته الجماعة لتربية الفرد والبيت والمجتمع ، والذى استقته من شريعة الإسلام وآدابه ونظمه ، كان صالحا للمسلمين فى مصر وللمسلمين فى سائر أقطار العالم الإسلامى .

ونستطيع أن نلتمس هذا المنهج وذلك البرناج ، أو ذلك البرناج المفصل إلى – حد ما - فى رسالة وضعها مكتب الإرشاد ، لخص فيها قواعد الفكرة الإسلامية اعتقادا وعملا فى عدة سطور أطلق عليها اسم " عقيدتنا " .

أ - باكورة منهج الإخوان المسلمين فى التربية :

تمثلت هذه الباكورة فى رسالة " عقيدتنا " التى أشرنا إليها انفا ، والتى كانت تنشر على غلاف مجلة الإخوان ، ونسوق هنا نصها فإن فيه برنامجا ابتدائيا للتربية الإخوانية .

وهذا نصها :

ا - أعتقد أن الأمر كله لله ،

إن سيدنا محمداTخاتم رسله للناس كافة ،

وأن الجزاء حق ،

وأن القران كتاب الله ،

وأن الإسلام قانون شامل لنظام الدنيا والاخرة ،

وأتعهد بأن أرتب على نفسى جزءا من القران الكريم ،

وأن أتمسك بالسنة المطهرة ،

وأن أدرس السيرة النبوية ، وتاريخ الصحابة الكرام .


2 - أعتقد أن الاستقامة والفضيلة والعلم من أركان الإسلام ،

وأتعهد أن أكون مستقيما ؛ أؤدى العبادات وأبتعد عن المنكرات ،

فاضلا ؛ أتحلى بالأخلاق الحسنة ، وأتخلى عن الأخلاق السيئة ، وأتحرى العبادات الإسلامية ما استطعت ، وأوثر المحبة والود على التحاكم والتقاضى ، فلا ألجأ إلى القضاء إلا مضطرا ، وأعتز بشعائر الإسلام ولغته وأعمل على بث العلوم والمعارف النافعة فئ طبقات الأمة .

3 - أعتقد أن المسلم مطالب بالعمل والكسب ،

وأتعهد فى ماله حقا مفروضا للسائل والمحروم ،

وأتعهد بأن أعمل لكسب عيشى ،

وأقتصد لمستقبلى ،

وأؤدى زكاة مالى ،

وأخصص جزءا من إيرادى لأعمال البر والخير ،

وأشجع على كل مشروع اقتصادى نإفع ،

وأقدم منتجات بلادى وبنى دينى ووطنى ،

ولا أتعامل بالربا فى شأن من شئونى ،

ولا أتورط فى الكماليات فوق طاقتى .


4 - أعتقد أن المسلم مسئول عن أسرته ،

وأن من واجبه أن يحافظ على صحتها وعقائدها وأخلاقها ،

وأتعهد بأن أعمل لذلك جهدى ،

وأن أبث تعاليم الإسلام ، فى أفراد أسرتى ،

ولا أدخل أبنائى أى مدرسة لاتحفظ عقائدهم وأخلاقهم ،

وأقاطع كل الصحف والنشرات والكتب والهيئات والفرق والأندية التى تناوىء تعاليم الإسلام .


5- أعتقد أن من واجب المسلم إحيات مجد الإسلام ، بإنهاض شعوبه وإعادة تشريعه ،

وأن راية الإسلام يجب أن تسود البشر ،

وأن من مهمة كل مسلم تربية العالم على قواعد الإسلام ،

وأتعهد بأن أجاهد فى سبيل أداء هذه الرسالة ما حييت ،

وأضحى فى سبيلها بكل ما أملك .


6 - أعتقد أن المسلمين جميعا أمة واحدة تربطها العقيدة الإسلامية ، وأن الإسلام يأمر أبناءه بالإحسان إلى الناس جيعا ،

وأتعهد بأن أبذل جهدى فى توثيق رابطة الإخاء بين جميع المسلمين ،

وإزالة الجفاء والاختلاف بين طوائفهم وفرقهم ،


7 - أعتقد أن السر فى تأخر المسلمين ، ابتعادهم عن دينهم ،

وأن أساس الإصلاح ، العودة إلى تعاليم الإسلام وأحكامه ،

وأن ذلك ممكن لو عمل له المسلمون ،

وأن فكرة الإخوان المسلمين تحقق هذه الغاية ،

وأتعهد بالثبات على مبادئها والإخلاص لكل من عمل لها ،

ؤأن أظل جنديا فى خدمتها ، أوأموت فى سبيلها .


وقد عرض الأستاذ عزت راجح الطالب فى السربون آنذاك هذه الرسالة على أستاذه " أرنست رينان " أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعة السربون وحفيد " ر ينان الكبير " - فقرأها وكتب معلقا عليها ما لى : -

" إن هذه الكلمات عميقة المبحث والمقصد ، وهى لا شك مستمدة من نفس المنهج الذى رسمه محمد T ونجح فى تنفيذه ، فأسس به أمة ودولة ودينا ، وقد زيد فيها بما يناسب روح العصر مع التقيد بروح الإسلام .

وفى عقيدتى أنه لا نجاح للمسلمين اليوم إلا باتباع نفس السبيل التى سلكها محمد T وصحبه ، غير أن تحقيق هذا على الحالة التى عليها المسلمون اليوم بعيد ، وليس معنى هذا القنوط والقعود عن العمل " .

وقد علق الأستاذ الإمام على رأى " أرنست رينان " بقوله : " ويرى القراء أن الأستاذ " أرنست رينان " أعرب عن رأيه فى " عقيدتنا " بجلاء ووضوح ، وقد كان صريحا فى إبداء رأيه بقدر ما كان دقيقا فى هذه الصراحة ، وبقدر ما كان موفقا فى هذه الدقة أيضا ، ويمكنك أن تخرج من هذا الرأى الدقيق الذى ألقى من وراء البحار فى م عقيدة الإخوان المسلمين بعدة نقاط :

فأولا : عقيدة الإخوان المسلمين مستمدة من نفس المنهج الذى وضعه سيدنا محمد T هذا رأى " رينان "

- أما نحن فنقول : نفس المنهج الذى بعث الله به محمدا T . . . فما من كلمة واحدة فى عقيدة الإخوان المسلمين إلا وأساسها كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله وروح الإسلام الصحيح ..

ثانيا : هذا المنهج قد استطاع به سيدنا محمد T أن يكون دينا وأمة ودولة " إى وربى إنه لحق ، فهو الإسلام أفضل الأديان وأتمها وخير الشرائع وأعمها. . .. والعبرة فى هذا أن يسمع زعماء الشعوب الشرقية الذين أرادوا أو يريدون أن يلتمسوا لأممهم منهجا أوفى من الإسلام ليشيدوا عليه النهضة ويكونوا به الدين والأمة والدولة.

ثالثا : لا نجاح للمسلمين اليوم إلا باتباع نفس السبيل التى سلكها سيدنا محمد Tوهحبه. . .. فمنذ فارقت الأمم الشرقية تعاليم الإسلام وحاولت استبدال غيرها بها مما توهمت فيه صلاح أمرها وهى تتخبط فى دياجير الحيرة وتقاصى مرارة التجارب الفاشلة . .. .

رابعا : تحقيق هذا المنهج على الحالة التى عليها المسلمون اليوم : يرى الأستاذ " رينان " تحقيق ذلك بعيدا لأنه يعلم الهوة السحيقة التى أوجدتها الحوادث السياسية والاجتماعية بين المسلمين ودينهم ، ويعلم الوسائل الذاتية الفعالة ، التى استخدمها خصوم الإسلام فى إبعاد المسلمين عن الإسلام فى العصرالحديث . . . .

والإخوان المسلمون يعتقدون هذا ؟ ويرونه كا يراه الأستاذ وما تصوروا حين هبوا للعمل أنهم سيسيرون فى سبيل هينة لينة ، بل علموا ما ينتظرهم من عقبات فأعدوا لذلك أنفسهم وأموالهم وإيمانهم وعقيدتهم ، وانتظروا وعد الله تبارك وتعالى ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز ) .

خامسا : ليس معنى هذا القعود عن العمل ( أجل - أجل ) فلن تزيدنا العقبات إلا همة ، ولن تزيدنا المصاعب إلا مضيا فى سبيل الجهاد ، ونحن مع قول الله تبارك وتعالى : ( إئه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) .

وبعد : فهذا هو المنهج الذى رآه الإخوان منذ زمن باكر من تاريخهم ، وفيه شهول وتكامل وفيه اتباع والتزام وهو منهج لو أخذت به الأمة الإسلامية اليوم وغدا فى كل قطر من أقطارها ، لخرجت من مأزقها ، وتولت بنفسها قيادة أمورها ، ولم تسمح لمستعمرأو مستغل أن يستولى على خيراتها ومقدراتها ، بل لم تسمح له أن يباعد بينها وبين دينها .


ب - اتساع دائرة المنهج فى مفهوم الجماعة :

وبعد انتشار " عقيدتنا " بنقاطها السبع وهى موجزة إلى حد كبير ، حاولت الجماعة أن تفصل منهجها تفصيلا أوسع مما اشتملت عليه رسالة " عقيدتنا " ، وأتيحت هذه الفرصة فى اجتماع مجلس شورى الإخوان المسلمين فى انعقاده الثالث بالقاهرة ؛ وهو المؤتمر الثالث للإخوان ( يوم ا السبت 11 من ذى الحجة سنة 353 1 هـ - مارس ه 93 1 م ) (3) فنشرت منهاج الإخوان المسلمين .

وقد جاء فيه :

1- اعتبار عقيدة الإخوان رمزا لهذا المنهاج .

2 - على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج كله من الإسلام وأن كل نقص منه نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة .

3- على كل أخ مسلم أن يعمل على نشر هذه المبادىء فى جميع البيئات ، وأن يتحمس لها تحمسا تاما ، وأن يطبقها فى منزله مهما احتمل فى سبيل ذلك من المكاره .

4 - كل أخ لا يلتزم هذه المبادىء ، لنائب الدائرة أن يتخذ معه العقوبة التى تتناسب مع مخالفته ، وتعيده إلى التزام حدود المنهج ، وعلى حضرات النواب أن يهتموا بذلك ، فإن الغاية هى تربية الإخوان قبل كل شىء .

5 - على الأخ أن يتعرف غايته تماما وأن يجعلها المقياس الوحيد فيما بينه وبين الهيئات الأخرى .

6 - كل منهاج لا يؤيد الإسلام ، ولا يزتكز على أصوله العامة، لا يؤدى إلى في نجاح .

7 - كل هيئة تحقق بعملها ناحية من نواحى منهاج الإخوان المسلمين ، يؤيدها الاخ المسلم فى هذه الناحية .

8 - يجب على الإخوان المسلمين إذا أيدوا هيئة ما من الهيئات ؟ أن يستوثقوا أنها لا تتنكر لغايتهم فى وقت من الأوقات .

9 - الهيئات النافعة توجه إلى الغاية بتقويتها لا بإضعافها .

10- يرحب الإخوان بكل فكرة ترمى إلى توحيد جهود المسلمين فى سائر بقاع الأرض ، وتأييد فكرة الجامعة الإسلامية كأثر من آثار اليقظة الشرقية.

11 - الإخوان المسلمون يخلصون لكل الهيئات الإسلامية ، ويحاولون التقريب بينها بكل الوسائط ، ويعتقدون أن الحب بين المسلمين هو أصلح أساس لإيقاظهم ، وهم يناوئون كل هيئة تشوه معنى الإسلام مثل البهائية والقاديانية .


وثيقة المطالب الخمسون

ثم عبرت الجماعة عما تريد فى نواحى الإصلاح كلها فى وثيقة خاصة حملت اسم : " المطالب الخمسون " للجماعة وجهها الأستاذ الإمام إلى حضرات أصحاب الجلالة والسمو ملوك الإسلام وأمم و أمرائه، وحضرات رجال الحكومات الإسلامية ، وأعضاء الهيئات التشريعية والجماعات الإسلامية ، وأهل الرأى والغيرة فى العالم الإسلامى . بسط فيه النظرة العامة التى يجب أن تسود الدول والشعوب الإسلامية فى عصرها الجديد المملوء بالحوادث الكثيرة المطالب .

وقد جاء فى آخر هذا الخطاب بيان خمسين مطلب من المطالب العملية ، التى تنبنى على تمسك المسلمين بإسلامهم وعودتهم إليه فى شأنهم .

وجاء فى مقدمة هذه المطالب : " أن كل مطلب منها يحتاج إلى بحث فسيح دقيق تتوافر فيه جهود الأخصائيين كفاياتهم ، وأنها لم تستقص كل حاجات الأمة ومظاهر النهضة فيها ، وكثير مها أمامه عقبات متشعبة تحتاج تذليلها إلى طول الأناة وعظيم الحكمة وماضى العزيمة ومع هذا كله فإنه إذا صدق العزم وضح السبيل ، والأمة القوية الإرادة لابد أن تصل إلى ما تصبو إليه "

وتلك هى المطالب الخمسون :

أولا : فى الناحية السياسية والقضائية :

1- القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية فى وجهة واحدة وصف واحد.

2- إصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامى وخاصة فى الجنايات والحدود .

3- تقوية الجيش ، والإكثار من فرق الشباب ، وإلهاب حماستها على أسس من الجهاد الإسلامى.

4- تقوية الروابط بين الأقطار الإسلامية جميعا ، بخاصة العربية منها تمهيدا للتفكيرالعملى فى شأن الخلافة الضائعة .

5 - بث الروح الإسلامى فى دواوين الحكومة ، حتى يشعر المواطنون جميعا بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام .

6 - مراقبة سلوك الموظفين الشخصى وعدم الفصل بين الناحية الشخصية والناحية العملية .

تقديم مواعيد العمل فى الدواوين صيفا وشتاء حتى يعين ذلك على الفرائض ويقضى على السهر الكثير .

8 - القضاء على الرشوة والمحسوبية ، والاعتماد على الكفاية والمسوغات القانونية فقط .

9 - أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية ، فتكون نظم السجون والمستشفيات لاتطحدم بتعاليم الإسلام ، وتكون الدوريات فى الأعمال على تقسيم لايتضارب مع أوقات الصلاة إلا لضرورة ، وتكون الحفلات الرسمية ذات مظهر إسلامى وهكذا .

10 - أن يسند بعض الوظائف العسكرية والإدارية إلى خريجى الأزهر .

ثانيا : فى الناحية الاجتماعية والعملية :

19 - تعويد الشعب احترام الاداب العامة ، ووضع إرشادات معززة بحماية القانون فى ذلك الشأن ، وتشديد العقوبات على الجرائم الأدبية .

12 - علاج قضية المرأة علاجا يجمع بين الرقى بها والمحافظة عليها وفق تعاليم الإسلام حتى لا تترك هذه القضية التى هى أهم قضايا الاجتماع تحت رحمة الأقلام المغرضة ، والآراء الشاذة من المغرضين والمغرضات .

13 -القضاء على البغاء بنوعيه السرى والعلنى ، واعتبار الزنا مهما كانت ظروفه جريمه منكرة يحد فاعلها .

14 - القضاء على القمار بكل أنواعه من ألعاب " ويانصيب " ومسابقات وغيرها .

15 ـ محاربة الخمر كما تحارب المخدرات وتحريمها وتخليص الأمة من شرورها .

16 ـ مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون والتشديد فى ذلك ، وبخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن فى حكمهن . 17 -إعادة النظر فى مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج الصبيان فى كثير من مراحل التعليم .

18 - منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات ، واعتبار خلوة أى رجل بامرأة جريمة يؤاخذان بها .

19 - تشجيع الزواج والنسل بكل الوسائل المؤدية إلى ذلك ووضع تشريع ليحمى الأسر ويحض عليها ويحل مشكلة الزواج .

25 - إغلاقط الصالات والمراقص الخليعة ، وتحرم الرقص المخاصرة وما إلى ذلك .

21 - مراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد فى اختيار الروايات والأشرطة .

22 - تهذيب الأغانى وأختيارها ومراقبتها والتشديد فى ذلك .

23 - حسن اختيار مايذاع على الأمه ، من المحاضرات والأغانى والموضوعات ، واستخدام محطة الإذاعة فى تربية وطنية خلقية فاضلة .

24 - مصادرة الروايات المثيرة والكتب المشككة والمفسدة ، والصحف التى تعمل على إذأعة الفجور وتستغل الشهوات استغلالا فاحشا .

25 - تنظيم المصايف تنظيما يقضى على الفوضى إلإباحية التى تذهب بالغرض الأساسى من التصييف .

26 - تحديد مواعيد افتتاح وغلق المقاهى العامة ، ومراقبة من يشتغل بها وروادها وإرشادهم إلى ما ينفعهم وعدم السماح لها بهذا الوقت الطويل كله.

27 - استخدام هذه المقاهى فى تعليم الأميين القراءة والكتابة ، ويساعد على ذلك هذا الشباب المتوثب من رجال التعليم الإلزامى والطلبة .

28 - مقاومة العادات الضارة اقتصاديا أو خلقيا أو غير ذلك ، وتحويل تيار الجماهير عنها إلى غيرها من العادات النافعة ، أو تهذيب نفسها تهذيبا يتفق مع المصلحة وذلك كعادات الأفراح والمآتم والموالد والزار والمواسم والأعياد ، وتكون الحكومة قدوة صالحة فى ذلك .

29 - اعتبار دعوى الحسبة ، ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شىء من تعاليم الإسلام أو الاعتداء عليها ؛ كالإفطار فى رمضان أو ترك الصلاة عمدا أو سب الدين - وأمثال هذه الشئون .

30 - ضم المدارس الإلزامية فى القرى إلى المساجد وشمولها معانى الإصلاح التام ، من حيث الموظفين والنظافة وتمام الرعاية ، حتى يتدرب الصغار على الصلاة والكبار على العلم .

31 - تقرير التعليم الدينى مادة أساسية فى كل المدارس على اختلاف أنواعها كل بحسبه وفى الجامعة كذلك .

32 - تشجيع تحفيظ القران فى المكاتب العامة والحرة ، وجعل حفظه شرطا فى نيل الإجازات العلمية التى تتصل بالناحية الدينية واللغوية ، مع تقرير حفظ بعضه فى كل مدرسة.

33 - وضع سياسة ثابتة للتعليم تنهض به وترفع مستواه ، وتوحد أنواعه المتحدة الأغراض والمقاصد ، وتقرب بين الثقافات الختلفة فى الأمة ، وتجعل المرحلة الأولى من مراحله خاصة بتربية الروح الوطنى الفاضل والخلق القويم

34-العناية باللغة العربية فى كل مراحل التعليم وإفرادها فى المرحلة الأولى عن غيرها من اللغات الأجنبية .

35 - العناية بالتاريخ الإسلامى والتاريخ الوطنى وتاريخ حضارة الإسلام . 36 -التفكير فى خير الطرق لتوحيد الأزياء فى الأمة تدريجيا .

37 - القضاء على الروح الأجنبية فى البيوت من حيث اللغة والعادات والأزياء ، والمربيات والمرضعات ، وتمصير ذلك كله وبخاصة فى بيوت الطبقات الراقية .

38 - توجيه الصحافة توجيها صالحا وتشجيع المؤلفين والكاتبين على طرق الموضوعات الإسلامية الشرقية . 39 - العناية بشئون الصحة العامة من نشر الدعاية الصحية بمختلف الطرق ، والإكثار من المستشفيات والأطباء والعيادات المتنقلة وتسهيل سبل العلاج .

40 - العناية بشأن القرية من حيث نظامها ونظامها ، وتنقية مياهها ووسائل الثقافة والراحة والتهذيب فيها.

ثالثا : فى الناحية الاقصادية :

41- تنظيم الزكاة دخلا ومصرفا بحسب تعاليم الشريعة السمحة ، والاستعانة بها فى المشروعات الخيربة التى لابد منها ، كملاجىء العجزة والفقراء واليتامى وتقوية الجيش .

42 - تحريم الربا وتنظيم المصارف تنظيما يؤدى إلى هذه الغاية وتكون الحكومة قدوة فى ذلك " بالتنازل عن الفوائد فى مشروعاتها الخاصة بها ، كبنك التسليف والسلف الصناعية وغيرها .

43 - تشجيع المشروعات الاقتصادية ، والإكثار منها ،. وتشغيل العاطلين من الوطنيين فيها ، واستخلاص ما فى أيدى الأجانب منها للناحية الوطنية البحتة.

44 - حماية الجمهور من عسف الشركات وإلزامها حدودها والحصول على كل فائدة ممكنة للجمهور .

45 - تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم واستيفاء علاواتهم ومكافآتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار .

46 - حصر الوظائف خصوصا الكثيرة منها والاقتصار على الضرورى ، وتوزيع العمل على الموظفين توزيعا عادلا والتدقيق فى ذلك .

47 - تشجيع الإرشاد الزراعى والصناعى ، والاهتمام بترقية الفلاح والصانع من الناحية الإنتاجية .

48 - العناية بشئون العمال الفنية والاجتماعية ورفع مستواهم فى مختلف النواحى الحيوية.

49 - استغلال الموارد الطبيعية كالأرض البور والمناجم المهملة وغيرها .

50 - تقديم المشروعات الضرورية على الكماليات فى الإنشاء والتنفيذ .


مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بالقاهرة .

وتحت عنوان : التكولن العملى للإخوان المسلمين

قرر مكتب الإرشاد عقب اجتماع مجلس الشورى الثالث المشار إليه انفا مايلى:

1- على المكاتب والهيئات الرئيسية لدوائر الإخوان المسلمين أن تعنى بتربية الإخوان تربية نفسية صالحة تتفق مع مبادئهم وتميز هذه المبادىء فى نفوسهم ، وتحقيقا لهذه الغاية يكون الانضمام للإخوان .على ثلاث درجات :

أ - الانضمام العام :

وهو من حق كل مسلم توافق على قبوله الدائرة ويعلن استعداده للصلاح ويوقع استمارة التعارف ويتعهد بتسديد الاشتراك المالى الذى يتطوع به للجماعة . . . . ويسمى الأخ فى هذه الدرجة : أخا مساعدا. ب - الآنضمام الأخوى :

وهو من حق كل مسلم توافق على قبوله إدارة -الدائرة السابقة ، وواجباته فضلا عن الواجبات السابقة - ( حفظ العقيدة ) والتعهد بإلتزام الطاعات ، والكف عن المحرمات ، وحضور الاجتماعات الأسبوعية والسنوية وغيرها متى دعى إليها ، ويسمى الأخ فى هذه المرتبة أخا منتسبا .

جـ - الانضمام العملى :

وهو من حق كل مسلم توافق إدارة الدائرة على قبوله ، وتكون واجبات الأخ فيه - فضلا عن الواجبات السابقة - إحضار صورته الشخصية ، وإعطاء البيانات الكافية التى تطلب منه عن شخصه . ودراسة شرح عقيدة الإخوان المسلمين ، والتعهد بالورد القرانى ، وحضور مجالس القرآن الأسبوعية ومجالس الدائرة ، والاشتراك فى صندوق الحج ، والاشتراك فى لجنة الزكاة متى كان مالكا للنصاب .

والانضمام إلى فرقة الرحلات ، ما دامت سنه تسمح بذلك . والتزام التحدث باللغة العربية الفصحى ، بقدر المستطاع . وإلزام المنزل مبادىء الإخوان المسلمين . والعمل على تثقيف نفسه فى الشئون الاجتماعية -العامة ، والاجتهاد فى حفظ

أربعين حديثا نبويا ة وقبول مناصفات الإخوان التأديية ، ويسمى الأخ فى هذه المرحلة من درجات الانضمام : أخا عاملا .

د - وهناك درجة رابعة من درجات الانضماج وهى درجة الانضمام الجهادى ، وهى ليست عامة ، بل هى من حق الأخ العامل إن يثبت لمكتب الإرشادء محافظته على واجباته السابقة ، وفحصها من حق المكتب .

وواجبات الأخ فى هذه المرتبة - فضلا عما سبق - تحرى السنة المطرة ما استطاع إلى ذلك سبيلا فى الأقوال والأفعال والأحوال ، ومن ذلك قيام الليل وأداء الجماعة إلا لعذر قاهر ، والزهادة والعزوف عن مظاهر المتع الفانية ، والبعد عن كل ما هو غير إسلامى فى العبادات وفى المعاملات وفى شأنه كله ، والاشتراك المالى فى مكتب الإرشاد وصنوق الدعوة والوصية بجزء من تركته لجماعة الإخوان . والأمر بالمعروف النهى عن المنكر ما دام أهلا لذلك .

وتلبية دعوة المكتب متى وجهت إليه فى أى وقت وفى أى مكان.

وحمل المصحف ليذكره بواجبه نحو القران الكريم .

والاستعداد لقضاء مدة التربية الخاصة بمكتب الإرشاد ، ويسمى الأخ فى هذه المرتبة مجاهدا .

2 - لمكتب الإرشاد الحق فى منح ألقاب شرفية منها : نقيب ونائب فى كل من درجتى الانضمام الثالثة والرابعة .

وبعد : فقد أخذ مفهوم المنهاج فى تربية الإخوان المسلمين يتسع ويشمل الفرد والأسرة والمجتمع ، وأخذت تعبر عن هذا الاتساع رسائل ،-الأستاذ الإمام البنا بخاصة فى :

رسالة : دعوتنا ..

2 - ورسالة : إلى أى شىء ندعو الناس .

3 - ورسالة : إلى الشباب .

4 - ورسالة : دعوتنا فى طور جديد .

5 - ورسالة : المؤتمر الخامس .

وكان هذا المنهاج للتربية الإخوانية أوضح وأشمل ما يكون فى :

6 - رسالة التعاليم حيث تحدث عن أركان البيعة العشر :

1-الفهم - وله أصول عشرون أفاض فى شرحها .

2 ـ والإخلاص .

3 - والعمل .

4 - والجهاد .

5 - والتضحية .

6 - والطاعة .

7 - وا لثبات .

8 - والتجرد .

9 - والأخوة .

10 - والثقة .

ولولا أن هذه الرسائل الست التى أشرنا إليها مطبوعة مرات وذائعة لعرضنا لمنهج الإخوان فى التربية فيها ، ولكننا نحيل عليها لكل من أراد أن يتعرف بتفصيل على منهج الإخوان المسلمين فى التربية .

جـ - طبيعة المنهج وسماته :

تميز المنهج التربوى لجماعة الإخوان المسلمين في بخصائص وسمات نشير إليها فيما يلى :

المنهج كله مجملا أو مفصلا مأخوذ من الكتاب والسنة والسيرة النبوية ، ما ند فيه شىء عن هذه المصادر .

هو منهج واضح الأهداف لا تجد فيه هدفا إلا يقره الإسلام وترض عنه الشريعة .

المنهج سليم الوسائل فكل وسيلة من وسائله مشروعة ، ولها أصل فى الإسلام تستقى منه .

4 - المنهج مفصل - فى مجموع رسائل الأستاذ الإمام - يتناول تربية الفرد والبيت والمجتمع تربية إسلامية صحيحة .

5 - المنهج متجارب مع المتغيرات يقبل منها ما لا يتعارض مع الإسلام ، ويرد كل ما يخالف شيئا من تعاليم الإسلام . 6 - المنهج مسستوعب لكل متطلبات الأمة الإسلامية فى حاضرها فى مختلف أقطارها .

7 - المنهج عملى واقعى قابل للتنفيذ والتطبيق ، بل طبق فعلا سنوات طويلة ، وخرج رجالا ثبتوا فى ميادين الجهاد فى فلسطين وقناة السويس ، فضلا عن الصبر المعجب الذى واجهوا به حكومات الظلم والاستبداد .


رصد واقع العابر الإسلامى المعاصر

نظرت جماعة الإخوان المسلمين إلى العالم الإسلامى كله على أنه وطن واحد للأمة الإسلامية ، منادية فى أكثر من مناسبة وفى أكثر من وسيلة إعلام متاحة لهم ؛ بأن التقسيم الذى حدث للعالم الإسلامى تقسيم مفتعل ، يحقق مصالح أعداء المسلمين على قدر ما يفوت مصالح المسلمين أنفسهم .

ولقد تمثل ذلك فى دعوتهم إلى الجامعة الإسلامية ، وإلى إعادة نظام الخلافة ، وإلى العمل على إيجاد الدولة الإسلامية .

ومن أجل هذا كان لابد للجماعة من تعرف دقيق على ظروف العالم الإسلامى المختلفة، الطبيعية فيها والمصطنعة، ولقد كانت هذه الظروف سيئة وضارة على مستوى العالم الإسلامى كله ، لأن المتحكمين فى هذه الظروف والمسيطرين على مقدرات العالم الإسلامى - آنذاك - هم أعداء الإسلام والمسلمين المتحالفين على ضربه وإفقاره وإفساده حتى لا تقوم له قائمة .

فرصدت الجماعة ظروف العالم الإسلامى ، للتعرف من خلال هذا الرصد على الداء ثم وصف الدواء ، وكان فى الجماعة قسم سمى " قسم الاتصال بالعالم الإسلامى " يعنى تمام العناية بالتعرف على ظروف المسلمين فى مختلف البقاع والأصقاع .

وكانت ظروف العالم الإسلامى آنذاك - ولا تزال حتى الآن إلا قليلا ممن أزاح الله عنهم بعض سيطرة الأجانب الأعداء - على النحو التالى :

1-النظم الاجتماعية الوافدة الضارة .

ولقد تمثلت هذه النظم فى تشويه شخصية الفرد المسلم ، أولا : بالسيطرة على أفكار الشباب بنين وبنات وثقافتهم بواسطة ما يبثه الأعداء من قيم أخلاقية غربية علينا مدمرة لديننا وآدابه .

ثم تشويه شخصية المرأة المسلمة ، بمحاولة غزوها فى دينها وخلقها لخلعها منهما ، وإلقائها فى حضيض القيم والأخلاق السائدة عند المرأة الغربية التى لا تعتز بدين ولا تهتم بحياء ولا خلق إلى حد كبير.

ثم توريد كثير من العادات والنظم الاجتماعية الغربية التى تتعارض مع الدين آدابه وسلوكياته مثل : إشاعة الملاهى والمراقص .

كشف النساء عن عوراتهن مما حرم الله أن تكشف .

تبرج النساء بالمبالغة فى الزينة خارج بيوتهن .

اختلاط الطلاب والطالبات فى التعليم الجامعى .

إفساد نظم التعليم باستيراده من بلاد الغرب ، دون نظر إلى ما يتفق منه مع الإسلام أو لا يتفق . إهمال المساجد والزراية بعلماء الإسلام زراية تقوم بها الدولة بتفضيل غيرهم عليهم فى المميزات والحقوق ، وتقوم بها أجهزة الإعلام بالسخرية منهم ومن تفكيرهم وسلوكهم في الحياة .

ازدواجية التعليم ، ما بين دينى مهمل ومضيق على المتخرجين فيه ، ومدفنى معتنى به وبخريجيه. محاربة الأزهر حصن علوم الشريعة ولغة القرآن ومنطلق الحركات الإصلاحية والثورية ، محاربة مدروسة مبرمجة ، حتى يخلو المجتمع أو يكاد من الاعتزاز بالانتماء للاسلام .

حرب اللغة العربية لغة القرآن بمزاحمتها بلغتين أجنبيتين على الأقل فى مراحل التعليم ، وبإدخال اللغة وإهمالها بتشجيع العاميه أحيانا ، والمطالبة بأن نكتب العربية بأحرف لاتينية أحيانا - كما فعل عدو الإسلام والعربية مصطفى كمال الذى قضى على الخلافة الإسلامية فى تركيا عام 1924 م –

10 ـ ذيوع القصص الساقط الهابط ، وتشجيع كتاب القصة كلما كان قصصهم يثير الغرائز ويدمر القيم والأخلاق الإسلامية ، ومحاربة الكتاب الإسلاميين وتشويههم ، ورميهم بكثير من التهم ، والحيلولة بينهم وبين الذيوع والأنتشار.

11ـ تشويه التراث الفكرى لدى المسلمين ، ووصم المصلحين منهم بكل النقائص ، لصرف الشباب عن التعلق بأمجادهم ورميهم فى أحضان الحضارة الغربية .

12ـ اتهام القرآن الكريم بالمحلية والإقليمية ونفى صفة العالمية عنه وعن السنة النبوية المطهرة .

13 - تشويه السنة بالطعن على الرواة والتشكيك فى مصادر السنة وكل وسائل توثيقها ، والطعن فى كثير من الصحابة رضى الله عنهم الذين رووا الأحاديث . وغير ذلك كثير .

2ـ النظم السياسية الفاسدة :

وهى كثيرة كذلك بدأت بتشويه نظام الحكم الإسلامى ، وإلغاء نظام الخلافة ، واستمرت تفسد كل ما فى طريقها مما يرتبط بنظم الإسلام ، حتى أصبحت النظم السياسية السائدة فى العالم الإسلامى قلما تجد فيها نظاما سياسيا إسلاميا ، مما أدى إلى ضياع الشخصية السياسية الإسلامية وجعلها متوارية محجوبة ، ومما أدى إلى إلغاء كثير من النظم والقوانين والاداب السياسية الإسلامية ، كأن الإسلام كالنصرانية ، يعنى بأمر الدين وترك أمر الدنيا لمحترفى السياسة والحكم من الناس . مع أن الإسلام يسوس الدنيا ويقودها إلى الخير المؤدى إلى نيل أحسن الجزاء فى الاخرة . ولقد كانت - ولاتزال - أكبر المؤامرات على الإسلام ونظمه ، أن يعزل نظام الحكم الإسلامى عن الممارسة والمتطبيق ، يحدث ذلك بتشويه نظام الإسلام فى الحكم ، كما يحدث بصرف المسلمين عن الإسلام ونظمه بصوارف عديدة نذكر منها:

- حملات التشويه لسياسة الإسلام فى الحياة الدنيا ؛ بإدعاء أن الإسلام دين محلى إقليمى لا يناسب غير العرب ، مع الاستدلال الخاطىء على ذلك بآيات تؤكد عربية القرآن ، مع تجاهل أن هذه العربية لغة وليست عقيدة ، وتجاهل عشرات الآيات القرآنية التى تؤكد عالمية الإسلام وعموميته للبشرية كلها فى كل ز مان ومكان حملات التغريب ، بمعنى تحويل، ولاء المسلمين للغرب فكرا وثقافة وتجارة وزراعة وصناعة وتعليما ، وقد حدث ذلك، فعلا بالنسبة لمعظم بلدان العالم الإسلامى ، فأصبحت الصبغة السائدة فى تلك البلاد غربية لا إسلامية ، وما دامت غربية فهى لا تناسب المسلمين اليوم ولا غدا ولا تناسبهم فى أى مكان ، ولقد كان من أبرز ألوان التغريب ، تغريب السياسة وأنظمة الحكم ، بحيث لم يعد فى العالم الإسلامى معظمه نظام حكم ملكى أو جمهورى يستمد كيانه من الإسلام ويستنبط دستوره من القران الكريم وحده وسنة الرسول T وسيرته .

ولقد تمثلت النظم السياسية التى تمزق العالم الإسلامى فيما يلى :

نظام الحكم :

- الحكم ما عاد يختار وفق المعايبر التى أقرها الإسلام .

ـ السلطة التشريعية فى الحكومة لم تعد تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية ، بل أخذت تستورد قوانين الغرب ونظمه ، مما باعد بين النالس وشرع الله سبحانه .

ـ السلطة القضائيه خضعت لقوانين أجنبية مستوردة ، كالقانون الفرنسى والإنجليزى وغيرهما.

ـ السلطة التنفيذية لم تعد تتخذ العدل والمساواة بين الناس أسلوبا فى التعامل ، وإنما ميزت الأجانب ثم الأغنياء من المواطنين ، ثم أصحاب الجاه السلطان مما خلق تجافيا بين المواطنين والسلطة التنفيذية فى معظم بلدان العالم الإسلامى.

ب - نظام التقاضى :

وقد عمل أعداء الإسلام فى معظم بلدان العالم الإسلامى على أن يكون الحكم بين المتقاضين بالشريعة الإسلامية فى مجال واحد ؛ هو الأحوال الشخصية ثم حدث تمرد عليها ، أما ما عدا ذلك فإن التقاضى بين الناس ، يتم وفق القوانين والنظم الغربية عن الإسلام المعادية له .

فإذا أضيف إلى ذلك ؛ أن القضاة لم يدرسوا الشريعة الإسلامية دراسة تمكنهم من التحاكم بها وإليها بين الناس ، أدركنا كم يبعد نظام التقاضى عن الإسلام ، وبالتالى عن مصلحة المسلمين .

ولقد كان من غزو أعدائنا لديننا وثقافتنا ، أن جعلوا نظام تعليم القضاة فى كليات الحقوق ، تابعا مواليا لأنظمة تعليم القضاة فى بلادهم ، وهو نظام غريب علينا ، غير محقق لمصالحنا لا فى دنيانا ولا آخرتنا .

وإن كليات الحقوق فى العالم الإسلامى ، حلت محل كليات الشريعة الإسلامية ، فى حين أن ما يدرس فى كليات الحقوق لا يمكن أن يعرف الدارس على .الشريعة الإسلامية تعرفا يمكنه من القضاء بها بين الناس . ب - نظام اختيار الوزراء والمسئولين .

والأصل الإسلامى فى ذلك ؛ أن يرشح الرجل لمثل هذه المناصب دينه وتقواه وعلمه وعمله ، ولكن الملاحظ فى أغلب بلدان العالم الإسلامى شئ غير ذلك ، سواء- أكان نظام الحكم ملكيا أو جمهوريا ، فإن كليهما ، يمنح للملك أو لرئيس الجمهورية سلطات واسعة ، ربما لا يوجد لها نظير حتى فى بلاد الغرب التى استوردت منها هذه النظم . ولقد ترتب على ذلك ؛ أن ساء الاختيار فى كثير من الأحيان ، وخضع لاعتبارات ليس منها الدين والتقوى والعلم والعمل ، فسار نظام الحكم من سىء إلى أسوأ ، وضاعت حقوق المواطنين ، أو تجاهلها نظام الحكم ؛ لأن المواطن نفسه لم يعد عازفا لهذه الحقوق إذ جهل بها عن قصد .

ولقد أدى ذلك إلى فساد الجهاز الإدارى فى الحكم ؛ المتمثل فئ عدم الاعتراف بحقوق المواطنين ، وبالتالى إلى عدم إعطاء هذه الحقوق لأصحابها ، طالما أن من بيده الحق لا يتقى الله فى الناس .

ثم ترتب على ذلك أن أصبح هؤلاء الوزراء والمسئولون ، إلا من عصم الله - وهم قليل - يعملون لتحقيق مصالحهم الشخصية قبل المصالح العامة ، ويعتبرون أن اشتراكهم فى هذه المسئولية فرصة لهم ولذويهم ، وبالتالى تضيع على الأمة مصالح كثيرة هى من صميم حقوقها ، لكم سمعنا وقرأنا على ضيق منا وأسى عن مسئولين ، ارتشوا ، واخرين سرقوا ، وغيرهم حابوا وجاروا.

ولقد غفل نظام الحكم الذى يختار الوزراء والمسئولين وفق معاير لاتعطى أولوية للدين والتقوى ؛ غفل عن حقيقة كبرى ، جاءت نتيجة لسوء الاختيار ، وسوء الإدارة ، وهى - إصابة المواطنين بالسلبية ، بعد إحساسهم بعدم المساواة ، أو بالظلم ، هيهات أن يكون واحد من المظلومين فى ظل نظام ما ؛ إيجابيا فاعلا مع هدا النظام !!!

ومن الواضح أن نظام الحكم فى بلد ما ؛ يخضع لدستور هذه البلد وما يفسر به هذا الدستور من قوانين .

ولقد كان للجماعة موقف من الدستور المصرى الأول 1923 م . وما يعطيه هذا الدستور للوزراء من حقوق وما يستطيع أن يراقبهم به من نظم ولوائح .

فقد أعلنت الجماعة أعتراضها على نص الدستور المصرى ووصفت الدستور وطريقة تنفيذه بأنها : " جنت على الأمة الأضرار لا المنافع. . . وأنها بحاجة إلى تحوير وتعديل يحقق المقصود ويفى بالغاية .. . لهذا يعمل الإخوان المسلمون جهدهم ، حتى تحدد النصوص المبهمة فى الدستور المصرى ، وتعدل الطريقة التى ينفذ بها هذا الدستور فى البلاد " .

ولم يكن للجماعة موقف من الدستور وحده ، وإنما كان لها موقف من القوانين . فقد تحدث الأستاذ الإمام فى ذلك قائلا : " إن الإسلام لم يجئ خلو من القوانين ، بل هو أوضح كثيرا من أصول التشريع وجزئيات الأحكام ، سواء أكانت مادية أم جنائية ، تجارية أم دولية ، والقران والأحاديث فياضة بهذه المعانى ، وكتب الفقهاء غنية كل الغنى بكل هذه النواحى وقد اعترف الأجانب أنفسهم بهذه الحقيقة وأقرها مؤتمر " لاهاى " الدولى أمام ممثلى الأهم من رجال القانون فى العالم .

فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون فى أمة إسلامية ، متناقضا مع تعاليم دينها وأحكام قرآنها وسنة نبيها مصطدما كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله .. .".

د - نظام الأحزاب :

نظام الأحزاب المتعددة فى بلد واحد نظام أقحم على العالم الإسلامى ، بعد أن استبد الغرب بهذا العالم الإسلامى ، ولئن كان نظام أى حزب يعتمد على وضع خطة من رجاله للوصول إلى الحكم وتوجيه سياسة الدولة ، إلا أن مزج المصالح الشخصية لرئيس الحزب ورجاله بالمصالح العامة للدولة ، قد ألقى ظلالا من الشك على العمل كله ؛ نتيجة للواقع المشاهد فى كثير من بلدان العالم الإسلامى ، وفى مصر بالذات ، حيث يستطيع المراقب للعمل الحزبى وللمارسة الحزبية من يوم أنشىء أول حزب فى مصر 1907 م بعد ا استيراد هذا النظام الحزبى من إنجلترا وفرنسا ، اللتين عرفتا نشأة الحكومة الشعبية خلال القرن الثامن عشر الميلادى ، وإلى تحول - مفهوم حكومة الشعب فى مصر إلى نظام شمولى ظالم ، معتسف بقيام ثورة 1952 ، التى ألغت الأحزاب ، وشكلت حزبا واحدا ، هو هيئة المنتفعين باط بم والحكم المراقب لذلك كله يدرك أن النظام الحزبى فى مصر وفى معظم بلدان العالم الإسلامى كان ضرره كبيرا وشر مستطيرا فى مجتمعات الأصل فيما أن يحكمها نظام الإسلام .

ولقد كان لجماعة الإخوان رأى فى الأحزاب عبر عنه المرحوم " حسن البنا " فى رسالة المؤتمر الخامس عام 1938 م بقوله :

" والإخوان المسلمون يعتقدون أن ألأحزاب السياسية المصرية جميعا قد وجدت فى ظروف خاصة ، ولدوافع أكثرها شخصى لا مصلحى . . .

ويعتقدون كذلك أن هذه الأحزاب لم تحدد برامجها ومناهجها إلى الآن ؛ فكل منها يدعى أنه يعمل لمصلحة الامة فى كل نواحى الإصلاح ولكن ما تفاصيل هذه الأعمال وما وسائل تحقيقها ؟ وما الذى أعد من هذه الوسائل ؟ وما العقبات التى ينتظر أن تقف فى سبيل التنفيذ ما أعد لتذليلها ؟ كل ذلك لا جواب له عند رؤساء الأحزاب وإدارات الأحزاب ، فهم قد اتفقوا فى أمر آخر هو التهالك على الحكم ، وتسخير كل دعاية حزبية وكل وسيلة شريفة وغير شريفة فى سبيل الوصول إليه ، وتجريح كل من يحول من الخصوم الحزبيين دون الحصول عليه .

ويعتقد الإخوان كذلك أن هذه الحزبية قد أفسدت على الناس كل مرافق حياتهم ، وعطلت مصالحهم ، وأتلفت أخلاقهم ، ومزقت روابطهم ، وكان لها فى حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر . .

" كما يعتقد الإخوان أن هناك فارقا بين حرية الرأى والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة - وهو ما يوجبه الإسلام - وبين التعصب للرأى والخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هوة الانقسام فى الأمة ، وزعزعة سلطان الحكام ، وهو ماتستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه أشد التحرم ، والإسلام فى كال تشريعاته إنما يدعو إلى الوحدة والتعاون . .. وإن الإخوان لايضمرون لحزب من الأحزاب أيا كان خصومة خاصة به ، ولكنهم يعتقدون من قرارة نفوسم ، أن مصر لا يصلحها ولا ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها ، وتتألف هيئة وطنية عاملة ، تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القران الكريم "

وبعد : فإذا كان للجماعة رأى فى الأحزاب فإن اكتمال هذا الرأى إنما يكون بمعرفة رأى الإخوان فى الحكومات . عند سقوط حكومة محمد محمود باشا وتأليف على ماهر باشا للوزارة عام 1939م ، استقبلته مجلة " النذير " لسان حال الإخوان بافتتاحية العدد 27 بتاريخ 6 من رجب سنة 1358 هـ بقلم المرحوم صالح عشماوى رئيس تحرير النذير بعنوان : " وزارة جديدة وموقف قديم " جاء فيه :

فموقفنا إذن من وزارة على ماهر باشا ، هو موقفنا من أية وزارة ، موقف قديم ، لايتغير بتغير الوزارات ، ولا يتبدل بتبدل الوزراء ، فمن أيد الفكرة الإسلامية ، وعمل لها واستقام فى نفسه وفى بيته ، وتمسك بتعاليم القران فى حياته الخاصة والعامة كنا له مؤيدين مشجعين ، ومن عارض الدعوة الإسلامية ولم يعمل لها بل وقف فى سبيلها أو حاول، التنكيل بها كنا له أعداء وخصوما ، ونحن فى كلتا الحالتين إنما نؤيد ونعارض ونحب ونكره لله وفى الله . . . "

هكذا ينظر الإخوان المسلمون إلى النظم السياسية السائدة فى العالم الإسلامى كله ، ويتخذون منها الموقف الإسلامى الملتزم .


3- النظم الاقتصادية المعادية للإسلام :

وقد غزت هذه النظم العالم الإسلامى كله ؛ بعد أن تحالفت دول الغرب على إسقاط الخلافة ، وإضعاف المسلمين ، وإبعادهم عن دينهم ونظمه ؛ ليسهل على كل الأعداء السيطرة على العالم الإسلامى ، وتحويله إلى مزرعة للغرب وسوق لترويج منتجاته .

ولقد أخذت معظم بلدان العالم الإسلامى - بعد أن وقعت فى براثن أعدائها ونظمهم الاقتصادية - تعانى وتسير من سيىء إلى أسوأ ، على الرغم من غنى هذا العالم الإسلامى الطبيعى ، بل وتكامله اقتصاديا ، ففيه من المزروعات والمياه والتربة الصالحة مايكفيه ويكفى غيره ، وفيه من الثروات البترولية والمعدنية مايفيض بالقطع عن حاجته ، وفيه من الأنهار والبحار ما يحقق حاجته إلى " البروتين الحيوانى " أسماكا ، ومن الثروة الحيوانية ما يفى بحاجته ويزيد عنها .

ولكن الأجنبى الغاصب قد استطاع أن يحول كل هذه الثروات إلى مصلحته هو أولا ، وأن يقدم لأصحابها الفتات الذى لا يكفى وما قصة القطن ببعيدة عن الأذهان .

وقد أدى ذلك - وكان لابد أن يؤدى -إلى سوء توزيع الثروة بين الناس ، فكان فقر شديد وثراء فاحش ؛ الفقر للمسلمين والثراء للأجانب أذنابهم من أهل البلاد.

وفى الوقت نفسه أغرق العالم الإسلامى بنظم اقتصادية معادية للإسلام ، تارة غربية وأخرى شرقية وكلها ضد الإسلام ومبادئه ، وأخذ العالم الإسلامى من جراء أخذه بهذه النظم أو تلك يتخبط فى متاهات لا يعرف منها مخرجا ، ويهوى فى ضلالات لا يجد لنفسه فيها هدى .

وأخذ نظام اقتصادى غربى يهوى بها الفقر والحاجة ، ونظام اقتصادى شرقي يغوص به فى مهاوى الفقر والحاجة .

ولقد صور الأستاذ الإمام " حسن البنا " هذا التخبط فى قوله :

". . . إننا فى وسط هذا المعترك الصاخب العنيف بين المبادىء الاقتصادية ، من رأسمالية ، أو اشتراكية ، أو شيوعية ، لم نحدد لونا نصبغ به حياتنا الاقتصادية ، فى وقت تحتم فيه التحديد ، وتعقدت فيه الأمور ، بحيث لم تعد تنفع فيها أنصاف الحلول ، ولم يعد يجدى إلا الوضوح الكامل ، وتحديد الأهداف تحديدا دقيقا ، والسيرإليها فى قوة وعزيمة .

وهذه الأوضاع ، وإن امتزجت بها المعانى السياسية ، إلا أنها فى أغلب صورها ودوافعها ونتائجها تعاليم وأوضاع اقتصادية ، ولهذا كان لابد لنا أن نختار لونا من هذه الألوان ، أو من غيرها إن استطعنا ، لنعيش فى حدود وضع معلوم ؟ له خصائصه ومميزاته ، يحدد أهدافنا الرئيسة ، ويرسم لنا طريق العمل للوصول إلى هذه ا لأهدا ف .

وأعتقد أنه لا خير لنا فى واحد من هذه النظم جميعا ، فلكل منا عيوبه الفاحشة ، كما له حسناته البادية . وهى نظم نبتت فى غير أرضنا لأوضاغ غير أوضاعنا ، ومجتمعات فيها غير ما فى مجتمعنا. .. فضلا عن أن بين أيدينا النظام الكامل ،، الذى يؤدى إلى الإصلاح الشامل فى توجيهات الإسلام الحنيف ، وما وضع للاقتصاد من قواعد كلية أساسية لو علمناها وطبقناها تطبيقا سليما لانحلت مشكلاتنا ، ولظفنا بكل ما فى هذه النظم من حسنات وتجنبنا كل ما فيها من سيئات ، وعرفنا كيف يرتفع مستوى المعيشة وتستريح كل الطبقات ، ووجدنا أقرب الطرق إلى الحياة الطيبة".

ثم تحدث الإمام الشهيد عن قواعد النظام الاقتصادى فى الإسلام ، فقال : " قدمت فى الكلمة السابقة أن مصر تتقاذفها الألوان الاقتصادية ، وتتضارب فيها النظم والاراء العصرية ؛ من رأسمالية واشتراكية وشيوعية ، وأن من الخير كل الخير أن تبرأ من هذه الألوان كلها ، وأن تركز حياتها الاقتصادية على قواعد الإسلام وتوجيهاته العليا اوتستمد منه وتعتمد عليه ، وبذلك تسلم من كل ما يصحب هذه الآراء من أخطاء ، وما يلصق بها من عيوب ، وتنحل مشاكلنا الاقتصادية من أقصر طريق .

ويتلخص نظام الإسلام الاقتصادى فى قواعد أهمها :

1- اعتبار المال الصالح قوام الحياة ووجوب الحرص عليه وحسن تدبيره وتثميره .

2 - إيجاب العمل والكسب على كل قادر .

3 - الكشف عن منابع الثروات الطبيعية ، ووجوب الاستفادة من كل ما فى الوجود من قوى ومواد .

4 - تقريب الشقة بين مختلف الطبقات تقرببا يقضى على الثراء الفاحش والفقر المدقع .

5 - تحرم موارد الكسب الخبيث .

6 - الضمان الاجتماعى لكل مواطن وتأمين حياته والعمل على راحته وإسعاده .

7 - الحث على الإنفاق فى وجوه الخير ، وافتراض التكافل بين المواطنين ، ووجوب التعاون على البر والتقوى .

8 - تقرير حرمة المال ، واحترام الملكية الخاصة ما لم تتعارض مع المصلحة العامة .

9 - تنظيم المعاملات المالية بتشريع عادل رحيم والتدقيق فى شئون النقد .

10- تقرير مسئولية الدولة فى حماية هذا النظام .

والذى ينظر فى تعاليم الإسلام يجد فيه هذه القواعد مبينة فى القران الكريم والسنة المطهرة وكتب الفقه الإسلامى بأوضح بيان " .

ثم أخذ الأستاذ يعلق على كل واحدة من هذه القواعد تعليقا موجزا، وأضاف على هذه القواعد العشرتذييلأ بعنوان : استغلال النفوذ. . . من أين لك هذا ؟ فقا ل :

" كما حظر الإسلام استخدام السلطة والنفوذ ، ولعن ا لراشى والمرتشى والرائش ، وحرم الهدية على الحكام والأمراء ، وكان عمر يقاسم عماله ما يزيد عن ثرواتهم ويقول لأحدهم ، من أين لك هذا ؟ إنكم تجمعون النار وتورثون العار " . وليس للوالى من مال الأمة إلا ما يكفيه ، وقد قال أبو بكر لجماعة المسلمين حين ولى عليهم : " كنت أحترف لعيالى فأكتسب قوتهم ، انا الان أحترف لكم فافرضوا لى من بيت مالكم " .

ففرض له أبوعبيدة قوت رجل من المسلمين ليس بأعلاهم ولا بأوكسهم ، وكسوة الشتاء وكسوة الصيف وراحلة يركبها ويحج عليها ، وقومت هذه الفريضة بألفى درهم ، ولما قال أبو بكر : لا يكفينى ، زادها له خمسمائة وقضى الأمر . تلك هى روح النظام الاقتصادى فى الإسلام ، وخلاصة قواعده أوجزناها منتهى الإيجاز ، ولكل واحدة منها تفصيل ، يستغرق مجلدات ضخاما ، لواهتدينا بهديها ، وسرنا على ضوئها ، لوجدنا فى ذلك الخير الكثير " .

وبعد : فهكذا رصدت جماعة الإخوان المسلمين واقع العالم الإسلامى ، من خلال أبرز ما يحيط به من النظم الاجتماعية الفاسدة ، والنظم السياسية الجائرة ، والنظم الاقتصادية المعادية للإسلام ، رصدتها رصدا دقيقا يستهدف أمرين :

الأول : معرفة هذا الواقع المعاصر لبعالم الإسلامى ، والتعرف على مدى بعده أو قربه من الإسلام ، والتأمل فى الظروف والملابسات والأسباب التى أدت به إلى هذا الواقع السيىء لتكون عبرة ولتكون حيطة وحذر .

والثانى : الطب لهذا الواقع السيىء فى العالم الإسلامى طبا نابعا من الإسلام تابعا لشرع الله وهدى محمد Tفى شئون الحياة كلها .

ومن المعروف أنه لا طب ولا تطبيب قبل التعرف على المرض والعرض ، تشخيصا دقيقا يعتمد المشاهدة والتجريب ، ليكون من بعد ذلك العلاج الناجح والدواء المفيد الشافى بإذن الله تعالى . ومعنى ذلك ، أن من صميم تربية الجماعة للفرد المسلم ؛ أن يعرف العالم الإسلامى الذى ينتمى إليه معرفة جيدة ؛ وأن يعتبر كل مرض فيه مرضا فى وطنه هو بل فى شخصه ؛ وأن من واجبه ألا يقف مكتوف اليدين سلبيا لا يفعل شيئا ، وإنما يربى على الإحساس بضرورة الإسهام فى حل كل مشكلة من مشاكل العالم الإسلامى ما وجد إلى ذلك سبيلا وفق ما شرع الله وما هدى إليه المعصوم T.

ولقد أشرنا من قبل إلى المؤسسات الاقتصادية التى أنشأها الإخوان فى مصر ، و التى دلت على رؤيه عميقة للواقع الاقتصادى والسياسى والاجتماعى فى مصر ، وما شأن أى بلد من بلدان العالم الإسلامى إلا شأن مصر ، من حيث القوى المسيطرة عليه ، ومن حيث النظم السائدة فيه ، وكل مسلم مطالب بأن يفكر. فى حل ما فى مجتمعه من مشكلات .

تلك أساسية من أساسيات التربية الإخوانية للناس ، لمسناها فى هذا التراث الذى خلفه مؤسس الجماعة ، وفى كل ما كتبه واحد من المنتمين إلى هذه الجماعة .


الباب الثانى وسائل التربية عند الإخوان المسلمين

وتتضمن ما يلى :

أولا : فكر الجماعة بين الغاية و الوسيلة .

ثانيا : منهج الجماعة مع القوة والثورة والحكم والخلافة .

أ ـ منهج الجماعة وموقفها من استخدام القوة والثورة .

ب ـ منهج الجماعة وموقفها من الحكم .

جـ ـ منهج الجماعة وموقفها من الخلافة .

ثالثا : الوسائل الخاصة للجماعة فى تربية أفرادها .

1ـ الأسرة .

2ـ الكتيبة .

3ـ الرحلة .

4ـ المخيم أو المعسكر .

5ـ الدورة .

6ـ الندوة .

7ـ المؤتمر .

أولاً : فكر الجماعة بين الغاية والوسيلة

أوضح ما عبر عنه الإمام الشهيد حسن البنا من فكر الجماعة بين غايتها ووسيلتها ، ما جاء على لسانه فى المؤتمر الخامس المنعقد فى 1357 هـ بعد مرور عشر سنوات على إنشاء الجماعة ، قال :

" ... ولهذا أحببت أن أتحدث لحضراتكم فى ايجاز عن معنى الإسلام وصورته الماثلة فى نفوس الإخوان ؛ حتى يكون الأساس الذى ندعوا إليه ونعتز بالانتساب له والإستمداد منه واضحا جليا :

أولا : نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شامله ، تنتظم شون الناس فى الدنيا وفى الآخرة ، وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم ، إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية ، دون غيرها من النواحى ، مخطئون فى هذا الظن ؛ فالإسلام عقيدة وعبادة ، ووطن وجنسية ، ودين ودولة ، وروحانية وعمل ، ومصحف وسيف ، والقرآن الكريم ينطق بذلك كله ، ويعتبره من لب الإسلام ومن صحيحة ، ويوصى بالإحسان فيه جميعه ، وإلى هذا تشير الآية الكريمة ( وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ، ولاتنس نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن الله إليك )

وإنك تقرأ القرآن : فى الصلاة وفى العقيدة وفى العبادة وفى الحكم والقضاء والسياسة وفى الدين وفى التجارة وفى الجهاد والقتال والغزو وفى غيرها من الآداب العامة وشئون الإجتماع .

وهكذا اتصل الإخوان بكتاب الله ، واستلهموه واسترشدوه ، فأيقنوا أن الإسلام هو المعنى الكلى الشامل

ثانيا: يعتقد افخوان المسلمون ، أن الإسلام ومعينها ، هو كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذان إن تمسكت بهكا الأمة فلن تضل أبدا ، وأن كثيرا من الآراء والعلوم التى اتصلت بالإسلام وتلونت بلونه ؛ تحمل لون العصور التى أوجدتها ، والشعوب التى عاصرتها ؛ ولهذا يجب أن تستقى النظم الإسلامية التى تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافى ، معين السهولة الأولى ، وأن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية والنبوية ، حتى لانقيد أنفسنا بغير مايقيدنا الله به ، ولا نلزم عصرنا لون عصر لايتفق معه ، والإسلام دين البشرية جميعا .

ثالثا : يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام كدين عام انتظم كل شئون الحياة فى كل الشعوب والأمم ، لكل الأعصار والأزمان ، جاء أكمل وأسمى أن يعرض لجزئيات هذه الحياة ، وخصوصا فى الأمور الدنيوية البحتة ، فهو إنما يضع القواعد الكلية فى كل شأن من هذه الشئون ، ويرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها والسير فى حدود ها.

ولضمان الحق والصواب فى هذا التطبيق ، أو تحريهما على الأقل ، عنى الإسلام عناية تامه بعلاج النفس الإنسانية وهى مصدر النظم ومادة التفكير والتصوير والتشكل ، فوصف لها من الأدوية الناجعة مايطهرها من الهوى ، ويغسلها من أدران الغرض والغاية ويهديها إلى الكمال والفضيلة ، ويزجرها عن الجور والقصور والعدوان ، وإذا أستقامت النفس وصفت فقد أصبح كل مايصدر عنها صالحا جميلا .. . . كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين ، أن شملت فكرتهم كل نواحى الإصلاح فى الأمة ، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحيه ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبى الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها . تستطيع أن تقول ولاحرج عليك : إن الإخوان المسلمين :

ا - دعوة سلفية : لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافى من كتاب الله وسنة رسوله .

2 - وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة فى كل شىء وبخاصة العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .

3 - وحقيقة صوفية : لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ونقاء القلب والمواظبة على العمل والإعراض عن الخلق والحب فى الله والارتباط على الخير .

4 - وهيئة سياسية : لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم فى الداخل ، وتعديل النظر فى صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم فى الخإرج ، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على قوميته إلى أبعد حد .

5 - وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف وأن النبى T يقول : " إن لبدنك عليك حقا " وأن تكاليف الإسلام كلها لايمكن أن تؤدى كاملة صحيحة إلا بالجسم القوى ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لابد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح فى طلب الرزق ، ولأنهم تبعا لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيرا من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .

6 - ورابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة على كل سلم ومسلمة ، ولأن أندية الإخوان هى فى الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لترببة الجسم والعقل والروح .

7 -وشركة اقتصادية : لأن الإسلام يعنى بتدبير المال من جهه ، وهو الذى يقول نبيه T " نعم المال الصالح للرجل الصالح " ويقول : " من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له " ، " إن الله يحب المؤمن المحترف "

8 - وفكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامى ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها .

وهكذا نرى شمول معنى الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولا لكل مناحى الإسلام ، ووجه نشاط الإخوان إلى كل هذه النواحى ، وهم فى الوقت الذى يتجه في غيرهم إلى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليمها جميعا ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعا .. . .

ولقد تميزت دعوة الإخوان بخصائص خالفت فيها كثيرا من الدعوات التى عاصرتها . ومن هذه الخصائص :

1- البعد عن مواطن الخلاف .

2ـ البعد عن هيمنة الأعيان والكبراء .

3 - البعد عن الأحزاب والهيئات .

4 - العناية بالتكوين والتدرج فى الخطوات .

5 - إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات .

6 - شدة الإقبال على الدعوة من الشباب .

7 - سرعة الانتشار فى القرى والبلاد .

ثم أخذ يشرح كل واحدة من هذه الخصائص ، ومما جاء فى حديثه عن التكوين والتدرج فى الخطوات قوله : " وأما ا التدرج والاعتماد على التربية ووضوح الخطوات فى طريق الإخوان المسلمين ، فذلك أنهم اعتقدوأ أن كل دعوة لابد لها من مراحل ثلاث :

ـ مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب .

ـ ثم مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين .

- ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج .

وكثيرا ما تسير هذه المراحل جنبا إلى جنب ، نظرا لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينها جميعا ، فالداعى يدعو وهو فى الوقت نفسه يتخير ويربى وهو فى الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك .

فى حدود هذه المراحل سارت دعوتنا ولاتزال تسير ، فقد بدأنا بالدعوة فوجهناها إلى الأمة فى دروس متتالية وفى رحلات متلاحقة ، وفى مطبوعات كثيرة وفى حفلات عامة وخاصة ، وفى جريدة الإخوان المسلمين ا الأولى وفى مجلة النذير الأسبوعية.

ولازلنا ندعو وسنظل كذلك ، حتى لايكون هناك فرد واحد لم تصله دعوة الإخوان المسلمين على حقيقتها الناصعة وعلى وجهها الصحيح ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره .

وأظن أننا وصلنا فى هذه المرحلة إلى درجة نطمئن عليها وعلى اطراد السير فيها ، وصار من ألزم واجباتنا أن نخطو الخطوة الثانية ، خطوة الاختيار والتكوين والتعبئة:

وقد خطونا هذه الخطوة الثانية فى ثلاث صور :

1- الكتائب :

ويراد بها تقوية الصف بالتعارف وتمازج النفوس والأرواح ، ومقاومة العادات والمألوفات ، والمران على حسن الصلة باللة تبارك وتعالى واستمداد النصر منه ، وهذا هو معهد التربية الروحية للإخوان المسلمين .

2 – الفرق: للكشافة والجوالة والألعاب الرياضية :

ويراد بها تقويه الصف بتنمية جسوم الإخوان وتعويدهم الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة وإعدادهم للجندية الصحيحة التى يفرضها الإسلام على كل مسلم ، وهذا هو معهد التربية الجسمية للإخوان المسلمين .

3 - درس التعاليم فى الكتائب أو فى أندية الإخوان المسلمين :

ويراد به تقوية الصف بتنمية أفكار الإخوان وعقولهم بدراسة جامعة لأهم ما يلزم الأخ المسلم معرفته لدينه ودنياه وهذا هو معهد التربية العلمية والفكرية للإخوان المسلمين .

ذلك إلى مختلف نواحى النشاط الأخرى التى يتدرب فيها الإخوان على الواجب الذى ينتظرهم ، لجماعة تعد نفسسها لقيادة أمة بل لهداية العالمين . وبعد أن نطمئن على موقفنا من هذه الخطوة نخطو إن شاء الله الخطوة الثالثة ، وهى الخطوة العملية التى تظهر بعدها الثمار الكاملة لدعوة الإخوان المسلمين .

ولقد كان كلام الإمام عن هاتين الخطوتين فى المؤتمر الخامس 1938 م . ولما اطمأن إلى اكتمال الخطوة الثانية وضع رسالة كاملة فى الخطوة الثالثة خطوة العمل والتنفيذ هى " رسالة التعاليم " 1943 م بعد خس سنوات من رسالة المؤتمر الخامس .

وقد وجه رسالة التعاليم بقوله :

أما بعد :

فهذه رسالتى إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم ، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها أو يموتوا فى سبيلها ، إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات الموجزة ، وهى ليست دروسا تحفظ لكنها تعليمات تنفذ ، فإلى العمل أيها الأخوة الصادقون ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكهم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) (وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون )

أما غير هؤلاء فلهم دروس ومحاضرات وكتب ومقالات ومظاهر وإداريات ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات وكلا وعد الله الحسنى .

وقد أخذ عليهم بيعة بالالتزام بأركان عشرة تمثل أركان هذه البيعة وهى : الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوة والثقة .

كانت رسالة البيعة سنة 1943 م ، ثم سارت الجماعة وفقها سنوات خمس بالنسبة للإخوة الذين وجهت إليهم الرسالة - فلما نضجوا ، وأصبحوا أهلا للجهاد فى سبيل الله ، وهو ذروة سنام الإسلام ، دخلوا حرب فلسطين ضد يهود عام 1948 م ، وكان لهم فيها بلاء أى بلاء ، ثم دخلوا حربا " فدائية " ضد الإنجليز المحتلين لمصر عام 1951 م فى قناة السويس ، وشهد بذلك لهم التاريخ .

ثم أوضح الأستاذ الإمام الغاية والوسيلة فى رسالة المؤتمر الخامس تحت عنوان : من منهج الإخوان المسلمين .

الغاية والوسيلة :

فقال : " .. . . إن غاية الإخوان تنحصر فى تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة.

فى كل مظاهر حياتها ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) .

وإن وسيلتهم فى ذلك تنحصر فى تغيير العرف العام ، وتربية أنصار الدعوة على هذه التعاليم ، حتى يكونوا قدوة لغيرهم فى التمسمك بها والحرص عليها والنزول على حكمها.

وإنهم ساروا إلى غايتهم فى حدود وسيلتهم فوصلوا إلى درجة من النجاح يطمئنوت إليها ويحمدون الله عليها ....


ثانيا : منهج الجماعة مع القوة والثورة والحكم والخلافة

هذا المنهج المتكامل الذى تنادى به الجماعة ، وهو المنهج النابع من ا القرآن الكرم والسنة النبوية المطهرة ، والذى يساعد الأخذ به على الوصول إلى الغاية مع شرف الوسيلة ومشروعيتها . هذا المنهج لابد أن يكون له موقف من مفردات الحياة السياسية ، وله قدرة على التعامل مع هذه المفردات ، وله تصور دقيق واضح المعالم ، فى الأخذ بتلك المفردات أو طرحها .

ولقد طرح الأستاذ الإمام الشهيد عددا من التساؤلات ، ثم أجاب عليها ، فكان فى تلك الإجابة تحديد لموقف الجماعة من هذه الأمور .

فقد : " يتساءل كثير من الناس :

هل فى عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة فى تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم ؟

وهاط يفكر الإخوان المسلمون فى إعداد ثورة عامة على النظام السياسى أو النظام الاجتماعى ؟

وهل فى منهاج الإخوان المسلمين أن يكونوا حكومة وأن يطالبوا بالحكم ، وما وسيلتهم إلى ذلك ؟

ولقد أجاب الإمام على هذه التساؤلات إجابات شافية فى رسالة المؤتمر الخامس 1938 م .


ا - منهج الجماعة وموقفها من استخدام القوة والثورة :

يقول الإمام الشهيد موضحا هذا الموقف : " أما القوة فشعار الإسلام فى كل نظمه وتشريعاته.. .. فالإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء ، ولابد أن يعملوا فى قوة .

ولكن الإخوان المسلمين أعرق فكرا وأبعد نظرا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر ، فلا يغوصوا فى أعماقها ، ولايزنوا نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها ، فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة ة قوة العقيدة والإيمان ، ويلى ذلك قوة الوحدة والارتباط ؛ ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح .

ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعانى جميعا ، وأفها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهى مفككة الأوصال مضطربة النظام ، أو ضيفة العقيدة خامدة الإيمان ، فسيكون مصيرها الفناء والهلاك .

هذه نظرة ،ونظرة أخرى : هل أوصى الإسلام - والقوة شعاره - باستخدام القوة فى كل الظروف والأحوال ؟ أم حدد لذلك حدودا واشترط شروطا ووجه القوة توجيها محدودا .

ونظرة ثالثة : هل تكون القوة أول علاج ، أم أن آخر الدواء الكى ؟ وهل من الواجب أن يوازن الإنسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة وما تحيط بهذا الاستخدام من ظروف ؟ أم من واجبه أن يستخدم القوة وليكن بعد ذلك ما يكون ؟

هذه نظرات يلقيها الإخوان المسلمون على أسلوب استخدام القوة قبل أن يقدموا عليه.

والثورة أعنف مظاهر القوة ، فنظر الإخوان المسلمين إليها أعمق وأدق ، في وطن كمصر جرب حظه فى الثورات فلم يجن من ورائها إلا ما تعلمون .

وبعد كل هذه النظرات والتقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين :

إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدى غيرها ،وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة ، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولا، وينتظرون بعد ذلك ، ثم هم يقدمون فى كرامة وعزة ، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضا ووارتياح .

أما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها ، ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها ، وإن كانوا يصارحون - كل حكومة فى مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ؛ ولم يفكر. أولو الأمر فى إصلاح عاجل ، وعلاج سريع لهذه المشاكل ، فسيؤدى ذلك حتما إلى ثورة ؛ ليست من عمل الإخوان المسلمين ولامن دعوتهم ، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال وإهمال مرافق الإصلاح .

وليست هذه المشاكل التى تتعقد بمرور الزمن ويستفحل أمرها بمضى الأيام إلا نذيرا من هذه النذر ، فليسرع المنقذون بالأعمال.


2 - منهج الجماعة وموقفها من الحكم :

ويتساءل فريق اخر من الناس : هل فى منهج الإخوان المسلمين أن يكونوا حكومة ، وأن يطالبوا بالحكم ؟ وما وسيلتهم فى ذلك ؟

ولا أدع هؤلاء المتسائلين فى حيرة ولانبخل عليهم بالجواب . فالإخوان المسلمون يسيرون فى جميع خطواتهم وامالهم وأعمالهم على هدى الإسلام الحنيف كما فهموه ، وكما أبانوا عن فهمهم هذا فى أول هذه الكلمة .

وهذا الإسلام الذى يؤمن به الإخوان المسلمون ، يجعل الحكومة ركنا من أركانه ،يعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد ، وقديما قال الخليفة الثالث رضى الله عنه : " إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن " وقد جعل النبي T الحكم عروة من عرى الإسلام .

والحكم معدود ن كتبنا الفقهية من العقائد والأصول لا من الفقهيات والفروع ، فالإسلام حكم وتنفيذ كما هو تشريع وتعليم ، كما هو قانون وقضاء ، لاينفك واحد منا عن الآخر ، والمصلح الإسلامى إن رضى لنفسه أن يكون فقيها مرشدا ؛ يقرر الأحكام ويرتل التعاليم ويسرد الفروع والأصول ، وترك أهل التنفيذ يشرعون للامة مالم يأذن به الله ، ويحملونها بقوة التنفيذ على محالفة أوامره ، فإن النتيجة الطبيعية أن صوت هذا المصلح سيكون صرخة فى واد ونفخه فى رماد كايقولون .

قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون الإسلاميون برتبة الوعظ والإرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لأوامر الله وتنفيذا لأحكامه وإيصالا لآياته و احاديث نبيه T .

وأما والحال كما نرى : التشريع الإسلامى في واد والتشريع الفعلى والتنفيذى فى واد اخر ، فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية ، لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدى الذين ل ايدينون بأحكام الإسلام الحنيف .

هذا كلام واضح لم نأت به من عند أنفسنا ، ولكننا نقرر به أحكام الإسلام الحنيف . وعلى هذا ، فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم ، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء هذه الأمانة ، والحكم بمنهاج إسلامى قرآنى فهم جنوده وأنصاره وأعوانه ، وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم ، وسيعملون لاستخلاصه من أيدى كل حكومة لا تنفذ أوامر الله .

وعلى هذا ؛ فالإخوان أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الناس على هذا الحال ، فلابد من فترة تنشر فيها مبادىء الإخوان وتسود ، ويتعلم فيها الشعب كيف يؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .

وكلمة لابد أن نقولها فى هذا الموقف هى : أن الإخوان المسلمين لم يروا فى حكومة من الحكومات التى عاصروها - لا الحكومة القائمة ولا الحكومة السابقة . ولا غيرما من الحكومات الحزبية - من ينهض بهذا العبء ، أو من يبدى الاستعداد الصحيح لمناصرة الفكرة الإسلامية .

فلتعلم الأمة ذلك ، ولتطالب حكامها بحقوقها الإسلامية ، وليعمل الإخوان المسلمون .

وكلمة ثانية : أنه ليس أعمق من الخطأ فى ظن بعض الناس من أن الإخوان المسلمين كانوا فى أى عهد من عهود دعوتهم مطية لحكومة من الحكومات ، أو منفذين لغاية غير غايتهم ، أو عاملين على منهاج غير منهاجهم . فليعلم ذلك من لم يكن يعلمه من الإخوان ومن غير الإخوان .


3 - منهج الجماعة وموقفها من الخلافة :

" .. . ولعل من تمام البحث أن أعرض لموقف الإخوان المسلمين من الخلافة ومايتصل بها .

وبيان ذلك أن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام ، وأنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير فى أمرها والاهتمام بشأنها .

والخليفة مناط كثير من الأحكام فى دين الله ، ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر فى شأنها على النظر فى تجهيز النبى - T - ودفنه حتى فرغوا من تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها .

والأحاديث التى وردت فى وجوب نصب الإمام ، وبيان أحكام الإمامة وتفصيل مايتعلق بها ، لاتدع مجالا للشك فى أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير فى أمر خلافتهم منذ حورت عن مناهجها ثم ألغيت بتاتا إلى الان .

والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها فى رأس مناهجهم ، وهم مع هذا يعتقدون أن ذلك يحتاج إلى كثير من التمهيدات التى لابد منها ، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد أن تسبقها خطوات :

لابد من تعاون تام ثقافى واجتماعى واقتصادى بين الشعوب الإسلامية كلها.

يلى ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد .

ثم يلى ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية ، حتى إذا تم للمسلمين ، نتج عنه الاجتماع علي ." الإمام "الذى هو واسطة العقد ومجتمع الشمل ومهوى الأخمدة وظل الله فى الأرض "،

بعد هذا التوضيح الذى كتبه الإمام نفسه لم يعد باحث أو محلل محتاجا إلى شرح أو تفصيل فيما يتصل بمنهج الجماعة وموقفها من هذه العناصر الرئيسية فى العمل الإسلامى ، "التى تمثل بعض الوسائل العامة فى تربية الإخوان للناس.

وإلى الحديث عن الوسائل الخاصة لتربية الإخوان المسلمين لأنفسهم والمنتسبين إلى جماعتهم وفق وسائل ربما سبقوا غيرهم إليها ، ومع جدية ومرونة فى التعامل مع هذه الوسائل جعلت الجماعة - فترة وجيزة فى عمر التاريخ - تتجاوز مصر إلى البلاد العربية وإلى البلاد الإسلامية وإلى كثير من دول أوربا في أمريكا وأفريقيا .


ثالثا : الوسائل الخاصة للجماعة فى تربية أفرادها

لجأت الجماعة فى تربية أفرادها إلى وسائل عديدة ، هى التى يعنينا أن نرصدها هنا واحدة واحدة من خلال وثائق الجماعة ، ومن خلال تاريخها ، وما كتب عنها مرشدها الأول وماكتب سواه من قادة الجماعة وأفرادها بل ماكتبه الاخرون من خارج الجماعة من غربيين وشرقيين .

ولقد كانت هذه الوسائل التى اتخذتها الجماعة لتربية أفرادها متنوعة ، مابين عامة وخاصة ، ومتدرجة ما بين الانضمام العام إلى الجماعة ، والانضمام الأخوى ، والانضمام العملى ، والانضمام الجهادى ، وما كان هذا التنوع ولا هذا التدرج ، إلا بحثا عن الوسائل الأمثل فى التربية .

هذه الوسائل على نحو إحصائى استقرىء فيه تاريخ الجماعة هى :

1-الأسرة.

2-الكتيبة.

3-الرحلة.

4 - المخيم أو المعسكر .

5 - الندوة .

6 - الدورة .

7-المؤتمر.

ولكل واحدة من هذه الوسائل أهدافها وآدابها وشروطها على النحو الذى سنبينه فيما بعد بعون من الله تعالى .

وقبل الحديث عن هذه الوسائل العامة والخاصة على نحو مفصل ، يجدر بنا أن نتحدث عن التدرج فى الانضمام إلى الجماعة ، ،لما يمثله هذا التدرج من دلالة قوية على أن التربية فى صفوف هذه الجماعة لم تكن مرتجلة ، ولم تستهدف تكثير العدد على حساب النوع ، شأن كثير من الاحزاب السياسية .

هذا التدرج فى الانضمام سبق أن أشرنا إليه ونحن نتحدث عن التكوين العملى للإخوان المسلمين .

ولقد تكاملت التربية عند الإخوان المسلمين بتوجه غايتهم منذ النشأة إلى الأبعاد الرئيسة فى التربية وهى :

المنهج الصحيح.

والوسائل الشاملة .

والقيادة الحازمة الموثوق فيها .

أما المنهج الصحيح فقد وجدته الجماعة فى كتاب الله وسنة رسوله T وسيرته ، وأحكام الإسلام النقية البعيدة عن الدخائل والمفتريات ، وأخذوا يربون أفرادهم وفق ذلك كله .

وأما الوسائل الشاملة : فهى تلك التى أشرنا إليها انفا وحصرناها فى سبعة ، وسنفصل القول فيها بعد قليل .

وأما القيادة الحازمة الموثوق فيها : فتبدأ بنقيب الأسرة وتنتهى بالمرشد العام للجماعة . وبعد : فإلى الحديث عن الوسائل واحدة، واحدة .

الوسيلة الأولى : الأسرة

كانت الأسرة فى فقه جماعة الإخوان المسلمين هى اللبنة الأولى فى بناء الجماعة وتكوينها ، كما أنها أساس التكوين للأفراد ، وامثل الأساليب لتربية الفرد تربية متكاملة ، تتناول كل جوانب شخصيته ، وتصوغ هذه الشخصية صياغة إسلامية وفق كتاب الله وسنة رسوله T.

ومن أجل هذا ، كان للأسرة بالغ الأهمية فى تاريخ الجماعة ، حتى ، عدت إحدى الركائز ، بل أهم الركائز التى يقوم عليها بناء الجماعة ، وعلى الرغم من أن بعض مفكرى الجماعة وبعض فقهائها أتى عليهم حين من الزمان رأوا فى الأسرة وسيلة قد تجاوزتها الجماعة ، بما حققته من عالمية تفرض عليها اتخاذ وسائل بديلة عن الأسرة ، أو على رأى بعضهم تستغنى عن التربية وفق نظام الأسر ؛ أقول : على الرغم من ذلك ، فإن المنظرين فى فكر الجماعة والأعمق فقها والأشمل تصورا لمتطلبات الجماعة والميدانيين التطبيقيين منهم ، يرون أن الأخذ بنظام الأسرة ضرورة غير منفكة بحال ؛ ويسوقون فى التدليل على فقههم وسلامته ، وفكرهم وصوابه ما يلى :

أولاً: التربية وفق نظام الأسرة هى-التربية وحدها دون سواها ، لما فى نظام الأسرة من حكمة ودقة وتربية على يد شيخ ، أو معلم هو النقيب ، وبرناج نابع من الكتاب والسنه خاضع لجدول زمنى مدروس.

ثانيا : التربية وفق نظام الأسرة لا تتعارض أبدا مع عالمية الدعوة ؛ لأن عالمية الدعوة إنما نبعت من عالمية الإسلام ، وعالمية منهجه ونظامه ، وليست العالمية من صنع الجماعة ، حتى نقول إنها وصلت إليها بوسيلة الأسرة وإن عليها أن تغير هذه الوسيلة .

وما التعارض مع العالمية وضرورة التربية الفردية وفق منهج وعلى يد معلم ؟ وبوسيلة هى الأسز ؟ .

ثالثها : التربية وفق نظام الأسرة هدف متضمن فى وسيلة " لأن إعداد الفرد إعدادا إسلاميا متكاملا ، وإنضاج روحه وفكره وعقيدته وسلوكه عمل له من الاستمرارية ما يجعله هدفا أبديا ، وإن كانت الأسرة تمثل وسيلة له إلا أن ارتباطهما جعل نظام الأسر ذا استمرارية محتومة .

رابعا : طالما أن التربية عن طريق نظام الأسرهى التى تمي تمكن إعداد الفرد إعدادا إسلاميا متكاملا ، فهى مستمرة حتى وإن قامت حكومة إسلامية كاملة ؛ لان التربية عن صريق الأسرة تمد الحكومة بحاجاتها من العناصر البشرية ، ؟التى أعدت إعدادا جيدا ، وستظل أى حكومة فى حاجة مستمرة إلى العناصر الصالحة .

خامسا : على فرض قيام حكومة إسلامية كاملة تسيطر على التعليم ، وعلى وسائل افعلام ، فإنها عن طريق التعليم والإعلام لن تستطيع أن تربى الأفراد ؛ تلك التربية المتكاملة التى تغرس فى النفوس الفضائل والجدية والإحساس بالتبعة ؛ لظروف كثيرة تتصل بعملية التعليم وبوسائل الإعلام ومدى فاعليتها ، فالأسرة ومنهجها ونظامها ضرورة لتربية الأفراد وإعدادهم الإعداد الإسلامى المطلوب .

وسوف يتناول حديثنا عن الأسرة ما يلى:

1 ـ تاريخ الأسرة فى الجماعة .

2 ـ أهداف الأسرة الخاصة والعامة .

3 ـ أركان الأسرة.

4 ـ شروط الأسرة .

5 ـ ىداب الأسرة أو واجباتها .

6 ـ برنامج الأسرة .

7 ـ وسائل الأسرة .

8 ـ إدارة الأسرة .

9 ـ نقيب الأسرة .


وقبل هذا لابد من :

تعريف الأسرة وتحديد لمفهومها وتعرف على شرعيتها فى الإسلام .

كل ذلك قد استقيناه من رسائل الإخوان ، وما كتب عنهم من بحوث ودراسات ؛ بعضهم كتبها الإخوان أنفسهم قادة وافرادا ، وبعضه كتبه أعداء الإخوان ، وبعضه كتبه بعض الأجانب عن العرب والمسلمين .

وهذا ما عنيناه فى عنوان هذه الدراسة عندما قلنا : إنها دراسة تحليلية تاريخية .

فنقول وبالله التوفيق :


الأسرة

تقديم للاسرة يتناول :

ا-تعريفها.

ب - تحديد مفهومها فى الجماعة .

جـ - شرعيتها فى الإسلام .


التعريف :

فى اللغة : تعنى كلمة الأسرة فى اللغة معانى عديدة منها :

الدرع الحصينة .

وأهل الرجل وعشيرته .

والجماعة يربطها أمر مشترك .

وهم رهطى وأسرتى وتقول : مالك أسرة إذا نزلت بك عسرة .

وأسرة الرجل رهطه ، لأنه يتقوى بهم .


وتعنى الكلمة فى علم الاجتماع ما يلى :

تتكون أسز الرجل من ذوى قرباه وزوجه ، وروابط الأسرة مصدر لبعض الحقوق والواجبات المالية وغير المالية .

والأسرة عند الرومان : هى : الجماعة العائلية ، وكانت تشبه فى تكوينها العشيرة فى المجتمعات الأخرى : يفترض أعضاؤها انتسابهم إلى جد واحد مشترك ، ولذا يحملون اسمه ويقدسونه وكان الزواج بين أفراد العشيرة الرومانية مكروها .

ومن خلا ل هذه التعريفات اللغوية والتعريف الاجتماعى، نستطيع أن نقول : أن الجماعة قد اهتدت منذ زمن باكر فى تاريخ إنشائها إلى أن يكون هذا التجمع فى ظل الأسرة يحمل كل هذه المعانى التى وردت فى تلك التعريفات ؛ فالأسرة درع حصينة لكل واحد من أعضائها ، وهى من العضو بمثابة الأهل والعشيرة ، وبخاصة إذا عرفنا أن الجماعة جعلت أركان هذه الأسرة هى : التعارف والتفاهم والتكافل ؛ كما أن الأسرة جماعة يربط بينهم أمر مشترك ؛ هو العمل والتربية والإعداد من أجل الإسلام .

والأسرة يتقوى بها كل عضو من أعضائها .

كما انها ، أوجبت على أعضائها بعض الواجبات المالية ؛ إذ لكل أسرة صندوق ، يغذيه اشتراك الأعضاء وينفق منه على صالح الأسرة وصالح الجماعة وصالح الإسلام .

وبكل معنى من هذه المعانى ، كان فهم الجماعة للأسرة ، بل زادت على ذلك ما سوف نتحدث عنه فى الصفحات التالية ، كما ورد ذلك على لسان المرشد الأول ، والمرشد الثانى للجماعة ، بل على لسان عدد كبير من قادتها .

ب - تحديد مفهوم الأسرة فى الجماعة :

يقول الإمام " البنا " عن الأسرة :

" يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا ، ويقوى روابطهم ، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات ، فاحرص يا أخى أن تكون لبنة صالحة فى هذا البناء( الإسلام ) ".

ويقول المرشد الثانى للجماعة المرحوم " حسن الهضيبى " :

" . . .. وليس نظام الأسر إلا تحقيق معانى الإسلام تحقيقا عمليا بين الإخوان ، فإذا هم حققوا ذلك فى أنفسهم ، صح لهم أن ينتظروا ماوعد الله به المؤمنبن من نصر ، لا يعلم كيف يكون ولا متى يكون إلا هو جلت قدرته وأحاط بكل شىء علما .

( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز . الذين إن مكناهم فى الأرض اقاموا الصلاة وآتوا الركاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) .

وفى تحديد أكثر توضيحا يتحدث الإمام " البنا " عليه رحمة الله عن نظام الأسر فيقول : " هذا النضام أيها الإخوان نافع لنا ومفيد كل الفائدة للدعوة بحول الله وقوته ، فهو سيحصر الإخوان الخلصاء، وسيجعل من السهل الاتصال بهم ، وتوجيههم إلى المثل العليا للدعوة ، وسيقوى رابطتهم ، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات ، كما حدث فعلا فى بعض الأسرالتى أصيب فيها بعض أعضائها وسينتج بعد قليل رأس مال للإخوان من لا شىء ، فاحرصوا أيها الإخوان على أن ينجح هذا النطام فى محيطكم والله يتولاكم " ثم يقول بعد تحديد واجبات نظام الأسر : " فإذا أديتم هذه الواجبات الفردية والاجتماعية والمالية ؛ فإن أركان هذا النظام ستحقق بلا شك ، وإذا قصرتم فيها فسيتضاءل حتى يموت ، وفى موته أكبر خسارة لهذه الدعوة؛ وهى اليوم أمل الإسلام والمسلمين " .

ومن خلال هذا الضوء على مفهوم الأسر فى الجماعة نستطيع أن نحدد معالمها بدقة فى مفهوم الجماعة على النحو التالى :

1 - نظام الأسر نظام إسلامى يوجه الأفراد إلى المثل العليا .

2 - ويقوى الروابط بين الأفراد وبخاصة عندما نذكر أن أركانه هى التعارف والتفاهم والتكافل بين الأفراد .

3 - ويرفع أخوة الأفراد من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى العمل والتطبيق .

4 - زهو وسيلة لتيسير الاتصال بهؤلاء الأفراد الذين أخلصوا للدعوة بهذا الانضمام .

5 – وهو وسيلة لتكوين رأس مال للإخوان ، يمثل قدرة اقتصادية ناشئة .

6 - الانضمام إلى هذا النظام واجب على كل منتمى للجماعة .

7 - وهذا النظام يمثل عصب الجماعة فرديا واجتماعيا وماليا ، الجماعة أمل الإسلام والمسلمين.


جـ - شرعيتها فى الإسلام :

الأسرة بمعناها الشرعى الذى سنتحدث عنه بعد قليل ؛ ليست ابتكارللجماعة ، وإنما هى امتداد لعمل مماثل تم فى بداية الدعوة الإسلامية فى دار الأرقم ابن أبى الأرقم بمكة ، ولكن الأسرة بمعناها التنظيمى الحركى تكاد تكون وقفا عل الجماعة كل النحو الذى سيتضح لنا ونحن نتحدث عن التفصيلات الخاصة بها .


والتأصيل الشرعى للأسر يمكن أن ندركه من خلال أهدافها ومن خلال أركانها وآدابها ، ففى كل ذلك نجد الأصول الشرعية ، التى تساند نظام الأسر وتبرره بل وتدعو إليه وتشجع عليه ، ونشير إلى بعض ذلك فيما يلى :

أولا بالنسبة للأهداف :

هدف الأسرة الأول هو : العمل على تكوين الشخصية الإسلامية المتكاملة عند الفرد وتربيتها وتننميتها وفق اداب الإسلام وقيمه.

وأهم جوانب تلك الشخصية ، الجانب العقدى والجانب العبادى والجانب الخلقى والجانب الثقافى . وكل تلك الجوانب دعا الإسلام إلى تكوينها ورعايتها وتربيتها ، وهو يدعو إلى الإيمان والإسلام والإحسان والعدل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد فى سبيل الله ، لتكون كلمة الله هى العليا .

ونسوق لذلك بعض النصوص الإسلامية على النحو التالى :

أ - فى الإيمان : أى تحقيق القلب وإقرار اللسان وعمل الجوارح . قال الله تعالى : ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ) . وقال ( قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ) . وقال ( فآمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلنا والله بما تعملون خبير . يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) .

والايات والأحاديث النبوية الداعية إلى الإيمان والعمل الصالح كثيرة ؛ ومن هنا نقول : إن كل عمل يدعو إلى الإيمان والعمل الصالح وكل نظام يؤدى إلى ذلك ، أو يشجع عليه ؛ له أصل شرعى فى الإسلام هو تلك النصوص الكريمة.

ب - فى الإسلام : وهو الانقياد لله والاعتراف باللسان ، ولن يقبل الله من أحد من خلقه دينأ غير الإسلام ؛ (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين ) . والآيات الداعية إلى الإسلام كثيرة منها قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين ) . وقوله : ( قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ) . وقوله سبحانه : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

جـ - فى الإحسان : وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، وهو الإتقان والتجويد الذى كتبه الله على كل شىء قال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... ) . وقال سبحانه : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ).

وقال سبحانه : ( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ) . وقال تعالى : ( وإن الله لمع المحسنين )

وقال سبحانه : ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) .

د - العدل : هو المساواة وهو التقسيط على سواء ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كوئوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن - الله خبير بما تعملون )

وقال سبحانه : (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ). وقال سبحانه : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم ) .

هـ - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : وهو الأمر بكل معروف كل أحد والنهىعن كل منكر كل أحد . قال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ، وقال سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) .

و - إلجهاد فى سهبيل الله : الجهاد هو استفراغ الوسع فى مدافعة العدو وهو ثلاثة أنواع :

مجاهدة العدو الظاهر .

ومجاهدة الشيطان .

ومجاهدة النفس .

وكل هذه الثلاثة داخلة فى مطالبة الله سبحانه لنا بالجهاد ، فى قوله سبحانه :

( وجاهدوا بأموالكم وأئفسكم في سبيل الله ) وقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون )

وقوله سبحانه : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) وقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيم من عذاب أليم تومنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) .

وبعد : فتلك هى الأصول الشرعية للأسرة فى نظام الجماعة ، وكلها واردة فى القران الكريم ، أما السنة النبوية المطهرة ففيها فى هذا المجال من النصوص ؛ مالا نستطيع أن نستوعبه فى هذه الصفحات لأننا فى مجال الاستشهاد لا مجال الاستطراد .

ولنبدأ فى تناول ما وعدنا به فى الحديث عن الأسرة من النقاط التسع التى أشرنا إليها آنفا ، فنقول وبالله التوفيق .


تاريخ الأسرة فى الجماعة

إن تاريخ نظام الأسر فى الجماعة مرتبط بظروف سياسية بم عاشتها الجماعة ، نذكرها هنا بصورة موجزة على النحو التالى :

  • فى أوائل أكتوبر 1941 م ، عقد الإمام البنا اجتماعات فى مدينة دمنهور هاجم فيها السياسة البريطانية هجوما سافرا ، فصدر أمر رئيس الوزراء " حسين سرى " باعتقاله ، فاعتقل فى 13 أكتوبر سنة 1941 م .

وأمضى الأستاذ مدة شهر فى معتقل الزيتون ، وكان معه الأستاذان " أحمد السكرى " و " عبد الحكيم عابدين " ، وعندما صدر أمر بالإفراج عنه ؟ رفض أن يخرج حتى يفرج عن زميليه ؛ لولا أن ألح عليه أخواه فى الخروج ،لما فى ذلك من المصلحة العامة للجماعة .

وأخذت الحكومة تضيق على الجماعة وتصادر مطبوعاتها ، وتمنع ظهور اسم " الإخوان المسلمون " فى أى صحيفة أو كتاب ، مستجيبة فى ذلك لأمر المستعمرين الإنجليز .

  • فى ذلك الوقت - وقت الحرب العالمية الثانية – كانت جيوش الألمان تكتسح أمامها جيوش الحلفاء فى الصحراء الغربية ، حتى كادت تقتحم دلتا مصر ، فسقطت وزارة " حسين سرى " وجاءت وزارة " النحاس " ، وتقرر إجراء انتخابات جديدة .

وتقدم الأستاذ مرشحا نفسه عن دائرة الإسماعيلية ، وللإخوان فيها مالهم من النفوذ ، وفى أثناء المعركة الانتخابية استدعى " النحاس " المرشد وحدثه بصراحة قائلا : إن الإنجليز طلبوا منه أن يحول بين " حسن البنا " و دخول المجلس بأى طريقة ، مبديا دهشته من إصرار الإنجليز على منع رجل من الشعب من دخول مجلس النواب !!

واستشار الأستاذ مكتب الإرشاد ، ثم قابل " النحاس " وأبلغه أن الإنجليز يريدون أن يوقعوا بين الإخوان والوفد ، وقال الأستاذ " البنا " " للنحاس " : إن من الخير أن تدخر جهود المصريين ؛ لتحرير وطننا ، فعدونا ليس مصريا ، وقدم الأستاذ دليلا على صدق نيته بأن تنازل عن ترشيح نفسه ، فحفظها النحاس جميلا ، فصرح بصدور مجلة باسم " الإخوان المسلمون " وسمح للجماعة بإقامة المؤتمرات العامة ، وبنشاط فرق الجوالة - وكل ذلك كان مما حرمته حكومة " حسين سرى " على الجماعة .

وجاء دور الانجليز مع الإخوان فحاولوا التقرب من الجماعة بل حاولوا شراء الجماعة بالمال ، فطلب الإنجليز أن يقابل مندوبهم الأستاذ " البنا " فقابله فى غير دار السفارة وفى غير دار الإخوان ، وطلب المندوب البريطانى من الأستاذ أن يعرف أهداف الإخوان ، فوضح الأستاذ له أهداف الجماعة ، ومنهجها ، وموقفها من الأجانب ، وعلاقة الإسلام بالأديان السماوية . . فقال المندوب للأستاذ : إن فكرتهم عن الإخوان كانت سيئة ، ولكنها تحسنت الان بعد هذا الاتصال المباشر بالأستاذ.

وأرادوا أن يشتروا الجماعة بالمال ، فقال المندوب للأستاذ : تعبيرا عن تقديرنا للإخوان : بعد أن فهمنا أهدافهم نود أن نقدم بعض المال للجماعة ؛ لتستعين به على تحقيق أهدافها الديموقراطية . وكان الأستاذ فى هذه المقابلة قد عرف من المندوب البريطانى شيئا عن مدى استعانة الإنجليز بالزعماء ، وبرهن له المندوب على أنهم يعينون أصدقاءهم فى تكاليف العمل السياسى ، وأن هذا شىء عادى .

ويحدث الأستاذ عن ذلك قائلا : كان الكلام ينزل على قلبى كأنه الخناجر وكان رده عليهم - بعد أن ظنوا أنهم أقنعوه لحسن استماعه - أن قال للمندوب البريطانى : إنكم مادمتم تعتبروننا رقيقا يباع ويشترى بالمال ، فلن تستطيعوا أن تتفاهموا معنا ، ولابد لكم من أن تعترفوا بحقيقة التطورات التى حدثت فى العالم الإسلامى ، وأن تغيروا عقلية التجار التى دخلتم بها أرضنا .

وبعد هذه المقابلة الحاسمة ؛ ضغط الإنجليز على النحاس ليضيق على الإخوان ففعل ، إذ أصدر أمرا بإغلاق جميع شعب الإخوان فى القطر المصري كله ، وإن أبقى على المركز العام غير مغلق تحت المراقبة الشديدة ، واشتطت الحكومة فى تعقب الإخوان ورصد حركاتهم ، وحاول الإنجليز استفزاز الإخوان ليقاوموا هذا الضغط ؛ فيجد الإنجليز فرصة للبطش بالإخوان بطشتهم التى يريدون -وبخاصة أن البلاد فى ظل حرب عالمية وحكم عسكرى .

  • ولكن الإخوان فهموا المخطط ، وفوتوا على الإنجليز هدفهم ، واتجه الإخوان إلى المساجد ، يقرأون فيها رسالة " المأثورات " ، ويلقى بعضهم عظة ، أو كلمة فى المسجد ، إذا أتيح ذلك له .

وأشيع فى ذلك الجو الرهيب أن الإتجليز سوف يلقون القبض على الأستاذ وربما نفوه من مصر - كما فعلوا من قبل مع عدد من الزعماء والمصلحين - وأحس الأستاذ بذلك فكتب رسالة إلى إخوانه سميت : " رسالة النبى الأمين " ، وهى نفس الرسالة التى اشتهرت فيما بعد باسم : " بين الأمس واليوم " وهى هى التى نشرت آنا آخر باسم : " من تطورات الفكرة الإسلامية وأهدافها " .

وإن الناظر فى هذه الرسالة على اختلاف أسمائها ، ليحس من خلالها أنها وصية مودع ، يوصى إخوانه باستمرارية العمل من أجل الإسلام ومجمل الرسالة فى كلمات هو :

1 - توضيح رسالة النبى الأمين عليه الصلاة والسلام ليلتزم الإخوان بتحقيق هذه الرسالة فى المجتمع .

2 - توضيح المنهج القرانى فى الإصلاح الاجتماعى .

3 - تحديد الشعائر العملية لهذا المنهج القرانى فى الإصلاح ، بل وللإسلام كله وما يشتمل عليه من نظام . 4 - حديث عن الدولة الإسلامية الأولى وكيف قامت قوية فتية ؛ ليعرف الناس كيف تبنى الدول.

5 - حديث ضاف عن أسباب الضعف والانحلال التى حلت بالدولة الإسلامية ، فصيرتها دويلات ضعيفة تابعة .

6 - بيان لأنواع الصراع الذى يجتاح الأمة الإسلامية المعاصرة ، الصراع السياسى والصراع الاجتماعى .

7 - بيان لطغيان المادة على بلاد المسلمين ، مما ترك أسوأ الاثار.

8 - تحديد عمل جماعة الإخوان فى ظل هذه الظروف مجتمعة وهو : البعث والإنقاذ .

9 - وصية من المرشد للإخوان يوضح لهم مكان جماعتهم ومكانتها من التيارات الحزبية والسياسية المعاصرة.

10 – تحديد لواجبات الإخوان ، ومطالبتهم بالالتزام بها ؛ من إيمان واع وأخلاق فاضلة وإقبال على منابع الدعوة الأولى ، ومن تآخٍ وتحاب فى الله ومن سمع وطاعة فى المنشط والمكره .

  • غير أن هذه الظروف مرت بسلام ، ولم يعتقل الإنجليز المرشد ولا أغروا بالجماعة رئيس الوزراء - ربما لظروفهم السيئة فى الحرب مع الألمان ، وإيثارهم ألا يفتحوا فى هذه الظروف العصيبة جبهة داخلية فى مصر .

بل حدث ما هو أكثر من ذلك ؛ إذ أصدر رئيس الوزراء أمراً بفتح شعب الإخوان المسلمين فئ نفس عام 1943 م ، وعقد الإخوان اجتماعا ضخما ضم المسئولين من الإخوان فى القطر كله ، وكان أهم ما فى هذا الاجتماع أمرين :

الأول : قراءة رسالة النبىالأمين .

الثانى : تقرير نظام الأسر - التى سميت حينها بالأسر التعاونية .

تلك صورة واضحة لتاريخ نظام الأسرة فىالجماعة ، وهو نظام قديم فى تاريخ الجماعة ، ورسالة الأسر التعاونية قديمة كذلك ، لم تسبقها من الرسائل سوى " رسالة المنهج " ، تلك التى حدد فيها المرشد مراحل العمل ، وتكوين الكتائب عام 1937 م .

ولقد كان نظام الأسر فى الجماعة وتاريخها ، هو البناء الدقيق للجماعة من الداخل. لكى تستطيع الجماعة مواجهة التحدى الذى يستهدف القضاء عليها ، وهذا البناء الداخلي كان يتطلب من الجماعة أن تقيم بناءها الداخلي على الأسس التالية :

ا - الفهم الجيد للدين : أهدافه ووسائله .

2 - الإيمان العميق بهذا الدين ، والاعتزاز بالانتماء إليه .

3 - تنظيم صفوف الجماعة وتقوية العلاقات بين أفرادها .

4 - التعاون بين الأفراد فى كل أمر يخدم الإسلام .

5 – التعارف الكامل بين الأفراد .

6 - التناصح والتواس بالحق والصبر.

7 -أن يحمل الفرد عبء الجماعة ، وأن تحمل الجماعة عبء الفرد .

8 - أن تحمل الجماعة وأفرادها عبء الدين .

9 - تطبيق الإيمان تطبيقاً عملياً فى العقيدة .

10 – تطبيق الإسلام تطبيقاً عملياً فى العبادة والمعاملة والسلوك والأخلاق . وكل تلك الأسس تكفل بها نظام الأسر ، ليسهم بهاإسهاماً عملياً وعلمياً في البناء الداخلي للجماعة ، على نحو ما سوف يتضح لنا ونحن نتحدث عن أهداف الأسرة وأركانها وشروطها وآدابها ، وغير ذلك من النقاط التى حددناها آنفا .


2 – أهداف الأسرة العامة والخاصة

هذه الأهداف التى سنتحدث عنها ، لم نجد لها تسمية ، تنص على أنها أهداف فى رسائل الإمام المرشد ، ولا رسائل غيره من قادة الجماعة ومفكريها ، ولكنا شعرنا به ! من خلال مجموع ما قرأناه ودرسناه وحللناه من فكر الجماعة ، ومن مجمل ما كتب عنها، ولسنا بهذا نضيف إلى الجماعة ولا إلى نظام الأسر ما ليس منه ؛ فإن كل عمل إنسانى لابد له من هدف يسعى إليه ، وكل عمل قامت به الجماعة أو دعت إليه كان له هدف ما فى ذلك شك . وجملة الأهداف العامة أوالخاصةالتي سنذكرها هنا ، إنما هى نتيجة للدراسة التاريخية ، وللتحليل الذى تصدينا له، فى هذه الدراسة ، وهو تحليل يوجبه المنهج العلمى فى البحث ودراسة تاريخ الجماعة ، بل هو تحليل قامت عليه هذه الدراسة لتاريخ الجماعة واستهدفته . وسوف تظل هذه الجماعة بوصفها معلما بارزا فى تاريخ العمل الإسلامى فى مصر والعالمين العربي والإسلامى ، بل وفى العالم كله - سوف تظل بحاجة لمزليد من الضوء والكشف ما لم يتم هذاالتحليل وأمثاله لفكر الجماعة ومنهجها ،لأن ذلك وحده هو الذى يضع النقاط فوق الحروف ، وعلامات الترقيم بين الكلمات والجمل . ومن الله نستمد العون ونسأله التوفيق .


أ - الأهداف العامة لنظام الأسر

ا – تكوين شخصية المسلم تكويناً متكاملا ًيلبى مطالب الدين ومطالب الدنيا أى المعاد والمعاش . وهذا التكوين يتناول :

العقيدة الصحيحة فى الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

العبادة الصحيحة بأدائها وفق ما جاءت بها شريعةالإسلام، والعبادة بمعناها الواسع الذى يجعل كل العمل عبادة ، ويبرز منه جانب العدل والإحسان .

الخلق والسلوك الملتزم بأوامر الإسلام ونواهيه ومستحباته ومكروهاته .

العلم أولا ًبكتاب الله وسنة الرسول- صلىالله عليه وسلم - . وثانيا بكل ما هو لازم أو هام من علوم الحياة على مختلف أشكالها وتخصصاتها ، بل التبريز فى هذا العلم .

العمل والتطبيق لكل ما علمه المسلم من أمور دينه ، وأمور دنياه ، وبخاصة فى مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالجهاد فى سبيل الله ؛ لتكون كلمة الله هى العليا .

العناية بالبدن بالأخذ بكل أسباب القوة ، والابتعاد عن كل ما يضعف هذا البدن ، أو يصرفه عن الوجهة التى فطره الله عليها فى ضوء ما أحل الله وما حرم .

المهارات والقدرات وضرورة الاهتمام بأن يكون كل مسلم عارفاً لاستغلال قدراته ، ومنمياً لمهاراته وعلى رأسها تعلم حرفة للكسب .

وكل ذلك إنما يتم على وجهه داخل الأسرة ووفق برنامجها .

2 - توثيق الروابط بين أفراد الجماعة اجتماعياً وتنظيمياً ؛وذلك عن طريق تحقيق أركان الأسرة من تعارف وتفاهم وتكافل؛ بحيث يؤدي ذلك إلى تقويةالروابط الاجتماعية بين الأفراد ، كما يجب أن يؤدىإلى توثيق الروابط التنظيميةعلى كافة مستويات التنظيم فى الجماعة ، الأسرة والشعبة والمنطقة وما إلى ذلك من التنظيمات. وإنما يتم ذلك داخل الأسرة بالممارسة العملية والتطبيق والرقابة والمتابعة ، الرقابةالذاتية عن طريق وردالمحاسبةوالمتابعة من أفراد الأسرة ومن نقيبها.

3 - العمل على زيادة الوعى بالتيارات الموالية للعمل الإسلامى أو المعادية له :

لدعم التيارات الموالية أيا كان أصحابها وللتصدى للتيارات المعادية أيا كان أصحابها كذلك ، الدعم والتصدى بأنسب الأساليب وأقربها إلى الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن . وأبرز هذه التيارات : - ــ التيار الاجتماعى وما يفرزه من عادات وتقاليد يجب أن تعاير بمعايير إسلامية ، فما وافق منها الإسلام قبل وما خالفه رفض وَرُدَّ.

التيار السياسى وما يقدمه من مذاهب ونظريات وأحزاب وفكر وثقافة . لتأييد ما والى الإسلام ، والتصدى لكل ما يعادى الإسلام ، أو يختلف مع شىء من مبادئه وقيمه .

التيار الاقتصادى وما يمثله من قوة وقدرة تتمثل فى مؤسساته وأجهزته والآته ، وما يفرزه هذا التيار من نظم وقيم توالى ما جاء به الإسلام ،أو تعاديه ، لدعم الموالى وصد المعادى كذلك.

4 - الإسهام فى إطلاق قوى الخير والصلاح الكامنة فى شخصية المسلم ، وتوظيفها لخدمة الدين وتحقيق أهدافه ، وإنما يكون ذلك بالتعرف على قوى الخير والصلاح فىكل فرد ، ورصد هذه القوى ، ثم توظيفها لخدمة الدين ؛ بعد التعرف الدقيق على متطلبات الدين فى مرحليات بعينها ووفق أولويات بعينها كذلك .

وهذه القوى التى يجب أن ترصد فى كل مسلم تتنوع :

قوة عقل وثقافة وقدرة على التحليل .

قوة بدن وقدر على التحمل .

قوة زوح وعقيدة وعبادة .

قوة قيادة وسياسة وتنظيم .

قوة تجميع للناس وتحبب إليهم .

قوة على العمل والاستمرار فيه .

قوة على خدمة الناس والسعى فى حوائجهم .

وكذلك الشأن فى التعرف على متطلبات الإسلام فى مرحلة من مراحل الاحتياج ، وأولوية هذه الاحتياجات وفق تنسيق خاص .

وكل ذلك إنما يعرف ويكشف فى داخل الأسرة ، ووفق ما أعد لها من برنامج .


5 ـ مقاومة عناصرالتخاذل والسلبية فى شخصية الفرد ، مقاومة تعتمد أيضا على رصد العناصر ومعرفة أسبابها ، ثم العمل على إزالة أسبابها ، وتوجيه صاحبها نحو الإيجابية والإحساس بالتبعة . ومن أبرز هذه العناصر ما يلى :

ــ الرين والصدأ الذى يغشى القلب فيصرفه عن واجبه .

ــ الكسل والتراخى .

ــ البعد عن الإخوة العاملين النشطين .

ــ ضعف الإحساس بالتبعة .

ــ سوء فهم الهدف والغاية من العمل الإسلامى .

ــ الإنحراف فى تيار معاد متستر .

ــ ضعف العبادة وعدم ارتياد المسجد .

مع ضرورة التعرف على سبب أى عنصر من هذه العناصر ، أو غيرها لازلته أولا ، ثم العمل على تشجيع صاحبها على العمل والسعادة به . وغالبا ما يكون ذلك ـ بعد إزالة الأسباب ـ بما يلى :

ــ إذكاء عناصر الإيمان و لإسلام والإحسان فى النفس .

ــ التذكير بواجب الفرد نحو ربه ونحو دينه ونحو أخيه ونحو مجتمعه وعالمه الإسلامى .

ــ التفقيه والتثقيف عن طريق القراءة والبحث ، والتشجيع على ذلك .

ــ الإحاطة الاجتماعية بهذا الفرد ، بمعنى أن يحيط به عدد من إخوانه العاملين النشطين المحبين للعمل .

ــ القيام برحلات وزيارات تذهب هذا التباطؤ والتراخى .

ــ عقد صلات بين هذا الأخ وبين بعض

ــ ملازمة نقيب الأسرة لهذا الأخ المتكاسل أطول فترة ممكنة .

6 - تحقيق معنى الاعتزاز بالإسلام ، والالتزام بادابه وأخلاقه فى كل مناشط الحياة ومكارهها .

وهذا سوف يتطلب من كل فرد من الأفراد مايلى :

ــ أن يخلع ويهجر أى اعتزاز بمبدأ غير الإسلام .

ــ أن يعتز بالإسلام أكثر من اعتزازه بذويه أو وطنه ، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .

ــ أن يتقيد بكل خلق فاضل دعا إليه الإسلام مهما كلفه هذا التقيد من جهد ، ومهما جعله يشعر بالغربة فى أى مجتمع غير متقيد بآداب الإسلام وأخلاقه.

ــ أن يبتعد عن كل ماطالب الإسلام بالابتعاد عنه ؛ من خلق رذيل أوسلوك شائن ، وأن يحتمل فى سبيل هذا الابتعاد كل ما يعرض له من متاعب نفسية أو اجتماعيه أو سياسية مهما كان ثقل ما يحتمل .

ــ أن يعتبر أن العالم الإسلامى كله هو وطنه الذى يعمل من أجل رفعته وسيادته ، وتحكيم شرع الله فيه .

7 - تحقيق معنى الانتماء للجماعة والالتزام بأهدافها ورسائلها وحركها ونظمها وآدابها ، بكل مايتطلبه الانتماء من تبعات مادية أو معنوية ، تبعات تتطلب جزءا أساسيا من الوقت ومن الجهد ومن المال .

والجماعة دائما - وفى كل وسائلها وأنظمتها وقانونها الأساس ولائحتها الداخلية - تنادى بأعلى صوت ؛ بأن كل مالها من أهدافوكل ماتتخذه من وسائل وكل حركة لها وكل نظام وكل أدب ؛ إنما ينبع كل ذلك من مصدرين رئيسين هما:

كتاب الله وسنة رسوله T بمعناها الواسع الذى تدخل به السيرة فى السنة على أنها السنة العملية ، إذ من سيرة الرسول T ينبغى أن تؤخذ القدوة . وليس فى مبادىء الجماعة كما تنبىء عن ذلك رسائل المرشد المؤسس شئ يخالف ماجاء فى القران الكريم ، أو السنة النبوية المطهرة فى ضوء فهمها فهما صحيحا دقيقا خاضعا فى إدراكه وتناوله للأدوات الأصلية ؛ التى بها يتمكن المسلم من فهم كتاب الله وسنة رسوله T ، وكل ذلك إنما يتم داخل الأسرة وفق برنامجها الثقافى الذى يعتمد أساسا على كتاب الله إسنة رسوله

8 - تدارس المشكلات والمعوقات التى تعترض عمل الفرد من أجل الإسلام تدارسا يشخصها بدقة ، ويرسم خطوط علاجها بوضوح .

وهذه المشكلات على مستويات عديدة منها .

مشكلات على مستوى الفرد .

ومشكلات على مستوى العائلة التى ينتمى إليها الفرد .

ومشكلات على مستوى الحى الذى يعيش فيه .

ومشكلات على مستوى جهة العمل التى يعمل فيها .

ومشكلات على مستوى المجتمع كله سواء أكانت اجتماعية ، أو سياسية ، أو فكرية ثقافية ، أو اقتصادية ، أو أفكارا غازية معادية .

9 - تعميق مفهوم الدعوة والحركة فى الفرد المسلم ، إذ كل مسلم مطالب بأن يكون داعية إلى الله ، متحركا عاملا من أجل هذا الدين فى حدود علمه وطاقته ، وما أتاح اللة له من معرفة بهذا الدين . أما أولئك الذين يقولون : إن الدعوة إلى الله والحركة من أجل هذا الدين كل من اختصاص أهل التخصص أو أهل الدين ، فليسوا على صواب فى هذا الفهم ؛ لأن المسلمبن جميعا بحكم كونهم مسلمين هم من أهل الدين ، ولأن الدعوة إلى الله قد طولب بها محمد T وكل من اتبعه من منطلق قول الله تعالى :

( أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى ) . والبصيرة قد تكون بإحدى الفضائل التى دعا إليها الإسلام ، أما المتخصصون فى علوم الدين فهم أهل الفتيا فى أمور الدين .

10 - تعميق مفهوم الإدارة والتنظيم فى مجال العمل الإسلامى ، وذلك مطلب ضرورى ؛ لأن أى عمل يخلو من التنظيم جدير بألا يبلغ هدفه ، بوكل عمل لا يدار بأسلوب صحيح وبمدير واع فاهم لطريقة الإدارة ، وقادر على توظيف كل طاقة منطاقات العمل والعاملين لصالح العمل الإسلامى ، جدير كذلك بأن يضطرب ويضل طريقه ، فضلا عن أن يبلغ هدفه .

وكل تلك الأهداف العامة للأسرة ، إنما تدرك فى داخل الأسرة ؛ وفق برنامجها وفى رعاية نقيبها وفى هذا العدد المحدود من الأفراد .


ب - الأهداف الخاصة لنظام الأسرة

لنظام الأسر أهداف خاصة فضلا عن الأهداف العامة التى تحدثنا عنها آنفا .

هذه الأهداف الخاصة تتنوع بالنسبة للفرد وللبيت وللمجتمع وللجماعة نفسها على النحو التالى :

أولا : أهداف الأسرة بالنسبة للفرد :

تستهدف الأسرة بالنسبة للفرد أهداها عديدة نشير إليها فيما يلى :

1 - تكوين شخصيته تكوينا إسلاميأ ، يقوم على العناية بكافة الجانب التى تسهم فى بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة وهى :

أ -الجانب العقيدى ؛ بتكوين عقيدة صحيحة فى الخالق سبحانه وذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله ، وفى الملائكة ، وفى الكتب السماوية ، وفى الأنبياء وما يجب فيهم وما يجوز وما يستحيل عليهم ، وفى الوحى والمعجزة والروح والجن والشياطين واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، بل فى الإنسان نفسه والكون و الحياة .

ب ـ الجانب العبادى ؛ بالالتزام بالفزائض كما جاءت بها الشريعة الإسلامية ، وممارسة النوافل والإكثار منها قدر الطاقة وجعل هذه النوافل جزءا من البرنامج اليومى لحياة الفرد ، وجعل هذه النوافل برنامجا أسبوعيا وشهريا وسنويا ودوريا ، بحيث تكون النوافل بابا هاما من أبواب التقرب إلى الله سبحانه .

ومن الجانب العبادى الإحسان بمعناه الواسع ، الإحسان إلى الله وإلى النفس وإلى الناس . والإحسان بمعنى الإتقان والتجويد الذى كتبه الله على كل شئ .

جـ ـ الجانب الفكرى الثقافى ؛ بتكوين الثقافة العامة ، والثقافةالإسلامية الخاصة ، والثقافة الإخوانية ، مع التصور الصحيح للعمل الإسلامى فى ظل الظروف المختلفة والمتغيرات المستمرة .

د - الجانب الأخلاقى السلوكى ، بالالتزام بآداب الدين الإسلامى ، مع إحياء معانى الإخلاص والتجرد والوفاء والنجدة والأخوة والبشاشة والالتزام بالحق وبالصبر ، والتقيد الدقيق بسنن الإسلام ومنتدباته ، والابتعاد الشديد عن المكروهات ،ومواطن الشبهات .

هـ -الجانب الحركى فى شخصيةالفرد ، ويكون ذلك متمثلا فى قدرته على الأمور التالية :

الاختلاط بالناس وكراهية الانعزال عنهم .

ألفة الناس والقدرة على أن يكون هو مألوفا من الناس .

القدرة على جذب الناس وجمعهم نحو غاية مشروعة.

القدرة على تحريك جوانب الخير فى الناس .

القدرة على ربط الناس بالعمل الإسلامى وإقناعهم بوجوبه.

القدرة على إقناع الناس بوجوب العمل الجماعى ، وسذاجة العمل الفردى وعدم جدواه على مستوى مجموع المسلمين .

القدرة على البذل والتضحية وإنكار الذات وخدمة الناس دون أن يطلبوا .

و - الجانب الإدارى التنظيمى فى شخصيته ويتمثل ذلك فيما يلى :

التدرب على الإدارة فى أبسط صورها وهى إدارة الأسرة نفسها .

التدرب على الانضباط فى الحضور وفى الانصراف وأداء الوظائف .

التدرب على أدب الاستئذان وأدب الحوار والاستماع إلى الرأى الآخر .

التعرف الدقيق على أفراد الأسرة ليسهل التعامل معهم والتعاون والتواصى بالحق والصبر.

الالتزام بالعمل على تحقيق أهداف الجماعة مهما كلف ذلك من وقت أو جهد أو مال .

الطاعة والامتثال فى غير ماحرم الله .

المشاركة عن طريق الأسرة فى المقترحات البنَاءة التى تسهم فى صنع القرار وتهيىء له الأرضية الصالحة .

- الالتزام بقرارت الجماعة مهما كانت مختلفة مع الرأى الشخصى للفرد مادام القرار قد اتخذ .

- المحافظة على السرية والكتمان .

- الثقة فى القيادة.

2 - تاكيد معانى الأخوة فى نفس الفرد ، لأنها أخوة فى الله وفى الإسلام وفى التواصى بالحق والصبر ، مع لحظ أن الأخوة شعار الجماعة فهى جماعة " الإخوان المسلمون " ، كما أنها مطلب شرعى دعا إليه الدين الإسلامى في كثير من نصوصه ، قال تعالى " إنما المؤمنون إخوة " وقال :" فأصبحتم بنعمته إخواناً" . وإنما تتأكد معانى الأخوة فى نفس الفرد بما يلى :

أ - ممارسة الحب فى الله لمن كان حيث أمره الله ، والبغض فى الله لمن كان حيث نهاه الله ؛ لأن الإيمان حب وبغض .

ب - التعارف الوثيق والتناصح والتسامح .

ط - التواصى بالحق والتواصى بالصبر .

د - التفاهم والتعاون والتكافل.

هـ - ا اضعود على أن يكون الأخ فى حاجة أخيه .

ز - أداء واجبات الأخوة فى الدين كاملة غير منقوصة . وواجبات الأخوة فى الدين كثيرة ، وردت بها نصوص إسلامية نذكر منها فى جانب الأمر ما يلى :

يسلم عليه إذا لقيه .

يجيبه إذا دعاه .

يشمته إذا عطس.

يعوده إذا مرض .

يتبع جنازته إذا مات .

يحب له مايحب لنفسه.

ينصره مظلوماً وظالماً ؛ مظلوماً برفع الظلم عنه ، أوظالماً بكفه عن الظلم.

يمشى فى حاجته .

يفرج كربته .

يستره .

ونذكر منها فى جانب النهى مايلى :

- لا يبغضه إلا فى الله .

- لا يحسده إلا فيما شرع فيه الحسد .

- لايقاطعه أو يهجره فوق ثلاث .

- لا يظلمه .

- لا يسلمه لعدو .

- لايخونه .

- لايكذبه .

- لايخذله .

وكل هذا؛ هو مما يؤكد الأخوة فى نفس الفرد المسلم نحو أخيه فى الإسلام .

3 - التدرب على حرية الرأى والاستماع إلى الرأى الآخر من الإخوة فى الأسرة و بصدر رحب وعقل مفتوح ، ومناقشة الرأى حتى يتبين الحق الواجب الاتباع .

وإنما يكون ذلك بما يلى :

أ - التعبير عن الرأى بأدب واسئذان وموضوعية وبعد عن التعصب للرأى أو الإعجاب به ، لأن المتعصب لرأيه أو المعجب برأية قلما يكوت مجبوبا من الآخرين .

ب - حسن عرض القضايا ! ولمسائل والاداب باختيار الأساليب ال الهادئة الهادفة البعيدة عن ارتفاع الصوت والضجيج .

جـ - الاهتمام بأن يظل باب الحوار مفتوحا طالما هناك راغب فى الكلام ، لأن إيصاد باب ألحوار تحكم ووتعنت واحراج للصدور ، فضلا عما فيه من إيذاء الآخرين .

د - عدم الاستهانة بأى رأى أيا كان مصدره فقد يكون فيه الخير ، وطالما أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها فلابد من حسن الاستماع لكل رأى .

ومن شأن ذلك أن يحقق مايلى :

- الكشف عن المواهب لدى صاحب الرأى .

- الكشف عن الطاقات الكامنة فى الأخ .

- توجيه هذه المواهب والطاقات لصالح الدين ولصالح الجماعة ولصالح الأخ نفسه .

- إضفاء الحيوية والفاعلية على اجتماع الأسرة .

هـ - دعم مبدأ الشورى فى نفوس أفراد الأسرة نتيجة لحرية الرأى ، ولضررورة حسن الإستماع للرأى الاخر ، أسوة برسون الله T فقد كان يقول وهو المعصوم الموحى إليه : " أشيروا على أيها الناس . .. " فهذا أوسع باب للرأى الاخر مع مقام النبوة والعصمة والتأييد د بالوحى ، ولكن النبوة تطلب الرأى الاخر وتستمع إليه وتأخذ به إن كان صوابا ولم يكن فيه وحى .

4 -إقدار الفرد علىأن يربى نفسه تربية ذاتية ، بمعنى أن يربى الفرد نفسه بنفسه من منطلق أنه أدرى بما يحتاج إليه من جوانب المعرفة والتدريب ، وضرورة غيبة برنامج الأسرة لسبب من الأسباب . وإنما يكون ذلك بما يلى :

أ - يعد الفرد لنفسه برنامجا يحقق به مايلى :

علاج نواحى الضعف والقصور التى يحس بها الفرد ولايحس بها سواه ، مثل ضعف فى البدن أو فى الثقافة أو فى النفس أو ما إلى ذلك .

تزكية الروح بممارسة الطاعات والإكثار من النوافل والانتهاء عن المكروهات . التدرب الذاتى على مناقشة المعوقات والمشكلات فى مجال العمل الإسلامى ، وتصور الحلول الملائمة لها ، ثم عرض ذلك على إخوانه فى الأسرة.

زيادة الخبرة وتنمية القدرة فى كل ما له علاقة بالعمل الإسلامى والعمل فى داخل الجماعة .


ب - يأخذ الفرد نفسه بالجدية والحسم فى تنفيذ البرنامج الذاتى الذى وضعه لنفسه ، مراقبا الله سبحانه محسنا فى عمله ما وسعه الإحسان .

جـ - يضع لبرنامجه الذى أعده لنفسه فترة زمنية ملائمة ينتهى فيها منه ، ثم يقوم البرنامج على ضوء ماحقق فى نفسه من أهداف ، وضع البرنامج على أساس تحقيقها.

د - مراعاة عدم تضارب برنامجه الذاتى مع برمامج الأسرة ـــ فى حال وجود برنامج للأسرة ـــ لأن برنامج الأسرة أصل وأساس ، والبرنامج الذى وضع للتربية الذاتية مكمل ومتمم .

5 - التعاون بين أفراد الأسرة على تنمية قدرات الأفرإد وتدريبهم .

الأصل فى ذلك : أن الله سبحانه قد أودع كل فرد من الملكات والمواهب والقدرات ما يميزه به عن سواه ، والأسرة هى المجال الملأئم للكشف عن هذه الملكات والقدرات وتنميتها وتوجيهها وتوظيفها . لخدمة الدين ، والجماعة والفرد نفسه ، وبخاصة أن كل فرد فى الأسرة داعية إلى الله بحاجة شديدة إلى التقدرب على كل ما يساعده فى الدعوة إلى الله

ونستطيع أن نمثل لذلك بما يلى :

أ ـ التدرب على تنمية موهبة الخطابة أو المحاضرة أو المناظرة أو الدرس .

ب ـ التدريب على إعداد بحث ، بالتعرف على التعامل مع مصادره ومراجعه وخطوطه العريضة وكتابته .

جـ ـ التدرب على عالتحليل السياسى .

دـ التدرب على الإدارة .

هـ ـ التدرب على القراءة السريعة .

و ـ التدرب على التلخيص أو الشرح .

ز ـ التدرب على ممارسة الأنشطة الإجتماعية ، مثل زيارة الجيران وعمارة المساجد وعيادة المرضى وإتباع الجنائز وزيارة القبور .

حـ- التدرب على ممارسة الرياضة البدنية والدفاع عن النفس ومهاجمة العدو ، وتقوية افحتمال والصبر على الجوع والعطش بصيام النوافل فى أيام الصيف .

ط ـ التدرب على ممارسة حرفه لكسب العيش ، مهما كان المتدرب على قدر من الثقافة أو المكانة الإجتكماعية لان الحديث الشريف يقول : " من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفورا له " وهذا التدرب يتم فى إجتماع الأسرة طالما كان ذلك ممكنا وإلا ففى خارج الإجتماع .

6 ـ النعارف بين أفراد الأسرة على حل المشكلات وإزالة المعوقات التى تعترض العمل الإسلامى ، هذه المشكلات أو المعوقات تكاد تكون ضرورة عند ممارسة العمل الإسلامى فى مجتمع ليس مصتبغا بالصبغة الإسلامية فى كل أموره .

بل هذه المشكلات تظل أبدا ماثله أمام الفرد طالما هو يعمل .

ومن أهم أهداف الأسرة بالنسبة للفرد، أن تعلمه كيف يتعاون مع إخوانه فى للتعرف على أسباب هذه المشكلات والمعوقاتثم التفكير فى أسلوب إزالتها من طريق العمل وهذه المشكلات أو المعوقات بالنسبة للفرد كثيرة ومتشعبة نذكر منها ما يلى :

1 - مشكلات أو معوقات فطرية مثل :

الحساسية الزائدة عن حدها .

-حدة الطبع وسرعة الغضب .

- بطء الاستجابة .

– الثرثرة .

- السلبية وعدم الانضباط . .. وغيرها .


ب - مشكلات أو معوقات نفسية مثل :

- إعجاب المرء بنفسه أورأيه .

- التعصب والجمود . .

-التعالى والكبرياء .

– اتباع الهوى .

- حب الدنيا.

- كراهية الموت .


جـ - مشكلات أو معوقات روحية مثل :

-قسوة القلب .

- نسيان الآخرة .

- ترك النوافل .

- إهمال الأذكار والأوراد.

- عدم الإقبال بسرور وسعادة على العبادة .

- عدم المواظبة على الصلاة فى المسجد .


د - مشكلات أو معوقات ثقافية مثل :

ضعف الثقافة أو ضحالتها .

- كراهية القراءة .

- عدم الاهتمام بما يقرأ وعدم التعمق فى فهمه .

- ضعف الاستيعاب .

- عدم القدرة على التركيز .

- ضعف القدرة على نقد ما يقرأ ، بمعنى تقبل كل مايقرأ واعتباره قضايا مسلما بما فيها.


هـ - مشكلات أو معوقات حركية مثل :

- إيثار العزلة عن الناس .

- عدم القدرة على الدعوة والتبليغ .

- العجز عن جذب الناس إليه وإيلافهم .

- عدم الرغبة فى التضحية بالوقت أوالجهد أو المال .

- ضعف القدرة على جمع الناس والتأثير فيهم وتصنيفهم من حيث مدى تقبلهم للعمل فى مجال الإسلام ومتطلباته .


و- مشكلات أو معوقات تنظيمية مثل :

- الغفلة عن أهداف العمل الذى يقوم به فى أى مجال .

- الغفلة عن مرحليات العمل وأولويات كل مرحلة.

ـ ضعف الالتزام والانتماء بالنسبة للدين عموما وللجماعة بصفة خاصة .

- ضعف القدرة على إدارة العمل فى داخل الأسرة أو فى خارجها .

- ضعف الثقة فى القيادة .

- ضعف عنصر الطاعة والامتثال .

- ضعف الرغبة فى المشابهة فى أعمال الأسرة ، مهما كان بعض الأعمال هينا يسيرا أو شاقا مضنيا .

- ضعف القدرة على السرية والكتمان .

- عدم توافر الحس الأمنى .

7 - العمل ، على تخرج النقباء من الأسر ؛ فليست الأسرة تجمعا أبديا بين أفرادها يستمرون عليه كأنه هدف لذاته ، وإنما هو تجمع موقوت بمدة زمنية مناسبة ، ينتهى فيها من دراسة برنامج بعينه فإذا نما إنتهى هذا البرنامج فلا بد أن يتفرق أفراد الأسرة فى أعمال أخرى ، تخدم الدين وتفيد الجماعة ، بعد أن يكونوا قد نضجوا بهذا البرنامج ثقافيا وعمليا وتدريبيا ودعويا وحركيا ، لأن هذا النضج من علامات نجاح البرنامج ومن نفذه .

وليس بمقبول أن تأتى الجماعة بنقيب لأسرة من أسرها - يمثل قيادة الجماعة فى التربية والتوجيه - دون أن يكون قد مر بمصفاة فى أسرة فردأ من أفرادها يتعلم فيها على يد نقيب متمرس .

وليست العبرة فى نقيب الأسرة أن يكون من أهل العلم والثقافة وكفى ، بل لابد فيه من صفات أخرى تساند العلم والثقافة وتمكنه من قيادة غيره من الناس ، وتوجيههم نحو الأهداف العامة والخاصة والمرحليات فى العمل وأولوية هذه المرحليات ، وسوف نتحدث عن هذه الصفات ونحن نفرد حديثا خاصا بالنقيب فى إحدى نقاط حديثنا عن الأرةز بإذن الله تعالى . ولا بد من أن تتكامل شخصية نقيب الأسرة على النحو الذى سنفصله فيما بعد .

والأسرة الجيدة هى الأسرة الولود التى يمكن أن يتخرج فيها عدد من النقباء ربما كان جميع أفرادها إذا استوفى كل منهم الشروط التى سنتحدث عنها فى حينها . واختيار النقيب تسبقه دائما عملية ترشيح له لتولى هذه المهمة - كما لمسنا ذلك فى الدراسات التى كتبت عن الجماعة ، بهما أحسسنا بها ونحن نحلل تاريخ الجماعة وتكوينها العضوى - كما يتطلب ترشيح النقيب أن توافق عليه قيادة الجماعة فى المستوى الذى رشح فيه النتقيب .

وهذا الترشيح من نقبي قديم متمرس لنقيب أو أكثر من أفراد الأسرة ، يتطلب من النقيب القديم أمورا ضرورية لابد أن يمارسها مثل :

أ - أن يشرك النقيب إخوانه فى إدارة الأسرة مرة بعد مرة ، وأن يكلف الأفراد بالقيام بأعمال الأسرة أو بعضها ، ما بين حين وآخر ليحدث له من التدريب ما يجعل ترشيحه مصادفا محله .

ب - أن يختبر النقيب القديم بعض أفراد الأسرة ممن يرى ترشيحم لدرجة نقيبا ، ببعض الأعباء الخاصة التى تكشف له عن مدى طاعته والتزامه ، ومدى مايتصف به من صفات الجدية الكتمان والإخلاص والثقة .

جـ - أن يعرض النقيب القديم من يرى ترشيحه للنقابة للاستقلال مرة أو أكثر بإدارة أعمال الأسرة كاملة ، بحيث يكون النقيب الفعلى للأسرة مرة أو أكثر ، ليرى مدى صلاحيته لهذا العمل الجليل والأساسى فى حياة الجماعة وتاريخها .

د - أن يكون الترشيح لعمل النقيب وفق المعايير المتعارف عليها فى الجماعة لما يجب أن يتوفر فى النقيب من شروط ، وألا يدخل العوامل الشخصية كعامل من عوامل الاختبار ، كأن يكون ثريا أو عالما أو ذا جاه ، وإن كانت هذه الصفات مطلوبة فى تاريخ الجماعة وموظفة فى خدمة الإسلام والعمل فى داخل الجماعة ، لكنها ما ينبغى أن تغطى على الصفات الأساسية للنقيب ، وهى صفات الصلاحية-كما سنوضحها فيما بعد-

هـ -ألا يشعر النقيب من وقع عليه الاختيار للترشيح بأنه مرشح للنقابة ، حتى تظل تصرفاته وسلوكياته عفوية تلقائية تكشف عن حقيقة معدنه ومدى ما توفر فيه من الشروط .

و - أن ينتظر النقيب القديم رأى قيادته المباشرة فى الأخذ بهذا الترشيح أو إرجائه أو رفضه ، وأن يستجيب لما تراه القيادة ، فهى أقدر على الحكم عليه ، وعلى معرفة مدى ما توفر فيه من شروط النقيب .

ز - ألا يعتبر النقيب القديم إرجاء القيادة لقبول الترشيح أرفضها له حكما عليه بسوء الاختيار ، لأنه قد تكون القيادة رؤية فيمن رشح للنقيب لاتحب أن تطالع عليها النقيب القديم ،ولها فى ذلك الحق وفق ما تقتضيه نظم الجماعة وآداب تسلسل القيادات فيها .

ح - على النقيب القديم أن يدرك أنه إذا لم يصلح أحد الأفراد لأن يكون نقيبا لسبب من الأسباب ، فليس معنى ذلك أن هذا الفرد قد فقد الأهلية للعمل فى الجماعة ، وإنما قد يصلح لعمل اخر غير النقيب لا يقل أهمية فى كثير من الأحيان عن عمل النقيب .


ثانيا : أهداف الأسرة بالنسبة للبيت :

تستهدف الأسرة بالنسبة للبيت المسلم أن يكون هذا البيت إسلاميا فى سلوكه وحياته وشكله ومايسوده من قيم واداب وعادات ، وأن يشب الأبناء فيه فى ظل أبوين ملتزمين بالإسلام حتى يجد الأبناء فى بيوتهم الأسوة الحسنة والمثل التى يجب أن تحتذى .

ولذلك كانت أهداف الأسرة بالنسبة للبيت على النحو التالى .

أ - حسن اختيار الزوج :

لأنها ركيزة البيت ومحضن الأبناء وبها يقوم البيت على أسس قوية من الصلاح والتقوى ؛ والأصل أن الزوجة الصالحة من خير ما فى هذه الدنيا من نعم ، فبصلاحها يسعد الزوج وينشأ الأبناء أحسن تنشئة . وقد علمنا الإسلام المعايبر الدقيقة التى تختار الزوجة على أساسها ، وتفضل من أجلها ، وهى معروفة ، أجملها الحديث النبوى الشريف فى قوله T " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " .

وقد كان للجماعة برنامج للأخوات المسلمات يمكنهن من التفقه فى الدين ، ويقوم على أسس قريبة من الأسس التى يقوم عليها برنامج إعداد الرجال فى الأسر أو غيرها من وسائل التربية فى الجماعة .

ب - طبع البيت المسلم بطابع إسلامى :

وهذا يتطلب مايلى :

التزام الابوين فى السلوك والكلام والزى والمعاملة والطعام والشراب وكل ما له علاقة بالبيت التزامهما فى كل ذلك بالإسلام ادابه وأخلاته .

- مظهر البيت المسلم يجب أن .يكون مرضيا لله سبحانه متفقا مع أدب الإسلام فى كل ما يحتويه ، فلا إسراف ولا تقتير فى فرش أوأثاث ، ولا تماثيل ، ولا شىء مما يغضب الله سبحانه ، مهما كان هذا الشىء قد تعارف الناس عليه وألفوه .

كما لابد أن يكون هذا البيت نظيفا بسيطا منظما مريحا لأهله غير عازف عن الحياة الدنيا ، فقد أحل الله الطيبات من الرزق وحبب الإسلام فى البيت الواسع ، كما لابد أن يعتنى هذا البيت بالمأكل الطيب والملبس الطيب فى حدود ما أحل الله . - والبيت المسلم لايعرف الصخب ولا الشجار بين أفراده وبخاصة بين الأبوين ، لأن الإسلام يطالب بالوئام والهدوء والمودة والرحمة بين أفراد البيت جميعا ، وإنما يصل البيت المسلم إلى ذلك ؛ بأن يعرف كل من الأبوين واجباته وحقوقه ، ويؤدى كل منهما ما عنيه تقربا إلى الله واحتسابا للأجر والمثوبة عنده .

البيت المسلم لا يقوم على أساس التضييق على أهله فيما أحل الله لهم بل على مبدأ " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ". وأولئك الذين يتصورون أن البيت المسلم يجب أن يكون فراشه الحصير مع القدرة على ماهو أفضل مخطئون " قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق " وكذلك الشأن فى الملبس والمأكل .

البيت المسلم ماينبغى أن ينزلق فى مجال الاستعراضات الاجتماعية القائمة على التباهى والتفاخر؛ لأن ذلك فضلا عن كونه حراماً ، فإنه يورث الأحقاد ، والأصل فى البيت المسلم أن يفرز حبا وتعاطفا مع الاخربن ، لا أحقادا وابتعادا عن الناس .

والأصل فى البيت وما فيه أن لايكون فيه شىء قد أعد بإسراف أو مخيلة .

ج - آداب البيت المسلم :

ينبغى أن تسود البيت المسلم آداب الإسلام فى كل أمره ، وكل أفراده ، كما أوضحنا آنفاً، لكن نشير هنا إلى الوسائل التى تمكن من أن يسود البيت المسلم أدب الإسلام .

وأهم هذه الوسائل مايلى :

- الالتزام بخلق الإسلام فى كل مايأتيه أفراد البيت من أمر أو يدعونه من أمر كذلك .

التأكيد على التزام الأبناء منذ نعومة أظفارهم بأدب الإسلام فى الكلام والصمت والحركة والسكون والطعام والجوع والملبس والملعب ، ولهم فى ذلك القدوة والأسوة من أبوين ملتزمين .

التأكيد على أن البيت المسلم بمن فيه بيت يدعو غيره من البيوت إلىالله وإلى الإسلام وإلى الخير والهدى ، فالرجل فيه يختلط بالرجال ويدعوهم إلى الله والمرأة تختلط بالنساء وتدعوهن إلى الله وكذلك يفعل الأبناء .

التأكيد على أن البيت المسلم ينبغى أن يكون مثلا يحتذى فى كل أمره حتى يكون بهذا الوضع دعوة ودعاية للإسلام وللعمل الصالح.

د - الأبناء فى البيت المسلم :

تستهدف الأسرة فى البيت المسلم أن يشب الأبناء على وعى وتمسك باداب الإسلام ، والأبناء دائما صور لوالديهم ولما يسود بيوتهم من قيم ، وعلى الوالدين أن يختاروا الصورة التى يحبون أن تظهر فى أبنائهم .

والأبناء فى البيت المسلم سوف يختلطون بغيرهم ممن شبوا فى بيوت لاتلتزم بالإسلام فى سلوكها وادابها ، والبيت المسلم مطالب بأن يزود أبناءه بالآداب الإسلامية التى يجب أن يحملوها إلى غيرهم من القرناء .

ولكى يستطيع الأبناء حمل هذه الرسالة وتوصيلها إلى غيرهم من الأقران ، فإن ذلك يتطلب من الأبوين أمورا كثيرة نشير إلى بعضها فيما يلي :

1 - غرس القيم والاداب الإسلامية فى الأطفال منذ نعومة أظفارهم ، وذلك بالتعامل الإسلامى الدقيق معهم فى كل موقف من مواقفهم ، ومواقف الابوين .

2-إعطاء الأبناء القدوة الحسنة فى الكلمة الجادة وفى الكلمة المازحة دون تساهل فى هذا أو ذاك .

3 - الأصل الذى يعامل به الأبناء ليشبوا صالحين ويصيروا فيما بعد رجالا صالحين ونساء صالحات ؛ أن نلتزم معهم بالاستجابة المشروعة لحاجات أبدانهم وعقولهم وأرواحهم ، فنعطى كل ذلك ما يحتاج إليه .

فالبدن بحاجة إلى غذاء حلال طيب ورياضة وترويح ولعب ، والعقل محتاج إلى قراءة وتأمل تدرب على الفكر والتصور ، والروح بحاجةإلى التصفية من الشوائب، والأوضار والتغذية بالعبادة ، والقران الكريم والسنة النبوية والسيرة الشريفة ،وكل ذلك إنما يكون على الصورة الأمثل إذا تعاهد الآباء الأبناء بحسن التعامل وجديته مع إعطاء اللعب والترويح ماهو ضرورى للإنسان، وذلك هو الهدى النبوي الكريم ، فقد روى الطبرانى بسنده عن جابر رضى الله عنه قال : دخلت على النبى-صلى الله عليه وسلم – وهو يمشى على أربعة ( أى على يديه ورجليه ) وعلى ظهره الحسن والحسين وهو يقول : " نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما " .

4 - على الوالد أن يعود أبناءه البنين ارتياد المساجد وأداء الفرائض فيها وعقد صلة وعلاقة بين الأبناء والمسجد والتعارف على رواد المسجد من المسلمين شبابا وشيوخا ، مع المداومة على دروس المسجد وعظاته وشتى المناشط التى تمارس فى بيوت الله ، لأن تعلق القلوب بالمساجد سبب من أسباب رضى الله عن عبده وحبه له .

5 - من الضرررى أن يكون البيت المسلم مكانا لاجتماع الصغار من الأقارب على أدب الإسلام وأخلاقه ، إذا كان فى البيت متسع بذلك . فإن ممارسة آداب الإسلام وأخلاقه فى ظل البيت المسلم وفى رعاية الأبوين ، جول بين الأبناء والتجمع فى الشوارع وعلى قوارع الطرقات لما يجره ذلك التجمع فى الطرق من مفاسد واثام .

6 – ما ينبغى أن يخلو البيت المسلم من مكتبة إسلامية ، تزودالأبناء بما ينفعهم من تفسير كتاب الله وسنة رسوله T وسيرته T وتاريخ الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير أعلام المسلمين والمصلحين منهم لتمتلئ نفوسهم اعتزازا بهذا الدين ويزيد حبهم له وحرصهم على الأنتماء إليه .

وإذا كان حديثنا عن البيت المسلم وما تستهدفه منه الأسرة قد توقف عند هذا الحد من الكلام ، فإن تكملة هذا الحديث بما وعدنا به انفا من الحديث عن برناج الجماعة للزوجات أو للمرأة المسلمة زوجا وأختا وبنتا ، يعد ضرورة يقتضيها منا رغبتنا فى تحليل تاريخ هذه الجماعة وما عمدت إليه من وسائل فى تربية الرجال والنساء ، فنقول وبالله التوفيق .


برنامج الأخوات المسلمات :

لابد لنا قبل الحديث عن البرنامج الخاص بالأخوات المسلمات من الإشارة فى اختصار إلى تاريخ نشاط الجماعة فى مجال عمل الأخوات المسلمات عام 1351هـ - 1932 م .

من شمولية منهج الجماعة النابع من شمولية المنهج الإسلامى وقدرته على علاج كل القضايا التى تهم المجتمهع فى كل زمان ومكان ، من هذا المنطلق كان اهتمام الجماعة بالأخوات المسلمات كاهتمامها بالإخوان .

وقد عاصرت الجماعة فى نشأتها صراعا بين دعاة التغريب ودعاة الدفاع عن القيم الاجتماعية النابعة من الإسلام ، وكان قاسم أمين يمثل بكتابيه : " تحرير المرأة " " والمرأة الجديدة " دعوة صارخة إلى التأثر بالحضارة الغربية فيما يتصل بالمرأة ، ومن هنا كان سفور المرأة وكان اختلاطها بالرجال فى معاهد التعليم وكان ما كان مما أبعد المرأة المسلمة عن دينها وآدابه .

وكان فى خطة الجماعة ومنهجها أن تعنى بالمرأة المسلمة كعنايتها بالرجل المسلم ، فكونت لذلك أول لجنة للأخوات المسلمات باسم : " فرق الأخوات المسلمات " وأعدت لها لائحة داخلية نظمت العمل فيها وحددت أهدافها ووسائلها فى تحقيق هذه الأهداف . وكان الغرض من تكوين هذه الفرق : التمسك بالاداب الإسلامية ، والدعوة إلى الفضيلة ، وبيان أضرار الخرافات الشائعة بين المسلمات . وكانت أول رئيسة لهذه الفرق ، هى السيدة الفاضلة : لبيبة أحمد وكانت فى الوقت نفسه رئيسة تحرير مجلة النهضة النسسائية .

وفى عام 1944 م تكونت أول لجنة تنفيذية للأخوات فى 4 1 / 4 / 1944 م وقد أصبح لقسم الأخوات المسلمات خمسون شعبة تضم أكثر من خمسة الاف من الأخوات ، تقوم بالوعظ فيهن سيدات منهن أحيانا وبعض العلماء من الرجال أحيانا .

وأول رسالة لقسم الأخوات هى رسالة " مع المرأة المسلمة " وقد تضمنت منهجا واضحا عن رسالة الأخوات المسلمات والمرأة المسلمة بعامة ، وكان أساس هذه الرسالة ومبناها مقال للأستاذ المرشد بعنوان " المرأة المسلمة " نشر بمجلة المنار.

فيه ذكر المرشد أن الإسلام يقر بحقوق المرأة كاملة : الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية .

ثم صدرت لائحة مفصلة لقسم الأخوات المسلمات عام 1951 م أوضحت الغاية من إنشاء هذا القسم بما يلى :

1 - بعث الروح الدينية وبث التعاليم الإسلامية الكفيلة بتكوين شخصيات من النساء مهذبة تستطيع الاضطلاغ بما يناط بها من أعمال وواجبات .

2 - التعريف بالفضائل والاداب المربية للنفس والموجهة للخير والكمال ، وتعريفها بما لها من حقوق وماعليها من واجبات .

3 - إرشادهن إلى طرق التربية الإسلامية الصحيحة النافعة التى تضمن لأبنائهن النمو الجسمى والعقلى وتجنبهم الإسراف الصحى والنقص العقلى .

4 - العمل على صبغ البيت بالصبغة الإسلامية ، وبث تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة وسيرة أمهات المؤمنين وفضليات النساء ممن حفل بهن التاريخ الإسلامى المجيد .

5 - محاربة البدع والخرافات والأباطيل والترهات والأفكار الخاطئة والعادات السيئة التى تنتشر وتروج بينهن .

6 - نشر الثقافة والمعارف التى تنير عقولهن وتوسع مداركهن .

7 - الاهتمام بالشئون المنزلية لتجعل من البيت مكانا سعيدا يضم أسرة هانئة على أساس فاضل سليم .

8 - المساهمة فى المشروعات الاجتماعية النافعة بالقدر الذى يتناسب مع ظروفهن وجهودهن فى محيطهن ومن هذه المشروعات : المستوصفات ودور الطفولة ورعاية اليتامى وأندية الصبيان والمدارس وتنظيم مساعدة الأسرة الفقيرة ...

وتوضع لكل مشروع لائحة خاصة ، وتؤلف له هيئة إدارية ، تنهض به ، وتشرف عليه ، طبقا لأحكام القانون ذى الرقم 41 لسنة1945م ، وتسجل بوزارة الشئون الاجتماعية .

9 - المعاونة فى حدود ظروف الأخوات وجهودهن فى تحقيق البرنامج الإصلاحى الأساسى لهيئة " الإخوان المسلمون " العامة .

أما الهيئة التأسيسية للأخوات المسلمات ، فتتألف من الأخوات العاملات بالقاهرة والأقاليم إلى هذا التاريخ 1951 م وعددهن خسون أختا ، ومن يزدن بعد ذلك ، بحسب نصوص النظام الأساسى المقررة فيه . ويسير نظام الأسر فى قسم ألأخوات على مقتفى النظام العام للأسر فى الإخوان الذى تنظمه لائحة خاصة به . وسوف نتحدث عن برنامج الأسر للإخوان بعد قليل لتتضح صورة برنامج الأسر للأخوات .


ثالثا : أهداف الأسرة بالنسبة للمجتمع :

تستهدف الأسرة بالنسبة للمجتمع المسلم أن يكون هذا المجتمع المسلم ملتزما بأدب الإسلام ونظامه ، يتحاكم إلى شرع الله فى كل أمره ، وتسود فيه المنهجية الإسلامية فى كل عمل يناسب المجتمع .

والأسرة فى جماعة الإخوان لبنة حية فى بناء المجتمع ، كما أن البيت لبنة فى بنائه كذلك ، وإذا كنا قد أوضحنا فيها سلف ما تستهدفه الأسر بالنسبة للفرد الذى يعد لبنة أولى فى الأسرة الإخوانية وفى البيت المسلم ، كما أوضحنا ما تستهدفه الأسرة الإخوانية بالنسبة للبيت المسلم ، وعرفنا من خلال هذا وذاك أن البناء واحد وأن الفرد والبيت جزء من كيان المجتمع ، كان من تمام الدراسة التاريخية التحليلية التى نقوم بها أن نتعرف على ما تستهدفه الأسرة الإخوانية فى المجتمع المسلم كله .

فالأسرة وسيلة من وسائل التربية عند جماعة " الإخوان المسلمون " ، وسيدة يمتد أثرها للفرد والبيت والمجتمع كله ، فلو تجاهلت الأسرة أهدافها بالنسبة للمجتمع كله لكانت ذات منهج ناقص وذات غاية قاصرة ، وقد سبق أن أوضحنا أن الأسرة فى تاريخ الجماعة أهم ماعنيت به الجماعة وبخاصة فى مجال العمل والتطبيق . والأصل الأصيل فى الأسرة الإخوانية أن تمد المجتمع بالعناصر الصالحة من الناس ، رجالا ونساء وشبابا وشابات وفتيانا وفتيات كل منهم يقوم بعمله فى هذا المجتمع على الوجه الذى يرضى الله عز وجل ، ويطور المجتمع ويرتفع بمستوى الأداء فيه فى كل مجال من مجالات العمل . . . هذا هو الأصل .

وكلما زاد عدد من يمد بهم المجتمع من العناصر البشرية الصالحة فشاركوا فى العمل الموكول إليهم بكفاءة وإخلاص ومراقبة لله سبحانه ، كلما كان ذلك أدعى إلى أن يخطو المجتمع نحو التحضر والرقى فى أخلاقه وادابه وسياسته واقتصاده ومؤسساته وأجهزته وكافة فروع العمران والتحضر فيه ، وهذا بدوره يقرب المسافة بين العاملين للإسلام ، وبين تكوين الأمة الإسلامية التى تشكل منها الحكومة الإسلامية التى تأخذ على عاتقها وتجعل من أهم واجباتها الحكم بما أنزل الله .

ومن هنا ندرك أن من خطة الجماعة أن تصل إلى هذا الهدف ، وهو الحكم بما أنزل الله بهذا الأسلوب التربوى الهادىء الهادف ، دون اللجوء إلى وسائل الثورة والانقلاب والدمويات التى لاتؤدى إلى خير ، ولا توصل بدقة وتصويب واستمرارية وهدوء إلى هدف كبير ضخم كهذا الهدف .

على أن عمل الجماعة لايتوقف عند بلوغها هذا الهدف ، وهو الحكم بما أنزل الله ، وإنما وراء ذلك ومواز له ، العمل على الوصول إلى أستاذية العالم كله بهيمنة كتاب الله سبحانه وسنة رسوله الخاتم على كافة النظم والمذاهب ، لنقل الناس كل الناس من الضلال إلى الهدى ومن الباطل إلى الحق ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام .

ومن أجل الوصول إلى هذه الأهداف الضخام فإن نظام الأسر يستهدف من المجتمع أن يحقق هذه الأهداف ويتخد إلى ذلك طريقا هو متمثل فيما يلى :

أ - دفع من تربوا تربية إسلامية صحيحة داخل هذه الأسر إلى قطاعات المجتمع المختلفة ليسدوا الثغرات فى المجالات التالية :

1ـ المدارس والمعاهد والجامعات.

2 - المصانع والمتاجر والمزارع .

3 - المؤسسات والأجهزة الحكومية بل غير الحكومة لأن جودة الأداء والإخلاص فى العمل من أهم الواجبات على المسلم ، نحو المجتمع كله بقطاعيه الحكومى والخاص ، فكلها ثروة المجتمع .

وسوف يكون هؤلاء أمثلة للإخلاص فى العمل ، والتفانى فيه ، وإيثار الحق والعدل ، بل الغيرة على المصالح العامة للمجتمع كله .

ب - التعرف على السلبيات وأسباب الفشل والخسارة فى كل قطاع من قطاعات المجتمع ، من خلال هؤلاء الذين دفعت بهم الأسر إلى خوض غمار الحياة العملية المصطبغة بصبغة الإسلام .

وهذا التعرف يستوجب على هؤلاء الرجال الصالحين أمورا أهمها مايلى :

أ - دراسة ظواهر السلبية فى كل قطاع . 2 - التعرف بدقة على أسباب الفشل والعجز وضعف الأداء والخسارة المادية ، ورصد ذلك بدقة وموضوعية .

3 - القيام بإعداد تصورات من واقع التجربة الميدانية التى خاضوها للقضاء على هذه الظواهر ، وتوجيه العمل والعاملين نحو ما يصلحهم ويصلح بهم مجتمعهم .

4 - القيام بكل هذا فى هدوء المسلم والتزامه واتزانه ونشدانه الحق والصواب والمصلحة العامة ، فى كل رصد أو تسجيل لظاهرة سلبية وفى تصور واقتراح بحل لأى مشكلة عن المشكلات .

جـ - المشاركة الإيجابية فى كل أوجه النشاط التى يمارسها المجتمع الذى يعيشون فيه على شريطة أن تكون هذه الممارسة مايرضى الله أو مالا يسخطه وأن تكون محققة لمصلحة عامة للناس ، ومما لايتعارض فى قليل ولا كثير مع شىء مما جاء به الإسلام .

مع الاستمرار فى رصد المعوقات والسلبيات والمخالفات للإسلام وشريعته ؛ بهدوء وموضوعية لوضع البديل الملائم ما أمكن ذلك .

وشرط ذلك كله أن يكون الفرد الذى ربى فى أسرة إخوانية مثالا وأنموذجا للإسلام الذى يدعو إليه فى كل أمر يأتيه أو يدعه ، وليس مما يتفق مع هذه المثالية أو النوذجية العصبية أو التشدد أو الغلظة ، وإنما دائما الحكمة والموعظة الحسنة ثم الجدال بالتى هى أحسن ، وإلا كان مثارا للنفور عن الإسلام الذى يدعو خإليه ، حتى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر اللذين هما من أبرز إيجابيات العمل من أجل الإسلام أجاز الفقهاء أن يرجأ الأمر بالمعروف إذا أدى هذا الأمر بالمعروف إلى منكر ، وأن يرجأ النهى عن المنكر إذا أدى النهى عن المنكر إلى منكرأشد؛ يرجأ كل منهما ولايعطل .

هذا هو الإسلام فى صورته الاجتماعية البانية الهادئة الهادفة التى ترى لكل مرحلة من مراحل الدعوة أسلوبها المناسب لها ، ولكل مرحلة من مراحل الحركة ما يناسبها كذلك من أساليب .

د - الاهتمام بالإنقان والتجويد والتفوق فى كل عمل يوكل إلى واحد ممن تربوا داخل الأسر الإخوانية ، وفى أى مجالات الجهد الإنسانى ؛ لأسباب كثيرة نذكر منها:

1ـ أن هذا هو الأصل الإسلامى فى أداء العمل " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " و " إن الله كتب الإحسان على كل شئ . . . " والذى لا يجيد ولا يحسن ، مقصر اثم مخالف لأدب الإسلام وسنته الاجتماعية . 2 - أن هذا بمثابة دعوة صامتة هادئة إلى طريق الحق والالتزام بهذا الدين والاعتزاز بأن ينتمى إليه أهله ، بل إن هذا خير من عشرات الخطب والمحاضرات والمواعظ ، فهو التربية بالقدوه .

3 - أن التجويد والإتقان يؤدى إلى أن يكون هذا المجود المتقن مرجعا فى هذا العمل وذاك المجال ، يقصده الناس ويتعلمون منه ويستشيرونه ، وتلك فرصة للدعوة لا تعدلها فرصة ؛ أن تدعو إلى الإسلام من كان فى حاجة إليك ، وأن تعامل بسماحة الإسلام وكرمه وما أمر به من أخوة بين المؤمنين .

4 - أن هذا أسلوب جيد فى الوصول إلى المراكز القيادية فى العمل ، وعند الوصول إلى القيادة تكون الكلمة أسرع وصولا إلى القلوب لا إلى الآذان ، وتكون الدعوة إلى الحق صادرة بمن له من السلطان والقوة مايدعم به الحق الذى يدعو إليه .

هـ - التزود بقدر كاف من المعرفة بالمجتمع ، معرفة تمكن من وصف العلاج ، وتؤكد العمل على ضرورة التغيير فى هذا المجتمع ، التغيير نحو الأحسن نحو الحق نحو الإسلام ، مع الإصرار على هذا التغيبر بالأساليب الهادئة البناءة الحانية البعيدة عن الخاطرة والمهاترة والعنف ، لأن ذلك هو أسلوب الإسلام فى كل أموره أو أغلبها ، إذ لا عنف فى الإسلام ولاقتال إلا مع أعداء الله ، أعداء الدين المدعوين إلى الدين الرافضين له ولنظامه دون أن يكونوا من أهل الأديان التى أباح الإسلام لهم التعايش مع المجتمع المسلم .

بل هذا هو الأسلوب الذى يؤدى إلى " التمكين " لدين الله فى الناس تمهيدا للحكم بما أنزل الله ، ثم سيادة البشرية بالحق والهدى ودين الله ونظامه .

و - إعطاء أهمية خاصة للمساجد من حيث إعمارها ، والذين يعمرون المساجد هم المؤمنون بالله واليوم الآخر المقيمون الصلاة المؤتون االزكاة الذين لا يخافون إلا الله ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكااة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكوئوا من المهتدين ) . وعمارة المساجد تزرع فى النفوس تقوى الله وحب الخير. وحب الناس.

فإذا أضيف إلى ذلك عقد جلسات وحلقات لتعلم تلاوة القرآن وتجويده وتفقيه النالس فى أمور دينهم ، فإن هذا مما ينفع المسلمين ويجذبهم للعمل الإسلامى وينير لهم الطريق.

ويمكن لأهل العلم ممن يسكنون حول مسجد من المساجد ، أن يرتبوا فى المسجد حلقات وندوات تغطى احتياج المسلمين فى كل ما يعود عليهم بالنفع فى دينهم ودنياهم .

وتلك كانت سياسة الجماعة فى التعامل مع المساجد ، فضلا عن سياسها فى تزويد المساجد بالكتب والفرش والإضاءة والترميم ، وأحيانا الإنشاء فى كثير من القرى والمدن ، وكل ذلك هو إعمار المسجد وإرضاء ألله سبحانه .

والأسرة " الإخوانية " تستهدف من المساجد أن تكون منارات علم وهداية وتفقيه وتثقيف لعامة المسلمين ، وخصوصا من فاتتهم فرص التعليم فى الصغر ، كما تستهدف من المجتمع أن يولى المساجد أهمية خاصة فى العناية بها والمواظبة على ارتيادها والتعبد فيها ، لأن المجتمع الذى تسوده روح المسجد وادابه ، مجتمع جدير بأن يحقق سعادة الدنيا والاخرة .

ز - ارتياد النوادى الرياضية والاجتماعية والثقافيه ومحاولة التأثر بالصالح فيها والتعبير لغير الصالح ، بنفس أسلوب البناء الذى يقوم على الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن . أما ترك هذه النوادى واعتزالها بحجة أنها تضر ولا تفيد وتسيطر عليها أفكار مضادة أو معادية ، فإن هذا الترك سلبية وتراجع وإهمال ونكوص عن الدعوة وعن الحركة ، وما يليق بأحد من المسلمين أن يفعل هذا .

كما أن الانجراف فى التيارات السيئة التى تسود بعض الأندية والانزلاق فى كثير من عاداتها وتقاليدها التى لا يقرها الإسلام إثم ومعصية لايجوز لمسلم أن يقع فيه .

ومن هنا ، فإن الذين يزتادون هذه الأندية ، ليغيروا بعض مافها إلى الأحسن والأرضى لله ؛ يجب أن يكونوا على مستوى جيد من الالتزام بالإسلام فى أخلاقهم وسلوكهم ، بحيث لاتبهرهم هذه البهارج ولا تخدعهم تلك العادات والتقاليد .

ذلك هدف من أهداف الأسرة بالنسبة للمجتمع ، كل مرفق فيه يجب أن يكون نبضه إسلاميا وشكله إسلاميا وموضوعه إسلاميا ، وذلك بدفع هؤلاء الأفراد الذين تربوا فى ظل نظام الأسر ليقوموا بهذا التغيير ، مستهدفين من وراء ذلك خير الناس فى دنياهم وأخراهم.

تلك كانت سياسة الجماعة فى مختلف قطاعات المجتمع ، وكم كان لها ولعديد من أفرادها اثار واثار فى هذا التغيير نحو الأحسن ، حتى لقد عرفت الجماعة بهذه السمة من بين الجماعات التى كانت تعاصرها وتعمل من أجل الإسلام.


رابعا : أهداف الأسرة بالنسبة للجماعة :

تستهدف الأسرة بالنسبة للجماعة نفسها أهدافا نابعة من مكانة الأسرة فى بناء الجماعة . ومن المسلم به أن الأسرة نواة الجماعة ، وأول لبنة فى بنائها ، وكلما كانت هذه اللبنة جيدة التكوين جيدة التوظيف ، كانت الجماعة على نفس المستوى من جودة التكوين وجودة التوظيف ، بل لا مبالغة فى القول ، بأن أى خلل فى الجماعة - بنائها وتكوينها-لابد أن تلتمس له أسباب فى بناء الأسرة وتكويها .

وليس من المبالغة كذلك ؛ القول بأن الجماعة لاتستطيع أن تشق طريقهاالمليئة بالمكاره دون أن تعتمد فى مسيرتها على رصيد هائل جيد من الأسر التى أعدت إعدادا جيدا .

لذا فإن للأسرة - وهى النواة - أهدافا بالنسبة للجماعة كلها تسعى الأسرة إلى تحقيقها ، هذه الأهداف يمكن أن نشير إلى بعضها فيما يلى :

مد الجماعة بالعناصر البشرية ذات الكفاءة فى مجالات أعمال الجماعة المتعددة ، هذه العناصر التى مرت فى نظام الأسر بمرحلة التكوين واجتازت بجدارة كل البرلمج التى يتطلبها التكوين والتنفيذ ، ومن مثل هذه المجالات مايلى :

1 - مجال الدعوة والتبليغ .

2 - مجال العمل والحركة .

3 - مجال التنظيم والإدارة .

4 - مجال أ العمل السياسى .

5 - مجال العمل الاجتماعى .

6 - مجال العمل الاقتصادى .

7 - مجال العمل الفكرىالثقافى.

8 - مجال التربوى التكوينى .

9 - مجال العمل الرياضى والكشفى .

وكل تلك المجالات وغيرها مما تتطلبه مسيرة الجماعة قد أعد لها الأفراد فى الأسر وفق البرنامج التى تغطى هذه الاحتياجات إعدادا يمكنهم من مواصلة الدراسة والتعمق والبحث والعمل والممارسة .

ب - مد الجماعة بالعناصر القيادية الصالحة ، التى نضجت استعداداتها القيادية داخل الأسرة ، لتتولى الجماعة- تدريب هذه العناصر القيادية على متطلبات المجال القيادى الذى يرغب فى ملئه ، وفق برامج مكثفة ووؤهلة لنوع القيادة المطلوب ، للاستفادة من هذه العناصر فى مواقعها القيادية : وعلى سبيل المثال :

ا – قيادة الأفراد والجماعات .

2 - قيادة العمل الاجتماعى .

3 قيادة العمل السياسى .

4 - قيادة العمل الاقتصادى .

5 - قيادة العمل الإدارى التنظيمى .

6 - قيادة العمل التربوى التكوينى .

7 ـ قيادة العمل الفكرى الثقافى .

8 - قيادة العمل، التبليغى ونشر الدعوة .

جـ - مد الجماعة بالعناصر الجيدة القادرة عل ممارسة العمل بين الجماعات والتيارات الموالية للإسلام أو المعادية له ، وذلك من أهم ما يلزم الجماعة فى مسيرتها ، إذ أن التيارات الموالية تحتاج إلى من يدعم هذا الولاء ، ويقرب بين الغايات والأهداف ، ويعطى من التشجيع والتحميس مايدفع هذه التيارات الموالية للإسلام إلى غايتها وهدفها ، كما أن التيارات المعادية للإسلام تحتاج إلى مواجهة ومقاومة تقوم كذلك على الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن .

ولايستطيع القيام بذلك إلا أفراد ربوا تربية جليلة فى ظل نظام الأسرة ، ثم يدربون على هذا العمل التدريب الذى يمكنهم من القيام به خير قيام.

د - مد الجماعة بالعناصر القادرة على توريث الدعوة لأجيال لاحقة ، كى لا تنقرض الدعوة بموت روادها الذين يتقدم بهم العمر .

وهذا التوريث حيوى وأساس فى العمل الإسلامى كله ، كما أنه يحقق فائدة كبرى فى نقل الخبرات من القدامى إلى المحدثين .

وعملية التوريث هذه لها متطلباتها وتبعاتها الجسام ، فلن يورث الدعوة إلى غيره إلا مؤمن بها عامل من أجلها فقيه بأهدافها عالم بوسائلها قادر على نقلها ذلك إلى غيره من الناس . وهؤلاء المورثون من الشباب أو غيرهم ، يحتاجون إلى مزيد من الرعاية وحسن التوجيه ومزيد من التفهيم والتكوين ومزيد من التثقيف والتفقيه ، وكل ذلك أمانة ضخمة لاتستطيع القيام بها إلا من أعد داخل الأسرة وصهر فى نظامها وتشرب إلى أعماقه برامجها وادابها .

ومن بين أهداف الأسرة أن تقوم بإعداد هذه الصفوة لتقوم بهذه الأعباء الضخام

هـ - العمل على توسيع دائرة الأسر ما أمكن ، فإن التوسع فى هذا النظام التكوينى الهادى الهادف ، هو الذى يعطى الإسلام رجالا أصحاب التزإم وطاقة ، ويعطى الجماعه رجالا أولى انتماء وعزم وإصرار على الوصول إلى الهدف . وعن طريق التوسع ، فى نظام الأسر ونشره على أوسع نطاق ، مع المحافظة على النوعية الجيدة والبرامج المستوعبه تستطيع الجماعة أن تحقق الأهداف التالية :

1- اتساع دائرة المسلمين الملتزمين بالدين فى المجتمع كله.

2 - اتساع دائرة الفاهمين المنتمين للعمل الإسلامى الحريصين على تطبيق الإسلام تطبيقا جيدا فى أنفسهم وذويهم .

3 - اتساع دائرة الراغبين فى دعوة غيرهم إلى الحق والهدى .

و باتساع هذه الدوائر - باتساع دائرة الأسر - يستطيع العمل الإسلامى أن يصل إلى أبعد مداه أن يحقق غاياته؛ وذلك أن الجماعة لو وصلت فى يوم من الأيام باتساع هذه الدوائر إلى أن يكون الشارع ذا نبض ، إسلامى ؛ لأن البيت ذو نبض إسلامى والمدرسة ذات نبض إسلامى ووسائل الإعلام ذات نبض إسلامى ، إذا إستطاعت الجماعة أن تصل إلى ذلك فإنها تكون قد حققت أكبر أهدافها وهو التمكين لدين الله فى إلأرض . ومن هنا يكون الحكم أنزل الله بين عباد الله.

وإلى الحديث عن أركان الأسرة وهى النقطة الثالثة من النقاط التسع التى وعدنا بالحديث عنها فى الأسرة ، ونسأل الله التوفيق .


3- أركان الأسرة .

كتب الإمام المرشد حسن البنا رسالة سماها نظام الأسر ، ركز فيها على أركان الأسرة ، وجاء فى مقدمتها : " يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله ، يوجههم إلى المثل العليا ويقوى روابطهم ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إن مستوى الأفعال والعمليات ، فاحرص يا أخى أن تكون لبنة صالحة فى هذا البناء ( الإسلام ).

وأركان هذا الرباط ثلاثة فاحفظها واهتم بتحقيقها حتى لا يكون هذا تكليفا لا روح فيه :

1-التعارف :

هو أول هذه الاركان ، فتعارفوا ، تحابوا بروح الله ، واستشعروا معنى الأخوة الصحيحة الكاملة فيما بينكم ، واجتهدوا أن لا يعكر صفو علاقتكم شىء ، وتمثلوا الايات دائما والأحاديث الشريفة ، اجعلوها نصب أعينكم وتذاكروا قول الله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) وقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) وقول رسول الله T .: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد " .

ولقد ظلت هذه الأوامر الربانية والتوجيهات المحمدية بعد الصدر الأول كلاما على ألسنة المسلمين ، وخيالا فى نفوسهم ، حتى جئتم معشر الإخوان المتعارفين تحاولون تطبيقها فى مجتمعكم ، وتريدون تأليف الأمة المتآخية بروح الله وأخوة الإسلام من جديد ، فهنيئا لكم إن كنتم صادقين ، وأرجو أن تكونوا كذلك والله ولى توفيقكم ".

والتعارف ، كما دلت على ذلك وثائق الجماعة وممارستها العملية له فى داخل الأسرة ؛ هو أهم أركان الأسرة ، وأصله الذى أوجبه على الناس قول الله تبارك وتعالى : (يا أيها الناس إئا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. .. . ) . فالأصل فى الناس على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وقبائلهم وأقاليمهم أن يتعارفوا ويتعاونوا ، فما بال المسلمين ؟ وما بال جماعة " الإخوان المسلمون

إن التعارف الذى دعت إليه الجماعة له بداية هى ، أن يتعارف الأخ على أخيه : اسمه وعمله وعنوانه ووضعه فى العائلة التى ينتمى إليها ، ويظل يشمل فى طريقه إلى منتهاه أمورا كثيرة منها :

التعارف على النفس والميول والاتجاهات والعقل والثقافة والروح وقدر رغبتها فى العبادة والتقرب إلى الله ، والبدن ومدى ما منحه الله من طاقة ، والظروف الاجتماعية كاملة مفصلة ، والظروف الاقتصادية كذلك ، ومدى ما يملك الأخ من قدرات وإمكانات ، ومدى ما يجيد من عمل ، بل مدى ما يعرف من الناس ، ويظل التعارف يتسع ويتعمق حتى يشمل كل ما له علاقة بالأخ مما أباح الله له أن يطلع عليه سواه ، ومنتهاه وغايته أن يعرف الأخ جدول العمل اليومى لأخيه على مدى أسبوع كامل ، بحيث إذا غير صاحب الجدول فى جدوله فإن عليه أن يخبر بذلك أخاه . .. كل ذلك ضرورى فى مجال العمل الإسلامى ، ليمكن توظيف هذه القدرات والطاقات والأوقات لصالح ، العمل الإسلامى من جانب ، ولزيادة الروابط الإسلامية بين الأفراد من جانب آخر ، ولسهولة اتصال الأخ بأخيه من جانب ثالث .

كان التعارف كذلك فى تاريخ الجماعة كما أنبأت عنه الدراسة التحليلية لتكوين الأسر .

2 - التفاهم : ويقول فيه المؤسس :

" وهو الركن الثانى من أركان هذا النظام . فاستقيموا على منهج الحق ، وافعلوا ما أمركم الله به واتركوا ما نهاكم عنه ، وحاسبوا أنفسكم حسابآ دقيقأ على الطاعة والمعصية ، ثم بعد ذلك لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيبا ، وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح وليشكر له ذلك ، وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة ، وليحذر أن يشعره بانتقاصه أو بتفضيل نفسه عليه ، ولكنه يتستر عليه شهرا كاملا ولا يخبر بما لاحظه أحدا إلا رئيس الأسرة وحده ؛ إذا عجز عن الإصلاح ، ثم لا يزال بعد ذلك على حبه لأخيه وتقديره إياه ومودته له حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا ، وليحذر المنصوح من العناد والتصلب وتغير القلب على أخيه الناصح قيد شعرة ؛ فإن مرتبة الحب فى الله هى أعلى المراتب ، والنصيحة ركن الدين : " الدين النصيحة " والله يعصمكم من بعض ، ويعزكم بطاعته ويصرف عنا وعنكم كيد الشيطان " .

والتفاهم كما دلت عليه وثائق الجماعة وممارسة أعضائها بهن هام من أركان الأسرة ، له كذلك خط ذو بداية ونهاية ، وتأصيله الشرعى الذى أوجبه بين المسلمين هو قول الله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) . فالاعتصام بحبل الله يعنى التمسك بالدين والقران الكريم ، وهذا التمسك داعية محبة وألفة وتفاهم ، وقول الرسول T: " المؤمن مألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ".

والمقصود بالتفاهم أمور نشيرإليها فيما يلى :

أ - انعدام أسباب الجفوة والتنافر .

ب - المحبة والمودة والألفة التى يوجبها التعارف إذا تم على وجهه .

جـ - نبذ الفرقة والاختلاف ، فإن وقع اختلاف فما ينبغى أن يفسد مقتضيات الأخوة فى الله ، لأن الاختلاف فى حقيقته بين المسلمين اختلاف فى فروع واجتهادات ، ولن يكون على أصل من الأصول .

فإذا مهدت أرض العلاقة بين الأخوة بإزالة هذه المعوقات والعوارض - ولابد أن تزول - اتجه التفاهم اتجاها إيجابيا اخر .

نشير إليه فى النقاط التالية :

أ - العمل على إيجاد قدر مشترك من تقارب وجهات النظر فى المسائل والقضايا التى تهم المسلمين ؛ تقارب لا تطابق ، فإن حدث التطابق فهو أفضل .

ب - العمل على تكوين فكر مشترك نابع من الإسلام ومن إيثار الحق حول الحكم على الناس والأشياء ، بحيث لا يكون هناك جنوح فى فكر عند واحد من الإخوة ، ولا نكوص فى فكر عند اخر ، وإنما يلم الجميع فكر موحد فى النظر والحكم .

جـ -التقاء وجهات النظر فى أمرين هامين فى مجال العمل الإسلامى هما :

1 - الاتفاق على أولويات بعينها فى العمل لا يتقدمها سوامها .

2 - الاتفاق على مرحليات ، تعنى تقسيم العمل إلى كل مراحل قد تتوازى وقد تتوالى تبعا للظروف والملابسات التى تحيط بالعمل والعاملين .

د - الوصول إلى قمة التفاهم بين الإخوة ، وتلك القمة تعنى " الحديث بلغة واحدة " بحيث يصبح الطابع الذى يميز أفراد الجماعة أنهم يفكرون بطريقة واحدة ويتحدثون بلغة واحدة .


3 - التكافل : ويقول فيه المؤسس :

"هو الركن الثالث . فتكافلوا، وليحمل بعضكم عبء بعض ، وذلك صريح الإيمان ولب الأخوة ، فليتعهد بعضكم بعضا ، بالسؤال والبر وليبادر إلى مساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلا ، وتصوروا قول رسول الله T : " لأن يمشى أحدكم فى حاجة أخيه خير له من أن يعتكف فى مسجدى هذا شهرا " " من أدخل السرور على اهل بيت من المسلمين لم ير الله له جزاء دون الجنة " والله يؤلف بين قلوبكم بروحه إنه نعم المولى ونعم النصير " .

والتكافل كما دلت عليه وثائق الجماعة وممارسة افرادها لهذا التكافل فى ظل الأسرة ركن هام من أركان نظام الأسر الثلاثة . والأصل الشرعى لهذا الركن يفهم من قوله تعالى : ( وافعلوا الخيرلعلكم تفلحون ) . ومن قوله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) . ومن قول الرسول T " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه " وقوله : " مثل المؤمنين فى توادهم وتلااحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " وقوله : " انصر أخاك ظالمأ أو مظلوما " فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أرأيت إن كان ظالما كيف أنصره ؟ قال : " تحجزه - أو تمنعه - من الظلم فإن ذلك نصره " وقوله T: " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبيع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا : المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يحقره ولا يخذله . التقوى هانا - وأشار إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرىء من الشر أن يحقر اخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه "

وقوله : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه . من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حأ-جته ، ومن فرج على مسلم كربة ، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ".

والتكافل فى الجماعة يكاد يكون أبرز ما يميزها عن الجماعات الأخرى ، فإن سماحة كثير من الإخوان بمالهم وجهدهم ووقتهم من أجل إخوانهم ، كانت مضرب المثل ، حتى فى أحطك الظروف التى مرت بهم داخل السجون والمعتقلات . والتكافل فئ الجماعة يعد نتيجة طبيعية للتعارف إن تم على وجهه ، وللتفاهم كذلك ، والمقصود بالتكافل بعامة هو : أن يحمل الأخ أخاه عند الحاجة أو الشدة وهذا أصل من أصول الدين كما ذكرنا انفا "من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته "

وللتكافل مراحل ودرجات نشير إليها فيما يلى :

1 - بدايته التحاب والألفة والمودة والتراحم ،

2 - ثم التعاون فى كل ما من شانه أن يحتاج لتضافر الجهود .

3 - ثم التناصر ، إن كان الأخ المسلم ظالما أو مظلوما ،

4 - ثم التكافل على مستوى الأسرة نقيبها وأفرادها . ،قد دلت وثائق الجماعة وما كتبه عنها الكاتبون ، على أن درجات هذا التكافل ومراحله ، قد مارسها أفراد الجماعة باستمرار خارج السجون وداخلها ، وأن أشد الحكومات بطشا وظلما لم تستطع أن تقضى على هذا الركن الأساس من أركان نظام الأسر ، بل إن بعض صحف حكومة الظلم والطغيان نشرت أن قضية من القضايا التى أقامتها الحكومة على الجماعة داخل سجن أبى زعبل فئ محنة عام 1965 م كانت تقوم على اتهام الإخوان بالتكافل داخل السجن !!!

وإن أعدادا كبيرة من أفراد الإخوان حكم عيهم بالسجن لم لأنهم تكافلوا مع عائلات المعتقلين والمسجونين من الإخوان ، وكان شائعا أن من تبرع بخمسة قروش لعائلة اعتقل عائلها أو سجن يحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنين ، والعشرة القروش بعشر سنين ،وهكذا فى محاكمات الطغيان والعبث بالقيم الفاضلة ومحاولة القضاء على النخوة والشهامة فى المجتمع المصرى عام 1965 م ، فهل منع ذلك الإخوان من التكافل ، إن وثائقهم تقول : لا ، وإن تاريخهم يقول : لا ، وإن كتابات أعدائهم قبل أوليائهم لتؤكد ذلك .

ولعل من أقوى الأدلة على تكافل أفراد الجماعة ، أن الضربات الحاقدة على الإسلام والمسلمين التى وجهت إليهم فى معظم البلدان العربية لم تنل من عزيمتهم ، ولم تصرفهم عن تحابهم وتعاونهم وتكافلهم ، فى أحلك المحن وأقسى الظروف .

وبعد : فهده أركان الأسرة كما حددها المؤسس بما كتب عنها بقلمه ، وكما ، ألقينا عليها من الضوء ما كشف أبعادها وأعماقها ، ودعم بالكتاب والسنة تأصيلها الشرعى ، وكما دلت عليها الوثائق وتحليل تاريخ الجماعة .


4 - شروط الأسرة

نعنى بشروط الأسرة : تلك الشروط التى يجب أن تتوفر وأن تراعى عند تكوين الأسرة ، بحيث توفر هذه الشروط للأسرة أنسب جو تؤدى فيه وظائفها وتحقق أهدافها .

ولم أجد فى رسائل الإمام المؤسس شيئا يحمل هذا العنوان : " شروط الأسرة " ، ولكنى استقرأت الوثائق ، وتأملت التاريخ للجماعة ، وتعرفت على تشكيل الأسر من خلا ل هذا التاريخ ومن خلال من تحدثت إليهم من قدامى الأعضاء فى الجماعة ، فرأيت أن للأسرة شروطا لابد أن تتوفر لها عند تكوينها ، وأن هذه الشروط عندما تتوفر هى التى تضمن للأسرة تحقيق أهدافها .

وبما أن الأسرة تكوين تربوى يخضع لبرنامج ويستهدف أهدافا ؛ فلابد أن تكون لها شروط فى أعضائها .

وقد تحدث الإمام المؤسس فى رسالة التعاليم حديثا ينبىء عن هذه الشروط وإن كان ليس نصا فيها .

ففى حديثه عن ركن الطاعة من أركان البيعة ، تحدث عن مراحل الدعوة الثلاث : التعريف والتكوين والتنفيذ .

فقال عن مرحلة التعريف : " ويتصل بالجماعة فيها كل من أراد من الناس ، متى رغب المساهمة فى أعمالها ووعد بالمحافظة على مبادئها ، فليست الطاعة التامة لازمة فى هذه المرحلة بقدر ما يلزم فيها احترام النظم والمبادىء العامة للجماعة " .

ومن الواضح أن أفراد الأسرة ليسوا معنيين بهذا الكلام -.

ثم تحدث عن مرحلة التكوين فقال : " التكوين باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض ، ونظام الدعوة . فى هذه المرحلة :

- صوفى بحت من الناحية الروحية .

- وعسكرى بحت من الناحية العملية .

وشعار هاتين الناحيتين دائما ( أمر وطاعة ) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج ، وتمثل الكتائب الإخوانية هذه المرحلة من حياة الدعوة ، وتنظمها رسالة المنهج سابقا وهذه الرسالة الان ، والدعوة فيها خاصة لا يتصل بها إلا من استعد استعدادا حقيقيا لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات ، وأول بوادر هذا الاستعداد ( كمال الطاعة ) " .

وواضح أن المقصود بهذه المرحلة فى تاريخ التربية عند الجماعة مرحلة الانتظام فى أسر ، بعد أن يكون الفرد قد مر بمرحلة التعريف التى تعد فيها الدعوة ( عامة ) .

والاستعداد الذى تحدث عنه الإمام المؤسس لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات ، هذا الاستعداد قد أوضحه فى كلمته الجامعة عن العمل كركن من أركان البيعة فقال : " ومراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق :

1 - إصلاح نفسه حتى يكون : قوى الجسم ، متين الخلق ، مثقف الفكر ، قادرا على الكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصا على وقته ، منظما فى شئونه ، نافعا لغيره ، وذلك واجب كل أخ على حدته

2- وتكوين البيت المسلم بأن يحمل أهله على احترام فكرته ، والمحافظة على اداب الإسلام فى كل مظاهر الحياة المنزلية ، وحسن اختيار الزوجة ، وتوقيفها على حقها وواجبها ، وحسن تربية الأولاد والخدم ، وتنشئتهم على مبادىء الإسلام ، وذلك واجب كل أخ على حدته كذلك .

3 - وإرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه ، ومحاربة الرذائل والمنكرات ، وتشجيع الفضائل ، والأمر بالمعروف والمبادرة إلى فعل الخير ، وكسب الرأى العام ، إلى جانب الفكرة الإسلامية وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما ، وذلك واجب كل أخ على حدته ، وواجب الجماعة كهيئة عاملة .

4 - وتحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبى - غير إسلامى - سياسى أو اقتصادى أو روحى .

5 - وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق ، وبذلك تؤدى مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها .

والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام ، غير متجاهرين بعصيان ، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه .

ولا بأس بأن تستعين بغير إلمسلمين عند الضرورة فى غير مناصب الولاية العامة .

ولا عبرة بالشكل الذى تتخذه ولا بالنوع مادام موافقا للقواعد العامة فى نظام الحكم الإسلامى . والحكومة من صفاتها :

الشعور بالتبعة.

والشفقة على الرعية .

والعدالة بين الناس .

والعفة عن المال العام .

والاقتصاديه فيه .


ومن واجباتها :

صيانة الأمن .

وإنفاذ القانون

ونشر التعليم .

وإعداد القوة .

وحفظ الصحة .

ورعاية المنافع العامة .

وتنمية الثروة .

وحراسة المال.

وتقوية الأخلاق .

ونشر الدعوة .


ومن حقها متى أدت واجبها :

- الولاء والطاعة .

- والمساعدة بالنفس والأموال :

فإذا قصرت فالنصح والإرشاد ، لهم الخلع والإبعاد ، ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق .

6 - إعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية :

بتحرير أوطانها.

وإحياء مجدها .

وتقريب ثقافتها .

وجمع كلمتها .

حتى يؤدى ذلك كله إلى إعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة .

7 - أستاذيه العالم بنشر دعوة الإسلام فى ربوعه وحتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ، ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) .

وهذه المراتب الأربع الأخيرة تجب على الجماعة متحدة ، وعلى كل أخ باعتباره عضوا فى الجماعة ، وما أثقلها تبعات وما أعظمها مهمات ، يراها الناس خيالا ويراها الأخ المسلم حقيقة ، ولن نيأس أبدا ولنا فى الله أعظم الأمل (والله غالب على أمره ولكن أكثرالناس لا يعلمون ) .

والمرتبة الأولى من مراتب العمل المطلوبة من الأخ العامل نستطيع أن نستلهم منها بعض الشروط التى يجب أن تتوفر فى كل فرد من أفراد الأسرة ، ومنها :

1 - قوة الجسم .

2 - متانة الخلق .

3 - ثقافة الفكر .

4 - القدرة على الكسب .

5 - سلامة العقيدة .

6 - صحة العبادة .

7 - مجاهدة النفس .

8 - الحرص على الوقت .

9ـ تنظيم شئونه كلها.

10 - النفع لغيره.

كما نستطيع أن نضم إلى هذه الشروط العشرة التى فصلتها المرتبة الأولى ، سائر المراتب الستة الباقية وهى :

11 - تكوين البيت المسلم .

12 - إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه .

13 - تحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان غير إسلامى .

14 – إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق .

15 - إعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية .

16 - " أستاذية العالم " بنشر دعوة الإسلام فى ربوعه ( حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) وكل هذه الشروط ذاتية ، يجب أن تتوفر فى الفرد قبل أن ينضم إلى الأسرة . وهناك شروط في يجب مراعاتها عند تكوين الأسرة من أفراد توفرت فيهم تلك الشروط ، وهذه الشروط يراعيها المسئون عن تشكيل الأسرة وهى :

ا - التقارب بين الأفراد فى المشتوى الثقافى ،حتى تكون قدراتهم على استيعاب المنهج الذى يدرس فى الأسرة المتقاربة، فلا يضيع الأقل قدرة ولا يمل الأكثر قدرة ، ولكى يكون الحوار والنقاش بين أفراد قارب بينهم الثقافة والفكر .

2 - التقارب بين أفراد الأسرة فى الأعمار ، لأن ذلك ذوأهمية قصوى فى تقارب الاهتمامات والميول والاتجاهات ، ولئلا يستصغر الصغير نفسه مع الكبير ، ولا يستخف الكبير بما يقال لمن هم أصغر منه سنا ، ولكن ليس معنى هذا ؛ الدعوة إلى تساوى أعمار الأعضاء فى الأسرة الواحدة لعدم إمكانه ، فإن أمكن فلا بأس .

3 - التقارب بين الأعضاء فى الظروف النفسية والانفعالية كلما كان ذلك ممكنا .

فهناك من هو شديد الحماس ، ومن هو هادىء يستأنى فى كل شىء . وهناك من هو كثير الحركة جم النشاط ، ومن هو بطئ الحركة محدود النشاط .

وهناك من هو محب للمزاح ، ومن هو أقرب إلى الصمت والتأمل وربما العبوس . وهناك من يحب كثرة الكلام ، ومن يحب طول الصمت .

والأصل أن تشكل الأسرة من أفراد متقاربين - لا متساوين - فى هذه النواحى ليمكن تطبيق منهج موحد عليهم ، مع ضرورة الاهتمام بعلاج كل انفعال يزيد عن حده ، وكل صفة مبالغ فيها على يد النقيب وما يختاره لهذه الأمور من علاج

4ـ المقارب فى الأقدمية فى الجماعة وأنظمتها كلما أمكن ذلك ، ولا يعترض على ذلك بأن هذا التقارب قد يحرم الجدد نسبيأ من خبرة القدامى وتجاربهم ، ولكن يمكن التغلب على ذلك بزيارات من القدامى للجدد على فترات متباعدة نسبيا

5ـ التقارب بين الأعضاء فى مساكنهم ، لما فى ذلك من فوائد نشير إلى بعضها فيمايلى :

أ ـ توقير الوقت والجهد عند تباعد الأمكنة .

ب - تكثيف الوجود الإخوانى فى الحى الواحد .

جـ - إمكان الاتصال بسرعه .

د - إمكان الالتقاء فى مسجد واحد أو ناد واحد .

هـ - إمكان المتابعة والتوجيه طول أيام الأسبوع .


6 - الاهتمام بالتخلى عن عادة تقديم الطعام فى اجتماع الأسرة لأن ذلك يفوت أغراضا وأهدافا رئيسية فى اجتماع الأسرة مثل ما نشير إليه فيما يلى :

يحول الاجتماع عن هدفه إلى ضيافة .

ب - يكلف صاحب البيت أعباء لا لزوم لها .

جـ - يحرم صاحب البيت من متابعة البرنامج لانشغاله بتقديم الطعام وما يتطلبه ذلك من عناء .


7 - الاهتمام بأن يتعدد مكان اللقاء فى كل اجتماع لما فى ذلك من دفع الرتابة والملل ، وإرهاق صاحب بيت بعينه ، بل ربما يكون الاجتماع فى مكان غير البيوت كلما أمكن ذلك . 5 - اداب الأسرة أو واجباتها

نعنى بهذه الاداب أو الواجبات ، الصفات اللازمة أبدا لكل من انضم إلى أسرة وأصبح واحدا من أفرادها .

وهذه الواجبات نذكرها معتمدين فى ذكرها على " لائحة الأسر " التى صدرت عام 362 1 هـ - 43 9 1 م . ولهذه اللائحة تاريخ لابد آن نشير إليه هنا ، فقد سميت لائحة الأسر مرة " بلائحة النظام التعاونى " ، ومرة " بلائحة الأسر التعاونية " ، وكان الأفراد المشتركون فى الأسر آنذاك - يقسمون فى كك شعبة إلى عشرات تسمى كل عشرة منها :

" أسرة " عشرة أفراد وترتب أولى وثاانية وثالثة. إلخ ،وتختار الأسرة من بينها نقيبا يكون هو المسئول عنها، وتتكون من كل أربع أسر عشيرة :

" عشيرة " أربعون فردا يرأسها نقيب الأسرة الأولى ، وتكون القيادات دائما بالتسلسل بين الأعضاء والنقباء .

وكان المفروض أن اللجنة المركزية لهذا النظام - ومقرها المركز العام بالقاهرة يرأسها الأستاذ المرشد - تربط بين هذه العشائر فيتألف من كل خمس عشائر :

" رهط " عدد أفراده مائتان .

ومن كل خسة رهوط : " كتيبة " عدد أفرادها ألف فرد .

هذه اللائحة حددت واجبات الأسرة ، أو ادابها على مستويات ثلاثة :

واجبات أو آداب شخصية .

وواجبات أو اداب اجتماعية .

وواجبات أو آداب مالية .

على النحو المفصل فيما يلى :

أ - الواجبات الشخصية :

1 - إخلاص النية لله وتجديد التوبة مع رد المظالم إلى أهلها ما أمكن ذلك .

2 - المواظبة على الورد القرانى والأدعية المأثورة بقدر الإمكان .

3 - تجديد البيعة على السمع والطاعة والصبر والثبات فى سبيل الفكرة .

4 - تقدير حق إخوانه وتقديمهم فى كل المعاملات ، وعدم التأخر عن اجتماعاتهم إلا بعذر قاهر لا يمكن دفعه .

5 - المحافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها .

6 - أداء زكاة المال متى كان الأخ مالكأ للنصاب مع استشارة الأسرة فى طريق التصرف فيها.

7 - الحج لمن لم يكن أدى الفريضة وكان قادرا على ذك .

8 - صوم رمضان صياما صحيحأ .

9 - التطهر من الربا والمقامرة والكسب الحرام فى كل المعاملات .

10 - اجتناب الزنا وما يتصل، به والخمر وما هو فى حكمه ومقاطعة دور اللهو العابث .

11 - أن يعتبر الأخ نفسه جنديا للدعوة ، ويشعر بأن لها حقا فى نفسه ووقئه وماله ، وأن يقوم بأداء اشتراكه لصندوق التعاون مهما تكن ظروف الأخ متى تعهد بذلك ولم تعقه أسرته منه .

12 - أن يشعر أهله بهذا التطورالجديد فى حياته وأن يجتهد فى أن يطبع بيته بالطابع الإسلامى ، وأن ينتهز الفرصة المناسبة ويعاهد زوجته على العمل للدعوة معه ، وأن يلزم أولاده وخدمه باداب الإسلام . فإذا فهم الإخوان هذه الواجبات وقبلوها وتعهدوا بالمحافظة عليها والقيام بها فإما صحيحا ؛ بايعهم النقيب على ذلك نيابة عن المرشد العام .


ب - الواجبات الاجتماعية :

1 - تأكيد روابط الإخاء بين أفراد الأسرة .

2 - تتخير الأمم في مكانا تجتمع فيه ليلة فى الأسبوع غير دار الشعبة ، ويحسن أن يكوت ذلك فى بيوت أعضائها بالتبادل .

3 – يحسن أن يبيت أعضاؤها معا ليلة فى الشهر ، فى مكان واحد على هيئة معسكر كشفى ويتناولون معا طعام العشاء والإفطار .

4 - يحسن أن يجتمع أعضاء الأسر جميعا فى صلاة الجمعة فى مسجد واحد .

5 – يستحسن أن يؤدى أعضاء الأسر جميعا صلاة الفجر والعشاء فى جماعة ، فى دار الشعبة أو فى مسجد أو فى أى مكان يختارونه .

جـ - الواجبات المالية :

1 - أعضاء الأسرة متكافلون فيما بينهم فى احتمال أعباء الحياة ، فمن نكب منهم أو تعطل عن عمله لسبب خارج عن إرادته أو مات ، فبقية إخوانه فى الأسرة ملزمون بسد جاجته . وحاجة أولاده ورعايتهم ومساعدتهم حتى يغنيم كم الله من فنهكنه .

2- تنشئ كل اسرة صندوقا تعاونيا خاصا ، يشترك فيه كل أخ بجزء من إيراده .

3 - ينفق من المتحصل فى كفالة الإخوان المتعاونين .

4 - يؤخذ الخمس كل صناديق الأسر جميعا ويورد لصندوق التعاون بالمركز العام .

5 - كان المفروض أن تحول هذه الأموال إلى " شركة تأمين اجتماعى إسلامية " .

وبعد : فتلك واجبات الأسرة على مستوياتها المتعددة تمثل فى مجموعها الآداب العامة التى تحكم كل فرد من أفراد الأسر فى نفسه وفى بيته وفى مجتمعه وفى ماله وعياله .

وهناك اداب ربما كانت أقل فى وزنها النسبى من الواجبات ، ولكنها ضرورية ؛ إذ فيها أدب الأسرة ورعاية أخلاقياتها ونظامها وأهدافها .

هذه الاداب منها مايلى :

إعداد الروح والنفس والعقل لاجتماع الأسرة ، الروح بتصفيتها من الشوائب ، والنفس بإقبالها على إلاجتماع .

بشوق وترقب ، والعقل بحيث يشارك الأخ فى كل فكرة تطرح فى الأسرة يفكر فيها ويعطيها من اهتمامه ووقته مايناسبها .

فالروح الخاوية من عناصر الإيمان .

والنفس المشغولة بمشاغل أخرى .

والعقل الذى لم يعد لهذا اللقاء ، أو لم يتزود له بما يجب من زاد . صاحب هذه الروح والنفس والعقل بتلك الصفات لايستطيع أن يشارك فى اجتماع الأسرة مشاركة إيجابية نافعة .

2 - إعطاء اجتماع الأسرة جزءا أساسيا من الوقت والجهد ، لا ما يفيض من الوقت والجهد .

3 - أداء وظائف الأسرة والقيام بكل ما كلف به الأخ من واجبات ؛ بحيث يمض أسبوعه مشغولا بأداء هذه الواجبات الثقافية والمادية وغيرها ، وليس من أدب الأسرة أن يذهب ليعتذر عن التقصير .

4 - الانضباط فى كل مايتعلق باجتماع الأسرة مثل :

- الانضباط فى الحضور والانصراف ، لا تأخر ولا تقدم .

الانضباط فى مجلس الاجتماع ومراعاة ادابه وأنه جلسة لمدارسة العلم .

الانضباط فى الكلام والتعليق فلا يتكلم إلا إذا أذن له ولا يعلق على كلام إلا بعد أن يؤذن له كذلك .

الانضباط فى الصوت فلابد أن يكون على قدر ما يسمعه الجالسون دون صخب أو ضجيج مهما كان ما يعرضه من رأى يوجب التحمس .

5 - حسن الاستماع لما يقال قى الجلسة والتنبه الشديد له ، وتسجيل ماله أهمية خاصة على ورقة لمراجعته ثم الاستغناء عن الورقة أو الاحتفاظ بها حسب الظروف والإمكانات ، ومن حسن الاستماع ألا يقاطع متكلما مهما تكن الظروف وإنما يسمع إليه ، حتى ينهى كلامه ، ثم يستأذن فى التعليق عليه إن كان ماقاله يستوجب التعليق ، ومن حسن الاستماع الاستيعاب الدقيق لما يقال .

ومن حسن الاستماع تركيز النظر والفكر على المتكلم ، وعدم الانشغال بأى كلمة مع أى جالس فى الاجتماع .

6 - حسن الحوار ، بمعنى أن من أراد أن يشارك فى حديث ؛ فإن عليه واجبات يتطلبها حسن الحوار هى :

- الاستئذان فى الكلام .

- خفض الصوت نسبيا .

- سيطرة الموضوعية على المتكلم .

- عدم توجيه صفات لاذعة إلى الرأى الاخر .

- عدم الإشارة إلى المتحدث السابق أو تسفيه رأيه .

ـ التقيد فى الكلام بالعربية الفصحى ، فهى لغة القران أى لغة الدين ، والتقيد بها مران ودربة وليس تقعرا أو تفصحا .

ـ تقبل الرأى الاخر واحترامه واحترام صاحبه ، ومناقشته بحيادية ، حتى يتبين صوابه فيؤحذ به ، أو خطؤه فيترك دون لوم لصاحبه ، لأنه اجتهد فأخطأ فهو مأجور عند الله فكيف يكون ملومأ- عند الناس ؟

7 - أن يحضر الأخ إلى اجتماع الأسرة وفى كل اجتماع قد حمل إلى أسرته جديدا ، يؤدى إلى تطوير العمل ، أو إلى تحسينه ، أو إلى تلافى مايقع فيه من عيوب .

ومعنى ذلك أن الأخ قد أمضى أسبوعه الفائت يفكر فى اجتماع الأسرة وما جرى فيه من إيجابيات وسلبيات ، بدعم الإيجابيات ويقترح مايشاء لطرد السلبيات .

ولايقبل من الأخ أن يحضر إلى اجتماع الأسرة دون أن يشارك فى تطوير اللقاء وتحسينه، فهو إن فعل يتحول بالتدرج إلى إنسان سلبى ، يكتفى بأن يكون فى الاجتماع كجهاز الاستقبال فحسب .


6 - برناج الأسرة

تدرج برنامج الأسرة فى تاريخ الجماعة ومر بمراحل ؛ كل مرحلة فيها أكمل من سابقتهأ وأكثر تجاوبا مع متطلبات العمل الإسلامى فى ظل نظام الأسرة .

وإن أول برنامج تربت عليه أول مجموعة من الإخوان بلغت فى نهاية عام 1928 م سبعين رجلا أو أكثر قليلا ، كان يشتمل على مايلى :

1- تصحيح تلاوة القران الكريم وفقه أحكام التجويد ، يتلوه كل أخ ولا يكتفى فيه بالسماع فقط .

2 - حفظ بعض الآيات والسور القرانية .

3 - شرح هذه الايات والسور وتفسيرها تفسيرا مناسبا .

4 - حفظ بعض الأحاديث وشرحها كذلك .

5 - تصحيح العقائد والعبادات وتعرف أسرار التشريع واداب الإسلام العامة .

6 - دراسة التاريخ الإسلامى وسيرة السلف الصالح.

7 - دراسة السيرة النبوية بصورة مبسطة تهدف إلى النواحى العملية والروحية .

8 - تدريب القادرين ؛ على الخطابة والدعوة تدريبا علميا، بحفظ ما يستطاع من النظم والنثر ومادة الدعوة ، وعمليا بتكليفهم التدريى والمحاضرة فى هذا المحيط أولا .

ولم يكن هذا المنهاج التعليمى هو كل شىء ؛ فقد كانت معانى التربية العملية التى تتفاعل فى أنفسهم بالمخالطة والتصرفات الواقعية والود والمحبة فيما بينهم ، والتعاون الكامل فى شئون حياتهم ، وتهيؤ نفوسهم لما فى ذلك من خير ، أقوى العوامل فى تكوين هذه الجماعة.

ومن أمثلة هذه التربية العملية مايلى :

روى الإمام المؤسس - فى ذلك - قال : " وأذكر أننى دخلت على الأخ سعيد سيد أبو السعود - رحمه الله - تاجر الخردوات فرأيت الأخ مصطفى يوسف يشترى منه " زجاجة ريحة " والمشترى يريد أن يدفع عشرة قروش ، والبائع يأبى أن يأخذ أكثر من ثمانية قروش ، وكلاهما لايريد أن يتزحزخ عن موقفه . كان لهذا المنظر أعمق الأثر فى نفسى وتدخلت فى الأمر ، فطلبت فاتورة الشراء فوجدت أن الثمن الأساسى الذى اشترى به الآخ سعيد - رحمه الله - هو الذى يريد أن يبيع به لأخيه " الدستة بستة وسبعين قرشا " .

فقلت له : يا أخى إذا كنت لاتكسب من صديقك ولايشترى منك عدوك فمن أين تعيش ؟ فقال : لا فارق بينى وبين أخى ، ويسرنى أن يتقبل منى هذا العمل ، فقلت للأخ مصطفى : ولماذا لا تقبل رفد أخيك ؟ فقال : إذا كنت أشتريها من الخارج بهذه العشرة فأخى أولى بهذه الزيادة ، ولو عرفت أنه يقبل أكثر منها لزدت ، وبالتدخل انتهينا إلى تسعة قروش .

ليس الشأن شأن قرش أو قرشين ، ولكنه شأن هذا المعنى النفسانى الذى لو انتشر فى الناس واستشعروه واستولى على أنفسهم لانحلت المشكلة الفردية والاجتماعية والعالمية ، ولعاش الناس سعداء امنين " ثم ساق الأستاذ الإمام أكثر من مثال ، على بلوغ هذه التربية العملية فى نفوس الإخوان أقصى ما يمكن أن تصل إليه من تغلغل وأحسن ما تنعكس به من سلوك .

ثم تطور البرنامج إلى صورة تالية تجمع بين ما ذكر فى أول برنامج وبين ما اقترح من زيادة فيه وتعميق له .

ورد ذلك فى خطاب الإمام المؤسس ، الذى وجه به نظام الأسرة جاء فى هذا الخطاب مما يعد برنامجا للأسرة مايلى :

ما يجب أن يشتمل عليه الاجتماع الأسبوعى للأسر .

أ - محاسبة عامة يتقدم كل أخ فيها بمكاشفة أسرته بأحواله ،و بخط سيره الأسبوعى ، ويستشيرهم فيما يجب فيه الاستشارة من شئونه الخاصة والعامة ؛ وفى هذا توطيد للثقة وتوثيق للرابطة ، والمؤمن مراة أخيه .

2 - مذاكرة حول شئون الدعوة إن كان فيها جديد .

3 - تلاوة الرسائل والتوجيهات الواردة من القيادة العامة للأسر .

4 - لامحل فى الأسرة للجدل أو الحدة أو رفع الصوت ، ولكن بيان واستيضاح فى حدود الأدب والتقدير المتبادل .

5 - مدارسة نافعة فى كتاب من الكتب القيمة . وقد عرض الأستاذ نماذج لبعض الكتب التى أخذ الإخوان فى دراستها مثل :

ا - الفقه على المذاهب الأربعة .

ب - الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى .

جـ - الفتح الربا نى شرح وترتيب الإمام أحمد بن حنبل .

د - كتاب الأنوار المحمدية محتصر المواهب اللدنية فى السيرة .


6 - تحقيق معانى الأخوة فى المجاملات الطازئة التى لا تحصرها الكتب ولاتحيط بها التوجيهات مثل :

ا - عيادة المريض .

ب - وتفقد الغائب .

جـ - وتعهد المنقطع .

ومما يزيد رابطة الإخاء ويضاعف فى النفوس الشعور بالحب والصله . ولزيادة الترابط بين الإخوان عليهم أن يحرصوا على :

ا - القيام برحلات ثقافية لزيارة الاثار والمصانع وغير ذلك .

ب - القيام برحلات قمرية رياضية .

ج - القيام برحلات نهرية للتجديف .

هـ - القيام برحلات متنوعة بالدراجة .

و - صيام يوم فى الأسبوع أوكل أسبوعين .

ز - صلاة الفجر جماعة مرة كل أسبوع على الأقل فى المسجد .

ت - الحرص على مبيت الإخوان بعضهم مع بعض مرة كل أسبوع أو أسبوعين.

وهكذا جمع هذا البرنامج بين الثقافة العلمية والثقافة العملية ، ونقل الإخوة من حيز العلم والنظريات ، إلى حيزالعمل والتطبيقات . ويعد هذا برنامج نواة طيبة وافية تشير وتوحى إلى كل البرامج اللاحقة فى نظام الأسرة .

ثم أخذت الجماعة تعمق برامج نظام الأسر من حين لأخر مستفيدة من التجارب التى تمر بها ، ومن نواحى القصور التى تشعر بها الجماعة فى أفرادها فى بعض الأحيان ، لإيمان الجماعة بأنه لا يكمل أى نقص أو قصور فى فرد إلا برنامج الأسرة الذى يتربى من خلاله هؤلاء الأفراد .

وإن المتتبع لأوراق الجماعة ووثائقها ليجد برامج الأسرة كثيرة ، بعضها مركز وبعضها مفصل ، وهى لا تخرج فى مجموعها عن برامج قادرة على تلبية أهداف الأسرة بدقة .

وإن النظر والتحليل لهذه البرامج المتعددة ، مكننى من التعرف على الأصول العامة لكل برنامج من هذه البرامج ، وهذه الأصول كما أنبأت بذلك الدراسة والتحليل ثلاثة :

ا - عناصره .

2- مساره .

3 - مداه الزمنى أو مدته .

ولنتحدث عن كل أصل من هذه الأصول فيما يلى :


أولا - عناصر البرنامج . نعنى بهذه العناصر المقومات الأساسية للبرنامج أو الدعائم التى يقوم عليها وهى كما بدا لنا أربعة :

1 - عنصر التوجبه .

2 - عنصر التربية .

3 - عنصر التدريب .

4 - عنصر التقويم والمتابعة .

وهى عناصر متمم بعضها لبعض، وقادرة ، وهى مجتمعة على أن تحقق أهداف الأسرة . وسوف نلقى ضوءا على كل واحد من هذه العناصر على النحو التالى :

1 - عنصر التوجيه :

وهو عنصر ضرورى يوقظ مشاعر الأعضاء ، ويخاطبهم بلغة لا تعتمد على بلاغة الألفاظ ، وإنما تتوخى مزج العاطفة بالعقل ، وإحساس الأفراد بما هو ضرورى فى هذا الاجتماع وماهو ثانوى ؛ لتتحدد الأولويات فى كل اجتماع فلا يضل لقاء عن هدفه .

يمثل هذا العنصر : كلمة الأسرة الأسبوعية وهى كلمة لها أهداف واصول وآداب .

أ - أهداف الكلمة التوجيهية:

تحديد الهدف الخاص من اجتماع الأسرة ثقافيا وعمليا وأدببيا فى هذه الكلمة الإشارة فى هذه الكلمة إلى معنى بارز من المعانى التى ستطرح فى هذا اللقاء وإلقاء ضوء كاف عليها .

التبصير والتذكير بما ينبغى أن يكون عليه هذا الاجتماع من نظام وإدارة وتوزيع للأعمال .


ب - أصول الكلمة التوجههة وآدابها :

على النقيب أن يلقى هذه الكلمة مرة أو مرتين ، لتكون أنموذجا يحتذى لغيره من أعضاء الأسرة .

- لا يجوز أن يستقل بها نقيب الأسرة باستمرار وإنما يجيب عليه أن يكلف الأعضاء واحدا قبل إلقائها بأسبوع على الأقل .

ــ على من يعد كلمة الأسرة التوجيهية ؛ أن يختار موضوعها من بين الموضوعات التى ستدرس فى هذا الاجتماع من البرنامج .

ــ كلمة الأسرة التوجيهية ماينبغى أن تزيد فى وقت إلقائها على خمس دقائق .

ينبغى أن يحذر النقيب أو غيره ممن كلف بإلقاء كلمة الأسرة التوجيهية ؛ من تكرار كلمة بعينها فى اكثر من اجتماع ، مهما كان ذات الموضوع قد امتدت دراسته فى اجتماعين أو ثلاثة ، وإنما الأصل أن يراوح فيها بين توجيه ثقافى وآخر عملى وثالث تدريبى ورابع تقويمى .


2 - عنصر التربية :

وهو أهم عناصر البرنامج وأطولها ، من حيث وعاؤه الزمنى ، وأهمها من حيث التربية والإعداد والتكوين .

وعنصر التربيه فى برنامج الأسرة ذو شقين :

نظرى دراسى ، علمى تنفيذى .

أ - العنصر التربوى الثقافى النظرى : وهو مايتطب من الأفراد دراسة ونظرا وتحصيلا فى عدد من المجالات الختلفة ، مثل مجال الفكر الإسلامى ، ومجال العمل الإسلامى ، ومجال الحركة والتنظيم فى الجماعة ، وسوف نتحدث عن هذه المجالات ، بما هو أساس لايستغنى عنه ، وما هو ضرورى لايمكن التنازل عن شىء منه ، على النحو التالى :

ففى مجال الفكر الإسلامى لابد من :

حفظ قدر من القران الكريم ، ومعرفة بأصول التفسير ، وقراءة فى كتاب معتمد من كتب التفسير ، واستصحاب مرجع فى هذا المجال للرجوع إليه عند الحاجة .

حفظ قدر من الأحاديث النبوية ، ومعرفة بأصول الحديث ، وقراءة فى كتاب معتمد من كتب شرح الحديث ، واستصحاب كتاب من الكتب الستة فى الحديث النبوى للرجوع إليه عندالحاجة .

- دراسة متعمقة للسيرة النبوية ، لأخذ القد وة منها ، ودراسة لسير الصحابة رضوان الله عليهم .

- دراسة جادة فى الفقة الإسلامى ، ومعرفة كافية لأصول الفقه ، واستصحاب كتاب جامع من كتب الفقه للرجوع إليه عند الحاجة

- درإسة واعية للتاريخ الإسلامى عبر عصوره المختلفة ، للتعرف على أسباب ضعف المسلمين أوقوتهم فى فترة ما من فترات تاريخ المسلمين .

- دراسة لواقع العالم الإسلامى المعاصر ، وما يسوده من نظم وما يلم به من تيارات موالية او معادية للإسلام .

- تعرف دقيق على معوقات العمل الإسلامى فى العصر الحاضر ، سواء أكانت هذه المعوقات على المستوى الفردى أو الاجتماعى أو الإقليمى أوالعالى .

وكل هذه الدراسات تبدأ بالتعرف ، فالتصور فالتشخيص ، فتصور للعلاج من وجهة نظر إسلامية . وفى مجال العمل الإسلامى لابد من :

تعرف دقيق على أنوأع العمل الملائمة للإسلام فى الوقت الراهن ، أى تنويع العمل:

كالدعوة ومتطلباتها .

والحركة وما تستوجبه .

والتنظيم وما يتبعه من إنشاء المؤسسات والأجهزة القادرة على دعم العمل من أجل الإسلام .

تحديد مراحل لهذا العمل ، مراحل زمنية ، أو مراحل إقليمية ، مع تحديد الوزن النسبى لكل مرحلة بالنسبة للعمل كله ، أى التخطيط العلمى للعمل.

- تحديد أولويات يبدأ بها فى كل مرحلة ، بحيث يكون الأصل هو توالى هذه المراحل من حيث أولوياتها ، مع الأخذ فى الاعتبار ، أن التوازى بالنسبة لبعض المراحل وأرد بل ربما كان مطلوبا فى بعض هذه المراحل ٍالتأكد على ان أنجح الأعمال ما كان هادئا مبنيا على دراسة ، غير مصحوب بضجيج إعلامى ، أو دعائى لأن أكبر قوى الدعاية لعمل ما ، هو تركه يعبر عن نفسه .

ـــ عدم الإستهانه بأى عمل من أجل الإسلام بدا للناظر صغيرا أو تافها ، أو لا يمثل من تحقيق الهدف إلا جزءا بسيطا ، فإن أحب الأعمال إلى الله سبحانه أدومها وإن قل .

وفى مجال الحركة والتنظيم فى الجماعة لابد من :

دراسة تاريخ الجماعة دزسة مستأنية ؛ للتعرف في على الإيجابيات والسلبيات , لأخذ العبرة والاستفادة ؛ واليقظة، وتخديد ا العزم ووشحتذ لهم .

التعرف الدقيق على مؤسس الجمااعة ، تاره ورسائله وماكتب الجماعة ومؤسسها بأقلام ألاولياء لها والأعداء على السواء .

دراسة القانون الأساسى للجماعة ، واللأئحة الداخلية لها ، والإطلاع وعلى ماأصدرته الجماعة من رسائل ونشرات .التعرف على مل قامت به الجماعة من أعمال ، وما قدمت من خدمات للإسلام والمسلمين ، فى كل مجال أثبتت فيه الجماعة حضورها ، كالمجال التربوى والمجال الإجتماعى والمجال الإقتصادى والمجال السياسى ، والمجال التطبيقى للجهاد فى سبيل الله فى حرب فلسطين 1948 م وفى حرب الإنجليز فى قناة السويس 1951 م .

ـــ معرقة دقيقة لأصل الدعوةإلى الله وأساليبها .

ـــ تعرف على أسباب النجاح ، أو الفشل فى الحركة من أجل الإسلام .

تعرف على أساليب جذب الناس حول الدين ، وجمعهم حول الحق ، وربطهم بالعمل من أجل الإسلام.

ـــ التعرف على الجماعات الإسلامية فى العالم الإسلامى ، تعرفا دقيقا ، يكفى لتقويمها والحكم عليها وتأييدها أو معارضتها .

ـــ الإلتزام بأهداف الجماعة ، الأهداف العامة والمرحلية ، والعمل قدر الطاقة وبالأساليب الشرعية على تحقيق هذه الأهداف .

ـــ غرس الثقة بالقيادة فى نفوس الأعضاء ، ثقة تقوم على إلتزام القيادة بالإسلام نظاما ومنهجا وسلوكا ، والقيادة فى الجماعة تبدأ بنقيب الأسرة وتنتهى بمكتب الإرشاد فالمرشد العام . ـــ غرس معنى الإخلاص فى العمل فى نفوس الأعضاء ، بمعنى أن يقصد كل واحد من الأعضاء بقوله وعمله وجهده وجهاده وجه الله ، وأن يبتغى بذلك مرضاته ، وأن يبعد عن مشاعره وأفكاره كل هاجس يربط له بين العمل المنفعة الشخصية ، إذ الأصل فى كل عمل يقوم به أى فرد من أفراد الجماعة أن شعاره : " الله غايتنا " و " الله أكبر ولله الحمد " .

ـ الطاعة والإمتثال لكل ما صدر عن القيادة من توجيه أو أمر ، والمبادرة إلى التنفيذ ما دام هذا الأمر فى غير معصية الله .

الالتزام بقرارات الجماعة مهما كانت مختلفة من الرأى الشخصى للفرد ؛ لأن هذه القرارات صدرت بعد تطبيق مبدأ الشورى ، وإبداء الرأى كان صالحا فى تلك المرحلة ، أما بعد صدور القرار فطاعة وتنفيذ ، ولو وجد واحد من الأعضاء خللا فى قرار تشاور مع إخوانه فى الأسرة ، فإذا أقروه على ذلك رفع نقيب الأسرة الأمر إلى قيادته مباشرة وهكذا تعاد دراسة القرار - وهو منفذ- حتى يعدل أو يقر كما هو.


ب - العنصر التربوى العملى : وهو ما يتطلب من الأفراد تطبيقا وتنفيذا فى كل المجالات التى يشتمل عليها برنامج الأسرة ، كما أوضحناها انفا .

الأصل الذى يقوم عليه هذا العنصر هو الجانب العملى التطبيقى من البرنامج ، بمعنى أن كل قيمة إسلامية درست فى الجانب الثقافى النظرى من البرنامج ينبغى أن يطبقها عضو الأسرة عمليا فى الأسرة ، وفى حياته الخاصة والعامة ومثال ذلك أن يطبق كل عضو تطبيقا عمليا ما يلى :

ـ الصدق والإخلاص والتجرد والثبات والعفة ، والثقة والجهاد والتضحية والطاعة والأخوة ، وطهارة القلب ونزاهة اليد ، وعفة اللسان والحب فى الله والاجتماع فيه ، والصبر والحلم والنجدة وسرعة الاستجابة .

ـ الدقة والانضباط والنظام والالتزام وحب العمل والتجويد فيه .

ـ أدب الجوار بكل تفاصيله التى أشرنا إليها انفا.

ـ الكتمان والسرية وعدم الحديث إلا فيما يلزم ويحقق فائدة .

ـ التعبد بالنوافل من صلاة وصيام وصدقة ، وبر بالأهل والأصدقاء والأقارب والزملاء والجيران ، ممارسة عملية فى داخل الأسرة وفى خارجها .

- الدراسات والبحوث ، بحيث يمارسها عمليا ، ويشارك بجهده فيها ،ويجعلها من بين أهم ما يجب أن يعنى به عمليا فى الجماعة حتى يسهم بجهده هذا فى إثراء الجماعة علميا وعمليا .


3 - عنصر التدريب :

وهو عنصر أساسى فى نظام الأسر ، يستهدف تنمية المهارات والقدرات بتدريبها تدريبا جيدا فى كل مجال من المجالات التى يتطلبها العمل الإسلامى بعامة ، وعمل الجماعة على وجه الخصوص .

والتدريب هو الأسلوب الأمثل لإخراج العلم والمعرفة إلى حيز العمل والتطبيق على صورته العملية الممتازة ؛ لأنه بالتدريب يحدث التجديد والإتقان بعد التعود والألفة .

ومادامت الأسرة ونظامها وبرنامجها هى المحضن إلرئيسى لتربية الفرد ، فإن هذه التربية لا تتم على وجهها إلا بالتدريب والممارسة ، والتجربة وراء التجربة حتى يحدث التجويد والإتقان .

وليس من شك فى أن التدريب يحسن أهلية الفرد عملا ويجعل منه عنصرا بانيا منفذا ، أكثر قدرة على العمل والإنتاج ، كما أنه يتزود من خلال التدريب بقدر من الثقافة النافعة فى المجال الذى تدرب فيه .

وعلى سبيل المثال ، فإننا مهما ألقينا من محاضرات وحشونا أذهان المستمعين بالمعلومات عن صناعة طبق من الخوص أو القش ، فإن كل ممارسة صناعة الطبق بشكل عملى يتدرب عليه الدارس أكثر فائدة وأجدى فى صنع هذا الطبق من مئات المحاضرات دون تجربة عملية وتدريب على هذه الصناعة .

والأسرة تستطيع أن تدرب أفرادها تدريبا عمليا على أشياء كثيرة ، لازمة وضرورية لكل عضو من أعضائها ، بوصفه فردا وبوصفه جزءا من جماعة وبوصفه عضوا فى المجتمع ، ثم لبنة فى بناء الأمة الإسلامية .

وقد يقال : إن كثيرا من الأشياء التى سيدرب عليها الفرد فى الأسرة قد درب عليها فى المدرسة ، وهو يحصل ما حصل من علم ومعرفة ، فلا داعى إذن لأن يشغل وقت اجتماع الأسرة بمثل هذا التدريب !!!

وعلى الرغم من أن هذا الاعتراض قد يرد ، فإن وروده أحيانا لايغنى عن التدريب داخل الأسرة لأسباب عديدة منها :

1- أن المدرسة ليست على مستوى الأداء الجيد لما تقوم به فى أغلب الأحيان لظروف عديدة ، كقصور فى المدرس ، أو فى أدوات المدرسة ، أو فى الإخلاص فى العمل ، أو قصور فى المنهج المدرسى ...، إلخ وليس الأمر كذلك فى الأسرة .

2 - أن المدرسة تدرب أعدادا كبرة فوق قدرة المدرب وفوق طاقة المتدرب أحيانا ، والأسرة ليست كذلك فى هذه النواحى .

3 - أن المدرسة تدرب ناشئا قد لا يدرك أهمية ما يدرب عليه ، وبالتالى ينصرف عنه ، أولا يعطيه من اهتمامه ما يجب أن يعطيه ، وليس الأمر كذلك فى الأسرة.

4- أن المدرسة - إذا نجحت فى التدريب - تدرب الدارس لذاته ، والأسرة تدرب الدارس لذاته ووطنه وأمته الإسلامية كلها .

5 - أن المدرسة فى أغلب بلاد المسلمين تخضع لمناهج دراسية أغلبها مستورد من بيئات مختلفة عن بيئات التلاميذ ، من حيث القيم والمبادىء والنظم الاجتماعية ، تستورد من الغرب حينا ، ومن الشرق حينا ، دون كل إعاة هذه الفروق الجوهرية فى القيم والمبادىء والنظم السائدة ، أو التى يجب أن تسود فى المجتمعات الإسلامية .

في مجالات التدريب :

نستطيع هنا أن نتحدث عن مجالات يمكن للأسرة أن تدرب أعضاءها عليها - كما رأينا فى برامج الأسرة المتعددة ، وكما هدانا إليه تحليلنا لتاريخ الجماعة فى وسائلها التربوية - على النحو التالى :

1- التدريب على إدارة اجتماع الأسرة .

2- التدريب على المشاركة فى عمل الأسرة التثقيفى أو العملى .

3- التدريب على إلقاء خطبة.

4 - التدريب على إعدادمحاضرة وإلقائها .

5 - التدريب على كتابة بحث علمى فى موضوع من الموضوعات الواردة فى برنامج الأسرة .

6 - التدريب على كتابة المقال :السياسى ،والاجتما عى ،والأدبى ،والعلمى،وكل ذلك حسب الأصول الفنية للمقال .

7 - التدريب على شرح النصوص والتعليق عليها أيا كانت هذه النصوص ، وليس الأدبى منها بالذات .

8 - التدريب على التحليلات السياسية للأحداث .

9 - التدريب على عمل الدراسات الاجتماعية أو الاقتصادية فى مجالات عديدة مثل : -

مجال التعليم والتربية .

مجال الإسكان .

مجال الخدمات الاجتماعية.

مجال أزمة المواصلات والمرور .

مجال غزو الصحراء بالخضرة .

مجال توفير مياه الرى .

مجال الطاقة .

مجال المصارف عموما .

مجال محاربة الربا .

مجال عقود التأمين عموما .

مجال الفقه الإسلامى .

مجال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .

مجال الجهاد فى سبيل الله .

مجال الاداب الإسلامية .

مجال المعاملات الإسلامية .

- مجال تربية الطفل .

مجال ترشيد الاستهلاك .

مجال حقوق العمال وواجباتهم .

مجال الصحافة ووظيفتها الإسلامية .

مجال الإذاعة مسموعة ومرئية وما يجب أن تؤديه للمجتمع المسلم .

وغير ذلك من المجالات التى يصعب إحصاؤها .

10- التدريب على الصبر وقوة الاحتمال ، بمقاومة رغبات النفس والجسد ، والتدريب على ذلك بالصيام والقيام وما إلى ذلك مما يصقل النفس ويهذب الجوارح ويكظم الشهوات .

11 - التدريب على الكتمان والسرية ، بمقاومة الرغبة فى الكلام والثرثرة ، والتبرع بإعطاء المعلومات دون حاجة إليها ، وادعاء المعرفة والعلم ببواطن الأمور .

12 - التدريب على بعض الحرف والمهن التى يمكن أن تتخذ وسيلة لكسب العيش ؛دون تعال على ذلك ممن منحهم الله وسائل عيش أخرى ، لأن عمل اليد مذكور مشكور فى النصوص الإسلامية ومنها قول الرسول T" من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له " . وهذه الحرف منها :

أ- دهان الحوائط والأرضيات " النقاشه " .

ب - السباكة.

جـ- النجارة.

د - الحدادة .

هـ- الكهرباء .

و - كسوة الأرضيات " التبليط " .

ز - إمساك الدفاتر والحسابات .

خ - الحياكة .

ط - صناعة الخياطة بالإبرة " التريكو ".

ى - صناعة السجاد اليدوى.

ك - رفء الثياب .

ل - أعمال الحفر على الخشب أو النحاس .

وغير ذلك من الصناعات و الحرف .

13 - التدريرب على الحركات الرياضية لتقوية الجسم ، وتحريك عضلاته تحريكا مفيدا مدروسا .

14 - التدريب على الدفاع عن النفس ، و ذلك بما يلى :

ا ـ المصارعة بأنواعها.

ب ـ توقى الضربات المفاجئة .

جـ ـ الهروب أو التخفى .

وفي ذلك مما يفيد من تدرب عليه عند الحاجة إليه.

أماكن التدريب :

كانت الأسرة فى تاريخ الجماعة تدرب أعضاءها على هذه النوعيات من التدريب فى الأماكن التالية :

ا - البيوت التى تعقد فيها اجتماعات الأسر .

ب - الحدائق العامة والمتنزهات .

جـ - الصحارى والأماكن الخلوية .

د - الأندية الرياضية .

ء- شعب الجماعة فى بعض الأحيان .

وفى كل الأحوال ، فإن التدريب على أى من هذه الأنواع يجب أن يتم على يد خبير فى هذا المجال ، فإن كان هذا الخبير من بين أفراد الأسرة فبها ، وإلا كان الخبير أحد أفراد الجماعة الذين ينتمون إلى أسرة أخرى يستضاف لهذا التدريب 4- عنصر التقوم والمتابعة :

وهو عنصر هام يجب أن يبرز فى كل عمل إنسانى يرجى له أن يتحسن وأن يحقق أهدافه ، وإذا كان التقويم أصلا هو تنظيم قياس الزمن ، فإن التقويم الذى نتحدث عنه هنا هو فى مفهومنا : الحكم على العمل وبيان قيمته ، بقصد تحسينه وتطويره بعد التعرف على نواحى القصور والضعف فيه ، بل ونواحى إلاكتمال والقوة فيه .

وإذأ كان العمل الإنسانى الراشد يسبق غالبا بالبحث والدراسة وتحديد الأهداف ، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة التخطيط ، ثم تحديد البرامج والمشروعات وأساليب العمل ، ثم يلى ذلك التطبيق والتتفيذ ، فإن وراء ذلك بل ضرورى لكل ذلك أن يأتى بعد ذلك التقويم والمتابعة للاستفادة الحالية والمستقبلية بعد توضيح مما أحاط بهذه المراحل من إيجابيات وسلبيات .

فالتقويم والمتابعة عنصر أساسى للوصول إلى النجاح وتحقيق الأهداف .

والأسرة لها أهدافها العامة ولها أهدافها الخاصة - كما أوضحنا انفا - ونزيد هنا أن لكل اجتماع من اجتماعات الأسرة الأسبوعية هدفا يطلب تحقيقه فى كل اجتماع ، بل جملة أهداف لكل اجتماع تتمثل فيما يلى :

أ- تحقيق الهدف التوجهى من الاجتماع .

ب- تحقيق الهدف التثقيفى النظرى من الاجتماع .

ج - تحقيق الهدف العملى من الاجتماع .

د - تحقيق الهدف التدريبى من الاجتماع .

والتأكد من تحقيق هذه الأهداف بالاجتماع ذاته ، فضلا عن الأهداف الخاصة والأهداف العامة للأسرة ، للتأكد من ذلك كله فلابد من التقويم والمتابعة .

وعناصر التقوم فى تصورى هى :

أ - مدى ملاءمة المكان للاجتماع .

2 - مدى ملاءمة الزمان للاجتماع .

3 - مدى استجابة جميع الأعضاء للحضور .

4 - مدى انضباط الأعضاء ودقتهم فى الحضور والانصراف ، وطرح الأسئلة والمشاركة فى الحوار .

5 - مدى دقة النقيب فى اتباع الأسلوب الأحسن فى مسار البرنامج .

6 - مدى ملاءمة المادة الثقافية النظرية للوقت وللأفراد .

7 - مدى استيعاب الأفراد للمادة الثقافية .

8 - مدى استجابة الأفراد لأداء ما كلفوا به من وظائف الأسرة العلمية والعملية والماية .

9 -ما أهم نواحى القصور فى العمل فى الاجتماع ؟

10- ما أنواع ، المبالغة التى مورس بها العمل فى الإجتماع ؟

11- ماذا حقق الأجتماع من أهداف على مستوى الفرد ؟

12 - ماذا حقق ألاجتماع من أهداف على مستوى الأسرة ؟

13 - ماذا حقق الاجتماع من أهداف على مستوى الجماعة ؟

14 - ماذا حقق الاجتماع من أهداف عامة ؟

15 - ماذا يقترح كل عضو من أعضاء الأسرة للاجتماع القادم لتلافى ما أظهره التتويم والمتابعة من نواحى القصور ، وللاستزادة من العناصر الإيجابية فيه ؟


ثانيا : مسار البرناج :

نعنى بمسار البرناج : الطريقة الواجبة الاتباع فى تنفيذ البرناج وترتيب الخطوات التى تؤدى إلى النجاح وتحقيق الأهداف ، ولقد دأبت اجتماعات الأسر فى الجماعة - كما أنبأ بذلك تاريخها - واستنباء العاملين فيها وبخاصة من عاصروا نظام الأسر وهو غض فاعل يسهم فى البناء والتكوين - هو مايلى:

يراعى أن الوعاء الزمنى للبرناج محدود بعدد من الساعات ، ما بين ساعتين إلى أربع ساعات أسبوعيا ، كحد أدنى وحد أعلى له .

وفى إطار هذا الوعاء الزمنى يجب اتباع الخطوات التالية :

أ - الافتتاح بآيات من القرآن الكريم ، يستحسن أن تكون ذات صلة بموضوع من الموضوعات الثقافية التى سوف تدرس فى هذا الاجتماع.

2 - الكلمة التوجيهية للأسرة ويستحسن أن تكون خادمة لموضوع من موضوعات البرناج كذلك ، ويلقيها النقيب أحيانا ومن يختاره من أعضاء الأسرة أحيانا ، على أن يقع الاختيار عليهم جميعا واحدا واحدا بعد التأكد من القدرة والاستعداد ، وأن يعلى المكلف بالكلمة مهلة أسبوع يعد فيه نفسه وكلمته .

3 - عرض جدول الأعمال المطروح على جلسة هذا الاجتماع - الذى كان قد اتفق عليه فى الاجتماع السابق - ليعرف كل عضو ويتذكر موضوعات الاجتماع ولا يخرج عنه فى تفكيره أو حديثه أو حواره ، وهذا التركيز مطلوب جدا ليتم الاجتماع على وجهه .

4 - دراسة الجزء الواجبة دراسته من البرنامج الثقافى النظرى .

5 - دراسة الجزء الواجبة دراسته من البرناج الثقافى العملى .

6 - ممارسة الجزء الواجبة ممارسته من البرنامج التدريبى .


7 - استعراض التكاليف السابقة ومتابعتها ، على ألا تشغل من وقت الاجتماع قدرا يفوت الفائدة من استكمال أجزاء اليرناج . وحبذا لو كلف النقيب آخوين يتابع كلا منهما الاخر فى الاجتماع أو فى غيرالاجتماع .

وموقف النقيب ممن قصر فى القيام بواجبه هو : النصح على انفراد وبأخوه ورفق ، فإن عاود كلف أحد إخوانه فى الأسرة أن ينصحه بنفس الأسلوب ، فإن عاود التقصير كلف ثالثا يوقع عليه عقوبة الإهمال. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العقوبة لا ينبغى أن تكون شيئا مما لى :

أ - التوبيخ والتقريع .

ب - العقوبة بأداء بعض العبادات .

ب - الهجر أو المقاطعة .

د-التشهير.

لأن كل أسلوب من هذه الأساليب خطأ ، له اثاره السيئة على نفس المقصر ، وعلى العلا قة الأخوية الإيمانية التى يجب أن تسود أعضاء الأسرة بمن فيهم النقيب . ولكن ليس معنى ذلك ترك المقصر دون عقوبة ، وإنما يجوز للنقيب أن يطلب من المقصر أن يتبرع لصندوق الأسرة بمبلغ من المال يناسب حاله وظروفه ، ويحقق معنى العقوبة بشرط ألا يؤخذ منه قسرا ولا بسيف الحياء، وإنما بصدق نية وبإحساس من المقصر أنه قصر وأنه يجب أن يفرض على نفسه مختارا مبلغا من المال أو يقبل بما طلب منه نقيب الأسرة .

8 - توزيع جدول أعمال الجلسة التالية على أعضاء الأسرة كل حسب قدرته وطاقته ، فمنهم من يكلف بإلقاء الكلمة التوجيهية . ومنهم من يكلف بإعداد بحث أو دراسة ومنهم من يكلف بأداء عمل بعينه تتطلبه الأسرة ، ومنهم من يكلف بالتدريب لغيره على أمر من الأمور التى يدرب عليها ، وكلهم يكلفون بالنواحى العملية فى البرناج.

9 - مناقشة المشكلات والمعوقات التى اعترضت العمل فى الأسبو الفائت ، أيا كانت هذه المعوقات ، شخصية أو عائلية ، أو بالنسبة للعمل والزملاء ، أو بالنسبة لظرف خاص فى الحى الذى يسكنه أو ما إلى ذلك .

والأصل فى طرح هذه المشكلات والمعوقات أن يتعاون أعضاء الأسرة فى تصور الأساليب الإسلامية الملائمة للتغلب على هذه المعوقات وإزالة أسبابها ، لان الرأى ينضج بالرأى ا لاخر ، والشورى مما مدح الله بها المسلمين وجعلها من الصفات التى يكون لها عند الله الجزاء الأبقى فى الاخرة فضلا عما تحققه من منافع فى الحياة الدنيا قال تعالى :(. . . . وما عند الله خير وأبقى للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون ، والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون . والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون . والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون . وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لايحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ماعليهم من سبيل . إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغيرالحق أولئك لهم عذاب أليم . ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الامور ) .

- ويا حبذا -..عندما تتسع دائرة الحديث عن المشكلات والمعوقات - وهى لابد متسعة - أن يختار للحديث عنها وقت خاص غير اجتماع الأسرة ، حتى يكون هناك متسع من الوقت وحتى لا يضيع شىء من البرناج .

10 - تقويم الاجتماع على النحو الذى طرحناه فى عنصر التقويم والمتابعة .

11 - ختم الاجتماع بالدعاء والاستغفار .


ثالثا : مدى البرنامج الزمنى :

نقصد بهذا المدى أمرين :

الأول : عدد ساعات الاجتماع .

الثانى : كم مرة يعقد الاجتماع فى الشهر .


أما عدد الساعات فإنه قد جرت العادة منذ عرف نظام الأسر فى الجماعة أن الاجتماع فى حده الأدنى ساعتان وفى حده الأعلى أربع ساعات بحيث لا ينقص عن الحد الأدنى ولا يزيد عن أربع ساعات . وأما عن عدد مرات الاجتماع فى الشهر فإنه .قد جرت العادة كذلك على أن يكون الاجتماث أسبوعيا . وسواء أكان البرناج لأسرة تمهيدية أو تكوينية أو غيرها فإن عدد الساعات ومرات الاجتماع التى تحدثنا عنها تكون ملائمة له .

وهناك مدى ثالث هو : الفترة التى يجب أن ينتهى فيها أعضاء الأسرة من تنفيذ البرنامج . وقد دأب الجماعة كما دلت على ذلك وثائقها ودراسة تاريخها وتحليله على أن هذه المدة متنوعة على النحو التالى :

أ - المرحلة التمهيدية مدتها سنة واحدة .

2 - المرحلة التكوينية مدتها سنتان .

3 - المرحلة القيادية ومدتها سنة واحدة .

والأصل أن كل مرحلة من هذه المراحل تلى سابقتها ، كما أن الأصل أن هذه المدد الزمنية التى كان يعمل بها تمثل الحد الأدنى الذى لا يجوز أن ينقض منه شىء مهما كان استعداد الأعضاء فى أسرة من الأسر ، لكن الحد الأعلى يترك للظروف التى يخضع لها أعضاء الأسرة .


7 - وسائل الأسرة

نعنى بوسائل الأسرة ، تلك الأساليب المتعددة التى يمكن ، أن تتخذها الأسرة ، لكى تحقق أهدافها العامة والخاصة ، فقد يتبادر إلى الذهن أن وسيلة الأسرة فى تحقيق أهدافها شىء واحد ، أو أسلوب واحد ، هو الاجتماع الأسبوعى ، وهذا غير صحيح ، فإن للأسرة عددا من الأساليب أو عددا من الوسائل يمكن أن تحقق من خلالها أهدافها .

وأولها :- بالطبع - الاجتماع الأسبوعى فى بيت من بيوت أحد أعضائها ، على أن يكون ذلك بالتناوب ، وهو أهم تلك الأساليب وأقدرها على تنفيذ البرنامج كاملا غير منقوص . ولهذا الاجتماع ماله من المزايا مثل :

أ - الهدوء والاستقرار والاطمئنان والألفة ، وتعميق الروابط الأخوية بصاحب البيت

ب - الاستعانة بالمراجع والمصادر والعودة إليها عند الحاجة ، إذ غالبا مايوفرها صاحب البيت.

ج - تقريب هذا البيت ومن فيه من نساء ورجال وفتيان وفتيات من حب العمل من أجل الإسلام ، لما يشاهدون من حرص الحاضرين على مواعيدهم وجديتهم فيما يقومون به من عمل .

د - البعد عن عيون الرقباء فى حالة عدم الشعور بالأمن - مثل ما كانت تتعرض له الجماعة من إغلاق الشعب ومنع الاجتماعات فى أحيان ليست بالقليلة.

التدرب على التضحية نوعا ما ، لأن صاحب البيت سوف يعد بيته لاستقبال إخوانه وربما غير فيه بعض التغيير لملاءمة المكان للاجتماع وما يتطلبه من ممارسة عملية أر تدريب .

وثانيهما :- اللقاء فى الأماكن الخلوية الصحراوية وما تضفيه على النفس من سكينة وهدوء ، وما تعود عليه الأعضاء من بذل الجهد والوقت من أجل الوصول إلى هذا المكان ، ففى الغالب يكون هذا المكان بعيداً عن المدينة إلى حد ما .

  • على أن يختار من البرنامج فى مكان هذا اللقاء ما يناسبه من أجزاء البرنامج وعناصره ، كممارسة الخطابة والمحاضرة والتدرب على رياضة عضلات الجسم ، وعلى رياضة بذل الجهد البدنى الكبير ورياضة التحمل للجوع والعطش ورياضة الصبر بصفة عامة .

وثالثها :- اللقاء فى مسجد قريب أو بعيد من بيوت أعضاء الأسرة ،فى ذلك من إعمار المسجد وتعويد الإخوة على ارتياده ، وحبذا لو نوى الإخوة الاعتكاف فى هذا اللقاء ، فبعض العلماء يرون الاعتكاف ولو ساعة .

  • على أن يختار من البرنامج فى المسجد ما يلائم المسجد وأجزائه وما يلائم الناس الذين يكونون بالمسجد أثناء هذا اللقاء .

وعلى سبيل المثال ، فإن دروس التجويد ودروس التفسير والحديث والفقه من أهم ما يجب أن يسمعه عامة المسلمين ليزدادوا فقها فى دينهم ، وقربا من ربهم وتعلقاً ببيوت الله .

ورابعها : - زيارة بعض القدامى من أعضاء الجماعة - مع استئذانه فى ذلك مسبقا - لما فى ذلك من تناقل الخبرات والتجارب ، وتوريث الدعوة من كبار رجالها إلى من يلونهم فى السن والتجربة .

  • ويختار من برنامج الأسرة لهذا اللقاء ما هو مناسب لهذه الشخصية التى تزار ، مثل حديث منه فى فقه الدعوة ، أو فى مرحلة من مراحل تاريخ الجماعة أو أى خبرة عملية يرغب فيها أعضاء الأسرة .

وخامسها :- توسيع دائرة الأسرة بضم عائلات الأعضاء إلى لقاء الأسرة ، واختيار مكان ملائم كحديقة هادئة ، أو أى منطقة خضراء ذات مياه وخضرة ، وهذا الأسلوب من أهم الأساليب فى ضم عائلات أعضاء الأسرة بعضهم إلى بعض ، وزرع الألفة والمحبة بينهم ، تشجيعهم بأسلوب عملى على ممارسة الحياة الإسلامية العملية على مدى يوم كامل .

  • ويختار لهذا اللقاء من البرنامج ما يناسب وجود العائلات ، والأصل أن تشرف على الزوجات إحداهن وتقوم بالتوجيه تنفيذ مايرى تنفيده من البرنامج .

كما أن الأصل أن الصغار يشرف عليهم أحد الكبار ، يوجههم ويلاعبهم ويكلفهم من العمل بما ينضج عندهم حب الدين وحب العمل من أجله ، ويولد لديهم النظام والطاعة والأدب .

وغنى عن البيان والتنبيه ؛ أن تكون العائلات كلها ملتزمة بخلق الإسلام وأدبه فى الملبس والمأكل والمشرب والترفيه والجد وكل شىء .

وهكذا تستطيع الأسرة أن تجد من الأساليب مايناسب تحقيق برنامجها فى غير لقائها الأسبوعى التقليدى . حسب مايجتهد فى الوصول إليه أعضاؤها .


8 - إدارة الأسرة

نعنى بالإدارة هنا حسن أداء العمل فى الأسرة ، بحيث يكون بالدقة والمهارة التي تؤدى إلى توزيع العمل فى الأسرة على أعضائها توزيعا يناسب قدرة كل عضو منهم وظروفه ، ولا يتم هذا فى صورته الجيدة إلا إذا كان من يدير الأسرة - أى نقيبها- على المستوى الجيد المطلوب فى إدارتها- وسوف نتحدث بتفصيل عن النقيب وما ينبغى أن يتوفرفيه من صفات - بعد حديثنا هذا عن " إدارة الأسرة " . * وإدارة عمل من الأعمال ، هى فى أبسط تصور لها ، جعل هذا العمل يدورفي اتجاهه الصحيح ، وبالسرعة الملائمة التى توصله إلى هدفه المنشود .

وأما الإدارة فى المصطلح الحديث فتعنى : القيام بتخطيط جهود الأفراد ، والإشراف عليها وتوجيهها وتوظيفها والتنسيق بينها ، لضمان تأديتهم العمل بالكفاية القصوى ، والرضا التام مع توفير التعاون الوثيق بينهم ، للوصول إلى تحقيق أهداف المشروع " .

وأهم إدارة فى جماعة " الإخوان المسلمون " هى إدارة الأسرة لأنها ، اللبنة الأولى فى البناء ، فإذا حسنت إدارتها حسنت ظروف الجماعة كلها - والعكس صحيح .

  • وإدارة الأسرة إدارة حسنة تتظب أموراً عديدة نشير إلى بعضها فيما يلى :

1 - المعرفة الدقيقة بأهدافها العامة وأهدافها الخاصة.

2 - تحقيق أركانها من تعارف وتفاهم وتكافل .

3 - تحقيق شروطها وآدابها وواجباتها .

4 - إدارتها وفق خطة دقيقة تتناول ما يلى :

أ - الزمان ومداه .

ب - إلمكان وملاءمته .

ي - الأعضاء وظروفهم.

د - البرنامج وتوزيعه على الزمن .

هـ - تحقيق الأمن .

5 - حسن توزيع العمل بين الأعضاء ، بحيث يشارك كل الأعضاء فيه ، ولا يستقل به النشط ويحجم عنه الأقل نشاطا . وبحيث يؤدى كل عضو من الأعضاء ما يلائمه من العمل والدراسة والتدرب والتدريب .

6 - التقيد الدقيق بتنوع عناصر البرنامج من توجيه إلى ثقافة نظرية وأخرى عملية إلى تدريب إلى تقويم ومتابعته ، بحيث يشتمل كل اجتماع على هذه الأنواع ولا يقتصر اجتماع ما على ثقافة نظرية فقط - مثلا-.

7 - تحديد مراحل للعمل فى الأسرة ، وإعطاء هذه المراحل ما يناسبها من أولويات.

8 - التفكير المستمر فى تجويد العمل داخل الأسرة ، بتطويره إن احتاج إلى التطوير ، أو تغييره إن احتاج إلى التغيير ، وكل منها يمارس فى ضوء الشورى الواجبة بين أعضاء الأسرة بمن فيهم النقيب .

9 - الحماس فى ممارسة العمل ، بالإقبال عليه والإجادة فيه ، والتوجه إلى الله فى كل أمر منه .

10 - الانضباط فى كل عمل يتصل بالأسرة، كالحضور والانصراف ، والكلام والحوار والشورى ، والالتزام بالقرار إذا صدر ، والسرية والكتمان وأداء الوظائف والمشاركة الإيجابية .

11 - الاهتمام الشديد من كل الأعضاء ، وعلى رأسهم النقيب ، بتحقيق الهدف الخاص من كل اجتماع ، حتى لا يتبدد الاجتماع فى أمور ما - أيا كان نوعها - فيضيع الهدف الخاص من الاجتماع .

12 - التقيد باتباع خطوات السير فى البرنامج خشية الوقوع فى تبديد الوقت ، إذا أخل بترتيب هذه الخطوات ؛ كطرح أى موضوع للحوار قبل إنجاز الجانب التربوى من البرنامج نظرياً وعملياً ، أو قبل جانب التدريب منه .

  • ومن يدير الأسرة من نقيب أو عضو مكلف بهذه الإدارة لابد أن تتوفر له صفات هامة فى إدارة الأسرة منها :

1 - الأهلية لهذه الإدارة ، وتتمثل فى :

أ - ثقافة خاصة مناسبة لهذه الإدارة .

ب - ثقافة عامة تمكن من ممارسة الإدارة بجدارة .

جـ - إخلاص فى العمل وتفان فيه .

د - قدرة على الحسم مع الرحمة واللين ورقة القلب .

2 - الرؤية الواضحة للعمل والعاملين وتتمثل فى :

أ - معرفة جيدة لطبيعة العمل الذى يديره هدفا ووسيلة .

ب - معرفة جيدة للعاملين قدراتهم وظروفهم .

جـ- معرفة دقيقة لمراحل العمل وأولوياته .

د - القدرة على إعداد برنامج للأسرة - فى حالة غياب البرنامج - إعداداً متكاملاً محققا لأهداف الأسرة العامة والخاصة .

3 - التجرد للعمل أو التفرغ له ، ونقصد بذلك أموراً أهمها :

أن يعطى العمل جزءاً أساسياً من وقته .

أن يعطى العمل جزءاً أساسيا من جهده وفكره .

جـ - أن يعطى العمل جزءاً أساسياً من ماله .

بمعنى أن الإدارة تفسد إذا أعطى المدير للعمل فائض وقته أو جهده وفكره أو ماله.

4 - القدرة على التقويم والمتابعة باستيعاب عناصر التقوم ، التى تحدثنا عنها آنفا والتى عددنا منها خمسة عشر عنصرا ، فجودة الإدارة تستلزم القدرة على التقويم والمتابعة . لأن التقويم - كما سبق أن أوضحنا- مكمل بل ضرورى لتحقيق الأهداف.


9 - نقيب الأسرة

  • نقيب الأسرة هو القيادة الأولى فى الجماعة ، بل هو المربى لأفراد الأسرة ، المخطط لجهودهم والمنسق بينها ، والقادر على توجيهها وتوظيفها للوصول إلى الهدف .

ومهمته جليلة القدر عظيمة الشأن ، إذ هى فى حقيقتها : تربية الأفرإد على الآداب والقيم الإسلامية أساسا ، وعلى نظم الجماعة ولوائح هذه النظم - وكلها مستمدة من الإسلام - كعمل متمم لغرس القيم والاداب الإسلامية ، إذ قد عهدت الجماعة إليه بعد الثقة فيه والأهلية والصلاحية بأن يربى أفراد الأسرة ، ويرعى كل مالديهم من مواهب وقدرات يرعى الموهبة وينمى القدرة ، وينقل الدعوة من خلالهم إلى الآخرين .

وهو قائد يربى وفق منهج الله ، وتلك فى الأصل مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومن أجل أن يمارس النقيب هذا العمل الخطير لابد أن يكون لديه استعداد جيد للقيام به ، ولابد أن يعد هو إعدادا جيدا ليقوم بهذا العمل .

ومنهج الله مبنى على توحيده سبحانه وعبادته وطاعته فى كل ما أمر أو نهى ، ولخطرهذه المهمة اصطفى الله لها من أنبيائه ورسله من علم فيهم هذا الاستعداد ، ثم أعدهم سبحانه وفق خطة وبرنامج ليؤهلهم لتحمل هذا العبء الكبير .

وإن نظرة إلى اصطفاء الله لرسله من الناس ؛ لتدلنا فى هذا المجال على كثير مما ينفع فى اختيار النقيب . وإن نظرة أخرى إلى إعداد الله لرسله وتربيتهم قبل تكليفهم بالرسالة ، لتنفع أى نفع فى إعداد النقيب ، لقد تحدث القرآن الكريم عن أولى العزم من الرسل ، وساق من قصصهم مافيه الإشارة والدلالة على أن الله سبحانه قد أعدهم لحمل الرسالة أكبر إعداد ، ولقد كان الحديث عن خاتم المرسلين وآخر أولى العزم من الرسل حديثا شافيا ؛ لمن تأمل كتاب الله وتدبر ما فيه ، فهو يعلم ويهدى ، ويضع أيديت ا على أمثل الطرق فى إعداد النقيب ، أو من يتصدى لتربية غيره من الناس .

وإن أحسن درس فى الإعداد تستهدى به الجماعة فى إعداد النقيب ، هوكلمة واحدة تفهم من ثناء الله سبحانه على الرسول الخاتم المربى المعصوم – صلى الله عليه وسلم- حيث يقول سبحانه عن رسوله – صلى الله عليه وسلم - : " وإنك لعلى خلق عظيم " وحسبنا أن يصدر هذا الوصف من رب العالمين ليدل على مايدل عليه من المكانة والقدرة والاستعداد لحمل تبعة الإسلام ، وفى هذا الوصف - كذلك - إشارة إلى أن الجانب ألأخلاقى له أصالته ومكانته فى هذا الدين الذى ختم الله به الأديان . وإن الناظر المتأمل فى الدين ؛ ليجد الأخلاق أهم ركيزة تقوم عليها أصول التشريع وأصول التربية والإعداد .

فالعقيدة الإسلامية فى كمالها وتمامها تستهدف مكارم الأخلاق وتدعو إليها ، وتعادى مباذل الأخلاق وتنفر منها .

فالتشريع الإسلامى قائم على مكارم الأخلاق ، فما من أمر شرعه الله للناس ليأخذوا به ، إلا وهو فى حقيقته من مكارم الأخلاق . وما من أمر نهى الله عنه إلا وهو فى حقيقته من رذائل الأخلاق . بل إن التشريعات كلها تحمى الأخلاق الفاضلة تصونها .

إن القيم الأخلاقية الفاضلة فريضة على المسلمين ، فى مشاعرهم وأنماط سلوكهم ، فضلا عن أنها فريضة عليهم أفراداً وجماعات ، يتحتم عليهم الالتزام بها مع الله ومع أنفسهم ومع غيرهم من الناس مسلمين وغير مسلمين . وإنه لا تربية للمسلم ولا إعداد له لتحمل أى عبء من أعباء حياته ؛ إلا فى إطار من الالتزام بفضائل الأخلاق ومكارمها ، بل إن الرسول –صلى الله عليه وسلم - ليلخص أهداف رسالته بقوله : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، وقوله : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ".

ولقد سئلت أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها- عن خلق رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت : كان خلقه القرآن ثم قرأت :" قد أفلح المؤمنون ".. . حتى "والذين هم على صلواتهم يحافظون " وقالت : هكذا كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.

لابد لنا هنا من إشارة عابرة ، إلى تلك الصفات التى وردت فى سورة " المؤمنون " لنرى كيف يكون من جماع هذه الصفات الخلق القرآنى الذى أثنى عليه رب العزة سبحانه ووصف به رسولهT، ولندرك أن من يتصدى لتربية الناس وتعليمهم لا يستعين بشئ أنفع ، له من أن يتصف بهذه الصفات.

والنقيب مرب وموجه وداعية إلى مكارم الأخلاق فلابد له من هذه الصفات بداهة وهذه الصفات هى : بعد " الإيمان " .

1ـ ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) .

خشوع القلب بين يدى الله المؤدى إلى خشوع الجوارح المؤدى إلى سكون النفس وطمأنينتها إلى الوقوف بين يدى الله .

2 –( والذين هم عن اللغو مغوضون ) .

واللغو كل مالا يعتد به ولا فائدة منه ، أو كل قبيح . ؤاهم صفات المؤمن ، الاعراض عن لغو القول ولغو العمل ، بل لغو الاهتمام والمشاعر ، لأن المؤمن مشغول عن كل ذلك بذكر الله ، وتكاليف الدين من إسلام وإحسان وعدل ، وامر بمعروف ونهى عن منكر ، وجهاد فى سبيل الله ، لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

3 – ( والذين هم للزكاة فاعلون ) .

والزكاة طهارة للقلب وطهارة للمال ، وانتصار على مايوسوس به الشيطان الناس من تخويف من الفقر . والزكاة صيانة للمجتمع من الاثار السيئة التى يخلقها فيهم الفقر وتلجىء إليها الحاجة والعوز ، كما أنها ضمان اجتماعى للناس ، تعطف قلوب بعضهم على بعض ، ووقاية للمجتمع من التفكك والانحلال والوقوع فى براثن الشر والرذيله .

4ـ ( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ايتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )

وتلك المحافظة طهارة وعفة للروح وللبيت وللمجتمع كله ، ووقاية للفرد والأسرة والمجتمع من كل مايترتب على الزنا واللواطة والمسافحة من آفات وأمراض أخلاقية واجتماعية ، وإن المجتمعات التى أطلقت لشهوات الناس عنانها ، تعانى اليوم من عديد من الأمرأض النفسية والعصبية والبدنية والاجتماعية ، مما يشهد به الواقع لهذه المجتمعات .

5 – ( والذين هم لأمائاتهم وعهدهم راعون ) .

رعاية الأمانة والعهد واجب فى عنق الفرد والمجتمع والأمة ، مادامت هناك رغبة فى عيش آمن فى الحياة الدنيا ، وطمع فى رضا الله ورحمته فى الحياة الباقية الخالدة .

والأمانة هى : " كلمة التوحيد ، أو العدالة ، أوالعقل ، أو ما اؤتمن علميه الإنسان

والعهد : حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال ، ومسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا .

والأمانات الواجب رعايتها هى : كل واحدة مما ذكرنا ، والعهد الواجب رعايته هو : كل موثق وكل اتفاق وكل وعد ، لأن تلك سمة من سمات الإيمان لابد من توفرها فى المؤمن .

ولايمكن أن يتصورنجاح أو فلاح لفرد أو جماعة وهم يضيعون الأمانات والعهود.


6- ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) .

والمحافظة على الصلوات ، تعنى أداءها فى وقاتها كاملة مصحوبة بسننها وادابها مستوفية لأركانهاا وشروطها ، مستغرقة قلب مصليها ومشاعره ، ناهية لجوارحه عن الفحشاء والمنكر .

فهذه صفات فى المؤمنين لو تحققت على مستوى الفرد والمجتمع ؛ لكان ذلك هو مجتمع الإيمان الجدير بنصر الله فى الدنيا على كل ما يعترض مسيرة الإيمان والدعوة إلى الحق ، الجدير برضا الله وثوابه فى الاخرة بحيث يكون أهل هذا المجتمع المؤمن : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) ، وذلك أن الفلاح الذى صدرت به السورة الكريمة ( قد أفلح المؤمنون ) ، يعنى الظفر وإدراك البغية فى الدنيا والاخرة ، ففى الدنيا يكون الفلاح هو الظفر بالسعادات التى تطيب هذه الدنيا ، وهو البقاء والغنى والعز ، وفى الاخرة يكون هو : البقاء بلا فناء ، والغنى بلا فقر ، والعز بغير ذل ، والعلم بلا جهل ، ولذلك قيل : لأ عيش إلا عيش الاخرة . وقال تعالى : ( وإن الدار الاخرة لهى الحيوان لو كائوا يعلمون ) .


دعائم اختيار النقيب :

وقد اتخذت الجماعة خطوات فى إعداد النقيب ، ترامت إلينا من خلال الوثائق والوقائع واستنباء التاريخ . قامت على ثلاث دعائم هى :

1- حسن اختيار النقيب من بين أصحاب الاستعداد .

2 - إعداد النقيب وتربيته وفق برنامج متكامل .

3 - متابعة النقيب بعد تسلمه مهمة إعداد الأسرة لمعرفة مدى ماحققه من نجاح. ولنفصل القول فى هذه الدعائم :


ا - الدعامة الأولى فى اختيار النقيب : حسن اختيار النقيب من بين أصحاب الاستعداد .

وأصحاب الاستعداد لهذا العمل التربوى القيادى ، هم أولئك الذين توفرت فيهم صفات معينة تؤهلهم لحمل هذا العبء الكبير ، هذه الصفات عند التأمل فيها أمكن تقسيمها إلى قسمين :

أ- صفات فطرية تعد هبة من الله سبحانه لمن شاء من عباده .

ب - وصفات مكتسبة يستطيع من حرمها أن يحصلها بجهده وصبره وصبره .

لكن القسمين معا لازمان لكل من يتصدى لعمل النقيب ، ولا يغنى قسم منهما عن الثانى .

أ - الصفات الفطرية فى النقيب :

ما الصفات الفطرية المطلوبة فى النقيب ؟

إنها ثلاث مجموعات من الصفات على النحو التالى :

1- مجموعة تعود إلى ما منح الله النقيب من صفات ، تعود إلى القدرة العقلية " الذكاء " ، ومن المعلوم أن الذكاء يعين مستواه - من حيث هو قدرة - بوساطة العوامل الوراثية ، وهذه منحة من الله للإنسان ، أما العوامل البيئية ، فهى تعين مدى نمو هذه القدرة ومدى تحقيقاتها .

وأوضح ما نعرف به القدرة العقلية " الذكاء " أنه القدرة على التجريد والحكم والنقد والابتكار . ويمكن أن نرصد من الصفات التى تساعد على ذلك ما يلى :

القدرة على استخدام الخبرات السابقة ، لمواجهة المواقف الجديدة بنجاح .

القدرة على تكوين أنماط سلوكية جديدة لمواجهة موقف جديد ، أو تعديل الأنماط السلوكية القديمة لمواجهة موقف جديد.

القدرة على إدراك العلاقات بين الأشياء وإدراك متعلقات هذه الأشياء .

القدرة على الحكم على الناس والأشياء حكما صائبا أو قريبا من الصواب .

القدرة على النقد والموازنة والتعرف على العناصر اللازمة للنقد .

القدرة على التحليل والتفصيل .

القدرة على الابتكار .

2 - مجموعة تعود إلى ما منح الله النقيب من صفات تعود إلى القدرة الروحية ؛ التى يحركها الإيمان ويرسم حركتها الإسلام ويوجهها الإحسان .

ويمكن أن نشير إلى مفردات ، أو صفات هذه القدرة الروحية على النحو التالى : - ــ يقظة الروح وسرعة استجابتها لما حولها .

صحوة الوجدان والمشاعر وغيرتها على الحق .

الطموح إلى المثل العليا فى كل شئ وعدم الرضى بما دونها .

قوة الإيمان وسلامة المعتقد من الحرافة والجمود والترهات والأباطيل .

الإيمان بأن الدين الإسلامى الخاتم هو أعظم الأديان ، والاعتزاز بالانتماء اليه ، واليقين بأن الله مؤيد من يدعو إليه بإخلاص وتجرد واحتساب .

قوة الإرادة .

الحس المرهف إزاء تذوق الجمال والقبح ، والإدراك الصحيح للصواب والخطأ . - الإقبال على العبادة والتشوق إلى كل ما يرض الله سبحانه ، وتمنى الجهاد فى سبيل الله واعتباره غاية .

الشجاعة والكرم والصبر ، فكل تلك الصفات لا تصدر إلا عن روح قوية ، ونفس فظة تدرك غايتها فى الحياة .

3 - مجموعة تعود إلى ما منح الله للإنسان من قدرة بدنية ، واستعداد جسدى ؛ يمكن صاحبه من أداء عمله بسلاسة وقوة وتصميم وإصرار على الإنجاز ، ويمكن أن نحدد لهذه القدرة البدنية صفات خاصة مثل : الخلو من الأمراض المعوقة ، أو المعجزة للإنسان عن القيام بالعمل .

سلامة الحواس من بصر وسمع وشم وذوق ولمس .

سلامة الجوارح من العجز والنقص .

القدرة على العمل والكسب .

النشاط والحيوية .

القدرة على مجاهدة النفس والشيطان .

القدرة على تعلم حرفة للكسب .

القدرة على الانضباط فى : المطعم والمشرب . * والملبس والمسكن . * الرغبات والشهوات .

ولا تتأتى هذه القدرة على الانضباط إلا لصاحب بدن قوى وجسد متين ، نعم. . تحرك هذه القدرة على الانضباط روح قوية ونفس لوامة ، ولكن قوة البدن مما ييسر هذا الانضباط وهو ضرورى فى كل من يتولى عمل النقيب ، لأنه يربى سواه ، وهو لا يستطيع ذلك إلا أن يكون قويا فى ذكائه وفى روحه وفى بدنه ، والمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير .

ب - الصفات المكتسبة للنقيب : ثم ما الصفات المكتسبة التى يستطيع الإنسان أن يتعلمها ويجيدها ، إن كان غير عارف بها أو في متحل بها أصلا ؟

إن هذه الصفات المكتسبة الواجب توافرها فى النقيب كثيرة ومتشعبة إلى سد كبير، وحسبك بصفات يجب أن تتوفر فيمن يتصدى لتربية غيره ، وتوجيهه وترشيده ، وتنمية قدراته وتوظيف هذه القدرات لصالح الإسلام ، ولصالح الفرد والجماعة والمجتمع !!! إنها لكثيرة حقا . .

ولكننا نذكر منها ونعدد - دون إحصاء شامل لها - فنقول وبالله التوفيق :

إنها- كذلك - كما بدا لنا من خلال القراءة والتحليل فى وثائق الجماعة - ثلاث مجموعات ، كل مجموعة منها تشتمل على عديد من الصفات ، ولكنها تنتمى إلى جانب معين من جوانب شخصية النقيب ، وتتعاون فيما بينها لتحدث التكامل فى هذه الجوانب كلها ، وهى جوانب ثلاثة ، يعود إلى كل جانب منها مجموعة من الصفات ولا يستطيع نقيب الأسرة أن يؤدى عمله التربوى فى محيط الأسرة ؛ إلا أن تستكمل شخصية هذه الجوانب الثلاثة ، وما ينتمى إلى كل جانب من صفات. وعلى قدر ما يتوفر فى النقيب من صفات فى كل مجموعة أو جانب ، على قدر مايستطيع أن يؤدى عمله التربوى فى الأسرة أداء جيدا .

غير أن النقيب الذى لا يجد فى نفسه صفات بعينها فى جانب من الجوانب ، يستطيع أن يستكمل هذه الصفات ، وأن يعنى بتلك الجوانب ، حتى يصل بها إلى المستوى الذى يؤهله لتربية غيره من الناس ، على عكس من فاتته الصفات النظرية فإنه لايستطيع .

المجموعة الأولى من الصفات المكتسبة :

وتعود إلى مايجب ،أن يتوفر فى النقيب من صفات فى الجانب الثقافى من شخصيته .

وهذا الجانب ذو شعب ثلاث هى :

1- الثقافة الدينية العامة ، وتتمثل فى الصفات التالية :

معرفة كافية بالأديان السماوية التى جاءت قبل الإسلام بخاصة أديان الدعوة والرسالة . معرفة جيدة بأصول الدين الإسلامى ، وهى كل ما يتعلق بالعقيدة من إيمان بالله وتوحيده ومعرفة ذاته وصفاته وأفعاله وأنبيائه ورسله وكتبه وملائكته ، واليوم الاخر وما فيه والقضاء والقدر . معرفة كافية بأشهر الملل والنحل والأديان

2 - الثقالمة الإسلامية الخاصة: وتتمثل فى الصفات التالية :

معرفة جيدة بالقران تلاوة وحفظها وفهما .

معرفة جيدة بالأحاديث النبوية الشريفة حفظا لبعضها وفهما لها جميعها فهى السنة القولية .

إحاطة بسيرة الرسول T فهى السنة العملية .

إلمام بالفقه الإسلامى من عبادات ومعاملات إلماما يزيل الجهل واللبس والوهم - دراسة تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم .

دراسة للتاريخ الإسلامى بعامة وتاريخ الدعوات والحركات التى انتمت إلى الإسلام عبر التاريخ بخاصة . معرفة بتاريخ الجماعة " جماعة الإخوان المسلمين " .

معرفة كافية لواقع العالم الإسلامى المعاصر ، وما يحيط به من مشكلات ومعوقات ، وما يميزه من قدرات وإمكانات .

معرفة كافية بالأقليات الإسلامية ، التى تعيش فى ظل دول أو حكومات غير إسلامية ، معرفة تمكن من تصور احتياجات هذه الأقليات المادية والمعنوية .

معرفة جيدة بالحركات والتيارات المعادية للإسلام ومخططاتها وبرامجها .

3 - الثقافة العامة فى الحياة ، وتتمثل فى الصفات التالية :

- معرفة المذاهب السياسية المعاصر.

ــ معرفة المذاهب الإقتصادية .

ــ معرقة المذاهب الإجتماعية .

ــ معرفة المذاهب والنظريات الثقافية والفكرية وما يتفرغ عنها من مناهج وبرامج .

ــ معرفة جغرافية تاريخية لأهم دول العالم المعاصر ، إسلامية وغير إسلامية .

ــ معرفة بالمنظمات الدولية ، السياسية وغير السياسية ، وبأهدافها وخططها .

ــ معرفة بالإستشراق والتبشير " التنصير " والصهيونية والإستعمار غير الصريح .

ــ دراسة الفكر الصليبى وما يفرزه من عداء للاسلام والمسلمين .

ــ معرفة بأجهزة الإعلام وأهدافها وخططها .

ــ معرفة جيدة بأنظمة الحكم فى العالم ، وتحديد موقفها من الإسلام والمسلمين .

المجموعة الثانية من الصفات المكتسبة : وهى تعود إلى ما يجب أن يتوفر فى النقيب من صفات فى الجانب العملى من شخصيته ، وهى ذات ثلاث شعب كذلك :

1ـ شعبة العمل فى جانب الدعوة ، وتتمثل فى الصفات التالية :

ــ العلم الواعى بما يدعو إليه ــ وهو يدعو إلى الله وإلى الإسلام وإلى الحق ــ فلا بد له من العلم بذلك قبل الدعوة إليه .

ـــ الفهم والفقه لما يدعو إليه ، وإنما يكون ذلك بإطالة النظر فى الكتاب والسنة وتدبر معانى القرآن الكريم ومقاصده .

ـــ ولن يتأتى هذا الفقه إلا إذا استحضر الداعى فى نفسه دائما غايته من الحياة الدنيا ، ومكانته اللأئقة به بين الناس .

ـــ الإيمان القوى بما يدعو إليه إيمانا يصدقه العمل ، فليس بلائق دعوة الناس إلى شئ لايطبقه الداعى على نفسه .

ـــ العلم بوسائل الدعوة علما جيدا ، وقد حدد القرآن الكريم من هذه الوسائل :

أ - الحكمة : بمعنى إصابة الحق بالعلم والعقل - وهى " بالنسبة لله سبحانه : معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام . وبالنسبة للانسان - الداعى - معرفة الموجودات وفعل الخيرات " .

ب - الموعظة الحسنة : هى التذكير بالخير فيما يرق له القلب .

جـ - الجدال بالتى هى أحسن : وهو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ، ولكن بالطريقة التى هى أحسن .

وسواء على الداعية أن يدعو - وقد تسلح بوسائل الدعوة تلك - بالكلمة عظة وخطبة ودرسا ومقالة وكتابا ، والعمل أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وجهادا فى سبيل الله والقدوة والسيرة الحسنة ومطابقة العمل للقول ، فإن كل ذلك مطلوب ويكمل بعضه بعضا .

2 - شعبة العمل فى جانب الحركة والتنظيم ، وتتمثل فى الصفات التالية : - القدرة على مخالطة الناس والإقبال عليهم ، فليس بنقيب مرب من يؤثر العزلة عن الناس لأى سبب إلا الفتنة العامة - أعاذنا الله منها - ، ومن أين له الناس الذين يريهم إذا هو اعتزل وانطوى على نفسه ؟

- القدرة على التأثير فى الناس وجذبهم إليه بمعنى أن يكون مألوفا لديهم الفا لهم

- القدرة على جمع الناس حول الحق ، وحفزهم على التواصى به والتزامه مهما تكن الظروف .

- القدرة على البذل والتضحية من أجل دعوته ، ومن أجل الناس الذين يتحرك فيهم بهذا الدين .

- القدرة على تصنيف الناس إلى مجموعات متعددة من حيث :

أ - قدراتهم وإمكاناتهم العقلية والروحية والبدنية والاجتماعية وغيرها .

ب - مدى إقبالهم على الحق ومدى تمسكهم به وصبرهم عليه.

جـ - مدى رغبتهم فى بذل الجهد والوقت والمال من أجل الإسلام .

د - القدرة على الكتمان والسرية .

القدرة على الإدارة والتوجيه .

القدرة على الحسم فى حينه ، واللين والرفق فى حينه .

القدرة على توظيف الطاقات فيما يجب أن توظف ،فيه .

القدرة على معرفة التيارات الموالية أو المعادية للعمل الإسلامى ، لأخذ الحذر من المعادى ، وتأييد الموالى والتقرب منه ، وفتح الحوار معه فى المسائل الهامة ، لعل ذلك يؤدى إلى الالتقاء على نفس الطريق .


3 - شعبه الجانب القيادى من شخصيته :

وهى أهم الجوانب فى شخصية النقيب ، لأن هذا الجانب هو المتكفل بتوريث الدعوة للآخرين ، وباستمرار الالتزام بها ، وبإيثارها على سواها . وتلك ركائز هامة فى شخصية النقيب ، لا يسطيع أن يمارس عمله دونها ، وبالتالى فإن هذا الجانب من شخصيته يتطلب الصفات أ التالية :

أ- حسن االمظهر التابع لحسن الخبر .

ب - الانضباط والاتزان فى كل أمر من الأمور التى يفعلها أو التى يتركها .

جـ-إعطاء القدوة من نفسه فى سلوكه الفردى والاجتماعى .

د - القدرة على توريث الدعوة والحركة لأجيال لاحقة .

هـ - مشابهة إخوانه فى العمل والإدارة.

و - الابتعاد عن روح التسلط وإصدار الأؤامر ، بل أخذ الأمور بالرفق والأخوة والمودة .

ز - القدرة على التحليل والاستنباط .

ح - القدرة على الحسم واتخاذ القرار بعد المشورة والاستماع إلى الرأى الآخر .

ط - القدرة على المتابعة الهادئة الهادفة التى تؤدى إلى تقويم العمل وتجويده .

ى - القدرة على التغيير عند دواعيه ، وعلى الابتكار دائما .

وقد أشار الإمام المؤسس إلى كثير من هذه الصفات فى قوله : " إن على الأخ أن يصلح نفسه ، حتى يكون قوى الجسم ، متين الخلق ، مثقف الفكر ، قادرا على العمل والكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصا على وقته ، منظما فى شئونه ، نافعا لغيره " وهذا واجب كل أخ كما أشار إلى مجمل أركان البيعة فى رسالة التعاليم وحصرها فى عشرة أركان هى :

أ-الفهم

2 - والإخلاص .

3- والعمل .

4 - والجهاد .

5- والتضحية.

6- والطاعة .

7 - والثبات .

8 - والتجرد .

9 - والأخوة .

10 - والثقة .

وهذه الصفات وتلك الإركان واجبة فى الأخ العضو فى أسرة ، وإذن فهى أوجب وألزم فى نقيب الأسرة ، بل غيرهلازم له مما ذكرنا من الصفات ، مادام يتصدى لتوجيه غيره وتربيته وقيادته فى طريق الحق والهدى .

فهذا هو حسن اختيار النقيب من بين أصحاب الاستعداد ، وتلك هى الدعامة الأولى فى اختيار النقيب . وإلى الحديث عن الدعامة الثانية التى يقوم عليها اختيار النقيب وهى :


2 - الدعامة الثانية فى اختيار النقيب : إعداد النقيب وتربيته وفق برنامج متكامل :

إذا أحسن اختيار النقيب من بين أصحاب الاستعداد على النحو الذى أوضحنا آنفا ، فإن هذا الذى وقع عليه الاختيار ليقود عملية التربية والتوجيه ، لابد أن يعد لذلك العمل وفق برنامج متكامل ، يتصف بالجدية والعمق فى محتواه الثقافى ، وبالصرامة والالتزام فىمحتواه السلوكى الأخلاقى ، وبالمرونة وسرعة الحركة فى محتواه العملى الميدانى ، وباالدقة والتنظيم فىمستواه الإدارى ، وبالأخوة والمودة فى محتواه القيادى ، ولابد أن تحدد له وظيفته. ولتفصيل ذلك نقول :

ا - الحتوى الثقافى لبرنامج إعداد النقيب :

وهو ما سبق أن أشرنا إليه فى الصفات المكتسبة فى النقيب من الجانب الثقافى الواجب توافره فيه ، وقد حددنا له هناك شعبا ثلاثا هى :

1 - الثقافة الدينية العامة ،

2 - والثقافة الإسلامية الخاصة ،

3 - والثقافة العامة فى الحياة ،

وكل هذه الشعب وماتفرع منها من صفات عديدة ، سردناها انفا ، يجب أن تتوفر فى النقيب بصورة أشد تركيزا ، وأعمق فهما وفقها ، لأنه يعد ليعطى ويوجه ويربى فلابد له من هذه الصفات على من يربيهم . وكذلك يجب أن تتوفر له وبقدر كاف من التعمق والتأنى ما أشرنا إليه فى الجانب العملى من الثقافة ، الذى حددنا له كذلك شعبا ثلاثا هى :

أ - شعبة العمل فى جانب الدعوة ،

2 - وشعبة العمل فى جانب الحركة والتنظيم ،

3 - وشعبة العمل فى الجانب القيادى من شخصيته .

وقد تحدثنا بتفصيل عن هذه الصفات ، وقلنا : إنها مطلوبة فى عضو الأسرة ، فما بالنا بالنقيب ؟ إنه ! له ألزم وأوجب ، وبقدر من التعمق والممارسة يتمكن به من أن يوجه غيره ، ويربيه وينمى قدراته ويرعى مهاراته ، ويوظف كل ذلك لصالح، الإسلام ولصالح الدعوة .

ب - الحتوى السلوكى الأخلاقى فى النقيب :

وأبرز ما يميز هذا الجانب ، هو الجدية والصرامة والالتزام الدقيق بكل اداب الدين ، وما دعا إليه من فضائل الأخلاق وفضائل الأعمال .

ولابد هنا من إشارة إلى إطار يتحرك فى داخله النقيب ، من حيث السلوك والأخلاق ، هذا الإطار ذو أبعاد أربعة هى :

1 - لا يكتفى فى سلوكه وخلقه بأداء الفرائض والواجبات ، وإنما يجب عليه ممارسة النوافل والمستحبات حتى يعطى القدوة ويترك أحسن الأثر .

2 - لا يكتفى بالابتعاد عن الكبائر والمنكرات ، وإنما يوجب على نفسه الابتعاد كذلك عن الصغائر والشبهات ، لأنه فى ذلك المجال يشار إليه ويحتذى به ، شاء ذلك هو أم أبى .

3 - لا يكتفى بأن ينتصر لنفسه عندما يقع عليه بغى من أحد ، وإنما يجعل رائده العفو وإصلاح مابينه وبين خصمه ، تقريرا للود ، وطمعا فى مثوبة الله سبحانه( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فأجره على الله ) .

4 - لا يكتفى بأن يأخذ ما له ، ويعطى ماعليه وهو مقتضى العدل ، وإنما يلزم نفسه بأن يأخذ أقل مما له ، وأن يعطى أكثر مما عليه ، وهذا مقتضى الإحسان ، ذلك أن تحرى العدل واجب وتحرى الإحسان ندب وتطوع ، والله سبحانه مع المحسنين ويحب المحسنين ، لنقيب فى مسيس الحاجة إلى أن يكون الله معه ومحبا له ، وانما يصل إلى ذلك بالإحسان ( وإن الله لمع المحسنين )( إن الله يحب المحسنين ) ومن أبرز الصفات فى مجال السلوك والأخلاق مايلى :

.أ - الرفق بإخوانه وبالناس عموما ، فقد جاء فى السنة مارواه أبو داود بسنده عن أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - سالت : قال لى رسول T: " يا عائشة ارفقى فإن الرفق لم يكن فى شىء قط إلا زانه ، ولا نزع من شىء قط إلا شانه " والله تبارك يقول لنبيه T: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لائفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاوهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ).

فجفاء المعاملة وقسوة القلب تفرق الناس من حول الداعى إلى الله . وفى الرفق أحاديث كثيرة منها : قوله T: " إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى عليه مالا يعطى على العنف " وقوله T. : " من يحرم الرفق يحرم الخير كله "

ب - الألفة والتودد إلى الناس ، فهذا رصيد جيد لنقيب الأسرة ينفق منه ، فتروج في تجارته ويكثر المتعاملون معه ، ويحقق ربحا فى الدنيا والآخرة ، تجارة البضاعة فيها : الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد فى سبيل الله بالمال والنفس ، والربح فيها مغفرة الذنوب ودخول الجنة وسكنى طيبة فى جنات عدن ، والربح الدنيوى فيها هى نصر الله لكم وفتحه عليكم ، يبشر به المؤمنون فى كل زمان ومكان ( يا أيها الذين امنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأئهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم . وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين )

والمؤمن كريم الخلق سهل الطبع لين العشرة محب للناس محبوب منهم ، روى أحمد بسنده عن أبى هريرة - رضى الله عنه - قال : قال النبى - T - : " المؤمن مؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " فذاك زاد الداعية إلى الله.

جـ - الصبر عل الناس ومداراة سفهائهم ، وتحمل أخطائهم على أمل العلاج والإصلاح، وإذا كان ذلك هو خلق المربى مع سائر الناس فهو مع إخوانه الذين يربيهم ويوجههم ألزم وأوجب ، وإن مايتمتع به النقيب من أخوة وإيمان وحب وإيثار ؛ لجديرة بأن تستوعب أخطاء وريثما يتحول عنها صاحبها إلى الصواب .

ومما يدخل فى الصبر : حبس النفس على مايقتضيه الشرع والعقل ، والصبر على الطاعات والصبر عن المعاصى ، والصبر فى الحرب شجاعة ، وفى إمساك الكلام كتمان ، والصبر على المصائب إيمان ورضا بقضاء الله ، وكل هذه الأنواع من الصبر لازمة لنقيب الأسرة ، تميز أخلاقه وسلوكه ، وتمكنه من القيام بواجبه فى التربية والتوجيه ، بل تمكنه من معرفة كل ما لدى إخوانه من طاقات وقدرات ليوظفها لصالحهم وصاع الدين الدعوة .

د - البذل والتضحية ، فقد وضع النقيب نفسه بالنسبة للناس ولإخوانه فى موضع من يجب عليه البذل والتضحية لهم .

وأول ذلك الكرم - والكرم اسم جامع للأفعال الحميدة - أى توصيل المنافع للناس دون غضاضة ، ويلى ذلك شئ كثير فى البذل والتضحية من أجل الناس بالوقت والجهد والمال ، وحسب نقيب الأسرة فى هذا المجال أن يتذكر أن الله سبحانه ذم البخل والداعين إليه ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبحل ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد ) وأن رسول الله T قد تعوذ بالله من البخل والجبن فى قوله :

" .. . اللهم إفى أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن الجبن والبخل. . . " وقوله صلوات الله عليه : " البخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس " ولئن ذم الله سبحانه البخيل الذى يمسك ماله عن الإنفاق فى سبيل الله ، فإن عمل نقيب الأسرة كله فى سبيل الله ، فما يجوزأن يبخل عليه بشىء من جهده أو وقته أو ماله ، وإلا بعد من الله ومن الجنة ومن الناس كما أوضح ذلك المعصوم T.

هـ - تمثل أخلاق القرا ن الكريم والتمسك بها بصرامة والتزام ، واتخاذ الرسول T - قدوة فى كل أمره ، بحيث يصبح نقيب الأسرة أنموذجا حيا، متحركا للإسلام ، أخلاقياته وسلوكه فى تعامله مع إخوانه فى الأسرة ، ومع أهل بيته ومع جيرانه وزملائه ، يجعل الإحسان رائده فى كل عمل ، والرحمة والعطف على الصغير والضعيف علامته التى تميزه ، والحرص على خدمة الناس وقضاء حوائجهم طابعه العام .

ولئن كان ذلك شاقا فإنه يسير على من يسيره الله له ، وعلى من يريد أن يتصدى لتربية الناس وجمعهم على الحق والهدى ، والسير بهم فى طريق أوله لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وآخره الجهاد فى سبيل الله ؛ لتكون كلمة الله هى العليا ، وليكون لهذا الدين هيمنة على كل دين وكل نظام ، أستاذية لهذا العالم المضطرب ألمحتاج إلى الاستقرار بمنهج الله ونظامه ، وما أطول الطريق وما أحوجها إلى الزاد والراحلة ، والقائد الذى لاينضى راحلته فى سفره ، وإنما يأخذها بالرفق واللين ، حتى تستطيع أن تصل به إلى هدفه وغايته .

وبعد : فكل ذلك مطلوب من النقيب ، وكله ضرورى فى رحلة عمله ، التى هى من صميم عمل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.


جـ ـ المحتوى العملى الميدانى فى برنامج النقيب :

العمل الذى يقوم به النقيب يحتاج دائما إلى : مرونة ، وقدرة على التغيير فى حينه وقبل ضياع فرصته ، كما يحتاج إلى سرعة فى حسم الموقف ، قبل أن يفلت منه ما سنح له من خير ، فى مجال تربيته وتعهده لإخوانه ، والسعى بهم فى طريق الدعوة علما وعملا وجهادا وتوريثا .

ولا يتم عمل النقيب على وجهه إلا إذا اتصف بعدد من الصفات ، تضمن له بلوغ الغاية ، والوصول إلى الهدف ، ومن هذه الصفات مايلى :

1ـ دراسة الواقع الراهن لكل عضو من أعضاء الأسرة . الواقع الروحى ، والعقلى ، والبدنى ، والاجتماعى ، بدقة وتفصيل ، والمبادرة بإقرار ماهو جيد من هذا الواقع ، وتغيير مالا يلائم المسيرة فى طريق الدعوة ؛ تغييرا يتسم بالمرونة والإصرار مع التعرف على كثير من البدائل فى هذا التغيير .

2 - دراسة الواقع السياسى للميدان الذى يعمل فيه النقيب ، والتعرف على إيجابيات هذا الواقع وسلبياته لاتخاذ الموقف الملائم الذى يحقق له ولإخوانه النجاح والتوفيق فيما يلى :

تحليل هذا الواقع السياسى من وجهة نظر إسلامية .

تعديل هذا الواقع بحيث يلائم وجهة نظر الإسلام ، فى هدوء وموضوعية وبحث جاد عن أنسب الوساك للتغير . إبراز البديل الإسلامى فى هذا الواقع السياسى ، وإلقاء ضوء إعلامى عليه ، من خلال ما يتاح من وسائل الإعلام المناسبة .

3 - دراسة الواقع الأمنى فى ميدان عمله ، والتعامل معه ، بحيث يحقق اكثر قدر من الفائدة ، ويتجنب أكبر قدر من الضرر ،إذ العمل فى أمان هو الأصل ، والبحث عن الظروف الآمنة هو اللازم دائما ، وليس من هدف الجماعة أن ندخل فى صراع مع أحد ، إلا أن يفرض عليها فرضا ، ولا تجد منه مناصا ولا عنه بديلا ، إذ المبدأ أن المسلم لا يتمنى لقاء العدو ، ولكن إن فرض عليه لقاؤه جاهد وصبر.

4 - دراسة واقع الجماعات الإسلامية ، ومعرفة مدى ماتبذل هذه الجماعات من جهود ، ومحاولة الالتقاء مع هذه الجماعات فيما هو سائغ شرعا وعقلا ، وتجنب الاصطدام بها ، أو الدخول معها فى مهاترات وجدل ؛ لأن ذلك يشغل كلا عن هدفه ، وهو فى الوقت نفسه قرة عين لأعداء الإسلام والمسلمين ، فإن أتيح حوار هادئ هادف حول عمل مشروع ، أو أسلوب عمل جائز ؛ فذلك لا بأس به ، وإن لم يتح فالأصل فى الجماعة أن تحسن الظن بكل جماعة تعمل للإسلام ؛ إلى أن يظهر منها بالدليل ما يخالف ذلك .

ومن أدب الجماعة ألا ترد على الشاتم بشتيمة ، ولا على ذلك المسئ بالإساءة ، وإنما تحاول أن تجفو وتصلح دائما بين المسلمين ، طمعا فى أجر الله وثوابه . ومن واجب الجماعة دائما أن تغضب لله ، لا لنفسها ولا لأفرادها ، فإن انتهكت حرمة من حرم الله ؛ كان الغضب والانتصار ، وإن انتهكت حرمة بعض أفراد الجماعة كان الصفح والتسامح .

5 - دراسة واقع التيارات الموالية أو المعادية للعمل الإسلامى ، والتعامل معها وفق خطة الجماعة وادابها ، بنفس المرونة والسرعة التى لاتفوت مصلحة ولا تجلب مضرة


د - المحتوى الإدارى فى برنامج النقيب : يجب أن يشتمل برنامج إعداد النقيب من الناحية الإدارية على أمور عديدة من أهمها:

ا - تنمية المهارات التجريدية ( الذهنية) لدى النقيب ، أى إقداره على النظرة الشاملة المستوعبة للأمور ، النظرة التى تمكنه من الربط بين أنماط السلوك المختلفة ، والتنسيق بين القرارات العديدة التى تصدر ، وبين الهدف العام للتربية والهدف الخاص لها .

2 - تنمية المهارات السلوكية لديه ، وهى كل ما يتعلق بسلوكه فى ذاته ، وفى اتصاله بالاخرين من أعضاء أسرته ، وفى اتصاله بقيادته ، وأدب هذا وذاك .

3- تنمية المهارات الفنية لدى النقيب. وهى كل ما يتصل بعمله كنقيب ، من حيث معرفته بوظيفته ، وصفها وواجباتها ومسئوليته فيها وحقوقه، فيها ، معرفة دقيقة تمكنه من أداء عمله التربوى الخطير ، من خلال أرض ثابتة واضحة يقف عليها.

4 - تنمية القدرة على التوجيه لدى النقيب ، بحيث ييسر له هذا التوجيه حركة مناسبة توصله إلى الهدف ، وتمكنه من توجيه إخوانه توجيها مدروسا هادفا هادئا ، وفق أخلاقيات المسلم وسلوكياته .

5 - تعويده احترام الوقت ، وحسن تقديره له ، سواء اكان ذلك وقته هو شخصيا ، أو وقت إخوانه فى الأسرة ، فكل كلام وكل عمل لابد أن ينظر إليه من خلال الوعاء الزمنى الذى استوعبه ، ومدى مناسبة هذا الوعاء له ، أو قصوره دونه أو زيادته على الحد المطلوب . وذلك أن الوقت أهم العناصر فى العمل التربوى بخاصة ، والعمل الإنسانى بعامة .

6 - تنمية قدراته على الانتقاء والاختيار ، تمهيدا للترشيح إلى عمل اكبر أو أهم . إذ النقيب مطالب دائما بأن يحسن اختيار وانتقاء العناصر الجيدة من إخوانه ؛ لترشيحهم إلى أعمال أكبر أو أهم . ومالم يتم هذا الترشيح فإن العمل التربوى يكون عقيما، والأصل فيه أن يكون ولودا مثمرا، ليستطيع سد فراغ الاحتياجات المتجددة للجماعة فى مجالات العمل المتعددة

7 - تنمية قدرته على اختيار رديفه ، بل ورديف رديفه ، وربما رديف رديف رديفه ، لأن ذلك من ضرورات في نجاح العمل واستمراريته ، إذ ربما حال عائق للنقيب فلا يتوف ف العمل وإنما يقوم بعبئه الرديف وهكذا .. . مع ضرورة استطلاع رأى القيادة فى هذا الرديف ، وإقرارها لاختياره والأصل فى البرنامج الذى يعد للنقيب لتنمية قدراته الإدارية ، أن يشتمل على كل ما ذكرنا ، بل وعلى اكثر من ذلك من متطلبات العمل الذى يقوم به .

هـ - المحتوى القيادى فى برنامج النقيب :

إن برنامج إعداد النقيب من الناحية القيادية ؛ يجب أن يشتمل على تنمية صفات بعينها فى النقيب تعتبر لازمة جدا له فى عمله . مثل صفات :

ا - الزكاء وبعد النظر واللباقة والمرونة وسعة الأفق .

2 - القدرة على التخطيط والحكم الصائب .

3 - القدرة على اتخاذ القرار .

4 - الأمانة والقوة .

5 - الإيمان بالله ، والإيمان بالعمل ، أهدافه ومراحله ووسائله .

6 - المثابرة والصبر والجلد والاستمرارية .

7 - فهم دقيق لطابع أعضاء الأسرة التى يقودها ، ليتسنى له تكليفم بما يناسبهم .

8 - القدرة على الابتكار والإبداع فى عمله التربوى ، ومما يدخل فى ذلك قدرته على التغيير والتبديل حسب ما تقتضيه الحاجة والظروف .

9 - القدرة على تحديد الأهداف العامة ، والأهداف المرحلية لعمله التربوى .

10 - البصر بالوسائل التى تمكنه من تحقيق أهدافه بحيث تكون ملائمة ومشروعة ومن شأنها أن تقرها قيادة الجماعة .

واحدة من هذه النقاط العشر تحتاج إلى تفصيل وتوضيح ، ولا بأس أن نوضح واحدة منها . ونفصلها على سبيل المثال . وهى نقطة "القدرة على التخطيط " فتلك قدرة قيادية فى النقيب لايستطيع أن يمارس عمله على وجهه الصحيح إلا إذا كان متصفا بها .

فكيف نوضح هذه النقطة ؟

أولا : التخطيط أسلوب فى التنظيم يهدف إلى :

استخدام الموارد مادية أو بشرية على الوجه الأمثل وفقا لأهداف محددة . أى وضع خطة يسير عليها العمل فى الأسرة ؛ خلال فترة زمنية معينة ، بقصد تحقيق الهدف .

ثانيا : عناصر التخطيط وهى :

1ـ الاستراتيجية : وهى " فن القيادة " أى حشد الطاقات وتوظيفها للوصول إلى الهدف ، وهو أبرز عناصر التخطيط ؛ إذ هو القاعدة التى تتم على أساسها عملية التخطيط كلها وما يلحق بها من عمليات إدارية ، كالتنظيم والتأثير والرقابة . .إخ .

2 - تحديد الأهداف ، سواء أكانت أهدافا محدودة قصيرة المدى ، أو كانت عامة بعيدة المدى ، فالهدف بيان بالنتيجة المطلوبة فى إطار زمنى معين ، فإن خلا البيان من الإطار الزمنى فليس هدفا - كما يرى علماء الإدارة .

وبالتالى فإن الهدف لابد له من تاريخ محدد يتم فيه ، كما لابد له من مقياس للنتيجة التى يراد الوصول إليها .

وأى عمل لا يحدد له هدف فى إطار زمنى معين قلما ينجح .

3 - تحديد السياسات الموصلة إلى الأهداف ، أى طرق التفكير التى تؤدى إلى أداء العمل ، وهى ضرورية لإنجاح العمل ، لأن بها يتم التنسيق بين الأنشطة الختلفة ، وبها يتضح لكل عضو فى الأسرة عمله ومهمته ، وبها يسهل العمل ويمكن تقويمه ومتابعته .

4 - تحديد الوسائل التى يجب أن تتبع وفق السياسات المحددة لتحقيق الأهداف المطلوبة بتوظيف الطاقات وتوجيهها .

والوسائل : مجموعة من الأنشطة المتوالية أو المتوازية المعينة على الوصول إلى الهدف ، وينبغى أن تتسم الوسائل بالمرونة والقابلية للتغير والتبديل ، حسب حاجة العمل فى مراحله المتعددة.

ثالثا : العوامل المؤثرة فى التخطيط :

يتأثر الخيط بعوامل كثيرة نشير إلى بعضها فيما يلى :

1- منهج التنظيم الذى يخطط له ، وهل هو منهج عام أو خاص ، وهل هو شامل أو مرحلى ؟

2 - نوع هذا التنظيم الذى يخطط له هل هو طلابى أو مهنى تربوى أو إعلامى أو سياسى سرى أو علنى . .. ؟إخ .

3 - إدارة التنظيم الذى يخطط له ، هل هى هرمية أم أفقية أم شبكية ، وهل هى مركزية أو غير مركزية ؟ .

4 - قوة التنظيم الذى يخطط له قوة القيادة ، قوة الأفراد ، قوة المنهج ، نضج الخطة . . . الخ .

5 -مرحلية التنظيم الذى يخطط له هى مرحلة تعريف أو مرحلة تكوين أو مرحلة تنفيذ ؟ إذ لكل مرحلة متطلبات خاصة .

6 -البيئة التى ينتمى إليها التنظيم الذى يخطط له ، ومعرفة ظروفها السياسية والاجتماعية ، والاقتصادية ، والفكرية الثقافية والتعليمية ، وجغرافية هذه البيئة وتاريخا القديم والحديث ، ومالها من ظروف طارئة ، مثل الحروب والدخول فى أحلاف ومعاهدات وتبعية منظورة أو غير منظورة ، وما أحاط أو يحيط بها من أمراض وأوبئة وما إلى ذلك من الظروف التى تطرأ فجاءة ، ويجب أن تدخل فى الاعتبار ، لما لها من تأثير فى التخيط .

وهكذا لو أردنا أن نفصل أى نقطة من هذه النقاط العشر التى يجب أن تتوفر فى نقيب الأسرة كقيادى فى العمل التربوى.

وأعود فأقول ثانيا :

إن الأصل فى البرنامج المعد للنقيب فى محتواه القيادى ؛ أن يدعم هذه الصفات ويزكيها ، لأن القيادة بغيرها لا تتم على وجهها الصحيح .

وكل ما يجب أن يتوفر فى النقيب من هذه الصفات التى يمارس بها قيادته لإخوانه ، إنما يجب أن يمارسها فى إطار من الأخوة الحانية ، والمودة اللازمة بين الإخوة ، فى ظل شرعتنا الإسلامية الغراء .


و - وظيفة النقيب :

إن تحديد وظيفة النقيب بدقة ووضوح ، تساعده على حسن أداء عمله ، بل تساعده على تقويم عمله تقويما جيدا على ضوء أبعاد هذه الوظيفة ومتطلباتها . ونستطيع أن نسرد من وظائف نقيب الأسرة أمورا كثيرة ؛ دأبت الجماعة على أن تكلفه بها ، بل تجعلها وظائف أساسية له كقائد ومرب ونقيب . من هذه الوظائف الحيوية للنقيب وللأسرة نفسها بل للجماعة كلها ما يلى :

1- أن يجد إخوانه فيه قدوة تحتذى ، من حيث خلقه وسلوكه ، وما يحب وما يكره ، وإخلاصه لدينه ولدعوته ، وولاؤه لعمله وفكرته .

فليس للنقيب أبدا أن يطالب إخوانه بعمل لا يلتزم هو بأدائه ، ولا ينهاهم عن شىء يأتيه هو ، فإن ذلك يفقده الصفات الأساسية لنقيب الأسرة . وإذا كانت أول درجة فى وظائف النقيب أن يكون قدوة لإخوانه ، فليعلم أن ذلك ليس بالأمر الهين ، فليستعن عليه بتقوى الله والاستقامة .

2 - أن يربط إخوانه بالدين والدعوة والفكرة والمنهج ، ولا يربطهم بنفسه ، أو غيره من الناس ، لأن الأفراد إلى زوال ، والمبادىء فى دوام واستمرار ، وهذا فارق ما بين الجماعة والأحزاب ، وتلك وظيفة هامة للنقيب ، يربى رجال مبادئ ، لا رجالا يحسنون ا التبعية لرجال مثلهم .

3 - غرس عميق لمبادئ الشريعة وموازينها ، وحكها على الناس والأشياء فى نفوس أفراد الأسرة ، بحيث يتحاكمون دائما فى التعرف على الناس والأشياء ؛ بموازين الشريعة ، لا بما تعارف عليه الناس من موازين ، وذلك أمان من الانحراف عن الصراط المستقيم وضمان للاستمرار فيه .

4 - غرس المحبة والنقة فى نفوس أعضاء الأسرة ، فهم أعضاء أسرة واحدة ، وهذا حسبهم ليتحابوا ويتوادوا ، والنقيب مسئول عن تنامى هذا الحب وتلك الثقة .

5 - اكتشاف مواهب إخوإنه ، والتعرف على إمكاناتهم وطاقاتهم ، لتنميتها وتوجيهها وتوظيفها لصالح الفرد والجماعة والمجتمع والدبن .

ولهذه التنمية وذاك التوجيه والتوظيف ، وسائله المعروفة فى تاريخ الجماعة


6 - تلافى كل نوع من القصور الثقافى ، أو العلمى أو العملى ، أو التنظيمى فى إخوانه ، بوضع البرنامج الملائم لتلافى هذا القصور ، ولا ينبغى للنقيب أن يغفل عن هذه الحقيقة أبدا - حقيقة أن فى بعض الأعضاء قصورا - وأن عليه هو أن يتلافى هذا القصور بمودته وأخوته ، وواقعيته وجديته ، وإيثاره الحق على كل شىء .

7 - مشاركة إخوانه فى العمل ومساعدتهم فيه ، فإن ذلك من شأنه أن يبث فيهم روح الحماس والجدية والمثابرة والانضباط ، بها صفات مطلوبة فيهم ومطالب بها النقيب ليحققها فى إخوانه .

8 - تشجيع الحوار والحرص على الاستماع لآراء كل واحد منهم ، حتى يقول كل ما عنده ، لأن ذلك هو الذى يجعل منهم رجالا إيجابيين ، قادرين على تكوين الرأى ، ومناقشة الرأى الاخر ، ولا يقبل من النقيب بحال أن يربى إخوانه على أساس أنهم نسخ متكررة من أصل واحد ، مهما كان هذا الأصل جيدا جذابا .

9 - ملء فراغ الأوقات عند إخوانه - إن وجدت - ، فإن أسوأ ما يضر الإنسان أن يجد عنده من الوقت ما لا يعرف كيف ينفقه ، إذ يعطى هذا الفراغ فرصة لوسوسات الشياطين - والعياذ بالله - وفى الحق ، إن الأمة الإسلامية بظروفها الراهنة ؛ لا تجد الوقت الكافى الذى تتمكن فيه من النهوض مما هى فيه ، فكيف يكون عند أفرادها فراغ ؟ هذا هو الأصل ، ولكن إن وجد الفراغ فعلى نقيب الأسرة أن يعمل على ملئه بالمفيد النافع ، من القراءة ، وارتياد المسجد ، وزيارة الصالحين ، والاجتماع على العبادة والذكر ، وعيادة المرض ، وزيارة القبور ، وإعداد البحوث والدراسات ، والتدرب على الحرف النافعة وما إلى ذلك مما تحدثنا عنه انفا .

10 - من أبرز وظائف النقيب ، أنه همزة وصل بين إخوانه والقيادة ، سواء أكانت هذه الصلة ذات توقيت منتظم أو غير منتظم ، ويستطيع أن يعد ما بين ان واخر لقاء لإخوانه مع قيادته ، لتوثيق الرابطة وجمع القلوب على الخير ، وزيادة الحماس والفاعلية فى العمل والاستفسار عن بعض الأمور التى تهم الجماعة فى حاضرها أو مستقبلها ، والتعرف على طرف من تاريخ الجماعة وجهودها فى مجال تربية ا لأفرا د .

هكذا كانت وظيفة نقيب الأسرة فى تارخ الجماعة وكما دلت على ذلك وثائقها و تحليل تاريخها الفكرى ، والتربوى ، جاء ذلك على لسان من كتبوا عن الجماعة ، فأرخوا لها ولوسائل التربيه عندها ، سواء أكان هؤلاء الكتاب من العلماء المحايدين الذين يؤثرون الحق ويتخذون الموضوعية منهجا فيما يكتبون ، أو كانوا من أولئك الذين كتبوا عن الجماعة من أدعياء العلم ، الذين كان منهجهم فى الكتابة إرضاء الحكام الذين بطشوا بالجماعة ، أو التقرب من أعداء الإسلا م الذين يوجهون الحكام ويزينون لهم البطش بكل ماهو إسلامى .

هؤلاء وأولئك تحدثوا عن الأسرة كوسيلة أولى من وسائل التربية عند الإخوان المسلمين .

وأما متابعة النقيب بعد تسلمه مهمة إعداد الأسرة لمعرفة مدى ما حققه من فراغ وهو الدعامة الثالثة - فإنه كان يترك لكل مسئول عن الشعبة ، يتابعه بالأسلوب الذى يراه .

وإلى الحديث عن الوسيلة الثانية من وسائل إلتربية عند الإخوان المسلمين "الكتيب


الوسيلة الثانية : الكتيبة

مما لاشك فيه أن للجماعة رؤية خاصة فى تسمية وسائل التربية عندها ، وبخاصة تسمية هذه الوسيلة التى نحن بصدد الحديث عنها وهى " الكتيبة " .

فإذا كانت الأسرة هى اللبنة الأولى والتجمع العضوى فى عدد قليل ، فإن الكتيبة تجمع أكبر . فهى من الأسر تلتقى وفق منهج خاص ، وكل وقت معين ، ولها أهدافها وآدابها كالأسرة التى تحدثنا عنها انفا . وسوف يتناول حديثنا عن الكتيبة عددا من النقاط هى :

1 - مفهومها اللغوى .

2 - مفهومها فى الجماعة وتاريخها .

3 - أ هدا فها .

4 - ادابها وشروطها .

5-برنامجها.

6 - أميرها ومساعدوه .

وسوف نتناول كل نقطة من هذه النقاط ، مستهدفين أن نجلو الغموض عن هذه الوسيلة التربوية الهامة فى تاريخ الجماعة ، مستقرئين الوثائق والأوراق ، متجهين إلى التحليل والتعليل كدأبنا فى حديثنا عن الأسرة .


1- المفهوم اللغوى للكتيبة

هى مأخوذة من مادة : " كتب " والكاف والتاء والباء أصل صحيح واحد يدل على جمع شىء إلى شىء ، ومن ذلك الكتاب والكتبة ومن الباب : كتائب الخيل. ..

والكتيبة : جماعة الخيل إذا أغارت من المائة إلى الألف . والكتيبة : الجيش وفى حديث السقيفة : نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام .

والكتيبة : القطعة العظيمة من الجيش والجمع الكتائب .

والكتيبة : ما جمع فلم ينتشر .

" والكتيبة : الجيش ، والفرقة العظيمة من الجيش تشتمل على عدد من السرايا محدثة م) . وللمؤسس عليه رحمة الله -وهو من علماء اللغة- نظرة فى اختيار هذا الاسم " كتيبة " بالمعنى الذى سنتحدث عنه فى مفهوم الجماعة للكتيبة ، إذ هى : جمع وضم الأفراد مع أفراد ، وأسر مع أسر وجماعة من جيش الدعوة ، تعد نفسها وفق برنامج نظر فيه إلى المجاهدة والمصابرة والمثابرة ، ثم أتصور أنه لحظ معنى الكلمة التى ألقيت فى السقيفة : نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام فأطلقها على هذا التشكيل .


2 - مفهوم الكتيبة فى الجماعة وتاريخها

الكتيبة تعنى أسلوبا خاصا فى تربية مجموعة من الإخوان . يقوم هذا الأسلوب على تربية الروح ، وترقيق القلب ، وتزكية النفس ، وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة بعامة وللتهجد والذكر والتدبر والفكر بصفة خاصة .

وقد فهمت الجماعة منذ نشأة نظام الكتائب ؛ أن الكتيبة جهاد للنفس وجهاد للشيطان ونزعاته ، كما أنها إعداد للفرد إعدادا جهاديا ، يمكنه من الأخذ بأسباب القوة ، قوة الروح ، وقوة العقل ، وقوة البدن وقوة الصبر والاحتمال .

وللكتيبة عند الجماعة مفهوم حركى ، إذ بها يتدرب أفراد الجماعة على معايشة بعضهم لبعض فترة من الزمن ليست بالقصيرة ، بل ليست عادية ، إذ هى الليل الذى تهجع فيه النفوس ، ويركن فيه الناس جل الناس إلى الراحة والدعة ؛ ليرى الإخوان أنفسهم على حقيقتها يؤثرون الراحة أم يفضلون التعب والجهاد فى سبيل الله وفى سبيل الدعوة إليه.

وللكتيبة بهذا المفهوم تاريخ فى الجماعة قد دخل على نظامها بعض التعديل والتطوير، حتى إننا نستطيع أن نقول : إن أسلوب الكتيبة فى بداية الأخذ بنظامها قد اختلف إلى حد ما عن أسلوب نظامها فيما بعد .

ولنتحدث عن نظام الكتيبة كأسلوب فى التربية فى بداية الأخذ به : جاء فى إحدى الأوراق عن هذا النام ما نصه : " نظام الكتائب نظام فريد مبتكر ، ولعل الأستاذ المرشد قد اشتقه من اجتماعات دار الأرقم بن أبى الأرقم ، حيث كان رسول الله Tيجمع المؤمنين به فى ذلك الوقت المبكر- وكانوا قلة- فيبثهم ماعنده ويفضى إليهم بذات نفسه ، ويأخذهم بأسلوب من التربية الروحية العاليه ، حتى خرج من تلك الدار ، المتواضعة من كانوا أعلام الهدى ، ومن حملوا شعلة النور الإسلامى فأضاءوا بها جنبات الدنيا.. .

وهذا النظام بين مختلف أنظمة التكوين بم يعد نضام التكوين المركز ، وأسلوب التربية العميقة المباشر ، لأنه وحده هو النظام الذى يجد فيه الموجه والموجه نفسيهما متجردين متفرغين ، كل منهما وجها لوجه الآخر ، لا تشغل أيا منهما عن نفسه ولا عن صاحبه شاغلة ، فيكون القلب والعقل معا فى أسمى حالات التهيؤ للتلقى والإلقاء وبالتعبير الحديث : للاستقبال والإرسال .

وكان فى نية الأستاذ المرشد أن يتدرج فى إنشاء الكتائب حتى يسلك فيها كل إخوان المركز العام ، على أن يقوم هو بنفسه بدور التوجيه والتربية . فبدأ أول خطوة فيه بأن جمع من الرعيل الأول أربعين أخا كانوا هم الكتيبة الأولى . ثم ما لبث أن جمع أربعين آخرين فكانوا الكتيبة الثانية . وكان النظام يقتضى أن تتم كل كتيبة أربعين أسبوعا .

يتلخص نظام الكتيبة فى الاتى :

1 - تبيت الكتيبة ليلة فى الأسبوع فى المركز العام ويبيت معهم الأستاذ المرشد .

2 - يصلون مع الأستاذ المرشد المغرب والعشاء .

3 - يتناولون طعام العشاء معا طعاما رمزيا .

4 - تذاكرون معا ويتسامرون .

5 - بعد صلاة العشاء بوقت قصير ، وفى لحظة محددة ينامون على الأرض ، وفى حجرة واحدة ذات سعة ، و يتخذ كل منهم حذاءه وسادة له ، وينام الأستاذ المرشد معهم على نفس الهيئة .

6 -يستيقظون قبل الفجر بساعتين ، ويتوضأون ويتهجدون بعض ركعات فرادى .

7 - تطفأ الأنوار ويجلسون منصتين إلى تلاوة نحو جزء من القران الكريم ، يتلوه قارىء الكتيبة - وكان الدكتور محمد أحمد سليمان

8 - يضاء النور ويستمعون إلى درس من الأستاذ المرشد ؛ فى التكوين النفسى والروحى والعلمى للداعية ، مع عرض لتاريخ الدعوات والدعاة ، وبيان مواطن الضعف فى كل منها وفى كال منهم ، وما يقابل ذلك فى الدعوة الإسلامية ، وكيف يتجنب الداعية مواطن الضعف التى عصفت بسابقيه .

9 - فترة قبيل الفجر للاستغفار.

10 - أذان الفجر ثم صلاة الفجر خلف الأستاذ المرشد.

11 - توزيع الورد القرانى على أعضاء الكتيبة ، وقيام الأستاذ المرشد بتفسيره تمهيدا لحفظه . والورد القرانى هو ورقة يجمع فيها الأستاذ المرشد الآيات القرانية ذات الهدف الواحد : فورد للإيمان ،وورد للوفاء ،وورد للأمل ،وورد للجهاد ، وود للتفكر.. . وهكذا.. . .

12 - فإذا طلعت الشمس قرأ الجميع معا فى صوت خافت " الوظيفة " ، وهى أدعية من القران الكريم ، ومن السنة النبوية كان يدعو بها النبى T إذا أصبح وإذا أمسى .

13 -إفطار بسيط ثم يتجه كل منهم إلى عمله . ويلحق بنظام الكتيبة أيضا ما يلى :

أ - شعار هذا النظام هو : " كل وأنت شبعان ونم وأنت مستيقظ " . ومعنى هذا الشعار الطاعة التامة والالتزام الكامل بالنظام المقرر ، فقد يكون إلزام نفسك بالأكل وأنت غير جائع ، وكذلك نومك وأنت مستيقظ أصعب من استيقاظك وأنت نائم .

ب - ومن شعار هذا النظام " الامتناع عن تناول المكيفات من شاى وقهوة فضلا عن الدخان " .

جـ - كان يوزع على كل فرد من أعضاء الكتيبة فى أول كل شهر كشف يسمى

" استمارة المحاسبة " ، وهو يضم عشرين سؤالا يجيب عليها الفرد كل ليلة حين يأوى إلى فراشه " بنعم " " أو بلا " كتابة أمام كل سؤال وفى خانة اليوم ، حيث يضم الكشف ثلاثين خانة لشهر كامل ، وفى نهاية الشهر تجمع عدد " لا " وعدد " نعم " فإذا رجحت " نعم " حمد الله وطلب منه التوفيق إلى الزيادة منها ، وإذا رجحت " لا " أسف وندم واستغفر الله ، وجدد التوبة ، وحاول مراقبة نفسه فيما حددته له الاستمارة من مواطن الضعف فى نفسه وفى تصرفاته .

د - كان يوزع على أفراد الكتيبة رسالة تسمى :

" المنهج العلمى " وهى تضم أسماء مجموعة مختارة من الكتب فى كل فن من فنون العلوم الإسلامية والتاريخية والتربوية ، ويطلب من عضو فى الكتيبة أن يقرأ ما يستطيع من هذه الكتب ، لتزوده بذخيرة من المعلومات ، تنير له الطريق فى دعوته ، وتجعله أهلا لقيادة الدعوة فى مختلف الأماكن والظروف " .

الأوراد القرانية التى كانت تتداول فى الكتائب :

أولا : ورد المعرفة :

ويتكون من عشر آيات من القرآن الكريم هى :

1 – ( وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع ) .

2 – ( وهو الله فى السموات وفى الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ).

3 - ( وله ما سكن فى الليل والنهار وهو السميع العليم . قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين . قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم . من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين . وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير . وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير .)

4ــ ( الله خالق كل شى وهو على كل شئ وكيل . له مقاليد السموات والأض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون . قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون . ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين . بل الله فاعبد وكن من الشاكرين . وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحائه وتعالى عما يشركون ) .

5 – ( وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله وهو الحكيم العليم . وتبارك الذى له ملك السموات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون ).

6 – ( فلله ، الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين . وله الكبرياء فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ) .

7 –( ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إنى لكم منه نذير مبين ) . 8 –( هو الله الذى لا إله إلاهوعالم الغيب والشهادة هوالرحمن الرحيم . هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ).

9 – ( يا أيها النفس المطمئنة . ارجعى إلى ربك راضية مرضية . فادخلى فى عبادى . وادخلى جنتى ). 10 – ( قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد)

ثانيا : ورد الوفاء :

ويتكون من عشرآيات قرانية كريمة هى :

1- ( يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون ).

2 – ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) .

3 – ( ومنهم من عاهد الله لئن اتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين . فلما اتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون . فأ عقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون . ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ) .

4 – ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكرأولوا الألباب . الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق . والذين يصلون ما أمر الله . به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب . والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار . جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملالكة يدخلون عليهم من كل باب . سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) .

5 – ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) .

6 - ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ) .

7 – ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).

8 – ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللة فسيؤتيه أجرا عظيما ) .

9 –( لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا . ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ).

10 – ( يا الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبرمقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ).

ثالثا : ورد التفكر :

ويتكون من عشر آيات قرآنية هى :

1– ( إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التى في تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لايات لقوم يعقلون ) .

2 – ( إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب . الذين يذكرون اللة قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ).

3 – ( إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ويخرخ الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون. فالق الأصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم . وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا به ا فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون . وهو الذى أنشأكم -من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون .-وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لايات لقوم يؤمنون).

4 – ( إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) .

5– ( هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون . إن فى اختلاف الليل والنهار وما خلق الله فى السموات والأرض لايات لقوم يتقون ).

6 – ( الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الايات لعلكم بلقاء ربكم توقنون . وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون . وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفصل بعضها على بعض فى الاكل إن فى ذلك لايات لقوم يعقلون ).

7- ( وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون . وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون . وعلامات وبالنجم هم يهتدون )

8 – ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا اخر فتبارك اللة أحسن الخالقين) .

9 –( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيفق وحمر محتلف ألوانها وغرابيب سود . ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور )

10 – ( الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا !أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما ) .

رابعا : ورد المراقبة :

وتشتمل عليه عشر آيات قرانية هى :

1- ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين . وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون . وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون . ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) .

2 –( وما تكون فى شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا اكبر إلا فى كتاب مبين ) .

3- ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار . له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )

4- ( وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون . وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين ) . 5 – ( يا بنى إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموات أو فى الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير . يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ).

6 –( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصارم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون . وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكنم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين ) .

7 – ( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) .

8 -- ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ك ) .

9 – ( ألم تر أن الله يعلم ما فى السموات ومافى الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم )

10 – ( وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) .

خامسا : ورد الإخلاص :

ويشتمل عليه عشرآيات قرانية هى :

1 –( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون . قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون ) .

2 – ( يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا . إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا . إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما . مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) .

3 – ( إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين . وحاجه قومه قال أتحاجونى فى الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون ، وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله مالم ينزل به عليكم سلطانا فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون . الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )

4 – ( قل إننى هدان ربى إلى صراط مستقيم . دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين . قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين . لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين . قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بماكنتم فيه تختلفون ) .

5 – ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .

6 – ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخصا له الدين . ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فية يختلفون إن الله لايهدى من هو كاذب كفار . لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق مايشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) .

7 – ( قل إنى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين . قال إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم . قل الله أعبد مخلصا له دينى . فاعبدوا ما شئم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين . لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون ) .

8 – ( هو الذى يريكم اياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب . فادعوا الله محلصين له الدين ولو كره الكافرون ) .

9 – ( الله الذى جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين . هو الحى لا إله إلا هو فادعوه محلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .

10 – ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) .

سادسا : ورد الإيمان :

وتشتمل عليه عشرآيات قرانية كريمة هى :

1 – ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين . الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر

عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم . إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) .

2 – ( ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن آمنوا بربكم فامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار . ربنا وآتنا ماوعدتنا على رسلك ولا تخذنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد . فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا فى سبيلى وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب ) .

3 – ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم.)

4-( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بماتعملون بصير) .

5 – ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقا فى التوراة والإنحيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم . التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ).

6 –(قدأفلح المؤمنون . الذين هم فى صلاتهم خاشعون . والذين هم عن اللغومعرضون . و الذين هم للزكاة فاعلون . والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون . والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون . والذين هم على صلواتهم يحافظون . أولئك هو الوارثون . الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.)

7 – (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) .

8 – ( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيراً . ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ماوعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما . من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ً) .

9-( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم . إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون) .

10-( فامنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلنا والله بما تعملون خبير . يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) .

وبعد:

فتلك هى الأوراد التى كانت توزع على أفراد الكتيبة ، وهى أوراد كل ورد منها فى موضوع واحد .. وكان الأستاذ المؤسس يفسر هذه الايات ، حتى يحفظها الأفراد عن فهم وتدبر . ولم تكن هذه الأوراد التى ذكرنا هى كل الأوراد التى عرفها نظام الكتائب ،وإنما كانت هناك أوراد كثيرة غيرها مما ذكرنا أسماءها آنفا ومن غيرها كذلك .

ومن مفهوم الجماعة للكتيبة ، أنها مجموعة من الأسر " عشر أسر " أى أربعين فرداً ، وينبغى أن تتم كل كتيبة أربعين أسبوعا ، أى أربعين لقاء وفق منهج خاص ، سنتحدث عنه فيما بعد ، ولأحداث خاصة سنتحدث عنها كذلك .

وفى تاريخ الكتيبة جاء نى وثيقة أخرى مانصه :

" . . .. فالأستاذ(البنا) - رحمه الله - وضع نظام " كتائب أنصار الله " وأشرف على تطبيقه فى العام الدراسي ( 37 9 1 - 38 9 1 م ) . وكان يبيت ثلاث ليال فى الأسبوع : الأحد والثلاثاء والخميس ، كل ليلة مع كتيبة من الكتائب الثلاث . وحاول فى هذه الكتائب أن يوحد الصف الذى يحمل أمانة العمل للإسلام. ووضع رسالة " التعاليم " ليوحد بها فهم الإخوان . ورسالة " المنهج العلمى " ليوجه الإخوان إلى الدراسة ويخرج صفا من الدعاة ، وحدد فى هذا المنهج كتبا وامتحانات ولجانا . ووضع رسالة " المنهج " ، وحدد فيها مراحل العمل وتكوين الكتائب ، التى بدأ نواتها 1937 م ، وأراد أن يصل عدد أفرادها إلى اثنى عشر ألفا " لايهزمون من قلة".

ولكن هذه المشروعات لم تطبق تطبيقا منهجيا دقيقا فى كل أجزاء القطر ، وكانت خطوات الإخوان فيها أقصر من آمال المرشد ، وبقيت هذه المشروعات آمالا فى الصدور ووثائق تبين مراحل السير.

هذا هو مفهوم الكتيبة فى جماعة الإخوان المسلمين ، وهذا هو تاريخها القديم ، لكن نظام الكتائب قد استمر فى الجماعة ، ودخله كثير من التطوير النابع من الممارسات ومن الظروف المحيطة بالجماعة ، وظل كذلك سنين عديدة . ومن خلال تاريخ الكتيبة وماحدث لها من تطويرنتحدث فى الصفحات التالية ، عن أمور تتمم الصورة ، وتوضح أبعادها ، فيما يتصل بالكتيبة كوسيلة من وسائل التربية ، فنتحدث عن :

أهداف الكتيبة ، وآ دابها وشروطها ، وبرنامجها، وأميرها ومن يساعده ،


3 - أهداف الكتيبة

تستهدف الكتيبة كوسيلة من وسائل التربية ، أن تحدث تكاملا فى بناء الشخصية الإسلامية للفرد ، بطبعه بطابع التقرب إلى الله بطاعته ، وبطابع الجهاد الذى يبدأ بجهاد النفس والهوى والدعة والراحة ، ليؤهله هذا وذاك لحمل أعباء الدعوة إلى الله ، والعمل للإسلام فى ظل ظروف سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية ، ضاغطة على الإسلام تريد إخماله ، ومعادية له تريد القضاء عليه وعلى المتمسكين به ، ومواجهة هذه الضغوط وتلك التيارات تحتاج إلى مؤمنين صادقين يستأهلون ، أن ينزل عليهم نصر الله ، قال تعالى : ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) .

ولابأس أن نسرد من أهداف الكتيبة مادلت عليه الممارسة عبر تاريخ الجماعة فنقول :

أولا : العناية بالجانب الروحى فى الأفراد ، بتنمية هذا الجانب وتربيته بالعبادة والذكر والدعاء ، وكل ما من شأنه أن ينقى هذه الروح من الشوائب والأوضار ، ويعيد إليها الصفاء والنقاء اللازم لها فى هذا الطريق .

ثانيا : تقوية الصلة بالله سبحانه عن طريق التنفل وقيام الليل ، فإن هذا هو الذى يؤهل للنصر فى الدنيا ، ولرضى الله فى الاخرة ، روى البخارى بسنده عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله T : " من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى مما افترضت عليه : ومايزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ، وإن سألنى أعيطيته ولئن أستعاذنى لأعيذنه " .

ثالثا : عقد مزيد من الروابط والصلات بين الإخوان ، لدعم معنى الأخين فى الله والحب فيه ، عن طريق المشابهة فى جهاد النفس والإقبال على التعبد والذكر .

رابعا : إحياء معنى الجهاد والمجاهدة فى نفوس الإخوان ، لأنه لا إيجابية للمسلمين ، ولاقدرة لهم على التحرك بدينهم نحو أهدافه ، ولاقدرة لهم على مواجهة التيارات المعادية للإسلام فكرا وثقافة وسياسة واحتكارا وتبعية واحتلالا ، إلا بأن يستيقظ فيهم روح الجهاد والمجاهدة ، ( وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ) فالجهاد فريضة مكتوبة على المسلمين القادرين ، لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ( أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون ) ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) .

خامسا : دعم روح التضحية والعطاء والبذل فى الاخ ، التضحية من أجل ، الدين بالوقت والمال والراحة ، وتعويده على حياة خالية من الترف والنعومة والدعة ، ليتأهل لحمل عبء العمل للإسلام . سادسا : إكمال تربية الاخ بدمجه فى كل وسائل التربية فى الجماعة ، عن طريق الممارسة العملية لهذه الوسائل ، بل معايشة كل خطوة من خطوات الترببة فى كل وسيلة من هذه الوسائل .

سابعا : تزويد الإخوان بالعلم والمعرفة وحفزهم على القراءة والاطلاع ، فقد وضع الإمام المؤسس لإخوان الكتائب " رسالة المنهج العلمى " التى تضم مجموعة جيدة ؛ تارة من الكتب المتعددة العلوم والمعارف ، لينهل منها الاخ ويتزود بكل ما يلزمه من زاد للسير فى طريق العمل الإسلامى الطويلة . وكانت هذه الرسالة مشتملة على اختبارات يؤديها الأخ يؤكد بها استيعابه لهذه الكتب المختارة ، ولذلك كان عدد كبير من دعاة الإخوان ممن تثقفوا فى ظل الكتائب الإخوانية .

ثامنا : تعويد الإخوان على محاسبة أنفسهم بأنفسهم قبل أن يحاسبهم ربهم على أعمالهم ، وذلك أن أمير الكتيبة يوزع فيها كشف لمحاسبة النفس - على كل عضو من أعضاء الكتيبة أن يطبقه على نفسه كل يوم طيلة الأسبوع - وكان هذا الكشف معدا إعدادا جيدا ، بحيث يكتفى الأخ بأن يعبئ خاناته وأنهره ليجد خيرا فيحمد الله ويستزيد ، أ ويجد في ذلك فيستغفر الله ويتوب ويفعل الخير.

تاسعا : تعويد الإخوان على الطاعة والانضباط ، فالحضور فى وقت معين ، والطعام فى وقت معين ، والنوم له وقت ، واليقظة لها وقت ، والشبع له نظام ، والصبر له نظام ، وتلك وسائل هامة فى ضبط السلوك و تربيته .

عاشرا : الإسهام فى تكوين جيل من الإخوان القياديين ، الذين ربوا هذه التربية الخاصة ، ليتأهلوا لحمل مسئولية العمل فى الجماعة ، كل فيما يناسبه من المسئوليات ، ولينطلقوا فى تربية الصفوف التى تليهم من الإخوان ، حتى تتواصل الحلقات ، وتتم عملية التوريث للعمل الإسلامى من جيل راشد متصل بالله إلى الجيل الذى يليه بعون من الله وتوفيق .

4 - أركان الكتيبة وشروطها وآدابها

لاشك أن الكتيبة أركانا تلتقى كثيرا مع أركان الأسرة ، لأن الكتيبة فى حقيقتها مجموعة من الأسر " عشر أسر " وقد تحدثنا فيما سلف عن أركان الأسرة وقلنا إنها ثلاثة :

1 - التعارف .

2 - والتفاهم .

3 - والتكافل .

وهى هى نفس أركان الكتيبة ، بل هى أركان كل تجمع إخوانى للجماعة ، إذ لابد أن يكون هذا التجمع على أى مسمى تجمعا مستوفيا للتعارف والتفاهم والتكافل بالتفصيل الذى تحدثنا عنه فيما سبق من أركان الأسرة .

وقد جاء فى إحدى أوراق الجماعة فى هذا الصدد مانصه : " . . .. والجماعة العاملة لكى تستطيع مقابلة هذا الشر والسير فى طريق الحق لابد لها من توفر ثلاثة أمور:

1ـ أن تكون أولا فاهمة دينها فهما جيدا مؤمنة به إيمانا عميقا .

2 - أن يكوت صف الحاملين منتظما والتعارف بينهم كاملا ، يشيع الثقة فيما بينهم على أساس من التناصح والطاعة فى المعروف .

3 -أن يقوم التعاون بين العاملين على أساس إسلامى عملى ، يحمل فيه الفرد أعباء الجماعة ، وتحمل الجماعة أعباء الفرد ، ويحملون جميعا أعباء الدين ، فلا تكون قضية الايمان دعوى لسان وخطابة ، وإنما يأخذ الإيمان صوره العملية فى حياة الفرد والجماعة .

فهى إذن قضايا ثلاث عبر عنها الأستاذ - رحمه الله - بثلاث كلمات : الفهم والمؤاخاة والتكافل 000 وربما زيد على هذه الاركان بالنسبة للكتيبة - من خلال متابعة الأوراق والوثائق -:

4 - الطاعة والأنضباط فى كل شئ.

5 - الإعداد الجهادى ترقبا لساعته .

6 - قوة الصلة بالله عن طريق الاجتهاد فى العبادة .

7 - الاستعداد لتحمل أى عبء من أعباء العمل الإسلامى ، أو أعباء العمل فى داخل الجماعة .


أما شروط الكتيبة فمن أهمها مايلى :

1- أن يكون العضو فيها قد استوفى شروط العضوية فى أسرة وأن يكون منضما لأسرة عاملة .

2ـ أن يواظب على حضور الكتيبة ، وأن ينتظم فى هذا الحضور ، حتى ينهى برنامجها على المدى الزمنى المتفق عليه - وكان هذا المدى - أربعين أسبوعا - لإيتخلف عن واحد منها إلا لعذر مقبول

3 - أن يجتاز الاختبار بنجاح فيما كلف به من دراسات وبحوث ، بحيث يكون مستعدا بعد انقضاء هذا الشوط ، أن يورث العمل لسواه ، وأن يشرف على غيره فى مجال العمل الإسلامى والعمل الإخوانى .

4 -أن يواظب على التعامل مع كشف " ورد " المحاسبة فيحاسب نفسه فى نهاية كل يوم على ما قدمت يداه من عمل للإسلام وللدعوة ، خلال هذا اليوم ، وأن تكون لديه الإرادة والقدرة على تحسين عمله وتجويده وجعله مخلصا لله سبحانه .

وأما آداب الكتيبة فمنها مايلى :

1 - استحضار النية ، وحضور القلب ، وخشوع الجوارح ، من أجل الحصول على رضا الله سبحانه بالتوجه إليه فى كل قول أو عمل .

2 - الشعور المستمر فى أثناء الكتيبة بمراقبة الله لكل ما يدور فيها ، وبأن الملائكة تغشى هذا المجلس وتباركه لأنه مجلس علم وذكر .

3 - دوام التفكر والتدبر لكل دعاء ، يقال فى الكتيبة ، فرديا كان أم جماعيا ، وحسن الاستماع والتأمل فى كل تلاوة قرآنية تقرأ أو تسمع ، ولكل كلمة توجيهية يتحدث فيها متحدث .

4 - الجدية لأن ممارسة أعمال الكتيبة واستحضار معنى الجهاد والمجاهدة وتهذيب النفس والجوارح ، وتقبل كل نصيحة أو توجيه أو طلب بقبول حسن ، وأحتساب للأجر والمثوبة عند الله سبحانه .

5 - الانضباط فى كل أعمال الكتيبة ، بدءا من التجمع من أجلها ، وانتهاء بالانصراف بعد الانتهاء من أعمالها ، ومرورا بكل متطلب من متطلباتها كالنوم و اليقظة والطعام والشراب وأداء الوظائف . مع الالتزام التام بكل مايساعد على أن تؤدى الكتيبة أعمالها وتحقق أهدافها.

6 - عدم الإكثار من الطعام أوالشراب خشية الخمول أوالكسل ، وتدربا على ضبط النفس والشهوة وفق حاجات الكتيبة ومتطلباتها ، وعدم الإسراف فى الراحة والدعة ، ونذكر أن أعضاء الكتائب الأولى " كتائب أنصار الله " كانوا ينامون ووسائدهم أحذيتهم ، وفراشهم الأرض ، وكان الأستاذ المؤسس يفعل ذلك ، متواضعين لله راغبين فى تهذيب مطالب النفس والبدن .

7 - ترك المزاح والثرثرة للمحافظة على هذا الجو الروحانى ، المفعم بالتعبد والذكر والدعاء - على ما فى المزاح والثرثرة من سلبيات - وعدم الكلام إلا بإذن ، وعدم رفع الصوت عند الكلام وحسن الاستماع .

8 - من المسلم به بين جماعة الإخوان المسلمين ، أن الكيوف ممنوعة محظورة

لايقارفها واحد من محبى الجماعة فضلا عن أعضائها . ولكن إخوان الكتيبة عليهم ما هو أكثر من ذلك ، عليهم الامتناع عن تناول الشاى والقهوة ، لأنها تمت إلى تلك الكيوف بسبب بل بأسباب ، والأصل فى عضو الكتيبة أن يكون أكثر بعدا عن كل ما فيه شبهة ، وأكثر قربا من كل ما يجعله قوى الإرادة ، متحكما فى شهوات نفسه وبدنه ، متعاليا على تلك العادات التى سرت فى المجتمعات المسلمة ، فأفسدت وأضرت فى كثير من الأحيان .


5 - برنامج الكتيبة

المقصود بالبرنامج : هو المحتوى الذى يجب أن يشتمل عليه اجتماع الكتيبة ، بحيث يمثل هذا الذى سنذكره الحد الأدنى من هذا المحتوى ، ومن اتسع به الوقت فزاد فقد زاد من الخير - أما من نقص عن هذا ، فإن عليه أن يجاول استكمال ما فاته بعون من الله .

وبرنامج الكتيبة يجب أن يشتمل على النقاط الاتية :

1- صلاة فريضة المغرب فى جماعة ، ثم تناول الإفطار معا دون إسراف فيه ، والبدء بصلاة المغرب فيه من الضبط فى التوقيت مافيه ، فضلا عن البركة والرضى من الله حين يكون الاجتماع على عبادة الله سبحانه . فإن لم يكن هناك اتفاق على صيام ، فالأفضل ، البدء بصلاة العشاء لدقة الانضباط فى التوقيت .

2 - كلمة الافتتاح من أمير الكتيبة ، أو من يكلفه الأمير من أعضاء الكتيبة ، ويستحسن أن تشمل هذه الكلمة على عظة ، وتذكير باداب الكتيبة وأهدافها .

3 - تلاوة القران الكريم ، قارىء يتلو ويسمع الباقون ، وقدر التلاوة جزء من القران على الأقل . ويمكن أن يقرأ كل واحد فى مصحفه أو من ذاكرته جزءا من القرآن ، بصوت يسمعه القارئ ولا يزعج من بجواره ، ولو وزع القران كله على عدد أعضاء الكتيبة فختموا القران كله فى هذه الليلة لكان ذلك أكثر بركة للمجلس حيث قرئ فيه القران الكريم كله .

4 - تلاوة الوظيفة الكبرى " المأثورات " كل على حدة ، إلا إذا دعت ضرورة لتلاوتها فى جماعة .

5 - قيام جزء من انليل .

6 - التهجد ببعض الركعات قبل الفجر بوقت كاف ، وهذه الصلاة يؤديها كل فرد وحده ، وتكون القراءة فيها بصوت لإيشغل الاخرين .

7 - الاستغفار والذكر والدعاء .

8 - درس فى تفسير بعض آيات القرآن الكريم ، ويا حبذا لو كانت آيات فى موضوع واحد ، كا سبق أن أسلفنا فى أوراد المعرفة والتأمل والإيمان وما إلى ذلك . بعد توزيع الورد على الإخوة .

9 - درس فى السيرة النبوية لأخذ العبرة والأسوة .

10 - كلمة فى تاريخ الدعاة والدعوات ، للوقوف من خلالها على إيجابيات العمل للدعوة وسلبياتها .

11 - كلمة فى التربية والتكوين والإعداد للأفراد ، يتحدث فيها أحد الإخوة أصحاب الباع فى هذا المجال .

12 - كلمة فى ختام اللقاء يلقيها أمير الكتيبة ، أو من ينيبه ، يؤكد فيها على معانى الأخوة والحب فى الله والعمل والجهاد فى سبيله . ثم دعاء ختم المجلس بالمأثور من الدعاء .

13 - تقويم الكتيبة :

وهو جزء متمم لبرنامج الكتيبة ،لايجوز أن يتخلى عنه أبدا ؛ لأن أى عمل بغير تقويم جدير بألا يحقق أهدافه . . وعناصر التقويم المطلوبة فى هذا المجال هى :

1- مدى ملاءمة الزمان للكتيبة .

2 - مدى ملاءمة المكان للكتيبة .

3 - مدى استجابة من بلغوا للحضور .

4 - مدى ما كان فى اللقاء من انضباط فى :

أ - الحضور والانصراف .

ب - النوم واليقظة .

جـ ـ طرح الأسئلة .

د - المشاركة فى الحوار.

هـ - اتباع آداب الحديث والاستماع .

5 - مدى الإقبال على العبادة والذكر.

6 - مدى الطاعة والالتزام عند الأعضاء .

7 - تحقيق أهداف الكتيبة .

8 - تحقيق أركانها وشروطها وادابها .

9 - استيعاب برنامجها للمحتوى المطلوب من كل برنامج .

10 - مدى الرغبة فى الإيجابية والحماس للمشاركة فى أعمال الكتيبة .

ويقوم بهذا التقويم أمير الكتيبة ومن يساعدونه ، وربما شارك فى هذا التقويم جميع أعضاء الكتيبة. وهدف هذا التقويم أمران :

1- التعرف على الإيجابيات ، لحمد الله سبحانه والاستزادة من هذا الخير والتوفيق

2 - التعرف على السلبيات من أجل استغفار الله سبحانه ، وعقد النية والعزم على تلافى التقصير والخلل الذى أسفر عنه التقويم .

وعلى الأمير أن يعد عن الكتيبة تقويم عاما يضمنه ما لوحظ فى عناصر التقويم منه أو من الأعضاء ، ثم يسلمه إلى المسئول للاستفادة به فى المستقبل .


6 - أمير الكتيبة ومساعدوه

أمير الكتيبة : هو الأخ الأكبر والأقدم فى الجماعة بين إخوانه الذين يحضرون الكتيبة ، وكانت العادة تجرى فى الجماعة على أن يكون أمير الكتيبة هو أقدم نقباء الأسر المشتركة فى الكتيبة ، وعدد هذه الأسر كان فى الغالب عشرة ، أى أن أمير اكتيبة يختار من بين عشرة نقباء ، بحيث يكون أقدمهم وأقدرهم أكثرهم فقها للدعوة بناء على هذه الصفات .

وأمير الكتيبة : هو الذى يدير الكتيبة ، وقد ينيب لمساعدته واحدا أو أكثر فى إدارة الكتيبة على النحو التالى :

1- مساعد لتأمين الاحتياجات المادية من طعام وشراب وفراش وسائر مايلزم الكتيبة .

2 - مساعد لتولى الجانب الروحى العبادى فى الكتيبة ، يوجه الأعضاء ويبصرهم بما يجب أن يكون .

3 - مساعد لتولى الشئون التثقيفية ، كدرس التفسير لأحد الأوراد ، ودروس السيرة النبوية . ودرس تاريخ الدعوة والدعاة ، وإدارة الحوار والمناقشة ، وتحديد الكتب والدراسات التى يجب أن يقوم بها الأعضاء .

4 - مساعد للحراسة والأمن ، إذا كان مكان اجتماع الكتيبة فى الصحراء ، أو إحدى المزارع أو الغابات ، يتولى ترتيب هذه الأمور بالتناوب بين بعض الأعضاء.

5 - مساعد لشئون المال وجمع الاشتراكات من الأعضاء ، والإنفاق منها على كافة الاحتياجات .

ولا مانع أن ينحصر عدد المساعدين فى اثنين أو ثلاثة ، ولكن غير المستحب أن يكون أمير الكتيبة هو الذى يتولى جميع الأمور ، فإن هذا فضلا عما فيه من ارتباك ، فإنه يحرم الأعضاء من التدرب على الأعمال الضرورية الهامة فى الجماعة .

ولأمير الكتيبة ومساعديه حقوق ، كما أن عليهم واجبات نتحدث فيها على النحو التالى :

أ – الحقوق :

1- السمع والطاعة فى غير معصية .

2 - التوقير والحب والإحترام .

3 - المعاونة فى كل مايطلب .

4 - الاسئذان عند الكلام وعندالانصراف .

ب - الوا جبات :

1- حسن اختيار الأعضاء وفق الشروط التى تحدثنا عنها انفا .

2 - حسن اختيار المكان والزمان .

3 - حسن اختيار المساعدين

4 - حسن التعامل مع الأعضاء ببشاشة وجه ، وحلاوة لسان وإضمار حب ومودة

5 - عدم إرهاق إخوانه أو تكليفهم بما لا يطيقون .

6 - قبول النصائح بصدر رحب وعقل متفتح طمعا فى الوصول إلى ماهوأحسن .

ومن آهم واجبات أمير الكتيبة أن يديرها على النحو التالى أو قريبا منه :

1- يبدأ معهم بالصلاة ويؤمهم إن كان أقرأهم .

2 - يتناولون طعام الإفطار بعد صلاة المغرب ويكون إفطارا خفيفا ، ويقرأون الوظيفة الصغرى .

3 - يعطيهم كم فسحة من الوقت للتذاكر والتسامر والحديث الحر المنظم فى شئون الدعوة .

4 - يصلون العشاء والسنة ويؤخرون صلاة الوتر .

5 - تحدد ساعة للنوم بعد العشاء ، يلتزم بها كل الأعضاء .

6 - تحدد ساعة للاستيقاظ من النوم ، والأفضل أن تكون بعد منتصف الليل بوقت يسمح بتنفيذ محتوى البرنامج ويتوضأ الأعضاء ويصلون فرادى .

7 - يستمعون إلى قارىء القرآن ، أو يتلو كل واحد منهم على حدة جزءا على الأقل .

8 - يستمعون إلى درس فى تفسير القران الكريم .

9- يعاودون الصلاة فرادى لفترة محددة ويوترون بعدها .

10- تخصص فترة ما قبيل الفجر للاستغفار والاجتهاد فى الدعاء والإلحاح على الله بطلب النصر .

11 - تؤدى فريضة الفجر وتختم الصلاة ويقرأون الوظيفة الكبرى .

12 - يستمعون إلى درس فى السيرة أو تاريخ الدعوة والدعاة ، مع التدبر فى كل ما له علاقة بتربية الأفراد وإعدادهم للعمل الإسلامى .

13 - تناولون إفطارا خفيفا كذلك .

14 - يختمون اللقاء بدعاء اختتام المجلس والاستغفار ، وينصرفون فى نظام ودقة حسب توجيه المسئول ، وحسب مقتضيات الظروف .

الوسيلة الثالثة : الرحلة

1- مكانتها بين وسائل التربية

هى وسيلة تربوية كذلك متممة للوسائل التى اتخذتها الجماعة فى تربية الأفراد ، ولكنها كالكتيبة تغلب عليها التربية الجماعية ، وفيها يتاح للمشاركين حرية فى الحركة والتريض والتدريب والصبر على بذل الجهد وتحمل الجوع والعطش ، بمقدار لا تسمح به ظروف لقاء الأسرة ولا ظروف لقاء الكتيبه .

وإذا كانت الأسرة والكتيبة ، يعنى فيهما بإنضاج الجوانب الروحية والعقلية والنفسية والاجتماعية ، بأكثر مما يعنى بالجانب البدنى الجسدى فى الفرد أو المجموعة ، فإن الرحلة هى التى يعنى فيها بهذا الجانب البدنى الجسدى بأكثر من غيرها من وسائل التربية الإخوانية ، ولذلك ، قلنا : إن الرحلة وسيلة تربوية متممة لوسائل الجماعة فى التربية .

والرحلة ضرورية لإيجاد الجو الاجتماعى الإخوانى الذى تسوده القيم الإسلامية والانضباط الجسدى البدنى طيلة يوم كامل ، يحيا فيه المشاركون فى الرحلة حياة إسلامية عملية .

وفى الغالب ، تكون الرحلة مرة كل شهر ، وأغلب ماتكون من صلاة الفجر إلى صلاة المغرب. والأصل فى الرحلة أن تكون لعدد من الأسر الإخوانية ، وقد تكون لمجموعة من المنضمين انضماما عاما أو أخويا . والمكان الملائم للرحلة ، هو المكان الخلوى صحراويا كان أو ريفيا ، بشرط أن يكون بعيدا عن المدينة وأن يرتحل إليه ، لأن الارتحال وآدابه وإعداد لوازمه مما تستهدف الرحلة - كوسيلة تربوية - أن تحققه فى المشابهين فيها .

وتتنوع الرحلة من حيث المشاركون فيها إلى أنواع :

أ - رحلة للإخوان العاملين ، أو الذين في سبيلهم إلى الانضمام بنوعيه العام والأخوى.

ب - رحلة لعائلات الإخوان ، دعما للتعارف بين هذه العائلات والتواد والتحاب فى الله ، لتستطيع العائلة أن تواكب عائلها فى مجال العمل الإسلامى ، ولا يحدث أنقطاع نفسى أوعقلى بين عائل الأسرة وأفراد أسرته ، من حيث الاهتمام والممارسة العملية للحياة الإسلامية . لكن من المحتم فى هذه الحالة مراعاة النواحى الشرعية بدقة ، بحيث لا يحدث اختلاط بين الرجال والنساء ، أو الفتيان والفتيات ، إلا ما تقضى به ضرورة شرعية كذلك .

والأصل أن يكون لهذه الرحلة العائلية مشرفان أحدهما رجل للرجال ، والثانية امرأة للنساء .

جـ - رحلة لأبناء الإخوان فى الأعمار المتقاربة بإشراف أحد الإخوان .

د - رحلة لبنات الإخوان فى الآعمار المتقاربة بإشراف إحدى الأخوات .

هـ - رحلة للدعاة من الإخوان ، حيث يقسمون إلى مجموعات ، لتغطية احتياج قطاع كبير من البلاد إلى الدعاة . وقد مارس الإمام المؤسس هذا النوع من الرحلات وحده حينا ، ومعه بعض إخوانه الدعاة حينا ، ووجه بعض الدعاة إلى ذلك حينا ثالثا - كما كان يحدث فى العطلة الصيفية للدعاة من الطلاب .

وقد واكبت الرحلة تاريخ الجماعة منذ زمن باكر ، ولجأت إليها الجماعة كوسيلة من وسائل إعداد الجسم والنفس والروح فى كل مرحلة من مراحل تاريخ الجماعة ، وعلى كل مستوى من مستويات المشابهين فى الرحلة .

وللرحلات فى الجماعة تاريخ لابد من ذكره :

تحدثت إحدى الوثائق عن الرحلات فجاء فيها : " كان مما اشتملت عليه حجر المركز العام ( فى دار شارع الناصرية ) حجرة صغيرة لفرقة الرحلات - وكان يرأس فريق الرحلات الطالب : محمد أحمد سليمان بكلية الطب - والذى أذكره أننا جميعا كنا أعضاء فى هذا الفريق ، وكنا نلبس الملابس اخاصة به فى المناسبات - وكانت هذه الملابس تشبه ملابس ركوب الخيل فهى قميص " كاكى " وبنطلون " كاكى " طويل بمنفاخ . ..

ويخيل إلى أن الأستاذ المرشد رسم فى ذهنه صورة لوسائل إبراز حقيقة الدعوة الإسلامية ، فوجد أن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود مظهر للقوة البدنية ، ولم يستطع التعبير عن هذا المظهر فى ذلك الوقت كما لم تسعفه الوسائل إلا بتخصيص حجرة من حجرات المركز العام - وإن كانت أصغرها - لهذا النشاط ووضع على بابه لافتة باسم لهذا النشاط .. وإن ظلت هذه الحجرة مغلقة دائما أو مايقارب الدوام . كما أنه أراد فى دار شارع الناصرية ، أن يعبر عن معنى الجهاد فى الفكرة الإسلامية فكلف نجارا - بإرشاد من أحد العسكريين - بصناعة أنموذج لبندقية ، وكان هذا الأخ العسكرى يدربنا فناء الدار على استعمال البندقية فى مختلف الظروف والأوضاع بهذا الأنموذج الخشبى .

فلما تم الانتقال إلى الدار الجديدة فى العتبة ، ووجدت السعة ووجد الشباب ،تطلع إلى الحركة والنشاط ؛ رأى الأستاذ الفرصة مواتية لإبراز الصورة التى فى ذهنه إبرازا أوضح ، فطور فريق الرحلات إلى فريق الجوالة .

والصورة التى رسمها الأستاذ فى ذهنه منذ قام بدعوته فى الإسماعيلية من هذا الجانب من نشاط الدعوة لم تكن هى فريق رحلات أو فريق جوالة وإنما كانت فريقا عسكريا يحقق فكرة الجهاد فى الإسلام ، إلا أن الرجل وقد اتاه الله الحكمة (ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراكثيرا ) لم يكن يؤمن بالطفرة ، بل كان يؤمن بالتطور وبأنه قانون الحياة ، ولابد للدعوات أن تخضع لقوانين الحياة إذا هى أرادت أن تشق طريقها - ولم يكن الرجل يتجاهل ماحوله ولا يتعامى عما بين يديه فتدرج بالصورة التى فى خاطره تدرج الأم بمولودها " .

ولقد استمرت الرحلة فى تاريخ الجماعة حتى بعد أن أنشئ فريق الجوالة وأخذ شكله الرسمى الذى اعترفت به جمعية الكشافة المصرية . وكانت برامج الرحلات تتنوع بتنوع المشاركين فيها .


2 - أهداف الرحلة

للرحلة أهداف فردية - بالنسبة للفرد - وأهداف عامة يمكن أن نشير إليها فيما يلى :

أولا : الأهداف الفردية :

أ - التريض وما يترتب عليه من تقوية البدن ، والترويح عن النفس بإذهاب الرتابة الناتجة عن اتخاذ مكان بعينه ، لعقد الاجتماعات غالبا ما يكون هذا المكان بيتا من البيوت .

2 - التدرب على الانضباط فى الحضور والانصراف بدقة لإدراك الركب ومشاركته فى الذهاب والعودة . 3 - الاستعداد للرحلة وما تتطلبه من معدات وأمتعة شخصية .

4 - المشابهة فى الترفيه عن النفس والجسم لتجديد النشاط والتعود على العمل الجمعى المنظم . 5 - التدرب على بذل الجهد البدنى ، وتحمل الجوع والعطش والصبر على شهوات النفس والبدن فى الراحة والدعة والإقبال على الطعام والشراب .

6 - التعود على مشابهة الاخرين والتعاون معهم فى الإعداد للرحلة وفى القيام ببعض الأعباء فيها شحذا للهمم وممارسة لتحمل المسئولية .

7 - التدرب على إدارة رحلة إدارة كاملة ، ابتداء من التفكير فى اختيار المكان والزمان وإعداد المتطلبات ، وانتهاء بكتابة تقرير عنها بعد انتهائها .

ثانيا : الأهداف العامة للرحلة :

1- التعرف الدقيق على الإخوة من خلال التعامل معهم فى السفر والانتقال ، وهذا الجو الطلق المشبع بالحركة والحرية ، لتكوين فكرة عن كل أخ تتناول مايلى

أ - استعداده البدنى .

ب - استعداده النفسى والخلقى.

جـ - استعداده للتعاون مع الاخرين .

د - قدرته على الالتزام والامتثال والطاعة .

2 - تقوية الصلات بين الإخوة ،و طبع هذه الصلات بطابع إسلامى دقيق على مدى يوم كامل ، ليعيش الأخ ممارسة حقيقية لاداب الإسلام وسلوكياته . مثل :

ا - أدب التعامل مع الاخرين .

ب - أدب التعاون والتآزر .

جـ - أدب الطعام والشراب .

د - أدب الصبر وتحمل المشاق .

3 - تعميق الصلات بين أبناء الإخوة ، أو بين بناتهم أو بين عائلاتهم عندما تكون الرحلة لنوعية من هذه النوعيات .

4 - التعرف على قدرات بعض الإخوة فى المجالات التالية :

ا - مجال الإدارة والتنظيم .

ب - مجال الجندية والقيادة .

جـ - مجال الإحساس بأهمية العمل والدقة فى تنفيذه .

د - مجال التغلب على المشكلات التى تطرأ ولم تكن متوقعة .

هـ - مجال ألفة الأخ لإخوانه وألفتهم له - أى أن يكون الاخ محبا لإخوانه ومحبوبا منهم .

5 - غرس قيم معينة تهم الجماعة دعويا وحركيا وتنظيميا ، فى نفس الإخوة المشاركين فى الرحلة ، مثل :

أ - الالتزام والانتماء وما يترتب على كل منهما من تبعات مادية أو أدبية .

ب - السر.ية والكتمان فى عدم إذاعة مكان الرحلة ، أو زمانها ، أو الانصراف منها أو ما تم فى أثنائها ، والمسئول عنها ومن يعاونه .

جـ - الجدية والحماس فى ممارسة أى عمل ، حتى ولو كان تريضا أو ترفيها في إطاره الخارجى ، لأن ذلك هو الذى يطبع الأفراد على الجدية والحماس في الأمور الأكثر أهمية .

د - بث روح الجهاد فى نفوس الإخوان ، لأن الجهاد جهد وصبر وطاعة والتزام

هـ - الدقة والنظام فى توزيع الأعمال والتعاون فى كل مايحتاج إلى تعاون .

و - الحب والإيثار ، وذلك بتقوية رغبة كل واحد من المشاركين فى الرحلة فى أن يبذل الجهد ، ويقوم بالعبء الذى يريح به أحد إخوانه ، وألا يستأثر براحة أو طعام أو شراب دون غيره من أعضاء الرحلة ، فعند تبادل هذه المشاعر بين جميع الأعضاء يزداد الحب فى الله بين الإخوة ويحدث التدرب على الإيثار .

6 - تدريب الإخوة على عمل برنامج للرحلة ، وذلك أن الإخوة سوف يقومون برنامج الرحلة التى شاركوا فيها ، ويتعرفون من خلال هذا التقويم على مايلى :

ا - تحقيق الرحلة لأهدافها الفردية والعامة.

ب – ملاءمتها من حيث الزمان والمكان .

جـ - ملاءمة برامجها للأعضاء .

د - مدى مافيها من إيجابيات وسلبيات وبخاصة ماحدث فيها من أخطاء أو تجاوزا ت .

وبالتالى : فإن كل أخ يستطيع على ضوء هذا التقويم ، أن يعد هو برنامج لرحلة تحقق أهدافها جميعا ، وتتلافى ما فيها من قصور أو خطأ أو في تجاوز ، ثم عرض هذا البرنامج المقترح على المسئول للاطلاع عليه وقبوله أو تعديله ثم إقراره .

وتلك خبرة حركية تنظيمية لا تتعلم ولا يتدرب عليها ، إلا فى مجالها العملى وهو الرحلة .

7 - تدريب بعض الإخوة على الأعمال القيادية مثل :

ا- جمع الإخوة فى مكان معين ورمان معين .

ب- توصيل المعلومات والتعليمات فى زمن قصير نسبيا إلى كل من يجب أن تصله المعلومات أو التعليمات .

جـ - الإشراف على المتعاونين فى العمل ، وتحديد عمل كل منهم بدقة ، حتى لا تتداخل الأعمال ولا يتكل بعض المعاونين على بعض .

د - التدرب على اختيار أمكنة معينة صالحة للرحلة إليها ، وتجميع الناس فيها ، وقضاء يومهم بغير متاعب ، وإنما يكون ذلك بارتياد المكان مسبقا والتعرف عليه وعلى ما يحيط به من ظروف .

ومعنى ذلك ، أن تكون هناك قائمة بأسماء الأماكن الصالحة للرحلة . معروفة لدى الأخ المراد تدريبه على ذلك .

ويدخل فى هذا التدريب استخراج التصاريح اللازمة للقيام بالرحلة من الجهات المعنية ، وكيفية استخراج هذه التصاريح ، وهذا إذا كان مكان الرحلة من الأماكن العامة التى تستلزم تصريحا مسبقا.

8 -. تدريب بعض الإخوة على الإدارة المالية للرحلة ، كجبى الاشتراكات ، وشراء اللوازم وادخار بعض المال من الرحلة لصالح الجماعة ، أو لسد أى احتياج يطرأ على الرحلة .

أ9- تدريب بعض الإخوة على أعمال الإسعافات الأولية ، وإعداد مستلزمات هذه الإسعافات لمواجهة أى طارىء يطرأ على أحد أفراد الرحلة ، حيث يسعف فى حينه دون إرباك لبرنامج الرحلة أو مسارها .

10 - تدريب بعض الإخوة على الإصراف على معدات الرحلة ، من أدوات وطعام وشراب لتوزيعها بدقة على الإخوة فى الوقت الملائم والمكان الملائم ، وتحمل المسئولية بالنسبة لأى فرد لم يصل إليه ما يستحقه من هذه المعدات . " أى إعداد خازن أمين " يجيد خزن المعدات كما يجيد صيانتها ، ويجيد توزيعها على أصحاب الحق فيها .

فالجماعة بحاجة إلى تدريب الإخوة على كل هذه الأعمال ، لأن العمل الإسلامى بحاجة إلى ذلك فى كل مرحلة من مراحله ، فلابد من أن تكون الجماعة مستعدة لمواجهة هذا الاحتياج فى أى وقت .


3 -آداب الرحلة وشروطها

لكل عمل فى الإسلام اداب حتى ولو كان تريضا أو لعبا ؛ لأن خلو أى عمل من اداب تحكمه يضيع الفائدة منه ، والرحلة وإن بدا من ظاهرها أخها رياضة بدنية ولعب إلا أنها كوسيلة من وسائل التربية تخضع لآداب وشروط نتحدث عنها فيما يلى :

أولا : اداب الرحلة :

1ـ أن يستحضر كل مشارك فى الرحلة نية العبادة لله فى هذا العمل ، وأن يعد نفسه وقلبه وجوارحه لهذه العبادة .

2 - عقد النية على التقرب إلى الله بهذه الرحلة ، ، لما فيها من تقوية للجسم لإعداده لحمل أعباء العمل الإسلامى كله ، وعلى رأسه وفى ذروته الجهاد فى سبيل الله.

3 - مراقبة الله سبحانه والحشوع له فى كل مايقوم به الفرد من عمل فى الرحلة ، واحتساب ألاجر والمثوبة عند الله فى ذلك كله و لأن تقوية البدن مطلب شرعى ، فالمئن فالمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير . 4 - التقيد الدقيق بموعد الرحلة ومكانها ، دون تبكير ولا تأخير ودون اعتراض على الزمان أو المكان ، مادام الأمر قد وصل إلى حد التبليغ عن المكان والزمان. 5 - الاستجابة السريعة لكل ما يطلب من عضو الرحلة أن بحضره ، من معدات وملابس وطعام وشراب وغير ذلك ، حتى لا يؤخذ عليه تقصير فى أمر من الأمور ، إذ قد ينعكس هذا التقصير على الرحلة كلها فيسئ إليها .

6 - الامتثال والطاعة لكل ما يطلب من عضو الرحلة أن يقوم به من عمل ، مادام ذلك فى غير معصية لله سبحانه ، إذ لا تتم الرحلة على وجهها إلا بهذا الامتثال وتلك الطاعة .

7 - الاجتهاد والمثابرة والجدية فى التعامل مع كل شأن من شئون الرحلة ، صغر هذا الشأن أو كبر ، مع إيثار التعب والجهد على الراحة الدعة .

8 - الإسراع فى مساعدة الآخرين ممن يشاركون فى الرحلة ، والتعاون معهم فيما كلفوا به وإعانتهم عليه ، بل إيثار هؤلاء المشاركين على النفس فى كل عمل من أعمال الرحلة ، مالم يتعارض ذلك مع تكليف خاص .

9 - عدم إحضار أطعمة فاخرة - مهما كانت ظروف الأخ جيدة من الناحية الاقتصادية - وعدم الإقبال الشديد على الطعام والشراب والراحة ؛ لأن هذا يفقد الرحلة هدفها فى غرس صفات الصبر والتحمل فى أعضائها .

10 - اختيار فترات من الرحلة للتفكر والتأمل فى كل مايحيط بالإنسان من عظيم خلق الله ، وبخاصة إذا كانت الرحلة خلوية أو ريفية حافلة بالأشجار والمروعات . 11 - اتخاذ الوقار شعارا للرحلة وعدم الإسراف فى المزاح ، فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقا ، محافظة منا على هيبة المؤمن وجديته .

12 - الالتزام بالحدود الشرعية فى كل أمور الرحلة ، وبخاصة ما يتصل بالسمر والترفيه إذا تضمن البرنامج المعد للرحلة شيئا من ذلك ، لأن كثرة الضحك تميت القلب وتنسى هموم العمل الإسلام .

13 - التفكير فى مقترحات جيدة تزداد بها الرحلة قدرة على تحقيق أهدافها العامة والخاصة ، ويتلافى بها كل سلبية من السلبيات التى يلحظها عضو الرحلة .

14 - المشابهة فى تقويم الرحلة إن كان هناك وقت لجلسة تقويم ، أو الحديث إلى مسئول الرحلة عن تقويمها أو كتابة هذا التقويم وتسمليمه للمسئول .

15 - كتمان أمر الرحلة من حيث مايلى :

زمانها.

ب - مكانها.

جـ - المشاركون فيها .

د - الداعى لها.

كتمان كل ذلك عن أى أخ - فضلا عن غيره - لا يشارك فى الرحلة ، والاقتصار فى التبليغ عنها فى حدود ما كلف به عضو الرحلة من تبليغ سواه .


ثانيا : شروط الرحلة :

1 - يشترط فى كل رحلة أن تحقق الأهداف العامة للرحلة ، وأن يحدد لها أهداف خاصة ، وأن تحقق هذه الأهداف الخاصة كذلك.

2 -يشترط فى الرحلة أصلا -أن تكون للإخوة فى شعبة بعينها ، وبعدأن يتم التعارف الوثيق والصلات العميقة بين إخوان الشعبة عن طريق الكتيبة والرحلة ، فلا بأس من إعداد رحلة للإخوان من شعب متعددة .

3 - يشترط فى العدد المشارك فى الرحلة ألا يكون قليلا ، بحيث يكون عشرين فردا ، وألا يزيد عن خمسين فردا ، حتى ، يمكن تحقيق الفائدة من التجمع ، ولا تضيع فائدة توثيق الروابط إذا زاد العدد عن ذلك ، فضلا عن احتمال عدم ضبط الرحلة وتحقيق أهدافها.

4 - كما يشترط أن تعد رحلة للإخوة فى كل شهر كالكتيبة؛ لأن الإكثار منها قد يضيع المضى فى البرامج الدراسية للأسرة ، والإقلال منها يضيع فائدة كبرى هى أهداف الرحلة التى تحدثنا عنها آنفا .

5 - يشترط فيمن يعد للرحلة أو يدعو إليها أن يكون أهلا لهذا العمل القيم القيادى ، تتمثل أهميته فى أقدميته فى الجماعة ، وفى اشتهاره بالالتزام والانضباط ، وأن يكون قد استأذن المسئول عنه ،أخذ منه الموافقة عليها زمانا ومكانا وأعضاء .

6 - لا توجه الدعوة إلى رحلة ما إلا إلى فرد يكون على مستوى هذه الرحلة من حيث مايلى : برنامجها.

ب - المشاركون فيها .

جـ - ماتستهدفه من أهداف .

ولا يجوز الخلط فى الرحلة الواحدة بين أنواع من المدعوين ، يخشى باجتماعهم ألا تحقق الأهداف لكل منهم .

7 - كل نوع من أنواع الرحلات يجب أن يستوفى العضو المدعو إلى المشاركة فى الرحلة للصفات الواجب توافرها فى أعضاء هذا النوع من الرحلات ، وعلى سبيل المثال ، فهناك أنواع من الرحلات مثل : رحلة لإخوة منضمين انضماما عاما .

ب - رحلة لإخوة منضمين انضماما أخويا .

جـ - رحلة لإخوة عاملين .

د - رحلة لإخوة قياديين .

وكل نوع من هذه الأنواع يشترط فى العضو المشارك فيه صفات معينة ، لابد.. من توافرها قبل دعوته إلى تلك الرحلة .

8 - المعدات المطلوبة من العضو المشارك فى الرحلة تختلف كذلك باختلاف تنوع اخر للرحلات مثل :

أ - رحلة للأطفال بنين أو بنات .

ب - رحلة للكبار باختلاف مستوياتهم التى ذكرنا آنفا .

جـ - رحلة للعائلات .

فكل نوع من هذه الأنواع من الرحلات تلزمه معدات تختلف عن النوع الاخر ، ويجب أن يبلغ بها العضو قبل القيام بالرحلة. بوقت كاف .


4 - برنامج الرحلة ومساره

من صميم برنامج الرحلة الاختيار المسبق للمكان والزمان بل وللأعضاء المشاركين فى الرحلة . ومنه كذلك تكليف أحد الإخوة بتولى مسئولية الرحلة والإعداد لها ، بمعاونة عدد من إخوانه حسب الحاجة .

ومن صميم البرنامج أن يطلب إلى الإخوة المشاركين مسبقا ، إحضار المعدات الخاصة بالرحلة حسب نوعيتها - كما أشرنا آنفا - مع المصاحف والأقلام والأوراق وغيرها ، كذلك الشأن فى الطعام وسائر المستلزمات .

ولتفصيل محتوى البرنامج لابد أن نجعل الحديث عنه ذا شقين : شق يخص البرنامج من حيث محتواه ، وشق يخصه من حيث مساره .

أولا : محتوي البزنامج :

الحد الأدنى الذى يجب أن يشتمل عليه برنامج الرحلة هو مايلى :

1- كلمة الرحلة يلقيها أمير الرحلة أو من ينيبه من الإخوة . وهدف هذه الكلمة هو توضيح الهدف العام من الرحلات ، وهدف هذه الرحلة وبرنامجها .

2 - صلاة الضحى وقراءة قدرالقرآن الكريم ، قارىء يتلو ويستمع الاخرون ، أو يتلو كل واحد من مصحفه بحيث لا يزعج الاخرين أو يشغلهم عن قراءتهم التى يقرأون .

3 - ثم يبدأ التنفيذ العملى للبرنامج .

للبرنامج حد أدنى من الفقرات ما ينبغى أن ينقص عنه ، ومن زاد زاد من الخير بإذن الله - وهذا الحد الأدنى هو :

ا - قدر من ترويض الجسم بالحركة والجرى وبعض التمرينات الرياضية .

ب - قدر من بذل الجهد البدنى الكبير حتى يستفيد الجسم من الحركة والاستمرار فيها .

جـ - صبر على الجوع والعطش وتحمل المتاعب الجسدية التى يستدعيها التريض

د - صبر على تحمل أى مشقة أو مكروه يتعرض له أفراد الرحلة .

هـ - موضوع يتحدث فيه أمير الرحلة أو من ينيبه عنه من الإخوة ، بشرط أن يكون معدا من قبل ، يعقبه نقاش وتساؤل .

و - قدر من التسلية والمسامرة والترفيه عن النفس والبدن .

ز - أداء بعض النوافل كالصلاة والدعاء والذكر والتسبيح والتحميد والتأمل فى خلق الله. .

ح - أداء الفرائض على مواقيتها مهما كانت فقرات البرنامج ، وإتاحة فرصة لأداء السنن وختم الصلاة .

ط - عقد مسابقات رياضية بين الإخوة لتنمية روح التنافس فى الخير.

ى - مدارسة لبعض معوقات العمل، الإسلامى والتفكير فى تخص هذه المعوقات . ك - تدارس لفترة من تاريخ الجماعة لأخذ العبرة والاستفادة فى المستقبل .

4 - جلسة لتقويم الرحلة يشارك فيها الإخوة جميعا ، على النحو الذى تحدثنا عنه فى التقويم والمتابعة ، عند حديثنا عن الأسرة والكتيبة ، بقصد التعرف على الإيجابيات والسلبيات فى الرحلة وبرنامجها بهدف الوصول إلى الصورة الأمثل فيما بعد.

5 - كلمة الختام يلقيها الأمير أو من يختاره لذلك من الإخوة ، بحيث يركز فيها على معانى الأخوة والحب فى الله ، أو على واجبات العمل الإسلامى ومتطلباته ، أو أى موضوع يزيدالأعضاء من الالتزام والانتماء والانضباط .

6 - من صميم البرنامج أن يعد أمير الرحلة تقريرا عن الرحلة يتضمن مايلى :

أ - تحقيق الأهداف العامة والأهداف الخاصة .

ب - المشاركون فى الرحلة ومدى إيجابيتهم فى الالتزام والطاعة والانضباط .

جـ - البارزون من المشاركين وفى أى أنواع العمل برزت قدراتهم وإمكاناتهم .

د- ملاءمة الرحلة زمانا ومكانا .

هـ - مدى قدرة البرنامج على تحقيق الأهداف .

و - السلبيات والأخطاء والتجاوزات التى حدثت فى الرحلة .

ز- مقترحات لتطوير الرحلة أو تحسينها يؤخذ بها فى الرحلات التالية .

ثم يسلم هذا التقرير للمسئول .


ثانياً: مسار البرنامج :

1 - البداية بتحديد مكان للتجمع وساعة معينة له .

2 - الانطلاق إلى المكان المختار بوسيلة المواصلات المتفق عليها.

3 - الوصول إلى المكان ، ثم وضع الأمتعة وعقد جلسة تعارف .

4 - تناول الإفطار بشرط أن يكون خفيفا وأن يكون جماعيا ، يجمع الطعام كله ثم تقسيمه على مجموعات من الأفراد تأكل كل مجموعة على حدة - على أن يتخلل الطعام مزيد من التعارف ، وطيب الكلام. وبشرط أن يحدد الأمير وقتا معينا لتناول الإفطار وألا يزيد عن ثلث ساعة .

5 - صلاة الضحى وقراءة قدر من القرآن الكريم .

6 - التريض والتمرينات والتدرب على بذل المجهود البدنى الشاق نسبيا .

7 - الاستمرار فى التريض فترة لاتقل عن ساعتين قد يتخللهما مسابقات رياضية

8 - الاستعداد لصلاة الظهر وأداء الفريضة وختم الصلاة وذلك عند دخول وقت الفريضة مباشرة . 9 - كلمة حول موضوع مختار معد من قبل تدور بعده مناقشة وأسئلة وأجوبة .

10 - تدارس لفترة من تاريخ الجماعة لأخذ العبرة منها والاستفادة فى المستقبل .

11 - تناول طعام الغداء بشرط أن يكون خفيفا وجماعيا كذلك وفى مدة لاتتجاوز نصف ساعة .

12 - قيلولة مدتها نصف ساعة فقط.

13 - جلسة سمر وترفيه ومسابقات رياضية .

14 - الاستعداد لصلاة العصر وأداء الفريضة فى وقتها وختم الصلاة .

15 - تدارس لبعض معوقات العمل الإسلامى وتصور للحلول وإزالة المعوقات . 16 - عودة إلى التريض والجرى والتمرينات .

17- جلسة للتقويم تنتهى بصلاة المغرب فى وقتها.

18 - كلمة الختام لأمير الرحلة أو من ينيبه .

19 - الاستعداد للرحيل ، وحمل كل عضو لأمتعته مع التخفيف عن الضعيف وإعانته .

20 - الانصرإف فى نظام للعودة من حيث بدأ اللقاء .


5 - أمير الرحلة ومساعدوه

كل مسئول عن عمل من أعمال التربية يجب أن تتوفر فيه الصفات التى تؤهله للقيام : كذا العمل ، وكما تحدثنا عن مسئول الأسرة " النقيب " ومسئول الكتيبة " الأمير " نتحدث الان عما يجب أن يتوفر فى مسئول الرحلة " الأمير " وفى مساعديه ممن يشاركونه فى حمل المسئولية فى الرحلة .

وأمير الرحلة- كغيره من المسئولين - يجب أن يكون على مستوى هذه ا،المسئولية فى توفرصفات عديدة نذكرمنها :

أ - أسبقية وأقدمية فى الجماعة ، مع التزام وحرص أتاح له التمرس بوسائل الجماعة فى تربية الأفراد ، تلك التربية التىتحدثنا عنها آنفا والتى تتطلب العناية والرعاية لكافة جوانب الشخصية فى المتربى .

2 - حسن السمعة والاشتهار بين الإخوان بالالتزام والطاعة وتقوى الله ، وإيثار ماعنده على ماعند الناس .

3 - القدرة على الدعوة والحركة والتنظيم ، وذلك بسعة الثقافة العامة والثقافة الإسلامية والثقافة الإخوانية .

4 - المعرفة الجيدة بإخوانه وبطبائعهم والأساليب المناسبة للتعامل معهم .

5 - الصبر والأناة والرفق وحسن التصرف فى المواقف التى تتطلب حكمة وروية وحفاظا على مشاعر إخوانه وأخوتهم .

6- القدرة على الكشف عن مواهب إخوانه واستعداداتهم ، ورعاية هذه المواهب والإستعدادات والعمل على تنميتها وصقلها بصقال الإسلام فى كل مجال من مجالاتها.

7 - القدرة القيادية التى تتمثل فى أمور ، من أهمها :

ا -أن يكون محبوبا مسموع الكلمة .

ب - أن يكون مهيبا وقورا حازما .

جـ - أن يكون رفيقا ألوفا .

د - أن يكون ذا حكمةوأناة .

هـ - أن يحسن اختيار الأفراد والحكم عليهم.

و - أن يجيد توزيع العمل على الأفراد وفق قدراتهم واستعداداتهم .

ز - أن يكون إيجابيا يشارك إخوانه ،فى العمل ويعد نفسه واحدا منهم بل يعد نفسه أقلهم .

8 - القدرة على إعداد برنامج للرحلة يتصف هذا البرنامج البرنامج بالصفات التالية :

أ - الاستيعاب والتكامل فى مجاله.

ب - القدرة على تحقيق الأهداف العامة والخاصة للرحلة.

جـ - أن يكون فى المشاركين فى الرحلة وفى حدود طاقتهم .

د -أن يكون مرنا قابلا لأن يحدث فيه من تغيير ما تقتضى الظروف أوالاحتياجات حدوثه .

هـ -أن يكون فى كل محتوياته خاليا من أى شىء يتعارض فى قليل أو كثير مع آداب الإسلا م وأخلاقه .

9 - القدرة على تحديد نوعيات من يعاونه فى الرحلة ، وأهم هؤلاء المعاونين :

مسئول "مالى":

يتولى جمع الاشتراكات والإنفاق منها علىمتطلبات الرحلة وتقدير موازنة بين ما جمعه وما أنفقه ، بحيث يحقق فائضا مهما كان قليلا للإلفاق منه فى الطوارئ أو لرده لصندوق الشعبة .

ب - مسئول " !داري " :

يتولى التبليغ عن الرحلة زمانها ومكانها لا المشاركين فيها ، وموعد الحضور والتجمع ومكانه وموعد الانصراف ومكانه ، وتأمين وسائل الانتقال وتحديد الأنسب منها ، وتحديد ساعات العمل والراحة فى الرحلة .

جـ - مسئول "رياضى ":

يتولى تدريب المشاركين والتمرينات الرياضية ، والجرى وبذل المجهود البدنى المطلوب ، وعقد المسابقات الرياضية ، وجلسات الترفيه والترويح عن النفس فى ظل اداب ، الإسلام وأخلاقياته ، وهو المسئول كذلك عن المعدات الرياضية اللازمة للرحلة ، وعن أى عمل تحتاج إليه الرحلة يتطلب جهدا بدنيا أو حركة عنيفة ، كما أن عليه تأمين حقيبة إسعاف للرحلة وإسعاف من نحتاج إلى ذلك .

د- مسئول "ثقافى":

يتولى اختيار الموضوعات التى ستطرح للبحث والمناقشة ، ويختار من يتحدثون هذه الموضوعات ، يحدد لهم الأوقات المناسبة ويكون مسئولا عن إدارة الحوار والمناقشات ، كما يكون مسئولا عن الأذان والإقامة وأداء الفرائض والنوافل وسائر الأمورالتعبدية .

وهؤلاء المئولون المعاونون ينسقون فيما بينهم العمل والوقت وإلاستعانة بالأفراد ، مستهدين برأى أمير الرحلة يشاورونه ويشيرون عليه .

وعند الاقتضاء قد يتولى أحد الاخوة أكثر من مسئولية ، أو قد تتشعب إحدى المسئوليات بين أخوين أو اكثر حسب الحاجة والظروف .

10 –القدرة على توجيه المعاونين لهم أولا بأول ، وحسن متابعتهم في ما يمارسون سمن أعمال. كل ذلك فى أخوة ومحبة ورغبة فى إنجاز العمل على أحسن وجه ، وإنما يكون ذلك بأن يقوم أميرالرحلة بالأعمال التالية :

أ ـ يختار المعاونين مسبقا ــ قبل لبقيام بالرحلة ــ ويعقد لهم لقاء يحدد فيه لكل واحد منهم عمله وواجباته .

ب ـ يفتح لهم مجال التساؤلات عن أى شئ يحتاج منهم إلى استيضاح ، ويجب على كل تساؤل ويوضح كل مهمة ويدعو لإخوانه بالتوفيق والسداد .

جـ ـ مطالبة كل معاون يعد تقريرا عن عمله وما واجهه فيه من مشكلات أو معوقات .

د ـ معايير اختيار الأمير هى نفس معايير اختيار الأمير نفسه ، التى أوضحناها آنفا.

11 - على أمير الرحلة أن يجعل معاونيه يتبادلون الأماكن والمواقع فى الرحلات التالية ، بحيث يتدرب كل منهم على القيام بأعباء المسئولية فى مجالاتها المتعددة ، كما أن عليه أن يختار المعاونين وفق شروط اختيارهم ، بحيث يستوعب أكثر عدد من إخوانه على المدى البعيد .

12 - أمير الرحلة ومساعدوه يكونون دائما فى خدمة إخوانهم ، وفى قضاء حاجاتهم ورفع المشقة عنهم ، وهم الذين يحملون الضعيف ومن اعتراه عارض ، وهذا هو الأصل فى المسئول الراعى لغيره .



الوسيلة الرابعة : المخيم أوالمعسكر

1- مكانته بين وسائل التربية الإخوانية

لكى تتضح لنا مكانة المعسكرات بين وسائل التربية الإخوانية لابد لنا من إشارة تاريخية إلى نشأتها وتطورها عبر تاريخ الجماعة ، فنقول :

تعد المعسكرات فى تاريخ الجماعة امتدادا وتطبيقا لنظام الجوالة ، ولنظام الجوالة فى الجماعة ظروف ، نلم بها على عجل فى هذه الكلمات :

نظام الجوالة فى الجماعة تطور لفريق الرحلات الذى تحدثنا عنه آنفا .

فعند انتقال المركز العام للجماعة إلى " العتبة " حيث الدار الواسعة ، رأى الأستاذ المؤسس أن يبرز معنى الجهاد فى الإسلام فى صورة عملية ، بإعداد الشباب المتعطشين إلى الحركة والنشاط والعمل من أجل الإسلام ، ليكونوا فريقا عسكريا تتحقق على أيديهم فكرة الجهاد فى الإسلام .

ولم يكن من المسموح به فى مصر تكوين فرق عسكرية وإنما كان أقصى ما يسمح به مما هو قريب من هذا المجال ، هو فرق الكشافة التابعة لجمعية الكشافة الأهلية . فاتخذ الأستاذ المؤسس الأسباب لضم مجموعات من الإخوان إلى جعية الكشافة الأهلية ، وكانت هذه الجموع المنضمة من الإخوان إلى تلك الجمعية يطلق عليها " جوالة " والجوال أكبر سنا من الكشاف .

ومنذ ذلك الحين كان للجماعة فرقة جوالة تنتسب إلى هذه الجمعية ، وكان للجماعة نظر وتممحيص فى قانون الكشافة وتعديل لبعض ما فيه مما يتعارض مع القيم الإسلامية ، وأصبح قانون الكشافة على يد جماعة " الإخوان المسلمون " يدعو إلى المبادئ السامية والأهداف النبيلة ، ويدعو إلى الأخوة والمروءة والشجاعة ووالنجدة والإيثار والتضحية ، وهكذا أفاد أفراد الجماعة الذين انضموا جوالة إلى جمعية الكشافة الأهلية جدية وحبا لمعونة الاخرين وشجاعة وتضحية ، فضلا عما وقر فى نفوس كثير من الإخوان من أنه قد أصبح للحق قوة تحميه . تدافع عنه ، قوة منظمة شبه عسكرية.

ومضت فرق الجوالة تكثر ويتعاظم عددها ، حتى أصبح لكل شعبة من شعب الإخوان فريق جوالة يسمى " رهطها " ، له زعيم ومساعد وأمين سر وأمين صندوق ، بل أصبح انضمام الإخوان جميعا إلى فرق الجوالة أمرا مفروضا ، وكان الإمام المؤسس نفسه عضوا فى هذه الفرق ، وكان يرتدى زى الجوالة ، وكثيرا ما كان يتقدم صفوف فرق الجوالة فى الاستعراضات التى تقام فى مناسبات معينة

وظل الأمر كذلك إلى أن وقع الصدام بين الجماعة والملك وحكومته . حيث صدر قرار حل الجماعة عام 1948م ، وتعاون الملك مع الإنجليز مع حزب الأقلية السعديين " فى محاربة الجماعة واعتقال أفرادها ، ثم اغتيال الإمام الشهيد رضوان الله عليه فى فبراير 1949 م .

ولقد نشأ نظام المعسكرات فى الجماعة إتماما لرسالة الجوالة ، لممارسة حياة الجوالة ممارسة عملية فى معسكرات خاصة معدة لذلك تابعة لجمعية الكشافة الأهلية المصرية.

وكانت الجماعة تقيم بين حين وآخر معسكرا تطول مدته أو تقصر حسب ظروف المشاركين فيه من الإخوان ، فإن كانوا طلابا وكان الوقت عطلة المدارس والجامعات امتد وقت المعسكر من أسبوع إلى الصيف كله ، ينتقل إليه الإخوان أفواجا أفواجا من شعب عديدة فى مصر كلها ، وإن كان المشاركون من غير الطلاب كانت مدة المعسكر يومين أو ثلاثة .

وكان لكل معسكر برنامج يخصه يستوعبه الأفراد المشاركون فيه ، ثم يؤدون فيه اختبارا عند انتهاء مدة المعسسكر.

ومن أبرز المعسكرات الإخوانية معسكر أقيم فى الدخيلة - غرب الإسكندرية فى صيف عام 1938 م ورأسه الإمام المؤسس نفسه ، وشارك فيه الإخوة من مختلف أنحاء مصر ، وتم لهم فيه من التعارف والتدريب والتدارس للعمل الإسلامى مع الإمام المؤسس وكبار الإخوان ماحقق فوائد جمة .

وإذا كانت الأسرة تربى تربية متكاملة على فترات متباعدة وفى إشراف مرب جيد هو نقيب الأسرة - كما أوضحنا - ، والكتيبة لها من الأهداف التربوية ماتحدثنا عنه من قبل ، والرحلة تسهم فى عملية التربية على النحو الذى أوضحناه آنفا ؛ فإن المعسكر يضطلع بمهمة تربوية جليلة القدر - سنتحدث عنها بالتفصيل عند حديثنا عن أهدافه – لا تقل أهمية عن الأسرة والكتيبة والرحلة ، بل ربما كانت مهمة المعسكر التربوية لا تتوفر لغيره من وسائل التربية عند الإخوان المسلمين كما سنوضح، .

ولقد استمرنظام المعسكرات معمولا به فى الجماعة يؤدى وظيفته حتى حدث الصراع بين الجماعة وبين جمال عبد الناصر ، حيث تحدى الجماعة تحديا فاق ما كان من الملك والإنجليز واليهود ، فقضى على كل نشاط للجماعة ، وجرم الانتماء إليها ، وهنا توقف نشاط الجماعة وأدخل المنتمون إليها السجون والمعتقلات وأماكن التعذيب والاضطهاد ، وحوربت الجماعة فكرا وعملا وأفرادا ونشاطا حتى لقد بلغ الحقد بعبد الناصر على جماعة الإخوان المسلمين أن اضطهد أعدادا كبيرة من المسلمين غير المنتمين للجماعة للقضاء على كل عمل للإسلام .

وهنا توقف نشاط المعسكرات بينما توقف من أوجه النشاط الذى كانت تمارسه الجماعة .


2 - أهداف المعسكر

تتسع أهداف المعسكر " المخيم " عن أهداف الأسرة والكتيبة والرحلة ، ونستطيع أن نجمل هذه الأهداف فى أصول ثلاثة ، يتفرع عن كل أصل منها فروع .

هذه الأصول الثلاثة هى :

أولا : التجميع .

ثانيا : التربية .

ثالثا : التدريب .

ولنفصل القول ونوضح الفروع فى كل هذه الأصول على النحو التالى :


أولا : التجميع :

ونعنى بالتجميع جمع الناس عموما أو الإخوان خصوصا فى مكان يستوعبهم أياما وربما أسابيع ، ليسهل توجيههم وتوظيف طاقاتهم وتوطيد العلاقات الأخوية الإسلامية فيما بينهم ، ولتأكيد أن فى الجماعة والتجمع على الخير بركة ، ويكفى أن يد الله مع الجماعة .

وهذا التجميع للناس فى المعسكر يتم على مستويات أربعة :

1 - مستوى عام : يجمع فيه أفراد المسلمين بعامة - وليس بالضرورة أن يكونوا منتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين - ممن يلتقون على حب العمل للإسلام ، والإحساس بالظروف التى يمر بها الإسلام فى الزمن المعاصر ، والضيق بالتيارات المعادية للإسلام وما تكيد به هذه التيارات للإسلام وللمسلمين فى حاضرهم ومستقبلهم .

وهؤلاء يجمعون فى المعسكر لترشيد هذا الحب للعمل الإسلامى وتوجيهه وتوظيفه فيما يعود على الإسلام والمسلمين بالخير والفائدة. .

وترشيد الإحساس بظروف الإسلام فى العالم المعاصر ، وتحويله من مجرد التذاكر والتباكى إلى حيز العمل والتنفيذ ، وتوظيف هذا الإحساس بعد تنميته فيما يعود على الإسلام وإلمسلمين بالخير. وتحويل هذا الضيق بالتيارات المعادية للإسلام من هذا الموقف السلبى الذى يكتفى بمجرد الضيق ، إلى العمل الإيجالى الذى ينكر هذه التيارات ويرد على تحدياتها فيبطلها ، ويفكر بنفس الإيجابية فى المستقبل ، وكيف يقوم بناؤه على أرض صلبة قوية نقية من الفتن والدسائس والمؤامرات .

2- مستوى إخوانى خاص : يجتمع فيه الإخوان العاملون أعضاء الأسر المنتظمون من منطقة واحدة حينا ، ومن مناطق متعددة حينا ، لتأكيد الأخوة وتعميق معانى الحب فى الله والاجتماع على طاعته ، وتوثيق التعارف والتفاهم وتقوية رباط العقيدة ، وبيان فضل التآخى فى الله على طريق العمل للإسلام طريق التواصى بالحق والصبر . مع توجيه الإخوان إلى ما يجب أن يكون عليه عضو الجماعة من قوة وجلد وصبر وتحمل وتجمل ، وتبصيرهم بما ينتظرهم فى الدنيا من متاعب ومشقات وعداوات ، ظاهرة ومستترة ، وما يدخر لهم عند الله من أجر ومثوبة بإذن الله تعالى .

3 - مستوى إخوانى قيادى : يجمع فيه إخوة قياديون ثقافيا أو حركيا أو رياضيا من منطقة واحدة أو مناطق متعددة ، لتوجيههم فى مجالات عملهم عن طريق القادة والكبار من إخوانهم ، وتقوية صلاتهم بقيم بقيادة الجماعة غرسا للثقة ودعما للحب فى الله ، وإعطائهم فرصة لممارسة الحقيقية لأدب الجندية - على الرغم من أنهم قادة - ولأدب القيادة والتعامل مع الجنود وما يتطلبه هذا وذاك من أدب إسلامى يتطلب واجبات وتبعات مع إتاحة الفرصة أمام هذه القيادات لتطرح على بساط البحث كثيرا من المعوقات التى يواجها كل منهم فى عمله أو مكانه ، للتفكير فى الأساليب المناسبة القادرة على إزالة هذه المعوقات .

وربما يتفق فى هذا المستوى من المشاركين على خطط عمل فى المستقبل القريب أو البعيد .

4 - مستوى إخوانى قطرى : يجمع فيه - أحيانا - بعض الإخوان من أقطار عربية أو إسلامية متعددة - على مستوى القيادات منهم - لتدارس شئون الجماعة فى تلك الأقطار ، وللتعرف على طبيعة العمل للإسلام فيها ، ولرصد التيارات المعادية للإسلام والمسلمين فى كل قطر من هذه الأقطار ، لوضع الخطط المناسبة لمواجهة أثر هذه التيارات وتذليل العقبات التى تعترض طريق العمل للإسلام .

كما تتبادل الآراء فى تحديد إطارات التعاون بين إخوان قطر بعينه مع إخوان قطر أوأقطار أخرى عملا بالقاعدة الإسلامية النبوية : " .. . والمسلمون يد على من سواهم . .. " . وهذا التجميع لا يتم على وجهه الإيجابى إلا فى جو المعسكرات والمخيمات ، وما تتجه من سعة فى المكان والزمان يعطيها القدرة على استيعاب أكبر عدد من الناس وحسن توجيههم وتحديد أطر التعاون فيما بينهم .


ثانيا : التربية :

- للمعسكر أهداف تربوية لا تتيحها الأسرة ولا الكتيبة ولا الرحلة ، لما أوضحناه آنفا من أن المعسكر يعلم سعة فى الزمان والمكان أكثر من الأسرة والكتيبة والرحلة .

ومن ثم فإن الأهداف التربوية للمعسكر يمكن أن نشير إلى بعضها فيما يلى :

1- صبغ حياة الفرد بصبغة إسلامية خالية من الشوائب على مدى اليوم كله ليله ونهاره ، لفترة تشتمل على عدد من الأيام أوالأسابيع ، ليتشرب السلوكيات الإسلامية والاداب القرآنية ، وفق منهج خاص تعده إدارة المعسكر وتتابع تنفيذه بدقة متناهية .

2 - تعويد المشاركين فى المعسكر على ممارسة الحياة العسكرية الخشنة ، دعما لفكرة الجهاد فى سبيل الله ، وما يتطلبه من استعداد وإعداد فى البدن والنفس والعقل والدين . .

ويكفى لتأكيد هذا المجال أن شعار الجماعة هو : الآية الكريمة ( وأعدوا لهم ما استطعم من قوة . . . ) تحت سيفين بينهما مصحف شريف.

3 - تبصير الأفراد والقيادات بواجباتهم التربوية إزاء إخوانهم بصورة عملية ولفترة طولية ولعدد أكبر من المشاركين .

فوقت المعسكر أكبر بكثير من وقت الأسرة والكتيبة والرحلة ، والمشاركون فى المعسكر أضعاف أعضاء الأسرة وأكثر- من المشاركين فى كتيبة أو رحلة ، ومع انفساح الوقت وانفساح المكان يكون العمل وتكون الممارسة .

4 - تعويد المشابهة فى المعسكر على أساسيات العمل الإسلامى مثل :

أ - النظام الدقيق فى الزمن الطويل .

ب - الصبر على المتاعب والمشقات أطول فترة .

جـ - الالتزام بكل صغيرة وكبيرة من الأمور التى ترى إدارة المعسكر ضرورة التمسك به

د- التعاون والإيجابية بالمشاركة فى أعمال المعسكر كلها والتنقل بين أنواع -هذه الآعمال لإجادتها جميعا .

5 - تدريس تاريخ الحركات الإسلامية وتاريخ حركة جماعة الإخوان المسلمين ، تدريسا يستهدف مايلى :

أ- إعطاء المعلومة الصحيحة الصادقة .

ب - التركيز على المعالم البارزة فى تاريخ كل حركة من الحركات الإسلامية .

جـ - أخذ العظة والعبرة من هذا التاريخ للإفادة منه فى الحاضر والمستقبل .

د - الاهتمام بإلقاء الضوء على قيادات الحركات الإسلامية وما أسهمت به هذه القيادات من أعمال جليلة من أجل الإسلام.

.هـ - الصراعات السياسية التى خاضتها الحركات الإسلامية ونقدها نقدا، بناء هادف لأخذ الدرس والعبرة .

6 - تعرف المشاركين فى المعسكر على قيادات الجماعة وأهل الفكر والعلم والسابقة ليحدث التواصل بين الأجيال ، وليتم التوريث على وجهه .

7 - عقد دراسة مكثفة طوال فترة المعسكر تتناول إحدى القضايا الهامة فى العمل الإسلامى وتبادل الرأى فيها مثل :

أ - قضية العمل الإسلامى كيف يبدأ وإلى أي شئ ينتهى ؟

ب - قضية متطلبات العمل الإسلامى فى الوقت الحاضر .

جـ - قضية معوقات العمل الإسلامى وكيفية التغلب عليها .

د - قضية الأمن بالنسبة للعمل الإسلامى فى ظل الظروف التى تمنع هذا العمل . هـ - قضية الالتزام.

و- قضية الانتماء .

ز - قضية العمل الجماعى ووجوبه .

ح - قضية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .

ط - قضية التيارات المعادية للإسلام وقضايا الساعة المطروحة وأبرزها :

الصهيونية .

الصليبية.

الاستشراق.

الاستعمار وألوانه.

الإلحاد .

الانحلال الخلقى .

العلمانية " فصل الدين عن الدولة "

الصحوة الإسلامية .

التسمك والتطرف .

التغريب .

الغزو الفكرى والثقافى .

الشيوعية .

الوجودية .

الفوضوية.

المذاهب المأرقة عن الإسلام وكالبهائية والقاديانية وغيرها .

الماسونية .

أندية الروتارى .

تحديد النسل .

السفور والخلاعة.

مكانة المرأة فى العمل الإسلامى .

الأندية الرياضية ما لها وما عليها.

وسائل الإعلام المقروءة .

وسائل الإعلام المسموعة .

وسائل الإعلام المرئية .

المسارح والسينما .

التعليم وفلسفته فى البلاد الإسلامية .

التعليم ومناهجه والقائمون عليه .

الجامعات ووظيفتها فى المجتمع المسلم .


المشكلات الاقتصادية الحادة مثل :

الربويات .

التأمينات .

المقدرات الاقتصادية الإسلامية مثل : النفط والقمح والقطن والمياه العذبة . . . إخ .

الهيئات والجمعيات التى تدعى رعاية مصالح، الناس وإحلال السلام بينهم محل الحروب ، كهيئة الأمم ومجلس الأمن حلف وارسو وحلف شمال الأطلنطى .

القوميات مثل :

ـ الفرعونية .

ـ الفينيقية .

ـ الطورانية .

ـ العربية .

ـ البربرية .

الأقليات الإسلامية .

إمكانات العمل الإسلامى

إلى غير ذلك من الموضوعات التى تتطلب دراستها عددا من المحاضرات على أيام عديدة حيث يسمح المعسكر من حيث زمانه ومكانه بكل هذا وأكثر منه .


ثالثا : التدريب :

ربما كانت الأهداف التدريبية للمعسكر فى إطار إشراف دقيق من قادة المعسكر على هذه الممارسة وتوجيهها وترشيدها أولا بأول .

الجندية بكل معطياتها من : نظام ودقة وصبر وتحمل وطاعة وثقة فى القيادة و غيجابية وتعاون ومسارعة فى القيام بالعمل وأخوة وإلتزام .

2ـ تدريب الإخوان على التعامل مع القيادات المتعددة فى المعسكر فضلا عن فائدة أكبر ، وتحديد كل علاقة تربط بين تلك القيادة فيه ، وهى دروس ضرورية للعاملين فى الحقل الإسلامى .

3ـ تدريب بعض الإخوان على تحمل بعض المسئوليات فى المعسكر ، والتعرف على أعباء هذه المسؤليات وواجباتها مع تبادل المواقع بالنسبة لهؤلاء القادة ، حتى يتمرس كل منهم على أكثر من عمل لتكون لديه الخبرة الكافيةالتى تتطلبها ظروف العمل الإسلامى .

ومعنى ذلك ، تكوين قيادات فاهمة لواجبها وعارفة له معرفة عملية تطبيقية ، وهذا فى حد ذاته واجب حركى لا يتم العمل الإسلامى إلا به .

4 - تدريب الإخوان كلهم أو معظمهم من المشاركين فى المعسكر على إعداد المعسكرات ، ومعرفة متطلباتها المادية والفنية والعلمية ، والتعرف على أهدافها العامة من تجميع وتربية وتدريب مع إلإلمام بالأهداف التفصيلية لكل معسكر علىحدة .

وتلك ثقافة عملية لا يمكن الإحاطة بها إلا فى المعسكر وهى ضرورية كذلك لكل أخ عادى أو قيادى .

5 - تدريب الإخوان على التفرغ الكلى للدعوة مدة أسبوع أو أكثر ، وتعريفهم بمتطلبات الدعوة فى هذه المدة الزمنية غير القصيرة ، إيماء إلى أن الدعوة سوف تحتاج منهم فى بعض الأحيان ، التخفف من الأعباء العادية فى الحياة والإقبال على الدعوة تلبية لمطالبها ،إيثارا لماعند الله على ما فى الحياة الدنيا .

6 - تدريب الإخوان على أعمال الحراسة والأمن لإيقاظ الحذر والحس الأمنى فيهم لتوقى المخاطر قبل وقوعها ، ومعرفة الأساليب الأمنية الصحيحة والأخذ بها عند الحاجة إليها،ولا يوقظ الحس الأمنى عندهم مثل مسئوليتهم عن معسكر بما فيه من معدات وأفراد وبرامج ووسائل .

7 - تدريب الإخوان على التكتم والسرية والمحافظة على كل معلومة صغيرة أو كبيرة وعدم تسريبها إلا لمن هو أهل لها ، والأصل فى ذلك أن يعد قائد المعسكر تدريبات واختبارات تخدم هذه السرية وذلك الكتمان ، فهما ضروريتان فى العمل الإسلامى بل وفى العمل الإنسانى بعامة ، فليست هناك فائدة من معلومة تعطى لمن ليس بحاجة إليها أو لمن ليس أهلأ لها .


شروط المعسكر وآدابه

فى بدأية الحديث عن شروط المعسكر وادابه نحب أن نوضح أنه ، ينبغى أن تسيطر على المعسكر " المخيم " روح المرابطة فى سبيل الله سبحانه ، فهو أشبه ما يكون بالرباط ، حيث يتم فى هذا المعسكر استعداد الإنسان كل أنواع الاستعداد ليكون جنديا من جنود الحق كلما سمع الإنسان ، بعد أن امتلأ قلبه بالإيمان والتزمت جوارحه بأدب الإسلام واستعد بدنه - للجهاد فى سبيل الله استجابة لما يطلبه منه إيمانه وإسلامه .

المعسكر الذى يتم فيه كل ذلك كان فى تاريخ الجماعة مَعْلَما بارزا من معالم التربية فيها ، ووسيلة لا تغنى عنها سواها من الوسائل ، وكانت له اداب يجب أن يتحلى بها المشاركون فيه ، نذكر منها مايلى فى مجال قيادة المعسكر وأفراده :

1- استحضار نية المرابطة فى سبيل الله بمجرد التوجه إلى المعسكر ، واستجماع كل ما تستوجبه المرابطة من استعداد نفسى وعقلى وبدنى ومادى وأدبى ، واحتساب الأجر والمثوبة على ذلك عند الله سبحانه .

2 - العمل على توثيق التعارف وتعميقه مع كل من يشاركون فى المعسكر أو معظمهم إذا تعذر التعرف عليهم جميعا بهذه الوثاقة ، مع الاهتمام الشديد بتكوين الرابط الفردية بين عدد كبير من المشاركين فيه .

3 - العمل على توثيق صلة الفرد بالقيادة أو القيادات التى تشرف على المعسكر ، أو القيادات الزائرة للمعسكر ، بعقد جلسات خاصة معهم أو جلسات عامة تتدارس فيها القضايا والمسائل التى تهم العمل الإسلامى وتتصل بمتطلباته.

4 - العمل على توثيق العلاقة بين الإخوان الذين يتشاركون فى حمل مسئولية بعينها على مستوى المعسكر أو على مستوى الشعبة أو المنطقة أو المكتب ، بعقد لقاء ات ومدارسات وتبادل للخبرات ، بقصد إثراء هذا العمل وتحسينه والتعرف على ما فى كل مسئولية من تبعات ومايلزمها من وسائل ومتطلبات .

5 - الاهتمام بالتعرف الجيد على الإخوة المشاركين فى المعسكر من أقطار أخرى ، إذ هم شركاء فى الدعوة والحركه والهموم والتيارات المعادية والمعوقات للعمل الإسلامى بعامة وللعمل الإخوانى بخاصة ، ومدارسة هذه الأمور والتفكير لكل أمر فى حل مناسب له .

وهناك أمور تعد من الاداب التى يجب أن يتحلى بها كل فرد من المشاركين فى المعسكر بشكل ذاتى شخصى دون أن يوجهه إليها أحد من القادة أو المسئولين فى المعسكر منها :

6 - الالتزام الدقيق بنظام المعسكر فى النوم واليقظة والطعام والشراب ، والعمل والراحة ، وكل ما يطلب من جهد فى داخل المعسكر ، مع الاستجابة السريعة المرحبة لكل ما تطلبه إدارة المعسكر من كل فرد فيه.

7 - الاهتمام الشديد بتطبيق السلوكيات الإسلامية فى كل عمل من أعمال المعسكر - إذ المعسكر صورة عملية للسلوكيات الإسلامية - ابتداء من تسجيل الاسم وانتهاء بالانصراف من المعسكر ، فالأصل الأصيل فئ معسكر الإخوان المسلمين أن يصبغ الفرد بصبغة إسلامية عملية فى كل مايقوم به من عمل فى المعسكر تمهيدا لأخذ هذا الطابع الإسلامى العملى فى كل أمور خارج المعسكر .

8 - الترحيب والمبادرة إلى بذل كل جهد بدنى يطلب من المشارك فى المعسكر ، على كل مستوى من مستويات هذا الجهد فى الرياضة أوالتنظيف أو الطهى أو الحراسة أو الإشراف أو تأمين الاحتياجات ، إذ القصد من المعسكر أن يكون تدريبا للإخوان على الحياة العسكرية الشاقة بكل متطلباتها وفق الشريعة ، مع مزيد من الصبر والجلد ورحابة الصدر والرضى بأى جهد أو عناء يتحمله المشارك فى المعسكر .

9 - الحرص على تسجيل كل ما يدرس فى المعسكر أو يدور حوله من حوار ومناقشة تسجيلا يمكن صاحبه من استعادته عند الحاجة إليه لاستيعابه لإخذ العبرة منه ، سواء اكان هذا التسجيل كتابيا أو على أشرطة تسجيل معينة بشرط مراعاة الظروف الأمنية فى كل ذلك .

10 - يجب على كل مشارك فى المعسكر أن يكون قد فرغ نفسه من كل مشاغله تماما لهذا المعسكر طوال مدته ، حتى يتعود الأخ أن يفرغ نفسه من مشاغل الحياة الدنيا عندما تندبه الدعوة إلى عمل يحتاج إلى تفرغ .

وبعد : فتلك نبذة عن اداب المعسكر على مستوى قيادته أو أفراده أو كليهما معا ، كما دلت على ذلك مراجعة المعسكرات الى أقامتها الجماعة خلال الفترات التى كانت تقيم فيها المعسكرات ، وهى اداب نابعة من الإسلام وقيمه وأخلاقياته ومرجعها كلها هو الشريعه الإسلامية ، وما تذخر به من تفصيل لواجبات الفرد المسلم فى حياته الدنيا ليعيش الإسلام كما يجب أن يكون .

أما الشروط التى يجب أن تتوافر فى المعسكر قيادة وأفرادا ومكانا وزمانا وبرنامجا فكثيرة نذكر منها مايلى :

1- لا يدعو إلى إقامة المعسكر إلا قيادى مسئول بعد مشاورة قيادته فى الجماعة وموافقة القيادة على إتامة المعسكر فى مكان وزمان ملائمين .

2 - الداعى إلى المعسكر لابد أن تكون أهداف المعسكر واضحة عنده وأن يعمل على تحقيقها فى هذا المعسكر وهى كما أسلفنا تجمل فى : التجميع والتربية إلتدريب.

3 - قيادة المعسكر لابد أن تكون جماعية مهما تكن شخصية المسئول العام عن المعسكر ، لأن التدرب على جماعية القيادة .والتنسيق بين قادة العمل الواحد يجد فى المعسكر مجالا خصيبا ينبغى أن يستفاد به .

4 - على قائد المعسكر أن يكون مستوعبا لبرنامج المعسكر محيطا بأبعاده وأهدافه ومراحله ونوعيات الأفراد الذين يجب عليهم أن يقوموا على تنفيذه . وعلى كل فرد من أفراد المعسكر أن تتوفر فيه الشروط التالية دون تهاون أو تقصير ، وأهمها :

1- الالتزام الدقيق بتوفير كل ما يطلب منه إحضاره من أدوات ومعدات دون زيادة أو نقص بحيث تكون درجة استعداده للمشاركة فى المعسكر كاملة فى حدود طاقته وإمكاناته .

2 - التفرغ لنشاط المعسكر وحده دون الخلط بين نشاط المعسكر وأى نشاط اخر خارج المعسكر طوال فترة المعسكر ، ،هذا يعنى أن من دخل المعسكرمن الأفراد ما ينبغى أن يشغل عنه بأى نشاط خارجه ؛ لأن الأصل أن لا يغادر المعسكر الا فى نهاية مدته .

3 - يشترط فى كل عضو من أعضاء المعسكر أن يشارك فى كل عمل من أعمال المعسكر ، بحيث ينتهى المعسكر وقد تدرب على كل نوع من أنواع العمل اللازمة للمعسكر ، ويكون ذلك بالتنسيق مع قائد المعسكر والمسئولين عن الأعمال فيه ، وعلى الفرد أن يحرص على ذلك وألا يضيق أبدا بتنوع عمله فى المعسكر من أدنى الأعمال إلى أعلاها ، إذا اعتبرنا لهذا العمل حدا أدنى وحدا أعلى . ومن أنهى مده المعسكر دون أن يتدرب على معظم أنواع العمل فيه ، فقد فاته خير كثير كان الأجدر به أن يحرص على ألا يفوته .

4 - يشترط فى كل عضو من المشاركين فى المعسكر أن يكون دائما على علم وإدراك لكل قصور يقع فى أى عمل من أعمال المعسكر أو مرفق من مرافقه ، وأن - يسرع بنفسه لتلافى هذا القصور والإهمال ، مع الحديث الهادئ الموجه الأخوى مع قائد هذا العمل الذى حدث فيه القصور أو الإهمال ، تطبيقا للمبدأ الإسلامى الجليل : " المؤمن مرآة أخيه " . والأصل الأصيل فى ديننا أن : الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .

5 - يشترط فى كل مشارك فى المعسكر أن يفكر دائما فى أحسن الوسائل و إلأساليب التى تحسن الأداء فى المعسكر وتجعل البرنامج محققا على وجه جيد ، فليست هذه مسئولية القائد وحده ولا مسئولية القائد ومعاونيه وحدهم بل هى مسئولية كل عضو من أعضاء المعسكر.

6 - يشترط فى المدعوين جميعا إلى المشاركه فى المعسكر أن يكونوا من نوعية واحدة : من المقربين أو من الإخوة العاملين أو من القياديين ، حتى لا يتشعب التوجيه داخل المعسكر وحتى تكون الفائدة أعم وأعمق .


4 - برنامج المعسكر لايمكن أن نتصور أن كل معسكر له نفس البرنامج الذى يعد لمعسكر آخر ، و إنما الأصل المعمول به فى تاريخ المعسكرات فى الجماعة أن كل معسكر له برنامجه الذى يخصه ، والذى يمكن من خلاله تحقيق الأهداف الخاصة لهذا المعسكر بالذات

مع اشتراط تحقيق الأهداف العامة التى أشرنا إليها آنفا والتى أجملناها فى : التجميع والتربية والتدريب فى كل معسكر ، غير أننا نشير هنا إلى الحد الأدنى الذى يجب أن يشتمل عليه كل برنامج للمعسكرات على النحو التالى :

1- الانضباط الصارم مع نظام الحياة اليومى الإسلامى داخل المعسكر ، بحيث لا يشوب هذا الانضباط شائبة تم تراخ أو فتور فضلا عن إهمال أو قصور .

وكما سبق أن أوضحنا - الصبغة الإسلامية فى كل كلام وكل عمل داخل المعسكر ، النوم واليقظة ، الكلام والصمت والعمل والراحة والطعام والشراب والمرح والتريض والحركة والسكون ، وكل شىء يحيط بالعضو المشارك فى المعسكر .

كل برنامج لأى معسكر لابد أن يشتمل على ذلك الانضباط الصارم.

2 - كل برنامج لأى معسكر لابد أن يحقق هدفا كبيرا من الأهداف التى حددنا آنفا وهى : التجميع ، والتربية، والتدريب .

فتحقيق هدف واحد من هذه الأهداف الثلاثة العامة ضرورى فى كل برنامج ، ولو أمكن تحقيق هدفين أو تحقيق الأهداف الثلاثة لكان ذلك هو الأصل وهو الأحسن وهو المطلوب .

3 – كل برنامج لمعسكر لابد أن يوضح فيه الهدف الخاص من هذا المعسكر – بعد الأهداف العامة التى أوضحنا - وهذا الهدف الخاص الذى يعمل البرنامج على تحقيقه قد يكون واحدا أو أكثر من الأنواع التالية :

أ - قد يكون هدفا رياضيا بدنيا .

ب - وقد يكون هدفا جهاديا إعداديا .

جـ - وقد يكون هدفا علميا دراسيا .

د- وقد يكون هدفا عمليا تدريبيا .

هـ -وقد يكون هدفا حركيا تنظيميا.

وكل واحد من هذه الأهداف الخاصة مع الأهداف العامة يجب أن يعمل البرنامج على تحقيقها وإلا كان البرنامج قاصرا ومعيبا .

وكل واحد من هذه الأهداف الخاصة يحتاج إلى بيان وتفصيل لانجد المجال يسمح به فى هذه الدراسة العامة ، لحاجته إلى المتخصصين فى كل مجال من تلك المجالات التى ذكرنا ليضعوا البرنامج الملائم القادر على تحقيق هذه الأهداف الخاصة .

ولابد أن نلحظ أن الجمع بين الأهداف العامة التى ذكرنا وبين هذه الأهداف الخاصة كلها فى معسكر واحد ، عمل غير جدير بالنجاح ، وغير جدير بالقدرة على تحقيق كل هذه الأهداف ، وعلى طول الفترات التى نظمت فيها الجماعة معسكرات ، كان الغالب على كل معسكر فيها هدف خاص من هذه الأهداف بجوار الأهداف العامة التى تحدثنا عنها بالتفصيل ونحن نتحدث عن النقطة الثانية من المعسكر وهى " أهداف المعسكر " .

4 - كل برنامج لمعسكر لابد أن تتضح فيه الروح الإخوانية التعامل والتعايش ، وهى روح إسلامية تميزت بها الجماعة منذ نشأتها وكانت دائما تسيطر على كل وسائل التربية فيها ، والتى تحدث عنها الإمام المؤسس فى كثير من رسائله ، والتى أنضجها ورتبها فى رسالة التعاليم وحصرها فى عشر نقاط وسماها أركان البيعة وهى :

ا - الفهم وقد أقامه على أصول عشرين .

2 - الإخلاص أى ابتغاء وجه الله فى كل قول أوعمل .

3 - العمل وهو ثمرة العلم والإخلاص .

4 - والجهاد الذى يبدأ بإنكار القلب وينتهى بالقتال فى سبيل الله .

5 - والتضحية وهى بذل النفس والمال والوقت وكل شئ فى الحياة فى سبيل الغاية .

6 - والطاعه أى امتثال الأمر وتنفيذه فى العسر واليسر ، والمنشط والمكره مالم يكن فى معصية .

7 - والثبات أى أن يظل الاخ عاملا مجاهدا فى سبيل غايته .

8- التجرد أى تخلص الأخ من أى فكرة عدا فكرته سواء اكان هذا التخلص منمبدأ أو من شخص .

9 - والأخوة أى ربط الأرواح والقلوب برباط العقيدة .

10 - والثقة أى اطمئنان الجندى إلى القائد فى كفاءته وإخلاصه .

وبعد : فتلك هى السمات العامة لأى برنامج لمعسكر ، ما ينبغى أن يقصر برنامج دونها .

ولا بأس أن نذكر برنامجا لمعسكر عقد فى صيف عام 1938 م فى معسكر " الدخيلة " غرب الإسكندرية ، حيث أقيم المعسكر فى الأرض الرملية وضربت الخيام وحضره الأستاذ المؤسس رحمه الله ، وكانت تتوافد عليه أفواج من الإخوان من أقاليم مصر واستمر قريبا من شهر وما غادره الأستاذ إلا نادرا . وقد تضمن برنامج هذا المعسكر مايلى :

ا - التربية الرياضية :

بتنشيط البدن وإعداده إعدادا جيدا بالجرى والقفز وممارسة التمرينات البدنية التى تحرك سائر أعضاء البدن حركة رياضية مدروسة تفيد عضلاته وتبعث فيه النشاط والحيوية ، وكان الأستاذ المؤسس يشارك بنفسه فى ممارسة هذه التمرينات .

2 - التدريبات العسكرية:

أى إعداد الأفراد وتأهيلهم لأداء أعمال عسكرية معينة بإتقان وكفاءة ، كبذل جهد بدنى عنيف وجرى لمسافات ومدد كبيرة وتعود على مزيد من الصبر والاحتمال ، والتدريب على الدفاع عن النفس والتدريب على مهاجمة العدو ، واستعمال بعض الأدوات والآلات اللازمة فى هذه الظروف .

وقد تطور هذا التدريب العسكرى فى تاريخ الجماعة ، حتى أفضى إلى ماعرف بالنظام االخاص الذى كان الأفراد يتدربون فيه إلى جانب هذا على بعض الأسلحة الخفيفة ، وبعض المواد الناسفة والحارقة لمواجهة أعداء الإسلام من الإنجليز ومن اليهود ، وقد شارك أفراد هذا النظام فى قتال اليهود فى فلسطين عام 1948 م ، وفى قتال الإنجليز عام 1951 م فى قناة السويس .

3 - التربية الروحية :

بقيام الليل والتهجد وقراءة الوظائف والأوراد وتلاوة القران الكريم ومدارسة الأحاديث النبوية ، ودراسة مواقف من السيرة النبوية المطهرة ، وحياة الصحابة ، وكل ما من شأنه أن يرقق القلب ويصفيه من الشوائب والأدران ويزيد صلته بالله سبحانه وتعالى .

4 -الحياة الجهادية :

وكثيرا ما كان الإخوان يتدارسون ويتذاكرون فى المعسكرات الحياة الجهادية ،التى يجب أن يحياها المسلم ، وأن يمنى نفسه دائما بالجهاد فى سبيل الله ، وكان ذلك بحفظ آيات من القران الكريم فى الجهاد وشرحها ، وحفظ عدد من الأحاديث النبوية فى الجهاد وفهم مراميها، وتأتى التدريبات العسكرية من وراء ذلك لتطبق العمل على العلم .

5 - التربية الثقافية :

وذلك بتكليف إخوان المعسكر بحفظ قدر من القران الكريم يتفق عليه مع فهم لمعانى الآيات ومقاصدها . كما يكون ذلك بعقد جلسات لمناقشة موضوعات معينة لمعرفة وجه الرأى فيها ، كثيرا ما كان يشارك فى هذه المناقشات كل الحاضرين من الإخوة ، حتى أولئك الذين لهم حظ قليل من المؤهلات الدراسية . وكثيرا ما كانت تطرح قضايا تتصل بالجماعة وسياستها فى قضية من القضايا ، للتعرف على وجهات النظر المتعددة فيها ، وتبصير الإخوان بسياسة الجماعة وأهدافها .

6 ـ جزء رئيسى من برنامج المعسكر يقوم على توثيق التعارف بين الإخوان ودعم رابطة الأخوة والمحبة فيهم ، وذلك فى جلسات خاصة بالتعارف ، وبمشاركة عدد من الإخوة من أماكن متعددة فى عمل واحد ، وبالزيارات المتبادلة بين سكان خيمة وخيمة أخرى وهكذا لا ينتهى المعسكر إلا وقد عرف الإخوان الحاضرون بعضهم بعضا المعرفة اللازمة بين الإخوة الذين يجمع بينهم الحب للعمل من أجل الإسلام والانتماء لهذه الجماعة .

7 - عقد المسابقات فى أعمال المعسكر بين الأفراد أو المجموعات ، والإعلان عن ذلك مسبقا لإيجاد روح التنافس بين الإخوان فى تجويد العمل والإقبال على الخير والاستزادة من الطاعة لله سبحانه .

وبعد : فتلك صورة مجملة لبرنامج المعسكر فى ذاك الزمان ، وقد زادت برامج المعسكرات الإخوانية بعد ذلك عمقا واتساعا وتنوعا إلى حد كبير .


5 - مدير المعسكر ومساعدوه

مدير المعسكر أو قائده يتولى أمرا تربويا هاما على أوسع نطاق فى مجال وسائل التربية عند الإخوان المسلمين . فإذا كانت الأسرة أربعة والكتيبة أربعين والرحلة كذلك فإن المعسكر قد يضم مائتين أو اكثر من الأفراد ، وإذا كان الوعاء الزمنى للأسرة عددا من الساعات كل أسبوع وللرحلة والكتيبة يوم أو ليلة فإن المعسكر قد يستمر شهرا أو شهرين متصلين .

وهذا الاتساع فى محدد إلأفراد وفى المدى الزمنى يوجب على قائد المعسكر أو أميره تبعات أكبر من تبعات نقيب الأسرة أو أمير الكتيبة أو الرحلة ، وهو أمر دققت في الجماعة كثيرا فلم تكن تسمح لأحد أن يقود معسكرا إلا أن تتوفر له أهلية لهذه القيادة .

لهذا فإن الشروط التى سبق أن تحدثنا عنها فى نقيب الأسرة وأمير الرحلة وأمير الكتيبة تراعى جميعها هنا فى قائد المعسكر ، دون تساهل فى شئ منه ثم يضاف إليها مايلى :

1- باع طويل وتاريخ قديم فى الجماعة يؤهله لهذا العمل الجليل .

2 - معرفة جيدة ببعض قيادات الجماعة لتزكيته للقيام بهذه المهمة الخطيرة .

3 - قلب كبير وحب عظيم لدينه ولإخوانه ولإجادة العمل والإخلاص فيه والتمرس عليه ، والقدرة على الابتكار وعلى التصرف الحسن فى المواقف التى تفرض نفسها والتى لم تكن متوقعة أو يستطيع أن يتخيلها الحسبان .

4 - نظر ثاقب وثقافة إسلامية جيدة ، وثقافة عامة متعمقة ، وثقافة فى مجال القيادة والريادة ، مع ذكاء فى الحكم على الناس وعلى المواقف ، وقدرة جيدة على التنظيم والإدارة .

5 - إجادة تامة لفن الجندية مع فن القيادة فمن لا يجيد الجندية قلما يحسن القيادة

وكل من يختاره قائد المعسكر أو يُختار له معاونه فى قيادة المعسكر لابد أن تتوفر فيه الصفات التى تحدثنا عنها فى أمير الكتيبة وأمير الرحلة بالإضافة إلى ما ذكرناه هنا من صفات فى قائد المعسكر لا يتعاضى فيها عن صفة ، وإلا أصبحت قيادة المعسكر عملا عاجزا عن تحقيق أهدافه .

وهؤلاء المعاونون لقائد المعسكر يتعددون بتعدد أنواع العمل فى المعسكر وبتعدد مرافق المعسكر ذاته .

وأقل ما يحتاج إليه قائد المعسكر من معاونين هو :

1 - مسئول مالى :

يتولى جمع الاشتراكات وغيرها ، وتأمين مستلزمات المعسكر من أدوات ومعدات وطعام وشراب ومياه وإنارة - إذا كان المكان غير مهيأ بهذه الاساسيات - ويعاون هذا المسئول عدد من إخوانه للإشراف على كل جانب من هذه الجوانب : المعدات والطعام والمياه وما إليها ليوزعها على الإخوان بالنسب والمقادير اللازمة .

2 - مسئول إدارى :

يتولى إدارة المعسكر من الداخل فى كل ما يتصل بأماكن النوم وأماكن الاجتماعات ، وأماكن التمرينات والتدريبات ، وإعداد كل ذلك إعدادا جيدا كما أنه يستعين بعدد من إخوانه يتولى كل منهم مرفقا من مرافق المعسكر ، كالمهاجع والمطعم وقاعات الاجتماع وأماكن التدريب وغيرها .

ومن أبرز مهام المسئول الإدارى : وضع برنامج للمعسكر من الناحية الإجرائية التنفيذية موزعا عليه عدد أيام المعسكر وما يشتمل عليه كل يوم من أعمال حددها البرنامج .

وللمسئول الإدارى معاونون مثل :

ا - معاون لتنظيم المهاجع والنوم واليقظة والمواقيت .

2 - معاون لتنظيم مرافق المعسكر وقاعاته .

3 - معاون لتنظيم حراسة المعسكر وتأمينه .

4 - معاون لاستقبال الزائرين وتوديعهم .

5 - معاون لتسجيل المشاركين فى المعسكر وتسكينهم .

6 - معاون لشئون الإمداد والتموين والمطعم .

7 - معاون لرعاية الأطفال إن كان بالمعسكر أطفال ويشترط فى هذا المعاون أن تكون زوجته مشاركة فى المعسكر وأن تكون على مستوى يسمح لها بتنظيم أمور النساء والعائلات فى المعسكر الذى يضم نساء وعائلات بين أعضائه .

وأى معاون فى أى مجال يحتاج إليه المعسكر حتى يؤدى مهمته ويحقق أهدافه العامة و الخاصة .

3 - مسئول رياضى :

يتولى الإشراف على الجانب الرياضى البدنى من البرنامج ويضع خطة تشتمل على مايلى كحد أدنى للجانب الرياضى فى المعسكر :

أ - تحديد أوقات التريض على مدى اليوم كله والمعسكر كله .

ب - تحديد أنواع الملابس اللازمة للتريض .

جـ - تقسيم المتريضين إلى فرق أو جماعات .

د - عقد مسابقات رياضية .

ء - تحديد صفات من لايشاركون فى التريض والالتزام بذلك .

و - تحديد صفات الرياضى الأنموذج فى المعسكر .

ز - تحديد أنواع التريض التى تمارس داخل المعسكر مع الالتزام بذلك .


4 - مسئول عن التدريب العسكرى :

تشترط فيه الخبرة فى هذا المجال ، ويتولى الإشراف والتنفيذ للجانب العسكرى من برنامج المعسكر .

وعلى المسئول العسكرى أن يضع خطة لعمله يطلع عليها قائد المعسكر ويحصل منه على موافقة على محتواها وأقل ما يجب أن يشتمل عليه برنامج التدريب العسكرى مايلى :

أ - تدريبات بدنية عنيفة كالجرى والقفز واجتياز الموانع وغيرها .

ب - التدرب على أنواع المصارعة المختلفة .

جـ - التدرب على استعمال بعض أدوات الدفاع عن النفس .

د - التدرب على التخفى والتمويه ومراقبة الاخرين .

هـ - التدرب على إنقاذ الاخرين من مخاطر الحريق والغرق والسقوط من مرتفع والاختناق بغاز أو نحوه .

وسائر مايراه لازما وملائما للمعسكر وبرنامجه العام ويحظى بموافقة قيادة المعسكر.

و - تحديد ساعات التدريب مسبقا وتحديد الملابس التى تلائم هذا التدريب ، بالتنسيق مع قيادة المعسكر .

ز - استهداف إحياء روح الجهاد فى سبيل الله من خلال خطة المسئول عن التدريب العسكرى.


5 – مسئول عن الصحة العامة فى المعسكر:

ويتولى هذه المسئولية طبيب من المشاركين فى المعسكر أو ممن يستضيفهم المعسكر لهذا الغرض . ويتولى هذا المسئول مايلى :

أ - إسعاف كل من يحتاج إلى إسعاف .

ب - الإشراف الصحى على المطعم والمأكولات والمشروبات .

جـ - الإشراف على نظافة المرافق وتطهيرها أولا بأول .

د - عزل من يصاب بمرض معد فى مكان خاص تعده له إدارة المعسكر.

هـ - تأمين قدر من الأدوية وأدوات الإسعاف اللازمة فى مثل هذه الظروف .

و - التنسيق مع إحدى المستشفيات القريبة من مقر المعسكر لنقل الحالات التى تكون بحاجة إلى علاج لا يتوفر فى المعسكر .

ز - تدريب عدد من الإخوة على الإسعافات الأولية .


6 - مسئول ثقافى عن المعسكر:

ويتولى كل المهام التى تتصل بالجانب الثقافى من البرنامج بالتنسيق مع قائد المعسكر والمسئولين الاخرين فيه .

ومن أبرز مهام المسئول الثقافى مايلى :

أ - وضع خطة مفصلة تكفل تنفيذ الجانب الثقافى من برنامج المعسكر .

ب - تحديد الأوقات والأماكن اللازمة لتنفيذ الجانب الثقافى على مدى انعقاد المعسكر بعمل جدول .

جـ - تحديد أسماء المحاضرين والمتحدثين والمديرين للجلسات والمقدمين للمتحدثين ، مع تحديد الموضوعات التى يحاضررن فيها أو يتحدثون أو يحاورون د - تحديد وتأمين وسائل التسجيل الملائمة لما يدور فى المعسكر من نشاط ثقافى

هـ - وضع نظام لاختبارات التحصيل فى المعسكر وعمل جوائز للحاصلن على تقدير امتياز .

و - إعداد مكتبة للمعسكر تشتمل على أهم الكتب والمراجع اللأرمة للمشاركين فى المعسكر لها علاقة بموضوعات المحاضرات والندوات وجلسات الحوار المفتوح . ز – إعداد الأجهزة اللازمة لنقل الصوت ، أو الصوت والصور للحاضرين وتحديد من يشرفون على تشغيل هذه الأجهزة وصيانتها ، وتسليم هذه الأشرطة للمسئول الثقافى .

ح - عمل فهرس للمحاضرات والندوات والمحاضرين و المشاركين فى الندوات لسهولة الرجوع إلى ذلك عند الحاجة إليه .

وللمسئول الثقافى أن يستعين بعدد من الإخوة أصحاب الكفاءة فى تلك المجالات بالتنسيق مع قائد المعسكر .


7 - مسئول روحى عن المعسكر:

يكون من الإخوة الذين لهم باع فى مجال التربية الروحية ، وممن يعرفون بالصفاء والسابقة فى الجماعة ، ويتولى هذا المسئول مايلى :

أ - الإشراف على الجانب الروحى العبادى من برنامج المعسكر بعقد الكتائب وما تشتمل عليه من قيام ليل وتهجد وتلاوة قرآن كريم ودعاء واستغفار.

ب - إمامة الصلوات فى ا الفرائض ووتحديد من يتحدثون فى دقائق عقب كل فريضة.

جـ - الإشراف على مسجد المعسكر وتزويده بعدد من المصاحف الشريفة وكتب الحديث وكتب السيرة بالتنسيق مع المسئول الثقافى وقائد المعسكر فى ذلك.

د - تولى الإعلام عن الصلوات بالأذان عند دخول وقت كل صلاة وتحديد المؤذن وفق مايجب أن يتوفر فيه من شروط .

هـ - تنظيم تلاوة القرآن فى المسجد عند الحاجة إليها وفق برنامج المعسكر العام

وللمسئول الروحى عن المعسكر أن يستعين بمن يشاء من إخوانه بعد التنسيق

مع قائد المعسكر والمسئولين عن إلجوانب الأخرى فى المعسكر ، حتى لا يحدث تعارض فى الأوقات أو الأماكن أو الاحتياجات البشرية أو الفنية ، إذ الأصل أن المعسكر كله فريق واحد . وعلى القائد العام للمعسكر واجبات إدارية هامة حتى يستطيع المعسكر أن يحقق أهدافه نشير إلى بعضها فيما يلى :

أ - حسن اختيار المعاونين واستئذان القيادة فيهم .

2 –عقد لقاء بهم قبل المعسكر لتسليم كل منهم ررقة تشتمل على تكليفه بعمله وبيان الخطوط العامة لخطته ضمن برنامج المعكسر .

3 - عقد لقاءات دورية بالمسئولين عن المعسكر فى مدد معينة يتفق -عليها مسبقا ، مع عقد لقاءات عاجلة غير دوريه عند الحاجة إليها .

4 - مطالبة كل مسئول عن عمل بكتابة تقرير عن مجال عمله موضحا فيه الإيجابيات والسلبيات ومناقشتهم فيما كتبوا .

5 - متابعة القائمين على العمل أثناء قيامهم بعملهم وتوجيه من يحتاج منهم إلى توجيه .

6 - تقويم المعسكر كله زمانا ومكانا ومسئولين ومشاركين وأوجه نشاطه فى تقرير ضاف يستفيد من التقريرات التى كتبها المسئولون عن الأنشطة كلها

7- ترشيح بعض الشخصيات التى برزت فى النجاح فى العمل لتولى مسسئوليات مناسبة ، أو أهم من السئوليات التى قاموا بها .

الوسيلة الخامسة : الدورة

1- مفهومها ومكانتها بين وسائل التربية

سميت بذلك لأنهاعمل دورى أى له فى كل فترة معينة.

وتعنى جمع عدد غير قليل من الإخوان فى مكان خاص لتلقى أنواع من المحاضرات والمدارسات والبحوث والتدريبات حول موضوع معين من الموضوعات التى يهتم بها العمل الإسلامى .

وهى من وسائل التريية التئ استعانت بها الجماعة فى مناسبات عديدة ، بقصد تكثيف بعض المعلومات أو التدريبات التى يكون الإخوان أفرادا أو قيادات بحاجة إليها لصالح العمل الإسلامى أو لصالح الدعوة والجماعة . والدورة من بين وسائك التربية التى ذكرنا الأسرة والرحلة والمعسكر - تتميز بخصائص لا توجد فى غيرها من وسائل التربية ، ومن هذه الخصائص مايلى :

1ـ أنها دراسة مكثفة حول موضوع بعينه علمى أو تدريبى ، بقصد أن يصل الدارس فيه إلى أعمق ما يمكن أن يصل إليه على أيدى علماء من أهل الاختصاص . .

2 - الأساتذة الذين يستعان بهم فى الدورات دائما يكونون على مستوى رفيع من التخصص والخبرة فى المجال الذى يقومون بتدريسه أو التدريب عليه .

3 - المشاركون فى الدورة يجدون فيها وفى المشرفين عليها وفى الموضوعات المطروحة للبحث أنسب الفرص للفهم العميق ، والحوار المثمروالتعبيرالدقيق كل عدد من وجهات النظر حول موضوع واحد ؛ وهذا من شأنه أن يعمق الفكر ، وأن ينمى الخبرة ، أن يصقل المتربى بصقال الحوار الهادف مع العلماء وأهل الخبرة .

4 - تعد الدورة أسلوبا تربويا جيدا لتكوين الآراء العلمية الموضوعية ، وهذا من شأنه أن يحفز المشاركين فيهما على تصور النظرة العلمية الموضوعية لما يحيط بهم من مسائل وقضايا تهم العاملين فى الحقل الإسلامى ،

5 - تعد الدورة فرصة لزيادة الوعى بالقضايا والمسائل الهامة التى تحتاج إلى دراسة متعمقه ولا يتسع لها وقت الأسرة أو الكتيبة أو الرحلة أو المعسكر ، لأن لكل واحدة من هذه الوسائل برنامجها الذى قد لاتتاح فيه فرصة لطرح هذه القضايا المسائل من حيث الظروف ومن حيث الزمن ، أما الدورة فهى مخصصة لهذا بالذات وبذلك تتميز عن سواها من وسائل التربية .

6 - الدورة عمل أساسى مكمل لوسائل التربية الأخرى التى تحدثنا عنها فيما سبق ، فهى من هذا الجانب ضرورة حيوية يؤدى تجاهلها أو إهمالها إلى قصور فى كل وسيلة من وسائل التربيةكالأسرة ، بمعنى أن كل وسيلة من وسائل التربية كالأسرة والكتيبة والرحلة والمعسكر تحتاج إلى دراسة مكثفة وتدريب عملى لتخرج قادة فى مجالها ، والدورة هى التى تحقق هذا المطلب أكثر مما تحققه الندوة أو المؤتمر مثلا على نحو ما سيتضح لنا من خلان حديثنا عنهما بعد إتمام الحديث عن الدورة ، بل إن إلدورة بمفهومها الذى ذكرناه تنفرد وحدها بقدرتها على تحقيق تخرج القادة فى كل مجال من مجالات العمل الإسلامى ، فهى المجال الأنسب لتكوين القادة وإعدادهم إعدادا جيدا .

7 - كما تتميز الدورة بأنها تحشد الكفاء ات الجيدة والخبراء المتمكنين فى مجالات متعددة على صعيد واحد من حيث الزمان والمكان ، وهذا يؤدى بدوره إلى تعميق الصلات وتوثيق الروابط بين هؤلاء الخبراء والمتخصصين ، مما يساعد على إيجاد أنواع من التعاون فيما بينهم ، لخدمة العمل الإسلامى بعامة والجماعة بخاصة .


2 - أهداف الدورة

لاشك فى أن الدورة تسهم إسهاما حقيقيا فى تأصيل المفاهيم الإسلامية والتأهيل للعمل الإسلامى المدروس ، والتدريب على التنفيذ فى كل مجال من المجالات التى تعقد من أجلها الدورة .

ومن خلال هذا يتضح لنا ، أن للدورة هدفا عاما هو : التكوين والإعداد للأفراد أو القادة إعدادا يقوم على العمل والدرس والحوار من جانب ، وعلى رؤية النماذج المكتملة والأمثلة الجيدة التى تحتذى مما يقدمه القائمون على التعليم والتدريب فى الدورة من جانب آخر .

كما أن للدورة أهدافا خاصة كثيرة تتنوع بتنوع المجالات التى تعقد من أجلها الدورة ، ونستطيع أن نشير إلى بعض هذه الأهداف فيما يلى:

1 - إعداد الفرد المسلم الملتزم علميا وعمليا .

2 - إعدإد القائد " النقيب " وفق ما يجب أن يتوفر فيه من صفات .

3 - إعداد الرجل القيادى على المستوى الأكبر من النقيب وفق "ما يجب أن يتوفر من صفات يتطلبها عمله ويحتاج إليها تلك القيادية .

4 - إعداد الباحث العلمىفى مجالات العمل الإسلامى بتوفير وسائل البحث العلمى وأدواته له وتعريفه بمنهجية البحث العلمى وأهدافه .

5 - تكوين الوعى والحمق الثقافى لدى الفرد أوالقائد .

6 – تكوين الوعى والقدرة على التحليل فى مجالات عديدة أهمها :

أ - المجال السياسى .

ب- المجال الاجتماعى .

جـ - المجال الاقتصادى .

7 – تكوين الوعى والعمق الإعلامى لدى الأفراد أو القادة .

8 – تكوين الوعى والعمق التربوى لدى الأفراد أو القادة.

9 – تكوين الوعى والعمق والادراك المستنير فى مجالات العمل المتصل بقطاعات متعددة مثل :

أ- الطلاب .

ب - والعمال .

جـ - والفلاحين .

د ـ والنقابات.

10 - تكوين الوعى والإدراك العميق للتيارات الموالية للعمل الإسلامى ، حتى يمكن التفاهم والتلاحم بينها .

11 - تكوين الوعى والإدراك العمق للمذاهب والنظريات والتيارات المعادية للعمل الإسلامى مثل :

أ - الصهونية ومفرزاتها المتعددة .

ب - الصليبية وأقنعتها الختلفة .

جـ - الإلحادية

د - العلمانية - أى فصل الدين عن الدولة - "

هـ - الانحلالية الأخلاقية .

و - الرجعية والجمود .

12 - تكوين رؤية صحيحة ودقيقة للعالم الإسلامى المعاصر .

وكل دورة تعقد لتحقيق واحد من هذه الأهداف أو غيرها مما تتطلبه الحاجات وتقتضيه المتغيرات تكون لها أهداف خاصة ومفصلة تؤدى إلى تحقيق هدفها العام .

ومن تمام حديثنا عن الأهداف أن نتحدث عن مجالات عديدة يمكن أن تعقد لها دورات ، من هذه المجالات :

ا - دورة فى الإدارة .

ب - دورة فى التربية الرياضية .

ب - دورة فى الجهاد .

د - دورة فى الدعوة الفردية .

هـ - دورة فى التجميع والتأطير .

و - دورة فى الشورى .

ز - دورة فى الحقوق السياسية .

ح - دورة فى معوقات العمل الإسلامى .

ط - دورة فى فقه الدعوة .

ى - دورة فى منهجية العمل الإسلامى .

ك - دورة فى المتغيرات على مستوياتها المتعددة .

ل - دورة فى الجماعات الإسلامية المعاصرة .

م - دورة فى الصحوة الإسلامية .

ن - دورة فى تاريخ الجماعة الثقافى .

س - دورة فى تاريخ الجماعة الاجتماعى .

ع - دورة فى تاريخ الجماعة الاقتصادى .

ف - دورة فى تاريخ الجماعة السياسى .

ص - دورة فى تاريخ الجماعة الحركى والتنظيمى .

ق- دورة فى مستقبل الجماعة .

ر - دورة فى مشكلات الجماعة الداخلية والخارجية .

ش - دورة فى الجندية والقيادة .

ت - دورة فى الانضباط .

ث - دورة فى الانتماء .

خ - دورة فى الأقليات المسلمة .

ذ - دورة فى السيرة النبوية .

ض - دورة فى الترشيح لعمل اكبر .

ظ - دورة فى التوريث للدعوة إلى اخرين.

غ - دورة فى رسالة التعاليم للإمام المؤسس .


3 - برنامج الدورة ومسارها

1ـ البرنامج :

.بختلف برنامج الدورة حسب اختلاف نوع الدورة وموضوعها ، وقد ذكرنا ، "آنفا من المجالات أو الموضوعات التى يمكن أن تعقد حولها دورات .

وكل برنامج لأى دورة ينبغى أن يحقق الأهداف العامة للدورة ، ثم يحقق الهدف الخاصلموضوع الدورة .

والأهداف العامة لبرنامج لأى دورة هى :

أولا : تحديد الإطار الزمانى للدورة ، ثلاثة أيام أو أسبوع أو أكثر ج لملء هذه، المفردات البرنامج من الناحيتين العلمية والتدريبية .

ثانيا : تحديد مستوى الأفراد الذين توجه إليهم الدعوة لحضور الدورة يمكن أن يطبق عليهم البرنامج على نحو متساو متلائم مع مستوياتهم .

ثالثا : تحديد مكان عقد الدورة وإعداد كل ما يلزم الحاضرين من آلات ومعدات كآلات العرض السينمائى أو الفيديو أو التسجيل الصوتى ، أو غيرها. وكأى كتب أو نشرات أو بحوث أو تعليمات مطبوعة - حتى يمكن تنفيذ البرنامج بدقة ونجاح وقدرة على بلوغ الهدف .

رابعا : الاتفاق المسبق مع المحاضرين المتخصصين فى المجال الذى تعقد فيه الدورة وتحديد الجوانب التى سوف يحاضر فيها كل منهم قبل موعد عقد الدورة بوقت كاف ، حتى يحقق البرنامج أهدافه كذلك بدقة ونجاح .

خامسا : إعداد صفحة لتقويم الدورة توزع على المحاضرين مسبقا وعلى المشاركين فى الدورة كذلك . تلك هى الأهداف العامة لكل برنامج يعد لأى دورة من الدورات ، أما الأهداف الخاصة فلا يمكن التحدث عنها إلا بعد تحديد مجال أو موضوع للدورة ثم تحديد ،الأهداف الخاصة لبرنامج هذا الموضوع بالذات ، لأن كل برنامج لموضوع تختلف أهدافه عن موضوع اخر .

وعلى سبيل المثال والأنموذج ، سوف نختار هنا موضوعا بعينه ليكون هو الموضوع الذى تعقد حوله الدورة ، ثم نتحدث عن برنامجه وأهدافه . وليكن موضوع الدورة هو : " نقيب الأسرة " لما لهذا الموضوع من أهمية خاصة فى الجماعة وفى التربية والتوجيه ، ولأنه أول قيادة فى الجماعة وأهم قيادة إذ على يديه يعد الأفراد وتكون اللبنات ويقام البناء . وأهداف هذا البرنامج الخاصة هى :

1 - توضيح أهمية النقيب فى مجال التربية والإعداد .

2 - توضيح مكانة النقيب من قيادات الجماعة .

3 - تحديد صفات النقيب الفطرية الواجب توافرها فيه مثل : القدرة العقلية ، والقدرة الروحية ،والقدرة البدنية .

4 - تحديد صفات النقيب المكتسبة الواجب توافرها فيه ، مثل : الجانب الثقافى فى شخصيته ،والجانب العملى ،والجانب القيادى الحركى التنظيمى .

5 - وظيفة النقيب وواجباته

6 - كيفية إعداد النقيب .

7 - كيفية اختيار النقيب .

هذه أهداف سبعة يجب أن يستهدفها برنامج نقيب الأسرة وأن تحشد لها الدورة كل الكفاءات والإمكانات القادرة على تحقيقها . .

أما البرنامج نفسه فيمكن أن يكون كل هدف من هذه الأهداف موضوعا لمحاضرة من خبير ، أو قاعة مناقشة وحوار ، أو موضوعا يطرح لتكتب فيه بحوث علمية قبل عقد الدورة ثم عرضه فى الدورة وإجراء مناقشة حوله .

كما يمكن أن يضاف إلى ذلك ما توجبه الاحتياجات أومتغيرات من الواقع الميدانى للعمل الإخوانى .


ب - مسار البرنامج :

عند تنفيذ البرنامج لابد من الخضوع لمنهج بعينه فى تنفيذه ، والأصل فى هذا المنهج أن يقسم على أيام الدورة وفق جدول دقيق يومى ، بحيث يتيح هذا الجدول الفرصة كل الفرصة لتحقيق الأهداف العامة والخاصة للبرنامج ، ويحقق للمحاضرين مديرى قاعات البحث والمناقشة فرصتهم الكافية للإدارة الجيدة التى تحقق أهدافهم كاملة ، كما يعطى هذا العمل اليومى الفرصة كذلك للتقويم والمتابعة

وهكذا سائر أيام انعقاد الدورة .

وأقل ما يجب أن يشتمل عليه عمل اليوم من أيام انعقاد الدورة هو :

1- محاضرة وتعقيب وأسئلة وأجوبة يلقيها ا ذو خبرة .

2 - قاعة بحث ومناقشة حول موضوع من موضوعات البرنامج يديرها خبير فى هذا المجال .

3- عرض لبحث معد من قبل ومناقشته يديرها مسئول .

4 - جلسة تقويم يديرها مسئول وتسجيل فيها أوجه النقد تسجيلا كتابيا .

5 - تدريب على ما ينبغى التدرب عليه وفق ما جاء فى البرنامج مع تقويم كذلك لهذا التدريب . ومن اللازم فى تنفيذ البرنامج أن يخصص المسئول عن الدورة وقتا مناسبا قرب الدورة لتلقى آراء الإخوان حول مايلى :

1- اقتراحات بدورات أخرى فى موضوعات معينة .

2 - اقتراحات بأمكنة خاصة لعقد الدورات اللاحقة .

3 - تقويم عام مكتوب عن الدورة التى تم العمل فيها .


4 - منظم الدورة ومساعدوه

يقوم على تنظيم الدورة أحد الإخوان الذين تتوفرفيهم صفات خاصة تمكنهم من القيام بمثل هذه المهام الجليلة ، فإذا كانت الدورة إحدى وسائل التربية فى جماعة الإخوان المسلمين ، فإن القائم على تنظيمها بجب أن يكون منالمعنيين بمسائل التربية ومشكلاتها عناية تمكنه من الإشراف والتنظيم لهذا العمل الجليل .

وهناك شروط لابد منها فيمن ينظم إحدى الدورات نذكر منها ما يلى :

1- أن يكون تربويا علما وعملا وممارسة ، بحيث لا تغيب عنه الأهداف التربوية لهذه الوسيلة تلك الأهداف التئ أشرنا إليها فيما سبق .

2 - أن يكون مرشحا للقيام بهذه المهمة من القيادة وموضع رضى المسئولين وثقتهم .

3 - أن يكون ذا وزن علمى يؤهله للقيام بهذا ا العمل، وأن يكون علمه وتخصصه ملائما لموضوع الدورة ومجالات البحث فيها .

4 - أن يكون ذا سابقة فى الدعوة وذا خبرة الناس وذا معرفة بإخوانه وذا مسئولية فيهم .

5 - أن تعون لديه قدرة إدارية وقدرة على الحركة والتنظيم .

6 - أن تكون لديه قدرة على حسن اختيار الناس ودقة فى الحكم عليهم وترشيحهم للمشاركة فى هذه الدورة التى يتولى تنظيمها أفرادا أو معاونين له .

7 - أن يكون ذا شخصية قوية قادرة على إصدار القرار والحسم حين الحسم ، ومحبوبا من إخوانه وموضع تقديرهم واحترامهم .

ولا داعى لأن نعيد ماسبق أن شرطنا فى مسئولى الأسرة والكتيبة والرحلة والمعسكر من الأمانة والقوة والالتزام ، والفقه العميق لدعوته والمعرفة الدقيقة لمتطلبات الدعوة المرحلية وأوليات العمل فى هذه المرحليات ، لا داعى لإعادة هذه الشروط لأنها من شروط الصحة بحيث لا يمكن التغاضى عن أى شئ منها فى أى عمل تربوى فى مجال الجماعة ، بل فى أى عمل بصفة عامة .

تلك شروط فيمن ينظم الدورة ويقود العمل فيها .

وهناك شروط لابد أن تتوافر للدورة نفسها لتحقق أهدافها بنجاح ، وهى شروط لايمكن التغاضى عنها كذلك لأنها كا سبق أن أوضحنا فى شروط المنظم ، وتعتبر من شروط الصحة فلا يتم العمل على وجهه إلا بها.

وهذه الشروط كثيرة نشير منها إلى مايلى :

1- حسن اختيار موضوع الدورة بحيث تكون الحاجة إليه ماسة ، حاجة الأفراد وحاجة العمل .

2 - حسن اختيار المكان من حيث قربه أو بعده من المشاركين فى الدورة ، من حيث اتساعه وإعداده إعدادا يلائم تنفيذ البرنامج و بتأمين كل ما يلزم الدورة من معدات وآلات وأوراق ومقاعد وأماكن لتناول الطعام والشراب ، وأماكن للراحة ، ومكان للصلاة وأماكن للمبيت إن كان المشاركون مضطرين للمبيت فى مقر الدورة .

3 - حسن اختيار المحاضرين والموجهين ، بحيث يكون تخصصهم مناسبا لموضوع الدورة ، وبحيث يكونون من الملتزمين ومن أصحاب المكانة فى المجال الذى يمارسون العمل فيه . وأن تهيأ لهم وسائل الراحة اللازمة .

4 - حسن اختيار المشاركين فى الدورة من حيث مكانهم ومكانتهم فى الجماعة ومن حيث نوعياتهم : كأن يكونوا طلابا أو أعضاء هيئة تدريس أو أطباء أو مهندسين أو مدرسين أو عمالا أو فلاحين ، أو قياديين على مستوى معين من العمل القيدى .

5 - أن يزور الدورة أحد كبار المسئولين فى الجماعة وأن يشارك بتوجيه ونصيحة.

6 - يستحسن أن يكون لكل دورة مراقب عام على مستوى عال من فقه الدعوة ومن السابقة ومن العلم والمعرفة ، يرصد أعمال الدورة ويشارك فى التوجيه والتقويم ، ويرسم أحيانا مسار الحوار والمناقشة .

7 - يجب إعداد جدول تفصيلى بأعمال الدورة على مستويين :

ا - مستوى الحاضرين والموجهين .

ب - مستوى المشاركين .

وأن يسلم هذا الجدول فى مستوييه للمشاركين فى كل مستوي قبل انعقاد الدورة بوقت كاف .

8 - تصميم " استمارات " التقويم وإعدادها للتوزيع على المشاركين فى الدورة ، وعلى الحاضرين والموجهين فى يوم انعقاد الدورة .

9 - إعداد ورقة خاصة للاقتراحات تسلم لكل مشارك فى الدورة ليقترح مايراه لازما للدورات اللاحقة. ويدخل فى تقويم المشاركين أن تكون لهم اقتراحات لتطوير العمل أو تحسينه أو تلافى ما ظهر فيه من عيوب ، وليس من فكر واقترح كمن أخذ الأمور مأخذ العفوية - ولا أقول السلبية –

10 - عدد المشاركين فى الدورة يجب أن يكون مناسبا للجهد الواجب بذله فى إعدادها وهو جهد كبير ، ومن هنا فإن أقل عدد ملائم هو فى تقدير العارفين ثلاثون مشاركا وأكثره خمسون .

وربما احتاج منظم الدورة عند وصول العدد إلى خمسين أن يقسم المشاركين إلى قسمين أو ثلاثة بخاصة فى قاعات البحث والمناقشة وعرض البحوث المعدة من قبل ، أما المحاضرات فلا بأس أن يكونوا جميعا مشاركين فيها .

وذلك أن قاعة البحث وعرض البحث المعد مسبقا فى حاجة إلى حوار ونقاش وأخذ وعطاء وإقرار وتعديل ورفض وقبول ، وذلك كله يستدعى العدد القليل حتى ينضج الرأى بالرأى وتتاح الفرصة لكل مشارك أن يدلى برأيه وأن يشارك فى المناقشة مشابهة فعلية ، وليس الامر كذلك فى المحاضرة.

11 - كل من شارك فى الدورة كدارس لايجوز له أن ينقطع عن أى جزء من برنامجها ، فإن حدث ذلك لظرف قاهر لاتحسب له هذه الدورة وعليه أن يشارك فى غيرها فى نفس المجال عند إنعقادها ؛ وذلك أن الدورة وما فيها تستهدف تلك الأهداف التى أشرنا إليها مكتملة ، فإن حدث حرمان من جزء منها فقد فاتت الفائدة المكتملة ، فعليه حينئذ أن يقضيها فى دورة لاحقة مماثلة .

12 - حسن اختيار الزمان الذى تعقد فيه الدورة بحيث يكون مناسبا لمجموع المشاركين فيها من دارسين ومحاضرين كأن تكون الدورة لطلاب أو عمال أو مهنيين ، حتى لا يحرم من الدورة أحد لاختلاف ظروفه مع ظروف بعض المشاركين ، وقد سبق أن أوضحنا أن التجانس بين المشاركين فى الدورة أساس وأصيل .

13 -على منظم الدورة أن يتأكد من ملاءمة الظروف الأمنية للدورة من حيث الزمان والمكان والأفراد والحاضرون والزائرون - وذلك إذا كانت الدورة تعقد فى ظل ظروف أمنية غير عادية وهو مسئول عن كل ذلك أمام الله أولا وأمام إخوانه بعد ذلك .

14 - على منظم الدورة أن يتصل بالحاضرين والموجهين والزائرين قبل انعقاد الدورة لاستطلاع رأيهم فى المشاركة واستطلاع رغبتهم فى الحديث عن الموضوعات المرشحين للحديث فيها ، كما أن عليه أن يستأذن المسئولين ويحصل على موافقتهم على مشاركة هؤلاء المحاضرين والموجهين والزائرين .

15 - على منظم الدورة أن يحسن اختيار من يعاونونه فى أعمال الدورة ، وأن تتوفر فيهم الشروط العامة التى ذكرناها انفا وأن تتوفر فيهم الشروط الخاصة التى تمكنهم من الإلتزام بالعمل المنوط بهم فى الدورة ، كما أن عليه أن يستطلع فيهم رأى المسئولين وأن يأخذ الموافقة مسبقا على أن يشاركوه فى قيادة الدورة .

وعليه أن يحدد لكل منهم نوع العمل الذى سيقوم به ومدة الوقت الذى يشارك فيه ، وعليهم هم أن يلتزموا بما عاهدوا منظم الدورة عليه ، وألا يخرج واحد منهم عن عمله إلى اخر ولا عن وقته إلى وقت آخر إلا عند الحاجة الملحة وعند ندب منظم الدورة له لذلك العمل الجديد ، حتى لاتصبح الأمور فوضى ، وحتى لايشغل واحد من المعاونين نفسه بأكثر من عمل فلا يجيد هذا ولاذاك .

16 - على منظم الدورة أن يعقد اجتماعا مع معاونيه قبل انعقاد الدورة للتفاهم فى طبيعة العمل وفى توزيعه حسب القدرات والرغبات ما أمكن ذلك . لأن هذا هو الإدارة الجيدة والتنظيم المطلوب ، والجماعة فى عملها أبعد ماتكون عن الارتجال ، وأبعد ما تكون عن تحميل أحد الأفراد أعباء رجلين أو ثلاثة ، لأن ذلك معناه عدم الإحسان - والعياذ بالله .

17 - لكى تنجح الدورة فلابد لكل قائم بعمل أساسي فيها من رديف يخلفه عند تخلفه وبخاصة فى المعاونين والمحاضرين والموجهين والزائرين ، وذلك هو الذى يضمن للدورة - بعد توفيق الله - ألا يتعطل عمل من أعمالها أو يضطرب .

18 - من عوامل نجاح الدورة أن تحاط بالسرية عن غيرالمشاركين فيها, لأن ذلك أدب الجماعة فى معظم شئونها ، فليس بمطلوب إعطاء معلومة لمن لايحتاج إليها ولا لغير مشارك فى العمل المتصل بهذه المعلومة ، وقد تعلمت الجماعة هذا الأدب من خلال تجاربها مع عديد من الحكومات المتعاقبة فأصبح ذلك ديدنها فى المحنة وفى العافية .

19 - ومن عوامل نجاح الدورة أن ينظر منظمها فى تقارير دورة سابقة مماثلة فى الموضوع ، فيستفيد من تجربة سبقته ويتلافى أخطاء حدثت دون قصد ، ،ويبدأ من حيث انتهى إخوته الذين سبقوه فى هذا المجال ، حتى يزداد العمل حنكة وتجويدراً وتطويراً واستزادة من الخير .

20 - من تمام نجاح الدورة أن تعقد فى نهايتها اختبارا للمشاركين فيها تحريرياً ، وأن تضع الأسئلة التى تستوعب بدقة موضوعات الدورة ، والتى تكشف عن قدرات المشارك ومواهبه ، وأن تشتمل على مطالبة المشارك بالإدلاء برأيه الشخصى فى قضية أو مسألة لها علاقة بموضوع الدورة ولم تطرح للمناقشة فى قاعات البحث فى الدورة ، حتى تكون الإجابة على هذه الأسئلة قادرة على تقويم منظم الدورة لمن شارك فيها.

إلى غير ذلك من الشروط التى تكفل نجاح الدورة والتى تعن لمنظهما ومعاونيه فيضعها فى اعتباره . ولابد لنا فى آخر الحديث عن الدورة أن نشير إلى بعض ماتجب الإشارة إليه فيمن يعاونون منظم الدورة من حيث تنوعهم ومن حيث مايجب أن يتوفر فيهم من شروط .

أولا : أنواع المعاونين لمنظم الدورة :

يحتاج منظم الدورة إلى أنواع من المعاونين على النحو التالى :

1 - معاون ذو خبرة عالية فى مجال الإدارة والتنظيم والضبط والدقة ، معاون أو أكثر .

وهذا يتولى الإشراف على جدول الدورة من حيث الأمكنة ومن حيث الأزمنة ومن حيث التنقل ومن حيث الانضباط .

2 - معاون ذو خبرة عالية فى مجال الثقافة والفكر أو أكثر من معاون فى هذا المجال ، وهؤلاء يتولون إدارة قاعات البحث والمناقشة وإدارة الحوار وأخذ الرأى والتصويت إن كان الأمر يحتاج إلى تصويت .

3 - معاون يقوم على أمر الأذان والإقامة وإمامة المصلين فى الفرائض ، ويتولى الإشراف والتنفيذ للجانب الروحى فى الدورة .

4 -معا ون يقوم على أمرإعدا د ا لطعام وا لشرا ب وإعدا د أماكن ا لنوم وا لرا حة ويتولى كل ما له صلة بهذه الأمور ، وهذا الأخير قد لايستطيع لهذه المسئوليات أن يكون مشاركاً فى الدورة ، فيستطيع أن يختار دورة مماثلة يشارك فيها كدارس وأجره عند الله عظيم لأنه كان فى خدمة إخوانه .


الوسيلة السادسة : الندوة

1 - مفهومها ومكانتها بين وسائل التربية :

الندوة : النادى والندى وهو المجلس يندو القوم حواليه .

والندوة : الجماعة من الناس .

والندوة : الجماعة يلتقون فى ناد أو نحوه للبحث والتشاور في أمر معين.

ودارالندوة : بمكة مجتمع القوم للتشاور فى مهام أمورهم كالحرب والصلح والتجارة ودفع الخطر ، و قد بناها قصى بن كلاب الجد الخامس للنبى-صلى الله عليه وسلم- وانتقلت من بعده إلى ولده ثم ولد ولده حتى اشتراها معاوية بن أبي سفيان وجعلها داراً للإمارة فىمكة .

وفي هذه الندوة أجمعت قريش أمرها على قتل رسول الله-صلى الله عليه وسلم -وتفريق دمه ثم القبائل في خيبهم الله وهاجر الرسول-صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة محفوفاً برعاية الله وحفظه .

والندوة : في عصرنا هذا هى : اجتماع يتكون من عدد محدود من الخبراء والمختصين للإسهام في دراسة موضوع أو مشكلة بحيث يعطى كل واحد منهمل رأيه داعماً إياه بما يستطيع من أدلة وبراهين

وقد عرفت جماعة الإخوان المسلمين الندوات بهذا المعنى الحديث المعاصر ومارستها سنوات طويلة فى الشعب والمناطق وفى بعض الأحيان فى المركزالعام ، وكانت الجماعة تستضيف لهذه الندوات العلماء والخبراء والمتخصصين ليدرسوا قضية بعينها.

ولم يكن من المشروط فى المدعوين للمشاركة فى الندوة أن يكونوا من جماعة الإخوان فكثيراً ما استضيف علماء ومفكرون وسياسيون لاتربطهم بالجماعة صلة عضوية أو تنظيمية . وكان الوقت المختار للندوة بعد صلاة العشاء مباشرة ، وأحيانا بعد صلاة المغرب مع تأخير صلاة العشاء بعض الوقت أو قطع الندوة لأداء الفريضة ثم العودة إليها.

ولقد طرحت فى هذه الندوات للمدارسة قضايا ومسائل لها أهمية خاصة لدى المسلمين أو المشتغلين بالعمل الإسلامى ، وكانت تلك القضايا والمشكلات متنوعة على النحو التالى :

1 - قضايا دينية : مثل :

أ - الدين والسياسة - أى فصل السياسة عن الدين

ب - تطبيق الشريعة الإسلامية كاملة .

جـ - الرق فى الإسلام .

د - دعوى انتشار الإسلام بالسيف .

هـ - الجهاد فى سبيل الله .

و - ا لاجتهاد .

2 - قضايا اجتماعية : مثل :

أ - قضية تعليم المرأة .

ب - قضية عمل المرأة .

جـ - قضية الحجاب والسفور .

د - قضية المخدرات والمسكرات .

هـ - قضية التدخين .

و - قضية دور اللهو .

ز - قضية التحلل الأخلاقى .

3- قضايا سياسية : مثل :

أ - قضية الاستعمار وأذنابه كالشيوعية والرأسمالية والاشتراكية .

ب - قضية الصهيونية .

جـ - قضية الصليبية .

د- قضية فلسطين .

هـ - قضية أندونسيا

و - الأقليات المسلمة .

ز - قضية الحريات.

ح- قضية الشورى .

ط - قضية الخلافة الإسلامية " نظرية الإسلام السياسية ".

ى - قضية وحدة الأمة الإسلامية .

4 – قضايا اقتصادية : مثل :

أ - قضية المصارف والربويات .

ب - قضية العمل والإنتاج .

ي - قضية العمال وحقوقهم وواجباتهم .

د - قضية النقابات المهنية .

ء - الإصلاح الزراعى وتوسيع الرقعة المنزرعة .

و - قضية الصناعة .

ز - قضية توزيع الثروة .

ح - قضيةالمذاهب إلاقتصادية كالرأسمالية والشيوعية .

ط - قضيه نظرية الإسلام الاقتصادية .

5 - قضايا فكرية مذهبية : مثل :

أ - التقريب بين المذاهب الإسلامية .

ب - البهائية .

جـ - القاديانية .

د - الإسماعيلية .

هـ - الباطنية .

و - الماسونية .

ز - أندية الروتارى .

6 - قضايا ثقافية توجيهية : مثل :

أ - المسارح.

ب - دور السينما .

جـ- الإذاعة .

د - الصحف والمجلات.

هـ - قضية التعليم أهدافه ووسائله .

و - المساجد ووظيفتها.

ز - الأزهر ورجاله .

7 - قضايا أخلاقية : مثل :

أ - أزمة الأخلاق المعاصرة .

ب - الأخلاق فى الإسلام .

جـ- أثر الأخلاق فى بناءالأمم .

وغير ذلك من القضايا والمشكلات التى كانت تشغل المجتمعات الإسلامية فى مصر وفى العالمين العربى والإسلامى .


مكانتها بين الوسائل :

هذه الوسيلة التربوية " الندوة " بين وسائل التربية التى لجأت إليها جماعة الإخوان المسلمين فى تربية الناس تعد هى والمؤتمر - الذي سنتحدث عنه كآخر وسيلة تربية عندالجماعة - وسيلة تربوية ثقافية فكرية ، تزيد الرصيد الثقافى عند السامع وتعمق فكره حول موضوع بعينه ، وتمكنه من الإلمام بأطراف مشكلة من المشكلات ، والتعرف على أنسب الحلول لها .

وربما كان اقتصار الندوة فى التربية على الجانب الثقافى الفكرى مما يقلل من شأنها إذا قورنت بوسائل التربية الأخرى الشاملة مثل الأسرة والكتيبة والمعسكر ، لكنها على الرغم من ذلك تشتد الحاجة إليها غالبا لأن العصر الذى نعيشه عصر الثقافة والفكر والتطور والتغير المستمر ، والثقافة هى التى تمكن الإنسان أكثر من غيرها من التوجيه والقيادة وجمع الناس وجذبهم .

وإذا أضفنا إلى ذلك اهتمام الجماعة بالطلاب بشكل خاص وضح لنا أهمية الندوة بالنسبة لهذا القطاع العريض من الشباب .


2 - أهداف الندوة

- كما أوضحنا آنفا - يكاد يكون الهدف الفكرى الثقافى للندوة هو هدف الأهداف ؛ لأن المتغيرات فى الحياة الإنسانية مستمرة ؛ ولأن مواكبة هذه المتغيرات والقدرة على مواجهتها أمر ضرورى بل بالغ الأهمية .

ولكن مع وضوح هذا الهدف فإن هناك أهدافاً أخرى تحققها الندوة نشيرمنها إلى ما يلي: تكوين وعى ثقافى مستنير عند الحاضرين حول قضية مهمة من القضايا التى تهم المجتمع المسلم فى حاضره أو فى مستقبله .

تيسير التعرف على أساليب مناسبة لعلاج مشكلة من المشكلات ، ومن وجهات نظر متعددة ، للوصول إلى علاج هذه المشكلة أو المشكلات .

تعرف الحاضرين على طائفة من العلماء والمتخصصين فى مجالات متعددة ، واستثمار هذه المعرفة وتوظيفها لصالح الدعوة عند الحاجة إليها .

تيسير التقاء عدد كبير من السامعين والمشاهدين فى مكان بعينه ، لما فى ذلك من إحداث تعارف وتفاهم وروابط بينهم لخدمة الإسلام والمسلمين .

مادام الأصل فى جمهور الندوة أن يكون من الإخوان ومن غير الإخوان من عامة المسلمين ، فإن هدفا كبيراً للندوة هو جذب هؤلاء الناس إلى الشعبة ، أو إلى مكان التجمع ، تمهيدا لعقد الروابط بهم وجذبهم للعمل من أجل الإسلام ، ثم المرور بهم على مراحل الانضمام إلى الجماعة ، حتى يصبحوا فى النهاية إخواناً عاملين .

6 - عندما يكون الحاضرون فى الندوة قد روعى فيهم نوعية خاصة كالطلاب أو العمال أو الفلاحين أو المهنيين ، فإن الهدف حينئذ يصبح تكوين رأى عام موحد وفكر مشترك حول القضية التى طرحت للبحث ، لأن ذلك من شأنه أن ينمى ويطور هذه الفئة النوعية التى دعى أفرادها إلى الندوة .

7 - عندما يكون الحاضرون فى الندوة إخوة عاملين من الجماعة ، أو قياديين على أى مستوى من القيادة ، فإن الهدف للندوة حينئذ يصبح تكوين أفكار خاصة نافعة ، ومطورة للعمل فى المجال الذى طرحت إحدى قضاياه للمناقشة مثل :

قضايا الدعوة الفردية أو الجماعية .

وقضايا الحركة ومتطلباتها .

وقضايا التنظيم والإدارة .

و قضايا المؤهلات القيادية فى العمل الإسلامى .

8 - تعريف الحاضرين بواقع العالم الإسلامى ، عندما يختار موضوع المحاضرة واحداً من الموضوعات التالية :

أ - الواقع السياسى لبعض بلدان العالم الإسلامى .

ب - الواقع الاقتصادى لبعض بلدان العالم الإسلامى.

جـ- الواقع الاجتماعى لبعض بلدان العالم الإسلامى .

د - الواقع الثقافى لبعض بلدان العالم الإسلامى .

والتعرف على هذا الواقع ليس هدفا لذاته ، وإنما هو هدف لما وراءه و هو البحث عن كل الوسائل التى يمكن أن تمد بها يد العون لبلد من بلدان العالم الإسلامى ، ولقد سبقت كتائب الإخوان إلى فلسطين ندوات عن فلسطين واليهود ، وما قام به الإنجليز من تمهيد لليهود فى أرض فلسطين ، ثم لحق هذه الندوات والمحاضرات والمؤتمرات حملات لجمع المال وجمع السلاح ، ثم كان التطبيق العملى للجهاد فى سبيل الله بأن سافرت كتائب الإخوان لتدافع عن بلد من بلدان العالم الإسلامى هى فلسطين ، وكان لهم هناك تضحيات وبطولات إتخذ الله منهم ا لشهداء .

9 - تعريف الحاضرين فى الندوة بمقدرات العالم الإسلامى الاقتصادية ، من محاصيل ومعادن ومياه ونفط عند اختيار موضوعات الندوة من هذه الموضوعات ، ليعرف المسلمون حقيقة مايملكون وحقيقة مايفقدون ، وليدركوا كم يستغلهم أعداؤهم أسوأ استغلال .

ولقد كانت للإمام المؤسس فى هذا المجال إحصاء ات ونظرات دقيقة لافتة للنظر داعية للعظة والعبرة - ولولا أن نخرج من موضوع أهداف الندوة لذكرنا طرفا منها يخص القمح والدخان والديون التى كانت لكل مسلم على دولة بريطانيا العظمى آنذاك ، ولكننا نكتفى بقوله فى مجال التدخين : إن القرش الذى تدفعه ثمنا لسيجارة تضر صحتك وتبدد مالك يتحول فى يد عدوك -انجلترا-إلى سلاح تضرب به أخاك المسلم فى البلاد الإسلامية التى تتحكم فيها .

10 - تعريف الحاضرين بالأقليات المسلمة فى العالم وكم تعانى فى البلاد التى تعيش فيها ، وذلك عند اختيار موضوع للندوة يلقى الضوء على إحدى الأقليات المسلمة فى العالم .

وهكذا تتنوع أهداف الندوة الخاصة بتنوع الموضوعات التىاختيرت لتنعقد الندوة حولها .


3 - برناج الندوة

برنامج الندوة يجب أن يخضع عند إعداده لاعتبارات عديدة نذكر أهمها فيمايلى :

1 - اختيار المكان وإعداده وتوفير كل الاحتياجات له .

2 - اختيار الزمان وضرورة مناسبته لظررف المشاركين فى الندوة من العلماء والخبراء ، ومناسبته لظروف الحاضرين من المدعوين للندوة .

3 - اختيار المشاركين فى الندوة بعلمهم وخبرتهم والاتفاق المسبق معهم على هذه المشاركة .

4 - اختيار جمهور الندوة من الناس عموما ومن الإخوان على وجه الخصوص .

5 - اختيار الموضوع الذى تدور حوله الاراء فى الندوة .

أما البرنامج نفسه فيجب أن يستوفى العناصر الاتية .

1 - الدقة فى اختيار الموضوع ، والتأكد من مدى أهميته للناس وللمرحلة التى يعيشها المسلمون ، ويكون ذلك بالتشاور مع الآخرين من أهل الفكر والمعرفة إخوانا وغير إخوان .

2 - التعمق فى دراسة الموضوع المختار وعرض وجهات النظر المدعومة بالأدلة والبراهين ، وربما ينفع فى ذك التشاور مع العلماء والمتخصصين على نقاط بعينها يركز البحث فيها وتأخذ بروزا معينا فى الندوة .

3 - إتاحة الفرصة للحوار بين المشاركين فى الندوة والحاضرين من الناس ؛ إيمانا بأن الحوار يثرى الفكر ، وأن الرأى مهما كان صائبا إنما يستفيد من الرأى الآخر .

ومعنى هذا أن مدير الندوة أو منظمها يجب أن يجعل فى برنامجه الزمانى للندوة جزءاً من الوقت يتسع لهذا الحوار ، لما له من فائدة كبرى .

4 - الانضباط فى بدء الندوة وفى الانتهاء منها وفى الوقت المتاح للحوار والأسئلة ، ومعنى ذلك ضرورة تحديد وقت محدد لكل مشارك من العلماء والخبراء لا يتجاوزه ، وتحديد وقت محدد للحوار والأسئلة يقفل باب الحديث عند انتهائه ، وتحديد وقت للاستعداد للصلاة وأدائها - عندما تتخلل الندوة فريضة من الفرائض - والالتزام بكل ذلك فى جدية وصرامة وهدوء وابتسام.

5 - مما يجب أن يشتمل عليه البرنامج تعليق مدير الندوة على كل متحدث من الأساتذة العلماء فى وقت محدد كذلك لايتجاوزه مدير الندوة على الرغم بأنه ميقاتى الندوة .

ولابدأن يكون هذا التعليق متسما بما يلى :

أ - البعد عن المجاملة والثناء المباشر لأن هذا يترك للسامعين لا لمدير الندوة .

ب - العمق فى تناول الموضوع وهذا يتطلب -كما سنوضح فيما بعد- أن يكون مدير الندوة على مستوى من العلم والتخصص فى مجال الموضوع الذى طرح فى الندوة للدراسة والمناقشة .

وهذا يؤكد ضروة الدقة فى اختيار مدير الندوة أو منظمها ، بحيث يكون على مستوى التخصص الدقيق فى الموضوع الذى تنعقد حوله الندوة .

6 - لا يتم برنامج الندوة على وجهه الصحيح إلا أن يشتمل على تلخيص لمجمل الاراء التى طرحت فى الندوة ، وأن يسجل هذا التلخيص كتابة أو سماعاً ويعتبر جزءا من وثائق الندوة .

7 - من تمام البرنامج كذلك أن يسجل كل مايدور فى الندوة ، من دراسة وتعليق وحوار ومناقشة وأسئلة وأجوبة ، تسجيلا صوتيا أو صوتا مع صورة ثم يفرغ كتابة ، ويعد الوثيقة الأساسية للندوة ، وتلك مسئولية من يديرالندوة ومن يعاونه.


4 - مدير الندوة ومعاونوه

أولا : المدير :

نسميه مدير الندوة أو منظمها - وهو فى عرف الجماعة التى ما كانت تهتم بالألقاب - مسئول الندوة ، وكان ذلك أدب الجماعة فى التعامل والتخاطب ، فهناك نائب للشعبة لا رئيس لها ، ونقيب للأسرة لا رئيسها، ومسئول المنطقة أو المكتب لا أمير ولا رئيس ، والمرشد العام لا قائد الجماعة أو رئيسها ، وإذا أطلقت ألفاظ أمير أو رئيس أو مدير فإنما هى على سبيل مجاراة العرف وليست أساسية فى أدب الجماعة فى التخاطب ، هكذا تحدثت وثائق الجماعة وحدث به القدامى من أبنائها .

وأبرز ما يجب أن يتوفر فى مدير الندوة هو الجانب العلمى الثقافى ، الذى تكون له صلة وثيقة وعميقة بموضوع الندوة المطروح للمدارسة ، ومعنى ذلك أن شخصا واحدا مهما كان فى الجماعة لايستطيع أن يدير كل ندوة لأنه لايوجد فى الناس من يحيط بكل موضوع .

وإنما يشترط ذلك لأن تعليق مدير الندوة على كل مشارك من أهل العلم والتخصص من تمام الدراسة ومكملاتها ، فلهذا كان ذلك كذلك .

كما يشترط ماسبق أن شرطنا فى المسئولين عن الدورة والمعسكر والرحلة من صلاح وتقوى وحب للناس وألفة منهم له مكانة وسابقة فى الدعوة .

وسنزيد هنا بعض الشروط التى تخص مدير الندوة على حدة ليزداد الأمر وضوحاً وهى :

1 - المكانة العلمية فى مجال الموضوع المطروح للمدارسة .

2 - القدرة على اختيار عناصر الموضوع وإقناع الختصين به .

3 - القدرة على التحاور مع العلماء والمتخصصين .

4 - القدرة على التعليق الجيد على المشاركين فى الندوة تعليقا يثرى الموضوع ويزيد أبعاده وضوحا . 5 - القدرة البيانية التى تمكنه من القيام بالمهام التالية :

أ- افتتاح الندوة بكلمة وجيزة هادفة .

ب - تقديم كل مشارك فى الندوة تقديماً مناسبا .

جـ- التعليق على المشاركين فى الندوة تعليقا مدروساً .

د - إدارة الحوار وتلقى الأسئلة .

هـ - التعليق العام على الندوة كلها بعد انتهاء المشاركين من كلامهم وانتهاء الحوار والمناقشة.

و - اختتام الندوة بكلمة مناسبة .

6 - القدرة الإدارية التنظيمية التى تؤهله لكى يدير الندوة إدارة جيدة ، وتتمثل الإدارة الجيدة فى جملة صفات أهمها :

أ - الهدوء والبعد عن الانفعال.

ب - الحسم والفاعلية.

جـ- البعد عن المبالغة والتهويل .

7 - القدرة على احتواء المشكلات التى قد تنجم عن اختلاف وجهات النظر ، أو الحوار الساخن أو السؤال المحرج وتتمثل هذه القدرة فى أمرين :

أ - إرضاء الأطراف المتنازعة بلباقة .

ب - عدم المجاملة على حساب الحق .

8 - الإشراف الدقيق على تسجيل كل مادار فى الندوة تسجيلا صوتيا أو صوتاً مع صورة ،ثم تفريغ هذه التسجيلات كتابة وعمل تصنيف لهذه المادة على النحو التالى :

أ - كلمة الافتتاح .

ب - تقديم المشارك .

ب - سجل لكلمة المشارك .

د - سجل للحوار والأسئلة والأجوبة على كل مشارك .

هـ - سجل للتعليق على كل مشارك .

و - تسجيل كل المشاركين بنفس الصورة السابقة .

ز - تسجيل التعليق العام فى الندوة .

9 - القدرة على عقد علاقة خاصة بالمشاركين فى الندوة لاستضافتهم فى مناسبات لاحقة .

10-القدرة على ترك انطباع عام جيد فى نفوس الحاضرين ، والتعرف على مدى تقبلهم لما قيل فى الندوة وعلى اتجاه تعليقاتهم وأسئلتهم ومشاركتهم فى الحوار .

ثانيا : معاونو المدير :

يعاون مدير الندوة أو منظمها عدد من الإخوة يقل أو يكثر حسب حاجة الندوة من حيث عدد المشاركين والحاضرين ، ومن حيث الزمن الذى تستغرقه الندوة ومن حيث مايقدم فيها من خدمات للمشاركين والحضور . وهؤلاء المعاونون يجب أن تتوفر فيهم الشروط التى سبق أن تحدثنا عنها فى معاونى قائد المعسكر ومدير الدورة وهى على إجمالها وعمومها : الصلاح والسابقة فى الدعوة والألفة بين الناس ، والرغبة فى خدمة الناس ومعاونتهم .

وأما الشروط الخاصة التى يجب أن تتوفر فيهم فهى :

1 - الثقافة العميقة والخلفية العلمية الجيدة ، لأن تعامله واحتكاكه سوف يكون بالعلماء وأهل الخبرة والتخصص .

2 - الالتزام والأخوة والدماثة وسعة الخلق ورحابة الصدر والقدرة على امتصاص أخطاء الآخرين. 3 - سرعة الحركة وسرعة الاستجابة لإشارة المدير وتنفيذها بدقة وذكاء.

4 - الإحاطة التامة بالمكان جغرافيا وفنيا ، بمعنى معرفة كل صغيرة وكبيرة عنه ، مثل: مداخله ومخارجه وأبوابه و طرقاته وتوزيع الكهرباء فيه و مياهه وسائر مرافته - حتى يتمكن من التصرف السريع عند الحاجة إلى تصرف في ظرف طارئ .

ويمكن أن يحتاج مدير الندوة إلى ثلاثة أنواع من المعاونين على الأقل حسب طبيعة الندوة ومكان عقدها وهم :

1 - معاون يتولى الإشراف على مرافق المكان والتأكد من سلامتها وأدائها لمهامها " المياه والصرف والكهرباء " .

2 - معاون يتولى إعداد المكان للحاضرين مثل :

المنصة ومقاعدها وأجهزة نقل الصوت وتكبيره وأجهزة الإضاءة عليها.

القاعة ومقاعدها ومايلزم الحاضرين من أوراق وأقلام .

جـ -الإشراف على أجهزة التسجيل ، وإعداد بدائل فى حالة تعطل أحد الأجهزة والاستعداد بأكثر من اللازم من الأشرطة لمواجهة أى احتياج طارىء .

3 - معاون يتولى جمع الأسئلة وتبويبها وتسليمها لمدير الندوة عقب كل متحدث من العلماء والخبراء . و قد تدعو الحاجة إلى أكثر من ذلك أو إلى أقل ، ولسنا بحاجة إلى التنبيه إلى أن مدير الندوة عند اختياره لمعاونيه - وفق هذه الشروط التى ذكرنا - فإنه دائما بعد اختيارهم يجب عليه أن يرشحهم لدى إخوانه المسئولين ويزكيهم ماوسعته التزكية إذا كان مقتنعا بهم وبقدراتهم وإمكاناتهم ، ولكن ليس له أن يخبرهم بهذا الاختيار ، أو يبلغهم ببدء العمل والتعاون معه قبل أن يرد إليه من إخوانه المسئولين مايفيد قبولهم لهذه المهمات التى اختيروا للمعاونة فيها ، لأن ذلك أدب الجماعة ونظامها .

كما أن مدير الندوة أو أمير الرحلة أو قائد المعسكر يرشح، أولاً للقيام بهذه المهمه ثم لا يفاتح ببدء العمل إلا بعد ورود الموافقة عليه من المسئولين .

وعلى مدير الندوة واجبات قبل الندوة وبعدها نشير إليها فيما يلي :

أولا : واجباته قبل عقد الندوة :

1 – ترشيح المشاركين فى الندوة وانتظار الموافقة عليهم .

2 - ترشيح المعاونين له فى العمل وانتظار الموافقه عليهم .

3- عقد لقاء مع أعضاء الندوة والتفاهم معهم على الموضوع وعلى عناصره .

4 - عقد لقاء مع معاونيه وتحديد عمل كل واحد منهم ومكانه وزمانه والتفاهم معهم على إشارات معينة تغنى عن الكلام عند حاجة المدير إلى قيام أحدهم بعمل معين أنناء انعقاد الندوة .

ثانيا : واجباته بعد عقد الندوة :

توديع المشاركين وشكرهم ومصاحبتهم حتى مغادرة مكان الندوة . 2- الإشراف على انصراف الحاضرين وشكرهم على الحضور .

3 - عقد اجتماع مع معاونيه لشكرهم على العمل ومطالبتهم بما يلى :

أ - تقويم الندوة من حيث الإيجابيات والسلبيات وكتابة ذلك فى تقريرات .

ب - تسليم مالديهم من معدات وأجهزة وأوراق وتسجيلات .

4 - كتابة تقرير عن الندوة يتضمن مادار فيها ويلحق به كل متعلقات الندوة .


الوسيلة السابعة : المؤتمر

1 - مفهومه ومكانته بين وسائل التربية

أ- مفهومه :

المؤتمر : فى اللغة مكان الائتمار - أى المشاورة . وقد عرفه مجمع اللغة العربية بأنه : مجتمع للتشاور والبحث فى أمر ما .

وقد عرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنه مؤتمر رسمى ومؤتمر عام ، فعرف المؤتمر الرسمى بقوله : يخصص هذا المصطلح للدلالة على الاجتماعات الرسمية ذات الأهمية من حيث أهدافها ونتائجها المحتملة كإبرام مواثيق أو معاهدات .

وعرف المؤتمر العام بقوله : يضم عددا كبيرا من المشتركين قد يصل إلى مئات ، والاشتراك فيه مباح لجميع المنظمات والأفراد المختصين . ويعقد لمدة محددة لتبادل الرأى فى الموضوعات المعروضة عليه وإصدار توصيات تنشر على نطاق واسع .

وتعقد المؤتمرات العامة عادة فى فترات دورية بين كل فترة وأخرى سنة أو أكثر .

وبكل واحد من هذه المفاهيم : اللغوية أو المعاصرة عقدت الجماعة عددا كيبرا من المؤتمرات ، بل إن عقد المؤتمرات قد واكب تاريخ الجماعة فى خطواته الأولى منذ كانت الجماعة فى منطقة الإسماعيلية ، واستمرت الجماعة تمارس عقد المؤتمرات على المستوى العام للجماعة وعلى المستوى الإقليمى لمناطق الجماعة وما تخلت عن المؤتمر فى وسائلها التى تربى بها الأفراد والجماعات . وإنما جنت الجماعة من هذه المؤتمرات أطيب الثمار .

ب - مكانة المؤتمر بين وسائل التربية :

قد يتوهم بعض الناس أن المؤتمر ليس وسيلة جيدة للتربية . بمعنى أن الوسائل الأخرى تربى بشكل مباشر ومقصود ، فى حين أن المؤتمر قد لايحقق ذلك ، وهذا الوهم يزول عند التأمل فى الموضوعات التى تطرح فى المؤتمر ، إذ الغالب فى هذه الموضوعات أن تضيف إلى الحاضرين فى المؤتمر بعدا ثقافيا ومعرفيا قدلا يتاح بنفس المستوى فى الوسائل الأخرى ، فهى المعرفة المغربلة التى جاءت نتيجة للبحوث، والدراسات المتعمقة ، والحوار والمناقشة والاستقرار فيها على الحصيلة لكل هذا .

ولكن ما يميز المؤتمر عن سائر وسائل التربية لابد أن نشير إلى نماذج منه فيما يلى :

1 - أنه يضم حشدا كبيرا من المشاركين فى الدراسة ، غالبا ما يكون كل واحد منهم قد أعد نفسه للمشاركة فى المؤتمر ببحث أو دراسة جيدة فى الموضوع المعروض فى المؤتمر ، وهذا لا يتاح فى وسيلة أخرى سواه .

2 - أنه يضم حشدا كبيرا من الحاضرين المدعوين للاستماع والاستفادة ، ويرتيح لهم فرصة جيدة للاشتراك فى المناقشة والحوار ، كما يعطيهم الفرصة الجيدة للتعرف على الاراء الأخرى من جانب ، وعلى آراء الباحثين والدارسين وشخصياتهم من جانب آخر .

3 - أن مدة انعقاده قد تطول فى بعض الأحيان ، مما يتيح للدارسين. . والباحثين فرصة عرض بحوثهم ودراساتهم على اللجان المختصة للتداول فيها والانتهاء إلى رأى منخول فيها ، وهو أمر يزيد البحث والدراسة عمقا وقدرة على مواكبة المتطلبات .

كما أن طول مدة انعقاده تعلى نفس الفرصة لكل الحاضرين من أعضائه ، لكى يستمعوا إلى أنضج الآراء حول الموضوع وإلى أعمق الدراسات والبحزث .

4 - أن الموضوع المختار للدراسة والبحث يحشد له من الطاقات والكفاءات العلمية مالا تتاح فرصة حشده فى وسيلة أخرى من وسائل التربية .

وغالبا ما يكوت هذا الموضوع بحاجة ماسة إلى ما يلى :

أ- تبادل وجهات نظر متعددة حوله .

ب - تعميق بحثه ، ودراسته بوساطة المختصين .

جـ - أخذ الموافقة عليه من أكبر عدد من الناس، لأهمية مايترتب عليه عندما يصبح قرارا من قرارات الجماعة .

5 – أن المؤتمريركز بعمق ودقة على الجانب الثقافى فى تربية الأفراد ، ويعطى لهذا الجانب عمقا واتساعا لإ يتاح بنفس القدر والفاعلية مع الوسائل الأخرى من وسائل التربية ، وواضح ما للجانب الثقافى من أهمية فى شخصية من يتصدى للعمل الإسلامى فى هذا العصر المستمر فى التغير .

6 - المؤتمر فرصة جيدة لتنشيط الفكر وتلقيحه بأفكار أخرى ، والوصول من وراء ذلك إلى تحليل مقبول للموضوع المطروح للمناقشة ، فضلا عما فيه من مشاركة حية وإيجابية من الحاضرين للباحثين والخبراء ، وكل ذلك يعط دربة لا تتوفر بنفس المستوى فى وسيلة أخرى من وسائل التربية .

7 - المؤتمر يجدد الروابط بين الأعضاء المدعوين من أماكن متباعدة ، ويزيد التعارف عمقا ويوثق فيهم معانى الأخوة ، ويوضح ئلهم بعض المعالم فى طريق العمل الإسلامى .

8 - المؤتمر يعطى الجماعة ثقة كبيرة فى إصدار قرار ما بعد أن يكون المؤتمر قد أصدر توصية فى موضوع هذا القرار ، كما يساعد فى القضاء على الاختلاف بين وجهات النظر حول موضوع بعينه ، وتلك أهداف للجماعة فى كل ما تصدره من قرارات ، فضلا عما يتيحه المؤتمر لمبدأ الشورى من ممارسة جيده على أعلى المستويات من جانب ، وعلى أوسع القواعد من جانب ثان ، وعلى أدق التفاصيل من جانب ثالث.

9 - كان المؤتمر فى تاريخ الجماعة دائما يعطى الجماعة فرصة لطرح سياسة معينة فى أى مجال من مجالات العمل فى الجماعة ، لأخذ الرأى عليها والوصول فيها إلى قرار ، بدلا من استطلاع رأى أفراد الجماعة فى أماكن . تجمعهم ، لما فى ذلك من استهلاك كبير للوقت والجهد والمال .

10 - كانت المؤتمرات فرصة للجماعة ليجدد أعضاؤها بيعتهم لقيادة الجماعة ، وما يستهدفه ذلك من تجديد الثقة بين الجند والقادة ، مما ييسر على الجماعة عملها والسير بسياستها إلى مداها .


2 - تاريخ المؤتمرات فى الجماعة

أ - المؤتمرات الإقليمية والخاصة :

أشار أول مكتب للإرشاد للجماعة على الإخوان بعمل مؤتمرات إقليمية دورية لكل مجموعة من الشعب المتجاورة - لم تكن شعب الإخوان كثيرة فى هذه الفترة - يجتمع فيها المسئولون أو الممثلون للشعب لطرح بعض قضايا العمل فى مجال الدعوة ، وتبادل الآراء حول هذا العمل وأساليبه ، وإصدار توصيات فى هذا المجال ويتبعها التنفيذ .

واستجابت المناطق والشعب لهذه الإشارة ، وأخذت تعقد المؤتمرات الإقليمية كل شهرين أو ثلاثة ، وقد استطاعت هذه المؤتمرات أن تثرى العمل الإسلامى بعامة والعمل الإخوانى على وجه الخصوص.

وقد تحدث الإمام المؤسس فى مذكراته عن استجابة شعبة البحر الصغير وما حولها من الشعب لهذه الإشارة ، وذكر أنها كانت تعقد مؤتمرا كل ثلاثة شهور ، وكانت تختار مقر المؤتمر فى إحدى الشعب ، في تتناوب الشعب فى استضافة المؤتمر فى كل انعقاد له .

وقبل أن نتحدث عن المؤتمرات العامة للجماعة التى بلغ عددها ستة مؤتمرات ، ثم كونت الجماعة بعد المؤتمر السادس هيئتها التأسيسية لتكون بمثابة مؤتمر دورى كل ستة أشهر أو نحوها ، ثم استغنت بهذه الهيئة عن المؤتمرات العامة ، فى حين استمر عقد المؤتمرات الإقليمية .

إن علينا أن نمثل بمؤتمرين إقليميين هامين عقدتهما الجماعة لمعالجة بعض القضايا هما :

مؤتمر ألمنصورة ، ومؤتمر أسيوط ، وقد رأى الإمام المؤسس أن يجعل من هذين المؤتمرين الإقليميين مقدمة لعقد المؤتمر العام الأول للجماعة الذى عقد على مستوى القطر كله ، ذلك المؤتمر الذى سنتحدث عنه بعد قليل .

ولنلق ضوءا على هذين المؤتمرين التمهيديين :

أولا : مؤتمر المنصورة :

لحضره الإمام المؤسس ودعى إليه إخوان الوجه البحرى واختيرت المنصورة مقرا له ، وبعد انعقاده انتهى إلى التوصيات الواجبة النفاذ التالية :

1- تأكيد أن دعوة " الإخوان المسلمون " دعوة شاملة جامعة تتناول كل ما يجب عمله من أجل الإسلام . وأن على من ينتسب إلى تلك الدعوة أن يرى فيها غناء عن الانتساب لغيرها من الدعوات . 2 - التأكيد على ضخامة التبعة الملقاة على عاتق جماعة الإخوان المسلمين ، جماعة وأفرادا بالنسبة للإسلام وبالنسبة للمسلمين .

وأن على الإخوان المسلمين أن يشعروا بضخامة هذه التبعة وأن يولوها من العمل والتجرد ما هى أهل له .

3 - التأكيد على أهمية الانتماء للجماعة لما فى هذا الانتماء من فائدة الفرد برضى الله عنه ، وللإسلام بالعمل من أجله .

أن على كل واحد من الإخوان أن يتجرد من أى انتماء لحزب من الأحزاب السياسية .

4 - التأكيد على أن الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين هوالتميز الإسلامى لأفراد الجماعة فى أخلاقهم وسلوكهم .

وأن على كل أخ منتم للجماعة أن يتميز فى سلوكه ، أخلاقه عن سائر الناس ، تميزا يتخذ فيه أدب الإسلام وأخلاقه شعارا ودثارا له .

التأكيد على أن أول العادات المخالفة لأدب الإسلام هى التدخين كما يمتنع تماما عن صاحبه وعلى الأمة الإسلامية من ضرر .

5- وأن على كل واحد من الإخوان المسلمين أن يقلع تماما عن التدخين ، كما يمتنع تماما عن أى كيوف حتى لايكون أسير عادة من العادات . وقد كان هذا المؤتمر دعوة صريحة من قيادة الجماعة بجملة معان ورموز تميزالجماعة وأفرادها عن سواهم وتقدم فى طريق العمل الإسلامى معالم جديدة .

هذه المعانى والرموز هى :

أ - الاعتزاز بالإسلام وبالجماعة.

ب - الالتزام بالجماعة وتبعات الإسلام .

جـ - الانتماء للإسلام والجماعة والتجرد من أى اتتماء اخر .

د - الانضباط أخلاقيا وسلوكيا مع اداب الإسلام .

هـ - الإقلاع عن الكيوف وأولها التدخين وتحرير الإنسان من الكيوف والعادات الضارة به وبدينه .

وكانت هذه المعانى والرموز كسبا ضخما للجماعة وللعمل الإسلامى كله


ثانيا : مؤتمر أسيوط :

حضره الإمام المؤسس كذ لك ودعى إليه الإخوان من مختلف الشعب فى الوجه القبلى كله ، واختيرت أسيوط مقرا له لتوسطها بين عواصم أقاليم الوجه القبلى .

وبعد انعقاد المؤتمر وإتمام أعماله أصدر توصيات واتخذ قرارات هى نفس ما اتخذ فى مؤتمر المنصورة ، وكان المعنى من توحيد موضوع المؤتمرين وتوصياتهما واضحا ، وهو أن يلتزم الإخوان فى الوجهين البحرى والقبلى بهذه القرارات أو تتميز لهم شخصية إسلامية يعرفون بها فى المجتمع .


كما أن للجماعة مؤتمرات خاصة بقضايا بعينها غير مؤتمراتها العامة .

ومن هذه المؤتمرات الخاصة مؤتمران : مؤتمر عن قضية فلسطين ، واخر لبرلمانات العالم ، وسوف نشير إليهما قبل حديثنا عن المؤتمرات العامة للجماعة فنقول :

أولا : مؤتمر فلسطين :

كان هذا المؤتمر أول مؤتمر يعقد فى مصر من أجل قضية فلسطين ،، وما سبق الجماعة إليه حكومة ولا حزب ولا جماعة أخرى ، فتميزت الجماعة فى عقده بالسبق السياسى والقومى انطلاقا من الفقه الإسلامى لوحدة المسلمين .

وقد كانت لهذا المؤتمر دوافع نشير إلى بعضها فيما يلى :

أ - محاولة انجلترا - وكانت محتلة لمصر ولكثير من بلدان العالم العربى - عزل مصر عن العرب، وعن المسلمين لما تعرفه من ثقل مصر فى ميزان الإسلام والعروبة ، ومن أن تحييد مصر عن العرب يمكن إنجلترا من منح فلسطين لليهود .

وقد نجحت انجلترا فى ذلك إلى حد أن أحد رؤساء الوزارات فى مصر عندما سئل : ماذا أعددت لقضية فلسطين ؟ قال : بوحى من انجلترا - أنا رئيس وزراء مصر ولست رئيس وزراء فلسطين .

فكان على الجماعة أن تعيد الوعى إلى رؤس الغافلين ، فدعت إلى عقد هذا المؤتمر .

2 - وكان قد حدث تمهيد لذلك فى مصر ، إذ ألقت انجلترا فى روث بعض المصريين أن مصر فرعونية لا عربية عن طريق الإشادة بالأمجاد الفرعونية وبمصر الفرعونية ، فكان لابد من تصحيح الانتماء إلى العروبة والإسلام ، فدعت الجماعة إلى هذا المؤتمر .

3 - حاولت انجلترا جاهدة بوسائلها المعروفة أن تقنع العرب بأن مصر لبست عربية واستجاب لها بعض الغافلين فكان لابد من تصحيح المفاهيم فكانت الدعوة إلى هذا المؤتمر .

4 - كانت انجلترا تخطط لعزل مصر عن العالم العربى وإيهام العالم العربى فرعونية مصرلسلب فلسطين من الأمة العربية ومنحها لليهود ، بحيث لا تجد فلسطين من يحميها من مخطط الإنجليز وعدوان اليهود .

فكان لابد من هذا المؤتمر للرد على هذا المخطط المعادى للأمة العربية والأمة ا لإسلامية .

وقد عقد هذا المؤتمر فى المركز العام للجماعة وكان مكانه آنذاك فى العتبة الخضراء بقلب مدينة القاهرة .

ودعا الإخوان إلى هذا المؤتمر عددا من زعماء العالم العربى وعددا من السياسيين والمفكرين، ولقد استجاب لهذا المؤتمر الأول من نوعه فى مضر عديدا ممن وجهت إليهم الدعوة .

وأسفر المؤتمر عن توصيات أبرزها مايلى :

1 - الدعوة إلى وحدة العرب والخرروج من مأزق التفرقة لمواجهة خطر إنجلترا واليهود - وكانت قد لاحت فى سماء العالم العربى نعرات وقوميات تستهدف تمزيق العرب وتفتيت وحدتهم التاريخية واللغوية والاجتماعية والسياسية والفكرية ؛ مثل الفينيقية فى سوريا والآشورية فى العراق والفرعونية فى مصر وغيرها .

2 - مطالبة حكومات الدول العربية بالتدخل من أجل إنقاذ فلسطين من الإنجليز واليهود .

3 - التصدى للتحالف ، السياسى بين انجلترا واليهود حيث كانت انجلترا قد وعدت اليهود بوطن فى فلسطين فى وعد" بلفور " المشئوم ، حيث أعطى من لا يملك ما لايستحق ، ومهدت بهذا الوعد انجلترا وطنا قوميا لليهود .

وقد استجابت بعض الحكومات العربية لقرارات المؤتمر أو توصياته ، ولأول مرة يتضح لبعض الدول العربية أن عليها واجبا نحو فلسطين وقضيتها.


ثانيا : مؤتمر " البرلمانات " العالمية :

وقد عقدته جماعة الإخوان المسلمين بسراى لطف الله بالقاهرة .

ويعد هذا المؤتمر نتيجة للمؤتمر العربى الأول من أجل فلسطين وامتدادا له فى سبيل دعم القضية الفلسطينية والدعوة إلى التفكير فى حل لها ، وقد وجهت الدعوة إلى عدد من الزعماء العرب وإلى عدد كبير من " برلمانات " العالم ليرسل كل " برلمان " بعض أعضائه للتشاور فى إيجاد حل لمشكلة فلسطين .

وقد استجاب لهذا المؤتمر عدد من زعماء العالم العربى مثل : الأمير فيصل برن عبد العزيز والأمير أحمد بن يحيى ، وعدد كبير من زعماء " برلمانات " العالم كما يعد هذا المؤتمر أول مؤتمر عالمى من أجل فلسطين .

وأهم قرارات المؤتمر مايلى :

1ـ نداء إلى جميع دول العالم بالعمل على إنقاذ فلسطين من اليهود.

2 - نداء إلى حكومة انجلترا بالذات - صاحبة وعد بلفور المشئوم - بضرورة إيجاد حل لمثسكلة فلسطين وتسوية القضية بما يحفظ حقوق الفلسطينيين .

وكان من نتائج هذا المؤتمر مايلى :

1- أن الحكومة الإنجليزية أوقفت حملات القمع والقتل والسجن والتشريد التى كانت تمارسها ضد الفلسطينيين ولصالح اليهود .

2 - أبدت إنجلترا استعدادها للتفاهم حول قضية فلسطين والبحث لها عن حل .

3 - دعت إنجلترا إلى عقد مؤتمر من أجل قضية فلسطين فى لندن سمته " مؤتمر المائدة المستديرة " ، ووجهت الدعوة من أجله إلى عدد من زعماء العالم العربى وعدد من اليهود وعدد من الفلسطينيين . وعقد المؤتمر فعلا وحضره عدد من المدعوين ، منهم الأمير فيصل بن عبد ا لعزيز وا لأميرأحمد بن يحيى وبعض ا لفلسطينيين وبعض اليهود وحفز عدد من ا لإخوا ن بوصفهم يقومون بأعمال " السكرتارية " للأميرين فيصل وأحمد ، ومن الإخوان الذين حضروا لأداء مهمة السكرتارية . الدكتور محمود أبو السعود وغيره .

تلك نماذج من المؤتمرات الإقليمية والخاصة التى عقدتها الجماعة .


ب - المؤتمرات العامة للجماعة :

أ - المؤتمر العام الأول للجماعة " مجلس الشورى العام " :

دعا فضيلة المرشد العام إلى هذا المؤتمر نواب فروع جماعة الإخوان المسلمين بالقطر المصرى للاجتماع بمدينة الإسماعيلية ، يوم الخميس الموافق 22 من شهر صفر سنة 1350 هـ للنظر فى شئون الجماعة ، فلبوا النداء سراعا .

وقد حضر الإخوان من مختلف البلدان - وقد دام الاجتماع من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر ، ثم رفعت الجلسة وأدى الحاضرون فريضة الصبح بمسجد الإخوان المسلمين .

وفى صلاة الجمعة . تفرق خطباء الإخوان على مساجد الإسماعيلية معظمها ، فخطبوا للجمعة وتلاكوا أحسن الأثر فى نفوس السامعين .

وبعد صلاة العصر أعد حفل تكريم للحاضرين بفناء مدرسة أمهات المؤمنين للبنات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين .

وكان من أهم قرارات هذا المؤتمر مايلى :

1 - تكوين مكتب الإرشاد الأول للجماعة من فضيلة المرشد وعشرة أعضاء معه وهم :

الشيخ مصطفى الطير من علماء الأزهر " مدرس بالأزهر " .

الشيخ عبد الحفيظ فرغلى من علماء الأزهر" مدرس بالأزهر "

الشيخ حامد عسكرية من علماء الأزهر " واعظ " .

الشيخ عفيفى الشافعى من علماء الأزهر " مأذون شرعى بالسويس " .

الأستاذ أحمد السكرى " مدرس بالمدارس الابتدائية " .

الأستاذ خالد عبد اللطيف " من أعيان الجمالية " .

الأستاذ محمد فتح الله درويش " موظف بالمالية بالقاهرة " .

الأستاد عبد الرحمن الساعاتى " موظف بهندسة الوابورات بالقاهرة " .

إلأستاذ محمد أسعد الحكيم " موظف بهندسة الوابورات بالقاهرة " كاتم سر المكتب .

الأستاذ محمد حلمى نور الدين " موظف بتفتيش رى الجيزة " أمين صندوق المكتب .

2 - دعوة الإخوان إلى عقد مؤتمرات إقليمية .

3 - إنشاء جريدة " الإخوان المسلمون " واختيار الأستاذ عبد الرحمن الساعاتى مسئولا عنها .


2 - المؤتمر العام الثانى للجماعة :

وقد عقد هذا المؤتمر " مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين " بمدينة بورسعيد فى اليوم الثانى من شهر شوال سنة 1350 هـ .

ووجهت الدعوة من أجله إلى نواب الشعب والنقباء وسكرتيرى الشعب ، ومن صرح له بذلك من أعضاء مكتب الإرشاد العام .

وحضره فضيلة المرشد العام ، وتم المؤتمر على خير حال - كما نشرت جريدة الإخوان . وأهم مقرراته :

تكوين شركة لإنشاء مطبعة للإخوان المسلمين على أن يكون ثمن السهم فى هذه الشركة عشرين قرشا .


3 - المؤتمر العام الثالث للجماعة :

ووجهت الدعوة فيه إلى الإخوان وكان انعقاده فى القاهرة فى يوم السبت الموافق 11 من ذى الحجة سنة 1353 هـ إلى يوم الإثنين الموافق 13 من ذى الحجة سنة 1353 هـ .

وقد حضره من المدعوين 112 . مائة واثنى عشر عضوا واعتذر عن الحضور أربعة وعشرون عضوا .

وكان من أهم مقرراته مايلى :

1- متابعة تأسيس شركة مطبعة الإخوان .

2 - تنظيم شئون جريدة الإخوان المسلمين .

3 - تنظيم شئون الدعوة العامة للجماعة بإنشاء صندوق الدعوة ، للإنفاق منه على نشر الدعوة ونشر الرسائل والمطبوعات وتعيين الوعاظ .

4 - تحديد منهج الإخوان المسلمين فى العمل .

5 - تحديد موقف الإخوان من غيرهم من الهيئات والأحزاب .

6 - التكوين العملى للإخوان وهو على ثلاث دراجات

أ - الانضمام العام وله شروطه .

ب - الانضمام الأخوى وله شروطه .

ب - الانضمام العملى وله شروطه .

ويضاف إلى ذلك درجة خاصة من الانضمام هى :

د - الانضمام الجهادى وله شروط أدق من الشروط التى تجب فى الدرجات الثلاث السابقة .

7 - التكوين الإدارى للإخوان المسلمين :

أ - فضيلة المرشد العام ..

ب - مكتب الإرشاد .

جـ- مجلس الشورى العام المكون من نواب المناطق .

د - نواب المناطق والأقسام .

هـ - نوابالفروع.

ر - مجالس الشورى المركزية .

ز - مؤتمرات المناطق .

ح - مندوبو المكتب .

ط - فرق الرحلات .

ى - فرق الأخوات.

8 - مظاهر الدعوة بحيث لاتتعارض مطلقا مع اداب الإسلام بحيث يكون . للإخوان شارات تميزهم .

9 - إقرار لائحة فرق الرحلات .

10 - المؤتمرات والمناطق ومشروع الزكاة والحج .

11 - الإصلاح المالى ووضع اللوائح المنظمة له .


4 - المؤتمر العام الرابع للجماعة :

عقد هذا المؤتمر عام 1354هـ ـــ 1936 م وقد تحدث هذا المؤتمر عن بعض مشكلات مصر والعالم العربى ، وعن بعض ملامح دعوة الإخوان المسلمين


5 - المؤتمر العام الخامس للجماعة :

وقد عقد هذا المؤتمر فى عام 1357هـ - 1938 م وتناول : غاية الإخوان وخصائص دعوتهم ، ووسائل الإخوان فى العمل ومنهجهم وخطواتهم ، وحدد موقف الإخوان من الهيئات المختلفة . وقد طبع فى رسالة خاصة تسمى : " رسالة المؤتمر الخامس ".


6 - المؤتمر العام السادس للجماعة :

وقد عقد فى ذى الحجة سنة 1361 هـ - 1941 م وفيه عرض لحالة مصر الداخلية ومشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وكان مدعما بالإحصاء ات والاقتراحات العملية وعقب هذا المؤتمر قررت الحكومة نقل الأستاذ المرشد إلى قنا فى فبراير 1941 م .


3- أهداف المؤتمر

سبق أن عرفنا المؤتمر بأنه : مجتمع للتشاور والبحث فى أمر ما . كما ذكرنا فى تعريفه ، أن المشاركة فيه للهيئات والأفراد المختصين لتبادل الرأى والمشورة حول قضية بعينها وإصدار التوصيات أو القرإرات اللازمة .

وقلنا : إن المؤتمر يتميز عن غيره من وسائل التربية بأنه يضم حشدا كبير من المشاركين بالبحث والدراسة - المعدة مسبقا - كما يضم حشدا كبيرا كذلك من المشاركين بالمناقشة والمداولة .

ومن خلال هذه الأضواء التى ألقيناها على التعريف بالمؤتمر والتمييز بينه وبين وسائل التربية الأخرى ، نستطيع أن نتعرف على أهداف المؤتمر فنرصد منها مايلى :

1- جمع أكبر عدد من الباحثين والخبراء وأهل العلم والاختصاص فى موضوع بعينه من الموضوعات التى تشغل حيز فى ساحة العمل الإسلامى ، ليعاونوا ببحوثهم ودراساتهم فىالوصول إلى تصور علمى صحيح لهذا الموضوع مع التعرف على أسلوب عملى لتناول هذا الموضوع وإخراجه إلى حيز التطبيق والتنفيذ .

2 - جمع أكبر عدد من المشاركين المعنيين بالموضوع الذى يبحثه المؤتمر - ولهم حوله تصورات خاصة – ليدلوا بآرائهم فى هذا الموضوع ، ويواجهوا بها ألاراء

المخالفة ، ليحدث من خلال ذلك الحوار إثراء للموضوع ووصول إلى التصور العلمى الصحيح لأبعاده ، والتعرف على أنسب الأساليب لإخراجه من مجال النظرية إلى مجال التطبيق.

ومن الضرورى أن نوضح أن المشاركين فى المؤتمر لا يقلون أهمية عن العلماء الذين أعدوا بحوثا ودراسات فيه ، لأن مقارنة الرأى بالرأى والحجة بالحجة هى التى تنضج العمل ، وتحول بينه وبين الانحراف عن الهدف أو العجز عن الوصول إليه .

3 - تدريب الباحثين على إعداد بحوثهم قبل انعقاد المؤتمر - تبليغهم بها مسبقا- حتى تتاح لهم فرصة البحث المستأنى ، والدراسة المتعمقة والتحليل الدقيق ، ليزداد ذلك نضجا واكتمالا بطرحه فى المؤتمر على صعيد تبادل الآراء حول تلك البحوث والدراسات للوصول إلى القدر الممكن من النضج والاكتمال .

4 - تدريب المشاركين فى المؤتمر على إعداد آرائهم مسبقا فى الموضوع المطروح للبحث والدراسة فى المؤتمر ، حتى يشاركوا بها فى إنضاج الاراء الأخرى عند طرح ذلك على بساط البحث ؛ وذاك نوع من تلقيح الاراء لابد منه للوصول إلى أحسن الاراء وأقربها إلى الصواب ، وأقدرها على الدخول فى مجال التطبيق.

5 - الدقة والعناية فى اختيار الموضوع الذى يعقد المؤتمر من أجل بحثه ودراسته ، بحيث يكون لهذا إلموضوع أهمية خاصة فى مجال العمل الإسلامى ، تؤهله لأن يعقد من أجله مؤتمر ، وأن يحشد له من العلماء والخبراء والمشاركين بالرأى والنقاش هذا العدد الكبير ، بحيث يكون هذا الموضوع مما لا يجدى فيه رأى الفرد ، ويحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة والتشاور والحوار .

6 - محاولة تغطية احتياجات العمل الإسلامى من الموضوعات الجديرة بأن تعقد من أجلها مؤتمرات ، وخاصة تلك الموضوعات التى لا يحدث حولها اجماع من المهتمين بالعمل الإسلامى إلا بمزيد من البحث والدراسة والتشاور والحوار ، وما أكثر هذه الموضوعات .

7 - العمل على تأصيل روح البحث العلمى والتناول الموضوعى لأى قضية من قضايا العمل الإسلامى ، للابتعاد ما أمكن عن التناول السطحى لتلك القضايا ، أو النظر إليها نظرة تقليدية ربما لا تلائم العصر الذى تعيش فيه هذه القضايا ، فلكل عصر قضاياه ولكل عصر أساليب تلائم علاج تلك القضايا .

8 - العمل على تأصيل مبدأ حرية الرأى فى البحث العلمى ، وتغذيته بالرأى الاخر ، إقناعا بالأصوب والامثل واقتناعا به ، دعما لمبدأ الشورى وإقرارا لمبدأ جماعية العمل لا فرديته.

9- التدرب على العمل الجماعى الذى يقوم به فريق من الناس ، يؤازر بعضه بعضا ويحاور بعضه بعضا ، أملا فى الابتعاد ما أمكن عن رأى الفرد فى مجال العمل الإسلامى ، لأن هذا الدين قام على الجماعة وعلى وحدة هذه الجماعة ، ونادى بأن المسلمين أمة واحدة .

10 - العمل على إيجاد فرصة جيدة للتعارف بين العلماء والخبراء ، والتعرف على وجهات نظرهم حول الموضوع المطروح للمناقشة والحوار ، فإن هذا التعارف يثرى العمل ويجوده .

11 - العمل على تأكيد الأخوة ، وتوثيق الروابط بين الإخوة المشاركين فى المؤتمر على كل صعيد من أصعدة المشاركة من خلال معايشتهم لقضية واحدة ، ولقاء اتهم المتعددة فى قاعات البحث والمناقشة ، وتجمعهم على الصلوات والعبادة والمشاركة فى كافة المناشط فى المؤتمر وتأكيد الأخوة وتوثيق الروابط هدف كل وسيلة من وسائل التربية عند الإخوان المسلمين ، كما سبق أن أوضحنا فى الوسائل السابقة .

12 - تأكيد ضرورة الأخذ بمبدأ هام فى العمل الإسلامى هو :

" الاستمرار فى تطوير العمل الإسلامى " وصولا به إلى الأحسن والأمثل والأقدر، على مواجهة التغيرات المستمرة فى المجتمع الإنسانى ، وأنسب طريقة لهذا التطوير هو عقد المؤتمرات .


4 - برنامج المؤتمر ومساره

أ - برنامج المؤتمر :

نعنى ببرنامج المؤتمر : كل المحتوى الداخلى له من نظام وإرادة ، واختيار موضوع وباحثين ومشاركين ومكان وزمان ، ولجان وتوصيات . ولكى يحقق برنامج المؤتمر أهدافه يجب أن تراعى فيه اعتبارات هامة نذكر فيها مايلى :

أ - الدقة فى اختيار الموضوع الذى تجرى دراسته وبحثه فى المؤتمر ، بحيث تتوفر لهذا الموضوع صفات خاصة أبرزها :

أ - أن يكون ذا تأثير فى العمل الإسلامى بعامة وفى عمل الجماعة بخاصة ب - أن يكون من الموضوعات التى ، تحتاج إلى بحث ودراسة واستقصاء ، وتبادل آراء وحوار ومناقشة ، حتى تصدر فيه التوصية أو االقرار جماعيا لا فرديا .

جـ - أن يكون الموضوع ممثلا لمرحلة من مراحل العمل الإسلامى أو جزءا منها.

د - أن يكون من الموضوعات ذات الأولوية فى العمل الإسلامى ، بحيث يكون بحثه ودراسته أولى وأهم من غيره من الموضوعات .

2 - التدقيق فى اختيار المشاركين فى المؤتمر ببحوثهم ودراساتهم ، بحيث يكونون من أهل العلم والخبرة والكفاية والاختصاص ، بعيدين ما أمكن عن صفات ا التعصب والتحجر والتزمت . قريبين من صفات العلماء فى رحابة صدورهم وانفساح أفكارهم ، وتوسطهم فى أمورهم كلها ، وحياديتهم وموضوعيتهم وتقواهم وورعهم ، وغيرتهم على الإسلام والمسلمين .

3 - التدقيق فى اختيار المشاركين فى المؤتمر بآرائهم ، ومايقدمونه من مقترحا ت ومايثيرونه حول ا لموضوع من قضا يا وتسا ؤلات ومحاورات ، بحيث يكونون - كذلك - على نفس الصفات الحميدة من البعد عن التعصب والتحجر والتزمت .

4 - التدقيق فى اختيار رؤساء اللجان الفرعية فى المؤتمر ، بحيث لايقلون عن المشاركين فى المؤتمر ببحوثهم ودراساتهم .

5 - حسن اختيار المكان الذى يعقد فيه المؤتمر ، بحيث يفى بالحاجات من قاعات بحث ومهاجع وأماكن للطعام ، وغير ذلك مما هو لازم لهذا الجمع الكبير .

6 - تقسيم الموضوع المطروح للبحث فى المؤتمر إلى أجزاء أو فروع ، بحيث تشكل لكل فرع لجنة علمية لها رئيس ومقرر ، وعدد محدد من المشاركين بالرأى ، وعدد محدد من الباحثين الذين يقدمون بحوثهم ودراساكم للمناقشة .

7 - تحديد عدد قاعات البحث والمناقشة ، وتخصيص كل واحدة منها لفرع من فروع الموضوع ، وتجهيز هذه القاعات بكل ما يلزم من مقاعد ومنصة ومكبرات صوت وآلات تسجيل وأوراق .. .

وتحديد رئيس لهذه القاعة أو اللجنة ومقرر لها ، بحيث تتوفر فيها كل الصفات التى تحدثنا عنها أنفا .

8 - يقوم العمل فى قاعة البحث " اللجنة " على النسق الاتى :

يفتتح رئيس القاعة العمل فيها بكلمة عن موضوع البحث فيها ، ثم يقدم الباحث للسامعين. ب - يقدم الباحث بحثه فيعرضه كله أو صورة مجملة عنه للحاضرين - والأصل أن يكون قد نسخ وسلم للأعضاء قبل عرضه بوقت يمكنهم من الاطلاع عليه وتكوين رأى فيه .

جـ - يفتح رئيس اللجنة - بعد التعليق على البحث - المجال للمناقشة وإبذاء الاراء فى نظام ، يرتب فيه المتكلمون حسب أولوية طلبهم للكلام .

د - عند الانتهاء من الاستماع إلى الاراء والمحاورات والمناقشات تتاح فرصة لصاحب البحث أن يرد أو يعلق أو يجيب على بعض التساؤلات . هـ - يختم رئيس الجلسة عمل اللجنة ، و يكون المقرر قد سجل كل ما دار فيها بمختلف أنواع التسجيل ، ثم تفرغ هذه التسجيلات فى أوراق وينسخ منها العدد اللازم .

9 - بعد الانتهاء من عمل اللجنة فى جلسة أو أكثر ، وفئ يوم أو أكثر ، يعقد رئيس اللجنة لقاء خاصا ، يجمع المشاركين ببحوثهم والمشاركين بآرائهم أو بعضهم للتفاهم على توصيات تخص هذا الجزء من موضوع المؤتمر ، يسجله المقرر ، ثم يطلع عليه المجتمعين فإن أقروه صاغه الصياغة الأخيرة .

10 - تشكل لجنة للصياغة العامة ، تضم مقررى اللجان وبعض الباحثين يرأسها مدير المؤتمر ، تتولى إعداد التوصيات وأخذ الاراء فيها ، ثم تصوغها تمهيدا لإقرارها وإذاعتها .

11 - لا يتكامل برنامج المؤتمر إلا إذا أتاح فرصة للقاء المشاركين فى المؤتمر جميعا فى جلسات تعارف وتواد ، منظمه ودقيقة ، بحيث يخرج المشارك فى المؤتمر من هذا المؤتمر وقد عرف أكبر عدد من إخوانه ، وتوثقت صلته بعدد لا بأس به منهم ، إذ الدعوة قائمة على التعارف والتحاب فى الله .

12 - كل برنامج يعد لمؤتمر من المؤتمرات التى تنظمها الجماعة يحب أن يستهدف ما يلى :

أ - تجميع أكبرعدد من العلماء والباحثين والمشاركين بآرائهم .

ب - تدريب المشاركين على البحث والدرس وحرية الرأى والحوار البناء والشورى فى صورتها العلمية المنظمة .

جـ - تدريب المشاركين على العمل الجماعى وإقناعهم بأن العمل الجماعى أكثر فائدة وأقرب إلى الصواب وأرضى لظروف العمل الإسلامى ، فى ظل هذه ألظروف التى يواجه فيها العمل الإسلامى أعداء يعملون جماعات لا فرادى .

13 - لاينبغى أن يخلو برنامج أى مؤتمر من استضافة زائر أو أكثر من كبار الشخصيات فى الجماعة ، وبخاصة من كانت لثقافته الخاصة صلة بموضوع المؤتمر ، واستضافة واحد أو أكثر من قادة الجماعة. 14 - لا ينبغى أن يخلو برنامج المؤتمر من جلسات روحية ، تجلو النفوس وترقتى القلوب ، وتوثق الصلة بين الإنسان وربه ، كما لاينبغى أن يخلو برنامج المؤتمر من بعض الترفيه البرئ ، والجلسات التى تقوم على المسامرة .

15 - لابد أن يتضمن برنامج المؤتمر تجديد بيعة المشاركين فيه لأن هذا التجديد بمثابة التذكير المستمر بواجب المسلم نحو ربه ، ودينه ، ونفسه وإخوانه ومجتمعه وأمته المسلمة ، ودون هذا التذكير فقد يكون الانشغال أو النسيان ، أو الصدأ أو اضطراب أولويات العمل من أجل هذا الدين ، وهذا إذا كان المشاركون فيه من أعضاء الجماعة .

ب : مسار البرنامج :

يجب أن يخطو برنامج المؤتمر فى طريقه المرسومة له ، بحيث يحقق التنظيم الدقيق والضبط الجيد للعمل كله فى المؤتمر ، وإنما يتم ذلك على وجهه إذا روعى فى مسار البرنامج مايلى : تحديد موضوع المؤتمر وتجزئته إلى أجزاء أو فروع قبل عقد المؤتمر بمدة كافية ، تتيح لإدارة المؤتمر مايلى :

أ - إخطار العلماء الذين اختيروا بهذا الموضوع وبالفرع الذى يناسب تخصصهم ومطالبغهم بالكتابة .

ب - التفاهم معهم على تقسيم المؤتمر إلى لجان وتحديد مكان كل واحد منهم فى هذه اللجان .

جـ - تكليف المشاركين بإعداد آرائهم حول هذا الفرع من فروع الموضوع للمشاركه به فى الحوار .

د - ضرورة أن تصل البحوث والدراسات مكتوبة ، وتسلم إلى أمانة المؤتمر قبل انعقاده بوقت يسمح بنسخها .

تحديد عدد الأيام التى يعقد فيها المؤتمر ، وفقا لمتطلبات الموضموع المطروح للدراسة ، ومتطلبات اللجان المنبثقة عن الموضوع وعدد الباحثين وماقدموا من بحوث ودراسات .

3 - يقسم وقت المؤتمر الذى تتم فيه الدراسة العلمية إلى فترتين أو ثلاث على النحو التقريبى التالى :

ا - فترة تبدأ فى الساعة الثامنة والنصف صباحا تنتهى بدخول وقت فريضة الظهر ، يخصص نصفها لعرض البحوث ونصفها الآخر لإبداء الاراء والحوار والتعليق، والرد . . ..

ب - فترة تبدأ فى الساعة الثالثة أو بعد أداء فريضة العصر ، وتنتهى فى الساعة السابعة والنصف تتخللها صلاة المغرب ، يخصص نصفها لعرض البحوث ونصفها الآخر للتعليق والحواس والرد .

جـ - عند الحاجة تعقد جلسة ثالثة تبدأ فى الساعة الثامنة والنصف تنتهى فى الساعة العاشرة لاستكمال مافات .

4 -عقد لقاء يخضره كل المشاركين فى المؤتمر ، يفتتحه مدير المؤتمر بكلمة يرحب فيها بهم ويدعو لهم ، ويجب أن تشتمل هذه الكلمة عى ما يلى :

أ- التذكير بأهداف المؤتمر عموما وهذا المؤتمر خصوصا .

ب - تحديد اللجان والإعلان عن أسماء رؤسائها ومقرريها .

جـ - تحديد أسماء المسئولين عن إدارة المؤتمر وتوضيح عمل كل منهم

5 - تخصيص اليوم الأخير أو الجلسة الأخيرة فى المؤتمر لعملين على جانب كبيرمن الأهمية هما :

أ- انعقاد لجنة الصياغة واتفاقها على التوصيات وعرضها على رؤساء اللجان لتعديلها أو إقرارها .

ب - إعلان توصيات المؤتمر على جميع الحاضرين ويستحسن أن تكون قد نسخت لتوزيعها عليهم مكتوبة .

6 - تكوين لجنة على مستوى جيد لمتابعة أعمال المؤتمر ، وقياس مدى نجاحه فى تحقيق الأهداف العامة والأهداف الخاصة من المؤتمر ، وتلافى أنواع القصور فى أولياتها .

7 - من علامات نجاح المؤتمر وتوفيقه أن يتولد عنه التفكير فى مؤتمر آخر ، بدت الحاجة إلى عقده من خلال المحاورات التى دارت فى لجان المؤتمر ، بل ، يعد ذلك من الامور الضرورية للجماعة ، حتى تتواصل حلقات المؤتمرات ، وتغطى سائر الموضوعات التى تحتاج إلى بحث ودراسة ، لما فى ذلك من فوائد عديدة نذكر منها.

أ - تجديد الفكر .

ب - تطوير العمل وتجويده .

جـ- مواكبة العلم والبحث .

د - تأصيل روح العمل العلمى فى الجماعة .

هـ ـ تأصيل روح العمل الجماعى .

و - غرس المودة والحب فى الله بعد التعارف .

8 - من علامات النجاح والتوفيق لأى برنامج لمؤتمر ، أن يعد فيه ملف خاص بكل ما جرى فيه ، ليكون رصيدا يرجع إليه فى المستقبل عند الحاجة إليه .

9 - عقد حفل لختام المؤتمر يحضره جميع المشاركين ، يتحدث فيه مدير المؤتمر عن منجزات المؤتمر فى إيجاز ، ويقدم الشكر لكل من أسهم فى المؤتمر بجهد ويدعو الله لهم جميعا .

10- على مدير المؤتمر ومن يعاونونه " الأمانة العامة للمؤتمر " أن يعقدوا جلسة خاصة بعد انقضاض المؤتمر ، يقومون فيها المؤتمر وماجرى فيه ، ويعدون فى ذلك تقريرا عاما يستفاد به عند عقد مؤتمر آخر .

ويقوم بصياغة هذا التقرير المقرر العام للمؤتمر وتسلم نسخة منه لقيادة ا لجماعة.

11 - على أمانة المؤتمر العامة أن تحتفظ بأسماء العلماء الذين شاركوا ببحوثهم فى المؤتمر وبالبحوث نفسها ، كوثائق لهذا المؤتمر يرجع إليها عند الحاجة .

12 - على أمانة المؤتمر أن تعد بيانات بأسماء كل من شارك فى المؤتمر ، وبالعمل الذى قام به كل منهم وبدرجة أدائه لهذا العمل .



5- مدير المؤتمر ومعاونوه

نعنى بهؤلاء جميعا- كما سنفصل الحديث عنهم - "الأمانة العامة للمؤتمر " وهى الهيئة التى تشكل قبل انعقاد المؤتمر بوقت كاف ، ويرأسها من اختير لإدارة المؤتمر ، وهى الهيئة التى تتولى الاتصال بالعلماء والمشاركين وتنسق العمل معهم ، كما تقوم بإعداد كل، ما يتصل بالمؤتمر من أدوات ومعدات ، وتتابع كل هذا قبل عقد المؤتمر وفى أثناء انعقاده وبعد انفضاضه .

ومهما تحدثنا عن الشروط الواجب توافرها فى هذه الأمانة فإنها تظل شروطا قابلة لأن تزاد عليم لا شروط وشروط ، وذلك لأن هذه الأمانة هى عصب المؤتمر وعقله المفكر وقلبه النابض وإدارته الواعية . وهذه الأمانة مديرا ومعاونين الأصل فيهم أن يكون كل واحد منهم فى مستوى جيد ، وأصيل فى مجال التربية والبناء ، وإعطاء القدوة من نفسه وسلوكه .

وأجمع ما يقاك فيهم أنهم يجب أن يكونوا تربويين قياديين من أهل العلم والكفاءة والسابقة فى الدعوة ، وممن تثق فيهم قيادة الجماعة .

هكذا كانت تنظر الجماعة إلى من ينظم المؤتمر ويديره ، ولذلك فإن الإما م المؤسس رحمه الله كان كثيرا ما يدير المؤتمر بنفسه ، دعا لفكرة الأهمية البالغة فيمن يتولى إدارة المؤتمر ، ولكى يعطى لإخوانه القدوة والمثل فى إدارة العمل الإسلامى ، والإشراف عليه بدقة وأمانة وقوة ، وكثيرا ما كان يقوم بنفسه بأبسط الأمور وأقلها ليضرب للإخوان المثل فى التواضع.

أ - مدير المؤتمر :

أبرز مهام مدير المؤتمر ممايلى :

1- اختيار رؤساء اللجان المنبثقة عن المؤتمر ،واختيار أعضائها من بين العناصر المشهود لها بالكفاءة العلمية والتربوية والقيادية ، واستشارة قيادة الجماعة فيهم وأخذ الموافقة .

2 - عقد لقاء مع هؤلاء المختارين قبل انعقاد المؤتمر بوقت كاف للتشاور وتبادل الآراء .

3 - اختيار مقررى اللجان بالتفاهم مع رؤساء اللجان .

4 - إختيار المعاونين له فى مختلف مناشط المؤتمر وهم أمانة المؤتمر .

5ـ افتتاح المؤتمر ومتابعته .

6 - اختتام المؤتمر وتقويمه .

ب - معاونو مدير المؤتمر :

يحتاج مدير المؤتمر إلى عدد من المعاونين قبل انعقاد المؤتمر يشكلون " الأمانة العامة للمؤتمر ". ويتنوعون سكب الأعمال التى يقومون بها على النحو التالى :

1- رؤساء اللجان الفرعية ومقرروها .

2 - المقرر العام للمؤتمر.

3 - مسئول عن الأعضاء عند قدومهم ، وإخطارهم باللجان التى وزعوا عليها ، وتحديد أماكن هذه اللجان لهم .

4 - مسئول إدارى يمد اللجان بما تحتاجه من كل ما يساعد على إنجاز العمل .

5 - مسئول عن الجوانب الروحية والعبادية فى المؤتمر .

6 - مسئول عن إعداد أماكن النوم وأماكن الطعام وأماكن الراحة والترفيه البرئ .

7 - مسئول مالى عن المؤتمر يضع له ميزانية متكاملة .

8 - مسئول عن إعداد الطعام وتقديمه فى الأوقات المحددة له .

9 - مسئول عن جلسات التعارف والترويج والنشاط الرياضى إذا وجد لهذا النشاط مجال .

10 – مسئول عن أمن المؤتمر وحراسته وضبطه ونظامه . وكل واحد من هؤلاء قد يستعين بآخر أو آخرين حسب ظروف العمل ومتطلباته.

كما أن هؤلاء المعاونين قد يزيد عددهم عن ذلك ، وقد ينقص حسب الظروف والاحتياجات كذلك .

كلمة أخيرة

كما بدأنا هذه الدراسة التحليلية لوسائل التربية عند جماعة الإخوان المسلمين بحمد الله والصلاة والسلام على رسله ؛ نختمها كذلك بحمد الله والصلاة والسلام على رسله وأنبيائه ؛ فلله الحمد رب االسماوات والأرض رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين ؛ وعلى سائر أنبياء الله ورسله والداعين بدعوتهم والمهتدين بهديهم إلى يوم الدين .

وأخيرا. .. . وبعد هذه الدراسة التحليلية المستقاة من رسائل الجماعة وأوراقها ووثائقها ، وما كتبه عنها الأولياء والأعداء ، أرجو أن تكون الصورة التى حاولت رسم أبعادها لوسائل التربية عند الإخوان المسلمين ، قد استجمعت من العناصر ما زادها وضوحا ، وقد تهيأ لها من الأسباب ما يسره الله وأعان عليه ، حتى أؤدى واجب الأمانة التاريخية لكبرى الحركات الإسلامية فى العصر الحديث ، ولكى أفسح المجال لغيرى من الباحثين والمحللين الأكثر قدرة وإجادة .

ومهما قال القائلون عن هذه الجماعة مما يرضى الحق أو يغضبه ، ومهما يقل القائلون فيها مدحا أو قدحا ، فإن كل ما يقال لن يغير شيئا من الحق والحقيقة ، إذ يبقى لهذه الجماعة دائما رصيد هائل فى تاريخ الإسلام والمسلمين فى العصر الحديث ، رصيد من العمل والإخلاص للدعوة الإسلامية ، ومن الجهد والمثابرة والصلابة والإصرار على التمسك بهذا الدين ، والتضحية فى سبيله بكل غال ونفيس.

إن المنصفين وغير المنصفين ممن يتصدون لتاريخ هذه الفترة من حياة الأمة الإسلامية ، لن يستطيعوا إنكار جهد هذه الجمإعة وجهادها وماقدمته من شهداء استعذبوا الشهادة فى سبيل الله ، فى قضية فلسطين على مدى أربعين سنة أو تزيد ، وفى معركة قناة السويس لزحزحة المحتل الغاصب لأرض مصر ، يوم كانت مواجهة الإنجليز - بكل مالهم من ثقل فى العالم العربى - نوعا من التحدى الذى لا يخوضه إلا أولئك الذين يؤمنون بأن الموت فى سبيل الله أسمى الأمانى وإحدى الحسنيين . لن يتجاهل التاريخ والمؤرخون - على اختلاف مذاهبهم - ما قدمت هذه الجماعة من خدمات للإسلام والمسلمين ، ولا ما أعدت وربت من رجال قادوا العمل الإسلامى فى العصر الحديث فى مجالات كثيرة ، فى مصر وغيرها من بلدان العالمين -العربى والإسلامى .

ولن ينسى التاريخ والمؤرخون لهذه الجماعة ماعانت وما تحملت من أذى فى سبيل الله ، كان أقله الاعتقال والسجن والمحاربة فى الرزق والتشريد من الأوطان ، وكان منه المحاكمات الظالمة والمشانق والتصفيات الجسدية ، وما ضعفت الجماعة ولا استكانت ولا تباهت بما لاقت فى سبيل الله ، ولا أضمرت حقدا لحاكم ظالم أو مستبد غاشم ، وإنما صبرت واحتسبت وطلبت لظالميها الهداية من الله .

إن هذا الرصيد الهائل فى تاريخ الإسلام والمسملين المعاصر ، لم تحظ بمثله جماعة من الجماعات فيما نعلم ، وفيما نرصد من الجماعات التى تعمل من أجل الإسلام .

ولقد حارب هذه الجماعة وكاد لها شكول من الأعداء وألوان ، حاربها الإنجليز المحتلون لمناطق عديدة من بلدان العالم الإسلامى ، وحاربها أولياء الإنجليز ممن خلعوا انتماءهم لأوطانهم وما لؤوا من يدنسون أرضها ، وحاربتها الصهيونية العالمية ، وحاربها الغافلون اللاهون من الحكام والأتباع ، الذين لا يدركون بعمق حركة التاريخ للأمة العربية والإسلامية ، وأنها أمة لا تموت ولن تموت ما دام فيها كتاب الله وسنة رسوله ، وأهل الغيرة على دينهم ومنهجهم فى الحياة . وحارمها الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، من أولئك الذين توهموا أن النظم الغربية فى السياسة والاجتماع والاقتصاد تستطيع أن تحل فى المجتمعات المسلمة محل الشريعة الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان ، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها لأنها تنزيل الحكيم الحميد . وحاربها عشاق السلطة وأحلاف الاستبداد والعسف ، وكالوا لها من شرهم ما استطاعوا ، شر النية وشر القول وشرالعمل ، حتى خيل إليهم أنهم قضوا عليها القضاء الأخير فخاب ظنهم وساء ما كانوا يعملون ؛ وإذا الصحوة الإسلامية تملأ أفق العالم الإسلامى فى مصر وفى غير مصر ، وإذا برجل الشارع ينادى بتطبيق الشريعة الإسلامية ، ويأمل أن يعيش حتى يرى اليوم الذى يحكم فيه عباد الله بشريعة الله .

ولكم تعرضت الجماعة لمساومات - كما تحدثت عن ذلك وثائق أعدائها قبل أوليائها - وعرض عليها وزارة ووزارات ، فكان الرد الشامخ الذى سجله التاريخ ولن ينساه رد أصحاب المبادئ على لسان قادتها :

" ليس الهدف أن نتسلم الوزارة ولكن الهدف أن تطبق الشريعة الإسلامية على يد أى وزراء ، فإذا طبقت الشريعة فهو أملنا وإذا لم تطبق فما جدوى أن يكون لنا وزارة أو وزراء وقد لا قت الجماعة من أجل التمسك بهذه المبادئ ما لا قت واحتسبت كل ذلك عند الله .

ولكم ظن من حاربوا الجماعة وكادوا لها ؛ أن هذا التحدى وتلك الضربات سوف تسكت صوتها ، أو تدخل بها فى مجال الاستكانة والرضى بالحياة أى حياة ، ولكن شاء الله أن تخيب هذه الظنون ، وأن تطش سهام أعداء الحق ، وأن تبقى الجماعة فكرا إسلاميا رائدا شامخا ، يهدى ويقوم ، ويؤثر الأسلوب التربوى الهادئ الهادف ، الذى يشبه قطرة الماء التى تغادر منبعها فى إصرار على البحث عن تربة صالحة ، وأرض خصيبة ، تمدها بهدوء وإصرار بأسباب الحياة والنماء ، جارفة أمامها بنفس الهدوء والإصرار أعتى العقبات وأمنع الحواجز - كما أشرنا إلى ذلك فى بداية هذه ا الدراسة .

إن تربية الأفراد بهذه الوسائل التى ذكرنا وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هى الأسلوب الأمثل فى بناء الأمم، الأسلوب الذى لا تجد له بين أساليب التربية الأخرى مثالا .

وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إيك .